منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   حصري 8 - المكابرة - مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t196417.html)

زهرة منسية 10-08-14 11:56 PM

8 - المكابرة - مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 

صباح / مساء الخيرات أحلى صحبة & أطيب ناس

بناء على طلب عضوة انضمت من قريب للملكة الليلاسية جبتلكم رواية جديدة

لعيونك سهير محمود اليوم هنزل رواية

8 - المكابرة لــ مارغريت بارغيتر

قلوب عبير القديمة



http://im86.gulfup.com/M79b9H.jpg

الاسم الاصلى للرواية : : Stormy Rapture

اصدار : ا يونيو 1976
منتديات ليلاس

زهرة منسية 11-08-14 12:01 AM

رد: 8 - المكابرة – مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة
 
الـــمــــلـــــخص

منتديات ليلاس


لقد واجهت الحب فى حياتها لكنه لم يصبها بسهامه إلا حين التفت سيمون ردفورد. كانت تقرأ فى عيون الرجال نظرات اعجاب و رغبة الا أنها لم تعرف رجلاً مثله يستطيع أن ينظر إليها بمزيج النفور و إرادة الامتلاك فى وقت واحد, كان وجهه كالصخر المنحوت و لم يكن يحاول إخفاء ثقته بأنه سيد الموقف و يستطيع أن يفعل ما يشاء بعدما انهارت الآن كل خطوط دفاعها السابقة.
حاولت يائسة أن توقف انبثاق الدموع من عينيها لكنها سالت على خديها, و ذهلت حين أحنى رأسه و محا الدمع عنهما.
كان رجلا لا يسمح لعاطفته أن تتحكم به, فهو يعرف طريقه جيداً و لا يحيد أبداً عن أهدافه!


إذا عجبتكم الرواية فضلاً لا تنسوا الضغط على أيقونة الشكر أو تقيم الموضوع

لا أحل نقل جهدى دون ذكر أسمى زهرة منسية & أسم منتديات ليلاس

زهرة منسية 11-08-14 12:04 AM

رد: 8 - المكابرة – مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة
 
1 – حدقت إليه متوردة الوجه و أهدابها ترمش بحيرة. تُرى لماذا يخيفها إلحاحه بدل أن يفرحها؟ و فجأة جذبها إليه و عانقها.... و فى تلك اللحظة فـُتح الباب فوقع بصرها لأول لحظة على سيمون ردفورد, المالك الجديد للشركة.

منتديات ليلاس

قالت الآنسة براون مؤكدة بعناد:
ـ سأذهب. شئت أم أبيت!
فردت ليزا لوسون بتأكيد مماثل:
ـ ولكن ذهابك مستحيل فى هذه الظروف.
قالت ذلك و قد ارتعشت اهدابها و حدقت فى السكرتيرة الشخصية لمالك الشركة الراحل ردفورد, فيما كست الخيبة وجهها فبدا مضحكاً إلى حد ما, و لما استدارت الآنسة براون دون أن تكلف نفسها عناء الجواب, أردفت ليز بصوت قلق:
ـ ماذا سيحدث فى رأيك لو جاء أبن اخيه فى أثناء غيابك؟ أنه سيثور حتماً حين يعلم بذهابك بعيداً إلى مايوركا.
فما كان من الآنسة براون إلا أن أجابت بجفائها المعهود:
ـ عليه أن يرضى بالأمر الواق.
و فى الحال عكفت على فرز كدسة من المستندات المطبوعة و أودعتها الدرج قبل أن تقفله, جلست تتنهد بعمق و قالت و هى تضع مرفقيها على المكتب و تسند وجهها بكفيها لتوحى بجدية كاملة:
ـ من حقى أن آخذ اجازة ثلاثة أسابيع و سأغتنم الآن هذه الفرصة.

منتديات ليلاســــــــــــــــــ

زهرة منسية 11-08-14 12:05 AM

رد: 8 - المكابرة – مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة
 
فقد اضطرت إلى تأجيلها بسبب الدفن, و لا شئ يحول دون اضطلاعك بالمسؤوليات أنت و سائر الموظفين, فلم كل هذه الضجة؟ فالرئيس الجديد لن يلتهمك, أنت تدربت بما فيه الكفاية تحت إشرافى, و لا موجب لأن تشعرى بأنك تلميذة مدرسة. كم عمرك يا ليزا؟
ـ إحدى و عشرون سنة......
ـ إذن أنت ناضجة بما فيه الكفاية, و قد كنت أنا أدير تقريباً الشركة قبل بلوغى هذه السن..... على الأقل الأعمال المكتبية, وهذا هو المطلوب منك فى الوقت الحاضر.
ثم هزت رأسها الذى بدا يغزوه الشيب و اردفت بشئ من التأنيب:
أنصحك بأن لا تشيرى إلى السيد سيمون بـ ’’أبن الأخ’’ فقد يسمعك و يغض.
توردت ليزا بعل التعنيف و بلعت ريقها و هى لم تعرف بالضبط ما الذى جعلها تسمى سيمون ردفورد بــ ’’أبن الأخ’’. لعلها فعلت ذلك لتووضح الفارق بينه و بين عمه الراحل, و قالت بفتور:
ـ قد تكونين مصيبة, و لكننى لا أعرف اسمه إلا مؤخراً. فقد زار الشركة لفترة قصيرة و كنت وقتها فى اجازة مرضية كما تذكرين.
هزت الانسة براون كتفيها دلالة عدم اكتراثها بمشاكل الآخرين و قالت بوضوح كلى:
ـ أن الوضع بمجمبه مثير للدهشة, و لكن كان بإمكانك أن تقولى ’’السيد ردفورد الشاب’’
فسألتها ليزا بسخرية مهذبة:
ـ شاب؟ و ككم عمره بالتحديد؟
لقد حاولت أن تتجاهل تعليق الآنسة براون إلا أن فضولها طغى عليها, فقد بدا لها الأمر غريباً أن لا تحظى شركة هندسية ضخمة إلا بزيارة زاحدة من مالكها الجديد, و قد قام بهذه الزيارة لحضور مراسم دفن عمه الذى يبدو أنه لم يكن قد تعرف إليه قبلاً. كانت زيارته من باب الشكليات لا غير إذ لم يمكث فى الشركة أكثر من بضع ساعات. و هذا ما علمته من الموظفات الثرثارات, و كانت إذ ذاك صريعة انفلونزا حادة فلم تحظ بفرصة التعرف إليه رغم استبعادها الكلى لهذا الاحتمال على أية حال.
و مع ذلك فقد أدركت تماماً ما الذى قصدته الآنسة براون عندما اعربت عن دهشتها. فأنه لمن الغريب حقاً أن أم ليز نفسها التى كانت زوجة أبن خال سيلاس ردفورد, وتولت إدارة بيت سيلاس بعد وفاة زوجها, و لم تكن تعرف شيئاً يذكر عن أبن أخيه سيمون الذى ورث عن مصالحه الواسعة. و الأغرب من ذلك أنه لم يتصل ببيت عمه و لا حاول الاتصال بأى واحد من القيمين على شئونه. فقد أختفى بعد مراسم الدفن مع محامى عمه قبل أن يعود ثانية إلى لندن. و من المؤكد أنه يعتزم العودة من جديد.
بدت الآنسة براون غارقة فى التفكير و هى تهيئ الجواب لسؤال ليزا البرئ ظاهرياً, وكأنها فطنت فجأة لانتظار ليزا أجابت بحيوية مخفية جهلها المؤسف:
ـ إنه فى أواخر الثلاثيناته على الأرجح. كنت احاول تحديد عمره الحقيقى. و لا أحسبه بلغ حدود الأربعين و قد يكون أصغر سناً مما ذكرت. فعندما زار الشركة فى الأسبوع الفائت كان منشغل الذهن كثيراً.
فسألتها ليزا بتهكم لم تلاحظه الآنسة براون لحسن الحظ:
ـ مثلاً؟
ـ موت عمه المفاجئ ربما, و قد ذكر ايضاً أنه يشترك فى مناقصة كبرى و هذا كافٍ بحد ذاته لشغل فكره اضافة إلى شعوره العام بثقل المسؤولية.
أخذت ليزا تتساءل فى سرها: "عندما تقع الآنسة براون فريسة الارتباك تفضى ببعض المعلومات البسيطة, لا لشئ إلا لتثير فضول صغار الموظفين الذين يحومون حولها لكسب رضاها, و هى تتوقع منهم أن يصدقوا معلوماتها السرية بلا تحفظ!" لكن تصرفها هذه المرة أغضب ليزا فأجابت بصراحة:
ـ من المؤكد أنه لم يضع وقتاً طويلاً هنا, فقد وصل بالطائرة و اكتفى بحضور الجنازة. و حسبما سمعت, فإن زيارته للشركة نفسها كانت فى غاية الاقتضاب. و حين يقرر العودة عليه إلا يتوقع تسيير الأعمال بسهولة و سرعة و كأنه أمضى فى الشركة معظم حياته, سوف يضطر إلى طرح مئات الأسئلة, و أنت لن تكونى هنا لتزوذيه بالأجوبة المطلوبة, أنه يركز اهتمامه من النواحى العلمية فقط!
منتديات ليلاس
رفعت الآنسة براون حاجبيه مستغربة و أجابت رغم أها قررت أن تتجاهل معظم كلام ليزا:
ـ من خلال ما سمعته عن السيد ردفورد الجديد, اعتقد أنه سيعتمد على تقويمه الخاص و لن تحتاج إلى مشورة أحد, بوسعك أن تذكرى هذا للآخرين ما دمت مصممة على تصديق الشائعات و ترويجها!
تلونت بشرة ليزا الناصعة بحمرة قانية.....فالآنسة براون تظلمها بهذا الظنو كم تود أن توضح لها خطأها, إلا أن ليزا كتمت امتعاضها داخل نفسها بحكم خبرتها الطويلة كيلا تثير أعصاب الآنسة براون و تجرها إلى تأنيبها من جديد بأسلوب أكثر حدة. فالآنسة براون مديرة جيدة بصورة عامة و يطيب العمل معها. و قد صبرت كثيراً على جهل ليزا عندما التحقت بالشركة فور تخرجها من الكلية المهنية و اعتنت بتدريبها و رعتها و هى لن تنسى فضلها أبداً.
لم تآبه الآنسة براون لتورد ليزا و انكماشها البسيط الذى بدا واضحاً فى عمق عينيها الداكنتى الزرقةو تابعت تقول:
ـ خير لك, أن تمتثلى لما يطلب منك يا عزيزتى, فرجل مثل السيد سيمون له آراؤه الخاصة حول كيفية إدارة الشركة بالطرق الصحيحة. و أخشى أن عمه لم يكن دقيقاً ما فيه الكفاية و لا سيما فى المدة الأخيرة, و لا شك أن السيد سيمون سيرغب فى توسيع الشركة أو اعادة تنظيمها و لربما الأمرين معاً. أن معظم اصحاب الشركات الجدد يفعلون ذلك.
ـ أتقصدين أنه سيجرى عملية تطهير؟
بدا الاستغراب مجدداً على وجة الآنسة براون و قالت بحدة لعلها ليست من طبيعتها:
ـ ما هذا الكلام يا ليزا؟
ثم عقبت بعد صمت قصير:
ـ قد تكونين مصيبة و لكن الأفضل لمصلحتك أن تحتفظى بآرائك هذه. هناك احتمال بأن نحصل معاً على ترقية عند اعادة التنظيم و لربما على مكافأة. لذلك لا تدخلى أية عداوة شخصية بينكما فى محيط العمل.
ـ لن تحصل أية عداوة شرط أن يكف عن تحقير أمى, فجميع أهل المنطقة يعلمون أنه لم يتكرم عليها بلحظة من وقته ليتحدث إليها, و لا حتى أثناء الجنازة. أنا لا أفهم تصرفه المشين هذا!
فقالت الآنسة براون موافقة للمرة الأولى و بغضب:
ـ ولا أنا أيضاً.
فانصرفت لترد على الهاتف الذى قطع عليهما الحديث.



منتديات ليلاســـــــــــــــــــ

زهرة منسية 11-08-14 12:07 AM

رد: 8 - المكابرة – مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة
 

فى البيت مساءً, أثارت أمها الموضوع مجدداً و أظهرت استغرابها مرة أخرى لتصرف سيمون. كان ذلك يوم ليزا الأول فى العمل بعد مرضها, و بدا من الطبيعى أن تسألها أمها عما سمعت من أخبار جديدة. تناولت ليزا فنجان القهوة مستغربة أن يلازمها الأرتجاف طيلة اليوم, و نظرت إلى وجه أمها الجذاب رغم مرور السنين و أجابتها متنهدة:
ـ لم أسمع فى الواقع أخباراً جديداً يا ماما. الجميع يتساءلون بالطبع عن موعد عودته أنما يبدو أن قضيتنا نحن ما عادت تهمهم, فلم يأت أحد على ذكر الموضوع باستثناء الآنسة براون.
فعلقت السيدة لوسون بمرارة:
ـ احسبهم يتصورون أنى أخذت حصة جيدة من الميراث بالرغم مما اظهره سيمون من عدم اكتراث!
تنهدت ليزا ثانية حين انصرفت امها لتعد طعام العشاء. لا شك أن الحياة لم تكن سهلة بالنسبة إلى أرملة رجل دين فقير و لديها طفلة عليها أن تعيلها, و لكم تمنت ليزا فى السنوات الفائتة, لو أنهما لم يعتمدا فى عيشهما على مال سيلاس ردفورد وكان حدسها هذا فى محله, إذ أثبتته احداث الاسبوعين الماضيين. و مع ذلك فهى لا تستطيع أن تلوم أمها على عدم الآخذ برأيها بوجوب الابتعاد عن عائلة ردفورد إذ اعتبرته رأى فتاة صغيرة متحاملة و اعتقدت أن استمرارها هو لصالحهما على المدى البعيد.
و الحقيقة أنهما عاشتا براحة مع سيلاس فىىهذا البيت الأنيس.
أما الآن فسوف تسعد ليزا كثيراً أن تنتقلا إلى مكان آخر لبدء حياة جديدة مع اعترافها, و لكن أمها لا تشاطرها شعورها و ترفض التزحزح من مكانها قبل أن تتحدث إلى سيمون ردفورد, كانت ليزا تدرك فى قرارة نفسها أن أمها تحملها مسؤولية غير مباشرة فى كون أن سيلاس مات دون أن يوصى لهما بقرش, و لذا خشيت من احتمال أن تستجدى أمها المال من سيمون و تذلهما معاً.
حدقت ليزا فى ألسنة النار المتراقصة فى الموقد أمامها و فكرت أنها كانت الأبنة الحقيقية لأبنة خال سيلاس لكان عطف على أمها أشد ولكان خصها بشئ من وصيته. لكن ليزا كانت فى الثالثة من عمرها حين تزوجت أمها للمرة الثانية من جون لوسون, الذى تبنى الطفلة فوراً و رباها كأبنة من لحمه و دمه. لم يرزق من أمها بأطفالاً, و لو حصل ذلك لما كان ميزهم عن ليزا بأى شكل....كان حبهما متبادلاً, فهو الأب الوحيد الذى عرفته, و قد تمردت على القدر حين خطفه منها فجأة, و ها هو القدر يخطف ابن عمته سيلاس بالطريقة نفسها تقريباً.
و أخذت أفكارها تشرد خلف صور الماضى الصعبة النسيان. تذكرت الأيام التى تلت وفاة والدها حين اضطرت هى و أمها إلى إخلاء المنزل الذى كان يشغله كرجل دين. بعد ذلك أحاطهما سيلاس بعطفه و دعمه لولا ذلك لما استطاعتا إيجاد لقمة العيش إلا بشق النفس. لقد دعاهما إلى السكن فى بيته مقابل أن تدير أمها شؤونه و تساعد فى إقامة الحفلات و استقبال الضيوف, و هو ما برعت فيه تماماً, كما تكفل بتعليم ليزا حتى نيلها الشهادة.
و قد جرت الأمور على خير ما يرام فى ضوء هذا الترتيب, و أظهرت السيدة لوسون موهبة كبيرة فى فن الرسم بالاضافة إلى مهارتها كمضيفة.
و لجأ سيلاس إلى أساليب ذككية لمساعدتها فى بيع لوحاتها و كثيراً ما كان يبتاع لنفسه ما يعجبه من تلك اللوحات. أما أول بادرة خلاف بينهما فقد حصلت قبل تخرج ليزا من المدرسة, حين أبدت لـ سيلاس رغبتها بتعلم رقص البالية كى تمتهنه فى المستقبل. و لأول مرة فرض عليها سيطرته, شرح لها ظروف أمها و أفهمها بطريقة لطيفة لكن حازمة أنه قد يتوقف عن إعالتها إن هى اصرت على امتهان الرقص فى لندن. و هكذا تنازلت ليزا عن طموحها هذا و تركت له أن يقنعها باختيار مهنة أكثر واقعية, و وافقت بخضوع على تعلم مهنة السكرتاريا, و من ثم تدربت فى مكتبه على يد الآنسة براون, سكرتيرته القديرة. و لكنها أدركت فيما بعد أنها لم تغفر له ذلك, أما الآن و قد رحل فهى تشعر برغبة قوية فى الأفلات من بيته.
و ها قد ذهبت بها مشاعرها بعيداً حين عادت أمها و جلستا إلى طاولة الطعام. و هنا على المائدة أخبرتها أمها أنها تحدثت إلى محامى سيلاس أثناء غيابها بالمكتب. فقطبت ليزا حاجبيها بامتعاض فقالت أمها بحدة:
ـ أعلمى أنه هو الذى أتصل بىّ فلا داعى لأن تنظرى إلى شزراً. أنا لم أفقد كرامتى كلياً! فقد قال لى فى سياق الحديث الذى جرى بشكل طبيعى تماماً أن توريث الأملاك لأبن الأخ هو مسألة لحم و دم, إضافة إلى رغبة طبيعية لدى الراحل فى الحافظ على استمرارية اسم العائلة. و هذا ما فعله سيلاس مع أبن أخيه سيمون....لاحظى حتى اسميهما الأولين متشابهان, و بما ان سيلاس لم يتزوج أبداً’ فلمن غير سيمون يخلف أعماله التجارية؟ هذا بحسب ما قاله المحامى لىّ بطريقة لبقة جداً. اتمنى فقط لو أن سيلاس ترك لىّ البيت مراعاة لظروفى و للقرابة بيننا.
ـ كنت أظنه مولعاً بك يا ماما.
كانت ليزا شاردة الذهن تعبث بطعامها بشهية مفقودة لم تستردها منذ مرضها الأخير, ثم اردفت بشئ من صراحة الشباب القاسية:
ـ عندما ساعدنا مادياً بعد وفاة والدى, فلعله فعل ذلك من باب الأنانية و ليعزز سمعته الطيبة عند الناس, فأنى كان رجلاً معروفاً
أجفلت الأم و هتفت تؤنب ابنتها:
ـ ليزا! أنت تبالغين فى شكك, فالتفاهم كما تعلمين, كان شبه رسمى و مفيد للطرفين. لكنه وعد, و لو بكلام غير واضح, أنه سيؤمن مستقبلنا مادياً فى حال وفاته.
ـ ولم يترك لك قرشاً كما اتضح لنا الآن, هل تعلمين متى كتب وصيته الأخيرة؟
ـ منذ زمن بعيد قبل ان نسكن معه. أذكر أنه تحدث لأبيك بشأنها. ليس سراً أن شقيق سيلاس الأكبر كان يتشاجر مع والده و هجر البيت قبل سنوات طويلة. و حسب معلومات سيلاس أن هذا الشقيق انجب ولدين هما الآن رجلا أعمال ناجحين فى جنوب البلاد. أعتقد أن سيلاس كان على اتصال بهما بطريقة ما مع أنه لم يذكر لأحد, مع العلم بأنهما لم يزورا هذا البيت إطلاقاً. و قد اكتشفت بطريقة الصدفة أن والدهما توفى قبل بضعة سنوات. هذا كل ما لدى من معلومات و إذا تظاهرت بمعرفة المزيد سيكونذلك مجرد تخمين ليس إلا.
لاحظت ليزا نظرات أمها المنقبضة فقالت بندم:
منتديات ليلاس
ـ آسفة يا ماما. لم أقصد أن اتخابث. فى الواقع أن الآنسة براون لا تعرف الكثير أيضاً. كل ما أخبرتنى اياه أن سيمون فى الثلاثينات و لم تقدر أن تحدد عمره بالضبط.
أومأت السيدة لوسون ايجاباً و قالت:
ـ ذلك جائز. سبق و أخبرتك أنه بدا طويلاً اسمر, لم أميز تقاسيمه جيداً لأن الطقس كان بارداً و كان هو مدثراً بثياب سميكة, كما أن احتشاد الناس حال دون رؤيتى له جيداً. أنى أوافق الآنسة براون على أنه من الصعب تحديد سنه. و كما قلت سابقاً, لم أحاول الاقتراب منه, و هو تجاهل اللياقة الاجتماعية و لم يكلمنى بالرغم من أن الظرف كان يقتضى منه ذلك.
هزت ليزا كتفيها إشارة عدم اهتمام. فالمعلومات هذه لست جديدة كما قالت أمها. لكنها اغتنمت الفرصة و أعلمت أمها باجازة الآنسة براون و بأنها ستتحمل بالتالى مسؤوليات أضافية فى غيابها و اختتمت ذلك بقولها:
ـ يخيل إلى أن عودة سيمون ردفورد تخيفها بشكل ما, و لولا خوفها هذا لبقيت هنا بالتأكيد لترئس لجنة الترحيب بعودته.
تجاهلت السيدة لوسيون تعليق ابنتها المرتاب و انحنت إلى الأمام مشرقة الوجه تقول:
ـ قد تجدين فى ذلك فرصة سانحة لتعزيز مركزك يا حبيبتى, و بخاصة أن الآنسو براون بدأت تقترب من سن التقاعد, كما أننا مدينون لعائلة ردفورد ببعض الفضل.
ـ ماما لا أحسبنى أحب البقاء فى كنف آل ردفورد بعد اليوم. هل تمانعين ذلك؟
ـ أمانع؟
بدت مونيكا لوسان منذهلة من فرط الخيبة و لم تحاول إخفاء مشاعرها. هذا الاحتمال لم يخطر لها من قبل و ظهر بوضوح أنها لا تحبذ الفكرة و ليست مستعدة لتقبلها. إنطفاء البريق فى محياها و هتفت أخيراً:
ـ لا اظنها فكرة سديدة على الأطلاق. من حسن الحظ أننا ما نزال نقيم فى هذا البيت, لكنك تعلمين كما أعلم, أن الأمور قد تتغير فى المستقبل و إذا اصريت الآن على ترك آل ردفورد فقد يطلب إلينا هذا الرجل أن نبحث عن سكن آخر ـ بوسعنا ان نجد شقة مناسبة. هناك شقتان فارغتان فى منطقة ادجباستون التى قد تروقك.
ـ أعرف أنك لن تجدى صعوبة فى إيجاد عمل آخر و أن دخلى من الرسم سوف يعين مادياً إنما من المستحيل أن نجد بيتاً كهذا تحيط به الحقول و الغابات و المياه بالرغم من وجوده فى ضاحية المدينة, هذه المنازل أصبحت نادرة هذه الأيام, و بوسعى أن أرسم فى الغابة طوال النهار دون أن أرى مخلوقاً.
تنهدت ليزا و اشاحت عن وجه أمها القلق. حدقت من نافذة الغرفة الصباحية الصغيرة التى تتناولان فيها الطعام عندما لا يكون لديهما ضيوف. كان الأفق محجوباً بمجموعة أشجار كثيفة فى نهاية الحدائق و فى أسفل الحقل, إلا إن المنطقة حولهما منعزلة تماماً و تتيح لهما حرية كاملة.
البيت ليلاس بحد ذاته واسع و جذاب جداً و هى تعلم أن أمها مولعة به, إنما يجب أن تدرك أنه لا يخصهما, بل لا يحق أن يعيشا فيه بعد اليوم.
تنهدت فى اعماقها و قد ندمت على تسرعها. كان يجب أن تعزز خط دفاعها قبل التحدث فى الموضوع. أنها لا تفكر فى تغيير العمل بقدر ما تفكر فى تغيير مكان السكن. ليس ثمة صلة تربطها بمدينة بيرمنغام مع أنها تحبها كثيراً. صحيح أنها عاشت فيها ما يزيد عن عشر سنوات إلا أنها ولدت فى استراليا و عاشت فى أماكن أخرى, و طالما راودتها الرغبة منذ إقامتها مع عائلة ردفورد. لم تفكر فى السفر خارج البلاد بل فى الانتقال من مكان إلى آخر. لكنها متعلقة بامها و ليس لها سواها فى الحياة و لذا سيكون عليها من الصعب, بل من المستحيل أن تتركها فى الظروف الراهنة.
مع ذلك حاولت زهرة منسية بقولها:
ـ بوسعنا أن جد منزلاً صغيراً فى الريف الذى تحبينه.
فسألت مونيكا بتهكم و ضيق:
ـ هل لديك أية فكرة عما سيكلفنا هذا البيت الصغير؟
صمتت ليزا مستسلمة. إنها تدرك ارتفاع الأسعار. و قبل أن تفكر فى شئ آخر تقوله سألتها مونيكا و قد توجست شراً:
ـ أمازلت تطمحين إلى أمتهان رقص الباليه؟
شحب وجه ليزا قليلاً لأن ذكرى الماضى ما توقفت يوماً عن إيلامها.
أجابت بجفاء:
ـ بالطبع لا, لقد فات الوقت على ذلك من حيث السن. لكنى لا أعتقد أن العمل فى شركة هندسية, يوافق طبيعتى. كنت أفكر فى الأتجاه إلى مهنة تناسبنى كأنثى.
ظهر الالتباس على وجه مونيكا الجذاب إذ هى لا تميل إلى التغيير بكل أنواعه. قالت تنصح ابنتها:
ـ لو كنت مكانك لتريثت قليلاً يا حبيبتى, أن العمل المكتبى هو ذاته فى أى مكان و لا أحسبك ستجدين شيئاً أفضل إلا إذا غيرت نوع العمل من اساسه.
عادت ليزا تحدق من النافذة و غمغمت:
ـ أظنك على صواب.
ـ بالطبع, عليك أن تفكرى فى مستقبلك يا عزيزتى و لا موجب بالتالى لأن تقلقى علىّ.

منتديات ليلاســـــــــــــــــ



الساعة الآن 05:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية