منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   حصري 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t196231.html)

زهرة منسية 28-07-14 02:59 PM

1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 

http://im55.gulfup.com/NNoBw4.jpg

كل عام و أنتم بكل خير

أدعو الله فى هذا اليوم الفضيل أن ينصر أهلنا بـ غزة و يبدل كربهم أمنا و سلاماً

كما أتمنى للجميع قضاء عيد فطر مبارك


بمناسبة عيد الفطر أقدم لكم أتمنى أنها تنال أعجابكم

1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز

روايات دار نحاس

http://im59.gulfup.com/6M0RzZ.jpg


الاسم الأصلى للرواية
Hero on the Loose

http://im59.gulfup.com/ydo7Rm.jpg


سنة الإصدار 1993


زهرة منسية 28-07-14 03:07 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــمــلــخـــص



لقد شاركت فى إدانته ....و لكن هل كان بريئاً؟
كانت أندريا مايرز أحد أعضاء هيئة المحلفين اللذين أدانوا
سمسار الأسهم المالية البارز فى ولاية نيومكسيكو,
لوكاس هاستينغز, بالاحتيال على زبائنه.
مع ذلك, لم تسترح البتة, لهذه الإدانة, لأن ملف الأدعاء كان محبوكاً بصورة تثير الشك,
و اندريا كراعية كنيسة, تميل إلى الايمان بمحاسن الناس....لا بمساوئهم.
توجه لوك مباشرة بعد إطلاق سراحه من السجن إلى الكنيسة التى ترعاها
أندريا و كان سبب قدومه هو انجذابهما لبعضهما البعض بصورة صارخة.
عاطفة خطرة لا مستقبل لها...على أى حال ما هو القاسم المشترك الذى يجمع
كاهنة كرست حياتها للكنيسة التى اصبحت عالمها, امرأة ترعرعت فى البؤس
وصمدت تجاهه مع رجل مثل لوكاس هاستينغز؟ رجل ولد و ترعرع فى العز و الثراء .
رجل ساعدت على وضعه فى السجن؟

لا أحل نقل جهدى و تعبى دون ذكر اسمى زهرة منسية و أسم المصدر منتديات ليلاس


إذا حبيتوا تتعرفوا أكتر عن الكاتبة أتفضلوا

http://www.liilas.com/vb3/t187717.html



رجاءاً إذا عجبتكم الرواية لا تنسوا الضغط على إيقونة الشكر

زهرة منسية 28-07-14 03:10 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفــصــل الأولـــــ

منتديات ليلاس

"ليقف الجميع." نادى حاجب المحكمة, فيما اندريا مايرزآخر المحلفين الآثنى عشر,
كانت تدخل قاعة المحكمة و تنظر بعينيها الأرجوانيتين إلى المتهم الجالس بجانب
محاميه. تداول المحلفون بقضية المتهم لأربع ساعات خلت, لأن القرار بإدانته يجب
أن يأتى بالأجماع. بدت هذه الساعات بالنسبة للرجل الذى سيقرر مصيره أطول من سنين.
بالرغم من أن الأثباتات المادية ضده كانت قاطعة, لم تشعر أندريا بقلبها أن الرجل مذنب.
ربما لكونها وجدت صعوبة فى أن تدين أحداً. تحفظاتها, التى لم تكن مبنية على رهان مادى,
أخرت المداولة ساعتين و أزعجت بأقى المحالفين.
"جلوس!" استدار القاضى ذو الشعر الأبيض على كرسيه ليواجه المحلفين.
"هل توصلتوا إلى قرار ؟"
وقف الناطق باسم المحلفين و أجاب:"أجل حضرة القاضى, لقد فعلنا."
وجدت اندريا نفسها تتففحص المتهم ثانية, كما فعلت مراراً خلال أيام المحكمة
العشرة. كان مظهره مميزاً بين الحضور فى قاعة المحكمة بجسمه الطويل المتناسق
و هيبته البادية على وجهه و شكل شعره الداكن المصفف إلى الجانب إطاراً لوجهه
الارستقراطى بأنفه المستقيم و وجنتيه المحددتين فى الخامسة و الثلاثين من عمره,
بدا مثالاً لمرتادى وول ستريت حى المال فى نيويورك المهذبين.
مرتدياً باناقة بدلته الغالية الثمن.
قالت اندريا فى سرها لو أن هذا الرجل يبتسم لبدا أكثر الرجال وسامة
ممن قابلتهم فى حياتها.


زهرة منسية 28-07-14 03:12 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"لقد وجدنا المتهم لوكاس هاسيتنغز مذنباً."
دوت صرخة من امرأة أنيقة كانت تقف فى آخر القاعة و وصلت إلى اسماع
اندريا, قبل أن تعم الفوضى المكان لم تشاهدها اندريا منذ اليوم الأول للمحاكمة.
لم يكن المتهم متزوجاً و لكن انرديا افترضت أن المرأة صديقة مقربة منه,
لو كانت اندريا فى مكانها لربما وجدت أن حضور المحاكمة يوماً بعد يوم مؤلماً.
ضرب القاضى بمطرقته على الطاولة "التزموا الهدوء فى ليلاس قاعة المحكمة"
وعندما خيم الصمت قال: "سيد هاستينغز, سوف نستمر بقبول الكفالة المالية و نطلق
سراحك حتى يوم اصدار الحكم عليك, أو إذا شئت تستغنى عن ذلك و تطلب أصدار
الحكم الآن."
قفز محامى الدفاع واقفاً و قال: "نرغب فى إعطائنا وقتنا قبل إعطاء الحكم,
نقترح ستة أسابيع من الآن...."
لم يستطيع المحامى إنهاء مرافعته, فقد سحبه موكله من يده و أخذ بمناقشته بسريه.
حدق المحامى فى موكله مندهشاً, ثم استدار نحو القاضى متابعاً: "سيدى, حضرة
القاضى أن موكلى يرغب فى إصدار الحكم عليه الآن."
"حسناً يا سيد هاستينغز, هل اقتربت مع محاميك من المنصة و قفا فى حضرتى"
من دون القدرة على اشاحت نظرها, رأت اندريا الغشاوة التى غطت وجه المتهم
وأخفت كل التعابير عليه. وقف بسهولة و لم يظهر عليه القلق أو التشنج. كيف يمكن
لأى شخص بواجه الحكم بجناية رئيسية, أن يبدو واثقاً من نفسه بتحدٍ...و بتمرد...
بظروف كهذه؟
وقف فى حضرت القاضى مرفوع الرأس معتزاً, و لم تستطع اندريا إلا الاعجاب به.
"قبل أن أنطق بالحكم, يا سيد هاسيتنغز, هل ترغب بقول أى شئ, الآن؟"
"أستطيع أن أكرر فقط ما قلته سابقاً. أنا لست مذنباً و آمل أن أستطيع, فى يوم
ما إثبات براءتى."
دوى صوته العميق الواضح و الثابت فى قاعة المحكمة, و لكن الأمر الذى
أزعج اندريا كان إعلانه البسيط عن براءته, لم يجد أى من المحلفين الآخرين
صعوبة فى إدانته, و لم تنفع كل تحفظاتها, قبل أن تصوت أخيراً معهم فى تغيير
قرارهم, إذا لماذا تشعر بالحزن؟ لماذا هذا الهاجس ببراءتهما زال يهمس فى داخلها
برغم البراهين القاطعة؟
لأنك اُتهمت مرة بارتكاب فعله و لم تكونى مذنبة يا اندريا مايرز. لم يصدقها
أحد أيضاً, و حطم الحكم عليها قلبها.
برغم الألم الذى سببته لها هذه الحادثة, استطاعت أن تلقى بها وراء ظهرها
و تستمر فى حياتها. و لكن هذه المحاكمة ايقظت شعورها بالعجز و اليأس
بوضوح مؤلم. هل هذا هو الشعور الذى يعانى منه لوكاس هاستينغز, فى هذه
اللحظة ؟
كان القاضى قد أمر المحلفين بأن لا يقرروا إدانته إلا فى وجود برهان قاطع,
التزمت اندريا بهذه التوجيهات حرفياً, و قد حللت و تفحصت البراهين المقدمة
بتمعن علها تجد ثغرة فيها. كان واقع عدم استطاعتها العثور على براهين فى مصلحته,
هو الأمر الذى قادها فى النهاية للتصويت مع الآخرين فى إدانته. ولكنها لم تستطيع منع
الإحساس العميق بداخلها فى ملف النيابة العامة كان محبكاً و متكاملاً أكثر من الازم.
أحياناً لا يعطيك البرهان القاطع القصة كاملة, و أحياناً يعطيك قصة مختلفة تماماً.
منزعجة من شكوكها التى أتت جذورها من الماضى, صلت اندريا متمنية أن تكون
قد حققت العدل فيما يتعلق بالمتهم, المشكلة فى أن قرار الإدانة لم يشعرها بإحقاق العدالة.
نظرت خفية إلى بقيت المحلفين علها ترى على وجوههم أى أثر للصراع الداخلى بشأن شك
فى صحة القرار. عرفت من التعابير على وجوههم أن رأيهم بقى على حاله.
"سيد هاسيتنغز..." بدأ القاضى كلامه: "أريدك أن تعلم بأن جريمة الاحتيال
و الاختلاس فى شركة هاستينغز, رادلى و فيانس لبيع الاسهم, الشركة المحترمة
و الناجحة التى أنت أحد مالكيها و المؤتمن عليها, تضر بسمعة جميع المؤسسات
المالية التى وضع الجمهور ثقته بها. بما أننى لا أجد أى مبرر شرعى لتصرفك هذا,
فأنا أحكم عليك بالسجن لمدة خمس سنوات فى سجن رد بلوف الاتحادى, و لكن فى
حال كان سلوكك حسن فى السجن سيُطلق سراحك بعد ستة أشهر و تبقى تحت المراقبة,
لأنك أعدت الأموال التى أختلستها من ممتلكاتك الخاصة. أعهد بك الآن إلى قوى الأمن
المنوطة بنقلك إلى السجن."
اصيبن اندريا بمغص شديد فى معدتها عندما سمعت كلمة سجن, أرعبتها فكرة البقاء
يوماً واحداً وراء القضبان, فكيف بستة أشهر. الأمر الوحيد الذى هدأ من روعها هو
أن لوكاس سيرسل إلى السجن ذى احتياطات أمنية خفيفة.

مــنـــتــديـــات لــيــــلاســــــ

حسب قول بول ياتس, كاهن الرعية فى الكنيسة التى تعمل فيها, أن سجن ردبلوف هو
مخيم اتحادى, حيث يقضى مرتكبو الجرائم المالية مدة سجنهم, مثل لوكاس هاستينغز...
ذو مراكز هامة ارتكبوا جرائم التهرب من الضريبة بوسائل احتياطية و يحتاجون للحماية
من المجرمين الخطرين المسجونين فى سجون احتياطات الأمن فيها شديدة جداً.
على الأقل, أنه لن يقضى فترة حكمه مع القتلة المتمرسين.
لسبب ما لم تستطيع اندريا تخيله مسجوناً فى المكان نفسه مع زهرة منسية
هؤلاء حتى ولو كان خارج على القانون.
لم تلاحظ بسبب استغراقها بالتفكير أنها كانت تحدق فى المتهم, و هزها أن تكتشف
أن نظرته النافذة التى كانت تحدق إلى منتديات ليلاس القاضى قد تركزت عليها فجأة
لاحظت مراراً خلال فترة المحاكمة أنه كان يحملق بها. تلاقت نظراتهما أكثر من مرة
فى توارد أفكار رزين و استطاعت أن تشعر بمزاجه من قراءة التعابير فى عينيه, اللتين
كانتا تتحولان من النظر و المراقبة إلى التفرس و التقييم.
أصابتها الرجفة هذه المرة. ظنت فى لحظة قصيرة أنها لمحت ومضة حيرة
و ألم ممزوجة بالغضب و التحدى ثم أخذه المحامى جانباً مما قطع تشابك نظراتهما,
وجدت نفسها تتساءل ثانية فى نا إذا أخذ العدل مجراه, و فى ما إذا أرسل برئ إلى السجن.
آلمتها ردة فعلها, فاستدارت نحو أحدى زميلاتها فى هيئة المحلفين لتسر لها بمشاعرها,
لدهشتها اكتشفت أن الجميع غادروا قاعة المحكمة, متشوقين للعودة إلى منتديات ليلاس
أعمالهم و عائلتهم. إن عمل المحلفين يقطع عليهم مسار حياتهم العادية, و لكنه العمل
الذى تسير وفقه اجراءات المجتمع القانونية.
ألقت اندريا نظرة خاطفة على لوكاس هاستيغنز, و رفت عيناها بشدة عندما شاهدت
الحارس يضع الاصفاد فى معصميه. كان هذا قمة المأساة, أن يكبل مثل حيوان قوى
متوحش و قد اهتاج فجأة و أصبح خطراً. سار إلى خارج المحكمة مطبق الشفتين مرفوع
الرأس و كأن ما يحدث حوله لا يعنيه بالحقيقة.
حاولت زمرة أشخاص اللحاق به بينهم بعض شركائه الذين تعهدوا بالاهتمام به و بدا
عليهم الجزن و التوتر لما حدث له. لكن محامى الدفاع أوقفهم استرق لحظة لتعزية المرأة
التى جرت فى ممر القاعة و تجاهلها المتهم.
انهمرت دموع اندريا و احست بالحزن الشديد يخترق روحها, و يتكلمون عن التقطع فى
مسار الحياة! فى دقائق تحطم عالم رجل بكامله, و أصاب أصدقاءه بخسارة لا تعوض,
تعرف اندريا تماماً ماهية هذا الوضع. فقبل ثمانى سنوات كانت هى و خطيبها مارك...
الشخص الذى كانت تعتمد عليه يقودان السيارة إلى الكنيسة للاتفاق على حفل زواجهما
عندما تجاوزت شاحنة القاطع بين الخطين و ارتكمت بسيارتهما.
انهار عالمها فى ثوان. لم تكتب النجاة لخطيبها مارك, و ما كان يجب أن تعيش
اندريا, أيضاً. و تمنت فى الشهور اللاحقة لو أنها ماتت و مع مرور الوقت اعتبرت
نجاتها بمثابة معجزة.
منتديات ليلاس
و فى الحقيقة, عندما تتأمل مسار حياتها, تدرك أنها سلسلة معجزات تعويضية,
هذا الادراك قادها فى آخر المطاف إلى عملها الحالى.
دهشت لتداعى أفكارها بهذا الشكل, ايقظت نفسها من التأمل و هرعت لتخرج من قاعة
المحكمة باتجاه موقف السيارات.
لقد ابتعدت عشر أيام عن كل شئ آخر, و كانت متشوقة للعودة إلى متطلبات برناكجها
المزدحم, و الأعمال المكتبية المتراكمة. العمل كان العلاج الوحيد لهواجسها.
لكن عقلها لم يتوقف عن استرجاع أحداث المحاكمة, و خاصة عندما وقف شريكا لوكاس
هاسيتنغز فى المحكمة لاعطاء شهادتهما المفحمة, ترددا طوال فترة المحاكمة فى إعطاء
البرهان الذى بنتيجته أرسل صديقهما وراء القضبان, خيل لها أكثر من مرة احتمال أن
شريكيه تآمرا عليه و تبادلا فى ما بينهما لكى يخدعا الجميع بقناع من التمثيل الماكر, حجث
لها شئ مشابه فى الماضى, حين كذب بتبجح الشخص الوحيد الذى يعرف الحقيقة,وهو الشخص
نفسه الذى سبب لها الكابوس و تركها من دون أى دفاع .
عندما طرحت اندريا هذا الاحتمال أمام بقية المحلفين رفضوا تحفظها على أساس ان أياً
من شؤيكى هاسيتنغز لا يجرؤ على مواجهة عقوبة الشهادة الزور. وجب عليها الاقرار
بأنهم ربما على صواب, إذا لم يجد محامى الدفاع ثغرة فى شهادة شريكى موكله ولم يرتب
بهما, فمن يستطيع ذلك؟
الشئ المؤكد لها الآن, هو أنها لن تخدم أبداً فى هيئة المحلفين. عندما يستدعونها فى المستقبل
ستعتذر على أساس أنها تحمل ضغينة تعصب ضد المتهم. سوف تقول إن طبيعة عملها تجعلها
تؤمن بطيبة الإنسان البديهية, و من جراء ذلك, و فى أكثر من مناسبة, اتخذت قراراتها عاطفياً
وحسب ميولها.
وضع مصير لوكاس هاسيتنغز فى أيدى المحلفين, وبالنسبة لاندريا كان القيام بهذا الواجب
الأشد إيلاماً لها. وهى لن تتحمل ثانية أن تأخذ على عاتقها مسؤولية كهذه مرة واحدة تكفى
للعمر كله.
لوح هواء حزيران الدافئ شعرها الأسود المنسدل على كتفيها فيما كانت تركب سيارتها
الصغيرة و تنطلق وسط المدينة باتجاه الكنيسة المبنية على الطراز الغرب الحديث ذى
السقف المغطى بالأعمدة. هرعت بعد عشر دقائق إلى مكتب بول متشوقة للبحث معه
فى مكنونات نفسها, كان راعيها, وإذا كان باستطاعة أحد ما أن يساعدها, فهو ذلك الشخص,
كان عنده طريقة خاصة فى التأمل بالحياة.
حياها لحظة دخولها عليه و طلب منها الجلوس. برغم الأربعين سنة فارق السن بينهما
كانت اندريا تشعر بانسجام قوى مع هذا الرجل الأرمل. أنها تعتبره مثل والدها. إنها لم
تعرف والديها. و لم ترعف فى ما يتعلق بالأبوة, أى شخص عنده عاطفة و قوة شخصية
بول, كانت تحبه و تحترمه, و هو بادلها هذا الشعور, ابنه الوحيد بريت, كان يعمل فى
اليابان و من الواضح أن بول اصبح يعتبرها ولده الثانى.
"يبدو أن المحاكمة أنتهت أخيراً, فلماذا تبدين منزعجة؟"
سألها فى الحال: "أين ابتسامتك المشرقة؟"
"الرجل فى الطريق إلى السجنيا بول."
تبدلت ملامحه" "هل تريدين التحدث عن ذلك؟"
أومأت برأسها إيجاباً فيما تررقرقت الدموع فى عينيها."كان صوتى واحد من أثنى
عشر صوتاً أرسلته إلى السجن."
قال بول بعد لحظة تأمل: "و الآن, أنت تعانين من ججراء قرارك هذا. ألا يجب أن
يتخذ قرار الإدانة بالاجماع؟"
"أجل, بالطبع."
"وهذا يعنى أن كل المحلفين الآخرين وجدوه مذنباً, أيضاً."
"هذا صحيح." مسحت دموعها بمنديل ورقى أخذته عن طاولته.
"و لكنى لا أستطيع التوقف عن التفكير فى أننا أرسلنا لوكاس إلى السجن بسبب جريمة لم يرتكبها."
انتصب الكاهن المسن على كرسيه: "أنا غير مندهش لقولك هذا, لأنك كثيراً ما تركت قلبك يتحكم بك"
رفع يده ليمنعها من مقاطعته و أضاف: "أرجوك لا تأخذى كلامى على محمل الإساءة. إنها نعمة من الله, ولولا أمثالك لكان العالم أسوأ من ذلك بكثير."
هزت اندريا رأسها وعلى وجهها شبه ابتسامة. "لا شئ تقوله لىّ يشعرنى بالإساءة"
تعرف اندريا أن بول يتكلم بدبلوماسية و لكنها تعرف أيضاً حقيقة نفسها. لقد اتهمت
خلال فترة مراهقتها بارتكاب عمل شنيع كانت بريئة منه. جرح مثل هذا يترك ندوباً,
و منذ ذلك الحين وجدت نفسها دائماً تنصر الضعيف و تقف إلى جانب المظلوم, وتسمح
لعواطفها بالتحكم بها. و كانت تدرك أن هذا الميل يؤثر على قابليتها فى الحكم على الناس
و الظروف بصورة دقيقة.

زهرة منسية 28-07-14 03:15 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

تنهدت اندريا بعمق, "لقد وضعت يدك على جرحى."
و استطردت: "كنت المحلف الوحيد الذى تحفظ على إدانته, فيما الآخرون اعتبروا القضية
واضحة و بسيطة."
"هذا لأنك لم ترغبى فى إدانته."
"لا أعرف يا بول, إن الأمر أكثر تعقيداً من مجرد التمنى. ش ما, خلال اجراءات المحاكمة
لم يكن مقنعاً و لم استطيع وضع إصبعى عليه " تململت و أضافت: "ماذا لو كان بريئاً؟"
"سيكون الوضع مأساوياً. الحقيقة المرة أنه ليس بأول رجل يذهب إلى السجن لجريمة لم
يرتكبها. على أى حال, لو كان حقاً بريئاً, فقد فات الوقت على عمل أى شئ."
"ولكن ماذا عنه؟ لو كنت فى قاعة المحكمة و شاهدنه و هو يقول إنه برئ, لهز مشاعرك أيضاً"
"انا لا أشك بذلك...و لكن الحقيقة تبقى. لقد أدين بالجرم بسبب البرهان القاطع ضده. و من المنطقى
أن تفترض أنك لم تخطئ فى الحكم عليه. تذكرى أيضاً, أن معظم الناس الذين يتهمون بارتكاب جريمة,
ينكرون تورطهم بها. الكبرياء المزيفة, بسبب ذلك, و لا أحد خالٍ من كل عيب. لا هو و لا أنا و لا أنت"
همست زهرة منسية: "أجل, بالطبع, انت على حق."
"أتمنى لو كان باستطاعتى المساعدة, و يبدو أن لا علاج لحيرتك إلا الصلاة و الوقت, أنت تحملين
نفسك بلا طائل, ما لا تستطيعين سبيلاً إليه."
"أعرف ذلك."
"أندريا....." ركز نظره على عينيها "....أذهبى إلى البيت و استريحى....هذا ما كنت
أقوله لـ كونستانس عندما تشعر بالحزن, أخذت بنصيحتى فى معظم الاحيان وعادت إلى البيت
بعد ساعات و قد ابتاعت ثوباً جديداً أو زوجاً من الأحذية و علت وجهها الاشراقة."
وقفت اندريا و هرعت لتعانقه: "شكراً لاستماعك لىّو للنصيحة, سوف أذهب الآن إلى البيت,
أراك لاحقاً يا بول."
توجهت بعد مغادرتها الكنيسة إلى شقتها الواقعة فى منطقة متواضعة من البوكركى. رمب,
يوماً ما , بعد أن توفر ما يكفى تستطيع شراء منزل صغير. و لكن ذلك يحتاج إلى سنوات.
حالما أوقفت سيارتها بجانب الرصيف, شاهدت أندريا مالكة الشقة مايبل جونز تقف فى منتديات ليلاس
الساحة الأمامية و محاطة بخميلات من الأزهار, هذا يعنى أن اندريا لن تستطيع أن تمر إلى شقتها من
دون أن تواجه سيلاً من الأسئلة, الأرملة المتوسطة العمر كانت وحيدة و تتمتع بنقل الاخبار, الأمر الذى
تعمل أندريا ما بوسعها لتجنبه.
إنها تشعر فى هذه اللحظة بالارهاق و لا ترغب بالتكلم مع أحد, و خاصة مايبل الفضولية.
على أى حال, فات الأوان على الابتعاد لأن مايبل شاهدتها. لم ترد المجازفة بالإساءة لهذه
المرأة التى أعطتها الشقة الأرضية الفسيحة بإيجار منخفض وكانت عضواً فى مجلس الكنيسة.
ترجلت اندريا من السيارة من دون أن تستطيع تغيير مزاجها المتعكر و تحضرات لمقابلة مايبل
التى هرعت نحوها.
"هل أنتهى كل شئ أيتها الأخت, أم أتيت إلى البيت كى ترتاحى قبل أن تعودى ثانية؟"
" لقد أنتهى كل شئ, و أنا مرهقة جداً."
"عندما أفكر بأن كثيرين من أعضاء كنيستنا ائتمنوا شركة هاستينغز على استثماراتهم المالية,
أصاب بالرعشة"
تمتمت اندريا بفارغ الصبر: "أموالهم ما تزال فى أمان, و كما ذكرت الصحف, لقد دفع كل قرش بعد بيع ممتلكاته, لم يخسر أحد شيئاً."
لم تستوعب مابيل هذا الدفاع عن لوكاس هاستينغز, و أصرت قائلة: "إنه غير جدير بالثروة التى يملكها, بالاضافة إلى أنه يمتلك جاذبية شيطانية, لا يمكن الوثوق برجل من هذا الطراز, لأنه لا يحتاج للحصول على معيشته بالعمل الشريفمثل بقية الناس العاديين, أنا شخصياً أعتقد أنها مقامرة مفضوحة و يجب التحقيق مع كل عملاء الأسهم, لقد نال جزاءه, أخبرينى عما حدث" أنهت حديثها بتلهف.
تنفست اندريا بهدوء, ما زالت النظرة فى عينى لوكاس هاستينغز قبل أن يُصطحب خارج قاعة المحكمة مكبلاً بالأصفاد, تجول فى مخيلتها. "لقد حُكم عليه بالسجن ستة أشهر, سوف تسمعين كل ذلك فى نشرة الأخبار الساعة السادسة."
قطبت المرأة الأخرى حاجبيها: "ستة أشهر فقط؟" صرخت و هى تحاول بوضوح مناقشة القضية بتفاصيلها. لكن, هذه المرة انسلت اندريا و عبرت الساحة و فتحت باب شقتها. "هذا صحيح. أعذرينى لعدم تمكنى من البقاء للتحدث. إذا تركت بعض الشتلات فى الساحة, سأزرعها فى الصباح, أنها جميلة يا مايبل و ستجعل الحديقة تبدو رائعة."
لم تتأثر كثيراً, بل تنهدت و تمتمت شيئاً غير مفهوم, فيما دخلت أندريا منتديات ليلاس شقتها.
حاولت أن تأكل شطيرة و لكنها شعرت بالأعياء فتمددت على السرير كى ترتاح, استيقظت بعد ساعة, من دون أن تشعر بالانتعاش لأنها لم تتوقف عن التفكير بـ لوكاس هاستينغز. قررت أن تبعد عن رأسها ذكرى المحاكمة, أستحمت و بدلت ثيابها و انطلقت بالسيارة إلى الكنيسة. تولى بول منذ تعيينها فى هيئة المحلفين أمر مسؤولياتها بالإضافة إلى مهامه و حان الوقت لإراحته منها. فكرة التسوق كما اقترح عليها لم تجد قبولاً لديها, و لكن بإمكان العمل الشاق أن ينسيها قلقها.
اكتشفت عندما وصلت إلى الكنيسة أن بول قد غادر ليحضر اجتماعاً لجمعية الشبان المسيحيين و من المحتمل أن تطول غيبته حتى المساء. و لم يزعج ذلك اندريا, لأن ذلك يعنى أن تنهمك بالأعمال المكتبية المتراكمة على مكتبها من دون أن يتدخل بول و يطلب منها الذهاب إلى البيت. اتصلت هاتفياً بالعديد ممن اتصلوا بها فى غيابها و تفحصت البريد المتراكم بشكل هائل, نظرت أخيراً إلى ساعتها, لقد مضى عليها فى العمل ساعتان.
"دوريس؟ هل أتيت للحظة, من فضلك؟" نادت على موظفة الأستقبال. وقفت اندريا أمام اللوحة المغطأة بالزجاج و المعلقة على الحائط و التى كانت تستعملها بدلاً من المرآة. أصلحت هندام ملابسها ووضعت الياقة البيضاء الرسمية حول عنقها. مشطت شعرها قليلاً و أصبحت جاهزة. ما عدا احمر شفاه باهت اللون لا تستعمل اندريا أى مساحيق تبرج و عيناها الزرقاوان المغطيتان بأهداب كثيفة لا تحتاجان إلى الزينة.
"ليس عليك أن تخبرينى." قالت دوريس و هى تدخل الغرفة: "إنك ستتفقدين المستشفى. لماذا لا تأخذين عطلة الليلة؟ أعرف أنك بعد أسبوع من المداولات القانونية ستنهارين."
وضعت اندريا فرشاة الشعر فى حقيبتها بيد مرتجفة. "لقد أزعجتنى المحاكمة كثيراً, و من الأفضل أن أبقى نفسى مشغولة كى لا أفكر بما يحدث."
منتديات ليلاس
تمتمت دوريس متعاطفة: "إذا شئت أن تتحدثى عن متاعبك, فسيسرنى لأستماع إليك."
"أعدك بأننى سأفعل ذلك فى يوماً ما, يا دوريس." كانت تلك الحقيقة, إذا أستطاعت فعلاً التكلم إلى شخص عن هواجس هذه المحاكمة فسوف تكون دوريس هذا الشخص. "أما الآن, فأنا ذاهبة لزيارة باربرا مونتغمرى, وصلت أمها المصابة بالسرطان لتوها من ساوث داكوتا و سوف ترعاها باربرا من الآن و صاعداً و طلبت منى المرور عليها, يظهر أن أمها يائسة و تخاف من المعالجة الكيميائية." توقفت و أضافت: "و أعتقد أن بربارا خائفة أيضاً."
"ما تحتاجانه بالتحديد, هو زيارة الراعية أندى."
ابتسمت اندريا للمرأة الشقراء الجذابة و هى أم لثلاثة أولاد و فى مثل عمرها, و قد أصبحت صديقتها منذ أول لقاء, الكثير من العاملين فى الأبرشية لم يتقبلوا اندريا بعد تكريسها لسنتين انصلامتا. و بعضهما لم يتقبلها أبداً. و لكنها تعلمت كيف تتعامل مع الرفض من دون أن تدع ذلك يمنعها من الوصول إلى أهدافها.
اقتربت من دوريس و حضنتها: "شكراً يا صديقتى."
حدقت دوريس إلى أندريا بمحبة و قالت" "عندك الكثير من الأصدقاء, لا تنسى ذلك, و إذا كان البعض لم يكتش أن لديك قلب من الذهب الصافى, فهذا البعض هم الأغبياء."
"حسناً, من المؤكد أن أبواب السماء كانت مفتوحة لىّ عندما تقدمت لعمل كسكرتيرة." التقطت اندريا حقيبتها: "جوقة الكنيسة تتمرن الآن, ذكرى توم بأن يقفل الأبواب قبل أن يذهب, لا أريد منك البقاء هنا بانتظارهم, و إلا سوف تتأخرين عن أولادك, لا يدفعون لك كفاية على الدوام العادى, فلا حاجة لك بدوام إضافى غير مدفوع, خاصة ليلة الجمعة."
" لا أمانع فى ذلك, زوجى غريغ خارج البلدة حتى الأربعاء القادم." ابتسمت دوريس, "و أمى لا تمانع فى رعاية الأولاد."
تكلمت اندريا بصرامة: "حسناً, أنا لا أمانع!"
مالت دوريس برأسها إلى الجانب: "وماذا عنك أنت؟ كل وقتك عمل من دون راحة, هل تعلمين ماذا...."
"أنا أحب عملى و ما أفعله."
" و ماذا عن النوع الآخر من الحب؟ العلاقة بين الرجل و المرأة؟"
ابتسمت اندريا بسرور, دوريس لا تستسلم أبداً: "أخبرينى أنت."
"أعرف أن رجليين بدأ بالقدوم إلى صلاة الأحد لأنهما يهيمان جداً بك. و لكنك لا تأبهين لأى منهما. و هذا ليس من طباعك" قالت دوريس منكدة عليها.
توقفت أندريا فى طريقها للخروج: "أنا أعرف من تعنين و معجبة بهما الأثنين. و لكن صراحة, لا أعتبر أياً منهما صالحاً لىّ." ثم أضافت: "إضافة إلى ذلك, أنت تعرفين موقف الكنيسة من العاملين فيها الذين يتورطون فى علاقات عاطفية مع رعية الأبرشية, و من دون أن أذكر أن ذلك سيتسبب فى فضيحة للسيد و السيدة سلون, و لا تستطيع أن تقبل بذلك."
"آل سلون لا يعيشون فى العالم الحقيقى و ليسوا الناطقين باسم كل رعية الأبرشية يا إندى."
"كدت أن تضليلينى." كانت تعرف تماماً أن العائلات الشبيهة بعالات مارغو سلون فى العالم, هم أناس خطيرون."
اقتربت دوريس منها و قالت: "إنسهم, أخبرنى, لو قابلت رجلاً و اعجبت به فعلاً, هل كنت سترفضينه؟"
تراءى لها فى لمحة بصر, خيال صورة لوكاس هاستينغز, انزعجت اندريا لأن خياله ما زال يسيطر على أفكارها و قالت: "دعينى أوضح لك إذا قابلت رجلاً يستطيع أن ينسينى مارك فربما. و الآن, تخلى عن ملامح الخاطبة فى عينيك, يجب أن أذهب, سوف أراك يوم الأحد."
أوقفت اندريا سيارتها, بعد عشرين دقيقة, أمام ناطحة سحاب سكنية قريبة من الوسط التجارى عندما دخلت إلى ردهة البناء, رنت الجرس و سمح لها بالصعود إلى شقة باربرا مونتغمرى, فى الطابق الخامس.
استغرقت زيارتها ساعتين, أمضت معظمها فى الترويح عن زينا والدة باربرا و الاستماع إليها, و التى بكت كثيراً و أسرت لها بمخاوفها و قلقها . اقترحت اندريا عليها أن تنضم إلى مجموعة من البالغين تعانى من المرض نفسه و من نتائجه النفسية كى لا تشعر أنها وحيدة كانوا يجتمعون فى الكنيسة ليلة الأحد, مرتين فى الشهر, أحيانا يشاهدون أشرطة فيديو توجيهية عن التقدم الطبى فى هذا المجال, و أحياناً أخرى يستمعون إلى محاضرات يلقيها اختصاصيون و فى المناسبات يقومون بخدمات اجتماعية معاً.
تحمست باربرا لاقتراح اندريا و لكنها وجدت صعوبة فى أقناع زينا.
تمنت زينا فى البداية و لكنها وافقت بعد تردد على التفكير بالأمر, نظرت باربرا إليها بامتنان قبل أن تودعها.
و همست: "شكراً لك أيتها الأخت."
"أنا فى الخدمة دائماً يا باربرا."
و من الغريب أنها لحظة دخولها السيارة أصر عقلها على استرجاع خيال صور لوكاس هاستينغز, من دون غيره. ما سيكون شعوره فى ليلته الأولى فى السجن؟ حتى لو كان مذنباً, فالبقاء فى زنزانة مغلقة لعدة شهور, يحطم الأعصاب أما إذا كان بريئاً كما أدعى فكيف سيشعر؟
لم ترغب اندريا بالاستمرار فى هذا التفكير, و خلال عودتها إلى البيت ركزت تفكيرها على الموعظة التى ستلقيها صباح الأحد. فى طريقة ما كانت تحضر هذه الموعظة, معظم حياتها. "لا تحكم على أحد حتى لا يحكم عليك." و بالنسبة لاندريا الله فقط يعرف بمكنونات النفوس الحقيقية.
مرة ثانية تحولت أفكارها إلى الرجل الذى وجهه لا ينسى و الذى ملأ خيالها عشرة أيام, كيف سيمضى هذه الأسابيع وراء قضبان زنزانة بعد أن كان القوة الديناميكية فى شركة بيع الأسهم المزدهرة؟
واصل محامى الدفاع خلال المحاكمة على رسم صورة لـ لوكاس على أنه يمتلك قدرة فائقة و مواهب فذة. رجل يعتبر عبقرياً فى إدارة الأموال, و ترعرع فى وسطمالى . لماذا شخص مثله يريد ارتكاب جريمة الأحتيال؟ هل هو جشع؟
وافقت اندريا مع القاضى, الذى قال أنه لا يجد مبرراً لتصرف لوكاس هاستينغز. و لكن اندريا ذهبت أبعد من ذلك, فهى لم تجد سبباً لها التصرف, و لم تجد هذا الأمر منطقياً, برغم الحقائق التى تشهد على خلاف ذلك, و افترضت أن إدانته أو براءته ستبقيان دائماً غامضتين.
و كما قال بول, لقد انتهى كل شئ, و ليس بالمستطاع عمل أى شئ, لقد قامت بواجبها كمواطنة, و أفضل شئ تفعله هو أن تطوى هذه الصفحة و تجعلها زهرة منسية من الماضى و لا يجوز الاستمرار بتضييع الوقت فى القلق عليه.
إنها تخدم أبرشية و هذا يتطلب كل اهتمامها و حبها, ومن الأفضل أن تركز جهودها حيث ستثمر.


نهاية الفصل الأول

قراءة ممتعة للجميع

زهرة منسية 28-07-14 03:22 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفـــصــــل الــثــــانـــــى
منتديات ليلاس


قارب اجتماع لجنة أيلول, المكلفة وضع البرنامج السنوى لنشاطات الكنيسة, على الانتهاء, و بقيت عدة مسائل هامة معلقة.
"هل أستطيع التحدث إليك على إنفراد؟" سأل بول فيما كانت اندريا تنهض على قدميها .
أومأت برأسها إيجاباً, و تقدمت نحو طاولته بعد أن غادر الجميع "أنا أعرف ما تريد قوله, و أنا قلقة بشأن نقل راى مثلك تماماً, هل فكرت بأحد يستطيع تدريب فريق الصغار الرياضى بعد مغادرة راى؟" إن مدير الشركة الجديد يريد نقله إلى كاليفورنيا بعد عطلة عيد الشكر. و هذا لن يعطينا وقتاً كافياً كى نعثر على مدرب كفوء مثله."
هز بول رأسه "لا أدرى ما العمل, ربما يجب أن نعلن للرعية حاجتنا لمتطوعين, أو ربما....و هذه فكرة أفضل..... يعرف أحد تلامذة الثانوية مدرباً مدرسياً مستعد لتقديم المساعدة, يوماً واحد فى الأسبوع. لا تقلقى, سنعثر على واحد, دائماً ننجح فى ذلك. و حتى ذلك الوقت, أبدى ريتشى غرنى استعداده للحلول مكان راى حتى نجد مدرباً دائماً. لكن ليس بشأن ذلك طلبت التحدث معك."
جلس منحنياً إلى الأمام و عيناه تلمعان و أحست اندريا بالحماس فى تعابيره. "كيف يمكنك أن تكون سعيداً فى الوقت الذى نحمل هموم العالم كله على أكتافنا؟" سألته ممازحة.
"لقد وصلتنى رسالة من بريت هو و سوزان يريدان منى أن أسافر إلى طوكيو لزيارتهما و مشاهدة الأولاد. و قد أرسلا لى تذكرة السفر ذهاباً و إياباً."
"هذا رائع." صرخت اندريا. أنت تحتاج إلى إجازة أكثر من أى شخص أعرفه. متى موعد سفرك؟"
"إذا سافرت سيكون ذلك بعد أسبوعين من تاريخ اليوم, سأتغيب لمدة أسبوعين أيضاً."
"ماذا تعنى بقول إذا؟"
وضع يده على يدها. "لا أرغب فى تركك وحجك فى هذا الووقت الذى يوجد عندنا مشكلة فى بناء الأساس المنهار و مشكلة المقاول الغير كفؤ."
تلاشت ابتسامة اندريا. "هل هذا أسلوبك المهذب فى أن تقول لىّ إننى غير كفؤة لمعالجة مثل هذه الأمور من دونك؟"
"أنت تعرفين أن هذا غير صحيح." قال بصوت أجش :"و أعتقد أن ما عنيته هو أننى سأشعر بالذنب لأننى سأسافر و أتمتع و أترك كل الأمور المعلقة هنا."
"هل تذكرت ما كان شعورى عندما انهمكت فى هيئة المحلفين, و قمت أنت بتغطية مهامى لمدة عشر أيام؟ الآن أستطيع أن أرد لك الجميل."
"هل أنت متأكدة؟"
ضحكت و قالت: "إبدأ بتوضيب حقائبك, و أنا سأهتم بالباقى." وقفت إلى جانب الطاولة, "ولماذا لا تذهب إلى البيت و تخبر بريت بقدومك؟ لقد حان الوقت للأولاد أن يتعرفوا إلى جدهم الرائع."
ترقرقت دمعة فى عينيه. "أشكرك يا أندى, هذا ما سأفعله تماماً."

منتديات ليلاســــــــــــ


زهرة منسية 28-07-14 03:25 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

مر الأسبوعان التاليان بسرعة و هما منهمكان فى تصفية الأمور العالقة قبل سفره, أقلته اندريا إلى المطار و بحثا فى الطريق فى آخر مستجدات شئون الكنيسة. التفت إليها عندما عبرت المدخل إلى موقف السيارات.
"أنا متأكد من أننى أخبرتك ذلك من قبل, و لكن إذا سهوت ستجدين ذلك مكتوباً فى المفكرة التى تركتها لك, يأتى دورنا فى عقد القداس و إلقاء الموعظة فى سجن ر1د بلوف يوم الأحد القادم بعد الظهر, لقد اتصلت بهم هاتفياً و أعطيتهم المعلومات اللازمة و لدواعى الاحتياطات الأمنية ستعطى لك إجازة مرور فى مكتب الزوار عندما تقدمين بطاقة هويتك."
انكمشت على نفسها رد بلوف ؟ إنه السجن الذى يقضى فيه لوكاس هاستينغز مدة حكمه, استطاعت اندريا فى الشعرين المنصرمين أن تنساه و المحاكمة. "أعرف يا بول لم يسبق لى قط القيام بالقداس فى سجن."
ضحك و هو يلتقط حقيبة آلة التصوير, "يجب أن تفعلى ذلك احياناً, تذكرى أن إلقاء الموعظة فى السجن مثلها مثل إلقائها فى أى مكان."
عندما فكرت بأنها ستواجه زمرة من الرجال المسجونين, أصابها الرعب. "هلا تركت الموعظة التى حضرتها كى إلقى نظرة عليها قبل يوم الأحد؟"
"منذ متى يلقى أحدنا موعظة الآخر؟ هذا من اختصاصك سأترك الأمر لك و لكفائتك." ترجل عندها من السيارة, فتح الباب الخلفى و أخرج حقيبته "لا تزعجى نفسك بمرافقتى إلى داخل المطار, سيتم الإقلاع بعد ساعة على الأقل."
"ولكن, يا بول...."
"وداعاً يا عزيزتى أندريا, أشكرك لأنك أوصلتينى إلى المطار, سآخذ بنصيحتك و أتمتع بوقتى. و بما أنك أنت التى ستشرفين على شئون الكنيسة فلن أقلق, ليباركك الله, سأراك بعد أسبوعين."
راقبته يدخل قاعة المطار و يختفى بين جموع المسافرين كانت سعيدة من أجله, بالطبع و لكن فى طريق عودتها من المطار لم تستطيع منع نفسها من التمنى لو أنه أجل سفره أسبوعاً آخر كى لا تضطر إلى إلقاء الموعظة فى السجن من المحتمل جداً أن يكون لوكاس هاستينغز بين الحضور, لقد أثارت فكرة عقد قداس يحضره أعصابها بشدة.
أفترضت أن باستطاعتها الاتصال بمجمع شيارة للكنائس و محاولة الحصول على كاهن من كنيسة أخرى لعقد القداس بدلاً منها, لم ترق لها هذه الفكرة لأنها ليس من عادتها التخلى عن واجباتها, إضافة إلى أن بول بعتمد عليها و سيصاب بخيبة أمل إذا علم أنها تراجعت أمام التحدى.
عندما فكرت ثانية بالأمر, أدركت أن بول رفع كثير من قدرها عندما توقع منها أن تحل مكانه..... خاصة أنه فى العادة يعقد القداس كاهن رجل و ليس امرأة, فى سجون الرجال و هذا يعنى أن بول يثق بشكل كامل بقدراتها, و لا تستطيع أن تخيب أمله.
أمضت باقى الأسبوع بالاجتماعات مع المقاولين, حتى وقع اختيارها على سيدة قدمن عرضاً مقبولاً للتجديدات فى الكنيسة. ثم أنهت باقى أعمالها بسرعة لتتفرغ لتحضير الموعظة التى ستلقيها فى السجن, و لكن من لةقت لآخر كانت تطرأ على أفكارها صورة لوكاس و تلهيها عن العمل.
لقد قال القاضى له, إن سراحه سيطلق بعد ستة أشهر, إذا كان سلوكه حسناً. فهل هو من النوع الذى يذهي إلى الكنيسة؟ تذكرت الفتاة ما قاله لها بول, إن عدداً ضئيلاً فقط من السجناء يحضر القداس, و لهذا افترضت احتمال وجود لوكاس فى القداس كان ضعيفاً و لا موجب للقلق.
على الرغم من ....ما الذى سيحدث إذا شاهدته مع الآخرين؟ هل سيتعرف عليها كواحدة من المحلفين الذين أدانوه و ارسلوه إلى السجن؟ كانت متأكدة من أنها لن تنسى وجهه ابداً على أى حال لقد مضى ثلاثة أشهر على ذلك اليوم المشؤوم و احتمال أن لا يوجد علاقة بين راعية ابرشية فى لباس القداس و بين واحدة من ثلاث نساء كن فى هيئة المحلفين خاصة أنها ارتدت لباساً عادياً فى المحكمة.
منتديات ليلاس
عندما جاء يوم الأحد كانت اندريا تشعر بالارتياح لأنها أقرت أن تحل محل بول, و حالما أنتهى قداس الصباح فى الكنيسة تناولت وجبة الغداء بسرعة و انطلقت نحو سجن رد بلوف, الواقع على تلة تبعد ثمانين ميلاً شرقى البوكركى, تمرنت خلال الطريق على إلقاء الموعظة و آملت أن تعنى شيئاً مفيداً للسجناء و تقوى من عزيمتهم.
لم يكن السجن المؤلف من طابق واحد مسيجاً بالأسلاك الشائكة و لم يبد مخيفاً كما تخليت اندريا, تفحص الحارس فى مكتب الزيارات بطاقة هويتها و اصطحبها إلى الكنيسة المشتركة فى الردهة الرئيسية.
سمعت أصوات إنشاد رجالية عندما اقتربا من الباب, كان بول أخبرها أن السجناء قد ألفوا جوقتهم الخاصة. عندما دخلت الكنيسة مع الحارس, شاهدت ما يقرب من أثنى عشر سجيناً بثيابهم متحلقين حول البيانو, يتمرنون. حدق إليها السجناء بفضول عندما قادها الحارس إلى حجرة إلى جانب الكنيسة حيث يمكنها أن تبدل ملابسه أوضح لها أن الحجرة الصغيرة خالية من النوافذ و التى تحتوى طاولة و كرسيين تستعمل للمقابلات الخاصة بين السجناء و بين رجال الدين الزائرين.
أغلقت الباب وراءها بعد أن غادر الحارس و فتحت حقيبتها, ارتدت أولاً رداء القداس الأبيض ثم أخرجت الأشياء التى ستحتاجها فى القداس و هرعت إلى داخل الكنيسة. نظرت إلى ساعتها لتجد أن الوقت قد أصبح الثانية بعد الظهر. وضعت كرسياً فى مؤخرة الكنيسة قرب الباب....حيث وقف حارس آخر....ثم وضعت عليه نسخاً من الموعظة بالإضافة إلى نسخ بعض المواد التى صورتها فى الأبرشية, كى يلتقطها السجناء عندما يغادرون الكنيسة.
وضعت كل ما تحتاجه للصلاة على طاولة مستطيلة موضوعة أمام المنصة. ثم ثم قدمت نفسها لأفراد الجوقة و عازقة البيانو و طلبت منهم أن يبدأوا و ينهوا الصلاة بالتراتيل الدينية.
واقفوا و نظروا إليها باهتمام واضح. فى ما عدا الزيارات العائلية افترضت اندريا أن رؤية امرأة هو أمر نادر هنا و خاصة إذا كانت المرأة راعية أبرشية.
عنج الثانية تماماً, شاهدت ما يقارب العشرين رجلاً من مختلف الأعمار يدخلون صفاً واحداً إلى الكنيسة و يأخذون أماكنهم, تستطيع تميز لوكاس هاستينغز فى أى مكان و لكنها لم تره بينهم.
شعرت بالارتياح و أومأت إلى الجوقة كى تبدأ الترتيل ثم تبع ذلك القداس و أصبح بإستطاعتها أن ترتاح لاحظت بعد إنتهاء و المناولة أن الحارس سمح لسجناء آخرين بدخول الكنيسة أخذوا أماكنهم فى الصفوف الأخيرة ليسمعوا موعظتها.
لم تشاهد الرجل الذى ساعدت على وضعه فى السجن حتى أصبحت فى منتصف موعظتها و حين كانت تفسر للسجناء معنى اللطف و الرقة فى التعامل بين الناس, لا أحد غيره يمتلك هذه الملامح الخلابة و الشعر البنى اللماع........
تحشرج صوتها للحظة ثم جاهدت كى تتمالك نفسها, تعمدت التحديق إلى الصف الأمامى كى ستطيع التركيز, و أنهت الموعظة. "تذكروا عندما يُطلق سراحكم و تندمجوا ثانية فى المجتمع أن الأخلاق الكريمة يمكن تحويلها إلى التطوع لمساعدة العاجزين. و العالم ملئ بالتعساء, و هناك متسع للمساعدة فى كل المجالات و كل واحد يستطيع أن يقدم, لقد وضعت لائحة تتعلق بالخدمات الاجتماعية على الكرسى فى الخلف, خذوا نسخة إذا كنتم مهتمين عند الخروج."
بعد أن أعطت التبريك أخذت الجوقة بالترتيل, و بدأ السجناء بمغادرة الكنيسة واحداً بعد الآخر و خرج لوكاس هاستينغز معهم, ومن الواضح أنه لم يلاحظ شيئاً غير عادى, و شعرت اندريا بموجة الخلاص.


منتديات ليلاســـــــ


زهرة منسية 28-07-14 03:27 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

تقدم منها عدد من السجناء و صافحوها و شكروها على ما قدمت, تلكأ عنهم رجل فى العشرين من عمره ذو عينين متعبتين و عندما خلت الغرفة طلب منها التحدث على إنفراد. لقد أعطاه الحارس الإذن بذلك.
طلبت منه الدخول إلى الحجرة الصغيرة حيث انخرط فى البكاء, و توسل اتدريا أن تتصل بوالدته و تخبرها أنه يحاول أن يتغيير و يأمل أن يكون بإستطاعتها أن تغفر له يوماً ما, و كان من الواضح أن الرسائل التى يبعثها كانت تعاد إليها كما أرسلها, من دون أن تفتح.
تأثرت اندريا لهذا الشاب و دونت عنوان أمه على دفترها و وعدته بأن تراسلها و تشرح لها مشاعره. شكر اندريا بحرارة و غادر الغرفة نزعت عنها رداء الكهنوت و هى تتشوق للعودة إلى البوكركى, لقد كان يوماً مرهقاً و مزدحماً بأمور عدة و الضغط النفسى الذى تعانى منه تملكها....خاصة عندما شاهدت لو كاس هاستيغنز جالساً بين الحضور.
عندما استدارت لتخرج إلى الكنيسة لتلملم اغراضها, شاهدت من يشغل بالها واقفاً أمام الباب تجمدت و ما كادت تتنفس.
"الأخت مايرز." صوته الجهورى.....صوت لا يمكن أن تنساه أبداً....اخترق الهدوء. "هل تسمحين بكلمة؟"
لم تستطيع اندريا إلا التحديق إليه. لم تره قط إلا ببدلات رجال الأعمال المتحفظة و على درجة عالية من الاناقة و لم تكن مستعدة لرؤيته مرتدياً ثياب السجن الضيقة ثياباً تبرز صدره العريض و عضلاته المفتولة.
وجدت رائحته الطبيعية النظيفة المنبعثة من جسمه النحيل أخاذة و زادت من جاذبيته بوادر لحية على ذقنه الرفيعة.
حولت نظرها إلى شعره الذذى اصيح طويلاً و ملتفاً حول جبهته و عنقه من غير تصفيف.
تفحصها فى المقابل من قمة رأسها إلى أخمص قدميها بأعجاب و حدق فى تكاوينها البارزة من خلال فستان القطن الأبيض و السترة الزرقاء اللذين كانت ترتديهما و أحست برعشة باردة تعتريها.
ضاقت عيناه و اسودتا فى اللحظة التى وقع نظره فيها على ثوبها الكهنوتى و على وجهها الذى اعتلاه الأحمرار. تصلبت تعابير وجهه الوسيم على الفور و تحولت إلى القناع الحزين الذى ظهر عليه, عندمل لفظ القاضى حكمه.
"هذه أنت." همس باستياء بارد .
لقد تعرف عليها برغم كل شئ تراجعت خطوة إلى الوراء و تعثرت بالكرسى "سيد هاستيغنز." كان هذا كل ما استطاعت قوله قبل أن ترتسم على فمه ابتسامة تهكم.
"لاحظت خلال لهذه المكالمة المسرحية كل شئ عنك بالتفاصيل ماعدا الثوب الكهنوتى, هل افترض أنه فيما أنا أقضى مدة حكمى كمجرم تم تكريسك قديسة؟"
منتديات ليلاس
جاهدت لكى تتنفس و تسترجع دهاءها, لقد تم تكريسى كراعية أبرشية منذ أكثر من سنتين و لم أكن أرتدى الكهنوتية و أنا أمثل فى هيئة المحلفين لأن ذلك لا يتعلق بواجباتى الكنسية."
قطب حاجبيه بعدائية "ربما كان يجب أن تفعلى ذلك, كان من المحتمل أن ينزل عليك, الهام إلاهى, و الله أعلم, كم كانت الحاجة لذلك ضرورية." تمتم بصوت أجش, وضع ذراعيه حول جسمه, و لاحظت قوة عضلاته و الشعر البارز فى صدره.
ما الذى جاء بك إلى أشهر نادى ريفى فى نيومكسيكو؟ هل قررت التنازل إلى مستوى القذارة كى تشاهدى كيف يعيش الخارجون على القانون؟"
جاهدت لكى تبقى هادئة. "يقيم مجمع شيارد للكنائس قداساً عاماً كل أسبوع هنا, و كان اليوم دورنا فى إقامته."
حدق فى وجهها و جسمها بوقاحة مما جعل أعصابها تاتهب. "حسناً, إذا كان ما تسعين إليه هو توبة العديد من الناس, فأرسالك إلى سجن ملئ بالرجال بعضهم على استعداد للقتل من أجل رؤية وجه امرأة هو ضربة ذكاء موفقة, إنى مندهش لعدم وجود أى بوادر عصيان و تمرد حتى هذه اللحظة."
لم تكن اندريا تتوقع أن تتحدث مع لوكاس هاستينغز لذلك انكمشت على نفسها من جراء مضايقته الغريبة لها. أخترق فى ثوانى قليلة دفاعاتها النفسية إلى الصميم و جعلها تشعر بالعجز.
تململت, ووجدت نفسها تشرح له. "فى الحقيقة, حللت مكان بول يانس. إنه كاهن الرعية فى كنيستنا, و لكنه سافر خارج البلاد."
أرجع رأسه إلى الخلف و دوت منه ضحكة عالية ملأت أصداؤها المكان, استدار نحوهما الحارس الموجود خارج الحجرة الصغيرة بسرعة, و لكن لوكاس بدا لا مبالياً.
"أعتقد أنك لست بكاذبة ماهرة.....لأنك الراعية الأولى التى أراها داخل هذه الجدران منذ وضعى بالسجن, لماذا لا نكون الآن صادقيين مع بعضنا بعضاً قليلاً؟ لقد سمعت الحكم الذى صدر بحقى فى المحكمة و لذا فأنت تعرفين أننى مسجون هنا, أيجب علىّ أن أشعر بالإطراء لأنك قررت الزيارة, لتشاهدى الأذى الذى سببته على سبيل المثال؟ هل كنت تأملين بمعرفة ما إذا كنت على قيد الحياة أو لتريحى ضميرك بهذا الأسلوب الملتوى؟ إذا لم يخطئ ظنى فهذه المرة التعيسة الأولى التى تلتقين فيها بمجرم مشهور أنت ساعدت فى أرساله إلى السجن."
"أنت تعطى نفسك أهمية أكثر مما تستحق." ردت عليه بحدة. "أجل, كنت أعرف أنك هنا و ظننت أنه احتمال ضئيل فى أن تحضر القداس و لكن هدفى من القدوم إلى هنا, هو مساعدة بعض السجناء فى التقرب من الله و التعرف إلى طريق الخلاص."
"أن فرصة حصول ذلك هنا أشبه بأن تصبحى البابا!"
برغم الوهن الذى كانت تشعر به فى ركبتيها تمالكت أندريا أعصابها. "هنالك فترات فى الحياة كل انسان يحتاج فيها اللجوء إلى الله." حدق إلى فمها فيما هى تتكلم مما أعطاها انطباعاً بعدم إنصاته لم تقول.
"تتدفق هذه التفاهات من بين شفتيك بسهولة مما يجعل من الصعب ألا يعتقد سامعوك أنك ولدت و أنت ترتدين ثوب الكهنوت. دعينى أوضح لك شيئاً يا راعية الأبرشية." أصر ساخراً. "لو كان هناك عدالة فى السماء لما كنت هنا!"
تذكرت اندريا أنها كانت تفكر بالطريقة نفسها عندما كانت فى العشرين من عمرها خاصة عندما استيقظت لتجد نفسها فى غرفة مستشفى غريبة لا تستطيع الحراك و لكن الرجل الذى يواجهها بعدوانية لن يكون مهتماً بالأستماع إلى ماضيها. و فى الحقيقة لم تستطيع تخيل لوكاس هاستينغز يستمع لأى شئ يمكن أن تقوله.


منتديات ليلاســـــــــــ



زهرة منسية 28-07-14 03:29 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
تمتم بلعنة و ترت اعصابها. "ماذا؟ ألن تلقى موعظة؟ ألن تحاولى تقويمى؟"
"وهل ينفع ذلك؟" لامت السؤال عليه و ندمت لأنها فعلت
انفجر بها غاضباً. "أنت تعرفين أن ذلك لن ينفع!"
"إذن لماذا أتيت لحضور القداس؟"
"كى أبرهن أكثر على سلوكى الحسن. هل من سبب آخر؟"
ادركت أنها تورطت حتى قمة رأسها: "أرجو أن تعذرنى يا سيد هاستيغنز, يجب أن أجلب أغراضى من الكنيسة."
"ما الخطب؟" قال ساخراً: "أتخافين من وجودك وحدك مع مجرم حقيقى؟"
"لم اعتبرك مجرم قطاً."
لمعت عيناه بالخطر "إذا, أنت تقرين بأنك فكرتى بىّ."
"لا أعتقد أن أحد من هيئة المحلفيين نسى قضيتك ذلك لا يحدث كل يوم....."
"أرسال رجل برئ إلى السجن؟" سأل بصوت قاس قبل أن تنهى جملتها. أغمضت أندريا عينيها برهة قصيرة ما يزال مصراً على براءته, و هذا الاصرار جعلها تضطرب الآن أكثر مما كانت عليه فى قاعة المحكمة لثلاثة شهور خلت.
"لقد قام المحلفون بما فى وسعهم للتدقيق فى البراهين المقدمة."
"هل من المفترض أن يجعلنى ذلك أشعر بشكل أفضل؟" اقترب منها و لكنها ممسمرة و لم تستطيع التراجع. "ماذا يعنى كل ذلك؟" نبرة المرارة المميزة التى تكلم بها, حطمت كل تمالكها, شعرت بالندم العميق لأنها لم تجد بديلاً يحل مكانها فى إقامة قداس السجن.
"أسمع يا سيد هاستينغز, إذا صدقت أم لا, لقد عانيت كثيراً من الألم بسبب قضيتك و...."
"بالطبع, أنت عانيت." قاطعها بلطف. "وحسب ما أذكر طوال أربع ساعات."
"لم تعطنى الفرصة كى أنهى كلامى." ذكرته, لكنه لم يسمح لها بالمتابعة, فقد أمسك بذقنها على غير توقع و رفع وجهها و تفرس به, تلاشت الأفكار من عقلها و هى تشعر بضغط أصابعه على بشرتها المحمومة, قربه حيرها و ما استطاعت التفكير إلا بقربه منها.
"أخبرينى شيئاً أيتها الأخت." همس بنبرة أحتقارية: "هل مرت لحظات تعاسة فى حياتك و شعرت بأن روحك ستذهب إلى الجحيم؟ هل شعرت مرة بأن حياتك أنهارت من أساسها؟ هل حدث لك أى مكروه و جعل هذا التكوين اللطيف يتداعى إلى بؤس قاتل؟"
ارادت اندريا المعلقة فى صراع مؤلم أن تخبره, نعم لقد خبرت كل ذلك و أكثر مما تتصور و لكنها لم تستطيع النطق بهذه الكلمات ربما جراء التعبير البادى على وجهه الذى شحب بسبب انفعاله الشديد.
"هل اختبرت ذلك؟" طالبها بالرد. و فى اللحظة التالية قبض على ساعدها بيده الأخرى و هزها. أدركت أنه قام بهذه الحركة على غير وعى لأنه وجد فيها متنفساً لغضبه. لكن الحارس الواقف إلى الباب تنبه إلى الخطر الماثل و وضع يده على مسدسه.
أدركت اندريا فوراً خطورة الموف, و لاحظت أن الأمر بيدها لتفادى كارثة, لقد أثارت على غير تعمد غضب لوكاس هاستينغز بسبب الموقف المتشنج بينهما, و لكن الحارس سيفسر ردة فعله على أنه تصرف عنيف.
رفضت أن تجعله يعانى من تجعله يعانى من ألم أضافى بسبب تدخلها غير المتعمد. و بسرعة بديهة صاحت بصوت مرتفع لكى يسمعها الحارس: "لوك, يا عزيزى أنا أعرف أنك طلبت منى عدم المجئ , لكننى لم أستطيع البقاء بعيدة عنك." و حالما أنتهت من هذا القول العاطفى عانقته, فى محاولة لتضليل الحارس بطريقة مقنعة وتمنت أن يفهم لوكاس ما كانت تقوم به و أن لا يبعدها عنه.
لم يكن هناك داع للقلق, لأنه عانقها بالمقابل و شد عليها, مما جعلها تفغر فاها مذهولة.
خافت من أن لا تتجاوب, فاستمرت بعناقه و قد كادت أن تنسى أين هى و لماذا. و أضيف إلى فداحة الموقف أنها أحست بشعور غريب يعتريها و ذهلت لأنه تمادى معها, ابتعدت عنه و تلصصت على الحارس و لسرورها وجدت أن عناقهما قد أوقفه عن التدخل, كان واقفاً أمام الباب يراقبهما باهتمام, استرخت و هى تشعر بالخلاص و بأحاسيس لم تستطيع تحديدها حاولت دون جدوى أن تتملص من بين ذراعى لوكاس القويتين: "أتركنى الآن." همست بصوت متقطع.
خرجت من فمه ضحكة خافتة شيطانية: "لا أملك لك بذلك." همس لها, مما أجبرها على النظر فى عينيه السوداوين .
"ليس بعد." و للحظة تخيلت أنه اندريا أنه مذنب بكل التهم التى القيت عليه و ربما أكثر.
"ليس قبل أن تخبرينىلماذا قاطعت كل هذا الشوط لتقابلينى فى الدرجة الأولى, و لماذا أردت أن تحولى نفسك إلى درع بشرى لتحمينى من الحارس؟"
منتديات ليلاس
"لأقد سبق و أخبرتك, لقد حللت مكان بول لأنه طلب منى ذلك." تمتمت لا تزال لا تعى نفسها. ليس فقط بيبب العواطف العديدة و المتضاربة التى تمزقها و لكن بسبب قربه منها.
صرت على أسنانها و قالت: "لقد تأكدت الآن من انها لم تكن فكرة حسنة."
ابتسامته الباهتة سخرت منها, "هل صدمت لأننى استغللت ما قدمته؟ هل سهى عن بالك أننى رجل كما أننى مجرم محكوم عليه؟ بالاضافة إلى أنه حُرم من رؤية النساء لمدة طيلة فى الواقت الحاضر؟ عليك أن تعتبرى أنك قدمت نفسك على طبق من فضة." ضحك و أضاف: "يجب أن اعترف فى اللحظة التى تنشقت رائحة عطرك نسيت كل شئ عن لباسك الكهنوتى و بدأت أتخيل...."
"كيف تتجرأ و تتكلم معى هكذا؟" أنبته بصوت أبح, مدركة أنها وقعت فى المتاعب.
"أتجرأ, لأنك رميت بنفسك على." تحولت ضحكته إلى قهقهة شيطانية قبل أن تدرك ما يحصل عانقها ثانية, مستنزفاً مقاومتها, حاولت التملص من دون جدوى و ضحك لفشلها فى ذلك.
أسوأ ما فى الأمر أنها أصبحت ترغب بقربه, أمر لم يحدث لها من قبل, حتى معى مارك. كانت تقاومه و لكن ليس بالقوة الكافية لأن عينيه اسرتاها و لم تتركا لها خياراً.
اخيراً تملصت منه, و تمتم فى أذنها: "هل قرررت فجأة ان روحى ليست أهلاً للخلاص و أننى غير جدير بالتوبة؟ كل ما عليك أن تخبرى الحارس بما يحدث و هو سيتطفل بالباقى و يتأكد من عدم إمكانية إرهاب راعية أبرشية, كان من سوء حظها التجول فى معقل الشيطان."
و كأنما الحارس شعر بأن الكلام موجه إليه فقال: "انتهى وقت المقابلة يا هاستينغز! عد إلى زنزانتك!"
"أشكرك على هذه الزيارة, ربما لم يكن فى نيتك أن تجرى المقابلة على هذا النحو و لكنك اعطيتنى شيئاً كى أحلم به. هل استطيع عناقك ثانية؟"
من دون أن ينتظر ردها أنحنى عليها و لثم خدها. تنهدت و ابتسمت.
"هذا شعورى تماماً, أخرجى الآن من هنا. أذهبى إلى البيت حيث تكونين فى مأمن من الأشرار أمثالى." ابتسامته المتهكمة كانت آخر ما رأته قبل أن يهرع خارج من الغرفة.
تركتها المقابلة واهنة إلى درجة أنها أمسكت بالكرسى لتوازن نفسها. هرعت إلى الغرفة المجاورة عندما عاد إليها توازنها و وضعت أغراضها فى الحقيبة و غادرت إلى الكنيسة لم تستطيع أندريا أن تتذكر كيف جرت عبر مكتب الزيارات إلى سيارتها و الانطلاق بها إلى البوكركى, كل ما تعرفه أنها اجتازت منطقة ممنوعة و انذروها بطريقة أخافتها حتى الموت, أدين لوكاس هاستينغز فى ما أطلق عليه المحلفون قضية مفتوحة و واضحة, شهرت اندريا من تصرفه اليوم أنها صوتت حقاً إلى جانب العدالة.
لماذا لم تكتشف الجانب السيئ و المتعجرف والهمجى من شخصيته فى قاعة المحكمة, كان سؤالاً من غير جواب, على الأقل أنها لن تراه ثانية, أبداً, نسيانه يعنى أن تضع تجربتها معه وراء ظهرها و أن لا تتكلم عما حدث فى ردد بلوف مع أى كان بمن فيهم بول, حتماً ستتلاشى ذكرى هذه الحادث من مخيلتها فى الوقت الحاضر, عقدت النية على أن تغير طريقة معالجتها لأمور حياتها من الآن فصاعداً, لن تدع بول يتهمها بأن قلبها يسيطر على عقلها, لقد أنتهت هذه الأيام إلى غير رجعة.

نهاية الفصل الثانى

قراءة ممتعة للجميع

Rehana 28-07-14 08:52 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
كل عام وانت بخير حبيبتي

والله يجعل ايامك كلها اعياد يارب
والله ينصر اهلنا في غزة وفي جميع الاراضي الاسلامية

http://www.punjabigraphics.com/image...d-ul-zuha4.gif

asrraar 28-07-14 10:51 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم طيبين والأمة الاسلامية بألف خير.

زهرة منسية 30-07-14 01:50 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3460329)
كل عام وانت بخير حبيبتي

والله يجعل ايامك كلها اعياد يارب
والله ينصر اهلنا في غزة وفي جميع الاراضي الاسلامية

و أنتى بألف خير ريحانتى

اللهم آمين اللهم أعز الأسلام و المسلمين فى كل مكان

نورتى الرواية بطلتك الحلوة و مشكورة على التثبيت

زهرة منسية 30-07-14 01:54 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الريفيه (المشاركة 3460346)
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم طيبين والأمة الاسلامية بألف خير.

عيدك مبارك حبيبتى كل عام و أنتى بألف خير

نورت الرواية بوجودك

زهرة منسية 30-07-14 01:57 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفـــصـــل الــثـــالــــــث

منتديات ليلاس



"يؤسفنى أن أخبرك يا أندى أنه يجب أن تضربى الكرة هكذا إذا أردت أن تربحى المباراة؟" عرض ريتشى براعته فى تمرير الكرة فوق العارضة فى ملعب الأبرشية فيما وقف أعضاء الفريق.....و كلهم من المراهقين.....يراقبونه.
"ربما يجب عليكم , أنتم الشبان التمركز فى المقدمة, و أنا و ليز ندافع فى المؤخرة." أجابت اندريا ممازحة و غامزة ثم ابتسمت إلى ليزا التى كانت تجد صعوبة فى صد كرة الفريق الآخر.
تقمص ريتشى دوره كمدرب مؤقت بجدية, حاولت اندريا أن تتبع توجيهاته و لكن كلما أتت الكرة ناحيتها كانت تضيعها بضربة غير موفقة. لم تكن بارعة بلعبة الكرة الطائرة و لكنها كانت مصممة على اتقان هذه الرياضة و لو قتلتها.
ستقام بطولة الفريق التابعة لمجلس رعاية الشباب المتحد بكرة الطائرة بعد شهرين, فى نهاية شهر شباط و كى تأتى هذه المباريات مثيرة اصدر المشرف على القطاع الغربى للاتحاد الكنسى قراراً بأن يشترك باللعب مع فريق الأبرشية. ربما أن الطبيب المشرف على بول لم يسمح له بالقيام بهذا النشاط الزائد, أصبح من البديهى أن تتحمل اندريا هذا الشرف.
احتجت كثيراً و لكنها وجدت أن لا مفر لها من الانضمام إلى الفريق.



زهرة منسية 30-07-14 02:01 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

صففت شعرها على شكل كعكة مثبتة بالدبابيس فوق رأسها, و اتخذت مكانها داخل منطقة التماس, حسب ما أشار عليها ريتشى. عندما أرسل الفريق الكرة باتجاهها, تحضرا لردها عالياً, شعرت بالهلع عندما وجدت نفسها ترسل الكرة للخلف بشكل قوس.
انفجر أعضاء الفريقين الشبان بالضحك, و انكمش ريتشى على نفسه من اليأس مما أوقف التمرين, أستلقى على وجهه و أخذ يتخبط مثل طفل على الأرضية المكسوة حديثاً بالشمع متظاهراً بالغضب الشديد.
توردت وجنتاها من الأرهاق و الحرج و مسدت سروالها الزهرى القصير و كنزة التمرين البيضاء, التى يرتدى مثلها كل أعضاء الفريق . "أعلم أن على أن أتعلم الكثير يا ريتشى غرين, و لكنى لست بهذه الرداءة."
"هذا رأى شخصى." مازحها مات كاراتزا ثم منحها ابتسامته الساحرة التى أكسبته لقب الشاب الأكثر وسامة فى مدرسته. منتديات ليلاس
"أشكرك على تصويتك بإعطاء الثقة يا مات." تمتمت اندريا, "فى المرة القادمة عندما تحتاج إلى خدمة كبيرة منى تذكر أولاً ما حدث هنا, اليوم." غمزت بعينيها و هى تقول ذلك ثم هرعت إلى مؤخرة الملعب كى تأخذ الكرة.
عندما انحنت لالتقاط الكرة سمعت تعليقاً ساخراً من رجل كان يقف أمام باب الملعب: "للحقيقة الأولاد معهم حق."
تجمدت يدها على الكرة.
لقد عرفت هذا الصوت.
هذا صوت لا يملكه إلا رجل واحد.
رجل أقسمت منذ عدة أشهر على أن تنساه, رجل أملت و توقعت أن لا تراه أبداً.
متى أطلق سراحه من السجن و كيف عرف أين يجدها؟ تساءلت متعجبة.
أرسل الفزع الأدينالين متدفقاً فى شرايينها, و عندما رفعت رأسها ألتقت نظرتها الزائغة بنظرة لوكاس هايستنغز المتفحصة و أحست أن جسمها كله قد شُل فجأة.
كمن يشاهد فيلماً ملوناً و استعادت اندريا ذكرى لقائهما الأخير فى مخيلتها و تغيرت معالم وجهها.
وقف مستنداً إلى الباب و بدأ أضخم مما هو فى الحقيقة, حليق الذقن يرتدى سروال جينز أبيض اللون و كنزة رياضية سماوية اللون تذكرت بوضوح تصرفه الوقح فى الحجرة الصغيرة المحاذية لكنيسة السجن, قال بعد أن رمقها بنظرة إعجاب: "يسعدنى أن أعرف أنك لم تنسينى كما أكتشفت من دون ريب, أن بعض الأحداث لا يمكن محوها أبداً من الذاكرة."
ظنت أنها عانت منه ما يكفى من الهوان فى أسوأ صوره ذلك اليوم فى السجن, و لكنه لايبدو ذلك صحيحاً, فمن الواضح أنه يجد متعة منحرفة بتذكيرها باللقاء, الذى حاولت من دون جدوى نسيانه, لقاء كشف عن الجانب الانسانى فى طبيعتها. يعرف أن باستطاعته إضاعة رشدها, حالما يلمسها و تبين لها أن ذلك يوفر له متعة, لا نهاية لها, نهضت و هى تشعر بالدوران من جراء حضوره, و نسيت أن تلتقط الكرة, أخذت تخبره أنه غير مرحب به فى الكنيسة و لا شأن له بالاقتراب منها. و لكن كلماتها تحشرجت عندما انحنى والتقط الكرة و توجه نحو الأولاد المتحلقين حول شبكة الكرة الطائرة.
ماذا تظن نفسك فاعلاً؟" صرخت و هرعت خلفه و لكنه تجاهلها.
"مرحبا يا شباب أنا لوكاس هاسيتنغز و لكن أصدقائى يدعوننى لوك." تلاقت عيناه للحظة مع نظرة اندريا الحانقةو ذكرها ذلك باللحظة التى نادت فيها: "لوك يا عزيزى!" عندما كانت فى السجن, شعرت بموجة من الحرارة تسرى فى جسمها من جراء ذلك.
"أخبرنى كاهنة الرعية يانس أن مدرب الفريق تخلى عنكم بعد عيد الشكر. و بما أننى كنت أمارس لعبة الكرة الطائرة فى الجامعة قررت التطوع للحلول مكان المدرب."
ظنت اندريا نفسها تحلم و بدا على الأولاد عدم الاكتراث بعذابها, بعدما آثار حماسهم الرجل الرياضى الوسيم الذى سيصبح مدربهم و فى الواقع صدمت و هى تشاهد كيف استحوذ على انتباههم بسهورة.
صفقوا و هتفوا له و سألوه عشرات الأسئلة دفعة واحدة, هل كان يعرف أن مباريات البطولة ستبدأ الشهر القادم؟ هل يستطيع أن يدربهم على حركات جديدة كى يتغلبوا على منافسيهم؟ و هل سيستطيع تعليم الراعية مايز كيف ترسل الطابة بصورة حسنة؟
أغرق السؤال الأخير الجميع بالضحك و نظروا نحوها كى يعرفوا ردة فعلها. و لكن اندريا ما والت تعود إلى وعيها بعد الصدمة التى عانتها من جراء رؤيته ثانية, قسم منها شعر بالابتهاج و الحماس رغماً عنها, و قسماً آخر ارتاع لظهوره الجرئ فى معقلها الأخير الآمن.
لماذا لم يقل بول شيئاً عن هذا الشأن؟
تاقت لكى تستجوب رئيسها. و لذلك هرعت خارج الملعب و هى واعية لنظرات لوكاس هاستينغز التى لاحقت خطواتها حتى أختفت وراء الباب المزدوج.
وجدت بول فى الكنيسة يدل عمال الصيانة على الأعطال فى أجهزة التدفئة, أعتذر منهم عندما رأها و سار إلى حيث وقفت تتنتظره.
"ما الخطب يا أندى؟ تبدين منزعجة."
"أجل أنا منزعجة من تسلل لوكاس هاستينغز منذ دقائق إلى الملعب و أعلن نفسه المدرب الجديد. لقد نسيت موعد إطلاق سراحه بالاضافة إلى أنه لم يكن عندى فكرة أنك قابلته كيف و متى حدث ذلك؟ من المفترض أن تتحدث معى أولاً, قبل أن تطلب منه تدريب الفريق" قالت و هى تحاول أن تهدئ نفسها.
"تعالى إلى مكتبى حيث باستطاعتنا أن نتكلم على إنفراد."
قادها بعد أن أخبر العمال بأنه سيعود, عبر الردهة لم تستطيع اندريا تذكر أى واقعة استاءت فيها من بول, و لكن وجود لوكاس هاستينغز فى الملعب أفقدها أعصابها تماماً .
"أغلق بول الباب وراءهما: "لماذا لا تجلسين؟"
"لا أستطيع." قالت فيما صدرها يعلو و يهبط من جراء إنفعالها.
اتكأ على جانب الطاولة و حدق إليها بحيرة: "لم يقع نظرى عليه إلا من نصف ساعة."
رقت عينا اندريا: "لا ريب أنك تمزح."كلا." هز رأسه برصانة. "كما تناهى لسمعى أنه اتصل هاتفياً بالكنيسة يوم الخميس مستعلماً و قد أخبرته دوريس أننا نعمل أيام السبت, هكذا أتى إلى مكتبى و طلب التكلم معى, و لم يندهش أحد مثلما اندهشت أنا, عندما ذكر أسمه."
"لا أصدق ذلك." تمتمت و كأنها تحادث نفسها ثم احتضنت نفسها.
"قال لىّ ببساطة إنهم أطلقوا سراحه من السجن و يريد القيام بعمل مفيد فى أوقات فراغه, كان يحمل الدليل الذى وزعته عندماألقيت موعظتك فى السجن." توضحت الأمور لها, إذا , هكذا أستطاع العثور على مكانها. "قال إن ما قلته عن العمل التطوعى أثر به كثيراً."
منتديات ليلاس
"و لكن هذا مستحيل." فكرت بصوت مرتفع و هى تتذكر الطريقة المهينة التى خاطبها بها, و فضه لكل شئ مقدس.
"على ما يظهر, ليس مستحيلاً." استطرد بول من دون أن يعى اضطراب عواطفها. "على ما يبدو لقد كانت الوسيلة التى هدته."
"لا." هزت رأسها كان بول يعترف لها بجميل لم يكن من صنعها. الآن, و فى أى لحظة, ستجد نفسها تعترف بالحقيقة.
"لا تتواضعى." وضع يده على كتفها. "سرت, بالطبع, لطلبه, و أخبرته بأن لدينا عشرات المشاريع التى تحتاج إلى متطوعين, عندما تفحصنا اللائحة قال أنه يشعر بأن أفضل عمل له سيكون فى المجال الرياضى." اتسعت ابتسامته.
"استجاب الله لصلواتنا, بما أن موعد المباريات قد اقترب, و أرسله إلينا. بعد أن قلت له إنك فى الملعب تتدربين أجاب أن أفضل وقت قد يبدأ فيه عمله هو الآن و حالاً."
توقف عقل اندريا عن التفكير و أشاحت بنظرها, تحاول أن تستوعب واقع الأمر, بضربة مؤقتة و ذكية, أستطاع لوكاس هاسيتنغز أن يتغلغل فى حياتها, و ببساطة لم تقو على استيعاب ذلك.
"بريئاً كان أم مذنباً. لقد دفع ما عليه للمجتمع و سيحمل صحيفة السوابق لبقية عمره. هل تهشمينه تحت قدميك و هو فى موقع الضعيف؟"
"بالطبع لا. ببساطة, لا أريد التعامل معه البتة." ما لم تقله اندريا هو أنها لا تثق بنفسها عندما تتواجد معه. لقد أثار العوامل العاطفية فى نفسها, وهذا ما تخافه.
"أنت على غير طبيعتك يا أندى, لست الشخص الذى أعرف و أحب. إنه من الرعية, أيضاً و يحتاج إلى مساعدة."
"هل تعلم يا بول أن تيسى سلون هى عضو فى الفريق. كيكف سيتصرف أهلها عندما يعلمون أننا طوعنا مجرماً سابقاً ليكون مدرب الفريق؟ أنت تعلم أيضاً أنهم سيسببون لنا المتاعب, أهـ لو تسمع رأى مايبل جونز فى هذا الموضوع. تذكر كلامى عندما ينتشر الخبر لن يتبقى لديك غير نصف فريق."
"لهذا طلبت من السيد هاستينغز أن يجلس مع الأولاد و يخبرهم الحقيقة قبل القيام بأى شئ آخر. و ليأخذوا قرارهم بأنفسهم بعد ذلك فأنا أثق بحكمهم."
"ليس الشبان ما يقلقونى. أنهم أول من يتصدى للدفاع عن المستضعفين, بالاضافة إلى أنه استحوذ على اهتمامهم منذ لحظة دخوله الملعب."
"له حضور....مميز."
كانت اندريا تفضل الموت على الاعتراف بأن بول على حق.
"لا أعتقد أنه قال لك, أنه لا يؤمن بالعدالة السماوية."
هز بول رأسه نافياً: "لم نتطرق لهذا الموضوع, و فى أى حال ما يهمنى فى أنسان هو ما يفعل و ليس ما يقول, كونى صادقة مع نفسك يا أندى, لقد قابلته فى أحلك ظروفه, و لكن أنت من قال, معتمدة على تجربة شخصية, يجب أن لا تأخذ الأمور بظواهرها."
ارتعشت لأن تأنيبه لها أصابها فى الصميم. "كل ما أعرفه هو أننى ارتكبت خطأ فادحاً بالذهاب إلى السجن بدلاً منك و أنا أدفع الثمن الآن. إذا لم يكن عندك مانع, سأذهب إلى البيت مهما يجرى الآن فى الملعب, فالأفضل أن لا أكون هناك. سوف أراك فى الصباح, و أنا متشوقة لسماع عظتك." ربتت على ذراعه: "أنا آسفة لأنى خيبت آملك فىّ....و فى هذه اللحظة بالذات لا أشعر بالرضى عن نفسى و ....و أحتاج إلى بعض الوقت لكى أخلو بنفسى و أفكر."
تركت غرفته قبل أن تتمكن من إضافة أى شئ و أتجهت إلى مكتبها, حيث بدلت ثيابها, ارتدت سترة ذات قبعة كى تحميها من البرد القارص حيت العاملين مودعة و خرجت من باب جانبىز كان من المستحيل أن لا تلاحظ سيارة الـ ب أم ف المكشوفة و المتوقفة بين سيارة بول الكرايزلر و سيارة الفان الخاصة بالعمال.
ليس كل مجرم سابق يخرج من السجن و يقود بهذه الفخامة. عاودتها كلمات مايبل عن افتراء سماسرة الأسهم المالية, الأثرياء, فيما كانتتنطلق بسيارتها الصغيرة على الطريق العام. ما أن حل الغد إلا و الأخبار قد تنتشر فى كل الأبرشية, و هكذا سترابط مايبل أمام باب شقتها و هى تتحرق لمعرفة المزيد من التفاصيل.
أوقفت اندريا سيارتها لتتناول شطيرة هامبرغر ثم اتجهت إلى البلدة و قادت سيارتها لعدة ساعات من دون هدف محدد, كانت تحتاج لهذه السلوى قبل أن تأوى إلى منزلها و تعانى من الأرق الذى سيصيبها. احتاجت لعدة أسابيع بعد المحاكمة كى تبعده عن تفكيرها ثم عانت كثيراً من الأرق بعد زيارتها للسجن. و الآن سيعاودها الأرق و تعانىثانية و لا يلوح فى الأفق إلا حل واحد لمعالجة هذا الوضع, أن تطلب نقلها إلى أبرشية أخرى بعيدة. برغمذلك سيمضى وقت طويل قبل أن تشعر بالراحة النفسية, هذا إذا حصل أبداً.
سمته مابيل الشيطان و لكنه وسيم قدرت اندريا أن الأسم ينطبق عليه لأن لديه ميل لإثارة المتاعب, أصبح طليقاً الآن, و بموارده غير المحددة و ذكائه الحاد الذى لا يشغله العمل, ما الذى سيعيقه عن مضايقتها....هذا الرجل كان من الغباء بحيث تحرش بها فى السجن.
أحست بالحرارة تسرى فى جسدها عندما تذكرت ما حدث لها بالسجن....شدت على مقود السيارة, استدارت و اتجهت نحو منزلها.
عندما وصلت إلى حارتها, كانت قد وصلت إلى نتيجة مفادها أن الرجل منغلق و يحتاج إلى شئ مثل التدريب كى يشغل وقته حتى يتسنى له الامساك بزمام حياته ثانية.
وصلت إلى شقتها, استحمت و استعدت للنوم ثم جلست إلى الطاولة و كتبت مسودة رسالة دينية كى تُنشر فى صحيفة أخبار الأبرشية, ظلت تكتب حتى الثالثة صباحاً, حتى انزلق القلم من بين أصابعها, الإشارة الأولى أنه أصبح بمستطاعتها النوم قبل أن ينشر نهار الأحد المزدحم بالأعمال.
لم تستطيع أندريا تذكر أى مرة تأخرت فيها عن الذهاب إلى الكنيسة, و لكن منذ ظهور لوكاس هاستينغز فى حياتها المنتظمة لم يبق شئ على حاله, شعرت أنها مضطربةعاطفياً و روحياً و هو أمر لم يحدث لها منذ زمن طويل, عندما قررت حينذاك أن تتكرس راعية أبرشية.

زهرة منسية 30-07-14 02:02 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

تبدأ جوقة الشبان عملها الساعة الثامنة و النصف و يتبعها درس دينى فى التاسعة و الربع, تقام صلاة الأحد فى العاشرة و النصف, تصل اندريا عادة فى الساعة السابعة و تفتح المكتبة أمام المدرسين, ترد على الهاتف و تتأكد من أن كل شئ يسير على ما يرام.
و لكنها لم تصل الأبرشية, فى هذا الصباح, حتى الساعة العاشرة إلا ربع. وجدت كل شئ يسير على مايرام و لم تندهش لذلك, لأنها كانت متأكدة من أن بول سيهتم بكل الأمور الطارئة.
شعرت أنها متسللة و هى تهرع عبر القاعة الخلفية إلى مكتبها, تأمل أن لا يشهدها أحد. أرتدت ملابس الكهنوت بعد أن أغلقت الباب وراءها, ثم اتجهت نحو الردهة لتساعد بول فى تحية الرعية.
درج بول على عادة استقبال أفراد الرعية صباح كل يوم أحد منذ عدة سنوات و عندما عُينت اندريا بعد تخرجها من كلية اللاهوت فى كاليفورنيا, مسساعدة لراعى الأبرشية فى البوكركى عاصمة نيومكسيكو, استمرا فى هذه العادة. كانت دائماً تعتبره مثلها الأعلى منتديات ليلاس و مرشدها و أعجبتها طريقة تقربه من الناس.
اجتمع أفراد الجوقة الرئيسية بأرديتهم فى القاعة تحضيراً لبدء القداس, حيت اندريا كل فرد منهم, فيما ملأت موسيقى باخ الأجواء, هرعت لتأخذ مكانها مقابل بول قرب الباب الأمامى.
حياها برغم انشغاله بمحادثة عروسين, انتقلا حديثاً إلى الأبرشية. عرفت من إشارته الخاصة أن تفهم سبب تأخرها و لا داعى للغفران و احبته لذلك.
أمتلأت الردهة بالقادمين بسرعة. حيت اندريا عدداً منهم, كانوا بمثابة أفراد عائلتها و استعملت عن صحتهم و أخبارهم.
صافحت القادمين الجدد و طلبت منهم أن يستفهموا عن أى شئ و أن يأخذوا معهم المنشورات الموضوعة على منصة فى قاعة الأمامية.
"زينا!" هتفت مندهشة عندما استدارت لترحب بالتالى فى الدور و شاهدت باربرا و أمها تقفان أمامها.
"صباح الخير, أيتها الأخت." قالت المرأة المسنة بصوت هادئ "لقد أمضيت أسبوعاً جميلاً و أتساءل فى ما إذا كان بإستطاعتى حضور اجتماع الليلة فى منزلك."
سرت لأن زينا قررت الانضمام إلى مجموعة الترويح و قالت:
"أنت على الرحب و السعة, سأكون فى انتظارك الساعة السابعة."
"سنكون عندك." أكدت لها باربرا.
حالما ابتعدتا مدت اندريا يدها تلقاياً لتصافح التالى..... ورأت يد لوكاس هاسينغز تحتويها بشدة, و كى يزيد الأمر سوءاً, لاحظت أن مارغو سلون تقف وراءه مباشرة.
كانت نوعاً ما تتوقع قدومه, مرة أخرى تجد نفسها أسيرة له, فيما لمسته أرسلت موجة من الارتعاش فى جسمها. لا ريب أنه أحس بردة فعلها, وشعرت بسبب ذلك بالمهانة أكثر..
خاصة و أن مارغو سلون كانت تراقب كل حركة من حركاتهما, طبعاً! لا يمكن لهذه المرأة المسنة أن تدرك التيارات الخفية و الخطرة التى تجرى بينهما. حدقت اندريا إليه بخوف و رأت التحدى الساخر فى نظرته.
"هل تظنين أن صاعقة سوف تصيبنى, إذا قلت لك كم تبدين جميلة هذا الصباح, فى ثوبك الكهنوتى." تمتم برقة.
استغل لوكاس لحظة ذهولها, شد على يدها و قربها منه قليلاً.
منتديات ليلاس

"لا عجب أن الرجال لا يستطيعون التوقف عن التحدث عنك. لقد أحسنت التصرف عندما لم تأتى لزيارة السجن مرة ثاني, فهاتان العينان البنفسجيتان, الرائعتان تكفيان, وحدهما كى تسببا عصيان و تمرداً بين السجناء." برغم هدوئه, لم تشك فى أنه قد يثير المتاعب, و تسألت عن كيفية التخلص منه.
قالت من جراء هلعها, ما لم يكن من شيمها: "لم تكبح, الستة شهور التى قضيتها وراء القضبان سبلك للمخاطرات, الأمر الذى يعيدك بسهولة إلى السجن."
أطلق قهقهة خافتة و ضغط على يدها أكثر, و تبين لها من ضحكته القاهرة, أنه لم يكترث بتهديدها. و ما زاد الأمر سوءاً تأثيرها بجاذبيته الفتاكة التى أظهرتها هذه الضحكة, مما جعل قلبها يثب برغم شكوكها من أنه رجل لا جدوى منه.
"لا أعتقد أن أى رجل, مجرم سابق أو غيره, أُرسل إلى السجن لأنه أطرى امرأة جميلة. حتى و لو كانت كاهنة" داعب بإبهامه راحة يدها و لدهشتها أرسلت لمسته تياراً كهربائياً, سرى فى جسمها كله, و كانت واثقة من أن بإستطاعة مارغو سلون إدرك ما يحدث.
"أنت تعيق تقدم الآخرين, النتظرين وراءكـ." تمتمت و هى تصر على أسنانها: "لقد ابتجأت المراسم, هل أفقدك السجن اللياقة الاجتماعية و التهذيب؟"
حاولت أن تسحب يدها من قبضته, من دون أن تلاحظ مارغو أوغيرها أى شئ, و لكن محاولتها باءت بالفشل.
"ٍأطلق يدك على شرط واحد."
شعرت لحظتها أن خديها يحترقان: "أنت لا تطاق."
"هل تريدين أن تسمعى الشرط؟" همس السؤال بنبرة تحذيرية.
لم تستطيع التكلم لشدة إنزعاجها, فاكتفت بالتجديق فى عينيه ببرودة الجليد.
" بيننا عمل لم يكتمل, سأتى إلى منزلك الليلة."
"لا." قالتها بحدة : "عندى عمل هذا المساء."
"أخبرتنى ليزا جنييغز كل شئ الاجتماع الذى سيُعقد الليلة فى منزلك, "و قد قررت حضوره, إلى اللقاء يا أخت."
أفلت يدها و دخل الكنيسة لا مبالياً, فيما اندريا أخذت تتمالك نفسها, التى شتتها هذا اللقاء. لم تشك فى جدية كلامه, و فى أنه سيأتى إلى منزلها هذا المساء. و يظهر أنه أصبح أكثر تصميماً على المجئ عندما أدرك رفضها لذلك, اللوم يقع على ليا. كان واثقاً من ترحيبها به, لأنها أخبرته بأن الاجتماع مفتوح لكل من يود حضوره.
أختار لوكاس هاستينغز الشابة الأكثر هدوءاً و خجلاً من بين الفريق دون أن تعى ليزا ذلك, حصل منها على المعلومات التى يريدها, و فى الوقت نفسه أشعرها بأنها فتاة مميزة و هذا برهان على خطورة هذا الرجل.


زهرة منسية 30-07-14 02:04 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"صباح الخير, يا كاهنة." قطعت مارغو على اندريا أفكارها, بصوت أجش, إنها تريد إحقاق الحق, مزقتها نظرة الأتهام التى ألقتها عليها المرأة المسنة, و حضرت اندريا نفسها للهجوم.
"سيدة سلون, كيف حالك هذا الصباح؟"
"أردت التحدث مع القيس ياتس حول عدم المسؤولية التى أظهرها بتعيين مجرم سابق لتدريب الأولاد, و لكن بعد أن رأيت ما حدث الآن, كان يجب أن أدرك أنه لم يتوصل لهذا القرار غير الحكيم بمفرده."
شعرت اندريا برغبة قوية كى تقول لـ مارغو الحقيقة.....ليس فقط أنها لم تحث بول على ذلك, بل أنها أيضاً عرضت علاقتها مع راعى الأبرشية للخطر بسبب معارضتها لتعييم لوكاس هاستينغز. و لكنها حكمت عقلها و عدلت عن ذلك, لم تستطيع الأخرى قط, تقبل اندريا كأحد أعضاء الأبرشية, و جعلت من نشر أقل خطأ ترتكبه على كل الأعضاء الآخرين مهمة شخصية.
"إذا كان هذا الأمر يقلقك." اجابت اندريا بحدة: "فأرجو أن ترفعى هذا الأمر إلى مجلس الكنيسة, أتصلى بهال نيف, إذا أردت أن تدعى إلى أجتماع.....فهو رئيس المجلس الحالى."
توقفت عن الكلام عندما لاحظت بول يتجه إلى مقدمة القاعة.
"أرجو المعذرة. أنهم على وشك البدء بمراسم الصلاة."
هرعت اندريا إلى داخل القاعة من دون أن تنتظر جواباً, و اتخذت مكانها وراء أفراد الجوقة الذين اصطفوا فى الممر الرئيسى و ساروا على وقع الأنغام المتصاعدة من الأرغن.
ركزت اندريا نظرها بتصميم على زجاج النافذة الملون فى كل خطوة من خطواتها, و لكنها لم تستطيع أن تنسى وجود لوكاس هاستينغز بين المصلين و هذا الأمر سيطر على تفكيرها. بدا كل شئ غير حقيقى حتى وصلت إلى المذبح و استدارت على نفسها.
المراسم الدينية تأخذ من الوقت ساعة و ربعاً, و كانت اندريا عادة تستغل هذا الوقت فى العبادة و الصلاة إلى أقصى الحدود. و لكن تضارب عواطفها هذا الصباح شغلها عن ذلك.
عاجزة عن القيام بأى شئ آخر, وجدت اندريا نفسها تحدق مرة بعد أخرى إلى الرجل الذى يجلس فى الوسط, الرجل ذى الوجه الوسيم الذى يرتدى بدلة داكنة انيقةو بدا مميزاً عن بقية المصليين, بعد إنتهاء المحاكمة مباشرة وجدت اندريا نفسها تحلم بـ لوكاس هاستينغز و تخيلت أنها تعرفت إليه فى ظروف مختلفة. حدث ذلك قبل أن تكتشف الجانب المظلم من طبيعته. أصابها الخجل من نفسها مرة أخرى, و قد تذكرت كيف اقتربت و عانقته كى تحميه من الحارس, و كيف استغل لوكاس هذا الوضع و أضاع صوابها.
غرقت فى حيرتها إلى درجة أنها لم تسمع عظة بول الملهمة. أنبت اندريا نفسها عندما أدركت كم شرد عقلها و جاهدت كى تركز على ما يقول.
استنتجت مما سمعته أن ما من أحد من المصلين أتى و هو يحمل ضغينة فى قلبه تجاه الآخرين, إلا و غيرته كلمات بول و حثته على النظر إلى أخطائه و التوبة.
لا ريب فى أن مسألة لوكاس هاستينغز و جدارته فى الاندماج فى المجتمع, كانتا السبب فى اختيار بول لموضوع العظة. لم تستطيع اندريا إلا الأعجاب برئيسها, الذى تحدى جميع أعضاء الكنيسة, بمن فيهم مارغو سلون المتعجرفة, و كفل بشجاعة مجرم معروف.

منتديات ليلاس
و لكنها لم يعترف بجروه. همس صوت من داخلها, و فى آن تلاقت نظرتها مع نظرة لوكاس عبر القاعة. تراجعت أفكارها لوهلة إلى قاعة المحكمة, و إلى حين ظهر فى عينيه الألم العميق و الحيرة قبل أن يكبلوه بالحديد و يأخذوه.
تضخمت فى عقلها مسألة براءته أم عدمها, أكثر من ذى قبل, برغم أن القضية انتهت, فقد قضى مدة عقوبنه و يستعد الآن لاستئناف مكانه الطبيعى فى المجتمع.
لماذا؟ ما الفرق؟ هل هو من سبب وجيه فى أن يصبح شأن لوكاس هاستينغز مدعاة لاهتمامها الآن؟
خافت من استنتاج الجواب, و تسللت عبر الباب الجانبى عند انتهاء مراسم الصلاة, ذهبت مباشرة إلى مكتبها. زارها فيض من المصلين فى المكتب يسألون عن العبادة و التبريك و الزواج, مما أشغلها كثيراً و أبعد تفكيرها عما سيحدث فى المساء على الأقل, حتى صعدت إلى سيارتها و إنطلقت بها إلى منتديات ليلاس البيت.
عندئذ فكرت بما يحتمل أن يحدث إذا سمحت لـ لوكاس بدخول شقتها, هالها ذلك, و من دون وعى تخطت أشارة المرور الحمراء و كادت أن تصطدم بسيارة قادمة من الاتجاه الآخر, غضب سائق السيارة الأخرى, و كان على حق. أطلق بوقه لثوان طويلة فيما أكملت اندريا سيرها و هى ترتجف.
لم تعرف ما إذا كان سبب ردة فعلها هذه هو الذى أوشكها على الاصطدام أم دخول لوكاس هاستينغز إلى حياتها....فى اللحظة التى بدأت فيها تفكر برمى المسألة برمتها خلف ظهرها.


نهاية الفصل السادس

قراءة ممتعة

زهرة منسية 30-07-14 02:06 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الفصل الرابع

تفحصت اندريا الأشخاص التسعة المتحلقين فى غرفة الجلوس. حتى اللحظة لم تحضر بربارة و أمها. ولا حضر لوكاس هاستينغز.
منتديات ليلاس
كانت تعرف كم يتمتع بمضايقتها. و افترضت أنه ربما هدد بالقدوم إلى منزلها من دون أن تكون عمده النية للقيام بذلك.
حاصرتها فكرته عن الانتقام, بطرق لم تعهدها أو تتخيلها من قبل, و باستطاعة رجل مثله, يمضى فترة فى السجن القيام بأى عمل تقريباً, و لهذا ترفض بمرارة تقبل تدخله فى حياتها, و من السخرية, أن اللوم يقع عليها. لقد ورطت نفسها فى هذا الوضع. كان غضبها يتفاقم طوال فترة بعد الظهر, و هى تفكر فى الورطة التى تنتظرها عند المساء, كان جسمها ينضح بالعرق كلما سمعت رنة جرس الباب.
نظرت إلى ساعتها ثانية. "الساعة تشير إلى السابعة و عشر دقائق." قالت للمجموعة: "سنبدأ بعض شريط الفيديو, برغم أنى أتوقع وصول آخرين, كى يبقى عندنا وقت كافى للنقاش فى ما بعد, الشريط يدعى تقبل الأزمات. لقد حصلت عليه من أستاذ علم نفس فى كلية لاهوت أوكلند. لم أشاهد فيلماً أفضل منه فى معالجة هذا الموضوع. يجب أن يشاهده جميع أفراد الرعية."
وافق الجميع على عدم الانتظار أكثر, و تجاوبوا معها بحماس.


منتديات ليلاســــــــــــ

زهرة منسية 30-07-14 02:08 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"دعينى أساعدك." عرض عليها تيد ستيفنز مبتسماً, و بسرعة أطفأ الأنوار فيما أدارت اندريا جهاز الفيديو, كان أحد الرجلين اللذين قالت عنهما دوريس, إنهما أبديا اهتماماً بـ اندريا. و لم يكن هذا أول اجتماع يحضره. وصوله المبكر و تحمسه لمساعدتها فى صف الكراسى التى استعارتها من الكنيسة, أكدا لـ اندريا صحة ظنون دوريس.
انتقل بعد حصوله على الطلاق من زوجته التى هجرته, للاقامة فى جوار الأبرشية. و تفرغ هذا الصيدلى ذو الشعر الأشقر لتربية طفليه. كانت اندريا تشعر بتعاطف شديد معه. فى ماعدا مارك, كان ألطف شخص قابلته فى حياتها. أى علاقة معه, غير علاقة الكاهن بالرعية, كانت غير ممكنة, ليس فقط بسبب قانون الأبرشية الذى يتعلق بإقامة علاقات بين الرعية و الكهنة و لكن لأنها لم تشعر بأى انجذاب نحوه, لم يوقد النار فيها.
ما كادت تجلس على الأريكة حتى رن جرس الباب, نهضت بتوتر و اتجهت نحو الباب, و لكن تيد كان أسرع منها إليه.
أوشكت اندريا على الصراخ بشكل هيستيرى, عندما رأت أن القادم هو مايبل, التى هرعت و استولت على مقعدها. اتكأت إلى أقرب حائط كى لا تنهار.
لم تأت مايبل قط إلى أجتماع مساء الأحد. مما يعنى أن مارغو سلون قد نشرت الأقاويل فى ظلام الليل عبر الهاتف.
غطت اندريا وجهها براحتى يديها, متساءلة عن كيفية معالجة هذا الوضع الذى يزداد تعقيداً.
برغم أن الفيلم الوثائقى يوفر حلاً لمعظم المعضلات, لكنه لم يشر إلى التعامل مع رجل يسبر غوره مثل لوكاس هاستينغز.
أخذت اندريا بالتفكير جدياً بإلغاء الأجتماع و بالطلب من الجميع الذهاب إلى منازلهم, ثم باللحاق بهم إلى الخارج و الإنطلاق بسيارتها إلى منزل دوريس لقضاء الليل هناك.
"جرس الهاتف يدق." تكلم عدة أشخاص دفعة واحدة, شعرت بالاحراج لاستغراقها فى أفكارها المضطربة, تمتمت شاكرة, و اسرعت إلى المطبخ لترد على الهاتف, لقد طلبت تركيب الجهاز فى المطبخ لأن ميزانيتها لا تسمح لها إلا بتركيب جهاز واحد, و كى تستطيع أخذ المكالمات و تدوين الملاحظات خلال تناولها الافطار.
ترددت فى التقاط السماعة, خشية أن تسمع صوت لوكاس هاستينغز على الطرف الآخر و لكن المتكلم كان بربارا التى قالت إن أمها متعبة و لا تستطيع حضور الاجتماع. أكدت اندريا لها تفهمها و أخبرتها بأنها ستزورها خلال الأسبوع و شكرتها على المخابرة.
وضعها الخلاص الموقت فى حالة اطمئنان و ثقة فدفعت الباب الموصل بين غرفة الجلوس و المطبخ, واثقة من نفسها لأن الاجتماع على وشك النهاية, و لا يبدو أن لكاس هاستينغز سيحضر بعد كل هذا القلق. و لكنها كانت مخطئة, أمسكت بخصرها من لا مكان يدان قويتان أوقفتاها عن التقدم,
"أعتذرى لتأخرى." متعمداً أم لا, شعرت بلثمة على خدها, "لقد دخلت فيما كنت تتكلمين على الهاتف."
استدارت عدة وجوه بما فيهم وجه مايبل و تيد نحوهما, ابتلعت اندريا لعابها بصعوبة, غير مصدقة, أنه يوجد رجل بهذه الوقاحة. مع ذلك, شعرت بارتياح لقربه منها و كرهت ذلك الحماس الذى يثار عند أقل اتصال.
"لم تأسف على شئ طوال حياتك!" تمتمت غاضبة, منه و من نفسها, غير مبالية بظنون الآخرين, قفزت مبتعدة عنه و أدهشها أنه تركها من دون مقاومة.
برغم شغور عدة مقاعد بين أفراد المجموعة المتحلقين حول جهاز التلفاز أختار لوكاس المقعد الذى بجانب تيد, و الذى كان تيد ريد من اندريا أن تجلس عليه.
أكد عبوس تيد ظنونها, لاحظت اندريا من ألتواء فم لوكاس المتعجرف, أنه واع لما يجرى. اتكأت اندريا مرة أخرى على الحائط و هذه المرة بسبب الغضب. أدركت أن لدى لوكاس هاستينغز قانونه الخاص, و لا شئ يقف فى طريق حصوله على منتديات ليلاس شئ يريده.
منتديات ليلاس
استاءت ثانية من نفسها, لعدم قدرتها على سبر غور حقيقة شخصيته. ما الذى جعلها تتصدى لحمايته من حارس السجن؟ كيف استطاعت القيام بعمل متهور كهذا؟
حالما انتهى شريط الفيديو وقف تيد و أضاء النور و لكن ابتسامته تلاشت, لم تفت عليه و لا على الآخرين, ما بدا أنه علاقة حميمة مع لوكاس هاستينغز. سيصلون, من جراء فضولهم الطبيعى, إلى استنتاجات خاطئة, و ينشرون الشائعات فى كل الجوار بغضون أيام.
تمنت اندريا بشدة لو أنها تختفى فجأة من الغرفة, أومأت إلى دينا مايلز كى تتبعها إلى المطبخ فى محاولة لايجاد مخرج من ورطتها, أذعنت الأم المطلقة, التى أصيب ابنها من الشلل جراء حادثة على دراجته, منذ سنوات, إلى طلبها و لحقتها إلى المطبخ.
قطعتا كعكة الشوكولا إلى قطع مربعة و طلبت من دينا تقديمها للزائرين. عندما لم تجد اندريا مبرر آخر لبقائها فى المطبخ عادت إلى غرفة الجلوس, تحمل معها كؤوس الماء المثلج, و وضعتها على الطاولة أمامهم, كى يشربوا حاجتهم, بعد أن تناولت واحداً و جلست على أبعد مقعد شاغر من لوكاس هاستينغز, و انضمت إلى الأحاديث الجارية بينهم من دون أن تكترث لوجوده.
خاطبتها ميلانى هول الناطقة باسم المجموعة, حالما جلست على المقعد: "كنا بانتظارك, أيتها الأخت’ يبدو أن لوك من النوع الخجول, و يرغب فى أن تقديمه للآخرين لأنه يعتبرك الشخص الذى هداه إلى الطريق القويم."
"أخشى أن تكون الآخت خائفة من جرح شعورى." قطعت كلماته الصمت الذى خيم للحظاتنسيت التحفظ و رفعت نظرها إليه, إلا أنه أشاح وجهه عنها و لم تستطيع رؤية تعابير وجهه: "فى الحقيقة لقد سُجنت فى معسكر رد بولف الفيدرالى بجرم التزوير و الاحتيال."
استحوذ بهذا التصريح على اهتمام الجميع بمن فيهم اندريا. انتظرت و هى تتوقع أن يردف و يقول للآخرين إنه لم يكن مذنباً و لكن ذلك لم يحدث.
جزء منها احترمه اامجتهرة بالحقيقة المؤلمة من دون أن يحاول تبرير نفسه. و جزء آخر أنكمش على حاله مثلما ينكمش برعم زهرة منسية عندما تغيب الشمس. ربما كان لوكاس هاستينغز, أخيراً يعترف بالحقيقة....بإنه خرج عن القانون.
"لكنك دفعت ثمن غلطتك و اصبحت من الماضى." قال ارنولد ليّمس, الذى اضطر إلى إعلان إفلاسه منذ سنوات, و من ثم, وجد عملاً و بدأ يدفع ديونه ببطء و مشقة.

منتديات ليلاســــــــــ

زهرة منسية 30-07-14 02:09 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
استوى لوكاس هاستينغز على مقعده, و أرخى يديه المشبوكتين بين ركبتيه: "لن أستطيع أبداص, نسيان هذه التجربة, و لكن أجل, لقد أمضيت مدة عقوبتى, و أريد الآن الاستمرار فى حياتى.
بدا أنه يتكلم بجدية و وجدت اندريا نفسها تنصت باهتمام إلى الصوت الغنى الرخيمو كأن وجودها يعتمد على ذلك. "اتذكر منذ أيام الطفولة مزموراً جاء فيه, عندما كنت فى السجن جئت و هديتنى." هز عدد من الحضور رؤوسهم. "ووقد نسيت ذلك حتى قامت الأخت مايرز بزيارة سجن رد بلوف." مفتونة برغم إرادتها, حدقت اندريا إليه غير مصدقة, و للحظة, خيل إليها أنهما الشخصان الوحيدان فى الغرفة.
"استاذنت حينذاك, من الحارس كى أقابلها على انفراد بعد أن انتهت من القداس, و لكنى غفدت السيطرة على أعصابى و قلت أشياء لا تغتفر. فى الحقيقة أوصلنى هذا التصرف إلى حافة التورط جدياً بمتاعب يمكن أن تؤدى إلى نقلى إلى سجن آخر باحتياطات أمنية شديدة, و لكن الأخت سارعت إلى نجدتى."
تلاقت نظرتهما. "لن أنسى أبداً منتديات ليلاس, أنها هدهدتنى فى ساعة حالكة."
سرت الحرارة مرتفعة فى جسم اندريا و هى تتذكر الطابع الشخصى الحميم لهذه الهدهدة.
"هل يدهشكم أن تعرفوا, أن لا أحد فى حياتى كان بهذه الشجاعة أو قام بعمل مماثل, لا أنانى نحوى؟"
ترقرقت الدموع من عينى و ادركت أن الصمت الذى ران على المكان أن الجميع قد تأثروا بكلامه, بدا كلامه مقنعاً بإخلاص, و لم تدر أندريا ما تصدق.
"لا يدهشنى ذلك." تمتم أرنولد بصوت مخنوق. "أبداً, لأن أندى عندها قلب من ذهب."
تنهدت ميلانى متأثرة, و بدا أنها تعكس مشاعر جميع الحضور. ربما, ما عدا مايبل التى تبدو دائماً جامدة التعابير, مما يجعل من الصعب معرفة ما الذى تفكر به. "كلنا نعرف يا لوك, ماضيك, ما هى خططك للمستقبل؟"
كرهت اندريا أن تعترف لأى كان, حت لنفسها, بأن ما تريده بالفعل, هو جواب هذا السؤال بالتحديد.... و أجوبة عديدة أخرى لاحقاً.
"كثيرون من الناس لا يعرفون أن بعد إدانة شخص بأى جرم, تحرم لجنة تبادل الأسهم عليه العمل فى هذا المجال لمدة خمس سنوات."
"هل خذا يعنى أنك عاطل عن العمل الآن؟" سألت دينا يتلهف.
"نعم, هذا صحيح."
جلست مايبل منتصبة على مقعدها. "أعتقد أنه من الصعب العصور على عمل عندما يعرف الناس أنك أمضيت وقتاً فى السجن."
استاءت اندريا من قلة ذوق مايبل, و عدم إحساسها بألام إنسان آخر.
نظر لوك إلى المرأة النتوسطة العمر بمكر. "أعرف الجواب على ذلك فى الوقت الحاضر, هنالك احتمالات عدة و أنا أدرسها الآن."
"أعلن متجر البقالة فى حينا عن حاجته إلى أمين صندوق."
قاطعت رادى أورمسباى, المصابة بمرض لوغاهريك. "أدرك أن هذا العمل بعيد جداً عن مستواك و لكنه بداية, إذا كنت مهتماً, فسوف أتكلم مع مالك المتجر و أوصى بك." أثار اقتراحها نقاشاً بين الحاضرين, بمن فيهم تيد الذى اقترح مكاناً قد يتوافر فيه العمل...ما لم يعرفه احد, فكرت اندريا فى سرها, إذا وجد عملاً أم لا, إن لوكاس هاستينغز عنده مصادر مالية تكفيه.
"أنا شاكر لكم هذه الاقتراحات." قال متحبباً, و نظرته الحادة تحيط جميع الموجودين فى الغرفة. "إذا لم أوفق فى ما خططت له فسوف آخذ هذه الاقتراحات بعين الاعتبار."
منتديات ليلاس

"لقد ساعدت الأخت مايرز عدة أشخاص فى أبرشيتنا فى الحصول على عمل." و اضاف أرنولد. "هى من دبر لىّ العمل الذى أشغله الآن, و أوصت بىّ."
رفع لوك رأسه و نظر إلى اندريا, لم تدهش من ردة فعلهم الدافئة نحوه بعد أن سحرهم بكلامه. "هى و الأسقف يانس عملا الخير بما فيه الكفاية, ربما بعضكم لا يعرف, أنى قد عُينت مدرباً لفريق الكرة الطائرة."
حدقت مايبل فيه و كأنه عدو: "هل عندك المؤهلات الكافية لهذا العمل؟"
"بالاضافة لاشتراكى, يومياً بالمباريات التى تجرى فى السجن, كنت عضواً فى فريقى كرة الطائرة و البيسبول خلال سنوات دراستى فى جامعة برينستون."
انكمشت مايبل على نفسها من جراء إجابته المذهلة, قفزت اندريا من مكانها و أخذت تلملم الصحون و الكؤوس الفارغة لتأخذها إلى المطبخ, كانت بحاجة كى تختلى بنفسها عدة دقائق كى تتمالك أفكارها الشاردة. أدركت أنه حتى هذا المساء لم تعرف إلا القليل عن شخصية لوكاس هاستينغز الحقيقية....و لكنها استطاعت الآن أن تسبر قليلاً من عمقها, و ما وجدته كان ساحراً برغم مكابرتها.
لحق تيد بها إلى المطبخ. "الآخرون يستعدون للذهاب, و لكنى أرغب فى البقاء كى أساعدك فى إعادة كل شئ إلى مكانه, هل تمانعين بذلك؟"
كانت تتوقع شيئاً من هذا القبيل, كانت على وشك أن تخبر تيد بأن إقامة علاقة شخصية معها, هو أمر بعيد الاحتمال, عندما شاهدت لوك, على بعد خطوتين خلف تيد, يحمل الكؤوس و الفوط.
"فى الحقيقة أنا على موعد مع الآسقف الآن." قال لوك و هو يبتسم بلطف: "استطعت الحصول على المقابلة فى الصباح....دوريس تدبرت الأمر."
صدمت اندريا لوقاحته.بالتأكيد, لا يمكن لهذا الرجل أن يكون الشخص نفسه الذى كاد منذ دقائق أن يقنعها برقته و هشاشته. قطب تيد وجهه بحزم, "ربما, فى وقت آخر." تمتم و خرج من المطبخ. هرعت متجاوزة لوك و متجاهلة ابتسامته المشرقة, للحاق كى تعتذر لـ تيد. ما أن دخلت غرفة الجلوس حتى تحلق حولها الجميع شاكرين لها استقبالهم, و فى الوقت الذى انتهت فيه من توديع الجميع, لم تر أثراً لـ تيد.
"وحدك أخيراً," تمتم من خلفها. "اعتقدت أنهم لن يذهبوا أبداً."
استدارت اندريا على نفسها و قد اجتاحها الرعب. أخذت ترتب الأثاث بحركات متوترة, إنه قريب منها جداً, لا تستطيع التكهن بما يدور بخلده. بدا أن السجن لم يؤثر البتة فى قواه أو مستواه. أسوأ ما فى الأمر, أن وجوده, الفعلى كان يؤثر فى أحاسيسها إلى درجة مزعجة, و كادت أن تنسى من هو و ماذا فعل.

منتديات ليلاســـــــ

زهرة منسية 30-07-14 02:11 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"هذه العبارة غير لطيفة. إذا آخذت بعين الأعتبار كيف استحوذت على عواطفهم منذ قليل ببضع كلمات مختارة بعناية."
"الحقيقة لا تتطلب, عادة أكثر من ذلك." تكلم بواقعية, أصابتها بالحيرة ثانية. "ولكن قبل أن تنطقى بأى كلمة أريد أن أوضح أمراً لك. لقد وجدت أن أفراد هذه المجموعة أشخاص شرفاء, محترمون و محبون و أنا أتطلع إلى معرف كل واحد منهم أكثر. و لكن ليس الليلة."
التقطت اندريا بأصابع متشنجة أحد الكراسى, طوته و وضعته فى حجرة الحاجيات. أسرع لوك, متوقعاً ما ستفعله و فتح لها باب الحجرة, و لكنها حالما وضعت الكرسى داخلها, أدركت خطأها لأن لوك وقف أمام الباب ساداً عليها الطريق: "هل عندك أى فكرة كم انتظرت هذه اللحظة؟"
غاب الهزل عن صوته. تسارعت نبضات قلبها لأنها كانت تدرك تماماً مغزى كلامه. لقد كانت تفكر هى أيضاً بمعانقته ثانية.....منذ هذه اللحظة التى رأته فيها لأسبوع خلا.
"أنا.....أشعر بالرضى لأنك أهديت للإيمان خلال فترة سجنك يا سيد هاستينغز."
أثارت ابتسامته الشيطانية أعاصبها. لقد حوصرت فى منزلها من قبل رجل ما كاد يخرج من السجن. رجل أستطاع أن يبتز منها تجاوباً. مما غير نظرتها إلى نفسها. جعلها تدرك أنوثتها و احتياجاتها كامرأة. جعلها ترغب بأمور غابت عن بالها زمناً, و أحاسيس اعتقدت أنها غير ضرورية. و بطريقة ما بحاسته السادسة القوية عرف أنها.....
"فى آخر مرة كنا فيها معاً وحدنا, سمعتك تقولين لىّ بوضوح, لوكـ عزيزى."
احست بالاختناق: "أنت تعرف تماماً لمماذا فعلت ذلك."
"أعترفى بأن إنقاذى لم يكن السبب الوحيد لما قمت به."
"لن اعترف بأمر كهذا."
"لماذا؟ هل تخشين أن تعترفى بأنك معجبة بىّ كما أنا معجب بك؟ هل هذا بسبب عملك فى الكنيسة..... أم بسبب ماضٍ؟ أو ربما للسببين معاً؟"
تراجعت إلى داخل الحجرة.
منتديات ليلاس
"لماذا لم تأتى لزيارة السجن ثانية؟ هل كنت تخشين أن يتكرر الوضع نفسه؟"
صرت على أسنانها و قالت: "إقامة الصلاة فى السجن من إختصاص بول."
"هذا ما يجب أن يكون. سجن الرجال ليس بالمكان المناسب لامرأة مثلك. برغم رغبتى القوية برؤيتك ثانية, أملت بالقوة نفسها فى أننى أخفتك بما يكفى لتتخلى عن فكرة العودة إلى السجن."
"أن تحاول فى هذه اللحظة أن تذرع الخوف فى قلبى من غير أن تلمسنى."
ضاقت عيناه و هو يحدق إليها: "ألمسك, كان ذلك غلطة كبيرة."
وضعت يديها فى جيبى سترتها بتوتر: "لا أرى أى جدوى من هذا الحديث."
"لا أوافقك الرأى." همس: "لقد راقبتك خلال المحاكمة و أنت راقبتينى, برغم أنك تهزين رأسك بالنفى. و يوم بعد يوم ازدادت معرفتنا ببعضنا البعض قليلاً."
"هذا غير منطقى."
لم يتوقف عن الكلام. "أدركت من البداية, أنهم قد أوقعوا بىّ و احتمال خسارتى للقضية كان وارداً و لهذا وجدت نفسى أحلم بك, أن ألمسك أن اعانقك. و لكن لا شئ حضرنى لما حدث, عندما ظهر ملاكى ذو الشعر الأسود. بطريقة سحرية فى السجن و رحب بىّ بعناق, قد يدفع أى رجل عمره فى سبيله."
حاولت اندريا العثور على كلام مناسب. هل يستطيع قراءة أفكارها؟ لقد وصف لتوه مشاعرها بالذات و ردة فعلها و لكنها لم تجرؤ على الإقرار بذلك. "أعتقد أن السجن قد غير من نظرتك للأمور و راحت بك الأوهام." قالت خلاف ما تفكر.
"بخلاف ذلط, فتصرفك أوضح لىّ أمور عدة."
"إذا كنت تصر على الحديث فى هذا الموضوع, هل تمانع فى متابعته فى غرفة الجلوس بدلاً من هذه الحجرة؟ أنا أعانى من خوف الأماكن المغلقة."
"لو كان ذلك صحيحاً لما دخلت السجن حيث الأبواب تقفل وراءك خلف كل منعطف."
إن عقله يعمل بأسرع مما ظنت. "ما الذى تريده يا سيد هاستينغز؟"
"لوكـ, من فضلك, و أنت تعرفين تماماً ما أريد."
"لا ريب, أن هناك امرأة فى حياتك...."
التوى فمه. "كان هناك عدة نساء, و لكن لم تترك أى واحدة منهن أثراً فى حياتى, ومن المؤكد, أن لا واحدة منهن فعلت ما فعلت."
فكرت بأن تعليقه يمكن أن يُأخذ على محمل عدة أمور, و لكنها لم تبال بتفحص أى منها. "من هى المرأة التى أصابتها اللوعة خلال المحاكمة؟" سألت قبل أن تعى ما تقول.
تصبت تعابير وجهه: "إنها زوجة صديق عزيز, قُتل فى حادث طائرة منذ سنوات. مشاعرى نحوها لا تتعدى مشاعر الصداقة البحتة. لا شئ شبيه بمشاعرى نحوك."
ابتلعت اندريا لعابها بصعوبة: "أخشى أن أكون أظهرت نفسى كالبلهاء و تدخلت فى خصوصياتك."
"أنت تعنين جحيمى الخاص, أنت تحيريننى يا أخت. لقد صوتِ إلى جانب إدانتى فى المحكمة, ثم جئت لإنقاذى فى السجن."
حدقت إلى أرض الغرفة كى تتجنب النظر إليه: "لو إساء إليك الحارس ذلك اليوم لشعرت أننى تسببت بذلك بطريقة غير مباشرة, و لم أرغب بحدوث ذلك أ....أنت عانيت بما فيه الكفاية."
"أخبرينى عن أمر." قال برقة: "هل كنت المحلف الذى آخر المداولات؟ أخذتم ووقتاً طويلاً مما أنعش الأمل فى قلبى."
"هذه المعلومات سرية." قالت متهربة.
التمعت عيناه بالحنان: "أنه أنتِ, كنت أعرف ذلك."
أدركت اندريا عدم جدوى الإنكار: "كنت أشعر بأن الاثباتات ضدك كانت أكثر من اللزوك, وتحمل وجهة نظر واحدة, لم أستطيع تخيل رجل بذكائك و معرفتك فى سوق الأسهم يترك سلسلة من الآثار, يمكن لطفل أن يتعقبها. و لكن فى النهاية قضى البرهان المفحم على اختياراتى و لم أجد مناصاً من ضم صوتى إلى أصواتهم فى إدانتك."
خيم الصمت للحظات: "أشكر لك هذه الصراحة."
تورد وجهها و شعرت بالحرارة: "على أى شئ؟ أثار تصرفك فى السجن ظنونى فيما يتعلق ببرائتك. و كلما ابقيتنى فى هذه الحجرة كلما إقتنعت أكثر بصحة قرار المحلفين."


منتديات ليلاســـــــ



زهرة منسية 30-07-14 02:12 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
أثارتها ضحكته الخافتة و جعلتها تشعر بقوة جاذبيته.
"إذا كان ذلك ما تشعرين به, هل تختلف الأمور, إذا, عندما أحصل على ما أريد؟ لن يضيف ذلك أكثر من نقطة على سجلى الأسود."
"ابتعد عنى يا سيد هاستينغز." كان مخيفاً أن تشعر بردة فعل كهذه مع رجل, و تشعر أنها تفقد السيطرة على نفسها عندما تكون بالقرب منه. لقد خشيت أن يجعلها تفعل ما يريد تلقائياً.
"أطلبى أى شئ منى إلا هذا."
"يا سيد هاستينغز لا تنس أننى كاهنة فى أبرشية!"
"أنت امرأة أولاً و تعملين كاهنة و فى هذه اللحظة لا ترتدين ثياب الكهنوت, عدم ارتدائك هذه الملابس برغم إنذارى لك بالمجئ يجعلنى أتساءل فى ما إذا كنت متشوقة لرؤيتى بمقدار شوقى إليك."
أيمكن أن يكون على حق؟ هل منعها عقلها الباطن من فعل ذلك؟ قطعت هذه الأفكار فجأة و قررت أن تغير أسلوبها معه.
"إذا أعطيتك ما تريد الآن هل تذهب و تعد أنك ستبتعد عنى من الآن و صاعداً؟"
"كيف يمكننى أن أعدك بذلك و فى الوقت نفسه أعرف أننا سنرى بعضنا البعض غداً, و بعد ظهر كل يوم للتدريب على مباريات كرة الطائرة؟"
"أستطيع أن أعفيك من مهامك كمدرب, بمخابرة هاتفية واحدة لـ بول."
"تأكدت بأنك إذا فعلت ذلك’ سيصاب الأولاد بخيبة أمل, كما يخسرون فرصتهم فى ربح الدورة, برغم ذلك لن تتخلصى منى, لأنى قررت أن أصبح عضواً كاملاً فى الأبرشية, سوف نرى بعضنا بعضاً خلال بروفات الجوقة, و الدرسات الروحية و قداس يوم الأحد, التعداد لا ينتهى."
اعترت أندريا الحيرة تماماً: "لماذا؟ أنت لست مؤمناً؟"
"أنا مؤمن بك. و أن أحببت ذلك أم لا, بيدك خلاصى منذ لحظة لقلئنا الأول."
"خلاصك؟" "أوضحت لك سابقاً, أن زسارتك لسجن رد بلوف جاءت فى أحلك ساعة فى حياتى, و هذا أمر, من المستبعد أنا أنساه."
كان صوته هادئاً.....و تضاعف خوف اندريا....ليس منه بل من ردة فعلها المتجاوبة.
"إذا لمستنى سوف أزعق, وسوف تسمعنى مايبل التى تقيم بالأسفل و هى بدورها ستتصل بالشرطة" قالت مهددة: "ســـ سوف تعود إلى السجن قبل أن تمضى هذه الليلة."
"سأجازف بذلك."
عندما بدأ بالاقتراب منها, تراجعت أندريا إلى مؤخرة الحجرة بين الثياب المعلقة هناك. "توقف عن ذلك فى الحال, يا لوك." تقطع تنفسها و أصبح صوتها أجش مخنوقاً. "لسنا صصغاراً, بحق السماء."
"هـــم." تمتم و هو يقترب أكثر حتى أحاطها بذراعيه. "أجل, لسنا صغاراً, و هذا ما يجعل الأمر مريحاً, سوف أعانقك يا اندريا مايرز و أنت ستعانقيننى لأنك ترغبين بذلك."
"سوف تندم على....." لم تستطيع أن تنهى جملتها. لأنه عانقها, و هذه المرة من دون رقيب يطلب من لوكاس العودة إلى زنزانته, و لا يوجد أى عائق يمنعه من الاحاطة بصوابها. وجدت نفسها تتجاوب معه.
"لقد بدأت أؤمن بأن صلواتى استجيبت." همس فى أذنها .
حاولت التملص منه قبل أن تفرقها عواطفها المنغلقة.
منتديات ليلاس
"انا غير مستعد لتركك بعد." أطلف تنهيدة و لكنها أستطاعت تخليص نفسها و هربت إلى غرفة الجلوس.
قالت و ظهرها له بصوت ثابت حازم: "بما أنك رويت نزوتك, أرجوك أن تذهب و تتركنى لوحدى."
"إذا ظننت أن ذلك يرضينى, فأنت لا تعرفين الكثير عن الرجال."
"و أنت لا تعرف الكثير عن النساء." استدارت لمواجهته و قبضت يداها بشدة: "محاولتك التقرب من أول امرأة تقاربها بعد سجن ستة شهور من الحرمان ليس....." انخرطت بالبكاء من جراء ابتسامته الوقحة.
"أوافقك على أن الأمر خرج قليلاً عن المألوف فى الحجرة و لكن لنكن صريحين يا أندريا, ما حدث لم يتجاوز عناقنا لبعضنا البعض. و لم أكن فى الحقيقة أخبرك على هذا...... أليس كذلك؟ لقد تجاوبت معى."
اقترب منها و اعانقها ثانيةو كأن من حقه أن يلمسها عندما يريد و أينما يريد. "عندما أقرر التقرب من امرأى سأخبرك كل التفاصيل. لأنك ستكونين أنت هذه المرأة."
"ستجلب لك هذه الأوهام متاعب جدية" هددته ببرودة جليدى.
"أنا الآن فى المتاعب, و أنت السبب." خفت صوته بشكل خطير.
"تذكرى فقط أنت التى تجرأت على دخول معقل الشيطان. هذا ذنبك, أيتها الأخت أنت محروسة مثلى تماماً, و لهذا لن أقول لك ليلة سعيدة, لأنك لن تنامى هنيئاً....ولا أنا أيضاً."


نهاية الفصل الرابع قراءة ممتعة للجميع

زهرة منسية 31-07-14 12:43 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفــــصــل الــخــامـــس

منتديات ليلاس


غادرت اندريا مكتبها بعد ظهر يوم الجمعة التالى, و هى تتأبط بسرور رزمة.
لحقتها دوريس بعد أن أنتهى دوامها أيضاً. "هل أنت ذاهبة إلى المستشفى ثانية؟ هذا يرفع عدد زياراتك الليلية إلى خمس هذا الأسبوع!"
"أنجبت مارى دريسكولى طفلة هذا الصباح, إذا لم أذهب الآن, فلن يكون عندى متسع من الوقت غداً بسبب اجتماع لجنة الشبيية."
"دعى بول يتولى أمر الشبيية, أنت بحاجة إلى يوم راحة!" الحت دوريس عليها.
"لا أستطيع أن أفعل ذلك فى الوقت الحاضر." فى الحقيقة اندريا لا تريد أن تخلو بنفسها فى حالة قرر لوكاس أن يأتى ثانية إلى منزلها فى الوقت الذى يظن أنها موجودة, أقسمت, بعد حادثة ليلة الأحد أن لا تتواجد معه على إنفراد. و نتيجة لذلك ضاعفت جدول عملها كى تعطى نفسها التبرير الذى تحتاجه.
لم تستطيع تفاديه تماماً لأنها كانت ضمن فريق كرة الطائرة الذى يدربه. و لكنها كانت تتوقف عن التمين عشر دقائق قبل الآخرين و تغادر كى لا يستطيع لوك احتجازها و تفادت أيضاً أى حديث شخصى معه...أو للأسوأ.


منتديات ليلاســـــــــــ

زهرة منسية 31-07-14 12:44 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
على أى حال و مع مرور الوقت زالت مخاوفها من قيامه بعمل يجرحها أمام شبيبة الأبرشية. برغم ما قال و ما فعل عندما كانا على إنفراد, كان تصرفه فى الملعب مثالياً, خبرته الرياضية كانت واضحة. الشبان أعجبوا به. و كذلك أندريا و فعلت ما بوسعها كى لا تظهر إعجابها, كان أمراً صعباً, و لكنه ليس مستحيلاً, أن تبدو غير مكترثة.
أظهر لوك أن رجل ذو مواهب متعددة, يحب التنافس بشدة, صفة أنعكست على جميع من حوله, أقنعهم بأنهم إذا تدربوا بإخلاص و اتبعوا توجيهاته و خطة اللعب, حافظوا على لياقتهم البدنية فإن فوزهم ببطولة الدورة يصبح احتمالاً وارداً.
أخذت اندريا بحلول يوم السبت تعتقد أنه لا داعى للخوف من لوك أكثر, لم يخرج عن الحدود قط, أو يعلق على ما جرى بينهما, لم يحاول أن يقابلها أو يترك لها خبراً مع دوريس.
تصرف توقعت حدوثه. لم تكن عندها فكرة كيف يقضى وقته و ماذا يفعل عندما ينتهى من تدريب الفريق, و قالت فى سرها أنها لا تريد أن تعرف.
كان ذلك كذباً على نفسها. كاد الفضول يقتلها لتعرف كل شئ عن حياته بالتفصيل. خاصة فيما يتعلق بالنساء....لا رجل بمثل جاذبيته و حيويته عانى من عزوف النساء الجميلات عنه. ذهبت بها الظنون, إلى أنه يقضى كل ليلة مع امرأى مختلفة.
لم تشك اندريا, و لو للحظة فى مغزى ما قال عن نيته بالانضمام إلى الأبرشية كعضو نشطبعد الطريقة التى ألقت بها بنفسها عليه فى السجن, فعل ما يفعله أى رجل....يستغل الظروف. و هذا ما اقترحه بول.
بدا ان حماسه هدأ قليلاً, برغم ارتيلبها بدوافعه عندما تطوع للعمل, لاحظت أن عمله كمدرب جلب له السعادة و ساعد فى ملء أوقات فراغه و هو ما يزال يحاول ربط خيوط حياته من جديد, و هكذا تستقر حياتها على ما كانت عليه فى السابق, المشكلة, أنه لم يعد بإستطاعتها تخيل عالمها من دون لوكاس هاستينغز, و بطريقة ما, إستطاع التسلل إلى أعماقها خلال المحاكمة و ما زال قابعاً هناك يحضر المزيد فى كل يوم, و يستولى على أفكارها و عواطفها, و إذا لم تنتبه لنفسها أو تحصن عواطفها بفاعلية, فمن المحتمل أن يشق طريقه إلى منتديات ليلاس قلبها أيضاً.
عندما ولجت زهرة منسية موقف السيارات التابع للكتيسة فى الصباح التالى يوم سبت قارس البرودة...افترق ريتشى, دوين, كاسى و مات عن بقية الفريق و تسلقوا الدرج و هرعوا نحو سيارة اندريا كى يركبوا معها.
كانت تحبهم جميعاً ماعدا مات الذى كانت تشعر نحوه بعاطفة خاصة, لأنه كان يعانى من العيش مع والدته المدمنة على الكحول منذ طفولته الأولى. كانت اندريا توفر له الوقت عندما يحتاج ليبث همومه, أحيانا, عندما تسوء الأمور فى بيته إلى درجة لا تطاق, كانت تدعه ينام على الأريكة فى منزلها, و أصبحا صديقين حميمين.
فتح مات باب السيارة الأمامى و تسلقها, أخذ الآخرون أماكنهم على المقعد الخلفى.
"لقد أعتقدنا بأنك غير قادمة."
تظاهرت بالعبوس فى وجه مات. "هل خيبت أملكم من قبل؟"
"لا أعرف, يجب أن أفكر بذلك."
دفعته اندريا بيدها "من الذى يقل بقية الشباب؟"
"على ما أعتقد, عائلة ميللرز, أقلت مجموعة و الأب يانس سيقل الباقين. إنه يقفل أبواب الكنيسة الآن, دعينا ننطلق و إلا تأخرنا."
غمزت بعينيها "يا شبان, لم أعتقد أنكم متحمسون للذهاب للعبة البولينج, و أتذكر أن عدداً منكم استاء خلال التدريب, البارحة."
"أوهـ, أجل." قال كاسى "عندما عرف لوك بالأمر, أقنع الأب يانس بالسماح لنا بنزهة فى الطائرة بدلاً من البولينج."
"نزهة طيران؟"
نظر مات إليها بارتياب "ألا تعرفين أنه طيار؟"
"لوكاس هاستينغز, طيار؟"
"أجل." هتف الجميع معاً, أوضح ريتشى "عنده طائرة خاصة و سيأخذ كل منا فى نزهة فوق المدينة."
"على هذا المعدل سيسبقنا الجميع إلى المطار." تمتم مات.
رفت عينا اندريا من الدهشة قبل أن تقول: "سأعود بعد دقيقة."
منتديات ليلاس
ترجلت من السيارة وسط تذمر الشباب و أسرعت نحو بول الذى كان يدفع الباقين من الفريق إلى داخل سيارته. ابتسم عندما رآها: "لا نستطيع الصلاة ليوم أفضل من هذا اليوم, يناسب الطيران, أليس كذلك؟"
اعترفت لنفسها أنه برغم الحرارة المنخفضة, فهم لا يستطيعون أن يأملوا أفضل من هذه السماء الزرقاء الصافية الخالية من الغيوم. "كلا." تمتمت و لكن أفكارها ذهبت بعيداً. "بول, لم أكن أعلم أن الترنيبات قد تغيرت."
"حاولت الاتصال بك عدة مرات, الليلة الفائتة و أيضاً هذا الصباح و لم أعثر عليك و كما تعلمين لم يتحمس الأولاد أصلاً للذهاب إلى لعبة البولينج, عندما اقترح لك النزهة على متن الطائرة سارع الأولاد إلى الاتصال بأهلهم كى يأخذوا موافقتهم, و هكذا تم وضع الترتيبات اللازمة."
"أندى." تمتم عندما توقف عن الكلام ثم استطرد: "هذا الرجل يقود الطائرات منذ كان فى السادسة عشر من عمره. لا تدعى صحيفة سوابقه تعميك عن الوقائع. هل, فعلاً تظنين أنه سيعرض حياة هؤلاء الأولاد إلى الخطر؟"
"كلا, بالطبع لا." هزت برأسها "الموضوع ليس هذا, إنما ما يدهشنى هو تطور علاقته مع شبيبتنا."
لقد نفذ تهديده لولا مهمة نقل الأولاد لتراجعت فوراً, لأنها كانت خائفة....خائفة من أن يصبح لوك ضرورة لحياتها, مع مرور الوقت عليهما معاً.
"أعتقد أن تصرفه رائع. عنده حنكة طبيعية للتعامل مع الأولاد, أستطيع أن ألاحظ مدى تعلقهم به, كنا نحتاج إلى رجل مثله منذ وقت طويل, إذا استمرت الأمور على هذا المنوال, فلن يدهشنى أن يعينه المجلس قائداً للشبيبة."
ولكنه ليس عضواً فى الأبرشية, و لم تستطع اندريا أن تتخيله قادراً على تحمل أسلوب حياة الأبرشية لوقت طويل, انتابها شعور غريب لهذه الأفكار.
لاحقتها كلمات بول طوال الطريق إلى المطار الصغير الواقع بالقرب من البوكركى, للمرة الأولى, لم تعر انتباهاً للأولاد.

منتديات ليلاســــــــ


زهرة منسية 31-07-14 12:46 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
كان لوك قد أعطى ريتشى إرشادات عن كيفية الوصول إلى المطار, و لم تجد اندريا صعوبة فى العثور عليه.
سرعان ما عرفوا عندما أنضموا للآخرين, ان لوك آخذ ليز على الطائرة. أحدهم كان قد أنهى طيرانه فى ذلك الوقت, لم يستطيع التوقف عن التبجح بأن لوك سمح له بالأمساك بعجلة القيادة لبعض الوقت.
أخذت اندريا بتعداد الأولاد, فيما كانوا ينتظرون أدوارهم على أحر من الجمر. و استاءت عندما اكتشفت عدم حضور تيسى سلون. هل منعتها مارغو من الحضور؟ و لم يكن لديها الوقت لتستكشف الأمر لأن طائرة بيتشكرافت ذات محركينو لونين أبيض و أزرق كانت تستعد للهبوط. عندما توقفت الطائرة أمام المبنى, تسمرت عينا اندريا على لوك الجالس فى القمرة. لولا شعره لما استطاعت التعرف عليه و هو يضع نظارة الشمس و غطاء الأذنين. لم يبد أى أشارة على أنه رآها أم لا بين الآخرين.
قام الأولاد واحد بعد الآخر, بنزهتهم على الطائرة. و حين جاء دور بول كان معظمهم قد قرر أن يأخذ دروس فى الطيران. لو أراد ببول الاستحواذ على قلبها فقد اختار الطريقة المثالية, الأبرشية لن تكون أبداً ما كانت عليه, و هى أيضاً! كان بول يضحك ملء فمه عندما ترجل من الطائرة و نادى اندريا: "لقد جاء دورك!"
أخذت نبضات قلبها بالتسارع و أحست بالمغص بفعل الإثارة و الخوف. "لا أعتقد أنى سأفعل. لم أركب من قبل إلا طائرة الركاب الكبيرة 727."
"جبانة مثل الدجاجة." هتف الأولاد.
غمزها بول: "إذا رجل مسن مثلى تمتع بهذه النزهة أؤكد لك بأنها تجربة لا تعوض."
كلما أطالت البحث فى هذا الموضوع, كلما زادت من قدرة لوك لمحاربتها, و هو الذى يعرف بالتحديد سبب ترددها, و آخر شئ تريده, هو أن تدعه يعرف مدى سطوته عليها, و مدى انجذابها نحوه, بقلبها و بروحها, و بدا أنهما, فى كل مرة توواجدا معاً تكتشف وجها آخر لشخصيته الساحرةة, يزداد افتتانها به. و ازدادت قناعتها, على ضوء ما عرفته عنه حتى الآن, بأنه لا يمكن أن يكون قد احتال على زبائنه.
"هيا, أذهبى." حثها مات "إنها نزهة مذهلة."
"صلوا من أجلى." هتفت و هى تدير ظهرها لهم, سارت نحو الطائرة و هى تشعر بإنعدام الوزن و القلق.
احست بالراحة عندما غمرها دفء الطائة بعد ساعات من الوقوف خارجاً فى الطقس البارد. ألقى لوك عليها ابتسامة مشرقة و هى تأخذ مقعدها إلى جانبه و ربطت الحزام حول وسطها. "أهلاً بك على متن الظائرة."
ادركت من نبرة صوته أنه كان ينتظرها و يعرف أنها فى نهاية الأمر ستأتى إليه بإرادتها.
"من الأفضل أن أخبرك أنه لم يسبق لىّ ركوب طائرة خفيفة." تمتمت و حاولت إخفاء شعورها بالإثارة.
"قد تدمنين على هذه المتعة....ولا تختلف عما نحسه عندما نعانق بعضنا البعض."
شعرت بالحرارة تعتلى وجهها و تمعنت فى النظر إليه. "أنت لا تفكر إلا بشئ واحد."
"و هذا حالك أيضاً." سرت ضحكته المغوية فى جسمها مثل التيار الكهربائى, فى محاولة يائسة لتغيير الموضوع بدأت تتكلم و لكن حينها كان يتكلم مع برج المراقبة, مما جعل متابعة الحديث مستحيلة.
منتديات ليلاس
أنطلقت بهما الطائرة على المدرج و بسبب ازدحام المرور على المطار كان عليهما انتظار إقلاع عدة طائرات قبل أن يحين دورهما, شعرت و كأن معدتها قد هبطت إلى الأرض, عندما أقلعت الطائرة بهما, و لكن عندما بلغت الطائرة الأرتفاع المناسب عادت إلى طبيعتها و أخذت تنظر من النافذة إلى المناظر الطبيعية.
كل هذا و أفكارها منشغلة بالرجل الجالس إلى جانبها.
كيف استطاع أن يتحمل بقاءه وراء القضبان ستة أشهر, وهو الذى خبر هذا النوع من الحرية؟
"التفكير فى هذه الأوقات الممتعة ساعدنى على الأحتفاظ بتوازنى النفسى عندما كنت فى السجن."
"لا ريب أنها كانت تجربة مريعة بالنسبة لك." قالت و قد هالها تقارب أفكارهما و ارتباطهما الغامض , تابعت النظر إلى المدينة التى تحتهما.
"أخبرينى." قال بهدوء. أدارت عينيها الرصينتين نحوه.
"كيف استطعت من خلال الأقنعة التى غلفت المحاكمة استشفاف الحقيقة؟"
بدا أن سؤاله جاء عفوياً, و لكنها تعرف أنه لا يقول أو يفعل أى شئ من دون سبب, تمنت لو استطاعت أن تزيح عن وجهه النظارة الشمسية السوداء و تحدق إلى عينيه, لأنهما فى لحظات الغفلة كانتا تفضحان ما يدور فى خلده من أسرار.
"أنا متأكدة من وجود أشخاص بين الحضور شعروا بأن الأدعاء كان محكماً أكثر مما يجب."
"هل تقصدين المحامى الذى كان يدافع عنى؟" قال بنبرة قلقة: "لقد كنت أتكلم عن المحلفين."
أخذت نفساً عميقاً "لقد طلبت منا أن لا ندينك إلا فى حال عدم وجود أدنى شك فى ما أرتكبته, و يجب أن تعترف بأن الأثبات المادى ضدك كان قاطعاً."
"ولأن قلب الأخت أندى رقيق, فقد آمنت ببراءتى برغم كل شئ, أهذه هى القصة؟" سألها بصوت هادئ.
"كان من الطبيعى أن آمل بأن يقدم محامى الدفاع ما من شأنه احباط مرافعة المدعى العام. كل المحلفين تمنوا ذلك و لكن الدفاع عنك لم يثمر. و قد ذكرتنى محاكمتك بتجربة أليمة مررت بها فى الماضى و هذا ما جعلنى أرتاب بجريمتك."
"أى تجربة أليمة؟ أنت تعرفين كل اسرارى فيما أنا لا أعرف تقريباً, أى شئ عن اندريا مايرز, المرأة."
"حدث ذلك منذ وقت طويل و لم يعد أمراً مهماً الآن."
"بكلام آخر, أنت لم تصبحى على استعداد للتكلم فى هذا الشأن, أخبرينى إذا, هل أقمت دائماً فى البوكركى؟"
"كلا."
الصمت الذى اعقب ذلك جعل صوت محرك الطائرة و كأنه أصبح أكثر ضجيجاً حدقت اندريا إلى خارج النافذة و قد شعرت بعدم الراحة. تكلم لوك أخيراً: "هل تشعرين أنه لا يمكنك الوثوق بىّ, لأنى مجرم سابق؟"
"بالطبع لا!"
"أنا أعرف أنك تهتمين لأمرى, بشكل ما. و على هذا, إذا كان هذا الجواب صادقاً, سأفترض وقوع حادث مؤلم لك فى الماضى, لم تتخلصى من نتائجه إلى اليوم. أنا أعرف الكثير من حالات كهذه." تمتم.


منتديات ليلاســـــــــ


زهرة منسية 31-07-14 12:47 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

لم يكن لدى اندريا أى مبرر للتصدى لهذه الصراحة المجردة, لم يعد هناك أى شك فى أن هذا الرجل عانى بصورة لم ترد أن تتخيلها, وجدت نفسها لا أرادياً تفتح له قلبها. "فى ما عدا السنتين الأخيرتين, لقد عشت فى كاليفورنيا كل حياتى."
"هل لا يزال أهلك يعيشون هناك؟" سألها برقة.
"ليس عندى أى فكرة." أجبرتها نظرات لوك الحائرة على الاستطراد و التوضيح: "أعرف القليل عن والداىّ, غير أنهما كانا يعيشان فى أوكلاندا, كاليفورنيا, عندما ولدت. و حسب ما قال مرشد أجتماعى, كان على علم بقضيتى, إن أمى حملت بىّ و هى فى سن المراهقة و عندما انتشر الخبر طردها والداها من المنزل و هرب الجانى. و لذا اضطرت للاعتماد علي وكالة حكومية ريثما تلد. هجرتنى بعد الولادة لأنها لم تستطيع تحمل المسؤولية و لم يكن عندها مورد مالى."
استدار نحوها, "و ماذا عن اللذين تبنيانك؟"
"لم يتبنانى أحد....أمضت حياتى متنقلة فى عدة بيوت للرعاية البديلة."
"لا يمكن أن تكون هذه الحياة سهلة."
"فى الحقيقة, معظم القيمين على هذه البيوت أحسنوا معاملتى و لكن عندما بلغت السادسة عشرة من عمرى خسر المشرف على أمرى عمله و بسبب صعوبات مالية مختلفة أُرسلت للإقامة عند عائلة أخرى."
"تابعى." حثها عندما شعر أنها تلكأت بالاستمرار.
"لقد أحببتهما بما فيه الكفاية و لكن ابنهما المُطلق أخذ يتردد لى المنزل بغيابهما." تمتم لوك بقسم لم تستطيع, "حاول فى المرة الأولى لمسى مما أخافنى, و فعلت مابوسعى لأبقى بعيدة عنه, و لكنه استمر بالقدوم و التحايل كى يرانى عندما أكون وحدى, و هكذا هربت من المنزل."
"ماذا حدث بعد ذلك؟" لاحظت أن الغضب بدأ يغلف نبرة صوته.
"التقطتنى الشرطة, و فتح المرشد الأجتماعى تحقيقاً بالأمر. و تحول ذلك إلى كابوس, لا أحد صدق روايتى, لأن ابنهما كذب و والداه ساندا قصته, لقد كانت سمعتهما ممتازة كمشرفين على الأيتام."
"أستطيع التكهن بباقى القصة." قال لوك باشمئزاز "لقد أتهمت بمحاولة إغواء ابنهما لقد كذبا ببجاحة. منذ الصفوف المتوسطة حافظت على معدل دراسى ممتاز, كنت على لائحة الشرف. فى كل فصل كنت أصرف معظم أوقات الفراغ فى عمل الفروض المدرسية أو مساعدة أحد ما فيهما.
لم يكن من الممكن أن أرتكب كل هذه الأمور, التى أتهمت بها, من جانب آخر استطعت أن أتفهم محاولتهما حماية أبنهما. من المحتمل أنه تصرف مراراً على هذا النحو, و لكنى كنت فى السادسة عشرة و لم أكن أفهم حينذاك, لقد كان كابوساً, قالوا أنى كاذبة على الرغم من أن المسؤولية الأجتماعية عنىأخرجتنى من هذا البيت شعرت أنها فى قرارة نفسها لم تصدقى."
"أشكرى الله لأنه كان لديها من الحكمة ما يكفى لتبعدك عن هذه العائلة."
"و من الطبيعى أن أُسر لتخلصى من هذا الوضع, و لكن عند ذلك شعرت بأننى وحيدة فى هذا العالم. لم يصدقنى أحد أو يساندنى, و لا حتى أنسان واحد." توقفت لأخذ نفس عميق و استدارت لتنظر إلى لوك.
"خلال محاكمتك و فيما ممثل الادعاء يقدم البراهين ضدك واحداً تلو الآخ, و يكبلك بالتهمة أخذت بتذكر تجربتى هذه, كل نقطة أثرتها, استطاعوا تحويلها ضدى, مثلماً فعلوا معك. راقبت شركاءك و بدأت أتساءل فى ما إذا هم من أوقوع بك. أعتقد أن ذلك ما أثار شكوكى بالنسبة لبراءتك. المشكلة كانت فى عدم وجود دليل مادى فى مصلحتك, لا شئ يمكن للمحلفين......."
"اندريا..." قاطعها بصوت خافت.
منتديات ليلاس
لم يعد باستطاعتها التوقف عن الكلام, "لقد فكرت مراراً بك فى الأسابيع الماضية." استطردت: "و ذكرتك فى صلواتى, عندما رأيتك فى السجن فهمت لماذا رؤيتك لىّ هناك أثارت غضبك الشديد, لقد ظننت بأننى غير مرائية, أدينك من جهة ثم ممن جهة أخرى, ألقى عليك بالمواعظ. و لكن أحبك أن تعرف مذنباً أم بريئاً لم أرغب فى رؤيتك تعانى أكثر من ذلك. لم أردك أن تشعر بالوحدة القاتلة و العزلة كما شعرت أنا, مرة فى السابق."
فيما الصمت يخيم بينهما شعرت بيده تمتد و تلمس يدها, راقبته يأخذ بيدها يضعها على فمه و يلم راحتها, شعرت بالحرارة تنتشر فى كل يدها و من ثم تسرى إلى كل خلية فى جسمها. تنهدت بصوت عالى مما جعل لوك يدير رأسه و سحبت بدها منه.
"أخيراً, عرفت الحقيقة," قال بصوت أبح: "هل تستطتيعين الإجابة على سؤال واحد فقط؟ ما هى فكرتك عنى الآن؟ هل قررت فى ما إذا كنت مذنباً أم بريئاً؟"
لعقت شفتيها كى ترطبهما و تململت على مقعدها. "الله و أنت فقط من يعرف الحقيقة."
تردد لحظة قبل أن يجيب: "لو أخبرتك بأننى كنت مذنباً هل يتغير رأيك الشخصى بىّ؟"
أصابها هذا السؤال بطعنة ألم و كادت أن تشلها احتمالاته, هل هو يحاول أن يخبرها بأنها كانت خطئة؟ و أشاحت بوجهها عنه.
"لأقد ألقيت عليك سؤالاً." ألح عليها بانفعال شديد لم تعهده فيه من قبل.
"نحن خارج قاعة المحكمة الآن’ يا لوك و دفعت دينك للمجتمع, أنا لست قاضيتك و لا أريد أبداً أن أكون , هذه القضية انتهت فصولها."
هز رأسه: "أنت تعرفين جيداً أننى أتكلم فى موضوع مختلف كلياً, موضوع شخصى...بيننا, بينى و بينك و لا أحد غيرنا"
"أنا....أنا لا أعرف ما الذى تعنيه." ناورت فى محاولة لكسب الوقت فيما تجتهد كى تفهمه. هل هو يلمح إلى أنه يريد إقامة علاقة معها بمقدار ما تريد هى فى إقامة علاقة معه؟ و إذا كان ذلك صحيحاً, أى نوع من العلاقة يريد و إلى أى مدى. عرفت اندريا أنه إذا ارتبطت به جدياً فهذا يعنى ارتباطاً ابدياً.
زفر لوك بحدة: "سأعطيك وقتاً حتى المساء و فى خلال ذلك تكونين قد تفهمت و توصلت إلى جواب."
أخذت نبضات قلبها بالتسارع "خشى أن لا أستطيع الليلة, فعندى ارتباطات على العشاء"نظرت إلى ساعتها تتفحص الوقت.
"ألا يجدر بنا العودة؟ سوف يستاء الجميع منا لأننا بقينا طويلاً فى الجو."
"كنت لأرجعك حالما تطلبين." قال لها ببرود. أدركت من مغزى كلامه, أنه يحملها مسؤولية البقاء طويلاً فى الجو.
أوشكت على الاعتراض و لكنها بقيت صامتة لأنه بدأ يتكلم مع برج المراقبة, "تمسكى," حذرها عندما أخذ بالهبوط



منتديات ليلاســــــــــ



زهرة منسية 31-07-14 12:50 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

قبضت على المقعد و لم تستطيع أن تمنع عنها القلق الذى اعتراها, عندما شاهدت الأرض تقترب منهما بسرعة, لم تلاحظ حتى هبوط الطائرة على المدرج, بأن ما يحيط بهما ليس غيره عن ذى قبل, أنعطف رأسها نحو لوك و قد أحست بإنذار الخطر. "هذا ليس المطار!"
"ماذا أقول, إذا لم يكن هذا, هو المطار, فنحن فى ورطة كبيرة."
"لوكـــ! أنت تعرف ما أعنى, اين هبطنا؟"
لم يقل شئ حتى توقفت الطائرة الخفيفة غير المألوفة لديها, برغم أنه كان مواجهاً لها إلا أنها لم تستطيع أن ترى عينيه المغطيتين بالنظارة السؤداء. "هذه سانتافى."
"مــــــــــــاذا؟"
فك حزام الأمان و نزع السماعات عن أذنيه انقبضت معدتها عندما مد يده ليفك حزامها, قربت حركته هذه من وجهيهما, و استطاعت أن تستنشق رائحة معجون الحلاقة الذى يستعمله,
"متى كنت هنا لآخر مرة؟"
شعرت باستحياء لم تحسب حساباً له و لم تتجرأ على النظر إليه. "ولا مرة, لقد نويت مراراً أن أزور هذا المكان فى السابق, كان دائماً يطرأ أمر يمنعنى من ذلك."
"إذاً أنت بضيافتى, و لو كان الوقت شتاءاً " عانقها فجأة و تركها.
"لوك!" صرخت و قد أصابتها حركته الأخيرة بالدوار, "لا نستطيع البقاء هنا, ماذا عن بول و الأولاد؟ إنهم ينتظروننا."
هز رأسه نافياً, "لقد أتفق بول مع بعض الأهالى كى يأتوا و يأخذوا أولادهم من المطار."
اتسعت حدقتا عينيها من الدهشة. "و لكننى مدعوة للعشاء لاحقاً, يجب أن أستعد لذلك."
"لا تقلقى." لفها سحر ابتسامته كالضباب "لن تبقى من دون عشاء, أعرف مطعماً صغيراً و رائعاً."
انحرت مبتعدة عنه و قد احست بأنفاسها تتقطع, ما يحدث لها الآن هو على الأرجح من أكثر الأمور التى وقعت لها إثارة, فيما هى تقف فى هذا المكان مرتدية سترة الباركا و سروال جينيز و قميصاً قديماً, و شعرها مشدود إلى الوراء و مجدول على الطريقة الفرينسية و ما كاد أن يكون الزى المناسب للمكان الذى يتردد إليه رجل بمثل ثروته و ذوقه. لم يكن بأفضل منها تأنقاً, و قد ارتدى سترة جلدية من اللون البنى الداكن و سروال جينز و كنزة قطنية حكراء و لكن ملابسه ابرزت ملامح الرجولة فيه, و فى الحقيقة بدا و كأنه فارس أحلام كل النساء.....و ذلك يشملها بالطبع!
أخذت اندريا نفساً عميقاً, "أنا أتكلم بجدية يا لوك, يقيم مجلس كنائس نيو مكسيكو عشاءه النصف سنوى الليلة, ومن المفترض أن نحضره أنا و بول."
"سيعتذر بول عنك, عندما أخبرته بما أنوى القيام به وافق معى على أنه يجب أن تأخذى يوماً للراحة, قال لى, أنك تعملين فوق طاقتك, و لا تعرفين متى يجب أن تتوقفى."
"لقد خطفتنى!"
"هل كنت ستأتين لولا ذلك؟"
"أنت تعرف أننى كنت سأرفض." زعقت به. "يوم السبت هو الأكثر ازدحاماً بالعمل." كان من الأفضل لها لو وفرت هذا الكلام فقد أدار ظهره لها و ترجل من الطائرة.
عندما حضرت نفسها أمام باب الطائرة للنزول منها ناداها "إن مبدئ بالعمل هو تمسك أولاً ثم فاوض لاحقاً و هذا ينطبق على التعامل مع امرأة صعبة" فتج ذراعيه لها و قال "هيا أقفزى و استندى علىّ يا اندريا."
أرادت أن تفعل ذلك, ارادته كثيراً و لهذا شعرت بالخوف , قالت له, عوضاً عن ذلك "رأيى أنه من الأفضل أن أنزل عن الطائرة بالطريق العادية." لم تعد تثق بنفسها منذ ذلك العناق الأخير, إلا إذا كانت على مسافة تتطلب التكلم عبر الهاتف , من دون أن تأخذ بعين الاعتبار أى شئ يجعلها تلامس جسده.
"لأا بد أنك جائعة و عطشى مثلى تماماً" قال: "يوجد محل بيع شطائر قريب من هنا و نستطيع أنا نتناول شئ خفيف ثم نستقل سيارة أجرة إلى المدينة." أحاطها بذراعه حالما لمست قدماها أرض المطار و أبقاها هكذا طوال بعد الظهر و المساء .
اصبحت الساعات التى تمضيها مع لوك وقتاً ممتعاً و عما يتجولان بين الحوانيت و المعارض الفنية بهذه المدينة الساحرة التى ما تزال تحتفظ بتراث هنود البيبلو الممزوج بالتراث الاسبانى. استطاع لوك أن يخبرها لاهتمامه بعلم الأثار الذى ورثه عن جده, أشياء مذهلة هن هنود ما قبل التاريخ تيوا."و الذين أحفادهم البيبلو هم من أنشأوا مدينة سانتافى, أس, متحف الفن الشعبى, الذى أخذها إليه لوك, البايهاو لكنه أصر أخيراً على توفير وقت كافى للعشاء قبل العودة إلى البوكركى.
الطعام المكسيكى الذى تناولته أعطى معنى جديد للطعام, كان لذيذاً شهياً و لا علاقة له من قريب أو بعيد بالطعام الذى تناولته سابقاً فى مطاعم الوجبات السريعة المكسيكية, أما الحقيقة فأن شريكها على الطعام أضفى سحراً جعل من الممكن عليها أن تتناول نشارة الخشب و تتمتع بها.
وجدت اندريا نفسها مأسورة فيما هو يداعب, يجادل, يضحك و يرسل رسائل بعينيه تفيد أنه يعد الثوانى حتى يصبحا بمفردهما تماماً. منعزلين فى زواية مضاءة بالشموع فيما عزفت فرقة مارياشى ألحاناً ناعمة, شعرت بأن الحياة ردت إليها, ألحت عليه أن يتحدث عن عائلته لأنها كانت متشوقة لتعرف كل شئ عنه.
"لا يوجد الكثير لأخبرك به" قال برصانة "ليس هناك من شئ يثير الأهتمام قُتل والدى و شقيقى الأكبر فى حادثة سيارة عندما كنت فتياً, قرر جدى الأرمل أن يعيش بقية عمره لأجلى, كان طياراً مجازاً و شجعنى على تعلم الطيران....و بالفعل أشترى لىّ طائرة قبل أن أبلغ العشرين من عمرى, يمكنك أن تدركى أننى كنت مدللاً لدرجة الافساد, و فى النتيجة ارسلنى إلى معهد يقع على الساحل الشرقى كى أتعلم كل ما اتعلمه عن كيفية الحصول على المال, كان يملك عند وفاته أملاكاً واسعة فى مدينتنا الصغيرة الأمر الذى ساعدنى فى تأسيس مكتب سمسرة للأسهم و السندات عندما كنت فى عمر يكون معظم أقرانى فيه, فى بداية صعودهم الوظيفى."
لا شئ يثير الأهتمام؟ أرادت أن تلقى عليه بألف سؤال عن الأشياء الكثيرة التى لم يقلها, و تتعلق هذه الأشياء بالعواطف و ليس بالوقائع, و لكن لوك هاستينغز أشد كتماناً من أى رجل قابلته فى حياتها. و الأكثر إثارة للجدل, أرادت أن تستمر هذه الليلة إلى الأبد و تريد أن تتمتع بها لأقصى الحدود , ثم تخزن ذكراها فى زاوية سرية من قلبها كى تكون سلواها و مصدر اعتزازها إلى الأبد.
منتديات ليلاس
عندما حان الوقت العودة إلى المطار تمردت على انقطاع سهرتها, لأول مرة أدركت كم تألمت سندريلا عندما دقت الساعة الثانية عشر و أجبرتها على ترك الأمير قبل أن يزول السحر و تجد نفسها انسانة عادية من جديد.
لم يتكلم لوك كثيراً من خلال رحلة العودة, افترضت أنه يحتاج إلى التركيز بالكامل على قيادة الطائرة فى الليل, و هى فى المقابل كانت مفتونة بانجذابها إليه إلى درجة ألجمتها عن الكلام, أرادت فقط و ببساطة أن تتمتع باللحظات القليلة الباقية و الغالية معه قبل أن يزول السحر.
على أية حال شعرت أنه كلما اقتربا من البوكركى, كلما ازداد لوك أنطواءاً على نفسه. من وقت لآخر كان ينظر إليها مبتسماً. لم تستطيع التخمين فى ما هو يفكر, مما وترها كثيراً إلى درجة أنه عندما وصلا و ترجلا من الطائرة شعرت برغبة فى الأنتقام.
أقفلت سحاب سترتها و قالت بتشنج: "أشكرك على هذا اليوم الجميل و الأمسية الرائعة . أظن أنك قد أدركت أنى لم أحظ بمثل هذا الوقت الرائع طيلة حياتى, لقد تأخر الوقت و يجب على أن أذهب. أوقفت سيارتى بالقرب من هنا, لا داعى لأن ترافقنى أبعد من ذلك."
"لدى كل الواعى لأفعل ذلك." قال بنبرة قاسية, اليد التى منذ وقت قصير, داعبت يدها حتى تمنت أن تقفز عبر الطاولة و ترتمى عليه هى نفسها التى أمسكت ذراعها بقبضة حديدية الآن.
تضاعفت سرعة نبضاتها فيما يقودها لوك عبر حظيرة الطائرات, سحبت مفاتيح السيارة من جيبها و فتحت الباب و لكنه حال بينها و بين الدخول إلى السيارة رفعت رأسها نحوه بإندهاش.
"لقد أخذت الوقت الكافى هذه الليلة كى تفكرى بالجواب على سؤالى. أنا ما زالت انتظر."
بما أن اندريا كانت تعرف أنه من الأفضل لها أن لا تتظاهر بعدم فهمها لما قاله, فقد أجابت: "يجب أن أنجز الكثير من الأمور قبل قداس الصباح. هل نستطيع مناقشة هذا الموضوع, الأسبوع القادم بعد التمرين؟"
"السؤال الذذى ألقيته عليك لا يتطلب جواباً إلا بنعم أو لا, و لا يحتاج إلى شرح طويل."
أرادت أن تقول له, إنه بعد هذه الليلة لا تريد أن تفترق عنه ثانية. و أنها إذا فعلت فهو سيصبح محور حياتها, و عندها لا يهم إذا أمضى عشرين سنة فى السجن. و لكن لوك ذو خبرة و رقى اجتماعى و أحست اندريا بأنه يتلاعب بها فقط حتى يحين موعد عودته إلى عالمه الخاص, الذى يلغيها من حياته بالكامل.
"إن صمتك يتكلم بلباقة."
صرخت به و قد هالها أنه فسر صمتها خطاً. "لو لم أتجاوز صحيفة سوابقك لكنت أخبرت بول أن يطردك يوم السبت الماضى."
رفع ذقنها كى يستطيع رؤية عينيها بصورة أفضل, تفرس بهما و كأنه يبحث عبرهما عن روحها "إذاً, لِمَ هذا التردد؟"
قالت و هى تتمنى أن تلمس يده الممسكة بذقنها: "إن الأبرشية هى كل حياتى."
"أعتقد أنكم ترحبون بالغرباء هنا."
"أنت على الرحب و السعة! مهما طالت إقامتك, و حتى تصبح مستعداً للرحيل." أضافت بهدوء.
ضغطت أصابعه على ذقنها: "من قال إننى سأرحل؟"
"لا أعرف, هل سترحل؟" تفحصته بعينيها. "لابد أن تتخذ قرارات هامة فيما يتعلق بمستقبلك.....أى عمل ستجد نفسك معه بعد أن حُرمت من مهنة تجارة الأسهم. و من الممكن أن تضطر للانتقال بحكم العمل." هذا ما كان يقلقها أكثر من أى شئ, أن يأتى يوم و يرحل .
"أنت محقة فى أن حياتى الآن هى مرحلة أنتقالية."
ارتجفت من الألم عندما سمعت هذا الكلام, لأنه ليس الجواب الذى أرادته و احتاجت أن تسمعه, كيف يمكن هذا؟ لا توجد بينهما قواسم مشتركة, باستثناء أى شئ آخر, لوك ليس متديناً إلى درجة عدم الإيمان تقريباً, فيما هى كاهنة مرسومة, أى علاقة دزن زواج غير مقبولة بالنسبة لها, و ليس عندها أى فكرة إذا كان لوك مهتماً بالزواج. رجل بقى عازباً لمدة طويلة, من المحتمل أن لا يرغب بذلك و أفتراضاً أنه يرغب بالزواج, هل يريد أن تكون زوجته راعية إبرشية؟
كيفما نظرت إلى الأمر, لا تجد أى أمل فى إقامة علاقة دائمة بينهما, و الاستمرار بمقابلته سينتج عنه المزيد من المعاناة.
"حقاً, يجب أن أذهب." قالت مستعجلة.
أصبحت أعماق عينيه خالية من أى تعبير, "ليس من شيمى أبداً, أن أبعدك عن واجباتك."
تنحى عن طريقها كى تستطيع دخول السيارة, شاهدته من خلال المرآة الأمامية سيتعد و انتابها شعور جارف بالخسارة, ما الذى يحدث لىّ؟


نهاية الفصل الخامس

زهرة منسية 31-07-14 12:52 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفـــصـــل الــســـادس

منتديات ليلاس

ذهبت اندريا فى الأسبوع التالى, كعادتها بعد ظهر كل يوم جمعه إلى التدريب على كرة الطائرة, و لكن لوك, لأول مرة منذ تم تعينه مدرباً, جاء متأخراً, قالت اندريا فى نفسها, حسنا ما فعل.
ما جعل اندريا متوترة الأعصاب و مضطربة, هو اضطرارها لأن تتصرف فى حضوره بصورة عادية, و لأن تتظاهر بأن عدم اكتراثه بها, منذ رحلتهما إلى سانتافى لا يزعجها, لم ترغب بالتصرف على غير عادتها أمام الشباب’ برغم علمها أن أعصابها تحترق و أن عواطفها كانت أكثر احتداماً من ذى قبل.
أخذ ريتشى المبادرة و بدأ الجميع تمارينهم من دون لوك, و لكن بعد عشرة دقائق انتفض كاسى, اليتيم الأب و الذى أصبح لوك بالنسبة له أباً بديلاً, و قال إنه سيتصل به فى مكان عمله كى يعرف ما الذى يؤخره.
"مكان عمله؟" رددت اندريا هذه الكلمات و هى تفتح باب مكتبها لـ كاسى كى يستعمل الهاتف.
أومأ أبن السابعة عشر السمين برأسه فيما هو يطلب الرقمن من ذاكرته, "نعم, لقد حصل على عمل الأسبوع الفائت."
"ما نوع عمله؟"
"يقود طائرة للشحن الجوى, أليس ذلك عظيماً؟"
و فر صوت كاسى و هو يطلب التحدث إلى لوك هاستينغز على الهاتف, عليها الإجابة.


منتديات ليلاســـــــــــــــ



زهرة منسية 31-07-14 12:53 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

شعرت اندريا و كأن أحداً قد ركلها على معدتها, لماذا لم يذكر لوك لها, استلامه عملاً, تلك الليلة فى سانتافى؟ إنه, بالتأكيد لا يحتاج لهذا العمل, ليس بما عنده من مال, أو ربما يحتاجه؟ ربما قد خسر كل شئ عندما دفع ديونه و لم يتبق عنده سوى السيارة و الطائرة. ربما قبل هذا العمل مؤقتاً و حسب رأيه غير جدير بالذكر.
غرقت اندريا فى مقعدها. لقد قال القاضى إن لوك لو دفع كل ديونه, برغم ذلك لم يخطر ببالها أنه ربما يعانى أزمة مالية. و هو من النوع الذى لا يتكلم عن مشكلاته. عندما فكرت أكثر بالأمر اكتشفت أنها لا تعرف أين....و كيف.....يعيش. إن مهنة قيادة طائرة شحن تعد بالمقارنة مع مهنة عميل أسهم مالية, مهنة وضيعة لقد تعود أن يتعامل بمئات الألوف من الدولارات.
كانت مستغرقة فى التفكير عندما سمعت كاسى يخبط السماعة على مكانها. شئ ما قد حدث. "كاسى؟"
عبس بألم "كان من المفرض أن يعود لوك من رحلته منذ عدة ساعات و لكنه واجه طقساً رديئاً. و الجميع ينتظرون أن يسمعوا خبر عنه."
لم يعجب اندريا ما سمعت و لكنها لم ترغب بأن تدع كاسى يلاحظ قلقها. "أنا متأكدة من أن تأخيراً كهذا يحدث من وقت لأخر و لاتنس أنه طيار ماهر."
"إنه الأفضل!" أن يقول كاسى ذلك يعنى أنه إطراء من الدرجة الأولى. لو يعرف لوك مدى تأثيره على هؤلاء الأولاد, برغم الوقت القصير لذى مضى عليه معهم, لم يتفوهوا بشئ عن ماضيه, البتة, و هذا ما يبرهن نظريتها من أن الشبان هم متسامحون بالطبيعة و لكان قلب لوك انفطر كم شدة تأثره بحبهم له.
"دعنا نعود إلى الملعب و ربما يظهر قبيل أن ننتهى من التمرين." لم تكن واثقة فى الحقيقة مما تقول و لكنها أرادت طمأنة كاسى و الآخرين.
تابعوا التمرين برغم القلق الذى اعتراهم و من شدة قلقها انفجرت ليز بالبكاء بعد أن انتهى اللعب اصطحبت اندريا الأولاد إلى إحدى حوانيت بيع الحلوى القريبة من الكنيسة. و أجلت زيارتها الليلية إلى المستشفى كى تبقى معهم و تخفف من هواجسهم.
و لكن من الغباء أن تعتقد أن باستطاعتها تحويل أفكارهم عن لوك, ما أن وصلوا إلى الحانة حتى أسرعوا إلى مقصورة الهاتف العام و تحلقوا حول كاسى و هو يخابر ثانية و شعرت برعشة برد تسرى من عروقها.
"لا توجد معلومات عنه الآن." قال كاسى.
"فى هذه الحالة أقول, لا أخبار هى أفضل من هذا الخبر."
قالت اندريا بإشرقة بعد تردد.
منتديات ليلاس
نظر إليها مات و كانها أصيبت بالجنون, "لماذا تتكلميمن هكذا؟"
"لأنه إذا كان هناك من حادثة لكانت الأخبار قد انتشرت و وصلت اسماعنا, لقد ذكروا أن الطقس ردئ و لابد أن لوك بخير و ينتظر فى مكان ما تحسن الأحوال الجوية سأخبركم ما سنفعل, دعونى أدون رقم الهاتف و سأخابر بعد قليل و إذا حصلت على معلومات جيدة عنه سأتصل بكم جميعاً لأطمئنكم, ما رأيكم؟"
هز الجميع رؤوسهم موافقين ما عدا كاسى الذى قال: "الناس يتجاهلون المراهقين أمثالنا, و لكن عندما تخبرينهم بأنك راعية فى أبرشية سيفيدونك بمعلومات أكثر."
"هيا, اهذا ما تظنه؟"
"أجل." أجابها و هو يبتسم.
"من يريد الحلوى؟"
عدة من أولاد قبلوا عرضها, و لكن معظمهم فضلوا الذهاب إلى منازلهم و قبل أن يذهب كاسى أخذت منه رقم هاتف لوك فى العمل ووعدت بأن تتصل بهم جميعاً حالما تحصل على معلومات عن لوك, و أدركت أن هذه الليلة ستكون طويلة جداً و هى تنظر إلو وجوههم البائسة.
اتصلت بالهاتف حالما ذهبوا لم تحصل على أى معلومات جديدة جديدة, عرفت اندريا أنه يعمل لدى شركة رينولدز للشحن الجوى و التى تقع مكاتبها فى المطار الرئيسى للمنطقة.
و فى الوقت الذى وصلت فيه إلى الكنيسة كانت قد قررت أن تقود سيارتها إلى المطار و تكون على مقربة من ما يحدث, أن تتظاهر أمام اولاد و كأن كل شئ يسير على ما يرام هو شئ, و أن تُترك بمفردها للهواجس فهذا شئ مختلف تماماً.
ستهبط درجة الحرارة إلى ما دون الصفر عند الفجر و التفكير بأن لوك قد علق فى مكان ما أو أن يكون مصاباً.....
حاولت أن تقنع نفسها بأن كل شئ سيكون على ما يرام و هى تقود على الطريق السريع كما أقنعت كاسى و الآخرين و لن يخمد قلقها حتى ترى لوك واقفاً أمامها و تعلو وجهه ابتسامته الشيطانية.
أدركت فى هذه اللحظة أنها وقعت فى حب منتديات ليلاس لوك حتى قمة رأسها.

منتديات ليلاســـــــــــ



زهرة منسية 31-07-14 12:54 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

أوقفت سارتها فى موقف مؤقت و هرعت إلى داخل مبنى المطار و سألت ستة أشخاص قبل أن تعلم أن مكتب الشحن حيث يجتمع الطيارون يقع فى مبنى آخر.
وصلت بعد عشرين دقيقة إلى المكان المقصود, واجهها رجل فى العشرين عندما هرعت لاهثة إلى المنضدة و رمقها بنظرة إعجاب واضحة حالما وقعت عيناه عليها. سمعت أصوات ضحكات و تبادل أحاديث آتية من الغرفة المجاورة.
"بماذا أستطيع أن أخدمك؟"
انقطع الشريط المطاطى الذى كانت تربط به شعرها كذيل حصان و تبعثرت خصلات شعرها حول كتفيها, أرجعت الخصلات التى انسدلت على وجهها و اسرعت فى القول: "حسب معلوماتى, لوكاس هاستينغز هو أحد الطيارين العاملين عندكم, أود أن أعرف ما إذا وصلكم أى جديد عنه. لقد فات على موعود وصول رحلته عدة ساعات."
نظر إليها متفحصاً و سأل: "و هل أنت إحجى قريباته؟"
لولا أن مكروهاً ما قد حدث له لما سأل هذا السؤال, أحست اندريا و كأن الغرفة تميد بها: "كلا, أنا صديقة, أرجوك, هل عندك أى معلومات؟" ألحت عليه بلهفة.
تلاعب بحلمة أذنه: "هل قلت لىّ ا أسمك؟"
"أنا اندريا مايرز, راعية فى الكنيسة, حيث يدرب لوك شبيبتها على الكرة الطائرة. لقد قلق الجميع عليه عندما لم يأتى إلى التدريب بعد ظهر اليوم."
"أنت راعية كنيسة؟" قال و هو غير مصدق فيما عيناه تتفحصان كل أنحاء جسمها. عند ذلك لاحظت أنها لا تزال ترتدى ثياب التمرين تحت سترتها.
"أرجوك." توسلت إليه و قد قاربت دموعها على الأنهمار بسخافة, و كادت أن تمسك به و تهزه لقلة احساسه بالموقف العصيب. و أخذت تفهم لما1ا كان كاسى مستاءاً بعدما قام بالمخابرة الهاتفية.
لابد و أنه شعر, أخيراً بمعاناتها لأنه قال: "لحظة من فضلك," تركها و دلف إلى الغرفة المجاورة. توقفت اندريا عن التحرك بعصبية عندما رأته يخرج ثانية بعد عدة ثوان: "هذا مخالف لنظام الشركةو لكن ماذا يهم, أذهبى إلى الغرفة الخلفية حيث يوجد شخص باستطاعته ان يفيدك."
هرعت اندريا خلف المنصة و هى تشع بالأسى الشديد و دخلت غرفة الشحن و قلبها يكاد يقفز من مكانه, شاهدت ثلاثة رجال يتحادثون و لكنهم توقفوا عن الكلام حالما دخلت عليهم.
تجمدت فجأة غير مصدقة ما رأته عيناها.
"لوك!" انطلقت منها صرخة ابتهاج قبل أن تعى ما تفعل. "أنت بخير؟"
همد صوتها عندما أدركت مدى أنفعالها "أنا.....أنا لم ألاحظ" تلعثمت محرجة عندما رأت طريقة تحديقه إليها يلتهمها بنظراته غير مهتم لوجود الآخرين. "طلب منى الأولاد أن أعرف ما الذى حدث لك, عندما لم تأت للتدريب."
"إنه شئ جميل أن الأولاد أفتقدونى." توقف قليلاً قبل أن يردف "روستى, سام أسمحا لىّ أن أقدم لكم الأخت مايرز."
صافحت اندريا الرجلين, تقدم الرجل ذو الشعر الأحمر منها و حام حولها متفرساً. "لو عرفت أنى سأحصل على كاهنة مثلك لأخذت بالذهاب إلى الكنيسة منذ زمن بعيد."
ضحكت اندريا برقة برغم إحراجها من الموقف حاولت أن تنظر إلى كل ما حولها ماعدا لوك, مما عقد الأمور وجود هذين الرجلين يراقبان و يستمعان باهتمام. ألا يوجد شئ أفضل من هذا يقومان به؟
"أعتقد أنها فكرة حسنة, لو يعلم كاسى أنك بخير قبل أن تغادر هذا المكان الليلة" خاطبت لوك: "أنه متعلق جداً بك."
فغر فمه عن الأبتسامة التى تسحرها. "إنه ولد رائع. لقد انتهيه لتوى من التكلم معه على الهاتف, سنذهب للتمرين غداً صباحاً تعويضاً عما قاتنا اليوم سوف يتصل بالآخرين و يخبرهم."
لم تستطيع منع نفسها من التنهد. "هذا سيساعدهم على قضاء ليلة نوم هادئة."
هذا ما أريده لنفسى." تمتم و اقترب منها "هل تمانع الأخت فى أن تأخذ على عاتقها مهمة خير أخرى؟"
لاحظت خطوط الأرهاق حول عينيه و شعرت بالعطف عليه يعتريها, كانت اندريا متلهفة على معرفة ما حدث لــ لوك ما الذى آخره و لكنها فضلت أن لا تسأله الآن. "بالطبع, لا أمانع, كيف أستطيع المساعدة؟"
"هل بإمكانك أن تقلينى إلى منزلى, فى طريقك إلى بيتك؟ من دون ذلك سأضطر للطلب من أحد هؤلاء السيدين القيام بهذه المهمة. و لكن لن ينتهى دوامهما قبل ساعتين."
شعرت بأنه لم يعد باستطاعة رجليها حمل وزنها. "ماذا حدث لسيارتك؟"
"وضعتها فى مرآب الصيانة و لم أستطيع آخذها بسبب تأخرى."
"إذا لم يكن لديك مانع فى مشاركة المقعد الأمامى مع أغراض ابتعتها, فأنت على الرحب و السعة."
لمعت عيناه بعاطفة غير مقروءة. "إذن هيا نذهب, هل لنا بذلك؟"
ارتدى سترته و ألقى على صاحبيه تحية المساء ثم أمسك بذراعها و قادها إلى خارج الغرفة.أرخى لوك يده فجأة حول وسطها و قربها منه بينما كانا يتجهان نحو السيارة.
منتديات ليلاس
لقد كان أمراً رائعاً أن تشع بقربه منها بعد خوفها من أن مكروهاً قد حدث له. و لم تحاول إزاحة يده.
قام بحركات مسرحية مضحكة عندما وصلا إلى السيارة و أمتشف أنها مليئة بكل أنواع الحاجيات, مصباح طاولة و صحون و مناشف و أغطية سرير و كراسى نزهة, تنهد لوك و استطاع بعد مناورة شاقة أن يدخل و يجلس على المقعد الأمامى واضعاً المصباح على أرش السيارة بين قدميه.
رمقها بنظرة اتهام: "لماذا لم تخبرينى أنك تنتقلين من منزلك؟ كنت قد ساعدتك"
"هذه ليست أغراضى. حصل حريق فى شقة هيرب و يلسون فى الأسبوع الماضى و التهم كل شئ, أنه يقيم الآن مؤقتاً عند بول, أعلمه آل اندرسون أن بإستطاعته الإقامة فى إحدى الشقق الغير مفروشة بإيجار مخفض, سوف ينتقل غداً و هكذا كنت أجمع له الحاجيات التى يحتاجها من أى شخص يريد أن يتبرع له."
تجهمت تعابيره, "لقد سمعت عن هذا الحريق من نشرة الأخبار و من حسن حظه أنه نجا بحياته."
لكن اندريا لم تكن راغبة فى التحدث عن هيرب. "ماذا حدث لك؟" سألت بصوت مرتجف, "لماذا تأخرت رحلتك؟"
"لم يكن الأمر على هذا النحو المأساوى."
أغضبتها إجابته. "أنت تستهزئ دائماً بكل الأمور, أخبرنى الحقيقة و لو لمرة واحدة!"
اقترب و وضع يده عليها, مداعباً فغرت فمها و كادت أن تفقد تحكمها بالسيارة و لكنه لم يبعد يده: "أنا جائع و قدماى تؤلمانى أريد الذهاب إلى البيت تعالى معى و انتظرى ريثم استعيد نشاطى, عندها إذا ما زالت ترغبين بسماع ما حدث لىّ, فسوف أخبرك بكل شئ."
أغراها الاقتراح, كانت خائفة من أن تفعل أى شئ يطلبه منها, لأنها تحبه كثيراً و لكن هناك ثمن يجب دفعه. "أنا لا أعرف أين تسكن" أجابت بعد تردد طويل, ملزمة نفسها بقبول عرضه, ضغط على ذراعها برقة. سرت النار فى عروقها و أحست أنها ستلتهمها إذا لم تسارع إلى احتوائها, و كأنه أحس بما يختلج فى نفسها, أزاح يده عنها فجأة.
"هذا آمر من السهل معالجته, يقع منزلى فى نورث فالى على بولفار ريو غراندى."
ما كان يجب على اندريا أن تفاجأ إذا كان يقيم فى أرقى أحياء البوكركى, فهذا يعنى أنه لم يخسر كل شئ خلال المحاكمة, على الرغم من كل ما حدث, يمكنها تصور مسافة تفصل بينهما أبعد من ذلك....من كل النواحى, تقع الأبرشية فى الطرف الآخر المن المدينة و فى مسط معظم من فيه من الكادحين, الذهاب و الإياب من منزله إلى عمله ثم إلى الكنيسة للتدريب يتطلب منه قطع مسافات طويلة بعد ظهر كل يوم.
رمقته بنظرة جانبية, كانت عيناه مغمضتين و رأسه ملقى إلى الوراء فيما رأس المصباح يضغط على صدره. وجهه المتعب و الدوائر السوداء حول عينيه جعلتها تموج بالحنان نحوه. من الواضح أنه اجتاز محنة ما, شعرت بالسرور الشديد لأنها هى التى تقله إلى البيت.
هزت ذراعه برقة. "لقد وصلنا بولفار ريو غراندى"
أمسك بيدها من دون أن يفتح عينيه و ضغط عليها. "أجتازى ثلاثة شوارع ستجدين منزلاً من طراز أدوبى متراجعاً عن الرصيف, سقفه مسطح و مؤطر بالقرميد."
عثرت اندريا على المنزل فى الحال من كل المنازل المبنية على مختلف الطرازات, من العصر الانجليزى الإستيطانى إلى العصر الحديث, منزله فقط بدا أنه ينتمى لهذه الأرض و يعكس روحية الجنوب الغربى.
داخله كان مزخرفاً على الخطوط التقليدية, و أضافت اللوحات و السجاجيد المعلقة إشراقة ألوان عليه, الآثاث ذكرها بالتراث الهندى- الاسبانى لولاية نيو مكسيكو, منزله يناسب تماماً عائلة كبيرة....واسع, أليف و دافئ, ما أن خطت خطوة واحدة داخل البيت حتى وعت ابعاداً جديدة فى شخصية لوكاس هاستينغز و خلفيته. كم بدت زنزانة سجنه كريهة بعد هذا المنزل الكبير, ارتجفت قليلاً.
وضع ذراعه حول كتفيها و قادها نحو المطبخ الساحر المغطى بالسراميك و يحتوى على مدفأة. "صُبىِ لىّ شراباً, إذا سمحت! احتفظ بالشراب فى الخزانة التى تعلو المغسلة."
"أستطيع أن أتدبر ذلك."
"حسناً." ساعدها فى خلع سترتها من دون أن تلاحظ, مد يده إلى جيب السترة و أخرج مفاتيح السيارة, هزها متدلية من أصابعه, "إنها بوليصة تأمين فى أنك لن تغادرى قبل أن أنتهى من الاستحمام."
لم يكن بحاجة إلى هذا التصرف و لكنه لم يعرف ذلك. "لن أتأخر."
و هكذا فعل. عاد إلى المطبخ بعد عشر دقائق حافى القدمين و يرتدى رداء حمام من اللون البنى الداكن الذى تناسق مع لون شعره المتماوج.
سار مباشرة إلى طاولة الإفطار, ألتقط شرابه و ألقى نفسه على أحد المقاعد مطلقاً تنهيدة راحة. ضحكة اندريا و وقفت إلى جانبه مستعدة ان تناوله شطيرة ديك الحبش و البندورة و الخس, و ما كان منه إلا أنه التهمها فى دقيقة.
تبين لها أن مراقبة رجل جائع و هو يأكل هو من أمتع الأمور لتمضضية وقت الفراغ. كل شئ يتعلق بــ لوك كان يمتعها, من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه. إنها تحب أن تكون معه....هكذا بكل بساطة.
"لوك, لقد صبرت بما فيه الكفاية, أريدك أن تخبرنى الآن ما الذى حدث لك." ألحت عليه فيما كانت تناوله شطيرة ثانية.
قال لها ما بين لقمة و أخرى: "قمت ليلة أمس برحلة اضطرارية إلى بايرد لتسليم كمية من بلازما الدم إلى المستشفى الأهلى ثم أويت إلى فندق, أقلعت من مطار غراند كاونتى قرابة الساعة السادسة صباحاً فى أجواء ملبدة بالغيوم, واجهتنى رياح قوية فى منتصف الطريق إلى البوكركى. هل سمعت بالرياح الخاصة؟"
أومأت برأسها و قد أدركت ما سوف يقول متابعاً. "من دون أن أدخل فى التفاصيل قمت بهبوط اضطرارى على تل يقع فى طرف غابة سيبولا العامة, تحطم خلال هذه العملية المحرك الأيمن و جهاز الاتصال اللاسلكى."
"لوك!" شعرت أن الدم قد غاب عن وجهها.
تناول لقمة طعام أخرى. "لم يكن الأمر بهذذا السوء. ما جعل تجربتى مؤلمة هو السير على الأقدام لمسافة عشرين ميل فى درجة حرارة تحت الصفر خاصة و أنى لم أتناول طعام العشاء ليلة أمس, و تركت المنزل باكراً من دون أن يكون عندى وقت لتناول الفطور."
اغمضت اندريا عيناها لا أرادياً, كان محتملاً, أن أفقده, "كيف عدت إلى البوكركى؟"
"فى الحافلة."
"أنت تمزح من دون شك, ألم يكن باستطاعتهم أرجاعك بالطائرة؟"
هز رأسه نافياً. "كانت الرياح قوية جداً. و على أية حال كانت خطوط الهاتف فى ماغدالينا قد تقطعت بفعل العاصفة."
"لقد نجوت بحياتك بمعجزة!" صاحت, "لقد فقدت طائرتك....."
ضحك برقة: "لا تقلقى.....كنت أقود إحدى طائرات الشركة. ستدفع شركة التأمين تعويضاً على الاضرار, طائرتى البيتشكرافت للمتعة فقط."
"أوهـ." شعرت بغبائها و لكن هناك أموركثيرة عنه لا تعرفها. "هل يقدر رئيسك فى العمل, أنك تخاطر بحياتك كل مرة تقوم فيها برحلة جوية لحسابه؟"
"رئيسى فى العمل؟"
"أجل, السيد رينولدز, أو كان من يكون يملك الشركة التى تعمل لديها."
ضحك ثانية, من كل قلبه, و قد أكدت ضحكته سحر ابتساماته و محبته للحياة...و صعقت اندريا بمتعة, المتها فى كل خلايا جسمها.
"ما الذى يُضحكك؟ لا أستطيع أن أجد فى الأمر أى شئ يضحك."
"لو استمعت جيداً إلى تعداد ممتلكاتى خلال المحاكمة لتذكرت أن شركة رينولدز للشحن الجوى هى إحدى الشركات التى أملكها."
ذُهلت مما قاله, و عبت ما تبقى من شرابها دفعة واحدة, كان صحيحاً, لم تستطتيع أن تركز كثيراً فى بداية المحاكمة.
كانت جاذبيته قوية جداً لدرجة أنها أجبرت نفسها لتعير انتباهاً للشهادة.
"قال كاسى بوضوح إنهم إستأجروك كطيار, الأسبوع الفائت."
"نقل أننى استأجرت نفسى, لأنى أحب الطيران أكثر من أى شئ آخر."
عبست اندريا, "لقد أعتقدت أنك تعيش و تتنفس سوق الأسهم المالية."
بدت القساوة فى عينيه, "كنت أفعل ذلك, لسنوات طويلة و لكن السجن غير نظرتى إلى أمور كثيرة, ابتعدت عن أسلوب قطع الأعناق فى حى وول ستريت بما يكفى, لأدرك أنى لا أرغب بالعودة إلى هذه المهنة أبداً."
لا يمكن لومه على هذا التفكير بعدما أتهم بالأختلاس و حُكم عليه بالسجن, هو يحتاج إلى النوم من جراء ما حدث له منذ الصباح الباكر, و كى يمحو الارهاق الظاهر على وجهه

منتديات ليلاســـــــــــــــــــ

زهرة منسية 31-07-14 12:59 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
انتهى من طعامه و شرابه, عندما نظرت فى عينيه وجدت أن النظرة المريرة قد أختفت وحل مكانها لمعان غامض, عندها قررت أن الوقت قد حان لكى تذهب.
"ماذا يرغب, سعادتكم, قبل أن يخلد إلى الراحة؟" سألت بنبرة خفيفة.
"لقد أكلت خبزى و أحتسيت شرابى, و الآن ما أرغب....."
و بجهد بسيط أحاطها بذراعيهو قربها منه.
سأبقى لدقيقة واحدة فقط, وعدت اندريا نفسها, عانقته بعفوية: "شكراً لله أنك على قيد الحياة" لم تع أنها تكلمت بصوت مرتفع حتى أحست بيديه تتصلبان.
"هل هذا يعنى أنك ستبادلينى الحب؟" أعادها سؤاله الواضح إلى الواقع بسرعة و لكنه أمسك بها بشدة عندما حاولت التملص, "هل كانت لك أى علاقة برجل؟" بازدياد معرفتها به كان على اندريا أن تعتاد على طريقته المباشرة فى الكلام و لكنها لم تفعل. "هل وقعت مرة فى الحب؟"
رفعت أخيراً رأسها و واجهت نظرته المتسائلة. "نــــــعــــــم."
لاحظت أنطباق فكيه على بعضهما بعضاً. "نعم للسؤال الأول أم الثانى؟"
تلاعبت أصابع اندريا من دون وعى بشعره الداكن. "لم تكن لىّ البتة أى علاقة مع رجل, إذا كان هذا ما تريد معرفته, لقد وقعت فى حب مارك عندما دخلت الجامعة, والدته كانت مشلولة تحتاج إلى مدبرة منزل تقيم معها, و من محاسن الصدف أنى حينها كنت قد بلغت الثامنة عشرة من عمرى و لم أعد مجبرة على البقاء فى بيوت الرعاية. أعلن مارك عن حاجته لمدبرة منزل تعتنى بأمه خلا فترات غيابه. قبلت بهذا العمل لأنه يوفر لىّ الطعام و الملجأ, و فرصة أكمال تعليمى فى الليل لأحصل على درجة جامعية."
"لم تذكرى مارك, على أنه أحد الأسباب التى دفعتك لهذا العمل." قال لها ببرودة.
"إذا نحيت جانباً حقيقة أنه ألطف رجل قابلته فى حياتى, لم أكن أشعر نحوه بأى....عاطفة ليس فى البداية, كنت سعيدة لتحررى من رقابة وكالة الرعاية, بصورة لم تترك لىّ مجالاً للتفكير فى أى شئ آخر. و لم آخذ باعتباره أكثر من صديق عزيز حتى وفاتة والدته."
"لماذا لم تتزوجيه إذاً؟" أدهشها الأنفعال فى نبرة صوته
"جنا فى طريقنا لإجراء ترتيبات الزواج عندما انحرفت شاحنة عن طريقها و اجتاحت سيارتنا. قُتل مارك على الفور, و أنا بقيت فى المستشفى قرابة السنة, شبه مشلولة."
"يا إلهى."
"لم أكن حينها فى أفضل حالاتى النفسية, جدفت بالخالق و لعنت القدر, و لكن بعد ذلك اكتشفت أنى لعنت نفسى و كفرت لأن السعادة بقيت بعيدة المنال عنى."
"عندما قلت إنك كنت شبه مشلولة, هل تعنى ساقيك؟"
"كل جسمى, من الرقبة إلى القدمين."
شتم بصوت خافت و ضغط على يدها بقوة. "إذا كان ذلك صحيحاً, فكيف أنت هنا, تتحركين؟"
"قرر الأخصائيون فى البداية أن الإصابة فى العمود الفقرى, و لكن تبين لهم بعد فحوص عديدة, أنه شئ آخر. قال لىّ الدكتور النفسى, أن أصابتى نفسية, و أننى أتمنى الموت فى عقلى الباطن, ولذلك لا أستطيع الحراك."
قال بعد أن خيم الصمت بينهما لعدة لحظات: "ما الذى أعاد إليك الحياة؟ إيمانك بالله؟ بالكنيسة؟"
ابتسمت اندريا قليلاً. "اعتقد, فى النهاية, أن ذلك هو السبب, أريدك أن تفهم, أن لا أحد من الذين أشرفوا على تربيتى فى بيوت الرعاية كان يذهب إلى الكنيسة, و هكذا لم يكن لىّ أى تجربة فى هذا المجال, ثم دعانى مارك مرة للذهاب معه. السبب الوحيد الذى جعلنى أذهب معه هو لأن ذلك يسره. هو و والدته كانا متدينين جداً"
وعت اندريا أنها تتحدث و تسرد قصتها و هى تشعر بالارتياح و بحسن تصرفها لمشاركة قصة حياتها مع لوك, عندما قابلته فى السجن لم تكن تتخيل أبداً أن ذلك سيحدث.
"عندما كنت راقدة فى المستشفى زارنى أصدقاء مارك من أبرشيته. البعض قابلتهم من قبل و لكن معظمهم كانوا غرباء عنى و لا سبب يدعوهم لزيارتى, ولكنهم فعلوا. ليس لتسليتىفقط بل لتشجيعى على تجاوز المحنة. و قد أغرقونى بالهداياو البطاقات و الأزهار.
منتديات ليلاس
"ولكن الشبيبة كانوا على الأرجح العامل الأساسى فى شفائى. شخص ما فى الكنيسة وضع لهم نظاماً كى يأتوا كل يوم بعد انتهاء دوام المدرسة, و لا يهم إذا كان الطقس ممطراً أم مشرقاً. فى البداية كانوا يتحلقون حولى, يعزفون الموسيقى و يلقون النكات التى أعادت الضحكة إلى وجههى."
"كان أحد الشباب أسمه رود, يهوى لعب الورق, البوكر كانت لعبته المفضلة, و كان هو و أصدقاءه يلعبون فوق سريرى و يضعون رهانات بسيطة فيما كنت أنا راقدة عليه." رمقت لوك و وجدته يبتسم. "وهكذا أكتشفت السبب الذى من أجله يأتون دائماً إلى المستشفى. كائن من كان مسؤول عنهم, لم يكن يعرف ما الذى يُجرى خلال زيارتهم, و أنا بالطبع لم أؤنب الشبان, لأنى كنت أتمتع بصحبتهم." ابتسمت عندما وصلت إلى هذا الحد من ذكرياتها.
"على أى حال, عندما يأتى دورى, كان رود يمسك بأواقى ثم ألقى نظرة عليها و أخبره بما يجب أن يلعب. أمضيت وقتاً طويلاً, راقدة على الفراش دون حراك. و لهذا أتيح لىّ وقت طويل كى أفكر, تعلمت كيف أعد الأوراق, و كيف ألعب كل نقشة, و كيف هؤلاء الشباب يفكرون, أنا متأكدة من أن اندفاعى للمنافسة انبثق من ساعات لعبة البوكر. وصل بىّ الهوس إلى انتظار وصولهم بفارغ الصبر كى نبدأ اللعب, أصبحت أعيش بانتظار تلك اللحظات."
"فى أحد الأيام و عندما أتى دورى فى اللعب......" توقفت و تنحنحت ثم تابعت "....و فيما رود يمد يده ليلتقط أوراقى أوقفته بيدى لأننى أردت أن أفعل ذلك بنفسى و الباقى كما يقال أصبح ضمن التاريخ."
"بالتأكيد أن شفاءك معجزة." علق بصوت أجش و خافت.
هزت برأسها, "نعم, و السبب هو عدم أنانية هؤلاء الشبان و من نتيجته أننى أصبحت أرغب بالذهاب إلى الكنيسة, كى أقف على السب الذى جعلهم كذلك.... كرماء النفس يضحون بوقتهم و بأنفسهم, بعد ذلك قررت أن أنضم إليهم, و نتيجة لذلك توقفت عن دراسة إدارة الأعمال, بعد أن اقترح علىّ راعى الأبرشية المحلية أن انخرط فى كلية اللاهوت, و أكتشفت نفسى."
أمسك لوك بخصلة من شعرها و لفها حول اصبعه. "لقد لعب القدر بنا بطريقة غريبة, و لولا المحاكمة لما تقابلنا أبداً." تمتم و كأن صوته صادراً من بعيد, شعرت اندريا أنه يشد شعرها قليلاً.
"كلا, لو لم أعين فى هيئة المحلفين...." لم تفهم لماذا أفلت خصلة شعرها و وضع مفاتيح سيارتها فى يدها, نظرت إليه بحيرة و تساؤل.
"نويت الليلة أن أدفعك إلى أمر حميم, و لكن هذا يعنى أنك ستتخلين عن واجباتك الدينية, إن شعورى الآن’ أن لا شئ يرضينى أقل من أن تمضى طوال الليل معى, لذا أسرعى بالعودة إلى أبرشيتك طالما استطعت السيطرة على نفسى."

نــهـايـة الـفـصـل الـسـادس

زهرة منسية 01-08-14 06:14 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الـــفــــصـــل الــســـابـــــع


ذهبت اندريا إلى شقة هيرب ويلسون الجديدة للمساعدة فى ترتيبها. خلال وجودها و فيما كانت تضع الصحون و المناشف فى خزائن المطبخ سمعت صوتاً آتياً من الغرفة الأمامية, نظرت إلى ساعتها فرأت أنها تشير إلى قرابة الثامنة, ربما بول و هيرب وصلا. تركت ما بيدها و خرجت تستطلع الأمر, كادت أن ترتطم بـ كاسى و مات اللذين كانا يحملان جهاز تلفاز ضخماً ألقيا عليها التحية بصوت ودود بعد أن وضعا الجهاز فى مكانه على الحائط.
منتديات ليلاس



منتديات ليلاســــــــــ


زهرة منسية 01-08-14 06:16 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
"من تبرع بذلك؟"
"أنا فعلت."
استدارت اندريا فى الوقت نفسه و رأت لوك يدلف من الباب الأمامى و قد ارتدى ثياب التمرين للكرة الطائرة أسوة بالآخرين, سروالاً قصيراً و قميصاً قطنياً. كان يحمل كرسياً هزازاً من الجلد الداكن. تقابلت نظراتهما, و لكن لمعان العاطفة الذى شاهدته فى عينيه ليلة أمس, أختفى الأمر الذى جعلها تحس بقشعريرة برد تسرى فى جسمها.
"صباح الخير, أيتها الأخت."
"صباح الخير." ردت عليه بهدوء, إلقاء تحية الصباح بصورة رسمية لم يترك مجالاً للشك فى إنه يتراجع عما قاله, فقد وصلا ليلة أمس إلى طريق مسدود. لقد أصبح لوك يعرفها جيداً, و أدرك أنها لن تقيم معه علاقة إلا إذا تزوجا. و هكذا إذا لم يصل إلى درجة الرغبة فى الزواج منها, فعلى الأرجح سيتركها و شأنها من الآن و صاعداً.
لم يجدها نفعاً, أن تذكر نفسها, بأن ما حصل هو ما كانت تتوقعه دائماً. من كان يظن أن تعلقهما ببعضهما البعض سينمو إلى درجة أنه لم يعد بإستطاعتهما البقاء بمفردهما دون أن تراودهما رغبات قد لا يمكنهما مقاومتها؟ أن تكذب على نفسها, فهذا أمر يستنزف قواها, إنها تحبه بعنف و تريده بقربها فى جميع الأحوال.
"عندما يرى هيرب جهاز التلفاز الذى جلبته, لن يصدق عينيه, فهو لا يخرج من منتديات ليلاس البيت كثيراً بسبب إصابته بتصلب الشرايين, و من المؤكد أن الجهاز سيكون سلوى عظيمة بالنسبة له. كيف أستطعت العثور على متجر مفروشات يفتح فى هذه الساعة المبكرة من الصباح؟"
"أنا لم أفعل." قال و هو يشبك أسلاك الجهاز و يوصلها بالكهرباء بمساعدة الولدين, "لقد جلبته من مكتبى و ما كدت استعمله خلال السنة الفائتة. و قررت أن الجهاز يجب أن يكون حيث الحاجة إليه أكثر."
"هذا كرم كبير منك يا لوك." قالت متأثرة
"لم يكن أمراً من هذا القبيل لأنى أملك جهازين آخرين فى البيت, و لم أضح بشئ احتاجه, الكرم يعنى أن تعطى من نفسك, أن تعطى شيئاً مهماً."
لم تترك هذه الملاحظة لـ اندريا أى مجال لأى كلام, و لكنها تركت لها الشئ الكثير لتفكر به, عادت إلى المطبخ لتنهى وضع الأغراض فى الأدراج.
تساءلت اندريا باستغراب, لماذا لا يدع لوك أبداً أياً كان, يمدحه, و يقلل من قيمة أعماله الخيرية. ناداها, فيما كانت تضع أحد الأدراج فى موضعه: "سنبدأ التمرين عند الساعة التاسعة, أيتها الأخت حاولى ألا تتأخرى هذه المرة."
أزعجتها ملاحظته إلى درجة أنها أرادت أن ترميه بكل ما فى يدها.
وصل بول و هيرب و بعض السيدات من الأبرشية بعد دقائق من مغادرة لوك و الولدين, أنهت اندريا عملها فى المطبخ و ذهبت لتحيتهم, و أدركت على الفور سبب بهجتهم و تعليقاتهم, كرم لوك لم يتوقف عند حد التبرع بجهاز تلفاز فقد أنهى هيرب لتوه إخراج أريكة مخملية و طاولة قهوة فرنسية الطراز, تبرع بهما لوك, وقف الرجل المسن فى وسط الغرفة يبكى من التأثر فيما كانت عينا بول تلمعان بالبهجةو يكاد قلب اندريا أن ينفطر.
جلبت مارغو سلون التى كانت إحدى السيدات اللواتى رافقن بول و هيرب كمية من أغراض البقالة و المعلبات, سارت نحو اندريا و هى تتجه إلى المطبخ و همست فى أذنها: "كيف بالله استطعت الحصول على هذه الأشياء؟"
"تبرع بها عدة أشخاص." أجابتها اندريا ثم أضافت و هى تشعر و كأنها تزيح شيئاً كان يرزح على صدرها: "أعتقد أن لوكاس هاستينغز قد تبرع بمفروشات غرفة الجلوس."
كادت اندريا أن تضحك على تعبير الذهول الذى أعتلى وجه مارغو.
"يبقى أن نسأل, عما إذا دفع ثمن هذه الأشياء أم لا." قالت مارغو بلؤم: "هل عرف المشرف القضائى بذلك؟"
"لقد تأكدت أن كلاً من هذه القطع أتت من منزله."
لمعت عينا مارغو سلون بنظرة اتهام. "أجل لقد لاحظ جميع من فى الأبرشية, كيف أصبحتما متقاربين جداً. لو كنت مكانك لكنت أكثر حذراً فى أختيار الأصدقاء."
منتديات ليلاس
"أرجوك يا سيدة سلون, لا تهددينى و إلا سأطرح بنفسى هذا الموضوع, على مجلس الكنيسة, لــ لوكاس هاستينغز كل الحق فى الاستمرار فى حياته, و طالما يقوم بواجبه نحو الأبرشية سيرحب به الجميع."
"سوف نرى ذلك." ردت عليها.
كاد غضبها أن يدفعها إلى تصرف عنيف, فأرتأت أن تنسحب و توجهت نحو بول و قالت: "سأعود إلى الكنيسة من أجل تمرين الكرة الطائرة."
"كيف تجرى الأمور هناك؟"
"لن يمكنك أن تميز الآن, إننا الفريق نفسه."
فرك بول يديه ببعضهما البعض, "مسألة الدورة كانت الموضوع الرئيسى الذى دارت الأحاديث خ=حوله على طاولة العشاء, ليلة الأمس, تعمدت أن لا أتكلم كثيراً عن لوك, فنحن لا نستطيع أن نجازف فى أن يسرق فريق آخر مدربنا القدير."
"الأولاد لن يتحملوا ذلك." ابتسمت اندريا و هى تشعر ان غضبها أخذ يتلاشىو إذا حدث و اضطرت للامتناع عن التكلم مع مارغو فلن يكون ذلك بعيداً. "سأراك لاحقاً فى الكنيسة يجب أن نراجع التقارير المالية قبل حضور كدقق الحسابات."
"إيتها الأخت," قاطعهما هيرب: "أريد أن أشكرك على كل ما فعلت."
استدارت و صافحته: "أنا أعرف ما هو شعورك تماماً, لأننى تلقيت ستبقاً معونة من الأبرشية أيضاً, أنه أمر يدعو إلى التواضع, دعنا نعرف ما إذا احتجت إلى أى شئ آخر."
ودعت الجميع و هرعت إلى سيارتها, كان تأنيب لوك على تأخرها ما يزال يدوى فى أذنيها, من الممكن أن تصل فى الوقت, إذا أسرعت, هذه المرة, أرادت أن تفاجئه.
و لكنها وصلت متأخرة عدة دقائق و انضمت لبقية الفريق فى حركة التسخين, باستثناء إلقاء نظرة سريعة, لم يميزها لوك عن الآخرين و استمر بالتدريب.
أدركت أن توجيهات لوك هى السبب فى أنها لم تعد تخاف من الكرةعندما تلقى إليها, و الأفضل من ذلك, أنها تعلمت كيف تضرب الكرة من فوق الشبكة إلى آخر خط الفريق المقابل, ليزا, أيضاً تخلت عن الكثير من مخاوفها و هى تحاول أن ترد الكرة الآن, بدلاً من تركها تطير من فوق رأسها. لم يبق على موعد بدء الدورة إلا عشرة أيام و بمساعدة لوك أصبحوا فريقاً جاهزاً.
غياب تيسى سلون كان النقطة السوداء الوحيدة فهى لم تأت إلى التمرين منذ أسبوع, لم يتحدث أحد فى هذا الأمر و لكن اندريا عرفت أن السبب ليس عزوف تيسى بل منع أمها لها. لا تملك هذه الفتاة أى فرصة تجاه أمها المتسلطة.
عندما سمح لوك للجميع بالذهاب وضعت اندريا أدوات الرياضة فى الخزانة و توجهت نحو مكتبها, لحقها عن قرب و أغلق الباب وراءهما عندما أصبحا داخل المكتب, تمنت لو لم يفعل ذلك, وجودهما على إنفراد فى غرفة واحدة لم يعد مستساغاً. "أرتاحى أيتها الأخت, أنا لست على وشك التطفل, كل ما احتاجه هو بضع دقائق."
"لابد و أننى لم ألعب بشكل جيد خلال التمرين." مازحته فى محاولة لتخفيف التشنج بينهما.
"ليس هذا ما لاحظته, أنت تستوعبين بسرعة و تتحسنين طوال الوقت و تصبحين منافس لا يستهان به, هذا ما قاله مات....الذى يبدو أنه يعشق الأرض التى تمشين عليها."
"لقد اخترت الوقت المناسب لمغادرة شقة هيرب ويلسون لولا ذلك لأعاد مات النظر فى رأيه بىّ."
تجهمت تعابيره: "لا تتكلمى بالألغاز, أخبرينى بما حدث."
لفت اندريا ذراعيها حول نفسها و استندت إلى الطاولة "تجادلت مع مارغو سلونو تحولت المجادلة إلى نوع من المبارزة الكلامية."
"بسببى؟"
"لوك, هناك شئ يجب أن تعرفه, لم ترض مارغو قط عن تعيينى مساعدة ابرشية, إنها لا تعتقد أنه من المناسب أن يُسند هذا المركز إلى امرأة, و هى قاطعتنى من حينها, و هى تتحين وقوعى فى خطأ ما, كى تشير إلى ذلك و تعمل على إهانتى أمام المجمع الدينى, لم أعر هذا الأمر بالاً, حتى الآن. ولكن أن تستغل وجودكضدى, فهذا شئ آخر, و لن أتقبله."
أمسك بكتفيها و أجبرها على النظر فى وجهه "فى حال أنك لم تلاحظى..."لمعت عيناه "......أنا رجل بالغ أستطيع الأعتناء بنفسى. أنت من بحاجة للحماية, لولا اقتراب موعد الدورة لخرجتم ن حياتك فى الحال. و لكن الأولاد يعتمدون علىّ."
هل هذا صحيح؟ هل كان سيختفى من حياتها لولااقتراب الدورة الرياضية؟ و ماذا سيحدث بعد ذلك, بعد أن تنتهى هذه الدورة؟
"هل تعتقد أن مغزى كلامى, أنى أطلب منك الرحيل؟" صرخت بوجهه مستاءة من دون أن تعى أنها تشد قميصه بكلتا يديها. "السبب الوحيد لإثارة هذا الموضوع لأنبهك كى تأخذ حذرك, فى حال حاولت مارغو أن تثير المتاعب, لا أريدك أن تتأذى, أن النظرة التى فى عينيها....."
"لا وسيلة عندها لتؤذينى بها غيرك أنت. سأخفف من حضورى حتى انتهاء المباريات. و هذا ما كنت أريد التحدث به عندما أتيت إلى هنا."
"ماذا تحاول أن تقول؟" شعرت بالألم فى قلبها يتزايد.
"لن آتى فى الأسبوع القادم, لقد بحثت الأمر مع ريتشى, الذى سيدرب الفريق فى غيابى حسب التوجيهات التى أعطتها له. و لكن سأعود لأشرف على التمارين الثلاثة الآخيرة قبل بدء الدورة."
أفلتت قميصه من بين يديها. "هل لأعمالك علاقة بذلك؟"
بدا و كأنه يتردد. "لا." قال بهدوء هازاً رأسه. شد قليلاً على كتفيها ثم تركها و ابتعد.
أحست أن ابتعاده كان انفعالياً أكثر منه فعلياً, لأنه لم يقدم أى تفسير يعنى أنه يغلق نفسه عنها, و ينبذها, قالت فى نفسها, إنها تستطيع أن تعتاد على ذلك, و لكن الألم الذى شعرت به كاد أن يشلها. لن تستطيع ابدأ معرفة مقدار الجهد الذى صرفته فى السيطرة على نفسها و منع نفسها من ذرف الدموع, فى الوقت الذى ابتسمت له فيه.
"أنا و الأولاد سنمارس كل التمارين التى علمتنا إياها أتمنى لك حظاً سعيداً فى كل ما تريد عمله."
"اندريا....."
"نعم؟" أجابت و هى تحاول أن تمسك بخيط ضئيل من الأمل فى أن يتحدث إليها و يخبرها بما يحدث.
سأركم جميعاً بعد أسبوع."
تمزق قلبها عندما غادر مكتبها. كان على وشك الأفصاح عن أمر ما, أنها متأكدة من ذلك, و لكنه عدل عن ذلك, لماذا؟
كثيراً ما سمعت اندريا القول: "العيش فى دوامة الفراغ" و لم تفهم حقاً ما يعنى ذلك إلى أن أصبح لزاماً عليها أن تعيش أسبوعاً كاملاً من دون لوك, أخافها عدم رضاها عن الحياة والفراغ الذى خلفه حولها. كانت تتوقع سماع صوته كلما رن جرس الهاتف فى المكتب أو فى البيت, ثم تؤنب نفسها على التعلق بأمل ليس له أساس .

منتديات ليلاســـــــــــــ


زهرة منسية 01-08-14 06:21 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
فى ليلة يوم الجمعة اللاحقة عادت اندريا إلى البيت من جولتها المسائية على المستشفى لتجد سيارة دوريس تتوقف بجوار الرصيف, أوقفت اندريا سيارتها مباشرة وراء سيارة دوريس و خرجتا من سيارتيهما فى آن واحد.
"دوريس, يا لها من مفاجأة! هل انتظرت طويلاً؟"
"قرابة ساعة."
تجهم وجه اندريا "لماذا لم تعلمينى بزيارتك قبل مغادرتى إلى المستشفى؟ كنا قد اتفقنا على موعد اللقاء."
"لأن شيئاً قد حدث بعد مغادرتك, ووجدت أنه يجب أن أطلعك عليه حتى ولو اضطررت للانتظار حتى منتصف الليل."
هل الأمر يتعلق بــ لوك؟ احست فوراً بدوار بسيط فى رأسها. "أنا....أهى أخبار سيئة؟"
"لم يصب لوكاس هاستينغز بأى مكروه و لم يمت, إذا كان هذا ما تتساءلين عنه." أدركت دوريس ما كان يجول فى خاطرها بوضوح "دعينا ندخل البيت, و سأخبرك بكل شئ."
كانت مايبل تختلس النظر إليهما, من خلال نافذة منزلها, فيما كانتا تعبران الممر إلى الشقة تجاهلتها اندريا و فتحت الباب. دعت دوريس إلى منتديات ليلاس الجلوس بعد إنارة الضوء فى غرفة الاستقبال.
"أعتقد أنه أنت من يحتاج إلى الجلوس قبل أن تنهارى."
"لا أستطيع. عندما تكون أعصابى متوترة يجب أن أبقى واقفة, أخبرينى عما جرى."
تنهدت دوريس ثم قالت: "بكلمة واحدة, إنها مارغو سلون."
"كان يجب أن أخمن ذلك."
"أوهـ يا اندريا, أنت لا تعرفين نصف ما جرى."
"إنها ترغب بالتخلص منى."
"إنها ستحاول ذلك," أتاها الرد و كأنه نذير شؤم.
توقفت اندريا عن المراوحة, "أخبرينى بما تعرفين."
"إن مصادرى موثقة مئة فى المئة."
رمقتا بعضهما البعض. "أتعنين أبنتها تيسى."
أومأت دوريس برأسها إيجاباً. "كما تعرفين, تأتى تيسى أحياناً لتجالس أطفالى ليلة أيام الجمعة عندما يكون غريغ مسافراً و لا تتمكن والدتى من المجئ. كانت مستاءة جداً, عندما أتت الليلة و لم أحتاج للالحاح الشديد كى تخبرنى عما جرى لها."
"أنا أعرف أنها مستاءة لأن أمها مارغو غصبتها على ترك فريق كرة الطائرة."
"ما سأخبرك به أسوأ بكثير, اندريا, قدمت مارغو تقريراً إلى الرئاسة العليا للكنيسة تطلب فيه إقالتك, كى لا تستطيعى أن تخدمى فى أى أبرشية أخرى ثانية."
"مــــــــــــــــــــــــاذا؟"
"يبدو أنها كانت تفكر فى هذا الأمر منذ مدة طويلة. عندما سمحت أنت و بول لــ لوكاس هاستينغز بتولى تدريب الأولاد, وضعت سلاحاً بيدها, لقد رأت سيارتك متوقفة أمام منزل لوك من عدة ليال و جمعت واحد مع واحد لتحصل على أثنين, لا تسألينى, كيف صدف أنها مرت بالقرب من بيت لوكاس فى ذلك الوقت بالذات."
لم تستطيع اندريا الكلام من هول الصدمة.
"من بين الاتهامات التى رمتك بها, تهمة الأهمال المتعمد.....العمل للقيام بنزهة مع الأولاد برفقة مجرم سابق و تعريض حياتهم للخطر."
"هل هى تدرك أنها تدين بول فى الوقت نفسه؟" اصبحت اندريا تغلى من الغضب.
"لم يعد سراً, أنها تعتقد أن بول فقد تماماً فعاليته كراع للأبرشية و أنت من يدير شؤونها. ما تريده هو تغيير شامل."
"ألا تحترم أى شئ هذه المرأة."
منتديات ليلاس
"أعتقد أنها مهوسة و لكنها خطرة و تحارب على جميع الأصعدة, ذهبت مباشرة إلى مجلس الكنائس المشتركة لتخبر رؤساءه أن الرجل الذى يدرب فريقنا له سوابق إجرامية, و تحاول أن تقيله قبل بدء الدورة."
"لن أدعها تفعل ذلك!"
"ليس هذا أسوأ ما فى الأمر. لقد طلبت أن يُفتح تحقيق للكشف عن ماضيك."
تجمدت اندريا فى مكانها. "هل تكرهنى إلى هذا الحد؟"
"ليس أنت كشخص."
"إنه أمر مضحك, أليس كذلك؟ كنت دائماً قلقة فى كلية اللاهوت أن يعترض رجل على قدرتى فى أن أكون كاهنة......" خفت صوتها تدريجياًو حدقت إلى دوريس "هل هناك شئ آخر؟"
أومأت صديقتها بالإيجابو هى تشعر بالتعاسة "أكتشفت مارغو أنك حللت مكان بول بالذهاب إلى السجن, منذ عدة أشهر و عرفت من مايبل أنك و لوك على صداقة, عندما حضر الاجتماع فى منزلك, الشهر الفائت, إنها تستغل ذلك كى تبرهن على توددك لسجين قبل أن يطلاق سراحه بفترة طويلة."
"أتودد." إنها الكلمة المناسبة, لو استطاعت مارغو الوصول إلى حارس السجن الذى شهد عناقهما لاكتشفت أنها عثرت على خاتم سليمان.
"إننى مندهشة لأن تيسى فتحت قلبها لك على هذا النحو."
"إنها خائفة يا اندريا, تعرف أن أمها تتصرف على نحو خاطئ و والدها لا يجرؤ على رفع صوته أمام مارغو, أردت أن أخبرك بذلك كى ستعدى للأمر." وقفت دوريس و حضنت اندريا.
"تمنيت كل حياتى أن أحصل على صديق حقيقى, إنسان أستطيع أن أثق فيه و آتمنه على أسرارى" قالت اندريا "و هذا الإنسان هو أنت يا دوريس."
"ماذا ستفعلين؟" سألت دوريس فيما تمسح دمعة انهمرت على خدها.
"كان بول مرشدى الروحى منذ تخرجت من كلية اللاهوت هو الشخص الذى سأبحث معه الأمر."
"هذا حسن,: كلما أسرعت كلما كان ذلك أفضل, سأذهب الآن إلى البيت إلا إذا كنت تفضلين بقائى, أتصلى بىّ فى أى وقت, و لو كان منتصف الليل و سآتى فى الحال."
"قد تندمين على هذا العرض." تمتمت اندريا ثم شكرت صديقتها ثانية و رافقتها إلى الباب.
هرعت اندريا إلى المطبخ حالما غادرت دوريس و طلبت بول على الهاتف. و عندما أجاب قالت له: "شكراً لله, لأنى وجدتك."
"اندريا؟"
"أجل, هناك أمر يجب أن نتحدث فيه يا بول, الليلة إذا أمكن."
"فى الحال إذا أردت, كيف أستطيع مساعدتك؟"
"سيستغرق شرح الأمر طويلاً"
"لدينا الليل بطوله."
"ليباركك الله." همست فيما الدموع أخذت بالتدفق من عينيها. "كانت دوريس بانتظارى عندما وصلت إلى البيت بعد جولتى فى المستشفى, و يظهر أن تيسى سلون التى أتت إلى منزلها لكى تجالس أطفالها هذا المساء أخبرتها.....روحت عن نفسها و.........و..........." لم تستطيع أكمال جملتها لأنها انخرطت بالبكاء.
"اندريا؟" بدا فى صوته أنه أصبح قلقاً.
تمالكت أعصابها و أخبرت بول بكل ما سمعته. عندما أنتهت من سرد القصة....بما فيها الوقوع فى حب لوك...... استطردت قائلة "أنا ضائعة, و لا أستطيع أن أقرر من أين أبدأ."
"أنا لا أستغرب هذا الأمر يا عزيزتى, و لكنى سأخبرك بما يروح عن نفسك, لقد تغلبت على عواصف أسوأ من هذه خلال أعوامى الخمسين فى خدمة الكنيسة و سوف نتغلب على هذه العاصفة, تذكرى أن مارغو عندها مشكلات خاصة بها, من قبل قدومك. كل من يسمعها لا يسعه إلا أن يلاحظ ذلك, و لا تقلقى, لن يأخذ أحد كلامها بجدية."
تنفست اندريا بتقطع "أتمنى أن تكون على حق, أكثر ما أخافه, هو أن تُشهر بـ لوك, و هذا ليس عدلاً, خصوصاً بعد ما جرى له و الأشياء الرائعة التى قام بها من أجل الأبرشية فى الوقت القصير الذى امضاه هنا."
"هذا صحيح, حتى لو وصلت إلى حد أرسال تقرير إلىمجلس الكنائس المتحدة سيوافقون معك, أن لوك دفع ثمن جريمته, لقد أصبح سك منسياً و من الماضى, لن تصل مارغو إلى نتيجة, ثقى بىّ, أنها المثال الحى للعاصفة فى فنجان.
"عقلانياً أصدقك, و لكن عاطفياً..........."
"عاطفياً, هى تخيفك." أجاب عنها "لا تدعيها تفقدك توازنك, فهذا ما تريده, أريها من أى خامة أنت مجبولة و حابيها لآخر الطريق."
استلقت اندريا على فراشها بعد مضى وقت طويل على انتهاء مكالمتها مع بول تتأمل فى حثه لها على مقاومة مارغو. و هذا بالتحديد ما نوت عليه, حبها لـ لوك يلغى جميع الأعتبارات الأخرى.
لقد مضى خمس أيام على غيابه....عمر بأكمله, تساءلت كيف ستمضى بقية الأسبوع , حتى عودته, تمنت ل أن الفراق آلمه مثلما آلمها...............


نهاية الفصل السابع

زهرة منسية 01-08-14 06:25 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــفـــصـــل الـــثـــامـــــــن

منتديات ليلاس

أختارت اندريا بعناية فائقة الملابس التى ارتدتها للذهاب إلى الكنيسة, و جهدت فى تصفيف شعرها. ارتدت ثوباً زهرياً لم يشاهده لوك عليها من قبل, هفهف حول جسمها المتناسق لمع شعرها بعد تسريحه و تراقص متراخياً على كتفيها بإغراء.
أرادت أن تظهر على صورة لن ينساها لوك أبداً, برغم أن إمكانية مجئيه اليوم إلى الكنيسة كانت ضئيلة جداً, نصحها بول بالوقوف فى وجه مارغو و هذا ما ستفعله بالاضافة إلى أنها تريد أن يُتيم لوكاس هاستنغز بها على الرغم من كل العوائق, و أن يريدها أن تصبح شريكة عمره بقدر ما تريد ذلك.
تبرجت داخل غرفة الحمام بالكحل و أحمر الشفاه الزهرى فيما كانت تدندن لحناً خفيفاً ثم تضمخت بالعطر و وضعت عقداً من اللؤلؤ حول عنقها....هدية عيد الميلاد من بول, تناسق مع لون فستانها و ابرز اللون الزهرى لأحمر الشفاه الذى وضعته.
عندما رضيت تماماً عن مظهرها غادرت إلى الكنيسة فى الساعة السادسة و النصف, و قد نفد صبرها و توترت من فرط حماسها. كان لوك يعرف أنها تصل إلى الكنيسة قبل أن يصل أى من الآخرين بفترة طويلة, فى صباح أيام الأحد. و كانت تتمنى أن يكون بانتظارها. اعتراهى إحساس بالاحباط عندما لم تشاهد سيارته متوقفه فى موقف السيارات, لكنها قاومت هذا الاحساس فهذا اليوم ما كاد يبدأ.

منتديات ليلاســـــــــــــــــــ


زهرة منسية 01-08-14 06:27 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"اندريا" جمدت دوريس عندما دخلت المكتب قرابة التاسعة و شاهدت اندريا تقف إلى جانب خزانة الملفات,
"أوووووووووهـ ! ماذا فعلت بنفسك؟ أنت تبدين خلابة مذهلة."
مدت اندريا يدها و حضنت صديقتها ضاحكة, "لو لم تقولى ذلك, لذهبت الآن إلى البيت و بدأت من جديد التبرج."
"أنت تدركين أن لا أمل لدى لوكاس هاستينغز فى مواجهة هذا السحر."
"هذا مرادى."
نظرت دوريس إليها متفحصة و قالت: "أتعرفين.....أعتقد أنك وقعت فى حبه منذ أيام المحاكمة."
ابتسمت اندريا و لمع الحب فى عينيها. "هذا ما أعتقده أنا أيضاً."
قالت دوريس بعد توقف قصير. "بعد الذى اخبرتك به تلك الليلة, بت أخشى أن لا تأتى اليوم.... و لم أكن لألومك."
أخذت اندريا نفساً عميقاً و قالت: "هذا ما كان تلك الليلة, أما اليوم, فأن العالم كله يبدو مختلفاً."
"هل السبب هو لوكاس هاستينغز؟"
"أجل. و لن بول جعلنى أدرك أن مارغو سلون امرأة سقيمة و لن يأخذ أحد كلامها بجدية."
أومأت دوريس برأسها. "أنا متأكدة من ذلك."
استدارتا معاً عندما سمعتا خبطاً على الباب المفتوح. "أيتها الأخت!" وقف هال قرب الباب يحدق بـ اندريا كالمأخوذ بفعل سحرها الذى زاد عما كان مفترضاً. تنحنح عدة مرات "إن مجلس الكنيسة سيجتمع اليوم بعد القداس."
"لم ألاحظ ذذلك على البرنامج." تكلمت بنبرة رزينة و هادئة, و هى تعلم تماماً ماذا يخبى لها هذا الاجتماع, تبادلت مع دوريس نظرات ذات مغزى.
تململ فى وقفته و أجاب بعد أن تنحنح: "لا, لم يكن, لقد تقرر هذا الاجتماع بسبب أمر حدث بعد وضع البرنامج."
"شكراً لأخبارى يا هال, لقد أعلمت بول على ما أعتقد."
"أنا فى طريقى إلى مكتبه, فى الحال."
"حسناً, سوف ألتقيك فى الاجتماع."
انفجرت دوريس ضاحكة فى اللحظة التى أغلق فيها الباب وراءه. كتمت الضحكة سريهاً بوضع يدها على فمها, و لكن ليس قبل أن تنضم إليها اندريا فى الضحك. أدركت الفارق الكبير بين ما كانت تشعر به ليلة الجمعة و بين شعورها الملئ بالبهجة و التصميم فى هذه اللحظة استطاعت أخيراً أن تتخذ بعض القرارات..... قرارات فى الاتجاه الصحيح.
و لكن من الصعب أن تبقى على تساؤلها و قد بدا أن لوك لم يأت إلى القداس. رفضت, برغم ذلك أن تتقبل فكرة قيامه بلانسحاب من الأبرشية....فهو لن يقدم على هذه الخطوة.
أدركت اندريا خلال مقابلة مع أحد معلمى مدرسة الأحد, الذى كان مغادراً فى اجازة و يبحث عن من يحل مكانه أن الاجتماع قد بدأ على الأرجح فاعتذرت مننه و قطعت المقابلة.
سارت نحو منتديات ليلاس قاعة الاجتماعات الكبيرة بعد أن آخذت نفساً عميقاً, و حاولت إنقاء خطوتها....و معنوياتها....ثابتة و حازمة.
ما أن دخلت القاعة حتى أحست بشئ غير عادى, جالت بنظرها إلى الخمسة عشر شخصاً الموجودين فى الغرفة و توقفت عندما وقع بصرها على لوك.
أثارتها رؤية وجهه الوسيم, الذى راقبته يوماً بعد يوم خلال المحاكمة, و الذى حُرمت من رؤيته لمدة أسبوع. بادلته النظرات بجرأة غير آبهة لما قد يظنه الآخرون و لاحظت أن بدلته الرمادية و ربطة عنقه تناسقتا تماماً مع لون شعره المنسدل على ياقة سترته الأنيقة. شعرت اندريا بتسارع الدم فى عروقها و هى تنظر إليه.
أعادها صوت هال إلى الواقع, جلست على أقرب مقعد وجدته خالياً, و لكنه كان فى الظرف الآخر من مكان جلوس لوك. كان عزاؤها فى ذلك أنها لم تكن مضطرة لمواجهة لعداء الظاهر بوضوح على وجه مارغو سلون.
"باستطاعتنا أن نبدأ بما أن العدد قد أكتمل بحضور الأخت مايرز." بدا أن هال يواجه صعوبة ما لأنه ما فتى يتنحنح, فهمت اندريا السبب, لم يكن هال رجلاً حازماً و هذا الأجتماع هو أو لمهمة مزعجة له بعد أن اصبح رئيساً لمجلس الكنيسة. "لقد تلقيت اتصالاً هاتفياً من المركز الرئيسى للكنيسة." بدأ حديثه, "و يبدو أن واحداً من رعيتنا كتب له رسالة تتعلق.....بمشكلة. لقد بعث لىّ بهذه الرسالة لأن هذا هو الاجراء المناسب فى قضايا كهذه. و حسب قانون الكنيسة فالأبرشيات المحلية هى المسئولة عن حل هذه القضايا بما فيها الأمور المالية و كيف تواجه المعضلات الاجتماعية. لهذا طلبت هذا الاجتماع لنبحث هذه الشكوى...." اسرع بإنهاء كلامه "..... و أنا واثق من أننا سنجد حلاً يرضى الجميع."
غمز بول اندريا, أدفأت هذه الحركة قلبها, و أؤمأت له برأسها كى لا تضطر إلى مبادلته الأبتسام. لقد عادت الزوبعة إلى الفنجان كما توقع بول.
"عندنا ألتماس مقدم من مارغو سلون العضو فى ابرشيتنا و موقع منها و من عدة أعضاء آخرين بمن فيهم مايبل جونز, العضو أيضاً فى أبرشيتنا, أنهم يحتجون على تعين لوكاس هاستينغز مدرب فريق الكرة الطائرة لأنه مجرم سابق, و يذكرون أنهم لا يوافقون على اختلاط شبيبتنا معه على هذا النحو. هو ليس بالقدوة الحسنة لصغار السن. أنهم يطالبون أعفاءه من واجبته."
توقف قليلاً ثم نظر باتجاه مارغو سلون مباشرة و سأل: "هل هذا كل شئ؟"
وقفت مارغو و أجابت: "أطلب أن يغادر السيد هاستينغز الغرفة قبل أن نتابع الأجتماع."
طلب بول الأذن بالكلام, بدأ يتكلم و ابتسامة لطيفة تعلو وجهه: "ربما نسيت يا مارغو أن الجميع مرحب به لحضور الاجتماع. عندما عرفت محتوى هذا الألتماس اتصلت هاتفياً بالسيد هاستينغز و طلبت منه الحضور. لم يسبق لنا أتباع سياسة الباب المقفول. لقد أطلقت عدة أتهامات على إنسان مثلنا, و له الحق فى أن يعرف موقعه."
شعرت اندريا برغبة فى آخذ بول بالأحضان و معانقته بسبب هذا الكلام.
"تختلف الظروف المحيطة بالقضية كثيراً عما عهدناه فى قضايا سابقة." قالت مارغو بصوت مرتفع. "نحن نتكلم عن الرجل الذى سرق مليونى دولار لأجل....لأجل إرضاء الذات, إنه طراز من الرجال لا نريد التعامل معه أبداً."
لم يعد باستطاعة اندريا أن تبقى صامتة حتى و لا لثانية رفعت يدها, و لما أذن لها هال بالكلام وقفت, لاحظت القلق فى عينى لوك و أدركت أنه لا يريد منها أن تتدخل و تورط نفسها.
و لكن عدم انانيته تحفزها أكثر للتصدى لـ مارغو.
"لقد أصبح معروفاً للجميع أن السيد هاستينغز باع الكثير من ممكتلكاته لكى يسدد ديونه قبل أن يمثل أما المحكمة, لهذا السبب أطلق سراحه قبل أن ينهى مدة عقوبته."
منتديات ليلاس
أخذت نفساً عميقاً ثم تابعت: "ولا حاجة بىّ لتذكير أى واحد منكم أننا هنا فى اجتماع و لسنا فى محكمة قانونية. فقد واجه السيد هاستنغز العدالة و نال جزاءه وراء القضبان و أعتقد أن الجميع يعرفون أننى كنت أحد اعضاء هيئة المحلفين الذين أدانوه."
أومأ الجميع موافقين.
"سأله القاضى قبل أن يصدر حكمه فى ما إذا كان يرغب بقول أى شئ...." استرقت النظر إلى لوك و رأته يحدق إليها بطريقة لم تعهدها من قبل ".....قال السيد هاستنغز للقاضى بصوت ثابت هادئ إنه ليس مذنباً و مع الوقت سيبرهن عن ذلك."
علت همهمات التعجب و الأستفهام من الكثيرين و لكنها لم تع إلا وجود لوك.
"و بصراحة, حللت مكان بول بزيارة سجن رد بلوف فى أيلول / سبتمبر الماضى حيث قابلت السيد هاستينغز لأول مرة و لو قام أى منكم بزيارة السجن لأدرك على الفور أنه الجحيم على الأرض, يستطيع لوكاس هاستينغز أن يخبركم كل شئ عن السجون. إن أعتبروه الآخرين برئياً أم مذنباً, هذا الرجل دفع ثمناً, أرجو من الله أن لا يضطر أى منكم لأن يدفعه. و أريد أن أسألكم, من منا إنسان كامل كى يحق له أن يحكم و يدين هذا الرجل مرة ثانية؟ و لأى جريمة؟ هل نبدأ بإلقاء التهم؟ أولاً أنه مذنب لأنه إلتجاء إلى الكنيسة فى الأسبوع الأول بعد إطلاق سراحه و طلب أن يعطى عملاً تطوعى, ثانياً إنه مذنب لأنه أحسن تدريب فريقنا للكرة الطائرة بصورة أصبح لنا معها فرصة للحصول على بطولة الدورة, المرة الوحيدة التى تغيب فيها عن التدريب عندما وقع له حادث خلال رحلة طيران بحكم عمله أُجبرعلى الهبوط الأضطرارى و كاد أن يُقتل. ثم سار لمسافة عشرين ميل على قدميه عبر الغابات حتى وصل إلى حيث يستطيع طلب المساعدة."
فغر الجميع أفواههم و همهموا ببضعة تعليقات.
"أنه مذنب لأنه صادق كاسى الذين كان بحاجة إلى يد حازمة منذ وقت طويل, دعونى أتذكر, هل من تهم أخرى؟ أهه إنه مذنب لأنه تبرع بمحتويات غرفة كاملة من منزله لـ هيرب و يلسون....خاصة و أن نزهة للشبيبة هى الأكثر إثارة فى تاريخ الأبرشية و كانت على حساب الخاص و من وقته الخاص.....كم واحد منكم يستطيع توفير كل هذا الوقت بعد أن يكون قد بقى ستة أشهر من دون عمل؟"
علا ضجيج المتجمعين و غرقت القاعة فى فوضى, مما اضطر اندريا لأن ترفع صوتها كى تُسمع. "أطلب, بصفتى راعية مشاركة لهذه الكنيسة أن نصوت على أهلية السيد هاستينغز فى البقاء معنا. أريد أن أضيف أن الألتماس المقدم, كما جاء هو معيب و تشهيرى. لدى السيد هاستينغز الحق الدستورى فى توكيل محامى و إقامة دعوى قانونية ضد من ساق إليه هذه التهم."
جلست اندريا و قد تلاشى غضبها, و لدهشتها, شاهدت مارغو تهرع إلى مغادرة القاعة, فى صورة درامتيكية أثارت عطف اندريا برغم كل ما حدث و قد لاحظت أن مايبل لم تلحق بها.
"هل يريد.....يريد أحد إضافة أى شئ؟" سأل هال الذى كان من الواضح أنه تأثر كثيراً بما قالته اندريا, لم يجب أحد و كان الصمت مخيماً, "يرفع يده كل من يوافق على بقاء السيد هاستينغز فى عمله مع شبيبة الأبرشية."
شعرت اندريا بغصة فى حلقها عندما شاهدت عدد الأيدى المرتفعة.
"ليرفع يده من هو ضد الفكرة؟"
"أوه, لأجل السماء يا هال!" صرخت مايبل مؤنبة و انفجرت اندريا بالضحك لسخافة الحركة, وقف فى هذه اللحظة أعضاء المجلس.....بمن فيهم مايبل....و أخذوا بمصافحة لوك و ربتوا على كتفه, مؤكدين له بأنه لم يكن لهم ضلع فى الالتماس الذى قُدم. و ظهر بوضوح على تعابيره أنه تأثر جداً بعواطفهم المتدفقة و روح الصداقة التى أظهروها.
اقترب بول منها و أمسك بيدها. "اندريا, اندريا لقد كنت رائعة اليوم. و فى الحقيقة أنا فخور لأننى حرضتك على هذا العمل."
عبست على الفور. "هل أنت بخير يا بول؟"
ضحك و هو يهز رأسه: "لم أكن بحالة أفضل قبلاً, لو لم يخترك الله لرعاية هذه الكنيسة لكنت قلت أن الفرصة فاتتك كى تصبحى محامية."
"و أنا أقول, لولا أن الله أختارك كى ترشدنى إلى طريق خدمة الكنيسة لكنت فوت الفرصة بأن تصبح طبيباً نفسياً."
شد على يدها و ترقرقت الدموع فى عينيه, "إننا نشكل فريقاً جيداً, أليس كذلك؟"
"و الأفضل," علقت بصوت مرتجف. "أنا قلقة يا بول على مارغو."
"لقد سرقت الكلمات من فمىقبل أنا أقولها, سأذهب لزيارتها فى البيت و أتحدث معها."
"أريد أن أفعل ذلك أيضاً, و لكنى أعرف أنها لن ترحب بزيارتى, سأكتب لها رسالة بعد بضعة أيام من المحتمل أن تمزقها و لكن يجب أن أحاول. أرجو أن تنجح مع مارغو. بول.....أشكرك ثانية من أعماق قلبى."
وقعت اندريا فى حيرة عندما غادر بول القاعة, إذ أرادت أن تتحدث مع لوك و لكنها لاحظت أنه انخرط فى الحديث مع بضعة رجال. أدركت أن الحديث قد يطول عدة دقائق ففضلت الانسحاب إلى مكتبها لتأخذ سترتها و حقيبتها.
و لكن ما أن وضعت قدمها خارج بابا القاعة..........

منتديات ليلاســـــــــــــــــــ

زهرة منسية 01-08-14 06:29 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
.....حتى أمسكها من ذراعها و قفز قلبها.
"لا تذهبى بهذه السرعة." همس لها. "أنا أعرف أن مجموعة التعاون ستجتمع عندك هذه الليلة و لكنك ستلغين هذا الأجتماع لأنى وضعت ترتيبات أخرى لنا معاً."
تلفظ بالكلمات التى طالما تمنت أن تسمعها و رفعت وجهها الذى اعتلاه الاحمرار نحوه فيما أخذت عيناها تتفحصان بهدوء تعابير وجهه. و تقيمان أى تبدل فيه منذ رأته آخر مرة, لابد أن لوك لاحظ حماسها الباهر, فلا شئ يفوته ملاحظته. "لقد ذكرت خلال قداس الصباح, أنى أجلت الاجتماع حتى الأسبوع القادم, و النتيجة أنا ملك يدك, و لكن دعنى أذهب و التقط حقيبتى."
أحست من أنقباض يده على ذراعها أنه لم يكن يتوقع تصرفها هذا و عندما شعر أنها لم تقاوم أرخى قبضته عنها و سار و إياها المسافة القصيرة إلى مكتبها.
أفلتت من قبضته كى تستطيع التقاط حقيبتها من الدرج الأسفل لطاولة مكتبها, ثم أنتصبت و نظرت إليه مالياً, بما أن الصمت خيم بينهما عندما دخلا المكتب وعت اندريا فجأة الهدوء غير المألوف الذى غمرهما.
دفعتها غريزة عمياء لتقول: "أنا سعيدة لرؤيتك ثانية يا لوك."
قال لم تلتقطه أذناها تماماً و رأته يمرر يده فى شعره و يعبث بخصلاته كان التوتر بينهما ملجماً و عادت للحياة كل احاسيسها و مشاعرها نحوه. "هل أنت مستعدة؟" قال بنبرة مشدوشة فيما يمسك لها الستر كى ترتديها.
"أجل." همست اندريا.
"هيا نذهب," خرج صوته و كأن تنفسه يكاد أن ينقطع, عبث الهواء البارد بشعرها فيما كان يسير بها نحو سيارته. ساعدها لوك فى ركوب السيارة و شعرت بالارتباك عندما تجعدت ملابسها, و لما لاحظ لوك ذلك أقفل الباب عليها.
فيما كان يدور حول السيارة ليأخذ جانب القيادة أخذ تنفسها بالارتجاف, كان داخل السيارة مفعماً برائحة الجلد الفاخر.....و برائحة لوك اتخذ مقعده و أغلق الباب ز لكنه لم يبدأ بتشغيل السيارة.
ادار رأسه نحوها و قال برزانه: "هل أقوم بالعمل المناسب و أتركك تذهبين إلى البيت بسيارتك, أم أخذك فى نزهة للتمتع بمنظر الغروب؟"
الجواب على السؤال كان سهلاً. شعرت قليلاً بالتململ و ردت ببساطة: "منظر الغروب."
شد قبضتيه على مقود السيارة حتى ابيضتا. "هل تدركين معنى ما تقولين؟"
تكلمت بهدوء: "إذا غيرت رأيك عن رغبتك بالبقاء معى, فقل ذلك بصراحة."
"ما نفعله يا اندريا ليس بلعبة." وضع يده عليها و كأنه يؤكد قوله "إذا أتيت معى الآن فلن يكون هناك من عودة بعدها."
لم تكن اندريا ترغب بالعودة ما تريده هو الاستمرار باضطراد, مع لوك, زوجة له, و كانت متأكدة من أعماق قلبها أن هذا ما يريده هو, أيضاً. حتى و لو كانت راعية كنيسة.
"أتطلب منى أن أذهب فى إجازة معك؟ إذا كان هذا ما تطلبه, فالجواب, نعم. فيما ماعدا فترة محاكمتك لم أخذ يوم أجازة منذ سنتين."
سمعت صوت تنفسه الشديد قبل أن يقول: "أن فكرة ذهابى معك إلى مكان ما كانت فى خاطرى منذ الأيام الأولى للمحاكمة! و لكن لن آخذك إلى مكان قبل أن تنتهى بطولة الكرة الطائرة, و أرتب بعض الأمور الشخصية."
كان إقراره إيجابى أكثر مما كانت تتمنى: "إذا ما الذى تطلبه الآن؟"
رفع يده عنها: "أنت تعرفين جيداً أرييدك أن تبقى معى حتى يحين موعد ذهابى إلى العمل, غداً فى الصباح."
"أنا أريد ذلك أيضاً و لكنه غير ممكن. أنا.....أنا أحتاج إلى أكثر من ذلك فى علاقة عاطفية. و أنت تعرف أنى لا أستطيع أن أوفق على علاقة حسية خارجية الزواج." توقفت قليلاً. "[عج إعادة النظر ربما من الأفضل أن أذهب إلى البيت فى سيارتى."
أخذت تفتح باب السيارة من دون أن تنتظر جواباً و لكنه أمسك بمعصمها. "أعدك بأن أخذك إلى البيت عند منتصف الليل, هل يطمئنك ذلك؟" سألها غاضباً.
"أنا....أنا لا أعتقـــ......"
"لا تقلقى!"
تلاشى التشنج فى ما لو كان موجوداً بينهما, بقيا صامتين و هو ينطلق بسيارته باتجاه منزله, أملت اندريا أن يكون استنتاجها صحيح و أنه ييدها معه لأن مشاعلاه نحوها هى بعمق و التزام مشاعرها نحوه.
"هل أمضيت الأسبوع الماضى فى نيويورك؟" استفهمت منه, عندما دخلا المنزل و شاهدت حقائبه فى الردهة و عليها ملصقات مدينة نيويورك.
"هذا صحيح." قال من دون أن ينظر باتجاهها.
كان واضحاً أنه ليس عنده النية فى أخبارها عما يتعلق بهذه الرحلة. رمقته بعينين متفحصتين مصممة على أن لا تفقد رباطة جأشها. "تملقنى يا لوك الليلة و دعنى أقوم بدور سيدة البيت. لم يكن عندك المرة الأخيرة إلا شرائح ديك الحبش, أريد أن أحضر لنا وجبة شهية و رائعة, هل تمانع فى ذهابك إلى مخزن البقالة و شراء بعض الحاجيات؟ سأضع لائحة بما يلزم."
أخرجت دفتر صغيراً تحممله دائماً من حقيبتها و دونت لوازم سلطة قيصر و حساء الكركند و حلوى الشوكولا المفضلة عندها فيما وقف لوك يراقبها.
"خذ." ناولته الورقة "أنا أفترض وجود الطحين و الزبدة و البيض....أعنى أساسيات المطبخ؟" عندما أومأ بالايجاب قالت: "سأتركك تقرر إضافة أى شئ على اللائحة."
تفحص اللائحة ثم نظر إليها مقيماً. "توجد قارورة شراب موضوعه فوق الميكرويف, أحبه مثلجاً."
"و أنا كذلك."
منتديات ليلاس
أرجع رأسه إلى الوراء و قال: "أعتقدتك لا تشربين."
"عندما أخرج لعشاء خاص أتمتع أحياناً بشرب القليل مع الوجبة, و لا يحدث ذلك غالباً فى هذه اظليام, لأنى أوفر كل قرش أجنيه لكى أشترى منزلاً صغيراً لىّ."
"ما هو راتب راعية أبراشية فى الوقت الراهن؟"
"ليس كافياً." ضحكت بلطف و أضافت: "لو كنت مهتمة بجمع المال لكان هذا العمل آخر ما أفكر فيه."
تحولت تعابيره إلى الحدة "و أنت تحسنين العمل. أنت حسنة إلى درجة أنك ألجمت كل الذين حضروا الاجتماع بعد الظهر. لو طلبت منهم أن يتبعوك إلى حافة الهاوية, لفعلوا ذلك راضين و ألقوا بأنفسهم, الواحد تلو الآخ, نزولاً عند رغبتك و باركو لك و هو فى طريقهم إلى القاع."
انفجرت اندريا بضحكة مدوية ثم توقفت فجأة عندما لاحظت أنه أقترب منها.
"لقد كنت رائعة." همس و وضع يده على ذراعيها و كأنه فقد السيطرة على نفسه.
مالت نحوه و قالت: "لم أكن أسمح لـ مارغو أن تتخلص من أفضل مدرب حصلنا عليه من دون مقاومة.:
"السبب الوحيد الذى جعلنى أحضر هذا الاجتماع هو حمايتك, و قد أكتشفت أنك ستقومين بدور يجعل أى منتج مسرحى يسترد أمواله فى لمح البصر و لكنى فى الحقيقة رثيت لحال مارغو سلون."
تلاشت ابتسامتها: "و أنا كذلك, فالاحراج الذى أصاب مارغو لم يعجبنى."
"كان يجب أن نوقفها عند حدها يا اندريا. على الأقل من أجل مصلحتها, إذا لم يكن من أجل أمر آخر."
"أنا أعرف ذلك."
اقتربا من بعضهما البعض و تعانقا و سمعته يهمس: "اعتبرى البيت بيتك, لن يطول غيابى."
وقفت فى مكانها عدة دقائق و هى تتلمس شفتيها تحاول أن تتمالك نفسها, أستحوذ لوك عليها قبلاً أما الآن فقد أصبحت مدمنة على وجوده, سيمضيان هذه الأمسية معاً, و شعرت أنها تكاد تطير من الفرح.
بحثت عن زجاجة الشراب و وضعتها فى الثلاجة ثم بحثت عما يمكن أن تصنع منه عجيمة الكركند من الأفضل أن تجهزها قبل عودة لوك.
ربطت فوطة مطبخ كبيرة حول وسطها و أخذت فى رق العجينة. أخذ جرس الهاتف يرن فى عز اندماجها, اسرعت بغسيل يديها و التقطت سماعة الهاتف المعلق على حائط المطبخ. "ألو؟" قالت قبل أن تلاحظ أنه كان من الأفضل أن تترك الهاتف يرن من دون أن تجيب. و لكن الأوان فات. تمنت أن يكون الطالب كائن من كان لست له أى علاقة بالأبرشية, لم تكن تشعر بالخجل لوجودها فى منزل لوك, و لكنها تكره أن تصبح محط أحاديث الآخرين و ثرثرتهم.
"إيرين؟" أتاها صوت رجل من الطرف الآخر, "تباً, آسف لأننى أتصلت و قطعت مصالحتك مع لوك, لا عجب أنه لم يتصل بىّ حتى الآن. لسوء الحظ يجب أن أتكلم معه الآن. الأمر لا يحتمل التأخير حتى الصباح, هل تناديه لىّ؟"
عندما أستطاعت اندريا الكلام قالت: "أنه ليس هنا, و لكنه سيعود قريباً. أعطنى أسمك و رقم هاتفك و سأخبره أن يتصل بكك عندما يعود."
"تباً, أنت لست إيرين, أنا آسف, أسمعى أخبريه أن تشاك أتصل به و أنا فى طريقى لعندكم." و سمعت إقفال السماعة.
وضعت اندريا السماعة فى مكانها و كأنها مبرمجة ألياً و تبخرت البهجة التى كانت تشعر بها, و شعرت أن خطتها الصغيرة بأن تقوم بدور سيدة المنزل و تعطى لوك فكرة عما هى عليه الحياة الزوجية أنفجرت فى وجهها.
عندما دخل المطبخ بعد عدة دقائق يحمل بين يديه كيسين من أغراض البقالة لم تكن قد أفاقت من صدمتها, أفترضت اندريا آلياً, لأن لوك أصبح كل عالها أنه عندما لا يكونان معاً فأن أفكاره تمتلئ بصورها بمعزل عن أى امرأة أخرى.
أرادت, قبل أن تنطق بالكلمات التى ستحطم علاقتهما العاطفية القصيرة أن تستمر لبضع دقائق أخرى بالقيام بدور الزوجة التى تنتظر زوجها ليأتى إليها فى نهاية اليوم,
لن يبدو أبداً أى زوج بهذه الوسامة. خلع عنه السترة و ربطة العنق, فك أزرار الياقة و طوى كمى قميصه إلى أعلى ثم تقدم نحوها و نظرة شيطانية تلمع فى عينيه و تحدق إلى قدميها و الفوطة مربوطة إلى وسطها و إلى وجهها الذى يعلوه الاحمرار.
"هل عندك فكرة كم تبدين جذابة و أنت مرتدية هذه الفوطة؟"
أخذ قلبها بالخفقان عندما اقترب منها: "مما يجعلنى أرغب فى معانقتك." وضع يده حولها فقفز قلبها و تدفق الدم حاراً فى عروقها.
ثم عادت إلى وعيها و لاحظت أنه فى وقت ما فى السابق. ربما قال أو فعل شيئاً مشابهاً مع إيرين أو عانقها بالطريقة ذاتها. لقد أنكر لوك وجود أى علاقات جدية له مع النساء فى ما مضى عندما سألته اندريا عن ذلك من قبل. و لكن, على الأرجح لم يكن معتاداً على إقامة علاقات مع امرأة لا تكون من هذه الفئة.
اعتقدت اندريا بسذاجة و غباء أن لللللوك يؤمن بالقيم التى تؤمن بها. حدث كل ذلك لأنها كانت تتوقع حصول معجزة....
و لكنها على الأرجح استنفدت حصتها من المعجزات, و ربما أن الأمتحان الآخير فى حياتها, هو خسارتها لــ لوك.
"لوك....." قفزت مبتعدة عنه, و هى تحاول أن لا تظهر أن جرح قلبها ينزف دماً, "بعد إعادة النظر, أخشى أننا لن نتناول العشاء. هناك مخابرة مستعجلة لك من شخص يدعى تشاك."
تجهمت تعابير لوك عند سماع الأسم, و انهال بالشتائم. "ماذا قال؟ لقد قال شيئاً غير مزاجك تماماً! ما الخطب؟"
"لقد قال أنه بطريقه إلى هنا, و أعتقد أنه سيصل خلال ثوان."
عبس لوك. "ماذا قال أيضاً و جعلك تتغيرين على هذه الصورة؟"
ستتورط الآن إذا ذكرت اسم إيرين, سيعرف لوك أن انسحابها جاء نتيجة غيرة عمياء و هذا الضعف فى داخلها كان أمراً تريد الاحتفاظ به سراً عنه.
"لا شئ, ماعدا أنه يريد مقابلتك فوراً."
"لا أصدق ذلك."
"أعتقد أنك كنت صدقت لو سمعت تبرة اللهفة فى صوته, لقد ذكر أنه أمر لا يحتمل التأجيل حتى الصباح, ما رأيك لو تأخذنى إلى بيتى أولاً, كى يخلو لكم الجو؟"
كانت عيناه تحترقان من شدة الغضب, "هل المقصود من هذه الأشارة أنا أم أنت؟ كلانا يعرف أنك تخافين من البقاء بمفردك معى و تشعرين الآن بالراحة لأن مجئ تشاك وفر لك خروجاً مبكراً من اللعبة."
عندما قرع جرس الباب نظر لوك حوله و بدا و كأنه الانسان الوحيد الذى بقى على قيد الحياة بعد زلازال مدمر. و لكن هذا التعبير أختفى قبل أن تستطيع اندريا تحريك جفنها.
استدار لوك نحوها. "أنت لست ذاهبة إلى أى مكان." قال بنبرة متوعدة, ثم اندفع خارج المطبخ ليفتح الباب و هو ما زال ممسكاً بفوطة المطبخ.
وقفت اندريا فى مكانها ترتجف, فغيرتها العمياء قد أيقظت الشيطان فى داخل لوكاس هاستينغز.



نــهــايـــة الــفــصــل الــثــامـــن

زهرة منسية 03-08-14 02:28 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــــفـــــصــــــل الـــــتـــــاســـــع

منتديات ليلاس

عاد لوك إلى المطبخ و رمى الفوطة فيما كانت اندريا توضب البقالة فى الثلاجة و الخزائن, رفعت عينيها عما كانت تفعله و نظرت إليه و رأت نظرة غريبة فى عينيه, بدا أن غضبه قد زال, و لكنها لم تستطيع قراءة التعابير فيهما أكثر مما تستطيع قراءة اللغة الهيروغليفية الفرعونية.
"لقد كنت على حق يا اندريا." قال لها بلطف: "حمل لىّ تشاك أمراً فى غاية الأهمية, و أخشى أن أجتماعنا سيستغرق الليل بطوله, سأقلك إلى الكنيسة لتأخذى سيارتك."
انتظر حتى انتعلت حذاءها من دون أن يضيف أى تفسير. ثم رافقها عبر الباب الخلفى إلى سيارته, أنطلقا صامتين طوال رحلة العودة. بدا صعب المنال بعيداً عنها. كان الألم يتفجر فى داخلها عندما تسلقت سيارتها و اتجهت نحو منزلها, و هو يجد فى أثرها.
لأسباب خاصة به لم يشأ تقديمها إلى زائره. و هذا ما كانت تلاحظه فى علاقتها معه, لقد ابقاها بعيدة عن حياته الخاصة.
لم يخبرها قط أنه يحبها, إذا, فهى تخدع نفسها عندما تعتقد أنها ستصبح ذات أهمية فى حياته إلى درجة أن تصير زوجة له.

منتديات ليلاســـــــــــــــــــــ


زهرة منسية 03-08-14 02:31 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
ما أن وصلت إلى شقتها حتى ترجلا من سيارتيهما و سار معها إلى باب الشقة. كانت اندريا قد أخرجت مفاتيحها, و فتحت الباب الأمامى. كان الصمت المخيم باستمرار فى ما بينهما إلى درجة لم تعد تفكر معها بغير أن تتخلص منه بأسرع ما يمكن, و أن تبقى بعيدة...........
"عمت مساءاً." كان هذا كل ما أستطاعت نطقه قبل أن تهرع إلى داخل شقتها, و شكرت ربها على أن الشقة تقع فى الطابق الأرضى!
صُدمت عندما أمسك بها لوك من وسطها و رفعة بقوة من على الأرض بحيث أصبحت تنظر إلى وجهه من الأعلى إلى أسفل.
أمسكت اندريا بأعلى دراعيه كى توازن نفسها, و هى تلهث, "لوك!" فتحت فمها منذهلة, "ما الذى تفعله؟ أنزلنى من فضلك, أن تشاك بانتظارك........"
"أخبرنى تشاك أنه ناداك إيرين بالخطأ, هل هذا صحيح؟"
شعرت اندريا بأن وجهها يلتهب. "أهذا صحيح؟" هزها برقة و سقطت من قدمها فردة حذاء.
"لا يهم أن فعل ذلك أم لا, أرجوك دعنى لحالى."
أصبح ما أستطاعت رؤيته من وجهه من خلال شعرها المتناثر على وجهها, عدائياً, "لن أنزلك إلا عندما أحصل على أجوبة."
"حسناً, أجل, لقد ذكر لىّ أسمها."
"و أنت كالعادة وضعت اثنين و اثنين معاً و استنتجت أمراً سلبياً. هذه فرصتك الآن لتسألينى عن إيرين."
"أنا لست فضولية إلى درجة أنا أسألك."
"ستذهبين إلى الجحيم لأنك تكذبين."
"لوك!" صرخت ثانية, مستاءة. "أنزلينى."
"أبداً"
خفق قلبها مثل طير خائف. "هل هى امرأة عرفتها قبل دخولك السجن؟"
زفت عيناه. "هذا صحيح, ماذا تريدين أن تعرفى أيضاً عنها؟"
حاولت التملص من قبضته دون جدوى "من الطريقة التى تكلم بها تشاك, أستطيع أن أخمن أن علاقتكما.....حميمية."
"لقد أخطأت فى التخمين." زمجر, "إنها أرملة الطيار التى أخبرتك عنها, و التى حضرت اليوم الأخير من المحاكمة, و ما فتئت تتصل بىّ و تحاول مقابلتى منذ أن أطلق سراحى, و لأنها سهلة المنال, يظن تشاك أنى أستغل هذا الوضع, و لكنه على خطأ, هل تصدقين ذلك؟"
"لا يعرف الحقيقة إلا الله و أنت." أجابت مواربة, و لكن قلبها أخذ يعتصر.
"تريدين أخبارى أن المرأة التى تغنت ببراءتى كل الوقت لا تستطيع أن تستشف الحقيقة من خلال غيرتها؟"
"الغيرة؟" كادت أن تختنق و هى تنطق بهذه الكلمة.
"إذا اعترفت بالأمر....."
"أنا لا أعترف بأى شئ!"
"هذا يلائمنى, أستطيع إبقاءك على هذا الوضع طوال لليل, و سوف أتمتع بمنظرك معلقة."
كانت اندريا تخسر معركة الشد و الربط بسرعة. "حسناً, بما تريدنى أن اعترف؟"
"الحقيقة البسيطة تكفى."
"ما سيكون موقفك عندما تظن أننى على علاقة مع رجل آخر و معك فى نفس الآن؟" سألته يائسة.
"هل أنت كذلك؟"
"لوك!"
"كما ترين, أن الأمر يتعلق بالثقة."
"من السهل عليك أن تثقى بىّ, لأنك تعرف أين أكون, و ماذا أفعل, و من أقابل, فى كل دقيقة من الليل و النهار." قالت له. "فيما لا أعرف شيئاً عنك."
"هل هذه إشارة إلى أنك ترغبين بمعرفة المزيد عنى؟"
"لو سمعت عن إيرين قبل الآن, لربما كنت غير معلقة فى الهواء فى هذه اللحظة."
"أنا أتذكر بوضوح أنى أخبرتك كل شئ عنها."
"و لكنك لم تذكر أسمها. و كان محتملاً أن تكون أى امرأة أخرى من بين عديدات."
"إذن أنت الآن تضيفين على صفة زير نساء. و النساء زرافات و أخذات فى الدخول الخروج من بيتى من دون شك, لقد خرجت غيرتك عن الحد المعقول."
"لا داعى لتصنع من الحبة قبة, فأنا واعية لأخطائى."
منحتها العاطفة الواضحة فى ضحكته الخافتة أملاً جديداً
"حسناً يا اندريا ماذا تريدين أن تسألى أيضاً؟ هذه فرصتك."
"من هو تشاك؟"
"هل تعنين أنك لم تميزى صوته؟"
"هل هو أحد أحد الرجال الذين قابلتهم فى المطار تلك الليلة؟"
"خمنى مرة ثانية؟"
"لا أستطيع" أخذ وضعها معلقة فى يضايقها. "لا أعرف أى من معارفك."
انزلها حتى لامست قدماها الأرض, ثم أبقى دراعاً ملتفة حول خصرها, يشدها إليه, بينما راح باليد الآخر يزيح خصلات الشعر المنسدلة على وجهها, "بلى, أنت تعرفين" همس فى أذنها "ستكتشفين ذلك فى الثالثة صباحاً. يجب أن أذهب الآن. تشاك ليس بالرجل الصبور, لو عانقتك بالطريقة التى تتوسلين لها فعلى الأرجح لن أستطيع العودة إلى البيت الليلة."
"أنا أتوسل......؟" ردت عليه و لكن عندما أفلتها اندفعت إلى الأمام و كادت تقع, لأنها كانت مستندة إليه بكا وزنها.
تقدم منها و لثمها على جبينها. "أيتها الراعية, أنت ترغبين بالبدء من حيث توقفنابمقدار ما أرغب أنا. و لكن على كل منا أن يعانى حتى بدء موعد التدريب غداً."
غادر بسرعة قبل أن تتمكن من اخباره بأنها ستشرف على مراسم زواج بوتى ابنة رادى أورمسباى بعد ظهر الغد, ثم يلحقون المراسم بعشاء و استقبال فى فندق يقع فى الوسط التجارى لمدينة البوكركى, لن تتمكن من حضور التدريب, و ستغض النظر عن كل شئ آخر.
لم تستطيع اندريا حل لغز هوية تشاك إلا فى اليوم التالى و قبل بدء مراسم زواج بوتى. أدركت أن اسم تشاك هو الاسم المختصر لـ تشارلز ريتش, محامى لوك الرجل ذى الشعر الأحمر الذى دافع ببطولة عن موكله فى المحاكمة.
شئ ما ذو أهمية قصوى كان على وشك الحدوث, و لم تكن مصادفة أن يتصل تشاك بالهاتف فور عودة لوك من نيويورك.
تمنت اندريا أكثر من أى شئ فى العالم, أن تتخلى عن واجباتها و تهرع إلى الملعب لتقابل لوك و تطلب منه أن يوضح لها ما يجرى.
أكتفت بدلاً من ذلك باحتواء قلقها و حضرت نفسها للقيام بما تعتبره أقدس واجباتها على الأرض عندما انتهت من مراسم الزواج, تركت اندريا القاعة و ذهبت مباشرة إلى مكتبها لتغيير ملابسها. كان مات يقف خارجاً بانتظارها.
دعته للدخول ثم أغلقت الباب. "هيا أخبرنى ما الخطب؟ لماذا هذا التجهم؟" سألته فيما كانت تخلع عنها رداء الكهنوت, "كنت أتوقع أن أراك مبتسماً و لم يبق على بدء الدورة إلا يومان."
"إنه كاسى, لم يأت إلى التدريب بعد ظهر اليوم. ذهب لوك إلى منزله ليطمئن عن عدم وجود مشكلة. و لكننى قابلت منذ أحد جيرانهم و قال لىّ أن والده قد عاد إلى المدينة هذا الصباح."
رمقت اندريا مات باهتمام, "لم يحظى كاسى بزيارة من والده منذ سنة, و أستطيع أن أتخيل كم ابتهج لرؤيته."
"أوووووووووه." خبط مات قبضته على راحة يده الأخرى. "المشكلة هى أن والده ما أن يأتى حتى يغادر و لا يمكث أكثر من يوم واحدو هذا ما يجعل كاسى متضايق جداً, هذه الزيارة ستخرجه, حتماً, من اللعب مع الفريق."
وافقت اندريا فى سرها على ما قاله مات, كاسى و ريتشى هما أفضل لاعبين فى الفريق. إذا تغيب كاسى ليلة واحدة عن التدريب, يتأثر الفريق بكامله, و لم ترغب بالتفكير فى نتيجة عدم اشتراكه فى المباريات. و لكن, على التأكيد شؤون العائلة هى أهم بكثير و لن يناقش أحد حاجة كاسى لتمضية أطول وقت ممكن مع والده.
ما كانت تعرفه هو, أن والد كاسى قد طلق أمه و انتقل للعيش فى ولاية واشنطن. جاهد كاسى طويلاً كى لا يتأثر لغياب والده, و بدا أن هذا الرجل يفتقد غريزة الأبوة, و تظاهر كاسى بعدم الاهتمام لذلك. و لكن اندريا فهمت أكثر من أى شخص الوافع لشوق كاسى إلى والده و إلى حنانه. و شعرت بقلبها ينفطر لأجله.
"أنا سعيدة لأن لوك ذهب إلى منزله, إذا كان كايسى يعانى من أى أمر, فـ لوك هو الشخص المناسب لمعالجة ذلك."
حدق إليها مات بنظرة ثاقبة: "أنت واقعة فى حبه, أليس كذلك؟"
لم يكن باستطاعتها أن تكذب على مات. "نعم, أحبه كثيراً."
"هل ستتزوجينه؟"
"مــــــات!"
رفع مات كتفيه, "هل قلت شيئاً خطأ؟ الجميع يراهنون على أنكم ستتزوجان قبل نهاية السنة."
احنت اندريا رأسها. هو و مات كانا قربين جداً من بعضهما البعض مما أوجب الصراحة التامة بينهما. و قد فكرت مطولاً منذ الليلة الماضية "هناك جانبان لكل حقيقة يا مات, لم يحدث أن الرجل طلب يد السيدة من جهة و من جهة أخرى لوك ليس عضواً فى كنيستنا."
شمخ مات برأسه, "ألا يستطيع رعاة الأبرشية الزواج من خارج الكنيسة؟"
"أجل يستطيعون و لكن التأقلم فى الزواج هو أمر صعب فى أفضل حالته. عندما يبدأ الزواجان حياة جديد و هما مختلفان تماماً فى العقلية و التفكير, يصبح نجاح الزواج أكثر صعوبة, أنا راعية, و تكرست لهذه الأبرشية, و هذا يحتاج إلى رجل قوى الشخصية كى يتأقلم مع هذا الواقع من حياتى."
منتديات ليلاس
"لوك على ما يبدو يستطيع تدبر أموره بشكل حسن." قال مات ضاحكاً.
ألقت عليه ابتسامة مشوبة بالحزن. "و السبب فى ذلك أنه عندما أطلق سراحه من السجن كان رجلاً دون عقال و قد فقد روابطه و يحتاج إلى الانتماء إلى أى قاعدة اجتماعية, إلى أن يعيد التماسك إلى حياته. و هذا ما يفعله الآن." غامت نبرة صوتها فيما اجتاحت مخيلتها صورة اجتماعه مع تشاك ريتش.
"إذاً أن تعتقدين أنه سيرحل بعيداً فى أحد الأيام؟" قال مات بصوت تشوبه نبرة الشعور بالخطر.
أومأت اندريا برأسها ببطء, لم يعد الوقت وقت خداع النفس, "أنا متأكدة من ذلك."
"ماذا ستفعلين عندما يرحل؟"
لم تستطيع الإجابة على هذا السؤال."
"مات إذا عرفت المزيد عن وضع كاسى خابرنى فى ما بعد هذه الليلة" إلى البيت, سأكون حينها قد عدت من حضور حفل الاستقبال الذى تقيمه بوتى بمناسبة زفافها."
"أجل, سأفعل."
"سأراك غداً. وقت التدريب إذا لم يتسن لك الاتصال بىّ الليلة, غداً سيكون يوم التدريب الأخير."
"و لهذا لن نقوم بأى تمارين رياضية, أخبرنا لوك أن الأمر المهم هو أن نبحث فى استراتجية و خطط اللعب و نفكر بصورة إيجابية."
"لقد كان قائد فريق كرة الطائرة عندما كان يتعلم فى الجامعة, و أعتقد أن لديه عدداً من الخطط يخبئها حتى يحين الحاجة إليها, فى الدقائق الأخيرة."
ةقف مات أمام الباب, "أتمنى أن يبقى فى الأبرشية بصورة دائمة, فلم يحدث أننا حصلنا فى ما مضى على قائد يمكننا مقارنته بـ لوك."
"أنا أوافق على هذا الكلام." تمتمت اندريا فيمت عادت بأفكارها إلى اليوم الأولى لمحاكمته, حيث كونت انطباعاً عنه بأنه رجل فريد من نوعه.هذا الانطباع الذى غير مجرى حياتها إلى الأبد.
"أندى؟" همس مات.
نظرت إليه و رأت نظرة التعاطف تلمع فى عينيه.
"أشعر بالأسف, لأن الأمور بينك و بين لوك لا تجرى على ما يرام, و أنا شخصياً أرى أنكما مناسبان لبعضكما البعض تماماً."
لم يكن عليه أن يقول ذلك, بكت بحرقة لحظة ترك مات غرفتها, ثم أصلحت زينتها كى تستطيع الخروج و الذهاب إلى حيث سيارتها متوقفة.
كان حفل الأستقبال و العشاء رائعين. جالت اندريا مع بول على المدعوين و تحادثا مع العروسين, مكثت اندريا الوقت الذى يمليه عليها التهذيب الاجتماعى ولكنها كانت متلهفة للعودة إلى البيت, فربما يخابرها مات بالمزيد عن أخبار كاسى .
سمعت رننين الهاتف, و لم يكد يمضى على وصولها شقتها خمس دقائق. كان لوك الذى يخابر, شعت بقلبها يتناثر فى كل مكان.
لقد افتقدناك خلال التمرين, أخبرنى الأولاد أين كنت. يبدو أن حفل زواج هو مبرر كافٍ كى تستمرى فى الابتعاد عنى."
قال لها بنبرة متعبة, "لكن لا تفوتى اجتماع الغد."
غرقت فى كرسى المطبخ و أسندت رأسها إلى الحائط يائسة.
كانت من الغباء بحيث ظنت أنه يريد رؤيتها الليلة. "لقد أخبرنى أيضاً مات بأنك تنوى إعطاءنا توجيهات شفهية. و أخبرنى أيضاً أنه من المحتمل أن لا يلعب كاسى المباريات, هل عرفت المزيد عن وضعه مع والده؟"
قال بعد توقف قصير: "هل أنت مستعدة للسماع؟"
"سماع ماذا؟"
"سيعبر والده نهر كولورادو على عوامة, الأسبوع المقبل, و من دون مقدمات طلب من كاسى مرافقته."
"أوهـ, يا لوك, هذا رائع؟"
"ما عدا أنه سيغادر فى الصباح مما يعنى إذا أختار كاسى الذهاب معه فلن يستطيع اللعب فى المباريات."
نهضت عن الكرسى و هى ما تزاال ممسكة بالسماعة بشدة و أخذت بالمراوحة: "ألا يستطيع والده الانتظار يوماً ثانياً؟"
"هل سبق و قابلت والد كاسى؟"
"لا."
سمعته عبر الهاتف يتنهد باشمئزاز. "أما الآن أو أبداً, هذا كل ما فى الأمر, إن كاسى يعانى الأمرين, من جهة يريد الذهاب مع والده, و من جهة لا يريد أن يخذل الفريق."
"كيف يمكن لوالده أن يفعل ذلك به؟"
"أخشى أن أقول, بسهولة فائقة, حسب ما ذكرت والدته, لأن هذا أسلوب حياته, يفعل ما يريد, متى ما يريد و لا يكترث بالنتائج."
"أتمنى أن يلهمنا الله ما يمكننا أن نفعله."
"ربما نستطيع أمراً" تمتم لوك, "وهذا يعتمد على قرار كاسى."
"هل يوجد عندك شك فى أنه لن يرافق والده فى الرحلة؟"
"لا أعرف, لم يعد كاسى ولداً و قد بدأ يتفهم عقلية والده, و هذه المرة قد لا يختار أن يكون رهن إشارته."
"يبدو أنك تتكلم من خلال خبرة شخصية."
"أجل فى النهاية استطعت أن أتفهم جدى. و برغم أننى أحببته لم أتغاض عن دوافعه الأنانية التى صاغت أسلوب حياته, دوافع لم أكن لارضى عنها أو أتبناها."
كانت اندريا قد عرفت هذه الصفة فى لوك, كان الشخص الأقل أنانية, فى جميع الظروف, من بين من قابلتهم فى حياتها. "أنا مقدرة تعاطفك معه يا لوك, إنه بحاجة ماسة لشخص مثلك فى الوقت الحاضر."
"ما يحتاجه هو والد دائم."
"لماذا لا تتقبل أبداً الاطراء بلباقة؟" سألته مستاءة.
"و لماذا تهتمين للأمر كثيراً؟" بأدلها بسرعة السؤال بسؤال جعلها تلجم عن الكلام.
"أنا ....أنا أهتم لأى شخص يعمل الخير لمساعدة الآخرين, ثم يرفض الاعتراف بذلك. يجب على الناس أن يؤمنوا بأنفسهم أكثر."
"هكذا تكلمت الأخت مايرز, و لكن أريد أن أسمع لماذا اندريا تهتم للأمركثيراً."
شدت قبضتها أكثر على سماعة الهاتف الممسكة بها. أنت تتكلم عنى و كأننى شخصان مختلفان. أنا لست كذلك."
"أذن أنت تعنين أنك تهتمين بى بقدر ما تهتمين بكل شخص من الآخرين فى رعيتك."
"طبعاً."
"هل هذا يعنى أن نيد ستيفنز, على سبيل المثال, قد عانقك مؤخراً؟"
حتى من خلال الهاتف, كان لدى لوك القدرة فى أن يبعث الأحمرار فى وجهها. "هذا ليس ظريفاً يا لوك."
"هذا ما أوافقك عليه." أجابها بنبرة رصينة غير متوقعة .
"بكلمة أخيرة.....أريدك بعد انتهاء المباريات يوم الاربعاء أن تأتى معى إلى المنزل."
"ما طول المدة؟" أخيراً تجرأت على طرح السؤال الذى كان يعذبها. و تستطيع من محتوى اجابته أن تقرر ما عليها أن تفعل. فأى علاقة مع لوك تقصر عن الزواج لي مقبولة بتاتاً, و إذا كان هذا ما يعرضه عليها......مجرد علاقة عابرة....فلن يتبقى لها إلا أن تنتقل إلى أبرشية جديدة و الأفضل أن تقم فى ولاية أخرى, لن تستطيع أن تتحمل البقاء معه فى المدينة نفسها. سيكون ذلك مؤلماً للغاية .
توقف هنيهة ثم استطرد: "طوال الليل." قال يمتحنها.
أغلق باب قلبها عندما تالفظ بهذه الكلمات, و أجبرها على التحول إلى ما كانت تخطط له منذ فترة.
"لوك, أنا سأغادر المدينة بعد المباريات" أخذت تتكلم بسرعة عندما لم تستطيع تعليقاً منه: "لقد أخبرتك لقد أخبرتك يوم طرنا إلى سانتافى, أننى لم أحظ بأجازة منذ سنتين."
"إذاً سآتى معك."
لم يعد بإستطاعة اندريا تحمل المزيد ".......لن يكون ذلك ممكناً." جاهدت كى يأتى صوتها هادئاً.
"لماذا؟"
"لأن هذه الرحلة بالذات هى مزيج من العمل و المتعة."
"غلى ماذا ترمين, بهذه العبارة؟"
لافعت عيناها عندما شعرت بغضبه, "انا سأذهب إلى خلوة برفقة كهنة آخرين, أصدقائى من منطقة أوكلاند."
"أين الخلوة؟"
"ألاسكا."
"اللعنة, كم سيطول غيابك؟"
"سيعتمد ذلك على تطور الأمور."
"توقفى عن هذا التطير يا اندريا." كادت أن تقول له, إنه لم يظهر لها غير التطير و لكن فى هذه اللحظة لن يحل شيئاً, الدخول فى جدال لا طائل منه غير تعقيد الأمور.
"أنا أخطط للانتقال إلى أبرشية أخرى."
قال بعد توقف بسيط: "أعتقدت أن هذه الأبرشية هى بيتك."
"مؤقتاً فقط فالكنيسة تتوقع منا أن نبدل الأبرشيات من فترة إلى أخرى. هذا الأمر يجددنا و ينشط حماسنا, لقد خدمة فترة تكريسى هنا. و قد فسح لى المجال الآن, لأعمل بطاقة جديدة و حماس, و سوف أطلع على ذلك فى رحلتى."
"سيكون عملاً خارجاً عن المألوف أن تهجرى كل هؤلاء الأولاد بع\ سنتين فقط, من دون أن ننسى بول و كل اعضاء الرعية الذين يحبونك."
ساق السكين بخبرة و عمق فى أحاسيسها, و شعرت أن قلبها يدمى, يجب عليها الليلة أن تكتب رسالتى أستقالة, رسالة إلى مجلس الكنيسة و رسالة إلى بول........
"لما العجلة؟ و لماذا هذا الأسبوع؟" سألها و كأنه يطلق الرصاص من فمه.
"لأن هذه الفرصة بالذات لا تتكرر غالباً, و يجب أن أقرر فى الحال." كلما أسرعت كان أفضل. و لحسن الحظ لم ينص عقدها مع الكنيسة على إنذار بالترك أكثر من ثلاثين يوماً. إذا لم تستطيع الحصول على لوك, فالأفضل أن تبدأ حياة جديدة فى مكان آخر, بعيدة عن أى احتمال برؤيته ثانية.
"ما هى هذه الفرصة الخاصة التى يمكنها أن توفر لك السعادة بقدر ما هى متوفرة لك هنا فى البوكركى؟"
"هذه فوق الماء."
"عذراً, لم أفهم."
لعقت شفتها كى ترطبهما "أنشئت الابرشية التى أتحدث عنها على ظهر مركب تجوب مناطق ألاسكا البعيدة المنعزلة حيث مخيمات صيادى الأسماك و قاطعى الخشب. لا يسع معظم العائلات المقيمة فى هذه المخيمات الذهاب إلى المدينة إلا مرة فى السنة. و لهذا تذهب الأبرشية إليهم, إنه أسلوب مبتكر للخدمة الدينية, و انا معجبة بذلك."
ما كادت تميز الصوت الذى رد عليها: "و هذه المخيمات ممتلئة أيضاً بالرجال الذين ليست عندهم أى روابط أو تحفظات فى القفز إلى الفراش مع أول امرأة تقابلهم, إنك تذهبين إلى مكان, إذا قورن رجاله بسجناء رد بلوف فسيبدو الآخرون كأنهم ملائكة."
تنحنحت. "لو كان المكان بهذا السوء لما اختارت الكنيسة أن تفتح الأبرشية هناك."
"أشك بأننى بطريقة ما السبب الذى يجعلك تقفزين فى المجهول المدمر, لقد دافعت عنى باستمرار أمام العالم كله, و لكن فى النهاية سأبقى دائماً صاحب سوابق و هذه الحبة المرة التى لم تقدرى على ابتلاعها."
"لا, يا لوك." صرخت بشكل هستيرى. "لا أريدك أن تفكر على هذا النحو," فى هذه اللحظة قررت أن ترمى بالحقيقة فى وجهه حتى لو أحرجتهما معاً فى المستقبل, أما الآن فلا شئ يهم. "إن أصررت على معرفة السبب الحقيقى فلأنه......"
"وفرى مبررتك لمن يؤمن بها " قاطعها بقسوة, "قبل أن تقومى بأى عمل متهور يهز الأبرشية بكاملها و يقطع سير العمل فيها دعينى أختفى من حياتك و أتركك كما وجدتك, أراك وقت التدريب......... أيتها الراعية."
غشى تفكير اندريا بالظلام عندما سمعت سماعة الهاتف تعلق و تقطع عليهما الأتصال.


نهاية الفصل الثامن

قراءة ممتعة

زهرة منسية 04-08-14 10:16 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
الــــفــصـــل الــعـــاشـــــر
&
الأخـــــــــــــــــيــــــــــــر

منتديات ليلاس

"أندى؟" لقد أستطعت أن أمنع كل من أراد مقابلتك, و لكن لديك زائر هذه المرة."
رفعت أندريا وجهاً شاحباً إلى دوريس, سكرتيرتها, عندما سمعت صوتها, بعد أن أمضت ليلة عذاب فى كتابة أستقالتها, أخذها الشرود منذ دخولها المكتب فى الصباح, فى محاولةيائسة لتبعد عن ذاكرتها مخابرة الليلة الفائتة: "من يكون؟ هل تعرفين؟"
هزت دوريس برأسها: "لقد فضل أن لا يعطى إسمه, إذا أردت أن أخبره أنك مشغولة فسأفعل ذلك." كانت دوريس تعلم أن علاقة لوك و اندريا قد أنتهت و تطوعت لإبعاد المترددين عليها طوال النهار.
نظرت اندريا إلى ساعتها بعينين متورمتين , إنها الساعة الثالثة و النصف, و التمرين سيبدأ عند الخامسة, ما يزال عندها جبل من الملفات عليها أن تجهزها حتى لا يرتبك بول بها عندما تغادر إلى خلوة يوم الخميس.
"أعطنى دقيقتين كى أنهش نفسى ثم أدخليه, يا دوريس." توقفت المرأة الشقراء عند الباب, "أشكرك على كل ما فعلته من أجلى."
ابتسكت دوريس متفهمة و عادت إلى مكتبها فيما ألتقطت اندريا حقيبتها تأزهت عندما شاهدت اتنعكاس وجهها على الزجاج المؤطر و المعلق إلى الحائط. أسرعت بوضع أحمر الشفاه ثم وضعت القليل من المساحيق لتخفى احمرار أنفها, لم تستطيع أن تفعل شئ لعينيها, كان شعرها الذى صففته على شكل كعكة فرنسية يبدة على الأقل مرتباً, أما بالنسبة لملابسها فقد أتت إلى العمل و هى ترتدى ثياب التمرين لأنه لم يكن بنيتها أن تقابل أحد غير دوريس, جفلت عندما سمعت نقراً خفيف على الباب.

منتديات ليلاســـــــــــــــــــــــ


زهرة منسية 04-08-14 10:18 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

"الأخت مايرز؟"
"أجل, تفضل." أعادت حقيبتها إلى الدرج و استعدت لتحية زائرها. عندما دخل تشارلز ريتش لم تستطيع اندريا أن تمنع نفسها من اطلاق صرخة اندهاش خافتة, أثارت رؤيته ثانية فى نفسها ذكريات المحاكمة المؤلمة.
كانت مرتدياً ملابس و كأنه خرج لتوه من قاعة المحكمة, و بدا من ابتسامته الحائرة و كأنه يعكس انفعالاته. "أنا متأكد من أننى آخر من تتوقعين زيارة منه." بدأ حديثه, "هل تسامحين لأن الأمر أختلط على بين صوتك و صوت إيرين؟ كاد لوك أن يمزقنى إشلاء لأرتكابى هذه الغلطة, و أنا لا ألومه." تبدلت ابتسامته إلى تعبير أكثر جدية: "كنت أخشى ما لو أعطيت اسمى لسكرتيرتك, أن ترفضى مقابلتى, و لم أكن لأجازف بعدم رؤيتك؟"
لم تستطيع اندريا أن تبقى مستاءة منه بعد هذا الاعتذار المخلص, برغم أنها لا تزال تلومه قليلاً. كان جذباً بقدر لوك و لكن على طريقته الخاصة. و لكن لماذا أتى؟ ما الذى يريده منها؟
"لا بأس يا سيد ريتش, أستطيع التفاهم بوضوح مثل هذا الخطأ تماماً."
"هذا من كرم أخلاقك, يا راعية, و لكن خطأى غير مبرر. ما كان يجب أن أبداً أن أقفز إلى استنتاج وجود علاقة ما بين لوك و إيرين. إنها واقعة فى غرام لوك منذ مدةطويلة و لكنه ليلة الاثنين أوضح لىّ تماماً.....كما أوضح لها ايضاً....أنه لم يبادلها قط مشاعرها, تستطيع الاعتماد على صداقته و دعمه فقط و لا شئ أبعد من ذلك, و قد لمح لى بتعابير مبطنة ما معناه أنه لن يغفر لىّ أبداً فما لو أن تدخلى جرح مشاعرك." ضغط على شفتيه و اضاف: "لقد عرفت لوك مدة أطول من معرفتك به. و تعلمت عت خبرة أن لوك يعنى ما يقول."
لو يعرف تشارلز كم أجادت تعلم هذا الدرس, منذ أن قابلت لوك فى السجن: "عندما قادنى لوك إلى البيت, يا سيد ريتشى, أوضح لىّ كل ما يتعلق بـ إيرين, كل شئ على ما يرام أنا آسفة لأنك أخذت من و قتك الثمين لكى تقطع كل هذه المسافة لتأتى إلى الكنيسة و تعتذر."
"أنا أعلم أن ليس هناك من شئ يجرى على ما يرام و هو السبب الرئيسى الذى دفعنى للمجئ." أجابها بنبرة من يرافع فى قاعة محكمة. "أجلسى أيتها الأخت, أريد أخبرك عن أمر مهم."
انتقلت اندريا بأفكارها فوراً إلى لوك و شعرت بقلبها يسقط بين قدميها. "لقد حدث له مكروه ما, أليس كذلك؟"
نساءلت منفعلة: "هل وقع له حادث طائرة؟"
تأمل للحظات ردة فعلها ثم قال: "لما تركته فى البيت منذ ساعة, كان فى حالة شبية صحيحة بحالتك الصحية فى هذه اللحظة."
شعرت اندريا بالارتياح عندما سمعت أن لوك بخير, و لم يسجل فكرها مغزى كلام تشارلز حتى ارتمت على مقعدها و اجتاحها شعور بالحرج لأنها كشفت الكثير من مشاعرها لرجل هو الأقرب من لوك. "أرجوك." تمتمت بعد أن تمالكت نفسها قليلاً: "تفضل بالجلوس."
لوى شفتيه بمرح مما ذكرها مرة ثانية بـ لوك الذى يقوم بالحركة نفسها. لا تفوتها ملاحظة أى شئ. انتصب فى جلسته, واضعاً يديه بين ركبيتيه و نظر إليها ملياً مما أشغعرها و كأنها على كرسى الشهادة فى المحكمة.
"ٌال لوك أنك ستغادرين المدينة و قد قبلت مركز جديد فى مكان آخر."
قالت بصوت خال من التعابير: "اعذرنى, و لكنى لا أرى ما علاقة مشاعرى بزيارتك, يا سيد ريتشى."
استرخى فى جلسته و تفحصها بعينيه: "سيقتلنى لوك لو عرف أنى هنا و لكن كان على القدوم, ستتصدر وسائل الإعلام يوم الأحد القادم أخبار عن كيف أوقع لوك و أُورسل إلى السجن لجريمة ارتكبها شريكاه."
حدقت اندريا إليه غير مصدقة و هى تحاول استيعاب ما قاله لها, و ظهر من ابتسامته العريضة ارتياحه التام لما أنتهت إليه هذه القضية.
منتديات ليلاس
"لقد عرفت ذلك, من البداية!" هتفت جزلة, نسيت كل شئ و نهضت عن مقعدها و هرعت حول الطاولة لتحتضن تشارلز الذى كان قد نهض, هو الآخر,عن مقعده, و ما أن أحتواها بذراعيه حتى اتخرطت فى البكاء, "عرفت ذلك, بطريقة ما, فى أعماق قلبى."
وقفت على رؤوس أصابعها و قبلت خده, "أشكرك لكل ما فعلته لأجله." قالت و هى لا تستطيع أن تمنع دموعها المنهمرة, "هل تعرف أنه خلال مناقشة الحكم طلبت من المحلفين الآخرين النظر فى احتكال أن يكون شريكاه كاذبين؟ و لكنهم رفضوا أن يصدقوا أن هذين الرجلين يمكن أن يشهدا زوراً."
شهقت ثانية. "لابد أن هذا الخبر قد أسعد لوك كثيراً."
ما أن نطقت بهذه الكلمات حتى تلاشت ابتسامته. أفلتها ببطء و سحب منديلاً من جيب سترته و ناولها أياه كى تجفف دموعها. "من الغرابة أن لوك ليس سعيداً, و لذلك أتيت لمقابلتك."
"أنا لا أفهم ذلك."
"و أنا أيضاً, خاصة بعد أن شاهدت ردة فعلك الآن حسب ما جاء فى روايته إنك تهربين منه لأنه صاحب سوابق فى السجن, و هذا لا يبدو لىّ منطقياً لأنك طيلة الوقت تؤمنين ببراءته, سوف؟ أتدخل مرة ثانية, و أسألك عن السبب الحقيقى الذى يجعلك تغادرين البوكركى؟"
لم تتوقع اندريا أن تستجوب بهذا الأسلوب, عادت إلى طاولتها كى تكسب وقت للتفكير, لم يكن بنيتها أن تفصح بمكنونات قلبها و سبب معانتها إلى أقرب صديق لـ لوك....عدم تأكدها من مشاعرها و نيات لوك, و إيمانها بأن الزواج بين علمانى و راهبة مكرسة لا يمكن أن ينجح.
"إعادة تعيين الكهنة من وقت لأخر, هو من الأنظمة المعمول بها فى الكنيسة" أوضحت بصوت هادئ, "وقد عرض علىّ مركز مغر." أخفضت نظرها إلى قدميها. "أنا أعرف أن لوك يظن أن السبب هو سجله فى السجن, و هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة."
قال تشارلز بعد توقف قصير: "أنا أصدقك, و لن أخذ من وقتك أكثر من ذلك, حظاً سعيداً فى مهمتك الجديدة. اسمحى لىّ أن أضيف أننى أتمنى لو فكر الأحد عشر محلفاً الآخرون مثلك, خلال محاكمة لوك."

منتديات ليلاســــــــــــــ

زهرة منسية 04-08-14 10:23 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

ما أن ترك غرفة اندريا المتوترة حتى دخلت دوريس, "إنه رجل بهى الطلعة." ضحكت و أضافت: "و أنا متحيزة لذوى الشعر الأحمر, ماذا كان يريد؟"
كانت اندريا مبتهجة, برغم معاناتها, إلى درجة أنها أحست برغبة فى أن تهتف بما أنتهت إليه قضية لوك.
"هذا رائع," تمتمت دوريس عندما أخبرتها اندريا, "و المذهل أنك كنت مؤمنة ببراءته. و كثيرون من أمثال سلون....لن يصدقون حتى يروا...سيشعرون بالحرج الشديد عندما يعرفون أنه كان بريئاً طيلة الوقت. أندى لقد لاحظت انك كنت تتصرفين من دون أن تبالى بآرائهم. و لكن كلانا نعرف أن الأمر يختلف عندما أنت و لوك تتزوجان."
"نتزوج....." شحب وجه اندريا, "سبق و أن أخبرتك عن الأسباب التى تجعل هذا الزواج غير ممكن. لقد أنتهى كل شئ بينى و بين لوك."
"دعينى أخبرك شيئاً يا راعية." قالت دوريس بنبرة جدية "لقد تعلمت منك درساً لا ينسى, الأيمان يسبق المعجزة و قد بدو الماء معكراً. و لكن أعطيه قليلاً من الوقت و يتحول رقرقاً صافياً مثل ينبوع جبل. أسدى لى خدمة و لا تحضرى للسفر إلى ألاسكا حتى الأسبوع القادم."
التقطت اندريا أنفاسها, "ما الذى سيختلف فى عدة أيام."
"لننتظر حتى يوم الاثنين, و عندها أنت أخبرينى عن الفرق." أجابتها دوريس. "بالمناسبة, لقد وصلت طرد منذ عدة دقائق, إنه صندوق كرتون كبير, هل لىّ بفتحه؟"
"دعينا نفتحه معاً." قالت و هى تعلم, أنه لم يكن بمستطاعها الاستمرار فى العمل اليوم خاصة و أن موعد بدء التدريب قد اقترب. لحقت بـ دوريس إلى مكتبها. "ما الذى يجرى هنا؟" تمتمت و هى تسحب عدداً من القمصان ذات اللونين الأبيض و الأزرق. أخبرنا المجلس فى الاجتماع الماضى, أنهم لن يشتروا ثياباً مميزى للفريق لعدم وجود اعتمادات مالية, و علينا أن ندبر أنفسنا بما نستطيع أن نجده."
"وهذا يعنى أننا حظينا بمحسن مجهول." غمزت دوريس, "كما تعرفين, يوجد شخص واحد عنده الدافع و الامكانيات كى يجهز الفريق بهذه القمصان الفاخرة."
أومأت اندريا ببطء, بالطبع إن الشخص الذى تعنيه دوريس هو لوك, فكرت اندريا بسرها فى لوك, لحظة وقع نظرها على الكنزات "سيطير الأولاد من الفرح." همست و هى تحس بحب هائل نحو الرجل الذى يخفىى خلاف ما يظهر.
ستشعر الأبرشية كلها بالفخر من جراء هذه الألبسة."
منتديات ليلاس
أعادها تعليق دوريس إلى الواقع. "أتوقع أن كل أعضاء المجمع سيهتفون لك صباح الغد. هل سآخذ عطلة غداً؟"
"ما رأيك؟" ابتسمت اندريا. "ما رأيك لو ساعدتنى فى التوزيع؟"
جمعتا القمصان و اتجهتا إلى الملعب. وجدتا الجميع هناك ماعدا لوك و كاسى. حاولت اندريا أن تخفى خيبتها, و لكن لم يلاحظ أحد وجهها البائس, لأن عيونهم كانت مسمرة على القمصان.
علت فجأة صرخات الابتهاج و عمّت الفوضى بين الأطفال, و هم يتدافعون عليها أخذوا يتبادلونها محاولين إيجاد القياس المناسب منها. ابتسمت دوريس لـ اندريا و عادت إلى مكتبها.
نتيجة لذلك, تحلق الأولاد حول اندريا التى هزت برأسها قائلة: "لا شأن لىّ بتوفير هذه القمصان. إن الذى فعل ذلك هو مدربكم و أتمنى لو كان هنا كى يوزع القمصان عليكم بنفسه. و لكن بما أنه ليس حاضراً أريد أن أخبركم شيئاً, هيا أجلسوا لدقيقة."
كان لنبرتها الجدية التأثير المطلوب لأن الهدوء خيم فوراً على الملعب, أخبرتهم اندريا عندما جلسوا عن تبرئة لوك, و ما أن تلفظت بهذه الأخبار حتى عم الفرح بينهم فوقفوا يهللون و يهتفون.
"أنا أعرف تماماً كيف تشعرون." قاطعت اندريا, "ولذلك فدعونا نظهر لـ لوك مدى امتناناً لكلى شئ عمله لأجلنا, و نعطى أفضل ما عندنا فى مباريات الغد. إذا قرر كاسى الذهاب مع والده...." تبادلت عيناها الاشارات مع مات. ".......فسوف يتوجب علينا اللعب بكل طاقتنا و نتكل على الله..... ريتشى سيكون المسؤؤول عن التدريب حتى حضور لوك."
عادوا إلى التدريب, و لكن قبل مضى وقت طويل هرعت دوريس إلى الملعب و أخبرت أندريا أن باربرا فى المستشفى مع والدتها, كى تتلقى أولى جلسات العلاج الكيميائى للسرطان. و هما تريدان أن تعرفا إن كان باستطاعة الراعية الذهاب إلى هناك لكى تساعد بعد انتهاء المعالجة.
طلبت اندريا, مرة ثانية, من الفريق أن يستمع إليها و شرحت لهم سبب اضطرارها للذهاب. و أنها فى حال عدم رجوعها للتدريب ستلقاهم صباح الغد على ملعب الثانوية المركزية حيث ستجرى المباريات الدورة. أومأ الأطفال برؤوسهم بحزن و تمنوا الشفاء لوالدة باربرا.
ذهبت إلى مكتبها و بدلت ثيابها الرياضية بثوب و حذاء كانت تحتفظ بهم من أجل طارئ كهذا, وضعت ياقة الكاهن حول رقبتها و ارتدت سترتها, التقطت حقيبتها و أسرعت إلى سيارتها.

منتديات ليلاســـــــــــــــــــ



زهرة منسية 04-08-14 10:25 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
فيما كانت تنعطف نحو الطريق العام, نظرت فى المرآة الخلفية و شاهدت سيارة بى أم ف خضراء تنعطف إلى داخل موقف السيارات.
لا شك أن لوك شاهد سيارتها, ظهرت نيته فى البقاء خارج حياتها عندما لم يلحق بها أو يطلق بوق سيارته, كما كان يفعل فى السابق و فى أحوال مشابهة أرادت اندريا أكثر من أى شئ آخر, أن تتوقف و تعلمه مدى سعادتها لتبرئته و لتشكره على تقديمه القمصان للفريق. و لكن بتجاهله لها, أوضح أنه لا يريد أن يكون له شأن معها بعد الآن, زادت من سرعة سيارتها و هى متجهة نحو المستشفى, و قد أرعبها الألم الذى أخذ يعتصرها, كيف لها أن تروح عن أى شخص آخر, و هى فى الوقت نفسه تحتاج بيأس, لمن يروح عنها؟
"باربرا؟" قالت اندريا عندما التقتها فى رواق الاستقبال.
"لم أكن أعتقد أن والدتك ستقبل تلقى العلاج الكيميائى."
"و أنا أيضاً فوجئت, غيرت والدتى رأيها بعد زيارة هيلن سارجنت لها منذ بضعة أيام." امتلأت عيناها بالدموع, "هل أنت من أرسل هلين, يا أخت؟"
"أجل, لقد مرت فترة على هلين و هى تتلقى العلاج الككيميائى, و أعتقدت أنه ربما استطاعت إقناع زينا."
"حسناً لقد نجحت خطتك." أجابت و هى تمسح الدموع عن وجها, "اشكرك يا أختاه. لقد أكد لى الطبيب أن المرض سيتراجع حالما تبدأ بالعلاج, و هذا سينقذ حياتها!" أخذت اندريا بالاحضان. "أنا آسفة لازعاجك و لكنى أعرف أن حضورك سيعنى الكثير لأمى."
كان وجود اندريا مثل البلسم الشافى, و استطاعت اندريا أن تتناسى مشكلاتها, ابتهجت زينا لرؤيتها و ارتفعت معنوياتها.
بقيت النسوة الثلاثة فى غرفة الانتظار قرابة النصف ساعة ثم رافقتهم اندريا إلى سيارة بربارا و وعدتهما بزيارة مطولة فى شقتهما.
انطلقت اندريا بسيارتها نحو منزل كاسى و لكنها لم تجد أحداً, عادت إلى الكنيسة لعل لوك ما يزال هناك مع بعض لاعبى الفريق لكنها وجدتها مقفلة, غيرت ملابسها بسرعة و اتجهت إلى شقتها و أخذت معها قميص اللعب و اتصلت بـ مات لكنه بدا أن لا أحد هناك أيضاً كى يرد على الهاتف. اكتشفت اندريا بعد أن خابرت عائلات خمس لاعبين أن لا أحد منهم عاد إلى البيت بعد التمرين.
من المؤكد أنهم ذهبوا مع لوك إلى مكان ما.
أمتلأت بالحزن لأنه فاتها حضور الاجتماع الأخير قبل المباريات رن جرس هاتفها أكثر من اثنتى عشرة مرة و كل مرة كانت تعتقد أن المكالمة من أحد الأولاد ثم يتبين لها أنها مخابرة بشأن أعمال الأبرشية, فيما عدا بول, الذى يبدو أن دوريس أخبرته عن تبرئة لوك. و الذى لن يستريح قبل أن يناقش الموضوع معها.
"كنت تعرفين فى اعماق قلبك أنه لم يرتكب جريمة و تصرفت على هذا الأساس لتبعثى الأمل فى وجه رجل برئ. و النتيجة! أعطيت لوك حياة جديدة.....و كذلك فريقنا لكرة الطائرة إنى أنتظر بفارغ الصبر مباريات الغد." قال لها متحمساً.
"ولكن خسرنا أو ربحنا" استطرد بول "يجب أن تعرفى أن لجنة المساعدة ستقيم عشاء ليلة الغد على شرف الفريق, أعرف أنك ستغادرين إلى ألاسكا يوم بعد غدا, و لكن أرجوك أن تحضرى, و أمكثى حتى تشاهدى البرنامج القصير الذى سيقدم بعد تناول العشاء, وجودك سيسر الجميع."
"سأحضر يا بول, و شكراً." لم تستطيع قول أى شئ آخر لأن العواطف المتضاربة كانت تتصارع فى داخلها و تثقلها بالألام, ستصل بول رسالة أستقالتها عندما تكون فى الاجازة و عندما تعود ستضطر إلى مواجهة الجميع و هو أمر ليس عندها استعداد لمعالجته فى الوقت الحاضر.
"ليبارككم الله جميعاً, و ليربح الفريق الأفضل."
ربح المباراة لو كان أمر بسيطاً مثل ذلك, فكرت اندريا و هى تهم بالخلود إلى النوم. كانت تشعر بالندم كثيراً هذه الليلة, لأنها كانت تضع أمام كل أمر: "لو أنه فقط........."
منتديات ليلاس
وصلت اندريا, صباح اليوم التالى إلى المدرسة الثانوية و شاهدت لوك على الفور يقف بالصف مع المدربين الآخرين لتسجيل الفري, قامته الفارعة شعره الكثيف البنى و القميص الرياضى الأزرق جعلت من الصعب على أحد أن لا يلاحظه, أشاحت مترددة بنظرها عنه لتراقب الفرق الأخرى التى ملأت الممرات تنتظر بدءالمباريات, استطاعت بسرعة تمييز أفراد فريقها لارتدائهم القمصان البيضاء – الزرقاء .........أفضل لباس بين الفرق! أخذت بتعدادهم ببطء و لفت انتباهها رأس ذو شعر أشقر. رأس كاسى!
اقتربت منه و ربتت على كتفه العريض, و لما استدار و رآها علت وجهه ابتسامة صادقة. "مرحباً يا أندى, لقد اعتقدت أنى لن أتى." شعرت بالحيرة و هى ترى السعادة طافحة على وجهه.
"لم يجب عليك أن تبقى و تلعب المباراة عوضاً عن أن تذهب مع والدك, ليس هناك من مباراة أهم من التضحية الشخصية يا كاسى."
نفض رأسه كى يرجع إلى الوراء الشعر المنسدل على جبهته: "كنت أعرف أن لوك يعتمد علىّذ و لم أستطيع أن أخيب أمله بى أو أمل الفريق."
"ولكنه لم يكن ليقبل بأن لا تذهب مع والدك."
"أعرف ذلك, لقد أخبرنى بذلك و لكننى أخذت قرارى, و هل تعرفين ما حدث؟" نظرت اندريا إليه بتعجب فيما ترقرقت عيناه بالدموع. "قال لى, أخبر أباك إنه فى اللحظة التى تنتهى بها الدورة سأخذك بالطائرة إلى مؤاب, حيث تبدأ من هناك رحلة الطوافات و هكذا لن يفوتك شئ, قال أن الرحلة تستغرق ساعة و نصف, هل هذا الرجل معقول؟" ابتلع جاهداً و هو يحاول بصعوبة تمالك نفسه.
شعرت انديا فى هذه اللحظة بحبها لـ لوك أكثر من أى وقت مضى حدقت إلى كل أرجاء المكان و لكنها لم تراه, و افترضت أنه ذهب إلى الملعب مع بقية أعضاء الفريق.
"أعترى والدى الصمت عندما أخبرته بما قال لوك." قال كاسى: "و تخيلت أنه لا يريدنى أن أذهب معه, بعد كل هذا, و لكنه عوضاً عن ذلك قال إذا كان لوك مستعداً ليفعل ذلك من أجل أبنه فإنه على استعداد لدفع ثمن الوقود للرحلة, و قال أيضاً إنه كان والداً سيئاً و كان يخشى لو دعانى إلى الرحلة النهريية معه, من قبل أن أرفض." استنشق الهواء بشدة. "من الآن و صاعداً, قال والدى, إننا سنقوم بنشاطات كثيرة معاً.... و يريدنى أن أزوره فى العطلات فى ولاية واشنطن."
"أوهــ, يا كاسى." و لن تستطيع نطق كلمات تعبر عن عمق مشاعرها.
"قال أيضاً إنه لولا أن مجموعته تحتاج إلى مساعدته فى تحضير الطوافة لتخلى عن الرحلة و بقى كى يشاهد المباريات. و سوف ينتظرنى فى المطار الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم."
أمتلأ قلب اندريا بالشوق إلى درجة أنها اعتذرت منه و هرعت إلى غرفة الحمام, ألقت الماء البارد على وجهها و تفحصت ربطة شعرها. شعرت بالانتعاش بعد خمس دقائق و استجمعت شجاعتها لمقابلة لوك.
اجتازت بتمهل الممرات المزدحمة لى الساحة الكبيرة التى تحتوى على ستة ملاعب للكرة الطائرة, امتلأت المدرجات بالجماهير و أضيئت اللوحة الألكترونية و غمر اندريا حماس شديد.
و فى لمحة بصر عثرت على لوك ضمن أفراد الفريق الذين تحلقوا على أرض الملعب يرمون الكرة فى ما بينهم للتسخين. سمعت صوتاً يناديها فيما كانت تهرع صوبهم عندما استدارت نحو مصدر الصوت, رأت بول و دوريس و بمعيتهما عشرات من أفراد الأبرشية و كان الجميع يلوحون لها بتلهف. ابتسمت و لوحت بيدها لهم, ثم هرعت لتنضم إلى الفريق, أومأ لوك برأسه لها ببرودة.
"إنه لمن دواعى سرورنا أن تنضمى إلينا يا راعية." تمتم لوك: "لو أتيت إلى بيتى مع بقية الفريق الليلة الماضية لعرفت أنك ستبدئين الرمى إلى جانب كارلا فى اللعبة الأولى."
خشية من أن يلاحظ أحد الأولاد غضبها حاولت ألا تأتى ردة فعلها هادئة بقدر الأمكان: "كان يجب أن أقوم بزيارة إلى المستشفى. و عندما رجعت إلى الكنيسة اكتشفت أنك غادرت, و لم يكن لدى أى فكرة عن مكانك."
"لو كنت تأتين إلى التمارين فى الموعد المحدد لعرفت أننا ذاهبون لمشاهدة أشرطة فيديو عن الكرة الطائرة فى بيتى."
شعرت بالنار تضرم فى وجنتيهاىو بدأت بالرد بكلام لاذع, لكن الحكم أطلق صفارة بدء المباراة. أخذ لوك مكانه على خط التماس, و من ثم كابرت اندريا على حرجها و ألمها و حولت غضبها إلى ضرب الكرة فى كل ساعة تأتيها.
كانت اندريا متوسطة الطول و لكن بمساعدة لوك استطاعت أن تتعلم كيف تستغل قفزتها إلى أقصى الحدود. و للمرة الأولى, كانت تبتهج لقدوم الكرة ناحيتها و يبدو أن غضب لوك أثار فيها روح تحد لم تكن عندها عندما كانت تتدرب.
ربحوا الشوط الأول و لكن خلال وقت الاستراحة و فيما أعضاء الفريق يجهزون أنفسهم للشوط الثانى أخبرهم لوك أن لا يصيبهم الغرور, لأن المباريات فى أولها, أصغت اندريا باهتمام لارشاداته, و اقتراحاته من دون أن تنظر إليه.
ابتدأوا الشوط الثانى بخطة جديدة و برغم أن الفريق كان جيداً إلا أنه افتقر إلى استراتيجية واضحة, أنتقل الفريق بسرعة إلى المقدمة. اكتشفت اندريا فى لحظة غفلة أن لوك يحدق إليها و فى عينيه نظرة أعجاب و تقدير و فوجئت ففقدت تركيزها على المباراة و فاتها رد الكرة, مما كلف فريقها نقطة, برغم ذلك ربحوا الشوط.
غضبت اندريا من نفسها لأنها فقدت التركيز و كل ذلك لأنها أرادت رؤية لوك راضياً عن لعبها, أقسمت فى نفسها على أن تتجاهله حتى نهاية المباراة حتى و لو أدى ذلك إلى موتها.
سار الشوط الثالث على منوال الشوط الأول, و لم يكن الفريق المنافس مستعداً مثل فريقهم, عندما أنتهى الشوط أسرع اللاعبين إلى صنبور الماء فى الرواق و لحق بهم بول, أحتضن كل لاعب فى الفريق بمفرده و ضحكاته تملأ وجهه.
وجدوا صعوبة فى ربح الشوط الرابع الذى أوصلهم إلى دور نصف نهائى. دعاهم لوك للتحلق حوله. "استمعوا إلىّ بانتباه. لقد كنت أراقب الفريق الذى ستلاعبونه الآن. إنهم حسنون و لكن عندهم بضع نقاط ضعف, هيا إلى الملعب و اسحقوهم."
"سنفعل ذلك يا مدرب." قال ريتشى ثم توجهوا إلى الملعب و أخذوا مراكزهم. بدأت اندريا الرمى’ ثانية, و أخترقوا بسرعة الحلقات الضعيفة للفريق الآخر. و هكذا فعل مات و استطاع الاثنان تسجيل عدد من النقاط التى فى النتيجة ضمنت لهم ربح المباراة, نظراً إلى بعضهم البعض بسرور سرعان ما تلاشى عنها عندما همس لوك فى أنها: "لا تنفاخرى كثيراً أيتها الأخت. الفريق الذين ستلعبون معه الآن لم يخسر أى مباراة مثلنا تماماً, و كما لاحظت ليس عندهم أى نقاط ضعف. سوف نستبدلك خلال هذه المباراة."
ابتعدت عنه اندريا. كانت غاضبة و متألمة و لم تجرؤ على النظر إلى لوك, مخافة أن تقول شيئاً يحرج الجميع.
"هيا تحلقوا حولى." دعاهم لوك إلى التوجيهات الأخيرة.
"هذه المباراة التى عملنا من أجلها و تدربنا يوم بعد يوم, حان الوقت لنضع خطة السرعة موضع التنفيذ. لن نعطى الفريق الآخر فرصة للتفكير لأنكم ستردون الكرة بسرعة لدرجة أنهم لن يعرفوا من أين تأتيهم الضربات. و هذا يعنى التركيز و أعنى التركيز الكامل من جهتكم." حملق لوك إلى اندريا و قال: "هل من أسئلة؟"
هز الجميع رؤسهم نفياً و ساروا إلى الملعب صفاً واحداً و إلى المباراة النهائية, أطلقت الصفارة و بدأت المعركة, لعب الفريق الآخر بشراسة و لكن تبين بعد عدة دقائق على بدء المباراة أن فريق اندريا يريد الحصول على البطولة بقوة أكثر, أبدع كاسى و تكهنت اندريا بأن يصبح لاعباً فى منتخب الجامعة التى سينتسب إليها. كانت المباراة من دون جدال مباراة كاسى, و قد أذهل الفريق الآخر بضرباته و رداته و لم يستطيعوا الصمود بوجهه.
"إن هذا النصر ليثلج القلب الرقيق لأى عذراء." همست دوريس ممازحة فى أذن اندريا. "أقدم لك التهانئ, يا راعية, كيف مازلت متماسكة تحت ضغط كل هذه الظروف؟"
سألتها بدفء و لكنها استدركت عندما لاحظت نظرة اندريا الشاردة: "أنا متأكدة من أن هناك المزيد من الأحداث السعيدة."
"أنت لا تستسلمين أبداً, أليس كذلك؟" أجابتها اندريا بصوت مرتجف.
"ليس عندما أكون على حق." شدت على ذراع اندريا. "أراك الليلة خلال العشاء احتفالاً بالنصر."
التحقت دوريس بالجموع فييما طلب المشرفون من الجميع الجلوس لتقديم الجوائز, خاصة الكأس الذهبية التى ستقدم للرابح و تزين خزانة العرض فى الكنيسة.
استلمت الفرق التى احتلت المراكز الثلاثة الأولى, الجوائز فيما علا التصفيق الحاد. و عندما أعلن فوز فريق أبرشية اندريا بالمركز الأول, هدر الملعب بالهتافات و الصراخ و التصفيق, طلب من جميع لاعبى الفريق بمن فيهم لوك و بول التقدم إلى المنصة و الوقوف وراء الميكروفون. ذكر المذيع أسماءهم الواحد تلو الأخر ثم جاء دور لوك لاستلام الكأس فاض قلب اندريا بالبهجة عندما أعطى لوك الكأس لـ ريتشى الذى حضن لوك, و تلاه كاسى و بقية اللاعبين و هم يظهرون تقديرهم لـ لوك.
كانت اندريا حتى هذه اللحظة تتجنب النظر إليه. لكنها لم تستطيع منع نفسها من التحديق فى هذا الرجل الذى حول مجموعة من المراهقين إلى وحدة متماسكة و منتجة.
عندما أدركت أنه يحدق إليها تذكرت نظرته اغاضبة و المليئة بالحيرة التى رمقها بها يوم أدانوه فى المحكمة, هل تشاهد الآن لمعان الألم نفسه فى عينيه الداكنتين؟ لم تحر جواباً.
أخفضت رأسها و أخذت تصافح الكهنة الآخرين الذين أصطفوا للتحادث معها. عندما انتهت من تقبل التهانى و نظرت حول الغرفة و اكتشفت أن كاسى الذى أرادت توديعه و لوك قد غادرا القاعة.
أسرعت خارجاً و لكنها لم تعثر على سيارة لوك. مما يعنى أن الاثنين ذهبا مباشرة إلى المطار.كان عليهما الاسراع و إلا تأخرا بالوصول إلى مؤاب عند الثالثة بعد الظهر.
كانت معنوياتها مرتفعة لنصف ساعة خلت و لكن مباريات الدورة انتهت و خرج لوك من حياتها. إنه يعنى دائماً ما يقول, أشعرتها فكرة العيش من دونه بأنها ستسقط فى فراغ عظيم, الأمر الذى أخافها جداً.


منتديات ليلاســـــــــــــــــــ

زهرة منسية 04-08-14 10:27 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 

دخلت اندريا القاعة الرياضية فى الكنيسة عند الساعة السابعة و العشر دقائق مساءً كان شعرها ينساب على كتفيها مثل الغيمة فى كل خطوة تخطوها.
تحلق معظم الموجودين حول مائدة الطعام المليئة بالطيبات و التى حضرتها لجنة الانعاش. وضع فى وسطها الكأس كى يشاهده الجميع, علقت على الجدران الرايات التى تتغنى بالنصر, و بدا أن جميع أعضاء الأبرشية قد حضروا للأحتفال.
تحلقت مجموعات من المراهقين و أهاليهم حول طاولة لوك يتنافسون لجذب انتباهه لهم.
تلت صلاة شكر بصمت, لرجوعه سالماً من رحلته إلى مؤاب. و كأنه أحس بها تنظر إليه فقد رفع رأسه فى اللحظة نفسها التى نظرة إليه, لن تراه ثانية بعد هذه الليلة, ذكرت اندريا نفسها, سعيدة لأنها أخذت وقتها فى ترتيب هندامها هلى أفضل هيئة.
كانت قد ذهبت للتسوق قبل مجيئها لحضور الاختفال, بعدما أصبحت لا تتحمل البقاء بمفردها, فاشترت ثوباً حريرياً أزرق اللون. لم يكن من عادتها أن تلبس هذا النوع من الثياب عندما تشارك فى نشاطات الكنيسة, و لكن الليلة مختلفة و تريد التأثير على لوك و فى الوقت نفسه تظهر بأناقة هادئة تليق بالكنيسة.
قطعت اتصال نظراتهما و اتجهت إلى المائدة, أفسح لها بول مكاناً إلى طاولته. ملأت صحناً بالطعام و جلست بالقرب منه, مرتاحة لأن ظهرها إلى لوك. و مرتاحة لأنها مع بول, الذى يمكن أن يتفهم عدم رغبتها فى الكلام.
فوجئت اندريا قليلاً عندما شاهدت هال تف يقف ليقوم بدور مقدم البرنامج, تنحنح أمام الميكرفون مما ضخم الصوت و أضحك الجميع بمن فيهم اندريا التى قهقهت برغم ألم رأسها الذى كانت تعانى منه.
بدأ هال البرنامج بعبارات الشكر و التهنئة ثم طلب من بول أخذ المكان و التكلم و طلب من رئيس الفريق أعطاء كلمة موجزة.
عندما أنهى ريتشى ككلمته, قال هال: "الآن نريد أن نستمع إلى رجل الساعة. الرجل الذى جعل هذا الاحتفال ممكناً مدرب الفريق و صديقنا لوك هاستينغز, تعال إلى المنصة."
كان لوك مرتدياً بدلة يقترب لونها من لون ثوب اندريا, و اعطت اندريا انطباعاً بأنه سيقابل امرأة ما بعد انتهاء هذا الأحتفال, غمرتها موجة من اليأس و هى تتخيل وجوده مع امرأة أخرى.
تقدم لوك من هال بتمهل أخذ الميكرفون من يده, خيم صمت من الحضور, كان متوقعاً.
بدأ كلامه: "لقد أشتركت فى كثير من المباريات خلال جياتى و بعضها كان مثير جداً, و لكن فوز اليوم تخطاها جميعاً. لدى هذه الأبرشية أفضل شبان من أى مكان آخر. أهنئكم و عائلاتكم جميعاً, لمثابرتكم لى حضور التمارين و اتباع التوجيهات, لقد خرجوا من هذه الدورة أبطالاً عظماء أليس كذلك؟"
لم يهدأ التصفيق إلا بعد وقت, فاستطرد لوك: "للأسف لم يستطيع كاسى أن يحضر هذا الأحتفال. لقد وصلنى من مصادر موثوقة أن اتحاد الكنائس يحضر لدورة أخرى بكرة السلة فى الخريف القادم و قد أخبرنى كايسى أنه سيشترك بهذه المباريات...." توقف لوك قليلاً, مبتسماً ثم أضاف: "و إذا أردتم المجازفة معى مرة ثانية فأنى أقدم خدماتى كمدرب تحضيراً للدورة القادمة."
أصمت الهتافات السمع, قفز جميع الأولاد الواحد تلو الأخر يدقون الأرض بأقدامهم و يصرخون "نعم! نعم!" حتى تحولت الهتافات إلى أنشودة. و سرعان ما وقف الجميع, لم تستطيع اندريا إدراك ما يدور فى عقل لوك, و لكنها وقفت و هى تشعر أنها فى غيبوبة.
أعتقدت اندريا عندما توقف التصفيق و جلس الجميع أن لوك سيعود إلى مقعده و سيترك بقية البرنامج إلى هال و لكن لم تجر الأمور كما توقعت, أدار لوك رأسه نحوها, أحست بشور غريب, و كأنه وخز من قمة رأسها حتى أخمص قدميها.
"لقد أرتكب هال خطأ عندما قال إنى رجل الساعة, فى الحقيقة, المجد يجب أن تحصل عليه امرأة الساعة, ملاكى ذوالشعر الأسود. و بالمناسبة, هذذا ما أطلقه على الراعية اندريا مايرز."
أنفجر الجميع بالضحك و حملقوا إلى اندريا التى تلون وجهها باللون الاحمر. "من شاهد منكم المباريات هذا الصباح, سيوافقنى على هذا الوصف, لقد صنعت العجائب على أرض الملعبو لولاها ما فوزنا."
عدت الهتافات و ربت بول على ذراعها بحنان, لم تستطيع اندريا النظر إلى أى مكان, تمنت لو أنها زهرة منسية تختفى ببساطة.
"ليس كل منكم يعرف كيف تقابلنا, أنا و هى. أعتقد أنه الوقت المناسب لأخباركم. إنها قصة عاطفية, بالفعل, خلال أيام المحاكمة المؤلمة, جلست مع المحلفين الآخرين, تعانى مثلى تماماً فيما تتوالى الأدلة الدامغة. شعرت بعاطفتها, برغم أننا لم نتبادل أى كلمة مع بعضنا البعض."
"عندما أتت إلى السجن, و أنا أخجل من ذكر ذلك, كنت قد فقدت الأمل فى أن تكون لى حياة ثانية بعد إطلاق سراحى, أعتقدت أن الله الذى عبدته منذ الطفولة قد تخلى عنى. و حينها ظهرت الراعية مايرز."
خيم الصمت و السكون على جميع من فى القاعة. و جلست اندريا لا تبدى حراكاً و كأنها مسحورة.
"وقفت أمامى الامرأة الجميلة, التى استولى وجهها و عاطفتها على أحلامى, و كأنها رؤية, ظننت للحظة أنى كنت أحلام. عندما وضعت ذراعيها حولى, لتروح عنى, شعرت أنى ولدت من جديد, و أقسمت بأنى سأتحامل على نفسى فى السجن و استفيد من مدة حكمى...." تهدج صوته من الانفعال.
"و أقسمت أيضاً أن أحصل على حبها و لو تطلب الأمر صرف ما تبقى من حياتى فى سبيل ذلك."
تأوهت أندريا و أنتصبت على قدميها, لا شعورياً, و نسيت الحضور.
"أنتم تعرفون باقى القصة, أتيت إلى الكنيسة و طلبت التطوع فى أى شئ لأكون قريباً منها. نجحت خطتى, ووصلت الآن إلى نقطة اللارجوع. و بما أن اندريا أخبرتنى أن الأبرشية هى عائلتها و بول هو الأب الذى لم يكن لها قطلذا فكرت بأن أطلب منه الآن و هنا أمام الجميع السماح لى بأن أتخذ الأخت اندى زوجة لىّ, لأمساكها بمعروف حتى الموت و ما بعده."
"لـــوكــــ ...." صرخت اندريا من أعماق روحها.
وقف بول و ابتسامة تغطى وجهه و تظهر سروره. أخذ بيد اندريا بين راحتيه.
"لوك, لقد عرفت أن اندريا غارقة فى حبك منذ رجوعها من المحاكمة. لم أخبرها بذلك أبداً, و انا الذى رتبت قصداً ذهابى إلى اليابان, كى تحل محلى فى الذهاب إلى السجن."
فغرت اندريا فاها, و رمقها لوك بابتسامة مشرقة فيما استمر بول بالكلام.
"قررت أنه إذا كانت مشاعرها حقيقية فلا شئ يضر بأن نساعد القدر. منذ ذلك اليوم كنت أصلى كى يتزوجا. عندما أتيت إلى مكتبى يا لوك بعد إطلاق سراحك, أدركت أن الله استجاب لصلواتى. باستطاعتك يا لوكاس هاستينغز الزواج من اندريا مايرز بمباركتى, و أنا متأكد, بمباركة جميع الحاضرين, أيضاً."
بدا الحضور بالتصفيق بهدوء و تحول إلى مايشبه الإيقاع الموسيقى, ثم خبا تدريجياً. "حبيبتى." ناداها لوك "تعالى إلى المنصة."
تسارعت نبضات قلبها, فهذه هى المرة الأولى التى يدعوها بحبيبتى. تقدمت اندريا نحوه و هى ما تكاد تحس بالأرض تحت قدميها. وضع دراعاً حول وسطها عندما دنت منه و حددق فى عينيها مبتسماً.
"والآن, و بما أن بول أجاز لىّ." قال لوك "يجب عليك أن تتزوجينى." ضحك الجمهور و هتف لهما. بدا لها أنه واثق تماماً مما يقول, و لكن اندريا لاحظت نظرة رجاء و خوف فى عينيه الداكنتين, نظرة لم تشاهدها من قبل فى عينيه. "هل هذا سيدعم طلبى؟"
مد يده فى جيب قميصه و لم تدرك إلا و قد وضع فى اصبعها خاتم من الماس, ثم قال و الدموع تترقرق فى عينيه, ما لم تحلم اندريا من قبل بسماعه "توسلى لىّ بأن لا أتركك ولا أتراجع عن اللحاق بك, لأنه أينما ذهبت سأذهب و أينما سكنت سوف أسكن و أهلك سيصبحون أهلى و إلهك إلهى."
اغرقت اندريا وجهها فى كتفه.
منتديات ليلاس
"هل هذا يعنى, نعم أم لا؟"
انفجر الجمهور بالضحك لممازحة لوك, بعد توسله العاطفى لـ اندريا و سرعان ما تحلق الكثيرون حولهما يتمنون لهم السعادة.
كانت دوريس الأولى فى تقديم التهانئ, حضنتها بقوة و همست بأذنها: "لقد أخبرتك أن المياه ستعود إلى مجاريها. أنا على استعداد لمساعدتك بترتيبات الزواج."
"شكراً يا دوريس." قالت اندريا بانفعال, وأرادت أضافة المزيد لولا مقاطعة هال لهما.
"لاشك عندى أنكما ستنهمكان كثيراً بالترتيبات, و لكن تذكرى أن الأبرشية كانت منذ زمن بعيد بحاجة إلى مرشد جيد للشبان."
"آمين." ردد بول من خلفهم.
شد لوك على طرف أذن اندريا برقة: "ما رأيك يا حبيبتى؟"
رمقته بنظرة مفعمة بالحب. "هل هذا ما تريد عمله؟"
ابتسامته المشرقة جعلته يبدو أصغر سناً بعدة سنوات. "أنا أحب هذا العمل. لم يكن جدى يؤمن بالاجتماعات الدينية المنظمة أو جمعيات الشبان. و لذلك لم يتسن لىّ خلال فترة شبابى المشاركة بهذه النشاطات قط."
صافحه كل من بول هال توقيعاً على اتمام الاتفاقية.
وضع لوك ذراعه حول كتفيها فيما كانا يهمان بالذهاب و قال: "حتى الآن كنت على استعداد للمشاركة على وقتك....إلى حد معين, أما الآن فأريدك لنفسى, هيا بنا."
أمسك بيدها و سحبها إلى الخارج, من دون أن يفسح لها مجال للتعليق. "إلى أين تأخذنى؟" و سرعان ما تقطع تنفسها و هى تحاول مجاراة سرعته و هما يهرعان عبر الرواق.
"إلى مكان نستطيع الانفراد فيه. غرفة مكتبك تفى بالغرض."
عثرت اندريا على مفتاح غرفة المكتب بعد جهد, فتحت الباب و ما أن دخلا حتى تعانقا بشوق.
"كنت أشعر بأن شيئاً ما ينقصنى طيلة حياتى, أشعر بالفراغ و شوق إلى فارس أحلام لا أسم و لا شكل له حتى رأيتك يا لوك. منذ أن رأيتك للمرة الأولى, عرفت أنك أنت من أبحث عنه ليكون شريك حياتى و حبيبى و صديقى. حمداً لله على أن بول أرسلنى إلى السجن بدلاً منه. أحبك يا لوك و سأكرس حياتى كى أنسيك ما مررت به." تمتم اندريا, يكد ينقطع تنفسها. أحست اندريا بروحها تكاد تخرج من جسمها عندما رد عليها بعناق شديد و قال: "سأكون دائماً ممتن لشريكى, لأن جشعهما أرسلنى إلى السجن. لولا ذلك لما تسنى لى مقابلة المرأة التى قسمها القدر لى! حتى و لو عنى ذلك خمس سنوات أخرى فى السجن, فأنا مستعد للمرور فى هذه المحنة, إذا عرفت أننى سأحصل عليك فى النهاية. أحبك يا اندريا أكثر بكثير مما تقدرين."
"لقد....لقد اعتقدت أننى بعد الليلة لن أراك ثانية." قالت اندريا. "ولم أكن لأتحمل ذلك, و لذا قررت أن احاول المستحيل كى أنسى."
ربت لوك على كتفها و تنهد "و تصرفى خلال المباريات لم يساعد بتغيير اعتقادك, أليس كذلك؟ و لكن عليك أن تفهمى, أننى كنت أخشى أن ترفضى الزواج منى." توقف قليلاً ثم همس بصوت أجش: "أتسامحينى؟"
"أوهـ, يا لوك, طبعاً أسامحك!" أجابته اندريا و أنهمرت الدموع من عينيها.
"بالمناسبة......." قال و هو يضحك فجأة "....لقد طلبت من دوريس إلغاء سفرك."
جمدت و سألته: "متى فعلت ذلك؟"
بعد أن رجعت أنا و مات من إيصال كاسى إلى مؤاب."
"مات؟" دار رأسها و هى تحاول استيعاب ما ينطوى ذلك عليه.
عانقها و استطرد. "أجل, هذا صحيح. لم يتوسل لى كى أخذه معى من أجل نزهة طيران. كان دافعه الحقيقى هو أخبارى أنك واقعة فى حبى و يجب على أن أقوم بخطوة سريعة كى أمنعك من الرحيل إلى ألاسكا."
"قال ذلك!!" صرخت اندريا و احتضنته.
"أنتى لم تسمعى القصة كلها" قهقه. "لقد أنبنى بكلمات جارحة لأننى حسب أعتقاده أتلاعب بعواطفك. و طلب أن يعرف نواياى تجاهك." تأوهت اندريا
"و قال أيضاً إننى إذا حقاً أحبك, فيجب أن أتقبل أن أكون عضواً رسمياً فى الأبرشية, مما يجعل حياتنا الزوجية سلسة و ناجحة."
"أوهـ, يا حبيبى, لا!"
"نعم, لقد أصبحت عضواً فى الأبرشية, و كتمنا الأمر أنا و بول عنك لأنى أحببتك و أردت الزواج منك, و نحن متساويان. لم أكن لأفرض نفسى زوجاً لك, و أنا فى حكم, صاحب سوابق. أرادت الانتظار حتى تظهر براءتى." نظر إلى عينيها و استطرد: "لقد قال تشاك لىّ, أنى إننى غبى لأنى كنت أرفض حبك."
ابتسمت اندريا و قالت: "لأقد أُعجبت به."
"سندعوه و زوجته ستايسى بعد إنقضاء شهر العسل للعشاء فى منزلنا."
"هل ستعود للعمل فى مجال الأسهم؟"
"كلا, سأنشئ شركة خاصة للتمويل و الاستثمار و أشرف على إدارتها من بعيد. فأنا أريد بعد أسبوع, أن أصرف معظم وقتى معك و لمساعدتك فى أعمال الخير."
وقفت اندريا و كذلك لوك, بعد أسبوع, أمام المذبح و كان بول يشرف على مراسم الزفاف, و اختيرت دوريس لتكون أشبينتها. ارتدت فستاناً حريرياً أبيض و وضعت عقداً من اللؤلؤ حول عنقها.
أمتلأت القاعة بأصدقاء العروسين و أعضاء الأبرشية من جميع الأعمار, علت الابتسامات المشرقة وجوه الجميع, و تهامسوا عندما مرت من أمامهم.
شعرت اندريا أنها احتوت فى قلبها كل السعادة و البهجة الموجودتين فى العالم, عندما تلاقت عيناها و عينى لوك, لم تفارقها نظراته أبداً, و هو يشدها نحوه, كان يبدو جذاباً جداً, و هو مرتدياً البدلة السوداء و يضع وردة بيضاء فى عروة السترة.ككادت أن لا تستطيع منع نفسها من الارتماء بين ذراعيه.
انتهت مراسم الزواج بسرعة, و أعلن بول أنهما أصبحا زوجين, "لوك باستطاعتك الآن تقبيل عروسك."
علت تنهدات الحضور عندما أحتضنها لوك و قبلها و شعرت اندريا أن القاعة تدور بها



زهرة منسية 04-08-14 10:29 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
تمت بحمد الله

كل سنة و أنتم طيبين و تنعاد علينا الأيام بخير

و شكراً لكل الزوار اللى مروا على الرواية

سهير محمود 06-08-14 12:48 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
جميلة جدا الرواية ممكن اطلب رواية اخرى

زهرة منسية 06-08-14 02:47 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
طبعا ممكن تطلبى
ايه اسم الرواية

سهير محمود 06-08-14 11:06 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
رواية المكابرة

زهرة منسية 07-08-14 06:45 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
ماشى حبيبتى ان شاء الله هتكون اول رواية انزلها

سهير محمود 07-08-14 09:57 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
شكررررررررررررررررا يا اجمل زهرة فى المنتدى

الجبل الاخضر 14-08-14 05:05 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
سلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

نجلاء عبد الوهاب 15-08-14 10:39 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
:55::8_4_134::wookie::f63::f63::f63::welcome5::welcome5::wel come5::welcome5::welcome5::welcome5::welcome5::welcome3::wel come3::welcome3::13125::13125:

ندى ندى 07-10-14 04:51 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
جميله جدا وقمة الروعه

تسلم ايدك حبيبتي ويعطيك العافيه

جوهرة الدانة 18-10-14 06:02 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس
 
رائعة رائعة رائعة شكرا لك للرواية المميزة وتسلم الايادي

الباكي الحساس 19-08-15 01:32 PM

الباكي الحساي

الباكي الحساس 19-08-15 01:38 PM

الباكي الحساس

fadi azar 24-08-15 03:44 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
رواية رائعة جدا مشكورة

فرحــــــــــة 12-09-16 03:14 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
غاليتى
زهرة منسية
وقصة مختلفة رااااااائعة
تتضمن مفاهيم رائعة عن الشباب وكيفية توجيههم التوجيه الصحيح
حتى يكونوا افراد قادرين على خدمة مجتمعهم وخدمة انفسهم
ودائما اسعد بما تختارينه من قصص تدل على مدى تميزك ونظرتك للامور
ودائما استمتع بما تكتبينه وتنتقيه من قصص
فلك منى كل الشكر والتقدير على هذا الجهد المبذول
دمتى بكل الخير
فيض ودى

أم سراج 05-07-17 10:41 PM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
استغفر الله العظيم وأتوب إليه

paatee 15-10-17 04:08 AM

رد: 1025 – البطل الطليق – ريبيكا ونترز - روايات دار نحاس ( كاملة )
 
جدا راىعه شكرالك على مجهودك واختيارك المميز تسلم الأنامل ياعسل

rana2004 03-12-17 11:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباكي الحساس (المشاركة 3551889)
الباكي الحساس

قصص رائعة شكرا لكم


الساعة الآن 06:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية