منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   حصري 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t194370.html)

katy_1989 30-03-14 07:22 PM

72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته *


واهلا بيكم فى أول روايه أكتبها هنا وان شاء الله متكونش الاخيره

واتمنى انى أكون عند حسن ظنكم دايما والروايه ان شاء الله تعجبكم .



:98yyyy:
و الآن * ملخص رواية الرداء الأبيض *

_ عندما ذهبت الفتاة الطيبه الحنون ( لورا ) إلى ابنة عمتها للاعتناء مؤقتا بطفلها .. كانت حسنة النيه .. لا تتوقع أن تواجه مؤامرات وحيل مثيره وصراعات مريره بين الأخوين (بيرى) و (دومنيك) .. وغصبا عنها وجدت نفسها مع كليوباترا ابنة عمتها داخل بوتقة هذا الصراع .
كان الصراع مع كليوباترا شدبد الوطأه والألم .. لكن لورا كان موقفها من الصراع غريبا ويستحق الـتأمل والعبره .
ووسط كل هذا .. خفق قلبها بالحب لأول مره .. ترى كيف ستتصرف ابنة العشرين الرقيقه الحنون ...؟_



فلتستمتعوا .... :iU804754:

زهرة منسية 30-03-14 07:38 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
يا اهلا وسهلا بيكى كيتى عضوة جديدة فى فريق الكتابة
مبروووووووووك روايتك الجديدة و إن شاء الله ماتكونش اﻷخيرة وتمتعينا أجمل الروايات
عجبنى الملخص رغم غموضه بانتظار احداثها من ايديكى

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

زهرة منسية 30-03-14 07:39 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
وااااو سعيدة انى يكون اول رد ليا
موفقة حبيبتى

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

katy_1989 31-03-14 12:12 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3431727)
يا اهلا وسهلا بيكى كيتى عضوة جديدة فى فريق الكتابة
مبروووووووووك روايتك الجديدة و إن شاء الله ماتكونش اﻷخيرة وتمتعينا أجمل الروايات
عجبنى الملخص رغم غموضه بانتظار احداثها من ايديكى

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3431729)
وااااو سعيدة انى يكون اول رد ليا
موفقة حبيبتى

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2


*ميرسى ليكى كتير يا قمر :flowers2: ويارب الروايه تعجبك إن شاء الله *

katy_1989 31-03-14 12:33 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
~_ الفصل الأول .. ورده بين الأزهار _~

كاد القطار ان يفوت لأنها اخطأت فى حساب الوقت الذى تحتاج اليه لتنتقل فى السيارة التاكسى من منطقة اورلز كورت الى محطة بادينغتون للسكه الحديد, تركها الحمال مع حقائبها فى أحد الممرات,فحملت لورا حقائبها وتوجهت نحو القطار تفتش عن مكان خال داخل عربات الدرجه التانيه, كانت تتعثر بالحقائب وبالمسافرين, وراحت تلوم نفسها لرعونتها وعدم مهارتها, خيل اليها انها تسمع صوت ابنة عمها كليوباترا وهى تقول:"انت دائما تائهة وشاردة الذهن, يا لورا"

وكليوباترا ليست مخطئه, فهى لم يسبق لها من قبل ان فشلت فى معالجة مشكله تواجهها , صعبه كانت ام سهله, لاشئ يعكر روحها العمليه وحضور ذهنها.
" عفوا.. بالأذن .. عفوا ..."

لم تكف لورا عن التفوه بهذه الكلمات بينما كانت تحاول المرور بين الركاب المزدحمين, أخيرا , فقدت توازنها وسقطت فوق خقيبه قى وسط الطريق صاحبها ساب متكئ فى وقاحه على باب عربه شبه فارغه, فصرخت باستغراب:"آه! يا الهى! هذا ما ينقصنى"

فانحنى الشاب لمساعدتها على النهوض , شعره الاسود المشعث ووجهه المتيقظ والمتوقد وبشرته السمراء التى تذكرك بشمس البلدان الأستوائية , كلها تدل على أنه قرصان أو مهرب.

قال فى لهجة تسحق القلب:" اعذرينى لأننى تركت حقيبتى فى وسط الطريق!"

أجابت وهى تلوم نفسها لفقدها التوازن:" كدت اكسر قدمى"

حاول بوقاحه الاطمئنان على ركبتها فابتعدت عنه فى سرعه وقالت:" كلا, لا أعانى من شئ"

بدا وكأنه يسخر أكثر فأكثر من رد فعلها فأعلن قائلا:" لديك ثلاث علامات نمش على انفك"

احست لورا انه يسخر منها, فلم تبتسم له, لكنها قالت فى صوت متعب : " نعم لدى ثلاث علامات نمش على أنفى , وأعتقد ان وجهى ملئ بالغبار وشعرى مشعث ... كما اشعر بعدم قدرتى على الاستمرار فى البحث عن مكان خال داخل القطار"

اقترح عليها وهو يشير برأسه الى الحافله التابعه للدرجة الأولى : " اذن لاعليكى الا ان تجلسى هنا "

" لكننى لا أحمل تذكرة درجه أولى "

" وماذا اذن ؟ "

فتح الباب وانحنى أمامها ضاحكا وتابع يقول : " لايهم ! أنا أتفاهم مع المراقب, فأننى لا أخشى العراك "

ولمجرد رؤية ملامحه التى تدل على حب المغامره, والتفكير فى الوقوف لمدة خمس ساعات , صدقته وتركت نفسها تجلس فى المقعد المريح وجلس الرجل الغريب فى مواجهتها وقال: " تعاسة البعض قد تؤدى الى سعادة الأخرين ! كنت قد قررت الاستسلام للضجر, فجئت انت فى الوقت المناسب لتسلينى , الى اين ذاهبه؟ "

" الى ميرينبورث"

" عليك اذن أن تأخذى قطارا آخر فى محطة ترورو,هل تعرفين المنطقة ؟"

أجابت لورا بايماءه من رأسها. ان الرجل أمامها يتصرف فى ألفه مشبعه بالسخرية, نظراته النافذه بدأت تزعجها وارتاحت لوجود ركاب آخرين غيرهما يطالعون الصحف, وبدا على الرجل الغريب أنه فهم ما يدور فى رأسها , فسألها فى الحال : " مم تخافين؟ "

احمر وجه لورا فأضاف قائلا : " انها موهبة بدأت تزول "

سألته لورا فى سذاجة : " أى موهبه تقصد ؟"

" موهبة الأحمرار , أنت ما تزالين صغيرة "

احتجت قائلة : " عمرى 20 سنه , وأنى أعيل نفسى !"

" صحيح؟ ماذا تعملين؟ "

" أنا بائعة زهور "

" هذا لطيف جدا ! انه يليق بك تماما ,انت نفسك زهرة , ووجهك الجميل لا شك أنه يجعل الورود شاحبة من الغيرة "

احمر وجه لورا من جديد , لكن هذه المره من الغضب.
" لديك نظرة شاعرية اتجاه مهنتى ! هل أنت معتاد على التفوه بالتفاهات امام البنات اللواتى لا تعرفهن ؟"

قال فى تحد : " نعم . وفى معظم الأوقات , أنجح فى ذلك , وجهك غير نظيف وشعرك مشعث !"

تناولت لورا حقيبة يدها وبحثت فيها عن المشط وأدوات الزينة , بينما هو يراقبها فى مرح ووقاحة, وراح يتأمل وجهها المثلث, الشاحب وعينيها الواسعتين وشعرها الأسود الذى يرفض مجاراة الموضه والمنسدل فى كسل حول عنقها النحيف , ان لورا ممشوقة القوام , لكن معطفها الرمادى لا يتناسب مع قامتها وحتى مع بشرتها.

قالت فجأة : " هل انتهيت من مراقبتى ؟"

بدا الرجل وكأنه فوجئ بهذا الهجوم المباشر التى تشنه هذه الفتاه الخجولة ظاهريا , لكنها أكدت بلهجه جعلته يضحك , اذ قالت : " تعتقد كليوباترا اننى لا أعرف كيف أتدبر أمرى , لكن فى رأيى , على المرء أن يتقبل ظروفه كما هى "

" تعجبنى صراحتك يا آنسة ... !"

حذرتها العمة فلورا مرارا من اللقاءات المفاجئه والقدرية غير انها. من جهه ثانيه , علمتها اللياقة والتهذيب .فأجابت بهدوء : " اسمى لورا سميث "

" ومن هى كليوباترا ؟"

" ابنة عمتى , انى ذاهبه الى الريف الغربى كى أساعدها على الاهتمام بأبنها الصغير "

" هل تسكن فى ميرينبورث؟"

"كلا, ميرينبورث هى المحطة القريبه من القرية التى تعيش فيها فى الوقت الحاضر, انها تسكن الريف فى منزل يدعى *بانسيون* "

لاحظت لورا نظرة اهتمام فى عينى الرجل , وكادت أن تستعلم بدورها عن أسمه عندما دخل المفتش الى المقصورة, ولما أراد أن يطبق القانون راح الرجل يسخر منه ويشتمه فى عنف كما يتصرف أبناء الشوارع , فانزعجت لورا من هذا التصرف وأسرعت الى دفع الغرامة.

وبعدما غادر المفتش الغاضب المقصورة راحت لورا تلومه فى مرارة جارحة لتصرفه المقيت وهى تقول :" الظاهر ان ما حدث الأن أفرحك! هل تهوى ازعاج الناس ؟"

" ولم لا ؟"

ألقى نظرة سريعه على المسافرين الاخرين الذين كانوا يستغربون تصرفه الوقح , فأسرعوا من جديد الى التحديق فى الجرائد , الوضع كان مضحكا, ولم تعد لورا تستطيع المحافظه على جديتها , فاذا بها تنفجر ضاحكة . وفى الحال بدأ الرجل يستلطفها, وأدرك أن رفقتها ستساعده فعلا على ملء ساعات السفر الطويلة , فقال : " تعالى , سأدعوك الى تناول الغداء معى "

صرخت وهى تتذكر نصائح العمه فلورا : " آه , لا! "

" لا تكونى تافهة وحمقاء , اننا الآن صديقان !"

كانت لورا تتضور جوعا ولم يكن فى وسعها ان ترفض عرضه , فقد كان رفيقها مهتم بها كما يجب , حريصا على أن تتناول طعامها , أنه فضولى جدا يريد ان يعرف الذى ستتجه اليه لورا , فقال : " أنت اذن ستهتمين بولد فى ميرينيورث ؟"

" ليس فى ميرينيورث , بل فى *بانسيون*, المربية التى حجزتها ابنة عمتى اعتذرت فى اللحظه الاخيره , وبما ان المحل الذى كنت أعمل فيه أعلن افلاسه , فقد اقترحت على كليوباترا أن أتى الى *بانسيون* وتمضية بعض الوقت هناك قبل البحث عن عمل آخر , ان اقامتى هناك مؤقته "

قال الرجل بعدما قطب حاجبيه : " الاهتمام بولد صغير , تعتبرينه اجازة ! "

كيف عرف أنه ليس فى امكان أحد أن يرفض طلب كليوباترا ؟ على كل حال , ان الاهتمام بنيكولا ليس مهمه صعبه , قالت : " بعد وفاة والدى , تربيت عند عمتى فلورا , وبما أن والدى كليوباترا كانا يقطنان فى الهند , فقد وضعاها فى مدرسه داخليه فى انجلترا , لكنها كانت تمضى الأجازات المدرسيه فى منزل العمه فلورا, وكنت أكن لها اعجابا كبيرا لا حدود له , كنت ما أزال صغيره وهى فى سن المراهقه وكانت باهرة الجمال , واثقه من نفسها وشديدة التكلف .. "

" وماذا بعد ؟ "

" تزوجت من رجل يدعى ترويلوس تريفاين , لم أتعرف اليه لأن ..."

قاطعها الرجل من جديد وقال فى استغراب : " تريفاين ؟ آل تريفاين الذين يقطنون فى بانسيون ؟ "

" نعم , هل تعرفهم ؟ "

" سمعت عنهم الكثير "

فرحت لورا بهذا الخبر وسألته : " اذن يمكنك ان تخبرنى عنهم ! هل مازالوا يعتبرون ان القراصنه هم جزء من أسلافهم؟ "

هذا السؤال أدى الى انفجار الرجل فى ضحك ساخر , وقال : " فى الوقت الحاضر , انا الذى أصغى اليك "

بدأت لورا تفقد تركيزها, فقالت فى غير وضوح : " فى الواقع , ليست هناك أشياء كثيره أقولها, فى بانسيون , كان يعيش ثلاثة أبناء مع والدهم العجوز الشرير الذى كان يملك ميدانا للخيل , لا أعرف بالظبط , وهذا الأب القوى أرغم ثانى أولاده ويدعى ترويلوس على عقد خطبته من فتاة اختارها له , وذات يوم , لا أعرف تفاصيل القصه ,هرب ترويلوس الى اوستراليا مع ابنة عمتى "

صمتت لورا ثم انصرفت الى الطعام الذى بدأ يبرد , فأكمل الرجل الحديث عنها وقال : " ومات العجوز الشرير جاهلا تماما انه أصبح جدا , فورث كبير أبنائه المصنع وترويلوس , ذو العادات الغريبه مات فى حادث سيارة تاركا أرملة وابنا صغيرا كان مفاجأة للجميع "

فتحت لورا عينيها الواسعتين وقالت فى خيبة أمل : " أنت تعرف كل شئ "

قال الرجل فى ابتسامه : " انى ابن المنطقه والعجوز زاكارى ومشاجراته العائليه مشهوره جدا فى المنطقه "
لم تقتنع لورا كليا بما قاله وخيل اليها انه لا يقول الحقيقه , فقالت :" لا أعتقد أن آل تريفاين عائله بسيطه وعاديه "

" كيف يكونون بسطاء وأسلافهم قراصنه "

اعترفت فى خجل قائله : " أخشى أن أكون قد أخترعت لقب القراصنه , أحب الأساطير وآل تريفاين يجعلوننى أحلم فى ....."

دخل القطار نفق , فتوقفت لورا عن الكلام وراحت تفكر فى هذه الأسماء الثلاثه * دومنيك – ترويلوس وبيريغرين * الذين كانوا يهدهدون أحلامها منذ فتره طويله , وكانت كليوباترا تسخر دائما من خيالها الجامح , وأكدت لها مره فى سخريه أن ترويلوس كان كل شئ ما عدا كونه مغامر , اما دومنيك وبيرغرين فليسا سوى نسخه طبق الأصل من والدهما , لا يعرفان سوى احصاء ثروتهما , لكن فى الوقت الحالى , هل يعترفان بحقوق ابن كليوباترا ؟

ولما خرج القطار من النفق المظلم , سألت لورا :" دومنيك , هل هو رجل جيد ؟ "

" السلطان القرصان ؟ سوف تجدين الجواب بنفسك متى تعرفت اليه ! "

" لماذا تدعوه بالسلطان القرصان ؟ عندما كتبت له كليوباترا وأعلنت أن له ابن أخ يبلغ الخامسه من عمره , اقترح عليها فى الحال أن تأتى الى بانسيون , وهذا يدل على حسن نيته "

بدا الرجل الغريب فرحا بهذا الظلام وفى سرعه اختلط وجهه فى عقل لورا بالوجه الذى كانت تتخيله كلما تصورت فى ذهنها أبناء تريفاين الثلاثه , وسألها : "العمه فلورا ستتفرح بك اذن ..؟ "

" لقد ماتت , منذ فتره "

" اذن , تعيشين وحدك ؟"

" عندما عادت كليوباترا من اوستراليا , كنا نتقاسم شقه واحده لكننا ...!! "

قاطعها الرجل فى نفاذ صبر غير منتظر وقال : " لاتعتمدى كثيرا على عاطفة آل تريفاين "

" بأى حق تسمح لنفسك ان تصدر أحكاما عليهم ؟ "

حملت حقيبة يدها وقالت :" سأعود الى مكانى , وأشكرك على هذا الغداء , يا سيد ..."

بكن الرجل الغريب لم يطلعها على اسمه .

كانت الشمس قد شارفت على المغيب عندما عادا الى مكانهما.الرجل الغريب اختفى فى الممر , ولم يعد الا عندما وصل القطار الى محطة ترورو , لورا المتأثره بعقلية الخوف التى فرضتها عليها العمه فلورا , خافت أن تضل القطار الثانى , لكنها شعرت بارتياح عندما علمت أن الرجل الغريب سيأخذ القطار نفسه , استقلا معا القطار الثانى فسألته : " هل أنت ذاهب أيضا الى ميرينبورث؟ "

" كلا. سأهبط من القطار فى المحطه القادمه, وأنصحك مراعاة الهبوط فى المحطه المقصوده والا فسيأخذك القطار الى آخر البلاد ... وربما الى الجحيم حيث تلتقين الشيطان نفسه , أنت الآن فى كورنويل وأحيانا تقع هنا حوادث غريبه .."

" ما تقوله هراء أو هذيان ! "

غير أن لورا لم تستطع ان تمنع نفسها من الارتجاف.

فلاحظ الرجل هذا الأمر وقال هازئا : " لست فى وضع يؤهلك للعيش بين القراصنه !"

نامت فى انزعاج وكانت تستيقظ فى انتفاضه كلما توقف القطار فى المحطات , وخلال تلك اللحظات القصيره , كانت تجد فى رفيقها ملامح شريره ومؤذيه.

توقف القطار مره أخرى , فنهض الرجل الغريب وقال : "سأتركك هنا , ي آنسه سميث , عليك أن تترجلى فى المحطه التاليه ولا تدعى نفسك تذهبين الى الجحيم ! "

همست تقول : " وداعا ... وشكرا على الغداء "

قال وهو يختفى كالشبح : "هذا ليس وداعا .. سنلتقى مرات أخرى ! "

يا لهذا الشبح ! الشيطان ! ولامت لورا خيالاتها الخصبه وغابت فى نوم عميق , وفى نومها أصبحت رحلتها كابوسا يعبره القراصنه الذين كانوا يتحولون الى شياطين, وفجأة حدثت صدمه قوية . ألم واضح نبه لورا أنها لم تعد تحلم , فتوقف القطار فجأة فى محطة ميرينبورث ووقعت حقيبتها على رأسها.

وبعد نزولها رأت الرجل الغريب الذى رافقها فى رحلتها, فصرخت تقول : "يا الهى ... من أين جئت ؟ "

أجاب الرجل بعدما قطب حاجبيه الأسودين : " يا لهذه الطريقه الغريبه فى التحدث مع رجل غريب ! من تتصورينى يا آنسه ؟ من أنا فى نظرك ؟ "

"الشيــــطان !"

نطقت بهذه الكلمه غصبا عنها .

*نهايـــــة الفصل الاول *

لوجيتا 31-03-14 01:01 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
شكرا الروايه ممتعه

لوجيتا 31-03-14 01:06 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
شكرا الروايه جميله

katy_1989 31-03-14 10:25 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*سحابة من غبار*

قال الرجل : " لا تنظرى الى هكذا.. لن اصطحبك الى الجحيم .. انما سأخذك الى بانسيون . "

" آه ! أنت اذن من آل دومينك تريفاين ."

" بالطبع ! أنا دومنيك تريفاين ."

" لقد ذهبت بعيدا فى قصص القراصنه ...والشيطان ..."

طريقتها فى الكلام أقلقت الرجل فسألها : " هل أنت فى حاله جيده ؟ "

فى اللحظة نفسها.. تمسكت به لأنها شعرت أن قدميها ستخوران وقالت : " كلا.. لست فى حاله جيده .. وقعت حقيبتى على رأسى .. ولا شك انى أصبت بصدمه.."

" أفهمك الآن أكثر .. لقد أصابتك الصدمه وهزتك . "

" نعم .. كنت نائمه وأحلم..وتخيلت الرجل الذى كان جالسا قبالتى .. كأنه الشيطان بعينه.. يا الهى .. كم تشبه .. أعنى كم تشبه الرجل لا الشيطان ..."

قال دومنيك تريفاين فى تعبير ساخر : " لا شك أنك التقيت بشقيقى .. اذ كان من المفروض أن يصل فى القطار نفسه .. اعتقد انه هبط فى احدى المحطات . "

وفهمت لورا سبب التشابه بين الرجلين .. فشعرت فجأة بانزعاج غريب .. كيف خيل اليها ان الرجل الذى سيستضيفها فى منزله هو الشيطان !
" نعم . أنه .... أعنى أخاك.. هبط فى المحطه السابقه ."

واكتشفت فى ذهول كيف هزأ منها طيلة الرحله ؟

" لا شك أن لبيريغرين موعدا هناك .. هل يعرف من تكونين؟ "

" آه..نعم! لقد كنت حمقاء وأخبرته سيرة حياتى ..خطفنى من الممر بعد ان سقطت على حقيبته .. ثم أصر أن أبقى معه فى المقصوره لأنى لم استطع العثور على مقعد فارغ .. وبدأنا نتحدث .. ثم دعانى الى الغداء معه ."

قال دومنيك تريفاين ساخرا : " يبدو أن حظك سئ مع الحقائب."

لم تكن لورا هادئة المزاج لترد على هذا النوع من الاسئله .. حتى الآن لم تر من آل تريفاين الا السخرية من أحوالها .. فأظهرت رغبتها فى الرحيل .. وراحت تتأمل أضواء المرفأ الصغير .. ثم قالت : " أشعر بالغربه .."
قال لها رفيقها وهو يسير بقربها : " أنت الآن فى كورنويل."

راحت تسرع فى مشيتها كى تتبعه .. فقال : " لا شك أن أخى رسم لكى لوحة غريبه عن بانسيون."
اعترفت لورا قائله فى خجل : " القراصنه من اختراعى .. لا يمكننى أن أكف عن التفكير بأن أسلاف آل تريفاين هم من القراصنه القدامى."

" والأسياد الجشعون؟"

" هذا التعبير صدر من أخيك.. ولست أفهم جيدا ماذا يعنى بذلك ."

أجاب دومنيك فى مرارة غير منتظره : "انه يقصدنى .. يا آنسه سميث.. يجب أن تعرفى أن الامتيازات التى يتمتع بها الابن الاكبر تثير دائما الغيره ."

وضع حقيبة لورا فى سيارته لما جلس قربها اعتذرت قائله : " أعتقد أننى بدوت لك فتاة حمقاء بكل ما للكلمه من معنى .. أليس كذلك يا سيد تريفاين؟ "

نظر اليها فى امعان وفى عينيه تسامح مرح كما عند أخيه..وقال : " أخرجى كل ما فيك من ألم وتوتر .. يا آنسه سميث ..اننى سند انسانى .. برغم انك تعتقدينى الشيطان نفسه ."

" ليس تماما.. ربما لأننى كنت خائره ومشوشه ."

" لا تبدين لى أنك مربية أطفال."

نعومة ابتسامته تناقض تجاعيد فمه التى أحدثتها الكدمه فى خده .. فاعترضت لورا وهى تمسح دموعها.. اذا قالت : " لست مربية أطفال.. جئت الى هنا فقط من أجل مساعدة كليوباترا على الاهتمام بنيكولا.. لقد سبق ان جلست بقربه عدة مرات أنه ولد لطيف عندما لا يشعر بأنه مهمل ."

" كلا.. لقد عبرت خطأ عن أفكارى.. لكن كليوباترا لا يمكنها البقاء دائما بقربه .. فهى تحب المرح والتسليه."
" صحيح ؟ "

قطب دومنيك حاجبيه وندمت لورا فى الحال لما قالته .. اذ نسيت انها تتحدث الى شقيق زوج كليوباترا ..الرجل الذى عليها ان تعطيه فكرة جيده عنها كى يعترف بحقوق نيكولا الشرعيه .. فى كورنويل .. النساء الارمل لا يفكرن فى المرح والتسليه حتى لو مضى على وفاة أزواجن أكثر من سنه.. أدركت انه من الضرورى أن تضيف : " يجب الا تلوم كليوباترا .. لا يمكنها الاستمرار نهائيا فى البكاء على الماضى .. اليس كذلك ؟ "
" يبدو أنك على معرفة واسعه بحياة زوجة أخى الخاصه ."

" طبعا .. انها ابنة عمتى ."

" ابنة عمتك ؟ "

أمام هذه الدهشه تساءلت لورا عما اذا كانت كليوباترا قد تعمدت تجاهل اخبار دومنيك بهذا التفصيل البسيط .. ربما لأنها كانت تنوى ان تدع المربيه تتناول طعامها فى المطبخ بينما تتفرغ هى للتمتع برفقة آل تريفاين وحدها ؟ هذا النوع من التفكير لا يتعارض مع شخصيتها بل يؤكدها .. وأرادت لورا ان تتكلم عن الامر مفصلا.. لكن دومنيك أقلع بسيارته فى سرعه معلنا فى صمت اقفال الموضوع .

ولما أضاءت سياره مواجهة على وجهه القاسى .. فكرت لورا بأبنة عمتها التى برغم سحرها ومهارتها .. لا يمكنها ان تفرض بسهوله ارادتها على مثل هذا الرجل.
بهرت لورا عندما دخلا الى بهو المنزل .. اللهب يطقطق فى الموقد والواجهات المليئه بالتحف القديمه وعلى مجموعة آلات الوقايه المعدنيه كالدرع والخوذه .. وعلى الجدران وضعت تذكارات الصيد كجلود الأسود او رؤوسها .. ثريا ضخمه معلقه قرب السقف تضئ بصعوبه .. وفى الخارج الكلاب تعوى والأمواج ترتطم بالصخور .
سألها دومنيك : " هل تشعرين بأنك تدخلين الى عرين القراصنه ؟ "

ثم أضاف : " نحن فخورون بهذا البهو .. يا آنسه سميث .. لكن باقى المنزل سيخيب أملك ..هذه القاعه هى الاثر الوحيد لجنون العظمه عند والدى .. لوكان مازال حيا لكنت أعجبت به لأنه كان فخورا بأسلافه العظماء .. فقط من أجل ان يدهش الناس ."

" ربما هذا صحيح ."

" أسلافنا لم يكونوا من القراصنه .. لكنهم بلا شك كانوا لصوص متسكعين وقطاع طرق .. كمعظم العائلات المنحدره من هذه المنطقه .. كان اسلافنا ولا شك اشخاصا مجازفين يتصدون للقوانين .. هل يروقك أن يكون أسلافنا قطاع طرق .. ياآنسه سميث ؟ "

اصاب لورا الملل فأجابته بعدائيه : " فى الوقت الحاضر لا أريد الا احتساء فنجان شاى ساخن ! "

" مرحبا ... "

قالت كليوباترا فى كسل وهى تتثاءب .. كانت ممدة على اريكه قرب النار :" تبدين مرهقه .. يا حبيبتى المسكينه ! آمل ان تكونى قادره على الاهتمام بنيكولا.. اما انا .. فلم اعد قادره على تحمل الوضع .. لو لم تساعدنى ميريام ..."

" من تكون ؟ "

" ميريام سبارك تخدم عائلة تريفاين من زمان .. وتعتبر كأحد أعضاء العائله .. وهى التى ربت بيريغرين بعد وفاة والدته .. انها غريبة الاطوار لكنها تحب نيكولا حبا كبيرا."

احتست لورا الشاى فى صمت .. بعدما دخل دومنيك.. الذى قال : " لماذا أخفيت عنى يا كليوباترا انكما قريبتان؟ "

" لم أخفى عليك ! فقد كنت أعتقد انك على علم بذلك ! الم يخبرك ترويلوس ان لدى ابنة خال تدعى لورا سميث ؟ "

" عندما توفى والدى .. بعثت اليه بعدد من الرسائل لا يستهان به ."

" صحيح ؟ لم يقل لى ذلك او ربما لم تصله .. كنا نتنقل باستمرار من مكان الى آخر داخل اوستراليا من دون ان نترك عنواننا .. وذلك بسبب الديون .. انت تفهم قصدى ؟ "

فرد بابتسامه صغيره وفى الحال غيرت كليوباترا الموضوع اذ سألته : " اين بيريغرين ؟ ربما اخذ القطار ذاته الذى جاءت به لورا . "

أكد دومنيك فى جفاف : " بالفعل .. لقد سافرا معا .. ولم يرى بيرى أن من واجبه أن يقدم نفسه للآنسه سميث .. من المؤكد أنه نزل ليزور أحد صديقاته . "

" اننى أراهن أن لورا فعلت العكس وأخبرته سيرة حياتها .. ان العمة فلورا على حق ويجب ان تعملى بنصائحها .. وبما اننى اعرف بيرى تماما .. فأننى أقسم انه جذبك اليه وانك وقعت فى حبائله ."

كانت لورا تنظر لابنة عمتها فى اندهاش متسائله عما اذا كانت كليوباترا هى بالذات متأثره بالحديث وقال : " بما ان الآنسه سميث انتهت من احتساء الشاى .. فبامكانك اذا اردت ان ترافقيها فى جولة فى المنزل وتدليها على غرفتها ."

قالت كليوباترا فرحه من اختياره لها لتلعب دور ربة البيت : " أرجوك ان تدعوها بأسمها , لورا ! "

وبينما كانت الفتاتان تستعدان للخروج من غرفة الاستقبال .. فتح الباب بعنف ودخلت الكلاب يتبعها شبح امرأة غاضبة تحمل مقلاة وتصرخ فى صوت عال : " لصوص !شياطين! اين آموس .. يا دومنيك ؟ أين هو ؟ لماذا لا يحبس هذه الكلاب ؟لقد سرقت اللحمه المعده للعشاء .. لم أعد أطيق هذا أبدا...أبدا . "

أشاحت لورا بنظرها عن الكلاب المفترسه التى تجرى وتلتهم ما تبقى من قطعة اللحم .. فانتابها الغثيان ..لم يقم دومنيك بأى حركه.. بل انفجر ضاحكا : "هيا أيتها الكلاب .. تمتعى بفريستك ! "

احنجت كليوباترا وقالت : " صحيح .. يا دومنيك تتصرف أحيانا على نحو أسوأ من أخيك .. أنظر الى لورا .. انها تبدو مذعوره كأنها فى منزل للمجانين ."

أجابها فى ثقه مظهرا انه سيد المكان : " يجب على لورا ان تتكيف اذا ارادت ان تعيش معنا."

اقتربت الخادمه من لورا وقد زايلها الغضب وقالت : " كيف حالك .. يا ابنتى العزيزه ؟ انت نحيله جدا وصغيره.. فكيف تكونين مربية اطفال ."

قال دومنيك فى جفاف وتقلص : " حدث سوء تفاهم فيما يتعلق بالآنسه سميث .. انها ابنة خال كليوباترا وجاءت تقدم لنا المساعده وهذا لطف منها.. لورا اقدم لك ميريام سبارك .. حورية المنزل ."

مدت المرأة يدها العريضه والدسمه .. انها فى عمر يصعب تحديده .. شعرها نارى وقامتها معتدله ترتدى فستانا باليا ومريله صغيره متسخه .. قالت لورا : " يعرفنى نيكولا جيدا .. فلا تخافى عليه منى ."

قال دومنيك : " طبعا .. وانت يا كليوباترا .. خذى لورا الى غرفتها .. بينما انا اتولى حبس هذه الحيوانات الشيطانيه ..الا يزال رأسك يؤلمك يا لورا ؟ "

أجابت وهى مدينه له بالاهتمام لحالتها : " قليلا ."

" ستنامين مبكرا هذا المساء وآمل ان يكون كل شئ غدا على ما يرام ."

وبينما كان يطرد الكلام رأت لورا ان الخادمه تطفئ الاضواء متذمره .

قالت كليوباترا فى الخارج : " هذه احدى عاداتها .. من يلاحظ تصرفها يعتقد انها هى التى تدفع الفواتير ."

اعترضت لورا قائله : " بما انها هى التى تقوم بادارة المكان .. فمن الطبيعى ان تهتم بالنفقات ."

لكزت كليوباترا ابنة خالها بطرف كوعها بينما كانتا تصعدان معا السلم الى الطابق الاول حيث غرفة نوم لورا.
ما ان دخلت غرفتها حتى نامت فى السرير منهكه من التعب ولم تجد مجالا لتفحص غرفتها .. جلست فى سريرها وراحت تتأمل الاثاث القروى غير المتجانس .. والمغسله الرخاميه وورق الحائط الممزق والبالى الذى يدل على انها من عصر ولى .

وفى الصباح وبينما كانت غارقه فى تأملاتها دخلت ميريام سبارك حامله صينيه عليها فطور الصباح .. ظلت ميريام توحى بالغرابه حتى مع نور الصباح .. شعرها النارى المتوهج براق وكانت ترتدى ستره رجاليه وجيبه قديمه جدا .. أزاحت الستائر فى حيويه وعنف وطارت سحابه غبار داخل الغرفه .

" لو أبلغتنى ابنة عمتك من تكونين لاخترت لكى غرفه مختلفه ..لكن هذه الغرفه أيضا مريحه .. كلى فطورك قبل ان يبرد ! "

أطاعت لورا.. لكن الفطور الذى اجتاز المسافه الطويله من المطبخ كان قد برد .. واما لاحظت لورا ان ميريام لا تنوى مغادرة الغرفه سألتها : " أين نيكولا ؟ كان يجب على انهض مبكرا كى اهتم به ."

" لا تقلقى يا آنسه .. الشباب لا يعملون يوم الاحد ."

ما علاقة هذا بنيكولا .. غير ان لورا اغتنمت الفرصه لتحصل على بعض المعلومات عن المؤسسه العائليه .. فقالت : " ماذا يستخرجون من المقلع ؟"

" الصوان والبلور .. دومنيك أفضل منى فى التحدث اليك عن هذا .. اما نيكولا فلا يتوقف عن المطالبه بمومو .. وانى اتساءل من تكون ؟ "

قالت لورا وقد امتلأ قلبها بالحنان : " انا .. لا اعرف لماذا يدعونى هكذا .. هل يتفق نيكولا مع عميه ؟ "

" يتفق مع بيريغرين وليس مع دومنيك.. اعتقد انه يخاف منه بسبب الكدمه التى بوجهه ."

" هل تعرض لحادث ما ؟ "

اشاحت ميريام جانبا كأنها لم تسمع شيئا .. ثم قالت : " ان بيريغرين يعجب الاولاد الصغار والنساء .. وترويلوس كان مثله .. اما انت فلا تشبهين قطعا ابنة عمتك .. انها قويه مثل نساء منطقتنا واضافه الى ذلك فهى جميله جدا !"

وفى هذه اللحظه مدت كليوباترا رأسها من فتحة الباب لتستعلم عن لورا.. حتى عندما تهمل نفسها فانها تظل تتباهى بسحرها وبأناقتها .. فسألتها ميريام : " هل سترافقين الشابين فى نزهه ؟ "

" لم يستيقظ بيرى بعد .. عاد متاخرا الليله الفائته .. سيقودنى دومنيك الى القريه لابتاع بعض السجائر.. وانت يا لورا .. هل تشعرين بتحسن الآن؟ .. هل تعتقدين ان فى وسعك الاهتمام بنيكولا ؟ "

قالت الخادمه فى صوت ملئ بالحنان : " آه .. ان ايام الآحاد لم تعد كما كانت فى ايام زكارى ."

خرجت من الغرفه والجيبه الباليه الطويله تمسح الارض خلفها.. فقالت لورا مستغربه بعد غلق الباب : " يا لهذه المرأه الغريبه !"

جلست كليوباترا على طرف السرير وقالت : " يقال انها كانت مغنيه فى أحد النوادى الليليه قبل ان تصبح عشيقة العجوز زكارى .. وحسب اقوال بيرى .. كانت تأمل فى أن يتزوجها بعد وفاة زوجته .. لكنه لم يبال .. وبقيت تعمل كخادمه وتهتم بتربية الاولاد .. والآن هى جزء من العائله ."

" يا للمرأه المسكينه !"

هذه القصه أحزنت لورا .. فسألت : " كم يوجد من الخدم هنا؟"

" ان ميريام تتقاسم العمل مع آموس .. انهما اثنان غريبان .. هل رايت الكلاب مساء أمس ؟ آموس أطلقها من أجل اغاظة ميريام .. انه رجل عجوز فظ ومجنون .. لايكف عن التفوه باللعنات للجميع .. ونيكولا لا يخافه .. كم هم غرباء الأولاد! الا انه يتصرف بكراهيه مع دومنيك .. وبيرى لا يفعل شيئا لتسوية الاوضاع ."

" لماذا ؟ "

" أعتقد انه يريد ان يضايق أخاه الكبير ببعض الاهانات الصغيره .. كان نيكولا يحب والده حبا كبيرا وبما ان بيرى يشبه ترويلوس فانه لا يجد اية صعوبه من ان ينال ما يريده منه ."

" لا أرى اى ضرر فى ذلك ."

" لاتنسى انه من الضرورى استمالة دومنيك .. فهو الذى يمسك بزمام الأمور .. وانى اعتمد عليك فى التأثير على نيكولا .. فى لندن كان يطيعك أكثر منى .. حاولى ان تدعيه يحب دومنيك ."

قالت لورا وهى تنفجر ضاحكه : " هذه قضيه أخرى."

" هل حدث بينكما شئ عندما اصطحبك من المحطه ؟ "

" لا .. ابدا ."

فجأة راحت كليوباترا تتأمل ابنة خالها وقالت : " يجب ان تأخذى موعدا مع الحلاق فى ميرينبورث لتصبغى شعرك وتجعديه ."

*نهـــــاية الفصل الثانى*

katy_1989 31-03-14 02:38 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*ســـيد المكـان*



فى هذا النهار ما عادت لورا ترى بانسيون غريبه كما كانت تراها بالأمس لدى وصولها .. بدا المنزل صباح هذا الأحد فارغا .. كان نيكولا ينتظر لورا فى غرفه كانت تعد فى الماضى غرفه للأولاد .. فى احدى زوايا الغرفه حصان قديم هزاز متروك دلاله على الماضى .. كانت تفضل ان تبقى هنا حالمه .. لكن نيكولا كان يريد ان يريها بقية المنزل .

كان يعلن بتتابع فى سذاجة الأطفال : " هذه هى قاعة الأستقبال ... وهذه غرفة الطعام ... المكتب ... غرفة الردهه ... وبانسيون لا تشبه أى منزل آخر .. وهذا البهو .. أترينه يا مومو ! انى متأكد أنه أروع من أى مكان آخر!"

سألته لورا مستغربه : " هل تحب هذا المنزل ؟ "

" نعم أحبه .. قالت لى أمى اننى هنا فى منزلى ."

لا شك كليوباترا ان على حق .. فنيكولا هو من آل تريفاين وعليه ان يعى انتماءه الى هذا المكان .. برغم انه مايزال فى الخامسه من عمره .

قال للورا وهو يشير الى تمثال برونزى : " انظرى يا مومو .. هل تعرفين ما هو هذا التمثال البرونزى ؟ "

أبدت لورا اهتمامها وسألته : " كلا .. ماذا يكون ؟ "

" انه حصان القارن الخاص بآل تريفاين .. والقارن هو حيوان أسطورى فى شكل حصان كان الأقدمون يفترضون أنه له قرنا وسط الجبين .. وهنا فى هذه الزاويه قارن آخر .. يا لورا انظرى ! "

وبطرف اصبعها لمست لورا حصان القارن المنحوت من الجرانيت .. انفتح الباب فجأة ودخل بيريغرين .. وقال : " هل تتأملين شعار العائله يا آنسه سميث ؟ لقد قلت لك اننا سنلتقى من جديد !"

التفتت لورا فى سرعه واكتشفت ابتسامه ساخره تعرفها جيدا .. فأجابت فى لهجه بارده : " انى مسروره لرؤيتك من جديد .. يا سيد تريفاين .. لو أنك تجرأت وذكرت اسمك وهويتك فى القطار لما كنت ازعجتك و أخبرتك قصصا تعرفها جيدا ."

" لا تغضبى يا آنسه سميث .. فأنا لم أضجر أبدا .. ارجوك ان تصدقينى.. بالعكس .. لم يسبق ان سمعت هذه الوقائع ."

لم يتسن للورا ان تتساءل ما اذا كانت هذه الاسرار التى باحت بها يمكنها ان تؤذى كليوباترا .. لأن نيكولا اسرع نحو عمه وأمسك بطرف معطفه ليلفت انتباهه وقال : " هل القارن يشبه الحصان الكبير .. يا عمى بيرى ؟"

" طبعا ويمكن للآنسه سميث ان تمتطيه عندما تكون معكرة المزاج ."

" انها تدعى مومو ."

" اذن يا مومو .. هل أخبرك نيكولا عن أسطورة القارن التابع لعائلتنا ؟"

لم تستطع لورا ان تكتم ضحكاتها .. فطلبت من بيريغرين ان يناديها بلقب مومو .. وهنا دخل دومنيك الى البهو تتبعه كليوباترا .. وفى الحال ربت على كتف نيكولا وقال : " هل أخذت الآنس سميث فى جولة المنزل .. يا نيكولا ؟"

هذه الحركه التى أبداها دومنيك أزعجت الولد الذى تراجع وبدل ان يفرح ابتعد عنه الولد فى خوف .. فحمله بيريغرين على ذراعيه ثم وضعه على كتفيه .. فقالت كليوباترا فى ابتسامة اعتذار موجهه الى دومنيك : " يا له من شيطان صغير !"

فوجئت لورا عندما رأت فى وجه دومنيك علامات الحزن والكدر .

فقال فى صوت جاف : " لا شك ان الغداء أصبح جاهزا ."

فقالت لورا : " هل سيتناول نيكولا الغداء معانا . ام انه سيتناول طعامه فى المطبخ ؟ "

قال دومنيك : " هذا غير وارد .. انتى ضيفتنا وستتناولين الطعام معنا فى غرفة الطعام .. وانا شخصيا لا يزعجنى وجود نيكولا معنا .. لكن والدته تصر على ان يتناول طعامه برفقة مربيته ."

قالت كليوباترا : " اذن .. ستلعب لورا مؤقتا دور المربيه .. انت لاتجدين مانعا من ان تتناولى الطعام مع نيكولا .. أليس كذلك يا حبيبتى ؟ "

قال دومنيك فى لهجه لاذعه معلنا مره أخرى انه سيد المكان : " لكن انا اجد مانعا فى ذلك .. سيظل نيكولا يتناول طعامه مع ميريام كما حصل ذلك حتى الآن .. هيا يا نيكولا .. اذهب الى المطبخ ."

" كلا .. انى أرفض !"

أصر دومنيك قائلا : " بلى .. بيرى أنزله عن كتفيك ."

وفى الحال انزله بيريغرين عن كتفيه فراح الولد يبكى ويصرخ : " انى اكره عمى دومنيك ! انى أكرهك !"

أسرعت لورا وامسكت بيد الولد وقالت : " تعال يا نيكولا .. أسرع ."

قال دومنيك ببرود : " انه يعرف الطريق .. انت لست فى حاجه الى لورا .. يا نيكولا ."

اطاع الولد مرغما .. فقالت كليوباترا : " لا تلمه يا دومنيك .. كانت تربيته سيئه .. وترويلوس وانا لم نكن نؤدى واجبنا تجاهه تماما."

تأبطت كليوباترا ذراع دومنيك وقالت : " انى اعتمد عليك لتكون مكان الأب الذى فقده نيكولا .. خلال اقامتنا فى بانسيون ."

بعد الغداء وضعت لورا نيكولا فى سريره ثم ارتدت معطفها وقررت الخروج .. وقبل ذلك توجهت نحو قاعة الاستقبال لتخبر صاحب المكان عن رغبتها فى اكتشاف المكان .. فوجدت كليوباترا وحدها وكلنت تدخن ونظرها تائه فى اللاشئ.

قالت لورا : " اين دومنيك ؟ "

" فى مكتبه على ما اعتقد .. لماذا تريدين رؤيته ؟ "

" لأطلب منه ان يسمح لى بالخروج ."

قالت كليوباترا صارخه : " ما بالك يا لورا .. لست مضطره لاستئذانه .. لم تعودى فتاة صغيره ! انسى العادات التى رسختها فيك العمه فلورا .. ان آل تريفاين مختلفون ولن يطول الوقت حتى تلاحظى ذلك .. سيغضب دومنيك اذا ازعجه احد خلال وقت القيلوله من أجل سبب تافه .."

سمعت الفتاتان صوتا يقول فى مرح : " يا لهذا الرأى السلبى ."

كان دومنيك واقفا على عتبة الباب .. وأضاف : " هذه اساءه يا كليوباترا .. ام أكن نائما ! لست عجوزا بعد !"

قالت كليوباترا فى ابتسامه مغريه : " بالطبع يا دومنيك ..ان عمرك 35 سنه .. انه عمر جميل للرجال ."

استراحت فى جلستها متمدده على الوسائد وتابعت : " مازال فى امكانك ان تتزوج اذا رغبت بذلك .. بينما المرأه فى سنى لا تعتبر شابه ."

شعرت لورا بدهشه.. هل تتكلم كليوباترا فى جد ؟

اكتفى دومنيك بتقطيب حاجبيه وقال فى لهجة تحد : " النساء يحتفظن بأعمارهن ولا يبحن بها لأحد."

قالت كليوباترا فى فخر واعتذار : " عمرى 25 سنه .. وسأصبح فى 26 قريبا.. لكن حسب خبرتى بالرجال ومعرفتى بالحياه أبدو أكبر سنا بكثير ."

ابتسم دومنيك وقال : " يا الهى ! انتى تتلفظين بكلام بذئ !"

لم تكن كليوباترا تنتظر رد الفعل هذه من دومنيك .. وفى استياء قالت : " يا دومنيك المسكين .. تنقصك روح النكته .. ولا تعرف كيف تتصرف مع الناس ."

أجابها فى لهجة تهديد وانذار : " يا عزيزتى .. نحن لا نختلف كثيرا عن أسلافنا.. ان آل تريفاين لا يضيعون وقتهم فة اثارة النساء بكلمات محترمه ."

حاولت كليوباترا الاحتجاج قائله : " وميريام .. أليست امرأة ؟"

" ميريام هى جزء من العائله .. وانت يا لورا .. اما كنت تودين الخروج ؟ "

انتفضت لورا : " نعم .. انى .. انت .. ألا تمانع فى أن أقوم بجوله خارج المنزل ؟ "

" ستصابين بخيبة أمل .. ان بانسيون ليست قصرا ريفيا ولا تقع فى قلب حديقه جميله .. تعالى فسأكون دليلك ."

كانا يسيران على طول الساحل فى اتجاه معاكس للريح التى كانت تعصف بقوه.

وتخيلته لورا كانه صوره طبق الاصل للقرصان الذى ما يزال يهدد مخيلتها سألها : " هل تحاولين تشريحى أو اننى أمشى أسرع منك ؟ "

اغتنمت لورا هذه الفرصه وقالت : " قدماك طويلتان والريح قويه."

ابتسم دومنيك ثم قال : " لا يمكن لمن يراك ان يصدق انك ابنة خال كليوباترا."

" انتم آل تريفاين عكسنا .. اذ تشبهون بعضكم فى شكل واضح."

" هل سبق لكليوباترا ان حدثتك عن ترويلوس ؟ نعم .. ترويلوس يشبهنا ويشبه بيريغرين أكثر منى ."

بالامس كانت تعتبر عينيه سوداوين مثل أخيه .. لكن فى ضوء النهار أدركت أنهما زرقاوان.

ابتسم لها وأكمل شرحه واشار الى مكان المصنع الذى يقع بعيدا وراء مجموعه من المنازل .

" فى الماضى كنا نستخرج الحجاره ونبيعها كما هى .. اما اليوم فلدينا مصنع لصقلها .. هل تشاهدين هذه الاهرامات هناك؟ انها انقاض ."

" لكننى أجد هذه المنطقه حزينه جدا !"

" الجو مكفهر اليوم والسماء رماديه .. فى الربيع الطقس يختلف كليا وسترين ذلك بنفسك ."

سألته فى لهجه أسفه : " هل تعرف هذه المنطقه فصل الربيع؟"

ثم أضافت بعد ان انفجر ضاحكا : " آه .. المعذره .. انى اتفوه بالحماقات.. كانت عمتى فلورا تحذرنى دائما .. والآن كليوباترا تلعب الدور نفسه ...."

قاطعها دومنيك فى نفاذ صبر مفاجئ : " لا تعيرى انتباها لأفكار كليوباترا."

" مازالت تعتبرنى الفتاة الصغيرة التى عرفتها قبل ان تتزوج واحيانا يزعجها تصرفى ."

" آه .. صحيح !"

راحت لورا تتساءل اذا كان دومنيك رافقها فى نزهتها هذه من باب اللياقه.. وصلت الى انه كان امامها الاختيار لفضلت بيريغرين كدليل لها .. على الاقل كان قد اضحكها وسرى عنها .

أثناء العشاء كما فى أثناء الغداء آل تريفاين يأكلون فى صمت ويغادرون غرفة الطعام متى انتهوا من الأكل .. من دون مراعاة بقية الضيوف .. وانتبهت كليوباترا لاندهاش ابنة خالها .. فعلقت ضاحكه على القواعد العامه للياقه الحسنه.. لكن ذلك لم يمنع دومنيك من مغادرة طاولة الطعام وهو يعلن قائلا : " على ابنة خالك المهذبه ان تتكيف مع عاداتنا وتقاليدنا."

غادر الغرفه ولما أغلق الباب وراءه .. استرخات كليوباترا فى مقعدها وأشعلت سيجاره وأعلنت للورا التى كانت ما تزال امام الطاوله كانها فى انتظار بقية الطعام : " هنا لا تقدم الفاكهه او الحلوى او القهوه ..كما ليس من عاداتهم التجمع حول المدفأه بعد العشاء ."

فطنت لورا لتوتر ابنة عمتها التى لا يعجبها هذا الاهمال .. عندما تكون كليوباترا منزعجه ..تحاول ان تزعج انسانا آخر لا علاقة له بالأمر .. لكن لورا لم تعد تلك الفريسه السهلة المنال .. منذ وصولها الى بانسيون وهى تراقب طبيعى ابنة عمتها وتصرفها الذى لا يختلف عن تصرف ابنها الصغير الذى يبلغ الخامسه من عمره.

أجابتها لورا فى هدوء مزعج : " لست فى حاجه للفاكهه او الحلوى او القهوه .. ولا حتى التجمع حول المدفأه .. أفضل الجلوس فى غرفة المطالعه ."

أعلنت كليوباترا فى برود وهى تنظر الى النار المرتجفه : " غرف المطالعه هى المكان المفضل لسيد المكان .. وحذار ان تزعجيه ."

كما أعلمتها لورا بأن الرياح المتواصله تهدد دائما بانقطاع التيار الكهربائى عن المنطقه.. لكن آل تريفاين زودوا بانسيون بمولد كهربائى خاص يستعملونه فى الحالات الطارئه .

أضافت كليوباترا فى لهجه عدائيه : " على كل حال .. دومنيك لا يحب ان تحومى حوله وتزعجيه بالاسئله حول تاريخ العائله ."

" لا افهم بعد الآن سبب احتجاجك ."

" لقد أرغمته على التنزه معك طيلة فترة ما بعد الظهر ولما عاد .. لاحظت انه مل معك حتى الموت."

وفى تلك الاثناء سمعت اصوات الرجال فى البهو .. فابتسمت كليوباترا فى رضى وانتفضت واقفه وهمت بالذهاب للقاء الشقيقين.

ميريام التى كانت تسمع ما يدور من حديث بين الفتاتين بينما كانت تحضر طاولة الطعام همست تقول : " انها تضيع وقتها .. آل تريفاين لا يليقون بها."

قالت لورا مستغربه : " كيف ؟ "

لكن ميريام لم ترد عليها .

فجأه شعرت لورا بالتعب بعد أول يوم لها فى هذا العالم الجديد .. فسألت ميريام فى تردد : " هل تعتقدين أن فى امكانى الذهاب الى فراشى الآن ؟ "

من عتبة غرفة الطعام رن صوت مستاء يقول : " لست فى حاجه الى ان تطلبى اذنا بذلك ! هل ستستأذنين للأحلام كذلك ؟ "

" كيف باستطاعتى معرفة ما يمكننى فعله فى هذا المنزل الغريب ؟ "

ابتسم دومنيك .. فوجهت لورا سؤالها الى ميريام : " هل فى امكانى مساعدتك بشئ ."

قال دومنيك فى الحال : " كلا .. اذهبى الى فراشك ."

" اذن تصبح على خير ."

كان دومنيك واقفا امام الباب قاطعا عليها الطريق فشعرت بانزعاج وتوقفت امامه منتظره ان يفسح لها المجال للخروج .. ولاحظت لورا ان عينيه سوداوان ووقحتان مثل عينى بيرغرين .

قال : " لم اكن على استعداد لاستقبال فتاة مثلك عندما طالبت بحضور ارملة اخى الى هنا!"

صوته يختلف كليا عن صوت بيريغرين .. ولاحظت فى وجهه بعض الانزعاج وتذكرت ابنة عمتها التى لا شك انها كانت صادقه عندما قالت ان دومنيك ضجر منها خلال فترة ما بعد الظهر .. فسألته : " كنت تتمنى خادمه للأولاد .. اليس كذلك؟ "

" لا يهم ! انت زائرتى قبل كل شئ ."

ابتسم لها فى لطف واضاف : " لا تقلقى يا آنسه سميث .. ستعتادين على طريقة حياتنا وانى متأكد من اننا سنتعود على نمط من يحدثون ضجه كبيره .. لكنهم لا يؤذون احدا.. تصبحين على خير!"

ثم افسح لها الطريق واختفى .. واجتازت لورا البهو متوجهه الى غرفتها .. خلال الاسبوع التالى .. بدأت لورا تألف الضجه اليوميه وخاصة الانفجارات الآتيه من المصنع .. واصوات الكلاب وتعليقات ميريام غير المتناسقه.. حتى الشجار العنيف الذى يحدث فى استمرار بين الشقيقين المتعارضين فى الراى يدات تتعود عليه .. محل الازهار حيث كانت تعمل وغرفتها الصغيره اصبحتا بعيدين كأنهما خيالات .

قالت لورا ذات يوم لكليوباترا : " انى أتساءل ما اذا كان ما تقولينه صحيحا .. انت عاطفيه جدا ولا يجب ان تتعلقى كثيرا بالشقيقين .. وتبنى آمالا وهميه عليهما ."

" والآن ماذا ستخترعين ؟ "

" انا لا أخترع شيئا وانت تعرفين ما أقصده تماما .. لا يمكن لبيرى ان يمنع نفسه من ملاطفة كل النساء وخاصة اذا كان ذلك يزعج دومنيك ...."

" لا أرى ما الذى يجعل دومنيك منزعجا من تصرف بيرى .. وعلى كل حال دومنيك لا يهتم على ما أظن ! "

" آه لا ! لكن دومنيك بالرغم من قلة ثقافته .. يصر على احترام مدعويه وهو يعرف تماما طبع بيرى .. ربما حاول بيرى الاهتمام بك فقط من أجل ازعاج دومنيك . "

" يا لطبعه السئ ! "

" انه يشبه ترويلوس تمام الشبه .. طبعه سئ كما قلت .. لكنه مرح ومسليا ولم أمل معه لحظه "

تجهم وجه كليوباترا قليلا فتجرأت لورا على القول : " وبما ان بيريغرين يشبه زوجك تمام الشبه .. الا تشعرين برغبه فى الزواج منه ؟ "

تحولت تكشيرة كليوباترا الى تعبير مر وساخر : " يا عزيزتى الحالمه.. ليس بيرى من نوع الرجال الذين يتزوجون ."

فسألتها لورا : " ماذا تأملين من مجيئك هنا مع نيكولا ؟"

" لم أفقد كل شئ يا لورا الحمقاء .. انهم شقيقان على كل حال .. انت ايضا تطمعين بهما."

" آه .. ما هذا يا كليوباترا .. أكاد لا أعرفهما ."

أصرت كليوباترا على مضايقة لورا وقالت : " حذار .. لا تحاول لفت اهتمام بيرى .. لأن دومنيك له أراء باليه فى الفتيات ولا أريد ان يطرد مربية ابنى لأنها لم تستطع ظبط سلوكها !"

أطلقت كليوباترا هذا التحذير فقط من أجل ايجاد موضوع طريف خلال هذا الصباح الرتيب.. غير ان لورا لم تأخذ وقتا طويلا لتدرك ان كليوباترا على حق .

كانت تتسلق كرسيا لالتقاط كتاب عندما دخل بيريغرين الى غرفة المكتبه من دون احداثضجه عائدا من المصنع .. فأمسك بها من يدها فأفلتت لورا منه ضاحكه فارتطمت من دون انتباه بدومنيك الذى كان يجتاز الممر .. فسألها :" لماذا تجرين هكذا ؟"

أجابت بدون حذر : " بسبب بيريغرين ."

ظهر بيريغرين الذى كان يلحق بلورا.

فقال دومنيك فى غضب : " دع هذه الأساليب الملتويه السيئه !"

أجاب بيريغرين ساخرا : " وضعت نفسك فى حماية دومنيك ! انت لست بالفتاة التى يمكننى انن اهتم بها .. يا عزيزتى . وأرجو الا يخيب أملك !"

صرخ دومنيك : " اخرس واخرج من هنا ."

أخذ يتبادلان الشتائم وفى النهايه خرج بيريغرين صافقا الباب بقوه وراءه .. وبعد لحظات سمعت اصوات محرك سيارته .. فالتفت دومنيك نحو لورا وقال : " اعتذر عن اخى .. ومادمت تسكنين فى منزلى ..فأرجوك ان .... "

قاطعته لورا غاضبه : " ان اتصرف باتزان ؟ سبق ان قالت لى كليوباترا هذا الكلام ."

انفرجت قسمات وجهه وعاد يقول فى لهجه هادئه : " هل صحيح قالت لك ذلك؟ ليس هذا ما كنت أنوى قوله.. وانى أتساءل بماذا تفكر ..تجاهك ..هل تدفع لك لقاء اهتمامك بابنها ؟ "

" كلا .. لا مجال لذلك بين الاقارب !"

" هذا ما يلائم كليوباترا تماما ."

انزعجت لورا من هذا الحديث وكانت تأمل الا يفتح هذا الموضوع مع كليوباترا .. لماذا تخيلت ان دومنيك سيقف بجانبها ؟ ان آل تريفاين غير لطفاء وقد حذرتها كليوباترا بذلك ما فيه الكفايه .

" أطلقت زفره طويله .. فابتسم لها دومنيك هازئا وقال : " كنت اريد ان انبهك ..يا لورا .. ان تحترسى من اخى .. هذا ما كنت أنوى قوله ."

" اعرف تماما كيف أتصرف .. عمرى 20 سنه ولدى خبره لا بأس بها فى الحياة .. الجميع هنا يعتقد انى غبيه .. اليس كذلك ؟ "

أجاب : " ليس اخى هو الوحيد الذى يعرف كيف يفاجئ النساء .. غدا بداية فصل الربيع .. وسأريك ان الربيع يأتى الى هنا ."

* نهايـــــة فصل الثالث *

katy_1989 01-04-14 04:37 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*غيــــوم الربـيع*


انه اليوم الاول للربيع .. رنت هذه الكلمات مثل عباره سحريه .. وفى اليوم التالى قفزت لورا من سريرها وأسرعت نحو النافذه .. كان الطقس جميلا والبحر والسماء ازرقين .. لكن الازهار لم تتفتح خلال الليل .. لم تكن لورا تعرف الاشارات الخفيه التى تعلن ميلاد الربيع بعد الشتاء القاسى .

قالت لورا فى صوت عال ومتوتر : " لماذا ظننت ان كل شئ سيتبدل كليا؟ "

اجابتها ميريام فى جديه : " لأنك مازالت صغيره وتؤمنين بالعجائب."

وضعت ميريام الصينيه التى تحملها كل صباح الى لورا .. وتقدمت من النافذه حيث كانت لورا لا تزال تحدق فى الخارج .

" الا ترين النباتات الصغيره والبراعم الطريه الخضراء .. وهذه الجذوع النخليه ستطرح عما قريب الزهر الصغير الملون .. وعلى طول الشاطئ ستجدين لاوندة البحار والقصاب وعددا لا ينتهى من النباتات البريه .. ما عليك الا ان تفتحى عينيك فى فضول ! "

كلام ميريام اطلق خيالات لورا فقررت ان تذهب فى نزهه برفقة نيكولا وبدلا من ان تعود الى فراشها لتناول الشاى كعادتها .. سارعت الى افراغ فنجانها وراحت تستعد دون ان تبالى بوجود ميريام .

قالت كليوباترا وهى تدخل الى الغرفه من دون ان تطرق الباب : " لورا .. ماذا تنتظرين لتذهبى الى نيكولا ؟ انه يريد النهوض من سريره .. ولم اعد اطيق صراخه ."

قالت ميريام فى لهجه عتابيه : " كان فى امكانك ان تهتمى به ولو لمره واحده ."

" هذا شأن لورا ."

" انت لا تدفعين لها أجرة عملها ."

انزعجت كليوباترا وقالت : " كيف تسمحين لنفسك بانتقادى ؟ "

" انا لست فى صدد انتقادك .. كل ما اريد قوله ان اليوم هو يوم الاحد واول فصل الربيع والامور ستتغير ."

وغادرت المكان..فهزت كليوباترا كتفيها وقالت : " يا لهذه المرأه الوقحه !"

جلست لورا امام منضدة الزينه لتزين وجهها وتعطر خديها .. فصرخت كليوباترا : " تعالى الآن .. لن يلاحظ نيكولا اذا ما كنت قد زينت انفك ام لا .. حتى الشقيقان لا يلاحظان ذلك.. على ما اظن ."

أكملت لورا زينتها دون مبالاه وقالت : " ان ما افعله هو لنفسى فقط ."

فجأة صرخت كليوباترا : " من فضلك كونى لطيفه مع نيكولا ."

كان الصبى فى مزاج سئ .. لم يكف عن القيام بحركات عصبيه بينما لورا تساعده على ارتداء ملابسه .
فجأة صرخت : " نيكولا .. اهدأ قليلا ."

وراحت تتأمل وجهه الصغير الذى يشبه وجه بيريغرين .

وعندما انتهت لورا من تناول فطور الصباح .. لاحظت فى حزن ان الفرح الذى انتابها عندما استيقظت قد ولى .. لم ينس دومنيك ما وعدها به : "نستطيع ان نأخذ السياره فى جوله استكشافيه فى المنطقه .. اذا كان الامر يهمك ؟"

هتفت وقد استعادت بهجتها تلقائيا : " آه .. ارغب جدا فى ذلك ."

" كنت افكر فى الخروج واكتشاف الاشياء الجميله التى حدثتنى عنها ميريام."

كانت ميريام تعد المائده وقالت : " سأهتم بنيكولا ."

قال دومنيك : "كنت اود تنظيم نزهه نصطحب فيها بعض المأكولات ونأخذها فى الهواء الطلق ونصطحب أيضا نيكولا معنا .. لم يتسن لى فرصة التعرف على نيكولا كما يجب .. هل تحب ان تأتى معنا يا نيكولا ؟ "

أجاب نيكولا فى الحال : " كلا ."

" ستأتى والدتك أيضا وكذلك مومو ."

" وآموس؟ "

" كلا .. آموس سيبقى هنا .. فهو مرتبط بأعمال ضروريه ."

" أريد ان أبقى معه ."

ظل دومنيك محافظا على هدوئه .. وبيريغرين قال له : " سنذهب جميعنا يا نيكولا .. ويمكنك ان تستقل سيارتى .. لكن اذا فضلت البقاء مع آموس .. فسأخذ معى أحدا آخر ."

تغيرت ملامح الصبى .. فأسرع الى أحضان بيرى والح عليه متوسلا ان يصطحبه فى سيارته الجديده .. فلاحظت لورا فى الحال ان سحابة حزن غمرت وجه دومنيك .. وشعرت برغبه ملحه فى ان تصفع بيريغرين !

قال دومنيك وهو يقف : " اتفقنا .. سترافقينا يا ميريام .. وسترين لورا افضل منى اشارات الربيع الخفيه .. وانت يا بيرى .. بما انك ستأخذ نيكولا فى سيارتك .. فعليك ان تغلق غطاء السياره لأن الطقس مازال باردا .. لورا أرجو اعلام ابنة عمتك ان تستعد وتكون جاهزه فى الساعه الحادية عشر والنصف ."

وبعدما انتهى من اصدار أوامره فى لهجه جافه .. غادر سيد بانسيون الغرفه.

قال بيريغرين فى سخريه وهو يرمق لورا بابتسامه وقحه : " رأيت الآن السيد الجشع فى كل رونقه وعظمته."

وأنها لم تكن راغبه فى السخريه من دومنيك فى هذه اللحظه بالذات .. فقد قالت له ببرود : " لا أجدك هذا الانسان المسلى ابدا ."

قالت ميريام وهى تسرح شعرها : " النكته لا تنجح دائما.. نيكولا .. الصبيان الصغار الذين يمصون أصابعهم يذهبون الى الجحيم ."

أجابها الصبى متسائلا :" وانت .. هل ستذهبين الى الجنه ؟ "

" طبعا .. لورا .. يجب ان تذهبى وتقولى لكليوباترا ان تعد نفسها .. اما انت يا نيكولا .. فيمكنك ان تأتى معى الى المطبخ وتساعدنى فى اعداد الساندويتشات لا شك ان الخبز أصبح جامدا ..."

خرجت ميريام من غرفة الطعام فراح بيريغرين يقول : " نسيت انك انسانه على افضل ما يكون من تربيه واخلاق .. يا آنسه سميث .. ألم أنبهك من قبل أن الحياة بين القراصنه لا تناسبك ؟ "

أجابت باللهجه نفسها التى تستعملها عندما توبخ نيكولا : " دع تفاهاتك لنفسك !"

دخل دومنيك وراح ينقل نظره من بيرى الى لورا من دون ان ينطق بكلمه .. ملامح وجهه كانت مخيفه .
فسأله بيرى فى لهجه غير مباليه : " هل كنت تبحث عنى يا دومنيك ؟ "

" نعم .. انا فى حاجه الى من يساعدنى لتركيب باب المغسله ."

وشعرت لورا ان النهار بدأ خطأ وهى تصعد لتعد نفسها وتخبر كليوباترا بموعد النزهه.. لا شك ان بيرى يبحث عن المشاكل .. كما قرر نيكولا ان يتصرف بكراهيه حتى لا يطيقه أحد .. واضافه الى ذلك استقبلت كليوباترا فكرة الخروج الى نزهه فى حده اذ قالت : " بدأ آل تريفاين يقومون بمشاريع سياحيه ويخططون للنزهات الآن ! هل أنت سبب هذا التغيير الجذرى ؟ "

" لا أعتقد .. يأمل دومنيك فى اصطحابى لأرى القريه فى هذا اليوم الأول من الربيع .. ويريد كذلك ان يحاول التقرب أكثر فأكثر من نيكولا .. عليك ان تقومى بجهد يا كليوباترا والمجئ معنا ."

" انت على حق .. يا لورا ."

نهضت من سريرها فى تردد وقالت : " انى سعيده جدا لأن دومنيك بدأ يهتم بنيكولا ."

" للأسف لم يكن نيكولا يطاق اليوم .. انه متعلق تعلقا اعمى بآموس .. ولو لم يقترح عليه بيريغرين أخذه فى سيارته لما اقتنع بالمجئ معنا."

" هل بيرى أت هو أيضا ؟"

فرحت كليوباترا بتلك النزهه وفى الحادية عشرة والنصف كانت جاهزه فى البهو .. وشعرت لورا بارتياح .

كان يبدو ان دومنيك هو الوحيد المنزعج .. لا شك انه لم يكن معتادا على النزهات برفقه العائله كلها .. طلب من لورا ان تجلس قرب ميريام فى المقعد الخلفى لسيارته.

كانت كليوباترا تجلس فى المقعد الأمامى قرب دومنيك .. ونيكولا يستقر فى سيارة بيريغرين .. ألم يندم على هذه البلبله فى عاداته ؟

اما ميريام فكانت معجبه بدورها كدليل .. وكانت تشير الى الآثار القديمه وتخبرهم عن آلاف الأشياء الأخرى التى سيرونها فى هذه النزهه .. لكن فى الواقع لم يروا شيئا .

لم يعد دومنيك يرى سيارة بيرى امامه .. فقد أسرع هذا الأخير فى سيارته ليفرح الصبى ويظهر عظمة سيارته .. لكنه توقف فجأه على طرف الطريق فى منطقه معرضه للريح .. فوصل دومنيك بعد لحظات وأوقف سيارته خلف سيارة بيرى الذى أعلن قائلا : " لن أقوم بخطوه مع هذا الصبى ."

" لو لم تنطلق بسرعه كالمجنون .. لما تقيأ نيكولا ."

أرادت كليوباترا تنظيف الأوساخ التى أحدثها نيكولا .. لكن لورا هى التى قامت بتنظيف الصبى وعندما أرادت ان تنظف السياره أمسكها دومنيك من كتفها وقال : " اتركى هذا العمل المرهق لأخى ."

بدأ بيريغرين الاحتجاجات العنيفه فراح نيكولا يبكى .

طمأنه دومنيك قائلا : "ليس هناك شئ خطر يا بنى ."

قال بيريغرين : " هذه النزهه فكره غير معقوله ! "

أكد دومنيك الواثق تماما من نفسه : " عد الى بانسيون اذا ما رغبت فى ذلك .. انا لن أبقيك معنا بالقوه."
" اذن .. سأبقى .. لا أريد ان أدعك تفرح برحيلى !"

لورا التى تريد منع حدوث عراك بين الشقيقين العدوين قالت : " فى امكاننا ان نتناول الطعام فى تلك الزاويه .. وراء الصخور المحميه من الريح القويه."

ابتسم لها دومنيك وأخرج سلة الطعام من صندوق السياره .

قررت ميريام الهبوط من السياره فرمقت بيريغرين بنظره ثاقبه ونصحته بأن يراقب تصرفاته وحركاته .. وبالرغم من أنها كانت تبدو غائبه فأظهرت بهذه الكلمات أنها كانت تراقب عن كثب كل ما حدث .

وبينما كان دومنيك يفرغ محتوى السله اكتشفت ميريام انها نسيت ان تحضر الاطباق والشوك والملاعق . فقال : " لا ينقصنا بعد سوى ان نأكل بأصابعنا !"

لم تستطع لورا منع انطلاق ضحكتها العاليه .. وتبعتها كليوباترا فى الحال وقد تمددت على الشرشف المنبسط على الارض وقالت : " اننا نؤلف لوحه هزليه ! نزهه وطعام فى الهواء الطلق فى شهر مارس ! آه .. سأتذكر مطولا اليوم الاول للربيع !هل لورا هى التى أثرت عليك كالوباء بأفكارها الجنونيه .. يا دومنيك ؟ "

تبدل فجأه اذ لم يستحسن مزاح كليوباترا .. ولحسن الحظ استرخى الجميع غبر ان بيريغرين كان يحاول باستمرار افشال جهود أخيه الكبير الذى يسعى الى كسب ثقة الولد .. ولاحظ نيكولا انه أصبح محط اهتمام عميه .. وخيل اليه ان فى امكانه ان يفعل ما يريد .. ميريام الحالمه لم تتدخل فى الامر .. اما كليوباترا المستنده الى الصخره .. فكانت مغمضة العينين .. لورا وحدها تتابع خطورة الموقف وتطوره .

نيكولا الذى لم يأخذ قيلولة النهار بدا لا يطاق .

نهضت لورا وقالت : " نيكولا فى حاجه الى أخذ قيلولته .. سأحاول ان أدعه ينام فى السياره ."

تبعها الولد من دون ان تلح عليه . وبعدما عادت لورا الى حيث جالسه برفقة دومنيك .. سألته فى قليل من الحذر : " هل يضايقك نيكولا؟ "

أجاب فى لهجه حزينه : " كلا ..اننى أتألم فقط من حالة البغض الشديد التى يشعر بها نحوى .. لو يترك لى بيريغرين خطا واحدا مع نيكولا لـ .... "

لم يشأ اكمال جملته .. اذ انه مستاء حقا من تصرفات أخيه الوقحه .. هل تقارن دومنيك هذه التصرفات بالضربه القاسيه التى أوقعه ترويلوس بها ؟

قالت لورا : " ان بيريغرين يتصرف مثل ولد متقلب الأطوار ."

" لا تقللى من أهميته يا آنسه سميث .. انه يبلغ السادسه والعشرين من عمره ويتصرف تصرف الكبار . وأفضل لك ألا تنسى ذلك ."

تكلم بلهجه لا مباليه لكن نظرته القاسيه جعلت لورا تحمر خجلا .. مايقوله بمثابة انذار لها .

" انى ناضجه .. أهتم بنفسى جيدا .. كما اعرف كيف يجب ان اتصرف .. شكرا "

" قلت لى هذا الكلام بالأمس .. وانت على خبره واسعه بالحياة .. أليس كذلك؟ "

" هل هذا يضحكك !"

" فعلا .. يحدث لى أحيانا ان أضحك .. وآمل ألا تخافى من قسوتى العاديه كما يفعل نيكولا .. هل تعتبرينى انسانا غريبا .. يا لورا ؟ "

" مثل الحصان القارن ."

" الاسطوره اثرت فيكى .. اليس كذلك ؟ يا الهى .. كم تخجلين بسهوله ! هل تعتبرينى حقا مثل الحصان القارن؟ "

عاد بيريغرين ولاحظ انزعاجها .. قال مازحا :" ايها الثعلب العجوز .. هل تستفيد من غيابنا لتوتر أعصاب الفتاه ! ونحن أيضا لم نضيع وقتنا .. اليس ما اقوله صحيحا .. يا كليوباترا ؟ "

قال دومنيك فى لهجه آمره : " اخرس "

لم تنطق كليوباترا بكلمه واحده .. لكن ابتسامتها بدت واضحه .. راح دومنيك يجمع الأغراض معلنا انتهاء النزهه .. ولما حان الوقت للذهاب رفض بيريغرين اصطحاب نيكولا معه .. ثم نظر الى الفتاتين فى سخريه وقال : " من منكما تأتى معى ؟"

أكدت لورا له انها ترفض الذهاب معه .. ثم أدارت له ظهرها .. فأعلن فى الحال : " لا تتهربى يا عزيزتى ."
جذب لورا من ذراعها ليرغمها بالقوه على ان تصعد فى سيارته .. فصرخ دومنيك فى عنف قائلا : " اتركها وابتعد عنها ! "

أطاع بيريغرين وقال : " هل تتذكر المرة الاخيرة التى تشاجرنا فيها ؟ "

اكفهر وجه دومنيك وقال : " هل ستقذفنى بحجر .. كما فعل ترويلوس؟ "

شعر بيريغرين بالخجل وأخفض نظره .. فاستعاد دومنيك وعيه وقال : " اصعدى يا لورا "

هتفت كليوباترا فى سخرية : " سآتى معك .. يا فارسى الباسل !"

فقال دومنيك بعدما أقلعت السيارتان : " يستحقان ان يقعا فى الهاوية !"

وللمره الاولى تساءلت لورا ما اذا كان دومنيك يهمه أمر كليوباترا .. اذ لاحظت انه انزعج من ذهابها مع بيريغرين .

خلال الطريق .. ظل صامتا .. السماء تلبدت بالغيوم وهطل المطر .. وأدركت لورا عندما توقفت السياره امام المنزل .. ان الربيع لم يصل بعد الى بانسيون .

*نهايـــة الفصـل الرابـع*

katy_1989 01-04-14 04:50 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
* شـئ من الحـنان*


وبعدما وضعت نيكولا فى سريره .. توجهت لورا كالعاده الى غرفة ابنة عمتها لتفيدها بتقرير مفصل حول حالة الصبى وتطوراته وقالت : " نيكولا نائم الآن .. كان النهار مرهقا بالنسبه اليه ."
كانت كليوباترا تنتظر فرصه كهذه لتغضب وتقول : " نيكولا ولد مزعج وانت لا تفعلين شيئا من أجل تحسين العلاقات بينه وبين عمه دومنيك ! وانت ايضا .. أعتقد انك تفضلين بيريغرين ولا تخفين أحاسيسك هذه ."
أصبح الحقد الذى يشعر به الولد اتجاه عمه الكبير قضيه مزعجه حقا لكن هل يصح اجباره على محبة شخص ما خدمة لمصالح الغير؟ حاولت لورا مرة أخرى ان تشرح هذا الأمر لابنة عمتها التى كانت قليلا ما تصغى اليها .. قاتمة الوجه .. تدخن وهى ممده فى كسل على سريرها .. وكررت قولها ثانية : " انت تفضلين بيرى .. اليس كذلك ؟ "
" فى الحقيقه أشعر بارتياح كلما وجدت نفسى مع بيرى .. تصرفه الصبيانى أقل رعبا وارهابا .. هذا كل ما فى الامر ."
" ارجو ان يكون ما تقولينه صحيحا .. لاتكذبى على يا لورا ..لأننى أعرف أشياء كثيره عنه .. هل فهمت ما أقصد ؟ "
فوجئت بكلام ابنة عمتها وراحت تقهقه وتقول : " ياالهى .. أنت تغارين من دون شك ؟ "
انتفضت كليوباترا فى سريرها وقالت : " نعم .. ومهما يكن الأمر .. فأنا لست معتاده أن أتقاسم حب رجل مع امرأة اخرى !"
أكدت لها لورا قائله : " صدقينى يا كليوباترا .. انا لا أريد ان أحظى بحبه ولا أنوى ذلك أبدا .. صحيح أن بيرى يتمتع بجاذبيه معينه .. ولكننى لا تعجبنى تصرفاته اطلاقا ."
" اذن قلبك يخفق لدومنيك ؟ "
" يا الهى .. ما بالك يا كليوباترا .. لماذا تصرين على انى متعلقه بأحدهما؟ الاثنان مليئان عقدا ! يكفى ما سأواجهه من مشاكل اذا حاولت العيش فى هذا المنزل معها ...."
هدأت كليوباترا وراحت تتأمل بامعان ابنة خالها مدت لها يدا كسوله وشدت فى مزاح على طرف فستان لورا وقالت : " هذا الفستان يليق بك ويملأ جسدك النحيل .. وشعرك بدأ يتضح أكثر ..قال لى بيرى بعد ظهر اليوم ان النساء مثلك يوقظن لدى بعض الرجال حب العطف والحمايه .. ولاشك انه يلمح بذلك الى دومنيك .. والظاهر ان سيد المكان اذا أحب فانه يمتلك .. لا تنخدعى يا حبيبتى .. انه يشبه والده لأنه يتمتع ببعض الهوس والهوى المضاد للعقل .. انه يعتبر نفسه متمتعا بروح الفروسيه .. وتكونين على خطأ اذا وهبتيه قلبك ."
هذه السخريه السهله لم تعجب لورا التى قالت فورا : " لا يجب ان تهزأى بروح الفروسيه التى يتمتع بها دومنيك .. ألم يبرهن عليها عندما أراد فى الماضى ان يستدرك الخطأ الذى ارتكبه ترويلوس فأصلحه ؟ "
رمقت كليوباترا ابنة خالها بنظره براقه ومرحه وقالت : " الظاهر انك على معرفه واسعه بالفضيحه الصغيره التى حدثت فى الماضى !لم يقم دومنيك الا بواجبه فى ان يعترف بابن ترويلوس ."
احتجت لورا قائله : " لا تقولى انك مقتنعه جدا بما أخبرك به ترويلوس .. انت تعرفين جيدا ان قصته ملفقه."
لا شك ان احتجاج لورا قد فعل فعله فى نفس كليوباترا التى لم تحاول الاستمرار فى مناقشة الموضوع واكتفت باطلاق زفره عميقه .. فسألتها لورا فجأة : " كم سنبقى هنا فى بانسيون ؟ "
" سأبقى انا قد المستطاع .. بفضل بيرى لا أضجر هنا .. وانت ؟ هلى انت مشتاقه للعوده الى غرفتك الحقيره ؟ لن تجدى فرصه كهذه يا لورا .. هنا لديك غرفه .. وتأكلين... وطبعا اذا استقرت أحوالى انا هنا بشكل نهائى .. فستكونين فى وضع أحسن ."
" هل تنوين الاستقرار هنا مع بيرى ؟ "
" كلا .. ليس مع بيرى .. عليه ان يتغير قبل انا أقتنع به .. لكنى أنوى استمالة عواطف السيد الكبير .. صحيح ان بيرى يعجبنى أكثر يوما بعد يوم .. لكن ماذا أستطيع ان أفعل .. عندما يكون المرء أمام احتياجات .. فلا يمكنه الاختيار !"
ذهلت لورا لهذه الوقاحه المتطرفه وسألت : " كيف بامكانك تحمل الزاوج من دومنيك وانت تفضلين بيرى وتحبينه ؟"
ابتسمت لها كليوباترا ابتسامه متسامحه .. كم تبدو لورا فتاه صغيره وغير ناضجه !
" اذا تمت الأمور كما أرغب .. فلن أكون بحاجه الى التخلى عن بيرى .. آه يا لورا .. أرجوك لا تنظرى الى كالفتاه المصدومه !"
صوت قرع على الباب جعل كليوباترا تتوقف عن الكلام فى الحال .. وقالت: " نعم ؟ "
هتف بيريغرين من وراء الباب : " كليوباترا انت بمفردك ؟ "
" لا تدخل اننى برفقة لورا !"
" استعدى سنخرج "
" اتفقنا "
وما هى سوى لحظه حتى كانت كليوباترا خارج السرير فأمسكت بيد لورا وقالت : " سامحينى يا عزيزتى .. فما قلته حتى الآن تفاهات ناتجه ربما عن عراكى مع بيرى لدى عودتنا من النزهة ."
" انت تحبين بيرى .. اليس كذلك ؟ "
اكتفت كليوباترا بالضحك .. ثم قالت : " هيا .. اخرجى الآن من غرفتى .. على الأسراع بارتداء ملابسى وتزيين وجهى لأبدو جميله كملكه ."
خرجت لورا من الغرفه ولم تفاجأ عندما رأت بيريغرين فى آخر السلالم .. فجمدت لورا مكانها وقال لها بلهجه ناعمه : " لا تصرخى ! أخى الكبير قريب من هنا .. فهو فى مكتبه الآن .. وهذه النزهه التافهه جعلته متوتر الأعصاب ."
أجابت لورا بجفاف : " أعتقد أنك تسليت ما فيه الكفايه اليوم ."
أجابها ساخرا : " انت تتكبرين على من جديد على ما يبدو !"
ارتفع صوت دومنيك .. الواثق من نفسه .. فى الممر قائلا : " أمازلت تلعب دورك الكريه ..يا بيرى ؟ تعالى اذن الى هنا .. أريد التحدث اليك .. اما انت يا لورا .. اذهبى الى غرفة نيكولا .. ربما احتاج اليك قبل ان يحين موعد العشاء ."
هذه اللهجه القاطعه جعلت الاحمرار يعلو وجه الفتاه .. فدومنيك يعاملها كمجرد خادمه .. انها تفضل وقاحة بيريغرين على هذا الاحتقار .. أخفضت لورا رأسها وراحت تتسلق السلالم بحزن .. بينما أغلق الشقيقان باب المكتب وراءهما.
وبدأ دومنيك حديثه مع بيريغرين وقال : " دعنا نتحدث بهدوء ."
وجلس بيريغرين فى زاوية المقعد وراح يجول بنظره فى الرفوف المليئه كتابا لا يقرأها أحد .. لم يسبق له أن شعر بارتياح داخل هذه الغرفه التى أصبحت تلقائيا مخصصه لأخيه .
" بيرى .. انا لا أريد الشجار معك .. لكن يجب عليك أن ترى الفرق بين الانتصارات السهله وبين الضيوف لدينا ."
" أنا لا أؤذى أحدا من مدعوينا يا دومنيك .. أما لورا فلا شك انها فرحه لأنى أبدى لها اهتماما .. لكنها ليست تلك المرأة التى تهمنى ."
سأل دومنيك بلهجة هادئه : " هل تعتقد انك الرجل الذى تحلم به أى فتاة صغيره ؟ "
لا شك ان دومنيك يعرف أخاه تمام المعرفه ولم يكن فى استطاعة بيريغرين انكار ذلك .. فأسرع بالأعتراف قائلا : " حسنا .. حسنا .. لقد تصرفت خطأ .. ماذا تريد أن أفعل ؟ ميريام دللتنا كثيرا خاصة ترويلوس وأنا .. كان يجب عليك أن تتزوج .. وهكذا يصبح فى البيت مرأة .. وبالتالى نضطر الى مراقبة تصرفاتنا .. فتختلف الأمور كثيرا وربما يقوم الجيران بزيارتنا ... "
ابتسم دومنيك غصب عنه .
" صحيح أننى أهملت واجباتى .. كان يجب علينا أن نعيش حياة أكثر تطورا ."
" وربما أصبح لدينا وريث .. لكن مازال هناك حظ بذلك يا دومنيك .. اما اذا كنت مصرا على البقاء عازبا .. فسيرث نيكولا ابن ترويلوس سيادة بانسيون عنك ."
أجاب دومنيك حالما : " لن يعود الأمر كما هو ."
" بل انه الحفيد الوحيد ومن السلاله نفسها ."
" دعنا من هذا الأمر الآن .. فى الوقت الحاضر .. أود ان أنبهك الى شئ واحد .. لن أسمح مطولا بتصرفاتك الوقحه والبذيئه تجاه ضيفتنا الصغيره ."
أضاف بيرى قائلا : " هل الفتاة توقظ لديك غريزة الأبوه .. لقد سبق ان قلت هذا الكلام لكليوباترا بعد ظهر اليوم وهذا لم يعجبها قطعيا ."
وظهر بريق فرح واعجاب فى نظرات بيريغرين .. اذا انفتحت أمامه افاقا جديده ليلعب بأعصاب أخيه .
قال دومنيك فى غيظ وهو يرمى حطبه فى النار : " دعنى من تفاهتك ! فهمت؟ "
فرح بيريغرين لأنه نجح فى مشاكسة أعصاب أخيه وقال : " لا تقلق .. لا يجب على نعجتك ان تخاف منى .. مادامت الأرمله الجميله هنا .. آه .. كليوباترا هى فعلا امرأة رائعه ! وحتى معك .. ما رأيك ؟ قل لى يا دومنيك .. ألم تفكر فى اغراء أرملة أخيك ؟ "
ذهب بيريغرين بعيدا فى حديثه .. واشارات الغضب عادت تحتل وجه دومنيك من جديد .. فرفع نحو أخيه معصميه ونبهه بشده : " أعرف أنك تتسلى بأعصابى .. حذار يا بيرى .. فأنت لم تعد طفلا وكفاك سخريه ! .. أنا سئمت لعبتك وتصرفك المقيت .. لقد عشت حياه سهله حتى الآن ."
" سهله جدا ! أنا الذى أنزف دما وعرقا كل يوم فى غبار المصنع !"
" لا تبالغ .. لا أنت ولا تروى عرفتما فعلا معنى الأعمال القاسيه التى يقوم بها العمال .. كان يجب على والدنا ان يلقنكما كما لقننى .. معنى المعاناة وقسوة العمل والمسؤوليه .. لو فعل ذلك لربما أصبحت اليوم انسانا ناضجا ومتعقلا! لست جادا فى اهتمامك بمؤسستنا كما يجب ."
" ولماذا افعل ذلك وانت الوريث الوحيد للمؤسسه !"
" أعرف ان ذلك يجرح شعورك .. غير انى المسؤول الوحيد ..ألا يكفيك المرتب المرتفع الذى تتقاضاه كل شهر لقاء عملك .. ماذا تريد أكثر من ذلك ؟ هل نسيت كم مره دفعت عنك ديونك ؟ ليس لديك من سبب للشكوى أو التذمر."
" بما أنك ضممت اليك حصة تروى ..فبامكانك أن تكون أكثر سخاءا."
" تروى ترك ابنا .. هل نسيت ذلك؟ "
" هل قررت اذن ان تهتم بالصبى ؟ ستفرح والدته بالأمر .. لكن للأسف لم يستلطفك نيكولا ."
قال دومنيك فى مراره : " أننى أخيف الصغار .. على ما أعتقد ."
وفى اللحظه انفتح الباب وهتفت كليوباترا باستغراب : " أنت هنا! أنا جاسه وحدى فى قاعة الأستقبال يقتلنى الملل ."
وفى فضول راحت تتأمل الرجلين .. حول ماذا كانا يتكلمان .. ياترى؟
فقالت : " من الذى يخافك يا دومنيك ؟ هل هو ابنى تصرف معك مره أخرى فى حماقه أم أن الموضوع يتعلق بلورا ؟ قالت لى الآن انك طردتها بعنف وقسوه ."
" نعم .. صحيح هذا الكلام ."
كانت لهجته تحتوى على ندم واضح .
" اذن .. ستتصالحان الآن .. وهاهى على عتبة الباب ."
كانت لورا تقف على عتبة الباب .. تتردد فى الدخول .. فقالت لها كليوباترا بوقاحه : " ادخلى يا حبيبتى لن يأكلك سيد المكان ."
تقدمت لورا بضع خطوات من دون أن تنظر لدومنيك .. كانت تبدو كفتاه صغيره .. فى جبهتها المكسره وعقدة شعرها الناعمه .. ظهر على وجه سيد بانسيون بريق حنان ناعم .. فقال مقترحا : " دعونا نذهب الى قاعة الاستقبال "
ارتاحت لورا لأن دومنيك لم يعتبر انه من الضرورى ان يعتذر لها عن كلماته الغاضبه .
وفى هذا المساء .. اعتذرت ميريام عن قدرتها لتحضير عشاء ملائم بسبب نزهة الهواء الطلق .. فأسرع بيرى فى مغادرة الطاوله وقال : " كليوباترا تعالى .. سنجد عشاء أفضل فى ميرينبورث.. هل يريد أحد مرافقتنا ؟ دومنيك .. تفضل الانسحاب الى مكتبك .. على ما اعتقد .. وأنت يا لورا ؟ "
ترددت لورا قليلا .. وقررت البقاء فى بانسيون .
ران صمت ثقيل فجأه فى المنزل .. وندمت لورا لأنها لم تحضر من غرفة المكتب كتابا تطالعه فى وقت الفراغ .. أما الآن فانها لا تجرؤ على الدخول مادام دومنيك قد اقتحم المكان قبلها .. لذلك قررت أن تتفقد نيكولا والنوم باكرا .
توقفت فى البهو لتداعب رويلى .. كبير الكلاب .. ولما نهضت واقفه رأت دومنيك أمام عتبة باب غرفة المطالعه .
" رويلى يحبك كثيرا .. يالهذا الكلب العجوز المسكين .. انه لاشك بحاجه الى عاطفه وحنان مثلنا جميعا ."
" هل تنقصك العاطفه والحنان ؟ "
" آه ! .. الظاهر أنه لا ينقص الانسان ما لم يحصل عليه ابدا .. ولكن هذا خطأ.. ما رأيك أنت ؟ "
" حتى يحصل المرء على شئ ما .. يجب ان يعطى شيئا بالمقابل ."
" صحيح يا آنسه سميث ."
" يشعر الواحد عندما يعيش هنا فى بانسيون .. انه منزل للرجال .. هذا واضح تماما .. ألا تتذكر والدتك ؟ "
" بلى .. أتذكرها جيدا .. كان عمرى ثمانية أعوام عندما توفت ."
تصورت الحين انها تفهم الآن تصرف دومنيك الغريب أحيانا .. وراحت تتخيله ذلك الولد الذى ينقصه الحب والذى ترعرع خلافا عن أخيه لأنه البكر ."
تجرأت فى سؤاله : " كيف كانت والدتك ؟ ألم يعرفها أخوك ؟"
" كلا .. لأنها توفت لدى ولادة بيريغرين .. وتروى لم يكن يبلغ من العمر الا ثلاث سنوات .. سأحدثك عنها يوما ما .. هل أنت ذاهبه الى حجرة نيكولا ؟"
" نعم .. على أن أرى نيكولا "
طلب دومنيك منها اذا كانت تسمح له فى مرافقتها .. فاندهشت ووافقت فى ترحيب وقالت : " عادتا لا يستيقظ .. يكفى ألا نقوم بأى ضجه .. وهذا المساء كان متعبا للغايه ."
" أنت أيضا تبدين متعبه .. نزهتنا لم تكن ناجحه ."
الضوء كان خافتا قرب سرير نيكولا .. راحت لورا ودومنيك يتأملان الصبى النائم .. ولاحظت لورا أن ملامح دومنيك حزينه وأليمه .. هل يأمل فى منح نيكولا الحنان الذى لم يعرفه ؟
همست تقول : " انه يشبهك ."
تقلب الصبى فى نومه .. فرجع دومنيك بعنف الى الوراء خوفا من اخافة الولد لو استيقظ .. انحنت لورا فوق الصبى وراحت تهمس بكلمات مريحه .. فجأه فتح نيكولا عينيه وقال فرحا : " مومو ."
وحين لمح الشبح الطويل فى الظلام سأل : " من هذا ؟"
" انه عمك دومنيك .. جاء ليتمنى لك ليلة سعيده ."
واقترب دومنيك وجلس على طرف السرير قائلا : " هل تعرف اننى عندما كنت صبيا صغيرا .. كنت أنام مكانك ؟ "
دهش الولد وقال : " كنت تنام هنا .. فى هذا السرير؟ "
لم يرفض وجود دومنيك كالعاده .. هل لأنه لم يستيقظ تماما ؟ أم أنه يكتشفه من منظار آخر وهو يتخيله صبيا صغيرا ؟
راح دومنيك يلامس شعر الصبى ويقول : " نعم .. وهذا الحصان ملكى ."
" كنت تمتطيه .. يا عمى ؟ "
أخذت لورا تضحك بالرغم منها وهى تتصور دومنيك فوق هذا ال حصان الهزاز .. فضحك نيكولا بينما قال دومنيك : " لا شئ يضحك فى الأمر .. فى ذلك الوقت كنت فارسا قويا يا بنى .. وفى أحد الأيام سقطت على المغسله وكسرت أحد الأباريق الجميله !"
" هلى وبختك مربيتك ؟ "
" لم يكن لى مربيه .. لكن والدتى لم تكن توبخنى ."
تجهم وجه الصبى وقال : " حظك كبير يا عمى .. غالبا ما تغضب منى كليوباترا منى ."
" ليست الغلطه دائما غلطتها .. اليس كذلك ؟ لكن لماذا لا تدعوها .ماما. ؟"
" هى لا تريد ذلك ."
" هل تعرف لماذا ؟ "
أجاب الولد بلا مبالاه : " كلا .. أريد منك يا عمى دومنيك أن تخبرنى قصه ."
" يجب أن تطلب ذلك من مومو ."
" كلا .. أنت .. اخبرنى قصه .. أرجوك ."
كان الولد مصرا فرمقت لورا دومنيك باشارة تشجيع .. وفى لهجه متردده بدأ يخبره قصة الحوريات .. كان الدور جديد بالنسبه اليه .. فكان يشعر بالتردد لكن الولد ظل يحدق فيه بعينين ساحرتين .. مما جعل دومنيك يتحلى بالثقه والعفويه .. وبعد قليل تغلب على نيكولا النعاس .. فغط فى نوم عميق .
وضع دومنيك عليه الغطاء وطبع على خده قبله وخرج من الغرفه وراء لورا.
قالت وهى ترمقه بنظره براقه : " هل رأيت ! لقد تصرفت كما يجب ! "
كان يبدو سعيدا ومتحمسا .. لكن فجأه عاد الحزن يعم قلبه فقال : " أنا متأكد من انى سأفقد غدا ما ربحته الآن .. من المستحيل أن أصل يوما الى منافسة بيرى ."
" لا تبال به ! يتعمد دائما ابعاد نيكولا عنك ."
" أعرف ذلك جيدا .. لكنى كنت لا أتصورأنك لاحظت ذلك ."
قالت فى خيبة أمل : " صحيح يا دومنيك ؟ لقد أبديت رأيك بأخيك بتسرع وأرجوك ألا تقلق على .. أنا متأسفه أنك لا تثق بى تمام الثقه ."
حدق فيها بنظرات حالمه .. فظهرت تقطيبة قلق على جبينه وقال : " ربما قدرتك بأقل من الحقيقه .. لكن يا لورا .. اذا تكلمت معك بقسوه بعد ظهر اليوم .. فلا يجب ان تعتقدى ان ....."
قاطعته لورا بابتسمه لطيفه وقالت : " لا أعتقد شيئا يا دومنيك .. لكن يبدو .. انى أعرفك الآن أكثر مما كنت عليه قبل هذا الحديث ."
" حسنا يا لورا .. وفى المره المقبله عندما أتصرف برعونه .. فلا تترددى فى تقليم أظافرى .. تصبحين على خير ! "
اختفى من دون ان يتسنى للورا ان ترد عليه التحيه .. فتوجهت الى غرفتها فى الحال .
كانت تخوفات دومنيك ثابته .. ومنذ صباح اليوم التالى .. لم يبق أى أثر للنصر الصغير الذى حققه دومنيك اتجاه نيكولا .. وبيرى يقوم بكل ما فى وسعه لجذب الصبى نحوه .. فقررت لورا ان تحدث كليوباترا بهذا الامر .
" يجب أن تطلبى من بيرى ألا يعرقل أخاه بشكل مستمر ."
" ماذا تقصدين بذلك ؟ نيكولا يفضل بيرى لأنه يشبه والده ."
" ألا تودين أن تتحسن العلاقات بين نيكولا ودومنيك ؟ والطريقه الوحيده لتحقيق ذلك هى التحدث لبيرى فى الأمر ."
" فى الحقيقه .. ليس لهذا الأمر أهميه كبرى كما كنت أتصور من قبل .. دومنيك رجل عادل ويجب الاعتراف بمزاياه العديده .. وتصرف نيكولا تجاه دومنيك لن يؤثر على القرار الذى سيتخذه سيد المكان تجاه الصبى ."
وفى وقت لاحق كانت تفكر لورا بصوت مرتفع كعادتها : " ربما .. من المستحيل معرفة النشوه وفرح القلب .. مادمت وحيده ؟ "
سمعت أصواتا خلفها فى ساحة بانسيون حيث كانت تجلس مستمتعه بشمس نيسان .. واعتقدت أن ميريام هى القادمه .. لكنها سمعت صوت دومنيك يقول : " هل اكتشفت هذه الحقيقه لتوك ؟ "
تلعثمت وقالت : " عدت مبكرا اليوم ."
" ذهبت لشراء بعض الأشياء ولا داعى للعوده للمصنع قبل الغداء .. لماذا تشعرين بانزعاج وعدم ارتياح كلما كنت معى يا لورا ؟ "
هتفت فى صدق وصراحه :" لا أعرف ."
هذه العفويه جعلته يبتسم فقال : " أنت تتقاسمين مع نيكولا عدم الثقه بى أو الحذر منى ؟ "
رفعت عينيها نحوه فى سرعه وهتفت فى حده عنيفه : " كلا .. ثقتى بك كبيره وبامكانى أن أضع حياتى بين يديك من دون أى تردد ."
" يا لهذا التملق والاطراء ."
قهقهت لورا وقالت : " قلت أمورا تافهه .. اليس كذلك؟ اتكلم مثل بطلة قصه باليه .. وأنت تكلمنى غالبا كما تكلم نيكولا .. هذا هو الذى يزعجنى فى الامر."
" بما انى غير معتاد على معاملة النساء .. لذلك لست قادرا على صياغة فن الحديث ."
وكان دومنيك منزعجا ومتوترا .
فقالت لورا : " أنت لاتعامل كليوباترا كما تعاملنى ."
" لست فى حاجه لأن أتصرف بتأن معها .. رددى ما كنت تقولينه عندما وصلت ."
" كنت أقول ان النشوه وفرح القلب لا يعرفهما الانسان الوحيد ."
" انا لست الانسان الذى يوحى بالعاطفه ."
هتفت لورا قائله : " لايجب أن تفسد حياتك من أجل الماضى ."
ندمت على ما قالته .. وغابت الابتسامه عن وجه دومنيك الذى قال : " أنت اذن على علم بما حدث فى الماضى ! أفضل يا آنسه سميث الا تتدخلى فى شؤونى."
ووقف دومنيك تاركا اياها من دون أت تنبس بكلمه .
بعد هذا الحادث بدأت لورا تتحاشى الوجود معه .. وذات يوم قالت لميريام : " لا أعرف كيف أتصرف مع دومنيك .. فى داخله رجلان ."
" أنت قلقه على مصير نيكولا .. اليس كذلك ؟ "
مشاكل آل تريفاين بدأت تزعجها .. لكن بما أن الفرصه مناسبه قررت لورا أن تتدخل من أجل الولد .. اذ لا يجب اهمال تأثير ميريام على أهل المنزل .. فقالت : " لا تعتقدين أن لنيكولا حقوقا شرعيه ؟ "
" بكل تأكيد .. انه ابن تروى والعجوز زكارى كان يريد حفيدا باصرار ..."
ارتفع صوت وراءهما.. وقال دومنيك فى جفاف : " من الأفضل أن تناقشا مصير نيكولا معى ."
دافعت لورا عن نفسها قائله : " كنت اكتفى بالقول ان نيكولا يحمل اسم عائلة تريفاين وأنه آخر أنسباء العائله ."
" صحيح . لكن لا تنسى أنه باستطاعتى أن أتزوج يوما ما ."
" طبعا .. انى .. انى ..."
ابتسم وقال : " هل طلبت منك كليوباترا أن تفتحى هذا الموضوع مع ميريام؟"
غضبت لورا فجأه ونظرت اليه فى تحد وقالت : " أبدا ! انها لا تحتاج لمن يتحدث عنها."
قال ساخرا: " آه .. اننى أصدقك تماما ! "



*نهــاية الفصــل الخـامس*

katy_1989 01-04-14 12:06 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
* واشتعلت القنــاديل *


عاد دومنيك ليفتح الموصوع نفسه فى المساء .. كانت كليوباترا قد رافقت بيرى كالعاده فى سهره فى ميرينبورث ووجدت لورا نفسها وحيده مع دومنيك .. تناول طعام العشاء كالعاده بسرعه وانتظرت لورا أن يغادر الطاوله بدون الاهتمام بها .. لكنه لم يفعل ما كانت تتوقعه إنما أبعد كرسيه قليلا الى الوراء ليجلس فى ارتياح يراقب الفتاة بصمت ثم قال فجأه : " ألا تحبين أن ينظر المرء إليك بينما تأكلين ؟ "

" كلا .. لا أحب ذلك .. إذ أشعر باضطراب وتوتر."

" يخيل إلى توترك فى صوره دائمه ."

رمقته لورا بنظرة استغراب وأجابته بصدق : " فعلا .. أشعر أحيانا بالتوتر معك ."

" ولا تشعرين بذلك مع أخى بيرى ؟ "

" كلا .. لأنى لا أخاف أن أصده وأعيده إلى مكانه ."

" ومعى .. لا تجرؤين على ذلك ؟ هل هذا بسبب كبر سنى ؟ "

" أبدا ! ليس مسنا من كان فى الخامسه والثلاثين من العمر !"

" لا طبعا .. لكن فارق خمسة عشر عاما بيننا ."

" بيننا ! وأى أهميه لذلك ؟ "

" لا أحد يعرف .. ربما .... "

فوجئت بهذا الرد وقالت : " العمر لايلعب دورا هنا ."

" أين ؟"

" عندما أشعر بالانزعاج كلما وجدت نفسى معك ... إنك تفعل كل ما فى وسعك لتشوش عقلى يا دومنيك!"

ارتسمت على وجه دومنيك ابتسامه ساخره بينما همست لورا : " أرجو ألا ترغم نفسك على البقاء معى .. أعرف جيدا إنك مشغول فى المساء ."

" لن تتهربى منى بسهوله .. لدى حديث معك بشأن نيكولا."

" ما الذى تريد أن تعرفه ؟ لا شك أن نيكولا صبى لطيف جدا .. ومع الوقت سيتغلب بكل تأكيد على ... على الخجل الذى توحى له به ."

أجاب موافقا بسخريه : " يا لهذا الكلام المتقن ! وما تسمينه خجلا .. يبدو لى أنه واضح صريح .. لكن على كل حال .. لا يمكننا أن نفعل شيئا بهذا الصدد .. فماهى واجباتى نحوه حسب رأيك ؟ "

اندهشت لورا قائله : " هل تطلب رأيى أنا ؟ "

" هل ترفضين الاعلان عن رأيك مع أنك تطرحينه على ميريام بكل طيب خاطر ؟ "

قالت باحتجاج : " رأيى .. لا أثر له ! يجب أن تناقش الموضوع مع كليوباترا ."

" سأتناقش معها أيضا ..و الآن يا لورا .. تدفعيننى الى الرجاء .. صباح اليوم كنت تقولين إن عائلتى لها واجبات نحو ابن تروى ؟ "

" ألا توافق على ذلك ؟ "

" بلى .. حاولت أن أعيد العلاقات بينى وبين تروى بعد وفاة والدنا .. لكنه كان عنيدا وحقودا مثل والدى.. ولوكنا نعرف أن تروى أنجب ولدا لتغيرت الاوضاع جذريا .. إذن ما هى واجباتى .. حسب رأيك؟ ."

ترددت لورا مطولا فى الرد .. كانت جالسه معقودة الذراعين فوق ركبتيها.. وتبدو كتلميذة مدرسه .. ودومنيك يتأملها فى حنان ...

" لا أعرف ما أقوله .. أنى .. أنى أعتقد أن لديك مسؤوليه تجاه نيكولا بعد موت والده .. من الصعب على أرمله شابه أن تربى ابنها بمفردها."

" أن ابنة عمتك امرأه جذابه جدا .. ولن تبقى وحيده طويلا."

عارضت لورا فى صوت ناعم : " الصبى يمكنه أن يعرقل لها أمر زواجها ثانية ."

" هل تعتقدين أنه اذا أمنت مستقبلا لنيكولا .. فاننى بالتالى أسهل عليها الزواج من جديد ؟ "

" وبالتالى لن يكون لديها شئ تطلبه من رجل آخر ."

صرخ دومنيك بعنف مفاجئ وقال بغضب : " أنتما .. خططتما كل شئ ."

وفى طريقه آليه .. أخفى دومنيك بيده الكدمه على وجهه .. فشعرت لورا نحوه بقليل من الضيق وقالت : " لا تبالى بالكدمه التى فى وجهك يا دومنيك .. لا أحد يلاحظها ."

أكد فى حزن : " ما عدا نيكولا."

ابعد يده واستراح فى مقعده فقالت : " فى البدايه .. لا شك أنه ذعر لوجود كدمه .. لكن الآن يعتقد أنك قرصانا وأن قرصانا آخر قد هاجمك ."

قهقه دومنيك وقال : " آه يا لورا .. يأيتها الفتاة الصغيره .. انى معجب بقصصك مثل نيكولا ! أخشى أن تكونى قد اخترعت هذه القصه انت بالذات .. القراصنه وتمثال القارن .. ستبدو لى بانسيون فارغه عندما تغادرينها ."

هذه الملاحظه الاخيره أعادت الحزن الى وجهها .. كانت تحاول جاهده من وقت قليل ألا تفكر فى الغد .. غير أنها كانت تعرف أن عليها العوده الى لندن متى تحسنت أحوال كليوباترا .. كما تعرف أيضا أنها لا تشعر برغبه فى الرحيل من هنا .

أصر دومنيك قائلا : " يبدو لى أنك لا تصدقيننى."

فاعترفت له بحزن : " أنا الذى سيحن الى بانسيون ."

" إذن بدأت تتعودين على تصرفتنا الموحشه والوحشيه يا لورا ! اننى أمل أن أربى نيكولا هنا ."

فتحت لورا عينيها باندهاش وقالت : " هذا رائع .. نيكولا يحب بانسيون .. لكن كيف ستتدبر الأمر ؟ هل تنوى تنبيه ؟ "

" لا .. لديه أم وهناك وسائل أخرى ."

أحنت لورا راسها تفكر بهذه الوسائل الأخرى .. الزواج ؟ هل ينوى الزواج من كليوباترا .. قالت بصوت متعب : " سبق إذن ووضعت مخططاتك ..."

وافق دومنيك على ما قالته .

"إذن ستحقق ما سبق أن خططت له .. ورأيى لا أهمية له ."

شعر بخيبة أمل لسماع هذه الكلمات وفى الوقت نفسه تقلص وجهه القاتم .. يالمزاجه المتقلب .. صحيح أنه مزدوج الشخصيه ولن تفهم أبدا تقلبات مزاجه العنيفه.

همست تقول : " سأذهب الى فراشى ."

لم يحاول استبقاءها وتمنى لها ليله سعيده بلا مبالاه .. غير أنه أضاف عندما تناولت كتابا من الرف وهى فى طريقها الى غرفتها : " أنت تحبين المطالعه .. اليس كذلك ؟ باستطاعتك أن تأتى إلى غرفة المطالعه فى أى وقت تريدين وخذى الكتاب الذى يعجبك ."

" شكرا .. وحتى لا أزعجك .. فلن أدخل المكتب فى المساء ."

" انت لا تزعجينى أبدا .. سأبوح لك بسر .. نادرا ما أعمل فى المساء .. وفى إمكانك الانضمام الى اذا أردت."

كانت لورا قد فتحت الباب للخروج وقبل أن يتسنى لها الوقت للرد عليه .. دخل بيريغرين وكليوباترا فى ضجه الى البهو .. شاهدت كليوباترا لورا واقفه على عتبة المكتبه فسألتها : " هل مازال دومنيك هنا ؟ "

ثم دخلت من تلقاء نفسها الى المكتب وقالت : " آه .. نعم .. أنت هنا ! لقد أمضينا سهرة رائعه فى إحدى الحانات الصغيره الواقعه على شاطئ البحر .. برفقة البحاره الذين يضعون الحلق فى آذانهم .. لو رافقتنا لورا لتخيلت نفسها بين أعزائها القراصنه .. يجب أن نصطحبها معنا فى إحدى الأمسيات يابيرى ! "

" ليس واردا أن تأتى لورا معكما .. هل سمعتنى يا بيرى ؟ "

كان دومنيك واقفا وتكلم بلهجه قاطعه .. واكتفى بيريغرين بالابتسام .. فقالت كليوباترا فى سخريه : " وأى ضرر فى ذلك ؟ لماذا تحمى ابنة خالى .. بينما تدعنى أنا أذهب حيثما أشاء ؟ "

حديثه الى كليوباترا : " أنت من طينة آل تريفاين نفسها."

" طبعا .. فأنا من عائلة تريفاين .. لكونى زوجة تروى .. شئت أم أبيت."

تابع بيرى هذا الحديث من دون ان يتلفظ بكلمه .. لكن فجأه بدأ فى الهجوم وقال : " وانت يا اخى العزيز .. لم تضيع وقتك سدى ..انت ايضا ! هل كانت لورا العاقله تساعدك فى عملك ؟ "

أسرعت لورا فى القول لتوقف كل التلميحات : " كنت فى صدد الذهاب الى فراشى."

اجابت كليوباترا بسخريه : " وجه لورا الصغيره مشع بعد هذه السهره التى قضتها برفقة السيد الكبير .. هل وصلنا فى الوقت غير المناسب يا حبيبتى ؟ "

قال دومنيك مازحا : " لم تستحسن ابنة خالك الشرف الذى أكنه لها .. كانت فى عجله للذهاب الى النوم ...."

قالت كليوباترا وهى تجلس : " هل ستذهبين حقا الى فراشك يا لورا ؟"

" نعم ."

وفى الصباح التالى ..عندما حملت لورا صينية الفطور الى غرفة كليوباترا لتخفف عن ميريام كانت كليوباترا فى انتظارها بفارغ الصبر : " إذن .. اخبرينى ما حدث بينك وبين دومنيك .. مساء أمس ."

أجابت لورا فى هدوء : " لا شئ.. حدثنى عن نيكولا ."

تغير تعبير وجه كليوباترا فى الحال ولم تعد تريد مضايقة ابنة خالها .. فسألتها بالحاح : " ماذا جرى من الحديث ؟ "

" لماذا تناقشين قضاياك معه ؟ "

" لورا ! مازلت تحلمين ! ماذا قال دومنيك ؟ هل ستجيبين عل أسئلتى .. أخيرا؟ "

" انه يتمنى أن ينمو نيكولا ويترعرع هنا .. وقال لى لديه مشاريع بهذا الصدد .. هذا كل ما قاله . "

" اى مشاريع ؟ لورا .. انا متأكده انك استطعت أن تنتزعى منه تفاصيل أكثر ... "

" ليس هذا من شأنى."

صرخت كليوباترا عاليا : " صحيح .. انت تثيرين جنونى ! كيف يمكن لأحد ان يكون فى مثل حماقتك ؟ الرجل المسكين لا شك أنه أراد أن تخبريه برغباتى .. كان عليك أن تلمحى له بأنى مهتمه باقتراحاته ! "

وراحت كليوباترا تهزأ قائله : " لا تتأثرى يا حبيبتى .. ربما سأكون انا بحاجه الى الأخ الكبير .. ألم تفكرى ان من المحتمل ان يكون لديه مطامع بى ؟ وسنستفيد معا بهذا التدبير .. فهو بحاجه الى زوجه وانا فى حاجه لأب لنيكولا ."

وفى صمت استقبلت لورا هذا التصريح .. وانكمشت على نفسها .. كما يحدث كلما جرحتها الحقيقه .. وبعد برهه سيطرت على انطوائها وشعرت برغبه حاده فى فهم موقف ابنة عمتها .. فهمست تقول : " كليوباترا .. كنت أعتقد انت بيرى وانت ...."

انتفضت كليوباترا منزعجه من هذا الحديث وقالت : " كفى مناقشة ! هذا الكلام لن يفيدنا كثيرا .. هل تعرفين أن بيرى ميال الى خوض مغامرة السفر والذهاب الى استراليا .. كما فعل تروى ؟ استراليا بلاد جذابه ومليئه بالاشياء الخلابه ولا تثير الملل مثل انجلترا العجوز .. وانا الآن أحب العوده الى هناك بكل طيب خاطر."

" لا احد يمنعك من العوده ابدا !"

" وماذا أفعل بابنى ؟ اريد ان اؤمن له اولا مستقبله .. ان سيد بانسيون الكبير ربما ينوى ان يبقينى هنا .. آه .. لورا .. لا تنظرى الى هكذا ! من الافضل لك ان تذهبى وتتفقدى نيكولا .. لقد وعده دومنيك ان يصطحبه الى المصنع معه بعد الغداء .. والله وحده يعلم السبب .. أرجوك أن تقنعى نيكولا أن يتصرف حسنا مع عمه الكبير."

اعتنت لورا بنيكولا طيلة فترة ما قبل الظهر .. وذكرته مرارا بتلك الليله عندما جاء عمه دومنيك ليتفقده وهو نائم .. ثم قص عليه حكايه .. كما أكدت له ان عمه سيقص عليه حكايه أخرى لو انه تصرف تصرفا حسنا بعد ظهر اليوم فى المصنع .. لكن الزياره الى المصنع كانت فاشله .. ربما لأن كليوباترا قررت ان ترافقه فى آخر لحظه .

عاد الجميع الى البيت بعد ساعتين تقريبا .. كل واحد مقطب الوجه من جهه .. وكان من الصعب معرفة السبب فى فشل هذه الزياره .

وضعت لورا الصبى الباكى فى سريره بعدما أخبرته قصه صغيره .. لأن عمه لم يقص عليه شيئا .. وبعد ان غرق فى نومه .. انسحبت لورا بهدوء من المنزل لتتمتع ببقية النهار فى وحدتها .

فوجئت بسيارة دومنيك فى الممر .. كانت تعتقد انه عاد الى عمله فى المصنع .. لكنه فجأه خرج من قفص الكلاب ووقف أمامها والكلاب تتبعه .. فقالت مندهشه : " انا آسفه لفشل زيارة المصنع .. ألم يتصرف نيكولا جيدا ؟ "

" نيكولا ؟ آه الصبى كان ممتازا .. لكنه غضب عندما رفضت والدته ان يجرى كما يريد ."

" يجب ان تصطحبه معك مره أخرى ."

" كلا .. لا اعتقد ان ذلك ضرورى .. ان سكان المنطقه وخاصة العاملين فى المصنع لم ينسوا العراك القديم .. وكبار العمال هم من أنصار والدى ومن رأيه ."

" هل تعنى انهم يتحاشون رؤية زوجة تروى وابنه ."

" تقريبا .. بالنسبه اليهم كليوباترا غريبه .. والقصه لم تكن جميله ولأهالى المنطقه ذاكره غريبه ."

" لا .. لم تكن القصه جميله .. لكن لا شك انك أحببت تلك المرأة كثيرا كى تتقدم للزواج منها بدلامن أخيك .. هل انا اتدخل الآن فى شؤونك؟ "

" كلا.. انت لا تتدخلين فى شؤونى .. يا لورا .. لكنى كنت ما أزال شابا حينذاك ."

نظر اليها بعينيه الزرقاوين فى حده وعرفت ان الماضى لم يعد واردا الآن .. فقالت : " لم يمض على هذه الحادثه الا سبع سنوات."

" نعم .. سبع سنوات .. لكن الانسان يتغير ايضا ."

توقفا على حافة الطريق .. فنظرت لورا اليه باشفاق .. فقال : " اسمعينى أيتها الفتاة العاطفيه .. المرأه المعنيه تزوجت .. وزواجها ناجح .. وانا سعيد من أجلها ."

صرحت لورا بعفويه جعلته يبتسم .. اذ قالت : " آه .. انا ايضا سعيده من أجلها ! واسمح لى ان أقول لك اننى لست شديدة العاطفه كما تظن ."

" هل سبق ان وقعت فى الغرام ؟ "

أجابت ببساطه : " كلا .. صحيح اننى تعرفت الى قليل من الشبان فى حياتى .. ولكنى لست أملك سحر وجاذبية كليوباترا ."

ندمت لذكر اسم ابنت عمتها لأن وجه دومنيك تجهم فى الحال .. وأطلق صفيره للكلاب .. وعادا معا الى المنزل بصمت .

كان العشاء فى وقت متأخر فى ذلك المساء .. بسبب تأخر دومنيك فى العوده من عمله لأنه أنهى بعض الاعمال .. وكانت كليوباترا فى حاله شديدة السأم والمزاج العكر .

نظرت كليوباترا الى الساعه وصرخت : " لماذا تأخر الرجلان ؟ "

كانت كليوباترا ترتدى بدله شديدة الاناقه كأنها تنوى الخروج بعد العشاء برفقة بيريغرين .. وهذا التأخر ربما أدى الى تعطيل مشاريعها . قالت فجأه : " شاهدت اليوم رئيس عمال دومنيك .. يا له من انسان كريه !"

" مثل جميع سكان منطقة كورنويل .. لاشك انه يتصرف بقلة ثقه خاصة أمام الغرباء."

احتجت كليوباترا قائله : " انا لست غريبه .. انى انتمى الى آل تريفاين !"

" هذا النوع من الناس لا يعترفون الا بصلة الدم .. والفتاه كانت تنوى الزواج من تروى كانت ابنة البلد ."

هزت كليوباترا كتفيها باستغراب واحتقار وقالت : " الظاهر انك تعرفين هذا البلد تمام المعرفه ! هل أخبرك دومنيك بكل هذه القصص عندما اخذتيه قسرا فى نزهه معك ؟ "

" لم اخذه قسرا .. كنت افضل الخروج وحدى .. اذا اردت معرفة الحقيقه ."

صفق باب المدخل وسمعت أصوات الرجلين فى البهو .. فنسيت كليوباترا فى الحال ابنة خالها وانتفضت واقفه عندما دخلا .

قال بيرى وهو يغلفها بنظرة اعجاب : " كم تبدين مرتاحه يا أرملة أخى العزيزه !"

" يحق لى ان اشعر بالارتياح هنا .. اليس كذلك ؟ "

رمقت دومنيك بنظره ساحره وقالت : " هل أبالغ يا دومنيك ؟ هل أتصرف أكثر من اللزوم .. كما لو كنت سيدة المنزل ؟ "

أجابها بيرى بابتسامه ساخره : " على اى حال .. هذه ليست الطريقه المفضله للحصول على حصانك المفضل !"



*نهاية الفصل السادس*

katy_1989 01-04-14 12:22 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*ريــــاح وغيــــوم*


اليوم التالى .. كان يوم الجمعه العظيمه .. ومثل كل سنه يغلق المصنع أبوابه لمدة عشرة أيام .. وتساءلت لورا كيف ستتم هذه العطله فى صحبة آل تريفاين .. كان عليها ان تتقبل الظروف .. ولكن ياللأسف.. بالرغم من كونها غريبه .. كانت تتأثر جديا بمشاكل وقضايا بانسيون .. كما انها كانت تأمل فى المحافظه على مسافه فى العلاقات مع عائلة ابنة عمتها الرهيبه .. لو لم تشعر تجاه دومنيك بعاطفه عميقه حقيقيه !

همست لورا وهى تساعد ميريام فى ترتيب الغسيل فى غرفة صغيره تقع قرب المطبخ : " لم أعد أ عرف شيئا .... "
قالت ميريام بلطف : " ماذا هناك ؟ "

" لا شئ !"


تقلصت لورا اذ كانت على وشك ان تفضح نفسها .. لكن ميريام استقبلت هذا الانقباض بتسامح وقالت : " عندما يكون المرء فى أوج الشباب اليافع يخلق لنفسه المشاكل .. لكن الامور تنجلى فى آخر المطاف .. صدقينى .. عشر مناشف .. دستة وجوه مخدات .. آه نعم يا ابنتى .. هناك دائما حل .. هل تنوى ابنة عمتك البقاء هنا طويلا ؟ "

أجابت لورا وهى تطوى ملاءة : " ستبقى هنا حتى يتم العثور على حل لمشكلة نيكولا .. اما بالنسبة لى .. فأعتقد انه يجب أن أرحل عما قريب .. لم آت الى هنا الا تلبية لطلب كليوباترا وتقديم خدمه صغيره لها ."

" لست فى حاجه الى الرحيل ."

أطل رأس بيرى من الباب المفتوح وأطلق مزحه كريهه .. بينما وصل بالصدفه دومنيك وراءه ولم يكن فى مزاج يقبل المزاح .. فقال وهو يبتعد : " حافظ على هذا النوع من الكلام لأشخاص من طينتك ."

اطلق بيرى صفيرا ساخرا وقال موجها كلامه الى ميريام : " ما الذى أصاب أخى يا ترى ؟ كأن ذبابه قرصته ؟ هل يميل الى لورا الناعمه بالرغم من جاذبية وسحر ابنة عمتها ؟ ان شعوره بالحمايه الأبويه شديدة الحساسيه .. وانا أقول لها هذا الكلام من زمان ."

أكدت ميريام قائله : " دومنيك ورث وحده محبة وحنان وعطف والدته ."

صرخ بها بيرى : " ماذا تقولين ؟ بدأت تنحازين الى صف العدو ؟ "

" هل دومنيك عدو يا بيرى ؟ "

هز كتفيه وقال : " لا ..لا .. انه يثير أعصابى فقط ليس الا ."

كان يشبه ولدا صغيرا مضطرا ان يفصح عن غلطه .. لكنه ما ان لاحظ انزعاج لورا من هذا الحديث حتى استعاد رباطة جأشه وقال : " يا ميريام .. باتت لورا فى صفك واتصور أيضا أنها تكن لسيد المكان عاطفه سريه .. ما رأيك ؟ انظرى ! انظرى انها تحمر خجلا !"

لم تحاول لورا الدفاع عن نفسها من شدة توترها .. فرمقها بنظره حاده قبل ان يخرج الى الحديقه حيث كانت كليوباترا بانتظاره .. واعلن بدون مقدمات بغية احداث صدمه عندها : " أتساءل ما اذا كان السيد الكبير قد وقع فى الحب ."

أجابت كليوباترا على الوتر نفسه : " ولم لا ؟ انا مناسبه له .. نحن نؤلف ثنائيا جميلا .. ما رأيك ؟ "

" لا أعنيك أنت بل ابنة خالك ! "

غضبت كليوباترا.. ففرح بيرى وتابع يقول : " تماما .. لقد حققت الهدف الأول .. أما بالنسبه الى الهدف الثانى ..... فهل لديك نوايا تجاه سيد العائله ؟"

" نعم .. انا تعبت من الحياة غير المستقره وأريد الاستقرار .. من أجلى ومن أجل ابنى .. على اى حال .. لست المستوى المطلوب لتربية الاولاد ..مثل تروى .. وانت كذلك يا بيرى .. لاشك ان هذا السبب الذى ...."

" منعنى من الزواج منك ؟ أنت على حق وأنا معجب بصراحتك .. مع ذلك ليست فكرة الولد وحدها التى منعتنى من ذلك .. فأنا مصر على أن أحافظ على حريتى ."

" لا تخترع قصصا الآن .. لو لم يكن نيكولا .. لتزوجتنى من دون تردد."

" ربما .. لكنك لا تدرى حتى الآن أن هناك من ينافسك !"

" تعنى لورا ؟ لا تتفوه بالحماقات يا بيرى ! ما أراه هو أنها تركت نفسها تنجذب الى بطل أحلام سن المراهقه .. وهذا شئ عابر ."

قهقه بيريغرين ساخرا وقال : " كلا.. لم تفهمى بعد .. حسب راى ميريام .. دومنيك يبادلها الشعور نفسه ."
" ميريام امرأة مجنونه ! "

" ليس تماما .. لا شك أنك لاحظت بأى تيقظ واهتمام يرعى أخى شباب وبراءة نعجته البيضاء .. انه لا يسمح لها ان ترتاد الملاهى الليليه و ......"

" لكن هذا لا يدل على أن دومنيك يكن لها عواطف عميقه .. بل انه يتمتع بحس المسؤوليه ويعتقد ان من واجبه السهر على لورا كأنها فتاه صغيره .. وحتى لو كان يشعر تجاهها بعواطف قويه .. فان لورا فتاه ساذجه وليس باستطاعتها الاستفاده من ذلك ."

سألها بيريغرين بفضول يميل الى الاستياء : " بينما أنت تنوين استعمال كل ما لديك من مواهب للوصول الى الزواج منه بالرغم من العلاقات القائمه بيننا حاليا؟"

" لا تقلل من قيمة حظوظى .. اننى أملك الورقه الرابحه .. ذلك أن دومنيك يريد نيكولا ."

" ماذا تقولين ؟ "

" لقد كشف عن نيته للورا بأنه يأمل أن يشرف بنفسه على تربية نيكولا هنا فى بانسيون .. وان لديه مشاريع بهذا الصدد .. ولذلك يحق لى أن أتوقع أن دومنيك قد أدخلنى فى هذه المشاريع .. لكن لو لم يكن مغرما بى فيمكننى على الأقل أن أجعله يرغبنى ويتزوج منى ."

" لا تطلقى أحكاما بسرعه !"

وصلت ميريام لتعلن بأن الغداء سيصبح جاهزا عما قريب وأنها تقترح ارسال نيكولا لتمضية بعض اللحظات معهم .

قالت كليوباترا مازحه وبلطف : " يا لهذا الولد المسكين ! "

وسألت ميريام : " هل سيذهب أحد منكم إلى مينبورث غدا ؟"

استفهم بيرى قائلا : " ولم ؟ ألم تقومى بالتموين اللازم لهذه العطله ؟ "

" بلى .. لدى كل ما يلزم وسأحضر لكم المأكولات الشهيه .. لكن مازلت بحاجه الى البيض ."

" البيض ! ليس أمامك الا الحصول عليه من عش الدجاج !"

" أقصد بيض الفصح .. ففى الوقت الحاضى .. عندنا ولد فى المنزل ."

قالت كليوباترا : " لا سبب للقلق من أجل نيكولا .. لم يسبق أن أستلم أى هديه فى عيد الفصح .. مهما كان نوعها ."

قالت لورا متحمسه بعدما سمعت الحديث : " يا للاسف .. كليوباترا .. هل تتذكرين كم كنا نفرح عندما نكتشف البيض والفراخ الصغيره المصنوعه من الشوكولا .. والتى كانت تقدمها لنا العمه فلورا ؟ هل هناك حافله نهار السبت تذهب الى ميرينبورث يا ميريام ؟ "

اقترح بيريغرين عليها قائلا : " سأخذك فى سيارتى ."

قالت كليوباترا : " لا تعتمد على فى مرافقتك .. لست أنوى أضاعة الوقت فى شراء بيض العيد .. سأستغل فرصة غيابك لقضاء بعض الوقت برفقة دومنيك ."

" اتفقنا يا حلوتى .. سنتيح لك المجال لتجربى حظك قرب أخى الكبير .. اما من جهتنا نحن .. لورا وانا .. فلم تسنح لنا الفرصه للخروج معا .. وانى أنوى أن أحقق ذلك ."

فى صباح اليوم التالى .. ذهبت لورا مع بيريغرين .. فرحه مثل ولد سيحصل على جائزه .. وقد سمح لها الطقس الجميل الدافئ أن ترتدى فستانا جميلا .

كانت كليوباترا قد رتبت خططا لهذا النهار لكن الامور لم تجر تماما كما كانت تتوقع .. وبينما كانت تودع باشارات حماسيه من يدها .. لورا وبيرى.. كان دومنيك يراقب من دون حركه خروج أخيه الصاخب .. وكعادته .. أقلع بسيارته فى ضجه رهيبه وسرعه غير عاديه .

فسأل دومنيك : " فكرة من مشاريع التسوق هذه ؟ "

لكن كليوباترا لم تفقد شجاعتها وأخذته بذراعها ورافقته الى المنزل .

" لا يوجد سبب يا دومنيك .. لأن تفسد على لورا هذا العيد الكبير دعها تمرح وتلهو .. فحتى الآن تصرفت بأنانيه .. وخرجت من دونها .. أنى ألاحظ أن لورا معجبه ببيرى كثيرا ...."

قطب دومنيك حاجبيه وقال : " صحيح .. كنت أعتقد أن تحرشاته بها لم تكلل بالنجاح ."

" آه .. لكن لورا تستطيع أن تخفى عواطفها ! ان معظم الشباب فى سنها يخفون انفعالاتهم .. وذلك لأنهم يخجلون .. هل فهمت ؟ بيرى رجل جذاب جدا ."

ارتاحت فى أحد المقاعد فى قاعة الاستقبال .. وتوجه دومنيك الى زاوية القاعه وقال: "نعم .. أخى يتمتع بجاذبيه وسحر كبيرين ."

" وما همك أنت ؟ أنت غير مسؤول عن لورا ."

" وانت ؟ أنت الوحيده التى بقيت لها من عائلتها ."

" لورا ؟ نعم .. أشعر أننى مسؤوله عنها بطريقة ما .. لكن ماذا تريدنى أن أفعل ؟ ماتت العمه فلورا .. ويجب على لورا أن تعيش حياتها .. على كل حال .. لست قادره على أن أقدم لها مسكنا .. إذا كان هذا ما فكرت فيه .. فليس عندى مسكن أنا بالذات ."

" لست من الاشخاص الذين يستقرون فى مكان واحد يا كليوباترا ."

وعاد يسألها : " الم تسعدك الحياة البدويه التى عيشتها فى استراليا ؟ "

تأملت كليوباترا لحظه ظهر دومنيك فى صمت .. فأى جواب يتعين عليها اعطاؤه ؟ بدأت تقول فى حريه : " إنه بلد يستحسنه الشاب ."

" هل ترغبين فى العوده الى هناك ؟ "

" إلى أستراليا ؟ "

أرخت جفنيها وراحت تراقبه عن كثب .. هل تقول ما يرد فى رأسه من أفكار .. من أجل الحديث فقط ليس الا؟ غير أنها تعرف أن دومنيك لم يسبق له أن تكلم من دون أن يعى ما سيقوله .

" كنت أحب أن أعيش فى استراليا لو كان الوضع مختلفا .. لكن تروى مات ونيكولا بحاجه الى استقرار وانا كذلك ."

كان دومنيك يدرسها بإمعان .. وبتلميحها عن نيكولا .. أعطته فرصة عرض مشاريعه التى تحدثت عنها لورا .. لكنه لم يفهم قصدها واكتفى بالاستفهام عن وقت عودة لورا .

فأجابته كليوباترا فى غيظ : " لماذا تريدنى أن أعرف .. لست بحاجه لأن تتصرف مثل أب عطوف .. لا شك أن لورا ما تزال ساذجه .. لكنها ليست حمقاء حتى ولو كانت تميل قليلا الى بيرى ."

أجابها دومنيك فى برود : " أنت من يضخم الامور .. سألتك فقط متى ينويان العوده .. اننى انتظر بيريغرين كى يساعدنى فى اصلاح السياج .. هل فهمت ؟ "

هزت كليوباترا رأسها .. كانت مستاءه لأنها أفصحت عن نفسها .. وفى الوقت نفسه ملت من تحفظ دومنيك بدلا من الافصاح عن مشاكله.. ثم قالت أن تجرح شعوره .

" الذى أفهمه هو أن لورا تشعر بالضيق كلما كانت معك ."

أجابها دومنيك بهدوء : " أنا أخيف الصغار والغرباء .. أعرف ذلك ."

أكدت له كليوباترا اعتقادها أنها بدأت تسيطر على الوضع من جديد : " لكنك لا تخيفنى أنا .. باستطاعتى أن أقاوم أى واحد من آل تريفاين ! "

قال فى نظره ساخره : " وكذلك ابنة خالك .. لكن على طريقتها الخاصه ."

بعد أن شعرت كليوباترا أن معركتها خاسره قالت : " طبعا إن لورا تدافع عن نفسها دائما حتى لو كانت مسمره مكانها تحت تأثير الصدمه .. معك .. تتصرف بحذر أكثر من بيرى .. وهذا أمر طبيعى ,, اليس كذلك ؟ إن بيرى شاب لا يبلغ من العمر سوى 26 سنه وهو المفضل ."

لا شك ان ما قالته أصاب الهدف المطلوب .. فقد كان دومنيك قد بدأ يشعر تجاه لورا بمشاعر عميقه .. وانه كان يحيره الفرق الشاسع بين عمره وعمرها .. قالت كليوباترا : " هل على أن أحضر نيكولا الآن ؟ "

لكن هذه المبادره لم تكن سعيده لأن الولد بدا كئيبا فى غياب النجمين المحببين إليه .. وظل لا يبالى بمحاولات عمه الفاشله لارضائه وتسليته .. أخيرا عدل دومنيك عن المواصله فى ارضاء رغبات ابن أخيه وانصرف الى العمل فى الحديقه برفقة آموس .. ولما حان وقت الغداء كانت كليوباتراوحدها مع دومنيك .. حتى هذا اللقاء أمام مائدة الطعام كان مملا وبدأت كليوباترا تندم على عدم ذهابها الى ميرينبورث مع لورا وبيرى .

عادا فى أواخر الظهيره .. وما أن دخلت سيارة بيرى الباب الرئيسى حتى بدأ باطلاق زماميره الصاخبه .. فاسرعت كليوباترا للقائهما .. ووصل دومنيك أيصا رافعا أكمام قميصه .. كانت لورا جالسه فى المقعد الخلفى وسقف السياره مفتوحا .. وكانا يغنيان بأعلى صوتيهما .

كان دومنيك ينظر بصمت الى أخيه الذى كان يخرج من صندوق السياره علبا كثيره من جميع الاحجام .. ثم قال بفرح : " لقد اشترينا عددا من لبيض يكفى لأعالة مئات الأطفال ."

ظلت لورا مكانها غير مستعده للهبوط .. فقال دومنيك مازحا وفى لطف : " لينزل الجميع !"

شرح له بيرى قائلا : " نعجتك البيضاء مترنمه .. مترنمه من الفرح ."

فأعلنت بحماس وفرح : " وجدت أشياء رائعه لنيكولا ."

كانت عيناها تلمعان ولم يسبق أن رأها دومنيك براقه من الفرح .. فشعر بضيق بسيط عندما قالت : " شكرا يا بيرى على هذا النهار الجميل ."

" وأنا لم أصدق أنه بإمكانى أن ألعب و ألهو مثل الأولاد ."

قال له دومنيك بجفاف وهو يحمل العلب الى المنزل : " إنى مسرور جدا لأن نزهتكما كانت ناجحه ."

وخلال العشاء لم تلاحظ لورا أنها تزعج دومنيك بينما كانت تتحدث عما حدث لها خلال النهار .. فهى مازالت متأثره بسحر الرحله و للمره الأولى لم يحاول بيرى تحديها كما هى عادته .. فقد تصرف نحوها بلطف غريب حتى أنها لم تعد قادره أن تفرقه عن أخيه .. مثلما حدث لها ذلك المساء .. لكن خيبة أملها كانت فى أوجها عندما التجأ دومنيك الى مكتبه .. وفى الحال شعرت لورا أن وجودها سيزعجهما فقررت الذهاب الى فراشها.

وقبل الصعود الى غرفتها مرت بالمكتب لتتمنى لدومنيك ليله سعيده وتقول له انها قامت بشراء البيض كما يجب .

قالت له : " تصورت أنك لن تفكر بشراء البيض .. لا شك أنك لم تحلم من زمان بأن تتلقى هذه الهدايا الصغيره."

أجابها بعنف : " لا يجب أن تذكرينى بأننى رجل مسن كلى لا أنسى طفولتى !"

انتفضت لورا وقالت متلعثمه : " لم أكن أعنى ذلك ."

نهض دومنيك واقفا .. يبدو أن مشكله ما تشغل باله .. فقال : " لو كنت أعرف هدف خروجك مع بيرى اليوم .. لكنت رافقتكما .. ادخلى أذن يا لورا ."

" ألم تعلمك كليوباترا بالأمر ؟ فكر بيرى أن نذهب كلنا معا .. لكن كليوباترا رفضت ذلك .. هل ترغب فى معرفة ما هى هديتك ؟ "

قال فى مراره : " لا أعتقد أنى سأنال محبة أبن أخى بواسطة بيض الشوكولا .. وفراخ الدجاج البلاستيك !"
" ليست الفراخ المصنوعه من البلاستيك ! الدجاجه جميله وناعمه .. كما اشتريت أرنبا من جلد الفرو .. لكنك إنسان كريه ! "

" هل جرحت شعورك يا لورا الصغيره ."

جلس على مكتبه وأفرغ محتوى غليونه فى المنفضه و أضاف قائلا : " لم أكن أقصد أن أؤذيك ..ولا أزعج نهارك."

لكن نهارها بات فاشلا وشعرت لورا ان دومنيك ينتابه القلق والهم .

لقد قضى قسما كبيرا من النهار برفقة كليوباترا .. ماذا جرى بينهما ؟ لا شك أنه أعلمها بمشاريع .. وكما أن كليوباترا تعرفه تماما .. .. فقد راحت تضايقه فقالت له باحترام : " لم تزعج نهارى ."

" بلى ! لقد تصرفت بعصبيه وفراغ صبرلأسباب لا يمكنك فهمها .. ادخلى ."

" أنا أفهم تماما ."

ظلت جامده على عتبة الباب لم تحاول التقدم خطوه .

" صحيح ؟ هذا يدهشنى ."

" تصبح على خير يا دومنيك .. ليله سعيده ! "

ثم اختفت بسرعه هائله .

خابت آمال الجميع بالنسبه إلى يوم الفصح الذى كان ممطرا .. واجتاح المزاج العكر جميع سكان بانسيون الذين اضطروا الى البقاء داخل المنزل طيلة النهار .. والعيد الصغير الذى تمنته لورا لنيكولا كاد أن يكون مأساه حقيقيه فانتصر بيرى على دومنيك فى استمالة عواطف نيكولا وعلم بمزاجه المرح وألعابه وطريقة تفخيم هداياه .. لكن كل الجهود التى قام بها دومنيك لجذب انتباه الولد باءت بالفشل .. وبصوره استثنائيه تم التوصل إلى أن يتناول الصبى طعام الغداء برفقة العائله .. لكن هذه البادره انتهت بالبكاء وشعر الجميع بارتياح عام عندما اصطحبته لورا إلى غرفته فى فترة القليوله.

اقترحت لورا على دومنيك قائله : " يجب عليك أن تذهب الى غرفته وتقص عليه قصه كما فعلت من قبل ."

أجابها بلهجه بارده : " لا أنوى أن أستعطى محبة نيكولا .. لقد اهتممنا به كثيرا اليوم وهذا يكفى ."

ثم أدار لها ظهره وذهب إلى الحديقه للقيام بنزهه مع الكلاب برغم تساقط المطر .

لم يظهر دومنيك الافى المساء .. التقته لورا على السلالم .. فتوقف بضع درجات أسفل منها ولدى رؤيتها شعره الاسود مبلل والشعث تتخلله شعرات بيضاء .. شعرت بالذوبان يحتلها .. فرفع نحوها عينيه الزرقاوين الجميلتين : " هل تعرف أن فى رأسك شعيرات بيضاء ؟ "

أجاب بلهجه ساخره : " آه نعم .. إن مرأتى تظهر لى هذه الحقيقه المخيفه .. صباح كل يوم ."

تغير تعبير وجهه عندما لاحظ ظلال دموع على وجه لورا .. فسألها : " ما بك ؟ "

أسرعت تقول لتطمئنه : " لاشئ .. لا شئ ..."

" هل بكيت بسبب بيريغرين ؟ "

كانت تعاستها ناتجه عن تصرف بيريغرين وكليوباترا .. لكن دومنيك وياللأسف لم يتمكن من تفسير صحة جوابها .. فقال لها فى صوت قاس كأنه يذكرها : " بيريغرين شاب جذاب .. وفى الوقت نفسه شاب فاسق أيضا .. لا تنسى ذلك يا لورا ."

لم يكن دومنيك طبيعيا هذا اليوم وعاد يصعد السلالم من دون إضافة كلمه .

الريح طردت الغيوم خلال الليل وفى اليوم التالى كان الطقس جميلا وجافا .. ذهب بيريغرين ينزه الكلاب وكان دومنيك يعمل فى انحاء البيت مع آموس .. فقررت لورا اصطحاب نيكولا فى نزهه صغيره .. ولدهشتها أعلنت كليوباترا رغبتها فى مرافقتها .. هذا ما كانت تخشاه لورا .. أن تضطر إلى تحمل وقاحة ابنة عمتها واصرارها على استقصاء الاسرار من لورا .

قالت كليوباترا : " اعتقد أنك أفدت جدا من خروجك مع بيريغرين نهار السبت ..وانا فى هذا الوقت نجحن فى مهمتى يا حبيبتى .. ان الظروف بدأت فى التحسن ! "

" صحيح ؟"

انتظرت آمله الا تتأخر كليوباترا فى خوض الموضوع .. وسرعان ما صرخت تقول : " تخلى عن دومنيك يا لورا !"

فوجئت لورا وقالت : " اسمعى يا كليوباترا .. دعينى وشأنى .. لست أنا من سيؤخر تحقيق مشاريعك .. وسبق أن رددت على مسمعى بأن دومنيك ليس مهتما بى ولا يهمه أمرى ."

تغلبت كليوباترا على اضطرابها وأمسكت بذراع ابنة خالها وقالت : " لا أريد أن أجرح شعورك يا حبيبتى .. لكنى أشعر فقط بأنك تميلين الى دومنيك قليلا ولا أريدك أن تتألمى .. لكنى أحذرك بأننى إذا قررت أن أغريه .. فليس لديك أى حظ ينافسنى ."

" إذن .ز عرض عليك دومنيك مشاريعه ؟"

" اتفقنا على مستقبل نيكولا .. هل أنت مسروره الآن ؟"

أجابت لورا باشمئزاز : " كلا .. أنت على علاقه مع بيرى .. ولا يمكن أن تفكرى فى الزواج من دومنيك قبل أن تقطعى مع بيرى .. ألا تشعرين بواجبات تجاه دومنيك ؟ "

وبختها كليوباترا قائله : " آه اسكتى ! لا تتدخلى فى شؤون لا تعنيك !"

وران صمت ثقيل .. ثم اخيرا قالت كليوباترا : " لنتصالح يا لورا .. أنت أصبحت فتاة ناضجه وبالرغم من أن الخبره تنقصك .. فباستطاعتك أن تعرفى مدى تعقيد الوضع الذى أجد نفسى فيه .. اليس كذلك ؟ "

أجابت لورا فى نعومه : " طبعا .. بيريغرين بالنسبه اليك يجسد لك ترويلوس .. ولا يمكن التخلى عنه من أجل دومنيك الذى يستحق كل الحب والحنان ."

ما كان عليها أن تكون صريحه هكذا .. فقالت كليوباترا التى أحمر وجهها : "لا تعتبرى نفسك العمه فلورا لايمكنك أن تحكمى على الصفات الحسنه لدى كل من بيريغرين ودومنيك ."

خاب أمل الفتاة فنادت نيكولا أن يقترب منها .. وفى الوقت نفسه ظهر بيريغرين مع الكلاب التى هرعت بفرح الى الصبى الذى انبطح أرضا وراح يطلق صرخات مرعبه .

هتفت لورا غاضبه وقالت : " مر الكلاب ان تبتعد عن الصبى .. أنت تعرف تماما أنه خائف !"

" لن تؤذيه الكلاب ."

لكنه أمرها بالسكوت والابتعاد عن الولد فاقتربت لورا من نيكولا وركعت قربه محاوله أن تهدئه وهو لا يكف عن البكاء .

فقالت كليوباترا مشمئزه : " يا له من جبان ! يا بيريغرين .. اصنع منه رجلا شجاعا ! "

فقال مادا ذراعيه للصبى : " تعال يا نيكولا ."

وبالرغم من صدمته .. تقدم الولد بتردد من عمه الذى كان يشجعه مرددا " تعال .. تعال !"

وبعدئذ حمل بيريغرين نيكولا على اكتافه ومشى حتى طرف الصخره .. فصرخت لورا فى رجاء قائله : " توقف .. لقد أصيب بدوار ."

لم يعى بيريغرين وكليوباترا قسوتهما .. كانا يشعران معا بلذه بدائيه ليبرهنا على جرأتهما ووقاحتهما فى الاضرار بانسان أضعف منهما .

فجأه رجعت الكلاب التى كانت تلحق بيريغرين الى الوراء وهى تهز بأذيالها .. فالتفتت لورا الى الوراء و رأت دومنيك يتقدم فى خطى سريعه وهو يصرخ : " ماذا يجرى هنا ؟ لقد وصل صراخ نيكولا حتى المنزل ."

أجابت كليوباترا ضاحكه : " آه .. قامت قيامته ولم يعد يتوقف عن الصراخ والبكاء لأن الكلاب لحست وجهه .. وبيرى يعلمه الآن أن يصبح رجلا ."

قالت لورا فى صوت خفيض : " الشراسه والعنف لا يحدثان الا الخوف ."

لاحظ دومنيك شحوب وجهها .. فنصحها فى نعومه قائلا : " اجلسى على العشب يا لورا .. سأهتم بك بعد قليل ."

ثم التفت الى كليوباترا من جديد وسأل بقسوه : " أريد ان اعرف تماما كيف تنوين أن تشفى ولدا من خوفه من الكلاب وهو على الاكتاف ؟ "

بانفعال وقفت كليوباترا مظهره بعض الارتباك لرؤية قسوة دومنيك الواضحه.

اضاف قائلا لبيريغرين :" هل جننت يا بيريغرين ؟ انصرف من هنا بسرعه .. سأهتم بالصبى !"

قال بيرغرين ساخرا : " حتى الآن لم يقبل منك أن تهتم به ."

كان نيكولا واقفا من دون حراك مثل العصفور الخائف .. مسمرا فى الارض بفعل الرعب .
قال له دومنيك فى لطف : " تعال .. لن تؤذيك الكلاب .. انى اعدك بذلك .. تعال .. فسنلعب لعبة حصان القارن وسأعيدك الى المنزل ."

قال بيريغرين وهو ينخنى ليحمل الولد فى ذراعيه : " من الأفضل أن تأتى الى العم بيرى ."

فصرخ الولد وهو يجرى نحو دومنيك : " كلا.. كلا ! سيكون عمى دومنيك حصانى الى الأبد ."

لم يقدر بيريغرين أن يخفى تحديه وقال صارخا : " يا لك من ولد سافل ! لنذهب يا كليوباترا .. يبدو أن ليس لنا ما نفعله هنا !دعى دومنيك مع نيكولا ! لورا ؟ لا .. أعتقد انها ستبقى .

تأبط ذراع كليوباترا ومشيا من دون مبالاه .



*نهــاية الفصــل الســابع*

katy_1989 01-04-14 12:33 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*صـــراع الـبـقـاء*



تمددت لورا لعى العشب وأغمضت عينيها .. محاوله جهدها أن تسيطر على الأضطراب العصبى الذى هزها .. ما كان يجب عليها أن تشغل بالها بنيكولا .. اذ يبدو أن عمه نجح فى تسليته .. لكن ليس بامكانها أن تعود طفله لتتمكن هى أيضا من اللجوء الى ذراعيه .. وفجأه شعرت بيد توضع على جبينها .. فانتفضت صارخه : " نيكولا ؟"

جلس دومنيك قربها وراح يتأملها بنظرات قلقه ويقول : " نيكولا على ما يرام .. ربطت حول عنقه منديلا وهو يلعب الآن لعبة القرصان . "

ولما انتصبت واقفه اكتشفت فعلا أن الصبى يجرى كأن شيئا لم يكن .. حاملا فى يده قضيبا بدل السيف .. فهتفت تقول : " الأولاد رائعون !"

حاولت أن تضحك .. لكنها انفجرت فى البكاء وقال دومنيك : " يمكنك البكاء اذا كان البكاء يخفف من آلامك ."

فبكت مده طويله ثم انتهت إلى القول هامسه : " اعذرنى .. أنا آسفه ."

" هل تشعرين بتحسن الآن ؟"

" أنا آسفه ان حملتك مثل هذا المشهد يا دومنيك .. يكفيك ما عانيته من مشكلات اليوم ."

قال مازحا : " ألم تلاحظى أن المشاحنات المستمره تتكاثر فى حياة آل تريفاين ؟ ليست هذه هى المره الأولى التى تبكى فيها ."

" لا تكلمنى عنها .. أرجوك .. انى خجوله من أمرى !"

" كنت تظنيننى الشيطان بعينه .. هل تتذكرين ؟ "

كانت تعبه من سخريته الطيبه .. الن يكف دومنيك عن معاملتها كفتاة صغيره ؟ بدا وكأنه عرف ما يدور فى ذهنها .. لذا تابع يقول بصوت واضح : " أنا .. أنا كذلك يا لورا .. لكن أرجوك ألا تغضبى منى .. إنه نوع من الدفاع عن النفس ."

" سبق أن قلت لى هذا الكلام فى المره الماضيه .. لكن انا لست بفتاة صغيره ."

شد دومنيك ذراعه وهو يقول : " أعرف ذلك .. لكنك ما تزالين صغيره .. وسريعة الغضب .. أحيانا أخاف أن ....."

توقف عن الكلام كأنه على وشك أن يفضح أمره .. وشعرت لورا بالاحمرار يملأ وجهها .

وفهمت لورا أن كليوباترا وبيريغرين لم يفصحا لدومنيك عن معرفتهما للعواطف التى تكنها لورا له والتى لاحظاها منذ الوهله الاولى .. والآن دومنيك يحاول أن يحذرها .. فهو لا يريد أن يشجعها حتى لا تتعذب .

صرخت لورا : " لقد مللت !"

" مما ؟ من شبابك ؟ "

كانت نظرات دومنيك مليئه بالحنان بينما .. أسرعت لورا بالموافقه على كلامه .. فقال معلنا : " الشباب شئ ثمين .. ومتى أصابه الكلل .. يكون قد فات الاوان .. هل سبق أن أخبرتك عن وقواق زينور ؟ "

" كلا."

" يحكى أنه مرة فى زينور .. فى منطقة كورنويل .. قام القرويون ببناء سياج حول وقواق .. آملين بذلك استبعاد فصل الربيع ."

كانت لورا مستنده على كوعها وتصغى اليه باضطراب وتوتر .. وقالت : " يالهذه الاسطوره ! لقد أثرت بك .. اليس كذلك ؟ "

" وجدت تعريفا لكلمة قارن فى أحد القواميس القديمه ."

" آه صحيح ! وماذا هو ؟ "

" حفظته غيبا : " حصان القارن حيوان خرافى .. له قوائم الايل .. وذنب الاسد ورأس وجسم حصان .. وقرن واحد .. وعيناه زرقاوان ... "

توقفت لورا فجأه ونظرت الى دومنيك .. قميصه المفتوع يظهر عنقه .. وشفتاه تبتسمان فرحا وعيناه زرقاوان صافيتان فى وجهه الاسمر .. فقال ضاحكا : " يالهذا التطابق ."

" وبعد ذلك ... يلمح الكتاب الى تاريخ و .. و ... هل أنت الوحيد من بين آل تريفاين الذى يحمل العينين الزرقاوين ؟ "

" نعم .. أشبه بذلك والدتى .. وبما أننا فى حديث القارن .. حان لنا أن نعيد قرصاننا الى المنزل ! "

سمع نيكولا كلمات دومنيك الأخيره وأسرع نحوه فى حماس وصرخ قائلا : " حصان القارن ! حصان القارن ."

فحمله عمه فى لطف على كتفيه .. وبينما كانوا يجتازون الارض الفائضه بالنباتات الربيعيه .. اجتاحت لورا غيمه من السعاده .. مهما كانت تصرفات آل تريفاين نحوها .. فسوف تحتفظ دائما فى أعماق قلبها بهذه الاحلام الرائعه التى سترافقها عندما تدق ساعة الرحيل .

لم يحبس بيريغرين الكلاب فى أقفاصهم .. فأسرعت للقائهم .. فتعلق نيكولا بخوف فى عنق عمه لكنه لم يصرخ .

قال له دومنيك : " حسنا . أنت شجاع يا نيكولا تريفاين ! هل تحب أن يكون لك كلب صغير ؟ "

أجاب الولد مترددا وفخورا بلقب شجاع : " لا أعرف .. هل سيكون لى وحدى أنا ؟"

أنزل دومنيك الولد عن كتفيه وقال : " طبعا ."

" لن تسمح لى كليوباترا أن أصطحبه معى ."

" ما تزال هنا يا نيكولا ."

وكليوباترا التى كانت بانتظار ابنها سمعت جواب دومنيك فأسرعت نحوه وقالت : " هذا لطف منك .. اننا نشعر فى بانسيون كأننا فى منزلنا وبامكان نيكولا أن يحتفظ بكلبه مادمنا نحن هنا .. دومنيك .. أرجوك أن تعذرينى .. كان يجب ان امنع بيريغرين أن يلهو بأحاسيس ابنى .. بدأت الآن أفهم تفاهة تصرفاته .. اعذرنى !"

قالت هذا فى سهوله حتى لورا بدأت تشك فى انها قد حضرته بانتظارهم .. ثم أضافت : " على كل حال .. لقد حققت نجاحا كبيرا .. هذه المره فضلك نيكولا على بيرى .. وذلك بفضل سوء تصرفات هذا الاخير ."

صرخ الولد وهو يتعلق بطرف معطف عمه وقال : " إنه حصان قارنى !"

اقترح دومنيك من دون ابتسام : " هيا بنا .. لورا فى حاجه لأن تنسى ما حصل وتريح وترتاح من توترها ."

قالت كليوباترا فى دهشه : " لورا؟ "

كأنها تذكرت وجود ابنة خالها فجأه .. ثم قالت باصرار كأنها ربة المنزل : " آه ..نعم ! تعالى يا لورا لنشرب شايا .. قضيت فتره عصيبه بسببنا .. إنى آسفه لما حصل يا حبيبتى ."

فقالت لورا فى لهجه قاطعه : " لا شكرا .. أفضل أن أصعد الى غرفتى قبل الغداء ."

سأل دومنيك مستعلما : " هل تشعرين بتحسن يا لورا ؟ "

" نعم .. شكرا ."

بدت كليوباترا فرحه لأنها ستكون وحدها برفقة دومنيك قبل حلول الغداء .. فقالت : " افعلى ما تريدين يا حبيبتى .. اذا كنت ستصعدين الى غرفتك .. فاصطحبى نيكولا اذن ."

قال دومنيك : " أعتقد أن لورا بحاجه الى بعض الهدوء .. اما بالنسبه لنيكولا .. فيستحق هو أيضا أن يشرب عصيرا .. تعال معنا يا بنى ."

لم تعارض كليوباترا بل ابتسمت ابتسامه عريضه وتبعته الى الدار .. وفى هذه اللحظه ظهرت ميريام لتعلن أن الغداء سيكون حاضرا بعد عشر دقائق .

فقالت ميريام : " لورا يا ابنتى الحبيبه .. تبدين مرهقه .. سأقدم لك كوبا من شراب الورد ."

وافق دومنيك على اقتراح ميريام وقال : " انها فكره جيده .. اهتمى بها يا ميريام .. وقدمى لها طعام الغداء فى المطبخ .. أعتقد أنها لا ترغب بتناول الغداء معنا ."

وبينما كان يدخل الى الدار مع كليوباترا ونيكولا .. امتلأت عينا لورا دموعا .. إنه يقصد بوضوح أنه يتمنى البقاء وحيدا مع ابنة عمتها .

راحت لورا تتأوه وتقول : " آه يا ميريام !"

اختفت الفتاه وراحت تصعد الدرج بسرعه فائقه .. لم تعد قادره على تحمل ميريام وملاحظاتها وألغازها وشراب الورد .. خارت قواها وفقدت صبرها .

اختفى بيريغرين عن الأنظار بقية النهار .. لا شك أنه ينتقل من ناد الى آخر .. وكليوباترا ودومنيك وجدا وجها لوجه فى حفلة غداء صامته وممله .. ولما سأل دومنيك كليوباترا لماذا لم ترافق بيريغرين.. تعذرت بالتعب .. لا تريد ان تقول له انها تأمل فى ان تزداد العلاقات معه عمقا .

ولما عبر عن رغبته فى الخروج فى نهاية الغداء .. قالت : " حان الوقت للقيام بمحادثات جديه يا دومنيك .. ما رأيك ؟ نحن هنا منذ عدة أسابيع .. ولا يمكن لهذا الوضع ان يستمر نهائيا .. وخاصة فيما يختص بلورا ."

وافق معها قائلا : " بعد حاثة هذا الصباح .. من الأفضل أن نتناقش فى الأمر ."

جلست كليوباترا قرب المدفأه المشتعله برغم حرارة الطقس وجلس دومنيك وراء مكتبه بدلا من أن يجلس قربها .. فراحت تحاول المزاح وتقول : " تبدو مثل معلم مدرسه يا عزيزى ! يتهيأ لى انك ستوبخنى ."

" انا لا أوبخ احدا .. ما عدا بيريغرين الذى اضطر أن أذكره بواجباته من وقت الى آخر ."

" لورا ؟"

" لم يسبق أن وبختها قط ! الى ماذا تلمحين ؟ "

كان رد فعله عنيفا .. فكاما دار الحديث حول لورا تراه سريع الغضب .. فقررت اغتنام الفرصه والقول : " غير انه يبدو لى .. ربما انا على خطأ .. لكنك تخيفها بعض الشئ .. لا شك انك تلاحظ ذلك .. هناك عدد كبير من الفتيات اللواتى يحببن ان يخيفهن الرجل ؟ هل أصبت الحقيقه ؟ "

" كلا .. ابدا .. أرى ان لديك وجهة نظر رديئه فى ابنة خالك ."

تابعت كليوباترا بلهجة اعتذار : " آه .. لا شك أنى مخطئه ! كن متأكده يا دومنيك .. أنى لا ألومك اذا كانت تعجبك .. لكنها فى الوقت الحاضر .. لاتفكرالا فى بيرى .. سبق وقلت لك ذلك .. أخيرا فلننسها ونتحدث عن نيكولا .. هل فكرت بمستقبله ؟ "

كانت كليوباترا فرحه لأن كلماتها أحدثت فى دومنيك نوعا من الاضطراب الظاهرى لم يتمكن من اخفائه .. إذن بيرى على حق .. لورا الصغيره نجحت فى اضرام نار الحب عند الأخ الكبير .. ولحسن الحظ أنها ما تزال ساذجه وبالتالى غير قادره على الافاده من الوضع .

قال دومنيك ببرود : " لقد ... لقد فكرت بمستقبل نيكولا .. انت برهنت لى بما فيه الكفايه عن خبرة الحياة وأنك لا تنجرفين بسهوله فى سياق العواطف مثل معظم النساء .. لذلك يمكننى ان أكلمك دون مواربه ."

شبكت المرأه ساقيها الجميلتين فى أناقه وبطء .. وخيل اليها أن دومنيك لم يجد طريقه عاطفيه ليعرض عليها الزواج .. لكنها تنبأت بالأمر .. فالحب لم يجعلهما .. لكن هنام تسويه وتدبيرا لصالحهما معا .. استرخى دومنيك فى مقعده وحدق فى كليوباترا فى نظره زرقاء فاجتاحتها قشعريره ناعمه .. إنه يملك بطريقته الخاصه جاذبية وسحر آل تريفاين .

قالت له فى نفاذ صبر : " تكلم إن ما يلائمك يا دومنيك يلائمنى أنا أيضا بكل تأكيد ."

" هكذا كنت أظن ."

" ليس هناك أى شك .. تكلم .. على كل حال أعرف ماذا ستقول لى ."

" صحيح يا كليوباترا ؟ فى هذه الحاله اجرءاتى ستكون سهله .. كنت أجهل أنك تملكين قراءة أفكار الغير إضافه الى جاذبيتك وسحرك ."

" فى الحقيقه لورا وضعتنى على الطريق .. تريد نيكولا .. اليس كذلك ؟ "

" آه بأت أفهم أفضل ! بالفعل يا كليوباترا .. إنى أتمنى .. ليس فقط ان أؤمن له حياة مستقره من الناحيه الماديه .. بل أنوى أيضا تربيته .. أريد أن أبذل جهدى كى لا يصبح مثل والده .. واسمحى لى أن أقول لك أن تروى كان مليئا بالأخطاء ."

عارضت كليوباترا مبتسمه : " لا تنس أن نيكولا ورث شخصيته عنى أيضا ."

" ألست أول من يقول علنا انك لست مؤهله للاهتمام بالأولاد .. يا أرملة أخى العزيزه ؟ "

" قلت انى لا أستطيع ان أقوم بهذا الدور وحدى .. لم يسبق أن قلت انى أم جيده .. لكن اذا وجدت رجلا يريد ان يحل مكان زوجى ويسهر علينا نحن الاثنين ...."

قاطعها دومنيك وهو يشعل غليونه : " لا يجب الاعتماد على ذلك كثيرا .. انا متأكد من أنك ستتزوجين مره ثانيه.. لكن الصبى يمكنه ان يكون عائقا لتحقيق ذلك .ز اذل اهتممت به انا بشكل كلى .. اكون قد افسحت لك مجال ...."

صرخت قائله : " ماذا تقصد بذلك ؟ "

كان صوتها قويا جعل دومنيك يرفع رأسه فى الحال ويقول: " اعتقدت انك فهمت جيدا .. انى اقترح عليك ان توكلى الى مهام الاهتمام بنيكولا كليا .. لا أنوى تبنيه الا اذا كانت تلك نيتك .. وبطبيعة الحال تظلين حره لرؤيته متى شئت .. واذا تزوجتى فبامكانه ان يسكن معك .. على كل حال لست مسؤوله عنه كليا .. من الناحيتين الماديه والمعنويه .. مابك يا كليوباترا؟؟ كنت أظن انك ستقبلين عرضى بكل سرور .. انك لا تريدين الاحتفاظ بهذا الصبى .. اليس كذلك ؟ "

قالت غاضبه : " هذا ما قالته لك لورا .. اليس كذلك ؟"

" دعى لورا خارج هذه القضيه."

ران صمت طويل رأى خلاله دومنيك المشاعر المختلفه فى ملامح وجه أرملة أخيه .. التى رددت بعد وقت غير قصير : " إنها لورا .. ان ابنة خالى الصغيره حاذقه أكثر من الظاهر.. لم تضيع وقتها سدى ."

أكد لها دومنيك من دون التخلى عن هدوئه : " انت مخطئه يا كليوباترا ."

" بيريغرين على حق .. لقد وقعت فى غرام هذه المراهقة الصغيره .. لكن لا تنس أنها تفضل بيريغرين وتحلم أن تهبه كل كيانها .. ربما سبق أن وهبته ذلك .. من يدرى ؟ "

ضرب دومنيك بمعصمه على مكتبه بعنف جعل كليوباترا تنتفض .. نظراتها المهدده أعادت له هدوئه فجأه .. فقال : " عندما تنتهين من خطتك القذره .. بامكاننا حينذاك متابعة النقاش ."

قالت جاهده فى السيطره على ارتجاج صوتها : " لن أعطيك ابنى .. كنت أعتقد أنك تقدم لى عرضا مناسبا."

ظل جامدا وسألها : " وما هو ؟ "

" آه يا دومنيك .. ستجعلنى مجنونه ! أنت تعرف جيدا بماذا أفكر ! هلى تكرهنى الى هذه الدرجه .. او اننى غير جديره بكبار آل تريفاين ؟"

اختدت وهى تتكلم .. ثم نهضت واقفه وعيناها تلمعان وشفتاها تهددان ثم اقتربت من دومنيك الذى انتابه الشعور بالشفقه .. قال : " لا تطرحى أسئله حرجه .. أنا أفهم أنك حلمت بالتوصل الى نتيجه مزدوجه .. أرجوك لا تأملى خيرا ."

" لماذا ؟ اليس هكذا يتصرف ويفكر آل تريفاين ؟ "

" البعض منهم.. ربما .. لكن انا لا أفكر هكذا .. عودى الى مقعدك .. من فضلك ولنتابع موضوع حديثنا ."

وبدلا من أن تنفذ ما طلب منها .. انحنت صوبه فوق المكتب وابتسمت ابتسامه تحد .. وقالت : " آه .لا ..عندى شروط على طرحها عليك .. إنى أصر على الزواج منك ! "

قال دومنيك فى هدوء مزعج : " أنا متأكد يا كليوباترا .. انك لا ترغبين ولا لحظه فى ان تصبحى زوجتى .. ربما تصرين على أن أقول لك كل شئ .. فلست أنوى أن أتزوج من امرأة تخوننى تحت سقف بيتى مع أخى .. اليس هذا ما كنت تودينه ؟ "

وضعت كليوباترا يدها بعنف على كدمة دومنيك وشعرت بلذه كبيره إذ رأته قد شحب وجهه غيظا .. فنبهها قائلا : " لا تحاولى إعادة ما فعلته الآن .. وأرجوكى أن تخرجى من هنا فى الحال .. سنستعيد هذا الحديث عندما تستعدين وعيك ."

كانت تغلى غضبا.. فقالت قبل ان تختفى عن الأنظار : " سأذهب يا دومنيك .. لكنك لن تشترينى بسهوله .. ولا تنس أن بيريغرين ليس بخيلا ولديه الكثير لإعطائى .. ولورا استحقت كرمه أيضا .. انه يسرق حبيبتك كما فعل ترويلوس فى الماضى .. اليس الامر شديد الغرابه ."

من رأى تعبير وجه دومنيك فى هذه الأثناء .. يمكنه القول بأن كليوباترا كانت فخوره جدا لدى خروجها من هذا اللقاء .

وبعد فتره قصيره .. وجدتها لورا فى السرير .. وقد اعترتها نوبة بكاء وغضب .. وعرفت من تجربتها السابقه ان عليها ان تتركها حتى تهدأ وحدها .. أخيرا سألتها : " هل وبخك دومنيك بسبب نيكولا ؟ "

" وبخنى ! هل تعتبرينى تلميذه يؤنبها المعلم رافعا صوته ويجعلها تبكى ندما .. هذا ما يحصل معك انت .. لأنك وقعت فى حب دومنيك ! لا تنكرى .. لقد رأيت وجهك صباح اليوم عندما وصل الى شاطئ البحر ."

ارتجفت لورا لكنها توصلت الى الرد بعزة نفس قائله : " ما أشعر به تجاهه لا علاقة لأحد به ."

" أنت مخطئه ! دومنيك منزعج من ذلك .. إنه حزين لأنك اعتبرت لطفه ولياقته .. عواطف شخصيه.. ووكلنى أن أحذرك بخطورة الامر ."

قالت لورا ساخره : " هل أنت الآن تبكين لهذا السبب ؟"

ألم يسبق أن حذرها دومنيك بنفسه فى شكل سرى عندما كانا معا برفقة نيكولا .. بعد ذهاب كليوباترا وبيريغرين؟ بدأت الأمور تتضح فى راسها .

الحوادث مترابطه ...

تابعت كليوباترا تقول : " آن لك يا لورا ان تتعقلى .. دومنيك لا يفكر فيك ولديه نوايا أخرى .. صدقينى ! على كل حال يريدك ان تفكرى فى الرحيل من هنا ."

أجابت لورا فى صوت مطفأ : " حسنا وانت؟ هل وصلت الى اتفاق يناسبك فيما يتعلق بنيكولا؟ "

" آه .. نعم .. الوضع فى تحسن مستمر ! لن نذهب معك .. بكل تأكيد ."

" جيد جدا ."

فرحت كليوباترا لرؤية اضطراب لورا وارتخاء تقطيع وجهها .. وقالت لها : "تشجعى يا لورا الصغيره .. وفكرى جيدا بما ستفعلينه .. وسترين أن دومنيك ليس انسانا قاسيا ."

" ماذا تعنين بذلك ؟ "

" ألم تقولى له بأنى لا أدفع لك ثمن اهتمامك بنيكولا ؟ "

لم تفهم لورا اتهام ابنة عمتها .

" لم يسبق ان تذمرت لهذا الأمر ابدا ."

نهضت كليوباترا وجلست امام منضدة الزينه لتزين وجهها وقالت : "على كل حال .. فهم أنك تريدين بعض المال .. ولن يدعك تذهبين من هنا من دون أن يقدم اليك مكافأه ماليه لما قمت به من مساعدات تجاه نيكولا .. على الاقل سيعتبرك مثل أى موظفه جيده ."

" أشكرك لأعلامى بالامر .. لن أقبل درهما واحدا منه ."

قالت كليوباترا التى شفيت من أزمتها العصبيه فى سرعه رهيبه : " ستكون الضربه قاسيه لعزة نفسك ."

كانت لورا تبذل جهدا لكبت دموعها .. فخرجت بسرعه من غرفة ابنة عمتها والتقت بدومنيك فى أسفل الدرج .. فقال فى استغراب : " آه لورا .. هل بإمكانك أن تعطينى قليلا من وقتك ؟ أريد أن أحدثك ."

وبالرغم من رغبتها فى أن تتحاشاه اضطرت الى ان تتبعه الى غرفة المطالعه .. هل سيطلب منها بنفسه أن تغادر بانسيون ؟

سألها كأنه يأكد مخاوفها : " ما هى مشاريعك للمستقبل ؟ هل عندك وظيفه أكيده ؟ "

" كلا .. سأضطر للبحث عن وظيفه ."

" فى هذه الحاله.. اقترح عليك ان تبقى هنا ."

قالت بصوت متقطع وهى تتفحصه هامشيا : " لا أفهم ."

بدا لها غامضا ومتعبا وحزينا .. فقال : " لكن عرضى واضح للغايه .. أحب أن تستمرى فى الاهتمام بنيكولا ."

كان يتكلم وهو يذرع أرض غرفة المكتبه ذهابا وإيابا ..لم يفكر فى ان يدعوها الى الجلوس .. فاضطرت لورا أن تتكئ على جدار المدفأه لأنها شعرت فجأه أن قدميها تخوران .. فقالت : " تريد أن توظفنى كمربية أطفال ."

" يا إلهى ..لا ! بل آمل ألا يتغير شئ وان تبقى ضيفتى كما هى الحال الآن ."

همست تقول : " غير أننى فهمت أن إقامتى هنا قد طالت ."

" من قال لك هذا الكلام ؟؟ كليوباترا ؟ "

أجابت بألم : " لست فى حاجه لأحد كى أفهم أن وجودى هنا بدأ يثقل ."

" صحيح ؟ وماذا ستفعل لورا بحياتها عندما تترك بانسيون ؟ "

كان يتكلم كأنه يحادث ابنته الصغيره فى حنان .

فقالت لورا غاضبه : " كف عن معاملتى مثل ابنه صغيره .. انا أعيل نفسى منذ سنتين .. وقد بدأت أمل حركاتك ."

فقال منزعجا : " عفوا .. لا اعرف كيف أتصرف معك .. اسمعينى .. انا فى حاجه إليك يا لورا ."

شعرت بضعف يحتلها وقالت فى صوت غاب عنه الأمل : " ماذا تريد منى ؟ ماذا تنتظر منى ان افعله ؟ "

وفى عنف غريب .. أجاب فى الحال : " مالا يمكنك أن تعطيه لى أبدا .. هل توافقين على البقاء ؟"

" بما انك اتفقت مع كليوباترا فى ما يختص بنيكولا .. لا أرى ضروره للبقاء."

" هل رايت ابنة عمك بعد ظهر اليوم ؟ "

" نعم .. كانت فى حالة توتر غريب."

" ماذا قالت لك ؟ "

"فى خصوص نيكولا ؟ ان الامور تجرى فى الطريق الصحيح وأنها ستبقى معه فى بانسيون ."

" هل قالت لك اذا كانت تنوى الاهتمام بابنها هى .. بالذات ؟ "

" لا .. لم نتحدث عن هذا الموضوع .. بإمكان ميريام الاهتمام بالأمر بضعة أيام حتى العثور على تدبير آخر حسب ظنى ."

" هل يعنى ذلك أنك لا ترغبين حقا فى البقاء هنا ؟ كنت اعتقد ان المكان يروق لك وانك مسروره بوجودك هنا .. هل تريدين الذهاب للتهرب من بيريغرين ؟ "

" بيريغرين ؟ كلا .. إلى ماذا تلمح ؟ "

توجهت نحو الباب مقرره ان تنهى الحديث الغريب والمؤلم .. تقدم منها دومنيك وقال : " ماذا جرى يا لورا ؟ كان تصرفك معى غريبا خلال عطلة نهاية الأسبوع ."

" من الصعب على أن أكون طبيعيه مع السيد الجشع ."

" لم أعد أتحمل أن يقال لى انى سيد جشع .. هذا اللقب من تأليف بيريغرين .. ولا أريد ان اسمعه اطلاقا ."

" أطلب منك ان تعذرنى يا دومنيك .. لم اكن اقصد ان اجرح شعورك ."

" انا المفروض أعتذر منك ."

" هل ستغضب منى اذا قلت لك ان السيد الجشع لا يجب ان يعتذر ابدا ؟ "

جعلته يضحك .. لكنه عاد الى كان يشغل باله وقال : " لم آخذ جوابا بعد ."

" على ماذا ؟ "

" على عرضى ."

أعلنت فى مراره : " انك لا تخلو من العروض على ما اظن .. لقد قدمت عرضا الى ابنة عمتى منذ قليل ."

ولم يلاحظ حزنها وراح يشرح لها قائلا : " اريد ان اجنب نيكولا الوقوع فى تغييرات مفاجئه .. ذهابك سيؤدى به الى صدمه سيئه."

زلما رأى الحزن يرتسم على وجه لورا أسرع بالاضافه قائلا : "هل ارتكبت خطأ آخر من جديد ؟ أريد أن اقول فقط ان الصبى يحب مومو كثيرا .. واذا كان العائق ماديا .. فسوف تنالين معاشا محترما ."

تذكرت كلمات كليوباترا وقالت : " ومكافأه عندما أغادر ؟ "

تقلص وجه دومنيك من دون ان تلاحظ وقال : " طبعا .. اذا كان ما كنت ترغبين فيه .. عليك ان تربحى قوتك وانى افهمك جيدا ."

حل الغضب مكان طبيعتها الناعمه وصرخت تقول : " لن أقبل منك درهما واحدا ! مع كليوباترا كل الحق ان تحذرنى من نواياك البشعه ! "

وانفجرت بالبكاء .. فهمس بصوت مرتج : " يا عزيزتى .. لم اكن اقصد ان اجرح شعورك .. ماذا اخبرتك ابنة عمتك اللعينه ؟ "

كلمة " لعينه " صفه غريبه تطلق على زوجة دومنيك فى المستقبل .. فصرخت والدموع تنهمر فى قوه : " الحقيقه ! اذا بقيت .. فسأبقى من أجل نيكولا فقط وبامكانك ان تحتفظ بأموالك لنفسك .. لكن لا اعتقد اننى سأبقى .. آل تريفاين سخروا منى ما فيه الكفايه .. انسيت ان لى عزة نفس وكرامه !"

صرخ دومنيك : " لماذا وقعت فى الغرام ....."

فى هذه اللحظه بالذات انفتح الباب على بيريغرين الذى قال : " آه..آه ! لورا تبكى ! "

أمره دومنيك فى حده : " اخرج من هنا .. انت مترنح !"

لكن لورا تعلقت به وقالت : " خذنى من هنا .. يا بيريغرين .. لا اريد البقاء فى هذا المنزل ! "

رمق أخاه بطرفة عين وامسك الفتاة واخرجها من المكتبه وسألها : " هل تعتقدين انى مترنح حقا ؟ "

فأجابت لا مباليه وهى تجفف دموعها : " لا اعرف .. لماذا عدت باكرا ؟ "

" هكذا بدافع الفضول .. او بالاحرى بسبب ندمى .. تركت ارملة اخى الرائعه تواجه غضب دومنيك وحدها .. هل وبخها كثيرا بعد حادثة الصباح ؟ "

" اتصور ذلك .. لكن ..."

" لكن المحتاله نجحت فى الانتصار على الموقف وتحويله الى صالحها .. هلى توصلت الى معرفة مشاريع أخى المستقبليه ؟ "

" نعم ."

" حسنا ! اذهبى واغسلى وجهك وتعالى الى هنا بعد نصف ساعه لآخذك الى ناد ليلى .. يجب ان أتكلم مع ابنة عمتك ."

صعد السلالم ولما وصل اعلاها .. التفت الى الوراء .. كانت لورا ما تزال مسنده خدها على حصان القارن .. فقال قبل ان يتوجه الى غرفة كليوباترا : " آه .. أيتها الغبيه الصغيره ! "

كانت كليوباترا ما تزال جالسه أمام منضدة الزينه تنهى تزيين وجهها فقال بيريغرين : " مرحبا يا عزيزتى .. يبدو انك عانيت مشاكل كبيره مع اخى الكبير ؟ "

كذبت تقول : " وذلك بسبب مآثرك ."

" وماذا بعد ؟ "

" لم أحصل على ما كنت أريده ."

" لست أستغرب الأمر يا جميلتى .. دومنيك ليس كبقية آل تريفاين .. لذلك ليس مؤهلا ليكون لك ."
لاحظ استياءها فأضاف : " اكتفى بما عرض عليك .. لماذا تصرين على الزواج منه ؟ لا أعرف انك تتمتعين بحس خلقى ."

كادت ان تخبره تفاصيل لقائها المهين .. لكنها لم تثق ببيرى الذى لا شك يريدها له .. فاكتفت بالقول : " اقترح على أن يهتم بنيكولا ماديا ومعنويا."

" يجب عليك أن تقبلى هذا العرض من دون تأخير بدل الاستمرار فى العناد على الزواج ."

" إذا اراد دومنيك الحصول على حضانة نيكولا .. فهو فى حاجه لأن يقبل شروطى ."

" يا لك من امرأه حقود انتقاميه ... ما بك يا كليوباترا ؟ لا تعاندى فى حماقه وتفاهه .. فى الحقيقه .. انت تأملين فى التخلص من نيكولا كمان انك لا تشعرين تجاه دومنيك بأى عاطفه .. ماذا اذن ؟ "

فقالت فى تحد : " انا ارأه انتقاميه وحقود مثل آل تريفاين !"

اصطحب بيريغرين لورا الى _ سانت موان _ .. لقد ندم على دعوته لكنه لا يريد ان يتراجع .. ومن جهتها شعرت لورا بارتياح للابتعاد عن بانسيون .

فى آخر الحانه المليئه بالضجيج والضحك .. بدأ الحديث يمتد وبدا بيرى سئ المزاج .

قالت لورا لنفسها فى صوت مرتفع كعادتها : " لا أريد الالتزام . "

" الالتزام بماذا ؟ "

" الالتزام بقضايا بانسيون ."

" لكنك التزمت يا حلوتى ! الم تهبى قلبك السخيف الى السيد الجشع ؟ "

فقالت فى حزن : " نحن الاثنان تعيسان .. اليس كذلك ؟"

فى هذه اللحظه بالذات .. انتبه بيرى الى صمت عابر فى الحانه .. فشعر بقلق والتفت نحو الباب وتبعت لورا نظره .

كان يحدق فيهما بتعبير رهيب جعل الفتاه تطلق صرخه قويه .



*نهــاية الفصــل الثــامن*

katy_1989 01-04-14 12:40 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*بــوادر الرحـيــــل*



ظهرت صورة دومنيك على ضوء الحانه .. وخيل للورا خلال لحظه قصيره أنها سوف تفقد وعيها.

اقترب دومنيك من طاولتهما وسأل فى لهجه عاديه : " هل أنتما مستعدان للعوده؟ "

كانت الفتاه تنتظر حصول انفجار غاضب .. لكن هدوئه المفاجئ كان بمثابة الماء البارد .. فأسرعت تقول : " نعم .. نحن عائدان .. اليس كذلك يا بيرى ؟"

وبدل القبول تمكن الرجل فى كرسيه وقال : " اسمعنى جيدا يا دومنيك .. لا أسمح لك أن تظهر فجأه لتعكر صفو تسليتى وتفرض على الأوامر ."

" ليس هذا أمرا بل مجرد سؤال .. هل انتى مستعده للعوده يا لورا ؟"

أجابت فى تخوف : " نعم ."

نهضت ثم قالت لبيرى الذى كان غاضبا ولم يكن يعى اشارات الغضب عند أخيه : " تعال يا بيرى .. لقد أمضينا وقتا سعيدا .. أما الآن فحان وقت العشاء ."

" تفضلى بالجلوس يا لورا العزيزه .. أردت الخروج معى وستعودين عندما أقرر أنا ذلك ."

لم تعد قدماها تحملانها .. فاضطرت للجلوس .. فقال بيرى : " حسنا ! والآن ياأخى .. دعك من التصرف ككلب حراسه ."

نظر دومنيك إلى لورا قائلا : " لنعد الآن ."

وأخذ لورا خارج الحانه .

ولما صعدت الفتاه الى السياره قالت : " ما كان يجب عليك أن تتصرف هكذا ."

" فى الحقيقه .. لاحظت أن وجودى أزعجكما .. هل كنت تحاولين الوصول الى أهدافك؟ "

وراء لهجته المحايده لاحظت لورا مراره ورمقته بنظره خاطفه وقد اخمرت وجنتيها : " ماذا تقصد بهذا الكلام ؟"

" كليوباترا على علم بدسائسك .. وانشغل بالها عليك ."

" هل هى من أرسلتك لأنقاذى ؟ "

أكد لها دومنيك قائلا : " فى هذه الحانه .. آل تريفاين لديهم شهره واضحه . وليس ممكنا أن يحدث لك شئ .. لكن ربما استيقظت فى الغد نادمه على ما يمكن أن يكون قد حصل لك .. وستكون قضية بيريغرين ! .."

هذا المزاج البارد أرعب لورا وتذكرت كلمات دومنيك لأخيه : " هل تنوى أن ترميها على العشب فى طريق العوده ؟" هل جاء الى الحانه بفعل الواجب .. ليخلص فتاه صغيره حمقاء من المأزق الذى وقعت فيه ؟ .

امتلأت عيناها دموعا .. يا لهذا النهار ! المشاكل تنصب عليها منذ الصباح .. كان بامكانها أن تشعر بسعاده .. وهى جالسه قرب دومنيك فى هذه الامسيات الجميله من أمسيات الربيع ! لكن كبير آل تريفاين أصبح غريبا بالنسبه لها .. ولما وصلا الى حافة جبل صخرى .. على الطريق المؤديه الى بانسيون .. أوقف السياره فجأه وقال فى لا مبالاه محيره : " لنشاهد غياب الشمس ."

التفت نحو لورا وهمس قائلا : " تبدين متعبه ."

قالت فى جهد : " النهار كان قاسيا .. بين العنف والصراخ والعراك والمشاكل .. آل تريفاين لا ينفعلون بسهوله لهذه الامور التافهه !..."

هز دومنيك حاجبيه وقال : " عن أى عنف تتكلمين ؟ "

" كان الغضب أكثر من الحنان ولست أنا سبب ذلك ."

ابتسم واسترخت أسارير وجهه .. ثم قال : " أنت السبب."

" كلا!"

" بلى .. ما كان يجب أن تنادينى بالسيد الجشع .. هذا اللقب الذى أطلقه أخى على .. حتى ولو كنت تمزحين ."

" اذن أطلب منك السماح .. لكن ...."

" لكن ماذا ؟ "

" أنا .. على كل حال .. أليس ما فعلته طريقه غريبه لعقابى ؟ "

" صحيح ؟ أنت تجهلين تماما ردود فعل الرجال ."

اعترفت بتواضع : " وخصوصا ردود فعلك انت .. انت تمر بسرعه غريبه من اللطف الى القسوه .. لا أستطيع أن أتبعك ."

" اللطف .. هل تعتقدين أن هذا كل ما عندى لأقدمه لك ؟"

أعلن دومنيك وهو يتبع بعينيه أضواء السياره الخلفيه التى كانت تتموج فى خطوره على الطريق الضيقه : " سيصل بيريغرين الى بانسيون قبلنا ."

فى الغد .. كأن شيئا لم يكن .. لا شئ تغير فى بانسيون .. العلاقات التى يعيشها آل تريفاين مع بعضهم ادهشت لورا حتى الذهول .. بيريغرين هو نفسه لم يتغير .. راح يتصرف بغطرسه وخيلاء .. ودومنيك برغم اشارات التعب على وجهه كان يقوم بأعماله كالعاده .. وكليوباترا التى لم تظهر منتكسة المزاج .. كانت تتسكع فى أرجاء المنزل كالعاده .

قالت لورا لميريام : "انهم ذوو متانه منيعه .. وأوفياء مع أنفسهم ."

وبينما كانت تتكلم .. لاحظت أنها اعتبرت كليوباترا جزءا من اعضاء عائلة آل تريفاين .

قالت ميريام : " ألم يخطر فى بالك ان كل ما حدث فى الايام الاخيره سببه عنصر غريب ؟"

رددت لورا ما قالته ميريام : " عنصر غريب؟ "

" اللطف والنعومه والبراءه والطهاره بامكانها ان تسبب خرابا ودمارا عند الناس الذين لم يتعودوا عليها."
" هل أنا مثلا العنصر الغريب ؟"

أمام دهشة لورا .. هزت ميريام رأسها بقوه .. فسقط من رأسها دبوس شعر وقالت :" طبعا .. الم تلاحظى ذلك من قبل .. بالرغم من قدرة كليوباترا على السحر والاغراء .. فهى تشبه آل تريفاين كثيرا ولذلك فانها لا تفاجئهم .

إنها تعجب بيرى وهذا شئ طبيعى .. لكن دومنيك لم ينس والدته وانت تقريبا مثلها ."

غالبا ما تختبئ الحقيقه فى تعابير ميريام الغريبه .. فطرحت لورا عليها السؤال الذى سبق ان طرحته على دومنيك : " كيف كانت والدة دومنيك ؟ "

ونالت الجواب نفسه : " ناعمه وراضيه ومتسامحه .. مثلك يا ابنتى .. كانت تحب أيضا القصص الخرافيه والاساطير وتحلم كثيرا .. وزكارى كان يكبرها بالسن ولم يفهمها بتاتا .. وكان عزاؤها المطالعه والشعر وكل ذلك .. بفضل دومنيك طبعا ..."

" ولما توفيت تأثر كثيرا أحس بوحشتها .. اليس كذلك ؟ "

" كان عمره ثمانى سنوات وكان ناضجا أكثر من عمره .. فتألم لفقدها .. ولا شك أن هذا هو السبب الذى من أجله يشعر بالحنان تجاه نيكولا ."

" نعم .. انت على حق .. انه ينوى ان يربيه هنا ."

" طبعا ! دومنيك لا يريد أن يتألم نيكولا بالحرمان نفسه .. كما انه قلق كثيرا على طباع الولد الموروثه عن والديه ."

" والدته .. أيضا ؟ "

" الا تعتقدين أن ابنة عمتك ليست اكثر اتزانا من تروى ؟ "

" انت لا تحبين كليوباترا .. اليس كذلك ؟ "

كانت ميريام تنظر بعينين شاردتين الى ما وراء النافذه وتقول : "انا لا اكرهها ولا احبها .. على كل حال .. ليس لهذا اهميه مادامت غير باقيه هنا مده طويله .. هلى ترين اين سقط دبوس شعرى ؟"

راحت لورا تبحث عنه تحت الاثاث وتقول : " لكن يا ميريام .. انت تعرفين أنهما ... أنهما سيتزوجان .. من اجل مصلحة نيكولا ."

" آه لا .. ليست هذه مصلحة نيكولا ..."

فى اليوم التالى بعد العشاء .. تصرف بيريغرينمره أخرى بطريقه رديئه .. كان يحاول من جديد أن يستميل حب نيكولا باستعماله شتى الطرق .. غير أن الصبى رفض الاقتراب منه .. وكلما اصر بيريغرين عليه .. ازداد تعلقا بأحضان دومنيك .. اخيرا .. أمر هذا الأخير أخاه أن ينتهى من هذه المسرحيه فقبل بيريغرين معلنا فشله .. لكن الوضع تفاقم عندما راح نيكولا يهتف عاليا : " إنى أكره عمى بيريغرين ! أنه الشيطان .. ويقول آموس إنه سيذهب الى الجحيم .. لم يعد حصانى !"

قهقهت كليوباترا بأعلى صوتها .. لكن بيريغرين تصرف مثل ولد مراهق .. اذ لم يكن يسمح لنفسه ان يعامله احد بهذه الطريقه التافهه امام الكبار .. فرمى بفنجانه على رأس الصبى وراح نيكولا يختبئ فى أحضان دومنيك صارخا برعب .

صاح دومنيك وهو يداعب رأس الولد : " كفى يا بيريغرين .. أنت تتصرف كأبله !"

نهض بيريغرين وخرج من الصالون كالمجنون ولحقت به كليوباترا .

غير أنها لم تكتف بالنظر الى دومنيك .. ولاحظت فى اندهاش انه يعرف كيف يعامل ابن اخيه مستعملا اللطف والقسوه فى آن واحد .. وارتاحت وهى تقول لنفسها .. عن ان نيكولا فى أيد أمينه .

ولما حان وقت النوم .. رفض نيكولا الذهاب الى فراشه .. طلب من عمه ان يقص عليه حكايه .. كان دومنيك سيغتنم الفرصه ليلقن الصبى درسه الاول ويعلمه الطاعه .. لذلك أسرعت لورا فى التدخل قائله : " لا تفسد الامور يا دومنيك .. مازال أمامك الوقت كله لتعلمه الطاعه والأدب .. لقد حصلت لتوك على حبه وعطفه .. ولهذا يستحق بعض الأستثناء ."

قهقهه دومنيك وقال : " انت فتاه رائعه ! "

" رائعه ؟ "

" هلى هذا التصريح يدهشك ؟ انى أتساءل ما اذا كنت مخطئا فى بعض وجهات النظر ."

كان يتكلم بغموض لم تفهم حقيقته .. فأبعدت عينيها لتتأمل المنظر من خارج النافذه .. ان كومة الانقاض التى تضيئها شمس المغيب .. كانت دات جمال غير عادى فقالت : " أنظر ! هذه الانقاض المرعبه تبدو وكأنها أبراج قصر مسكون !"

نظر صوب الأنقاض وهو يشعر باضطراب .. لقد غيرت الموضوع بلباقه وذكاء .. انتابه انفعال غريب .. فأمسك بمعصم لورا وقال : " أريدك أن تبقى ! انسى ما قلته البارحه ."

راحت تتأمله وتقول : " كنت غاضبه .. سأبقى طبعا .. مادامت كليوباترا فى حاجه لى ."

" شكرا .. لقد وصلت ابنة عمتك الى اتخاذ قرار نهائى .. على ما أظن ."

" هل نجحتما فى الاتفاق ؟ "

" اعتقد ذلك ."

اخفضت لورا رأسها غير قادره أن تتحمل نظرة دومنيك الزرقاء .

وذات صباح .. التقت لورا بدومنيك صدفه فى ساحة المنزل .. وتسلحت بالشجاعه لتقول له كل ما يدور فى أعماق تفكيرها : " اعتقدت أن إغلاق المصنع خلال العطله سيعطيك المجال للتمتع بأسبوع أجازه ؟"

كان واقفا أمامها .. طويلا قويا وممشوقا .. فقال شارحا ومبتسما : " هذه العطله هى للعمال أكثر مماهى لأصحاب العمل .. يا لورا المسكينه .. هلى تحلمين بالذهاب الى التسوق فى المدينه أو بالقيام برحله فى الهواء الطلق ؟ "

" أفضل اكتشاف المنطقه .. انا هنا منذ شهرين ولم أخرج تقريبا من هذا المنزل ."

أجاب بلهجه ساخره : " بإمكان بيريغرين أن يتطوع لإخراجك ! العمل لا يمنع تحقيق ذلك ! "

" إنه يفضل رفقة كليوباترا ."

" آه ! وهذا ما يزعجك ! ابنة عمتك تناسبه أكثر منك .. لو كنت مكانك لاستسلمت لهذا القدر ."

فوجئت الفتاه وظلت تنظر اليه حتى توارى داخل المستودع .. هل يعتقد أنها تغار من كليوباترا؟"

صرخت تقول : " اننا فى حالة الوصول الى الجنون ..هنا ! "

سألها دومنيك وهو خارج من المستودع وبيده بعض الأدوات : " كيف نجن ؟ صحيح يا لورا عليك ان تقلعى عن عاة التكلم بصوت مرتفع .. ستفضحين نفسك فى يوم من الأيام ! "

وعلى أثر هذا الكلام .. اختفى وهو يترنم بأغنيه معروفه .

عادت لورا الى المنزل وصعدت الدرج ولا حظت ان باب غرفة كليوباترا مفتوح .. فخاطرت بالدخول .

كانت كليوباترا تخرج كل ملابسها من الخزانه وترميها أرضا فسألتها : " ماذا تفعلين ؟"

" احضر لك عملا.. تقصير ملابسى .. تنظيف .. أغراضى أصبحت خرقا..."

فقامت لورا فى الحال بتحويل الملابس الى أشياء مرتبه .

لامتها لورا : " كان بإمكانك ان تعطينى ملابسك الواحد بعد الاخر بدلا من ان تدعيها تتكدس هكذا ."
" من أين تريديننى ان أبدأ ؟"

اجابتها كليوباترا فى وقاحه : " انى بحاجه اليها جميعها .. سأغادر بانسيون عما قريب .."

" متى ؟"

" بعد أسبوع تقريبا .. هذا يتعلق بأمور كثيره ."

شعرت لورا بحزن وقنوط .. لا شك ان الامر يتعلق بدومنيك.

" اعلمينى بموعد ذهابك متى تحدد .. اريد اعلام صاحبة المنزل حيث أقطن أن تحجز لى غرفه صغيره وانى بحاجه لبضعة ايام لانذارها بالأمر ."

" آه .. أنت أيضا ستغادرين ؟"

" بالطبع .. هل ستحتاجين الى لأهتم بنيكولا خلال رحيلك ."

" كلا .. سيبقى هنا ."

جلست لورا على السرير وقد خارت قواها فجأه .. عرفت أن كليوباترا ودومنيك قد عقدا مساء أمس اجتماعا سريا لمناقشة الوضع ولا شك انهما توصلا الى الاتفاق.

قالت كليوباترا : " قال لى دومنيك إنك ستبقين هنا للاهتمام بنيكولا ."

" نعم .. بقدر ما يكون وجودى ضروريا ."

" إذن .. اتفقى على هذا الامر مع دومنيك ."

تنفست لورا الصعداء وقالت : "كليوباترا .. هل حققت أمنياتك .. هل أمنت مستقبل نيكولا ؟ "

" نادرا ما تأخذ الامور الطريق الذى نتمنى ان نسلكه .. لكنى أشعر برضى .. نعم .. لم يعد لمستقبل نيكولا أى مشكله ."

سألت لورا وحلقها مضغوط .. متأكده من ان جواب كليوباترا سيبدد كل الاوهام ويعلن نهاية أحلامها .

" وماذا عن مستقبلك ؟ "

ظلت كليوباترا شاردة الذهن وقالت فى ابتسامه ناعسه : " كل حياتى .. تعودت أن أترك قدرى للصدف .. وهذا افضل . " إذن .. لن تعودى الى بانسيون ؟ "

" طبعا سأعود .. يا ابنة خالى الساذجه .. انى اعرف تماما ما بداخل افكارك .. لا ..لا ..لا تفرحى بسرعه !"

ستتغيب كليوباترا الوقت اللازم لتهيئ نفسها نهائيا للعيش هنا .


*نهــاية الفصــل التــاسع*

katy_1989 01-04-14 12:50 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
*الـــرداء الأبـيـــض*


شارف اسبوع العطله على نهايته ومازالت لورا خائبة الأمل .. لن تحمل معها حتى ذكرى نزهه جميله عندما تغادر هذا المكان وهذه المنطقه .. سألت دومنيك : " ألا يمكنك ... مادمت سأغادر عما قريب ... أن تصطحبنى على الأقل إلى المصنع ؟ "

" كنت سأبقى بقدر ما تحتاج كليوباترا إلى .. لكن مادامت سترحل ..."

" هى التى قالت لك هذا الكلام ؟ "

" نعم .. وقالت لى أيضا أنها ستعود ."

" أفهم الآن .. لكن نيكولا سيكون فى حاجه اليك على الأقل فى غيابها ."

" دومنيك ..."

قاطعها بجفاف : " دعى العذاب فى أمور لا تتعلق بك .. أنا أعتمد عليك فى الاهتمام بالصبى والسهر على راحته وصحته وحاجاته إلى أن تتخذ كليوباترا الإجراءات النهائيه ."

ظهر بيريغرين فجأه وقال : " كم أنت حزينه .. وياللأسف لم يخرج بك أحد فى هذه الأيام الأخيره ! غدا سأصطحبك لزيارة المنطقه .. ما رأيك ؟ "

لم تكن لورا تتمنى قضاء النهار برفقة بيريغرين .. فمنذ حادث الحانه بدأت تتحاشى تصرفه الغريب .. همست تقول : " لا تقلق على ولا سبب لتعذب نفسك من أجلى .. أفضل فى جميع الأحوال رؤية المصنع قبل الرحيل .. وهذه ليست شيئا بالنسبه إليك ."

" ولم لا ؟ بإمكاننا اصطحاب نيكولا معنا .. ربما أجد فرصه كى أستميل حبه من جديد ."

قبلت لورا عرضه فى حماس ..شاعره بالأمان لوجود نيكولا .. وفى الصباح .. قال بيريغرين لكليوباترا وهو فى طريقه إلى المصنع : " تعالى معنا يا عزيزتى ."

كادت أن تقول نعم عندما أضاف : " فكرى فى الأمر مليا .. الرقم ثلاثه ليس رقما جيدا .. وربما مرض ابنك مره أخرى ."

قالت فى غضب : " إذن لماذا تدعونى لمرافقتك ؟ "

فى هذا الوقت بالذات لم يعد للورا رغبة فى الذهاب .. إضافه إلى ذلك بدأ نيكولا يسبب بعض الصعوبات .. فهو يريد أن يتنزه مع عمه دومنيك وليس بيريغرين .

قالت كليوباترا فى احتقار : " لا أرى ما يمكننى فعله فى المصنع ."

أجاب بيريغرين : " وأنا كذلك .. لكننى سأغتنم الفرصه لاستمالة عطف نيكولا من جديد ."

جلست لورا منزعجه فى السياره قرب الصبى الذى كان يحتج ويعارض .. ثم اقترحت على كليوباترا فى خوف قائله : " تعالى يا كليوباترا ."

" آه .. لا ! سبق أن قال بيرى أن الرقم ثلاثه ليس جيدا .. فضلا عن إنى سأغتنم فرصة غيابك لأعجل فى اتمام أمورى ."

تبددت مخاوف لورا لدى وصولها الى المصنع .. فقد سحرها المنظر وخاصة الآلات الجامده التى تشبه الهياكل وكذلك المبنى الصامته .

أعلنت قائله : " كأنها مملكه الموت .. كأنه عالم ضائع ."

انفجر بيرى ضاحكا وقال : " يالهذه الخيالات ! فى الأيام العاديه ليس للمصنع هذا المنظر .. ولدينا هنا كل وسائل الراحه .. اتبعينى .. دعينى أريك كل ما ترغبين به ."

تركا نيكولا يلعب ودخلا إلى منزل مبنى من الخشب .

" هذا جناح الراحه .. لا ينقصه شئ .. هل تحبين قضاء الليله هنا ؟ "

أراد بيرى دون شك أن يعاكسها .. فقررت أن تجهل ما يلمح إليه وقالت فى هدوء تام : " أعتقد أن الوقت قد حان للعوده .. الضباب بدأ يتكاثف ."

وبدت على شفتى بيريغرين ابتسامه سيئه .. فأضافت شاعره بعجلة العوده الى بانسيون : " سآتى بنيكولا .. لا شك أنه يشعر بالبرد ."

" لا .. سأذهب أنا مكانك .. وبينما تنتظرينى يا لورا الجميله .. سأقفل عليك الباب خوفا من ان تقعى فى حفر المصنع العديده .. سأعود إليك بسرعه ."

ولما أفاقت لورا من دهشتها .. كان قد أقفل الباب وراءه بالمفتاح .. أسرعت الى النافذه وشاهدته يتوجه نحو الساحه .. لماذا يلعب معها هذا الدور التافه ؟ لم تكن خائفه تماما .. لكن الضباب تكاثر بسرعه هائله وأن وقت العوده فى الحال .

عاد بيرى حاملا نيكولا الذى جن رعبا والذى ارتمى فى أحضان لورا وراح يبكى .. فسألته : " لماذا أغلقت الباب بالمفتاح من جديد ؟ كفى مزاحا.. لنعد الآن ."

" ليس هذا مزاحا .. سنبقى هنا ."

قالت رافضه أن تدع الخوف يحتلها : " ما بك يا بيريغرين .. علينا أن نسرع ! اذا تأخرنا فسيكون سلوك الطريق خطرا فى هذا الضباب الكثيف ."

" صحيح .. الحظ يحالفنى .. هذا الضباب غير المنتظر يخدم مخططاتى ."

فى هدوء تام .. مددت لورا نيكولا على أحد الأسره وغطته ثم التفتت الى الرجل .. مكتفة الذراعين مثل ممرضه مستعده لحماية طفل عهد به إليها .

" لا يمكن أن تأسرنا هنا!"

" لكن هذا ما كنت أنوى فعله.. وحتى لو لم يكن هناك ضباب ."

" لكن لماذا .. لماذا ؟؟ ماذا تأمل بذلك .. هل تريد أن تجعل كليوباترا تغار ..."

" هلى تعتقدين ذلك . لابنة عمتك كل الاسباب كى تغار منك ."

" ما تقوله أشياء تافهه وحمقاء .. كفى تسليه يا بيريغرين .. لنعد الآن ."

" ليس واردا يا عزيزتى ."

فجأه صار تعبير وجهه تهديدا واضحا فاقترب منها ودفعها على أحد الأسره وقال : " الم أقل لأخى الكبير .. السيد الجشع .. أنه سيندم على ما فعله بى .. تلك الليله عندما اصطحبتك الى الحانه ؟ فانتظرت بصبر الوقت المناسب للانتقام منه .. فكرت أين اختفى مع نيكولا بضعة أيام ."

لن يقلق بال دومنيك الا ليله واحده .. لكن أى قلق سيكون عندما تكون عفة فتاه فى خطر ..."

لم يكن بيريغرين يمزح وبدت لورا متأكده تماما من ذلك .. غير أنها لم تستسلم للخوف وقالت باحتقار بارد : " نحن الآن فى خضم المأساه .. وكل ذلك لأنك تريد الانتقام !"

قال ساخرا : " من الآن حتى نهار الغد ستفقدين هذه الهيئه المتعاليه يا عزيزتى ."

قالت وهى تنظر اليه بملء عينيه : " اذن .. انت تنوى ايذائى ؟ "

لو سمعتها العمه فلورا لآنتابها الذعر .. وأمام هذه الفكره احمرت وجنتا الفتاه رغما عنها .

" آه .. انت تحمرين برغم ذلك ! سيندهش السيد الجشع من أسلوب نعجته البيضاء ! "

راحت توبخه وتقول : " لا تنعته بهذا اللقب ! أنت تتصرف متل مراهق يغار من أخيه الكبير .. لقد نجح دومنيك فى استمالة عطف نيكولا وحبه .. وما عليك الا قبول الامر الواقع والاستسلام !على كل حال لن يقلق على الولد لأنى موجوده معه ."

وراح بيرى يرمقها بنظراته الجاحده .. ثم قال : " اذن .. لم تفهمى شيئا .. سيقلق دومنيك عليك أكثر من قلقه على نيكولا ! أنا خطفت الشخصين العزيزين على قلبه .. أكثر من أى شئ فى العالم ..أليس هذا رائعا ؟ فى ليله واحده سيدفع ثمن الاهانات التى كبدنى اياها ."

لم تتحرك .. اضطرت الى ظبط نفسها بينما بيريغرين يتكلم .. ثم أطلقت زفره مرتجفه من شفتيها فقال مستغربا : " ألم تشكى حقا بأى شئ ؟ الست امرأه يجب أن تتمكن من كشف الحب الذى يخفيه وراء تصرفاته كرب عائله غيور ؟ "

أجابت فى توتر : " انه يعاملنى كابنه صغيره .. كنت أعتقد العكس .. انه يمل عواطفى اتجاهه ولقد حذرنى ..."

" حذرك منى .. أنا متأكد من ذلك .. لقد أقنعته كليوباترا أنك مغرمه بى ."

انتصبت لورا متعبه ومذعوره .. أخيرا بدأت الامور تتجلى وتتضح ! الدفاع الذى حدثها عنه ! بريق العواطف الذى اعتبرته لطفا فحسب ! كانت استطاعت معرفة كل شئ منذ البدايه لو لم تقم كليوباترا بتضليلها .. خيانة ابنة عمتها ألمتها بشده .

وكان بيريغرين قرأ ما يجول فى خاطرها .. فقال : " كلا يا عزيزتى .. ليست كليوباترا عميله هذه المره .. لا شك أنها كانت تشعر برغبه فى أن تنتقم هى أيضا من دومنيك لأنه رفض الزواج منها .. لكنها لا شك تفكر بمشاريع أخرى .. لو كانت ذكيه لجعلته يوقع الليله على صفقه رابحه فيدفع لها مبلغا معينا .. وأنا ربما كرست نفسى لأن أخذها معى الى المذبح لنعقد زواجنا .. هل أنت راضيه الآن ؟"

قالت فى عنف مفاجئ : " علينا أن نعود ! والا فسيأتى دومنيك بنفسه لأخذنا .. ستقول له كليوباترا أين نحن الآن ."

أطلق بيريغرين ضحكه واسعه وقال : " الا تشاهدين حالة الطقس ؟ يكون مجنونا من يجرؤ على الخروج .. دومنيك محكوم عليه أن يترك حبيبته برحمتى ."

نظرت لورا من النافذه واكتشفت رداء سميكا أبيض ملتصقا بالزجاج .. فقالت وهى تقف لتذهب قرب نيكولا : " حسنا .. سنقضى الليله هنا .. إذن ."

أعلن بيريغرين فى فرح : " لن نموت جوعا .. فقد اصطحبت معى سلة مليءه بالمأكولات وهى داخل صندوق سيارتى."

هذه الخطه أزعجت لورا كثيرا .. فاقتربت من بيريغرين وصفعته قائله : " بامكان أن تسخر منى ومن قصصى حول القراصنه .. لكنك أنت وانتقاماتك الرديئه .. دلاله على أنك ما تزال تعانى من أمراض المراهقه !"

وضع بيريغرين يده على خده وقال فى هدوء رهيب : " ستندمين على ما فعلته الآن .. لدى كل الليل حتى تدفعين الثمن ."

فى بانسيون بدا النهار طويلا ومملا .. تصرفات بيريغرين الغريبه أيقظت الشكوك فى نفس كليوباترا .. لكنها ظلت رافضه الدخول فى اللعبه .

عاد دومنيك الى المنزل فى الساعه الخامسه والنصف .. قطب حاجبيه عندما عرف أن المتنزهين لم يعودوا بعد .

" آمل الا يتأخروا فى العوده فالضباب بدأ يلف الجو ."

أجابته كليوباترا : " لا شك أن بيريغرين يقود سيارته فى بطء على غير العاده ."

كانت تجهل مخاطر الطرقات التى لا ضوء فيها .. خاصه على حافة الجبل الصخرى .

ومع مرور الوقت بدأ القلق يدخل الى قلبها .. ولم تكن تخشى وقوع حادث مثل دومنيك .. كانت متأكده الآن أن بيريغرين قرر الانتقام .. ليس فقط من أخيه .. بل منها أيضا هى التى قررت الزواج منه .

فى السابعه .. تخلى دومنيك عن ممارسة مهماته وراح يمشى ذهابا وايابا حتى وصل الى الباب الخارجى واخيرا اقترحت كليوباترا عليه : " لماذا لا تتصل هاتفيا بالمصنع ؟ "

" حاولت دون جدوى. "

" أنهم فى طريق العوده .. إذن ."

" كلا .. وأنت تعرفين ذلك جيدا ."

" لو كانوا ما يزالون هناك لرد أحدهم على الهاتف .. نيكولا يحب الرد على الهاتف ."

" ليس بالضروره .. الهاتف يقع فى المكتب وفى المصنع غرف مريحه أكثر لقضاء الليل ."

" أنا متأكده أن بيريغرين كان قد اتصل بنا لو أن الضباب هو المانع ."

" هل تعتقدين ذلك ؟"

ران صمت ثقيل بينهما .. كان دومنيك يمشى طولا وعرضا فى أنحاء الصالون .. فجأه توقف أمام كليوباترا وقال : " ألا تعتقدين أن الوقت قد حان للكلام ؟ "

همست لتربح بعض اللحظات : " لا أفهم "

قال دومنيك فى برود : " أنت تضيعين الوقت .. مهما حصل فى هذه الليله .. فلن تتغير حقيقة مشاعرى ."

شعرت كليوباترا بألم حاد لاكتشاف هذا الحب الكامل الذى لم تعرف مثله ابدا .. قالت بتهكم : " طبعا ستأحذ بقايا بيريغرين .. كما كنت مستعدا أن تأخذ بقايا ترويلوس من قبل !"

صفعها دومنيك على وجهها وقال : " هذه هى اللغه الوحيده التى تفهمينها .. والآن اسمعينى .. مساء أمس وصلنا الى اتفاق فى ما بيننا .. ستكلين نيكولا الى وسيكون فى عهدتى لقاء مبلغ من المال .. أنا مستعد أيضا لأن أعطى بيريغرين حصته من هذه المؤسسه .. لكن ابتداء من نهار الغد .. ستغادرين منزلى .. هل فهمت ؟ .. ماذا هناك يا ميريام ."

ارتعبت كليوباترا من عنف دومنيك ورحبت بقدوم ميريام .. التى قالت دون مقدمه : " هدئى أعصابك يا عزيزتى .. لن يعودا هذا المساء ."

قضى دومنيك ليله مرعبه ولم تتركه ميريام لحظه واحده .. بل ظلا ساكتين ولم يفكرا بكليوباترا التى صعدت الى غرفتها .. ذلك أنها لم تعد تنتمى الى عالمها .. وفى الخامسه صباحا قال دومنيك معلنا : " الضباب يخف .. وبامكاننا الذهاب الآن ."

وكانت ميريام تريد أن تقترح عليه مرافقته الى المصنع .. فقالت : " سأتولى أمر الصبى لأنه سيكون لديك أشياء أخرى تفعلها ."

أجابها بحنان : " يا عزيزتى ميريام .. لا شئ يفاجئك مطلقا .. لا شك أنك تلوميننى بسبب جهلى وعماى ! "

" نعم .. أحيانا ألومك .. لكن يجب دائما أن يتحلى المرء بالثقه ."

لما وصلا الى المصنع .. أطلق دومنيك بوق سيارته فظهر بيريغرين أمام الباب فى الحال قائلا : " وصلت متأخرا !"

صرخ دومنيك الذى غادر سيارته على الفور : " أين هما ؟ "

أشار بيريغرين برأسه الى داخل البيت وأجاب : " هنا نائمان .. لا توقظ نعجتك .. لا توقظ نعجتك عليها أن تستريح بعد هذه الليله المضطربه .. إنها ......"

امسك دومنيك بياقة قميص أخيه بعنف جعله يتوقف عن الكلام وقال له : " منذ زمن طويل وأنت تحاول ايجاد مبرر للعراك .. ستحصل عليه الآن ."

قال بيريغرين فى سخريه : " التاريخ يعاود نفسه .. المكان نفسه والوضع نفسه ...."

" نعم .. لكن هذه المره سنتعارك من دون غش وخداع .. دافع عن نفسك يا بيريغرين ! "

دفع دومنيك أخاه الى الوراء وفوجئ اذ لمح الخوف فى نظرته السوداء .. فأعلن قائلا : " كلا .. لن أتعارك معك ."

اختفت كل وقاحته .

" هل تشعر بضعف حيال اللحظه الحاسمه ؟ "

" كلا .. لكن نعجتك البيضاء ربحت المعركه ."

فى تلك اللحظه كان دومنيك قد صفعه بعنف ورماه أرضا .

ثم قال لأنه لم يستوعب فى الحال معنى كلام أخيه : " قل ما قلته مره ثانيه."

" كنت أقول انه سبق وأن خسرت .. أسألها أنت بنفسك .. هاهى !"

التفت دومنيك ورأى لورا واقفه على عتبة البيت مكلله بهالة الفجر الورديه .. فقد استيقظت فى فستانها المرهق وشعرها المشعث وعينيها الكبيرتين الثقيلتين نعاسا .. فكانت تشبه فتاة صغيره .

" لورا !"

" كل شئ على مايرام يا دومنيك .. لا تتعاركا ."

صرخ بيرى الذى ما يزال أرضا : " هل رأيت ! نعجتك عرفت كيف تدافع عن نفسها .. لم تطلق النحيب ولا النجده .. بل انهمرت على بدروس عن الاخلاق والوعظ وكانت بذلك قادره أن تجعل اى انسان يغير نواياه السيئه ؟ ماذا تنتظرين يا آنسه سميث ..الم يأت لنجدتك ؟ "

لم تكن تنظر الا الى دومنيك .. فأخفت وجهها بين يديها .

وقف بيريغرين وربت على كتف أخيه وقال : " لاتكمل العراك .. لقد أوضحت لها الأمور ولا شك أن كليوباترا فعلت الشئ نفسه معك .. لكنها لم تسمع بعد من فمك انك تحبها .. حسنا .. سأترككما .. فأنا فى حاجه لتغيير الجو .. الى اللقاء ."

ابتعد بسرعه وعكر هدوء الصباح بضجيج محرك سيارته .. انها الاشارات الاخيره لانتقام بيريغرين .

عاد الصمت من جديد الى المصنع .. دخلت ميريام الى المبنى فى هدوء غريب .. أما لورا فظلت من دون حراك .. اقترب دومنيك منها وأخذها من يديها وقال فى تردد : " لورا ....؟ "

رفعت عينيها نحوه وقالت : " هل قلقت كثيرا هذه الليله ."

" نعم .. لأنك عزيزه على ."

"اذن .. صحيح أن ..."

" اننى أحبك ؟ نعم .. صحيح .. هل أنت صعبة الاقتناع ؟ "

" آه ..! لا يؤمن دائما الشخص بما يتمنى من كل قلبه ."

قال : " كم كنا عميانا يا حبيبتى !"

" أنا لدى أعذارى .. لأنه لم يسبق لى أى تجربة حب .. أما أنت .. يا دومنيك تريفاين .. سيد بانسيون .. فكان يجب عليك أن تعرف ذلك ."

" فى الواقع .. على السيد الجشع ان ينال كل مايرغب به من دون الاهتمام بالغير ... أليس كذلك ؟ "

" فى البدايه فقط كنت أعتبرك سيدا جشعا ."

" كلا .. فى البدايه .. كنت تعتبرينى الشيطان بعينه !"

وضعت اصبعين على شفتى دومنيك وقالت : " هل مازلت تعاملنى كفتاه صغيره؟ "

غموض غير منتظر ظهر على وجه دومنيك المتعب وقال : " كلا .. يا حبيبتى .. لكن دفاعى لايسقط فى لحظه واحده .. لأنك ستبقين إلى الأبد الفتاة الحنونه التى أحببتها دائما ."

كانت الشمس تشرق من وراء المصنع فى منظر جميل .

قال دومنيك : " انظرى !"

لكن لورا لم تقدر على أن تزيح نظرها عن عينيه الزرفاوين .. وكعادتها فكرت بصوت مرتفع .. قائله آخر ما ورد فى أسطورة الحصان القارن : " عندما لمح القارن العذراء .. اقترب منها .. فدعته يتلقفها ..."


*النهــــــــــايه والبـــــــدايه *


:98yyyy:

الامل المفقود 03-04-14 12:33 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
شكرا كثير على الرواية الجديدة يا الغالية ولكن اسفة لاني مش راح اكملها معكم لاني داهبة للعمرة و لكن عند عودتي ان شاء الله راح اتابعها معكم والان تحياتي للجميع

katy_1989 03-04-14 02:18 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الامل المفقود (المشاركة 3432914)
شكرا كثير على الرواية الجديدة يا الغالية ولكن اسفة لاني مش راح اكملها معكم لاني داهبة للعمرة و لكن عند عودتي ان شاء الله راح اتابعها معكم والان تحياتي للجميع


ولا يهمك وربنا يتقبل منك ان شاء الله وادعيلنا :f63:

وعمتا أنا نزلتها كلها و ان شاء الله لما ترجعى بالسلامه تقريها كامله :yjg04972:

زهرة منسية 03-04-14 03:58 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

زهرة منسية 03-04-14 04:01 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
ما شاء الله كيتى مجهود خرافى يستحق الشكر و الثناء

شكرا على الرواية الرائعة و بانتظار جديدك لا تطولى الغيبة علينا
عمرة مقبولة أمولتى تقبل الله منا و منك صالح الاعمال

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

katy_1989 04-04-14 01:49 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3432951)
ما شاء الله كيتى مجهود خرافى يستحق الشكر و الثناء

شكرا على الرواية الرائعة و بانتظار جديدك لا تطولى الغيبة علينا
عمرة مقبولة أمولتى تقبل الله منا و منك صالح الاعمال

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

ميرسى على تعليقك الجميل :c8T05285: و ان شاء الله فى واحده تانيه قريب :nbnbc: و يارب أكون عند حسن ظنكم دايما :Uf704404:

ام عبيده 16-04-14 03:41 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
رواية اكثر من رائعه بصراحة بالاول قررت ابطل اقرأ حت اعرف اخلص كتابة روايتي الطفلة بس والله ما اتحمل بس قريت المقدمة وماتركت الرواية الا كملتها اهنيكي وعاشت ايدج حبيبتي ع مجهووودك

جوهرة الدانة 20-04-14 06:41 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
:55: الرواية حلوة ومحمسة شكرا للمجهود لي بذلتيه لتشاركينا اياه وتمتعينا

katy_1989 24-04-14 04:09 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام عبيده (المشاركة 3436515)
رواية اكثر من رائعه بصراحة بالاول قررت ابطل اقرأ حت اعرف اخلص كتابة روايتي الطفلة بس والله ما اتحمل بس قريت المقدمة وماتركت الرواية الا كملتها اهنيكي وعاشت ايدج حبيبتي ع مجهووودك

* ميرسى ليكى كتير على تشجيعك .. وانا مبسوطه انك استمتعتى بالروايه :) *

katy_1989 24-04-14 04:15 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوهرة الدانة (المشاركة 3437769)
:55: الرواية حلوة ومحمسة شكرا للمجهود لي بذلتيه لتشاركينا اياه وتمتعينا

*ميرسى ليكى .. والعفو تعبى من الكتابه راح بردودكم الجميله :) *

قماري طيبة 08-05-14 01:52 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
رواية جميلة سلمت يداك عليها

روان م 09-05-14 11:13 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
رووووووووووووووووووعة

نجلاء عبد الوهاب 29-05-14 12:29 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
:liilas::liilas::liilas::liilas::8_4_134::8_4_134::8_4_134:: 110::110::110::Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4::congrats::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pi lls3::welcome_pills3::welcome_pills3:

ندى ندى 02-11-14 03:51 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
رائعه وجميله جد جدا

يسلمو ويعطيك العافيها

عذاب الحنين 27-07-16 03:06 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
شكرا لجهود المبذولة رواية جميلة

paattee 03-08-16 06:42 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
نسلم الايادي ياعسل

فرحــــــــــة 17-08-16 08:25 AM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
غاليتى
katy_1989
سلمت يداكى على القصة الرائعة
لك منى كل الشكر والتقدير
وننتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

Moubel 27-05-21 02:04 PM

رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى ( كاملة )
 
رواية جميلة جدا جدا
شكرا لك على المجهود


الساعة الآن 08:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية