منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المهجورة والغير مكتملة (https://www.liilas.com/vb3/f837/)
-   -   مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي (https://www.liilas.com/vb3/t194124.html)

براعم 15-03-14 05:08 PM

مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي
 
مذكرآت ع ـــزوبي..
بقلماحمد الرفاعي



تختلط الأمور أحياناً..
تتشابك لدرجة معقدة..
فيعتقد الإنسان أنه لا يستطيع حلها بسهولة..
لكنها تنفرج كما ضاقت من تلقاء نفسها..
يزيد الملح أحيانا لكن يبقى للسكر نكهة مميزة في كل شيء..
هي مشاعر مختلطة بين الفرح والغضب والسخط والحقد..
لكن يبقى شعور الرضا عن الذات مسيطراً على جميع المشاعر..
وتبقى تلك الأيام في الذاكرة من أجمل الأيام لا تمحيها السنين..




استيقظت من نومي على صوت الهاتف.. لا أذكر أني وضعت هاتفاً في غرفتي مؤخراً.. فتحت عيني فعلمت أنني كنت قد نمت في غرفة الجلوس وأنا أتابع شاشة التلفاز في الليلة الفائتة..
مددت جسمي وأنا أشعر بالتعب لنومي بطريقة خاطئة على الكرسي..
أمسكت بالسماعة فجاءني صوت أخي الصغير يخبرني أنهم قد وصلوا إلى (مكه) الآن..
- ماشاء الله متى وصلتوا؟؟
سامي - مالنا خمسه دقايق..
- طيب الحمد لله على السلامه..
سامي - الله يسلمك.. يله بس حبيت أطمنك.. مع السلامه.
وضعت سماعة الهاتف وقمت لأصلي صلاة الفجر التي نمت عنها..

فتحت باب الثلاجة بيدي اليمنى وبيدي اليسرى تثاءبت محاولاً طرد النعاس عني.. لم أكن مضطراً لفتح باب الثلاجة منذ زمن لكنني مضطر لعمل ذلك الآن.. بيض، معلبات سمك الساردين، عصير فواكه وقوالب جبن وقشطه.. القشطه والعصير يفيان بالغرض طالما أنهما لا يحتاجان إلى تسخين أو ما شابه.. بحثت عن السكر فوجدته في علبة زجاجية في آخر رفوف المطبخ.. لم أقتنع بتاتاً بالمكان الذي وضع فيه السكر لكنه ليس من تخصصي.. في غرفة الجلوس وضعت السكر على القشطه وبدأت آكل بنهم.. طعم السكر لم يكن غالباً رغم أني وضعت الكثير فقمت بوضع المزيد ولكن لا طعم له.. أدخلت يدي في العلبة الزجاجية لأتأكد من الأمر فوجدت أنها مادة ليس لها طعم محدد.. علمت فيما بعد أنها بهارات يابانية تخفف الأملاح في الطعام.. (أجي موتو) قالت والدتي اسمه وهي تضحك علي بشده.. رميت بالصحن في المطبخ وأنا أشعر بالحنق وخرجت من المنزل.. لم أجد داع لركوب سيارتي طالما أن (الكافتريا) التي أريد الذهاب إليها خلف المنزل مباشرة..

ما أجمل طعم البيض حين لا أصنعه أنا..!! أكلت وأنا أضحك على الموقف الذي كنت فيه قبل قليل.. (طبيعي ما يكون سكر مدام هو في آخر الدنيا.. لكن إنت ما تحب تشوف قدامك) هكذا قالت لي والدتي فيما بعد.. في طريق عودتي إلى المنزل سمعت المؤذن ينادي لصلاة الظهر فذهبت إلى المسجد مباشرة.. بعد الصلاة وجدت جاري الذي أخبرني عن ترتيبه ليوم العيد.. اعتذرت منه لحرارة الشمس الحارقة وعدت إلى المنزل، وضعت يدي على جرس الباب بانتظار أن يفتح الباب لكنني وبعد ثلاثين ثانية استوعبت أنه ليس في المنزل غيري.. ابتسمت وأنا أضع يدي في جيبي وأتذكر والدتي التي طالما طلبت مني حمل مفاتيحي معي.. لا مفاتيح.. ضحكت بقوه وأنا أدفن وجهي بيدي فشر البلية ما يضحك..
كنت أفكر كيف سأقضي الأيام التالية وأنا لم أستطع قضاء ساعات منفرداً.. وقفت أمام سيارتي و وضعت يدي في جيبي فتذكرت أنه لم يخرجني في هذا الحر سوى المفاتيح فخرجت إلى الشارع العمومي وبعد مدة توقف لي أحد المارة..

عندما دخلت البيت كان وقت صلاة العصر على وشك الدخول.. شعرت أنني حققت كثيراً من الإنجازات اليوم ولا بد لي من الراحة قليلاً.. جلست تحت جهاز التكييف أتابع شاشة التلفاز وأنا أضحك على كل ثانية مررت بها اليوم بغبائي.. عندما خرجت لأصلي العصر تأكدت أن المفاتيح في جيبي وعند عودتي علقتها على الباب الداخلي حتى لا أنساها بعد ذلك..




عدت لمتابعة التلفاز فسمعت صوت هاتفي الجوال..
- هلا والله حامد..
حامد - هلا فيك حبيبي.. السلام عليكم..
- وعليكم السلام ورحمة الله.. كيفك ياسيدي؟؟
حامد - بخير والله إنت أخبارك؟؟
- ماشي الحال والله.. كلو تمام.
حامد - اتصلت عليك أذكرك إنو اليوم الثلاثاء.. موعد اجتماع الشباب واليوم دورك..
- أها.. الله يحييكم والله.. تشرفونا..
حامد - من طيب أصلك حبيبي.. يله نشوفك على خير..
- في أمان الله..
سيجتمع الشباب في بيتي..!! هذا ما كان ينقصني تماماً.. أن يكون (دوري) في اليوم الذي ستسافر فيه العائلة بأكملها لأداء فريضة الحج.. تمنيت لو طلبت من حامد تأجيلها ليوم آخر أو تقديم أحد من الشباب بدلاً عني في هذا اليوم لكنني وجدته أمراً مخجلاً بحق..

لابد من وجود حل لكل مشكلة فليست هناك مشكلة بلا حلول.. أحسنت..!! عندما يكون الإنسان هو من يواجه المشكلة فسيجد لها حلاً وليس عندما تواجهها أنت لأنك من غير البشر..

جلست أفكر في ماذا يمكن أن أفعل.. دخلت المطبخ وتجولت به قليلاً فنادراً ما تأخذني قدمي لأتجول هناك.. صحون وملاعق وأطباق وأكواب وسكاكين لكني لا أعرف أين هي ولا كيف يتم استغلالها..!! سأجد خبراً في جريدة الغد يتحدث عن وجبة العشاء التي أعددتها وصورة البطاطس وهو قد تحول إلى (محشي).. لن يفيدني الضحك شيئاً طالما أنني وقعت في كارثة لكنه سيقلل من توتر الموقف.. وضعت الفحم على النار ثم أخذت مفاتيحي وخرجت.. اتفقت مع المطعم على أن يعد وجبة عشاء متكاملة لثمانية أشخاص.. طلبت منه أن يحظر أطباقه وصحونه معه لأني لا أريد دخول المطبخ ولو لثانية.. أخبرني أنه ليس علي القلق لأنه سيعد وجبة العشاء من المقبلات إلى أعواد الأسنان وكل ما علي فعله هو أن أقوم بالأكل ولن تكون مهمة صعبة بالنسبة لشخص اتكالي مثالي.. أعطيته عنوان منزلي وذهبت وأنا أجامله ببعض عبارات الشكر..
عدت إلى البيت لأجد أن رائحة الغاز قد ملأت المنزل فأسرعت إلى المطبخ وفتحت النوافذ لتذهب تلك الرائحة المزعجة.. نفضت رماد الفحم المحروق عن (البوتوقاز) و وضعت آخر غيره. لم أستطع الانتظار أمامه فذهبت إلى المجلس لأتأكد أن كل شيء على ما يرام لكني تذكرت أن أخي كان قد دعا رفاقه للسهر في المجلس فأجلت ترتيبه لوقت آخر وعدت إلى المطبخ فوجدت أن الفحم قد أصبح جاهزاً.. بحثت عن البخور لكني لم أجده فاتصلت بالمنقذ..

سلمى - وحشتك يا أحلى أخ في الدنيا ..صح ؟؟
- أقولك سلمى فين البخور ؟؟
سلمى - ههههههه.. تحت المغسله .
- أهاا.. طيب كيف حالكم إنتو دحين ؟؟
سلمى - بخير، كل شي تمام.
- طفتوا ؟؟
سلمى - الحمد لله.. تصدق أنا ما صدقت على الله نخلص لو شفت كيف الـ.......كانت تتحدث وأنا أتصنع أني أتابعها..
- إيوا.... طيب.... أها.... أقولك سلمى فين الملقط .
سلمى - في الدرج الثاني .
- إيوا بعدين.... تمام..... الله يلعنك يا شيخ. حرقت يدي لأنني كنت أضع سماعة الجوال في يدي وبالأخرى أقلب الفحم كأنني أفعل ذلك دائماً..!!
سلمى - هاا ؟؟!!!
- لا مو إنتي.. أكلم الفحم ده مو راضي.. ما علينا.. أقولك أنا مشغول أكلمك بعدين.
سمعت ضحكتها وهي تغلق الخط.. جميع من في المنزل يعلم أنني كسول لدرجة تفوق الوصف خاصة عندما يتعلق الأمر بالمطبخ.. ذكرت لي أماكن بعض الأشياء التي قد أحتاج إليها مثل السكر والشاي والبن لكني لم أكن منتبهاً معها ونسيت كل ما ذكرته لي بمجرد إغلاقي للسماعة لأنني كنت مشغولاً بالفحم..!!

براعم 15-03-14 05:09 PM

رد: مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي
 
2


لكِ الله يا سنين مضت في القفز بين كنبات المجلس وكسر التحف والقطع الفخارية..


أخرجت أيادي (البلايستيشن) وأعدت (التكايات) إلى وضعها الأصلي في الغرفة.. حملت التلفاز الذي وضعه أخي ليلعب به مع أصدقائه وأعدته إلى مكانه في غرفته ونظفت الطاولات من الغبار الذي يعلو سطحها بطرف ثوبي، كنت أفكر في مسح القطع الفخارية التي تزين المكتبة الصغيرة لكن ما الذي يدعوا إلى ذلك أصلاً طالما أنهم لن يقتربوا منها.. لقد دعوتهم على العشاء ولم أحضرهم لمشاهدة متحف يحوي قطع فنية..!!

أخذت كل شيء لا أريد تنظيفه و وضعته في صالة الجلوس لاختصار الوقت ثم وضعت البخور ليمنح المنزل رائحة طيبة.. لم أمنع نفسي من الشعور بالفخر لأني قمت بما كنت أوهم نفسي عدم قدرتي على القيام به..

بعد صلاة العشاء بنصف ساعة سمعت صوت سيارات أمام باب منزلي.. توجهت إلى الباب لكنني عدت إلى الداخل لأتأكد أن كل شيء على ما يرام ثم عدت إلى الباب مرة أخرى لاستقبال أصدقائي..
- حياكم الله طال عمركم.. انحنيت بجسمي أمام حامد في حركة مسرحية..
حامد - ههههههههههه الله يحيك.. كيف حالك ؟؟ وكيف حال الأهل ؟؟
- والله الأهل طلعوا الحج يـ..
قاطعني خالد - ما شاء الله تبارك الله.. يا حضهم والله.. كان نفسي أطلع والله بس الأهل ما في أحد يقعد معهم .
وليد - الله يرجعهم لك بالسلامه ..
- الله يسلمك .
حامد - سمعت آخر خبر؟
ابتسمت وأنا أنظر إليه - ما أقرأ جرايد تعرفني .
حامد - وليد خطب ..
- يا هوووووو ..
وليد - لا تصدقه..كنت أمزح ..
- مبروك والله.. بنت مين أخذت ؟؟
وليد - الله يبارك فيك.. بنت جارنا.. أخت محمد.. عرفته ؟؟
- والله ألف ألف ألف مبروك.. والنعم فيهم .
وليد - الله يبارك في حياتك.. عقبالكم..
حامد - أنا صراحه بديت أفكر في الموضوع وناوي أخطب عن قريب وأودع حياة العزوبيه.
خالد - أما أنا أبغ أحصل البنت المناسبه بعدين أتزوجها.. ما أبغ آخذ بنت ما أعرفها .
حامد - شكلك حتتجوز الخدامه في النهايه ..
ضحك الشباب فتكلم وليد..
وليد - وإنت سلمان؟؟
كنت أفكر في الأشياء التي لم أقم بها مثل وضع المناشف والصابون في دورات المياه..
- أنا!!.. أنا يمكن أفكر في الموضوع بعد ما تتزوج أختي.. طالما في أحد يسوي كل شي ماني محتاج أتزوج..
حامد - الزواج مو بس راحه من الغسيل والطبخ.. الزواج راحه نفسيه وحياه حلوه.
- والله إنت خبره في العزوبيه.. أنا طول عمري عايش مع أهلي.
وليد يضحك - اللي حتتزوجه حترتاح كثير.. يغسل ويطبخ ويقدر الحياه الزوجيه.
حامد - خلاص.. ما يحتاج أسوي دعايه لنفسي على كده.
خالد - سوي دعايه في قناة عفاف.. هههههههههههه حط خبره في الغسيل والطبخ لمدة خمسه سنوات.. ميّة وحده يتصلوا عليك.
حامد - تشوف.. ههههههههههه.. وبدل ما آخذ وحده آخذ أربعه.
وليد - لا تنسى الجواري..
ضحكت وأنا أفكر في كلامه - إشبنا في عهد الصحابه ..بعد إذنكم شويه.

عدت إلى المطبخ و وضعت الكاسات على الطبق.. وضعت سبعة لأني أعلم أن هاني وعبد الله سيأتون بعد قليل.. أخرجت العصير الطازج من الثلاجة وبدأت في ملأ الأكواب به.. أووه.. سقطت أحدى الأكواب على بلاط المطبخ فانكسرت.. نظرت أمامي بغريزتي وأنا أنتظر سيل الشتائم من أمي لعدم اهتمامي بأي شيء.. أحسست بالخجل وكتمت ضحكتي..
عدت إلى المجلس وهاني وعبد الله قد حظروا فسلمت على عبد الله والطبق ما زال في يدي..
- حيا الله أبو شهد.. زارتنا البركه.
عبد الله - الله يبارك فيك..
هاني - عسى ما شر؟؟ سمعنا صوت شي ينكسر.
سلمان - لا بس طاحت مني كاسه..
حامد - انكسر الشر..
- ههههههههه.. والله لو عرفت أمي حتكسرني وراها..
عبد الله - شكلها مو أول مره..
- تقريبا.. قلتها وأنا أحاول تذكر آخر مرة كسرت فيها شيئاً.
خالد - تقريبا ها؟؟ شكلك كل يوم تكسر كاسه.
نبهني حامد - أهم شي إنك تلمها من الأرض عشان لا تجرحك بعدين.
- إيوا الله فكرتني.
ضحك الشباب حينما ظهر على وجهي أنني نسيت الموضوع نهائياً.. جلسنا نتسامر لكن جرس الباب أبى إلا أن يشاركنا الحديث..!!
حامد - إنت تنتظر أحد؟؟
نظرت إلى الساعه : إيوه.. طلبت أكل من المطعم تلاقيه وصل..
أحظر المطعم كل شيء كما وعدني فأصبحت غير مضطر لدخول المطبخ.. أدخلت الأطباق كما هي إلى الديوان وساعدني حامد على ذلك وفي غضون دقائق كنا نجلس مجتمعين على سفرة العشاء يضحكنا خالد وهاني لخفة دمهم المفرطة وحركاتهم الغير مسؤولة..

بعد أن انتهوا من طعامهم وعلامة الرضا تبدو على محياهم..
هاني - ما كان لها داعي الكلفه يا شيخ.
- عيب عليك يا واد.. فضلة خيركم..
هاني - تسلم حبيبي.
قاموا ليغسلوا أيديهم ثم عادوا ليجتمعوا أمام السفرة من جديد..
قال أبو شهد وهو يخلل أسنانه بعود صغير كان في يده - لو كنت قلت يا سلمان إنو الأهل مسافرين عشان ننقزك في الدور ولا نخليها الأسبوع الجي..
- يابوي.. أهم شي مشي الحال.. لو أقلك اليوم الظهر أيش صار لي..
حامد - خير اللهم أجعله خير..
رويت لهم ماحدث ولم أسلم من تعليقات هاني الساخرة وسط ضحكاتهم..
خالد - لو كنت كلمتني أعدي عليك..
- أكلم مين والناس نايمين..!! والله من القهر قمت ما أشوف قدامي.. ولا تنسى إنو الجوال كان في البيت.
حامد يضحك - لساعك في اليوم الأول.. ما شفت شي.
- صلي على النبي يا شيخ... يا ليتني سمعت كلامك يا أمي ومشيت معاكي..
أبو شهد - ما عليك منه.. العزوبيه ما في أحلى منها.
هاني (أخو زوجته) - أسكت لا أفتن عليك.. وزارة الداخلية مشغلتني عندها مباحث..
ضحك الجميع على أبو شهد الذي تابع متظاهراً باللا مبالاة..
أبو شهد - روح قلها.. مو خايف لا منك ولا منها..
هاني يهدد وهو يضحك - يا وااااااد..
ضحك أبو شهد .
حامد - عاد إنت لا تاخد على كلامه.. خليه يطلع اللي في قلبه شويه.
خالد - أنا والله ما أخلي حرمه تتحكم فيني.
ضحك أبو شهد - كلنا كنا نقول كده قبل الزواج..
- وبعدها..
أبو شهد يغمز بعينه - نغير وجهات النظر.. ما نغيرها مره بس تطرأ تعديلات ..
- طيب خلونا من سيرة الزواج دحين.. فيكم شده بكره نطلع (الرايس) نقعد يومين؟
ضحك الجميع لأنهم يعلمون أنني مللت من العزوبية في أول يوم.
حامد - أطلع وحدك.. بكره عرفه يا شاطر..
- ههههههههههههههه.. إيوا الله تذكرت.. ما أدري أشبي أنا هادي اليومين قمت أضيع..

علت ابتسامة الرضا على وجوههم عن المجهود الذي بذلته في هذا العشاء.. قمت برمي (السفرة) بما فيها حتى لا أتعب نفسي بفعل أي شيء..
هاني - الله يكرمك أبو فارس.. ما ناقصنا غير براد شاهي من يدك الحلوه.. لا تقول ما تعرف؟؟ تزعلني منك.
- إلا إلا.. أفا عليك.
حامد - أشك والله إنك تسوي شاهي.

دخلت المطبخ وأنا أسب أبو شهد في نفسي.. (يعني ما حلي براد الشاهي إلا الحين.. لا كمان يبغاه أخضر.. مو لما أعرف محل الأحمر في الأول)..
اتصلت بأختي التي تعبت وهي تشرح لي ماذا سأفعل.. كانت تحاول جاهدة كتم ضحكاتها حتى لا أصب جام غضبي عليها فهذا هو الشيء الوحيد الذي أتقنه وبشده..!!
- خلاص مع السلامه..
سلمى - مع السلامه.
- استني.. استني.. كيف شكل العلبه حقت الشاهي الأخضر..
سلمى - تلاقيها في الرف.. يا أول وحده يا ثاني وحده.
- أيش لونها ؟؟
سلمى - هو محطوط في علب المطبخ.. بس كل الشاهي لونه أسود..
تنهدت - وكيف أفرق بين الأخضر والأحمر ؟؟
سلمى - من شكله..
- بالله من شكله.. كنت أحسب من ريحته..
سلمى - حتى من ريحته تقدر تفرق.
- يا شيخه روحي.. والله ما عندك ما عند جدتي.
أمسكت بالعلبتين المتشابهتين فعلاً ولهما نفس الشكل تماماً.. أخذتها معي و اتصلت بحامد ربما يساعدني في حل هذه المشكلة..

براعم 15-03-14 05:10 PM

رد: مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي
 
3


العسكرية أرحم؟ ولا شغل البيت..!!؟؟

حامد - هلا..!!
- أطلع كأنك تكلم أهلك في الجوال.. أبغاك بسرعه.
خرج حامد وهو يحدث نفسه إلى أن خرج و وجدني بانتظاره..
حامد - أيش في؟؟!!
- أيت الشاهي الأخضر فيهم؟؟
حامد يضحك - وأنا اللي حسبت إنو البتوقاز إنحرق .
- فال الله ولا فالك.. قلتها وأنا أتخيل الموقف والتبعات المضحكة والمؤلمة..!!
حامد - أعتقد هذا.. ( أشار بيده إلى اليسار).
- متأكد..
حامد - إن شاء الله.
- طيب خلاص مع السلامه.
حامد : أساعدك؟؟
- لا.. روح أجلس مع الشباب.

بعد نصف ساعة قضيتها في المطبخ أحسست بأنني قمت بطبخ عشاء متكامل لمائة شخص.. شعرت بالفخر الشديد وأنا أدخل حاملاً (صينية) الشاي في يدي.. الغريب أن الشاي نال إعجاب الجميع واستحسانهم..!!

خرجوا بعد منتصف الليل بقليل وأنا أطلب منهم الجلوس لعدم وجود من يؤنسني.. تمددت على الكنبة ونمت من فوري لشعوري بالتعب وأنا أتابع نشرة الأخبار.. كان من المفترض أن أقوم قبل الفجر لأتسحر ولو بتمرة وقليل من الماء لكني لم أشعر بنفسي إلا في الساعة الثامنة صباحاً.. كانت كل عضلة في جسمي تشكو من ألم عمل البارحة..

صليت الفجر بعد أن توضأت ثم فتحت جهاز التلفاز لأتابع التغطية الشاملة ليوم عرفة في القناة السعودية الأولى وأنا أتوقع أن أرى أخي الصغير في أي ثانية..

اتصلت بحامد بعد العصر.. طلبت منه المرور بي لنفطر في المسجد النبوي ونصلي المغرب ولا بد أننا سنلتقي بعض الأصدقاء هناك.. تأكدت أكثر من مرة أن المفاتيح في جيبي وأنني لم أنسى شيئاً ثم خرجت أنتظر قدومه.. مع طول الانتظار جاء في رأسي أنه ربما تركت الإضاءة تعمل في غرفة الجلوس أو ربما تركت أحد النوافذ مفتوحة فعدت من جديد وتأكدت من كل شيء مرة أخرى وعندما خرجت كان حامد بانتظاري..

فتحت باب السيارة وأنا أشعر ببعض التوتر..
- السلام عليكم..
حامد - وعليكم السلام.. هلا والله..
ألقيت بجسمي على المقعد أتابع حركة السير التي أصبحت بطيئة جداً وأشعر أن الحديث أصبح كله مملاً في نظري.. جميع الناس يتجهون إلى الحرم في مثل هذا اليوم العظيم.. ومن الطبيعي أن يكون الزحام شديداً لكنني شخص أتذمر من كل شيء..
- أيش الزحمه دي ؟؟ مو لو كنا حركنا من بدري أحسن ؟؟
حامد - حصل خير.. أذكر الله والوقت يعدي..
- لا إله إلا الله.. بالمناسبه.
حامد - هلا.
- كيف حال أخوك ؟؟
تنهد حامد - الحمد لله.. ماشي حاله.
- ما قال الدكتور متى يقدر يخرج؟؟
حامد - يقول ممكن يطول إلين يرجع يمشي من جديد.
- وليش ما يسوي علاج طبيعي ؟؟
حامد - ما يقدر يسوي علاج طبيعي إلين يلتأم العظم.
ضربته على كتفه وأنا أحاول التخفيف عنه - الضربه اللي ما تقتل تقوي.. مو كده برضه؟؟ الله يقومه بالسلامه.. أقدر أزوره بكره؟؟
حامد - إن شاء الله..
- خلاص.. إذا فتحوا وقت الزياره وزاروه الأهل ناديني بس أسلم عليه.
ابتسم حامد - بإذن الله..

في أجواء روحانية دلفنا إلى المسجد النبوي و اتجهنا إلى أصدقائنا في توسعة المسجد النبوي..
- السلام عليكم..
مهند - هلا والله.. وعليكم السلام.. قام من مكانه للسلام علي..
مهند - يعني الواحد ما يشوفك إلا بالبركه.. يا أخي تنازل واسأل حتى لو بالغلط.
- خليها على ربك.. والله الواحد مو لاحق على أشغاله.
قام عبد الرحمن من مكانه لأنه لم يرني منذ زمن - شكله يبغانا نعزم عليه ونترجاه.
- لا يا شيخ.. إنت آخر واحد يهرج.. كم مره أسأل أخوك عنك ويقول مشغول.
عبد الرحمن - ما أعطاني خبر والله..

تعاتبنا على اختفائنا في زحام هذه الدنيا وانشغالنا بها ثم جلسنا نذكر الله وننتظر غروب الشمس.. تناولنا التمر والماء في أجواء إيمانية جميلة.. عين الرحمن تحرسنا والملائكة تظلنا والناس من حولنا.. هنأت الجميع بعيد الأضحى بعد صلاة المغرب ثم تودعنا على موعد بيننا..

اتصلت بعائلتي وهنأتهم بحلول عيد الأضحى ثم جلست أتابع بعض البرامج الوثائقية على قناة الجزيرة.. في الأيام الأخيرة أصبحت أنام أمام التلفاز دون وعي مني وهذا ما حدث..

استيقظت عندما أحسست بحرارة في أوصالي..
خرجت من غرفتي إلى غرفة الجلوس فوجدت النار تلتهم كل شيء..
أصابني الفزع وارتعدت أوصالي.. اتجهت إلى الباب لكن اللهب كان يغطي كل شيء لدرجة أنني لم أستطع تحديد إذا ما كان الوقت ليلاً أم نهاراً.. فعدت إلى غرفتي محاولاً فعل أي شيء، أخذت (بطانيتي) ولففت بها جسدي ثم ذهبت إلى دورات المياه لكنني لم أستطع الوصول إلى هناك لأن اللهب كان قد أتى على كل شيء فلم أعد أتبين ملامح الأشياء.. عدت إلى غرفتي وفتحت النافذة بكل قوتي.. وقفزت..

استيقظت من نومي عندما ارتطم رأسي بالأرض.. حرارة الموقف جعلتني أتصبب عرقاً بالرغم من جهاز التكييف.. مسحت وجهي وحلقي بيدي ونظرت إلى غرفة الجلوس التي أكلها اللهب قبل قليل.. صورة جدي التي تزين الحائط كانت كما هي بشموخها.. كل شيء كان في مكانه.. ضحكت بملأ فمي.. أنظر أمامي ثم أعود للضحك بشكل هستيري.. كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد منتصف الليل عندما استعدت وعيي من نوبة الضحك تلك.. قمت بسرعة لأعد نفسي لصلاة العيد.. أخرجت ثوبي الذي أعددته خصيصاً لهذه المناسبة من الخزانة وأخذت حماماً سريعاً ولبست ثوبي على عجل.. قال لي شيطان النظافة الخاص بي لماذا لا تقوم بتبخير ملابسك لتكون ذات رائحة زكية؟؟ دخلت إلى المطبخ لتسخين الفحم ثم ذهبت لكي باقي الملابس.. تذكرت الفحم على النار فأسرعت حتى لا يتحقق الكابوس الذي صحوت منه قبل قليل. أسرعت إلى المطبخ وأنا أرد على هاتفي الجوال حملت الفحم من النار وذهبت باتجاه الخزانة فأحسست بشيء يخترق رجلي.. لم يكن ذلك الشيء سوى شظايا الكوب الذي كسرته بالأمس فسقط الفحم على ثوبي.. آه.. تذكرت أداة الكي التي تركتها فوق الملابس وثوب العيد الذي حرقه الفحم ورجلي التي لابد من إخراج شظايا الزجاج منها وكل عام وأنتم بخير..!!

براعم 15-03-14 05:11 PM

رد: مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي
 
4


عندما يصبح التنكيت .. تنكيد..!!



لم أحاول التفكير في أي شيء وأغلقت هاتفي الجوال.. آخر ما كنت أتمناه الآن هو أن أسمع صوت شيء يتحدث.. كل ما فعلته هو أنني خلعت ثوبي المحروق واستلقيت على سريري وأنا أحاول منع نفسي من عمل أي شيء..

نظرت إلى ساعة الحائط فوجدتها تشير إلى التاسعة صبـ....، لا أعلم صباحاً أم مساءً لكنني اكتشفت ذلك عندما حركت النافذة. كنت أشعر بتكاسل يدعوني للاسترخاء فمددت يدي بعرض السرير إلى أن وصلت لهاتفي الجوال.. كانت مفاجأة لي عندما وجدت عشرين رسالة بعد ما فتحت الجوال.. اتصلت بحامد فوراً لأنه كان الأكثر قلقاً لانقطاع أخباري فجأة، فاتصلت به..
حامد - ألو.. فينك ياواد؟؟ إشبك مقفل الجوال؟؟
- السلام عليكم.. كان النوم واضحاً في صوتي..
حامد - وعليكم السلام.. فين كنت..!!
- نايم.. توي صحيت ودقيت عليك..
حامد - والله لو إنك ما نمت من أسبوع ههههههههههههه.. أيش صار لك؟؟
- أقلك خليني أقوم أتوضى وأصلي.. أكلمك لما أصحصح..
حامد - أنا تحت بيتك.. لما تخلص أخرج لي..
- إشبي خويتك عشان تستنى بره.. شويه أفتح لك الباب.

تركته في المجلس وذهبت لأقضي جميع الصلوات.. من الأفضل أنني نمت مباشرة بعد ما حدث لأنني عادة أفرغ غضبي في كل شيء لكنني الآن أفضل حالاً بكثيييير.. دخلت المجلس وأنا أغني.. جلست أمامه وأنا أرى نظرات التساؤل تفر من عينيه فتظاهرت بالغباء.
- ها كيف كان عيدكم؟؟
حامد - يسلم عليك.. إنت فين كنت؟؟!! كسرت جوالك ودقيت الباب وناديت عليك إلين طلعوا الجيران..
- راحت عليّ نومه.. ما حسيت بنفسي.. قلتها وأنا أحاول عدم تذكر شيء قد يضايقني..
شعرت أنه لم يصدق كلمة مما أقول.. يقول حامد أنني أتصرف أحيانا بغرابة تفاجئ الجميع لكنه اعتاد على ذلك بعد تلك السنين التي قضيناها معاً.. الطريقة التي تعرفت بها عليه كانت غريبة بحق.. كانت لدي معاملة في أحد الدوائر الحكومية، وعندما ذهبت إلى هناك وجدت أحد أصدقاء الدراسة القدامى.. جلسنا نتجاذب أطراف الحديث وكان صديقاً لحامد في نفس القسم.. تأخر حامد ذلك اليوم، وكان صديقي يريد أن يصنع فيه أحد المقالب فوافقت.. سيخبر حامد دون أن أعلم أنني مجنون ثم يترك لي الباقي لأثبت ذلك..
حضر حامد بعد دقائق فأشار لي صديقي.. فغيرت محور الموضوع حتى لا يشك حامد في الأمر.. في البداية أدخلت بعض الكلمات الغريبة.. ثم بعض التصرفات، وصديقي يحاول كتم ضحكته لقوة اندماجي مع الموقف.. فسألت صديقي: الحين طلعت لي الورقة؟؟
إيه طلعتها لك، روح وقعها من عند الأستاذ حامد.. أعطاني أحد الأوراق الفارغة فقمت من مكتبه إلى مكتب حامد الذي كان ينظر إلي بريبة.. أكد صديقي ضنونه عندما أشار بيده من خلفي إلى عقله.. يقصد أنني مجنون..!!
نظرت إلى حامد وأنا أمثل محاولة استيعابي لما هو مكتوب في الورقة.. ثم أعطيته إياها وطلبت منه التوقيع عليها..
أخذ الورقة الفارغة و وقع عليها دون أن يتحدث معي فقمت أنا بفتح موضوع للحوار..
- ممكن لو سمحت تقرأ لي وش مكتوب في الورقة؟
نظر حامد إلى صديقي وهو في قمة اندهاشه فأشار له صديقي وفهم حامد أن عليه (تصريفي) بأي طريقة كانت.
حامد - مكتوب إنك إنت طلبت من البلدية رخصة الفيلا حقتك؟؟
- ياخي أنا طالب رخصة عمارة ما طلبت فيلا!! كيف ياخي خويك هذا ما يفهم.. يضحك علي؟؟
حامد يحاول استدراك الموقف - إيه صح مكتوب عماره أنا ما انتبهت..
اقتربت منه إلى أن أصبح رأسي عند رأسه وزاد ذلك من توتره فقلت له بجدية: فين مكتوب عمارة؟؟
أشار بيده التي ترتجف إلى نصف الورقة وهو يقول بارتباك: هنا.. فاقتربت أكثر من الورقة وقلت له: هنا فاضي.. ثم أردفت وأنا أبين أنني بدأت أغضب: إنت شكلك تضحك علي.. أنا أبغ أكلم المدير.. قبل أن يتكلم ضربت الطاولة بيدي بعنف وقلت: شايفني غبي أنا عشان تضحك عليا وتسرق فلوسي؟؟!!
حامد: أنا .. أنا.. تحول وجهه إلى ألوان كثيرة وبدت علامات الخوف فرأيت أنه من الأفضل أن أنهي هذه الحماقة، خاصة وأنني لا أعرفه ولا يحق لي ما فعلته قبل قليل حتى وإن كان من باب (خفة الدم)..
اقترب وقتها صديق دراستي وعرفنا إلى بعضنا محاولاً كتم ضحكة شديدة فرت منه قبل قليل: يا جماعه.. أعرفكم على بعض.. حامد علي.. وسلمان أحمد.. فمددت يدي بخجل: تشرفنا والله، حياك أخوي حامد، بس والله لا تلومني، خويك شكله حاقد عليك..

بقي للحظات صامتاً قبل أن يستوعب الموقف ويحمرّ وجهه من كثر الإحراج، مد يده مصافحا ثم أمسك بأحد الأقلام التي كانت تزين مكتبه وقذفها على صديقنا الذي سقط على ظهره من شدة الضحك وهو يقول: والهم يا حامد مشيت عليك.. والمجنون هذا زبطها..
حامد: إيوا الله مجنون..
كان هذا الموقف الوحيد الذي جعل حامد ينظر إليّ كرجل غريب الأطوار.. وأصبح (المجنون) لقبي فيما بعد..!!

أوقفنا سياراتنا على شكل دائرة لنحمي أنفسنا من برد الشتاء.. ما أجمل هيبة وهدوء الصحراء.. بقيت لفترة أتفقد المكان من حولي.. الهواء البارد المنعش يحرك ثيابنا والشجيرات الصغيرة هنا وهناك.. أصبحت أرى النجوم الآن قريبة من الأرض تمتد بروعة كأنها عقد ألماس لتختفي خلف الجبل..

كان منظري (بالتيشيرت) والبنطال الجينز مثيراً للاستغراب، خاصة وأننا ما زلنا في العيد.. لم يعلق أحد واكتفى هاني بابتسامته الطفولية ثم تابع..
هاني - أشوف صاير كول يا واد..
قالها بصوت ضاحك وهو يغطي فمه بيده اليمنى وبيده اليسرى حاول رفع خصلة وهمية وقعت على عينه متصنعاً الخجل فانفجر الشباب ضاحكين، ربما كانوا على أهبة الاستعداد لكنهم كانوا ينتظرون تعليق هاني.. ضحكت معهم فلم يكن بيدي ما أفعله غير الضحك.. كلما تأخر الوقت قل عدد المتواجدين، كأنها النجوم تتناقص كلما قاربت الشمس على الشروق.. اكسبنا ذلك بعض الخصوصية فقمنا نجمع بعض الحطب لنكسر بعض الروتين لا أكثر.. أعد لنا حامد (براد) شاهي كمكافأة لنا على جمع الحطب، وبعد العشاء الذي تخلله الكثير من الضحك جلسنا نرشف الشاي ونتحدث فيما يعقل ولا يعقل.. قادنا حديثنا إلى الجن.. عرف عن المدينة منذ قديم الأزل كثرة وجود الجن بها وكثرت عنهم القصص والأساطير فجاد كل واحد بما يعرفه وما سمعه من الآخرين.. أصبح الحديث همساً لأن هدوء الصحراء يمنح الصوت تردداً وصدى أكبر حتى أنه كان بإمكاننا سماع شخص يتحدث بصوته العادي على بعد خمسين متراً.. لم تكن لي تجارب سابقة مع الجن ولم أكن أهتم بهم كثيراً.. كل ما أعلمه أنهم خلق من خلق الله، خلقهم ثم خلقنا وجعلهم شركائنا في الأرض مع غيرهم من الحيوانات باختلاف أنواعها.. أما عن طفولتي فقد كنت أسمع جارنا يقول أن سطح بيتنا مسكون.. نعم مسكون.. يا فرحتك..!! طار بهم حامد بقصصه إلى ألف ليلة وليلة وطرت أنا بعقلي إلى سطح منزلنا العتيق.. في جملة ما قاله جارنا أنه كان يرى رجلاً يلبس الأبيض من الثياب ينزل كل صلاة فجر من سطح منزلنا ليوقض سكان المنزل بصوت خطواته وهو ذاهب إلى المسجد!! لم يره أحد سوى جارنا الذي لم يترك شيئاً لم يحلف به تدليلاً على صدق كلامه.. كان ذلك قبل أن يقوم والدي ببناء ملحق في السطح.
حامد – ها سلمان نمشي؟
- والله اللي تشوفوه، كنت أريد أن أبقى بينهم حتى يطلع النور، فلا أصادف ذلك العجوز وأنا أدخل إلى الملحق.. ستكون ليلة "منيلة بستين نيلة" خاصة وأنني لا أعرف بأي لغة يتحدث لأرد عليه السلام وأسأله عن الأحوال!!
كل ما فعلته هو أنني كنت (أتلكع) في حمل الأمتعة إلى السيارة حتى أأخر الوقت قدرما أستطيع.. إنتوا أيش عندكم لازم تمشوا دحين.. مره مستعجلين، صلوا الفجر ونحرك..
حامد- لو نلحق الفجر في البلد أحسن.. كمان بكره جمعة..
لم أشأ أن يشعروا أنني خائف بعد حديثهم.. يكفي أنني كنت فاكهة الجلسة عندما ارتديت (الكول) إن صح التعبير.
نظرت خلفي عدة مرات وأنا أدخل مفتاحي في باب الملحق، بالرغم من أنني أستطيع النوم بالأسفل إلا أنني اعتدت النوم في الملحق منذ سنين، لم يطل عراكي مع النوم إذ أنني كنت على موعد مع ضيف غريب..

استيقظت من نومي على صوت دق عنيف على باب الملحق.. يالله ما هذا؟ منذ أن سافرت العائلة وأنا أصحو بطريقة (غير شكل)!! فتحت الباب وأنا في قمة عصبيتي ونصف عيني التي لم تفتح بعد يتطاير منها الشرر.. ما رأيته جعلني أفتح عيني عن آخرهما.. شيء أسود يتحرك أمامي.. هو الجني صار أسود يا جماعه!! قبل أن أستوعب ما حدث قالت وهي تبتعد إلى الخلف: أمك من أول تدق على تلفون البيت ما ترد وجوالك مقفول.. تقلك قوم صلي الجمعة..!! (قالت جارتنا لأمي أنها رفعت صوتها عندما رأتني غاضباً.. لم تكن تعلم أني كنت خائفاً..!!) أمي وأفكارها العجيبة، طلبت من جارتنا أن توقظني لصلاة الجمعة.. أغلقت الباب وأنا أضحك بكل قوتي.. يالله.. سامحني، والله كذا زياده عليا..

لم أخبر أحداً بما حدث.. كنت كلما تذكرت ما حصل ضحكت بملأ فمي على ذلك الموقف.. صليت الجمعة في مسجدنا القريب ثم عدت إلى النوم، كنت أصارع رغبتي في إعداد الغداء بنفسي، كانت نفسي تقول: وماله؟؟.. نتعلم!! أما كبريائي كان يردد شامتاً: بالله معقولة بعد تاريخك هذا كله، تكون ضحية قدر ضغط ما عرفت تقفله؟؟

براعم 15-03-14 05:13 PM

رد: مذكرات عزوبي للكاتب أحمد الرفاعي
 
5



لما يكون اليوم مو يومك، خليك في بيت أمك أحسن..!!

ليس اليوم وحده كان ضدي.. اليوم والتاريخ والزمن وكل ما يتعلق بالوقت اجتمع في تلك الليلة ضدي..
بعد المغرب اتصل بي حامد.
- يا هلا يا هلا.. أشرقت وأنورت..
حامد- هلا فيك، كيفك.
- بنعمه من الله، إنت أيش جديدك؟
حامد- الشباب طالعين الاستراحة، فيك شدة؟؟
- مين معاكم؟
حامد- أبو شهد وعبد الله ورائد وسلطان وأنا..
- ومتى محركين؟
حامد- بعد نص ساعه بالكثير نكون هناك.
- خلاص حلو، أنا كمان نص ساعه أكون هناك، يله في أمان الله، لا تنسى الورق والضومنه.
حامد- إن شاء الله، مع السلامه.
الحمد لله، في الواقع لم أشأ أن أتصل بهم حتى لا أشغلهم عن أهاليهم، وما زلنا في ثاني أيام العيد. ركبت سيارتي وانطلقت إلى الاستراحة.
في طريقي أخذت بعض ماقد نحتاج إليه في الاستراحة ثم أكملت طريقي.. وصلت إلى الاستراحة قبلهم فدخلت لأرتب الأغراض وأعد (براد) شاهي فربما كان كمثيله في بيتي والذي أعجب به الشباب كثيراً.. سمعت صوتاً بالقرب من المسبح فخرجت لأرى ماذا يحدث.. قمت بتشغيل الإضاءة لكنها لم تكن تعمل وحين أدرت ظهري عائداً إلى الداخل لأتأكد من (سكينة) الكهرباء رأيت ظل رجل يجري بالقرب من المسبح فركضت خلفه.. أمسكت بثوبه وقذفته على الأرض وقبل أن أقوم بركله جثم على ظهري شخص كبير الحجم.. ورمى بي إلى المسبح ثم أشعل الأضواء.. كان حامد يضحك بشدة وأبو شهد يقف على باب المسبح ممسكاً بالسياج الحديدي حتى لا يقع جسمه من كثرة الضحك.. في حال أنني غضبت سأكون أضحوكة ويكونون قد حصلوا على مرادهم فنفست عن غضبي بأن عدت إلى داخل الماء لنصف دقيقة ثم طفوت على السطح وقلت بهدوء.
- إنت عارف إنك رميتني بالجوال وبكت الدخان وكل شي..
توقف أبو شهد عن الضحك لإحساسه بالذنب بينما عاد حامد إلى ضحكه الهستيري ولم تظهر على وجهه ملامح الخوف أو الرهبة ربما لأنه يعلم أنني لا أغضب من مزحة مهما ثقلت، كيف أغضب وأنا سيد المزح الثقيل..!!
ساعدني أبو شهد على الخروج من المسبح وقدم لي حامد (المنشفة) وهو يقول: نعيماً..
- الله ينعم عليك.
ربما شعر حامد أنني أنوي على شيء ما فقال محذراً – شوف يا (سيلي) لو ردتيها دحين معناتك حاقد، لكن أصبر عليا شويا بعدين ردها.. دائماً عندما يناديني بـ (سيلي) أعلم أنه يريد شيئاً ما فقلت له ضاحكاً – تصدق أقنعتني؟؟ يله يبوي إنت في الحل..
وضعت جوالي أمام جهاز التكييف بعد أن نزعت غطائه ليخرج منه الماء وبدلت ملابسي.. لسوء حضي لم أكن قد أحضرت معي غير شورت يغطي نصف ساقي فقط.. حتى علبة السجائر لم تسلم من الماء.. أخرجت محفظتي المبللة وسحبت منها ورقتين من فئة العشرين ريالاً ثم أخذت مفاتيحي – يله يا شباب أنا رايح أشتري دخان.. أحد يبغ شي من بره؟؟
رائد- أنا جيب لي بكت ملبورو.. بكتي حيخلص..
أبو شهد- الله يتوب عليكم من البلا اللي إنتوا بتشربوه.
- الله يعين، يله أنا ربع ساعه وأكون عندكم..
ذهبت لعدة محطات و مراكز تموين على طول الخط لكنني لم أجد ضالتي فعدت إلى (البلد) ونزلت عند أحد المراكز التي كنت أعرف مسبقاً أنها تبيع السجائر.. خرجت من السيارة ثم تذكرت أن المال في درج السيارة لأنني لا أملك جيوباً لأضع المال فيها.. عندما عدت إلى السيارة كنت في قمة إحراجي لما أرتديه وفي غمضة عين سقط المفتاح من يدي ليستقر على الأرض أمام باب السيارة مباشرة..
انحنيت لأبحث عنه فتوقفت دورية شرطة المنطقة وترجل قائدها ليقف خلفي ويسألني – أيش قاعد تسوي؟؟!! لم أنتبه لوجوده وأربكني صوته فوقفت..
الشرطي – فين إثباتك؟
- نسيت المحفظة كلها في الاستراحة.
الشرطي- وأيش قاعد تسوي هنا؟
- كنت أدور مفتاح السيارة طاح مني..
لم يطل حديثنا إذ قام رفيقه بإدخالي إلى سيارة الشرطة (اللومينا) ظناً منه أنني أريد سرقة السيارة أو لا أحمل هوية أصلاً وربما ظن أنني مجنون.. أقول ربما..!!
(اللومينا) التي كانت تشعرني بمتعة القيادة أصبحت الآن أسوء سيارة عرفتها.. في قسم شرطة المنطقة التي كنت بها توقفت اللومينا واقتادني العسكري عبر ممرات القسم إلى التوقيف.. هذا قضيته اشتباه طال عمرك. قبل أن أشرح له شيئاً عن ملابسات القضية صرخ محتداً: أنت ما تستحي تخرج من بيتكم كذا؟؟ ما تستحون.. ما تعقلون.. ـون .. ـون..
طووووووووووووووووووووووووووط.. طوووط.. طوط..


كنت قد وصلت إلى قمة غضبي ففضلت الصمت، وقلت لنفسي.. يومين ويحلها الحلال ولا سته شهور في عسكري يستفزني عشان أضربه.. أعتقد حسبتها صح.!!

كان الجميع ينظر إلي أو بالأصح إلى ملابسي كأنني ارتدي لبس رواد الفضاء.. لم أهتم لأحد.. استلقيت وأغمضت عيني وأنا أفكر ماذا سأفعل لأخرج من هنا، إن معجزة من السماء هي الوحيدة القادرة على إخراجي من هنا.. شيء ما جعلني أفتح عيني، أعتقد أنها رائحة السيجارة التي تركت أصحابي لأجلها، فسألت صاحبها.. هو مو ممنوع التدخين؟!!
رد وهو ينفث دخانه لأعلى كأنه يغيضني: شوف هذا البنقالي يبيع..
- أما؟؟
فأكمل حديثه لا مبالياً: ترى البكت بخمسطعش..
- والببسي بخمسه مو؟؟ لازم عشان احنا في منتزه، أكيد لازم ندفع الدبل.. قلتها بسخرية أضحكت الجميع فأخرجت من جيبي قيمة البكت وأشعلت واحدة لأبرد حر قلبي..
كان كل ثلاثة أو أربعة أشخاص يتحدثون فيما يخصهم ويجمعهم فاقترب مني المدخن وأشعل لي سيجارتي بولاعة كانت معه وجلس بجانبي وضرب بيده على ركبتي.. ها أيش قضيتك؟؟
- ليش إنت المسئول هنا عن تنمية المواهب الإجرامية؟؟!!
أخبرتني ابتسامته البلهاء أنه لم يفهم شيئاً فتابعت بنفس السخرية: اشتباه..
مد يده مصافحا: حياك الله، أنا أسمي حمدان.
- والنعم، معاك سلمان..
ضحك ضحكة بالغ فيها كثيراً ثم قال: سلمان حمدان، حمدان سلمان، فقلت في نفسي.. (يا بخت أمك فيك).. طالما أن اليوم لن يقف عليك، فأنت أهون من غيرك بكثير.. حاولت أن أجعله يتحدث ليمضي الوقت وأكون قد فكرت كيف أخرج من هنا..
- وأيش قضيتك يا حمدان؟






الساعة الآن 11:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية