منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   (رواية) أتحبني بعد الذي كان (https://www.liilas.com/vb3/t193880.html)

أضئت القمر 04-03-14 12:58 PM

أتحبني بعد الذي كان
 
الـعــــــودة ..
أشرقت شمس النهار بعد غياب دام أيام طوال فأدفئت بنورها وأشعتها المتسللة من بين الغيوم سماء المدينة فأصبح كل شيء جميل ذلك الصباح .

" انظري يا أمي إلى هذا "

نظرت الأم إلى ما يشير ابنها الصغير فرأته يشير إلى أوراق شجر ساقطة على الأرض وعليها قطرات من الماء

" ماذا "

عندها اقترب الطفل من الأوراق ورفع إحداها لوالدته وقال "أمي أليست هذه هي قطرات الندى ذاتها التي حدثتني عنها ليلة أمس "

ابتسمت والدته وقالت " نعم يا وليد هذه هي ذاتها "

نظرت رهف لابنها بنظرات كلها حب وإعجاب فهي ترى فيه مستقبلها وماضيها وحاضرها فهو الشيء الوحيد الذي بقي لها من ماضيها الجميل , بالرغم من أسئلت ابنها الكثيرة والتي تمل وتتعب من إجابتها أحياناً إلا أنها تقوم بإجابته لتصمت فضوله أو ستضطر إلى إجابة أسئلة غيرها جميعها تدور حول الموضوع ذاته , لكن المشكلة أنها ما أن تنتهي من جواب سؤاله ذاك حتى ينهال عليها بأسئلة أخرى , إنها لا تتذكر كمية الكتب التي قرأتها قبل أن تنجبه لكنها لا تتعدى العشرين لكنها منذ إنجابها لوليد أصبحت تقوم بشراء الكثير من الكتب والتي تتحدث جميعها عن كيفية التعامل مع الأطفال وكيفية تربيتهم بالطريقة الصحيحة , فاليوم في الخارج أصبح الآباء والأمهات يأخذون دروس تعليمية عن كيفية تربية أطفالهم والاعتناء بهم , أما هنا فلا أحد يهتم بهذي الامور كل ما يحدث هو زواج امرأة ورجل قد لا تكون لديهم أية خلفية عن تربية طفل لكنهما ينجبان الأطفال ويقومان بتربية أطفالهم تربية عشوائية على حسب أهوائهم بلا أسس مطبقة ومجربة من قبل لهذا تجد الانحراف والنفسيات المعقدة والانحلال الفكري والأخلاقي .

وبينما رهف شاردة الذهن رن هاتفها المحمول الذي تسبب في فزعها , فتحته لترى من المتصل فرأت اسم صديقتها سمية والتي بنفس الوقت شريكتها في العمل ...

" ألو "

" رهف أين أنت الآن "

" لما "

" لما ؟؟! رهف هل نسيت أن لدينا اجتماع "

" لا لم أنسى "

" رهف أتعلمين كم الوقت "

" نعم "
" إنها السابعه يا رهف "

فإذا بسمية تسمع صوت وليد عندها صرخت بعصبية " رهف هل يعقل انك لم توصلي وليد "

" لا ليس بعد , اسمعي يا سمية أنا الآن أقود السيارة لهذا سأغلق الخط , مع السلامة "

أغلقت رهف الخط مع صديقتها وهي منزعجة فهي اليوم حقاً متأخرة بالرغم من خروجها هي وابنها مبكراً من المنزل.
................

" مع السلامة أمي "

" مع السلامة حبيبي "

راقبت رهف ابنها وهو يدخل إلى المدرسة بعينين شاردتين فكل شي في وليد يذكرها بوالده ذك الشخص الذي أصبح طيف من الماضي ذاك الشخص الذي اختفى فجأه وغابت أخباره عن الجميع فلم يعد يعرف أحد عنه شي . أحيانا تشعر أنه كان مجرد خيال أو حلم جميل لكنها أضاعته من يديها.

****************************

" صباح الخير سيد زين "

فتح زين عينيه بكسل ثم نظر إلى مصدر الصوت فرأى رجل يلبس ثياب عسكرية ينظر إليه من الأعلى , عقد زين حاجبيه ثم تنحنح وقال: " صباح الخير ... هل هنالك مشكلة ما ؟!! "

ابتسم العسكري وقال: " أنا هنا لأستقبلك ,, أنت لا تعرف كم أحبك وأشجعك ولم أصدق عندما قالوا لي أنني سأرافقك لقد سعدت بذالك حقاً "

ثم ضحك وضرب كفه على جبينه وقال: " يا إلهي لقد نسيت أن أقول لك أنا المقدم رياض نجم "

ابتسم زين ابتسامة صغيرة ثم قال: بينما كان يصافح المقدم " سعدت بمعرفتك أيها المقدم "

ثم نهض زين من مقعده بالطائرة وأخذ أشيائه , لكن المقدم قام بأخذها منه على الفور وأعطاها للحمال حتى يذهب بها إلى السيارة التي تنتظرهم بالخارج ثم التفت إلى النجم وهو يكاد أن يهبط درج الطائرة وقال " معجبوك منذ الأمس منتظرون بالخارج لقد سببوا لنا إزعاجاً ....... الكل بانتظارك "

فابتسم زين للمقدم ابتسامة صغيرة تظهر إرهاقه أكثر من إصغائه لما يدور حوله من حوار , واصل زين هبوطه على درج الطائرة وهو يحلم بحمام ساخن وسرير دافئ حتى ينام إلى الغد دون أن يزعجه أحد , دخل إلى المطار من البوابة الخاصة بالمشاهير ومن ثم عبر من بين حاجز مكون من رجال الشرطة عندها رأى ما كان يخبره المقدم به , وهو عن معجبيه الذين كانوا بالمئات والشرطة محاطة بهم من كل اتجاه وصوب , توقف نجم كرة القدم لينظر إلى هؤلاء المعجبين فعاد به الزمن إلى عشرة سنوات مضت , عندما كان في هذه المكان لكن الفرق أنه كان حينها شخص لا يملك شيئاً , وليس لديه أحداً هنا يودعه كما هو اليوم ليس هنالك أحداً يستقبله , منذ أن وقع العقد قبل ستة أشهر وهو يشعر بالانزعاج والإرهاق فالذكريات التي خزنها بعيداً عن عقله وقرر محوها , أصبحت تهاجمه الآن و بعنف حتى في أحلامه فقد ظن منذ أمد أن كل شيء قد محي من عقله حتى المشاعر , لكن يبدوا أن ألم الندبة التي أصابت قلبه منذ أمد مازالت تؤلمه من حيناً إلى حين .

نظر زين إلى التذكرة التي بين يديه الآن إنها تذكرة عودة فابتسما ساخراً من القدر , فعندما سافر من سنوات مضت لم يكن يملك سوى تذكرة ذهاب فقط , فقد قرر آنذاك أن ربما هذه فرصته لأن يكّون ذاته فعاهد نفسه بأن لا يعود إلى هنا إلا إن أصبح ذي شأن لكنه مع الوقت نسي أمر العودة حتى أتى هذا العقد وأعاده رغماً عنه .

عاد زين إلى أرض الواقع فرأى الجميع ينظرون إليه ووميض الكاميرات من كل مكان يلمع وصراخ المعجبين منعه من سماع أي شيء بل إنه زاد من ألم رأسه لكنه بالرغم من ذالك كان يبتسم بوجه الجميع وكان يتوقف لبضع دقائق ليوقع تذكارات لبعض المعجبين الذين استطاعوا الوصول إليه بشق الأنفس ,حتى وصل إلى السيارة أخيراً التي كانت بانتظاره والتي كان بجوارها أيضاً رجال امن يحيطونها فركب هو في الخلف بينما ركب المقدم في الأمام .

أرجع الرجل رأسه إلى الخلف بينما كان المقدم يعطي أوامره للسائق ورجال الامن الذين بالخارج حتى خرجوا من المطار إلى الشارع , لكن ما أن هدأ الإزعاج بالخارج قليلاً وأخذ السائق يقود جيداً بدون ازدحام وإزعاج من المقدم , التفت هذا الأخير إلى زين الذي بالخلف وأخذ يتحدث إليه ويلقي عليه الأسئلة وبعض تعليقاته عن بعض مبارياته , فهمس زين راجياً ربه أن يجعل المقدم يصمت ولو قليلاً , فقد كان متعباً جداً وبالكاد يستطيع أن يفتح عينيه فكيف بعقله , وهذا الرجل وحديثه يتعبه أكثر فهو يناقشه بشدة وليس ذالك فقط بل يحاول أن يقنعه بصواب رأيه , واستمر المقدم على ذالك حتى وصلوا إلى الفندق فهمس زين لنفسه " يا الهي ,أخيراً سأرتاح "

لكن ما أن فتح باب السيارة وهم زين بالهبوط حتى قال المقدم بعد أن التفت له " الأستاذ محمد رشدي بانتظارك في القاعة الكبيرة ومعه بعض الصحفيين "

زين " ماذا "

ثم همس زين لنفسه " لا يعقل ذالك إني متعب جداً "

عقد زين حاجبيه غاضباً , لكنه لم يرد أن يفتعل شجار منذ البداية مع المسئولين الذين سيتعامل معهم حالياً فتمالك أعصابه بالقوة وقال " حسناً , شكراً لك أيها المقدم رياض "

ثم خطى إلى الأمام لكن المقدم أوقفه مرة أخرى , مقدماً له بطاقة بها رقمه الخاص ورقم مكتبه ثم قال " إن أردت أي خدمة تستطيع أن تتصل بي "

فابتسم زين له ثم أكمل سيره إلى داخل الفندق بعد أن أخذ البطاقة ووضعها في جيبه دون اهتمام , وصل لبهو كبير بعد أن استقبله أشخاص لا يعرفهم طلبوا منه أن يرتاح قليلاً , وسألوه إن كان يريد شيئاً فأجابهم إن كأس من عصير البرتقال كافي بأن يريحه , ثم خلا بنفسه متأمل البهو من حوله فوجده يتصف بالفخامة والراحة في آنٍ واحد فالأراك كانت من النوع الفخم والمريح جداً حتى أن النوم داعب عينيه بينما كان جالس على أحدها , أما المضيفين فكانوا في كل مكان بسبب ازدحام البهو وكثرة المتواجدين فيه , لقد شاهد الكثير من الفنادق لكنه لم يولها اهتماماً كثيراً لكن هذا الفندق ليس كالبقية ليس لأنه أفخم أو أنه لم يرى مثله , فقد سافر و رأى مثله من قبل , لكن أن يعيش في مثل هذا الفندق في بلده ترك في نفسه شعوراً غريب.

فقبل عشرة سنوات كان فقيراً ويأساً من كل شيء وكان وقتها من المستحيل أن يتخيل العيش في مثل هذا الفندق ولكن منذ فترة أصبح هنالك سؤال يراودوه وهو هل كان سيصل إلى ما وصل إليه اليوم إن بقى هنا؟؟

وهل كان سيسكن في فندق مثل هذا لو ظل هنا ؟؟

إنه يؤمن بأن الأرزاق بيد الله لكنه يعلم أن الله يحب العبد الذي يسعى فيساعده ويعطيه أكثر أما من يضع يده على خده ينتظر الرزق فلن يعطى شيئاً , عند تأمل مسيرته التي قطعها والتي أوصلته لأن يعيش في مثل هذا المكان عادات تساؤلاته وهي لو أنه عاد بالزمن ورفض فكرة الهجرة عن بلده وبقى فهل كان سيصل إلى ما وصل إليه اليوم عندها, فخرجت منه ضحكةً ساخرة تخفي ألماً عميقاً عندما همس لنفسه " مستحيل , مستحيل "

عندها سمع أحدهم يتحدث معه من الخلف فاستدار إلى مصدر الصوت فوجد رجل شاب يصغره , مبتسماً له ويضع بطاقة على صدره فيها اسمه وعمله ويبدوا أنه السكرتير الخاص بالمدير محمد رشدي

" السيد محمد رشدي ينتظرك في القاعة معتذراً أنه لم يعلمك عن ذالك سابقاً "

ابتسم زين رغماً عنه ثم قال وهو ينهي عصيره الذي جلبوه له" أتمنى فقط ألا يعاد هذا الخطأ مرة أخرى "

قال الشاب متحرجاً " إن شاء الله لن تعاد مرة أخرى , هل تفضلت معي الآن يا سيد زين "

لحق زين بالشاب إلى القاعة وقام بالمقابلة ثم صعد إلى غرفته بعد أن اعتذر عن عدم قدرته لتناول الغداء مع الجميع بسبب إرهاقه , فقد قضى يوم أمس بكامله في المطار منتظراً لطائرته التي تأخرت بسبب حالة الجو السيئة ثم قضى ليلة أمس ونصف اليوم على متن الطائرة ولا يعتقد أن بقدرته أن يتحمل أكثر فقد بلغ من الإرهاق مبلغاً كبيراً , وما أن وصل إلى غرفته حتى سارع بتبديل ثيابه ثم الذهاب مباشرة للسرير فوجده مريحاً جداً لدرجة أنه نام ما أن وضع رأسه على الوسادة حتى أنه لم يغلق الستائر ...


**************************

أضئت القمر 04-03-14 01:05 PM

رد: أتحبني بعد الذي كان
 
أرض الوطن ..

وصلت رهف إلى العمل لتجد جميع الموظفين مجتمعين في بهو الشركة يتحدثون بصوت عالي بينما كانوا يتابعون التلفاز لم تعرف سبب النقاش هذه المرة لكنه في العادة غير مهم فالرجال يتهمون النساء بالثرثرة لكن ما أن تفتح معهم موضوع للنقاش حتى يثرثرون أضعاف ثرثرة النساء وقد تصل مناقشاتهم للمشاجرة بالأيدي , عندها همست لنفسها " الأفضل لي أن أذهب لمكتبي"

لكن سماعها لصوت ما جعلها تلتفت وبحده إلى مصدر الصوت فرأت أن مصدره التلفاز وما أن وقع نظرها على الشاشة حتى رأت شخصاً ظنت أنها لن تراه أبداً فقد فقدت الأمل في إيجاده حتى ظنت أنه ربما لم يعد له وجود بالأرض لكن أن تراه في التلفاز كان أمراً مستحيل تصوره عندها همست

" إنه هو وجهه شعره ابتسامته عينيه إنه هو "

اجتازت المقهى دون أن تشعر أو تعي ذالك لتقرأ ما كتب عنه في الشريط الذي يظهر تحت صورته فقرأته بصوت منخفض
" اللاعب النجم زين الدين أنور يعود إلى أرض الوطن بعد غياب عشرة سنوات عنه "

نظر إليها الجميع باندهاش بينما كانت هي تتابع اللقاء الصحفي

المراسل " زين الدين أنور ما شعورك بعد عودتك لأرض الوطن بعد غياب دام سنوات طويلة لأسباب ليست معروفه "

ابتسم زين وهو يقول " سعيد بالطبع "

مراسل أخر " كيف كان الاستقبال في المطار "

ابتسم زين " كان جميلاً جداً , وغير متوقع , فأن تعلم أن هنالك من يحبك وينتظرك ويشجعك إنه لأمر رائع "

مراسلة " هل عدت لتستقر نهائياً "

زين " لم أفكر في الأمر بعد لكنني تركت أصدقاء لا أمانع في العودة إليهم مرة أخرى "

المراسل " ألا تفكر أن تستقر عاطفياُ ,, هذا السؤال وجهه معجبوك لمجلتنا عندما وضعنا خبر قدومك "

ضحك ثم قال " لم أفكر في الأمر بعد "

فضحك الجميع ..

فسأله مراسل أخر " بقائك هنا على حسب الوقت المذكور بعقدك هي سنتين فهل تفكر في تمديده لأكثر من ذالك "

صمت قليلاً ثم قال " لا أعلم فأنا لم أفكر في الأمر بعد "

مراسلة " هل سميت بزين الدين تيمناً بزين الدين زيدان ؟ "

ابتسم زين " بالطبع فوالدي يعشق النجم الكبير زيزو "

فضحك الجميع ثم علق أحدهم " أنت الآن زيزو 2 "

زين " أتمنى أن أستحق حمل هذا اللقب "

شعرت رهف فجأة بألم يجتاح جسدها كله وبأن قدميها لم تعدا قادرتين على حملها,فرؤية هذا الشخص الذي ظلت سنوات تبحث عنه في كل مكان وأي مكان لكنه اختفى فجأة دون كلمة كانت مستعدة طيلة تلك السنوات أن تطلب منه الغفران عن كل شيء ليعود فقط لها , لكن الآن وبعد مضي عشرة سنوات يظهر فجأة كنجم كرة قدم من كان يتصور ذالك , إنه لم يهتم طيلة تلك السنوات بمقدار قلقنا فقد بحث عنه الجميع فلم تترك عائلته مستشفى أو مركز شرطة لم تسأل به , لكنهم بالرغم من ذالك لم يجدوا له أي أثر حتى استسلم الجميع لكنهم كانوا يعتقدون بأن والدي وعائلتي لهم يداً في اختفائه المفاجئ هذا , لكن بظهوره هكذا أكد للجميع براءة والدي وعائلتي من إخفائه , لقد قضيت السنوات الأخيرة خائفة من عدم رؤيته مرة أخرى كان ذلك كافين لأن يؤرقني وينسيني النوم بل كان ينتهي بي الأمر أحياناً إلى البكاء في صمت بسبب عدم مقدرتي على البوح بمشاعري وخوفاً من أن تعلم عائلتي ذلك فما مررت به لا أريد أن أمر به مرة أخرى , هاهو اليوم يثبت لنا جميعاً بقائه حياً يرزق بل وبأحسن حال , لقد عاد بعد غياباً طويل وكأن شيئاً لم يكن فهل يعقل أنه سعيد كتلك الابتسامة التي تعلو وجه هل يعقل أنه ترك الماضي وواصل حياته كأن شيئاً لم يكن أم أن تلك الابتسامة ليست سوى قناع نضعه لنري الجميع ما نريدهم أن يروه ليس إلا..

أخذت رهف تراقب اللاعب النجم زين الدين وهو يجلس على المنصة يبتسم ويضحك ويجيب عن أسئلة معجبينه حائرة من أمرها فهي فرحة لما حققه فقد مر بأوقات صعبة بسببها لكنها في ذات الوقت شعرت بانقباض في قلبها فعودته لن تكون خيراً أبداً ما الذي أعاده بعد هذه السنوات الطويلة وقد غابت عن الجميع أخباره حتى أقرب الأقربين له.

تركت رهف المقهى وعيون الجميع تتابعها فقد تغيرت ملامحها الهادئة و اللطيفة إلى الحزن والانزعاج وعندما دخلت مكتبها شعرت بمشاعرها تتخبط بين الحزن والانزعاج والخوف والترقب أرادت للحظة أن تبكي فرحاً وحزناً لكنها في النهاية جلست على كرسيها فلم تعد قادرة على الوقوف من شدة الصدمة تاركة دموعها الحارة تحرق وجنتيها بسخونتها.

***************************

أضئت القمر 04-03-14 09:14 PM

رد: أتحبني بعد الذي كان
 
المــــاضي ..
مضى الأسبوع الأول على زين مزعجاً كئيباً فالذكريات تهاجمه وتنغص عليه في الصباح وتستفرد به في الليل وخاصة في أحلامه , لقد اعتاد منذ سنوات تناول نصف حبة منوم عندما يرفض عقله الانصياع لأوامره والنوم لكنه أصبح حالياً يأخذ حبة كاملة حتى ينام , فعقله قام بالتمرد عليه ويصر على إيقاظ قلبه و ما نام من مشاعر وذكريات داخله كل ليلة .
................
وقف زين في الشرفة وفي يده كوب من القهوة يرتشفه بملل بينما عينيه تجولان أسطح المدينة القابعة أمامه , بينما عقله يعود به لأيام طفولته التي عاشها بين أزقه هذه المدينة الشامخة أمامه .
في يوم من أيام العطلة الصيفية خرج من منزله لينتظر أصدقائه كي يذهبوا جميعاً للعب الكرة لكنه لم يجد أحداً من أصدقائه بالخارج فجلس أمام منزله منزعجاً , عندها شد انتباهه فتاة تصغره تلعب بجوار منزله كان هو وأصدقائه من مزعجي الفتيات لكن هذه الفتاة لم تكن تشبه أي فتاة تسكن بحارته, فثيابها جميلة جداً ويبدوا أنها غالية الثمن كذلك يبدوا على الفتاة الدلال ولا يوجد مثلها في مثل هذه الحي الفقير ,كانت تمسك بغصن تكتب به على الأرض الأحرف الأبجدية بينما في يدها الأخرى كيس مليء بأنواع كثيرة من الحلويات التي أثارت شهيته , عندها نظر زين حوله لعله يلمح أحد أصدقائه فيؤنس بالبقاء معه بدلاً من مراقبة هذه الفتاة ,لكنه لم يرى أحدهم وقتها عاد رغماً عنه يراقب ما تفعله الفتاة الصغيرة فقد كان الوقت حينها بعد الظهيرة وكان الجميع في منازلهم يشاهدون التلفاز لكن زين لا يحب يشاهد التلفاز كثيراً بل كان يفضل البقاء خارجاً ليراقب المارة فذالك كان يسليه أكثر حينها ومازال ذالك يسليه حتى الآن فمراقبة المارة ينسيك التفكير قليلاً ,بعد فترة ليست بالقصيرة تنبهت له الفتاة الصغيرة فقد ابتسمت له برقة لكنه لم يبادلها الابتسام بل نظر إلى اتجاه أخر عندها عادت مرة أخرى للعبها منزعجة من تجاهله لها لكنه عاد مرة أخرى يراقبها لا يدري ما الذي جعله يفعل ذالك فلم تكن هذه من عادته فقد كان يقضي أيامه في الشجار مع الفتيات طيلة الوقت وبينما كان زين جالساً لا يفعل شيئاً سوى مراقبة تلك الفتاة الصغيرة أفزعه أحد أصدقائه بينما أخذ الجميع بالضحك عندها قال لهم " لما تأخرتم لقد انتظرتكم طويلاً "
فأجابه أحدهم " لما ألم تشاهد الحلقة الأخيرة "
أجابهم زين " لا لم أشاهدها , لكن ما رأيكم بالذهاب لنلعب الكرة مع أبناء الحارة المجاور"
وافق الجميع على الذهاب عندها طلبت منهم الانتظار حتى أجلب الكرة من المنزل وحقاً أسرعت بالدخول وجلبت الكرة وبينما كنت أغلق باب منزلي رأيتهم قد تجمعوا حول الفتاة الصغيرة بعد أن أسقطوها أرضاً وأخذوا منها كيس الحلوى الخاص بها وتقاسموه بينما ظلت هي تبكي طالبة منهم أن يعيدوه لها عندها صرخت بأصدقائي غاضب
" ما الذي تفعلونه لما أخذتم حلوياتها ثم لماذا تصرخون بها مثل المجرمين إنكم تخيفونها"
نظر الجميع إلي وعلامات التعجب ظاهرة على وجوههم عندها قالوا " هل هي قريبتك "
" لا "
" إذن لماذا أنت غاضب نحن كنا سنتقاسم ما أخذناه معك "
" كيف نتقاسمه وهو ليس لنا "
" لكن هذه فتاة ولقد قلت لنا ذلك "
تذكر زين أنه هو من نص قانون قطاع الطرق هذا حتى يزعج بنات الحارة ليتركن المكان ليلعب به الفتيان وحقاً انقطعت عنه الفتيات , لكنه فكر بحجة سريعة فقال " لكن هذه الصغيرة ثم أنها ليست من فتيات الحارة "
ثم تقدم وأخذ كيس الحلوى من صديقه وأعطاه للفتاة الصغير التي كانت تنظف ملابسها من الأوساخ التي علقت به بعد أن سقطت عندها نظر أصدقاء زين له بانزعاج فقال أحد الفتيان " أنا لن أصادق محب الفتيات هذا"
فوافق الجميع على أن زين محب للفتيات بالرغم محاولة زين نفي هذه الجريمة الشنعاء لكنه لم يفلح في تبرئة نفسه من هذه التهمة النكراء عندها قام بالشجار معهم حتى أتى أخ زين (سامر) وصرخ في الجميع فتفرقوا تاركين زين ثائراً أمام أخاه الذي وصل للتو من عمله الذي يعمل به في فصل الصيف حتى يجمع بعض المال ليساعده في إتمام دراسته عندها سأله أخاه سامر باهتمام " ماذا هنالك , لما يتشاجرون معك أليسوا هؤلاء أصدقائك "
" لا لم يعدوا أصدقائي ولم أعد أريد أن أراهم بعد اليوم "
" لما "
" هكذا "
" أنت حر لكن لا تدعهم يضربونك مرة أخرى "
ثم تركه داخلاً إلى المنزل عندها اقتربت الفتاة الصغيرة وقدمت لزين حلوى بينما كان زين ينظر إلى الأرض ويفكر فيما قاله أصدقائه فهل يعقل أنه محب للفتيات وعندما رأى الفتاة الصغيرة تقدم له الحلوى صرخ بوجهها " كل ذلك بسببك "
" هم من بدأو المشاجرة وأخذوا كيس الحلوى الخاص بي"
لكنني استدرت وجلست أمام منزلي متجاهلا إياها عندها ظلت تنظر إلي بحزن شديد ثم قالت " هل أنت صديق أولئك الفتيان الأشرار "
" هم ليسوا أشراراً "
" لكنهم سرقوا حلوياتي وقاموا بضربك إنهم أشرار ,, لكنك لست بشرير مثلهم"
ثم قامت بإعطائي كيس الحلوى الخاص بها " خذه كله لك , فأنا لا أريده "
نظرت إليها قليلاً غير مصدق عرضها هذا إن كانت تريد إرضائي فهذا كان كافياً لأن أرضى سريعاً فكرت آنذاك بأنني لم أملك يوماً حلويات بهذا القدر ومن هذه النوعية الغالية الثمن قلت لها وأنا متردد لكنني لم أرد أن تعاقب هذه الفتاة الصغيرة " ألن تعاقبين "
هزت الفتاة الصغيرة رأسها نفياً فأخذته وأنا سعيد كنت أفكر وقتها أنني أستطيع أن أتقاسمه أنا وأخوتي فجأة سمعنا كلانا صوت فاستدرت لأرى امرأة تقترب منا بنظرات متعالية وغاضبة وما أن وصلت إلينا حتى وجهت حديثها للفتاة الصغيرة " رهف حبيبتي ماذا قلت لك في المنزل أنني لا أريدك أن تلعبين في مثل هذا المكان انظري الآن كيف اتسخت ثيابك ويديكِ "
رهف " أمي هذا ليس من اللعب هنالك أطفال قاموا بضربي وأخذوا الحلوى الذي اشتريته لي "
سألت الأم غاضبة " أينهم هل تعرفينهم "
رهف " لا "
فجأة لاحظت الأم أن هنالك فتى غريب مع ابنتها لا تعرف ابن من هو عندها نظرت إليه من رأسه نزولاً إلى قدميه كانت ملابسه متسخة من لعبه منذ الصباح حتى المساء دون انقطاع فهذه الأيام كانت أيام إجازة وهذا هو الوقت المتاح للأطفال باللعب طيلة اليوم وكان شعره قد تغير لونه من كثرة الغبار عندها لاحظت شيئاً أخر كيس الحلوى الخاص بابنتها فسألت " رهف حبيبتي أليس هذا كيسك "
رهف " نعم يا أمي إنه هو "
عندها أمسكت الأم بيد زين وجرته إليها رغم اتساخه" إذن أنت من فعل بابنتي هذا بل وأخذت حلوياتها أيها اللص "
زين " أنا لست بلص ثم أنا لست من قام بفعل ذلك "
صرخت الأم " كف عن الكذب "
وشدت إذنه عندها صرخ زين وهو يقسم انه يقول الحقيقة عندها قامت رهف بسحب يد والدتها بينما كانت تصرخ
" ليس هو يا أمي ليس هو اتركيه "
قالت الأم وهي مازالت ممسكة أذن زين " هل هذه الحقيقة يا رهف أم أنه أخافك بشيء ما "
رهف " إنها الحقيقة يا أمي إنه صديقي لقد أعطيته الحلوى لأنه أنقذني من أولئك الفتيان الأشرار "
تركت الأم أذن زين عندها قام هذا الأخير برمي كيس الحلو و داسه ثم قال قبل أن يذهب" أنا لست بلص أتفهمين ذلك ؟ إن رأيت أبنتك هذه بالجوار سأضربها فلا تأتي إلى هنا مرة أخرى "
ثم عدت إلى منزلي وأخذت ابكي على سطح منزلنا كان ذالك مكاني المفضل وقتها تساءلت هل كل الوالدات هكذا شريرات ؟؟ فأنا لدي أمي أيضاً لكنني لم أعرفها يوماً ويبدوا من حديث سامر عنها أنها لم تحبنا يوماً , لكنني آنذاك تمنيت لو أنه لدي أم مثل بقيت الأطفال لكنت بثثت لها شكواي فتقوم حينها بالشجار مع تلك المرأة كأمهات الفتيان الآخرين .
***************************
كم أنتِ جميلة ..
مرت أيام كنت قد نسيت كل ما حدث حتى أتى يوما كنت ألعب مع الفتيان بكرات زجاجية كانت تلك طريقة لكسب المال وكثيراً ما استخدمتها حتى عندما كنت في المدرسة المتوسطة , وذات مرة رآنا أحد أساتذتنا نلعب برهان فأمسكنا جميعنا وقام بضربنا بعصاه خمسة ضربات في كل كف وقد كانت من القوة حتى أنني مازلت أذكر ألمها حتى الآن كان وقتها لغة الآباء والأساتذة العصا فهذه كانت أداتهم للتوجيه فبالعصا لا تفكر أن تعيد خطأك مرة أخرى وحتى لا تسول لك نفسك مرة أخرى بأن تقوم بذلك ثم قام بإعطائنا محاضرة عن الكسب الحرام وأن هذه من أنواع القمار وأنه محرم شرعاً وغير قانوني لكن عندما تكن طفلاً تكن بسيطاً في أفكارك لكن هذه لم تكن محسوبة عند معلمنا هذا فقد قام بضربنا ونحن أطفال لا نعلم ما هو الحرام عن الحلال ,لنعد إلى حيث ما كنا أخذت أكسب جولة تلو الأخرى وبينما كنت أجمع مال أخر جولة شعرت بشيء يظهر ثم يختفي من خلف أحد البيوت القريبة لم أستطيع أن أميز ما هو فشعرت بتوجس حينها فالقصص التي كانوا يخبروننا عن الجن والعفاريت أو عن الناس الذين يأخذونك ليبيعونك أو ليقتلونك ثم يبيعون أعضائك, كان هذا كافياً لإخافة أي شخص فكيف بطفل في الحادية عشرة من عمره انتهينا من اللعب فقال أحد الفتيان " ما رأيكم نذهب لنشتري شيئاً لنأكله "
فتسابقنا جميعنا لنرى من سيصل أولاً وبينما كنت أجري لا أدري لما التفت ربما هو الفضول فقط عندها لمحت شيئاً أسود ينظر إلينا عندها توقفت قدمي عن الحركة فزعاً فقد صدق حدسي أن هنالك شيئاً ما لكن ذلك الشيء اختفى ما أن توقفت عندها شعرت بالفزع أكثر لكنني قررت أن أكون شجاعاً وأرى ما هو وحقاً اقتربت من المكان بهدوء وفجأة ظهر شيئاً أسود كدت أهرب من الفزع لكن قدمي تجمدتا ولم أعد قادراً على الهرب , لكن الشيء الأسود الذي ظهر لي لم يكن سوى رهف الفتاة الصغيرة عندها صرخت بها فقد أخافتني
" لماذا أنتِ هنا ولما تختبئين "
ففزعت هي الأخرى وقالت وهي تحاول تقاوم سقوط دموعها " أنت قلت لو أنك تراني مرة أخرى ستضربني وأنا أريد أن أذهب لمنزل ابنة عم أمي من هذا الطريق لأن الطريق الأخر فيه كلاب مخيفة "
قلت لها غاضباً " نعم لقد قلت ذالك وكنت أعنيه "
عندها نظرت إلي بحزن ثم قالت " لكنني لا أستطيع أن أذهب من هنالك , فهنالك كلاب مخيفة وقطط في كل مكان "
صرخ زين " وما شأني أنا "
وعندما لم يتلقى منها جواب صرخ زين " يا الهي,ألا تسمعين إن من الأفضل لكِ أن تذهبِ قبل أن أغير رأي هيا أذهبي"
عندها عادت رهف من الطريق الذي أتت منه محنية الرأس حزينة تتساقط دموعها في صمت ,مازلت أذكر كم كانت ذالك اليوم بالرغم تساقط دموعها كانت جميلة جداً ..
****************************

أضئت القمر 05-03-14 10:42 AM

رد: أتحبني بعد الذي كان
 
صيف .. ولعب ,, وحــب ..

مرت أيام العطلة الصيفية بسرعة كانت جميلة فمنذ أن نستيقظ حتى ننطلق إلى اللعب لا يوقفنا شيء سوى غروب الشمس , في أحد الأيام وبينما كنا نلعب أتى فارس والدماء مغطاة وجهه ورأسه بالكامل وما أن رأت والدته ذلك حتى أقامت مشكلة وأخذت حقه من الفتى الذي ضرب ابنها وانتهى الموضوع هكذا , لكن بعد عدة أيام مر هذا الفتى بحارتنا مع بعض أصدقائه وأخذوا يسخرون من فارس وكم هو جبان عندها سألت فارس

" من هؤلاء "

فارس " إنهم الفتيان الذين ضربوني , إنهم من الحارة المجاورة "

لقد كان في ذالك الوقت أبناء الحارة الواحدة لا بأس إن تشاجروا معاً لكن أن يأتي شخص أخر ويقوم بضربه عندها يجب أن نرد كرامتنا التي هدرت وبما أنني كنت زعيم المشاكل أمرتهم بأن نذهب لنضرب أولئك الفتيان وحقاً قمنا بملاحقتهم حتى وصلنا لحارتهم وقمنا بضربهم وعند عودتنا من المشاجرة التي انتهت بصراخ الأمهات وبعض الفتيان الأكبر سناً فضلنا الهرب فقد كنا نحن المنتصرون آنذاك وبينما نحن عائدون رأيت رهف الصغيرة ممسكة بيد فتاة أكبر منها قليلاً لكنها لا تلبس ثياب غالية الثمن مثلها وبيديهما حلويات وكانتا تضحكان وكانت رهف جميلة جداً ذالك اليوم يبدوا أنني كنت دائما أراها جميلة جداً فقد كانت مرتدية فستاناً أخضراً أما شعرها الأسود فقد كان معقوصاً من أعلى رأسها حتى نهايته وفي أخره كانت هنالك شريطة خضراء كانت جميلة هي الأخرى, عندها رأتني هي أيضاً فتلاشت ابتسامتها وخفضت رأسها وقد غمر وجهها الحزن فجأة ,لكنني لم أعيرها انتباهاً آنذاك بل واصلت طريقي دون أن ألتفت إليها أدنى التفاتة وهكذا كانت تسير معظم لقاءاتنا فقد كنت طفل شرس الطباع بينما كانت هي طفلة لطيفة ورقيقة .لكنني تغيرت قليلاً بعد أن أحببتها لقد اجتاحني حبها منذ الصغر وكبر معي إنني أجد أنه من المحزن أن أعرف بأن هذا القلب الخائن مازال يكن لها شيئاً من المشاعر فقد تخلت عني عند حاجتي لها , لنعد إلى اليوم التي تحولت مشاعري من غضب تجاه هذه الطفلة إلى مشاعر حب عارم كان ذلك عندما كنت أسير بجوار حارة أولئك الفتيان الذين تشاجرت معهم سابقاً كنت خائفاً أن يتم الغدر بي هنالك فكنت أسير وألتفت إلى كل اتجاه وصوب وبينما أنا أسير وأتلفت يمنة ويسرى رأيت شيء أوقفني كان ذالك رهف ليس إلا فقد كانت جالست على الأرض تبكي وقد كانت حالتها يرثى لها فقد جرحت ركبتها واتسخت ثيابها عندها ودون تفكيراً أسرعت إليها وجلست بجوارها فنظرت إلي دون أن تقول شيء بل زاد تساقط دموعها عندها سألت و أنا أشعر بالشفقة عليها

" من الذي فعل بك ذلك "

فقالت لي من بين دموعها "إنه حمزة وأصدقائه لقد دفعوني فسقطت على الأرض وجرحت في ركبتي ويدي واتسخت ثيابي وأخذوا حلوياتي "

نظرت إليها ثم قلت "حسناً انهضي حتى أنظف لك ثيابك قبل أن تتسخ أكثر "

وحقاً نهضت وأخذت تمسح دموعها بقفا كفيها وتبعد شعرها عن وجهها بينما كنت أنفض الغبار والتراب عن ثيابها خوفاً عليها من والدتها ثم قلت لها

" تعالي معي "

فقالت وهي تنظر إلي " إلى أين , فأمي قالت لي ألا أذهب مع أحداً غريب إلى أي مكان "

فقلت لها " إن المكان ليس ببعيد إنه قريباً من هنا فلا تقلقين سنعود بسرعة "

عندها وافقت وهي مترددة فهي خائفة من عقاب والدتها إن علمت بذالك , لكنها ذهبت بالرغم من ذالك لم يكن المكان سوى الدكان الكبير الذي بحارتنا , اشتريت منه بعض الحلويات وضمادات للجروح لم اشتريها يوماً لنفسي فقد كنت معتاد أن أجرح بينما ألعب لكنني لم أضع أي ضمادة على أي جرح فقد كنت أغسله بالماء والصابون ثم أعود وأوصل اللعب بالرغم من الألم الذي كنت أنساه معظم الوقت فمن يعتاد على الألأم الكبيرة لا تعد تضره هذه الجروح السطحية , أعطيت رهف الحلوى وتركتها تأكلها بينما كنت أضع الضمادات على يدها وركبتها قلت لها بعد أن انتهيت

" لقد تمزق جزء من فستانك , هل ستعاقبك والدتك "

هزت رأسها إيجاباً فانزعجت من أجلها عندها قالت " أمي تكره هذه الحارات وتقول أنها مكب قمامة لكن والدي يقول أنه يفضل أن أختلط بأقربائنا لأنهم ناس لطيفين فهم يحبوننا "

قلت لها وأنا منزعج " وهل نحن مكب قمامة "

نظرت رهف إلي ثم قالت مدافعة " أنا لا أرى أنك مكب قمامة "

" أذن ماذا أنا "

ابتسمت وقالت " أنت صديقي"

ثم قامت بإعطائي بعض الحلوى التي في يدها فأخذتها دون تردد فقد كانت من نوعي المفضل وبينما كنا نتناول الحلوى أمام الدكان وقفت رهف وقالت

" هل أعدتني إلى المنزل فأنا خائفة أن يضربونني مرة أخرى"

فوقفت أنا أيضاً وسرت معها حتى وصلنا إلى منزلي فالتفت إليها وقلت

" تستطيعين الآن أن تعبرين من هنا ولن يوقفك أحداً وإن قام أحدهم بإزعاجك ليس عليكِ سوى أن تقومِ بالطرق على هذا الباب أفهمتِ "

ابتسمت رهف " نعم "

"جيد , أذن هيا بنا الآن لأوصلك للمنزل "

سرت معها حتى وصلنا لمنزل أقاربها ولم أتركها حتى تأكدت أنها دخلت عدت بعدها إلى المنزل , لكن منذ ذالك الوقت ومشاجراتي ازدادت مع حمزة وأصدقائه ومع بعض فتيان حارتي كله من أجل رهف وحدها فقد أصبحت تتردد على حارتنا كثيراً وكان الجميع يحاولون إغاظتي بإزعاجها فقد كنت كالحارس الشخصي لها , فكنت أتشاجر مع أي أحد يزعجها أو يؤذيها عندها أصبح الجميع يسخرون مني وقاموا بتلقيبنا " الوحش والجميلة " فأنا بشكلي الفقير والمشرد كالوحش بينما هي كالأميرة الجميلة وكان ذالك يغظني في بداية الأمر لكن مع مرور الأيام أحببت اللقب مهما كان لكنه كان يرمز لحبنا وقتها لم أكن أفكر في الفارق الاجتماعي كثيراً كنت أضن أن الحب أقوى من أي شيء , أصبح جميع أصدقائي يترقبون ما سيحدث مع الوحش والجميلة فما أن تمر حتى أرى الجميع يحدقون بنا لعلها تفلت منا نظرة أو التفاتة أو ابتسامة لكننا لم نكن نظهر حبنا أمام أحد فتعود مراقبتهم عليهم بالخيبة بينما نضحك نحن بداخلنا عليهم فقد كنا نحب مراقبتهم لنا بهذه الطريقة فقد كان الأمر كاللعبة بالنسبة لنا جميعاً فكنا نرتقب من سيسقط أولاً , وأذكر مرة كان يوم عيد الفطر وكنا جميعنا عدنا من مسجد المدينة الكبير بعد أن أدينا صلاة العيد وكنت مع أصدقائي عندها مرت رهف من خلفي فرأيت الجميع ينظرون ويهمسون لي حتى استدر ,وعندما استدرت رأيتها تسير لكنها لم تنظر إلى مكاني أبداً فاستدرت لأصدقائي ونهرتهم عن إحراجهم لي بهذه الطريقة فإذا بهم يسألونني
" أمازلتما تحبان بعضكما "

فقلت لهم منزعجاً من فضولهم " وهل سمعتموني يوماً أقول أننا نحب بعض "

رأيت ابتساماتهم تطوف على وجههم فقلت مستاء أكثر " ماذا "

فقال أحدهم " وهل يجب أن تنطق بها حتى نعلم إن كنت تحبها أم لا , ثم ألست أنت من كنت كالحارس الشخصي لها وكنت تتشاجر مع أي شخص يزعجها أو يتشاجر معها أياً كان "

فقلت مغتاظاً " هذا عندما كنا أطفالاً "

فقال أخر له " أطفالاً , أتذكرون عندما قال كل واحداً من سيتزوج إن كبرنا عندها قال فراس أنه سيتزوج رهف من قام بالشجار معه وأبرحه ضرباً , أيها الطفل "

وضلوا يتمازحون ويسخرون من إنكاره للأمر حتى ابتسم زين محرجاً وهو يقول " لا يفوت عليكم شيئاً "
عندها انفجر أصدقائه ضاحكين..

*****************************
سأصمد ,, لأجلك ..

مازلت أذكر لقائي برهف كل مرة تعود من السفر فما أن تراني حتى تجري إلي لتعطيني كيس ملئ بالحلويات وهدية تكون قد اشترتها لي من الخارج وغالباً تكون بسيطة لكنني كنت اعتبرها كنوزي الصغيرة والتي كانت تعزيني كلما افترقت عنها لوقتاً طويل أما الآن لا أعرف هل مازالت موجودة أم أن أبي تخلص منها بعد هجرتي للخارج , وهنا تعود بي ذاكرتي إلى ظهر ذالك اليوم الذي كنت قد قمت بالاستحمام وبارتداء ملابس نظيفة وهذه لم تكن من عاداتي فقد كنت أحتاج لأن يقوم والدي أو سامر بشدي لأن أستحم وتغيير ثيابي أما في الليل فكنت أمنع من دخول الغرفة إن لم أغير ثيابي المتسخة كان أخي سامر شاب نظيف بالرغم من فقرنا إلا أنني لم أراه يوماً متسخ الثياب وأحمد كذالك لكن ليس مثل سامر وبينما كنت أتأكد من مظهري رأيت الباب يفتح ليدخل منه أحمد وسامر عندها أخذ سامر يحدق بي ثم بأحمد ثم سأل أحمد ساخراً
" هل ما أراه صحيحاً أم أنني أصبت بضربة شمس "

فكبت أحمد ضحكه مراعاة لمشاعري وقال ناهراً " سامر "

نظرت إليهما مستاءً ثم قلت " ألم تقولا أنه من المفروض بفتى في الثالثة عشر أن يكون نظيفاً "

عندها قال سامر " نعم إن ذالك من المفترض لكننا الآن في الظهيرة وأخاف عليك من أعين الناس "

عندها صرخت " سامر كف عن ذلك وإلا أقسم بأنني .. "

قال سامر متحدياً " ماذا ألن تعيدها مرة أخرى "

عندها تدخل أحمد صارخاً بينما كان يجاهد نفسه عن الضحك " سامر حقاً كف ذلك "

توقف سامر للحظات عن الضحك ثم انفجر مرة أخرى وهو يقول " لا أستطيع حقاً لا أستطيع "

عندها شاركه أحمد هو أيضاً الضحك عندها قمت بالخروج غاضباً بينما قاما كلاهما باللحاق بي وعندما خرجت من المنزل رأيت رهف تجري باتجاهي باسمة يلحق بها أخاها رشدي الذي قابلته من قبل وقد سخر من مظهري المتسخ وكنت قد علمت صباح اليوم من سلمى صديقة رهف أنها ستأتي لزيارتها اليوم لهذا قمت بالاستحمام لكن لم أكن أعرف أنها ستأتي هي وأخاها الذي كرهته من الوهلة الأولى لنظراته التي تشبه والدته في التكبر الغطرسة ومازلت إلى الآن أكرهه فبسببه خسرت رهف إلى الأبد وخسرت جميع من عرفته حتى عائلتي أثقلت عليهم كثيراً حتى تركتهم في الأخير مهاجراً دون كلمة , من الأفضل أن نعد إلى ذالك اليوم فالذكريات أصبحت شيئاً مؤلماً بالرغم من أنها هي الشيء الوحيدة الذي بقي لي الآن فلم يعد لدي شيئاً هام في الحياة ,, أين وصلنا آه صحيح قمت بإلقاء تحية باردة على رشدي فرد علي بتحية أكثر برودة وغطرسة بعد أن جال بعينيه على ملابسي البالية بالرغم من نظافتها وابتسم بسخرية معبراً عن ما في نفسه عندها فضلت التحدث مع رهف متجاهلاً أخاها الذي يقف بجوارنا , فسمعت فجأة ضحكات أخوتي من خلفي فاستدرت لأنظر إليهما ففهمت من نظراتهم أنهم عرفوا الآن ما استجد في الأمر وكيف تغيرت الأمور بين ليلة وضحاها أو بالأصح في ظهيرة دون سابق إنذار , أخذا كلاً من أخوي ينظران إلينا ويضحكان فأحرجت من ذلك لكنني تجاهلتهما في الأخير وأكملت حديثي مع رهف التي كانت تخبرني بحماسها المعتاد عن ما رأته وما حدث معهم من مواقف بينما أخاها رشدي يستعجلها في المغادرة كنت بالرغم من كل شيء أستمتع بالوقوف معها هنالك لأسمع أشياء قد لا أراها ولن أسمع عنها سوى من هذه الطفلة فلم يكن لدينا التطور التكنولوجي الذي وصل إليه العالم الآن وكنت أحياناً أظن أن ما تقوله إنه من ضرب الخيال وفجأة صرخ رشدي وشد رهف من يدها يجرها خلفه حتى تسير فلوحت بيدها مبتعدة عنه وما أن ابتعد كلاً من رهف ورشدي حتى قالت رهف " رشدي لما فعلت ذالك لم أنهي كلامي بعد "

صرخ رشدي " لقد قلت لكِ ألف مرة ألا تتحدثين مع الفتيان وخاصة أمثال هذا الفتى الذي يدعى زين "

"ما شأنك أنت مع من أتحدث سأخبر أبي أنك كنت وقح جداً مع زين حتى إنك لم تحييه جيداً "

" اسمعي يا رهف هذه أخر مرة تأتين إلى هنا وسأخبر أمي عن هذا "

" رشدي أنت وفضولي وأنا سآتي إلى هنا كلما شئت "

عادت رهف من حيث أتت مارة بزين الذي كان مندهشاً من عودتها باكية لكنها لم تستدر إليه بل واصلت سيرها حتى وصلت لسيارتهم التي تنتظرهم خارج الحارة لضيق الشوارع وما أن ركبت السيارة حتى ركب أخاها وطلب من السائق أن يعيدهم للمنزل فهو يعلم كم أخته عنيدة ولن تعيد النظر في بقائهم .
كانت رهف وهي صغيرة كثيرة المشاجرة مع أخيها بسبب تعلقها الغريب بزين لكن مع الوقت أصبحت أكثر نضجاً وأكثر قدرة على أخفاء ما تكنه لزين من مشاعر ...
.....................
نظر زين حوله بينما يرتشف قهوته وفكر لو أن لديه القدرة على العودة إلى ذلك الوقت لكان تجنب كثير من المشاجرات التي كانت تقوم بينه وبين رشدي والذي كان يفتعلها هذا الأخير لكنها كانت تقع على زين الملامة وكثرة تلك المشاكل عندما عمل زين كموظف في شركة والد رشدي بينما كان يدرس في الصباح فكان يتحين رشدي وقتها الفرصة ليذله وليريه كيف أن الفارق الاجتماعي بينهما كبير وكان يغيظه هو وأصدقائه إن رأوه في أي مكان وقد أخبره ذات مرة أن مكب القمامة المتحرك هذا لن يكون زوج أخته يوماً من الأيام عندها عرف زين إن كل ما يفعله رشدي هو إبعاده عن رهف كان ذالك كفيلاً لأن يضع زين أعصابه في الثلاجة وأن يغلق أذنيه عن ما يقوله رشدي مهما أحتد به الأمر وكان ذلك يزيد من غيظ رشدي فيغير أسلوبه في كل مرة حتى يجعل زين يفقد أعصابه وليري أبيه أن الثقة التي يضعها في هذا الشاب ليست في محلها فقد وظفه والده لأن أخاه أحمد مهندس كفؤ في الشركة ولأجله تم توظيف أخاه الأصغر ولمعرفة والد رهف به منذ الصغر وهو معجب بذكاء زين وثقته في نفسه وأنه سينجح مثل أخوته وحقاً ها هو اليوم حقق ما كان يصبو له وهي الثروة والنجاح رغم أن هذه الطريق ليست هي ما كان خطط لها بل هي من أتته بدون تخطيط ..
*******************************

أضئت القمر 05-03-14 11:16 AM

رد: أتحبني بعد الذي كان
 
أطرقي بابي ..

مرة الأيام وأصبحت لا أرى رهف في العادة فعملي في شركة والدها وحضوري المحاضرات في الصباح لم يساعدنا في الالتقاء ولو بالصدفة هي أيضاً أصبحت زياراتها لسلمى صديقتها قليلة بسبب استعدادها لامتحانات الثانوية العامة ,ابتسم زين فجأة بينما كان يرتشف رشفة أخرى من فنجانه فقد تذكر موقف حدث منذ وقت طويل فبينما كانت رهف تسير متوجهة لمنزل صديقتها سلمى وكان قد مضى علينا الكثير من الوقت لم أراها فيه , فجأة وبينما رهف تسير سمعت نباح كلب وصراخ قادماً من خلفها فاستدارت لترى ماذا هنالك فوجدت كلب ضخم يعدوا باتجاهها وخلفه مجموعة فتيان يلاحقونه بالعصي والحجارة ويصرخون عندها أخذت تصرخ وتجري هي الأخرى إلى أقرب باب منزل حتى تختبئ فيه بسبب ضيق الشارع , وعندما وصلت لأحد الأبواب أخذت رهف تطرق الباب بكل قوة أتتها ذالك الوقت وما أن فتح الباب حتى دفعت الذي أمامها وأغلقت الباب خلفها واستندت عليه فجسدها كله كان يرتجف من شدة الفزع, لكنه هدئ أخيراً بعدما سمع أن الأصوات بدأت تتلاشى وتبتعد عندها استطاعت رهف في تلك اللحظة فقط أن تلتقط أنفاسها وأن تهدئ قليلاً لكنها فجأة دار شريط الأحداث بسرعة أمام عينيها فتذكرت أنها كانت تجري و أنها توقفت أمام أحد المنازل ثم أخذت تطرق بكل قوتها حتى فتح الباب ثم دخلت بعد أن دفعت الشخص الذي فتح لها الباب دون أن ترى من الذي فتح لها الباب كل ما فعلته هو دفع أحدهم ليبتعد عن طريقها ثم أغلقت الباب خلفها , وبنما كانت رهف غارقة في أفكارها شعرت بأن أحدهم يقف خلفها يراقبها فصوت نفسه كان قوى وذالك يدل على قربه عندها تحسست مقبض الباب بيد مرتجفة , فقد فكرة أن أفضل طريقة للخروج من هنا هو أن تجري بسرعة بعد أن تفتح الباب , لكن قبل أن تنفذ خطتها سمعت صوت وضحكت شخص تعرفه جيداً وهو يقول

" من أطلق الكلاب خلفك "

كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير فقد كان أخر شيء تريد هو أن تبدوا كالغبية أمام زين فهمست لنفسها بيأس لما يا الهي من بين جميع الأبواب كان باب منزل زين الأقرب , لكنها استدارت ببطء إليه بينما فتحت بيدها الأخرى الباب وهي تقول

" كان هنالك فتيان يجرون وراء كلب , وبدا لي أنه مسعور لهذا خفت ولم أعرف ماذا أفعل ,فأخذت أطرق على أحد الأبواب لم أكن أعلم حينها أن هذا منزلك و .."

انقطع ما كانت تريد أن تقوله عندما تلاقت عينيها بعيني زين الضاحكتان ,,

عندها قال مبتسماً " لا بأس "

ربما أراد أن يستظرف لكن هذا لم يكن الوقت المناسب أرادت أن تضربه بحق على رأسه عندها قالت وهي منزعجة بينما كانت تخرج

" ماذا قلت ؟؟! اسمع كان هنالك كلب " ثم صمتت لتسدد له نظرة غاضبة من استخفافه بها ثم قالت

" أنا آسفة على إزعاجك "

قال زين بينما كان يمسك نفسه عن الضحك " لا بأس فأنتِ لم تزعجينني إطلاقاً ثم أنا أصدقك ,, لكن يبدوا لي أن عرضي الذي عرضته عليكِ مازال ساري مفعوله "

نظرة رهف إلي وقد عقدة حاجبيها علامة على عدم فهمها

فقلت " لقد أخبرتك منذ زمناً بأن تطرقين باب منزلي في حال أن أزعجك أحدهم "

قالت رهف غاضبة " لقد قلت لك أنني طرقت بابك دون أن أعي أنه باب منزلك فقد كان هو الأقرب "

ابتسم زين ثم قال " أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً .. بالخطأ "

ثم ابتسم لها ,, عندها سددت رهف إليه نظرة لو كان الإنسان يقتل بالنظرات لكان زين قتل وقتها , تمنت رهف لحظتها لو أنها تستطع أن تضربه حتى تحطم أسنانه تماماً فهو يعتقد أنها فعلت ذالك متعمدة رغم إنكارها ذالك يا لغروره .. عندها ابتسم زين فعيني رهف فضحتا ما كانت تضمره من شر له فهو يقرأها ككتاب مفتوح أمامه إنها صافية وبرئيه جداً , خرجت رهف من منزله وهي تشعر بالغيظ منه لكن ما أن ابتعدت حتى تذكرت ما قاله

" أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً "

فابتسمت وهمست لنفسها " هل يدعوا علي .. ! "

ثم واصلت سيرها وهي تشعر بسعادة تغمر قلبها الصغير بهذه الكلمات البسيطة لكن بالرغم من بساطتها إلا أن معناها كان كبيراً بالنسبة لها ...

لم نتواعد أنا ورهف يوماً لكن حبي لها كان ينمو يومياً أما اليوم الذي أصادفها فيه كنت أشعر بأن الله أهداني هدية لعملاً صالح قمت به ,لكن رهف كانت تتجاهلني تماماً بعد أن قلت لها ذالك ظننت في بادئ الأمر أنها غيرت رأيها بي فقد كنت أظل أراقبها لعلها تنظر إلي بطرف عينها كما كانت تفعل لكنها لم تعد تعيرني أي اهتمام حتى يرتد بصري إلي خائباً فأظل أياماً تلاحقني الظنون والشكوك ويجافني النوم خوفاً من أن رهف قد غيرت رأيها بي فأظل كالمجنون أتخيل ماذا سيحدث لي لو أنها غيرت رأيها بي بالتأكيد سأموت وفكرت مرات عدة أن أصارحها بحبي لها لكني ترددت فلم أملك يوماً الجرأة على البوح بمشاعري لأياً كان ومهما كانت مشاعري مكتظة بالآلام والحزن ما كنت قادرا بالبوح عنها فقد أعتدت على الكتمان , فكيف سأبوح لحبيبة قلبي بما أكنه له إن ذالك من المستحيلات لا أستطيع فعل ذالك, فأظل هكذا كالمجنون أتخبط في أفكاري ومشاعري حتى أراها تمر أمامي فأنسى كل شيء , و كل مخططاتي تنهار أمام قوة عينيها فهما يهجمان بقوة على قلباً ضعيف مصاب بسهم الحب فأي تكافئ هذا , وذات مرة رفعت عيني مرة أخرى لأتأكد بأنها لم تعد تعيرني اهتمام ولم تعد تكن لي أية مشاعر عندها وجدتها تختلس النظرات بابتسامة ماكرة لما فعلته بي فقد جعلتني كالمجنون تطوف أفكاري أياماً وليالي حولها فقط وكانت ابتسامتها تلك لا تكاد ترى وعندما رأتني أنني كشفتها ارتبكت قليلاً ثم تجاهلتني مرة أخرى وأكملت طريقها لكن ذالك كان كافياً ليؤكد لي أن ما أشعر به هي أيضاً تشعر به , لكن النساء أمهر أو بالأصح أمكر من الرجال في إخفاء و إظهار مشاعرهن فهن ماكرات يستطعن أن يخدعن أقوى وأدهى الرجال بسهولة وذالك لبساطة تفكير الرجال وهمهم في عضلاتهم. كنت كمن سيفقد عقله في كل مرة تمر أمامي ولا تنظر إلي , كنت أشعر كطفل اليتيم عندما تغيب عني فلا أعد أشعر أن للكون أهمية من دونها ..


***********************************
بحر ,, ودموع ..

بعد ذالك بوقت ليس بالقصير قررت أنا وزملائي في العمل أن نذهب إلى البحر لنصطاد بعض السمك ونشويه وقررنا أن يكون ذالك في يوم الخميس حتى يتاح للجميع الذهاب .

أتى يوم الخميس سريعاً فذهبت أنا وأخوي منذ الصباح وصلنا إلى البحر بعد ساعة فقمنا بتقسيم الأعمال بين المجموعة منذ البداية حتى يجد الجميع وقتاً للسباحة واللعب فكان على أنا واثنان من زملائي أن ننظف السمك بما أننا لا نستطيع أن نصطاد وثلاثة آخرون يصطادون أما البقية فنصفهم يشوي والنصف الأخر ينصب الخيام عمل الجميع بجد واستمتاع فكانت رحلة في غاية الجمال فقد قضينا اليوم الأول في مصارعة الأمواج واصطياد السمك ولعب الكرة على الشاطئ أما اليوم الثاني فقد كان البحر هادئاً فاستمتعنا بالسباحة منذ الصباح حتى أتى وقت الغداء فتجمع الجميع وجلسنا نأكل ما تم شويه بشراهة ليس لحلو مذاقه فقط لكن لشدة جوعنا أيضاً فمنذ الصباح ونحن في البحر وعندما انتهى الجميع من الأكل لم يكن بمقدورنا أن نعاود السباحة فقد كنا مرهقين فأخذ الجميع يتحدثون في شتى المواضيع ويضحكون على النكات التي أخذ يلقيها بعض من الزملاء والذين كانوا متمرسين في إلقائها عندها داعب النوم عيني ففكرت أن من الأفضل أن أخذ قيلولة لبعض الوقت وما أن هممت بالوقوف حتى سمعت اثنان يتحدثان معاً يجلسان بعيدين قليلاً عنا لم يكونا يشاركان البقية الضحك فلديهما أشياء أخرى يتحدثون بها ربما كان تقدم سنهما سبباً لذالك سمعت أحدهما يقول

" أتعرف أن المهندس كريم تقدم لخطبة ابنة صاحب الشركة "

رد عليه الرجل الأخر " إنه شاب جيد ,, ومن عائلة غنية "

وإلى هنا توقف عقلي عن العمل وفقدت حاسة السمع وقتها أيضاً فلم أسمع بعدها شيء أخر , فقد شعرت وقتها وكأن شيئاً قوياً ضرب معدتي فوضعت يدي على معدتي من شدة الألم الذي راودني وقتها لكن الألم سريعاً ما انتقل إلى صدري فشعرت فجأة بشيء يغلى بداخلي وكأن هنالك ناراً قوية تجتاحني حتى أنني شعرت بارتفاع درجة حرارتي وبأن الجو أصبح خانقاً جداً فسرت خطوة وشعرت بدوار كدوار البحر وبأنني قد أتقيأ في أي لحظة كل ما أكلته , عندها أمسكني سامر من كتفي فتلاقت أعيننا فرأى ما لم أبوح به فقال في فزع

" زين ماذا بك ..... زين هل تسمعني "

لم أجيبه فما عدت أسمع أو أعي شيئاً آنذاك فقد كنت في ذالك الوقت غارقاً في تفكيري الذي كان يمد بي ويجزر فقد تساءلت حينها هل يعقل أن هذه هي النهاية بيني وبين رهف هل قدري أن أعمل في شركة والدها كموظف صغير لا يذكر بينما يقدر لها أن تتزوج بمهندس لديه القدرة بأن يبقيها في المستوى الرفاهية الذي اعتادت العيش فيه إن من الجنون أن أتوقع أن ترفضه ربما الآن قد حان الوقت لأن تفكر أن حبي لها ليس سوى حب طفولي ليس إلا وأنه قد حان الوقت لأن تنضج وتفكر في مستقبلها بجدية وأنه من الأفضل لها أن تقبل بالشخص الذي تقدم لخطبتها بسعادة فليست كل الفتيات محظوظات مثلها , كانت هذه الأفكار كافية لتجعلني أجن فسرت وأنا أشعر بدوار شديد كدت أسقط بسببه فشعرت بيدي أخي سامر مرة أخرى وهو يمسك بي حتى لا أقع وهو يقول فزعاً

" زين "

لكنني دفعت يد أخي بعيداً وأخذت أنظر حولي كالمجنون وأخطو خطوات متعثرة إلى الأمام فلم أعد أعرف ماذا أفعل فقد كانت أفكاري ومشاعري تتخبط بي حتى كدت أسقط , عندها شعرت بنظرات الجميع المندهشة لتصرفي الغريب هذا , لكنني لم أعير للأمر أهمية فقد سرت إلى مكان بعيداً عنهم حتى لا أسمع صوت أحداً فيه وأخذت أنظر للبحر لكنني في الحقيقة كنت أنظر للاشيء , فقد كانت مشاعري ثائرة ومتخبطة بداخلي وليس ذلك فقط بل تكالبت علي الظنون والشكوك حتى أوشكت على الإغماء فحاولت أن أتنفس بقوة لكنني شعرت بالهواء وكأنه عدم من الوجود حاولت أكثر لكن لم يدخل لرئتي شيئاً ,حينها شعرت بأحدهم يمسكني من كتفي فإذا به أخي أحمد وما أن رأى حالي هذا حتى سائلني مذعوراً فقد كنت كمن يختنق

" زين ماذا بك "

قلت بصوت مخنوق ودموع محبوسة تكاد تفيض فتفضح أمري " أكاد أختنق يا أحمد "

" تعال معي سأذهب بك لأقرب مستشفى "

" لا فقط اتركني وحدي"

" ماذا تقصد بأن أتركك وحدك , هيا تعال لقد قلت سأآخذك لأقرب مستشفى , هيا "

عندها صرخت " لقد قلت لك اتركني لما لا تفهم "

ثم استدرت سريعاً لكن دموعي كانت قد فضحت أمري ظل أخي واقفاً لا يعرف ماذا حدث لي وما الذي غير حالي في لحظات وما هذه الدموع التي فاضت وما سرها عندها سمعته يهمس لي وقد اقترب أكثر مني

" ماذا بك يا زين هل هنالك شيئاً تخفيه ولما أنت .."

" اتركني "

" أتركك!؟ "

" أحمد أرجوك أتركني "

" سأتركك الآن فقط لكن لدي حديثاً معك لاحقاً "

شعرت وقتها بالغباء لقد مررت بأشياء كثيرة لكنني لم أري أحداً دموعي حتى أخوي الذين اعتنيا بي بعد انفصال والديّ لقد تزوجت والدتي وتركت البلد ورزقت بأطفال سوانا , ووالدي أيضاً تزوج لكنه لم يرزق بأي طفل سوانا لكنه كان يقوم بالاعتناء بزوجته وبنفسه أكثر منا , لهذا كان على أخوي أن يعتنيا بي كوني أخيهم الأصغر الذي لم أكن أبلغ الأربعة أعوام عندما تركتنا والدتنا لقد كانا لي الأم والأب فلم أشعر باليتم يوماً وهما بجانبي.

..................................

لكن اليوم فأنا أشعر باليتم الحقيقي فليس لدي أحد أصبحت كطائر خرج من سربه فعاش وحيداً , لقد مضيت عشرة أعوام على تركِ البلد دون علم أحد لكن لم يكن بيدي خيار أخر.

هل يعقل إن عدت لهم اليوم أن يقبلا بمسامحتي وكأن شيئاً لم يكن أم أنهما سيتخليان عني كما تخليت عنهما ؟؟

كيف لي أن أشرح لهما حقيقة ما حدث وهل سيصدقانني إن أخبرتهما بالحقيقة ؟؟

كيف للسنين أن تمضي سريعاً هكذا دون أشعر ؟؟

كيف لي أن أقابلهما الآن ؟؟

وما عذري الذي سيقبلانه لاختفائي المفاجئ وانقطاع أخباري عنهم ومن ثم ظهوري المفاجئ ؟؟

مرت أسئلة كثيرة في عقلي لم أجد لها أجوبة , فأنا متأكد أن أخوي الآن غاضبان ونادمان على الاعتناء بشخص مثلي أناني وغير مبالي لا يفكر سوى في نفسه , يحبطني و يزعجني أن يفكروا بي بهذه الطريقة , لأن الحقيقة ليست كذلك أبداً بل إنهم لا يعلمون عنها شيئاً , في الوقع أنا هو من تخلى عن كل شيء لأجلهما فقط .


**********************************
مال,, وشهرة ..

مضى على حالي ذاك أيام وأسابيع لا يعلم أحد ما علتي حتى أتى يوماً واجتمعا أخوي وقررا أن يسائلانني وأنه يجب أن أجيبهما رغماً عني وعندما رأيت أنهما جادان في ذالك وأنهما لن يتركانني حتى أجيبهما فضلت أن أجيب.

أحمد " ألن تقول ما علتك "

زين " ما الذي سيتغير إن قلت ذالك فليس بمقدور أحداً أن يساعدني "

أحمد " لهذه الدرجة علتك صعبة الحل"

زين " نعم "

أحمد " أذن أخبرنا ما هي وستجد حلها لدينا إن شاء الله "

زين ...

سامر " ألن تتكلم ,,, "

زين ...

سامر " هل يعقل أن الموضوع متعلق بفتاة ما !! "

نظر زين إليهما ثم هز رأسه ببطء بما يعني " نعم " ثم خفض عينيه ,,

أحمد " من هذه الفتاة التي فعلت بك كله هذا "
زين ..

سامر " هل يعقل أن تكون رهف ؟! "

نظر زين لكليهما لكنه لم يجب أيضاً ..

أحمد " هل هنالك فتاة غيرها "

زين ..

سامر " لا يعقل أن يكون هنالك سوى فتاة واحدة ستفعل بأخي هكذا وهي رهف , أنا متأكد من ذالك لكنني أريد أن أعرف ما قصة تغير حالك هذه , فأنت معجب بها منذ صغرك لكن ما الذي استجد في الموضوع ,, هل يعقل أنكما تتقابلان من ورائنا "

تغيرت ملامح زين من الحزينة والصامتة إلى غضب واستياء من تفكير أخيه بهم هكذا " لا تقل هذا عن رهف فهي ليست من هذا النوع من الفتيات "

عندها نظر كلاً من أحمد وسامر لبعضهما وابتسما فقد أوقعاه وجعلاه يتحدث أخيراً ,,

سامر " أذن من أي نوع هي,هل يعقل أنها من نوع حوريات البحر التي تفقد البحارة عقولهم في ظلام الليل الدامس فيرمون أنفسهم عن ظهر السفن وهم يبتسمون "

نظر زين إليه ثم قال " إن كنتما ستسخران مني منذ البداية لن أقول شيئاً "

سامر " وهل قلت شيئاً حتى نسخر منك فنحن منذ الصباح نحاول أن نجرجرك في الكلام لكن لا فائدة ترجى منك فأنت مثل الصندوق الأسود لا نستطيع أن نعرف ماذا به "

أحمد " سامر هلا صمت ليتحدث زين ويخبرنا ما الموضوع "

نظر زين إلى كليهما ثم قال بعد أن تغيرت ملامحه إلى حزناً شديداً " لقد سمعت بأن رهف ستتزوج بمهندس يعمل في الشركة "

تبادل كلاً من سامر وأحمد نظرات كلها دهشة وتفهم عندها قال أحمد " ألهذا أنت منزعج؟ "

زين " وهل تظن أن ما أمر به شيئاً هيناً إنني أشعر بأنني أكاد أموت كلما فكرة في الأمر وأنني اختنق و .. , أعرف أنه لأمراً مضحك لكن هذه هي الحقيقة "

سامر " لم يقل أحد أنه أمر مضحك ونحن نعلم كم هو مؤلم وقع الخبر عليك لكنك لن تموت سوى من بقائك بين هذه الجدران الأربعة دون أن تفعل شيئاً مفيداً لتحل الأمر "

قال أحمد بعد أن رأى استياء زين مما قاله أخاه سامر , فسامر رجل عقلاني لا يهتم بالمشاعر كثيراً
" أأنت متأكد يا زين مما قولته "

زين " بالطبع "

أحمد " غريب فقد أخبرني صديقي أن رهف رفضته "

نظر كلاً من زين و سامر إلى أحمد فإذا سامر يقول وقد سعد بالخبر أكثر من زين " ماذا تقصد يا أحمد هل الشخص الذي تقدم لخطبة رهف هو صديقك؟ "

هز أحمد رأسه مبتسما ,,

ثم أكمل سامر " وبأن رهف رفضته؟ "

ودون أن ينتظر أي جواب وجه حديثه لزين هذه المرة " هذه هي فرصتك يا زين ألم أقل لك أن لا تحبس نفسك بين أربعة جدران ها هي الفرصة تأتيك فأولاً لديك الفرصة الآن لأن تتقدم بخطبتها ثانياً لقد تأكدت الآن بأن الفتاة لا تفكر في سواك"

لكن الحزن ظل مخيماً على زين عندها دهش كلاً من احمد وسامر فقال سامر بانزعاج " والآن ماذا؟ "

زين " مازال هنالك الفارق الاجتماعي الذي بيننا أم أنكما نسيتما ابنة من هي, إن هي رفضت ذالك المهندس سيرفضني والديها وإن وافقت هي "

قال سامر بصوت منخفض " أذن لما أحببت فتاة تعلم أنك لن تصل إليها "

زاد هذا من حزن زين فقال بصوت منخفض ومحطم " الأمر لم يكن بيدي "

عندما رأى أحمد أخويه بهذه الحالة قال" اسمع يا زين لدي من المال ما يكفي لأن أفتح لك منزل فراتبي جيد لكن كل ما أريده منك أن تنتهي من دراستك سريعاً "

فقال سامر بسعادة من وجد الحل " أنا أيضاً سأعطيك ما لدي وهكذا ستكون قادر على الزواج برهف "

نظر زين لكليهما " لكن هذا مالكما الخاص بزواجكما , ثم أنتما تكبرانني ,, هل جننتما متى ستجمعان مثله وتكونا قادرين على الزواج أنتما أيضاً "

ابتسم أحمد " أستطيع أن أتقدم بطلب دين من الشركه ثم أنت ستكون زوج ابنة المدير وسيكون الأمر سهل عليك "

ابتسم سامر أيضاً " أتعرف من كثرة مراقبة الجثث وتشريحها فقدت طعم الحياة , إن الحياة في نظري أصبحت قصيرة وبلا معنى فلم أعد أهتم بالحياة يا ولدي"

عندها ضحكنا ثلاثتنا بسعادة فقد كنت آنذاك سعيداً بأن لدي أخوين مثلهما يحبانني ويضحيان من أجلي كان ذالك الشعور دافئ , فأنا لم أحظى بدفء أو حنان الأم أو الأب لكن أخوي عوضاني عن ذالك فقد كانا هبة من الله لم أحافظ عليهما وها أنا اليوم لدي المال والشهرة لكن ليس لدي أحد , فعندما بدأت طريقي هذه صبوة للمال والشهرة و لم أعي في ذالك الوقت أنني كنت أفقد الأشخاص الذين أحبوني بصدق وبدون مقابل , والآن هاأنا وحيداً في فندق لا يقيم فيه سوى كبار الشخصيات لغلى ثمنه لكنني لا أشعر بدفء فيه ..



الساعة الآن 04:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية