منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t191425.html)

Rehana 24-11-13 04:04 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" ربما من الأفضل لك أن تعطيني الطفل؟".
هز رأسه بالنفي, ومع ذلك ابتسم لها وأخذها من ذراعها بثقة الى خارج الميدان حيث كانت تقف سيارته, فتح لها باب السيارة , واستدار نحو الباب الآخر متوقفا قليلا ليشعل سيكارة , وعندما أضاء عود الثقاب ملامحه , تذكرت تشاريتي الكتاب, وطاف بخاطرها سؤال:
" أريد أن أعرف أي أنسان كان أبوللو؟".
فأجاب على الفور في شيء من الأزدراء:
" لن تعرفي الكثير عنه من خلال هذا الكتاب , فالرموز القديمة لا تكشف عن أنفسها بهذه السهولة".
وبدأ في أدارة محرك السيارة وقال ملتفتا اليها:
" لعلَك تأملين أن تعرفي المزيد عني؟".
وأعطاها الكتاب قائلا في ثقة:
" ستكتشفين المزيد عن كلينا غدا في دلفي, وأنا سأساعدك على ذلك".
دق قلب تشاريتي في عنف , ولكنها أوحت لنفسها أن ليس هناك ما تخشاه من لوكوس باباندريوس , وما من سر قريب يمكن أن يكتشفه, أما هو فعليه أن يكشف لها الكثير قبل أن تقتنع , لقد التمست فيث منها المساعدة , وبطريقة أو بأخرى سوف تسوَي أمور أختها مع عائلة زوجها , سألته:
" لقد كان من السهل فهم نيكوس, واذا كنت تعتقدين أنني أشبه أبوللو , فأن نيكوس بالتأكيد كان يشبه ديونيسوس ".
"أن ديونيسيوس يتمتع بسمعة سيئة بالنسبة اليَ , فهو يشبه الرمز اليوناني أليس كذلك؟".
" أن رموز اليونان ليست قساة كرموز الرومان , تشاريتي, هل تحضرين معك رسالة أختك الليلة , أنني أرغب بقراءتها , هناك أشياء لا يعرف أي منا عنها شيئا, ولكن لا يوجد ما يدعو الى أن نكون أعداء".
جلست تشاريتي تفكر في هذا الأمر , كانت تعتزم في البداية أن تسلم الرسالة ولكنها كانت تعلم أن فيث لم تثق في أي شخص من عائلة باباندريوس , قالت في النهاية:
" سأفكر في الأمر".
خرجت مسرعة من السيارة شاكرة له توصيلها الى الفندق.
" سأعود اليك في الساعة الثامنة والنصف, اذا لم يكن هذا الموعد مبكرا بالنسبة اليك".
وافقت وأسرعت مبتعدة عنه الى داخل الفندق.
كانت حجرتها في الفندق مظلمة كئيبة , أضاءت أنوارها الخافتة, رمت بنفسها على السرير وهي تشعر فجأة بالأرهاق من وطأة المشاعر التي مرت بها في هذا اليوم.
وبدأت تفكر: أوه فيث لماذا تموتين في ريعان الشباب! وغطت وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء.

Rehana 25-11-13 02:42 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

2- لا حزن بعد الآن


بذلت تشاريتي ما في وسعها لتزيل آثار البكاء , وضعت وجهها في ماء بارد , حاولت التفكير في أشياء مبهجة ومع ذلك ظلت تبدو في حالة سيئة.
جلست طويلا على حافة سريرها تفكر بما ستفعله , ستبعث بمذكرة الى موظف الأستقبال تقول فيها أنها ليست على ما يرام , ولكنها ليست متأكدة من أن لوكوس باباندريوس لن يصعد ليطمئن عليها, الواقع أن فكرة الخروج معه لتناول العشاء لم ترق لها, فلم تكن على أستعداد لمواجهته , كانت تريد أن تصل الى قرار أولا, ولكن كيف يمكهنا ذلك وكل ما تستطيع أن تفكر فيه هو تلك اللحظة الرهيبة , التي سقطت فيها فيث من قمة الصخرة العاتية في نهاية الطريق لتلقى مصرعها.
في الثامنة والنصف نزلت من غرفتها , وشغلت نفسها بالتطلع حولها في الفندق وزواره , لذا لم تر لوكوس باباندريوس وهو يدخل الى الفندق , قال باليونانية:
" مساء الخير يا تشاريتي".
استدارت اليه مجفلة , ناسية للحظة قرارها بأن تظل جالسة في المكان المظلم نسبيا:
" مساء الخير".
لقد استبدل ملابسه, وارتدى ملابس السهرة , وأصبح الشبه بينه وبين أبوللو أكثر وضوحا الآن.
أردفت قائلة:
" أعتقد أنه يجب عليك أن تناديني آنسة آرتشر لأننا- مهما يكن من أمر – لا يعرف أحدنا الآخر جيدا".
رفع حاجبيه في دهشة وقال:
" قلت لك اسمي, وأعطيتك الحرية في مناداتي به, أن اسم آرتشر عسكري لا يناسبك , وفي أي حال أعتقد أن شخصا بأسم آرتشر لا يقضي ليلته باكيا , فيث لم تكن لتفعل ذلك , لماذا أذا تبكين من أجلها؟".
" أنها أختي , وأنا أحبها".
" بالطبع هي أختك , ومن المناسب أن تحزني لوفاتها , فليكن حزنك على الفتاة التي كانت فيث , وليس على المرأة كما أصبحت ولم تعرفيها حقا, هل نذهب الآن؟".
قالت تشاريتي مترددة :
" من الأفضل لي أن أعود الى غرفتي , قد أشرع في البكاء مرة أخرى ولا أريد أن أسبب لك حرجا".
قال بثقة:
" كلا, لن تبكي بعد الآن! سنستمتع ونبتهج ولن نفكر الا في المستقبل".
وتسللت ابتسامة الى عينيه وأضاف:
" قد تكون هذه آخر عطلة لك بمفردك قبل أن تتزوجي , هل فكرت في ذلك؟ سأبذل ما في وسعي لأجعلك ترين كل ما ستفتقدين لرؤيته فيما بعد".
ألقت اليه تشاريتي بنظرة دهشة وبدأت تقول:
" ولكن...".

Rehana 25-11-13 02:50 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قاطعها سائلا:
" كم يطول بقاؤك في أثينا؟".
" لا أعرف , حتى عيد الميلاد على الأقل , ولكنني لا أدري اذا كنت سأبقى الآن".
وضع لوكوس معطفها حول كتفيها ورافقها الى الخارج, بعيدا عن الجو الحار داخل الفندق الى الليل البارد.
" لماذا لا تطلبين من صديقك الشاب, أن يأتي لقضاء عيد الميلاد معك هنا؟".
كولين هنا؟ أهتزت من مجرد الفكرة... ربما يكون جميلا أن يصحبها أحد لرؤية المناظر الممتعة , ولكنها شعرت أن ذلك ينطوي على نوع من الألتزام اتجاهه , بينما هي الآن أبعد ما تكون عن الشعور بهذا الألتزام فردَت بشرود:
"لا أعرف".
وضعها في السيارة وعيناه اللامعتان في عينيها , ثم قال لها متحديا:
" هل لأنك غير متأكدة؟ أن تعتقدين أنه سيمكنك أصطحاب ألكسندروس معك الى أنكلترا؟".
ألقت بنظرها الى اللوحة في مقدمة السيارة , وقالت بأصرار:
" أعتقد أن هذا ليس من شأنك!".
" ولكنني مصر أن أعرف بأنك لن تأخذي ألكسندروس , يا آنسة آرتشر , ستشعرين بسعادة أكثر اذا واجهت هذه الحقيقة".
" أذن سأطلب من كولين أن يحضر الى أثينا , ولكن تذكرة الطائرة باهظة الثمن , ولا أعرف وضعه المالي الآن".
منتديات ليلاس
" يسرني أن أرى صديقك الشاب هذا , سأدعوكما الى منزلي في يوم ما خلال العطلة".
عجزت تشاريتي عن الكلام للحظة , هل يعتزم حقا أن يتفحص صديقها بدقة؟ واذا كان الأمر كذلك, فلماذا؟ أنها لا تعني شيئا بالنسبة اليه , وقد ظلَت دائما تتخذ قراراتها بنفسها منذ سنوات لا تحصى.
" ألا تتوقف عن الأهتمام بما لا يعنيك؟".
ولكن لوكوس لم يجب الا بضحكة فقط ثم قال لها مغيظا:
" أهو شخص غير محتمل الى هذا الحد؟".
" بالطبع لا".
قالتها ببعض الحماس.
" اذا لماذا تعترضين؟".
حاولت البحث عن كلمات تقولها له , لا يسيء فهمها , وهي أنها تتولى بنفسها شؤون حياتها , ولن تطلب منه أن يخبرها ماذا تفعل مهما كانت نواياه , لكن كل ما استطاعت قوله:
" أنني أعرف كولين منذ سنوات , وأعرفه كما أعرف أي أنسان آخر".
" بالطبع, ولكن يا آنسة آرتشر , أنت أمرأة ولا يمكنك أن تريه بالطريقة نفسها كرجل, يجب أن تسمحي لي أن أقوم بواجبي , أن بيننا رابطة زواج أختك من أخي, ومن المناسب أن أضمن أن يكون هذا الكولين مناسبا لك كزوج , عليك أن تخبريني بكل شيء عنه ونحن نتناول الطعام".
لم تكن لدى تشاريتي أية نية لتفعل ذلك, وتحوَلت بنظرها تشاهد الأنوار التي تزين شوارع أثينا , كان عجيبا – في نظرها- أن ترى أثينا وكأنها وضعت في غير مكانها , فقد بدت كمدينة ألمانية حديثة , وليس بها شيء من تلك الروعة الأغريقية , التي قذفت بها الى مخيلتها صور البارثيتون وغيرها من الأطلال .
قالت وقد نسيت غضبها من رفيقها:
" أنها لا تبدو كمدينة أغريقية".

Rehana 25-11-13 02:55 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" ربما لأن المهندسين البافاريين هم الذين وضعوا أساسها".
ردَت في سخرية :
" هل سيكون مسموحا لي أن أخرج مع كولن وحدنا".
" أن ذلك يتوقف".
ردَت بسرعة:
" على ماذا؟".
ألقى اليها بواحدة من نظراته اللامعة :
" يتوقف على من هو هذا الكولين من ناحية, وعلى من أنت هي من ناحية أخرى".
لمس يدها في لحظة أتصال خاطفة وقال:
" كان يجب على فيث أن تصر على حضورك الى اليونان بمجرد وفاة والدك , لم يكن من الصواب تركك بمفردك بدون أن يكون هناك من يحميك . أين كنت تعيشين؟".
عضَت تشاريتي شفتيها وقالت:
" في منزل أبي".
" الذي هو الآن منزلك؟".
" كلا , ليس تماما , أنه ملك لثلاثتنا ".
" أذن لن تقيمي فيه عندما تتزوجين ؟".
" لم أفكر في ذلك , آمل ألا أعيش فيه, فهو مكان واسع ومقبض وغرفه السفلى مظلمة للغاية , أما الدور العلوي ففيه العديد من غرف النوم الباردة".
" ولكن قد يفضل كولين أن يعيش فيه؟".
استاءت تشاريتي من أصرار لوكوس , ماذا يعنيه من المكان الذي يفضَل كولين أن يعيش فيه؟ تمتمت قائلة:
" لا أعتقد ذلك".
وأوقف السيارة بمهارة في الميدان القريب من برج الرياح واستدار نحو الجانب الآخر ليفتح لها الباب, وعندما همَت بالنزول وضع يده تحت ذقنها , ورفع وجهها ليقابل شعاع النور الساقط من المصباح فوقهما , وقال في رقة:
" لا دموع بعد الآن , ولا حزن بعد هذه الليلة على الأقل , تعاهدنا ؟".
ابتسمت بضعف وقالت موافقة:
" لا دموع بعد الآن , بكيت من أجل هذه الأشياء من قبل".
" هكذا ؟ أنت أيضا مثقفة ويمكنك القاء مقتطفات من مسرحياتنا الأغريقية ؟ هل يمكنك معرفة مؤلف هذه المسرحية؟".
كانت تلك مهمة صعبة , خاصة وهي تشعر بلمسته القوية تحت ذقنها وقالت على الفور:
" بوربيدس على ما أعتقد".
كانت تفضل أن يكون هناك نوع من التحفظ في الحديث بينهما فهي تعتبره رجلا غريبا , ولم تحدد بعد ما اذا كان صديقا لها أو عدوا , تمنت لو تستطيع الأعتماد عليه , ولكن عندما يتعلق الأمر بفيث فأنه بلا شك يعتبر عدوا.
" رقيق منك أن تهتم بشؤوني , ولكنني ظللت لوقت طويل أعتمد على نفسي , وأفضل أن يستمر ذلك".
تحوَل برأسه عنها , غير عابىء بما قالته وقال في أحتقار.
" ما من أمرأة تفضل ذلك".
" ولكن أنا أفضل ذلك".
هز كتفيه وقال:
"ليس لوقت طويل".
ومدَ اليها يده وقال:
" تعالي يا تشاريتي لا بد أنك جائعة , وهناك العديد من الأشياء التي يجب بحثها قبل أن نتوجه الى أراخونا ودلفي في الصباح".

Rehana 25-11-13 02:56 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أسرعت خلفه وسألت:
"ماذا؟"
" أولا ... ما زلت أرغب في قراءة رسالة أختك, هل هي معك؟".
أومأت بالأيجاب.
" لوكوس , ماذا ستفعل مع الصغير ألكسندر؟ أعتقد من حقي معرفة ذلك. على الأقل قبل عودتي الى أنكلترا".
تجنب للحظة نظرتها الثاقبة اليه , وأحست أنه لا يرحب بهذا السؤال , فرد بجفاء:
" عندما أتخذ قرار في هذا الشأن سأبلغك بدون شك , لن أنسى أنك خالته , وسترغبين في رؤيته من وقت لآخر , عليك أن تعلمي أنني أنا الذي سأقرر مستقبله".
قالت متوسلة:
" ألن تناقش الأمر معي على الأقل؟".
" لا أجد سببا يدعوني لذلك, اذا كان هذا الكولين هو الرجل الذي تصفينه , فقد يكون وجوده مفيدا عندما ننتهي الى قرار , هذا سبب رغبتي في أن يأتي الى هنا".
قالت محتجة:
" ولكن ليس لكولين شأن بذلك , أنه أمر يعنيني أنا بالضرورة ".
توقف فجأة ونظر اليها بحدة قائلا:
" أعتقدت أنك تفكرين في الزواج من هذا الرجل؟".
" وماذا في ذلك؟".
" عندما يصبح زوجك , فمن الطبيعي أن يتولى هو شؤونك , فمن الأفضل أن يلعب دوره من البداية".
" ولكنك لا تفهم!".
منتديات ليلاس
أسكتها بحركة من يده وقال:
" هذا يكفي , من الأفضل للمرأة الجميلة أن تهتم بأشياء لا تشغل بالها , وأنت أمرأة جميلة للغاية".
أوقفتها المفاجأة عن الكلام, كانت غاضبة للغاية لأنه يتعمد أن يكون وصيا عليها , وأن يتجاهل رأيها, لا لسبب الا لكونها أمرأة ,ومع ذلك لم تستطع مقاومة أحساسها بشعور مثير , لأنه يراها جميلة , بل جميلة للغاية كما قال.
تبعته الى داخل الكافيتريا , حيث الأضواء والصخب وحب الحياة.أتي اليهما المضيف مبتسما , أخذ منه لوكوس قائمة الطعام وأعطاه الطلب بسرعة, شعرت تشاريتي بالضيق لعدم أستشارتها , ونظرت حولها الى الصبي الصغير الذي كان يركض من منضدة الى أخرى لأحضار الطلبات, رد الصبي على نظراتها بقبلة على يده أرسلها اليها في الهواء.
" يا ألهي أن عمره لا يتعدى الأثني عشر عاما".
نظر اليها لوكوس نظرة شغف زادت من حرجها :
"ألم أقل لك؟ هو أيضا يراك جميلة".
" كان الأجدر به أن يكون تلميذا في المدرسة".
ضحك بصوت عال:
" أن الرجل اليوناني يعبَر عن أعجابه بالمرأة وهو ما يزال في المهد".
شعرت بأنفاسها تسرع وهي تدرك تماما الأعجاب الذي بدا في عينيه السوداوين , ووجدت نفسها تتساءل ماذا سيكون شعورها لو وجدت نفسها بين ذراعيه, كان خاطرا مربكا للغاية , لم يرد على ذهنها من قبل , لقد صدمها أن تفكر في رجل بهذا الشكل غير اللائق , وأن يعصف بها مثل هذا التفكير , قالت بسرعة تذكره , وهي مصممة على تغيير موضوع الحديث .


الساعة الآن 10:04 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية