منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   [قصة مكتملة] خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي (https://www.liilas.com/vb3/t190844.html)

جود بدر 01-11-13 02:26 AM

رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت التاسع
قال ابو ابراهيم بصدمة
: عسى ما شر !
قال علي بغضب
: من اللي مدح لك اختي غير الشقيقة
: أم ابراهيم وخواته !
صاح عبد الله وهو يهمّ بالهجوم عليه
لكن والده أمسك به بقوة
: تبونها لولدكم وهي على ذمة رجال , وش من ملة انتم
قال والده
: عبد الله هدّ
صاح تركي
: كلنا على بالنا جايين لأختي الشقيقة , اختي غير الشقيقة عايشة في بيت عمها لأنها على ذمة ولد عمها
قال علي بلوم وغضبٍ كبيرين
: الله يسامحك يا ابراهيم
نهض ابراهيم مصدوماً
: علي والله ما عندي خبر
: لا تبرر الله يرضى عليك , نورتونا هلا فيكم
جميع من في المجلس كأن على رؤوسم الطير
نهضوا باحراج بالغ
وغادروا المجلس
وعبد الله يصرخ بغضب ويهدد
وتركي يكاد يحطم كلّ ما في المجلس
قال العمُ غاضباً
: بس انت وياه , اسكتوا
التفت عبد الله لوالده غاضباً
: حليلة أخووي تنخطب قداممي , وتقول اسسكت , رتيل اختي الصغيرة اللي لها ست سنوات زوجة اخوي جايين يخطبونها بكل وساعة جبهه
قال والده بغضب
: قلت اسكت
صمت وجلس وهو يزفر ناراً
قال تركي بجنون
: والله لا اسود عيشته
التفت العمُ لتركي
: لا اسمع صوتك
صمت تركي وأشاح بوجهه عن عمه
قال علي بحزن
: الله يسامحهم , حطونا وحطوا نفسهم في موقف سخيف
سأله عمه بحيرة
: هو ماهو خويك ؟! , شلون ما يدري !
: والله مدري لي سنتين معاه , ما اذكر اني جبت سيرة رتيل بس ما توقعت يجون يخطبونها
بالقرب من المجلس قالت ام علي بخجل
: علي
قال العمُ بهدوء
: اقربي يا ام علي ما به أحد
دخلت وجلست بالقرب من الباب
قالت بعد صمت
: اتصلت ام ابراهيم
نظروا له بحدة
: اتصلت لمن كانوا عندكم وقالت انهم يبون رتيل ما عرفت وش اسوي وفجأة طلع صوتكم
زفر العمُ ولم يردّ
قالت بهدوء
: انا اقول نطنش الموضوع , البنت متزوجة ومنسترة في بيت زوجها , وهم ما كان عندهم خبر والحريم شافوها مرتين بس ولا مداهم يعرفون انها متزوجة
قال العم
: وانا اقول نطنش , حصل وخطبوها وقلنالهم ما لهم نصيب نقفل السيرة
قال عبد الله بغيض
: خل اشوفه الوجه الودر ابراهيم , ان ما حوست بوجهه خرايط
ضحك علي ببرود
: اركد بس , خلاص نقفل السيرة الله لا يعودها
,
حملت هاتفها واتصلت على اختها
التي ردّت بهدوء
: هلا هديل
أطلقت ضحكةً مدوية ثم قالت
: الحقي رتيل داحس والغبراء في مجلسنا
قالت بفزع
: اعوذ بالله , ليه !
: شفتي خوي علي !
: ايه !
ضحكت مرةً أخرى ثم قالت
: جاي يخطبك
صمتت رتيل قليلاً
قبل أن تضحك هي الأخرى
قالت ام علي بعصبية
: هديل ووجع لا تفجعين أختك
قالت هديل بذهول
: ما انفجعت قاعد تضحك !
ضحكت ام علي مرغمة وهي تأخذ الهاتف من هديل
: الو رتيل
: هلا يمه
: مستانسه ع الخطبة
ضحكت رتيل ثم قالت
: استانس ليش لأ , بيض الله وجيههم فكروا فيني ظنيت اني عجزت معاد يبين ان عمري 19
كادت تردّ ام علي لكن الصراخ القادم من مجلس الرجال جعلها ترمي الهاتف وتهب واقفة
: اللهم اجعله خير
قالت هديل لأختها بعجل
: رتول بعدين نكلمك
: طيب
أغلقت الهاتف وسارت خلف أمها ووقفتها على مقربة من المجلس وسمعتا الصراخ
التفتت ام علي لابنتها بحزن
وهديل تعض شفتها السفلى بخوف
بعد أن هدؤوا وخرج الضيوف
عادت ام علي وابنتها لغرفة الجلوس
قالت ام علي
: مسكين ابراهيم
احتضنت هديل امها بمرح
: يستاهلون , اجل جايين للمتزوجة وانا محد معطيني وجه
ضحكت امها رغماً عنها وأبعدتها لترتدي عباءتها ونقابها متوجهةً لمجلس الرجال
,
,
المملكة المتحدة – لندن
العاشرة مساءً
ابتسمت الخالة سارة بحنان بالغ
: بسوي لك شوربه ورز بالخضار , و وش بعد تبين
قالت بسرعة
: خالتي ماله داعي مو جوعانة , كثر الله خيركم , والله مفتشلة من عيالك ردّي الأغراض لهم
قالت الخالة بقوة
: عيب يا بنت وش ذا الكلام
قالت لين بخجل
: هم مو ملزومين فيني , طيب خذي فلوسهم
مسحت الخالة على شعر لين بحنان
: يا بنتي حنّا من ديرة وحده , والناس للناس , سعود بيزعل ان رديتي الفلوس , اعتبرينا هلك حبيبتي
دمعت عينيها وهمست
: هلي !
قالت الخالة بوجع
: أي , هلك
أولتها ظهرها متوجهةً للمطبخ تعد عشاءً دسماً للين المريضة
اقتربت لين مبتسمة
: بساعدك
مدّت لها الخالة بالبصل والطماطم
: قطعيهم
بدأت بالتقطيع , وسألت
: عايشة بروحك هنا خالتي !
: أي , وانتي
قالت بهمس مبحوح
: أي بروحي
: تدرسين !
ابتسمت
: ادرس علم اجتماع
ابتسمت الخالة
: ما شالله , الله يوفقك يا بنتي , لك أحد هنا ؟
قالت بمحبة
: صديقاتي ثنتين , هم كل شي عندي ما اعرف غيرهم
: أجل من اليوم ورايح أنا بصير خالتك , ساكنة قريب من هنا , العمارة مو اللي جنبك ولا اللي جنبها , اللي بعدهم الحمرا
هزّت لين رأسها مبتسمة
: عرفتها , تكفين خالتي لا تقطعيني , أنا اطلع من الصبح للظهر للجامعة , ارجع يا دوب اتغدى ثم أطلع للدوام وأرجع عشرة الليل
التفتت لها الخالة بنظرةٍ غريبة
: تشتغلين !
هزت رأسها مبستمةً بحزن
سألتها بهمس
: ليه !
: عشان آكل وأشرب وأدفع للجامعة وأدفع الإيجار
قالت الخالة بصدمة
: انتي مو مبتعثة ؟!!
أشاحت بوجهها , وآلمتها غصة في حنجرتها
حارت بمَ تجيب
أغمضت عينيها لتحرقها مقلتيها من دمعها
ثم قالت
: لا مو مبتعثة
صمتت الخالة وتابعت عملها دون أن تتكلم
بعدَ قليل قالت لين تتصنع المرح
: خلاص بعد كذا نتغدى سوا لمن أرجع من الجامعة
ابتسمت الخالة
: انا أطبخ لعزوز غداه كل يوم , والعشى أحياناً أطبخه وأحياناً هو يجيبه من برا لي وله
: هو ولدك !
قالت الخالة بمحبة
: ليته ولدي , عزوز ما يقرب لي بس جار لي , وأعتبره ولدي
أنهت طهيها
: يلا حبيبتي هذا عشاك جاهز , بالله عليك كلي زين – سحبت دفتراً وقلماً كانا في المطبخ وكتبت شيئاً – هذا رقمي أي شي تبينه بس كلميني وانتبهي لنفسك يا يمه
تمسكت بها لين
: خلك عندي
قالت بحنان
: تأخر الوقت حبيبتي , وسعود وعزوز ينتظروني تحت يردوني بيتي
دمعت عينيها
: خالتي ما ابي أظل بروحي
زفرت الخالة , ثم طبطبت على كتف لين
: طيب حبيبتي بس أنزل اقول للعيال
قالت لين برجاء
: بنتظرك لا تطولين
طمأنتها بابتسامة وخرجت
كانا في السيارة
يأكلان ويتحدثان
اقتربت منهما مبتسمة
فتح سعود شباكه بابتسامة واسعة
: الله يهديك خالتي قلنا تطمني عليها مو بلطي عندها
ضحكت محرجة
والتقطت عيناها أكياس الطعام وعلب القهوة والعصائر
قالت بحنان
: تعبتكم
هزّ سعود رأسه مبتسماً
: افا عليك برسم الخدمة حنّا , يلا نمشي !
: لا يمه روحوا انا بنام عندها , مسكينة خايفة
تغيرت ملامح سعود للقلق
: وش فيها !
: والله يامك البنت مو خالية , واضح همها كبير وخوفها كبير , الله يعينها ويفرج كربها , توكلوا يمه الله يحفظكم انا بنام عندها وبكرة الظهر ارجع بيتي دامه ويك اند
قال سعود وما زال قلقاً
: خالتي تكفين انتبهي لها , واي شي يصير كلميني
طمأنته بابتسامة
قال عزيز بمرح
: بشتاق لك
ضحكت وابتعدت عن السيارة ملوحة لهما بيدها
سارا ناحية عمارة عزيز
ودخلا شقته
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
صرخت بتوتر وخوف وغضب
: قوم دورّه مرة ثانية , من امس العصصر مختففي , قووم دوور أخوووك
اقترب منها يهدئها
: يمه تكفين هدّي مو زين عليك , والله قلبت الرياض عليه , وش اسوي يعني
: انقلع فيصصل انقلع جيب لي خالد من تحت الأرض , اببيي ولدددي
دخل بندر للمنزل عابساً
: سألت عنّه في المستشفيات ومراكز المرور , مو موجود
جلست أرضاً وضربت فخذيها ورفعت كفيها لتلطم وجهها
أمسك فيصل بيدها بسرعة
كانت تصرخ بهستيريا
: البنت ضاعت ولحقها الولد , خاالددد , يممه خاالد وينن رحححت , روحوووا روحوا دوروووه والله أطلع بعباتي أدور عليه والله ان ما جبتوا ولدي أطلعع
هدأها فيصل وهو يحتاج من يهدئه
: يمه الله يطول عمرك تكفين هدّي شوي , بيرجع والله بيرجع وين بيروح يعني , خلاص بطلع بطلع بس هدّي
قالت بجنون
: اطلع بسرعة , اطلعع ولا ترجع الا وخالد معك تسممع
هزّ رأسه وخرج فوراً
جلس بندر مقابل أمه خائفاً عليها
: يمه
: وصمممه حتى صمه انقلع وراه دور خالد
نهض مسرعاً وخرج من المنزل
منذ عصر الأمس اختفى بكرها
سندها , عضيدها , هاتفه مغلق واصدقائه وجميع من يعرفه ينفون أنهم رأوه او يعلمون مكانه
تكاد تجن من الخوف
يكفيها فقدان قطعة من روحها , لا تريد فقدَ أخرى
رفعت كفيها تدعي بحرقة
: يارب ما بقي فيني طاقة , لا تفجعني في خالد يارب لا تفجعني في بكري يا الله , ردّه لي سالم يارب ردّه سالم
مسحت وجهها بكفيها وهي تنتحب وترجو ربّها ان يعيد ابنها لقلبها
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الواحدة بعد منتصف الليل
خرج وليد من غرفته مسرعاً وطرق باب غرفة ملاك
ألح بالطرق حتى فتحت بخوف , وكان النوم يتضح عليها
: وليد شفيك خرعتني
قال بتوتر
: ملاك تكفين انتبهي لنفسك لين أرجع , ضروري أطلع الحين لازم لازم أطلع ومستحيل أقدر آخذك , تكفين لوكا حبيبتي انتي ظلي بخير لين أجي
هزت رأسها بسرعة وهي تهتف
: وليد انتبه لنفسك , بنتظرك
هزّ رأسه بتوتر
: قفلي الباب
استودعته الباب وأغلقت بابها
ونزل هو مسرعاً ليخرج من الفيلا
نادى بصوتٍ مرتفع وهو يتجه لمواقف الفيلا الخاصة
: عم عبدو , عمم عبدوو
خرج العم عبدو بسرعة من الغرفة الجانبية , بدا عليه أنه كان نائماً
: في ايه يا وليد ي ابني
: افتح الباب الله لا يهينك
قال بقلق
: هو في حاجة حصلت ي وليد !
: ما في شي انا عندي مشوار , افتح الباب الله يخليك
ركب سيارته وأسرع لباب الفيلا خارجاً منها
سار بسرعة للبحر
حين وصل أخرج هاتفه واتصل
: وينك
ردّ الآخر بضيق
: جنب كشك مقفل
تلفت وليد قليلاً وهو يسير بسيارته ببطئ , ولا زال الهاتف على اذنه
قال بعد أن رأى سيارةً مطفئة وكشكاً مغلقاً , وجسداً قريباً من الكشك
: هذاني وصلت لك
أغلق الهاتف والسيارة ونزل مسرعاً لذاك الجسد
وصله ونادى بخوف
: بو وليد
نظر له بحزن
: انكسرت يا بو خالد , ذبحوني
جلس بقربه وشد على كتفه
: وش صاير لك
قال بهمس
: اللي ما ينحكى
: طيب صلّ ع النبي واذكر الله , فديتك خلود لا تسوي بنفسك كذا , قم معي
: مابي اروح ولا مكان
شد على كتفه برجاء
: طلبتك قم معي , مقدر أتركك بروحك , وملاك تاركها في البيت بروحها وخايف عليها
نظر له بغضب
: تاركها مع يهود يوم انك خايف عليها
قال ينهي النقاش
: خالد رجاءً , الموضوع ذا منتهي بالنسبة لي
صاح فيه بغضب
: انت مهبول ؟ والله صدق مهبول ولا تسوي نفسك مب صاحي , وليد حرام عليك لا تظلم أختك , وش التملك اللي فيك
قاطعه وليد بغضب هو الآخر
: خالد انشغل بنفسك يرحم أمك , خل موضوعي على جنب وقم معي
نهض خالد بغضب ولكمه بقوة
: والله ي وليد اذبحك وامشي متفاخر بجريمتي , لا تظلم يا كلب , اختك امانة عندك , عقدتها وجننتها وما تطلع الا ورازها معك , مشاوير ما يصير تطلع لها تاخذها , وما تنام الا وهي مقفلة بابها , وتوصلها غرفتها وتحرص لين تسمع قفلة الباب ليه كل ذا , وين عايشين انتوا عشان تسوي فيها كذا , كرهتها فأهلها , وش من ملة انت
قال وليد وهو يكظم غيضه
: والله واللي رفعها سبع اني بعديها لك عشان الحالة اللي انت فيها , تحرك لا ارقص العقال على ظهرك
سار خالد لسيارة وليد دون أن يتكلم
ركب وتبعه وليد
رأى خالد ’ عقال ’ وليد في السيارة
ابتسم بسخرية رفعه ورماه خارجاً ببرود
قال وليد ببرود
: فدوتـ(ن) لك
تجاهله خالد
قال وليد بغضب
: ضربني وبكى سبقني واشتكى , انت اللي ضاربني ومطول لسانك علي ورامي عقالي وفوقها تطنشني
لم يردّ أيضاً
سار وليد في خطٍ خارج الدمام
قال خالد بسرعة
: وين رايح !
: على طريق الخبر , أبي أشتري عشا , مطاعم خطوط السفر مفتوحة بس داخل المدينة مقفلة
صمتَ خالد
ووليد يتابع طريقه
بعد برهةٍ من الصمت قال وليد بهدوء
: ما بتقول وش صاير معك !
صدّ خالد بوجهه
: قلت لك ما ينحكى
هزّ وليد رأسه متفهماً
: طيب أهلك يدرون انك هنا
قال بكذب
: ايه
قال وليد بعصبية
: لا تكذب , رجال وش طولك ما استحيت تكذب
ضحك خالد من غير نفس
: لا ما يدرون ولا أبيهم يدرون
: حرام عليك , تلاقي أمك بيوقف قلبها الحين
قال بسرعة
: بسم الله عليها
: دامك خايف عليها طمنها
قال بحزن
: قلبي شايل عليها يا وليد
قال وليد بقوة
: استغفر ربك , خالد ذي أم , تعرف وش معنى الأم ! انت اللي عشت مع امك ثلاثين سنه من عمرك تجهلها , وانا اللي ما عرفتها الا ثمان سنوات أعشق اسمها واتنفس ملابسها الباقية وأشكي لصورتها , استغفر ربك وارجع لأمك , والله ان فقدتها ما يفيدك الندم , شفني انا وملاك حياتنا مالها معنى مالها غيري ولا لي غيرها , ورتيل أخت عيال خالتي , يتيمة والدين ماتت امها في ولادتها ومات ابوها وعمرها سنتين , لا تخطي في حق نفسك وحق أمك ي خالد , أعرفك عاقل وراعي دين
صمتَ خالد
وفي عينيه بحرٌ من الدموع
وفي جوفه حزمةٌ من الآه
وصمتَ وليد وهو يعرف أيَ تأثيرٍ أحدث كلامه في نفس خالد المرهف , المولع بأمه
,
,
استراليا – كانبرا
السادسة مساءً
ودّع أبو راجح سلطان ومالك وسعد
صعدَ لغرفته واستبدل ثوبه , بثوبٍ آخر للنوم
وجلس في الصالة الخاصة بجناحه
بعد قليل من جلوسه وشروعه في قراءة الجريدة
دخلت زوجته مجهدة , وحين رأته ابتسمت
: مسا الخير حبيبي
ابتسم بهدوء
: مسا النور هلا , شلونه جدك
: زين الحمد لله , شوي ارتفع السكر عنده والحين أحسن
هزّ رأسه بهدوء
: تمام
جلست مقابلةً له
: شلونهم سلطان ومالك
: تمام الحمد لله
: مشالله عليهم وايد أحسهم مهتمين بشغلهم
ابتسم وهزّ رأسه
قالت بحنان
: تتعشى معاي !
قال باعتذار
: مالي نفس والله , الغدا كان ثقيل
لم ترد , نهضت وسارت نحو غرفتها
زفر ثم ناداها
: مها
: نعم
: خلاص غيري وخل يحطون العشا
التفتت له بابتسمة وأشارت الى عينيها
بادلها الابتسامة وتابع قراءته
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة والنصف مساءً
دخل عبد الله وخلفه والده
وحين رأيا رتيل , ضحكا
فزت بخجل وذهبت لغرفتها
وهزت الأم رأسها مبتسمة
: ماهم صاحين والله
قال العمُ بعد ما زفر
: والله عبد الله وتركي بغوا يحملونهم جنايز
قالت بهدوء
: مو لهالدرجة عاد
قال عبد الله بحرقة
: صح , الموضوع مو مستاهل العصبية ذي , بس غصة يمه فقلبي وقلب ابوي وعيال عمي , كم له مختفي , الناس نست وتناست انّه زوجها , يتعنون لنا يخطبونها , يحق لهم ! ما لها زوج قدام الناس , من سبع سنوات متزوجها , تزوجها وضاع طار اختفى , علي تركي دموعهم في عينهم وانا أسلم عليهم بمشي , كاسرة ظهري وظهورهم حالة رتيل , لا هي متزوجة ولا هي أرملة ولا معلقة ولا هي بنت
صمت وهو يزفر بغضب
قالت أمه وهي تداري دمعها
: وش نسوي يعني , ما خلينا مكان ما خلينا ديرة ما دورناه فيها , دعينا وبكينا وزعلنا وف الآخر غصب مو طيب رضينا , وش تبينا نسوي وش بقى ما سويناه , لا تصرخ وكأننا خالين من الهم وانت بروحك مقهور
نهضت ومضت لغرفتها بقهر
وداليا صامتة , تبكي وفقط
قال أبوه بعد صمت
: زين كذا , زعلت أمك وش استفدت الحين
لم يرد , خرج من المنزل يروح عن الضيق الذي أحاط برقبته
,
حين دخلت غرفتها
استلقت على سريرها مبتسمة ببرود
سحبت صورته من تحت وسادتها
ابتسمت له وهمست
: اليوم انخطبت , لا تطالعني كذا مو غلطي , راحوا ناس من ربع علي وراح عمي وعبد الله , تقول هديل عبد الله وتركي هاوشوهم وطردوهم – ضحكت بهمس – لا تعصب انا حقتك وهم ما يدرون – اختنقت بعبرتها – وينك ! تكفى ارجع والله طولت علي
ضمت صورته
ومر وميض ذكرى مضت في خيالها
*قال بملل
: يا بنت الحلال لي نص ساعة أشرح لك وش فيه مخك اليوم
قالت بغضب
: ماحب الرياضيات
صاح فيها
: لا تنافخين – ثم قال بملل – حتى أنا أكره الرياضيات بس وش نسوي وانا ولد عمك
ضحكت بمشاكسة
: ما أبي أحل
نظر لها بطرف عينه
: اقعدي حلي أقول
جلست بملل وتأفف
تصيب مرة وتخطأ مرات
حين دخل ابن جارهم الذي يكبرها بعامين
ابتسم ابتسامةً واسعة حين رآها
: رتيل شلونك
نظرت له , ثم الى الضخم الذي يجلس بقربها
رمقها بنضرة غاضبة ووضع حجابها على رأسها , ثم نظر اليه
: خير مشاري وش تبي
ابتسم وهو ينظر ناحيتها
: ولا شي بسولف مع رتيل
صاح فيه
: رتيل مو فاضية بتحل واجباتها , وبعدين خلاص صارت كبيرة ما يصير تتكلم معاك
قالت بسرعة
: لا مو كبيرة أنا عمري كذا
ومدت أصابعها في وجهه بعدد 7
ضرب أصابعها بخفة وهو غاضب
: أي سبع يعني كبيرة
قال مشاري بخجل
: لمن تكبر رتيل انا بتزوجها
صاح فيه
: ارجع لأمك مشاري مو فاضيين الحين
قال باصرار
: طيب بتخليني اتزوجها , هي تقول انك ابوها يعني اخطبها منك
قال بغضب , لا يجدر به أبداً أن يظهره على طفلٍ كمشاري وهو رجل !
: لا ماني مزوجها لك وارجع لامك و والله والله لو اشوفك تكلم رتيل مرة ثانية يا ويلك
صدم مشاري , وامتلأت مقلتيه دمعاً
وهرب عائداً لأمه
نظرت رتيل ناحيته بحزن
: ليش بكيته
قال بتملك
: لأنّه يكلمك وانتي حقتي
نزلت دمعتاها
: بس حرام مشاري مسكين
تأفف ومسح دمعها
ولم يستطع تحمل منظرها حزينة
أخذها لمحلٍ قريب واشترى لمشاري حلوى أرضاه بها
وطلب منه أن لا يكلم رتيل أبداً أبداً !*
ضحكت بشدة وهي تمسح دموعها الحادة
ثم
: آآه , آآه ي عذابي آآه
استغفرت ربها ونهضت تغسل وجهها لتبدد حزنها
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية صباحاً
نهض سعود وهو يمدد أطرافه بكسل
: الساعة اثنين , والله بتتوطاني نانا اليوم
قال عزيز مبتسماً
: خلك , نام هنا
ضحك سعود وهو ينظر حوله بازرداء
: انا انام ف بيتك !
رمقه عزيز بنظرة استخفاف , ثم قال
: سعود وش نهايتك مع ذي البنت
ابتسم سعود بهدوء وهو يجلس
: الله اعلم , انا مؤمن تماماً بحكمة القدر , يمكن التقيها مرة ثانية وتنكتب لي معها قصة , ويمكن ربي يبعدها عن طريقي للأبد
: يعني انت الحين بتختفي من حياتها !
هزّ رأسه نفياً
: بهتم فيها لين تستعيد عافيتها , بعدها الله يحكم بيننا , بقضي لها وبودي لها خالتي سارة , ويمكن أجيب لها امي
قال عزيز بعد ان زفر
: البنت وراها قصة , نظرتها ي سعود فيها شي
ضحك سعود
: خف علينا ي المحلل النفسي
اكتفى عزيز بابتسامة وهو يشرب من كوب الشاي الذي أمامه
نهض سعود وهو يجتذب مفتاح سيارته
: يلا عزوز انا بمشي
: بالله خلك نام عندي ونفطر سوا وارجع بيتك
صمتَ قليلاً
ثم قال
: طيب
بحث عن هاتفه ولم يجده
نظر لعزيز وزفر بتعب
: الجوال في السيارة الله يعينني على ذا اليوم
ضحك عزيز ونزل سعود يحضر هاتفه
حين أمسك به وجد ست مكالمات من أمه واثنتان من والده وثلاثاً وثلاثين مكالمة من جدته , وفوراً ظهرت مكالمة جديدة من جدته
ردّ بهدوء
: مرحباً
صرخت فوراً
: أين أنت أين أنت , اخفتني اقلقتني شغلت بالي لمَ لا ترد مالذي حدث لك
قال بهدوء
: نانا اهدئي قليلاً ارجوكِ , أنا بخير أقسم لك , نسيتُ هاتفي في السيارة ونزلت لمنزل عزيز وللتو فقط تذكرته
قالت بغضب
: تعال للمنزل الآن
قال بهدوء
: سأنام عند عزيز وآتي صباحاً
قالت برفض
: الآن تأتي
قال بضيق
: نانا انا لستُ طفلاً ! لن آتي
صمتت لثوانٍ
ثم زفرت وقالت بهدوء
: حسناً ابقَ عنده , سنتحدث حين تأتي , وداعاً بني
: وداعاً
أغلق الهاتف واتصل بأمه
التي ردّت بمحبة
: هلا حبيبي
: هلا يمه , معليش جوالي كان في السيارة وانا في شقة عزوز ناسيه
: مو مشكلة يمه , بتجي البيت ؟
: لأ بنام عند عزوز الصبح أجي
: مو مشكلة يمه انتبه لنفسك , هذا ابوك بيكلمك – صمتت قليلاً ثم قال والده – الو
: هلا يبه
: هلا فيك , وش صار معك
: سالفة طويلة لمن اجي اقولها لك
: شي مو زين يعني ؟!
: لا لا بس سالفة بسيطة
: زين , يلا ما اعطلك , سلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله
أغلق الهاتف وهو مبتسمٌ ببرود ودخل لشقة عزيز
حين رأى عزيز وجهه ضحك
: شكلك تدبجت
تأفف باعتراض
: والله ما يصير كذا , وش ذي العيشة كني بزر , وتعصب اذا اعترضت لا سمح الله
ضحك عزيز وربت على كتفه بمواساة
: هم كذا العجز نشبة يا صاحبي
استلقى على الأركة وهو يتمتم باعتراضات كثيرة
ضحك عزيز مجدداً
: لا تتحلطم كنك عجوز ماكلين عشاها
تجاهله سعود وأغمض عينيه لينام
ابتسم عزيز وأحضر له لحافاً وأطفأ الضوء
,
,

جود بدر 01-11-13 02:27 AM

رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت العاشر
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
دخلَ وليد السيارة ومعه أكياس الطعام
ابتسم
: وهذا عشاك جبناه , نروح البيت الحين
قال خالد محرجاً
: وليد ما له داعي نروح بيتكم
لم يردّ عليه وليد ورتب الأكياس في المقعد الخلفي
حين همّ بتحريك السيارة
رنّ هاتفه
نظرَ لاسم المتصل ثم الى خالد ثم نزل من السيارة
ردّ بعد أن استنشق كميةً كبيرةً من الهواء
: هلا
: ابو خالد شلونك
: الله يسلمك وشلونك انت
: الحمد لله , ابنشدك
قال بهدوء
: آمر
: بالله عليك تعرف خالد وينه فيه , كلمك أو شفته ؟
قال بذات الهدوء
: خالد معي
صاح بعدم تصديق
: احلف
ضحكَ بخفة
: فيصل شفيك والله معي خالد , كلمني من شوي كان عند البحر رحت أخذته واشتريت عشا والحين بنروح بيتي يرتاح
قال فيصل برجاء
: تكفى خلّه يكلم أمي والله بتموت من الخوف عليه
: أبشر , والله ما ينام الا مكلمها
: بيض الله وجهك ما قصرت
: افا عليك حنّا اخوان
: جزاك الله خير
ابتسم وليد وودعه , ثم عاد لسيارته
قال خالد بسخرية
: ملاك !
ردّ وليد بتهكم
: لا
صمتا , وبعد برهة
تنهد خالد بتعب
قال وليد بحنان
: قل لا اله الا الله
ردد خالد وراءه بهمس
: لا اله الا الله
: تحسب واسترجع خالد , يتخفف عنك
ظلّ خالد يتحسب ويسترجع بهمس
وصلا لمنزل وليد
قال خالد
: وليد يرحم أمك والله ماقدر أنزل بيتكم احراج علي
: يا رجال لين يأذن الفجر نجلس سوا والصباح رباح
نزلا وجلسا في مجلس الضيوف الجانبي
تناولا طعامهما وصليا الوتر
ثم أحضر وليد لخالد ما ينام عليه
جلسا قليلاً يتحدثان , ثم قال وليد بهدوء
: خالد كلم أمك
أشاح خالد بوجهه ولم يرد
قال وليد
: عشان خاطري , عشان خاطرها , فيصل كلمني من شوي أهلك خايفين عليك وقالبين الرياض يدورونك , ما بتخسر اذا طمنتها
صمت قليلاً
ثم أخرج هاتفه الرئيسي وفتحه
انهالت المكالمات والرسائل عليه
قبل أن يتفقد أي شيء
اتصل بأمه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية وأربعون دقيقة بعد منتصف الليل
قال فيصل بتعب
: يمه والله انا كلمت وليد قال انّ خالد عنده
قالت برفض
: ما اصدقك لين اسمع صوته
: يمما الله يخلييك افهميني تكفيين , وليد قال بيخليه يكلمك اصبري شوي
صاحت فيه
: من ساعة انت تقول بيكلمك بيكلمك ما كلممني
قاطع صراخها رنّة هاتفها
كان بندر يجلس قريباً منه
اجتذبه وهتف
: يما خالد
شهقت وهي تسحب الهاتف منه
ردت بسرعة
: الووو يمه خاالد رد علي يمه تكفى خالد
قال بندم
: يمه
قالت بنحيب
: وينك حبيبي وينك يمه وين رحت
: يمه هدّي انا بخير والله , بس تعبان شوي وطلعت للشرقية اشوف وليد
قالت برجاء
: ارجع خالد , ارجع يا يمه طلبتك
قاطعها وهو متألمٌ لبكائها , ويزيد ألمه أنه السبب !
: والله راجع والله , اصلي الفجر مع وليد وأمسك خط الرياض روقي تكفين
هدأت أنفاسها بوعده الذي قطعه للتو
قالت لتتأكد
: بتجي !
: والله أجي
: أمنتك الله يا بعد أمك
ودّعته ثم جلست مرتاحة
قال بندر بهدوء
: ارتحتي !
زفرت
: ردت لي روحي
تمتما بندر وفيصل
: الحمد لله
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
العاشرة وخمس دقائق صباحاً
نزل سعود مسرعاً
ودخل غرفة الطعام
أمه وأبوه وجدته
كانوا يتناولون طعام الفطور
أسرع وسكب كوب عصير برتقال
شربه دفعةً واحدة دون أن يجلس
وأكل حبتين من الزيتون الأخضر
وقضم ثلاث قضمات من خبز ’ التوست ’ المحمص
ثم أسرع للباب
نادَته أمه
: سعوود !
قال من عند الباب
: هلا
: تعال
عاد مسرعاً
: وش فيه
قالت بذهول
: وين رايح !
: كلمتني خالتي سارة تقول لين مو راضية تفطر
قالت السيدة جوليا
: ماذا هناك !
قالت ام سعود بذهول
: اتصلت به السيدة سارة لأن لين لم تتناول طعام الافطار !
نظرت السيدة جوليا لسعود بغضب
: وما شأنك أنت ! منذ اسبوع وثلاثة أيام لا تتناول طعامك وتسرع بالخروج وتعود متأخراً للمنزل , وغالباً لا تعود الا صباحاً بسبب عملك الليلي , هذه الفتاة تفسد حياتك وحياتنا
نظر لوالده يستجدي مساعدته
ابتسم له , ثم حمحم قائلاً
: سعود ليس طفلاً , قضى تسعةً وعشرين عاماً يفعل ما نريد نحن , فلندعه يفعل ما يشاء !
صمتت أمه
أما الجدة نهضت وقالت بحزم
: لن أسمح بهذا
زفر ونظر ناحيتها بحزن
: نانا ! لقد أخطأت في حقها ثلاث مرات , لا استطيع تركها حتى تسترد عافيتها , ارجوكِ دعيني أذهب ! دوماً كنتي تقولين أنكِ تحبين الخير وأنه يجب أن يكون لكلٍ منا عملٌ انساني , هل لين مستثناة من عمل الخير !
سكتت قليلاً قبل أن تزفر وتسمح له بالذهاب
بمجرد نطقت موافقتها طار خارجاً من المنزل
أسرع لسيارته وهو يهتف
: بوب افتح الباب
أسرع البواب يفتح الباب وخرج سعود مسرعاً
لم يستغرق كثيراً في طريقه ’ للاجوار رود ’
أوقف سيارته ونزل وهو يرفع نظارته الشمسية عن عينه
اقترب منه عزيز الذي كان ينتظره بعد أن أخبرته السيدة سارة أن سعود قادم
قال سعود بقلق
: وش فيها !
: والله مدري تقول خالتي انها من يوم دخلت عندها تبكي ومدري وش سالفتها
تمتم
: اللهم اجعله خير
اقترب من الشقة وطرق الباب
فتحته الخالة سارة بعد دقيقة
: سعود
: عسى ما شر خالتي وش فيها البنت
: والله ي امك مادري جيت مثل كل يوم أفطر معها دقيت الباب طولت لين فتحت وحضنتني وقعدت تبكي حاولت أهديها زادت بكي ومو راضية تاكل ولا راضية تتكلم
هتف من عند الباب
: لين , ليين ردّي علي
انقطع صوت بكائها الذي كان واضحاً
ناداها مرةً أخرى بحزم
: لين ممكن تكلميني
بعد ثوانٍ اقترب صوتها ولكنه لا يراها
قالت ونبرتها مجروحة من فرط بكائها
: نعم !
توتر قبل أن يقول
: وش صاير لك !
: ولا شي
قال بعد أن زفر
: ممكن تلبسين وتنزلين معي
قالت بحدة
: عفواً !
: انتي وخالتي سارة , حتى انا ما فطرت جيت على وجهي يوم قالت خالتي انك تعبانة , ننزل نفطر انتي وخالتي بروحكم وانا وعزوز بروحنا , عشان تتنفسين تغيرين جو
نادت بتردد
: خالتي
اقتربت الخالة من الغرفة وقالت بحنان
: تعالي , انا ودي أطلع نجلس بروحنا ولا يكلمونك أبد
صمتت قليلاً
ثم وافقت من أجل الخالة
دخلت غرفتها وأغلقت الباب
سقط نظرها على هاتفها
فانفجرت باكية
في الأمس اتصل اشقاؤها
حالاً رن الهاتف
اقتربت بتردد
كانت لمار
منذ آخر مرة خرجت مع لمار ولمى لم ترهما ولم تكلمهما
اسبوعان وثلاثة أيام
لا ترد على اتصالاتهما ولا تفتح الباب لهما
حين رأت الخالة سارة , شعرت أنها ترى أمها
تقاسيم وجهها , لمسة الحنان بين كفيها , همسها الدافئ
تمسكت بها من خوفها , حتى لو لم تكن أهلاً للثقة , تريد أن تثق بها لأنها وحيدة وخائفة
أطالت جلوسها وتفكيرها
حين سمعت طرقاً خفيفاً على الباب
فزت بسرعة
: جاية
ارتدت عباءتها وحجابها وحملت حقيبتها ومعطفها
خرجت ووجهها شاحب
أمسكت الخالة بيدها وشدت عليها
سارتا لخارج العمارة
وكانا سعود وعزيز يقفان هناك
حين رآهما سعود أولاهما ظهره وسار مع عزيز وهما خلفه
قال عزيز مبتسماً
: خاالتي فيك تمشين للمطعم ولا نروح بالسيارة
همست الخالة للين
: تمشين ولا نركب السيارة ؟
: انتي وش تبين !
: عادي أي شي
: ابي امشي بتنفس
هزّت الخالة سارة رأسها ايجاباً لعزيز
التفت عزيز لسعود وهمس
: تبي تمشي
ساروا قرابة اثنتي عشرةَ دقيقة
ووصلوا للمطعم
جلستا الخالة سارة ولين على طاولة
وعزيز وسعود على أخرى تبعد عدة خطوات عنهما
كان سعود يتناول طعامه ويتحدث مع عزيز بمرح
بينما لين كانت هادئة , شاردة الذهن
تنبهها السيدة سارة لتأكل , تقضم قضمةً أو اثنتين وتعود لشرودها
أنهت طعامها ودخلت لدورة المياه
نهضت الخالة لتذهب ناحية سعود وعزيز
لكنها فقدت توزانها وكادت تسقط
هتف عزيز وأسرع لها
: خالتي !
هب سعود خلفه امسكا بها وساعداها على الجلوس
قال عزيز بخوف
: خالتي شفيك
بلل وجهها بالماء
صمتت لتستعيد وعيها
ثم قالت بتعب
: مدري دخت , يمكن نزل ضغطي
هب عزيز وأشار لسيارة أجرى
ساعدها على الركوب
قال سعود بتوتر
: والبنت !
هتفت الخالة
: لين بتخاف اذا تركتها
قال عزيز
: انتي تعبانة , بيلحقنا سعود معها
هزّت رأسها بتعب
: انتبه عليها ولا تعصب عليها أبد
طمأنها بابتسامة وسارت السيارة
حين اختفت عن مرآه خرجت لين من دورة المياه
تلفتت بخف وهتفت
: خالتي !
اقترب سعود عدة خطوات
: خالتي داخت وأخذها عزيز بيتها , تعالي نرجع
هزّت رأسها بخوف
: مابي , ابي خالتي
أخف كميةَ هواءٍ ملأ بها رئتيه
ثم قال
: لين تعالي نمشي لبيتك , خالتي تعبانة ومشت ! تبيني أرجعها ؟!
صمتت وسارت بارتجاف
ثم توقفت والتفتت ناحيته
همست
: تقدمني
ابتسم وسار أمامها بخطوة
سارا قليلاً
ثم قال سعود بهدوء
: ليش ما تردين على صاحباتك ؟
قالت بصدمة
: وش دراك !
: أمس وانا طالع من العمارة كانوا بيدخلون وعرفتهم سألتهم وش فيهم قالوا انك مقاطعتهم من اسبوعين , وش صاير ؟!
قالت بارتجاف
: ما ابي اقاطعهم , بس انا تعبانة ما اقدر اقابل أحد ولا اكلم أحد غير خالتي – بح صوتها أكثر – لو ما فيها ريحة أمي ما تقبلتها
قال بتساؤل
: ريحة أمك !
قالت بحرقة
: شكلها وطولها وحنانها يذكرني بأمي
قال سعود بتأمل
: لين وش سالفتك
شهقت والتفت لها بسرعة
كانت تضع كفها على فمها , وفي عينيها بحرٌ من دمع
قال بسرعة
: خلاص خلاص آسف , لين
هزّت رأسها نفياً
: لا عاد تسألني
قال بابتسامة
: زين ما عاد اسأل , تعالي نتمشى
سارت قريبةً منه
تحدث معها بلطف عن عدة أمور , حتى يخفف توترها
سار من طريق آخر ليتيح لها فرصةً أكبر بالترويح عن نفسها
بعد ساعةٍ وعشرِ دقائق
قال مبتسماً
: مرتاحة !
ابتسمت بامتنان
: ايه , مشكور , احس اني بخير بخير بخير
ضحكَ بخفة
: تمام , تجين نشتري غدا
قالت بتساؤل
: ما بتعصب خالتي ! , ما ترضى الغدا من برا
ابتسم بمشاكسة
: اليوم هي دايخة بتعديها
ضحكت وذهبت معه
اشتريا طعام الغداء وعادا للمنطقة
اتصل سعود بعزيز
ردّ الأخير مرحباً
: هلا بالداشر قليل الخاتمة اللي أمّناه على البنت وشرد بها
ضحك سعود بقوة ثم قال
: انثبر , خالتي وين
: في شقتها وفاتحة الباب
: صارت زينة ؟
: أي بخير الحمد لله
: زين أجل انا جايب غدا
: طيب اطلع
أغلق الهاتف والتفت للين
: تروحين شقتك ؟!
: لا بطلع أتطمن على خالتي
هزّ رأسه وأشار لها بيده لتدخل
دخلت العمارة وسعود يوجهها
طرقت الباب المفتوح بخفة ونادت
: خالتي
: تعالي يمه
دخلت بخجل
ناداها سعود
: لين
التفتت بسرعة وارتباك
مدّ لها بالكيس
: غداكم
أخذته بخجل وأغلقت الباب
دخل سعود لشقة عزيز جلس وهو يتنهد
قال عزيز بدندنة
: مسااكيين أهل الهواا
ضحك سعود بقوة حتى سعل
: من من أهل الهوا ي الفاهي !
ضحك عزيز وهو يجلس , ويمازح سعود
: وش سويت وش ما سويت , عساك ضبطتها
عاد سعود يضحك وابعده عنه
: انقلع يا قليل الأدب
قال عزيز وهو يرفع حاجبه الأيمن
: بتقنعني ان لك ساعتين معها تدعوها للاسلام
ضحك سعود وهو يضرب مقدمة رأس عزيز
: عزيزاان اركد لا اتوطى بطنك
قال باصرار
: اجل وش تسوون
: مسكينة والله نفسيتها تعبانة تمشينا تمشينا سولفت معها ضحكتها وجينا
قال عزيز بعد صمت , وبجدية
: ما راح اقول لك هذا صح وهذا غلط لأنك أخبر مني , بس بقولك لا تغلط ولا تاخذك عاطفتك على حساب دينك
ابتسم يطمأنه
: لا تشيل هم , ما راح أغلط ان شالله
ابتسم عزيز ونهض يعدُ سفرة غدائهما
واتصلت السيدة جوليا تعاتب سعود على تأخره !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية عشر ظهراً
رنّ هاتفها , ردت على عجل
: طالعة والله طالعة قاعد أدور داليا !
قال بتأفف
: بسرعة يا بنت الحلال وراي مششواار
: والله حاضر بس – قطعت حديثها وصرخت – داليااا
صرخ فيها
: وجع اذني
شهقت بخفة , ثم قالت بخجل
: آسفة , يلا ثواني بس
أغلقت الهاتف واقتربت داليا مبتسمة ابتسامةً واسعة
: وش تبين
: بسرعة عبد الله برى معصب ومستعجل
عضت داليا شفتها السفلى
: ي ويلي بيلعن خيري
ارتدتا عباءتيهما بسرعة وخرجتا
ركبت داليا بقربه
ورتيل خلف داليا
قالت داليا فوراً
: فدييت الطول والعرض والرزة والجمال , انا افدا عقالك يا اخوي انا افدى شنبك انا فدووة لنظرتكك
قال بسخرية ولا زال غاضباً
: ادهني سير
ضحكت وهي تتمسك به
: حبيبييي عبودييي والله كنت مشغوولة
أبعدها ولم يرد
كان عاقداً حاجبيه يفكر
قالت بدلال
: عبد الله
لم يرد
: عبودي
لم يرد
: عبادي
لم يرد
: عبوديني
لم يرد
: عبوود
لم يرد
قالت بغضب
: عبيدان ووجع
التفت لها غاضباً
: وجع بين جنوبك يالرفلا شتبين
ضحكت ثم قالت وهي تسبل أهدابها
: أبي باسسكن
ضحك بسخرية
: بالمشمش
تمسكت به
: طلبتكك
تجاهلها
قالت تتصنع الحزن
: انا اختك الوحيدة ومالك غيري لو تبيض ما صار عندك اخت غيري تخيل أموت وانت مو مشتري لي باسكن
قال بسخرية
: ليه لو أبيض , ببساطة يتزوج ابوي ويخلفلي درزن أخوان وخوات
شهقتا داليا ورتيل وهتفتا
: اعووذ بالله
فزت داليا وتشبثت به
: اتفل من فمك قل اعوذ بالله قل استغفر الله
كان يضحك بشدة منها
ابعدها بسرعة
: يا هبلا بتدخلينا ف العامود
جلست مكانها وقالت بالحاح
: عبد الله ابي باسكن , عبد الله ابي باسكن , عبدد الله ابي باسسسككنن
قال بضجر
: زيين زين فهممت خلاص
فزت تقبل كتفه
: أحببك يا أحسن أخ ف الدنيا
تأفف وابعدها
جلست مكانها ونظرت لرتيل بملل
: وش فيه ذا الضب , جفاف عاطفي
ضحكت رتيل ثم حولت نظرها للشباك
وهي تبلع غصتها من الذكرى التي هاجمتها
*كانت تلعب في المدرسة مع رفيقاتها
حين ضج صوت الحارس في السماعة
: صقر سالم , صقر سالم
اسرعت لحقيبتها حملتها وجرت لخارج المدرسة
كان يقف بقرب سيارته
أسرعت له
نزل لمستواها حملها واجلسها على مقعدها
ثم ركب مكانه
حين جلس بقربها اقتربت منه وقبلت خدّه
: شلونك
ابتسم بتعب
: الحمد لله
قالت بحنان طفولي
: تعبان !
: أي والله تعب اليوم , جانا بلاغ عن حالة سرقة جنوب الرياض واختاروا النخبة وانا منهم
قالت بابتسامة
: فدوى للوطن يا احسن عسكري
ضحك بخفة وهو يضمها اليه
مرا بقرب سيارة كبيرة تتجول وتبيع المثلجات
صاحت بحماس
: آيس كرييم
نظر للسيارة ثم اليها
زفر وأوقف السيارة
تمسكت به
: صقر تعال مابي
قالت بغيض
: تبيني ما انام الليلة من تأنيب الضمير , مرة ثانية لا شفتي شي لا تقولين عشان لا اوقف
ضحكت بمشاكسة , وذهب يحضر لها المثلجات
ابتسمت وهي تأكل منها وتطعمه
كان يأكل من يدها بتلذذ
: الله , يا زين طعمه مع الحر
قالت بتأفف
: خلصت حقي كله
ضحك وهو يداعب شعرها
: عيب تزعلين عشان آيس كريم مانتي بزر عمرك ثمان سنوات
قالت بسرعة
: صح ماما قالت انا كبيرة
قال مبتسماً
: رتيل تجين تعيشين في بيتنا ؟
قالت بتساؤل
: وماما ! وعلي ! وتركي ! وهديل !
: ناخذهم معنا
قالت بعدم تصديق
: عيب تكذب انت كبير
ضحك بقوة منها
طفلته اللذيذة , حين يجلس معها ويتحدث اليها ينسى تعبه وارهاقه , وحتى حزنه او مرضه..*
قطع ذكراها شيءٌ بارد لامس خدّها من فوق غطاء وجهها
شهقت والتفتت
قالت داليا بحنان
: آيس كريمك !
ابتسمت وأخذته
تقلب فيه دون أن تأكله
نظرت داليا لعبد الله الذي كان منتبهاً لشرودها
ابتسم بحزن
: رتول ما تبين الفراولة ؟ تاخذين حقي فانيلا !
قالت بشرود
: لا أبيه عادي
زفر وتمتم
: يارب فرج همها
ثم تابع طريقه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة عصراً
قال فيصل وهو يضبط هدوءه
: يعني كيف ؟!
ردّت أمه ببرود
: يعني تاكل تبن وتنطم وكل كم يوم تكلمها وتتطمن عليها
: حنا مو ديوثين أختنا هايته ما ندري وينها
قاطعه خالد بغضب
: ابلع لسانك فيصل أحسن لك , لين ماهي هايته , لين انحكمت بالضروف
قال بندر يؤيد خالد
: فيصل قسيت عليها بكلامك أمس
قال فيصل بغضب
: وش تبيني أقول لها يعني , أي فديتك انا مفتخر انك ماخذه راحتك وما ندري وينك فيه
قالت امه
: فيصل انت ما تثق بتربيتي !
قال بسرعة
: حشا والله
: اجل استريح , انا ادري وينها وادري وش تسوي بالضبط
: بس يممه
: بدون بس يا يمه الله يرضى عليك , بيجي يوم وتعرفون مكانها وبترجع وتفتخرون فيها , بس حطوا في راسكم , أي كلام يطلع عنها كذب , وعمامكم اللي يذمون فيها ما يوصلون شعرة من تربيتها وشرفها , امشوا رافعين راسكم بأختكم , لين ما فشلتكم ولا فضحتكم والله
توقفت عن الحديث تمسح دمعها
اقترب خالد وضمها اليه بمحبة وابتسم
: مصدقينك يمه , خلاص ما نبي نعرف وينها يكفي انتي تعرفين , ويكفينا نكلمها بين فترة وفترة ونسمع صوتها , روقي يمه فديتك , الهم اللي شلتيه سنتين بروحك بنشيله معك , وفأي وقت تحسين ان قعدتها بعيد خطر نروح نجيبها برسم الخدمة , حنا وش بقا لنا غيرك وغير لين يمه , هدّي فديت راسك يا بعدي
ابتسمت لابنها البكر
: الله يجبر خاطرك ويرضى عليك يا خالد
اقترب بندري بمرح
: وانا وانا يمه
ضحكت وهي تضمه اليها
نظرت لفيصل نظرةً قوية
تأفف ونهض
قالت بغضب
: انقلع لا تجيني , يتأفف الخايس
ضحك رغم قهره , واقترب يقبلها ويرضيها !
,
,
المملكة العربية السعودية – المنطقة الشرقية
الثالثة مساءً
نزل وليد يحمل حقيبتين صغيرتين , وملاك خلفه بعباءتها وحقيبة يدها
قال أبو وليد مستغرباً
: على وين ؟!
: بنطلع للرياض يومين
: ليش
: نبي نشوف خالتي
صمتَ والده غير راضٍ عن ذهابهما لكنه لا يستطيع أن يعترض !
نظر وليد ناحية زوجة أبيه
: ام فهد كلمتي ام زيد على الرفض ؟
هزت رأسها بابتسامةٍ مغتصبة
: أي قلت لها الزواج قسمة ونصيب البنت استخارت وما ارتاحت
هز رأسه بارتياح
وسار ليخرج من المنزل
اقتربت ملاك تقبل رأس والدها
: مع السلامة يبه
قال بحنان
: أمنتك الله يبه – مد يده لجيبه وأخرج ورقةً نقدية من فئة خمسمئة – خذي
قالت بسرعة
: لا لا يبه ما يحتاج
قال باصرار
: انا ابوك ملاك , خذيها
قال وليد بهدوء
: ما يحتاج يبه انا معطيها مصروفها
قال والده بحزن
: بس انا ابوها ! يكسرني ان روان تاخذ مني وملاك لا
نظرت ملاك ناحية وليد تستأذنه
ابتسم لها وأشار لها بالقبول
رأفةً بحال والده , رغم أنه لا يستحق الرأفة في نظره !
أخذتها وقبّلت رأسه وأشارت لزوجة أبيها بلطف
: مع السلامة خالتي
ابتسمت لها
: مع السلامة حبيبتي
خرجا وكانت روان مع فهد في الخارج
نظرت لهما وأسرعت
: وين رايحين !
قال وليد
: بنروح الرياض
اقتربت وقبّلت كتفه
: بالسلامة
ابتسم لها
: الله يسلمك
عانقت أختها بمحبة
: بالسلامة ملوكتي
: الله يسلمك حياتي
قال فهد بهدوء
: بالسلامة , طمنونا عليكم
هزّ وليد رأسه وسار لسيارته
اقتربت ملاك بتردد من أخيها ومدت يدها تصافحه
ابتسم بحنين
: كم لي ما شفتك !
شدها لحضنه وعانقها بمحبة
عانقته واغرورقت عيناها دمعاً
مشتاقةٌ لأخيها !
الذي تعيش معه ولا تراه الا نادراً
رآهما وليد وزفر
انتظر دقيقة ثم نادى
: يلا ملاك
ابتعدت عن فهد الذي ابتسم
: انتبهي لنفسك
بادلته الابتسامة , وسارت لسيارة شقيقها
,
,
الى الملتقى :)

جود بدر 02-11-13 08:23 AM

رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الحادي عشر
,
,
استراليا – كانبرا
التاسعة صباحاً
دخلا المبنى
أحدهما مبتسم بتفائل
والآخر متهكم واجم
مرّت بجوارهما فتاةٌ بحجاب وبنطال ومعطف يصل لركبتيها
ابتسمت
: صباح الخير , الحمد لله على السلامة
قالَ المبتسم
: صباح النور , الله يسلمك
قال الآخر بوجوم
: عن اذنك
اجتذب رفيقه وسار مسرعاً
تغيرت ملامحها واكتساها الخجل
قال مالك بهمس غاضب
: وجع فشلت البنت
ردّ ببرود
: تحترم نفسها وش دخلها بالرجال تسلم عليهم
قال مالك بوعيد
: والله تشوف يا زلابه , هذه بنت ابو ماهر يا ثور والله لو تقول له ما تقلى نفسك الا ف الشارع
قال ببروده ذاته
: قالوا لك شركة اللي خلفوه
: مو شركة اللي خلفوه بس له مكانة كبيرة عند ابو غانم وابو عقاب
اشار بيده بغير اكتراث
: وابو راجح مكانته أكبر اذا ناسي , وحنا موظفين عند ابو راجح , يعني يلحس السما
اغتاض منه مالك لكنه صمت , المكان غير ملائم ليتشاجر معه
صعدا للدور الرابع والأخير
دخلا قاعةً كبيرة
فيها مكتب وبابٌ لغرفةٍ متصلة بها , وطاولة اجتماعات كبيرة
ابتسم الموظف الذي يجلس خلف المكتب بجوار باب الغرفة
: هلا , تفضلوا عمي بو راجح ناطركم
ابتسما ودخلا الغرفة
كان ابو راجح يتحدث في الهاتف
ابتسم حين رآهما وأشار لهما ليجلسا
جلسا أمامه وانتظرا ريثما أنهى مكالمته
انتهى , ثم التفت لهما
: شلونكم شباب
: الحمد لله الله يسلمك
مدّ لكل واحدٍ منهما ملفاً
وقال بجدية
: تراجعونها مراجعة دقيقة
القيا نظرة
ثم قال مالك مستغرباً
: بس هذه موقعة من راشد !
لكز سلطان بقدمه قدم مالك ليصمت
قال ابو راجح بجمود
: ولأنها موقعة من راشد أبيها تتراجع مراجعة دقيقة جداً , شيلوها وخبوها في مكتبكم وارجعوا لي عشان الاجتماع بعد ربع ساعة
هزّا رأسيهما بطاعة وذهبا لغرفة المكتب الخاصة بهما
دخلا وأغلقا الباب
قال مالك بتساؤل
: يشك في راشد !
قال سلطان بغضب
: غبي انت , كان بلعت لسانك وتسألني بعدين
قال ضاحكاً
: وش دراني
زفر سلطان وسحب الملف من مالك
خبأهما في خزانة الأوراق الهامة وأحكم اقفالها
ثم عادا لمكتب ابو راجح
جلسا بعيداً عنه يتحدثان بهمس , وهو ينهي بعض أعماله ريثما تنقضي ربع ساعة
دخل موظفٌ للمكتب وقال باحترام
: طال عمرك ناطرينكم , كلهم هني
نهض ابو راجح وملأ المكتب بحضوره
قال لسلطان ومالك بمحبة
: يلا
نهضا وسارا خلفه
خرج من مكتبه , وكانت مقاعد الطاولة الكبيرة تقريباً جميعها مأخوذة
وثلاث مقاعد في المقدمة متروكة
جلس ابو راجح وبجانبه من اليسار سلطان وبجانب سلطان مالك
وعن يمينه رجلٌ كبير في السن , يضع نظارةً طبية , يبتسم لأبو راجح بمحبة
وبجوار الرجل , رجلٌ يناهز ابو راجح في سنه
ونظرته متهكمة
قال المتهكم بخبث
: ليش تأخرت مسفر
رفع ابو راجح رأسه ببرود ينذر بعاصفة غضب قادمة
: وش قلت !
تظاهر بعد الاهتمام
: قلت ليش تأخرت
: وش ناديتني !
قال الرجل المسن بهدوء
: خلاص يا راشد , خلاص يا ابو راجح خلونا نبدأ الاجتماع
رمى سلطان نظرةً نارية على المدعو راشد
الذي ابتسم بمكر وأشاح ببصره
تحدث المسن اولاً
وبعد كل نقطةٍ يذكرها يسأل ابو راجح عن رأيه
وابو راجح فوراً يسأل سلطان ومالك
الذين كانا يبتسمان ببرود ويتعمدان مغايضة راشد
أثناء حديثهم دخلت فتاةٌ شابة
ترفع شعرها للأعلى
ترتدي بنطالاً ضيقاً أزرق , وقميصاً يفصل جسدها بلونٍ وردي زاهٍ
وحذاءً بكعبٍ عالٍ
عقد المسن حاجبيه استغراباً حين رآها
: لولوة شيايبج ؟
قالت مبتسمة
: يدي تعبان وقال لي ايي بداله
نظر لها بصمت , ثم زفر
: قعدي
جلست بهدوء , ثم سألت بنعومة
: ممكن آخذ خلفية عن النقاط اللي تكلمتوا فيها ؟
أجابها راشد باختصار عمّا تحدثوا عنه
وسلطان عاقدٌ حاجبيه بغضب , ويقاطع حديثها ليحرجها
لكزه مالك وهمس
: احترم البنت لو درا جدها بيسفل فيك
نظر له سلطان بغضب وهمس بحدة
: وش عندك مستقعد لي اليوم كل شوي متفاول علي بأحد يطردني
ابتسم ابو راجح بخفة
وهمس
: سلطان ششش
انتهى الاجتماع
بعد أن فض الاعضاء وبقي الرجل المسن وراشد وابو راجح وسلطان ومالك
نهضت لولوة مبتسمة
وقالت
: ان شالله بطلع يدي على اللي صار اليوم , والاجتماع الياي اذا ما كان حاضر بنفسه بكون موجوده ونتناقش في قرارته
قال راشد
: سايقج موجود ولا نطلع لج سيارة من الشركة ؟
ابتسمت ببرود
: بتصل عليه الحين , وباخذ لي جوله بالشركة
قال راشد بحدة
: ما عندنا بنات تاخذ جولات
لم تعره اهتماماً
وسارت خارجةً من القاعة
نهض راشد بغضب
قال الرجل المسن
: راشد اتركها براحتها
قال بغضب
: عمي شهالهياته , شايف لبسها شايف حجيها
قال بهدوء
: اتركها مالك شغل
نهض ابو راجح ونهضا سلطان ومالك بعده
قال مبتسماً ببرود
: خلها تاخذ راحتها عادي
احمر وجه راشد غضباً
وتركه ابو راجح عائداً لمكتبه
وخلفه سلطان ومالك
ضحك ابو راجح فور دخوله مكتبه
قال لسلطان
: حتى لولوة ما سلمت منك
قال مغتاضاً
: ترفع الضغط
قال مالك يقاطعه
: طيب طيب خلاص مو مشكلة فهمنا
ضحك ابو راجح
ثم جلسوا يتناقشون حول العمل
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة وخمسٌ وأربعون دقيقة مساءً
كانت مستلقيةً على سريرها وكتابها بجوارها
سعلت , ثم أنّت بألم
كانت تشعر بحرارة منذ الصباح
لكنها تجاهلتها
والآن حرارتها مرتفعةٌ جداً
سمعت طرقاً على بابها
قالت بتعب
: من
فتحت داليا الباب ودخلت
: رتول ! وش فيك من رجعنا من الجامعة ما شفتك
قالت بهمس
: تعبانة
اقتربت بقلق
: وش فيك
: مدري مرتفعة حرارتي وحلقي يعورني
أسرعت داليا خارجةً من الغرفة
نزلت الدرج تنادي
: عبد الله , يمما
خرجت أمها من المبطخ بخوف
: وش فييك
هتفت
: يمما رتيل تعبانة ممرة
أسرعت مع أمها لغرفة رتيل
دخلت وفتحت الضوء
قالت بخوف
: بسم الله الرحمن الرحيم , وش فيك رتيل
ابتسمت وقالت بتعب
: ما فيني شي عمتي شوية حرارة
التفتت لداليا غاضبة
: خرعتيني على اختك – عادت تنظر لرتيل بحنان – قومي يمه غسلي وجهك وانزلي بسوي لك ليمون وشوربه
هزت رأسها
وحين خرجتا وتركتاها
همّت بالنهوض لكنها تكاسلت , فنامت
بعد نصف ساعة
عاد عبد الله للمنزل
جلس وشرب القهوة
بعد قليل سأل
: وين رتيل أجل !
قالت أمه بحنان
: مسكينة تعبانة , حرارة
عقد حاجبيه
: داليا قومي ناديها بوديها المستشفى
قالت أمه
: ما يحتاج عبد الله , نامت الحين اذا قامت تاكل وتطيب
هزّ رأسه نفياً
: لا بوديها , رتول مناعتها ضعيفة , قومي داليا ناديها
نهضت داليا وذهبت لغرفة رتيل
ربتت عليها برفق
: رتيل , رتول , رتوله , رتايل
همهمت رتيل دون رد
قالت داليا بحنان
: قومي عبد الله بيوديك المستشفى
بدأت تستشعر ما حولها
نظرت لداليا بصمت
ضحكت داليا وهي تلعب بشعر رتيل
: وش فيك يالفاهية , قومي عبود بيوديك المستشفى
هزت رأسها نفياً
: ما يحتاج
: قالت له أمي ما له داعي بس أصر , قومي حياتي البسي عباتك وانا بروح أجيب عباتي أروح معكم
نهضت بتعب وخرجت داليا لغرفتها
ذهبت لدورة المياه غسلت وجهها بماءٍ بارد
وعادت ترتدي عباءتها
عادت داليا وأمسكت بيدها
نزلتا سوياً
كانت تترنح من التعب
نهض عبد الله وهو ينظر اليها بقلق
: أجر وعافية رتول , ما خفيتي !
هزت رأسها
: انا بخير
: معليه حتى لو بخير , نتطمن , يلا يبه امشي
سارت خلفه مع داليا
وفي داخلها امتنان له
الرجل الذي استشعرت في كل لحظة لها معه أنه أخٌ لها
ذهبوا للمشفى , ووضعوا لها محلولاً مغذياً
قالت داليا
: مو قادرين يسحبون منك دم , بنروح أنا وعبد الله نجيب لك مويا وعصير تشربين عشان يتحرك دمك ويقدرون يسحبون , ارتاحي لين نجي
قبّلت جبينها وخرجت مع شقيقها
أغمضت عينيها
وغاصت في ذكرى مضت
*العاشرة صباحاً
شعرت بلمسة خفيفة على خدها
فتحت عينيها وكان يقف أمامها
نهضت وهي تغطي ساقيها بخجل
قال بمحبة
: يسعدلي صباحك يا سعادة صباحي
ابتسمت
: وصباحك
مد بكفه لها , أمسكت به ونهضت
دخلت لدورة المياه تغسل وجهها
خرجت وكان يغلق أزرار قميصه
قال بلطف
: رتيل حطيلي فطور
ابتسمت وارتدت حجاب الصلاة الطويل مع نقابها ونزلت للمطبخ
أعدت فطوره وأخذته للأعلى
كان قد انتهى من لبسه
وضعت فطوره أمامه وجلست تسكب له الشاي
قالت
: بتطلع مع الشباب للبر ؟!
: والله ما اعتقد عندي زحمة شغل , بس اذا قدرت بطلع لهم ساعتين ثلاث بالكثير وأرجع
صمتت قليلاً ثم قالت
: ما تسوى عليك طريق طويل على ساعتين ثلاث !
رفع كتفيه باستسلام
: شنسوي بعد , فدوة للوطن
ابتسمت بتشجيع , وبادلها الابتسامة
أنهى فطوره ونهض
داعب أنفها
: تبين شي من برى
أغمضت احدى عينيها وأمالت رأسها تفكر
: آمم , جيب لي مارشميلو وشوكولا
قهقه ضاحكاً , ثم قال
: حاضر , وانا لا جيت أبي الحمام جاهز , ومسويتلي عشا من يدينك , زين !
قفزت بحماس
: حاضر
أشار لها على خدّه
: بوسة قبل أروح
ابتعدت بخجل
: عيب أنا صرت كبيرة
ضحك بقوة
ثم قال بسخرية
: كبيرة آمنت بالله , بس انا زوجك ماني غريب
قالت بتهديد
: انت قلت تصير زوجي الحقيقي لمن يصير عمري 18 سنه أو أكثر
قال بمكر وهو يقترب منها
: وش الفرق , الحين أو لمن تصيرين 18 انتي زوجتي , وش بيتغير
ابتعدت بسرعة ووجنتيها تحترقان خجلاً
قالت بخجل كبير
: صصصقققررر
ضحك وابتعد
قالت بتهديد
: والله أرجع لأمي ترا
قال وقد بدأ يغضب
: اعقبي
نفخت صدرها بغرور
: ايه اعقل
شد شعرها بخفة
: لا تتعالين يالنتفة
ضحكت وهي تبتعد عنه
: صصقرر ششعرييي
تركها
: لا تنفخين ريشك أحسن ما انتفه
قبّل رأسها ونزل ليخرج من المنزل
بعد خروجه بساعتين , مرضت
بعد صلاة المغرب اشتد بها المرض
فاتصلت عمتها على ابنها
ردّ بهدوء
: هلا
: يمه صقر انت وين
قال بحذر
: قريب , ليه
: رتيل تعبانة يمه , تعالي ودها المستشفى
قال بسرعة
: وش فيها
: والله محمومة
قال بخوف
: جاي , انتبهي عليها يمه
أغلق الهاتف وغير طريقه رغم أنه كان قد انتصف في طريقه ’ للبر ’ , لم يخبر والدته أنه بعيد لأنه يعلم أنها لن تخبره مالخطب ان كان بعيداً
طريق ساعة , اختصره في ثلث ساعة حتى يصل لطفلة قلبه
حملها بين كفوفه للمشفى
رفض أن يكشف عليها طبيب ذكر
وجاءت الطبيبة , حقنتها بما يخفف ألمها
بقي بقربها يداعب شعرها ويمازحها لينسيها المرض
قال يهمس
: بشتريلك كراتين مارشميلو وشوكولا بس تطيبين
ضحكت ببحة
شدها لصدره
: مو حلوة وانتي تعبانة , قومي يلا
أغمضت عينيها وهمست
: صقر أحس اني أحترق , وفي نفس الوقت بردانة
قبل يدها بحنان
: ليته في قلبي ولا فيك يا كل صقر انتي
بقي ليلته بقربها , حتى تحسنت وعاد بها للمنزل..*
,
( الذكرى كتبتها وفي اذني سماعة اسمع نشيد ما فهمت ولا كلمة منه بس نبرته جداً حزينة , حسيت الذكرى جداً مناسبة له وخنقتني العبرا :p )
,
انتهت الذكرى , بشهقة عنيفة من روحها
صرخت ببحة وعجز
: صـــقـــــر , صصققررر , آآآه أبيي صصقرر , يممماااه ردوليي صقرر ردولي صقريي
دخلت ممرضتين وطبيبة بخوف عليها
أسرعن ناحيتها يحاولن تهدئتها
كانت تبكي وتنزع ابرة المغذي بقسوة من عروق يدها
تنادي اسماً واحداً
’ صقر ’ وفقط !
دخلت داليا مسرعة وهي ترتجف
: رتيل قولي لا اله الا الله
ضمتها بقوة تهدئها
: اذكري الله , لا اله الا الله رتيل
تشبثت بها تبكي بقوة
: ابييييه داليااا , رديليي صصقررر , داليااا جيبولي ابوووي , تيتممت مرتييين , راح أبووي راح أخوي وعزوتي وهلي , صصقررر
كانت داليا تبكي , وتحبس عبراتها حتى لا تنهار مثل رتيل
كانت تردد باختناق
: اذكري الله رتيل , اذكري الله يا روحي , لا اله الا الله رتيل لا اله الا الله
هدأت واستكانت شيئاً فشيئاً
حتى تمكنت الممرضة من حقنها بالمهدئ
فنامت ووجها شاحب ويشهد وجعاً عميقاً
ابتعدت داليا وخرجت
رمت بجسدها الصغير في حضن أخيها
همست بعذاب
: وينه صقر عبد الله , وين راح أخوي
ضمها اليه وحنجرته تؤلمه
: اذكري ربك , كنا برتيل صرنا فيك , هدّي
تماسكت وابتعدت عن أخيها
جلست على المقعد
وجلس أمامها على ركبته
أمسك بيدها بحنان
: صلي ع النبي حبيبتي
مد لها قارورة ماء
شربت منها قليلاً
ثم أغمضت عينيها وفي نفسها حرقة على فقد شقيقها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة والنصف مساءً
سمعوا الجرس
أسرع تركي ليفتح الباب
ابتسم وقال مرحباً
: هلا وغلا , يا الله انك تحييهم
عانق وليد وأشار له بالدخول
دخل وملاك خلفه
رفعت ملاك نقابها وابتسمت بهدوء
: شلونك تركي
: هلااا والله ملاك , شلونك شخبارك
: الحمد لله بخير
سمعا شهقة مرح تلاها صوتٌ مرحب
: ولييييد , وحششتني , خلاص لا تجي كل اسبوع تعال كل يوم
التفتا ناحية وليد
كانت هديل متشبثةً به وتهتف بحماسه
: فدييتك مشتاااقة لك
ضحك بهدوء وربت على ظهرها
: وخري يا قمله كتمتيني
ابتعدت وضربت كتفه
: قمله انت
التفتت لملاك وعانقتها بقوة
ضحكت ملاك وهي تبادلها العناق
قالت هديل
: اشتقت لك ي خايسسة , اشتقت لك اشتقت لك اشتقققت لك
: وانا والله اشتقت لك
قال تركي بسخرية
: تراها من شهر كل اسبوع مرتزة عندك
قالت هديل
: يعني اربع مرات بس شفتها خلال شهر
حينها خرجت ام علي من غرفة جانبية , قالت بسعادة
: فديت هالوجيه , هلا هلا يمه
اقتربا منها بسرعة ليحتضناها
كانت لمستها حانيةً محبة
كأمٍ لهما
جلست معهما
كانت ملاك ملتصقةً بها وتمسك بيدها
ووليد قريبٌ منها وعينيه تبتسمان بمحبة لها
قالت ضاحكة
: زين والله ملتزم بالعهود والمواثيق , كل اسبوع تجوني والله نعمة
قالت ملاك هامسة
: بس عشان يغيض ابوي وخالتي
لم يسمعها وليد لكنه شعرَ أنها تتحدث عنه
رفع حاجبه
: وش قلتي
هزت رأسها ضاحكة
: ولا شي
قالت ام علي لهديل
: كلمي أختك تجي دام ملاك هنا
هزت رأسها بحماس
واتصلت على رتيل
انتظرت ولم ترد
قالت باستغراب
: ما ترد !
قالت امها
: كلمي داليا شوفي
لاح شبح ابتسامة على شفتي علي وعدّل جلسته
قالت هديل بسخرية
: ما بنزفها لك الحين ارتاح
ضحكوا منه جميعاً
قال بغيض
: انثبري وكلمي بنت عمك
اتصلت وهي تقلب وجهها بمشاكسة وهو يضحك منها
: الو دالييا
: هلا هديل
عقدت حاجبيها
: وش فيه صوتك
تنبه علي لها
: ولا شي بس ساكتة لي فترة
قالت باصرار
: والله تكذبين , وش صاير لكم
زفرت داليا قبل ان تقول
: رتيل شوي تعبانة وجبناها المستشفى انا وعبد الله , و آمم , انهارت تبي صقر !
تغيرت ملامح هديل
: الحين هي بخير !
: أعطوها مهدئ ونامت , اذا قامت نمشي خلاص
قالت باصرار
: يحتاج نجي ؟
: يا بنت الحلال بخير والله
قالت ام علي بقلق
: شصصاير
قالت هديل
: رتيل تعبانة ومنهارة ف المستشفى
شهقت أم علي وأخذت الهاتف من ابنتها
: الوو
: هلا عمتي
: داليا وش فيها رتيل وش صاير
: تعبانة شوي
: متى تطلع ؟
: نص ساعة بالكثير تصحى ونطلع
قالت أم علي بحزم
: تجيبونها لي
قالت داليا باعتذار
: عمتي ما...
قاطعتها
: داليا الله يرضى عليك كلمي أخوك قولي له عمتي ام علي تقول جيبوها بيتي , واذا ما جابها يجي علي ياخذها الحين , سمعتيني !
قالت بصوتٍ منخفض
: طيب
ودعتها وأغلقت الهاتف
قال وليد
: عسى ما شر
جلست ام علي وقد اكتسى الضيق ملامحها
: يا ويلي عليها , تعبانة بنيتي
قالت هديل بعدم رضى
: تقول داليا انهارت من تذكرت اللي ما يتسمى
ردعها علي بغضب
: ابلعي لسانك هديل
قالت بغضب هي الأخرى
: وش اللي ابلع لساني , عاجبك سواة ولد عمك الردي
نهض بقوة ليضربها
لكن وليد وقف امامها , بينها وبين علي
قال بلطف
: امسحها بوجهي
: طويلة لسان والله لا اعلمك السنع , ولد عمك يا قليلة الخاتمة رجال أكبر مني ومن أخوي تقولين عنه ردي
شد وليد اذنها برفق
: لا تعيدينها
هزت رأسها بسرعة وخرجت من الغرفة
جلس علي يزفر بغضب
نظر وليد ناحية ملاك
: روحي لها
نهضت بسرعة وتبعتها
جلس وليد وقال بهدوء
: اذكر الله , خذتها الحمية على اختها
: تقوم وتسب ولد عمها !
: معليه عديها
استغفر ربه بهمس
قال تركي بعد ان تنهد
: والنهاية مع سالفة رتيل !
قال علي وهو يتظاهر بالبرود
: تنتظر رجلها , ما به نهاية
قال تركي بغضب
: بس هي زوجة مفقود !
رد علي بغضب مماثل
: واللي علمك كلمة زوجة مفقود ما شرح لك القاعدة الفقهية لزوجة المفقود !
قال وليد بهدوء
: استهدوا بالله يا شباب وش فيكم !
قالت ام علي بضيق
: فضوها سيرة , أختكم تعبانة وما ابي أي كلمة تخص هالموضوع , مفهوم
صمتا وأشاحا بوجهيهما عنها
بعد قليل وصلت سيارة عبد الله
خرج علي ليسند أخته
كانت داليا تجلس معها في الخلف نزلت قبلها ومدت بيدها لها تساعدها
حين شعرت بهمسٍ خفيف من خلفها
: هلا باللي له الخاطر يهلي
شعرت بدمها يتجمد في عروقها , وبحرارة جسدها ترتفع لأقصى حد , وبأطرافها ترتجف
كادت تسقط مغشياً عليها
زاد حالتها سوءً ضحكته الخافتة
قال بلطف
: ابعدي بساعدها ما تقدرين عليها
كانت تحول الحراك , لكن قدمها أبت أن تتحرك
قالت رتيل بتعب
: داليا وخري بنزل
ضحك عبد الله وناداها بمرح
: داليااا
مدّ علي يده وحركها بخفة
حين لمسها شهقت وابتعدت بسرعة
انفجرا علي وعبد الله ضحكاً
قالت رتيل ببحة
: حرام عليكم
انحنى علي وحمل أخته مبتسماً بحنان
: ارحبي يا بعد كلي
أحاطت بذراعيها رقبته , ودفنت وجهها في صدره
قال مخاطباً عبد الله
: بيض الله وجهك , بس تطيب انا بجيبها , سامحنا عنيناك
: افا عليك رتول أختي
: مشكور عبد الله نردها لك بالأفراح
التفت لداليا التي لا تزال واقفةً بعيداً عنه
: تعالي اركبي
لم ترد ولم ترفع رأسها
ضحك
: داليا وش فيك ! حلال والله حلال تبين تشوفين العقد تتأكدين
شهقت بخجل وأشاحت بجسدها أكثر
قال عبد الله بملل
: اخلصي اركبي
نظرت اليه بحدة
ضحك ثم التفت لابن عمه
: علي لا هنت ادخل , بتظل متدبسة مكانها دامك واقف هنا
ضحك علي وودعه , ثم دخل وأغلق بابه
حينها فقط ركبت داليا وسار عبد الله
حين دخل علي المنزل
اقتربت أمه بخوف
: رتيل
أنزلها علي
اقتربت أم علي أكثر
رمت رتيل بجسدها الضعيف في حضن خالتها
كلا , أمها , ربتها وسهرت على راحتها واعتنت بها منذ نعومة أظافرها
مسحت أم علي على شعرها بحنان
: بس يمه , بس حبيبتي , تعالي أوديك غرفتك ترتاحين
سارت معها وهي تنتحب بتعب
سمعت حمحمة لم تميز صاحبها
أعقبها بحديثٍ هادئ
: الحمد لله ع السلامة رتيل
التفتت رتيل لأمها بتساؤل
همست لها
: وليد
قالت ببحة
: الله يسلمك مشكور
تابعت طريقها لغرفتها
بعد أن خلعت عباءتها واستلقت
دخلت هديل وملاك خلفها
قفزت هديل على السرير بجانبها تهتف
: رتيلاا حبيبتيي الف بسم الله عليك
اقتربت ملاك
حاولت رتيل تعديل جلستها
لكن ملاك منعتها وعانقتها وهي مستلقية
: حياتي سلامتك , خوفتينا عليك
: الله يسلمك , سامحيني والله كان لازم استقبلك أحسن من كذا
لامتها ملاك بلطف
: احنا مو غرب عنكم رتول , بعدين انتي ناسية هذه غرفة أخوي لمن نجي لخالتي
أخرجت لسانها بمرح أضحك رتيل
أحاطتا بها وتحدثتا كثيراً اليها
حتى أتى صوتُ تركي محمحاً عند باب غرفتها
ابتعدت ملاك مسرعة وارتدت حجابها
قالت هديل
: تعال تريكي
دخل وهو عاقدٌ حاجبيه
ضرب رأس هديل بخفة
: أصغر عيالك تريكي
ضحكت بينما اقترب من رتيل وقبّل جبينها
أمسك بيدها وقبّلها بحنان
: سلامتك يا روح أخوك
: الله يسلمك حبيبي
: ليه ما اهتميتي بنفسك , مناعتك ضعيفة رتيل أي اهمال تمرضين !
قالت ببحة
: قدر
مسح على شعرها
: آخر الطيحات ان شالله
اكتفت بابتسامة
كانت هديل قد خرجت من الغرفة مع ملاك حين دخلها تركي
عادت تهتف
: ممن قدكك , تريكي النفسية العصبي جالس جنبك يحبب فيك وجايب عششا من براا , وأمي مسويتلك شوربه وفطاير , اهب ي وجهك كل ذا لك وانا محد يذكرني ب سنتوب أبو نص
كانت رتيل تضحك بتعب
وتركي مبتسمٌ لهديل
نهض ليخرج وحين مر بهديل همس
: بعدي لك تريكي لأنك ضحكتيها
قفزت هديل تدغدغ رتيل وهي تصرخ بمرح
: تريكي تركان تروك تركيان
ضحك باستخفاف وخرج
ضمت هديل أختها بقوة
: الحين صرنا بروحنا , وش فيك ؟
دمعت عيناها
: أبي صقر
: غيره ؟
: صقر
: وبعد ؟!
: صقر
زفرت هديل وهمست لأختها
: ان الله مع الصابرين , سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً , وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون , استرجعي كثير وسلمي أمرك لله , ما يصير رتيل تتعبين نفسك وتبكين عليه ليل نهار
قالت تشكي وتبكي كطفلة
: طول هديل , والله بموت من شوقي وحاجتي له , انا زوججته بنته حبيبته , شلون أهون عليه
قالت هديل وهي تضغط على نفسها وتقنع أختها بما لم يقنعها هي !
: ما تدرين وش صاير معه
دعت رتيل بتضرع
: يارب ان كان حي وبخير رجعه لي سالم , وان كان ميت فلا تجيب لي عنه خبر , ابكيه طول عمري مفقود ولا أبكيه مـ...
قطعت كلمتها , لم تستطع نطقها
أنتهى حوارهما بدخول ملاك
جلستا معها يخففان عنها ويتحدثن اليها في كل شي علّهن ينسينها هما
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية ظهراً
أوقف سيارته بالقرب من عمارة عزيز
نزل وارسل للين رسالةً نصية
( أنا وصلت , بسلم على عزوز وأجي لعمارتكم )
ثم دخل للعمارة وصعد لشقة عزيز
فتح له عزيز ودخل
جلسا قليلاً
وكان عزيز متهكماً واجماً
قال سعود
: شفيك ! صاير لك شي ؟
قال عزيز بسخرية
: جاي عشانها ؟
صمتَ سعود قليلاً
ثم قال بهدوء
: اوكي , انت زعلان لأن خويك المثالي بنظرك جالس يسوي شي غلط , ومتضايق لأن لي اسبوعين وعليها كل يوم أطلع مع لين , انا أعترف اني غلطان ومذنب , صدقني عزيز أنا معتبره عمل انساني , لين كتومه جداً , ومن كتمها وضغطها على نفسها تذكر الحالة اللي لقيتها فيها من شهر ! , عورتها , كان ألم بسيط وسطحي خلّاها تنهار وتفقد وعيها , انا جالس أحاول أخليها تغير جو وتفضفض , تصدق بدت تتجاوب وتكلمني عن حياتها في السعودية , مع انها بتأكيد من صديقاتها مستحيل تطري السعودية بكلمة , صديقاتها من سنة ونص الروح بالروح ما قالت لهم شي خاص عنها ! , انا بس أبي اساعدها
أشاح عزيز بنظره عنه
: مو مبرر
تنهد سعود
: أدري , بس جد أنا مو نيتي سيئة
نهض بضيق وتوجه للباب
قال عزيز
: أمنتك نفسك ودينك
اهتز سعود من كلمات رفيقه
لكنه خرج
هو يرى أنّ الأعمال بالنيات , ويرى بأنه كَ طبيب نفسي للين بما أنه دخل معاهد وحضر دورات وقرأ كثيراً حول الطب النفسي
مشى لعمارة لين واتصل على هاتفها رنة وأغلقه
ثوانٍ ووقفت أمامه مبتسمة بهدوء
قال مبتسماً
: شلونك اليوم
: الحمد لله
سارا بخطواتٍ متقاربة يتحدثان
بعد أن سارا طويلاً
جلسا متقابلين
مدّ لها بكوبِ عصير
أخذته وشربت ثم قالت
: سعود
ابتسم
: آمري
صمتت قليلاً , ثم قالت بهدوء
: آمم , أدري انك مهتم في موضوعي ونفسيتي لأنك تبي تساعدني , انا بديت أصير أحسن
قال بهدوء مماثل
: بديتي تصيرين احسن , وانا ابيك تطيبين تماماً
: انا احاول اتجنب الخطأ والذنب قد ما اقدر , وانت ذنب اقدر اتخلص منه , فليش استمر فيه وأتعاقب , حرام طلعتي معك وجلستي معك , انت غريب عني
قال ببرود
: انا مابي اخسرك , حبيت وجودك في حياتي
لاحظ الاحمرار الذي طغى على وجهها
صمتت ثم قالت
: ما يصير !
: نخليه يصير
قالت باستغراب
: ايش !
صمت قليلاً , ثم قال بجدية
: أتزوجك
جحظت عينيها بصدمة
ظلت تنظر له مصدومة , دون أن يرف لها رمش
قال ببساطة
: وش فيك !
لم تجبه الا بعد برهة
: انت وش تقول !
قال ببساطة مرةً أخرى
: لين الموضوع مو صعب ! انتي بنت وأنا رجال , والبنت المناسبة والرجال المناسب بالطبيعة البشرية يتزوجون
قالت ببحة
: انا ما لي أحد , تقدر تقول مقطوعة من شجر !
: يتيمة مثلاً , أو لقيطة ! وان يكن الرسول يقول اظفر بذات الدين تربت يداك , انتي دين وخَلق وخُلق مشالله عليك
قالت بسرعة
: لا انا مو لقيطة
ابتسم بلطف
قالت بتردد
: يعني أنا عايشة بروحي , والى أجل غير مسمى انا لحالي , حتى لو جد ب – سكتت ثم قالت ببطئ وهمس – حتى لو ب تـخطبني , مو من أحد
قال ببساطة
: مو مشكلة , وش فرقك عن اللي في بيوتهم ونروح لهم , يمكن انتي أحسن منهم , فكري لين , انا جد شاري قربك ما ابي أخسرك أبداً , مو مشكلة نملك ومتى ما تحسين نفسك مستعدة لو بعد عشر سنين نتزوج – صمت قليلاً , ثم حك رأسه وقال باستدراك – لا لا مو عشر سنين , يعني متى ما تبين بس مو تطولين
كبتت ضحكتها وصمتت
ثم قالت بتردد
: انا مطلقة
رفع بصره ناحيتها بسرعة , حاول ألّا تظهر صدمته , وقال
: طيب ؟!
قالت وهي لا تنظر اليه
: مو مطلقة قصدي – صمتت طويلاً , ثم همست – خالعة
نظر اليها دون رد
قالت ببحة
: مظلومة والله , وخلعته لسبب قاهر , خلعته قبل الزواج كنا مملكين بس
اطمئن بعد كلماتها
قال بحنو
: طيب مو مشكلة
نظرت اليه قليلاً , ثم نهضت وقالت بهدوء
: بفكر وأرد عليك
ابتسم وهز رأسه
نهض معها ليوصلها لمنزلها
ثم عاد الى منزله مسرعاً
,
,
الى الملتقى :)

جود بدر 03-11-13 01:22 AM

رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثاني عشر
,
,
المملكة العربية السعودية – شمال المملكة ( حايل )
العاشرة مساءً
في منزل أنيق
في غرفة خارجية للمنزل
كان يجلس شاب ثلاثيني , والتلفاز مفتوح أمامه
كان شارد الذهن
حين فتح الباب شاب آخر في أواسط العشرين
قال مبتسماً
: قم تعش معي
ابتسم بهدوء
: مالي نفس الله يعافيك
قال بسخرية
: ما سألتك , قم تعش
ضحك بخفة
: يوسف ما لي نفس والله
اقترب منه بتهديد
: عميران ان ما قمت قفلت بابك وخليتك تنقع فيذا لبعد باكر
ضحك ونهض يأكل معه
كان يأكل ببطئ شديد , وقضمات صغيرةٍ جداً
قال يوسف بمحبة
: وشنوحك وانا اخوك , اجدع همك وخلك في يومك , باكر بتفرج يا عمر
*وشنوحك | وش فيك
*اجدع | ارمي
زفر ثم قال
: ما هقيتها تفرج
قال بقوة
: استغفر ربك وش ذا الحتسي
لم يرد عليه كان يقطع الخبزة التي أمامه قطعاً صغيرة من غير أن يأكل
مدّ له يوسف بالملعقة
: همسك الخاشوقة سم بالله وكل مثل الوادم , واذكر ربك يا رجال
ضحك بخفة
: يوسف لا تتكلم كذا
: ها اجل وشلون تبيني اكلمك
: لا تتكلم بالحايلي القح , عادي خلك مرن
ضحك يوسف
: أحب لهجتنا , أختي كلامه مثل هل الرياض تعصب لا مني تكلمت هاللون
قال عمر بصدق
: الله يسعدك يا يوسف والله اني أحبك
: وانا والله احبك يا بعد هالزول , هكل كل وانا اخوك
أكل قليلاً ثم ابتعد
قال يوسف بجدية
: عمر تبيني أبحث لك في موضوعك ؟
: أي موضوع !
قال ببرود
: البطاقة اللي لقيناها معك
أشاح بوجهه عنه
: اقطعها من سيرة
: لمتى يعني
زفر دون أن يتكلم
قال يوسف
: البطاقة واضح انها لعسكري , لكن ممسوحة بياناتها مب واضح منها شي , يعني انت عسكري حكومة يالهبل
: ما ابي اعرف من أنا , محد سأل عني ليه أسأل وادور
قال بغضب
: تلايط , لابو هالوجه الودر , تخبر نفسك عشان نفسك مب عشان أحد
صمت قليلاً , ثم قال بصوت منخفض
: في بنت
تنبه له يوسف وهمهم يحثه على المتابعة
: دايم كني أشوف زولها , احلم فيها
قال يوسف
: يمكن اختك !
هز رأسه بضياع
: مدري , بنت صغيره تبتسم وتحضنّي دايم
: والله مدري وش اقول لك ي عمر
قال مبتسماً
: ليه سميتني عمر
ابتسم بحنين
: خويي اللزم الله يرحمه اسمه عمر
همس عمر
: الله يرحمه
: الوكاد اني بروح انشد الحكومة عن عسكري مضيعينه بقول لهم تراه عندي ف بيتي لقيته وخذيته تبونه تعالوا خذوه
ضحك عمر ثم قال
: لا تنشد
قال يوسف باصرار وعناد
: الا ابنشد
قال عمر بسرعة
: لا يوسف تكفى
: وراه !
: ماني مستعد حالياً ارجع لعايلة ما اعرفها , ام وأب واخوان , ويمكن زوجة !
قال يوسف
: براحك وانا اخوك , بيتي مفتوح لك وهلي تراهم هلك , ومتى ما بغيت انا تحت أمرك
: تسلم ما قصرت والله , الله يقدرني وارد معروفك
قال بتهكم
: اقلب وجهك
نهض يوسف وحمل صينية الطعام
قال قبل أن يخرج من الغرفة
: لا ترقد بجيب شاهي
خرج وتركه , واستلقى عمر يفكر بعمق
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
الخامسة عصراً
دخل سعود للمنزل ونادى والديه وجدته
جلس معهم
ثم قال
: سأتزوج !
رفع والده حاجبه , ونظرت امه اليه بصدمة , وعقدت جدته حاجبيها
تابع حديثه
: ليس زواجاً تماماً , سأعقد قراني
قالت جدته
: ممن ؟
قال بهدوء
: لين
نهضت جدته بسرعة
: لن يتم هذا الزواج
قال والده ببرود
: ولم لا يتم ؟!
: لأنني لا اسمح بذلك , هذه الفتاة لا اثق بها ولا أحبها
قالت ام سعود
: انا اثق بها !
: كيف تثقين بها وانتي لم تريها حتى ؟
: لأن سعود يثق بها , وسعود لا يثق بشخص لا يستحق الثقة
نظر لأمه بامتنان
قالت السيدة جوليا برفض قاطع
: انا لا اسمح
نهض والد سعود بقوة
: انا والد سعود سيدتي لا تنسي ذلك , وهذه أمه , نحن من انجبه ونحن من رباه ونحن من أفنى حياته لأجله , بينما انتي كنتي تدللينه كثيراً وتتحكمين بتصرفاته وتمنعينه مما يحب وتأمرينه بما تريدين , سيتزوج سعود لين ان شاء الله
كانت تنظر اليه بصدمة
اقترب سعود من والده
: يبه شوي شوي عليها !
نظر اليه
: خلاص طفح الكيل , لمتى بتتحكم فيك يعني ؟! متى تبي تطلع من سيطرتها ان شالله ! لمن تشيب ! لمن يصيرون عيالك بطولك , انت حر بحياتك مانت طفل
مسح على ذقنه برجاء
: عشان خاطري يبه , معليه بشويش عليها
زفر والده وخرج من الغرفة
تبعته ام سعود
وجلست السيدة جوليا على الأريكة وهي تتنفس بقوة
جلس سعود بقربها بهدوء
: نانا
: اتركني الآن رجاءً
: نانا لا تغضبي ارجوكِ , انا لم اطلب أمراً محرماً او خطأً رفضك من غير مبرر , ووالداي لا يريان أية مشكلة في زواجي منها
: اتركني سآود
زفر , ثم نهض وتركها
صعد للدور الثاني ووجد والديه يجلسان في الصالة العلوية
ابتسمت له أمه
: هلا بالعريس
ابتسم واقترب منها
قالت والدته بحنان
: لازم نشوف لين ونجلس معها
هزّ رأسه
: اللي تشوفينه
قال والده مبتهجاً
: والله وبتتزوج وينتفخ راسك
ضحك ثم قال
: مطولين عن الزواج , الحين ابي أملك عليها عشان أكون قريب منها
قالت أمه بتأمل
: تحبها ؟
هز رأسه نفياً
: لين تنحب , بس انا للحين ما حبيتها ولا حسيت بانجذاب لها كأنثى جميلة , أحب تفكيرها أحب سوالفها , تعجبني نعومتها اللي نادراً أشوفها
قال والده مبتسماً
: الله يوفقك يبه , بتحبها مع الأيام , بتكتشف فيها أشياء كثير سلبية وايجابية وبتحب كل تفاصيلها
هز رأسه مبتسماً
ثم نهض لغرفته ليتصل بعزيز ويخبره
طار عزيز فرحاً لأن صديقه سيتنحى عن الطريق الخاطئ , ويجعله طريقاً صحيحاً
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة عصراً
دخلت هديل لغرفة رتيل وهي تمثل الحزن
: لا تروحين
ابتسمت
: شسوي لازم اروح , بكرة عندي جامعة
: عادي حتى انا عندي جامعة وعلي او تركي يودوني , الله يخليك اجلسي كم يوم , حتى ملاك بتروح اليوم
قالت رتيل بلطف
: تدرين اني مستحيل أبات برى البيت , لو ما اصرار امي ومرضي ما جيت
قالت هديل بهدوء
: زوجك مو موجود , تقدرين تقعدين في بيت أهلك لين يجي
قالت بحزم
: هديل الموضوع ذا منتهي لا نتناقش فيه كل فترة
خرجت هديل من الغرفة بغضب
وبعد قليل دخلت ملاك مبتسمة
: يلا رتول انا ماشية
نهضت رتيل وعانقتها
: درب السلامة حياتي , نشوفكم الاسبوع الجاي ان شالله
هزت ملاك رأسها بتأكيد
: ان شالله
نزلت ملاك ورتيل تقف أعلى الدرج
حين سمعت من يخاطبها من الأسفل
: مع السلامة رتيل , عندك العافية
قالت بصوتٍ جاهدت أن يكون واضحاً
: الله يحفظكم
هتفت هديل وهي تعانق وليد مرةً أخرى
: ياربيي الّا تروحون
ضحك وهو يداعب شعرها
: والله ما سوت فينا خير أمي يوم رضعتك معنا , ابعدي عنبو هالوجه
ابتعدت وضربت كتفه
: ماحبك
عانقت ملاك مرةً أخرى
: خلك عندنا
ضحكت ملاك وهي ترى ملامح وليد
قال وليد
: صدق قملة , ابعدي يلا خل نمشي ورانا اشغال
ابتعدت وفي عينيها دمع , ضحكت حتى لا ينتبهوا له
: يلا انقلعوا مع السلامة
خرجوا أخيراً وتركي خلفهم
حينها نزلت دمعتيها
اقتربت امها منها بابتسامة
: كل ما ودعتيهم بكيتي , ليش ما ترضين بالواقع انهم يعيشون بالشرقية , ونعمة من الله اننا نشوفهم كل اسبوع
قالت باعتراض
: ابيهم هنا
ضحكت امها وهي تضم ’ طفلتها ’
حينها دخل علي مع تركي
نادى علي
: رتييل
بعد ثوانٍ نزلت رتيل وعباءتها في يدها
جلست معهم قليلاً قبل أن تنهض مع أخيها ليعيدها لمنزل عمها
اعترضت هديل لكن تركي هددها بنظرة
جعلتها تجلس غاضبة من ’ الجميع ’ !
,
,
استراليا – كانبرا
الثانية عشر مساءً
في مكتب سلطان ومالك
كان سلطان شارداً يفكر بعمق
ومالك منهمك في العمل
رفع رأسه بغتة , ووجده شارداً
ناداه
: سلطان !
لم يرد عليه
نادى بصوتٍ أعلى
: سلططان !
لم يرد أيضاً
نهض واقترب منه , ضرب كتفه بخفة وهتف
: سلطون
التفت سلطان بسرعة وأمسك برقبته بغضب
: والله لا اذبحك
كان مالك ينظر له بصدمة
قال بسرعة
: صلِ ع النبي اذكر الله
نظر له سلطان بضياع
ثم حمحم وهمس
: معليش كنت سرحان
ابتعد عنه ويديه ترتجفان
قرب له مالك الماء وهو يذكره
: قول لا اله الا الله
تمتم
: لا اله الا الله
شرب من الماء برجفة وغطى وجهه بكفيه وهو يتنفس بقوة
ظلّ مالك صامتاً ينظر اليه بحزن
مضت أعوام
ولا زال سلطان لا يستطيع النسيان
لا زال يتألم , ولا زال يتجرع العلقم
قال مالك هامساً
: نمشي البيت ؟
هزّ رأسه نفياً
: لا , نكمل شغلنا
نهض مالك وتوجه لمكتبه
وسلطان يقرأ في الأوراق بضياع وبلا تركيز
كان مالك ينظر اليه فحسب , وفي داخله ألف آه على رفيقه
دخل موظفٌ للمكتب
: عمي بو راجح طالبكم
نهض مالك وأشار للموظف ليخرج
اقترب من سلطان ونادى برفق
: سلطان , ابو رجح يبينا
نهض سلطان وسار معه بتعب
دخلا لمكتب ابو راجح
الذي تفحص سلطان ثم سأله
: انت بخير !
هز رأسه بهدوء
: بخير
فتح ابو راجح ملفاً
ثم قال بجدية
: أبيكم تراجعون وتدققون ورا شغل لولوة , لولوة صغيرة وما تفهم ويمكن بغلطة صغيرة تضيع الشركة
تبادلا النظرات , ثم نظرا الى ابو راجح
قال بهدوء
: راشد طلب من ابو غانم انّه يدقق وراها , لكن ابو غانم عطاني الملفات وقال أنا اجدر
ابتسم سلطان ابتسامةً واسعة وقال بحماسه
: كفوو
ابتسم مالك بسعادة حين رأى تغير سلطان
قال ابو راجح
: بيضوا الوجه تكفون
قال سلطان بمكر
: افا عليك , ان ما خليت رويشد يطلع من ثيابه من قوة الغيض
ضحكا ابو راجح ومالك بقوة من حقد سلطان على راشد
قال سلطان بصدق
: والله ي ان غلاتك بغلاة مالك عندي , واللي يرميك بورد ارميه بنار , والله والله والله ثلاث ان راشد ذا دواه عندي
قال ابو راجح بغموض
: لااا , مو كذا يا سلطان , راشد انا اللي بنتقم منه بنفسي , حبه حبه , ابي اتلذذ بكل خطوة من انتقامي منه
اقشعر مالك وأشاح ببصره عن ابو راجح
نظر ابو راجح ناحيته وابتسم بهدوء
قال سلطان بعد ان حمحم
: طيب ناخذ الملفات ونمخمخ عليها اليوم في البيت
هزّ رأسه وسمح لهما بأخذ الملفات
استأذناه ونهضا
حين أغلقا الباب
سار ناحية الشباك الذي يشغل جداراً كاملاً من المكتبه
وقف ينظر الى الخارج
وهو يفكر بعمق
حين رن هاتفه في جيبه
أخرجه وابتسم بمحبة
: هلا مهاتي
قالت بنعومة
: هلا فيك حبيبي , متى تيي ! آنا يوعانة وناطرتك
ضحك بخفة
: الحين جاي , ربع ساعة وانا عندك
ابتسمت
: ناطرتك
ودعها وأغلق الهاتف
خرج من مكتبه بعد أن رتب أوراقه وملفاته
قال للموظف الذي بجانب مكتبه
: حمد انا ماشي , أي طلب لمواعيد ارفضه , هالاسبوع مزحوم
هزّ حمد رأسه بطاعة
سار ابو راجح ليخرج من القاعة ثم الى المصعد
عند المصعد واجه ابو غانم ’ الرجل المسن ’ وراشد
ابتسم ابو غانم
: بتروح ؟
قال بهدوء
: أي مها كلمتني منتظرتني عالغدا
هزّ رأسه مبتسماً
نظر ابو راجح ناحية راشد وابتسم بوعيد
ثم تركهما ليدخل المصعد
زفر راشد
: يكرهني بجنون
قال ابو غانم بواقعية
: يحق له , ولآخر يوم في حياته لا تطلب منه يحبك
صمت راشد وتابع طريقه لمكتبه
وزفر ابو غانم بندم
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة والنصف
خرجت ام خالد من غرفتها ودخلت غرفة الجلوس مبتسمة
: لين بتكلمكم
فزّ الثلاثة بسرعة
ضحكت أمهم واتصلت بلين وفتحت مكبر الصوت
ردّت لين ببحة
: هلا
قال خالد بمحبة
: حي ذا الصوت
اختنقت بعبرتها
: حبيبي خالد شلونك
: بخير يا عزوة خالد
قال فيصل
: ليين
قالت بعذاب
: يا بعد كلي , فيصصل اشتقت لك
: وانا مشتاق لك حبيبتي
قالت بلهفة
: وين بندر
نادى بندر بمرح
: انا موجوود , شلونك ليناتو
ضحكت ببحة
: بخير حبيبي , وانت !
: الحمد لله تمام
قالت بهدوء
: يمه
: عيوني
: ما علمتيهم ؟!
: قولي لهم انتي
قالت بسرعة
: لأ , بقفل الحين انتي علميهم ثم كلموني
زفرت أمها
: طيب أبشري , شوي ونكلمك
أغلقت الهاتف ونظرت لأبنائها
الذين كانوا ينظرون لها بترقب
قالت بعد أن ملأت رئتيها هواءً
: انا قصرت عليكم ب شي ؟
تبادلوا النظرات
ثم قالوا
: لا !
: فرضت عليكم شي ؟
: لا !
: كنت أم قاسية او مو زينة !
: حشا
: أجل اسمعوا , انتوا من صغركم انا مخليتكم براحتكم واتناقش معاكم في قراراتكم , شي واحد اللي امتنع اناقشكم فيه ولا اسمح لكم تعترضون فيه , لا وأغضب عليكم اذا اعترضتوا
تبادلوا نظراتٍ سريعة
قالت بهدوء
: لين انخطبت
كانوا ينظرون لها بعدم فهم
: المكان اللي هي فيه حولها ناس , وفي رجال سعودي خطبها , هي استخارت وتحس انها مرتاحة وانا استخرت وارتحت وموافقة
قال خالد بعد برهةِ صمت
: ممكن أستخير وأعطيك رأيي
سعدت برده
: أكيد
نهض خالد مسرعاً لغرفته
قال فيصل وهو يكتم غضبه
: ما يصير هالكلام يمه !
: فيصل رأيك ما بيقدم ولا يأخر , أختك محتاجة رجال يوقف معاها , مو معقولة بتعيش الا ما شاء الله بروحها !
قال بندر
: هي واثقة فيه ؟ تعرف أخلاقه !
: أي , رجال ملتزم وخلوق وطيب , وكافي انّه اختارها رغم انها بدون أب ولا أهل !
قال بندر بعد تردد
: خليها تتوكل على الله أجل , صادقة يمه هي محتاجة رجال , ولين ما ينخاف عليها , دامها واثقه منه ومن رأيها الله يوفقها
ابتسمت أمه ودمعاتها تسبح في مقلتيها
مضت أكثر من ساعة حتى عاد خالد مبتسماً
: اتصلي عليها يمه
نظرت له بتوجس
: ليه !
ابتسم أكثر وبهدوء
: عشان نبارك لها
شهقت أمه بخفة وبكت
اقترب وقبّل رأسها
: لا تبكين يمه , قولي الحمد لله
اتصلت بلين التي ردّت بهمس
: الو
قال خالد بحنان
: مبروك يا عروسة
صمتت ولم تجبه
ضحك بخفة
: اسدحي سيرته الذاتية
صمتت , ثم بعد برهة قالت بهدوء
: اسمه سعود محمد الـ.... , عمره 29 , يدرس قانون , ويشتغل في نفس الوقت
: وش يشتغل ؟
: اطفائي !
صمتوا قليلاً
قال خالد
: والنعم , عايلتهم ناس معروفين بطيبهم , لين حياتي متأكدة انك مرتاحة ! ولا بس عشان تخففين الحمل عن نفسك
: في البداية فكرت ان الموضوع مجرد تخفيف عن نفسي , لمن استخرت حسيت براحة كبيرة واتصلت على امي على طول
قال خالد
: طيب أعطيه رقمي أو رقم أمي عشان يكلمنا ونتفاهم معه
: طيب
قال بحنان
: الله يوفقك حبيبتي , والله لو تلينين راسك انتي وأمي ونجيك نشوفك ونشوف الرجال
قالت بسرعة
: لا
زفر خالد
سحبت أمها الهاتف وذهبت لغرفتها
: الله يوفقك يا يمه , لا تخافين كل شي بيكون تمام ان شالله
قالت بهمس
: بندر وفيصل مو راضين صح !
: الا يخسون , رضين ومنطمين , دامني راضية محد يتكلم
تنهدت بتعب
: يمه تعبت , ابي ارجع لحضنك
: يا بعد أمك وانا ابيك والله , بس شنسوي يا لين , حكم القوي على الضعيف
تحدثتا قليلاً
ثم ودعت لين أمها لتستعد للذهاب لعملها
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الثامنة وسبعٌ وعشرون دقيقة مساءً
دخل وليد بسيارته لمواقف الفيلا
وبعده بثوانٍ دخلت سيارة فهد
زفر وليد في السيارة بملل
: يا ليل التبن , صاير أشوفه كثير ذا
قالت ملاك
: حرام عليك وليد , فهد أخوك !
لم يرد عليها
أوقف السيارة , التفت للمقعد الخلفي وسحب الحقائب
نزل ونزلت ملاك معه
سارا جنباً
نزل فهد من سيارته
: الحمد لله ع السلامة
ابتسمت ملاك
: الله يسلمك , غريبة راجع بدري !
قال بعد أن زفر
: تعبان والله مو قادر أصلب طولي استأذنت وجيت
كانوا يسيرون قرابةَ بعضهم , وليد لا يتكلم وملاك ملتفتةٌ الى فهد تتحدث اليه
توقفت عن السير وقالت بقلق
: وش فيك !
هز رأسه بابتسامة
: ارهاق
قالت من غير اقتناع
: ارهاق يخليك مو قادر تصلب طولك وتترك المناوبة وترجع !
ابتسم وداعب أنفها
: بنام وأكون طيب
قال وليد بهدوء
: اذا ما تحسنت روح للمستشفى , الصحة ما ينلعب فيها
نظر فهد لوليد بصمت
ثم ابتسم
: ان شالله
شعرت ملاك بسعادة
لأول مرة أخويها يجتمعان ويتحدثان بهدوء ولا يتشاجران
دخلوا للمنزل
قفزت روان وعانقت ملاك
: اششتقت لك
قبّلت ملاك خد أختها
: وانا بعد
صافحت روان وليد بابتسامة ثم التفتت لفهد باستغراب
: راجع بدري !
ابتسم
: نعسان أبي انام
تخطاها وذهب للمطبخ
ووليد وملاك صعدا الدرج لغرفتيهما
قبّل وليد رأس شقيقته بحنان
: نامي
ابتسمت
: طيب
حين همت بإغلاق الباب سمعوا صراخاً من الأسفل
شهقت ملاك ورمى وليد الحقائب جارياً للأسفل
تبعته ملاك بسرعة
دخلوا المطبخ
كانت أم فهد تصرخ وهي تضم ابنها اليها
وروان واقفةٌ بصدمة تنظر اليهما
كان فهد ساقطاً أرضاً مغشياً عليه
اقترب وليد ليجس نبضه
أبعدهن عنه وحمله بقوة
كان جسد فهد قريباً بحجمه من جسد وليد
طويل وذو منكبين
تحامل وليد وضغط على عضلاته حتى أوصله لسيارته
ملاك كانت خلفه ترتجف وتبكي
صاح فيها
: اركبي بسرعة
رفعت نقابها على وجهها ولفت حجابها على رأسها
ركبت وقبل أن تغلق الباب طار وليد بسيارته وهو يصرخ من شباكه
: افتح الباب يا عم عبدو
خرج العم عبدو وفتح الباب بخوف من صراخ وليد
أسرع وليد متجاوزاً السيارات والاشارات لأقرب مشفى
حين وصل
نزل وصرخ
: طواارئ
خرج ممرضان معهما سريرٌ متحرك
حملا فهد ووضعاه على السرير وأدخلاه لغرفة المعاينة
كانت ملاك تضع كفها على فمها غير مصدقة وتبكي بخوف
اخذها وليد لصدره يهدئها
: ششش ما فيه شي ان شالله
شهقت بالبكاء
: كذاب يقول انّه بخير , كان واضح انّه تعبان !
صمت وليد وفي داخله قلق على أخيه
ووقف منتظراً أن يطمئنه الطبيب
,
,
المملكة المتحدة – جامعة اكسفورد
العاشرة صباحاً
خرج سعود من مبنى الجامعة يتمشى ببطئ وأخرج هاتفه
اتصل بعزيز الذي أغلق الخط دون رد
علم سعود أنه في محاضرة
جلس على احدى الجلسات المنتشرة في حرم الجامعة
حين سمع على مقربةٍ منه
: تكلمي يلا , ساكتين عنك من شهر , من ذا اللي داخل طالع من عمارتك كل ما جينا نلقاه ويقول – قالت تقلده – لين ما تقدر تقابل أحد , يلا قولي
قالت أخرى بهدوء
: لين لك اسبوعين مداومة ومو راضية تتكلمين عن الاسبوعين اللي غبتي فيها , اذا ما تحبين تقولين شي مو مشكلة , بس طمنينا عليك , انتي بخير ولا في مشكلة قاعد تواجهك
بعدها بثوانٍ
التقطت اذناه صوتاً يعرفه
قالت بنعومتها وهدوئها
: صارت لي ظروف ما احب أتكلم فيها , وحالياً الحمد لله ما عندي مشكلة , بس في موضوع شاغلني شوي قريب أقول لكم عنه , بس ادعوا لي بالتوفيق
ابتسم لكلماتها
كانت احدا رفيقتيها عصبية وتصرخ وتعنف , والأخرى هادئة وتسألها بتحايل
نهض من مكانه وابتعد
لا يحق له سماع حديثهن
كان يريد الجلوس لانتظار عزيز , لكنه الآن سيذهب لينام لم ينم كفايةً في الأمس بعد عودته من مهمةٍ وكلوا بها في العمل
سار لسيارته وخرج من مواقف الجامعة عائداً الى تشيلسي
,
,
الى الملتقى :)

جود بدر 05-11-13 12:21 AM

رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثالث عشر
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وخمسةَ عشر دقيقة مساءً
نزلت رتيل من غرفتها لتفتح الباب لأخيها
فتحته وأدخلته لمجلس الضيوف مبتسمة
قبّل رأسها بمحبة
: شلونك !
: الحمد لله يا قلبي انتم شخباركم
هزّ رأسه
: كلنا زينين
ضيفته من القهوة , واستأذنته لتحضر الحلو
حين دخلت المطبخ كانت داليا تنزل الدرج بمرح
لمحت النور الخارج من مجلس الضيوف
تقدمت بخفه
ورأت ظهره
ظنته شقيها عبد الله
دخلت بصخب
: عبيد شتسوي جالس بروحك , الله ي زين ريحة قهوة رتيله محد يضبطها زيها
حين سمع صوتها
لأول وهلة فتح عينيه بصدمة , ثم ما لبث أن اعتلت شفتيه ابتسامةٌ لعوب
ظلّ صامتاً حتى اقتربت منه باستغراب
: عبد الله
مدت رأسها لتنظر لوجهه
شهقت بقوة حين رأته وأسرعت لتخرج
لكن يده كانت أسرع
أمسك بمعصمها ونهض ليصبح مواجهاً لها
قال ضاحكاً
: غشيتوني , محد قال لي صوتك عالي وتدخلين متهجمة على المجالس
حقيقةً حقيقةً تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها
كان وجهها شديد الاحمرار , وفي عينيها بحرٌ من الدموع بفعل الخجل
رفع وجهها بأطراف أصابعه برقة
ابتسم
: حيّ ذا الوجه
حاولت الابتعاد واحناء رأسها
لكنه يمنعها
شتمته بكل شتائم الأرض التي تعرفها في نفسها
وكانت تدعو عليه بدعواتٍ مضحكة
كأن تقول
’ يارب تبنشر سيارتك بعز القايلة , يارب وانت كاشخ بعزيمة يجي بزر ويحوس شماغك ويوسخه , يارب يتهاوشون معاك شلة عرابجة حونشية ويمردغونك ’
قال بخوف مازح
: يمه وش ذي النظرة الحاقدة
بعثرت نظراتها في أرجاء الغرفة
قال بلطف حنون
: داليا وش ذا التشدد , لي خمس شهور مملك عليك , لا شفتك ولا جلست معك ولا كلمتك , مثلي مثل الغريب
كانت ستبكي من هول الموقف
حين دخلت رتيل
نظرت لهما بذهول , ثم ضحكت
قالت
: علاوي اترك البنت
تركها بهدوء وهو يبتسم
أسرعت بالخروج وتعثرت بمشيها لكن يد رتيل منعتها من السقوط
فوراً خرجت تجري لغرفة والدتها
جلست رتيل مع علي وعاتبته بلطف
: ليه تسوي فيها كذا
قال بصراحة
: خذيها على بلاطة , انا رجال وأشوف اشكال والوان بذا الدنيا , وعندي زوجة تمنع نفسها عني , اذا ما مسكتها زي ذي المسكات ما راح افرغ اللي فيني الا بعد ثلاث سنوات
قالت باعتراض
: كلم عمي وقدموا الزواج مو شرط لين تخلص جامعتها
هزّ رأسها نفياً
: ما ابي آخذها وهي تدرس , ابيها فاضية لي بروحي مو جامعة وهم
زفرت وصمتت , هي حياته فليفعل ما يشاء
,
دخلت داليا لغرفة والدتها تبكي
فزت والدتها بخوف
: داليا , وش فييك
دفنت وجهها في صدر والدتها ببكاء وبصوتٍ مكتوم
: كلب كلب أكرهه الخايس , طلقوني منه ما ابيه
مرت لحظات , حتى استوعبت الأم من هو ذاك الذي تشتمه ابنتها
ابعدتها بعصبية
: حسبي الله عليك يالرفلا , خرعتيني على بالي صاير لك شي – استدركت ثم صاحت فيها – تسبين علي !
قالت بعصبية مماثلة , لكنّ صوتها كان منخفضاً
: ما ابييه
ضربتها امها وهي تكاد تقتلها
: قومي انقلعي من غرفتي يا قليلة الخاتمة يا قليلة السنع
ضحكت وهي تتدلل على والدتها وتتقرب منها
بينما لا زالت أمها غاضبةً منها
قالت تبرر
: ما يستحي يمما , ماسك يدي ومسك وجهي ويقول ليه ما تخليني اكلمك , وش ذذااا
: ما يصير تسبينه يا عنز , يا خبله , ما يجوز حرام !
عاد تدفن نفسها في حضن والدتها
: خلاص ما عاد بسبه بس طلقوني منه
غضبت أمها مجدداً ودفعتها بعيداً عنها
لكنها عادت تضحك وتتمسك بها
حتى جعلتها تضحك وتمسح على شعرها وتنصحها بحنان
: ما يجوز يا ماما تسبين زوجك , هو ما طلب حرام , صادق الرجال لكم خمس شهور متملكين , تشوف ابليس ولا تشوفين زوله , تراه كذا يحسبك مجبورة داليا !
قالت بخفوت
: طيب
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
التاسعة والنصف مساءً
قال الطبيب
: عملنا التحاليل اللازمة وخلال 12 ساعة بتبين النتيجة , تقدر تمشي انت والمدام وجودكم ما له داعي , المريض محقون بمخدر
هزّ رأسه واجتذب ملاك بهدوء ليخرجان
سحبت ذراعها بقوة وقالت بهمس حاد
: بنتركه !
قال بصبر
: سمعتي الطبيب وش قال
هزت رأسها بنفي
: ماني متحركة خطوة , كلم أبوي يجيه
زفر من هذه العنيدة , ونسي أنه من زرع فيها العناد !
اتصل بوالده الذي رد باستغراب شديد
: هلا وليد
قال ببرود كَ كتلة صقيع
: شكل ما جاك خبر
: وش خبره ؟ انا عند عمك ناصر
كشر بتقزز , ثم قال ببرود تام
: فهد طاح في البيت ونقلته للمسشفى , تبي تجيه ولا صرف نفسك
قال بفزع
: شفيه فهد !
قال باختصار
: مدري
سأله بسرعة عن اسم المشفى وأغلق الهاتف دون وداع
ابتسم بسخرية
سار متقدماً أخته التي سارت مسرعة لتجاري خطواته
عند السيارة قالت بحزم
: ما نمشي لين يجي أبوي
تأفف منها لكنه صمت
ركبا السيارة
انتظر نصف ساعة حتى رأى سيارة والده , ثم تحرك عائداً للمنزل
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
التاسعة صباحاً
استيقظ ونظر لهاتفه ليجد رسالةً نصية من لين
( صباح الخير , انا استخرت وكلمت أهلي , أخوي طلب انك تكلمه )
وأدلت برقم أخيها نهاية الرسالة
ابتسم نصف ابتسامة , منذ الأمس أرسل لها يسألها عن رأيها قبل ساعةٍ من الآن ردت
نهض لدورة المياه , غسل وجهه وأسنانه ثم عاد لغرفته
ارتدى ملابسه على عجل وخرج من المنزل دون أن يرى أحداً من عائلته
سار في الشوارع بلا هدى
الساعة التاسعة والنصف الآن بتوقيت لندن
وهم في فصل الشتاء , أي أن التوقيت شتوي
والفرق بالتوقيت عن المملكة ثلاث ساعات
مما يعني أن الساعة الآن الثانية عشر والنصف ظهراً في المملكة
استغرب بدايةً أنها ذكرت أخاها , ومن قبل ذلك قالت بأنه ليس لها أحد !
حين نظر للرقم علِم أن أخاها في المملكة
حار في أمرها , لكنه لن يسألها عن شيء في الوقت الراهن
اتصل برقم أخيها دون تردد
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية عشر ظهراً
منذ الأمس ينتظر لحظة يختلي بشقيقه الأحمق
يريد ايساعه ضرباً
كيف يرضى ويوافق بسهولة !
ما هذا الهراء
انتظر حتى يعود من عمله
ثم سحبه لغرفة الضيوف الجانبية , والتي هي مفصولة عن داخل المنزل
قال بحدة
: صاحي أنت !
ردّ الآخر باستغراب
: وش فيك
صاح فيه
: شلون توافق تزوج أختك بكل بساطة ! رجال ما نعرفه في مكان ما نعرفه ! وش من بشر أنت
قال ببرود
: هذا اللي غاثك !
قال بجنون
: خالد لا تجنني فوق جنوني , حرام عليك لين أمانة برقبتي ورقبتك ! ع الأقل اسأل عن الرجال
قال بهدوء
: تعال
لم يتقدم فيصل خطوة ولا يزال يحترق من الغضب
قال خالد بعصبية
: قلت تعال
اقترب وجلس على بعد بسيط منه
قال بزفرة
: اخلص
: انت سمعتني يوم قلت لها تعطي الرجال رقمنا ويكلمنا صح !
قال بعدم فهم
: طيب !
: اكيد بتعطيه رقمي , لأن رقم أمي اللي تكلم لين عليه مقفل طول الوقت
هز رأسه يحثه ليكمل
: بيتصل فيني وبعرف منه هم وين , وأروح لها بنفسي وأأمن عليها
رفع فيصل حاجبه الأيمن بعد أن استوعب
نهض خالد وقال ساخراً
: الحمد لله على السلامة
حينها رن هاتفه برقم غريب , خارجي !
رد بهدوء
: الو
: السلام عليكم
رفع حاجبيه استغراباً
: وعليكم السلام ورحمة الله , اعذرني من معي !
: سعود محمد الـ...
جفل خالد لثوانٍ قبّل أن يقول باستدارك
: هلا سعود , آمرني !
ابتسم سعود , يتظاهر بعدم معرفته !
: انا سعود اللي قالت لكم أختكم عني !
صمت خالد لثوانٍ ثم قال
: ايه , هلا فيك
: انا ما ابي الف وادور وأطول الموضوع , أنا عرفتها صدفة وبظروف غريبة , وصادفتها بعدها مرتين , واحس ان البنت مناسبة , وانا احسب نفسي والله حسيبي اني ان شالله مناسب لها , انا أعيش في تشيلسي وهي في لندن باجوار رود , واثنينا ندرس في اكسفورد
كان خالد مصدوم !
قال ببطئ
: هي وين قلت لي ؟!
قال سعود ببساطة
: لندن !
ازدرد ريقه بوجع
لندن !
ذهبت الى لندن !
بعييدةٌ جداً , كيف ذهبت وكيف وصلت , هل تعيش بخير !
صمت قليلاً , قبل أن يقول
: انا جايكم لبريطانيا , نتفاهم عن قرب
قال سعود بسرعة
: لا ما له داعي تجي , مو مشكلة نجي احنا , انا وامي وابوي وهلي
قال خالد برفض
: لازم أجي , بس لا تدري اني جاي ابداً
قال سعود بهدوء وهو يشعر بغرابة هذه العائلة
: أبشر , انت بس تضبط أمور سفرك وموعده وانا استقبلك
: مشكور
توادعا بكلمات بسيطة
أغلق خالد الهاتف وجلس بتعب
قال فيصل كَ الذي لا يريد تصديق ما فهمه
: من ذا ؟ وش السالفة !
نظر اليه خالد بهم
: في لندن , شلون وصلت هناك !
هب فيصل كالمسعور ودخل للمنزل بغضب
: يممممممممه
خرجت بفزع من غرفتها
: وششش ففييييك !
صرخ بجنون
: لندددنننن ! مسسسفرتهاا لندنن , ششلون شلوووون قدرتي تودينها , ما خفتي الله فيهاا مهيتتها بآخر الدنيا
كانت تتهاوى , شعرت بالسواد يلفها , شيئاً فشيئاً سقطت وارتطمت بالأرض القاسية
آخر ما سمعته صرخة أحدهم
: يممممااا
,
أسرع بندر الذي دخل المنزل للتو بعد أن سمع صراخ شقيقه
فغر فاه بذهول
فجأة سقطت والدته أرضاً
صرخ بجزع
: يممممااا
حملها بقوة ووضعها على الأريكة
حين باغتهم دخول خالد مفزوعاً
: وش فيه !
لم يرد بندر بل أسرع للمطبخ أحضر كأس ماءٍ بارد يبلل به وجهها ورقبتها
التفتت لفيصل بحقد وصرخ
: والله لا اذبحك لو صار فيها شي , الله ياخذك ويلحقك بأبوي يا كلب , الله لا يوفقك
شعر بكف أمه تضغط على كفه
التفت لها بسرعة وهو يهتف
: يمه , ردّي علي ! انتي بخير ؟
قالت بهمس مبحوح
: لا تدعي
اقترب بندر وسقاها من الكأس الذي في يده
استعادت وعيها تدريجياً
ساعدها بندر لتجلس
نظرت ناحية فيصل بتعب
: اطلع برا
قال ولا يزال يفور من الغضب
: ش...
قاطعته بلهجةٍ حارة
: اطلع برا عليك غضبي ليوم الدين , والله...
كان منكباً عند قدمها ويصرخ يمنعها أن تكمل
: لا لا , لا تغضبين علي , خلاص اطلع والله ولا تشوفيني مرا ثانية بس لا تغضبين علي , والله والله اطلع بس لا تغضبين
ابعدته بقسوة وحاولت النهوض لكنها لم تستطع بسبب الدوار الذي أصابها
اقترب خالد بخوف
: يمه أوديك المستشفى !
: شيل هالمغضوب عني
التفت خالد لفيصل
: قوم عنها فيصل
قال باعتراض
: ما ابي
قالت بتعب
: شيلووه من قدامي , شيلووه
دفعه بندر بقوةٍ وقسوة وشراسة
: قم انقلع برا انت ما تفهم , الله ياخذك
صاحت أمه بضعف
: لا تدعي
التفت لها فيصل بسرعة ونزل عند قدمها
قال برجاء حار
: يمه بس هالمرة اصفحي , ما اعودها !
صمتت وهي تغطي عينيها بيدها
سأل خالد بندر بالاشارة
ورد بندر بتحريك شفتيه دون صوت
غضب خالد والتفت لفيصل بنظرةٍ كادت تصيبه في مقتل
كان يتوعده بنظراته وفيصل يزفر دون رد
,
,
المملكة المتحدة – لندن
العاشرة صباحاً
استيقظت بنشاط كبير
تناولت افطارها بعجل ورتبت شقتها
ارتدت عباءتها ومعطفها وخرجت من المنزل
نزلت بخطواتٍ سريعة واتصلت بلمار التي ردّت بمحبة
: هلا
: لمار تطلعون اليوم !
قالت لمار مستغربة
: نطلع !
: أي وش فيك , نطلع نتمشى نغير جو
قالت لمار بضحكة ذهول
: طيب , خلك باجوار رود حنّا بنجيك
قالت بسرعة
: لا بروح للسنتر عندي كم شغله , نتقابل في الهايد بارك بعد ساعة ونص من الحين
وافقتها لمار وودعتها
استقلت الحافلة متوجهةً الى مركز المدينة
أنهت أعمالها
ثم ذهبت لأقرب سوقٍ صادفها
اشترت بعض المسليات
عصائر وشطائر وحلويات
ثم استقلت حافلةً أخرى أوصلتها قريباً من الحديقة المنشودة
نزلت وهي تشعر بالمتعة في كل خطوة تخطوها
اتصلت بلمار
: وينكم
: قدام بحيرة البط
سارت حتى وصلت لهن
حين رأينها ابتسمن بسعادة
كانت مختلفة عن أي مرةً يرينها فيها
في عينيها سعادة , وفي ابتسامتها تفاؤل , ونبرتها مثقلةٌ بالمرح
سرن سوياً وجلسن على العشب الندي
أخرجت ما في الأكياس
: يلا ناكل , عشان اليوم ابي أمتر الهايد بارك
ضحكت لمى
: كبيييرة ما نقدر !
قالت باصرار
: مالي شغل
قالت لمى ساخرة
: تراها كبر البحرين تقريباً
غصت لين في لقمتها وضحكت
قالت تعنفها
: لا تستهزئين
قالت بسرعة وتبرير
: والله ما استهزئ , اقصد البحرين كيوت صغيرة كَ بلد , والهايد بارك كبيرة جداً كَ حديقة
أسكتتها لمار بملل
: خلاص اوكي
نظرت اليها لمى بغيض
: لا تسكتيني وجع
ضحكت لين
: خلاص يلا كلوا
تابعن طعامهن بأحاديثهن , ثم نهضن يتمشين
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
كانتا تجلسان في غرفة الجلوس
كلٌ تمسك بكتابها
دخلت أم صقر وابتسمت
: جاب نتيجة تهديد عبد الله
ضحكتا , واردفت داليا بتذمر
: طيب واذا ما قدرنا كل انسان له طاقة ذكاء محدودة
قالت أمها
: ذاكري ذاكري وانتي ساكتة
جلست قريبةً منهما واندمجت وهي تنظر للتلفاز
حين ظهرت محاضرةٌ مضمونها عن رمضان
ابتسمت
: قرب رمضان ي بنات , باقي ثلاث اسابيع
قالت داليا بحماسه
: الله على رمضان , أحححبه أجواءه أجواءه ياخي اليمة
قالت رتيل مبتسمةً بهدوء
: صحيح
قالت الأم
: شدوا حيلكم وذاكروا زين اختباراتكم خلاص باقي لها كم يوم , عشان يمدينا نطلع للشرقية يومين وأبها يومين نغير جو قبل رمضان
قالت رتيل برجاء
: عمتي تكفين نبي العمرة
قالت عمتها بحنان
: في رمضان ان شالله
قفزت داليا
: ججد ! بنروح مكه برمضان !!
هزت أمها رأسها
: قولي ان شالله
حينها حمحم عبد الله
غطت رتيل وجهها ونادته والدته ليدخل
دخل وابتسم حين رأى كتبهن
: عفية ع البنات اللي يسمعون الكلام , ذاكرن عدل
قالت داليا بغيض
: ما يحق لك
ضحك بصخب
: ابوي معطيني حرية التصرف , انا حلفت داليا لو درجاتك مو على مرامي انتي ورتيل والله ما في طلعة طول الاجازة , تقعدن في البيت تنظفن وتطبخن
اعترضت داليا مرةً أخرى
: مو بكيفك
قال ساخراً
: أي نسيت انتي في ذمة علي ما لنا عليك كلمة
شهقت بخجل وغطت وجهها بكتابها
ضحك منها ثم التفت ناحية رتيل , رفع حاجبه الأيمن
: تذاكرين ولا تلعبين
ضحكت وهي تمد له بكتابها
: اذاكر والله
هز رأسه
: يبين بالدرجات
عادت تنظر لكتابها
وشرد ذهنها مع الذكرى التي طرأت عليها
*قال بغضب
: رتيل اجلسي ذاكري
قالت بغضبٍ مماثل
: مماا ابيي
صرخ فيها
: واهل والله والله لو نسبتك أقل من 90 ما يصير لك خير
جلست أرضاً وبكت
اقترب منها بسرعة
: وش فيك !
قالت وهي تبكي
: ما اقدر والله , راسي بينفجر مو قادرة أذاكر احس اني غبية ما افهم شي من الكتاب
اقترب بخوف
: انتي نايمة أمس ؟
: لا
: طيب فطرتي وتغديتي اليوم ؟
: لا
شعر بالغضب يتصاعد في جسده ليشكل حمماً بركانيةً في رأسه
صمت وسيطر على أعصابه
خرج فوراً وعاد بعد نصف ساعة
محضراً لها طعاماً من المطعم
جلس يطعمها ويأكل معها
حين انتهت
اجتذبها لتنام على فخذه
وهي يمسح على رأسها ليهدئ صداع رأسها
حتى نامت واستغرقت في نومها
في اليوم التالي استيقظت نشيطةً متعافية واستطاعت استذكار دروسها بمرونة , وهي تشكره كل نصف ساعة
: شكراً صقر انت أحسن واحد في العالم
: شكراً صقر انت أحسن واحد في العالم
: شكراً صقر انت أحسن واحد في العالم
كان سبب عدم نومها وعدم تناولها للطعام
خوفها من الامتحانات
كانت طفلة , ابنةَ عشرِ أعوام
في الصف الرابع الابتدائي , أي أنها السنة الأولى لها التي تمتحن فيها..*
زفرت وذهبت لغرفتها حتى لا يلاحظ أحدٌ ضيقها
لكنهم كانوا قد انتبهوا سلفاً !
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
وصل للمشفى وأسرع للاستقبال يسأل عن اسم ابنه
دلّوه على غرفته وأسرع لها
رآه مسجياً على سريرٍ أبيض ووجه شاحب
اقترب منه بخوف
دخلت الممرضة وحين رأته قالت بحدة
: من أنت !
: انا ابوه !
تأوهت باعتذار
: تفضل للدكتور
خرج من الغرفة وتوجه للطبيب
: طمني يا دكتور , انا ابو فهد
هزّ رأسه بلطف
: وجودك ما راح يفيده , هو نايم وبيطول بالنوم , ارجع البيت وبكره تقدر تجي وتكون نتائج التحاليل ظاهرة
هز رأسه بضعف وخرج من المشفى عائداً للمنزل
حينَ دخل أسرعت زوجته ناحيته تبكي
: فهد فهد طاح علينا مادري وش صار عليه , اتصلت عليك ما ترد
ضمها اليه بخفة يهدئها
: صلي ع النبي , ما بوه الّا العافية ان شالله , رحت له قال الطبيب تعال بكره
هزّت رأسها بخوف
: شفته ؟
: ايه شفته كان نايم , خلاص اذكري الله ما فيه الّا العافية
صمت قليلاً ثم تساءل
: وليد ما رجع ؟!
: رجع من شوي وما كلم أحد لغرفته على طول
زفر بصبر وصمت
مضت الساعات سريعة حتى باغتتهم بدايات النهار
لم تستطع ام فهد صبراً
وأصرت أن تذهب حالاً لابنها
حين همّوا بالخروج كان وليد ينزل الدرج وملاك بقربه
قال بهدوء
: صباح الخير
ردّا عليه والده وزوجته
قال والده
: ما بتروحون معانا لفهد ؟
هزّ رأسه نفياً
غضب والده وصرخ فيه
: وش من احساس اللي عندك , اخوك دمك ولحمك طايح في المستشفى وانت ما تنسى أحقادك ! قلبك مريض يا وليد رح تعالج
قال ببرود
: المريض يعرف نفسه
هتفت ملاك لتردعه
: ولييد !
صمت وأمسك بكفها خارجاً
كاد يتبعه أبوه بغضب لكن زوجته تمسكت به
: خلّه , مو انت قلت معذور ؟ خلاص اعذره لا تخليه يكرهنا أكثر
صمت على مضض وخرج معها للمشفى
وصلا ودخلا غرفة ابنهما
اقتربت منه أمه وجلست بقربه
مسحت على جبينه بحنان
فتح عينيه ببطئ
ابتسمت له بحزن
قال ببحه
: يمه
: عيونها
حاول النهوض لكنها منعته
: ارتاح يمه
قال بتعب
: وش صار لي !
: فقدت وعيك وجبناك للمستشفى
نظر لوالديه وتلفت يبحث عن غيرهما
: وين وليد وملاك وروان !
: روان في المدرسة , وملاك بالجامعة
قال ببحة
: ووليد
قالت بكذب واضح
: ما يقدر يجي اليوم عنده شغل
ابتسم بسخرية
حينها دخل الطبيب ليطمئن عليه , ثم استعدى والده وخرج
تبعه أبو وليد وهو غير مطمئن
جلس أمامه وسأله مباشرةً
: وش فيه فهد ؟
ملأ الطبيب رأتيه هواءً , ثم زفر وتحدث بهدوء
: وش تلاحظ على فهد الفترة الأخيرة
خُطف لون وجهه , قال بتلعثم
: ارهاق , ما ياكل زين , حرارته ترتفع باستمرار
صمت الطبيب قليلاً , ثم قال بهدوء
: احنا عملنا له فحوصات مخبرية , عدّينا مكونات الدم , وبناءً على هذا التشخيص , صار عندنا اشارات أولية لاصابته بـ ( اللوكيميا )
قال بصدمة وهو لا يريد تصديق ما فهمه
: وش يعني لوكيميا
قال الطبيب بهدوء
: سرطان الدم
هبّ واقفاً بجزع
: مستحيل , فهد ما يمرض هالمرض , انت وش يفهمك , غلطان انت ما اصدق كلامك
تركه وخرج مسرعاً لغرفة ابنه
أسرع الطبيب وأمسك به
: لحظة ابو فهد الله يعافيك لا تفجع الولد , بالهداوة
سحب يده بعنف
: ابعد لا تلمسني , بطلع ولدي من هنا , وش هالتخريف
أصر الطبيب أن يمنعه
أخذه للمصلى
قال بهدوء
: صل , ركعتين تهدي نفسك وتطمنك , اذكر الله لا تفجع نفسك وتفجع الولد
كان ينظر اليه بضياع
ابتعد ليتوضأ
وزفر الطبيب بحزن
صلى ابو وليد وظلّ جالساً في مكانه
حتى عاد الطبيب وجلس بقربه
: ابو فهد
قال بشجن
: ولدي مريض , يمكن يموت !
هزّ الطبيب رأسه
: ان شالله يكون بخير , اذكر الله , فهد في بدايته ويقدر يتعالج
نهض ابو فهد بتعب , وسار بترنح
دخل لغرفة ابنه المسجي
الذي ابتسم بارهاق
: يبه ! تأخرت
اقترب وجلس على مقربةٍ منه
بصمت مطبق
كانت والدة فهد في دورة المياه
حين رأى فهد حالة والده أوجس خيفه , لكنه صمت , لا يزال متعباً لا يتحمل صدمة !
,
,
قالت بغضب
: حرام عليك فهد أخوننااا !
قال ببرود
: فيه دمهم
صرخت
: وانت ما فيك دمهم !
: يخسون , والله الود ودي أقطع العروق اللي توصلني فيهم , الله يحرق قلوبهم مثل حرقة قلبي وقلبك وأزود
: بس فهد أخونا
قال بقوة
: انا قلبي محروق , هم اللي أوجعوني , هم اللي آذوني بأبشع طريقة , وتبيني ببرود أحن عليهم !
بهتت ثم قالت بخفوت
: يعني اللي ماتت أمك مو أمي ! يعني انت اللي فقدتها وانا ما فقدتها ! يعني انت ولدها وانا مو بنتها ! يعني اللي احترق قلبها ما تقرب لي !
: دامها أمك فضيها سيرة ما لنا شغل فيهم
هزت رأسها برفض
: أصلاً فهد كان طفل وقتها ما له شغل فيهم , فهد أخوك وأخوي , امش وليد نتطمن عليه طلبتك , اكرههم كلهم الا أخوك
قال برجاء
: ملاك حنا ما لنا صلة فيهم , حنا ما لنا الا بعض , فهد بيوقفون معاه خواله وعمامه وهله , ما بتأثر وقفتنا معه
بكت وهي تترجاه بضعف
: لا تقول ما تأثر , انت تعرف وش الأخ ! انا ما اقدر اتنفس لو صار لك شي , وانت تموت الف مرة لو صار لي شي , نفس الشي فهد
زفر بتعب , ثم توجه للمشفى
ما دامت تريد رؤية فهد لن يمنعها
هو لا يعلم لم تترجاه وتبكي وفهد بخير !
يكاد يضربها من الغيض , هذه المدلـله
لكنه صامتٌ حتى الآن , وحين تطمئن على فهد المدلل سيعاقبها على عنادها !
,
,
أنهى اجراءات السفر
ترجته أمه الّا يذهب لكنه أصر وحلفها الّا تخبر لين عن شيء
بندر وفيصل ووالدته حاولوا جاهدين الذهاب معه
لكنه رفض وبقوة
ركب الطائرة المتوجهة الى باريس
ومن باريس طائرةٌ أخرى تتجه الى لندن , للتمويه
مع أنه منع اخوته من الذهاب حتى لا يلاحظ أحدٌ غيابه
لكن لزيادة الحرص لم يذهب للندن مباشرة
وصل لمطار هيثرو
نزل بتعب واجتذب حقيبته من أعلى مقعده
أنهى اجراءاته وتوجه لقاعة الواصلين
,
كان سعود يقف مبتعداً عن حشود الناس
نظر لصورة خالد في هاتفه مرةً أخرى
ابتسم
لا يشبهها أبداً
فقط ابتسامته , تشبه ابتسامتها , تشبهها كثيراً
رفع رأسه مرةً أخرى ليجد شاباً يقف على مقربةٍ منه
يشبه هذا الذي نظر لصورته للتو
كلا لا يشبهه , بل هو طبق الأصل منه
سأله الشاب بتردد
: سعود ؟
اقترب منه مبتسماً
: وصلت , الله حيه هلا والله
,
تلفت خالد في الوجوه يبحث عن سعود , كانا قد تبادلا الصور سابقاً حتى يتعرفان الى بعضهما
رآه يقف مبتعداً وينظر الى هاتفه
اقترب منه وقد رفع رأسه أخيراً , سأل
: سعود ؟
اقترب سعود مبتسماً
: وصلت , الله حيه هلا والله
سلم عليه بهدوء وعرض عليه سعود حمل حقيبته لكنه رفض
كان خالد متوجساً مرتبكاً ويشعر بالغربة
لا يستطيع تصديق أن عينيه ستنتشل شقيقته الصغرى أخيراً بعد فراق عامان
قال سعود
: تفضل ابو وليد
سار بقربه حتى وصلا لسيارة سعود
ركبا وخرجا من المواقف
قال سعود
: تحب تتغدى أول او آخذك بيتي ترتاح , او لبيت صاحبي , ولا لأختك !
قال ببحة
: أختي
ابتسم سعود بهدوء وسار في طريق اجوار رود
قبلَ أن يصلا بدقائق أرسل سعود لهاتف لين
( خالتي سارة دقايق وتكون عندك افتحي لها )
وصلا أخيراً
نزلا , وحمل سعود حقيبة خالد
سار معه للعمارة
كان خالد يرتجف
ويتلفت برهبة
صعدا لشقة لين
ترك سعود الحقيبة أرضاً وابتسم
: هذه شقة أختك , متى ما احتجتني كلمني , سلام عليكم
انتظر خالد حتى اختفى سعود من أمامه
ملأ رأتيه هواءً
وطرق الباب
,
,
الى الملتقى :)


الساعة الآن 03:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية