منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   ارض الملائكة و حارس العذراء (https://www.liilas.com/vb3/t190656.html)

ريح الهوا 21-10-13 01:01 PM

ارض الملائكة و حارس العذراء
 


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

منذ أشهر قد وضعت صغيرتي ارض الملائكة و حارس العذراء في منتدى ليلاس ولكن تم تحويلها الى قسم التواصل مع الادارة لتحويلها الى قسم آخر في المنتدى

ولكي لا يتكرر هذا الامر فرغبتي هي بقاء الرواية في قسم الروايات الطويلة ولا يتم نقلها الى أي قسم آخر .

شكراً للجميع

حارس العذراء كما هي معروفة في الكثير من المنتديات بإسمها هذا قد حققت ولله الحمد النجاح بحمد الله اولا ومن ثم للقراء الذين تابعوني باستمرار و شجعوني دائما للكتابة و الكتابة الافضل حتى كبرت .

أتمنى من رواد منتدى ليلاس الا يبخلوا علي بردودهم وأن تساندوني لأن الرواية لم تكتمل حتى الان وانا قد وصلت في كل المنتديات الى المشهد 24 .

الاحداث تدور بين الماضي البعيد و الماضي القريب و الحاضر

سأقوم بتنزيل مشهد او مشهدين كل يوم من المشاهد القصيرة حتى نصل الى مشهد واحد بالنسبة للمشاهد الطويلة .


أشكر كل من سيتابعني و يدعمني و حارس العذراء لن تخذلكم أبداً .


ريح الهوا 21-10-13 01:05 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

ارض الملائكة وحارس العذراء


في مكان حيث يلتقي الحر بالعبد


ويلتقي الحب بالكره

وتلتقي السلطة بالفقر

هناك حيث كل البشر يلتقون على ارض الملائكة وحارس العذراء !


مشهد

ينهض من كرسيه متثاقلا متكأ على رجل واحدة وكل الغضب في جوفه صارخا : ماذا تقول ؟
الاخر الذي يرتجف محاولا الرد بحذر : لست انا من يقول يا سيدي انهم الجيران يقولون بان الشرطة قد داهمت المنزل واخذت كل من فيه بمن فيهم هي !


مشهد

السعير هو ما ستراه الان ايها الزنديق
ليصرخ بقوة في وجوههم : افتحوا ساقيه !


مشهد

لقد افقدوه رجولته في السجن
هو يقول لكي بأنكي حرة !

مشهد

افتح الباب ايها المتعجرف : وهي تجثو على ركبتيها وكل تلك الضربات التي ملئت وجهها الجميل
لتسمعه مالا يريد ان يسمع : نعم لقد خنتك ، لقد خنتك قبل ان اعرفك وبعد ان عرفتك وسأخونك في كل وقت ولتطرق بقوة من جديد : افتح الباااب !

مشهد

يدفعها ناحية الجدار محاولا كتم انفاسها !!

تخرج من تلك الدار وتنظر خلفها باصقة عليها تمسك برقبتها : يا الهي ذلك الشيطان كاد ان يقتلني .!



مشهد


أنت ؟

ليمشي على رجله بتثاقل جارا الاخرى خلفه في الم كاد ان يعصف به راميا بعكازه بعيدا ليضمها بين ذراعيه دافنا وجهه في شعرها متمتما : ها قد عدتي يا مريم !!


ريح الهوا 21-10-13 01:16 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


وبين الآن وفيما مضى تبدأ الحكاية تختلف المساكن والقلوب والاماكن ولكن يبقى الحب في قلوب اضحت تحلم بالحب !!

المشهد

( 1 )

مزمجراً صارخاً راعداً فهذه المرة الاولى التي يسمعون فيها سيدهم ثائراً

اهتز كامل المنزل من صوته المخيف

فيما اجتمع كل الخدم امام الدرج ينظرون الى بعضهم البعض في خوف وتساؤل

مالذي حدث ينظرون الى الاعلى عسى ان يسمعوا اجابة !



في وجه سائقه يصرخ ويزمجر

واقفاً على رجل واحدة متثاقلاً متحاملاً على كل آلامه : ماذا تقول ؟



ليجيب الآخر في خوف وحذر

فسيده هذه اللحظة سيطبق على رقبته ليرديه قتيلاً : لست أنا من يقول يا سيدي

انهم الجيران يقولون بأن الشرطة قد داهمت المنزل وأخذت كل من فيه بمن فيهم هي !



ليصمت الآخر مفكراً غاضباً

يريد أن يكسر كل هذه الغرفة وذلك الالم الذي ينبض بعنف في ساقه يكاد ان يقتله

يتنفس بعنف فيما إحمّر وجهه بقوة

وبرزت عروق عنقه التي كادت ان تنفجر من شدة الغضب : يا الهي وهو يمشي مبتعدا قليلا عن سائقه عارجا على رجله : اذهب وابحث عن خبر عنها اسأل الجيران اكثر

اعرف منهم التفاصيل الى اي مكان اخذوهم واي شرطة تلك ولماذا ؟

اريد ان اسمع عنها قبل ان تشرق شمس الغد اتفهم !



فيما ينطلق الاخر مرتبكا : نعم سيدي ، ولكن أرجوك انتبه لنفسك !



فيما يلتفت سيده له وقد لان وجهه قليلا يوميء برأسه

فيما لاح شبح ابتسامة على وجهه

فهو يعلم مدى حرص هذا الانسان عليه وعلى راحته !!



وفيما مضى آلام لم تبرح اصحابها يعيشونها ليلا نهارا صيفا وشتاءا يلتحفون العُري ويبحثون عن لقمة ولو كانت .. حراما..!!



استيقظت على صوت منبهها الصغير الذي يستلقي بجانبها تخرسه

لألا يوقظ الصغير فيما تنظر الى ذلك الوجه الملائكي

يا إلهي تستطيع ان تُقبَل ذلك الوجه الف مرة دون ان تشبع

يستلقي جانبها غارقا في نومه منكمشا على نفسه

باحثا عن دفىء خيالي فذلك اللحاف لا يكفي لهما معا .



آثرته على نفسها فهي قد ضمته اكثر الى الجدار وحاوطته بذلك اللحاف عسى ان يقيه البرد ..

قضت ليلتها تتقلب في فراشها بحثا عن الراحة ..

وكل ذلك الصراخ والانين والاهات التي تسمعها من تلك الدار

يا الهي الى متى ؟ كل ذلك القرف ؟ الى متى ؟

تتحرك من فراشها الذي التحف الارض الحجرية المتعرجة

تمشي في سكون لكي لا توقظه

في غرفة مجاورة حيث يقبع الحمام البدائي

تفتح الصنبور لتنزل تلك القطرات الضعيفة لكي تروي بها وجهها

اهة خرجت من بين شفتيها واصطكاك اسنانها فالماء جدا بارد

تجمع تلك الكومة من الشعر الى اعلى رأسها

ناظرة الى محياها في انعكاس مرآة صغيرة محطمة الاطراف

لا تكاد ترى وجهها كله فيها

تنطلق الى مكانها الدائم وتبدأ بإشعال الفرن

تتحرك الى بقايا المطبخ لتحضر القدر الكبيرة وتضع بوسطها الطحين وتبدأ تحضير العجين

كل ذلك والساعة لم تتجاوز الخامسة صباحا

فهذه الطلبية لابد وان تجهز قبل الساعة السادسة مساءا ويجب أن تكون طازجة



صرير باب الغرفة المجاورة يصُم اذنيها فها هي الحفلة قد انتهت

وقد حانت لحظة الفراق .. فراق العُهر والفجور !!

ترى ذيل الفستان الحريري الشفاف الذي خرجت به دون خجل

بين اصبعيها تحمل سيجارة وتنظر الى وجه مريم قائلة :

يا لكي من مسكينة فيما تنفث سيجارتها في وجه مريم التي شعرت بالقرف من هذه المرأة

لترد عليها في هدوء شديد اغاض الواقفة امامها : المسكينة هي انتي اذا كنت لا تعلمين وتنطلق من بين شفتيها ضحكة صغيرة مستفزة ..

فيما لم تكترث الاخرى ظاهريا فهي تريد سحق هذه الحشرة من هي لتحكم عليها؟!!

فيما تنظر الى ارجاء المكان
الى المفرش المهلهل الذي تجلس عليه

الى تلك الارضية الحجرية المحفورة ببرك لا تنتهي

الى ابواب المنزل الذي لم تحبذ ان تطلق عليه لقب .. منزل ..

تنظر الى وجه الجالسة تشكل العجين بآلة صغيرة

وبجانبها كل تلك الادوات : ماذا تصنع على كل حال ؟! هه



انظري حولك يا صغيرتي فستعرفين من هو المسكين اترين فستاني هذا !

استطيع ان اشتري به منزلكم وتشير باصبعها المطلي بخبرة في كل اتجاه : هذا !



لم ترد عليها فهي ليست في موقع للرد على ترهات تلك الساقطة

فهي لديها من الاعمال ما يكفيها لهذا اليوم لكي تجتر المشاكل مع هذه الاشكال .



شكرا لكي .. على كل حال لقد نمتي بين جدران وتشير بيدها في كل اتجاه مقلدة الواقفة امامها : هذا ! اذا كنت لا تعلمين .. والان بعد ان اشبعت شهواتك هل تتكرمين وتخرجين من دارنا ..



فيما تلتفت الاخرى لها في غضب وتتركها مسرعة الى حيث كانت

ولم تمر دقائق حتى سمعت الصرير من جديد وخطوات الحذاء العالي ترتفع رويدا ثم تختفي من جديد مبتعدة عن تلك الدار !!


نهاية المشهد الاول ..




ريح الهوا 21-10-13 01:52 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المشهد

( 2 )

فيما مضى

الساعة الثانية عشر ظهرا
لا زالت جالسة مقرفصة تراقب الفرن المشتعل وحرارته التي ادفئت عظامها المتخلخلة
بملابسها الشحيحة ومنديلها الذي تجمع به شعرها في كومة فوق رأسها
ويديها التي تعمل في سرعة فعليها أن تنتهي من الكمية قبل السادسة
وهي حتى الان لم تصل لنصفها
طرقات على الباب انقذتها فها هي صديقتها قد هبّت لمساعدتها
لتنادي عليها : ادخلي يا وداد
تدفع وداد الباب وتدخل مغلقة الباب خلفها
محيية صديقتها التي قالت بسرعة : بسرعة يا وداد فأنا حتى اللحظة لم أنهي نصف الكمية !!
وداد وهي تخلع عبائتها السوداء القديمة وحذائها وتجلس مقابلة لصديقتها
: لماذا لم تخبريني منذ البارحة كنت جئتك من الصباح ، وهي تنظر الى العجين
وتنظر الى مريم التي تعرّقت تماماً من الفرن ومن السرعة ومن التوتر
لترد : لم اكن اعتقد بأنني سأكون بطيئة ففي كل مرة اشعر أن العجين يتكاثر
وداد : والآن ماذا علي أن افعل ؟
مريم : تشير الى كمية معينة : خذي هذه وغمسيها في الشوكولا ثم في الفستق
بدأتا العمل بسرعة وهي في كل مرة تخطف نظرة الى حمود الصغير
فها هو يلعب في احدى الحفر ماسكا الاتربة بيديه الصغيرتين
يجمع الحصى وينقله من مكان الى اخر واحيانا على ثيابه
لتتحدث اليه : حمود حبيبي تعال الى هنا واترك هذه الاتربة من يدك
ينظر اليها الصغير ذو السنتين بعينين بنيتين كبيرتين في وجهه الصغير الدائري
وفمه الصغير وشعره البني الخفيف فهو يشبه والده كثيرا حتى ذلك البياض الناصع الذي يغطيه !
ينظر في وجهها ضاحكا ضحكة بريئة ويحرك رأسه يمينا ويسارا
تبتسم له : حمود تعال خذ هذه القطعة من العجين والعب بها كفاك لعبا في الاوساخ
ينطلق لها في فرح وعينيه تشعان ، يركض في اتجاهها ملتقطا تلك القطعة ويجلس بجانبها ليلعب بها
فيما تنظر وداد لهما في محبة : يا له من طفل جميل
ثم تهمس لمريم ناظرة الى اتجاه غرفة محددة : وأباه ماذا يفعل اين هو ؟
تلتقط مريم انفاسها فهي مهمومة من هذه السيرة ولا تحب التحدث عنها لتهمس بنفس النبرة : تعرفين يقضي وقته أين ومع من .. ومن ثم ينام ولا يدري عن شيء ابدا..!!

تريد الحديث تريد افراغ كل تلك الطاقة السلبية داخلها فهي تشعر بالوحدة والفراغ رغم كل تلك الاعمال التي تقوم بها تريد ان تتحدث مع صديقتها عن مستقبلها فهي لا ترى اي تقدم ولا اي شيء يشير الى الغد فكل يوم مثل سابقه وكل يوم تنتظر أن يتغير شيء ولكن كل شيء كما كان واحيانا اسوأ

تقترب من وداد وهي تزدرد ريقها خجلة هامسة : احممم وداد الم تصلكم أخبار بعد عن أحمد ؟
تنظر لها وداد في رحمة متفرسة في تلك الملامح


فتاة في الخامسة والعشرين من العمر
قصيرة القامة
ضعيفة
حنطية البشرة بعينين سوداوين كبيرتين وشفتين غليظتين
انف مدبب طويل
كان كل ما يميزها هو شعرها الاسود الطويل الحريري
فهي لم يتقدم احد البتة لخطبتها
طبعا فمن سيفكر في فتيات من هذه البيئة ؟!
حتى جسدها لا تبدو عليه ملامح الانوثة تبدو وكأنها فتاة صغيرة بذلك الجسد النحيل

استطاعت ان تقنع اخاها بخطبتها وقبل ان تتم الخطبة قبضت الشرطة عليه !!
فيا لحظك يا مريم !
لترد في تؤدة : لا نعرف ، لا نعرف اين اخذوه ولماذا اخذوه ؟ الحزن يخيم على المنزل
أخي وليد يخرج كل يوم للبحث عنه والسؤال لكن لا مجيب ؟!
تتنهد في حزن بينما غرقت الاثنتان كل في افكارها

مريم تحلم بالحب والزواج والهرب من هذا المكان الذي اصبح موبوءاً
اصبح مشبوهاً
بكل تلك النساء اللاتي يحضرهن أخاها معه كل ليلة
فهو لا يتردد في قبض ثمن اعماله المشينة
فهذه قد اصبحت مهنته !!

تتحدث الى وداد : لن تصدقي الليلة الماضية كانت كارثة
فالمرأة التي أحضرها خالد لم توفر صوتا إلاّ وصرخت به
أنا نفسي من كنت في فراشي استثارتني بشدة
بالكاد استطعت احتمال نفسي
جلست مكاني استغفر وادعو الله ان نتخلص من هذه الحياة الى ان غفوت !

لترد وداد : يا الهي لا ادري أخاك من اين يأتي بكل تلك النساء
ولتغرق في التفكير مع نفسها لا عجب فمن يرى خالد ويرى مريم يقول أنه من عالم وهي من عالم آخر
فخالد جميل ببشرته البيضاء الناصعة يجعلك تشعرين بأنه قد أخذ حماما لتوه !
بشعره البني الناعم فهذه السمة الوحيدة المشتركة بينهما
بلحيته السوداء الخفيفة وابتسامته الخلابة التي تكشف عن اسنان ناصعة البياض
وعينيه البنيتين وطوله الفارع
بالإضافة أنه يهتم بنفسه كثيراً
فمن يراه لن يخمن أبداً أنه يعيش في هذا المنزل
فالمال الذي يقبضه من تلك النساء يصرفه على هندامه ونفسه
فيما طفله وأخته يعانون الأمرّين ..
ياله من اناني ..
شعرت بالقرف منه ومن افعاله المشينة فالكل في الحي يعرفون هو ماذا يفعل
وفي ذات الوقت يحسدونه !!




الآن

يجلس على كرسيه بجانب النافذة محدقا بالخارج
فيما سيجاره يذوي بين اصابعه
فهو لم يدخن منذ فترة طويلة
ولا يريد أن يدخن فقط كانت الطريقة الوحيدة التي يتخلص فيها من توتره
واضعاً يداً على فخذه المصاب مفكراً قبل أن تدخل الخادمة محدثة ضجة بحذائها
تتقدم ناحيته وكل دقة من كعبها تنبهه الى وجودها أكثر
لم يلتفت
تنحني لتضع كوب القهوة الحار امامه
لم تفته تلك الانحناءة بذلك الفستان الذي كشف عن أعلى صدرها
بالغت في الانحناء وعطرها قد تخلل كل خلية فيه
فهذه الخادمة من أجرأ من استخدم حتى الان
فهو لا يعيرها انتباها رغم كل محاولاتها لاغرائه
نعم تملك جسدا جذابا جميلا
تملك صدرا ممتلئاً
وساقين غليظتين
وخصرها الرقيق
ناهيك عن وجهها وزينتها
فهي تتصرف وكأنها احدى اصحاب البيت
تأمر وتنهي
ورغم كل ذلك لم يكترث
فهو منذ رآها يعيش في عالم آخر
تغادر للمرة الالف يائسة
ينظر لها في شفقة لاويا شفتيه ناظرا اليها وهي تتهادى في مشيتها
ينفث سيجاره ناظرا مجددا للخارج ليجتر عقله كل تلك الذكريات ..!!

انتهى المشهد الثاني

مزوووون 22-10-13 12:40 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
عزيزتي
مرحبا بك في منتدانا
تابعت روايتك في منتدى آخر ولم استطيع التعليق والرد لعدم تسجيلي وقد كنت متفاجئه من التذمر من عدم الفهم
بينما جمال روايتك يكمن في غموضها اللذي بدأ بالإنكشاف شيئا فشيئا واصلي ونحن بإنتظار جمال قلمك.

اسية232 22-10-13 01:18 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
اهنئك على جمال حرفك.. واصلي.. الفصحى رائعة.. وانتي كاتبة رائعة..

ريح الهوا 22-10-13 01:43 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مزوووون (المشاركة 3382390)
عزيزتي
مرحبا بك في منتدانا
تابعت روايتك في منتدى آخر ولم استطيع التعليق والرد لعدم تسجيلي وقد كنت متفاجئه من التذمر من عدم الفهم
بينما جمال روايتك يكمن في غموضها اللذي بدأ بالإنكشاف شيئا فشيئا واصلي ونحن بإنتظار جمال قلمك.

السلام عليكم مزووووون

اسعدني ردك جدا

اذا كنتي قد تابعتني في منتدى اخر يعني لا جديد بالنسبة لكِ هنا حتى نصل للمشهد 25

اعلم انني قد وضعتها هنا متاخرة ولكن حين وضعتها في نفس التوقيت مع المنتديات الاخرى هنا في ليلاس قد تم نقلها لركن التواصل مع الادارة ولم اجد تجاوب مع المشرفين رغم اني ذاك الوقت نزلتلهم حتى المشهد 14 وبصراحة قد غضبت جدا و طالبت بحذفها
ولكن قد عدت الان حتى يكون لي بصمة في المنتديات التي انا عضو فيها ويارب يسهل الحال .

اشكرك من قلبي

ريح الهوا 22-10-13 01:45 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسية232 (المشاركة 3382393)
اهنئك على جمال حرفك.. واصلي.. الفصحى رائعة.. وانتي كاتبة رائعة..

جميل جدا ردك انتي الرائعة بحق تسلميلي يارب

اشكرك من قلبي


ريح الهوا 22-10-13 01:47 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

اليوم سأقوم يتنزيل من المشهد 3 وحتى المشهد 11 بإذن الله سيكون التنزيل على طول اليوم


اشكركم

ريح الهوا 22-10-13 01:53 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

( 3 )


سبعينيات القرن الماضي
يتنقل بسيارته الفارهة الملفتة للنظر ففي هذه المقاطعة لا يوجد من يمتلك سيارة مثل هذه الا اذا كان يهوديا !
شاب عربي الملامح
أسمر البشرة
أسود الشعر والحاجبين والعينين
قوي البُنية ، يتنفس بقوة ليسمح لكل ذلك الهواء النظيف الدخول لرئتيه
مُديراً رأسه في كل اتجاه
يا الهي فهو يريد التشبع بهذه المناظر الخلابة
كل تلك المروج الخضراء
والأشجار حتى الزرقاء منها ياللعجب !!
على امتداد البصر تقبع الغابات الخلابة
والأنهار التي تشق مجرا لها هنا وهناك
سبحانك ربي ما كل هذا الجمال
المنازل بتفاصيلها والوانها الخلابة بالورود المختلفة الأشكال والألوان
المحيطة بتلك المنازل خُيل اليه أنه يحدق في لوحة رسمها امهر الرسامين ..
هنا حيث يبعد آلاف الكيلو مترات عن وطنه
في مهمة عمل عائلية
فهو ان نجح في هذه الصفقة سوف تصبح عائلته من اثرى العائلات في البلد !...
المانيا ( دويتش لاند او جيرماني )
جنوب العاصمة برلين
مقاطعة ثورينجن
رغم الإنتشار الهائل للقوات الروسية في المدن وفي كل مكان
فهم يسيطرون على الجزء الشرقي من البلد بعد خسارتها الحرب العالمية الثانية .


السكان هنا يحتاجون للعمل
بعد أن حُرموا من ملذات الحياة
المنطقة غنية بالموارد والصناعات وهو قادم لهذا السبب
العمالة والمعدات !

يستجيب لزيارة أحد الأصدقاء الألمان يعتبر من اثرياء المنطقة
في مدينة صغيرة تدعى التنبورج
بيت متوسط الحجم ذو سقف مثلث بقرميد باللون الاسود فيما جدرانه اكتست باللون البني الفاتح
تحيط به الاشجار من كل الاتجاهات مشكلة سياج حوله
غرفة الجلوس الكبيرة وجدرانها المزينة بعدد كبير من الصور والملاعق الفضية
الستائر البرتقالية التي تغطي الشبابيك الكبيرة
تلفاز في وسط الحجرة يقبع على طاولة بنية ضخمة جميلة الأطراف
الجزء الداخلي من الغرفة مفروش بسجادة حمراء صغيرة عليها ست كراس جلدية سوداء وبالوسط طاولة زجاجية ..
الجزء الخارجي من الغرفة مزين بطاولة طعام رخامية تحيط بها ست كراس خشبية
بيت للنار رخامي ابيض اللون للتدفئة في فصل الشتاء
كان تفصيل المنزل مذهلا ومريحا ونظيفا جدا
جلس على إحدى الكراسي الجلدية متناولا كوبا من عصيرالبرتقال بين يديه يرتشف منه كل دقيقة
يبدأ الحفل وتدار الموسيقى
ويتوافد الاصحاب والمعارف وهو جالسا ينظر
كل تلك الحسناوات الشقراوات
حتى الرجال طوال القامة شديدي الشقار
لفتت نظره كتم انفاسه من جمالها
وهي تتحرك كالفراشة هنا وهناك

تضحك مع هذا وتسلم على ذاك

بفستان قصير اخضر اللون يبرز لون عينيها الرائعتين

تتوقف عنده ناظرة له في خجل
لا تعرف لماذا فملامحه لفتت نظرها واربكتها
تحينت الفرصة لتقترب خطوة كل مرة
الى ان وقفت أمامه محيية مرتبكة
بماذا ستبدأ الكلام ففضلت السؤال : هل تتحدث الألمانية ؟
يبتسم وهو ممسك بكوبه يقلبه بين اصابعه يوميء برأسه : قليلا !!
ما اسمك ؟ ! وتجلس بجانبه ناظرة متفرسة في وجهه ، لأول مرة تقابل شخصا بهذا الشكل وهذا اللون !!
ليرد عليها ولم ينظر لها بعد هاربا بنظراته عنها في كل اتجاه : محمد .
: هل انت عربي ؟
: نعم
: لقد قرأت الكثير عن بلاد العرب لم اتخيل بعد شكل الصحراء التي يتحدثون عنها في الكتب !
هل صحيح أنها مليئة بالرمال ؟!
نظرة تعجب تمر على عينيها محددة بحاجبيها منتظرة اجابة
وفي هذه المرة ضحك عاليا حتى إن بعض الاشخاص قد التفتوا له : هل تعرفين البحر ؟! صحرائنا أشبه بالبحر !
تشهق ناطقة : أحقا ما تقول ! يا الهي اطوق شوقا لرؤية ما تتحدث عنه !
تلتفت لأحدهم وهو ينادي عليها : رجينا تعالي هنا اريد ان اعرفك على بعض الأشخاص
تتحرك من مكانها معتذرة على المقاطعة تقف متجهة لوالدها .. صديقه .!
افتقدها .. احبها ..أرادها

ويلتقيا من جديد
وبدون أي مقدمات : رجينا هل تقبلين الزواج بي ؟!

رجينا المبهوتة من طلبه الزواج
فمن في هذا الوقت يطلب الزواج من إمرأة للتو التقاها !
كيف ستوافق أن تتزوج رجل لم تعاشره قبلا ؟!

هي لا تعرفه وهو لا يعرفها فقط مرة واحدة التقيا
هي مغامرة
عربي جميل
الصحراء
الملابس الغريبة
العادات المختلفة
وطن آخر وحياة أخرى ..
وافقت !!
يتقدم لخطبتها
تُصدم العائلة من الطلب فهو مسلم وهم لا دين لهم !
سيأخذها بعيدا وقد لا يروها
ستغير ديانتها وحياتها
لا ضمان لأي حياة ستعيشها معه
رفضوه !

واقفا منتظرا في بهو المطار

مصطحبة حقيبة صغيرة جمعت فيها ذكرياتها
صورها
كتبها وأوراقها
وانطلقت معه !

تزوجها قبل أن يصل الى بيته
يُفاجيء الجميع بامرأة شقراء جميلة متأبطة ذراعه
لم تغير إسمها فقط غيرت إسم عائلتها
ونسبت نفسها اليه !

اصبحت الزوجة الثانية وضرة لإمرأة لها العديد من الاطفال
لم تكترث فهي مجنونة بحبه
أرادت طفل منه وحملت !
اختلفا على الإسم اراده ( علي ) ولم ترد ان يميز عنصريا عندما يذهب الى ديارها
فسموه ... يوسف ...(جوزيف)
بعد سنتين لحقت بها اختها التي عاشت معها لفترة ليست بالطويلة
حتى تزوجت رجل من رجالات الدولة !!
وأنجبت ابنة سموها .. ياسمين ...(جازمين)

اربع سنوات تغيرت فيها معاني الحياة
عرفوا فيها الحب والمودة والدين !
أربع سنوات عشقته واطاعته وربّت طفله !
ليفارق الدنيا بحادث سيارة اليم !
لم تصبر على فراقه ...

من سيتولى حضانة الصبي فهو صغير
وهي أجنبية سيتشبع بعاداتها
لن يلتزم بدينه
سيضيع !!

وكما هربت مع والده قبل اربع سنوات
ها هي تهرب به مودعة زوجها وحبيبها بدموع خاشعة !
ليكبر ويتربى ويتعلم في أحضان امه !
الخالة التي كانت تحضر كل صيف للزيارة محضرة معها
الصغيرة المشاغبة الشقراء .. ياسمين ..
ملئت حياته حبا وشغفا !

يتذكرها بتلك الخصل الجميلة وعينيها الخضراوين الغاضبتين
تمسك به من ثيابه وترمي به ارضا ..

هي زوجته .. ياسمين ..

نهاية المشهد الثالث .






ريح الهوا 22-10-13 01:55 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 



المشهد

(4)



فيما مضى


تقف على عتبة الباب واضعة وشاحها على رأسها
مناولة الرجل الواقف أمامها الأواني الورقية الكبيرة التي تحمل الحلويات !

يضع الأواني في سيارته ويتقدم نحوها ملقيا المال عليها وكأنه يمن عليها به
خذي يا ابنتي فأنتي تستحقينها !

وقبل ان تنطق بكلمة كان قد غادر المكان ..
تنظر الى يديها تفرط تلك النقود من بعضها لتفاجأ
أرادت ان تجري خلفه
أرادت ان تلقي بالحجارة على سيارته لتحطمها .

تدخل مغلقة الباب خلفها مستندة عليه في حزن
دمعت تسلقت مآقيها مهددة بوافر من الدموع
يا إلهي لقد قلت خمسين وليس عشرين !

تغلق عينيها بشدة ضامة يديها الى صدرها
تتنفس بعمق وتفتح عينيها
مصطدمة بوجه خُيل اليها لوهلة انها رأت نظرة حزن وشفقة على محياه ! !
دخلت الى حجرتها تجلس على الأرض
رأسها بين رجليها وضامة ذراعيها اليها وهي تبكي
تبكي قهرا !
استكثروا عليها المال

هي من تجلس من الفجر الى الليل مقابلة حرارة الفرن حتى اكتوت بناره
هي من يديها متعبتان و متشققتان
هي من تريد شراء الطعام
تريد شراء ثياب لحمود فملابسه قصيرة وخفيفة
تريد شراء حفاضات له ولها !
ماذا ستفعل بهذه العشرين !

يد تربت على شعرها ناطقا بعمق : مريم كم مرة قلت لكي لا تعطي شيئا قبل ان تستلمي نقودك !!

تنظر اليه بعينين حمراوين حزينتين دامعتين ، يلومها الآن .. يلومها ؟!!

لتنفجر فيه : انت آخر من يتكلم
كل السخط الذي نحن فيه هو بسببك
ألا تخجل من نفسك
الا تخرج لتعمل عملا محترما
ألا تريد ان تأكل لقمة نظيفة حلالا !

لماذا تفعل ذلك بنا وبنفسك .. لماذا يا خالد ؟!
لقد انغمست في الحرام حتى انفك دون رادع يردعك !
فكر بنا ..
فكر في ابنك الذي يراك كل ليلة مع امرأة
اي بيئة تلك التي يتربى عليها
ابنك يكبر ويرى ويفهم ,,, هل تريده جاهلا مثلنا ؟!


هل تريده ضعيفا لا حول له ولا قوة مثلنا ..
فيما ينظر اليها خالد محتويا كل ذلك الغضب هو يفهمها .. وجيدا ..

- انظري ماذا فعلتي انتي بالحلال
انهم يغشونك
ويضحكون عليكي
لا تهمينهم
ولا اعمالك تهمهم
كلهم هكذا
نحن تحت ارجلهم يدوسوننا بأقدامهم ، لا مكان ولا وجود لنا بينهم
نحن الفئة المنفية والموبوءة في هذا المجتمع
وكل تلك النساء
هه
ساقطاااات اذا لم اوجد انا سيجدن آخر !!

: اي منطق ذاك الذي تتحدث به ؟
لا تبرر اخطائك الواضحة كالشمس
تب يا خالد
تب قبل فوات الأوان
تب فنحن نحتاجك وانت لا تشعر بنا
ابنك يحتاج للطعام والشراب والملابس وانت لا تكترث

: انتي من يرفض المال الذي اقدمه لكي
: نعم ارفضه اتتوقع منا ان نأكل الحرام ؟ كيف تفكر انت ؟

: ابني من الآن انا .. ويصر على أسنانه ... من سيحضر له كل احتياجاته !
: لا لن تفعل لن ادعه يأكل لقمة واحدة ولو كنا سنموت جوعا !

اذا لا تلقي علي هذه المحاضرات ثانية فلا جدوى .. اتفقنا ..
والسخط الذي تتحدثين عنه لم يكن ينتظرني لأولد !
يخرج ويتركها في يأسها وغضبها
فها هو يحلل الحرام
اخاها قد فقد عقله !!

يتقدم حمود الصغير ويجلس على حجرها
وهي في شرودها تصلها رائحة كريهة .. امم ما هذا ؟
تنظر الى يدي حمود الذي يحمل بقايا تفاحة سوداء عفنة .. كانت بين القمامة
وها هو بعضها على جانبي فمه !
تسحبها بالقوة من يده وتصرخ في وجهه : حمووود كم مرة قلت لك ألا تجلب الأوساخ وتأكلها كم مرة ..
كان صوتها عاليا وصادما للصغير الذي إحمر جفناه والتوت شفتيه
يا الهي هو على وشك البكاء واذا بكا لن يسكت ...

تضمه الى صدرها بقوة مقبلة عينيه ويديه .. حمود حبيبي اسمع كلامي لا تفعل ذلك مرة اخرى .
تمسك به من يده الصغيرة وتتحدث اليه : ما رأيك ان نذهب الى العم حامد ؟
وما ان نطقت بهذه الكلمات حتى طار فرحا ..
فالعم حامد = الحلوى !

نهاية المشهد الرابع

ريح الهوا 22-10-13 01:59 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

(5)



يوسف...
ها هو يعود أخيرا الى مسقط رأسه
الى وطنه الذي لم يراه
لم يتربى فيه .. فقط اربع سنوات لم يذكر منها شيئا ! غير بعض الصور !
ها هو يرجع ليرى اهله اخيرا
يريد ان يرى ..ياسمين ..
يشتاقها بقوة
لم يشبع من كلامها
فهو قد تعلم لهجة اهل البلد منها بعد ان كان يتحدث الفصحى
نعم لقد كبر وتعلم وتربى في المانيا
امه التي حرصت ان يتعلم العربية
إستحضرت له معلما
إشترت له الكتب
والموسيقى العربية
لم تعش طويلا في ذلك البلد
ولكنها تعشقه كانت مضطرة للهرب
وها هي الآن تسلمه بكامل إرادتها

لقي الترحيب من أهله
استقبلوه وعاش بينهم لفترة لم تطل !
بحث عنها بعينيه
وها هي تحضر بشرشف على رأسها
وشاح أبيض يعكس لون بشرتها البيضاء المشرإبة بحمرة

وعينيها الخضراوين المتزينتن بكحل عربي اسود
زاد من جمالهما بأهدابها الطويلة الشقراء
فمها الوردي خلقة
فهي من الواضح انها تحمل دماءا غربية
تحمل نفس ملامح الأم والخالة
ونفس ملامحه ..باختلاف لون الشعر !!

قصة حبهما العذراء نمت وكبرت
كل من حولهما لاحظ انجذابهما لبعضهما البعض
فهو رغم حياته في المانيا ورغم تحرر البلد
عاش حياته بدون رفيقة ما زاد الشكوك حوله
فمنهم من ظن أنه غريب الأطوار ذو عقد نفسية
ومنهم من ظن أنه ..شاذا !!

فقط
هو تربى على عادات امه التي تشربتها في الغربة
حرصت على شرفه
ارادته كوالده
لم يمس الخمر او النساء
عاش ناسكا الى ان رأى ياسمين مرة اخرى
كانت القدر الذي لا مفر منه ..
فاتحهم بخطبتها
ومجددا يرفضونه فهو وإن كان اخاهم وابن عمهم
فقد عاش في الغربة التي لا يعرفون كيف ترعرع فيها

لا يثقون باخلاقه ولا بدينه !!

لا يعرفونه كما تعرفه هي !
وتحت ضغط الأم (الخالة ) على زوجها حتى وافق
وأرغم الجميع على الموافقة ..
ولم يدروا أن هذه الموافقة سترسم نهايتها بنفسها !!
:
:
:
:
:
مريم ...
تفيق من نومها على صوت انهمار المطر على سطح الصفيح
وها هي بعض القطرات اخذت بالتسلل الى الداخل
تنهض بسرعة لتضع بعض الأواني لكي يقطر الماء فيها
تجمع الملائة المفروشة على الأرضية الحجرية بسرعة قبل أن تتبلل
صوت الرعد القوي الذي كادت تلك الصفائح أن تنهار عليهم بسببه
وهي تدعو دعاءا علمتها إياه وداد ( سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته )
تجلس في مكانها فبعد هذه الفوضى لم ترغب النوم مجددا
محدقة الى تلك القطرات وتستمع لصوتها الرتيب !
فيما تجمع اللحاف حول حمود المتعب من اللعب في الأتربة والأوساخ !
حممته قبل أن ينام وغيرت ثيابه
تخرج منها آهة طويلة ثقيلة ..
تمنت ان يكون لديهم تلفاز لكي تتلهى به
تمنت ان يكون لديها مذياع لكي تسمع فيه
فهي تنام مبكرا جدا وتصحو مبكرا
لا شيء في الأسبوع جيد إلا عندما يجتمعون على تلفاز العم حامد في منزله كل خميس


يشاهدون ما يرغب العم حامد به دون اعتراض
فهم ليسوا بموضع للطلب او السؤال فقط عليهم التفرج
في صمت !!
كل اسبوع تنتظر بفارغ الصبر هذا اليوم الذي يخرج به الجميع الى ذلك المنزل
ليس بالمرفه ولكن على الأقل يحتوي اشياءا هم لا يستطيعون امتلاكها !
.
.
.
.
وفي غيابات الظلام
تتعالى الصيحات
تتعالى الآلام
تتعالى الضربات !
تلك المغارات التي لا يعرفون من أين تبدأ وأين تنتهي
أناس يتجرعون الألم والحسرة كل ثانية تمر
هي زنزانات القهر والتعذيب !

في مكان حيث يدك فيه كل من له لحية طويلة
كل من يصلي الفجر حاضرا
كل من يذكر ربه
وكل من يتآمر على الدولة !

يدخل عليهم بضخامته
فهو قد خلق خصيصا ليجلدهم
ليريهم العذاب الوانا لم تكن لتخطر يوما على بال بشر
يمشي بينهم يرفس ذاك برجله
ويضرب ذاك على وجهه
ويجذب الآخر من شعره بقوة حتى ينفض شعرهم من اصابعه !
يحمل سوطا بيده
إنه مثال الرعب والقسوة إنه من لا يرحم
ينطق والشرر يتطاير من عينيه باحثا عن ضحية
هل شاهدتم المباراة ؟ من فاز فيها ؟ اي فريق ؟
السكون والرهبة هما من ملأ المكان لم ينطق أحد ، لم يجرؤ أحد على النطق
فهم بحرف سينسفون
ولكن ..
نطق ويا ليته لم ينطق ..( نعم شاهدناها .. فريق في الجنة وفريق في السعير )

يتجه صوبه جريا غاضبا حانقا كيف تجرأ على نطق تلك الكلمات ليهم بكل قوته بضربه على وجهه بحذائه الضخم الغليظ

صراخ وكر فها هم يسحبونه من رجليه على ظهره العاري المجلود بالسياط
الى حجرة التعذيب..

نهاية المشهد الخامس ..




ريح الهوا 22-10-13 02:50 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

قبل تنزيل المشهد السادس

اريد الرد على الاخت براعم لأن خاصية الرسائل الخاصة غير متاحة لي غاليتي للرد عليكِ في رسالة

اولا اشكر كلماتك الجميلة الطيبة في حق الرواية

ثانيا لا اعرف والله احترت هي الرواية خليط ليست رومانسية مائة بالمائة ولكنها تدور حول الحب في ظروف غامضة

لا ادري اذا تم نقلها اذا كنتم ستطالبونني بتكملتها اولا ثم عرضها لأن هذا شيء لا استطيع فعله حاليا انهاء الرواية دفعة واحدة ليتم تنزيلها كاملة

سأفكر في الموضوع ان شاء الله

ريح الهوا 22-10-13 02:53 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

(6)



الآن

إتخذت من سرمد الليل ستاراً
ومن ظلمة المنزل دافعاً
ومن الهدوء المخيم عنواناً لفعلتها القذرة
بعد أن تأكدت من نوم الجميع
بدأت التحضير !
إمرأة جميلة تقف أمام المرآة الطويلة في غرفتها تستعد !!
ملابس نوم من قطعتين فوقهما قطعة شفافة قصيرة جدا
تطلي شفتاها بأحمر قان ولمعة بيضاء
كحل غزير وماسكارا
رشة عطر من أفخم ما تملك
تحرك شعرها يميناً ويساراً لكي تعطيه المظهر الجذاب الذي سيأخذ بعقله !
وعلى أطراف أصابعها تبدأ بالتسلل
وصلت اليه تفتح الباب
ريح باردة تصطدم بوجهها تحمل نسمة مختلطة بمسك !
فيما نور القمر إخترق ستائر الأورجنزا الخفيفة !!
وتواصل تسللها بأصابع مطلية بعناية
الغرفة مظلمة جدا
تسمع فقط صوت تنفسه الهادىء
فهو ينعم بنومه
تتسلق السرير وتدفن نفسها تحت الغطاء الفاخر
تقترب منه رويدا رويدا
تخلع تلك القطعة الشفافة وتبدأ بوضع يديها على جسده
تحرك قليلا ..منزعجا !
تمادت والصقت جسدها بجسده واضعة يدها الباردة على عضده الدافيء!
فهو لن يتجاهلها هذه الليلة !
قد صممت ..وخططت ..ونفذت !
بدأت بتقبيله
للحظة ظنت أنه قد تجاوب معها
يضع يده فوق يديها متقلبا !!
وأنفاسها قد تهدجت .. اقتربت اكثر وتمادت أكثر فها هو يستجيب
ولوهلة كاد أن يهم بتقبيلها .. بعد أن اسكرته رائحة عطرها المميزة !
يا الهي !
حركته السريعة على السرير قد آلمت رجله
كاد أن يصرخ دفن وجهه في الوسادة بقوة ضاغطا عليها بذراعيه فيما ابتعدت قليلا عنه
ليلتفت لها مصدوما في الظلمة
خرجت منه شهقة عالية تلتها سعلات متتالية كادت تقتله !!
تحشرجت حنجرته بتدافع الكلمات والانفعالات

لم تتحرك ناظرة اليه بدلال فلابد أن يخضع !

تقترب منه مقربه شفتيها له أكثر
فيما امسك بفكها بين يديه بقوة كادت تهشمه
وبفحيح كالحية أراد ان يقطعها بأسنانه
: أيتها الخبيثة الساقطة مالذي تفعلينه ؟!!

يخرج من سريره بسرعة متجها الى الجهة الاخرى من السرير


ممسكا بيدها بقوة
: يا الهي أيتها الافعى أتجرأت على فعل ذلك ؟!

فيما انقلبت سحنتها الى الخوف العارم فهو الآن يريد سحقها,,, لم تجرؤ على النطق !
صرخ بها بصوت عال كاد أن يصمها : ايتها الفاجرة
تعالي معي ،، لم تصمد امام ضخامته وشرره !!
يتجه بها جارا اياها خلفه غاضبا مكفهرا يريد ان يرمي بها من الدرج
هذه اللعينة تلاعبت به
يصرخ في ارجاء المنزل بصوت ايقظ كل من فيه
يهرع الخدم ليجدونه ممسكا بيدها وهي بتلك القطعتين

تعالت الشهقات والهمسات
يصرخ في وجوههم : اين سعد ؟ احضروه
فيما يدخل سعد مسرعا فهو لم ينم بعد
ليصدم بذالك المنظر
يا الهي ما هذا ؟
يلقيها عليه : خذ هذه الافعى من هنا لا اريد رؤيتها مجددا في هذا المنزل
خذها لتجمع ملابسها ثم تغادر وبحقد ينفثه في وجهها : الى جهنم
لا اريد هذه الفاسقة هنا هيا ..
يصعد الدرج غاضبا لا يكاد يسيطر على نفسه
يلتفت له ليقول : عندما تتخلص منها تعال الى غرفتي سمعت .. يشير الآخر الذي اصطحب الفاجرة الى غرفتها لكي يطردها ..

يدخل غرفته حانقا على نفسه يا الهي كدت أن أقبلها !!
تبا لي ..
يمسك برأسه بين يديه
يسير في الغرفة كأسد مجروح
كل ذاك السخط والغضب من نفسه
يا الهي كدت ان اخونك للمرة الثانية يا مريم !
يصرخ في ارجاء الغرفة غير مصدق

وهذه المرة يصب جام غضبه على كرسيه الخشبي
يرمي به الى آخر الغرفة لينقسم نصفين

صدره يرتفع وينخفض من شدة الإنفعال
لم يشعر بالم رجله كما شعر بالم قلبه والحريق الذي شب في جوفه !
آه يا مريم
آه .. اين انتي
اين رحلتي

كيف تتركينني هنا وحيدا
كيف تتركينني للساقطات حولي
اين انتي .؟

يدخل سعد الغرفة حزينا على سيده
يصرخ في وجهه كأنه سيبكي : أين هي يا سعد ؟
ألم تعرف شيئا عنها
مالذي تفعله ؟
فيما يدور في الغرفة حائرا تائها
اخبرني انطق قل لي شيئا يطمئنني

فيما سعد لا حول له ولا قوة ماذا سيقول
: سيدي الجيران لا يعرفون اكثر مما قالوا لي
هم انفسهم حاولوا البحث ولكن كأن الأرض قد انشقت وابتلعتهم !
تبا تبا تبا ..صارا باسنانه بقوة
والآن ما الحل ؟ لا تترك هذا الموضوع يا سعد
ولأول مرة : ارجوك ..

لقد ضيعتك من يدي يا مريم
لماذا لم اخذك واطير بك
لماذا لم اضمك لصدري حين رأيتك
اللعنة ..
اين انتي يا مريم ؟
لو كنت اتحرك بحرية كنت وجدتك منذ وقت طويل !

هذه المرأة قد هيجته قد أثارت رجولته
يفتقد لهذه العواطف والأحاسيس
منذ فترة طويلة كأنه يعيش في صحراء المشاعر
يعيش خواءا في قلبه لم يعرف له مثيل !
يا مريم بعينيك اصطنعت أملا لنفسي .!


وفيما مضى ..


تقف في منتصف القاعة الفخمة تتحرك في كل اتجاه

فاليوم هو زفاف ابنة عمها
كانت متالقة
فستان اسود يلتف على جسدها مبرزا شده بياضه
كل تلك الطبقات من الشيفون التي تتطاير حولها عندما تتحرك
شعرها الذهبي الرائع منسدل بكل حرية على ظهرها
متزينة بقلادة واقراط ماسية رقيقين كرقتها !
لم تكثر الزينة على وجهها الجميل الذي لا يحتاج الى زينة
عينيها الخضراوين المزينة بالكحل
كل من تمر به يحسدها على جمالها وعلى حظها !
فهي صغيرة وجميلة وثرية وقريبا ستتزوج !
كم من الفتيات يحملن هكذا حظ !
تجلس بجوار امها وعماتها وبنات اعمامها تتحدث وتضحك
هي سعيدة .. سعيدة جدا
فها هو حب الطفولة سيتوّج بالزواج
تلقي نظرة على يدها اليمنى متفحصة في حب ذالك الخاتم الالماسي الكبير
فيما تدير باليد الاخرى الخاتم في اصبعها وتتنهد في شوق
حين تبدأ المغنية بالغناء فيبدأ الجميع بالتصفيق والغناء والرقص

فالليلة هي ليلة حب !

تمسك بين يديها هاتفها الذي لاحظت التماع شاشته !
تضغط على الزر لتردها تلك الرسالة تبتسم اكثر وتشعر بالخجل
فيما عضت على شفتيها باسنانها واكتس خداها بحمرة قانية
تتحرك من مكانها متجهة الى غرفة النساء تتناول عبائتها وخمارها وتنظر في كل اتجاه
لكي تخرج خلسة !!
ارتدت العباءة والخمار على عجل فيما انطلقت رجلاها لفتح الباب الرئيسي لتخرج مباشرة
الى باب سيارته !
تجلس بجانبه في سعادة غامرة فيما ينظر اليها بحب !
تستمع الى صوته الباريتوني الرجولي
- هل لكي ان تخلعي الخمار فلن يراك أحد ، السيارة مُعتمة !
- ترد بصوتها الرقيق الهادىء خجلا وهي تعض على شفتيها :
- دعنا نتحرك اولا ثم سنرى ، هيا بسرعة تحرك !

خرجت من شفتيه ضحكة خلابة تعشقها فيما تدعس رجله على المكابح منطلقا لمكان يعرفه جيدا !

لم ينتبها لتلك العيون الخبيثة التي كانت تراقبهما وتتبعت آثارهما حتى وصلا لمبتغاهما !


نهاية المشهد السادس ....



ريح الهوا 22-10-13 02:56 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

( 7 )



فيما مضى

تجلس وداد على كرسي صغير منتظرة مريم حتى تنهي حمامها
فاليوم هو موعد غسل شعرها !
فيما كانت تلاعب حمود وتقرصه في خده كل دقيقة
وجدته واقفا على عتبة بابه ينظر لها بتركيز
نعم هي ترتبك عندما تراه وفي ذات الوقت لا تطيقه !
تسمعه يسألها باهتمام واضعا اصبعا على شفتيه
بينما يده الاخرى تستند على الباب
: وداد ! كيف حالك ؟
فيما تتبرم وتتأفف وداد من الاجابة –
ترد عليه بقسوة ناظرة إليه بزاوية عينها : أنا ... لا ... اتكلم ... مع امثالك !
قالتها له بهدوء مستفز
ضيق ما بين عينيه يلتفت برأسه الى غرفته ويده تنغرس في شعره بقوة فهذه الوداد لا تفوّت فرصة حتى تهينه فيها ! وهو يستحق !
: حسنا ! يقولها في برود متجها الى داخل غرفته
يلتقط الجاكيت البني الثقيل ويخرج بحثا عن إمرأة !
فإذا كانت وداد حتى الآن لم تستجب فهناك المئات ممن ينتظرن !
وداد حسناء الملامح
لها وجه مثلث بعينين لوزيتين عسليتين
فمها صغير جدا حتى لا يكاد يُرى
انفها مستقيم
شعرها فقط لا ترتاح له فهو يضايقها كثيرا مجعدا وخشنا !
متوسطة القامة
درست حتى المرحلة الاعدادية ثم لم تعد تستطيع الدراسة التي تكلف الكثير
ففضلت الاتجاه للعمل !
بينما صديقتها الوحيدة لم تدرس ابدا !



كثير من المرات ايام الاسبوع تجلسان مع بعضهما البعض لكي تعلمها وداد بعض القراءة والكتابة
حتى انها اقترحت عليها الذهاب الى المسجد للدراسة فهناك فرصة كبيرة للتعلم .
في ذاك الزمان حين كانت صغيرة كانت شديدة الولع برؤية جارهم الوسيم .. خالد ...
ولكن بعد زواجه أحبطت ونسيته
ثم وفاة زوجته إثر الولادة تركته ضائعا يسير مكبا على وجهه !
بكل تلك الأفعال التي لا ترضي الله ولا العباد ..
شعرت بكل ذلك الانجذاب يتلاشى
وفي الحقيقة هي لم تعد تهتم له ولا تفكر به ..
فقط .. تجاهلته وكأنه غير موجود !

تخرج مريم من حمامها لتنادي وداد كي تساعدها على غسل شعرها !
وكالعادة قبل كل غسيل تغمض وداد عينيها بقوة وتبدأ بقراءة الأذكار وتمسح بيدها على شعر صديقتها !
في كل مرة تفعل ذلك تضحك منها مريم ملء شدقيها
حسنا لا بد ان افعل ذلك هل تريدين ان تستيقظي صباحا قرعاء !
بينما تردف بمكر حسنا ستكون فرصة لكي استبدل شعري بشعرك !!
فيما ضحكت مريم من جديد وهي تنزل ذلك الشعر الكثيف الطويل على جسدها
وما زالت وداد تبسمل !
ينهدر الشعر حتى ركبتيها في نعومة غريبة ، بسهولة ينزلق بين الأصابع
لذلك تلجأ الى تكويمه فوق رأسها شادة إياه بقوة حتى لا يضايقها
تقول لها وداد
اتعلمين عندما تتركين شعرك هكذا تتغيرين تماما
تصبح ملامحك اقل حدة واكثر جمالا !
مريم ترد عليها
ما اعتقده هو ان شعري أخذ كل القوة التي في جسدي ليحتفظ بها لنفسه !

ولكنني أحبه
لو قصرته او حلقته سأشعر بأنني عارية .


فيما تبدأ وداد بصب الماء على رأس مريم
الى ان انتهيتا من غسله فهو متعب !
لفت المنشفة حول شعرها وخرجت تلحق بها وداد
التي فاجأت مريم بقولها وهي تضحك سعيدة غير مصدقة : لقد وجدت عملا جديدا !
تلتفت لها مريم في فرحة غامرة : صحيح؟! مبروك يا وداد !
فيما اخذت وداد تسرد لها الحكاية
تلك المرأة الثرية التي حدثتك عنها قد طلبت مني اليوم ان أعمل لحسابها
- أحقا ؟ انتي محظوظة ! وماذا ستفعلين لها ؟
- سأعمل في منزلها
- مريم وهي مفتوحة العينين : وماذا ستعملين في منزلها ؟
- سأعمل خادمة ولكي تبرر: تقول انها حين تحتاجيني كمزينة ستستخدمني
فيما شعرت مريم بالحزن على صديقتها فهي لا تتمنى لها العمل كخادمة !
- حسنا هل اتفقتي معها على الراتب لكي لا يخدعوك ؟!
وداد تضع يدها على فمها وهي جد سعيدة : خمسمائة ؟!
شهقة تخرج من حنجرة مريم وتمسك الاثنتان بيدي بعضهما وتبدءا بالقفز فرحا ...
بعد أن هدأتا
أخذت الإثنتان بإعداد بعض المعجنات التي ستأخذانها الى بيت العم حامد فاليوم هو يوم التلفاز!
تركت حمود الصغير بين ذراعي والده
فمن الجيد أنه قد تذكر أن اليوم هو يوم إجازتها !



اجتمع الكل عند العم حامد وزوجته فاطمة
كل قد احضر شيئا معه : معجنات وحلويات ومشروبات
تجلس النساء في جهة والرجال في جهة اخرى
كانت الساعة قرابة الثامنة
واليوم العم حامد سيدير التلفاز على فيلم مصري قديم
كان الجميع هادئا يتابعون في صمت الا حين يلتقط احدهم شيئا لكي يأكله !
مريم و وداد والفتيات اللاواتي في مثل سنهن يجلسن بجانب بعضهن البعض يتغامزن ويضحكن !
كان الفيلم مليء بالمشاهد الساخنة والقبل التي لا تنتهي !
عندما يشاهدون البطل مع البطلة وهو يقبلها كان الكل يتظاهر بفعل شيء ما
فتجد من ينظر الى رجليه
ومن ينظر الى اصابع يديه
ومن ينظر للسقف
كان المنظر مضحكا حقا
الفتيات يراقبن الرجال و يضعن اياديهن على افواههن يحاولن كتم صوت ضحكاتهن ولكن لا جدوى
فإحدى الفتيات افلتت منها ضحكة عالية بحيث نظر الجميع اليها باستهجان وكأنها مذنبة !

فيما نطقت احداهن بصوت خافت
يا لتلك النساء المحظوظات الرجال لا يكفون عن تقبيلهن !
فيما نحن في المنازل لا نجد الا الصراخ والأوامر !!

تميل مريم باتجاه وداد تهمس في اذنها : ماذا حدث لأحمد ؟
لا نعرف انتي تعلمين انه يثير العديد من المشاكل مع الحكومة !
فهو لا يبرح المسجد الا وقد ملىء رؤوس الناس بكلامه ضد الحكومة !!
أعتقد لهذا السبب قد امسكوا به !
وهي حزينة .. حال امي لا يعلمه الا الله ونحن كذلك !
فيما التفت العم حامد اليهن بنظرة لإسكاتهن فهن يزعجن تأمله !
:
:
:
:
:
:

لَحظَةُ الصَّمتِ كانتْ كَلامًا..
بيننا ،
لُغَةً ليسَ يَفهَمُها في الوجودِ
سِوانا
إنَّها أبْجَدِيَّةُ مَن يَعشَقونَ
ومَنْ يَنزِفونْ
إنَّهُ النُّطقُ مِنْ حَدَقاتِ العُيونْ
كُلُّنا مُغْرَمونْ
كلُّنا عاشِقونْ
بَصْمَةُ العِشْقِ لا تَتشابَهُ
بينَ الأحبَّةِ
حتى يَكونوا
بِنفسِ البراءَةِ ،
نَفسِ الطَّهارَةِ
نفسِ الجُنونْ


( كلنا عاشقون .... نزار قباني )


تخلع عنها العباءة والخمار
تنظر بعشق الى الملامح التي تسلب الانفاس
بطوله بجسده بعينيه
بلونه الذي لوحته الشمس ليصبح أجمل من رأت
بشعره الأسود الغزير معطيا بعدا آخر للون عينيه الخضراوين بأهدابها السوداء الغليظة
وحاجبيه اللذان يرويان قصة عذاب !
تقف بكامل زينتها امامه بعنفوانها وجمالها فهو يعلم أن حبها مصيره !
بينما يقترب بخطواته منها
متمتما باسمها ياسمين !
يمسك بذراعيها بين يديه
تحترق انفاسه على خدها وبين شفتيها !

فالليلة هي ليلة حب !

غرقت في أحضانه وبين ذراعيه فهي تمنته بكل الخوف الذي يرفرف بين جنبيها !
سلمته نفسها طائعة راغبة !
هي الليلة ملكه !

فيما كان يغرقها بقبلاته
كل سنوات الغربة قد ضاعت في عينيها
كل سنوات العذاب بدون انثى قد ولّت !
وكل أيامها ستكون بين ذراعيه تتذوق طعم شفتيه !
هي الليلة ملكه !

تشهق بالبكاء عاليا
قام عنها مفزوعا سائلا : ياسمين ما بك ؟
ياسمين التي دفنت وجهها تحت الغطاء في نوبة بكاء حادة لم يستطع إسكاتها
آه يا الهي
ياسمين أأنتي نادمة ؟
تبا ..
ياسمين اجيبيني
فيما ياسمين لا زالت تبكي وتنتحب
يصله صوتها من تحت الغطاء متقطعا .. لما..اذا .. لم .. ننتظر ؟!!
العرس لم يبقى عليه الا اياما فقط ؟!
انقلبت ملامحه الى الغضب العارم : يا الهي لماذا لم تقولي هذا الكلام قبلا ؟!!
ماذا تريدينني أن افعل الآن ؟
قفز من على السرير مرتديا ملابسه في سرعة وهو يزيح الغطاء عنها بقوة !!
يردف بصبر
بكائك لن يغير شيئا ، ما حصل قد حصل !
لا تفرق الأيام اليوم او فيما بعد ! فقط ابعدي هذه الأفكار عن رأسك
يقترب منها جالسا على السرير مربتا على شعرها الذي يعشقه : ياسمين حبيبتي أنظري الي .!
فيما ياسمين لا زالت كما هي تشعر بالحزن و.. العار ..!!
فالعرس قريب لماذا لم يصبرا ، لماذا ؟

نهضت من السرير مسرعة تاركة اياه في حيرته تتجه نحو دورة المياه
اغلقت الحمام خلفها ومن ثم سمع صوت المياه
تنهد في حزن .. لم يرد ان يجرحها وكذلك لم يغصبها على شيء !!


يغادرا الشقة في هدوء قاتل ..


كل منهما شارد في افكاره .. لم يتخاطبا طوال فترة القيادة
ولم ينتهبا لمن كان خلفهما تماما !!

توقفه عند بوابة المنزل الضخمة : حسنا توقف هنا !!
ينظر لها بذهول : الطريق طويل حتى تصلي للمنزل سأضعك امام الباب !

فيما اصرت انها تريد ان تستنشق هواءا نظيفا ولا يوجد هناك ما يخيف فهذا منزلها !
اذعن لها على مضض وتركها تنزل وحدها !
فهي متضايقة جدا وغير سعيدة !
حتى هو قد غادرته الفرحة بتصرفها الغير مسؤول !
إنتظر حتى دخلت البوابة فيما انطلق بسيارته .. لكي يدفن وجهه في وسادتها !!
حيّت البواب الذي ليس لديه الرغبة في الحركة او الوقوف من الواضح انه يريد النوم
مشت مبتعدة الى منتصف الطريق

كانت تمشي بين الاشجار في ذالك الممر الطويل ترى أنوارا بسيطة في المنزل
فلابد انهم لازالوا في العرس فالوقت مازال مبكرا !
شعور غريب يتملكها وكأنها تختنق !!

بيدان كممتاها وحدت من حركتها جارا إياها بعيدا عن الأعين !!


نهاية المشهد السابع ..

ريح الهوا 22-10-13 05:22 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

اقبل نقل الرواية الى قسم رومانسيات عربية ولكن الرواية جاهزة حتى المشهد 24

وتحتاج مني وقت حتى اقوم بطرح كل المشاهد لأني فكرت اني قد اخترت الوقت الخطأ للتنزيل فضروفي الصحية تتطلب مني الراحة التامة ونا قد التزمت امس اني انزل الرواية حسيت اني غلطت بس ان شاء الله يصير خير

شكراً لكِ غاليتي مرة اخرى لكن هل ترسلين لي مزيدا من التفاصيل !

ريح الهوا 22-10-13 05:25 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المشهد

( 8 )


وفي حياة اخرى تهجّر الأرواح وتقتّل الأنفس
يزرع الخوف و الخراب
وتدمّر العقول والأبدان ...

صوت إطارات عالية جدّا أفزعت النيام !
صراخ وعويل وصياح
يركض الجميع
منتصف الليل حيث ألقي بجثة صاحبها مُدمّى !
تصرخ وتولول الأم والأخت والأخ
بينما الجيران مجتمعون يحوقلون
او يضربون يدا بيد ..

بينما يركض خالد لطلب سيارة اجرة
يحاولون سحب الجثة الى تلك السيارة
فصاحبها يلفظ انفاسه !

تجلس مريم بجانب وداد
مصدومة من منظر اخاها
منتف الشعر واللحية
مجلود الظهر والصدر
بعينين زرقاوين مدمايتين

يا الهي يا أحمد أكنت تستحق ذلك؟
أنت من كنت تمضي أيامك في عبادة
تقضي أوقاتك في صيام وصلاة
أنت من لا تخرسه الحكومة !!
هكذا ؟!!
يفعل بك هكذا ؟!!
يحضرونك ويلقونك عاريا !!

يا إلهي إرحم احمد !
فلم يبقى سوى الرجاء !
الولولة والنحيب والصياح لم ينتهيا الى الفجر

فيما الجيران قد تفرقوا وهم يدعون له !
الكل تعب يريد النوم ولا تنقصهم مصيبة احمد !!


لم ارى يا بلدي حياة تقتل على يد مثلما فعلت يداك
أنحمل اخطآئنا ام انتي من تحملين الأخطاء ؟!!
عقدة ذنب تغلغلت فينا
ذنب حبك وذنب كرهك ومقتك لنا ..
نولد فيك لننتحر ، وتلدين أبناء الحرام ليقتاتوا من دمك !!
بينما ما زلت تضحين برؤوس الأبرياء على ترابك الملائكي !!
وطن أصيب بشلل رباعي بقبوله الظلم وحياة العبودية !
وطن يمارس سياسة الإخصاء على أيادي النساء العقيمة !!
وطن تجرّع أبناءه المر مخلوطا بسم !!

:


في ذالك الزمان

استيقظ من نومه على رنين هاتفه

فيما أخاه عبدالرحمن بنبرة غاضبة يأمره ان يأتي توّا
يرتدي بذلته السوداء وقميصه الناصع البياض
حذائه الأسود اللامع
مع عطره الرجولي الفاخر
في فورة شبابه وقوته وجماله
يغادر في سيارته المرسيدس متوجها الى بيت العائلة

كان قصرا
رهيبا
كبيرا ويخطف الانفاس
بحدائقه الخلابه
وبحيرة صغيرة تبدأ بشلال !
أحواض السباحة الكبيرة
والجلسات العائلية المختلفة الاشكال والمواقع
منتشرة هنا وهناك
هنا ترى .. الثراء الفاحش !
في أرقى أحياء مدينة بني غازي !!
يدخل على عائلته المجتمعة
الكل يجلس في سكون مخيف !

جو خانق متوتر مليء بالسواد !
فيما ذبذبات كراهية وغل انتشرت تغطي الرؤوس
وكأن الغربان تقف فوقها متفرجة !!
:
دخل عليهم محييا
فيما تقدم نحوه أخاه الكبير ..

مادّا يده للسلام
فيما إمتدت اليد الأخرى تهوي على خده بصفعة مدوية !
تاركة إياه في صدمة وذهول
لم يرفع حتى يده الى خده !
ما السبب ؟ ما هذا !!

فيما ينهال عليه اخاه بالشتائم
ايها القذر الحقير
أهكذا تفعل بنا ؟!
إستئمناك عليها
و تخوننا ايها الوضيع
فعلا انك ابن ال............ الأجنبية !
فيما ما زال واقفا مذهولا بهذا الكم من الشتائم
ما يسمعه أحقا يخرج من فم اخاه ؟!!
أهو أسوء كابوس رآه في حياته حتى الآن أم ماذا ؟!
إحمر وجهه فيما أخذ يتنفس بسرعة فهم مجتمعون هنا كي يهينونه !
برزت عروق فكيه من الغضب الذي جاش في صدره

كاد ان يحمل اخاه عاليا ويرمي به ارضا ورغم ذلك ....

التفت ناظرا الى كل تلك العيون المحدقة
يرى الحقد والكراهية
يرى التشفي
يرى الحزن
ويرى الحب !
وهي واقفه مختبأة خلف امها لا يرى منها سوى طرف شالها !!
ووالدها الآخر الذي يجلس مستمعا هادئا تماما !!
حاول التحدث بهدوء فيما وقف الرجال وكل يريد التخلص منه
وعلى طريقته !!
يكمل أخاه محتدا وكانه ارتكب جرما لا يغتفر !!
ايها الجبان لقد اخبرتنا ياسمين عما فعلته بها !!
كيف تفعل ذلك !!
انك حقير حقا
منذ البداية
لا اعرف كيف سلمناها لك
فأمثالك معروف هم من اي بيئة واي اخلاق !
ايها الخنزير !!
مازال يستقبل اهاناتهم وشتائمهم كأنها لا تمت له بصلة
فيما التفت الى أخاه محدقا به في هدوء بنظرات كادت تخترقه بحدتها : ما المشكلة ؟
ماذا يحدث هنا ؟

: ألا تعرف ما المشكلة ؟ فعلا انك حقير

لقد اخبرتنا ياسمين عن القذارة التي قمت بها !!

نظر اليها مضيقا ما بين عينيه بتساؤل غريب
: اخبرتكم ياسمين ؟عن ماذا تتكلم بالضبط ؟.
لازال يتمالك اعصابه قبل ان يعصرهم جميعا بين قبضتيه !
حاول احدهم هذه المرة التهجم عليه جسديا محاولا ركله بقوة
ايها الوضيع لا زلت لم تفهم اتريدنا قولها مجاهرة
ماذا تحسب نفسك ..
يمسكه من اعلى قميصه
فيما نظر له من علو نظرة تحدي ان يلمس اكثر مما لمس !!
لم يجرؤ أحد البتة قبلا ان يعتدي ولو بالإشارة على شخصيته الفذة القوية !!
خلق الإحترام لنفسه في محيطه ولكن هاهم يتعدون حدود الإحترام وعلنا !!
ولكنه سيجاريهم ويلعب لعبتهم القذرة الآن وليذهب الإحترام الى الجحيم
امسك بيده بقوة نازعا اياها .. نافثا نارا تسعر في صدره في وجهه
: حتى الآن لا زال هناك بعض الاحترام .. فإما أن تتكلموا وإما أن تخرسوا !

امها التي نطقت هذه المرة بلغتها الأم
فهم كلما ارتبكوا يتكلمون لغتهم شارحة له الوضع تماما !..

ينظر لهم في ذهول بعينين مفتوحتين عن آخرهما ..
: ما هذا الهراء الذي تتحدثونه
هذه المرأة هي زوجتي
زوجتي انا
لا دخل لكم فيما حصل بيننا !!

يتحدث بينما يضع يده على خاصرته متبرما من هذا الحوار السخيف !
رجل دخل على زوجته !! ماذا يريدون ان يفهموا من هذا ؟!!
فعلا وقاحة لم يرى مثلها في حياته !!

رد عليه شخص يكرهه حتى النخاع قائلا بخبث : ياسمين لا تريدك بعد الآن .. طلقها !!
فيما زفر غاضبا بقوة هذه المرة
لا لن يحتمل
صارخا في وجوههم : أجننتم ؟!!
تريدون تطليقي من زوجتي !
ويصر على اسنانه بقوة : انها زوجتي ، لن اسمح لأحد بالتدخل بيننا
مهما كان !
يتجه صوب ياسمين المختبأة الباكية وراء امها الحزينة فهي بين ابنتها وابن اختها ..وكلهم غرباء عنهم !

لم يكمل طريقه اليها
وقف في وجهه متحديا
ها هما يتواجهان
كل هناك غضب في جوفه
وهذا المكان اصبح حلبة لمن سينجو !

سادا الطريق عليه : قلنا لك انها لا تريدك بعد الآن ! ألم تفهم بعد ؟

لم ينظر له .. فهو لا يستحق نظرة منه : ابتعد عن طريقي اريد التحدث الى زوجتي
مشددا على كلمته ليفهموا أن ليس لهم الحق فيما يهترون به !


ياسمين ردي علي أحقا ما يقولونه ؟


: محاولا صده بيديه .. يريد ضربه فهو لا يحتمل هذا الشخص
منذ ان دخل حياتهم وكل شيء تغير
لا يحتمل جماله
ولا يحتمل ثرائه
ولا يحتمل أنه زوجها !
غيرته استفحلت في شرايينه فأمسى لا يميز أمامه الخطأ من الصواب .
فهو بزواجه منها قد نسف كل خططه معها ولكن الآن سيأخذ بثأره ..
فأعميت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر !!
: قلت لك ابتعد عن طريقي
اقترب منه خطوة حتى اختلطت الأنفاس المحترقة بالغل والحقد واقف يتحداه في زوجته
ولكنه لن يفلح ..
: وانا قلت لك طلقها !

: ايها الوغد كيف تسمح لنفسك ..يمسك به من رقبته و ينظر الى الآخرين
ما هذا الذي تفعلونه
أجننتم ؟!!
تريدون تطليقي من زوجتي
يصرخ بهم بصوت راعد فهو قد ضاق بهم ذرعا ،ضايقوه وضاق صدره منهم !
يريدون نفيها من حياته
يريدونها ان تحيا من دونه
يريدون تطليقها منه ؟!
اي منطق هذا ؟


يصرخ بها : ياسمين ردي علي ، ماالذي اسمعه ؟ ماذا يحدث ..

اراد تهدئة نفسه
فربما هم مصدومون منهم ولكن هذه حياتهم وليس لهم دخل فيها
سيعطيهم فرصة اخرى
ربما سيفكرون ثانية ويعرفون خطأهم
: حسنا سأخرج الآن الى ان تهدأو ..
فيما يحيط به ثلاثة منهم مهددين : لن تخرج قبل ان تطلق !

يالهي
ماذا يحدث حقا
مالذي يجري هنا
رائحة عفنة لمؤامرة جلية واضحة المعالم !!
: قلت لن اطلق ، كم مرة ساكرر بأنها زوجتي !
وبابتسامة إستهزاء فيما الوجوم يلف وجهه : يبدو ان الكثيرين هنا قد فقدوا عقلهم !

هذه المرة يسمع صوتها مهزوما باكيا حزينا
طلقني يا يوسف !
طلقني لم اعد اريدك !!

: ياسمين ! مالذي تقولينه ؟

تصرخ بأعلى صوتها بينهم : طلقني انا لم اعد ارغب بك !
اريد الطلاق حالا ! الآن !
ارجوك يا يوسف !


لا لا لا
يمسك برأسه بين يديه
ملتفتا في كل اتجاه
لا يكاد يرى شيئا
عيناه لا تريا شيئا !

هم بالخروج ثانية ولكن لا مجال
فهم الآن يريدون قتله ولن يهمهم !

نطق اخيرا بذهول .. وهدووء ..حسنا !
ابتعدوا عن طريقي ، فانا لم أعد ارغب بإمرأة اتهمتني باغتصابها بعدما سلمتني نفسها طواعية !!

لقد أهانته
لم يدري بأنها طفله
اخبرت عائلتها كاملة بما حدث بينهما !
اخبرتهم انه اعتدى عليها !
هو لايزال لا يصدق ما يجري الآن
ربما سيستيقظ غدا من منامه بين احضانها
ربما غدا سيقبلها من جديد
ربما غدا ستصبح ملكة بيته وقلبه !

ولكنها اليوم تريد فراقه !
نطقها في اسى وحزن وانهزام : انتي طالق يا ياسمين !
خرج مسرعا تلاحقه اصوات البكاء والصراخ ..
فذلك لن ينفع يا ياسمين ..

لقد هزمتني ..!!
حطمتني واذللتني
فهل سأنسى لكي يوما هذه المسرحية الهزلية
التي شهدت اندحاري على خشبات مسرحها
ولم تستحق حتى تصفيق الجمهور !!

نهاية المشهد الثامن !..



ريح الهوا 22-10-13 05:30 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المشهد

( 9 )



الآن
يجلس في غرفته التي لا يكاد يغادرها
منذ مشكلة تلك المرأة وهو متعب جدا
جسده منهار ومريض ..
نعم يعاني مرض الفقدان
فقدانك يا مريم !!
رجله حالتها من سيء الى أسوأ !
يجلس مقابلا تلك النافذة ناظرا الى عين الشمس لا زال ببجامة نومه الزرقاء ..
هذه الغرفة اصبحت سجنه
منزله اصبح سجنا لا يطيقه !
أصبح اسير كرسيه المتحرك !
والسجان كان انتي يا ياسمين !!
يلتفت الى مكتبته والى كل تلك الكتب التي على الأرفف
تنتظر من يفتحها ومن ينفض التراب عنها !
ينظر الى مكتبه الذي نقله الى غرفته وليس له رغبة في الجلوس خلفه
كوب القهوة الذي اصبح باردا امامه !
حتى القهوة كرهها بعد ان كانت الشيء الوحيد الذي يستسيغه صباحا !
الجرائد والكتاب الوحيد اللذان يستلقيان بجانب القهوة منذ ايام !
منذ الحادث الشنيع لم يأتي أحد ليسأل عنه
لم يأتي احد ليطمئن عليه سوى شقيقته الصغرى .. حليمة ..
كلما يتذكرها يبتسم
حليمة اسم على مسمى تشبه في حنيتها عليه أمه و.. مريم ..!

الشقيقة التي هددوها بقطع علاقاتهم معها اذا استمرت في رؤيته !

نعم هذه عائلته
العائلة التي طردته من املاكه ومن املاك ابيه !

بدون رحمة !

كان صغيرا وجاهلا !
استطاعوا ان يضحكوا عليه ويستغلوه !
يظنون أنهم قد خدعوه !!
ولكنهم لا يعلمون أنه يخبأ لهم المفاجآت !

فهو لم يعد يوسف من ذي قبل
فهو الآن رجل قارب الأربعين
غزا الشيب رأسه ولحيته
اصبحت عيناه أكثر جلادة بالخيوط الخفيفة حولهما مع ذالك السواد الذي تتشح بهما !
شفتاه اصبحتا اكثر قسوة واستقامة !

ليس ذالك اليوسف الذي نفي من بلاده !
ويعيش منفيا في بلاده !

وياسمين التي زرعت خناجرها في صدره خنجرا بعد آخر
لن ينسى ذلك اليوم الذي اتصلت فيه خالته لتخبرهم بحالها

تخبرهم انها قد تزوجت ابن عمها !!

لم يمضي على طلاقنا الا فترة العدة يا ياسمين !!

يفق من خيالاته على صوت قرع الباب
يدفع سعد الباب ويدخل في هدوء
يجلس مقابلا له !
يرمي بتلك التذكرة على طاولته فها قد حان وقت الرحيل

يلتقط التذكرة بيديه كان سيمزقها
سيرحل بدون ان يجد مريم !

يسمع صوت سعد سائلا : يوسف ! ما الأمر !
لقد تردت احوالك كثيرا ، سنجدها ان شاء الله !
ينظر له يوسف متأملا : نعم سنجدها ..أو هي من سيجدنا !
سعد الذي غص بسؤاله كم من مرة اراد سؤاله
تردد قليلا قبل ان ينطق : سيدي مالذي تريده من إمرأة متزوجه ؟!

لم يجبه .. هو نفسه لا يعرف مالذي يريده من إمرأة متزوجه !!
فلولا إيمانه كان ليستعين بشياطين الانس والجن لكي يعرف مكانها !!

وهناك في البعيد يلوح له خيالها ..
.
.
.
كان يجلس على ركبتيه بين وروده
يحمل - في يده التي ارتدى عليها قفازا جلديا اصفر اللون- مقصا صغيرا
ينظر الى تلك الورود الحمراء يقتلع هذه ويعتني بتلك
انها هوايته !
امه التي علمته كيف يعتني بالأزهار فصمم لنفسه حديقة صغيرة يحبها !
ينتعل في رجليه حذائا مطاطيا عالي الساقين

يلتفت على صوت سعد : سيدي سأخرج لساعات السيدة حليمة ارسلتني لتأدية بعض المهام
يستمع له ومازال منهمكا في عمله وقطرات العرق التي تلمع على ذراعيه المكشوفتين وخصلات قصيرة قد غطت جبينه المندى !
ينهض من مكانه : حسنا ولكن حاول ألا تتأخر !
فيما العم سعد اقترب منه وعينيه تلتمع بالإثارة : ما رأيك أن اريك شيئا لم ترى مثله في حياتك ؟!
نظر الى العجوز كما يسميه وعلى شفتيه ابتسامة محبه يخلع قفازيه
حسنا انتظرني أريد ان ارى ما لديك ايها العجوز !!

وفي سرعة كان قد قفز الى السيارة يجلس في المقعد الخلفي للسيارة العالية الكبيرة جدا !!
في اثناء القيادة كان العم سعد يخرج من طريق ويذهب الى آخر حتى أصبحوا على أطراف المدينة !
كان صبورا ينظر هنا وهناك خصوصا انه لا يخرج كثيرا الى القرى الصغيرة على جانبي المدينة !
الى ان دخل العم سعد الى ذالك المكان
أحياء مدقعة الفقر
بأزقة ضيقة جدّا لا تكاد السيارة تعبر منها
البيوت التي خال انها منذ القرون البعيدة
مبنية بالحجارة ومغطاة بالصفيح !
اغمض عينيه لا يصدق
ما هذا المكان أهناك بشر يعيشون هنا .
فهم بالسيارة قد يدمرون هذه الأكواخ
الى اين يذهب العم سعد !
اخذ يتأمل وينظر وفعلا هو شيء لم يرى له مثيلا في حياته
كل حياته كانت مرفهة
بين هنا في قصره وبين وطنه المانيا التي تشبه الجنة !


اخذت السيارة في الارتجاج بقوة الى اسفل واعلى مارين على كل تلك الهضاب التي تملأ الطريق
البرك الكبيرة بل بحيرات من المياه المتعفنة
أكوام القمامة في كل مكان ورائحتها العفنة تسكر الأنوف !
والأطفال يا إلهي
إنهم يلعبون في القمامة وفي هذه البرك بملابسهم البالية ووجوههم المليئة بالطين والأوساخ
يركضون هنا وهناك وكأنهم في ملاهي ! يتسآئل اذا يعرفون ما شكل الملاهي !

أخذ يدعك عيناه بشدة غير مصدق لما يرى
أفي هذا الزمان توجد هذه الحياة !!

الى أن وصل العم سعد الى مبتغاه
يوقف السيارة بين مجموعة من البيوت التي يكاد يرى من داخلها !

يخرج العم سعد من السيارة يدق على أحد الأبواب !

وها هي قد فتحت الباب
تلتصق بعينيه
خيط رفيع من السحر ربط بينهما
رجلاها تسمرتا عن الحركة
تاهت في صفاء مقلتيه وتبحرت في اعماق عينيه
ابتلعت ريقها مرارا ساحبة انفاسا حارة تليها شهقات بصفير تنذر بعاصفة !
قوة مغناطيسية كبيرة ربطت بينهما كما وان الارض قد توقفت عن الدوران !
عيناها مبللتان بالدموع .. وانفها احمر يسيل .. وشفتاها استحالتا الى لون الدم !

تبدو عذبة وشهية !
نضرة ونقية
تحمل على ذراعيها طفل جميل !

وانتهى السحر باليد الصغيرة التي دفعت وجهها في اتجاهه
تلقي عليه نظرة وتتحرك الى المنزل المقابل تفتحه وتدخل ..

تابعها بنظراته
قلبه الذي قفز الى حلقه راكضا بسرعة جنونية !!
هل للسماء ان تنطبق على الأرض فتبعثره الى الف قطعة كما فعلت هذه الصغيرة توا ؟!!
التقط أنفاسه بقوة والتفت الى العم سعد الذي كان يتحدث مع فتاة اخرى ويعطيها ظرفا !!
يا اله العباد
كم كانت بارعة في صعقه بشحنات كهربائية عجّلت بإنقاض بقايا حياته !
:
:
:
في الجانب الآخر من الأبواب .....
دخلت المنزل وهي لا تكاد ترى ..
تختنق بانفاسها المتلاحقة
كاد الصغير ان ينزلق من بين يديها
شعرت بدوار عنيف وصدرها الذي ضاق فجأة
حاولت التنفس ولم تستطع
اخذت تبحث بعينيها عنه !
صدرها يرتفع وينخفض بسرعة محاولة التقاط بعض الهواء

هي تموت
ببطء شديد
خيال حمود الذي يجري في المكان

غمامة سوداء غشيت عينيها
وانهارت على الارض مرتخية مستسلمة
صوت صفير و شهيق عال يخرج من بين شفتيها
ووجهها الذي بدا يفقد لونه
حمود الذي بكى بصوت حاد عندما رآها مسجاة على الارض وكأنه يطلق زمور النجاة !
خالد الذي يجلس في غرفته يرسل بعض الرسائل الوسخة لصاحبته !

يسمع صوت حمود الحاد

يخرج ليرى ما به واذا به يصدم باخته تلفظ انفاسها
يركض لها صارخا في خوف باسمها
مريم مريم
يضربها على خدها لعلها تستيقظ
ينهض مسرعا الى غرفتها باحثا عن البخاخ الذي تستعمله لمثل هذه الحالات
ارتبك ولم يجده
يرجع لها في سرعة يحملها في رعب فاخته تموت بين ذراعيه
لا يا مريم لن تموتي الان
ما زلت صغيرة
مريم حبيبتي افتحي عينيك ارجوكي !
يخرج بها من الباب مسرعا

رأى تلك السيارة وهي تحاول الاستدارة في الحي الضيق

يصرخ بأعلى صوته وشقيقته بين يديه : انتظر ارجوك انتظر

العم سعد الذي كان مشغولا في محاولة الدوران وها قد نجح اخيرا لم يسمع الصراخ
بينما الآخر الذي يجلس في الخلف يشعر بشيء مختلف داخله
يسمع ذالك الصوت والصراخ
ينظر الى الوراء يرى ذالك الرجل الذي يحمل فتاة بين ذراعيه
يركض في اتجاههم
فتح النافذة التي بجانبه اكثر واخرج رأسه ليرى ويسمع نداء الاستغاثة !

يا الهي انتظر انتظر يا سعد

فيما سعد نظر الى حيث ينظر سيده
يتوقف خالد لاهثا تعبا لا يكاد يستطيع التحدث
ارجوك... خذني للمستشفى ...ارجوك
افتح الباب يا سعد ..

يحاول ان يجلس في الكرسي الامامي وشقيقته على ذراعه

ينظر الى الرأس المدلى بين يديه
يغمض عينيه بقوة
ياالهي انها نفس الفتاة !
شعر بالخوف يتملكه !
ومن هذا الرجل الذي يحملها !
براكين غيرة قاتلة تفجرت في اعماقه !!
رجل يلمسها ؟!!
كاد ان يتهور ويزيح يداه عنها !!
ولكن بأي صفة قد يفعل ذالك فهو للتو قد عرف بوجودها !
انطلق سعد في سرعة مطلقا بوق السيارة الى اقرب مستشفى
بينما الاخرى كانت قد فقدت الوعي تماما !

اه
يضمها بين ذراعيه باكيا
مقبلا عينيها ووجهها
متمتما .. مريم حبيبتي لا تموتي الان
مريم !


لم ينطق بكلمة كان مفجوعا
للتو رآها
للتو كاد ان يلمس محياها
للتو شعر بقلبه يتمزق حبا !
فقط منذ لحظات !

وذالك السحر ما هو ؟
ينظر الى وجهها ثانية فيما كان يغرق في خيالاته
ينظر الى شفتيها بامتلاك لا يكاد يدير عينيه عنها !

متمنيا ان يمنحها قبلة الحياة !
أفاق من غيبوبته أخيرا وهو يزيح كل تلك الأفكار الرديئة عن رأسه
يفكر في تقبيل إمرأة تكاد تموت بين ذراعي زوجها !
إنه جنون !

ابتعد بعينيه في حين توقف العم سعد امام المستشفى بقوة
ينزل خالد يركض نحو الداخل ..

فيما العم سعد واقفا بجانب السيارة مشدوها
والاخر جالسا مصدوما !

ركب سعد وانطلقا بالسيارة الى المنزل في جو ظاهره هدوء !!
.
.
.

وداد التي سمعت صراخ خالد في الحي خرجت مسرعة
ترى مريم مجثاة بين يديه وهو يركض بها
تركض خلفه تبكي
مريم !
تمسك بحمود الذي كان يجلس امام المنزل بيدها وتدخل منزلهم وهي تدعو لمريم

فهي تعرف ما حلّ بها !!

.
.
.

مريم التي اسعفوها قبل فوات الأوان كانت في انفاسها الأخيرة
فنوبة الربو هذه المرة كانت قوية ولم تأخذ البخاخ اللازم

تفتح عينيها ببطء تخال انها في مثواها الأخير
ولكنها تشم رائحة تعرفها وتحفظها .. رائحة المستشفى !!
تفتح عينيها اكثر تشعر انها في دوامة
تحاصرها النظرات الخضراء من كل مكان
تحاصرها كلمات وداد التي قتلت آخر أمل لها
أمل الزواج !
:
:
تجلسان بجانب بعضهما البعض فيما كانت وداد جدا هادئة
لم ترد التحدث
منذ يومين قد خرج احمد من المستشفى
وهو الان يكمل علاجه في المنزل
احممممم كانت تصفي حنجرتها فما ستنطق به الآن سيقتل صديقتها !
وبصوت مبحوح : مريم !
تنظر لها مريم في تساؤل فحال وداد لا يسر


تواصل وداد الكلام وهي تشتت نظرها في كل اتجاه متضايقة ومحسورة على كليهما !
نافثة هما ثقيلا من صدرها فلابد ان تخبرها !
مريم .. أحمد لقد عذبوه بقوة في السجن هذه المرة
أرادت ان ترتاح من هذا الثقل في جملة واحدة
لقد افقدوه رجولته في السجن .. بينما تستدير برأسها متهربة ناطقة ..
هو يقول لكي بأنكي حرة !!

فيما الذهول والحسرة عبرت عنهما بشهقة من حنجرتها !
افقدوه رجولته في السجن !!
افقدوه رجولته في السجن !!
دموع لم تحسب لها حساب تقاطرت
تريد ان تلحقها اخواتها بقوة
لم تعقّب على شيء
وضعت وشاحها فوق رأسها وحملت حمود وخرجت !
تأسرها عينين خضراوين
تسمرت مكانها لم تستطع الحركة
حاولت ولكن لا لم تستطع ان تحيد بصرها عنه !
رعشة تملكت يديها
كتمت انفاسها واستيقظت على يد حمود الصغيرة على خدها
ابتعدت في بؤس
تلقي بنظرة اخيرة على صاحب العينين الخضراوين
لم تستطع التنفس
ها هو آخر امل قد اولاها ظهره !


فيما حملها اخاها بين ذراعيه تتمنى الموت فها هي لحظة الخلاص قد حانت !!

.نهاية المشهد التاسع




ترانيم الصبا 23-10-13 01:48 AM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
اهلاً بك ريح الهوافي ليلاس جذبني كثيراً اسم الروايه ارض الملائكه وحارس العذراء

لا أرى ان الروايه تحمل طابع الرومانسيه البحت فهي أقرب الى الاجتماعيه وتحميل بين طياتها اضدهاد شعب ظلم وقهر وقتل تحت السلطه الجائره والطاغيه

مريم تعيش الفقر واليتم واخواً باع نفسه للهوا وتتحمل مسؤلية طفل كان الله في عونها

وداد صديقة مريم لايختلف حالها عن مريم غير انها تعيش حياة طبيعيه مع أسرتها ولكن تفجع بشقيقها أحمد فحاله يرثى له فا أي انسانية يحملها هؤلاء البشر وهم يمثلون به ويصلخون جلده كشاه ماهي جريمته !!!

ويوسف وياسمين قصة حب لم تكتمل فصولها هو تسرع رغم ان مابينهم حلال وهي تخلت عنه خوفا من عائلتها
يوسف اليوم هو الشاب المقعد ويبحث عن مريم ويجد فيها الحب الضائع رغم انه اعتقد انها متزوجه

مازلت في حيرة منه ولم تكتمل حكايتهم في انتظارك

ليالي ماطره 23-10-13 04:24 AM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
http://im38.gulfup.com/BZYN1.jpg

تسلم ايدك ويعطيك العافيه

ريح الهوا 23-10-13 02:44 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المشهد

( 10 )



السماء ملبدة بالغيوم والجو بارد جدا
رمادي شديد الصقيع كالذي يلف قلبها
تجلس في غرفتها متدثرة بذالك اللحاف الوحيد
تراقب قطع الجمر الملتهبة التي امامها تترائى لها فيها عينان حيرتاها !
وحمود الذي يلعب بكرة صغيرة في الغرفة
مفكرة !!
منذ فترة طويلة لم تعمل
منذ ان تركت وداد المشغل ، فكل زبائنها كانوا من طرف وداد !
تعاني مرار الحاجة ، لا زال للصبر مكان في جوفها !
جسدها ومعدتها يستصرخانها الجوع
منذ زمن وهي تربط الحزام !!
هي تحكمها المعيشة والبيئة .... والسياسة !!
كل ما لديها توفره لحمود،
وكما قال خالد هم من لا لزوم لهم في المجتمع ، هم فقط عالة عليه !!
وهو كالعادة قد اخلف وعده !!
كم من السهل علينا ان نطلق الوعود عندما نتألم او نتذوق علقم الفقد !
كان على وشك فقدانها فوعدها ، وبعد ان طابت .. رجعت حليمة لعادتها القديمة ..!!
,,,
للحظة خالت انها قد سمعت شيئا
نظرت الى حمود الذي كان يدمدم بكلمات !!

آه يا الهي
تنهض من مكانها مسرعة الى حمود الذي امسكت به من يديه الصغيرتين

حمود ماذا قلت الآن ؟
تنظر له في لهفة فما سمعته لم يكن خيالا !
تصر عليه لكي ينطق مرة اخرى : حمود حبيبي ماذا قلت الان

ينظر لها الصغير بارتباك مصحوبا بشبح ابتسامة قائلا : ما .. ما ميم !!

آه يا الهي
احتضنته بشدة حتى كاد يختنق واخيرا يا حمود قد نطقت بكلمة ..
الحمد لله
كانت سعيدة جدا تكاد تطير
طوال هاتين السنتين لم ينطق حمود بكلمة خالت انه لديه عاهة او مرض
ولكن .. ها هو ينطق بكلمة محببة .. يقول لها .. ماما مريم ..

اه يا حبيبي يا حمود تحتضنه مرة اخرى في فرح
غير مصدقة فحمود بخير لا يعاني مرضا !!
دفىء عجيب غمر قلبها وعيناها !
في هذه الاثناء تدخل وداد من الباب حاملة معها ابريق شاي يتصاعد البخار منه
وفي يدها الاخرى صحن عليه فطائر بالجبن ,,,,

تسمع ضحكات مريم الفرحة .. لم تتخيلها تضحك بعدما مر بها الفترة الماضية ؟!!!

تدخل عليها ضاحكة : مريم ماذا حدث ؟ لماذا تضحكين ؟

آه يا وداد حمود نطق بأولى كلماته

اقسمي ؟!! قالتها باستغراب : اردفت : يا الهي الحمد لله قد كنت جدا خائفة
خصوصا أن ابناء وليد الاصغر منه بدأو الكلام !!
تجلس بجانب مريم تضع الابريق والفطائر وتخرج للمطبخ تحضر الاكواب ..

جلست الاثنتان سعيدتان تستمعان الى همهمة حمود وهو يلعب ويردد ماما ميم !! ( ماما مريم )

اخذت وداد تصب الشاي الحار وتناول مريم فنجانا
ارادت البدء بالكلام ولكن هناك من قاطعهن ...

_ اه حسنا ان وداد هنا ، سأخرج الان .. اعتني بها يا وداد
وقبل ان يغادر يسمع وداد تقول : أعتني بها ؟ أنت من يجب ان تعتني بها وليس انا ! انت اخاها ..
ام انك تهتم لكل النساء ما عدا اختك ؟

تنظر له بتحدي ان ينكر ما تقول ..
فيما مريم تمسك بفنجانها تدفيء يديها به وترتشف منه
مستمعة الى الجدال الذي لن ينتهي بين هاذين الاثنين !!
والاخر الواقف على عتبة الباب
بسروال جينز ازرق اللون وحذاء رياضي وبلوفر اخضر فوقه الجاكيت البني
كان في منتهى الاناقة والوسامة ..
ينظر الى عينيها مباشرة ثم الى الابريق
متمنيا في نفسه ان يسكب هذا الابريق الساخن على وجهها
ايتها الشمطاء الن تصمتي أبدا ، أقسم أنني في يوم من الأيام سأئدبك يا وداد ..
في كل مرة تستفزه وتختبر صبره
تشير له بيدها غير مبالية : هيا هيا اخرج نريد الحديث ولا نريدك حولنا !!

يا الهي هذه الفتاة لا يقدر على لسانها تطرده من بيته وهو واقف يتفرج !

خرج من البيت وهو يطبق الباب بصوت عال ..


لا يهم .. من يظن نفسه ؟!!
تتمتم مع نفسها فهي في حياتها لم ترى رجلا باردا و مستهترا ولا يكترث إلا لنفسه مثل خالد !!
تلتفت الى مريم الهادئة المتفرجة !
مريم ارجوك لا اريدك ان تحزني من أمر أحمد
انتي لا تعرفين ما الذي جرى له
انتي الحمد لله ما زلتي بصحتك وعافيتك وفرصة الزواج ما زالت امامك
اما اخي .. وتردف بحزن وشفقة على حال اخيها الغالي في قلبها
سيعيش حياته عاجزا
لن يستطع حتى الحلم بامرأة ولا اولاد .. اخي قد دمّر تماما !!

كيف حاله الآن ؟ تسأل في فضول !
ليس بخير ، كل ليلة يصرخ بشدة فائقا من كوابيسه
احيانا اظن ان الحي كله قد سمع صراخه
التعذيب الذي تعرض له طوال هذه الفترة دمره كلية !
صمتت الاثنتان ..
تحتسيان الشاي في هدوء ..
الى ان نطقت : وداد ، من الرجل الذي كان عندك منذ ايام ؟
اقصد الرجل صاحب السيارة الكبيرة
آه امممم وهي تضع الكوب امامها وتمضغ الفطائر : انه العم سعد يعمل احيانا لصالح السيدة حليمة التي اعمل عندها !!
تثرثر,,,
تعلمين اولاد الاكابر لا يهمهم احد ، ينطلقون بسياراتهم من الفجر الى الفجر
حتى الفتيات طوال الوقت يستخدمن السائق
والسيدة حليمة يا حرام كأنها وحيدة !!
اعلم ان شقيقها يقطن الفيلا المقابلة لهم
اهه يا مريم لو ترين تلك البيوت ستتمنين حينها فعلا الموت
واخذت تضحك مجلجلة ,,,
تعرف ان صديقتها حمقاء !
اهمم حسنا ، آه اممم ومن .. الرجل الذي كان يجلس في الخلف ؟
هه ، لا اعرفه !
ماذا ارادا منك ؟
منذ ان علمت السيدة حليمة بحالنا وهي لم تتخلى عنا ، ارسلت لنا المال لتساعد على العلاج !!
تشير برأسها تفهما ثم ..
تصمت ضائعة ، فتنك العينان قد عكرتا صفوها !
وداد التي نغزتها بكوعها في جنبها ضاحكة بلؤم : اهمم حسنا !!
.
.
.

التائه الذي كان يمشي في الحي ليس له رغبة ان يكمل مشواره

وقف الى حيث كانت تلك الايام ...
في ذالك اليوم الحارق منتصف الصيف
قرابة الساعة الثانية ظهرا، حيث الجميع في منزله مختبأ من الحرارة
وكأن جهنم تنفث احدى انفاسها اليوم ..


الحي هادىء
يمشي مسرعا يريد العودة الى البيت
ولكن اوقفه عن الحركة صوت همس انثوي يناديه
التفت يمنة ويسرة لا احد
تحرك واذا بالصوت يخرج اعلى باسمه
التفت الى ذالك الجدار وتلاقت نظراته مع تلك العينين ..

تهمس له في لهفة : خالد ؟!! كنت انتظرك !!
ينظر لها في استغراب ودهشة ناظرا حوله فربما احد سيراه يتحدث الى الجدار !

فيما تابعت : خالد هل لي ان اراك هنا في بيتي ؟!!

حاول التهرب من السؤال .. ومن الاجابة ..
شعر بالخجل فيما احمر وجهه ووضع يده على رأسه دليل ارتباكه
نطق بكلمة : ماذا تريدين ؟
أريدك أنت !! قالتها في كل وقاحة ودلال !
تنحنح وبدأ الشيطان الذي يشبه امرأة يعتلي كتفيه
احممم حسنا سنرى
فر من امامها وهو فرحا لا يصدق نفسه
فهذه اول مرة احدى النساء توليه انتباها !
النساء بالنسبة له لغز لم يستطع حله واراد الاقتراب منه اكثر !
آه ما اجمل النساء !!
هي
كانت اولى تجاربه في النساء

اولى تجاربه في الخيانة

تزوجها رغم عدم رغبته بها بعد الان ..
تعلم منها الكثير
تعلم منها أن لكل إمرأة طعما مختلفا وشكلا مختلفا
تعلم منها كيف ينام في احضان نساء غيرها
وهي تعلم
تشتّم رائحة النساء فيه وترى علامات الخيانة واضحة جلية
وتسكت عنها لأنها هي من علّمه ..!!

:
:


في مكان أخر يتقلب على فراشه كأنه على جمر
يلتهب جسده لتذكر عينيها السوداوين الدعجاوين !
فر النوم من اجفانه
لم يفهم مالذي جذبه لها ..
نظرة البرائة في عينيها ام دموع عينيها ام تلك الهالة من النقاء التي تحاوطها ؟!!
تبدو كطفلة ولكنها انثى !!
يغمض عينيه في يأس يا الهي ساعدني ما هذا الذي يحدث لي !!

جلس على فراشه مشتاقا حالما مربتا على الوسادة التي تستلقي بجانبه
الوسادة الميتة التي لم تعرف معنى رأس إمرأة تهمس له فيها !
كأنه يستشعر انفاسها على وجهه
ليغرق وجهه في كفيه فهذا مستحيل !!

سيبدو امامها وكأنه والدها بكل ذالك الشعر الرمادي
وبطوله وعرضه اللذان لن يعترفا بحجمها !
ولكنها اسرته !
اذا ضمن وجودها معه سيعدها
يعدها انها لن تنام الا على حكاياه
سيصبح لها شهريار المتفنن في ايقاضها
لا لن يدعها تنام ستنصت له ، الى كل كلمة سيتغزل بها
الى كل تفصيل سيرويه عنها

ولكن اولا عليه ان يتأكد انها حرة وحية !!!

فقلبه اصبح يتنفس عشقها ..
مريم ,,
ولابد ان يبحث عن السبب !!
سبب مشاعره الغير قابلة للتفسير
وسيبحث عن حقيقتها بنفسه !!

ارتدى ملابسه في الصباح مبكرا جدا بنطال كحلي اللون مع قميص ابيض وجاكيت كحلي ،
ساعة روليكس تلتف على معصمه الرجولي وخاتم فضي يزين أحد اصابعه
حذاءه وعطره
وشعره الجميل حتى وهو في حالة فوضى يمشطه بيده !
يحمل على ذراعه معطفه الأسود
ويخرج بحثا عن سعد

يجده يجلس على سفرة طعامه البدوية !
يأكل بأصابع يديه مفترشا الأرض
صحن من البيض المقلي وبعض الطماطم والبصل وصحن فول !!
مع قطع من الخبز البلدي الساخن
اممم نظر الى الأسفل الى حيث يشير العم سعد وجلس بجانبه
يضحك عليه
يشير له العم سعد لكي يأكل لقمة فيبدأ الأكل ولكنه لم يقرب البصل !
ينتهيا من الأكل وينطلقا الى المستشفى !!
ينظر سعد الى المرآة كل دقيقة فهو يشعر بشيء متغير في سيده !
نظرات عينيه اصبحت سعيدة ومتشوقة !
ملامح وجهه قد اضاءت وكل ذالك التعب الذي كان قد تلاشى فجأة !
لسنوات طويلة عاش على ذكرى واحدة مؤلمة !
المستشفى الى حيث الفتاة التي جلبناها منذ ايام !!
مالذي تفكر به يا يوسف ؟!

وصلا الى حيث اراد ناظرا الى الخارج
الى المكان الذي احتضنها بدلا عنه !
يلتفت اليه سعد في هدوء مستمعا : إذهب واسأل عنها !!
سعد ينظر له في ذهول : ولكن لا نعرف اسمها ؟!
ليقول في شوق وهمس وكأنه يتلذذ باسمها على لسانه : مريم !
حسنا هل ادخل الى هناك واقول مريم فقط ؟!
ستجد من يدلك عليها اذا لازالت موجودة سأنزل واذا لا سنتجه الى منزلها !!


يهز العم سعد رأسه في فهم .. فسيده ينوي على شيء مع هذه المرأة !

لم تكن في المستشفى فقد غادروا ذات اليوم مساءا !
قالوا له انها بخير
ولكن
هو يريد رؤيتها مرة اخرى !
اتجها الى الحي

توقف العم سعد امام المنزلين المتقابلين ناظرا الى سيده في تساؤل : والآن ؟

يخرج من جيبه ظرفا مغلقا يناوله لسعد انزل واعطها هذا !!
*| لم يدري بأنه بهذا السلوك الذي يتبع به شقيقته قد يجرح عزة نفسها !!
ينزل العم سعد ويطرق الباب ..!!
وها هي وللمرة الثانية يختبر هذا الشعور
ينظر لها وخافقه يعتصره طرقا كاد يبكيه هو مرهف المشاعر !
يبتسم مع نفسه بحب
ياالهي انه يحب !
ما اجمله من شعور .. وهذه الفتاة اعجوبة قد خلقها الله ليحيا من جديد !
لم يسال نفسه لماذا هي ؟ وكيف ؟ وما السبب ؟!!
اتبع قلبه الذي لن يخونه هذه المرة هو يعلم !
اتسعت ابتسامته فيما كان يحدق الى السواد المحيط بها
يحدق الى عينيها التي اسرته
الى اهتزاز شفتيها وفجأة اظلمت عيناه !
فهي تكاد تبكي .. ها هي تتبرم من العم سعد ماذا يحدث ؟!!

في الطرف الاخر من السيارة
لا ارجوك انا لا اقبل مال من شخص لا اعرفه !
يا ابنتي خذي المال فهو للصدقة ارجوكي
فيما كانت تطلق نظراتها باتجاه السيارة
ما السبب ؟ لماذا يحضرون لها المال ؟ هي لم ولن تشحذ المال من احد ؟ ولماذا هذا الرجل بالذات ؟
أحست بالاهانة تغلفها
رغم فقرهم هي طوال عمرها لم تطلب المال من احد ! حتى مال الصدقات لا تقبله !!
فيما وقف العم سعد يترجاها ان تأخذ المال
وهي طوال الوقت تدفع الظرف بعيدا عنها غير راغبة فيه !

الى أن خرج رجل المنزل الذي سمعها تتجادل مع احدهم ..
مريم ماذا يحدث هنا ؟
ارتبكت فهي تعرف جشع اخاها وقد يحرجها الآن أمامهم
يحيّ بيد ممتدة الى العم سعد وعلى وجهه ملامح سرور لرؤيته
شكره كثيرا على خدمته لهم قبل ايام
العم سعد الذي ارتبك لم يدري ماذا يفعل الان هل يعطيه المال ام يتراجع ويودعهم؟!
نظر مرارا الى السيارة والى الرجل الجالس خلف الشبابيك المعتمة
فهم الاشارة وهمّ بالنزول !!

.
.
سيد يوسف
سيد يوسف


التفت الى الخادمة التي احضرت طعام الغداء
شوربة ودجاج وسلطة
داعبت الرائحة انفه وشعر برغبة في الاكل
فكل مرة يتذكرها
تعيده الى حيث ينتمي
الى ارض البشر !!

نهاية المشهد العاشر ..




ريح الهوا 23-10-13 02:47 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

( 11 )



الآن
اصبعه يعانق السماء للتشهد الاخير
يسلم عن يمينه وشماله
يرفع يديه بالدعاء راجياً
راجياً ان يغفر له الله خطاياه ونواياه !!
يمسح على وجهه بكفيه
ثم يتلمّس ذقنه
الجروح الغائرة التي لن ينبت الشعر مجددا في مكانها
لحيته اصبحت مبعثرة وقبيحة
انفه اصبح معوجّا !
يضحك لنفسه بسخرية
هل انتقم لك الله مني
هل انتقم مني لكل خططي معكي !
فكل القصة الان اصبحت تدور حول امرأة
كل النساء سيلذن بالفرار عندما سيرين وجهي المشوّه
وشعر رأسي المنتّف !!
وعجز خاصرتي !!
هل كتبت وسجّلت ملائكتك كل ما جال بخاطري لكي ..
كنت سأتزوجك فقط شفقة !!
لم ارغب بامرأة تكشف عن وجهها وتحادث وتصافح الرجال !!
لم ارغب بجاهلة لا تعرف كيف تقرأ القرآن

إمرأة سأُعاني معها تفسير امور دينها !!
لم اكن لامنحك الاطفال اتعلمين ذالك ؟!!
اتعلمين عن هذه النية البشعة ..
لن يكون لي معك اولاد يكون خالهم خالد
بسمعته وصيته وطيشه !!
كنت سأقهرك وآتي لكي بضرّة !!
أتعلمين الان لماذا كان عقابي عسيرا !!
لماذا كان انتقام الله جبّارا !
انتقم من كبري وتكبري !!

هل سيفعلون بك وبخالد كما فعلوا بي ؟!!
اسينتهكون جسدك ويستبيحون عرضك !
آه يا الله ,, اكتبت علينا المعاناة الى يوم نلقاك ؟!!

في الغرفة المجاورة حيث شقيقته تئن
فكل ايامها ولياليها اصبحت عزاءًا لا ينتهي ولا يُمل !!
نفتقدكِ يا مريم !!

يمسح الدموع التي تجمعت على زاوية عينيه
ينهرها ان تنزل رغما عنه !!
يا لقهرِ الرجال !!
.
.
.

بصعوبة استطاع ترتيب ثيابه في حقيبته
لا يحب للخدم ان يلمسوها
موعد رحلته الى المانيا
لابد وان يجري جراحة ثانية على فخذه المُتهتك !!
لا يستطيع ان يبتلع المسكنات كل الوقت !
فلم يعد تناولها مقتصرًا على الم فخذه
بل وعلى الم خافقه المتصدّع
غصة في حلقه يداريها بعجز
ولكن على الاقل سيرى الغالية
سيرى امه التي يتآكل قلبها قلقاً
تبكي له همه وبُعده وغربته عنها وغربتها عنه
عُد لي يا ولدي فلم يبقى في العمر الكثير

سعد الذي اسرع في حمل الحقيبة الى السيارة للمغادرة
يصعد بجانبه
مشوشاً .. ضائعاً ..

يقترح سعد عليه في هدوء
يوسف ما رأيك أن أسأل صديقتها عنها ؟!!
كي نعرف تفاصيل اكبر
يومئ برأسه حيرانا
فهل ينفع الان معرفة اي شيء عنها
فكل ما حدث حصل في غيابه
اثناء حادثه وجراحاته ولم يعلم !!

لقد تخاذلت في انقاذك من ذالك الجُحر يا مريم !!

يرد بهمس وحشرجة . لا
لا اريد لاحد ان يعلم بهذا الموضوع يا سعد
حليمة اذا علِمت ستقلب الدنيا علينا
لا اريد ان افعل شيئا قبل ان اجدها !!
وانت ايضا انتبه عندما تذهب الى الحي
فالعيون الخبيثة كثيرة
هم يراقبون الداخل والخارج اكيد
ومن ثم يبلّغون !!
لا اريدك ان تقع في المشاكل والمصائب بسببي

يسرح بنظره مخترقا كل تلك المباني العالية
الى حدود المدينة المظلمة !!
فتقلّب الحنين والمواجع ,,
.
.
.
الى أن خرج رجل المنزل الذي سمعها تتجادل مع احدهم ..
مريم ماذا يحدث هنا ؟
ارتبكت فهي تعرف جشع اخاها وقد يحرجها الآن أمامهم
يحيّ بيد ممتدة الى العم سعد وعلى وجهه ملامح سرور لرؤيته
شكره كثيرا على خدمته لهم قبل ايام
العم سعد الذي ارتبك لم يدري ماذا يفعل الان هل يعطيه المال ام يتراجع ويودعهم؟!
نظر مراراً الى السيارة والى الرجل الجالس خلف الشبابيك المعتمة
فهم الاشارة وهمّ بالنزول !!
يقترب من الباب المُشرَع على مصراعيه
يمشي بثبات ملتهما المسافة في خطوتين
ناظراً بحاجب مرفوع الى مُحياها المرتعب كأرنبٍ مُحاصر !!
نظرات الخوف والرهبة التي ملأت عينيها الثائرة
تختبئ خلف الباب ناظرة بعين واحدة مترقبة
الى ذالك الجسد الضخم الذي غطى قرص الشمس
حتى خالد بجانبه بدا ضئيلا !!
تبسّمت لنفسها في نفسها بخجل !!
ويبتسم ابتسامة صفراء في وجه من ظن انه زوجها
مادّا يده يسلم وكأنه سيصرعه !
تستمع الى صوته العميق الغليظ الواثق النبرة
يبدو مخيفاً وقادراً !
ضم خالد يده الى جنبه بألم !!
كان فرحا لقدومهم


هم الفئة المرموقة في المجتمع تسأل عنهم ؟!!
.
غطى بجسده العريض فتحة الباب التي القت بظلاله عليه
يشعر بيداه مثلّجة من الاثارة وترتعشان من هذا القرب الجنوني
يضعها في جيب بنطاله كي لا تكشف ما به

ولكن العرق النابض بعنفوان في صدغه لم يستطع اخفائه
انتي هكذا
كلما اراك واقترب تنقلب موازيني
ينقلب عالمي
اصبح طفلا يتمنى ان تحمليه بين ذراعيك وتضميه الى صدرك !
يتهدهد على نبضك
كلمات قليلة لم يفهم منها شيئا
ينصت الى ثرثرة خالد وضحكاته وحديثه مع سعد
وانا ويا انا
اكاد اخترق الباب او اكاد ادفعه لأُبصرك
حطمتي بلا جهد سدود قلبي
لتدفعي بمائك العذب وتغسلينه من همّ السنين
ايا طفلة مسحت على صدري
لينجلي عنه سواد المحن !
بعد ان نظرت الى عالمي من زاوية العميان !
,,,,






الطفل الصغير الذي جاء يجري من الحي
هو نفسه
يهرول شادّا طرف بنطاله بيديه كي لا يقع
وجهه محمّر ولاهث من اللعب
يدخل متجنبا لهم جميعا
يبحث عنها
عن ماما مريم
ماما مريم
اذا هي الحقيقة ولا مجال
مُحال !!
انها امه
يا ويل قلبي منكِ
اغمض عينيه في حسرة وكدر
نطق بالسلام وغادرهم كسير الظهر !
يكاد يخر باكيا
صارخا
ممزقا صدره وملابسه
فحبيبته ام وزوجة !!

.
.
.
.
الآن

يقف امام مرآة غرفتها
يزرر البدله العسكرية ذات الرتب الثلاث
ينظر الى انعكاسها
تنام على بطنها على السرير الكبير ذو الاعمدة الخشبية الايطالية
وحولها تلك الوسائد والاغطية الحريرية
يغطي ظهرها العاري شعرها الحريري الذهبي
لقد صحبته الى فراشها بنفسها
فقد رغبته فيها بعد كل تلك الكلمات البذيئة التي خرجت من بين شفتيها الورديتين
يعلم انها لم تكن في وعيها !!
لقد تغيرتي كثيرا
لقد غيرتُك بيدي هاتين
شكّلتك بمزاجي ولم يطب لي شكلك بعدها !
اصبحتي تشبهينني !!
لم تعودي تلك الملائكة التي حلّقت يوما في سمائي
ولكن ما زلت احبك
حب يائس وبائس يا ياسمين !!
.
.
.

كانت في غرفة مريم تنتظرها لتغسل لها شعرها
هادئة تحاول نزع بعض الخيوط البائدة من عبائتها
لابد وان تشتري واحدة جديدة وكذالك لمريم
يقضيان وقتا ممتعاً في السوق
نظرة خاطفة الى يسارها
الى النمر الرشيق الذي يحاصرها في داره
يحوم حولها
مقتربا منها بقفزة واحدة
بسرعة وقفت
اصبحا متقابلين
ينحني لها ويرفع اصبعه السبابة ويمر به على خدها الذي فقد لونه
يهمس لعينيها المرعوبة الجاحظة الدامعة خوفا
متى سترضين عني ؟!!... اعلم انك تحبينني !!
وحرارة انفاسه تلفح وجهها الشاحب


وصفعة علّمت باصابعها الخمس على خده
ليقف مستقيما ويعطيها ظهره ويغادر مهزوماً !
تركها خائرة القوى
انحنت راكعة حاضنة نفسها بذراعيها !!
تحاول تنظيم انفاسها المختنقة بيديه !

الملائكة امثالك لا يجب ان تنجّس
لا يجب ان تلوّث بلمسات امثالي !!
ولكن
احبك
حب يائس وبائس يا وداد!!
.
.
.
فاردة شعرها على طوله الذي عانق الارض الحجرية
تمسك بالمشط بين اناملها وتبدا بتسريحه
تصيخ السمع الى حمود الذي يجري فرحا في المكان
وترفع بصرها
حذاءُ لامعُ ملطخاً بالوحل
بنطال اسود بحزام بني يغطي ساقين طويلتين
قميص رمادي لصدر عريض
وفك قاس وشفتين مزمومتين
وعينين خضراوين تعاني مرّ حبها !
شهقة قصيرة ضعيفة خيالية

ينزلق المشط محدثا صوتا مكتوما يلفتها !!
ترفع نظرها ولا تجده
لقد كان خيالا
صرت اتخيلك امامي في كل مكان
ورائحة عطرك التفّت حولي كعناق !
دعني المسُك ايها السراب لِأُحولك الى حقيقة !
دعني بلمسة ارتكب معصية
حلّفتٌك
ألّا تتركني إلا وقد دعكت جسدي لتزيل عنه ... لوعة الحرمان !!

حور من حوريات الجنة
العذراء التي اتمنى !
احبك
حب يائس وبائس يا مريم !!

وكانت تلك بداية النهاية !!

نهاية المشهد الحادي عشر ..


ريح الهوا 23-10-13 02:49 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشكركم جميعا

عشان ما اخلف الوعد قد نزلت الجزئين 10 و 11 و عشان عندي مشكلة بظهري فما اقدر اجلس كثير وراح اوقف تنزيل لفترة حتى يتحسن وضعي شوي

اشكر اصحاب الردود جدا .

في امان الله

ريح الهوا 28-10-13 03:30 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
المشهد

( 12 )






سبــــعُ منَ الملائـــكةِ




منذ ان وقعت في الحب معك ِ، وسبع من الملائكة تتصل بي
كلهم يخبرونني ما يلزم فعله
الملاك الاول يهمس * اذهب لحبها *
الملاك الثاني يزيد * الم تتعب من البقاء وحيدا *
الملاك الثالث يقول * افعل الشيء الصحيح وقابلها *
الملاك الرابع يردد * تفحص تلك الملاك التي تجوب الشوارع *
منذ ان وقعت في حبك والملائكة تتصل بي
الملاك الخامس معترضا * لا تقلق فالحب ينتظر ، خلف منعطف لاجلك يا بني *
الملاك السادس يهذي * من الافضل ان تسرع فالاشياء الجميلة تختفي فجاة *
تمشي على اجنحة مثيرة زرقاء
الملاك السابع يقول * انني غبي ! لدي سبع ملائكة تنادي حبي .. سبع شياطين يتسحبون داخلي ، سبع ملائكة يخبرونني بأي طريقة .. سأشعل قُبلة لأحرق بها روحي *




ريح الهوا 28-10-13 03:33 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المـــواجهة الأولــــى ...




غائب هو عن عالم فضّل نسيانه ، عالم قد اجحف بحقه

منذ الأزل قد انفصل عنه !!

منذ ان وعى على عيني امه دون اب !!

منذ ان عاد الى ياسمين التي لم تتردد في قسم ظهره نصفين وكأنها تعاقبه على انه وُلِد واختارها هي دون النساء !!

ياسمين التي صبّت الرصاص الساخن في قلبه حتى تصلّب !!

أمِن عدل هنا ؟!!

لا زالت ذكراك حية وجرحك لم يندمل ،ولم افهم سطور حكايتك بعد !!

منذ ان كاد يذوق طعم الخيانة ولكن عقاب تردده في الخيانة كان مهلكا !!

وكأن عزرائيل كان يتربص به الزوايا والمطارح !!

فأطلق رصاصة تفجرت وفجرت بقايا امل !!

لم يغادره الا بعد ان تأكد من عجزه !! ، وبعثرته اشلاءا ً

عزرائيل اجتث روحه قبل انذاره بأربعين يوما !!

قد باغته !! بانتزاع نصف الروح !! ، والاجهاز على قلب كان قد مات في الأصل !!

في الحقيقة لا ادري لماذا كلّف نفسه عناء ملاحقتي !!

ولعنة غجرية تحققت دون ارادة مني وابعدت هذه المرة روح مريم عني !!

لعنات تغنو بها في ليال حالكات ٍ في اودية تردد صداها استجابة لتراتيل مبهمة!!

أُسقط بيدي يا مريم ، أُسقط بيدي ، فلا تلوميني !!

ولا زلت احلم بك ، رغم علمي انك ملك رجل اخر !!

رجل استمتع بك وارهقكِ حباً !!

فلقد رأيت بعيناي كيف كان يحبك ، رغم اجحاف الحياة معكم ما زال للحب مكان في قلوبكم .

الم تعرفي قبلا انني اغار ؟!!

اغار من كل من قد يلمح عيناك فيقع في هواكِ!!

تبا لرجل اذل نفسه لحب امرأة خارج نطاق زمانه !!

امرأة كتبتها في كتب العشق المنسية !!

ليتني رأيتك قبل ان أُولد !!

لماذا لم يكتب لي الله ان اراكي واملي عيناي من رؤيا عيناكي قبل ان تتخطفك الايادي !!

وها انا الان اعاني ، وروحي تعاني ، وجسدي يعاني !!

فقدتُ البصر عن كل الاناث حولي حتى ضننت انهن كلهن قد اجتمعن في وجهك الفاتن !!

نعم فأنتِ فاتنتي !!

هل تصدقين ما أهذي به هنا !!

حتى زوجك ربما رأى ما رأيت فاختارك دون النساء لتكوني خليلة !!

اعترف انكي لستي جميلة ، فأنتِ مخلوق قد وزّع الجمال ونسي نفسه !!

الى متى يا مريم ، ومتى سأجدك حتى ولو كنتي تحت الثرى سأنتشلك ..!

وأُشيّد لك محرابا ..

يضرب بيده بقوة على كرسيه الذي تدفعه الممرضة التي فزّت خائفة من الضربة المفاجأة

وعقدت حاجبيها بقلق !!

الى ان وصلت الى غرفته !!

ما لبث ان استكانت جوارحه

عودة وجولة اخرى على اراضي المانيا البلد الثاني

تحاوطه امه في غرفته الخاصة في احدى ممرات المستشفى العتيق بعنايتها

فرحة هي ، طفلها قد عاد !!

تحوم حوله لا تكِن ولا تهدأ ، ترتب الغرفة وتنظفها بيدها

تحضّر الطعام وتجلبه معها

مشتاقة للطبخ له ولما يحب ان يأكله من يديها ولا يجيده سواها

تتنقل بخفة وهي ترتب سريره بحركات خبيرة وسريعة

بيدين انيقتين بيضاوين بأظافر صغيرة مرتبة

ووجه كالبدر لا زال ضوءه ها هنا يسري !!

لا زالت جميلة ورقيقة وانيقة فهي تكبر ابنها بعشرين عاما فقط !!

حتى هي تبدو كطفلته !!

مطمئنة ، فسنوات البعاد قد تقلّصت وعاد الابن المهاجر قصّراً !!

قد أجرى عمليته بنجاح وهو الان في طور النقاهة

تلتفت الى صوت الباب الذي يُفتح

ويدخل منه على كرسي متنقل تدفعه الممرضة المتمرسة

يتحرك ببطء لكي ينتقل الى السرير وتمد الحنون يدها بالمساعدة

تخلط كلمة عربية بكلمة المانية في حوارها معه

بينما ارخى جسده على السرير

_ لا بد وان ترتاح ولا تجهد نفسك ، راحة تامة همم

وهي تغطيه بالملائة

_ اعلم اعلم ، بصوت كله تعب وارهاق فالقطع المعدنية التي ثبتوا بها العظام لا زالت تخزه !!

_ تقبله على وجنته كالطفل الصغير فهي حين تراه ترى والده في حنايا وجهه

والان عليك ان تهتم بطعامك وشرابك فما تأكله لا يكفي حتى عصفور !!

يتراجع على السرير بآهة اعيته

مناولا يدها في يده يقبلها ومعنفا بمحبة : امي لا بد وان ترتاحي في البيت

فما فعلته منذ حضوري كثير جدا ، ارجوكِ

تضربه بمودة على كتفه مرددة : اصمت ، انت فقط تعافى ثم سألتفت الى شؤوني

لينظر اليها في ريبة : شؤونك الا وهي انا !! اليس كذالك

تضحك مقهقهة مسرورة



وهل لي احد سواك الان لكي أُقلِق راحته ، صمتت ناظرة الى عينيه التي تروي الكثير والكثير

تومئ برأسها وكأنها تعلم ما حلّ به غير جراحه.. فهناك جراح من نوع اخر على ما يبدو !



تنهض من كرسيها مودعة اياه بقبلة على جبينه، سأتركك الان لتستريح وغدا سأحضر في نفس الوقت ان شاء الله

تمشي بسرعة خارجة بملابسها المحتشمة وغطاء رأسها الابيض ، رغم انه خطر عليها !!



خرج من سريره يجر رجله خلفه ليدخل دورة المياه

يغسل يديه وينظر الى ارهاق وسواد عينيه ووجهه

والسبب معروف ، فمنذ مجيئه لم يسمع خبرا من سعد الذي لم يصله اي جديد !!

بعد ان افترقنا قصرا ، ها انا ابتعد بإرادتي !!

مسافات اوطان بيننا يا اغلى مريم !!

التفت حوله متغضنا بريبة وقلق

فرائحة خطر تعبق في المكان !!

خرج واغلق الباب ويلتفت ليجد ,, صندوق باندورا في انتظاره !!

.

.

.



تقف في حمامهم الصغير تحمم ابناء وليد التوأم

المُعِز والمُعتَز ، اللذان كانا يتراشقان بالمياه

حتى ابتلّت ملابسها ، واقفة بينهما ساهمة

بعينان متورمتان وكأنها ضفدع !



وشعر مشعث لم تمشطه منذ ايام

وقفطان رمادي كلون وجهها !!

تشهق وبغير دموع

فلقد نفذ كل مخزونها لبكاءِ مريم !

شقيقتها التي لم تلدها امها

اصبحتُ خاوية الجسد فلقد كنتي روحي يا مريم !!

اتمزق انا واوشك على الموت منذ اختطافك !!

اين انتي ، حدثيني ، فروحي لم تكف عن مناجاة روحك !!

دليني على مخبأك وعلى من يخبأك وستجديني كطير احلق فوقك وانتزعك !!

لم يعد اي شيء كما كان يا مريم

فكل الروح تعصي الجسد وترغب بالفراق ، فراق الدنيا !!

نعم فلربما تكوني قد فارقتِ دون وداع ولا بد ان القاكِ في الطرف الاخر !!

يأتيها صوت امها الحنون من المطبخ تقلّب الصحون

تخرج في سرعة فاقدة صوابها

تمسح بقايا الصابون العالق في يديها على ملابسها

تجري لأمها الصامدة !

تمسكها من يديها وتسحبها الى حيث يجب ان تكون

على سجادة الصلاة !!

وهي تئن موجوعة

امييي

ارجوكي لا تتركي الصلاة والدعاء

فمريم تحتاجنا

وانكبت على يديها تقبلها وعلى رجليها

فلقد خارت قوى الصبر والاحتمال



ولابد الآن من الصياح والنواح ولطم الفخذين !!

ارجوكِ ، ادعِ لها

فانا لا استطيع الصلاة هذه الايام



الحاجّة عائشة

التي مشّت دموعها بطرف خمارها

تبكي حال وموّال

ابنتها وابنها وحال عائلة مريم !!

تمسكها من يديها النحيفتين لتهدئها على صدرها

ضامة اياها ببقايا عزم لا زال متشبثا بهم !!



تربت على شعرها بيديها الصغيرتين المجعدتين

ترفع صوتها بصوت عاجز مهزوز

يا الله يا الله

ارأف بحالنا

فما لنا أحد سواك

واستر على مريم

اللهم انا استودعناك مريم وحمود وخالد يا الله !!

وزوجة وليد هدى التي جلست تربِّت على ظهرها تهدأها !!

وتشفق عليها وعلى آلِ مريم !!

.

.

.

.



للمرة العشرين تغمض عينيها في غضب مستعر

يستفزها بجنون لتتحول هي الى مجنونة مسعورة

وهي حالها منذ شهور



تضع ذالك الشيء الصغير في جيب بنطالها



وتفتح الباب بقوة وتخرج جرياً

جريا له

وشعرها يتطاير حولها كجنية

تكز على اسنانها وتزيد سرعتها وسرعان ما قفزت على ظهره

تتشبث بساقيها بخاصرته

وتلوي يد على عنقه بقوة

ويد اخرى لتخرج ذالك الصغير وتغرزه في كتفه

تلوّى وزمجر وصرخ بالآهات الطويلة

يحاول ان يزيل هذه العلقة عن ظهره

فيما حاول بيده الاخرى تحسس موضع الطعنة الغادرة !!

ولكنها ابت ان تستسلم ، ففرصة قتاله الان لا تفوّت

وهي غاضبة خِلقة

ستنتقم منه

سأنتقم منكم جميعا اقسم

لم اعد انا مريم

فذالك الوحش الصغير الذي كان نائماً في الظلمات قد انتفض

قد عاد وخرج حرا طليقا ليعيث بها وبهم فساداً

لم اعد تلك المسكينة التي تترجى لقمتها



لم اعد تلك الخانعة الذليلة

سرقتموني من عالمي

حولتموني الى جارية !

تصرخ في اذنيه



قُطِعت يداك

قُطِعت يداك ايها العاق !!

اقسم اني ساخذ بثاري

بثأر خالد

وثأر حمود

ساشتتكم كما شتتموني

ساقتلكم كما قتلتم خالد

اآآآآه يا خالد

ودموعها تملأ شعره

وتحاول عضه في رقبته المحنية المدمية !

وهو ما زال يدور حول نفسه في يأس

ودمائه سالت ورائحتها فاحت !

وشعرها قد غطى عليه الرؤية

تبا لكي انزلي ايتها الشيطانة

الى ان امسكها من ساقها وبقوة جمعها

ليلقي بها ارضا

ارضا متكومة بجانب تلك العجوز التي كان يُعلِّم على جلدها بحذائه

انه الابن الضال

الابن العاق



الابن الذي يضرب امه !!



وهي تلهث بجانبها وقفت امامه بحجمها الصغير

وترفع له ذقنها بتحدي والشرر يتطاير حولها حتى كاد شعرها ان يتكهرب !

بوجهها المحمر المنفعل ومنخاريها المنتفخان غيضا وقهرا



وملابسها الملوثة بدمه

تجمع شعر خلف اذنها

وتجمع قبضتيها استعدادا للقتال كلبوة !!

ان افعل شيئا ان قدرت



ولكنه لا

لا يقدر ان يخالف امر مُعلمه !!

هو يعلم وهي كذالك تعلم !!

خرج مهتاجا ليداوي جراح طعنتها !

و فاهه يتغنى بشتائم قذرة لهما معا ً



تبا لكن ، تبا لكن جميعا ً

جلست بسرعة بجانب امه تمسك بعضدها

تبكي بحرقة

تبكي دما

تبكي ابنا وحيدا

ترمّلت ورفضت الزواج لاجله

وها هي تلقى جزاء تضحياتها !!



فجسمها اصبح خارطة عبور اقدامه ويداه

ووجهها اصبح لا يستقبل الا بُصاقه !!

وبجانبها مريم

مريم العبدة

ملك اليمين !!

من جاؤو بها في ليلة ظلماء !!







فالمعلم عندما يقول شيئا ينفّذ ولو كان قطع الاعناق !!

تصر عليها مريم ان تخبرها ما الامر هذه المرة

تريد ان تفهم هذا الجنون الذي يدور هنا

حتى خالد من كان زير نساء لم يفعل افاعيله المشينة

بل كان يقدّس امه

_ يا عمة قولي لي لماذا يفعل ابنك بك هكذا ؟ ارجوك اخبريني ؟

فانا اكاد اجن هنا

تنهض العجوز من اتكائتِها متألمة ودموعها قد ملأت وجنتيها المتدليتين هما ً!!

تبكي بحسرة وندم !!

_لا تلوميه يا مريم ، لا تلوميه فهذا دَينُ وهو الان يستحق الرد

ونهضت من مكانها ببطء شديد من الآم الضرب

وتتركها في حيرتها وتختفي داخل غرفتها ...



تجلس منهارة موجوعة

قلبها ينفطر على أحبائها

من تفرقت عنهم في ليلة سوداء دون قمر !

تبكي سواد سنينها وايامها



تضرب على وجهها وتخمشه باظافرها

فهي قد غدت مختلة عقليا

تون ونّاً متزامنا مع رثاء حمود وخالد

اني مددت على هذا الفضاء يدي .... كيما تصافح ارواحا تودعني !!

وتسقط على جنبها متقوقعة كجنين

قد شق الدمع اخاديدا على خديها !!

بيد ترفعها ترسم وجه حمود النقي في الهواء

ترسم صورته التي حاولت عابثة الامساك بها

حتى ضمة اخيرة لم اضمك يا حمود



آآآآه يا قلبي

آه يا خالد لقد قتلتنا وقتلت نفسك

لم ارتدي السواد

لم احتّد عليك يا خالد !! ، لم يسمحوا لي !!

أسكنت النفوس والضمائر هذا الكم من الهمجية والوحشية ؟!!

والشر !! نعم الشر !! الشر يا خالد ، شرّك وشرّهم من اودى بنا !!

تنهار ساقطة في احلامها بغمضة عين !!

.

.

.

غاب القمر وملئ السحاب السماء بارقاً وراعداً

استيقظت بصرخة على اثر كسر الباب وجري في المنزل

ورصاص طائش عبق الجو برائحته وصوته المدوي !!

الفزع !! يوم الفزع برجال يتحولقون حولهم حاملين سلاحا يقتل شعبا وليس إمراة !!



وثوان فقط كانت ثوان

حتى جرها احدهم من ناصية شعرها جرا عنيفا الى الخارج

صرخت ورفست وضربت وما استكانت

تمسك بيد من يحاول الاعتداء عليها

رجال باحذية سوداء عالية ، وبناطيل خضراء وقمصان بيضاء تكشف عن الاذرع المعضلة

ووجوه ملثمة يغطيها سواد لا يُرى منه سوى الاعين الحمراء

وهي تُجر

وكأن الطبيعة قد احتدمت هي ايضا بمعزوفات مطر هادر كإعصار ، ملئت الارض والوجوه

تبلل شعرها العاري الا من يد معتد اثيم !!

ترى خالد من طار في الهواء من غرفته ليرتطم بالارض

كان صريعا يحاول حماية جسده من ضربات متتالية

ركلا وصفعا وبالهراوات الثقيلة ، لم يوفروا مكانا في جسده

حاول النظر اليها وهم مجتمعون حوله يُفتِتُونه !!

مريم

لقد انتهينا يا مريم

تكاد عيناه ان تتدحرجا من محجريهما

يريد النطق ، فأنطقوه دما وحشروا لسانه في حلقه !!

حاول الزحف اليها فاخته تهان على ايد غريبة بشعة !!

وهم يقلبونه ارضا بجبروت قد قل مثيله !!

اذاقوه السم الزعاف ، وما السبب ؟!!

لما هذه الغارة الوحشية

فيما الفوضى عمّت المكان

وصراخ مريم التي لم تهدأ بين يدي جلادها

صرخت العون

صرخت النخوة والرجولة

صرخت وصرخت ولا مجيب

فكل الاذان تلك اللحظة قد صُمت

ورجل ضخم يدخل المكان المزدحم بهم !!

يدخل غرفتها وما لبثت ان رأت حمود بين ذراعيه !!

لاااااا

حموووود

حاولت الافلات وخربشة اليد المتشبثة بقوة بشعرها الذي انتثر في فوضى حولها !!

تبكي مفجوعة

وحمود الذي مد يديه لها يريدها صارخا باكيا هو الاخر كأنه يشعر بلحظة الفراق

جرجروهم وهي تسمع اصوات تحطيم الزجاج والمطبخ والغرف

كل في سيارة واهل الحي يختبؤون خلف الجدران خائفين والنساء ينوحن بالصياح على مريم !!

حموووود







خاااالد

يا الله يا الله

القوا بشقيقها في سيارة وغادروا به

ورأت الضخم يدخل السيارة الاخرى حاملا حمود المنهار صياحا

لااااا اتركني حموود لااااا

حاولت الافلات بعنف من يده حتى تقطّع شعرها وادمت جلدة رأسها

يأخذوون صغيرها

صغير قلبها

حمووود يا حموود

آآآآه يا خالد خاااااالد

قاومت وتلوّت وعضت الايادي وانزلقت بينها

هي حرب

حرب الوجود والبقاء !!

وداد التي خرجت ركضا من الباب وهي تبكي هائجة وتشتم اتركوهم ايها الاوغاد

ولكن ما لبث وليد ان كبلها من ذراعيها وكمم فمها وهي تنادي مريم

وترفس وليد الذي ادخلها واغلق الباب ، بالكاد سيطر عليها !!

ودااااد

حمووود يا وداد

يا الله انجدنا يا الله

صراخها وابتهالاتها ادمت قلوب من خلف الابواب الذين بدأو بالصياح

دفعها الى السيارة ودخل جانبها واطلقو العنان للفرامل

وهي تولول وتنتحب وهي ترى مأواهم يحترق !

ليحرق فؤادها المعتل اليتيم !

وافترقوا عنها تلك اللحظة !!

والدخان والغبار آخر مشهد جمعها بحَيها ، وقرّبها من جلّادِها !!

.

.




باب يفتح بقوة يجعلها تفيق من ذكراها الوعرة المحطمة للقلوب

على صوته

صوت المعلم المُحتد الغاضب !!



نهاية المشهد الثاني عشر .

ريح الهوا 28-10-13 03:37 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


بصدق عندما وضعت الرواية هنا من جديد لم اتوقع الكثير كالعادة من مشاركي المنتدى مثل هذه الرواية مثل روايتي السابقة يا دنيتي اضحكيلي من جديد

وبكل صدق ايضا انا نظام المنتديات لا افهم فيه بصراحة يعني هل المنتدى يقتصر على فئة معينة هي التي تتحكم فيه وتديره كيفما شائت دائما ما استخدم مصطلح ( شلة ) هو هذا الذي يليق بالمنتديات بصفة عامة

على كل حال سأكمل تنزيل الرواية من هنا و حتى النهاية وحتى وان لم يتابعني الا شخص واحد او لا احد !!


ريح الهوا 28-10-13 03:42 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

المشهد

( 13 )



المـــــــواجهة الثــــــــــانية






فيما مضى



يجرجر اخته التي تبكي وتنتحب وتخدش يديه اللتان منعتاها من الامساك بتلابيب مريم

تنهار على الارض ساجدة محطمة ، حولها امها ووليد و هدى وحتى الاطفال !!

ولم يروا من خرّ على الارض صريعا وكأن مساً أصابه منزلقا في غيبوبة الزنازين !!

.

.

يدخل عليهم بضخامته

فهو قد خُلق خصيصا ليجلدهم

ليريهم العذاب الوانا لم تكن لتخطر يوما على بال بشر

يمشي بينهم يرفس ذاك برجله

ويضرب ذاك على وجهه

ويجذب الآخر من شعره بقوة حتى ينفض شعرهم من اصابعه !

يحمل سوطا بيده

إنه مثال الرعب والقسوة إنه من لا يرحم

ينطق والشرر يتطاير من عينيه باحثا عن ضحية

هل شاهدتم المباراة ؟ من فاز فيها ؟ اي فريق ؟

السكون والرهبة هما من ملأ المكان لم ينطق أحد ، لم يجرؤ أحد على النطق

فهم بحرف سينسفون

ولكن ..

نطق ويا ليته لم ينطق ..( نعم شاهدناها .. فريق في الجنة وفريق في السعير )



يتجه صوبه جريا غاضبا حانقا كيف تجرأ على نطق تلك الكلمات ليهم بكل قوته بضربه على وجهه بحذائه الضخم الغليظ



صراخ وكر فها هم يسحبونه من رجليه على ظهره العاري المجلود بالسياط

الى حجرة التعذيب..

يجرونه جر ككلب ممزق وما بيده حيلة إحتكّ ظهره بالأرض الحرِشه حتى احرقت له جلده!

رفض الخضوع وحتى الكلام

رفض الانصياع لابتلائات العذاب !!

فيقوم اثنان بتعليقه من رسغيه في حلقتين مدلايتين من السقف

حتى كادت ذراعاه ان تنفصلا عن باقي جسده من قوة الشد

وترتفع رجلاه عن الارض

فيصرخ قاضي العذاب

بأن انتفوا لحيته

وانتفوا شعر رأسه ..

وما كاد يكمل كلامه حتى تقدم اثنان منه وكأنهما مصاصي دماء ويشرعا في خلق الفوضى في وجهه

يمسكان بشعر رأسه ولحيته ليقتلعونهما بقوة وسرعة من جذورهما بلا رحمة

تلك الكهرباء التي سرت في جسده الذي اصبح هزيلا وهو يشد على اسنانه بقوة

ويضغط على عينيه لاحكام اغلاقهما فيما كان العذاب يفترسه

اجتمعوا حوله كالضِباع الجائعة ولن تشبع الا بإرتشاف دمائه

سيصمُد ، حتى النهاية

إحتمل الاولى واحتمل الثانية

ولكن العقل رفض الانصياع للصمت فالالم اكبر من ان يُسكت عنه !!

كادت عيناه ان تخرجا من مكانيهما فلم يعد يرى امامه

وبقع ضبابية تترائى له امام ناظريه

وجبينه الذي تفصّد عرقا ليسقط بدوره على عينيه ووجهه المنتوف

واحمرار وجهه واختلاطه بدمائه





تعالت صرخاته من جوف فارغ مخيف حتى وصل مسامع باقي السجناء الذين ينظرون الى بعضهم البعض في شفقة وفزع

آآآآآآآه

آآآآآآآه لاااااا لااااا

يصرخ بهم من بين اسنانه وآلامه

عليكم لعنات الله ايها السفلة !!

واخذ يرفس متعلقا جيئة وذهابا

ويهز رأسه في عنف

بينما انهال عليه احدهم بالضرب بالعصى

تضعضعت عظامه وانزلق في غيبوبة لذيذة

لا فهذه ليست نهايته



نهاية صلاته ودعائه وقيامه الليل !! ليست هنا وليس على الايادي الخبيثة التي لا تعرف حتى كيف ترفع اياديها بالدعاء !!

ليس اليوم ، ليس اليوم يا أحمد

ولكن صرخ الجلاد حتى وصل صراخه مغارات عقله المظلمة !!

_ السعير هو ما ستراه الآن ايها الزنديق

وليصرخ بقوة في وجوههم

_ افتحوا ساقيه



وما لبث هاذان الاثنان المكلفان بانهاء حياته على شد رجليه بإحكام كل من جهة مثبتان اياها

ليهم الغاضب بكل قوة يملكها برفع رجله وتسديد ضربات متتالية بحذائه الغليظ على خاصرته ، وعلى وجهه كل الحقد الذي بالكون

وكأن قوته قد خلقها الله فقط لكي يستمتع بعذابات البشر

او كأنه في ثأر مع من يعذبهم لينتزع انفاسهم وارواحهم

تلبّس دور عزرائيل برداء اسود وعكاز خشبي فيطرق طرقاته على ابواب الموت

أفاق من غيبوبته اللعينة بوجه ازرق اختنق بانفاسه يرنو الى السماء بعينين جاحضتين مقلوبتين !!

تدلى رأسه بموت النهاية معلناً الاستسلام !!

انزلوه بسرعة من حلقاته !! قاموا برفعه من ذراعيه وسحبه الى باب السيارة المنتظرة

ليُلقى به امام بيتهم عاريا فاقدا للوعي ازرق اللون !!



فيستفيق حيا فاقد الرجولة !!



.

.
.
.
.



. زنزانة اخرى تُرمى بها مظلمة ضيقة صغيرة

دفع بها بقوة داخلها وهي تنتحب وتصيح

تنظر حولها خائفة !! نعم خائفة !! فهؤلاء لا يعرفون الرحمة

لا يفرقون بين الرجل والمرأة

بل الالذ والاعذب هو ان تكون هناك سجينات اناث !!

لن تنسى ما قالته وداد على لسان احمد

الرجال والنساء هنا يحترقون في بوتقة واحدة



والعذاب الذي تتعرض له النساء اقسى الاف المرات من عذاب الرجال

فهم لا يتركون امرأة الا والكل يتسلى بها

تذكر ان وداد اخبرتها ان احداهن قد خنقت نفسها بشعر رأسها !!

وهي شعرها طويل كفاية لكي تُعلّق نفسها الان وحالا في الشباك الصغير الذي لن تصله لصغر حجمها !!

اذا فلتخنق نفسها

هل يجب ان تنتظر العار !!



وحمود اين اخذوه ؟ اين ذهبوا به ؟!!

وخالد خالد الذي اهلكوه ضربا .. أسيُصيرونه كما أحمد ؟!!

تدافعت الافكار والتوجسات في نفسها مع خوفها الذي تعاظم وصار جليا على وجهها الشاحب الذي انقلب لونه الى الاصفر وكأن كل دمائها هي ايضا قد تخلّت عنها

اندفعت في اتجاه الباب واخذت في الطرق عليه بقوة بكلتا يديها وهي تصيح وتصرخ بكل عزم فيها

_ افتحوا ايها السفاحين ، افتحوا الباب ايها القتلة !!

حاولت وحاولت دفع الباب ولكنه اشد واعظم من قوتها الضعيفة !!

نظرت ثانية بسرعة لعل هناك فرجة ولا يوجد الا ذاك الشباك الصغير ولكنه مرتفع جدا ولن تستطيع باي شكل ان تصله !!

دارت ودارت حول نفسها لعل هناك مخرجا قبل ان يأتيها القضاء !

حاولت التسلق متشبثة باظافرها بكل يأس بجدران الحجرة وما لبثت ان سقطت ارضا !!

مدمية الاصابع ، قامت ثانية للمحاولة ترفع رجليها وتقفز تتراجع الى الجدار وتقفز للمرة الثالثة ولكن

كل محاولاتها بائت بالفشل، فأني لها ان تصل الى ذالك الشباك ؟!!

انزوت على نفسها في الحجرة ذات المتر الواحد المربع !

تعرقت ملابسها حتى ظنت انها للتو قد خرجت من البحر

ملامح وجهها المصدومة الغير مصدقة لما يجري

هي هنا في زنزانة جردوها من كل شيء

من خالد وحمود

مذهولة

هل تبكي ام تغلق وتفتح عينيها من جديد فلربما ما زالت نائمة بجانبها حمود

تتلمس الارض التي تحتها ليست مختلفة كثيرا عن ارضية حجرتها

ولكن اصوات الصراخ المختلطة برجال ونساء أصمت اذنها فرفعت يديها اليها لتسدها عنها

وكأن هذا المكان يقبع على فوهة الحجيم

تتسلل اليها روائح الحرق !

فتوقن انها هنا .. في زنزانة .. هي حقيقة يا مريم .. صدقيها



ترفع عينيها للسماء





_ يارب اني استعنت بك فاحفظني من اياديهم يا رب ، يارب ، وخرَّت ساجدة تدعو ببكاء حطم فؤادها وادمى روحها ، يارب اني مظلوم فانتصر !!



ويُفتح الباب

ويدخل ذات الرجل ويغلق الباب خلفه

تقف له متأهبة وشعرها التف حولها كأسوار حديدية

بدت كعفريت صغير بثياب سوداء رثة وعينان تقدحان شررا واحمرارا !!

وانعكاس الضوء الخافت وذرات الغبار المتطايرة حولهما تتقاذفها الانفاس

لوهلة شعر بالفزع من مظهرها

شيء ما خطف قلبه

شيء ما أخافه وزلزله !!

تعكر مزاجه والتوى وجهه وتعقد حاجبيه بسُلطة !

ولكنه رمى كل ذالك خلف ظهره و همَّ بنزع ملابسه

فكما اعتدى اخاها على عرضه !! هو كذالك سيهتك عرضه !! فواحدة بواحدة والباديء اظلم !!

ينطق في هدوء بينما يفك ازرار قميصه العسكري

جاءها صوته صاعقا ببروده وعنجهيته و حدّته

أعاصير من كرامة استبيحت واهدرت على يده !!

_ أتعلمين لماذا انت هنا ؟!!

انت هنا فقط لأجلي !! لاجل ان تدفعي ثمن خيانة كنت ارتقبها واتعقبها !!

والان الكل سيدفع الثمن .. ولو كان شرفه وروحه !!



ترفع اصبعها في وجهه ناطقة بعنف اصاب وترا منه

_ اقسم بانك لن تفعل !! وان فعلت فستعبر على جثتي اولا !!

تتحداه بمعركة ترنو اليها خاسرة ..!

عبارتها تردد صداها في جوفه قبل الزنزانة الضيقة التي لا تحتملهما معا بكل التحدي والغضب والثأر ؟!!



ولكنه كان قد خلع قميصه وظهر صدره العاري المشعر

طأطأت رأسها خجلا وحنقا وهي تتنفس بسرعة وحقد وخوف !! أهذه نهايتك يا مريم !!

اليوم ستضحين جسدا مهدرا تتلقفه ايادي العابرين ؟!!



رآه ، رأى شعرها الذي سقط على وجهها فغطاها باكملها فبدت ككتلة شعر لها رجلين !! بدت مخيفة !!

امعن النظر فيها فهي ساكنة لا تتحرك ولا يسمع صوت انفاسها ، شيء ما اهتز في صدره !!

ولكنه تراجع فهي للتو كانت امرأة عادية والان تبدو كعفريت كوابيس !!

اقترب منها وامسك عضدها فرفعت رأسها ولثانية بدى العراك

عراك بين ضدين ، بين عدوين غير متكافئين

عراك شرف !!

التوى فمه بحنق ونفور !!

والتوت بين يديه وحاولت تسلقه وعضه وشد رقبته

دارت حوله بسرعة وقوة

كان قتال الصمت والانفاس ، بل قتال النفس الطويل اللاهث !!

يمسكها تارة من خصرها وتارة من ذراعها

يريد السيطرة عليها فحجمها ورقتها جعلتها كبهلوان تتشقلب في المكان مستعينة بالجدران القريبة

لهثت ولهث هو كذالك، شعرت بكل عظامها تئن وقوتها تخور من هذه الحركات المفاجئة التي قامت بها

ستصمد حتى النهاية فلا شيء تملكه الان في الحياة سوى شرفها وستموت دونه

الى ان صفعها على خدها بقوة ادارت وجهها لتلتصق بالجدار فيحاصرها بين جسده وبين الجدار وهمَ بتقطيع ملابسها بجرأة وسرعة وكأنها عملية يقوم بها كل ساعة !!

_ سيدي ، سيدي

صوت قلق ينادي عليه ويطرق بقوة في الخارج افسد عليه اللحظة

ليقول الاخر في توتر وسرعة

_ سيدي الشاب الذي جئنا به الان قد مات !!



وفقط يلتفت على صوت صراخها الحاد خاااااااالد لاااااااا !!

:

وحينها لم تجد نفسها الا مرمية بين ذراعي رجل آخر ينفذ اوامر سيده !

:

:

:



جرها من شعرها الى حجرتها بل زنزانتها الثانية فهي وان تحررت من واحدة فالاخرى كانت بانتظارها

وهي تشد على يده التي تتشبث بشعرها محاولة تخليصه منها !!

_ ابتعد عني ايها الجلف الحقير

يُقرّب وجهه الغاضب ويضغط على شفتيه غيظا منها ومن افعالها المجنونة !!

وانفاسه تستقر على خدها المحترق من الدمع والتكفيف !

يرمي بها على السرير الذي يلتصق بالجدار

وهو يتنفس بعنف حتى كادت رئتاه ان تنفجرا من الغيظ منها ، يزمجر في المكان

_ لماذا فعلتِ ما فعلتِ بـــــعلي ؟!!

وهي لا زالت ملقاة على السرير

لتزحف الى اخره متكومة في زاويته تلتقط انفاسها وتبتلع ريقها الجاف

وترد عليه بذات الحدة

_ انت لا تعرف ما الذي يفعله صديقكك هنا ، الم تعلم انه يضرب امه !!

كانت جملتها المباشرة صادقة وصادمة له !! هو الصخر الجلمود !!

لان وجهه قليلا وغضّن جبينه واستقام في وقفته ناظرا الى شباك الحجرة الحديدي !!

_ منذ متى وانتِ المدافع عن الحقوق ؟!! من الأولى لكِ ان تدافعي عن نفسك فقط !!

_ ليس من شأنك كيف اتصرف مع حمقى امثال علي !!

ولست ايضا الوصي علي ، وأقسم ان اتيحت هذه الفرصة لي معك انت بالذات لن اتردد في غرزه في قلبك ايها السفاح

يتبادلا الاقسام والتهديدات والنفور



_ و انا اقسم انني اذا لم أمره بعدم المساس بك لكنتِ الآن تتوسدين التراب بجانب شقيقك !!



كان قولها سهلا وفعلها في قلبها عظيما



خارت قواها على السرير واخذت بالبكاء والهمهمة فقلبها مثقل ، مثقل بحياة لم تعد تفهمها فأين هي ، ومن هؤلاء ، ولماذا ؟!!

تنطق ببؤس وبشفتين مهتزتين الما وحقدا عليه بصوت يحمل كل ما تملكه من تشفي

_ لم يكن ذنب اخي أن زوجتك اختارته لتخونك !!



كانت الكلمات هادئة ولكن هدوئها كان كمن صوّب مسدس كاتم صُوِّب الى قلبه فأرداه قتيلا

_ نعم لا يجب ان ينسى لٌبَّ الموضوع .. فزوجته خائنة ..!!



انهار على الارض كطفل فقد للتو متعته باللعب معها لينهار باكيا

بكاء رجل محروم بصوت عال غليظ ليصدمها وتفتح عينيها و فمها في ذهول !!

وهو يهمس وكأنه لا يصدق ما يقوله ويداً توسدت الارض والاخرى يشد بها على صدره

وملابسه

_ زوجتي ليست خائنة ، انها حبيبتي !

كان صوتا مهزوما ووجهه المنهار ، بشكله الممزق ويدعو للرحمة ، يبدو كمريض ، نعم مريض نفسي هو هذا الرجل ، مرضه هو زوجته !!

رأسه الحليق تماما لا تعرف اذا كان الشعر قد عرفه يوما ، ووجه الدائري الاسمر بعينين كبيرتين بارزتين سوداوين تحيكان لؤما وحيلا !!

وفمه الكبير بأسنانه المتفرقة وشاربه الساقط على شفتاه



عندما ينتقم ينتقم ببأس ، وعندما ينهار ينهار كطفل !!



وقف مستدركا نفسه أعطاها ظهره ووجهه قد تجعد بحقد دفين ، خرج بسرعة مغلقا الابواب الحديدية خلفه !!

تنزل من السرير وهي تركض خلفه صارخة

لا ااا لا تذهب ، خذني الى حمود ، اين حموووود ، اين دفنتم خالد ؟!!

آآآآه يا الله يا الله .

.

.

بينما الرجل المجروح حبا يدخل منزله الخالي الا من بعض البكاء !!

يدخل غرفتها يتفحصها ، يتفحص اثار الخائنة

وانقلب مزاجه الذي ثارت براكينه اغلق الباب واشرع في تحطيم كل ما تلمسه يداه

لم يُسمع الا صراخه وحطام المرايا والاخشاب !!



نهاية المشهد الثالث عشر .

ريح الهوا 28-10-13 03:46 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

( 14 )


لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم .. لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم


.
.
.



المــــــــواجهة الـــــــــثالثة

خرج من سريره يجر رجله خلفه ليدخل دورة المياه

يغسل يديه وينظر الى ارهاق وسواد عينيه ووجهه

والسبب معروف ، فمنذ مجيئه لم يسمع خبرا من سعد الذي لم يصله اي جديد !!

بعد ان افترقنا قصرا ، ها انا ابتعد بإرادتي !!

مسافات اوطان بيننا يا اغلى مريم !!

التفت حوله متغضنا بريبة وقلق

فرائحة خطر تعبق في المكان !!

خرج واغلق الباب ويلتفت ليجد ,, صندوق باندورا في انتظاره !!



كل الانفعالات مرت على وجهه من الاستغراب الى الدهشة فالصدمة فالغضب

ليواجه امرأة تقف بكامل زينتها وجمالها

فهي يبدو انها عبرت البحار لتعلن الفتوحات !!

وهو قد تأهّب لإعلان الجهاد

الجهاد ضد مكر الواقفة لاجتياحه !!

والجهاد في حبك يا مريم !!

بفستان ذو لونين ربيعيين اصفر و ابيض يرسم تفاصيل جسد مباح !!،

يكشف عن ساقٍ بيضاء غضة وعن ذراعين مكشوفتين !!

ونحرٍ مزين بعقد لؤلؤ يسترح على صدرها

وشعرها في قصته الجديدة دون ان يفقد طوله

ليسقط حول وجهها الذي بالغت في تزيينه !!

عينيها الخضراوين يحيط بهما السواد الحالك

وحمرة خدود وأحمر شفاه قان و حلق كبير يتدلى من اذنيها !!

أبدا لم يتعود رؤيتها بكل تلك البهرجة الخداعة !

وعطرها الذي لم تفقده في غمرةِ ما فقدت !!

وكعب عال بسلاسل انيقة رفيعة تكشف عن حناء مخضبة رجليها

ومخضبة يديها بنقوش صغيرة جميلة ومغرية في ذالك البياض الناصع

وخلفها تلك الخلفية الزجاجية الخضراء الملونة وجبال شاهقة ونور التماع ضوءٍ تفرق منها خلال تلك الغرفة البيضاء كالكفن تلفه بين طياتها !

استعدت وهو كذالك استعد لها فآخر مرة رآها كانت يوم الحادث !!

فتقفز الى روحه تلك الذكرى المجنونة

.

.

.

هل سمعت يوما احدا يتغنى بإمرأة تجتاحه في لحظات العشق كالزلزال !!

رنة بسيطة على باب شقته الفخمة التي تطل على منظر مبهر لبحيرة المدينة

استغرب من القادم فلا احد يعلم بوجوده هنا !!

يفتح وكله فاقدا لوعيه فهو للتو كان يضع بعض الخطوط الحمراء لروايته الجديدة

فالفكرة وبعض الحوارات والبيئات قد تقافزت الى مخيلته اثناء نومه !!

والان قبل ان يفقد الرغبة عليه ان يدون ما فكر به



فأوراقه وكتبه واقلامه تحن الى لمسة يديه العاشقة لهم !!

يحمد الله انه ابتلاه بعشق آخر بعيدا عن الإناث !

بعيدا عن حب مضى او حب يواجه المجهول !!

الكتابة ليست مهنته فهو قد درس الهندسة التي لا تمت للكتابة بِـــصِلة

ولكنها تمُت بقدراته على الرسم بصلة كبيرة وعميقة

فما يكتبه هي صور ابلغ من كونها كتابات !!

يفتح الباب على مصراعيه ليجدها قد اعطته ظهرها الذي يعرفه جيداً

فتح الباب عابسا متغضن الجبين غير مرحب وفي نفس الوقت حانقا ومستغربا !!

فأبدا اهانتها لن تسكن بين جوارحه المفجوعة بها !!

التفتت بنظرة البرائة التي عرفها منذ نعومة اظفارها ، لا زالت هناك تهدده بعدم فتح ذراعيه

فاجأته بارتمائها في احضانه ، ابعدها بلطف وادخلها واغلق الباب خلفه

منذ سنوات لم يلتقيا

علاقتهما انتهت منذ ما يقارب الثلاثة عشر عاما !!

ولكنها وكأنها لم تكبر فهي كما تركها جميلة وانيقة ورشيقة فقط بعض البروز في جسدها الذي جعلها اكثر جمالا

واعذب اشتهاءاً

ترفرف اهدابها الشقراء تنظر حولها الى مكان ذكراهم البعيدة !!

تنظر بحميمية الى كل تفاصيل هذا المكان الذي غالبا ما جمعهما

والذي كان يوماً مكاناً حقيقياً لتفجير الرغبات المتبادلة

تنظر الى المطبخ الذي يطل على الصالة بلونه العاجي

الى تلك الاريكة الكبيرة التي كان يحتضنها عليها ويغرقها بقبلاته المجنونة

غرفة النوم التي خذلته فيها وكانت تلك النهاية المؤلمة لحب طفولي جنوني

غرقت في الحنين وما عادت تستطيع الرجوع

فحياتها بأكملها توقفت عند هذه النقطة و ذالك اليوم



تنقر بكعبها على الارضية الرخامية وهو ينظر لها بنصف عين لا يدري اي المشاعر يجب ان يغتاله الان

فهو لا يريد كسرها

يعرف هو كيف يعامل امرأة ، هن كشريحة المعامل تعاملها برقة ولا تضغط عليها والا انكسرت نصفين ولن تعد تنفع للاستعمال !!

فقط سوف يؤدبها ولكن يجب معرفة سبب مجيئها اليه

_ هممم هل اعجبكِ ما رأيتِ ؟!!

بنبرة لا تخلو من الاستهزاء والتهجم !



لترد عليه بنفس النبرة الحزينة

_ كل شيء فيك يعجبني !

_ يتأفف و يجلس على الطاولة الصغيرة مربتا على ساقه

_ ما الذي تريدينه يا ياسمين ؟!!

ببحة اصابته في مقتل

_ اردت فقط رؤيتك ، اردت رؤية الماضي الذي ضيعته بتهور !!

اذا هي لا زالت تذكر وتنعى تلك الليلة !

بالنسبة له كانت ليلة الاذلال واهانة الرجولة !!

شملته بنظراتها المشتاقة وقلبها يرفرف في صدرها تكاد ان تسمعه

تريد الامساك به حتى لا يفضحها ويخرج من بين ضلوعها

متفحصة اياه ببجامة نومه الحريرية الزرقاء المفتوحة من الاعلى

ليظهر منها صدره الرجولي

ولحيته النابتة زادته جمالا وعينيه الخضراوين اللتان تقيمانها بروية ..

رغبات دفينة هي التي يقاوما لكبح جماحها !



كتف ذراعيه الى صدره قائلا باستفسار مائلا برأسه قليلا مغمضا عينيه لثانية

_ لماذا لا تقولي ما في جعبتك دفعة واحدة ولننتهي فأنا لا اريد اطالة هذا الحديث !!

الجيران سيضنون انني ويضغط على كلماته ... اجلب النساء الى منزلي .. لا اريد شبهات .

هكذا هي كلمات الاهانة التي يجب ان تسمعها لكي تخرج راكضة وتتركه لشؤونه !

ابتلعت ريقها تكاد ان تدمع اذاً بالنسبة له هي الآن مجرد شبهات ؟!! شيء يريد التخلص منه ؟!! وبسرعة !!

_ ارفق بي يا يوسف ، ارجوك لا تصدني ، فانا لم اعد احتمل .

الشوق قد اعياها والحرمان من كل تفاصيلهما الحميمة يضنيها

وقلبها مكسور ولم ينجبر

أتركع امامه لكي يتقبلها من جديد ؟!

أتتوسله الحب والعِتق والصفح !!

بعينيها تفصح عن خوالج نفسها .. لا ترفضني يا يوسف

فقط لمرةً واحدةً ثانيةً اعدني اليك ..

اقتربت منه وبكل خطوة توتره اكثر فاجأته بجلوسها على ساقه !!

والتفاف ذراعيها حول عنقه ودفن رأسها فيه !!

متمتمة بكلمات اثارته وفجرت براكين رغبة دفينة بين جوانب نفسه !

لم يحتمل كل هذا فهو رجل ، رجل لم يذق من الانوثة الا حنظلها !!

رجل كانت كل النساء في ارض الحريات كاسيات عاريات يتمنين اذرعا تتلقفهن فتجاهلهن !!

رجل ذاق من امرأة واحدة الجسد والحب واللهفة !!

هي هنا مجددا بين ذراعيه !!

وجسدها يلتصق بحيمية بجسده الذي التهب بحرارة قربها وخدها ارتاح على كتفه



وعطرها ورائحتها العذبة اسكنته الجنة !!

هي لعبة تتقنها النساء ، الاغراء واقتناص الفرص !

تلصق خدها الى خده وتقبله بلهفة لتتوقف على حدود شفتيه فتختلط الانفاس اللاهثة

لم يتمالك نفسه لرؤية طبق شهي كهذا حملها بسرعة على هيئتها تلك واتجه بها الى غرفة النوم

...



توقف عن القُبل بعد عراك مع عقله الرافض ان يوسخ نفسه

ان يوسخ عرضه !! فهذه المرأة التي تريد الان ان تجرهما الى الفاحشة كانت في يوم زوجته !!

كانت حلاله !!

وهي زوجة آخر الان تخونه معي وعلى فراشي !

اخرج من فمه لعنات متتالية يقصدها ويقصد نفسه وعالمه

دفعها بعيدا عنه يمسح على وجهه المكفهر الموشم بثغر قد قتله مرتين !!

كانت له وهي من القى به خارج اللعبة خالي الوفاض !!



وهذه المرة قد انقلبت الادوار فهي الان تبكي توقفه عن حبها الغير شرعي

لملمت ملابسها واخذت حقيبتها وخرجت لا يسمع الا صوت الباب يغلق خلفها !!

وهو قد سقط على فراش الخيانة مهدوداً !!



في ذات اليوم عشية ..

ينزل من منزله متجها الى سيارته التي اراد فتحها

يلقي السلام على الرجل الواقف امام محله يبيع الساندوتشات !

حركة المارة وضحكات وخطوات عالية ورياح البحر ونسماته العليلة وروائح المطاعم باطعمتها اللذيذة

والبحيرة الواسعة بحدائقها الخضراء والاطفال يلعبون على تلك المراجيح ابتسم مع نفسه

فهو اخيرا قد امسى حرا !!

ولكن هناك عزرائيل اراد ان يقتنص روحه

كان ينتظره في بقعة ِ مظلمة !!

لم يدري الا والناس من حوله تجري واصوات ابواق وسيارات مسرعة وكأنه يوم القيامة

والهدوء قد انقلب فجأة !!



وهرج ومرج يرعبان الرضيع

يلتفت وثانية قبل ان ينهار ارضا غارقا في دمائه ثم في غيبوبته !!

كل ما عرفه انهم قالوا ان احدهم اطلق رصاص طائش !!.. طائش اصاب فخذه واخترق جسده !!


.
.
.



ينفض كل تلك الذكريات عن رأسه

_ آه يا امرأة الا تملين ؟!!

تلوّى وجهها بترحيبه القاسي

ويرتخي كتفيها احباطا وتتقوس شفتيها حزنا

كالمعتاد يا يوسف لم تعد تحترمني

ولا تحترم كينونتي

تلومني على شيء اذا علمته سيجتاحك طوفان يقتلك قبلي !

ارجوك يا يوسف

فأنا هنا وكلي لأجلِك !

_ ألن ترحب بي ، ألن تسلم علي بكلمات ترفعني الى السماء !!

السماء التي ابتعدت عنها وارتكبت كل معصية ترميني سبعين خريفا في اوحال تمردي

لم اعد انفع لشيء ولا حتى لك !

ولكن دعني امارس هوايتي باللحاق بك كظلك

ينفث نفسا حارقا

_ ياسمين انسي كل هذا ، انا وانتي لن نجتمع هنا مجددا ولينظر لها من رأسها الى اخمص قدميها

_ ولا فائدة من كل ما تحاولين فعله !!

حسنا ، يبدو انه سيأخذ وقتا اطول مما تخيلت ، ولكنك لن تفلت هذه المرة يا يوسف ، أقسم !!

تنقر باظافرها الوردية على الطاولة الصغيرة لترن الاساور الذهبية الملتفة حول رسغها .

بينما هو قد ارخى ملامحه واسترخى بجسده على السرير مغمضا عينيه !!

فتسرح في حنايا وجهه الذي تعشقه

عينيه المغلقتين براحة ، وانفه المستقيم وشفتيه المزمومتين وذقنه القاسي ومفترق شعره الغزير بخصلات رمادية ، كم تعشق هذه التفاصيل الجميلة !

، ابحث يا يوسف بكل الكون عن من تعشقك مثلي ..

لن تجد اتحداك انا ..

فأنت كنت ولا زلت ملكي أنا ، حبيبي أنا

هل يجوز لي الان ان اسقط على الارض منتحبة

ارتدي اقنعة أنتَ لم ولن تعرفني بها

أمسيتُ دائماً متنكرةً أمامك

رأت شفتيه تهمسان بخفوت

_ وزوجك !! اين هو ؟!! هل يعلم انك هنا !! لرؤيتي ؟!!

ويقلب رأسه باتجاههها متأملا بريق عينيها

يشعر انه قد فقد شيئا عزيزا يربطه بها

حتى مشاعر القرابة منها لم تعد تهمه !

تجلس نصف جلسة على الطاولة قائلة بهدوء عكس الرعشات التي تملكت خوالج نفسها

فكل من يراها في حضرته سيرى حبه في قلبها وفي عينيها.

وهي تقضم شفتيها

_ لا ، لا يعلم انني هنا ، على الاقل عندما غادرت ، بالاضافة انه لا يمكنه اللحاق بي فهو الان على اللائحة السوداء !!

تقولها وكأنه انتصار قد تحقق بعد طول السنين

يغمض عينيه من جديد ولكن هذه المرة بأسى وغضب ، لا يهمه كل تاريخ زوجها التعيس فقط يهمه مغادرتها باسرع وقت !!

فامثالها لا يجب تركهم احرار طلقاء !!



_ متى ستغادرين ؟!! اليوم على ما ارجو ؟!!

ليأتيه جوابها صادماً

_ ربما لا تعلم انني هنا منذ فترة طويلة وخالتي كذالك تعلم بل الكل يعلم ، طلبت منهم ألّا يخبرونك فقط حفاظا على راحتك !!

_ تبا لكي ، ما الذي تنوين فعله

ترد بلؤم تدربت عليه جيدا كما تدربت على اشياء كثيرة لا يعلم عنها

_ انوي ان .. اعتني بك ؟!!



استدركت قائلة في قلق وخيبة

_ يوسف ارجوك لا تعاملني بهذا البرود لطالما كنت دافئا ، في اشارة منها الى مناسبتين سقط امامها صريعا !!



أما هو فرائحة مؤامرتها لم تفته ليضحك ضحكة كشفت عن صف الاسنان اللامعة سرعان ما علت وجلجلت في المكان .

اربكها !!

هي من اصبحت مُحنّكة !! اصبحت تدير الرجال في اصبع واحد دون جهد يذكر !!

ولكنها الان ترى جيدا انه قد شُفي من مرضها !!

قد حقن نفسه بمليون إبرة تدعى مريم ، ماذا سيحصل لكِ لو عرفتِ بشأنها ؟!!

توترها بتصرفه الغير مبالي بها جعلها تبحث في يأس عن تلك العلبة الصغيرة بين حوائج حقيبتها الصفراء

تسحب منها عودا ابيضا تودعه شفتيها الحمراوين وتكة شعلة ايقظت حواسه النائمة !!

_ تباً لكي

يبدو انكِ قد تجردتِ من اخلاقكِ كما تجردتِ من ملابسك !!

لم تفطن ليديه التي سحبت في سرعة السيجار من بين شفتيها ليطفئها في كفها

ثبت كفها في كفه غاضبا منها يكاد يكسرها جعلها تتلوى من الالم



يطرق صوتها في اذنيه وهي تحاول التراجع واطفاء نار يدها

حرارة الالم الذي وصل الى رأسها يطرقه طرقا تصطدم تارة بالكرسي ومرة في الطاولة الصغيرة

شعرت برغبة في التقيؤ وهي تشتمه

_ تبا لك يا يوسف اتركني عليك اللعنة وهي تحاول ضم يدها الى صدرها

_ عليكي الان ان تفهمي المغزى !!

وجهه ينضح قرفا ورغبة في رميها خارجا!!

فياسمين تتخطى الحدود وفي كل مرة تفاجئه بمدى انحطاطها الذي وصلت له !!

بينما عيناه جاحضتين في وجهها ورغبة قاتلة بالفتك بها تغتال وجهه

يصرخ بغضب

_ فقط لو تقولي لي ما الذي غيرك ؟

_ مالذي اصاب ياسمين البريئة النقية

_ من انتي واين ذهبتِ بياسمين ، فمن اراها امامي ليست إلّا غانية !!

يهزها بعنف بين يديه وهي تتمايل يمينا وشمالا مستسلمة لإهاناته وقسوته مغمضة العينين !!

تتمنى ان تبتلعها الارض او يبتلعها هو في احضانه فالأمر سواء !!



إغضب ، إغضب كماتشاءُ واجرح أحاسيسي كما تشاءُ

فكلُ ما تفعلهُ سواءُ ، وكلُ ما تقولهُ سواءُ

فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي ، نحبهم مهما لنا أساؤوا



ترقرقت عينيها بدموع شفقة واذلال ولكنها مسحتها قبل نزولها وقبل ان تكشف ضعفها

_ لماذا تحب ان تؤذيني ؟

سؤالها اثار حنقه وسخطه وهو الان لا ينقصها

يصرخ في وجهها

_ انتي من اذاني ام انكي لا تذكرين ؟ .. ستقتلينني بسبب طيشك !

افيقي لنفسك يا ياسمين فكل شيء انتهى ، كل شيء !

إغضب فأنت رائعُ حقاً متى تثورُ

إغضب ، فلولا الموجُ ما تكونت بُحورُ

إغضب ، كُن عاصفاً كُن ممطراً ، فإنَّ قلبي دائماُ غفورُ

أخرجي الآن يا ياسمين ولا تعودي هنا مجدداً

يدفعها من ذراعها في اتجاه الباب بقسوة وألم قد بلغ في نفسه وجسده ذروته

تنفست بعمق ساحبة كل ما تستطيع من هواء الى رئتيها اللتان قاربتا على الذبول



اطلقت زمجرة محمومة وهمّت بالخروج ، ربما هذه الجولة كانت لصالحه ، ولكن كل الجولات القادمة لي انا يا يوسف !!

لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم

لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم

وفي طريقها الى الخارج اصطدمت بكتف رجل يشبهها تماما !!

تركته ومضت في طريقها حزينة فهي الان لا تريد اي اسئلة او تحقيقات من أحد !!

فالصمتُ كبرياءُ

والحزنُ كبرياءُ



ينظر اليها الرجل الطويل صاحب الشعر الذهبي الناعم القصير !!

بعينين صفراوين كَــــقِط !!

وانف جميل مستقيم وشفتين رقيقتين ووجه مربع ذو عظام بارزة جعله يبدو ارستقراطيا حقيقيا !!

يدخل الى الغرفة المقصودة التي لا زال هوائها يعبث بشرارات قتالية حامية !!

تقدم نحو الرجل المُلقى على السرير مربتاً على كتفه ناطقا بهدوء

_ يوسف

يفتح عينيه على وجهه مبتسما بمحبة فذراعه الايمن هو فقط من يثق أنه لن يخذله !!

_ دانيال !! كيف حالك يا رجل ، لم تزرني منذ مدة ، حاول الاعتدال في مجلسه بينما اشار بيده الى الكرسي الخالي قبالته لكي يجلس

يشير دانيال برأسه خارجاً

_ لقد رأيت ياسمين خارجة كإعصار ، هل عصفت بها هذه المرة ؟!!

ينظر له في عتب

_ ارجوك توقف ، دعنا نتكلم عن شيء آخر

يتابع قاطعا عليه الطريق لاي استفسار عن مشكلتهما

رغم ان ياسمين تدمي قلبه في كل مرة يراها

هناااك في البعيد في العالم الاخر في الطفولة المطوية تحت التراب

يراها ويرى عيناها ويرى شغبها الذي ما ان كبرت ونضجت، نضج كل شيء معها حتى خجلها !!

وهذه الياسمين تشعره بالخيبة !



، حسنا اخبرني كيف هي الاوضاع

_ الحمد لله كل شيء يسري وفق الخطة ، فهم لا يعلمون اننا قد سحبنا البساط من تحت ارجلهم

_ ستحل عليهم الصاعقة وهم يضحكون ويلعبون !!



_ حسنا جدا ، وماذا عن العُمّال ؟!!

_ لا تقلق فالتعويضات التي منحناها لهم كبيرة وجيدة ، كذالك قد اتفقنا معهم على راتب سنة لكل منهم حتى يجدوا عملا جديدا

قد سحبنا 50 % من العمالة وكذالك الاموال حولناها الى رصيدنا هنا !!

يضحك متخيلا لهم وهم مصعوقون وقد فقدوا مغارة علي بابا !!

فعليهم الان ان يحلوا مشاكلهم المادية بأنفسهم فهو بعد الآن لن يرحم احداً!!

يُطيل النظر الى ابن خاله الذي فتح اللاب توب ليريه حجم الإنجاز !!





نهاية المشهد الرابع عشر .


ريح الهوا 28-10-13 03:50 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


المشهد

( 15 )



المــــــــواجهة الـــــــــرابعة



يدخل الى البيت العتيق ذو الحجرات الثلاث المتراصة بجانب بعضها البعض

وكأن من صمم هذا المنزل يقصد جعله سجنا حقيقياً

تلك الغُرف احداهن تقطنها السجينة

ذراعه ملفوف بشاش كبير

منذ طعنتها الغادرة وهو لم يعد يأمن على نفسه معها حرة بين حجرات المنزل

ويتمنى ان يقسم رقبتها نصفين لكي تتأدب وتعرف كيف تعامل الرجال !!

رجل طويل القامة نحيف نسبيا

ذو وجه ابيض محلوق وعينين بنيتين وفم واسع وانف مفلطح وشعر اسود مجعد مناسب تماما لتقاطيع وجهه الذي يعتبر وسيما !!



ينادي بصوته الجهوري

_ مريم انتي يا مريم !

تخرج من الحجرة التي تنتصف الصالة واضعة يديها على خاصرتها دائمة التحدي

تتأفف في وجهه بينما تنظر له باستحقار اثار حفيظته

فهو حاليا هادئ ولا يشعر برغبة في الشجار مع جنية مثلها !

ولكن على ما يبدو انها تريد شجارا ، وفي مثل حاله بسرعة البرق ينقلب من مزاج الى آخر أسوأ منه

_ نعم ، ماذا تريد ، لماذا تزعجني ؟!!

ينظر لها وكل الغيظ يملأ قلبه ليصعد حرا الى رأسه يكاد يفجرها هو مغتاظ منها حتى النهاية

_ هيا اذهبي حضري لي الطعام



_ حضره بنفسك ام انك لا تعرف !! بالاضافة انني لست خادمتك ، وعلى ما اعتقد ان لك ام مسؤولة عنك ايها العاق !!



تلقي بكلماتها المشددة وهي تضرب يد على يد غير مبالية البتة بما وضح على وجهه من غضب .

استدارت على عقبيها واعطته ظهرها وهمّت بالمغادرة

ولكنه كان قد لحق بها وامسك بها من ذراعها ينفضها نفضا ويتمتم من بين شفتيه وهو يهزها ويدفعها في اتجاه المطبخ

_ انتي خادمتي !! تقبلي هذا الواقع يا عزيزتي ، ويطلق ضحكة سخرية مجنونة

_ بل و الأنكى انني استطيع ان افعل كل شيء بك !! قالها في هدوء مخيف !!

ليهمس بمكر في اذنها : ام تفضلين ان نقضي وقتنا في حجرتي ؟!!

سحبت انفاساً متتالية نافخة صدرها تفكر بتوتر بكلماته السامة الخبيثة

بأنه في اللحظة التي سيحاول فيها الخروج عن سيطرة سيده لن ينقذها احد ، بل لن يهتم لها احد ، في الحقيقة هي تستغرب حتى الان تصرفات هؤلاء الاشخاص معها ، فذالك السيد الجلاد الحقيقي لم يلمسها ولم يدع احدا يقترب منها .. هي لا تفهم الاسباب .. كان من الممكن ان تنتهي منذ مدة طويلة ملقاة بين ازقة الشوارع

نعم فأنا اصبحت مشردة بلا مأوى ، اصبحت يتيمة للمرة الثانية بلا خالد وحمود !!

وبلا وداد .. تغمض عينيها والحزن قد جرفها لآلام لن تخبو وجروح لن تندمل !!

سأصبر وسأبقى يا حمود حتى أخرج من هنا وأجدك ، أعدك

تضغط على شفتيها باسنانها وهي قد رحلت لعالم آخر بعيد عما يقوله من هو واقف في وجهها يدرس ملامحها !

ينظر الى سقف اهدابها المصطفة كجنود يتشحون السواد الحالك تغطي بياض عينيها !

تبتلع ريقها الجاف

سوف تماشي هذا الشخص والا تثير حنقه وغضبه

هزت راسها في فهم بينما هو قد جلس على الكنبات الارضية ينتظرها ان تُحضّر الطعام

في وقت امسك بجهاز تحكم التلفاز لكي يدير القنوات

فبدا صوت التلفاز عاليا وهو يصدح بموسيقى لام كلثوم !!

استغربت ذوقه ؟!! ام كلثوم ؟!! يستمع لها هو القاسي المكفهر دوما ً

اصبحت لا تفهم شيئا !!







شرعت في تسخين الشوربة والمعكرونة وحضّرت السلطة في هدوء لا تشعره

فكل ما بداخلها قد فقد السيطرة على نفسه !!

تبكي احيانا وهي نائمة او تضحك وهي شاردة او تتكلم مع نفسها او مع حموووود !!

كانت تجمع شعرها في ضفيرة طويلة تتدلى حتى ركبتها

وترتدي فستانا فضفاضا مما اعطتها اياه امه فهما تقريبا بنفس الحجم !!

ما يهوِّن عليها انها وتلك العجوز كلتاهما في سجن وليست وحدها من يعاني !!

انتبهت على صوت غليان الشوربة ورائحة احتراق المعكرونة اطفأت الغاز بسرعة وشرعت في سكب الطعام في الاواني الفخارية

حضّرت الاطباق وجمعتهم على سفرة وخرجت

في طريقها وهي شاردة وتحمل هذه الاشياء على يدها لم تنتبه الا وقد تعثرت امامه



لتتناثر الشوربة الساخنة على رجله وفخذه

يصدر اصوات الآم من الحريق

_ آآآآآه يغمض عينيه بقوة متوجعاً

وينهض من مكانه معتقدا انها قد فعلت ذالك متعمدة وقام بكل قوته بركلها على بطنها

_ ايتها الحقيرة الم يكفيك ما سببته لكتفي ؟ تريدين الان حرقي ؟! تبا لكي

وهي امسكت ببطنها لم تستطع التقاط الانفاس

تكومت على الارض ساقطة وهي تحاول

وعيناها قد جحضتا بألم وصدمة ، شعرت بدوار وفقدان الرؤية والضعف المفاجيء !

بينما هو لم يكترث اتجه الى الحمام لكي ينظف ملابسه ونفسه ويغسل رجله المحترقة !!

استفاقت اخيرا بنفس مختنق جاهدت لاستنشاقه

تغمض عينيها بوجع وهي تتحلف له في نفسها وهي شاحبة شحوب الاموات

حتى شفتيها اصبحتا بيضاوين وغارت عينيها في مكانيهما واضمحل جسدها واختفى في تلك الثياب .

اذاقها كأس المر هنا وهي كذالك سوف تفعل المثل ولكن صبرك !!



نهضت من مكانها في هدوء مخيف وهي تجر رجليها جرا الى الغرفة فترى المرأة الاخرى تراقب من فتحة الباب الموارب



تنظر لها في شفقة ولكنها تجاهلتها ودخلت حجرتها واغلقت الباب عليها ..



.
.
.


.

.

.

التفت وراءه وهو جالس على كرسي الحديقة

يمسك بين يديه كتابا احضره معه من بريطانيا

يقلب بين اوراقه ويقرأ ما بين السطور

يجد تلك الفتاة التي تسابق الريح تجري بكل قوتها وعلى وجهها من بعيد تظهر ملامح الترقب والخوف !

حتى دخلت داخل الفيلا وهي تدفع بابها بقوة حتى وصل صوت اصطدامه بالجدار الى مسامعه

لم يكترث التفت من جديد ليكمل كتابه ولكنه التفت ثانية على خطوات اشد لاهثة غاضبة

غضّن جبينه قلقا وهو يراه يقتحم المنزل ليدخل .. قادما من نفس اتجاه الفتاة التي ولأول مرة يراها هنا !

للحظة لم يجمع واحد مع واحد لانه مازال مشتتا بكتابه

ولكنه تدارك الامر وفز من مكانه مسرعا خلع نظارته في طريقه وهو كذالك قد بدأت رجلاه العدو الى داخل الفيلا

يدخل من الباب الرئيسي وعيناه تبحثان في سرعة وقلق كل الاركان وتطوفان الانحاء

ورجلاه قد توترتا واخذ يركض في كل الاتجاهات يريد ان يسمع صوتا

ان يسمع ولو همسا فعليه الان على ما يبدو ان يشغل حواسه كلها في البحث في هذا البيت الكبير

لا يدري لماذا ولكنه قد خُيل له أنه قد سمع صوتا مكتوما قادما من اسفل الدرج من البدروم !!

نزل الدرجات بسرعة وهو يقفزهم في مرتين اقترب من الصوت الذي اخذ في العواء !!

كان يلهث هو كذالك من الخوف !!

ومن الغضب ومن الغليان الذي يجري الان حالا في عروقه

يدخل الغرفة فتترائ له الحركة المجنونة من احدى زوايا الغرفة المكتظة بالصناديق

و الخزائن الخشبية وبعض السرائر والاشياء الصغيرة

يقترب بسرعة وكأنه يريد الطيران

ليجد ابن شقيقه يحاول اعتلاء الفتاة التي تنتحب وهو يكتم صوتها بيده







لعب الغضب العارم والقهر في نفسه ولم يجد الا وهو يمسك بابن شقيقه المختل من اعلى قميصه ليزيحه من على الفتاة المسكينة فيرميه بعيدا !!

يتوجه اليه بخطوات غاضبة تدق الارض دقا وهو قد تصلب مكانه لم يستطع الهرب

لينهال بكل قوته على وجهه بصفعات يمينا ويسارا والاخر الذي حاول جاهدا حماية وجهه بوضع يديه عليه

ولكنه قد توجه الى ركله على ساقه وهو يطلق زمجرات محمومة وكلمات غير مفهومة لها !

كان غاضبا وحانقا وصدره سينفجر ، ابن اخاه منحرف يحاول الاعتداء على فتاة وهو جالس في المنزل !!

لم يوفر كلمة او صفعة او ركلة الا وانهال بها على الشاب النحيف ذو الشعر الاسود المدهون بالكريم يرفعه الى الاعلى كالقنفذ او الى ثيابه التي في الوانها تقارب ثياب الفتيات فهي جدا ضيقة عليه

وبنطاله الساقط من على خاصرته ملفوف حوله سلاسل فضية تصدر صوتا حينما يتحرك

كان شابا مراهقا مستهترا ..

يتكلم بهدوء مخيف وعيناه جاحضتان حمراوان من الغيظ وعدم التصديق وهو ما زال يمسك بالاحمق الصغير !

_ اقسم انك ان لم تكن ابن اخي كنت قد قتلتك حالا !!

يترك قميصه ليصفعه ثانية بكامل قوته على وجهه حتى انتفخ الوجه النابت بخضرة الرجولة الغضة

يترنح في مكانه وهو يكاد ان يموت واقفا من الخوف من عمه

فلا احد في هذه المسائل وخصوصا مع عمه هذا يستطيع التبرير !!

يريد فقط حماية وجهه والترجي لعدم اخبار احد عن خيبته !!

فيما كان ينفث حرارة انفاسه في وجهه المصفوع المرتجف

يتحدث اليه وهو يهزه هزا عنيفا معنفا ً

_ الان ترتجف وتترجى ، تبا لك ولتربيتك !!

يصرخ في وجهه

اخرج من هنا واذهب الى غرفتك اقسم ان خرجت منها سيكون اخر يوم في حياتك !!



_ عمي .... لم يكمل كلامه الذي قاطعه نظرة من عمه المشتعل نارا تكاد تحرقه !!



خرج مرتدا على اعقابه ، فعليه ان ينتظر العقاب الذي لا مفر منه



اخيرا استطاع التقاط انفاسه وهو ولأول مرة يدير رأسه الى الفتاة الملقاة على الارض باكية مفجوعة واثار يده لا زالت على فمها وعلى خدها !

تحبس انفاسها وهي تنظر له في خوف وبكاء وتصدر شهقات متتالية

تحاول مسح اثار يده ومسح انفها الذي سال ودموعها التي الهبت خديها ، كانت ستضيع بلمح البصر

كيف لشاب صغير كهذا ان يتغلب عليها

فاجئها في حجرة المستودع وهي ترتبه ولم تسمع خطواته او حركته ولم تفطن الا وهو يحتضنها من الخلف

وبِردّةِ فعل سريعة وخاطفة فاجأته وهي تضربه على بطنه بكوعها تألم وامسك بطنه تحينت الفرصة وخرجت راكضة.



وهو ينظر اليها ويدقق في ملامحها العابسة المتقززة

منظرها قطع قلبه وادماه فهذه المسكينة توا كادت ان تخسر شرفها هنا !!

نفث نفسا حارا لينطق وهو يعدل وضع النظارة على انفه

نطق بقلق وهو ينظر لعينيها الدامعة ... العسلية !!

_ هل انتي بخير ؟ هل اصابك اي ضرر ؟

لا تقلقي سيلقى جزاءه ، فيما بدا انه قد غصّ بكلمات محرج من قولها



_ انا اسف ، اسف حقا !!

ولكن اعدك انه لن يصيبك مكروه !!

حاول ان يقترب منها لمساعدتها على الوقوف ولكنها رفضت يده الممدودة وهي تقلب وجهها الى الجهة الاخرى

بعد ان اعتدلت في جلستها واخذت تلملم الملابس حولها

_ اين حليمة ؟ ينظر لها مستفهما ً؟ كيف تتركك هنا وحيدة مع هذا الذئب ؟!!

قالت بعد ان لملمت بقايا الشجاعة والكبرياء المهدورة بصوت لم يخلو من الخيبة والصدمة والعبرات







_ السيدة حليمة خرجت لزيارة ابنتها هناء فهي قد .... .. تريد الاسترسال في اعطاء المعلومات .. عادة لا تتخلى عنها حتى في احلك اوقاتها !!

ولكنه قاطعها بحركة من يده

_ كل هذا لا يهمني ، اسمعي : اصعدي الى غرفتك واغلقي الباب عليكي !! فيما نسي في الواقع ان يسأل السؤال المهم

ينظر لها بنصف عين قائلا متشكِّكا

_ في الحقيقة لم اعرف من انتي وما الذي تفعلينه هنا ؟!!

_ نهضت من مكانها وهي تقف امامه تماما مطأطأة الرأس تحاول نفض التراب عن ملابسها وتحاول تعديل وشاحها

وقد اخذت تلعق شفتيها بلسانها بدت كمن كان في معركة شرسة

تقول في همس خجل : كيف سأقول له انني خادمة ؟!! يا له من احراج ؟ ومن هو على كل حال لكي يحقق معي ؟!!

_ اممم انا اعمل هنا !!

_ آهه ، حسنا في هذه الحال ماذا تعملين ... هنا ؟!!

يا الهي ما شأنه ؟ لقد انقذني نعم ولكن لا يحق له التحقيق معي في امر لا يهمه ويحرجني !!

نظرت له في تحدٍ عكس ملامح الانكسار التي كانت قبل قليل

_ لماذا تسأل؟ تقول بقوة استغربها : لا شأن لك ، ثم انت من تكون لتسأل كل تلك الاسئلة ؟!!



فتح فمه اندهاشا من هجومها وهو للتو قد انقذها !!

تبدو وقحة و جميلة !!

ضحك ضحكة جانبية اغاضتها وهي لا زالت واقفة تجادل بدل الذهاب الى بيتها !! او الى غرفتها !! بعد هذه الحادثة المشينة في حقها !

_ حسنا اذا ايتها القوية .. المرة القادمة عندما تركضين اختاري مكانا اكثر ... عُزلة !!

ابتلعت ريقها خجلة منه على ما يبدو بدت ناكرة للجميل

همست بحنق في وجهه قبل ان تغادر

_ اذهب الى الجحيم !!

وغادرت قبل ان يتفوه بكلمة ، فعلى ما يبدو هذه الفتاة تريد ... تربية !!

ابتسم مع نفسه وعدل نظارته اخيرا واتجه الى الخارج الى حيث ابن اخاه العابث الذي يريد ... القتل !!



اما هي فقد انهارت على السرير تبكي

لولا ان هذا الشخص انقذها لكانت ضحية اعتداء تحاول لملمة شرفها

كل ذالك بسببي

بسبب ضعفي ، جسدي ما عاد يحتمل وروحي ما عادت تحتمل

لا تريد تخيل ما قد كان من الممكن ان يحدث

ولكن المصيبة الان هل ستستمر بعد هذه الحادثة في عملها هذا ؟!!


.

.

بعد ساعة من المصيبة التي سقطت على رأسها ولا تعرف كيفية التصرف فيها

طرق على باب الغرفة جعلها تقفز من السرير المخصص لها في تلك الفيلا الكبيرة

تفتح الباب وهي تضع الوشاح حول وجهها

فتحت عينيها على وسعهما ... لقد كان سيد المنزل شخصيا ً !!

ينطق في هدوء كعادته وهو يقلب المسبحة بين اصابعه

كم تحترم هذا الرجل الذي يستحق الاحترام حتى لحيته البيضاء جميلة ومرتبة

رجلا انيقا ونظيفا قصير القامة ، نطق في وجهها وهو يشير لها برأسه

_ تعالي معي

ارتجفت من رأسها حتى قدميها

_ يا الهي ايكون ذاك السيد قد اخبرهم بما حدث ؟ ايريدون الان طردها ؟ اخذت تتبع السيد الذي امامها وهو يمشي بكل استقامة ورزانة وهي مضطربة وتدعك يديها ببعضهما البعض متوترة وتارة تضرب على خدها بكفها

_ ام يكون ابنه قد تبلى علي ، طبعا .. ضربني وبكى وسبقني واشتكى !!

يا رب استرني يا رب ..

فتح باب مكتبه على مصراعيه وتنحى جانبا كي يفسح لها المجال بالدخول

دخلت وهي مترددة تقدم رجلا وتؤخر الاخرى وكأن احد قد صوّب مسدسا الى ظهرها

ابتلعت ريقها عدة مرات شعرت بالعطش وهي ترى الرجل الاخر يجلس في كرسي قبالة المكتب

تحرك الرجل الكبير .. السيد عبد القادر الصيد ..الى وراء مكتبه جلس على كرسيه

وقلب في مسبحته وهو ينظر اليها والى شقيقه

بصوته الرجولي البحوح الهادىء المطمئن

_ وداد ارجو الا تكوني قد تضايقتِ من طريقتي في جلبك هنا !!

ولكن اريد منك امرا

كانت تقلب نظراتها بينهما وحاجبيها يلامسان شعرها !

والاخر الذي نظر اليها فقط مرة واحدة وهو الان يبدو وكأنه يعبث ببنطاله ويملسُه !!

_ ما .. ما ... ماذا ؟ بالكاد استطاعت النطق تشعر كأنها ستسقط من الرهبة !!







_ لا تخافي لماذا انتي خائفة ... يرفع يده بإشارة الى الرجل الجالس قبالته

هذا شقيقي حازم قد عاد لتوه من بريطانيا سيستقر هنا ان شاء الله

تستمع له وهي لم تفهم ، فما دخلها هي في كل ما يقوله عنه ..

يكمل في هدوء : سينتقل الى منزله ويريد شخصا لترتيب وتنظيف المكان .. وهو قال انه قد رآكِ تعملين بجدٍ في المنزل

يريدك ان ترتبي له المنزل وينظر لها مباشرة في عينيها : ها ما رأيك ؟!!

نظرت الى الرجل المقصود الذي كان ينقر باصابعه على كرسيه وينظر الى اخاه بنصف عين

احنت رأسها قليلا ووجهها قد تلون الى مئة لون

في الحقيقة هي هنا كرِجل كرسي ، طوال النهار جالسة لا تفعل شيئا عدا توافه الامور!

فأي كذبة هي تلك التي افتعلها هذا السيد ؟!!



ولكنها قد نطقت وهي تهز برأسها الى اسفل واعلى قائلة في همس وصوت غريب عنها

_ حسنا لا بأس ... واخذت تقلب راسها في كل اتجاه وهي قد غمرها البرود التام و كأن ما نطقت به لا يمت لها بصلة ولم يخرج من فمها !

فتسمع صوته القريب وكأنه مسرورا لسماع موافقتها على العمل في منزله

_ حسنا اذاً فلنبدأ من اليوم !

.

.



في تلك الباحة الخلفية للمنزل المظلم بأهله وتصميمه الذي يبعث الكآبة في النفس

تضم رجليها لصدرها وهي ترسم وجوه واحلام وعيون !!

من بينها كانت الصداقة الحميمة الاخوية

تلك الضحكات العفوية والتصرفات الغبية !!

لتجعلها تبتسم كم احتاجك الان بجانبي يا وداد

تذكر جيدا ذالك اليوم الذي ذهبتا فيه الى السوق لتشريا بعض القطع الجديدة بمال وداد الذي لم تبخل به عليها

وهما تقطعان السوق جيئة وذهابا مذهولات بما تعرضه كل تلك المحلات من ملابس جميلة وعِــــبي راقية

ليس مثلما تلبسان فهما تبدوان كالمشردتان !!

تذكر حركة وداد التي مدت يدها فجأة بغير قصد لتجد رجل قد وضع المال في يدها ظناً منه انها متسولة !

تتعالى ضحكتها وهي تذكر منظر وداد المصدومة التي اخذت تتطلع حولها في خوف ان احد قد يكون رآها

وهي تنظر الى وجه مريم

وكيف انها اخذت تجري وراء ذالك الرجل لتجذبه من ملابسه ليصدم الرجل من تصرفها

فهو كاد يقع على مقفاه من دفعتها القوية

لتضع المال في يده التي امسكت بها وهي غاضبة منه

خذ مالك فأنا لستُ بشحاذة وتتركه وهي تقول له أنه احمق

بينما الرجل كان ينظر الى يده واليها فيرد عليها بقوله

ليس ذنبك بل ذنبي انني قد أحسنت لمتشردة مثلك ..متوحشة !!



يا ترى كيف حالك الان يا وداد ؟ مالذي تفعلينه ؟ هل تفكرين بي وبأيامنا ؟!!

تنظر الى السماء الحمراء بشمس غروب صافية موقنة بأنها ستعود ذات يوم !!



نهاية المشهد الخامس عشر .

عصفورالجنة 31-10-13 10:46 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
http://www.alhabeib.com/vb/uploaded/1786_1222825550.gif

عصفورالجنة 31-10-13 10:47 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
http://up.msha3ry.com/uploads/msha3ry13323635635.gif

ريح الهوا 14-01-14 12:38 AM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 


أطلب حذف الرواية


ريح الهوا 18-01-14 02:28 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 

السلام عليكم

أتمنى من القائمات على المنتدى حذف الرواية لعدم تمكني من تنزيل بقية الاجزاء وهي قد قاربت على الانتهاء في المنتديات الاخرى ..

تحياتي و اعتذاري .

ريح الهوا 15-05-14 01:38 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
للمرة الالف اطالب من هنا لديه آذان ان يحذف الرواية !!!!

ارادة الحياة 15-05-14 04:30 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
السلام عليكم
الرواية رائعة وانتي مكملتها
ليش متنزليها
ليش الحذف قراء ليلاس يستحقون الاستمتاع بمثل هذه الراوية
ودي لك اتمنى ان تتقبلي كلامي

ريح الهوا 15-05-14 06:53 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 3444213)
السلام عليكم
الرواية رائعة وانتي مكملتها
ليش متنزليها
ليش الحذف قراء ليلاس يستحقون الاستمتاع بمثل هذه الراوية
ودي لك اتمنى ان تتقبلي كلامي


مرحبا و السلام عليكم اوخيني

احترم جدا ردك ..
الرواية لها ما يقارب السنة في القسم و القراء لا يكترثون لها هذا اولا

ثانيا الرواية مكتملة نعم منذ 4 اشهر و لم اقدر نشرها هنا لقلة التفاعل

ثالثا هناك عضوة قد نشرت الرواية و نقلتها هنا باسمي الثاني ... ايفاادم ... وهي الان مكتملة و موجودة في القسم العام للروايات باسم ... حارس العذراء ...

اذا لا مبرر لوجود الرواية مرتين هنا فواحدة تكفي و يكفي ان من نقلت الرواية لها قراء اكثر من صاحبة الرواية نفسها

انا لا اعذر القسم و لا القراء و لا المشرفين حتى ..

اعتذر منك و شكرا لاهتمامك غاليتي ..

تفاحة فواحة 18-05-14 09:43 PM

رد: ارض الملائكة و حارس العذراء
 
تنقل للارشيف لوجودها واكتمالها في القسم العام


الساعة الآن 11:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية