منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t190171.html)

زهرة منسية 23-09-13 06:09 PM

392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أهلا و سهلا بأحلى عضوات رقيقات بأحلى منتدى و كمان أهلا و سهلا بكل زائرنا الكرام
اليوم ملتقانا مع رواية جديدة من روايات دار الفراشة
رواية مميزة لكاتبة مميزة جداً جداً جداً بالنسبة ليا

392 - حب خائف

لتحميل الرواية ككتاب من هنا

لـ

ريبيكا ونترز



منتديات ليلاس

زهرة منسية 23-09-13 06:20 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
الـــمــــلــــخـــص



ليس بإمكان هالى لين أن تقع فى غرام ذلك الرجل الفرنسى الرائع فنسنت رولاند....فهذا الأمر كان معقداً و صعباً للغاية , فهو سيغير حياتها إلى الأبد...
وكذلك لدى فنسنت أسباب تمنعه من التورط مع هالى.....
ــ آسف يا هالى...آخر ما أريد القيام به هو أن أجرحك. أريد أن أقفل الباب على هذا الفصل من حياتنا إلى الأبد .منتديات ليلاس
ــ أنا لا ألومك.
ــ ولكن هل بإمكانك أن تسامحينى ؟
نظرت إليه بعنف فرأى الدموع فى عينيها :
ــ ما هذا السؤال ! ألا تدرك أننى صديقتك ؟
صديقته ! إنه فى أعماقه يريد أكثر من ذلك بكثير.....


لا أحل نقل جهدى و تعبى دون ذكر المصدر
منتديات ليلاس

&
زهرة منسية


و رجاءاً إذا أعجبتكم الرواية لا تنسو الضغط على http://www.liilas.com/up/uploads/lii...9951930872.gif


زهرة منسية 23-09-13 06:31 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
فصول الرواية

الفصل الأول :
خاتم مشبوه
الفصل الثانى :
أشباح الماضى
الفصل الثالث :
عودى رجاءاً
الفصل الرابع :
قرارات جرئية
الفصل الخامس :
إعترافات جريحة
الفصل السادس :
متفاهمون ولكن ...
الفصل السابع :
إنـــــى أغــــــرق
الفصل الثامن :
غــضــب و نــــدم

الفصل التاسع :
حـــكــم الــــقــــدر
الفصل العاشر :
مــجـــرد بـــدايــــة
الفصل الحادى عشر :
الحــيـاة حـلــوة مـعـاً




زهرة منسية 23-09-13 06:35 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
غداً بإذن الله موعدنا مع الفصل الأول من الرواية

Rehana 23-09-13 07:13 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
الف الف مبروووووووووووووووك الرواية الجديدة .. زهوري

واكيد هي حلووة ما دام هي من اختياراك

ولك مني احلى تقييم وشكر وتثبيت وباقة ورد

http://www.girls-top.net/vb/storeimg...489795_317.jpg

لوشة العزاوي 23-09-13 10:02 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
الف

الــــــــــف مبروك حبيبتي

حبيت الملخص كثيير

بالتوفيق يالغالية

دووووومك مبدعة

: )

ريماس مصطفى 23-09-13 10:53 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
الف الف مبررررررررررررررروك حبيبتي لك مني اجمل تحية انا كتير عجبتني الرواية من ملخصها وانشاء الله اكون من متابعيكي

حياة12 24-09-13 05:36 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
زهووووووووووورتي :dancingmonkeyff8:

الف الف مبرووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووك روايتك الجديدة
http://4.bp.blogspot.com/-WJZlPppDCW...atulations.gif
مجهود راااااااااااااااااااااااااائع شكرااااااا بحجم السماء زهورتي الملخص شكله مشووووووق جداااااااااا :55: :55: :55: :55:

بس سؤال البطل تيت اووووووووووووي و لا تيت نص نص؟ :lol:

متابعة معاكي ان شاء الله :peace:
و اكيييييييد حتكون مميزة جداا لطالما من اختيارك مستنية الفصل الاول بشووووق كبيــــــــــر
مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

fadi azar 24-09-13 10:00 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
الف مبروك الرواية الجديدة

زهرة منسية 24-09-13 03:22 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3373645)
الف الف مبروووووووووووووووك الرواية الجديدة .. زهوري

واكيد هي حلووة ما دام هي من اختياراك

ولك مني احلى تقييم وشكر وتثبيت وباقة ورد

dh أهلين حبيبتى ريحانتى مبارك عليكم العيد الوطنى
تسلميلى حبيبتى على ثقتك
مشكورة على ذوقك ريحانتى
حلو كتير الوردات مثلك
موووووووووووووووووووواه

زهرة منسية 24-09-13 03:24 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لوشة العزاوي (المشاركة 3373696)
الف

الــــــــــف مبروك حبيبتي

حبيت الملخص كثيير

بالتوفيق يالغالية

دووووومك مبدعة

: )

الله يبارك فيكى لوشتى
مشكورة حبيبتى كتير
كلك ذوق لوشتى

زهرة منسية 24-09-13 03:30 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريماس مصطفى (المشاركة 3373719)
الف الف مبررررررررررررررروك حبيبتي لك مني اجمل تحية انا كتير عجبتني الرواية من ملخصها وانشاء الله اكون من متابعيكي

مرحبا دندون مشكورة حبيبتى
أهلا و سهلا بيكى يا قمر تشرفى الرواية
و إن شاء الله تستمتعى بأحداثها

زهرة منسية 24-09-13 03:37 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حياة12 (المشاركة 3373799)
زهووووووووووورتي :dancingmonkeyff8:

الف الف مبرووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووك روايتك الجديدة
الله يبارك فيكى حياااااااااتى
مجهود راااااااااااااااااااااااااائع شكرااااااا بحجم السماء زهورتي الملخص شكله مشووووووق جداااااااااا :55: :55: :55: :55:

بس سؤال البطل تيت اووووووووووووي و لا تيت نص نص؟ :lol:
هههههههههههههههه
هصيبك أنتى تحكمى بنفسك
ومن اول فصل أعرفى و تعالى قوليلى :)
متابعة معاكي ان شاء الله :peace:
و اكيييييييد حتكون مميزة جداا لطالما من اختيارك مستنية الفصل الاول بشووووق كبيــــــــــر
مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

أهلاً و سهلاً حيااااااااااااتى
أكيد بيفرحتى كتير متابعتك و تواجدك حياتى
و أنا مستنية بشوق أكبر تعليقاتك الحلوة
نورتى و شرفتى حياتى
مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

زهرة منسية 24-09-13 03:40 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3373828)
الف مبروك الرواية الجديدة


الله يبارك فيك أخى الفاضل
أتمنى أن تعجبك أحداث الرواية

زهرة منسية 24-09-13 03:46 PM

1 - خـــاتــــــم مــشــــبـــوهــ
 

1 - خـــاتــــــم مــشــــبـــوهــ



تناول فنسنت رولاند منشفة و هو يخرج من تحت الدوش فى جناحه فى الفندق اللندنى , بعد أن صمم على أن يطير إلى باريس بعد غداء عمل عصر هذا اليوم . سيأخذ توأميه فى عطلته الأسبوعية هذه إلى البيت فى سانت جينز . كان متلهفاً إلى ذلك . منتديات ليلاس
القصر,بدونهما أشبه بالقبر . فقد كانت السنة المدرسية بأشهرها التسعة, فراقاً طويلاً رغم الزيارات و المكالمات الهاتفية .
كان اليوم هو الخميس , و كانا يتوقعان مجيئة الجمعة , لكنه سفاجئهما . زهرة منسية
سيحتفل معهما الليلة بإنتهاء السنة الدراسية ثم يطيرون إلى قصرهم غداً .
سمع , أثناء حلاقته ذقنه رنين هاتفه الخليوى . ربما أحد ولديه يتصل به, فأسرع إلى الغرفة الأخرى ليجيب . لكن نظرة إلى الرقم المرتسم على شاشة التليفون أنباته بأن المخابرة من سانت جينز , فأجاب , راجياً أن لا يسمع خبر سيئاً:" نعم ؟ "
ــ صباح الخير فنسنت .
كانت هذه مدبرة المنزل , و كان صوتها مبتهجاً .
ــ صباح الخير إتفيج . كيف حال الجد موريس؟
ــ لا تقلق ! لقد خرج لتوه مع بوريغارد فى مشوارهما الصباحى.
شعر لذلك بالإطمئنان . كان جده و كلبه , فى غياب التوأمين قد كرسا وقتهما لبعضهما البعض .
ــ أتصل بكالبنك من هنا فى باريس , يريدك السيد جايد أن تتصل به فى أسرع وقت ممكن . و هذا هو رقم تليفونه.
السيد جايد ؟ لم يتحدث فنسنت إليه منذ فتح حساباً للتوأمين فى الخريف الماضى.
دون الرقم ثم قال :"شكراً إتفيج. أخبرى الجد موريس بأننى سأتصل بالرجل من باريس"
عندما انتهت المخابرة, أتصل على الفور بمدير البنك.
ــ شكراً لإتصالك بهذه السرعة , يا سيد رولاند. كنت قد طلبت منى الأتصال بك إذا دُعيت الحاجة.
ــ طبعاً , أية خدمة ؟
ــ أريد أن أخبرك بأن أبنك كتب شيك بمبلغ كبير منذ يومين . فرأيت أن أتأكد من موافقتك قبل أن أدفعه له.
ــ ما مقدار المبلغ؟
منتديات ليلاس
ــ إنه ثمانية آلاف و سبعمئة يورو . لن يبقى شئ فى الحساب.
تماكت فنسنت خيبة الأمل و هو يرى أن أولاده لم ينتظروا حضوره قبل أن يصرفوا المبلغ .
ــ لا بأس فقد وعدتهما بسيارة إذا هما نجحا فى إمتحان آخر السنة.
ــ سيارة؟ لكن هذا التشيك هو بأسم كتجر مجوهرات "فيندوم"
مجوهرات.....
و تملكته رجفة . مجرد سماعه هذه الكلمة يذكره بأكثر فترة من حياته سواداً.
ــ أوقف صرف الشيك حتى أُراجع الأمر.
ــ لا بأس , سيدى . هاك رقم تليفون
ما إن أنهى فنسنت المخابرة حتى أتصل بمتجر المجوهرات : لم يستطيع أن يصور سبب كل هذا. ذلك أن ولديه كانا على العموم موضع ثقته و....
ــ "بيجو فندوم"
ــ صباح الخير يا سيدى. هل يمكننى الحديث مع المدير؟
ــ هو يتكلم .
ــ أنا فنسنت رولاند.
ــ آهـ, نعم, سيد رولاند . منذ أيام قام أبنك هنا بشراء خاتم ثمين للمرأة التى سيتزوجها . إنه مغرم بها للغاية و قد أصر على أن يكون الخاتم بلون عينيها الفيروزى .
ــ يا إلهى.
ها هو ذا التاريخ يعيد نفسه! و ما أشبه الولد بأبيه .....
منتديات ليلاس


زهرة منسية 24-09-13 03:51 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ــ هـــالـــــى ؟
كانت هالى قد خرجت لتوها من فرع متجر "تاتى" فى باريس حيث كانت تعمل عندما سمعت صوتاً مألوفاً يناديها . عندما التفتت كان تاكسى يقف بجوارها و ينفتح باب المقعد الخلفى حيث جلست مونيك رولاند , الفتاة الفرنسية المرحة التى تعلقت بـ هالى طوال السنة المدرسية الماضية .
سألتها هالى :"ماذا تفعلين هنا؟"
ــ أنتظرك . إنه عيد ميلادك و سنحتفل به !
عيد ميلادها ؟ لقد نسيت كل شئ عنه . و فوق ذلك كانت هالى قد ودعت مونيك و أخاها بول نهائياً منذ يومين . كانت هالى واثقة من أن هذا مجرد عذر آخر لكى يجتمعوا , هم الثلاثة , قبل أن يذهب التوأمان إلى موطنهما فى منطقة دوردوينى فى فرنسا لقضاء فصل الصيف منتديات ليلاس
وجود مونيك غير المتوقع خارج مكان عمل هالى , يعنى أن المراهقين , يتيمى الأم , ما زالا لا يستطيعان أن يفارقاها لأنهما يشعران باللوعة لذلك.
و فى الحقيقة , كذلك كانت هى , إذ أنها , طوال مدة وجودها فى منتديات ليلاس باريس بصفة راهبة غير مكرسة تخدم فى برنامج الدومينيكان الدولى , عرفت و أحبت هذاين التوأمين المبكرى النضج كأخوين لها . و قضاء المزيد من الوقت معهما سيجعل فراقها لهما أصعب , لكنها مضطرة إلى ذلك . فهى ستدخل الدير فى سان دييغو فى كاليفورنيا بعد أسبوعين .
ــ كيف عرفت أن اليوم هو عيد ميلادى , بينما أنا لم أتذكره ؟
ــ عندما كنا نجتاز القنال لتمضى يوماً فى إنكلترا , أختلس بول نظرة إلى جواز سفرك . و الآن أصعدى إلى التاكسى لأننا نعرقل السير.
فقالت هالى دون أن تتحرك من مكانها :"المفترض أن تكونى الآن فى المدرسة حيث يقيمون , كما تعلمين , عشاء الوداع السنوى للمدرسة ."
ــ أنا أفضل أن اكون معك , لا تقلقى فقد حصلت على إذن تغيب حتى الساعة الثامنة , هيا بنا , فنحن نضيع الوقت.
و هنا تمتم السائق النافد الصبر بشتيمة إضطرت معها هالى إلى الصعود , رغماً عنها إلى المقعد الخلفى بجانب مونيك . و سرعان ما اندفع السائق بالسيارة كالسهم إلى خضم السير ....
ــ إلى أين نحن ذاهبون بالضبط؟ زهرة منسية
ابتسمت مونيك بمكر :"هذه هى المفأجاة "
ــ مفأجاة أخرى ؟
كانت هناك مفأجات كثيرة أثناء التسعة أشهر الماضية و لكن لم يحدث قط أن كان ذلك فى تاكسى. دوماً كان ذلك يحدث عادة فى أثناء سيرهما أو وجودهما فى قطار عادى أو قطار تحت الأرض .
ــ هل المكان بعيد ؟
فأجبت مونيكا بغموض :"أنتظرى و سترين !"
ــ أنظرى فى عينى و أقسمى أن الناظرة منحتك إذناً بالتأخير هذه الليلة .
القت مونيك برأسها إلى الخلف بإزدراء , فقالت هالى :"هذا ما ظننته , أنت لا تخرقين القوانين فقط بل أيضاً ستكلفك أجرة التاكسى أكثر مما تتحمله ميزانيتك . سأخرج من التاكسى عندمفترق الطرق التالى "
فصرخت مونيك :"كلا , لا يمكنك القيام بذلك و إلا أفسدت كل شئ"
نبرة معينة فى صوت مونيك أنبأتها بأن التوأمين قد خططا لهذا الأمر منذ فترة طويلة .
ــانت تعلمين أننى لن أفسد مفأجاتك , لكننى أكره أن أرى كلا منكما يتعرض للمشاكل فى آخر ليلة لكما فى المدرسة
ــ لق نجحت فى شهادتى النهائي ة بمستوى مرتفع جداً , هذا إلى أن الناظرة لن تجرؤ على أن تعرضنى لمشكلة مع بابا . منتديات ليلاس
ــ و ما الذى يمنعها ؟
ــ حتى الآن , قاوم أبى محاولاتها لإغرائه , لكنها لم تذعن بالفشل بعد.
وتر هذا التعليق الساخر الخارج من فم هذه الفتاة الرائعة أعصاب هالى , بينما إستطردت مونيك قائلة:"لا تـُبدى هذه الصدمة . كنت أخبرتك من قبل بأن كل النساء يرين أبى جذاباً لا يمكن مقاومته سواءً مع المال أم بدونه"
و بينما كانت هالى تستوعب ما سمعته عن الناظرة , لاحظت أنهما وصلا إلى المنطقة السادسة عشر المعروفة بأنها من أكثر مناطق السكن رقياً و أهمية فى باريس.
سار التاكسى فى شارع دى باسى بمتاجره الكثيرة , ثم أنعطف إلى شارع آخر ليتوقف أخيراً أمام منتديات ليلاس مبنى للشقق السكنية , و كان هذا مثالاً بديعاً للهندسة المعروفة بأسم (فان دى سييكل) حيث لا يتمكن من الإقامة هنا سوى فأحشى الثراء مثل والد مونيك.
نزلت الفتاتان من التاكسى و دخلتا بهو المبنى الأنيق حيث أستقلتا المصعد الذى صعد بهما إلى الطابق الثالث ليتخرجا منه إلى شقة فخمة ذات غرف مترفة . و كان أثاثها من روائع الطراز التراثى , و مع ذلك كان تنظيمها و تناسبها بالغى التأثير بالنفس.
توجهت مونيك إلى الباب المؤدى إلى الشرفة , ثم هتفت و هى تمنح هالى ابتسامة مرحة :"آهـ , إنه مشهد غابة بولونيا الذى تحبينه"
باريس فى الربيع , كان مشهد رائعاً. لكن هالى لم تستطيع التركيز عليه , فهى كثيراً ما تتحفظ على قضاء مزيد من الوقت مع التوأمين.
ــ هل يعلم أبوك بهذا ؟
ــ أوهـ , ....أنه , لمعلوماتك الخاصة , فى لندن فى عمل و لن يعود قبل عصر الغد . و قد منحنا أنا و بول الإذن لاستعمال الشقة فى المناسبات الخاصة . و عيد ميلادك الخامس و العشرين هو حدث هام.
رغم أن هالى لم تتعرف أبداً على فنسنت رولاند , إلا أنها كانت معجبة به سراً . لقد قام بدور ممتاز فى تربيتهما بغياب الأم , فهما لا يدخنان أو يتعطيان المخدرات أو يسرفان فى تناول الكحول . و الاثنان تلميذان غير عاديين , يتألقان بذكاء و سحراً . أنهما , فى رأى هالى , رائعان للغاية , و هو يستحق كل التكريم لأبوته الممتازة .منتديات ليلاس
أما ما لم تستطيع فهمه فهو السبب الذى جعله يرسلهما إلى مدرسة داخلية , و كيف استطاع لأن يتحمل فراقهما . أما بالنسبة إلى التوأمين فقد كانا شغوفين به. و كانت هالى تعلم أنهما يعيشان على زياراته لهما و أتصالاته التليفونية .
ــ أنا أكره أن أراكما تستغلان كرم أبيكما لأجلى....
نحن لا نفعل ذلك أبداً و لكنك , كما سبق و قلت لك , تقلقين لأجلنا أكثر من اللزوم , إننا سنمكث هنا ساعة واحدة فقط . لا تكونى مزعجة كسجدة مبتلة....؟ أهكذا يقال ؟
و ضربت الأرض بقدمها بفروغ صبر
ــ إذا كنت تريدين أن تظهرى عصرية , حاولى أن تقولى :"لا تكونى مسببة للألم بهذا الشكل"
و غرقت الفتاتان فى الضحك .
كانتا غير متناسبتين فى الحجم , فقد كانت هالى تزيد مونيك بعشرة سنتيمترات طولاً.
كان شعر الفتاة الفرنسية مقصوصاً على شكل خصلات بنية قصيرة تحيط بوجهها . أما شعر هالى الأشقر الذى يبلغ ذقنها طولاً فقد كان مصففاً بطراز يجعله يبدو مشعثاً . فهو لا يحتاج إلا إلى القليل من العناية . لكن هذا لم يكن الفرق الوحيد بينهما . تلبس هالى دوماً أرخص تنورة و بلوزة تجدها فى السلال التى تحتوى على الملابس الرخيصة فى متجر تاتى أما مونيك فترتدى آخر أفخر الملابس الإيطالية التصميم عندما تكون خارج المدرسة , و بهذا الشكل كانتا تخرجان معاً إلى تشارترز أو جبل سانت ميشيل لزيارة الكنيسة المشهورة .
ــ مرحباً بكما
منتديات ليلاس
قابلهما بوم توأم دومينيك على الشرفة و قبلهما على الوجنات . كان بجمال أخته مع قامة تبلغ الست أقدام , و كان التوأمان بالغى الأناقة . كان يلبس الآن قميصاً رياضياً و بنطلون جينز . بدا واضحاً أنه سيكون بعد ثمانى أو عشر سنوات , رجلاً جذاباً للغاية. و كان مع أخته يتصرفان هنا و كأنهما صاحبى الشقة . ربما كانت هالى تصرفت بحرص بالغ , لكنها تعلم أن التوأمين تعلما فى أرقى المدارس الخاصة و يلتزمان بقواعد صارمة , و لم تشأ أن تكون سبباً فى إنحرافهما عنها
ــ الحمد لله لوصولك بول . إن هالى تظن أنه ما كان ينبغى أن نكون هنا . إنها مستعدة للهرب من القفص.
قالت هذا لأخيها , فعلقت هالى على الفور :"وهذا تعبير آخر عليك أن تهجريه , إذا شئت أن تتحسن لغتك الإنجليزية . سأشترى لك كتاب حول مصطلحات اللغة . و لكن لسوء الحظ , عندما تحفظينها عن ظهر قلب كل تلك الاصطلاحات تكون قد أصبحت هى أيضاً قديمة الطراز "
فضحك بول :"أنت هنا الآن و لن ندعك تذهبين قبل أن نحتفل بعيد ميلادك . تعاليا معى "
تبعاه إلى غرفة الطعام غرفة الطعام حيث ملأ ثلاث كؤوس من العصير .
رفع رأسه :"عسى أن يكون عيد ملادك هذا هو الأسعد فى حياتك !"
و تقارعت الكؤوس.
لقد نظما هذه الحلفة الصغيرة على شرفها . و تأثرت و هى تدرك مبلغ ما تكلفاه من مشقة لذلك.
إنها ستترك لهما قبل مغادرة باريس رسالة أخيرة نودعهما فيها و تتمنى لهما حياة سعيدة . فلماذا لا تستمتع بهذه اللحظة غير المتوقعة من الصداقة الحميمة ما داموا معاً؟



منتديات ليلاســـ

زهرة منسية 24-09-13 03:57 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

إعتذرت مونيك لتغيب فى الغرفة للحظة , ثم عادت تحمل طرداً ملفوفاً لابد أن بول أحضره معه.
وضعت هالى كأسها على المائدة لتتمكن من فتح الطرد. كان يحتوى على وشاح رائع الجمال من الشيفون بألوان القهوة و الحليب مع اللون الأبيض .
ـــ سيبدو هذا جميلاً مع تنورتك البنية اللون .
فقالت و قد خنقتها المشاعر :"إنه جميل , مونيك . و لكن ما كان عليك أن تكلفى نفسك"
و ربطت الوشاح حول عنقها لكى ترى كيف يبدو عليها .
ــ كنت أريد أن أهديك أشياء أكثر بكثير و لكننى كنتت اعلم أنكلن تقبليها . يمكنك على الأقل أن تلبسى هذا الوشاح أثناء الوقت الباقى لك فى العمل فى متجر تاتى.
ــ سأحتفظ به دوماً بذكريات هذا اليوم.
قالت هالى ذلك لا تريد الجدل , فهى ستعيده إلى مونيك بالبريد مع الرسالة . إنها لا تريد أن تنفق نقودها على الهدايا .
مالت الفتاة الفرنسية برأسها :"إنه يبدو أنيقاً للغاية مع هذا القميص الأبيض الذى تلبسينه "
ــ سيبدو أنيقاً مع قمصانى الأخرة أيضاً
ــ أعلم هذا , فهى كلها بيضاء.
و فجأة ضحكوا جميعاً . كان لديهم حس جميل بالفكاهة . كانت هالى تحبهما و شعورها بالفراق مؤلماً للغاية
ماك كان مفروضاً منها أن تعقد صدقات . لكن ذلك حدث على كل حال . كانت المرة الأولى فى سان دييغو حيث كانت تسكن مع غابى بيريس قبل قدومها إلى فرنسا .
كانت غابى و هى محامية أرمل مهاجرة , قد تشاركت مع هالى شقو واحدة اختصاراً للتكاليف , قد تزوجت الآن "ماكس كالدر" مدير المخابرات المركزية السابق و أنجبا طفلة سمياها هالى
ــ و الآن أرجو المعذرة سأعود بعد ربع ساعة .
فنظرت هالى إليها بحيرة :"لكننا جئنا لتونا , فلماذا نخرجين ؟"
فقال بول بابتسامة غريبة :"إنها ذاهبة إلى المتجر المفضل لديها قبل الإقفال إليس كذلك؟"
ــ هذا صحيح , سأعود فى لحظة
بعد ذهاب مونيك , ألتفتت هالى إلى بول :"أنتما تتصرفان بشكل غامض "
ــ هذا لأننى أريد أن أنفرد بك .
ــ لــــــــــمــــــــــــــــــاذا ؟
ــ لكى أفعل شئ طالما تمنيته .
ــ و مــــــــــا هـــــــــــــــــــو ؟
ــ هـــــــــــــــــــــــــــــــــــذا
و فى اللحظة التالية أحاط وجهها بيديه و عانقها بقوة.
تفاجأت كثيراً من تصرفه الغريب . و قررت أن تعتبر هذا أحدى مزحات بول الصغيرة , فقد كان مداعباً فظيعاً أحياناً .
ــ أوهـ .....إنه العناق الأخير قبل أن أذهب إلى العزلة . جعلت عيد ميلادى هذا خالداً فى ذاكرتى.منتديات ليلاس
ــ كنت أتمنى القيام بهذا منذ وقت طويل .و الآن , أغمضى عينيك . لدى شئ آخر لأعطيك إياه.
فقالت بحذر :"أظنك قمت بما يكفى ليوم واحد."
لكنه تجاهل قولها هذا , و بسرعة البرق أمسك بيدها اليسرى و وضع شيئاً معدنياً بارداً فى إصبعها .
تلاشت ابتسامتها و هى تلمح الحجر المربع الفيروزى على الذهب الأصفر. كان وزن الجوهرة ثلاثة قراريط على الأقل ! و جعلها صفاء الحجر الكريم و لونه تشهق.
حتى لو كان زائفاً , لابد أنه كلف مبلغا كبيراً . مبلغ يفوق قدرات بول المالية و نضجة غير المكتمل. إهداؤها هذا الخاتم فى الوقت الذى يعلم فه ما هى مقدمة عليه عمل غير منطقى , ما الذى يظنه ؟
وهمت أن تسأله , لكن المشاعر المتدفقة من نظراته جمدتها و منعتها من الحديث .
ــ أتمنى أن يكون عيد ميلادك الخامس و عشرين سعيداً يا جميلتى .
طرفت هالى بعينيها ....فقد كان بول جاداً.
أحست زهرة منسية بأنه يرتعش . لقد ذهب ذلك الحب المازح و المداعبات البرئية التى كانت تميز علاقتهما
منذ متى كان لديه هذه المشاعر ؟
لقد كان بقاؤها مع التوأمين , جزء من خدماتها . و لم تدرك أنه أصبح مفتونا بها.و إذا كان هناك دلائل فهى لم تلاحظها
ــ إنها قطعت مجوهرات رائعة , ولكن عليك أن تعيدها إلى المتجر . منتديات ليلاس
فأمسك بيديها بشدة كيلا تخلعه :"لا تكونى سخيفة! حتى لو لم تلبسيه , أريدك أن تحتفظى به كى يذكرك بى على الدوام "
ــ لا يمكننى ذلك , بول . إنك تعرف السبب . فالأشياء المادية لا تهمنى. عندما أدخل الير لن آخذ معى شيئاً.
فنظر إليها متشككاً :"أنا معتمد على عدم دخولك الدير . إننى متيم بك غراماً يا هالى ...."
صرخ بذلك بكل ما يحويه غرام المراهقين من حماسة , و غيرة , و تابع يقول:"سأبقى فى باريس حتى أقنعك بالقدوم معى إلى بلدى فى سانت جينز . أنت لم تُخلقى لتكونى راهبة". إننى أرجو أن تكونى زوجتى ذات يوم."
زوجته..........؟
و شدها إليه بقوة مدهشة مليئة بالمشاعر المحمومة .
لم تستطيع أن تُ صدق ذلك دفعته بصدره و هى تهتف :"بول..."
لكنه كان قوياً للغاية ! دعت الله أن يلهمها كيف ترفضه دون أن تؤذى كرامته.
ــ ما الذى يحدث هنا بحق الله؟
كان هذا صوت رجولياً عميقاً اخترق السكون , فقفز بول مبتعداً عنها و قد توهج وجهه بالشعور بالذنب.
أما هالى , التى كان رأسها ما زال يدور لعمق شعور بول نحوها ....
ذلك الشعور الذى أخفاه طوال تلك المدة ....فقد كانت ردة فعلها لهذه المقاطعة أكثر بطئاً . ذلك أنها , طوال الوقت كانت تعتبره أخاً أصغر لها .
قال بول بصوت خافت :"بابا...ظننتك فى لندن"
ــ هذا واضح . كان لدى إنطباع سخيف بأن ولدىّ قد يستمتعان بعشاء إحتفالى معى هذا المساء . و لكن يبدو أن ذوقك إندفع إلى شئ أقوى بكثير .
لم يكن هناك ثمة شك فى أن فنسنت رولاند قد دخل إلى غرفة الطعام , و ذلك من لهجته اللاذعة و هو يرى ابنه ذا الثمانية عشرة عام يعانق امرأة غريبة فى مشهد إحتفالى غريب. منتديات ليلاس
و هزت هالى رأسها . كانت الشواهد تدينها تماماً....و لا يمكن أن تكون أسوأ من ذلك بالنسبة إلى بول . ومع هذا لم تكن مدهوشة حقاً . كان يجب ألا تتجاهل غريزتها بأن التوأمين أخطأ فى الهرب من المدرسة ليحضراها إلى شقة والدهما.
كما أن هالى لم تكن تتوقع أن يأتى الرجل بنفسه من إتجلترا فى نفس اللحظة التى إختارها أبنه لكى يكشف لها عن مشاعره . و دفعها الفضول إلى النظر ناحية السيد رولاند , فوجدت نفسها تحدق إليه.
كان التوأمان قد أرياها صورة أبيهما , لكن الكاميرا لم تلتقط جاذبيته المثيرة المشوشة للذهن . لم تكن تظن أن هناك من هو أكثر جاذبية من عريسها الذى مات فى حادث سقوط الطائرة الفزيع ذاك منذ سنتين...لكنها كانت مخطئة .
لقد ورث التوأمان شعر أبيهما الأسود و عينيه البنيتين . لم يكن هناك أثر من براءتهما فى عينيه الثاقبتين وهو يشملهما بنظرته مقيماً صفاتها الأنثوية بلحظة طويلة جادة. منتديات ليلاس
كانت هالى موضوع أنتباه الرجال منذ مراهقتها و قد اعتادت على ذلك. و على كل حال , بدا لها أن هذا الرجل كان يتطلع إلى شئ آخر غير جمال قوامها . كان الوشاح الثمين يبدو فى غير مكانه مع التنورة البلوزة البيضاء الرخيصتين .
تقدم إلى داخل الحجرة و يداه السمراوان على وركيه .كان يلبس كنزة باهتة الزرقة و بنطلون جينز يبرز قوة ساقية . و بثت رجولته المتدفقة الاضطراب فى حواسها . و مع إقترابه , أستطاعت أن تراه يتجاوز بول طولاً بعدة إنشات . رفع حاجبه الأسود باستياء : "ألا يـُفترض بك الأحتفال بنهاية السنة الدراسية مع زملائك؟"
فتنحنح بول :"عيد ميلاد هالى أهم كثيراً من وجودى مع مجموعة من الفتيات أبى , هل لى أن أقدم لك صديقتى , الآنسة لين ؟ تعارفنا فى الخريف الماضى"
منتديات ليلاس
تغضنت ملامحه و هو يعود إلى تفحص وجهها مرة أخرى . ثم انحدرت نظراته إلى أن استقرت على الحجر الفيروزى فى إصبعها :"الآنسة لين"
قال هذا بفتور مهين كأنه لا يحتمل حتى الاعتراف بوجودها ....
تملكها الاضطراب . من المؤكد أن رؤيته لإبنه يعانقها لا يجرّ كل هذا الحقد.
قالت تريد تهدئة الوضع :"أهلاً و سهلاً سيد رولاتد . أولادك يتغنون دوماً بمدحك , و أنا مسرورة بالتعرف عليك"
ــ هل يمكننا الذهاب إلى غرفة الجلوس لحظة بابا ؟
ــ لا, لا يمكننا ذلك....
كان غضبه الهائج الكامن وراء هدوئه هذا ظاهراً و عيناه مازالتا مركزتين على الخاتم فى إصبعها :"ما دامت الآنسة لين بهذه الأهمية فى حياتك, لا أرى سبباً يُبعدها عن هذا الحديث"
ــ حبى لها هو صحيح , فهى تعنى لىّ كل شئ , و سأتزوجها فى الوقت المناسب.
ــ بــــول !
إنها ترفضه تماماً و ليس فقط لأنها تكبره سنناً و خبرة .
ــ كم هذا ممتع... لقد فهمت الآن السبب الذى يجعلها تلبس جوهرة جعلك ثمنها تسحب من البنك بقيت رصيدك للسنة المدرسية!
فتأوهت هالى .كان بول يستعر ثراءه أماها بسبب افتتانه به . هذا ما جعله يرتكب هذه الغلطة الحمقاء المكلفة للغاية :"دوماً سأتذكر أنك أعطيتنى هذا الخاتم يا بول لكنك تعرف الأسباب التى تمنعنى من قبوله"
كانت تريد أن تحافظ على شعوره , لكنه تجاوز الحد ما جعله بحاجة إلى هزة توقظه . خلعت الخاتم من إصبعها دون تردد و وضعته على المائدة .
فشحب وجهه.
قال أبوه:"فات الوقت على إقناعى بأنك لم تكونى تنوين الأحتفاظ به , يا آنسة لين"
فاستدار بول إليه:"أنت غير متفهم, يمكننى أن أشرح الأمر"
ــ أراهن على ذلك , كما بإمكانك أن تخبرنى كم من المرات أحضرتها إلى شقتى منذ الخريف الماضى"
فقالت هالى بهدوء :" لم أحضر إلى هنا قط قبل الآن"
حتى هذه اللحظة , لم تكن اهتمت بنفسها , بل كان غضبه البالغ من بول هو الذى أقلقها . كان لدى السيد رولاند كل الحق فى أن يستاء . لكنه كان يستشيط غيظاً , و لم تكن لتحتمل مدى الضرر الذى قد يحدث إذا أذل بول أمامها .
فابتسم لها ساخراً :"طبعاً لم تفعلى ذلك. تماماً كما أنك لم تكونى تعلمين أن ذلك الحجر الكريم كان حقيقياً . و لا أدرى ما الذى أستطعت إستخلاصه بالحيلة غير هذا"
نظرت إليه بعينين لا تطرفان :"يسعدنى أن أتحدث معك عن هذا الأمر , لكننى أرى أن تتحدث مع أبنك على إنفراد أولاً"
لم تصل إبتسامته الباردة إلى عينيه :"ليست مهتماً بما ترينه , يا آنسة لين . كلما تحدثت أنت أكثر كلما إزداد إقتناعى بأن الخاتم هو جزء من مشروع واسع للسلب لا تحلم بتنفيذه سوى شابة لها سحرك و وقاحتك"
فصرخ بول :"و الآن أنتظر لحظة. ليس لديك الحق فى أن تتحدث إلى هالى بهذا..."
ــ كفى أتظننى معتوهاً كلياً ؟إياك أن تصرخ بىّ بهذا الشكل مرة أخرى, و لا تتحدث معى عت الحقوق . لقد فقدت كل حق لك فى ذلك منذ أن اسأت أستعمال ثقتى.
و إذا بصوت مونيك يتعالى فى الردهة :"هذه أنا قادمة. لقد عدت و أنتهى دورك يا بول , إننى أنبهك فى حال كنت أقطع عليكما أى شئ ...."
أنهى صوت مونيك هذا الجدل العقيم . لقد ساعدت هذه القردة الصغيرة أخاها و شجعته لكى ينفرد بها. لقد عرفت الآن كل شئ.زهرة منسية
لم تستطيع أن تفهم كيف فكر التوأمان فى أن بإمكانها أن تهتم عاطفياً بـ بول الذى يصغرها بسنوات عديدة و أنا يمضيا كل هذه الأشهر معها و مازالا لا يقدران إلتزامها بالرسالة التى إختارت أن تتبعها.
كلما فكرت فى ذلك , كلما إفترضت أن الأمر هو قضية فتى و فتاة مثاليين يؤمنان بما يريدان أن يؤمنا به.
هما من أخبرا هالى أن أمهما توفيت أثناء ولادتها لهما . و قد بذل أبوهما مجهوداً كبيراً ليكون أباً صالحاً .
ــ أهكذا ....تعود الأبنة المبذرة إلى مشهد الجريمة محملة بملابس أكثر مما ينبغى.
فى اللحظة التى دخلت فيها مونيك غرفة الطعام , بدا الأرتباك على وجهها , و جمدت أمام أبيها متمتمة و قد صدمها وجوده :"بابا....ظننتك لن تكون هنا قبل الغد."
ــ هذا واضح , و إلا كان هذا الاحتفال السرى البسيط ليمر دون أن أكتشف أمركم . تسعة أشهر والآنسة لين تملك (شيكاً على بياض) لإستغلال ولدى و تحريضهما لكى يتخليا لها عما لديهما من مال ناسيين أننى انا الذى زودتهما به. و يدهشنى أنه ما زال لديك من النقود ما يمكنك من شراء أى شئ.
أختطف العلبة من تحت إبط مونيك و فتحها فأنزلق منها ثوب كوكتيل أحمر وهاج :" هل هذا هدية أخرى للآنسة لين المحرمة المعدمة؟"
لم تكن هالى تظن أن تنورتها و بلوزتها يبدوان إلى هذا الحد من السوء .
بينما كان الأب يتابع قائلاً :"يبدو أنها استفادت منكما تماماً....هذا الوشاح الثمين, مثلاً . و هذا الثوب الراقى التفصيل , ثم خاتم بقيمة تسعة آلاف دولار.
تسعة آلاف دولار....
و إشتبكت عيناها الذاهلتان بعينيه . و توترت شفتاه و هو يقول :"إنها غنيمة جيدة تماماً بالنسبة إلى عمل يوم واحد آنسة لين"
اغرقت عينا مونيك بالدموع و هى تشهق قائلة :"بابا...ماذا حدث؟ إنك مخطئ فى كل شئ يا أبى"
فانتصبت فى وقفته :"يبدو أن أبنتى و أبنى مخدوعان. أنت تعرفين معنى هذه الكلمة , أليس كذلك؟ فالخداع هو أن يغش الشخص أناساً آخرين بعد كسب ثقتهم"
و أخذ صدره يعلو و يهبط , فصرخت مونيك :"هالى تخدعنا ؟ هذا مستحيل! هذه حفلة عيد ميلادها و قد جعلناها مفاجأة لها دون أن تعلم عنها شيئا! كانت, فى الواقع , خائفة علينا جداً من أن نقع فى مشكلة , حتى أنها فى البداية رفضت القدوم معى فى التاكسى"
ــ لكنها جاءت . و منذ لحظات , كانت تلبس خاتماً يساوى ثروة و كانت تشكر أخاك بتلك الطريقة الأنثوية المعروفة منذ القدم و التى تقود الرجل إلى خرابه.
صدم هذا الموقف التوأمين اللذين كانا يتحدان أباهما مثلاص أعلى....
كان هذا الرجل ناجحاً فى أعماله , بالنسبة إلى أسرته . لكن هذا الشخص العنيد الواقف بالقرب منها لم يكن يشبه ذلك الردل المثالى الذى فى خيالها إلا قليلاً. منتديات ليلاس
قال و هو يصر بأسنانه :"ألا تدركان أنها تخدعكما و تعطينى سبباً قوياً لأشك فى نجاح تربييتى الأبوة لكما؟"
سمعت هالى العذاب فى صوته فقط , و بالرغم من غضبه , كان تأثير ذلك عليها قوياً.
ــ ستذهبان . أنتما الإثنين , الآن إلى حيث تستقلان تاكسى تعيدكما إلى المدرسة, و سأوافيكما إلى هناك بعد حديث قصير مع الآنسة لين .
مزيج الآلم و المرارة فى عينى بول سبب لـ هالى الخوف على مصير العلاقة بينه و بين أبيه .
كان غضب بول مخيفاً أكثر من غضب أبيه , ذلك لأنه صغير السن حساس للغاية . و قد فوجئ بالجرم المشهود فى أدق لحظة فى حياته و أكثرها زعزعة و عدم ثقة و سيستغرق منه الصفح عن أبيه وقتاً طويلاً .
هبط قلبها عندما اندفع كالعاصفة من غرفة الطعام , فتركه أبوه يذهب.
حملقت مونيك فى أبيها و كأنها لم تره قط من قبل. ثم أنتقلت نظراتها المجروحة إلى هالى و حركت شفتيها بكلمة (آسفة) قبل أن تسرع خلف أخيها .
و فى اللحظة التى سمعت فيها صوت باب المصعد ينغلق , قالت :" أرجوك لا تدعهما يخرجان بهذه الطريقة . أركض خلفهما بسرعة و اعتذر منهما قبل أن يحدث للعلاقة بينكما مزيداً من الضرر"


نهاية الفصل الأول

حياة12 25-09-13 05:50 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
مرحبااااااااااااا زهورتي العسووولة

ايه اخبارك يا جميل
مجهوود فووووووووووووق الرااااااااااااائع كالعادة تسلم ايديكي يا قمرية :55: :55: :55: :55:

للاسف لما بدأت اقرأ الفصل افتكرت اني قرأت الرواية قبل كده يخربيت الزهايمر :lol:

بس بجد الرواية تحـــــــــــــــــــــــــــفة و رولاند مش تيت اوي بس حسيبكم تشتموه برضو لانه زودها شوية الفصل ده
اينعم هو معذور و الموقف مش مساعدها خاااااالص بس لسانه كان طويل الحقيقة :party0033:

و مقدرش اقول غير اني حبيييييييييت شخصية هالي جدااااااااااااا

تسلم ايديكي زهورتي دايما اختياراتك رااااااااااااااااااااااااااااااائعة :55: :55:
و على فكرة بيعجبني اوووووووووووووووي الاماكن اللي بتحطي فيها اسمك و اسم المنتدى يا خطيـــــــــــرة ;)

ربنا معاكي يا زهورتي و يعينك ياااااااااااااااااااااااااارب
حبقه اعدي و اتابع عم رولاند وصل لفين مع حبيبتي هالي ^^

مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

زهرة منسية 26-09-13 06:47 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حياة12 (المشاركة 3374110)
مرحبااااااااااااا زهورتي العسووولة
أهلا و سهلا حيااااااااااااااااااتى
ايه اخبارك يا جميل
مية مية بوجودك الحلو أيسو منورة
مجهوود فووووووووووووق الرااااااااااااائع كالعادة تسلم ايديكي يا قمرية :55: :55: :55: :55:
:c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285: بيحرجنى كتير كلامك الحلو ده أيسو
للاسف لما بدأت اقرأ الفصل افتكرت اني قرأت الرواية قبل كده يخربيت الزهايمر :lol:
هههههه كتير بتحصل معايا و تصورى ممكن بكون شكه فى الأحداث لكن من جملة فى الرواية أو موقف بتأكد أنى كنت قريها

بس بجد الرواية تحـــــــــــــــــــــــــــفة و رولاند مش تيت اوي بس حسيبكم تشتموه برضو لانه زودها شوية الفصل ده
اينعم هو معذور و الموقف مش مساعدها خاااااالص بس لسانه كان طويل الحقيقة :party0033:
هو من ناحية الشتيمة هيتشتم كتير
و تخيلت انك هتشتميه أكتر من كدة
و مقدرش اقول غير اني حبيييييييييت شخصية هالي جدااااااااااااا
و أنا كمان بتفق معاكى و عليها ردود من اللى تحرق الدم و بكل بساطة و سهولة بتقول اللى عايزة تقوله
تسلم ايديكي زهورتي دايما اختياراتك رااااااااااااااااااااااااااااااائعة :55: :55:
و على فكرة بيعجبني اوووووووووووووووي الاماكن اللي بتحطي فيها اسمك و اسم المنتدى يا خطيـــــــــــرة ;)
يسلم عمرك حياتى :e106::c8T05285::c8T05285:أنتى أروبة و دايمن بتأخدى بالك

ربنا معاكي يا زهورتي و يعينك ياااااااااااااااااااااااااارب
حبقه اعدي و اتابع عم رولاند وصل لفين مع حبيبتي هالي ^^

مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

شكراً كتير حياتى وجودك و تعليقاتك أضافة لرواية موووووووووووووووواه

زهرة منسية 26-09-13 06:55 PM

2 - أشــبــــــاح الـمــاضـــى
 
2 - أشــبــــــاح الـمــاضـــى

منتديات ليلاس

لمعت عينا فنسنت رولاند بالحقد :"فات الوقت قليلاً على الحديث عن الضرر خصوصاً إذا كنت حبلى منه لكننى لا أظن بول عرف سرك هذا و إلا لما خرج بدونك قط"
ــ أووووووه....ألم يحدثك ولداك عنى ؟ حتى و لا مرة ؟
بدا و كأنه لم يعيد يحتمل شيئاً و هو يجيب :"لم أعرف بوجودك فى هذا العالم حتى رأيت منتديات ليلاس أبنى يعانقك بحميمية كافية لإقناعى بأنه أبتعد تماماً عن حدود التعقل. أنا أحذرك الآن , يا آنسة....ليس بإمكان امرأة أن توقع أبنى فى شرك الزواج منحرف و تقيده بها بقية حياته . فإذا كنت حبلى لن تسنح لك الفرصة أبداً لابتزازه . قبل الصباح ستكونين فى طائرة تأخذك إلى حيث جئت مع مبلغ من المال يرضى طمعك الهائل"
كانت هالى تشك بمعرفة الولدين لهذه الناحية من شخصية أبيهما . ربما هو أكثر ثراء مما تتصور .
من الطبيعى أن يتأكد من عدم تعرض ولديه للسرقة أو الأذى . أما أن يفترض أنها حبلى و يتهمها بالإحتيال على أبنه دون أن يمنحها أو يمنح ابنه فرصة للتفسير , كل هذا ملأها غضباً.
ــ أنا لست حبلى . لكننى لو كنت كذلك, هل تطردنى , مع علمك بأننى أحمل حفيدك فى أحشائى؟ كنت ستحرم بول من أن يحب ولده و يربيه ؟
أطلق ضحكة خشنة :"من سيعتبره أبن بول أصلاً؟"
طوال هذه الأشهر كانت هالى تحترم , سراً, والد التوأمين , لكنها لم تعد الآن كذلك.
ــ حذار من أن تقول شيئاً آخر تندم عليه طوال حياتك , يا سيدى. لقد فاجأنا بول , نحن الإثنين بهذه الحفلة هذا المساء . أخشى أن تسرعك فى الحكم على الأمور ضرراً كبيراً فى علاقتك بابنك , ضرر لا يمكن إصلاحه بسهولة . الحقيقة هى أنه لم تكن لديه فكرة عن أن عواطفه تطورت إلى إفتنان بىّ وذلك يحدث أحياناً من فتيان نحو نساء أكبر سناً . و على أى حال , لم أدرم ذلك قبل دقائق من حضورك .
فرد عليها بحدة و إكتئاب , و قد بدا فجأة أكبر سناً :"أنه ليس مجرد إفتتان , يا آنسة . حقيقة الخاتم و ما يتبع ذلك لا يدل على مشاعر عادية . طبعاً, هناك حفلات كوكتيل كثيرة تفتح أعين الشبان و تفقدهم رشدهم . خصوصاً عندما يكون هناك فتيات لعوبات مثلك تزوده بما لا أعرف ما هو.
فردت كلامه و هى تطوى الوشاح و تضعه على المائدة بجوار الخاتم:" بما لا أدرى ما هو ؟ هذا تعبير أميركى قديم كان شائعاً منذ سنوات و أبنتك تستعمله بإستمرار"
اقترب منها و يداه على وركيه مرة أخرة و العبوس يظلم ملامحه . حتى و هو غاضب , كان من الجاذبية بحيث تملكها الحذر من أن تجد نفسها منجذبة إلى سحره الأخاذ .
ــ من أنت و ماذا تفعلين فى باريس ؟ و كيف تعرفت إلى ولدىّ ؟
ــ أنا امرأة صديقة للتوأمين
فقال بلهجة لاذعة :"أتتوقعين منى أن أصدق هذا ؟"
ــ نعم , تماماً كما أصدق كل ما تخبرنى به أنت . مونيك تشبهك من نواح كثيرة . و لكن عليك أن تكون من الحكمة لتنتبه إلى كلامك , لأن سخريتك تضايقها . كانت تظن أن علاقتك بالناظرة لم تسبب لها أية مشكلة. فالمرأة حسب قول أبنتك لا تزال تحاول إغراءك , و عفواً لقلة تهذيبى . و هناك شئ آخر. لا يهمنى لو كنت بثراء قارون ! أبنك يعمل فى كروم العنب طوال السنة المدرسية الأخيرة , و مع هذا تضع فى حسابه بالبنك تسعة آلاف دولار و هذا مبلغ أكبر من أن يستطيع فتى ذى نزوات فى الثامنة عشر من عمره أن يتعامل بحكمة مهما كانت الأمانة التى يتحلى بها حتى الآن.
ــ هل أنتهيت من كلامك تماماً؟ زهرة منسية
فأجابت متجاهلة لهجة الإزدراء فى صوته :"لم أنته بعد. دعنا فقط نحمد الله أن تجربته هذه كانت معى لأننى أحب أبنك كما سأحب أخاً أصغر منى , لو كان لىّ أخ. و أتمنى له الخير . لكنه لم يدرك بعد أننى مجرد جزء من أوهامه , إنه مشوش قد أختلطت المشاعر فى ذهنه . أمنحه عدة سنوات تجده قد حدد كل شئ بوضوح. أتعلم أنه يريد أن يكون مثلك عندما يكبر , واثقاً من نفسه ومرغوباً عند النساء و ناجحاً فى الحياة ؟ لمعلوماتك الخاصة قام بكل شئ على الوجه الأصح طوال الفترة الماضية . لا أحد يفوقه سحراً و شهامة. و فى الواقع , كان قوياً مستبداً للغاية حين أمسك بيدى يضع فيها الخاتم. بعد عشر سنوات أو نحوها , سيكون زوجاً رائعاً لامرأة محظوظة . أن علامات كل ذلك تبدو فيه , و لكنه مايزال فتياً يُجرح إحساسه بسرعة كما حدث عندما أخجلته أمامى . حتماً عليك أن تعلم مبلغ جرحك له لعدم قبولك التحدث إليه على إنفراد . أننى لا أفهمك خصوصاً عندما أراك أحسنت تربية أروع ولدين رأيتهما . و هذا هو السبب الذى منعنى من أن أصفعك"
تبع تعليقها الأخير صمت عميق و هو يتأملها لحظة طويلة ثم قال :"لماذا لا تجيبين على أسئلتى قبل أن أتحرى عنك ؟"
يتحرى عنها ؟ هل سيذهب إلى ذلك الحد ؟
ــ لقد سبق أن أخبرك بول عنى . أسمى هالى لين . بلغت اليوم الخامسة و العشرين و ليس الثامنة عشر ! و عندما قرر ولداك أن يفاجئانى بحفلة عيد ميلاد صغيرة , كنت قد نسيت كل شئ عنه . تعارفنا فى الخريف الماضى عندما جاءا إلى متجر تاتى حيث أعمل . كان يريدان شراء هدايا عيد مولد لك , لكنهما كانا ملتزمين بمزانيتهما . طلبت منهما أن يصفاك لىّ قبل أن اقترح عليهما شراء قفازين و محفظة نقود .
و شعرت من ومضة عينيه أنه تذكر تينك الهديتين . و تابعت تقول :"أدهشهما أن يريا أمريكية تعمل هناك و شغفا بتجربة لغتهما الإنكليزية معى. و قد توسلا إلىّ أن أصلح لهما أخطاءهما . سحرنى مسلكهما الجاد و شغفهما بك و هما يتبادلان الآراء.....كانا يتحدثان عنك طيلة الوقت .
وقبل أن يغادرا المتجر سألانى إذا كان بإمكانهما أن يعودا الأسبوع القادم ليتدربا على الإنكليزية معى مرة أخرى . لم أتوقع عودتهما حقاً , لكنهما عادا بعد يومين و توسلا إلىّ ان أتناول الغداء معهما . و كانا قد أحضرا شطائراً و شراباً فلم أستطع الرفض , و هكذا مشينا نحو الكاتدرائية نوتر دام و قمنا بنزهة صغيرة . و قد تحدثا بالإنكليزية بشكل جيد, ثم حدثانى عن الحياة فى منتديات ليلاس سانت جينز معك ثم عن جد أبيهما موريس . آهـ . نعم , و الكلب بوريغار ....و هكذا أصبحنا , عصر ذلك اليوم , أصدقاء . هذا ما حدث ,’ و من ذلك الحين صرنا متقاربين للغاية . كان ينبغى علىّ أن الاحظ دلائل إفتتان بول بىّ. لكن هذا لم يحدث , و أظن أن هذا هو السبب فى أنهما لم يخبراك عنى . لم يكن يجدر بهما إخفاء الأمر , لكنك عاملتهما الآن و كأنهما افترقا خطئية . لماذا فعلت ذلك؟"
فاقترب منها :"كيف حصلت على وظيفة فى متجر تاتى؟ إن الحكومة نادراً ما تمنح ترخيصاً بالعمل لأميركيين."
ــ كان ذلك ترخيصاً إستثنائياً فى حالتى , و لكن لا تهتم لدلك سأتخلى عن الوظيفة بعد أسبوعين , و أرحل نهائياً . أما بالنسبة لمخاوفك الأخرى , فإنك حللت المشكلة بحضورك إلى باريس لتأخذ ولديك إلى موطنك . إنما أخبرنى بشئ واحد. إذا كنت لا تثق بهما لماذا أرسلتهما إلى مدرسة داخلية؟
لوى شفته بضيق , لكنها كانت مصممة على الحصول على جواب :"كان بإمكان التوأمين الذهاب إلى كلية ممتازة فى سانت جينز و بذلك يعيشان فى بيتهما معك . الحياة تمر بسرعة! ألا تعلم ان حب الأبوين أو أحدهما, أهم بالنسبة إلى الولد من التعليم فى مدارس مكلفة؟ إن ولديك يعبدانك , و هما يفتقدانك بشكل هائل , و لهذا يجدّان فى الدراسة لكى تفتخر بهما . أنا أعلم ذلك جيداً لأنى أمضيت ساعات فى تعليم ولديك لأجل امتحاناتهما . كما كنا نستكشف أنحاء منتديات ليلاس باريس أيام فراغى من العمل . و لا شك أن مونيك ابتاعت الثوب الأحمر ذاك لكى ترتديه أمامك فى حفل عيد ميلاد الجد موريس الشهر القادم. إنها تدعى أن كل امرأة تحلم بك . رغم أنها لم تصارحنى بقلقها من أن تستميلك امرأة ذات يوم فتحرمها من عطفك إلا أنى أدركت ذلك. و لهذا أرجوك , إذا كانت هناك امرأة فى حياتك لم تخبرهما عنها , فلا تجعلها فى القصر حين يعودان إلى سانت جينز . امنحهما اهتمامك كله فى البداية , فيدركان أن عواطفك لم تتغير نحوهما . ثم أرجوك أن تعدنى بأن تصلح الأمور بينك و بين بول الليلة , قبل أن يفوت الأوان . إنه يحاول جهده أن يكون رجلاً . أذهب إليه و أشرح له سبب إستيائك هذا. إن بول بالغ الحساسية و العذوبة , و هو سيتفهم الأمر و يصفح عنك . الوداع نهائياً و ليبارككم الله."
بعد ذلك بثوانى كان باب المصعد ينغلق تاركاً صدى كلمات هالى يرن فى أنحاء الغرفة .
و بقى فنسنت جامداً مكانه .
لقد سددت إليه طعنة أوقدت المشاعر الملتهبة فى أعماق نفسه.... و أمتلكت الجرأة لتودعه إلى الأبد, داعية الله أن يباركه!
إنه لم ير امرأة مثلها قط . لم يعد مكترثاً بالمزايا الأنثوية التى أعمت ابنه و لكن أى سحر نفثته هذه الغريبة الغامضة على التوأمين لتثير فيهما مثل هذه المودة الرائعة نحوها؟
تسعة أشهر كانت العلاقة بينهم تنمو و تزدهر دون علمه. و تملكه شعور بالغدر و الكرامة المجروحة.

زهرة منسية 26-09-13 07:00 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

لم يقتنع فنسنت بالعذر الذى قدمه الولدان عن سبب إبقاء علاقتهما بالآنسة لين سراً و هو أنهما أرادا أن يفاجئاه بكفاءتهما باللغة الإنكليزية .
لا شك أن بول وقع فى رغامها منذ البداية فأرغم مونيك على إبقاء أمرها سراً . و قد أستطاعت أن تتغلغل فى عالمهما وقتاً طويلاً , فكم من التفاصيل الشخصية عن حياته و حياة أولاده قد عرفت؟
رغم أنها لا يعرف شيئاً عمن تكون هذه الأميركية , إلا أنه ستحرى عن ذلك.
ذهب إلى مكتبه لكى يبحث عن رقم تليفون متجر تاتى ثم اتصل بالمدير. و بعد إنتظار وقت طويل , أجابه شخص ما قائلاً بأن المدر قد خرج ليغيب طول النهار.
حاول أن يحصل على معلومات عن الآنسة لين , لكن الرجل أجاب بأن عليه أن يتحدث عن ذلك إلى المدير صباح الغد.
ما إن وضع السماعة ليتصل بمحاميه الذى بإمكانه أن يحصل لأجله على المعلومات التى ترضيه , حتى رن جرس تليفونه الخليوى و كان الإتصال من القصر .
ــ فنسنت يتكلم .
ــ هل أنت هنا .... ياولدى ؟
صوت جده الحاد حعله يندفع بسؤاله و العرق البارد يتفجر منه:"ماذا حدث؟"
ــ لقد تلقينا لتونا مخابرة من مستشفى باسى فى باريس بأن بول صدمته شاحنة بينما كان يقطع البولفار فى الضوء الأحمر . بحثوا عن العنوان فى محفظته و أتصلوا بتا , إنه ما يزال غائباً عن الوعى .
ــ أنا فى طريقى إلى المستشفى القريب بعينين غائمتين, و دخل غرفة الطوارئ راكضاً و قد تملكه خوف بالغ من ان لا يستيقظ بول أبداً . كان فنسنت الآن هو الذى يدعو يدعو الله أن يبارك ولده و يبقيه حياً .
سأل الموظفة الجالسة على مكتب الإستقبال :
ــ أين وضعتم بول رولاند ؟ أخبرتنى الشرطة أن شاحنة صدمته . و انا ابوه.
ــ أبنك موجود فىالطابق الخامس. أدخل من ذاك الباب .
دفع الباب و اندفع إلى الداخل . الستار المنسدل عند رقم خمسة جعل قلبه يهبط كحجر ثقيل . و كانت ممرضة خارجة لتوّها منتديات ليلاس
ــ هل ما زال ابنى غائباً عن الوعى؟
ــ لا. لقد استيقظ منذ دقائق.
تنفس فنسنت الصعداء :"الحمد لله"
ــ الطبيب ما زال يفحصه و لكن يمكنك الدخول.
لأول نظرة , بدا بول مليئاً بالحياة بالرغم من شحوبه . و كان ثمة انتفاخ بحجم البيضة على جبينه . و كما كان الطبيب ينظف جرحاً على وجنته اليسرى . ورفع بصره حين عُرف رولاند بنفسه.
ــ ابنك فتى محظوظ . هناك رضوض على ذراعه و ساقه اليسرى, و لكن لا عظام مكسورة . كشفت الأشعة أنه يعانى من ارتجاج فى المخ لكن الدورا سيزول بعد بضعة أيام من الراحة , و ستكون حالته ممتازة . سآمر بنقله إلى غرفة خاصة.
أراحته هذه الكلمات :"شكراً على كل شئ "
بعد ذهاب الطبيب جلس فنسنت على كرسى بجانب ابنه الذى كان مغمض العينين طوال الوقت , و أمسك بيده :"ولدى .أنا بابا هنا معك . الحمد لله أنك ستشفى"
و ارتجف صوته . لكن بول لم يجب.
ــ بول . قل شيئاً ! أنا أحبك .
و أختنق صوته .
ــ لا. أنت لا تحبينى .
صدر هذا الرد الملئ بالألم من بين شفتين متوترتين محطماً والده ببرودته , ليتبعه بقوله و هو يجذب يده من قبضة أبيه :"لا أريدك هنا. دعنى وحدى."زهرة منسية
فقال الأب و قد هبطت معنوياته :"هذا غضبك يتحدث . إنك تعلم أننى لن أتركك قط. إنك أبنى و أنا سأبقى معك حتى تخرج من المستشفى فأستطيع أن آخذك مع مونيك إلى البيت معى"
فتح بول عينيه ولكن لم يكن ثمة أثر للدفء فى عينيه الجافتين , أو فى ملامحه . لم يكن هذا هو الأبن الذى أحبه فنسنت و رباهخ منذ ولادته .
ــ أنا لست ذاهباً إلى سانت جينز . لقد أنتهى ذلك . سأقم فى باريس .
لا تقلق فقد سبق و تدبرت أمر بيت و وظيفة , فأنت لم تعد مسئولاً عن إعداد أى شئ لأجلى بعد الآن.
رد عليه أبيه بلهجة بالغة المرارة . و بدا العبوس على وجه فنسنت :"أنا أعرف أننى قلت أشياء كثيرة مندفعاً دون تفكير يا بول , و أنا أعتذر لذلك عندما تتحسن صحتك سأستمع إلى ما كنت تريد قوله"
ــ لقد فات الأوان لذلك. لقد أنتهى ما بيننا و لا أريد أن أراك مرة أخرى .
تنهد فنسنت نادماً لتركه الأمور تصل إلى هذا الطريق المسدود, وقال :"سنتحدث عن كل ذلك فيما بعد. أما الآن فالمهم هو شفاؤل"
و لم يصدر عن بول أى تعليق ....فتركه ليرتاح ثم أتصل بالجد موريس ليطمئنه علىحالة بول . و بكى الجد بارتياح . و لحسن الحظ لم يحاول الاتصال بـ مونيك التى لم تعرف شيئاً عن الحادث بعد.
تحدثا عدة دقائق , ثم لحق فنسنت بالممرضين الذين نقلوا بول إلى غرفة خاصة فى الطابق الثالث حيث دخل طبيب آخر الغرفة و صافح فنسنت :"أنا الدكتور موروا . أحب أن أحدثك عن حالة أبنك خارج الغرفة"
خرج الأب معه و قد تملكه القلق ثم نظر إليه عابساً :"هل هناك مضاعفات فى إصابة أبنى لم تخبرونى عنها ؟"
ــ هذا ما أخافه . مهما كان رأى الطبيب الذى أستقبله , الأفضل أن تسمع التفاصيل منى , أننى رئيس قسم الطبي النفسى فى مستشفى باسى.
كلام الطبيب كان أشبه بطعنة تلقاها فنسنت فى أعماقه . فقال :"تابع كلامك يا دكتور أنا مستمع إليك"
فى الدقائق التالية سمع من الطبيب كلاماً لا يحب أى أب سماعه .
ــ إذا شئت استشارة طبيب نفسانى آخر , ليس لدى أى مانع.
ــ أنا واثق من كفاءتك . أعلم ان ولدى بحاجة إلى مساعدة , كلما كان ذلك أسرع كلما كان أفضل.
فأومأ الطبيب :"ما هو قرارك بالنسبة إلى الأيام القليلة القادمة؟"
ــ أنا هنا مع أبنى و ستكون ابنتى مونيك , هىت توأمه.
ــ هذا حسن ,أما حالياً , أريدك أن لا تذكر شيئاً مما حدثتك به لأبنك أو أبنتك. كن طبيعياً فى كل ما تقول. أما أنا فسأتحدث إليه بين حين و آخر فى هذين اليومين , ثم أجتمع بك مع أبنتك , معاً , ثم مع كل منكما على إنفراد . و من هناك نبدأ.
شكره فنسنت بفتور . و عندما طمأنته الممرضة أن بول يرتاح , أستقل سيارته إلى مدرسة مونيك.
قبل أن يذهب إلى غرفتها توجه إلى المكتب و شكر الناظرة لأهتمامها بأبنته . فقالت له إن ذلك كان من دواعى سرورها . دعته لزيار تهم فى أى وقت يكون فيه فى باريس وكانت فى عينيها دعوة خاصة ليست بحاجة إلى تفسير .منتديات ليلاس
بعدما أخبرته الآنسة لين عما أسرت إليها مونيك عن الناظرة وجد نفسه يرفض هذه الدعوة الوقحة.
لقد أستمتع برفقة عدة نساء أثناء السنوات الماضية حين كان يزور المدينة لإنجاز بعض أعماله , لكن الناظرة لم تكنأبداً واحدة منهن .
كان ما يزال مصدوماً لما قاله له الدكتور موروا عندما وجد مونيك فى غرفتها مستلقية على سريرها, أهلكه منظر الدموع تحرق خديها . لقد سبق و رآها بهذا الشكل من قبل , و لكن لم يسبق أن كان هو السبب فى ذلك . و طعنه هذا فى الصميم.
منتديات ليلاس
جلس على حافة سريرها و أحاطها بذراعيه و قد حطمه الشعور بالذنب :"آسف يا حبيبتى ....آسف للغاية"
و أخذ يهزها لحظة ثم تابع يقول :"أرجو أن تصفحا عنى , أنت و بول ذات يوم"
لكنها مثل بول بقيت صامتة . ماالذى فعله معهما ؟ و إذ تذكر أن بول وحده فى المستشفى , قال لها :"هيا بنا ! علينا العودة إلى المستشفى , فلنحمل أغراضك إلى السيارة . هناك شئ هام علىّ أن أخبرك به و لكن ليس قبل أن نبتعدعن المدرسة"
قوله هذا جعل أبنته المنتفختين العينين تساعده على أن يملأ صندوق السيارة بحقائبها التى سبق لها أن حزمتها من قبل , توقعاً لتركها المدرسة نهائياً . و فى الطريق إلى المستشفى التفت غليها قائلاً :"لماذا لم تركبا , أنت و بول فى نفس التاكسى إلى المدرسة ؟"
ــ لقدأنطلق راكضاً فلم أستطيع منعه . و لكن علىّ أن أخبرك بأننى لا ألومه على ما فعله يا بابا.
ــ و لا أنا . و لكن أخاك , لسوء الحظ كان من الانفعال بحيث تعرض لصدمة سيارة.
كانت هذه الحقيقة , و لكنها ليست كلها. ولن يعترف بها حتى يرى الدكتور موروا الوقت مناسباً لذلك.
و أضاف عندما صرخت بذعر :"لكنه سيستحسن تماماً . ليس ثمة كسور , بل رضوض فقط , و بعد أيام قليلة سيسمح له بالرحيل . المشكلة الآن هى أنه يظن أنه يكرهنى , و الحق معه تماماً. و قبل أن نمضى الليلة معه, أريد أن أسمع كل شئ عن هالى لين . لا تغفلى أى شئ , و لا تخافى فأنا لا أطلب هذا لأننى أظن بها شر أو فساد . أريد ان اعرف نوع علاقتكما بها و ذلك لأعلم ما الذى يجول بخاطر بول . أنا أحب أخاك للغاية, لكننى أريد أن أعرف كل الحقائق , و إلا فلن أستطيع أن أعتذر بالشكل الذى يقنع بول بأننى آسف حقاً , هل تفهمين ما أعنى؟"
ــ لا أظن أنك قادر على إصلاح الوضع يا أبى.
نبهه رأيها هذا إلىما أخبره الدكتور موروا به عن حالة أبنه التى تحرق القلب. فقد كانت لهجتها حاسمة بالغة الخطورة.
لقد كبرا ولداه أثناء التسعة أشهر الماضية...و لم يكن موجوداً ليرى حدوث ذلك ما جعله يشعر بألم حارق . ليس لما خسره فقط , و لكن لما تسبب فى حدوثه.
قال :"علىّ أن أحاول"
ــ لقد أحبها بول منذ اليوم الأول الذى أنتظرتنا فيه فى كتجر تاتى . و قد أدركت السبب. فقد كانت كاملة الأوصاف . و أنا أوافق تماماً على أن تطون زوجة أخى المقبلة.
ــ و ما الذى يجعلها بهذا الامتياز عن غيرها .
ــ أنها الوحيدة التى أراها تستحق حب بول.
تستحق ؟ إنها كلمة جبارة فعالة عندما تصدر من مونيك المتعلقة بأخيها التوأم إلى حد الرغبة فى تتملكه . عليه أن يكون حذراً فى متابعة الحديث . ذلك أنه هو نفسه تزوج فى الثامنة عشرة من عمره . لم يكن يستطيع أن يقول إن بول أصغر من أن يعلم الفرق بين الافتنان و الحب.
كيف يمكنه أن يخبر ابنته بأن بول ربما سيقع فى الحب أربعة أو خمس مرات قبل أن يتجاوز منتصف العشرينات؟
ذلك أن الرجل لا يصبح شخصاً شاعراً بالمسؤولية قبل هذا السن . عند ذلك فقط يمكنه أن يجدنوع الاستقرار الذى يحتاجه لكى يجد زواجاً سعيداً مع امرأة مناسبة.زهرة منسية
ــ كان بول يريد أن يخبرك عنها قبل الآن بكثير , لكنه كان خائفاً من أن لا توافق على وقوعه فى حب امرأة أميركية . و هكذا طلب منى أن لا أخبرك شيئاً عنها قبل أن يكون مستعداً.
أدرك فنسنت فى أعماقه أن ذلك ليس هو السبب الذى يمنع بول من أن يخبره.
ــ أنا لا أكره الأميركيين . أنا أعترف بأن زبوناً أميركياً جاء إلى هنا منذ سنوات فلم أهتم به بالذات , و لكننى على العموم أرى معارفى الأميركيين ظرفاء تماماً , أما ردة فعلى تجاه الآنسة لين فلا علاقة لها بجنسيتها . لقد صدمنى أن ينفق المال على ثمن خاتم بدلاً من السيارة المفروض أنها هدية تخركما.
أحنت ابنته رأسها :"كان مصمماً على أن يعقد الخطبة آخر السنة الدراسية . أخبرته أن السيارة لا تهمنى , فإذا أراد أن ينفق ذلك المال عليها فأنا موافقة . و فى هذه حالة قلقك على المال صمم على أن يسدد المبلغ أقساطاً شهرية . وقد أعطاه ناظر مدرسته تنويهاً خاصاً ساعده فىالحصول على وظيفة فى بنك فى مونت بارناس و المفروض أن يبدأ تدريبه يوم الاثنين"
كان هذا شيئاً لا يُصدق منتديات ليلاس.
غداً سيذهب فنسنت إلى مدرسة بول ليُحضر له أمتعته. و سيتصل من هناك بمدير البنك يخبره بحادث الاصطدام الذى تعرض له بول.
ــ دار بينى و بين الآنسة لين حديث بعد خروجكما من الشقة , و مع انها بدت لىّ صغيرة السن فقد أخبرتنى أنها فى الخامسة و العشرين .
ــ هذا صحيح فقد تفحص بول جواز سفرها .
ــ ألا تظنين أن امرأة تكبر أخاك بسبع سنوات هى أكبر من أن تناسبه ؟
ــ كلا بالطبع . بول يرأها خلابة للغاية .

زهرة منسية 26-09-13 07:04 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

و فكر الأب فى أن حبها لتوأمها , منعها أن تفسد عليه قراره . و حك رقبته مذعوراً . إنه يراهن على أنه لا يوجد فى باريس كلها كثيرات يملكن ميزات الآنسة لين الأنثوية فقوامها رشيق جميل , لا يحتاج إلى ملابس ثمينة كى يسترعى الانتباه
باستثناء الخاتم الذى خلعته فى حضوره , لم يرها تلبس أية مجوهرات ما عدا ذلك الصليب حول عنقها , كما أن وجهها كان خالياً من أى زينة
ــ ببول يظن زميلاتى فى المدرسة سطحيات مملات
هالى لديها من الخبرة ما يجعلها مختلفة عن الآخريات . إنها افضل مستمعة فى العالم.
لن يكون لديه أمل فى التفاهم مع بول و ثمة امرأة مثل الآنسة لين تسيطر على كيانه .
ــ هل لديها أسرة هنا فى باريس؟
ــلا. لقد ولدت فى كاليفورنيا . لكنها وحيدة فى العالم الآن .
فكر قليلاً ثم قال :"اخبرينى عن تجاربها تلك التى جعلتها تبدو متفردة فى نظرك"
ــ لا أعلم التفاصيل لأن من الصعب عليها أن تتحدث عنها . لكنها ترعضت لحادث إصطدام طائرة منذ سنوات . و هذا جعلها تعيد تقييم قدراتها . ثم قررت أن تساعد الناس.
ــ هذا قرار يدعو إلى الإعجاب.
تمتم بذلك محاولاً إخفاء لهجة التنازل من صوته.
كيف حدث أن تعرف ولداه إلى هذه المرأة بالذات من بين كل سكان باريس؟
ـ ما الذى جاء بها إلى باريس؟
ــ عملها.منتديات ليلاس
ــ أتعنين أن لمتجر تاتى فرع أخر فى كاليفورنيا ؟
فهزت مونيك رأسها :"لا"
ــ لماذا يتملكنى شعور بأنك تخافين من الإجابة على سؤالى؟
ــ طلب بول منى أن لا أخبرك.
ــ لماا ما دامت هى كاملة الأوصاف بهذا الشكل؟
ــ لأنه يعلم أن الجواب سيسعدك .
كانت ابنته تتحدث بالألغاز . ركن سيارته فى موقف المستشفى للسيارات :"هل أنا ذلك الغول الفظيع الذى لم تعودى تثقين به؟"
كان بحاجة إلى كل الحققةالتى بإمكان ابنته الآن أن تزوده بها و ذلك لكى تنجح خطته مع الدكتور موروا.
التفتت إلية ببطء و بدأ كأن عينيه الحزينتين الغاليتين عليه تحتلان كل وجهها :"بعد أسبوعين , ستذهب هالى إلى كاليفورنيا لكى تدخل الدير"
الآنسة لين تدخل الدير , أيعقل ؟!
و تابعت بصوت مرتجف :"لم يستطيع بول احتمال ذلك , و لهذا أعطاها الخاتم . كان يسعى لإقناعها بأنه جاد فى الزواج يوماً ما . سيفعل أى شئ كيلا تنفذ قرارها هذا الذى سيمنعه من رؤيتها مرة أخرى . لو تعلم كم هى رائعة هالى, لكنت...."
قطع عليها كلامها مشككاً :"أنتظرى لحظة. أتقولين إنها أخبرتكما بأنها تنوى أن تصبح راهبة؟"
لا شك أن ليس هناك أفضل من هذه القصة المختلفة كى تجعل بول يغرق فى حب الآنسة لين الإنتهازية
ــ بابا....هالى هى الآن راهبة غير مكرسة رسيماً .
فتمتم و هو يصر بأسنانه :"لقد كانت إذن تكذب عليكما"
فقالت بصوت هادئ :"لا. فقد كانت تخدم الكتيسة طوال هذه فترة السنة و النصف الماضية من خلال الدومينيكانيين فى كاليفورنيا , ثم فى (دير كليريمونت) غير البعيد عن كتجر تاتى . هذه الأيام يزداد عدد الراهبات غير المكرس ات اللاتى يعملن فى ثياب عادية أثناء أختلاطهن بالناس . إنهن يعملن نهاراً لكسب معيشتهن"
لأول مرة يسمع فنسنت شيئاً كهذا . و سواء كان ذلك صحيحاً أم لا , فإن مونيك تصدقه تماماً.
تنفس بعمق :"لا بأس . فلنفترض أن كل ما أخبرتنى به هو صحيح , لماذا تغادر باريس فجأة؟"
بدت على أبنته خيبة الأمل :"أنها مصممة على أداء القسم فى كنيسة (مذرهاوس) فى حزيران . المشكلة الوحيدة هى أننا , بعد الاعتراف لن نراها ابداً"
و كشف ارتجاف صوتها عن تأثرها العميق ما أذهل أباها , و تابعت تقول :"بول متلهف هلى إبقاءها هنا , فهو يحبها كثيراً . القضية لا تحتمل عدة سنوات من استمالتها آملاً أن تغير رأيها فيخطبها . عليه أن يقوم بذلك الآن قبل أن يفوت الأوان , لقد استغرق استجماعه لشجاعته شهوراً . لقد خططنا للاحتفال بعيد مولدها لكى نحضرها إلى الشقة حيث يمكنه أن ينفرد بها و يعرض عليها الزواج و لهذا تركتهما معاً فترة كافية لشراء ثوب بآخر ما تبقىمعى من النقود التى وفرتها . لطالما كانت كانت تريد شيئاً عصرياً من باريس"
شرح ابنته هذا زاد من الظلمة التى غمرت نفسه منذ حديثه مع الدكتور موروا . و بينما هى تتحدث كان يسمع صوتاً آخر من حديث آخر يطغى على كلامها
(أنا ليست حبلى , لكننى لو كنت كذلك , هل تطردنى مع علمك بأننى حامل لحفيدك؟ هل كنت ستحرم بول من أن يحب ولده ويربيه؟)
منتديات ليلاس
لقد أصدر ضحكة خشنة و أضاف يقول:(و من سيعتبره أبن بول؟) ثم صوتها :(حذار من أن تقول شيئاً آخر تندم عليه طوال حياتك. لقد فاجأنا بول, نحن الاثنين , بهذه الحفلة هذا المساء) ثم (عدنى بأن تصلح الأمور معهالليلة الليلة قبل أن يفوت الأوان . إنه يحاول جهده أن يكون رجلاً . أذهب إليه و أشرح له سبب إستيائك هذا . بول بالغ العذوبة و الإحساس و هو سيتفهم و يصفح عنك)
تأوهـ فنسنت تقييمه للوضع كان خاطئاً كلياً . و شعر و كانه دخل منطقة مجهولة لا مخرج منها .
و فى الواقع لم يكن هناك مخرج....خصوصاً بعدما أخبره الطبيب النفسانى به.
صحة بول العقلية فى خطر بالغ , الأكثر من ذلك هو أن فنسنت قد أتلف , و بشكل دائم علاقته بابنه . و قد زاد الأمر سوءاً عدم قدرته على مساعدة بول كما طلبت منه الآنسة لين.
إنها فعلاً غير مغرمة بابنه.
منتديات ليلاس
إنه يتذكر قولها إنها تحب بول كما تحب أخاً أصغر لها . و قبل أن تغادر غرفة الطعام قالت (الوداع نهائياً. و ليبارككم الله)
شئ ما فى كلمات الفراق هذه أقنعه بأنها كانت نخبر ولديه بالحقيقة , و أنها كان تعنى ما تقوله حرفياً لأنها كانت ستدير ظهرها إلى العالم حين تؤدى القسم.
كل ما حدث فى شقته أخذ يـُمفهوماً بشكل مريع . لقد أنقلبت أحوال أسرة رولاند رأساً على عقب.
مونيك بالكاد تكلمه.و أبنه أصبح و كأنه فى جهنم لأن فنسنت أهان حب حياته , حب امرأة على وشك أن تصبح راهبة فيفقدها إلى الأبد زهرة منسية.
كل شئ فعله فنسنت منذ ولادة توأميه لكى يتأكد من أنهما لن يكررا أخطاءه قد قد تنفجر فى وجه.
لن يعود شئ فىحياته كما كان أبداً .
أتراها أثنتى عشرة ساعة فقط منذ أستيقظ فى غرفته فى الفندق فى لندن , مبتهجاً لأنه سيستقل الطائرة إلى باريس ليفاجئ ولديه الغاليين؟
لقد جعله اليأس , هذه الليلة , يشعر بأنه كبرألف سنة.
ــ دعينا ندخل يا صغيرتى , فإن بول بحاجةإلينا . سأبقى بجانبه حتى و لو كان يتمنى لىّ الموت...
حتى و لو كان ولدى يتمنى لو يترك هذا العالم ....
نهاية الفصل الثانى
قراءة ممتعة

ريماس مصطفى 26-09-13 11:17 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
فصل اكتر من روعة نهاوي كتير حبيت شخصية هالي الملاك المساعد تسلم ايداك على الفصل الرائع منتضراك بفصل جديد:55:

زهرة منسية 27-09-13 07:47 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
أنت الأروع دندون
سعيدة أن الفصلين عجبوكى
فعلاً هالى ملاك و هتحبيها أكتر الفصل ده
منورانى دندونة

زهرة منسية 27-09-13 07:51 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
3 - عودى رجاءً
منتديات ليلاس



كانت الساعة الخامسة مساء الأحد.و قد أنتهت هالى من خدمة آخر زبائنها و تركت المتجر.
يومان مرا على إندفاعها السريع خارج شقة السيد رولاند و قد تملكها الألم. الأذى الذى تسببت به , دون أن تدرى , بصداقتها لأولاده , ما زال يشغل بالها و لن يزول حتى تفعل شيئً لتخرج من الجحيم الذى وجدت نفسها فيه.
كانت الليلة الماضية قد أبتدات بالصيام بعد ان أدت الصلاة , كما ان لديها موعد الليلة للحديث مع الأم مارى كلير عت التوأمين , إنهما الآن فى منزلهما مع أبيهما فى سانت جينز .
و خافت هالى أن لا تكون محاولتها الحديث معه أو مع ولديه و لو تليفونياً, ناجحة . الشئ الوحيد الذى يمكنها التفكير فى عمله هو أن ترسل إليه رسالة تعبر فيها عن أسفها , راجية أن لا يمزقها قبل أن يقرأها أولاً . و لكن قبل أن تضع أفكارها على الورق , أرادت أن تعرف رأى رئيستها فى هذه المسألة.
فى البداية , رأت هالى أن بإمكانها أن تلبى حاجة التوأمين إلى الحنان أثناء غيابهما عن البيت . لكن ذلك أعطى , و بشكلمدمر , عكس النتائج المطلوبة .
مواجهتها المؤلمة لوالدهما جعلتها تخسر ثقتها بحكمها على الأمور بصفتها إنسان و ليس فقط راهبة ؟ لماذا لم تمنعها العاناية من إرتكاب هذا الخطأ ؟
هل كانت من الغرور بحيث اعترضت طريق التوأمين لأنها أعتقدت أن رسالتها هى الترفيه عنهما و هما اليتيمى الأم ؟ و هل أعماها ذلك عن رؤية دلائل المتاعب؟
أم أنها غريزة الأمومة الكامنة قد برزت فجأة إلى الحياة , و بالتالى منعتها من حسن تقدير الأمور ؟ فى كلتا الحالتين , أى نوع من الراهبات ستكون فى المستقبل حين تشتغل مع الشبان و الشابات ؟
كان هذا نوع من الأسئلة التى تحتاج إلى أجوبة , فإذا لم تجد سكينة النفس تجاه هذا الأمر بسرعة , فهى تخشى أن لا تكون صالحة لما هى بسبيله و جعلتها هذه الفكرة تجد السير شاعرة بالغثيان.
ــ الآنسة لين؟
عرفت ذلك الصوت العميق الملئ بالرجولة , فاستدارت مدهوشة لأن والد التوأمين ما يزال هنا فى منتديات ليلاس باريس . و أخذ قلبها يخفق.
كانت تريد فرصة أخرى تتحدث فيها معه و تحاول تقويم الأمور . وجوده الآن يعنى أن إحدى أمانيها على الأقل , قد اُستجيبت .
كان قد أوقف سيارته عند المنعطف بالقرب من متجر تاتى . و تذكرت أن مونيك انتظرتها فى نفس البقعة فى التاكسى منذ ليلتين , إلا أن فنسنت نزل من سيارته و تقدم لملاقاتها .

زهرة منسية 27-09-13 07:57 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

كان مرتدياً بدلة رمادية يتناسب لونها مع سمرة بشرته و مظهره الوسيم . و لكن عندما اقترب منها, شعرت بأنه أصبح أكبر سناً منذ تلك المواجهة بينهما .
ثمة خطوط أحاطت بفمه بينما بدت بشرته السمراء شاحبة , كما رأت فى عينيه البنيتين ألماً زاد وضوحه أهدابه السوداء كالفحم.
رغم أنه لم يحدق إليها بنفس الإحتقار و الأنفة كما من قبل , لم تشعر بأن شعوره أصبح أكثر مودة نحوها . هذا إلى أن مرور الزمن قد خفف من غضبه كما يبدو.
قال دون تمهيد :"بول فى المستشفى"
كان هذا آخر ما توقعت سماعه. و صرخت بذعر :"ماذا حدث له؟"
ــ أبنى ليس على وشك الموت إذا كان هذا ما تخافينه . على الأقل ليس بسبب ألم جسدى .
ــ ما الأمر إذن؟
سمعته يتنفس بحدة :"صدمته شاحنة بعد أن ترك الشقة تلك الليلة"
ــ آهـ , كلا.....
و أرتجف جسمها
كما أخبرتك , سيشفى . كل ما أصيب به هو أرتجاج فى المخ و بعض الرضوض .
أغمضت عينيها بشدة:" الحمد لله أنه حى. كان من الكدر بحيث لا يدهشنى عدم إدراكه إلى أين كان يسير"
ــ فى هذا أنت مخطئة . عندما أحضرته الأسعاف إلى المستشفى , كان غائباً عن الوعى . و عندما صحا فى قسم الطوارئ ظن نفسه قد مات و أنه فى العالم الآخر. و عندما اخبر الطبيب أنه لم يمت بل هو حى تماماً , لم يشأ بول تصديق ذلك . ثم اعترف بأنه تعمد الاصطدام بالشاحنة.
فصرخت :"ماذا؟ هل أراد بول ان يموت حقاً؟"
عسكت عيناه المعذبتان ذعرها و شعرت بيده تقبض على مرفقها :"علينا أن نتحدث و لكن ليس بإمكاننا ذلك هنا. أظنك أنهيت عمل اليوم؟"
فأجابت شاعرة بدوار :"نعم , كنت فى طريقى إلى .... بيتى"
عليها أن ترجئ موعدها مع الأم مارى كلير إلى ما بعد. فهذا أهم .
ــ فى هذه الظروف , أفضل أن آخذك إلى شقتى أولاً . و أثناء تناولنا الطعام أخبرك بما قاله لى الطبيب قبل أن أغادر المستشفى هذا المساء .منتديات ليلاس
أومأت برأسها و هى ما زالت ترتجف لهذا الخبر . و بدأ شيئاً من الارتياح على ملامحه المتوترة لتجاوبها هذا و وجّهها بيده التى ما زالت على مرفقها نحو سيارته . كانت زهرة منسية واثقة من أن هذه الحركة آلية منه , و مع ذلك شعرت بحرارة يده تسرى فى جسمها .
كانت دون شك شارعة بقربه منها إلى درجة بالغة لأنها لم تسر مع منذ موت زوجها . منذ تلك اللحظة الهائلة التى أدركا فيها أن الطائرة تسقط , سحقها بين ذراعيه لآخر مرة . و منذ ذلك الحين أهملت كل رجل آخر .
ساعدها على الصعود إلى السيارة ثم جلس خلف المقود و سرعان ما انضم إلى حركة السير . و ساد الصمت بينهما دقائق و قالت بعدها :"إنه ذنبى لأننى لم أكن واعية إلى شعور بول نحوى"
ــ قبل أن تبدأى بلوم نفسك , إنك بحاجة لأن تعلمى أن هناك عوامل عدة أدت إلى هذه الأزمة . أخبرنى بذلك الدكتور موروا , الطبيب النفسانى الذى فحص أبنى . و حسب قوله , لا يمكن لوم أحد . و ان نعاقب أنفسنا لإعتقادنا بإننا أخطأنا بحق بول لن ينفع بشئ و لن يحل الأزمة.
فقالت بصوت ينبض بمشاعر لم تستطيع أن تخفيها :"و هل أستطعت أن تتخلص من شعورك بالذنب؟"
قال بعد صمت طويل جعلها تظن أنه لم يسمعها :"لا."
همس بذلك بصدق ملئ بالألم ما جعل جرحها ينفتح من جديد. إنها فرصة ثانية تمنحها لها الحياة بعد حادث الطائرة لتفعل شيئاً نافعاً فى حياتها .
على الأقل كان ذلك هدفها منذ البداية فلم تفلح إلا فى إشاعة الإضطراب فى أسرة رولاند .
قالت :"كان يفترض أن أكون أكثر حكمة ... أنا أكون الشخص الذى يجلب قبساً من الضوء فى يوم سئ ..... الشخص الذى يزود حياتهما بالراحة و السلوى لمجرد وجوده و إصغاءه لهما فيما لو كانا بحاجة إلى سند لكننى لم أر ذلك يحدث"
ــ لست وحدك من فوجئ بحدوث ذلك.
هتف بذلك متهماً نفسه , فشعرت بكلماته تتغلغل فى كيانها , بينما تابع يقول :"لا أتذكر أمى جيداً , لكن أبى فقط هو الذى قيد حريتى أثناء نموى. كان يخاف من أننى إذا تركت كرم العنب و لو لرحلة قصيرة , لن أرضى أبداً بالبقاء فى البيت بعد ذلك . و حاول جداى أن يتدخلا لأجلى , و لكن عبثاً. و بقيت سنيناً ألعن أبى و أسم أنه إذا أصبح لدى أولاد , سأحرص على أن يتعرفوا على أماكن أخرى و خبرات جديدة. وعندما أخبرت التوأمين بأننى سأرسلهما إلى مدرسة داخلية فى باريس , و هو شئ كنت متلهفاً عليه عندما كنت فى سنهما, لم يظهر عليهما حماسة لترك البي . و عجبت لماذا لم يقفزا فرحاً لهذه الفرصة للتعرف إلى الحياة"
و نظر إليها :"كان من سخرية القدر أن أراهما لا يريدان الرحيل لكننى كنت واثقاً من أننى أقوم بالشئ الصواب إذ أدفعهما إلى خارج العش معتقداً أن هذا فى مصلحتهما."
فقالت و قلبها يتحطم :" لقد منحت ولديك الكثير من الحب إلى حد ما يشعرا معه برغبة فى الإبتعاد عن البيت . لكنهم ما كانا يريدان أن يجرحا مشاعرك فى إبداء رغبتهما بالعودة إلى البيت"
فقال بخشونة :"و هكذا أخبراك أنت بذلك. آسف لاضطرارك إلى تحمل مسؤولية غلطتى طوال هذا الوقت"
فصرخت :"إياك أن تقول هذا. تلك لم تكن غلطة. فقد أمضيا فى باريس وقتاً رائعاً . و قد أكتسبا خبرة ما كانا سيكتسبانها فى أى مكان آخر . أن لديك أروع منتديات ليلاس ولدين فى العالم , و انا شديدة الحب لهما . و قد أحببت كل لحظة أمضيتها معهما . وإن حاجتهما إلى أصدقاء من خارج المدرسة يبرر عملى. و قبل أن أحضر إلى فرنسا , كان علىّ أن أؤدى القسم , ولكن , مثلك أنت , شعرت الأم المقدسة بأن فتاتها قليلة الخبرة و بحاجة إلى قضاء مزيد من الوقت فى العالم ... كانت تريدنى أن أكون واثقة جداً من رغبتى فى إداء رسالتى الدينية قبل أن أصبح راهبة . و قد رتبوا لىّ عملاً هنا فى باريس , لكننى لم أشاء البقاء , عند ذلك تعرفت إلى والديك فكان ذلك بمثابة صرخة من القدر بالنسبة إلىّ . كنت حريصة جداً على وجودى هنا لأجلهما . لم ادرك أن بول يعتبرنى أكثر من مجرد صديقة . لم أعرف...."
و تلاشى صوتها.
ــ هل نسيت أننى أنا من أستحال غولاً و طرده من الشقة؟ و الآن أصبحت أبنتى من الخوف منى بحيث تجفل كلما حاولت أن أتحدث إليها .
لكن هذا كله أنتهى .

زهرة منسية 27-09-13 08:00 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

و لم يعودا إلى الحديث حتى وصلا إلى شقته . قادها إلى غرفة الطعام . كانت كل آثار حفلة عيد ميلادها قد أزيلت , ثم سألها عما تحب أن تأكل
ــ لا شئ. شكراً على أى حال
فقطب حاجبيه :"و لكن لابد أنك جائعة بعد عمل نهار بطوله يا أخت"
ــ أنا لم أصبح أختاً بعد , يا سيدى , أدعنى هالى من فضلك.
تفحص ملامحها لحظة:" ما رأيك فى ميه معدنية؟"
رأته مصمماً على إستضافتها , فقالت :"أنا ما زلت صائمة"
تخلل شعره بيده :"هل يضايقك إذا شربت قهوة أمامك ؟ أنا بحاجة إليها لإنعاشى"
هذه الرقة و الدماثة كشفت عن هذه الناحية من طبيعته التى جعلت ولديه يحبانه منذ البداية.
ــ طبعاً لا يضايقنى , يا سيدى
ــ أدعينى فنسنت .
ــ لا بأس
منذ يومين لم تكن تتصور نفسها تتبادل معه حديثاً مهذباً .
ــ أرجوك أن تتناول عشاءك إذا شئت , أنك , فى وقت كهذا , بحاجة إلى قوتك . أتصور أنك ومونيك فى غاية الإنهاك .
و كانت خطوط الإرهاق حول عينيه و فمه تشير إلى قلة نومه.
ــ إننا نتبادل الجلوس بجانبه فهو لا يبقى وحده أبداً.زهرة منسية
تشابكت نظراتها بنظراته الثاقبة لحظة طويلة لم تستطيع أن تدرك ما يفكر فيه لكن عنف تلك النظرة جعلتها ترتجف. أخيراً قال قبل أن يتوارى فى المطبخ :"أنتفاخ تحت عينيك يدل على أنك أنت أيضاً لم تنامى"
انتهزت فرصة غيابه لتذهب إلى الحمام حيث أنعشت نفسها بغسل يديها و وجهها , و عندما عادت وجدته جالساً عند رأس المائدة.
نظرت إليه و هو يضع معلقتى سكر فى قهوته . عند ذلك شملها بنظرة متفحصة :"يبدو عليك التسلية"
ــ عرفت الآن من أين أكتسب التوأمين حبهما للحلوى . إنهما لا يذهبان إلى أى مكان دون حلوى المرصبان.
أرتفعت زاوية فمه فرأت وجهاً آخر لـ فنسنت قبل أن يفاجئهما , هى و بول و قال :"كنت مجنوناً بتلك الحلوى حين كنت صبياً"
لابد أن فنسنت رولاند كان صبياً حسن الشكل . أما الان فهو رجل يخطف الأنفاس بوسامته.
انتبهت إلى أفكارها المنحرفة هذه فجلست إلى كرسى بجانبه , متلهفة إلى الحديث عن ابنه.
ــ جئت إلى مكان عملى لأجل سبب معين . إذا كنت تريد مزيداً من المعلومات سأخبرك بأى شئ و أفعل أى شئ بإمكانى عمله للمساعدة . أننى أحب بول و حالته العقلية أكثر من أى شئ آخر.
و تنهدت بحرقة
وضع كوب القهوة و سألها :"هل حبك له يكفى لكى تخبريه بأنك ستمضين الصيف فى قصر رولاند؟"
كان سؤاله هذا آخر شئ توقعت أن تسمعه .
ــ حسب ما يقوله الدكتور موروا يعيش بول فى عالم مثالى من صنع خياله . مجئيك إلى القصر هو كل ما يتمناه من كل قلبه منذ عرفك. ليس لدى بول شك فى أنك إذا جئت إلى بيتنا و أمضيت معه بعض الوقت من يوم لآخر , ستدركين أن قدرك الحقيقى لا يكمن فى الرعية من أخوات آخريات
خفضت رأسها . نجاة بول من الموت لم تغير آراءه. إنه ما يزال يرى الأمور من زوايته الخاصة.
ــ ما هو رأى الدكتور موروا؟
ــ بالنسبة له ... قد يكون هذا أفضل ما يمكن أن يحدث . سيكون الأمر بمثابة خلق جو من الإلفة سيساعده على الشفاء سريعاً و هكذا سيكتشف بول أنك ليست ذلك المثل الأعلى للمرأة الكاملة الذى فى خياله , بل بالعكس سيجدك إنسانة من لحم و دم لديك نقاط ضعفك . سيجد أن إحتياجاتكما و اهتماماتكما لا تنسجم معاً . و مع مرور الزمن , سيتغلب على إفتتانه بك و يتركك . ذلك يـُدعى النضج , و هو ما يحتاجه.
تبع قوله هذا صمت طويل كانت أثناءه تستوعب كل ما قاله الطبيب النفسانى . ثم نظرت إلى فنسنت تسأله :"و ما رأيك أنت فى نظريته هذه ؟"
ــ هذه مسألة فيها نظر . أنت أخترت طريقك منذ وقت طويل . ومع ذلك يشعرالطبيب بأنه من المهم أن يراك بول مرة أخرى و بذلك لا يبقى تحت تأثير فكرة إساءتى إليك.
و نهض واقفاً , لكن ليس قبل أن ترى ومضة عذاب فى عينيه . كان الرجل يعانى من اضطراب داخلى بالغ . لقد استطاعت تمييز هذه الدلائل بعد مرافقة راهبات غير مكرسات مل ولن يعانين من مشاكل شخصية.
ــ من المؤكد أن بول لا يظن ذلك.
عادت الكآبة إلى عينيه :"دعينا لا نوهم أنفسنا بأن غضبى لم يسبب ضرراً دائماً"
كانت هالى واثقة من أن هناك سبباً . ثمة شئ هائل قد حدث فى ماضيه , شئ قد يكون متعلقاً بأبيه المستبد.و أرتجفت .
ــ قبل أن آخذك إلى المستشفى , يجب أن تعلمى أن بول لم يتحدث إلىّ منذ حادثة الاصطدام . علىّ أن أعتمد على الطبيب و مونيك للاستعلام عنه . أخاف أن تكون , كأخيها مقتنعة بأننى تعمدت إبعادك عنهما .
عند سماعها جملته الأخيرة نهضت واقفة :"إذن , سأثبت لولديك أنهما مخطئان"
شعرت بنفسها ترتجف و لكن لا يمكن أن ترجع كل الضعف الذى تشعر به إلى الصيام .
لم يكن بإمكانها أن تمنع بول من محاولة إنهاء حياته . ما كان لاحد أن يعلم ما كان يدور فى عقله حين ترك الشقة يوم الخميس . لكنه نجا بمزعجة , وهو الآن يحصل على أفضل علاج ممكن .
و لكن لا أحد كان يساعد أباه .
وراء ذلك الرجل الحازم يكمن رجل ضعيف و عليها هى أن تنهى الأزمة القائمة بين بول و أبيه . إنها الشخص الوحيد الذى يمكنه ذلك . و إلا لن تعود أبداً تلك العلاقة القوية التى كان بين الأب و ابنه , مرة أخرى .
ــ هـــالـــــى !
صرخت مونيك مذهولة وهى تخرج من غرفة بول فترى هالى فى الممر مع أبيها . و بدا الارتياح البالغ على وجهها ممزوجاً بسرور حقيقى . و قبلتا وجنتى بعضهما بعضاً.
ــ كنت أريد أن أتى قبل الآن , يامونيك , لكننى انتظرت حتى أعطانى طبيبه إذناً بالزيارة . و كان أبوك من اللطف بحيث أحضرنى من مقر عملى إلى هنا بنفسه , قائلاً إن علينا أن لا نتأخر لحظة واحدة.
فى البداية , بدت الفتاة الفرتسية البالغة الحيوية غير واثقة , و نظرت إلى أبيها للتأكد من ذلك , ثم أحتضنته:"شكراً يا بابا , سيجعل هذا بول سعيداً للغاية"
طبيعة مونيك المتسامحة أدفأت فؤاد هالى . و عندما التقت عيناها بعينى الأب من فوق رأس مونيك , قرأت فيهما الشكر :"سننتظرك فى غرفة الزائرين بينما تدخلين"
أومأت هالى قبل أن تدخل غرفة بول . و رغم أن التليفزيون كان مفتوحاً , إلا أنه بدا نائماً .
كان جو الغرفة دافئاً للغاية و فهمت سبب نومه فوق الأغطية . و لا شك أن أباه هو الذى أحضر له هذه البيجاما الجميلة المخططة التى يرتديها.
كانت صينية العشاء على منضدة السرير لم تؤكل بعد. تقدمت إلى جانبه لتنظر إلى الرض المنتفخ الذى كان بحجم بيضة الأوز و قدأصبح الآن مسطحاً
ــ بول ...أنا هالى....لقد جئت حالما أعطانى الطبيب إذناً بزيارتك.
ففتح عينيه :"هالى.... لم أكن أظن أننى ساراك مرة أخرى ....أنا لا....لا أستطيع أن أصدق هذا"
تقدمت و قبلته على خده الأيمن :"و لماذا لا تصدق ؟ أظننا سنريح خدك الأيسر"
فكانت مكافأتها ابتسامة رائعة ينفرد بها آل رولاند.
ــ لا تحالو أن تجلس . يقول الطبيب إنك ما زالت تعانى من الدوار.
ــ لم يعد هذا سيئاً كما كان .
فقالت مداعبة :"أنت كذاب , فإنك لم تأكل عشاءك"
ــ لست جائعاً . طعام المستشفى يثير الغثيان.
ــ هل هو أسوأ من طعام مدرستك ؟ لا أظن ذلك . اعترف بأن الطاهية فى سانت جينز قد دللتك للغاية.
فقال و هو ينظر إليها بثبات :"أعترف بذلك"
ــ هل تمانع فى أن آكل عشاءك ؟ لقد جئت من عملى مباشرة , إضافة إلى أنه حان وقت إنهاء صيامى.
فطرف بعيتيه :"هل كنت صائمة؟"
ــ نعم , لأجلك و أجل أسرتك"
وجذبت كرسياً جلست عليه و أمامها الصينية , و ابتدأت تأكل ...
ــ قررت أن أسرة رولاند بحاجة إلى عون يمكنها الحصول عليه , حالياً. لابد أن حادثك كان صعباً على الجد موريس الذى كان يعد الدقائق لعودتكما , أنت و مونيك , إلى سانت جينز , هل تحدثت معه اليوم؟
ــ لقد أتصل مرتين
ــ أنا واثقة من أن سماعه صوتك يسعده ,الحادث جعل الرعب يدب فى قلب كل شخص خصوصاً أنا.
رفع بول رأسه رغم الدوار :"كيف عرفت ؟ من مونيك؟"
ــ لا , بل من أبيك . جاء إلى مقر عملى و أحضرنى إلى هنا.
فأظلم محياه :"كيف يمكنك حتى أن تتحدثى إليه بعد معاملته تلك لك؟"
ــ لقد قبلت إعتذاره القلبى كل ما يفكر فيه هو سعادتك .
فقال بمرارة :"أنت مضطرة لأن تقولى هذا لأنك راهبة"
منتديات ليلاس
ــ بل تعلمت الصفح منذ طفولتى , يا بول , و ليس هناك سبب آخر . أن أباك متألم إلى حد هائل و أنت أكثر من أى شخص آخر, تعلم صحة هذا . أما بالنسبة لكونى راهبة , فأنا لم أكرّس رسيما بعد. هذا هو سبب حضورى إلى هنا لأتحدث معك عن ذلك .
لم تتفاهم هالى , حول هذا الأمر , مع الأم مارى كلير. حتى أنها لم تجد لحظة فراغ لذلك , و لكن هناك أوقات كانت هالى تتصرف فيها بوحى من غريزتها كما هى الآن.
لم يكن بول الوحيد الذى لم تكن مشاعره غير مستقرة .
ـ دعنى أولاً أنهى عشائى , و بعد ذلك نتحدث . سأخبرك عن نفسى أشياء أنت لا تعرفها.
قولها غي المتوقع هذا نبهه, فأدار لها جانبه السليم و انتظر . كانت بحاجة إلى التغذية فأكلت بسرعة , و بعد أن شربت كأس عصير التفاح , وقفت و وضعت الصينية بجانب الباب ,ثم عادت إلى بول و جلست . هذا دون أن تترك نظراته وجهها قط.
ــ ما سأقوله هو مفاجأة لك . لقد كنت متزوجة من قبل.
أجفل لقولها هذا . و زحف ألم إلى ملامحه ببطء كما كانت تتوقع . لقد انزاح غشاء عن عينيه , و تملكها الرضى.
ثم سألها بهدوء :"لماذا لم تخبرينا من قبل؟"
ــ لأن هذا كان مؤلماً للغاية . مات زوجى فى حادث سقوط الطائرة الذى سمعتنى أتحدث عنه .
حدق إليها و كأنه لم يرها قط من قبل :"هل كنت تحبينه؟"
ــ إلى حد هائل حتى أن الغضب تملكنى بشكل فظيع لأن الله لم يأخذنى أنا أيضاً معه
همس و هو يبلع ريقه :" الجد موريس يقول أن أبى كان يحب أمى بهذا الشكل . أنا آسف لأجلك هالى."
ـ لا بأس , منذ حادثة الطائرة, لم تعد حياتى سهلة . و لكن بإمكانى الآن أن أقول صادقة إننى لم أعد أتألم . كما يمكنك أن تتصور , غيرنى موته إلى حد بالغ , ما جعلنى أجد العزاء فى العمل بصفة راهبة غير مكرسة . هناك كثير من الألام فى العالم يا بول , و أن أتمكن من تخفيف عبء أى شخص , مهما كان العبء صغيراً , كان ينسيتى آلامى و يبعث البهجة فى نفسى.
أنقلب بول على ظهره و نظر إلى السقف :"أترانى كنت أنا و مونيك بعض مشروعاتك الخيرية؟"
ــ نعم . كنتما تفتقدان موطنكما , فأردت أنأكون موجودة غذا احتجتما لمن تتحدثان إليه .
فعاد ينظر إليها , و قد بهت بعض الضوء فى عينيه .
غشاء آخر انزاح عن عينيه . عند هذه النقطة كان عليها أن تتقدم بحذر:"ربما يمكنك أن تتفهم الآن مغامرة أن تصبح امرأة ما راهبة غير مكرسة . أحيانا و هى تتقرب من الآخرين , تتكون العاطفة فى الشخص الذى يتلقى المساعدة , كما فى المانح المساعد . و عندما يحدث ذلك , يصبح الوداع أصعب بكثير . بول....لقد تعلمت أن أحبك أنت و أختك , و أنا أعلم أنكما تحباننى . لم يكن مفروضاً أن يحدث هذا , لكن حدث. عندما جاءت اختك إلى مقر عملى يوم الخميس لتأخذنى , كان علىّ أن أرفض . لكننى لم أمنعها , و بدلاً من ذلك صعدت إلى التاكسى و ذهبت إلى شقة أبيك لأننى لم أشأ أن أحرم نفسى من صحبتكما "
كان الآن قد رفع نفسه على مرفقه و عيناه المتلهفتان على وجهها .
ــ هل تعلم لماذا أرسلونى إلى فرنسا ؟
ــ لا
ــ بعد أن عقدت صداقة قوية مع شخص فى كاليفورنيا , حذرتنى الأم المقدسة فى الدير من أننى لم أمض وقتاص كافياً لكى اختبر عقلى قبل دخولى الدير نهائياً , و هكذا حثتنى على أن أمنح عقلى سنة أخرى قبل أن أؤدى القسم. ثم تولت أمر إرسالى إى هنا . كان واضحاً أنها تعرف عنى شيئاً لا أعرفه , لأن التاريخ يعيد نفسه الآن . و هكذا ارتبطت بك و بـ مونيك . كل الغرض من أن تصبح المرأة راهبة هو أن تخدم الآخرين دون تفرقة بين شخص و آخر . و هذا مستحيل القيام به إذا كانت المرأة متزوجة و لديها أولاد . و حيث أنه لم يعد لى زوج , أعتقدت أنه أصبح لدى الحق فى أن أخدم الآخرين . و لكن ربما أنا مخطئة . فأنا لم أكن أعلم أنك ستطلب منى الزواج , بول . و لأننى كنت فعلاً أشك فى قدرتى على أن أصبح راهبة جيدة , فقد أذهلتنى حقاً عندما قلت إن الحياة الدينية لا تناسبنى . شعرت و كان شخص يسير على قبرى.
كل ما أخبرته به كان صحيحاً . لكن الإفصاح عنه بصوت مرتفع سبب له المزيد من الاضطراب . فصرخ :"أنا لم أكن أعنى الأمر بهذا الشكل؟"
ــ أعلم أنك لم تكن تعنيه . لكن كلماتك أنسجمت مع ذلك الجزء من نفسى الذى كان يشعر بأننى ما زالت غير مستعدة لإداء القسم . و إلا لما شعرت بمثل هذه الأهمية لصداقتى لك و لـ مونيك . و هكذا قررت أن أبقى فى فرنسا لفترة أطول , آمل أن أعرف , مع الوقت , عقلى و قلبى بشكل أفضل .
ــ هــالــى .....
تنبهت إلى الحماسة فى صوته . و هنا دعت الله أن تكون نظرية الدكتور موروا صادقة , و إلا لكانت نتيجة قرارها أسوأ . و مع ذلك , ما كان فنسنت الأب ليخبرها بهذه النظرية لو أنه لم يشعر بأنها منطقية . قنوطه مس أعماق روحها. لو أستطاعت أن تملأ هذه الفجوة بينه و بين ابنه , لفعل ذلك الأعاجيب فى إسترداد معنوياتها .
ــ ما دام عقد عملى مع تاتى ينتهى الأسبوع القادم ,فلن أتمكن من البقاء فى باريس . و لكن نظام الرهبنة , لحسن الحظ , برنامج يشمل مدينة ليون.
قطب حاجبيه :"ليون؟ و لماذا تذهبين إلى هناك؟"
ــ أولاً لأبحث عن عمل .
ــ أنت لست بحاجة إلى عمل . أنا سأهتم بك. سآخذ وظيفة فى بنك (مونتبارناس) حالما أخرج من المستشفى .
ـ هذا ما أخبرنى به أبوك, لكنك لا تفهمنى . أنا مازالت راهبة غير مكرسة هنا فى فرنسا بفيزا عمل. فإذا شئت أن أبقى على أن أبرز ما يثبت أننى موظفة.
ــ تعالى إذن إلى سانت جينز . سأجد لك وظيفة فى مكتب مصنعنا . المدير هو إيفز برووارد , و هو سيفعل لأى شئ لأجلى.
ــ و ماذا بالنسبة إلى وظيفتك الجديدة؟
ــ لقد حصلت عليها فقط لأبقى قريباً منك زهرة منسية . و بما أنهم لم يبدأوا تدريبى بعد, سأخبرهم بأننى غيرت رأيى . ستحبين القصر جداً . و يمكنك أن تقيمى فى أية غرفة من غرف الضيوف تعجبك.
ـ لا, بول . إذا كنت سأتى إلى سانت جينز سأبحث عن غرفة أستأجرها فى المدينة كما هو حالى هنا فى باريس .
فبدت فى عينيه نظرة تأمل :"القصر ملحق به عدة مبانى خارجية كانت تستعمل للخدم سنة 1800 . إذا أعددنا أنا و مونيك أحد تلك الأكواخ لك , يمكنك أن تستأجريه من خلال مدير أملاك أبى برنارد أرتوا . إنه يعيش مع أسرته فى أحد الأكواخ ."
لقد فكر بول فى كل شئ....
ــ كم يبعد القصر عن المدينة الرئيسية ؟
ــ ثلاث كيلو مترات
ـ أظن إذا أشتريت دراجة نارية سريعة للمرواح و المجئ لن تكون هناك مشكلة.
فلمعت عيناه :"لدى مونيك عدد كبير من ذلك يمكنك أن تستعيرى واحدة."
فوقفت :"هل نترك الجواب إلى الغد؟"
ــ لا تخرجى الآن....
ــ أنا مضطرة لذلك . إنها أوامر الطبيب . لكننى سأعود غداً . أرجو أن تكون تحسنت تماماً عند الصباح , تصبح على خير .
و خرجت بسرعة قبل أن يستطيع النفكير فى سبب يؤخرها , و وقف فنسنت و ابنته مونيك حالما رأياها فى بار غرفة الجلوس .
ــ ألديك مانع أن تأخذنى بسيارتك إلى بيتى؟ شقتى قريبة من متجر تاتى .
ــ كنت مصمماً على ذلك.
و نظر إلى ملامحها بعينين متلهفتين إلى رؤية أى دليل على نتيجة زيارتها لـ بول .
ــ سأذهب معك يا أبى .
و قبل أن يجيب سبقته هالى إلى الجواب :"عندما تركت بول كان مستيقظاً تماماً و بحاجة إلى صحبة . و لا أعرف من يمكن أن يبعث البهجة إلى نفسه أكثر منك , هنا"
و فتحت حقيبتها و أخرجت منها قطعة كبيرة من حلوى المرصبان قائلة :"أنا أكلت عشاء أخيك الذى لم يرغب به , لكننى أظنخ سيأكل هذا"
فضحكت مونيك:"إذا لم يأكله سأكله أنا"
لوى فنسنت شفتيه . فى كل مرة ترى هالى ردة فعل كهذه, ترغب فى أن تتكرر مرة أخرى.
عادوا إلى حيث غرفة بول , و عانق فنسنت ابنته :"لن أتأخر"
والتفت إلى هالى و أمسك بمرفقها يقودها إلى المصعد.
أحست أنها متلهفة إلى أن تكون وحدها معه . و على كل حال , كان هناك أناس كثيرون بإمكانهم أن يسمعوا كل كلمة ينطقان بها , فبقيت صامتة حتى وصلا إلى السيارة.
قال و هما يخرجان من موقف السيارات :"لقد أمضيت وقتاً طويلاً مع بول. لابد أنك تضايقت جداً معه . أنا آسف"
ــ لا تأسف . كل ما أرجوه هو ان لا تكون غيرت رأيك بالنسبة إلى نجاح نظرية الدكتور موروا لأن الوقت فات الآن. لقد ابتدأت بتنفيذها .
جذب الكابح , عند مدخل موقف السيارات , بقوة اهتزت معها السيارة :"ماذا تقولين؟"
بللت هالى شفتيها متوترة :"سيصل بول إلى ما يتمناه . سأمضى الصيف فى سانت جينز"
أطلق شخص خلفهما نفير سيارته ليمرّ, لكن فنسنت كان جامداً مكانه حتى أن هالى تاءلت إن كان انتبه إلى تلك السيارة . و أخيراً أنزل زجاج النافذة و أشار إلى السائق ليدور حولهما . ثم سألها متشككاً :"ماذا بالنسبة إلى خطتك لدخول الدير؟"
ــ لقد تأجلت.
بقى ثوان لا يتحرك , ثم عاد فأنطلق بسيارته على البولفار.
أنعكس ضوء مصباح الشارع على ساعة معصمه فنظرت إلى يديه السمراوين فأثر انتباهها إلى أنه لم يكن يلبس خواتماً . تأملت كيفية قيادته و حركات يديه و خلب لبها رشاقة أصابعه و خبرته البالغة فى القيادة و عضلات يديه القوية
تملكها الرعب و هى تشعر نحوه بجاذبية هائلة , و عرقت راحتاها . لم تكن تظن أن بإمكانها أن تحس بهذه المشاعر بعد فقدان زوجها.
يا لضعف البشر ...
ــ فهم بول أننى سأبقى راهبة غير مكرسة . لكنه مع ذلك تابع خطته لأجلى.
ــ يمكننى أن اتصور ذلك.
ــ أنه يعتبر أن كل أفكاه ستنجح تماماً . و قبل أن أغادر غرفته , كدت أقتراف غلطة و هى أن أخبره بأن يأخذ موافقتك أولاً
ــ الحمد لله أنك لم تفعلى ذلك. و إلا لما جاء إلى البيت .كل هذا بفضل تضحيتك , هالى . لا أستطيع أن أعبر لك عن مشاعرى الان .
و لا هى تستطيع.
لقد دخل قلبها خوف جديد . خوف مصدره رجل من لحم و دم جالس بجانبها . رجل كانت معجبة به منذ أشهر قبل أن يتفجر فى عالمها ذات ليلة غير عادية , بكل الغضب الضارى الذى يحمله نجم مذنب من الفضاء الخارجى.
نهاية الفصل الثالث

الاميرة الاسيرة 29-09-13 03:03 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يا زهرة يا قمر الرواية دى انا قراتها من قبل وعجبتنى جدا بصراحة هى من اول رواية قراتها من احلام وحببتنى فى احلام وعبير روووووووووووووعة تسلم ايديكى يا قمر على مجهودك وبالتوفيق دائما يا زهورة
فى حفظ الرحمن

رحيل 3 29-09-13 03:42 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
انا بحب رويات احلام بتمنى النجاح دائما ليكم
:liilas::liilas:

زهرة منسية 29-09-13 07:28 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاميرة الاسيرة (المشاركة 3375604)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يا زهرة يا قمر الرواية دى انا قراتها من قبل وعجبتنى جدا بصراحة هى من اول رواية قراتها من احلام وحببتنى فى احلام وعبير روووووووووووووعة تسلم ايديكى يا قمر على مجهودك وبالتوفيق دائما يا زهورة
فى حفظ الرحمن

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً و سهلاً سمو الأميرة :)
تعرفى أول رواية بنقراها دايمن بتكون مميزة جداً
بالرغم من أنها مش أول روايةقرياها لكن بحبها كتير
الله يسلمك حبيبتى
شــــــكــــــــــــــــراً

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيل 3 (المشاركة 3375616)
انا بحب رويات احلام بتمنى النجاح دائما ليكم
:liilas::liilas:

أهلاً و سهلاً رحيل
شكراً ليكى
و دلوقتى موعدنا مع الفصل الرابع

زهرة منسية 29-09-13 07:31 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
4 - قرارات جرئية



ــ بابا ؟ أنا عدت من المستشفى !
ــ لحظة واحدة يا مونيك !
أجابها أبوها بذلك و هو ما زال يجيب على مكالمة هاتفية .
ــ آسف للمقاطعة يا دكتور .
ــ لا بأس . كنت أقول إنه ما دمت ستغادر إلى سانت جينز غداً صباحاً , سأدع سكرتيرتى ترسب يالفاكس ملف بول الطبى إلى المستشفى فى بوردو , دكتور كلونى هو طبيب نفسانى ممتاز سأتشاور معه و أعلمه بكل شئ عن حالة أبنك . و إذا كان لديك أية أسئلة فلا تتردد فى الاتصال بىّ.
ــ لن أتردد.
أسرعت مونيك إلى غرفة نوم أبيها . كانت تبدو متلهفة إلى الكلام.
و أبتسم هو لأبنته و قد سرّه أن المور تتحسنن بينهما , بينما ما زال مصغياً إلى الدكتور موروا و هو يقول :"قبل أن ننهى المكالمة أريدك أن تعلم أن زيارة الآنسة لين اليوم لـ بول كانت مهمة للغاية . إننى الآن مقتنع تماماً بأن هذه الخطة ستنجح , و ربما بأسرع مما نظن. أعتبرها علامة مشجعة على أن الأزمة قد مرت تقريباً دون الحاجة إلى أن نخضع بول إلى علاج نفسى مركز . و فى الوقت المناسب سيعود أبنك إليك أفضل بكثير من قبل . أنا واثق من ذلك."
كان أمل فنسنت قليلاً جداً فى أن يعتبره بول أباً له مرة أخرى. لكنه احتفظ بهذه الأفكار لنفسه لأن أبنه حىّ و يتطلع إلى العودة إلى البيت .
لعد الحالة التى كان بها ليلة الخميس , هذا التقدم الكبير يشكل معجزة .
وهذا يعود إلى المرأةالخالية من الأنانية التى وضعت مصلحة بول و سعادته قبل مصلحتها هى و اهتماماتها.
ـ شكراً يا دكتور . لن أنسى لك هذا الجميل . إلى اللقاء.
و عندما وضع السماعة قالت مونيك :"و أخيراً ....هل أتصلت بالسيد جايد؟"
بينما كان فنسنت ينهى أتصالاته التليفونية الوافرة العدد استعداداً للقيام برحلتهم إلى بوردو , كانت مونيك قد أمضت اليوم بطوله مع بول قبل أن تعود إلى الشقة بتاكسى
ــ نعم , وهو سيرسل الشيك صباح الغد . هل قبل بول أن يأخذ الخاتم؟
و كان فنسنت قد أعتمد على ابنته مونيك فى إعادة الخاتم إلى بول دون أن تسبب له الاستياء . فجلست على حافة السرير:"ليس فى البداية . لكننى عندما قلت له إنك طلبت منى أعادته إليه لأنه هو صاحبه و بالتالى المكلف بالتصرف به, عند ذلك قبله"
منتديات ليلاس
ــ شكراً يا صغيرتى بإمكانى دوماً أن أعتمد عليك.
فنظرت إليه بعينيها الجياشتين بالعاطفة :"بابا, إذا حاول أن يعطيه مرة أخرى إلى هالى , فأنا متأكدة أنها لن تأخذه"
ــ و ما أدرك بذلك؟
ــ أنا واثقة من ذلك .
قال و قد تملكه الفضول ليعلم ما يدور فى ذهنها الحاد :"ما الذى تغير منذ الخميس عندما أخفيت نفسك لتمنحيه الفرصة ليعرض عليها الزواج"
أحنت رأسها :"كل شئ"
ــ ألم يحصل على ما يريد؟ ظننتك سعيدة لهذا
ــ أنا سعيدة فعلاً , و لكن ....
ــ و لكن ماذا , يا عزيزتى؟
ــ لا أدرى . فالأمور لم تعد كالسابق . لقد أصبح بول مختلفاً.
كان الطبيب قد أخبر مونيك بالحقيقة عن حادث اصطدام أخيها , و ذلك لأجلها و أجل بول . و لكنه لم يخبرها بسبب قرار هالى القدوم معهم إلى سانت جينز . ذلك لأن علاقة مونيك بـ بول حميمة للغاية و قد تخبره بشئ فى لحظة ضعف فتفسد خطة الطبيب نهائياً .
ــ ماذا تقصدين بكلمة مختلف؟
ــ حسناً , أولاً , كنت فى الغرفة الغرفة حين أتصل بالبنك حيث يـُفترض أنا يبدا التدريب اليوم . تملك المدير الغيظ لضياع وقته سدى . و رد عليه بول ببضع كلمات سيئة قبل أن يقفل التليفون فى وجهه. لم يكن هذا تصرف أخى الذى أعرفه . منتديات ليلاس
كان الدكتور موروا قد قال إن بول بحاجة إلى أن ينضج و يتعامل مع العالم الحقيقى . و أظنه الآن يختبر ذلك .
ــ ربما الآن , سيمر بول بمرحلة يقوم فيها بأشياء كثيرة غير مناسبة و ذلك لفترة , فهو يجتاز مرحلة تغيير فى حياته . و كل ما يمكننا عمله هو أن نحبه و نساعده عندما يحتاج إلينا .
انهمرت الدموع من عينيها :"يا ليت لم يحدث شئ من كل ذلك "
ثم ألقت بين ذراعى أبيها و بكت .
كان فنسنت قد تلفظ بنفس الكلمات فى اللحظة التى سمع فيها الجواهرجى يحدثه عن الخاتم و جوهرته الرائعة التى اشتراها بول لمن يريد أن يتزوجها . لكن الغريب أن شعوره قد تغير الآن .
كان هناك أشياء لا يعرفها التوأمان . اسرار لا يعرفها سواه و الجد موريس. أسرار أقسما , هما الاثنين على أن يحملاها معهما إلى القبر , معتقدين أن هذا هو الأفضل.
لكن الوضع بأكمله مع هالى أثبت له خطأه . الخاتم و عرض الزواج , متبوعاً بحادث اصطدام بول , قد أيقظ فنسنت من نوم عميق.
الدكتور موروا لا يعرف ذلك, لكنه عندما تحدث عن خطر استمرار بول فى رؤية العالم من خلال مثاليته , كان و كأنه يصف فنسنت .
مهما كانت العواقب , ولداه بحاجة إلى معرفة الحقيقة ليفهما السبب الذى جعله يتحول إلى غول ليلة الخميس الماضى.
لقد صمم أن يفتح لولديه عند عودتهم إلى الديار , و ثم يحطم صمتاً دام ثمانية عشر عاماً

زهرة منسية 29-09-13 07:34 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ــ أوهـ......
أخذت هالى تعبر تعبر عن بهجتها عندما دخل فنسنت بسيارته الفخمة من البوابة إلى مزرعة رولاند.
صفوف بعد صفوف من كروم العنب الغضة تمتد موازية لطريق يؤدى إلى قصر من طراز القون السابع عشر يبدو من بعيد.
كان القصر مبنياً على طراز هندسى ذكرها بحكاية سندريللا و كانت الأشجار المشمشية اللون تلمع بجانب منتديات ليلاس النباتات الخضراء . و أخذت تغمض عينيها ثم تفتحهما خوفاً من أن يكون ما تراه مجرد حلم.
ــ هذا حقيقى . لقد أخبرتك أنه رائع الجمال .
لقد قرأ بول أفكارها , من اللحظة التى غادر فيها الطائرة و هو يجلس بجانبها فى المقعد الخلفى من سيارة والده .
هزت هالى رأسها و ما زالت الرهبة تتملكها إزاء هذا الجمال الرائع . زهرة منسية
و قالت له :"لا عجب فى لهفتك إلى العودة . هذا هو الفردوس بعينه"
كانت تجلس خلف فنسنت . و خلال الساعة التى استغرقتها الرحلة من المطار تلاقت نظراتهما فى مرآة السائق العاكسة . ظاهراً , كان يبدو مسترخياً , و مع ذلك عكست عيناه مزيجاً من الألم و مشاعر أخرى لم تفهمها .
و فجاة , أنزلت مونيك زجاج نافذة السيارة , ثم هتفت صائحة بحماسة بالغة و هى تلوح بيدها :"جــــدى"
ثم قالت لأبيها :"أنزلنى هنا يا أبى , أرجوك"
أوقف فنسنت لها السيارة فقفزتمنها و أندفعت راكضة . و رأت هالى فى الفناء رجلاً عجوزاً و كلباً
ــ بوريغار.....!
صاحت مونيك بأسم الكلب البعيد فأندفع نحوها يعدو بسرعة جعلت هالى تشك فى أن قدميه كانتا تلمسان الأرض....و سرعان ما كانا يغيبان فى عناق طويل.
استحال ضحك هالى إلى دموع هادئة عندما رأت أجتماع الشمل البهيج هذا . كان الجد موريس قد وصل إليهم الآن , فالتفوا جميعاً حول بعضهم البعض فى عناق كبير.
نظر فنسنت من فوق كتفه إلى ابنه و قد أغرورقت عيناه بالدموع :"أتريد أن تنزل و تنضم إليهم أم ما زلت تشعر بالدوار؟"
قررت أن الوقت حان لينفرد بأبيه عدة دقائق :" أنا , فى الحديقة , أريد أن أخرج من السيارة و أتمشى قليلاً , بول . أنا لم أمشى قط فى كرم عنب من قبل"
و دون أن تنتظر جواباً , فتحت باب السيارة و قفزت إلى الخارج و أغلقته خلفها . كان الهواء رقيقاً و السماء زرقاء تغطيها رقع من الغيوم التى تراها عادة فى الصور الزيتية .
شعرت و كانها استقرت على لوحة فنان فى آخر مرحلة من رسمها .
بدلاً من السير فى الطريق , اختارت أن تسير بين صفين من الرعائش الطويلة .
فكرت فى أن فنسنت ولد هنا و عمل فى الأراضى و الكروم, و من قبله أبوه و جده . هذا الإرث الفريد قد جعل منه رجلاً غير عادى بالرغم من الألم الذى عاشه تحت حكم أب كانت إرادته هى القانون.
رآها الكلب قادمة, فإندفع إليها يتفحصها , فحكت خلف أذنه :"مرحباً , يا بوريغار . إنك أظرف مما قاله عنك التوأمان"
لعق يديها ثم ركض حولها بينما هى تتقدم نحو الشخصين اللذين ينتظرانها .
كان العجوز الفرنسى بنفس طول فنسنت لكنه منحنى الظهر قليلاً . و كان يلبس طاقية على قمة شعره الرمادى الكث بشكل غريب , و كنزة فضفاضة .
غمزها الجد موريس من نفس العينين البنيتين اللتين أورثهما لأسرته .
كانت الوسامة وراثية فى أسرة رولاند.
ــ لقد أحبك الكلب . أنظرى إلى ذيله كيف يتحرك .
وضحكت الفتاتان قبل أن تمد يدها لتصافحه :"أنا سعيدة بالتعرف إليك, سيد رولاند . الولدان يتحدثان عنك باستمرار."
كانت نظراته ودية , و مع ذلك تفحصها و كأنها لغز حول أن يحله : "فمرحباً بك فى سانت جينز , يا آنسة"
ــ سأقيم هنا فترة , أرجو أن تدعونى هالى.
فكرر :"آلى"
فقالت مونيك :"لا , إنه هالى. عليك أن تلفظ الهاء"
فهزت هالى رأسها :"هذا غير مهم يا مونيك , يمكنكم جميعاً أن تدعونى كما يحلو لكم"
فقال الرجل العجوز :"يعجبنى موقفك هذا"
ــ و انا أحب وجودى هنا.
منتديات ليلاس
تنفست بعمق ثم نظرت حولها قبل أن يستقر نظرها علة مونيك :"هل تتذكرين فيلم صوت الموسيقى الذى ذهبنا لمشاهدته مرة؟"
فأومأت مونيك :"طبعاً"
ــ هل تتذكرين ما قاله (العم ماكس) ؟ "أوهـ..... أنا أحب أن أكون بقرب الناس الأغنياء . أحب طريقة حياتهم و أحب طريقة حياتى عندما اكون معهم"
فأومأت مونيك ضاحكة , فقالت هالى :"هذا بالضبط ما أشعر به الآن"
القى الرجل العجوز برأسه إلى الخلف و قهقة ضاحكاً ,ما جعل الكلب ينبح و يدور بين سبقانهم .
ــ ما الذى يضحككم بهذا الشكل؟
كان فنسنت قد لحق بهم بعد أن نزل من السيارة و تبعه بول.
و أخبرتهما مونيك بخلاصة الحديث و عقب الجد بقوله:"ذلك مضحك خصوصاً و هو يأتى من فم راهبة"
بدت على وجه فنسنت اكبر ابتسامة رأتها منذ تعرفت إليه . و أدركت أن قلبها لن يعود كما كان.
ــ هالى لم تصبح راهبة بعد يا جدى.
التفت الجميع و نظروا إلى بول الواقف قريباً منهم. فقال الجد و هو يضع يده على قلبه :"المهم هو وجودك هنا يا بول"
تقابلت نظرات فنسنت و هالى لحظة ارسل لها فيها رسالة خاصة , كان جده يعرف الموضوع و كان يحاول أن يساعد. و قال الجد يخاطب بول :" تعالى إلى معانقة جدك . لقد أشتقت إليك بعد هذا الفراق الطويل"
ابتلع بول ريقه بصعوبة :"و أنا اشتقت إليك أيضاً"
كانت ملامحه متخشبة حتى عانقه جده, عندئذٍ لاحظت هالى أن ذراعيه اشتدتا حول الرجل العجوز الذى لم يلبث أن قال له :"أنا فخور بك إذ حللت الثانى ف أصعب المدار الداخلية فى باريس . هذا يستلزم احتفالاً"
ـ مونيك جاءت الأولى فى مدرستها .
فقالت مونيك بتواضع :"بزيادة 3 علامات فقط"
و مرة أخرىوجدت هالى نفسها مركز لنظرات فنسنت , لقدأومأ بشكل لا يكاد يلاحظ و كأنه يقول أن هناك تقدماً بسيطاً . ذلك أن بول عاد يتكلم مع كل شخص.
ــ صفك اللاتينى هو أصعب بكثير من صفى , بول , لو أن هالى لم تساعدنى فى القواعد لكنت فشلت .
ترك الجد موريس بول و أخذ يشعث شعرها :"إعتاد الكاهن هنا أن يعلمنا اللاتينية . و لا أستطيع القول أن ذلك أفادنى"
بدا الملل البارغ على بول من هذا الحديث , و قال :"هيا بنا , يا هالى أريد أن أريك ما يحيط بالقصر"
ــ هذا ما أحبه , و لكن هل تمانع فى أن أغسل يدى و وجهى أولاً؟
أحمر وجهه :"طبعاً لا, سأدخل لكِ حقائبك فى المن السيارة"
فقال له جده :"الأفضل أن تدع ذلك لـ غاستون يا بول , فأنت خارج لتوك من المستشفى"
فملق فيه بول :"أنا لست معقوّقاً"
ــ قد تصبح كذلك إذا لم تستمع إلى صوت العقل. تعالى معى فهناك ما أريد أن تراه.
بينما أخذ بول يتردد وقفت مونيك على رؤوس أصابعها تقبل أباها وجدها , ثم تأبطت ذراع هالى :"سآخذك إلى غرفتى ما دمت ستنامين فيها"
فقال بول :لليلتين فقط . و بعد ذلك ستصبح لديها غرفتها الخاصة فى أحد الأكواخ . لقد أتصلت بـ برنارد من باريس , وهو مستعد للعمل فيه"
فتمتمت مونيك :"أعلم هذا. ستقابلك فى الطابق السفلى بعد فترة قصيرة . هيا بنا يا بو!"
و اجتازتا الفناء و الكلب بو فى أعقابهما .
منتديات ليلاس


زهرة منسية 29-09-13 07:37 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

تملك هالى السرور للنجاة من ذلك التوتر . لم تحسد فنسنت لاضطراره إلى توخى الحذر التام فى التعامل مع ابنه منذ أخرجوه من المستشفى.
أما الجد فكان قضية أخرى . فهو بإمكانه ان يقول ما يبغى أن يقال دون الخوف من التوبيخ.
و تملكت هالى رجفة لاحظتها مونيك بسرعة :"ماذا حدث لك؟"
ــ ماذا يمكن أن يحدث لى فى مثل هذا المكان الرائع الجمال ؟ مجرد تفكيرى فى أنك ولدت و نشأت هنا....
ــ كونى صادقة , يا هالى . هنالك أشياء كثيرة سيئة نعرفها , نحن الاثنتين . أنا أعرف أن أخى مريض . لقد أخبرنى الطبيب. و لكن من الصعب الاقتراب منه عندما يكون مزعجاً بهذا الشكل .
ــ أنا أدرك شعورك.
تباطات الفتاة فىسيرها و سألتها :"هالى...؟ لماذا جئت فى الحقيقة؟"
كانت هالى تنتظر هذا السؤال , و ستخبرها بالحقيقة قدر أمكانها :"عندما علمت ان بول القى بنفسه عمداً امام الشاحنة , شعرت أننى ملامة جزئياً على ذلك. لكن اللوم الأكبر يقع على عاتق أبيك . انه ىسف جداً على تصرفه ذاك. أنه يتألم حقاً و هذا يؤلمنى. و قد تحدثت عن ذلك مع الأم مارى - كلير , فوافقت على أن أرجئ عودتى إلى كاليفورنيا و ذلك لكى أدع أخاك يرى أننى لا ألوم اباك . بول بحاجة إلى أن يفهم ذلك و يصفح عنه , و إلا لن يعود أى منهما سعيداً مرة أخرى , فإذا كان هناك ما يمكننى أن أفعله للصلح بينهما , سأفعله . إن فنـ ...أعتى اباك , نادم على ما فعله تلك الليلة أكثر مما تتصورين"
حدقت مونيك إليها لحظة طويلة قبل أن تومئ برأسها .
دخلتا القصر حيث قدمت مونيك إلى مدبرة المنزل إنفيج و زوجها غاستون . و احتفى الإثنان اللذان يكبرانها سناً بها و كأنهما جدان محبان .
كانت هالى قد زارت قصر فرساى فى باريس و قصور الأرياف مع التوأمين أثناء وجودها فى فرنسا , و كلها كانت رائعة , لكن هذا القصر كان غير عادى فى روعته لأن أسرة رولاند تعيش هنا. منتديات ليلاس
فنسنت يعيش هنا.
ذهلت , و هى تقف على الأرض الخشبية المزخرفة,للمشاعر التى تملكتها لمجرد التفكير فيه . و سمعت صوت مونيك يتجاوب فى رأسها .
(هالى؟ لماذا جئت فى الحقيقة؟)
تمنت هالى لو ان ذلك حقاً السبب الذى ذكرته , ولو تتمكن فعلاً من إصلاح الوضع . كانت تريد لنظرية الدكتور موروا أن تنجح.
و لكن ماذا لو كان هناك أسباب أخرى؟
ماذا لو كان فنسنت نفسه جزءاً من السبب؟
ماذا لو أنها جاءت لكى....
لا....لا يمكنها أن تفكر بتلك الطريقة . إنها لا تجرؤ على ذلك .
ــ هـــــــــالـــــــى؟
منتديات ليلاس
و نشلها صوت مونيك من أفكارها المعذبة :"آسفة لإبطاتى . هناك الكثير للتفرج عليه , رأسى يدور"
وأسرعتلتنضم إليها فى الطابق التالى. أخبرتها مونيك أن جناحها يقع على يسار السلم , بينما جناحى بول و أبيهما على اليمين . أما جناح الجد فهو فى الطابق الرئيسى و بذلك لا يكون مضطراً إلى صعود السلالم .
بجانب غرفة النوم الزرقاء و البيضاء البالغة الاتساع و الحاوية على سريرين كبيرين و مدفأة , كان هناك حمام كبير قد جـُدد بشكل عصرى , و غرفة الجلوس تحولت إلى مكتب فيه كمبيوتر .
قافت هالى بعد أن خرجت من الحمام بعد دقائق :"هذا الجناح أكبر من معظم بيوت الناس"
ــ هذا ما يقوله أصدقائى عندما يمضون ليلة هنا . أننى أقيم هنا حفلات كبيرة للغاية و كل مدعو يحضر معه حقيبة لوازمه لقضاء الليل . و لذها كان النوم فى غرفة صغيرة فى المدرسة فى باريس , أمراً صعباً . أننى أعشق المساحات الواسعة هنا .
كانت مونيك الآن جالسة وسط السرير , محتضنة وسادة . و كان الكلب قد صعد إلى جانبها حيث وجد لعبة أخذا يلعبان بها معاً .
تمشت هالى إلى إحدى النوافذ . كان مشهد الكروم من الجمال بحيث يمكنها أن تستمر فى النظر إليه إلى الأبد . و من زاوية عينيها لمحت بول وجده سائرين إلى مجموعة المبانى الخارجية . و لم يكن هناك آثر لـ فنسنت .
تألم قلبها لأجله . كان ينتظر , بلهفة , عودة ولديه إلى البيت , و إذا بذلك يستحيل كابوساً , يمكن أن يستمر وقتاً طويلاً .
فى منتصف أفكارها , سمعت رنين التليفون فألتفتت لترى مونيك تتناول السماعة عند جانب السرير . و ما إن هتفت "سوزيت" حتى أدركت هالى أن المكالمة ستطول.
سوزيت هى أفضل صديقة لـ مونيك فى سانت جينز . و هما تتصلان دومً ببعضهما بواسطة الإنترنت لكى تبقيا على تصال .
إن مونيك بحاجة ماسة إليها الآن, كما أن بول بحاجة إلى أن يكون مع أصدقائه الحميمين .
أشارت إلى مونيك متمتمة إنها ذاهبة إلى الطابق السفلى , ثم غادرت الغرفة عازمة على القيام ببعض الإكتشافات . لكنها لم تصل إلى السلم حتى رأت فنسنت صاعداً الدرجات الرخامية .
كان يصعد درجتين كل مرة بتأن و قلة اهتمام . و عندما رآها تقف عند القمة أبطأ فى صعوده .
ــ هالى...
و من خلال عينيه الضيقتين أخذ يتأمل ملامحها و قوامها . ربما لأنه لم يكن يتوقع رؤيتها واقفة هناك , فوجئ بذلك . و مهما كان السبب , فقد جعلها تأمله لها ترتجف.
قالت آملة أن لا تبدو متوترة :"مونيك تتحدث تليفونياً مع سوزيت فرأيت أن أتجول فترة فى الأرجاء . هل هذا صواب؟"
ــ طبعاً , طالما أنت هنا أريدك أن تتصرفى و كأنك فى بيتك.
دعك صدره بذهن شارد , و هى حركة لاحظتها منه عندما يفكر متأملاً فى أمر جاد:"و على كل حال, ما دمنا وحدنا الآن , هناك شئهام أريد أن أحدثك به"
شعرت بقلبها يخفق قلقاً :"هل تحدثتما أنت و بول بعد أن غادرت أنا السيارة؟"
فأظلم وجهه :""لا, بل ساد صمت مطبق كان أسوأ بكثير"
فعضت شفتها :"لابد أن هذا كان صعب عليك"
فأوما :"لا يمكننا الحديث هنا. تعالى معى"
و كما فعل من قبل , أمسك بمرفقها و قادها فى الردهة يجتازا عدة غرف إلى باب فرنسى الطراز يؤدى إلى غرفة جلوس تحتوى على مقاعد و أرائك جلدية و لوحات تمثل مشاهد من المزرعة يبدو أنها رسمت فى عهود مختلفة .
جذب انتباه هالى لوحة أخرى تمثل رجلاً نبيلاً طويلاً نحيلاً عابساً ذا شعر أسود و عينين أشبه بشقين . و أسفل اللوحة كان طبق نحاسى حفر عليه أسم (الدوق دى رولاند)
قال صوت عميق خلفها :"مونيك تظن شكله مخيفاً . و هكذا تضع صورته هنا بدلاً من المكتبة كيلا يخيف الضيوف"
صدرت عنها ضحكة رقيقة , بينما تابع يقول :"كان رجلاً مخيفاً من كل النواحى. أظن أن أبى لابد ورث بعض الجينات منه. بعد ليلة الخميس أنا واثق من أن أولادى يقولون نفس الشئ عنى"
فتلاشت ابتسامتها . لم يكن إحضاره لها إلى هذه الغرفة من وحى المصادفة . و استدارت إليه :"ما الذى فعله أبوك ليجعلك تحمل مثل هذا الحمل الثقيل طوال هذه السنوات؟"
كان رأسه منحنياً بحيث لم تتمكن من رؤية العذاب على وجهه , لكنه كان موجوداً فى صوته المتهدج :"كان أبى صعباً , لكنه لم يكن ملاماً على الأخطاء التى ارتكبتها أنا. فقد كانت أخطئى وحدى"
فاقتربت منه :"ما هى تلك الأخطاء؟"



نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة للجميع

زهرة منسية 02-10-13 11:54 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
5 - أعترافات جريحة



ــ عندما دخلت الغرفة التى كنت فيها أنت و بول , شعرت و كأن السنوات عادت بى إلى الوراء وعد إلى السابعة عشرة مرة أخرى ... فى سنو بول تقريباً . رأيت نفسى فى غرفةالنوم فى كوخ أحد عمال كرومنا . و بدلاً من خاتم بجوهرة فيروزية اللون يساوى تسعة آلاف دولر , كان هناك قرطان متألقان من الماس يساويان خمسة آلاف دولار أقترضتهما مقابل قطعة أرض لأزين أدنى حبيبتى.
آهـ .... لا! و غرزت هالى يديها فى المقعد , بينما كان يتابع :
ــ الفرق الوحيد هو أن المرأة التى كانت بين ذراعى كانت ساحرة حمالها لا يصدق , شعر أسود كالليل و ليس ذهبياً كشعرك , كانت أرليت تكبرنى بتسع سنوات , أكبر منك الآن بسنة واحدة فقط.
و كان تقدير هالى لهذا التشابه أكثر من تقدير أى شخص آخر.
ــ و كانت قد ترملت لتوها بسبب أصابة زوجها بنوبة قلبية.
و كذلك راؤول , زوجها هى , مات بسرعة . كان التشابه يزداد قوة من لحظة إلى أخرى.
ــ اهتمام أرليت أشاع الغرور فى نفس غلام ابتدأ لتوه يختبر هذه الأمور . و عندما دعتنى إلى السباحة معها فى عصر أحد الأيام , أثر بى تجاوبها المحموم.
أحنت هالى رأسها , محاولة أن تكافح الصور التنى أخذت كلماته تعيدها إلى ذهنها , بينما كان هو مستمراً فى الكلام :"عندما رأيت الرجال يحمون حولها , يراقبونها أثناء النهار , لم أستطيع السيطرة على غيرتى . و فى ستة أشهر أو نحوها صرت أسير سحرها . لم يكن لدى ما يكفى لكى أثبت لها مقدار حبى بالإضافة إلى الماس . أعطيتها نقوداً لكى تدفع اجرة الكوخ و تتمكن من البقاء فى المزرعة , و مع الوقت أصبحت أنا المعيل لها كلياً . أهملت دروسى و عمل الأسرة و أصبح كل ذلك عديم الأهمية بجانب سحرها الآسر"
و رنت كلمات بول فى أذنى هالى (أنت لست بحاجة إلى العمل . أنا سأهتم بك.)
التقط فنسنت نفساً مرتجفاً و رفع رأسه . و عادت هالى تصغى إليه مبهورة و هو يعرى روحه :" كنت أنسل فى الليالى , بعد حلول بعد حلول الظلام , لأكون معها. كنت أعتقد أننى ماهر للغاية . بحيث لم يعلم أحد بزياراتى الليلية . و على كل حال كانت صحة أبى تتراجع من مرض الكبد . وكان جدى فى عالمه الخاص , حزيناً لموت جدتى بالتهاب رئوى."
كذلك بول أبقى أمر هالى سراً عن أبيه , و لأن مونيك تحبه فقد وافقته على ذلك.
ــ كانت الإثارة تتملكنى طوال النهار لأننى كنت أعلم أننى سأكون فى الليل برفقتها . و لم أدرك أن أبى كان يعلم كل شئ عن علاقتنا إلا بعد أن قارب الموت . عند ذلك نبهنى إلى أنها تسعى فقط وراء ثروة رولاند , و ان علىّ أن أتركها . لكننى ظننت أن كل ما قاله هو مجرد هذيان رجل لم يعرف كيف يكون سعيداً و لا يريدنى أن أكون سعيداً , أنا أيضاً . بعد ذلك بأسابيع , أدهشتى بطلبه منى قبل موته أن أصفح عنه . و بعد الجنازة صممت على الفور على الزواج من أرليت , لكن الكاهن أخبر جدى الذى كان سنداً بالنسبة إلىّ , فلم يساعدنى هذه المرة . و بدلاً من ذلك أخذ يعيد على مسامعى كل الكلام الذى قاله أبى لىّ عن أرليت و أكثر منه بكثير . و يبدو أنه كان يعلم بأنها هربت من بيت أسرتها و هى صغيرة السن و صاحبت من الرجال أكثر مما أستطاع أن يحصيه و بعد أن أخبرتنى بأنها لا تستحق حبى لها منعنى من رؤيتها و هدد أنه سيتبرأ منى.
" فى ذلك الحين لماهتم مثقال ذرة بماضيها أو بإرثى . كل ما كنت أريده هو أرليت و عندما أخبرتها بأننا سنهرب و نتزوج بعيداً , و اننى وجدت عملاً فى مكان ما , أخبرتنى بأنها حبلى.... لا يمكنك أن تتصورى فرحتى , شعرت و كانت العالم بأسره بين يدى , سيمكننا الآن أن نتزوج و يباركنا الجد موريس الذى يريد أن يشارك حفيده القادم الحياة. و هكذا عقد الكاهن قراننا . لكن سعادتى لم تدم طويلاً . لن أرهقك بالتفاصيل المملة , و سأخبرك فقط بأنها لم تعد تستقبلنى قط فى فراشها . ظننت فى البداية أن ذلك بسبب الغثيان الصباحى . لكننى سرعان ما علمت بأنها كانت تترك القصر أثناء النهار لتكون مع رجال آخرين"
لم يعد سبب غضب فنسنت و ثورته غامضاً الآن . و تابع يقول :"عندما واجهتها بالأمر , اعترفت بأنها أستغلت غلاماً هائماً مثلى فقط لتحصل على ما تريد . و منذ ذلك الحين فصاعداً ابتدأت كوابيس الشجار بيننا. أوشكت أن أتركها فى إحدى المناسبات عندما اعترفت بأنها لم تنجذب إلى قط و لم تتزوجنى إلا لثروتى . هددتها بأن أقطع عنها مخصصاتها المالية فهددتنى بأنها ستجرى عملية إجهاض للجنين"
فتمتمت هالى بألم :"فنسنت....لقد فهمت الآن لماذا سألتنى أن كنت حبلى"
فنظر إليها بحدة :"الفرق هنا هو أننى أواجه ملاك الرحمة بدلاً امرأة انتهازية منحلة مثل أرليت"
ملاك! إنها كل شئ عدا ذلك.
و أغمض عينيه لحظة :"كدت أفقد عقلى لأن الطفل, حينذاك أصبح يعنى لىّ كل شئ . كان يمثل كل ما هو حسن و طاهر و غير ملوث فى زواجنا الزائف المشؤوم . و لكى أمنعها من قتل أبننا بلغ بىّ اليأس حد الذهاب إلى الجد الذى أشفق علىّ فأخذنى إلى محامى الأسرة الذى كتب سنداً قانونياً يصرح بأن ميراثى من كروم العنب يصبح لها فى اللحظة التى يولد بها الطفل . و اشترط كذلك بأنها حالما تعود إلى البيت من المستشفى سيكون عليها أن تغادر المزرعة و لا تحاول أن ترانى أو ترى الطفل مرة أخرى."
فسألته هالى بذهول:" و هل وافقت على ذلك؟"
ــ آهـ , نعم. وافقت بلهفة وجشع ما محا أى أثر لشعور أو عطف كنت ما أزال أضمره لها فى أعماقى, لقد مكثت بعد الولادة فى المستشفى , و لهذا لم تأخذ أى من التوأمين بين ذراعيها قط.
هزت هالى رأسها مشتتة الذهن :"لكن ولديك أخبرانى بأن أمهما ماتت عند الولادة"
ــ هذا ما أرتدهما أن يعتقداه.
ــ و هل ما زالت حية ؟
ــ لا, و الحمد لله .
ــ لم أفهم .
ــ بعد أقل من عام علمت من محامى الأسرة أنها أنفقت كل ثروة الأسرة , ثم قتلت فى اصطدام قطار فى كورتينا مع آخر عشاقها . و قد تلقيت الخبر بإبتهاج لأننى تأكدت حينذاك من أنها لن تستطيع أن تنكث العهد بعد ذلك أو تضر بالولدين . و ابتدأت أعود إلى الحياة الطبيعية بعد ذلك.
حدقت هالى إليه :"كنت صغير السن لمثل تلك المعاناة التى تحطم القلب. لا أستطيع أن أتصور ذلك."
ـ لا تتأثرى لأجلى . لغم أننى جلبت كل شئ لنفسى , فقد تلقيت العون الذى أحتاجه . لم يكن الجد يشعر نحوى بولع خاص , حينذاك . لكنه تمالكه الحب من أول نظرة حالما حمل بول و مونيك بين ذراعيه .
انهمرت دموع هالى و هى تتصورهما مع الطفلين.
ــ لقد بعنا نصف كروم العنب لكى ندفع المبلغ لـ أرليت , لكننا ما زلنا نحتفظ بالنصف الآخر و القصر . و استطعنا , نحن الأثنين أن نربى الطفلين و ندير العمل . و كان الجد يتخذ دور المربية للطفلين لكى أتمكن انا من حضور صفوف الجامعة فى بوردو . عندما تاقيت شهادتى الجامعية فى إدارة الأعمال , أخذت أعمل ليل نهار كى يزدهر عمل المصنع . و شيئاً فشيئاً أستعدنا ما خسرناه , و ركزت اهتمامى على أن اكون أفضل أب ممكن أن أكونه . قررت أنه عندما يكبر الولدان إلى حد يسألان فيه عن أمهما لن أخبرهما بأنهما نتيجة حبل غير شرعى بل بأنها ماتت قبل أن تستطيع تربيتهما . ذلك أننى لم أشأ لهما أن يتألما أو أن تترك الحقيقة أثراً على حياتهما.
مسحت هالى دمعها عن خديها. يا لها من مأساة !
رقت ملامحه حين رأى خديها المبللين :"حدث ذلك منذ أكثر من ثمانية عشر عشر عاماً هالى . لقد عشنا معاً , نحن الثلاثة حياة رائعة بعد ذلك"
منتديات ليلاس
ــ تعنى حتى الخميس الماضى. كان على أن لا أسمح لـ مونيك بأن تقنعنى بالذهاب إلى شقتك . لكننى أحب أن أكون معهما كثيراً , فرأيت أنها ستكون آخر مرة و لن يحدث أى ضرر.
فهز فنسنت رأسه :"إنها ما كانت لتكون آخر مرة . أنا أعرف أبنى , كان سيلحق بك إلى كاليفورنيا . لكنه وجد طريقة مأساوية للغاية لكى يحصل عليك هنا فى سانت جينز"
كان على صواب فى هذا . و وقفت تقول :"عليك أن تخبر ولديك بما أخبرتنى به"
ــ هذا ما قررته . لكننى أريد موافقتك أولاً.
فسارعت تقول بعطف :"إنها لك , عندما يسمعان قصتك سيفهمان كل شئ. سيدرك بول أنك كنت تحاول ان تمنع التاريخ من أن يعيد نفسه , و سيصفح عنك . كذلك مونيك"
ــ أتعنين أن الحقيقة ستحررهما ؟
ــ نعم .
ــ قد يكرهانى لأننى كذبت عليهما بشأن قصة أمهما طوال تلك السنوات.
ــ سيكون عليهما أيضاً أن يكرها الجد موريس لأنه أشترك فى الكذبة .
ــ هذا مستحيل فهما يعشقانه . و على كل حال , إذا كنت تعلمت شيئاً مما حدث فهو أننى لم أخدم مصلحة ولدىّ بمحاولة إنشاء عالم كامل لهما . بول يعتقد بأنه إذا أراد شيئاً , فبمجرد أن يتمناه , يحصل عليه . هكذا كنت أنا فى سنه .
نظرت هالى إليه متفحصة :"ربما هذا هو سبب طلب أبيك منك الصفح. . ربما أدرك مبلغ الضرر الذى ألحقه بك حين قيد حريتك . لو أنه منحك بعضاً منها , لكنت عشت حياة طبيعية, كأصدقائك , و بالتالى ما كنت لتحصل على ولدين مثل بول و مونيك . أنا لا أستطيع أن أتصور هذا العالم من دونهما"
فقال بصوت أجش :"و لا انا"
دست يديها فى جيبيى تنورتها :"متى ستخبرهما ؟"
ــ كنت أفكر فى التحدث إليهما هذا المساء بعد العشاء.
ــ أنا مصورة لذلك .
ــ أتصور أن قول الحقيقة فى هذا الوقت يساهم فى عودة الثقة و الألفة إلى أفراد العائلة.
كان إعجاب هالى به يزداد :"اريد أن أساعد حيث أستطيع . أخبرنى....هل يحسن جدك بعض ألعاب الطاولة كالشطرنج , مثلاً؟"
ــ نعم , هذه إحدى هواياته المفضلة . لماذا؟
ــ أثناء العشاء سأقترح مبارة . ذلك سيحبط محاولة بول التنزه معى بعد العشاء أو ما شابه . بهذه الطريقة سيكون حراً فى أن ينضم أليكما أنت و مونيك للأستماع إلى حديثك.
رأت شيئاً يومض فى أعماق عينيه :"هذه فكرة رائعة....."

زهرة منسية 02-10-13 12:04 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ــ بابا ؟ أين أنت يا بابا؟
التفتا لسماعهما صوت مونيك الذى بدا و كأنه خلف الباب
ــ أنا قادم يا صغيرتى .
و التفت إلى هالى :"هل نذهب؟"
امتثلت لأمه و تبعته إلى الممشى و لكن فى اللحظة التى رأت النظرة الفضولية التى رمقتها بها مونيك , تملكها شعور غريب للغاية هو أشبه بشعور من يـُضبط و هو يرتكب خطأ.
و لم يـُظهر فنسنت ما إذا كان لاحظ ذلك و هو يحتضن ابنته :"هل لديك فكرة عن مدى سعادتى فى أن أسمع صوتك فى هذه الردهة مرة أخرى ؟ ما هو شعورك عند عودتك إلى البيت ؟"
ــ أننى أحبه للغاية منتديات ليلاس.
ــ ما هى أخبار سوزيت ؟
و انحنت هالى تربت على رأس الكلب قبل أن تتبعهما إلى السلم , و هذا أراح ذهنها نوعاً ما .
هتف بول و هو يخرج من غرفة مونيك :"أهذا أنت ؟ بحثت عنك فى كل مكان , يا هالى"
فعاد إليها الشعور بالذنب:"كان ابوك يرينى لوحة الدوق دى رولاند الشهيرة . كنتما أخبرتمانى بأن عايلتكما تنحدر من الأسرة المالكة , لكننى كنت أتخيل شخصاً مختلفاً تماماً"
ابتدأوا يهبطون السلم . و قالت مونيك من فوق كتفها :"ذلك الرجل بشع , و أنا لا أصدقه أنه قريبنا"
ضحك أبوها بصوت هادئ , لكن وجه بول بقى جامداً .
أستقبلتهما إتفيج فى الردهة و أخبرتهما بأن مينو قد أعد الأكل إلى غرفة الطعام الصغيرة , و أضافت :" :"لقد أعددت لك الإسكالوب و فطيرة الخوخ التى تحبينها يا طفلتى"
هتفت مونيك بابتهاج :"منذ تسعة أشهر و أنا أنتظر أن أتذوق الطعام الذى تحضريه , ستحبين طهيها كثيراً , يا هالى . لا أحد يصنع خبزاً مثل مينو . انتظرى حتى تتذوقيه طازجاً من الفرن ....ها....لا .....لا ...."
و بعد نصفساعة أدركت هالى أن مونيك لم تكن تبالغ بالنسبة إلى طهى مينو. لم تأكل ألذ منه قط . و مع أن بول بقى قليل الكلام و فقد أتحفت مونيك كل شخص بقصة عن مغامرتها المدرسية.
كانوا يتناولون فطيرة الخوخ المتوقعة عندما أستقبل بول زائرين أدخلتهما إتفيج إلى غرفة الطعام . لقد أنتشر خبر عودتهم من باريس , فجأة أثنان من أفضل أصدقاءه من سانت جينز على دراجتهما النارية , متلهفين ليأخذاه معهما فى نزهة.
دعاهما فننت إلى أن يجلسا أولاً ليتناولا معهم بعض الحلوى , فشكراه و جلسا إلى المائدة .
لم يبد على بول أى سرور , لكن أباه ستر قلة ذوقه هذه بأن أخذ هو مهمة التعارف :" جول , لوك, أقدم غليكما هالى لين . إنها صديقة للتوأمين من باريس"
كان الولدان نموذجين للمراهقين الفنرنسيين بقميصيهما المقفلين و سترتيهما الجلديتين و حبهما للآخرين . و مع أنهما لاحظا صمت بول فهذا لم يزعجهما .
استمتع لوك بإثارة غيظ مونيك التى مانت ترد له الصاع صاعين . أما جول فقد أثار ذعر هالى بإغراقها بالأسئلة . و اقترح عليها أن ترخج معهم لقضاء الأمسية إذا لم يكن لديها شئ آخر تفعله.
منتديات ليلاس
فاعترض بول :"أريد الليلة أن أريها الكوخ الذى أعده لأجلها . ربما فى ليلة أخرى , يا شباب"
فقالت هالى :"لا بأس بهذا , يا بول . يمكننا أن نتفرج على الكوخ غداً عندما لا يكون صديقاك هنا . أما الليلة فسأتعلم من الجد موريس أشياء أساسية فى لعبة الشطرنج . أريد أن أتعلم أصول اللعبة و قد سمعت أنه خبير فيها"
فغمز الرجل العجوز بعينه :"سيسرنى هذا . أما أنت يا بول فأخرج و متع نفسك مع لوك و جول"
تلاقت عيناها مع عينى فنسنت قبل أن تنتقلا إلى الجد :"قد لا يكون هذا ممتعاً لك , فأنا لست محترفة جداً فى هذه اللعبة . لكننى أريد أن أصبح ماهرة"
أختارت مينو هذه اللحظة لتحضر الكيك الذى التهمه الفتيان و فى اللحظة التى انتهوا فيها , نهض بول عن المائدة و خرج الثلاثة من غرفة الطعام
قال الأب :"تعالى يا لأبنتى لنصعد إلى غرفتى . ثمة شئ أريد أن أتحدث عنه معك"
و نهض الجد ببطء :"سأحضر علبة أحجار الشطراتج و أعود . أنتظرينى يا هالى"
ــ سأنتظرك .
ووضع فنسنت يده على كتف الجد :"شئ ما يخبرنى أنها تعلم عن الشطرنج أكثر مما تقول لك"
ــ هممممممم....
لوت هالى شفتيها و لم تجرؤ على النظر إلى مضيفها . حتى و لو كان عليه أن يجد وقتاً آخر يتحدث فيه بول , إلا أنه ينوى أن يفضى بما ثقل قلبه إلى ابنته الليلة . و كان عمله هذا لاصواباً . لكنها ما زالت متوترة لأجله .
و دعتها مونيك بإصبعها , كعادتها :"إلى اللقاء فيما بعد , يا هالى"
أجابتها بنفس الإشارة . و بينما كانت جاسة وحدها سمعت أصواتاً فى الردهة. يبدو أن بول قرر عدم الذهاب مع صديقيه و عندما لم يعد مباشرة إلى غرفة الطعام , أدركت أن أمنية فنسنت فى أن يتحدث إلى ولديه معاً , قد تحققت.
تمنت هالى أن يكون الأمر كذلك. من الأفضل أن يخبر فنسنت ولديه معاً .
و بينما كانت تدعو الله بصمت أن يجعل الخاتمة على خير , عاد الجد بصندوق الشطرنج . كان العجوز متألقاً فى هذه اللعبة و حضوره يبعث على السرور. ش رح خطته بعدة حركات لتستطيع أن تتعلم . و حوالى الحادية عشرة توقفا عن اللعب على أن يعودا إليه فى اليوم التالى .
ــ هالى ؟ هل أنت نائمة ؟
كانت الساعة الثالثة صباحاً . بقيت هالى ساعات تنتظر أن تعود مونيك إلى سريرها , لكنها لم تشأ أن تعلم الفتاة بإنتظارها لها .....
فأجابت متصنعة النوم :" لقد صحوت الآن " و أنارت المصباح الذى بجانب السرير .
كانت مونيك قد أرتدت بيجامة طويلة فضفاضة . و كان وجهها ملطخاً بالدموع مما يدل على بكاء طويل.
ــ آسفة , لكننى بحاجة إلى التحدث معك .
ــ هيا إذن أجلسى على سريرى.
و جلست هالى فى السرير:"ماذا حدث؟"
ـت لقد أخبرنا هذه الليلة , أنا و بول , عن حياته , و عن أبيه و ....عن أمنا
حبست هالى أنفاسها متسائلة حبست هالى أنفاسها متسائلة , عما بعد ذلك.
ــ قال لنا إنه أخبرك بكل شئ لكى تعلمى لماذا كان قاسياً نحوك بذلك الشكل فى الشقة.
ــ أبوك رجل رائع . فقد كلفه الحديث عن ذلك الماضى المؤلم كثيراً من الشجاعة.
أحنت مونيك رأسها :"دوماً كنت أتساءل عن السبب الذى منعه من الزواج مرة أخرى . لكننى كنت سعيدة بذلك لأننى لم أشأ أن تتغير أسرتنا . أتمنى ....أتمنى لو أننى لم أعرف كل تلك الأمور"
و ارتجف صوتها فالتاع قلب هالى لأجلها . أردت أن تحتضنها و تواسيها . لكنها , بدلاً من ذلك لفت ذراعيها حول ركبتيها و سألتها :"ما هو أكثر ما يحزنك فى المسألة؟"
فأجابتها مونيك بعد لحظة :" هو خوفى من أن أصبح مثلها"
هذا دعاء آخر استجابه الله . مونيك لم تهاجم أباها .
ـ يجب أن تفاخرى بأنك ورثت عنها جمالها الرائع الذى جذب أباك . لا تنسى أنه عندما عرفها أحبها من قلبه . و من المهم أن تعلمى يا مونيك أنك لا يمكن أن تكونى ورثت عنها نشأتها الشقية . يجب أن يتعلم الطفل المبادئ الصحيحة . لابد ان فى أسرتها من الأخطاء ما جعلها تهرب من البيت. هذا هو السبب الذى جعلها بتلك الشخصية , و من الواضح جداً أنه لم يكن لها أب مثل أبيك ليرشدها"
ــ ليس هناك شخص كأبى .
ــ أوافقك على هذا . و عندما تفكرين فى ذلك حقاً , تجدين أن جدك مهما كان حزمه و عناده , قام بكل ما يصلح ابنه و يجعله ممتازاً كما ترينه . لقد تلقيتما أنت و بول منه نوع الحب الذى يستحقه كل طفل و هذا واضح جداً . فأنتما شخصان مميزان و رائعان . لقد جعلتمانى أحبكما بينما لم يكن هذا مفروضاً لىّ"
و أختنق صوتها و ساد الصمت الغرفة ثم هتف مونيك :"شكراً يا هالى و أنا أحبك أيضاً"
و قبل أن تنتبه إلى هذا كانتا تتعانقان .
أخيراً أنتقلت مونيك إلى سريرها , بينما أطفأت هالى الضوء قبل أن تنسل إلى تحت الأغطية , واثقة أن مونيك ستكون بأحسن حال .
و لكن عندما فكرت بحالة فنسنت الذهنية أدركت أنها لن تنام قط .
كان بول فى مكان ما . من ذا الذى يعلم ما هى حالته بعد ما عرفه عن أمه؟
و دست هالى وجهها فى الوسادة و بكت.

زهرة منسية 02-10-13 12:10 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

تخلى فنسنت عن النوم فى الفترة المتبقية من الليل . نزل من السرير ليأخذ حماماً و يحلق ذقنه . و بعد أن أرتدى شورت و جينز كانت الساعة السابعة إلا ربعاً .
أتجه إلى الطابق الأرضى راجياً أن تكون هالى مستيقظة . إنهما بحاجة إلى حديث لآآخر بشأن أبنه الذى باح بالكثير من الأمور . فى العادة كانت ابنته تكثر الأسئلة حول أى موضوع كان , و لكن ليس الليلة الماضية . و عندما أنسلت أخيراً من الغرفة صامتة حزينة , شعر و كأن يد عملاقة تعتصر الدم من قلبه .
و فى حين كان فنسنت مستعداً للجواب على أى سؤال يوجه إليه ىعن أمهما حتى لا يبقى أى شئ غامضاً , تلقى صدمته التالية لتلك الليلة حين وجد ابنه يريد أن يتحدث عن هالى.
ــ أنا آسف لأن زواجك من أمى لم ينجح . لكننى لا أدرىلماذا اضطررت إلى الكذب بهذا الشأن .
ــ من الواضح أننى ردت أن أحميكما
ــ لا أحتاج حماية منك. كثير من الفتيان فى مدرستى فى باريس لديهم قصص مشابهة . حتى والدة لوك فعلت نفس الشئ بوالده . هذا يحدث كثيراً.
و هز كتفيه بعدم إكتراث ما أذهل أباه
ــ الأمر هو أن هالى ليست مثل أمى . أنا أعلم أنها أكبر منى سناً , و لكن هذا لايزعجنى , كما أن فرق السن بينك و بين أمى لم يزعجك بكل تأكيد .
كان بول قد أصبح منطقياً للغاية فى مدرسته الداخلية , هذا بالاضافة إلى سخرية بالغة غير مستحبة.
ــ و ثمة شئ آخر عن هالى . لقد كانت متزوجة من قبل و كانت سعيدة !
و كانت هذه قنبلة لم يكن فنسنت يتوقعها . إذا كانت مونيك تعلم ذلك فهى لم تخبره به , و لم يعلم حتى لماذا يهتم كثيراً بالأمر . لكن ما يعرفه بالتأكيد هو أن هذا الخبر أزعجه بشكل غريب.
ــ و كانت ستبقى متزوجة به لو أنه لم يمت . و هكذا عهليك أن تنسى أنها قررت فجأة أن تقيم علاقة مع شخص آخر .
و توالت المفاجأت :"حتى الآن لا تعرف هالى ما تريده , لكن كرامتها تمنعها من أن تعترف بذلك . هذا هو السبب فى مجيئها إلى سانت جينز . لقد ابتدأت تحبنى . ليس بالطريقة التى أحبت بها زوجها, و لكن بإمكانى أن أنتظر حتى لا تعود ترى ظوجها فى كل مكان و تبدأ ترانى أنا؟ لقد أصبحت هالى راهبة غير مكرسة لكى تنسى ألمها عبر خدمة الآخرين . أنها لا تبدو كثيرة الشبع بأمى , أليس كذلك؟"
و ألقى على أبيه نظرة جانبيه ساخرة.....
لن يصفح بول عنه لمهاجمته أخلاق هالى.
ــ أنا أحمد الله على أنها توجهت إليه إلا لما عرفتها . لكننى واثق بأنها لم تخلق لتكون راهبة , و أنا سأثبت لك ذلك!
و صفق باب غرفة أبيه خلفه بشدة
ــ إتفيج ؟
عندما لم يجد فنسنت أحداً فى غرفة الطعام , سار إلى المطبخ :"هل رأيت هالى ؟"
ــ نعم , لقد ذهبت إلى المدينة منذ نصف ساعة .
فعبس :"وحدها ؟"
ــ نعم
ــ هل أخذها غاستون بالسيارة ؟
ــ لا, قالت إن الصباح جميل جداً و هى تريد أن تتشمى .
ــ ألم ينزل أى من التوأمين بعد ؟
ــ لا, هل أنت جاهز للقهوة و الخبز؟
ــ ليس هذا الصباح . لدى عمل فى ليبورن . أخبرى التوأمين بأننى سأعود للغداء .
ــ سأفعل .
و بعد دقائق , لمح امرأة شقراء من بعيد فأوقف السيارة خلفها . كانت تسير رافعة الرأس بخطوات سريعة و قد لبست حذاء خفيفاً , ثم اجتازت الجسر الحجرى .
كانت قد ألقت سترة رقيقة من الصوف فوق بلزوتها و تنورتها . و مع ذلك انجذب كالمغناطيس إلى قوامها الرشيق , إنها النوع الذى يعجبه فى النساء الأمريكيات .
لم يحدث ان نظر فنسنت إلى امرأة رجل آخر قط . لكنه وجد نفسه يحسد ذلك الرجل الذى كان لديه الحق أن يكون معها ليلاً نهاراً... ذلك الزوج الذى عرف كل تفاصيل حياتها ...
معرفته أنها كانت متزوجة قبل الاتحاق بجماعة الراهبات الغير مكرسات , غيرت طريقة تفكيره فيها.
قبل أن يقول بول ما قاله عنها , كان فنسنت يفترض فيها البراءة,و إذا به يرى أن هذه ليست الحقيقة, خصوصاً فى حالة هالى , و ربما فى حالة بول . أخذ أبنه يواعد الفتيات منذ كان فى السادسة عشرة . و لكن على حد علم فنسنت لم يكن هناك فتاة خاصة . و على كل حال هذا لا يعنى أن بول لم تكن له تجربة مع فتاة محلية قبل أن يغادر إلى باريس .
و كان يرجو أن لا يكون ذلك قد حدث .
إنه يتذكر الصدمة التى أصابته عندما سمع أن ابنه ابتاع لـ هالى خاتم خطبة بتسعة آلاف دولار.
بول يحبها .
و عندما أدرك فنسنت إلى ألى أى مدى سمح لأفكاره الحميمة عن هالى باقتحام وعيه شعر بالغثيان.
ــ فنسنت ؟
أعاده صوتها إلى إدراك ما حوله , و لابد أنها سمعت صوت سيارة خلفها فوقفت على جانب الجسر لتدعها تمر . لكنه وقف أمامها , فسارت إلى مقدمة السيارة و فتحت الباب :"هل كنت تبحث عنى؟"
سبب له سؤالها هذا ارتباكاً حقيقياً . هل يكذب عليها و يقول لا ؟ فهو يعلم أنه سيكون نت الخطأ أن يمضى أى وقت معها على إنفراد .
و أخيراً أجاب :"نعم, كنت أرجو أن أجدك فى غرفة الإفطار لكن إنفيج أخبرتنى بأنك تركت القصر"
ــ قررت أن أذهب إلى الكنيسة قبل أن أقوم بأى شئ آخر.
ربما هذا ما كان بحاجة إليه:"أتمانعين فى أن نذهب بنزهة إلى السيارة أولاً و بذلك يمكننا أن نتحدث, و بعد ذلك أذهب إلى الكنيسة معك؟"
خيل إليه أنه لاحظ شبه تردد منها قبل أن توافق . و حالما دخلت السيارة استدار و عاد بها أدراجه على الجسر .
ــ هناك مكان جميل على ضفاف نهر دوردوينى عليك أن تريه أثناء وجودك هنا.
و دار حول المنعطف التالى إلى طريق ضيقة . و بعد السير فى منطقة ريفية خصبة إلى بقعة خصبة, أوقف السيارة .
كانت صفوف من عرائش العنب تمتد على ضفاف النهر , و رغم التيار السريع كان الماء يبدو كالزجاج و الأشجار المستديرة الشكل تتلائم مع غيوم السماء .
نظر إليها خفية , متلهفاً إلى أن يعرف رأيها فى هذا كله ....و مرة أخرى أخذ يسأل نفسه عما يجعله يريدها أن ترة ما يراه فى هذا المشهد .
منتديات ليلاس
قالت محبوسة الأنفاس :"ما أجمل هذا ! لا يمكن أن يكون هذا حقيقياً . هل كنت تأتى إلى هنا ....."
فقاطعها :"لا , أنا لم أحضر إلى هنا أبداً . النهر عميق جداً و خطر"
ــ لم أكن سأتحدث عن أرليت , فأنا لست عديمة الإحساس إلى هذا الحد . و أنما ظننت أنه مكان السباحة المفضل لك و لأصدقائك فى أيام الشباب.
يا إلهى , ما الذى حدث له ؟
ــ آسف هالى . آخر ما أريده هو أن أجرح مشاعرك , الآن بعد أن علم التوأمان كل شئ عن أمهما , أريد أن أغلق الباب على ذلك الفصل من حياتنا إلى الأبد .
لا ألومك لذلك.
ــ و لكن هل بإمكانك أن تصفحى عنى؟
ــ كيف يمكنك أن تسألنى هذا ؟ ألا تدرك أننى صديقتك؟
و رأى فى عينيها غضباً و حيرة
صــديـــقـــــتـــــــه ؟
لكن فى أعماقه , يريدها أن تكون أكثر من ذلك بالنسبة إليه. أنه يريدها أن....
ــ أخبرنى كيف كانت ردة فعل بول ؟ هل تمنى لو أنك لم تحطم صورة أمه فى خياله ؟
ــ لقد تلقى بول الخبر بشكل أفضل بكثير مما كنت أتوقع .
ــ و هكذا مونيك . آخر كلماتها , قبل أن تنام كانت : (ليس هناك من هو أحسن من بابا)
ــ شكراً لأنك أخبرتنى بذلك . كنت أتمنى لو كانت الأمور بهذه البساطة مع بول .
و اشتدت يداه على عجلة القيادة.
فبهتت ملامحها :"لا أفهم . ظننت بول قد صفح عنك و أنه عاد يتحدث إليك من جديد . ما الذى حدث الآن؟"
ــ صحيح أننا وصلنا معاً لمرحلة اعترف فيها بوجودى على الأقل , لكننى أخشى من أننا سنضطر إلى أن تلغى نظرية الدكتور موروا و نضع خطة أخرى .
ــ لماذا ؟
ــ لقد دخل فى الأمر عنصر جديد لم نكن نعرف أنا و الطبيب عنه شيئاً أثناء حديثنا فى المستشفى
ــ و ما هو ؟
ــ زواجك السابق
فأحنت رأسها .
منذ معرفته بـ هالى و هو معجب جداً بهدوئها الخارجى . و لكن رؤيتها الآن تقبض أصابعها بشكل غير متوقع يظهر أنها بالكاد تستطيع ضبط نفسها.
كان فنسنت يعرف كل شئ عن تلك الحالة المشوشة . و لسبب يتعذر تفسيره , أعجبته فكرة إخراج إخراج هالى عن صمتها و هدوئها المعتادين
ــ الآن , بعد أن عرف بول أنك كنت امرأة بكل معنى الكلمة , اقتنع بأنك لست من نوع الراهبات . و بالعكس , إنه يرى اهتماماتك و رغباتك تحدياً لا يقاوم وليس خياراً قائماً على قناعات شخصية ....و قبل أن يغادر غرفتى , أوضح أنه يسعى إلى أن يصبح مهماً بالنسبة إليك بحيث لا تعودى ترى فى أى مكان وجه زوجك بل وجهه هو.
نهاية الفصل الخامس

زهرة منسية 02-10-13 12:14 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
6 - متفاهمون و لكن.......



يا لها من سخرية أن يتمنى بول شيئاً لن يحدث أبداً , و لا يمكن أن يحدث !
ليس عندما يكون وجه أبيه الجذاب هو ما ابتدأت هالى تراه كل ليلة فى أحلامها . منتديات ليلاس
كان صوت فنسنت العميق هو الذى تصغى إليه على السلم و رائحته النفاذة التى تشمها كلما خرج من تحت الدوش , كما كانت لمسته المكهربة لذراعها ترسل الحرارة فى جسدها .
منتديات ليلاس
لم تجرؤ هالى على التفكير فيه أكثر و إلا ستجن . عليها أن تخرج من السيارة. من المستحيل أن تركز أفكارها على أى شئ و هو بجانبها . نزلت من السيارة و أخذتتتمشى على ضفة النهر .
كان عام قد مر على موت راؤول عندما أخذت تنتبه إلى أنها لا تستطيع أن تتذكر ملامحه بوضوح . و عندما قرنت ذلك بحسرتها على فقدانها له , سبب لها هذا حزناً هائلاً جعلها تفضى بما فى نفسها إلى زميلاتها فى الغرفة , غابى . و كانت هى أيضاً قد فقدت زوجها فى حادث اصطدام.
أخبرت غابى هالى بأن مرحلة الإحساس بالرفض و الغضب و الألم و الشعور بالذنب التى عانتها طبيعية , فقد كانت هى تفسها مرت بتلك المراحل و شفيت . و بما أنها صديقتها الحميمة , فقد أكدت لها أن هذه المرحلة ستمر . و مع مرور الزمن , و العمل الدؤوب ستجد سلام النفس مرة أخرى.
و استحالت هذه الكلمات إلى نبوءة . فقد وجدت هالى هدوء النفس و صفاءها . أصبحت حياتها ذات هدف مرة أخرى و ذلك من خلال خدمة الآخرين . لكن ذلك الصفاء مهدداً منذ عرفت فنسنت رولاند.


زهرة منسية 02-10-13 12:17 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 


سمعت وقع خطولت خلفها و صوت يهتف بها :"هـــالـــــى !"
فقالت و قد تملكها الخوف من الإنفراد به أكثر من ذلك :"هل لك أن تأخذنى الآن إلى الكنيسة ؟"
بعد صمت متوتر , أجاب :"طبعاً"
أثناء رحلة العودة إلى المدينة رفضت أن تنظر إليه و تملكها الارتياح عندما لم يحاول هو أن يكلمها .
بعد أن اوقف السيارة , كانت مشاعرها فى حالة من التشوش منعتها من تقديرجمال هذا المبنى القائم منذ مئات السنين . و دون انتظار لما سيفعله , دخلت الكنيسة فى نفس الوقت الذى برزت فيه امرأة تلف رأسها بوشاح , فتقدمت هالى إليها :"عفواً . هل لك أن تخبرينى أين يمكننى أن أجد الكاهن؟"
فأجابت المرأة :"حول الممشى . مكتبه على اليمين"
شكرتها هالى , ثم وجدت المكتب دون مشكلة . طرقت الباب و انتظرت بعد دقائق خرج شاب و شابة ثم أشار الكاهن إلى هالى بالدخول . و كان يبدو قريباً من عمر الجد موريس.
بعد أن قدمت إليه نفسها , شرحت له أنها راهبة غير مكرسة من باريس و تعمل فى المنطقة . و رحب الأب أوليفييه بها من كل قلبه . و عندما أخبرته بأنها مقيمة فى مزرعة رولاند , ابتسم مسروراً و بدا أنه يكت للأسرة احتراماً بالغاً , و خصوصاً للجد الذى كان صديقاً قديماً له .
ــ أبتى , أريد أن أكون فى الخدمة أثناء وجودى هنا. لاحظت أن فى الردهة برنامجاً لهذا الصيف يتعلق بحديثى السن فى هذه المنطقة . أتظن ان بعضهم قد يكون بحاجة إلى مساعدة فى تعلم الإنكليزية ؟
ــ سيكون هذا رائعاً , فالسياحة هامة هنا . و مراهقونا دوماً بحاجة إلى مساعدة للحصول على أعمال أفضل. لماذا لا تنضمين إلى مجموعة الشابات عند السابعة من يوم الخميس ؟ سأقدمك إليهم ثم نبدأ العمل .
ــ شكراً لك.
رافقها إلى باب مكتبه و هو يقول :"أخبرى موريس أننى سأزوره خلال العطلة الأسبوعية"
ــ بكل سرور.
دخلت الكنيسة لتصلى . و عندما نهضت لتغادر , اكتشفت أن فنسنت جالس فى الصف الأخير ينتظرها.
كانت راضية بحالها حتى رأته . سواء كانت مستيقظة أو نائمة أو تصلى فهو دوما موجود فى خلفية حياتها , و أثار ذلك مشاعرها من جديد.
عندما أصبحا فى منتديات ليلاس السيارة وجدت نفسها مرغمة على أن تنهى الحديث الذى بدأها عند النهر .
ــ فى المستشفى أخبرت بول بأننى كنت متزوجة من قبل . أخبرته بذلك آملة أن لا يعتبرنى قديسة فقد خفت أن يكون ذلك جزءاً من سبب انجذابه إلى .
صدر عن فنسنت صوت غريب :"والآن أصبح يراك أسهل منالاً"
نظرت من النافذة دون أن ترى شيئاً :"لولا أن الوضع مزعزع , لغادرت سانت جينز اليوم . لقد تهربت منه مرتين , و لن يعجبه أنأخرج هذا الصبا....."
و سكتت هالى فى منتصف الجملة وهى ترى بول يتقدم نحوهما مستقلاً دراجته النارية ذات المقعدين.
ــ سأتولى هذا الأمر .
توقف فنسنت عند جانب الطريق , ثم نزل من السيارة عندما استدار بول بدراجته و وقف خلفهما .
لم تستطيع هالى أن تجلس زهرة منسية دون أن تفعل شيئاً . لقد أستطاع فنسنت أمس أن يحرز بعد التقدم فى علاقتهما الشخصية , فإذا شعر بول بأنها , و والده يخفيان شيئاً ما عنه فسيلوم فنسنت . و هى لا تستطيع أن تدع ذلك يحدث .
قالت بعد أن نزلت من اسيارة :"صباح الخير"
لم يكن التعبير الصارم البادئ على ملامح بول يبشر بالخير هذا الصباح :" ظننتك ستتأخرين فى النوم"
ــ هذه الرفاهية لصغيرات السن و حسب. عندما تكبر عدة سنوات ستجد نفسك تصحو باكراً دون سبب.
قالت هذا متعمدة , و قال فنسنت موافقاً :"هذا صحيح , استمتع بها كلما سمحت لك الظروف"
ــ كان بإمكانى أن أنهض باكراً.
ــ كما أذكر , لا أنت و لا مونيك ترغبان بحضور صلاة فى الكنيسة فى السابعة صباحاً .
انبسطت أساريره الخشنة قليلاً :"إلى أين أنتما ذاهبان الآن؟"
فأجاب فنسنت عنها :"إلى القصر . رأيت هالى على الجسر فعرضت عليها أن أوصلها"
لقد قال بالضبط ما كانت تريد أن تقوله . و قال بول لها :"سآخذك"
ــ هل نسيت القواعد المطلوب منى اتباعها ؟ لا سباحة , لا رقص , لا موسيقى خليعة , لا ركوب على مقعد خلفى على حصان أو دراجة ؟
فقطب بول جبينه :"كان ذلك عندما كنت فى باريس"
فهزت رأسها :"هذا يسرى فى أى مكان أذهب إليه طالما أنا ملتحقة بالبرنامج الخاص بالراهبات غر مكرسات"
كان واضحاً أنه لم يشأ أن تذكره بذلك , لكنه لم يستطيع أن يجادلها فى هذه النقطة.
ــ أريد أن أريك المنطقة .
فتدخل فنسنت قائلاً :":أنا أنهيت عملى لهذا اليوم . لماذا لا تأخذ ضيفتنا فى سيارتى بينما أعود أنا إلى القصر على دراجتك؟"
و ناول المفتاح لـ بول
الحل الذى أتى به فنسنت لهذه المشكلة ذكرها بأنه لم يشتر لها بول ذلك الخاتم لكان لديهما هو و منويك سيارة هى ملكهما الآن .
تمتم بول :"شكراً"
ما كان الأب ليستطيع أن يقول أو يفعل شيئاً أفضل من هذا ليبعث السرور فى نفس أبنه .
و لم تستطيع هالى أن تمنع نفسها من الأبتسام و هى ترى فنسنت على الدراجة:" منذ متى و أنت تركب هذه الأشياء؟"
فنظر إلى بول يسأله :"متى جربنا هذه الدراجة فى المتجر ؟"
ــ منذ عامين
ــ أليس هناك قانون يرغمك على وضع خوذة على رأسك أثناء قيادة الدراجة؟
فقال بول غير مصدق :"فى هذه الأنحاء ؟ هذه دراجة منخفضة و ليست موتوسيكلاً.
فرفعت حاجبيها :"و مع هذا , أكثر الاصطدامات تحدث فىنطاق ثلاث أميال من البيت"
أبدى بول احتجاجاً :"تبدين سيئة كأم جول"
تبادلت مع فنسنت نظرة تسلية لجزء من اللحظة , قبل أن يقول :"أعد بأن أكون حذراً"
أشعل المحرك ثم أنطلق بهدوء . كان فنسنت يتميز عن غيره من الرجال برشاقة رياضية طبيعية بالنسبة لرجل طويل كبير الحجم مثله . و من يراه لا يصدق أنه لا يركب الدراجة هذه إلا نادراً.
ظللت هالى عينيها من نور الشمس كى تراه مبتعداً و عندما توارى حول المنعطف اشتد شعورها بالوحشة فأسرعت عائدة إلى السيارة آملة أن لا يلاحظ بول قط إنجذابها إلى أبيه.
سألها و هو جاهز للإنطلاق بالسيارة :"ماذا تحبين أن تفعلى فى يومك الأول هنا؟"
أخذت تمشط شعرها بأصابعها لتخفى أرتجافها :"هل بإمكاننا أن نذهب إلى سانت إميليون لنرى الكاتدرائية و سراديب دفن الموتى ؟ كانت مونيك ذكرت شيئاً عن الراهب الذى عاش فى كهف فى القرت الثامن . أظنها تحدثت أيضاً عن كنيسة نوحيدية منحوتة فى الصخر"
فحملق فيها عابساً :"لكنك كنت فى الكنيسة هذا الصباح"
ــ لا يمكننى أن أشبع من رؤية الكنيسة أبداً.
ـت أنت فى بلد العنب يا هالى و أنا أحب أن آخذك إلى بعض الكروم حيث يمكنك أن تتذوقى مختلف أنواعها .
ــ أنا أعف أنك تحب ذلك . لن أستمتع إلا بزيارة الأماكن الدينية , و إلا ستذهب التجربة سدى علىّ.
فسألها بنكد :"و هل هذه إحدى قواعد المنظمة أيضاً؟"
ــ لا , بل هى خيار شخصى .
ــ لا أستطيع أن أتصورك فى ثوب راهبة .
منتديات ليلاس
ــ لا أريد أن نناقش ذلك , صدقنى . و على كل حال , لا أنكر أننى أعجبت بمنظر عرائش الدوالى التى رأيناها و نحن قادمون من بوردو أمس. أتصور أن عملى فى مكتب أبيك سيعلمنى الكثير . و فىالواقع ذكرنى ذلك بأن علينا أن نزور المدير حالما نعود من سانت إميليون . الأم مارى كلير تنتظر فاكس منه للتصديق على وظيفتى . و كلما أسرعت فى طلب تمديد فيزا العمل لى كلما كان ذلك أفضل.
فتنهد بإحباط :"فلنذهب لرؤية المدير الآن وننتهى من هذا الأمر و سأريك الكوخ أيضاً."
أنتظر أن تمر عدة سيارات ثم اندفع إلى الطريق , و هو يتابع :"وبعد ذلك بإمكاننا أن نبقى المدة التى نريدها فى سانت إميليون . هناك مطعم على التلة يمكننا أن نتعشى فيه. ستعشقين المنظر من هناك"
ــ هذا يبدو رائعاً . لكننى أظن أن بإمكاننا القيام بذلك فى يوم آخر .
ــ لماذا ؟
ــ الليلة يريد الجد موريس أن يختبر مهارتى فى لعب الشطرنج , و أنا أكره أن أخيب أمله . ماذا عن عملك الصيفى ؟ متى ستبدأ به؟
فأحمر وجهه :"لا أدرى . لقد جئت إلى البيت لتوى ...أمنحنى بعض الوقت ...."
وضرب عجلة القيادة بقبضته بلطف :"آسف ا هالى. لا أريد أن أبدو فظاً"
ــ آسفة إذا جعلتك تشعر بالحاجة للدفاع عن نفسك.
انتظرت منه أن يطمئنها إلى أنها لم تفعل شيئاً خطأ . و عندما لم تصدر عنه كلمة, ابتدأت تؤمن بأن خطة الدكتور موروا تعمل بشكل جيد.
إنها المرة الأولى التى يكون بول واثقاً من نفسه , رغم أنه ما كان ليعترف بذلك أبداً . لقد ابتدأت تصرفاتها تضايقه .
إذا استمرت فى الانشغال ببرنامجها الخاص سيخخف ذلك من تأثيرها عليه فيتركها فى الناهية. و عندما تأتى تلك اللحظة , لن يستطيع أن يلوم أباه لأجلها و الحمد لله.
شجعها هذا قليلاً و تطلعت إلى الاستقرار فى عملها الجديد . فحسب رأى غابى , العمل هو الدواء الأعظم . و لا تستطيع هالى إلا أن توافقها على قولها هذا.
بينما كانت تحاول طرد صورة فنسنت من ذهنها , أخذها بول إلى مكتب المصنع فى أحد المبانى الخارجية خلف القصر . أما الأبنية الأخرى فتشمل الأكواخ.
كان مظهرالأكواخ الخارجى يشبه طراز القصر . و لكن ليس الداخل فقد أكتشفت أن المكتب كان عصرياً مزوداً بأجهزة الكمبيوتر التى كان المظفون يعملون عليها . و اخذها بول إلى حيث المدير يقدمها إليه .
كان إيفز برووارد رجلاً فرنسياً ذا جسم نحيف لكنه قوى , و يتمتع بطاقة كبرى . كان يبلغ من العمر حوالى الأربعين عاماً , و أخبرها بول بأنه متزوج وله ولدان .
بعد أن عانق المدير بول مرحباً بعودته إلى الديار طلب إليه أن يتركه على إنفراد مع هالى . و رغم أنه قال هذا له باسماً أدركت هالى أن بول لم يعجبه أن يـُصرفه بهذا الشكل , فلة\وى شفتيه ثم قال لها إنه سيعود ليأخذها بعد ساعة .
و ابتسمت عينا المدير إعجاباً بها :"اخبرنى بول أنك تريدين عملاً لللإقامة فترة فى فرنسا"
ــ هذا صحيح . هل أخبرك عن السبب؟
ــ لا. و لكن بعد أن عرفتك يمكننى أن أفهم سبب استعجاله لإبقائك هنا.
و تأوهت فى داخلها ....آهت بول ! و دون ان تضيع وقتاً أخبرت الرجل بأنها رهبة غير مكرسة كانت تعمل مسجلة مبيعات فى متجر تاتى فى باريس و تغيرت ملامح المدير بعد سماعه ذلك .
ــ أصبحنا أنا و التوأمان أصدقاء حميمين . لا أردى إلى متى أنا باقية هنا أقوم بالخدمة فى المنطقة , و لكن علىّ أن أجد عملاً حيث أننى هنا بفيزا عمل .
فتمتم يقول :"المعذرة لفكرتى الخاطئة عنك"
ــ كيف لك أن تعلم ما دام بول لم يشرح لك أمرى ؟ و كونه أبن السيد رولاند يضعك فى موقف صعب , و لهذا أرجوك أن تكون صادقاً . إذا لم يكن بإمكانك توفير المساعدة المؤقتة لىّ سأعتمد على عون آخر .
أخرج من جيبه علبة دخان و سألها متردداً عما إذاكان يضايقها أن دخن , فأجابت بالنفى . و بعد لحظة صمت سألها :"اى عمل تحسنينه غير البيع فى المتجر ؟"
ــ لدى شهادة ثانوية لتعليم اللغة الاسبانية و كذلك الفرنسية المبسطة .
ــ هل قلت الاسبانية ؟
ــ نعم . فبعد تخرجى أصبحت مضيفة فى شركة الطيران التشيلية و بقيت أعمل هناك حتى وفاة زوجى.
فقطب جبينه :"آسف لوفاة زوجك"
ــ و أنا كذلك . و بعد مرور الزمن , تغير اتجاه حياتى فأصبحت راهبة غير مكرسة . و لكى أكسب معيشتى عملت نادلة فى مطعم اسبانى فى سان دييغو حتى جئت إلى فرنسا.
لابد أنك تتحدثين الاسبانية بطلاقة
ــ نعم , كان زوجى من تشيلى . و هذا ساعدنى.
ــ و ماذا عن مهارتك فى الكمبيوتر ؟
فأخبرته :"إننى أستعمل واحداً منذ دراستى الثانوية "
ـت ما هى المدة التى ستمضيها فى هذه البلاد؟
ــ لست واثقة من ذلك بعد .
التفت الاثنان لريا جسم فنسنت المتين البنية فى الباب . و لم يكن لديها فكرة عن وجوده فى هذه الأنحاء . منذ متى هو واقف هنا؟ و أخذ قلبها يخفق عالياً حتى شعرت بالغثيان .
وقف المدير :"أظننا وجدنا الشخص المناسب لمساعدة ميشيل مع المحاسبين الجدد القادمين من جنوب أميركا "
ـ تابع حديثك.
أثناء تلاوة المدير عليه كل ما قالته , كانت عينا فنسنت تشملان هالى بنظرات حارقة لم تشعر بمثلها من قبل . و كان المدر يتابع :"كان ميشيل يوزع جهده بين عمله العادى و الترجمة لهم . و مع معرفة هالى بالأسبانية يمكنها أن تستلم عنه هذا العبء حالما تنهى تدريبها"
فأومأ فنسنت :"هل ميشيل هنا؟"
ــإنه يوم عطلته . يسعدنى أن أحصل عليها هنا.....
ــ ـنت مقدر لذلك , يا إيفز لكنك ما زالت تتعامل مع المحاسبين الجدد الذين أحضرتهم معى من إنكلترا . عندما ترسل الفاكس إلى الأم المقدسة فى باريس و تخبرها أن الآنسة لين على جدول الرواتب , سأخذها إلى مكتبى و أريها ما يتطلبه العمل .
تملكتها رجفة . أن تكون معه بمفردها هو بالضبط ما تتمنى أن تتجنبه .
نظر فى عينيها مرة أخرى :"إذا كان ذلك لا يعجبك لدى فكرة أخرى"
ماذا يمكنها أن تقول أمام الموظف ؟ فقالت :"أنا شاكرة جداً لأى عمل"
فتحت حقيبة يدها بأصابع مرتجفة و بحثت عن رقم الفاكس فى مفكرتها و بعد أن أعطت المدير الرقم , شكرته ثم تبعت فنسنت .
حرصت هذه المرة على أن لا تسير بقربه تماماً بحيث يتأبط ذراعها . فهى لا تستطيع مواجهة ذلك حالياً و إلا سيفضحها ارتجافها .

زهرة منسية 02-10-13 12:21 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

كان مكتبه فى الطابق الأرضى من القصر. و كان المدخل قابلة مكتب المصنع مباشرة . و كان هذا الترتيب منطقياً تماماً.
حسب قول التوأمين , كان يأتى إليه تجار من كافة أنحاء العالم للتعاقد معه . لديه مستخدمون يأخذون الزبائن و السياح فىجولات على مكاتب المصنع .
كان فنسنت يدير أمبراطورية فريدة مربحة يعود تاريخها إلى ما يقرب أربعمئة عام . كان بديهياً أن لديه فطنة عملية غير عادية . و مع ذلك , بالنسبة إلى هالى , نجاحه الأكبر هو والداه و تربيته المثالية لهما.
فتح لها الباب :"تفضلى بالدخول "
كان مكتبه يمثل مزيجاً من اتساع غرفة الإستقبال فى القرن السابع عشر و من ضروريات التقنية العصرية .
علقت على أحد الجدران لوحة بالغة الاتساع تمثل مشهد المزرعة و القصر من الجو, و على الجدار المقابل كانت خريطة تمثل تاريخ كروم رولاند. و كان مسجلاً عليها الحجم بالهكتار , الثمر , نوع العنب, زمن النضج, الجوائز الحائز عليها بصفته الأفضل فى سنة معينة .
كان هذا حرم فنسنت المقدس . لقد جعلها تتمنى قضاء ساعات هنا لتعرف المزيد عنه . لم تعد تستطيع الكذب على نفسها . لم يكن هنا من تستمتع بقربه أكثر منه.
ماذا عليها أن تفعل ؟
وقف خلفها فشعرت بحرارة جسده و شمت رائحة الصابون الذى استعمله هذاالصباح . و لم تجرؤ على الالتفات إليه .
ـت أعلم أنه صعب جداً فى البداية .
و هو فعلاً , صعب جداً . زتزرت مشاعرها إلى حد الهياج . لم يلمسها , ومع ذلك كاد يحرقها الشوق إليه.
ــ بابا؟ كنت أرجو أن....آهـ هالى , قال أبى إنك خرجت مع بول فى نزهة.
أجفلت هلى لسماعها صوت مونيك القادم من عند عتبة باب آخر و إزداد لديها الشعور بالذنب . و التفتت ببطء إليها محاولة أن تتظاهر بالهدوء :"شعرت بأن بأن علىّ أن أبحث عن عمل قبل القيام بأى شئ آخر"
ــ لابد أن هذا أغضب بول .
نطقت مونيك هذا ببطء ساخر متبعة آخر طراز أميركى فى الحديث . لا أحد يعرف أخاها كما تعرفه هى. و ابتسمت لأبيها .
ـت ألم تمنح هالى وظيفة بعد؟ بإمكانها أن تعمل أى شئ.
ـت هذا ما أجده . إذا جئت لتعانقينى فأنا بالانتظار
ــ أنا أعلم أنك اشتقت إلىّ.
قالت هذا قبل أن تجد نفسها بين ذراعى أبيها . و حسدتها هالى بينما كانت هذه تتابع :"لكننى أشتقت إليك أكمثر مما تتصور بابا . أنا سعيدة جداً بالعودة إلى بيتنا"
ــ أعرف هذا يا صغيرتى .
فألقت برأسها إلى الخلف :"هل تمنحنى إذناً بأن أطلب إلى فيفيان أن تدربنى على وظيفتها؟ كنت قد أخبرتنى أننا سنتحدث فى هذا الأمر بعد عودتى من باريس. إن سوزيت تتوسل إلىّ أن أجد عملاً صيفياً لى معها فى سانت جينز , لكننى أريد أن أعمل هنا فى المزرعة."
نظر فنسنت إلى هالى :"ما رأيك؟"
لم تكن هالى تريده أن يسألها . فى كل مرة يتحدثان فيها معاً , كانت تزداد انجذاباً إليه حتى ل تعد تعلم من تكون هى أو ماذا تفعل .
ــ عندما يتعلق الأمر بـ مونيك فأنا منحازة . منذ اللحظة التى عرفتها فيها أدركت أنها مميزة , و لم يدهشنى أن تكون الأولى عند تخرجها من المدرسة .
نظر فنسنت إلى ابنته بحب :"انا بالغ الزهو بك"
و قالت هالى ::"أنت محظوظ لحماسة أبنتك للعمل . كثير من الأحداث الذين عرفتهم أثناء عملى هم مطردون من المدارس , و المدمنين على المخدرات غير القادرين على العمل إلا إذا أعيد تأهيلهم"
تعلقت عيناه بعينيها لحظة قبل أن يعود إلى مونيك , فيقبل جبينها ثم يتركها :"إذن فأنت تريدين المساعدة مع السياح؟"
فصرخت بحماسة :"نعم"
ــ لا بأس. يمكنك أن تذهبى إليها و تخبريها بأتتى أعطيتك إذناً بأن تبدأى التدريب.
عندما تبتسم مونيك بذلك الشكل, تبدو رائعة الجمال حقاً . هل ذكرى زوجته ما زالت تملأ ركناً خفياً فى قلبه؟
كان هذا سؤالاً يشغل فكر هالى و يزعجها , أتراها.....تغار منها؟
ــ شكراً يا بابا ...شكراً يا هالى . آهـ , قبل أن أنسنى ....اليوم هو عيد مبلاد إنفيج , و أنا سأقيم حفلة صغيرة لأجلها . لن نفعل شيئاً إلا بعد أن تقدم لنا العشاء . و عن
ما تعود إلى المطبخ لتحضر الحلوى سنطفئ الأنوار و نضع قالباً من الحلوى المرصبان فى انتظارها . هل يمكننى أن أستعير السيارة لكى أحضره من المدينة؟
ــ طبعاً رتبى الأمر مع بول.أنه فى مكان ما هنا و المفاتيح معه.
ــ سأبحث عنه . لقد سبق و أخبرت غاستون و الآخرين , و سينضمون إلينا . كل شخص سيحضر هدية و أنا سأعطيها ذلك الثوب الذى أحضرته لها من باريس .
الثوب الأحمر الشهير!
كانت هالى تتصور أن فنسنت لا يمكن أن ينسى تلك الأمسية المؤلمة إلا بعد وقت طويل. لكنها عندما اختلست النظر إليه رأته يعث شعر أبنته مداعباً:"ستعشق إنفيج ذلك الثوب صغيرتى . كنت سأمنحها علاوة على راتبها و لكننى الآن سأضع لها المبلغ مع بطاقة تهنئة و أسلمها إياها الليلة , هل تشترين لىّ بطاقة؟"
ــ طبعاً بابا, إلى اللقاء .
فصاح خلفها :"أغلقى الباب خلفك"
عندما أصبحا وحدهما مرة أخرى , ألتفت إليها . ظنته سيبدأ بشرح عملها الجديد , لكنها بدلاً من ذلك شعرت به يتغير.
ــ كم دام زواجك من راؤول؟
أذهلتها رغبته فى الحديث عن راؤول :"أنا....إذا كنت ترى لغتى الاسبانية ليست جيدة بما يكفى , لا بأس سأبحث عن عمل آخر"
ــ ليس هذا سبب سؤالى .
نظرت إليه مجفلة :"لا أفهم"
ــ لي لدى بول بول فكرة عن نوع الألم الذى ما زالت تعانيه .
منتديات ليلاس
مرت الثوانى قبل أن تفهم أنه يظنها ما زالت حزينة على زوجها :"أفضل أن لا أتحدث عن حيتى الخاصة"
ــ ما كنت لأذكر الماضى لو اننى لم أشعر بالقلق حبال ما تكبدته من عناء لتحضرى إلى هنا لمساعدة بول .
و أفصحت لهجته المنخفضة عن قلق بالغ . فهمست :"ذلك ليس عبئاً فقد رحل راؤول إلى عالم أفضل . و يمكننا أن نشكر الله لأن بول ما زال حياً . و انا على استعداد لقيام بكل ما أستطيعه لكى أجعله يجتاز هذه الأزمة لكى يتمكن من العيش حياة طويلة و سعيدة"
حتى لو قتلنى البقاء بقؤبك ....أخذت تفكر فى نفسها .
ــ هالى , إذا كنت لم أقل شيئاً حتى الآن فأنا أريدك أن تعلمى مقار شكرى لك لرعايتك ولدىّ فى باريس . عندما أرى طريقة لجوئهما إليك , و كيف يتلهفان إلى تقديرك لهما و يزهوان عند مدبحك لهما . أدرك أنك ملأت مكاناً شاغراً فى حياتهما.
فهزت رأسها :"أنت ليست بحاجة إلى أن تشكرنى . من السهل جداً أن يحب الشخص ولديك . و أظنك , و ولديك أكثر الناس حظاً فى العالم لكونكم أسرة مترابطة"
كان واقفاً قريباً منها أكثر مما ينبغى حتى كاد يلمسها .
ـ و ماذا بالنسبة إلى اسرتك يا هالى ؟ لم أسمعك تتحدثين عنها قط .
أغمضت عينيها لكنها لم تستطيع أن تمنع الدموع من تندية أهدابها:"لقد ....رحلوا جميعاً"
ساد السكون الغرفة :"ماذا تعنين بقولك (رحلوا)؟"
لم تستطيع هالى ان تتحدث عن ذلك , فالتفتت حولها متصنعة الاهتمام باللوحة المطرزة بينما كانت تحاول تمالك نفسها .
شعرت بيديه تضغطان على كتفيها بلطف من الخلف . كانت لمساته أشبه بعسل دافئ يسيب على جلدها :"أخبرينى , أريد أن أسمع"
لو أنه لم يفعل ذلك لكانت على مايرام . لكنها عندما شعرت بيديه تفجرت فيها عواطف طال كبتها وم صدرت عنها آهة
ــ هالى ....أفضى بما فى نفسك.
و إذا لم تستطيع مقاومة توسله هذا , قالت :"كلهم ماتوا فى حادث سقوط الطائرة "
ــ من هم ؟
ــ جداى و أبواى , و والدا زوجى و أخته و زوجها , و أخى و زوجته و طفلهما و زوجى راؤول
ــ يا إلهى .
لف ذراعيه حولها و جذبها إلى صدره . كانت تحمل ىلامها بصمت طوال الوقت . و مشاركة أحدهم بها كانت أمراً مستحباً بالنسبة لها .
ـتعندما سقطت بنا الطائرة كنا أنا و راؤول قد تزوجنا فى اليوم السابق . و كان والدلى قد أقاما لنا حفلة كبرى فى بيلير و كنا متجوهين إلى سانتيغو لحضور حفلة أخرى بمناسبة زواجنا عندما سقطت الطائرة . و كان فيها 250 شخصاً لم ينج منهم سوى ست أشخاص . و بسبب التضاريس الطبيعية التى شكلت صعوبة فى الوصول إلينا , لم يجدونا إلا بعد أسبوع. كنت واثقة من أننى كنت ميتة و ذهبت إلى مكان غريب . لم أستطيع أن أرى شيئاً و كل ما كنت أسمعه هو صوت امرأة كانت تمسك بيدى و تخبرنى بأن ألا أيأس . لقد أبقيت عينيى مغطاتين , و سمعتها تعدنى بأن العون فى الطريق إلينا . كانت تغنى لىّ أحياناً, و أحياناً تصلى و تساعدنى على الصلاة . لقد منحتنى الصبر والقوة حين لم يكن ثمة أمل بالنجاة .
و ذات يوم سمعت أصواتاً تتحدث عن سقوط طائرة .و أخبرنى شخص ما بأننى نجوت . و فى المرة التالة التى أستيقظت فيها كان ذلك فى المستشفى.
و كانت عيناى مربوطتين و لم أستطيع أن أحرك أياً من ساقى . اخبرنى الطبيب بأننى مصابة بعمى الثلج المؤقت و بكسر فى ساقى , لكننى سأشفى . أتذكر أننى لم أكن أهتم بنفسى , و لكن أين المرأة التى كانت ترعانى ؟ و التى منعتنى من الإنزلاق إلى المجهول؟ أين هى الآن و من يرعاها ؟
قال لىّ أنه سيسأل عن أسمها . و كان هناك امرأة ناجية لم تمض أكثر من أيام معدودات فى المستشفى , حتى شعرت بيد مألوفة فوق يدى , و كان صوتها هو الذى حدثنى :"سمعت أنك تسألين عنى يا سنيورا . أنا الأخت كارلوتا"
و بينما هالى تستعيد مأساتها شعرت بأن هناك شئ آخر يحدث .كان يقبل شعرها و صدغها .
ربما ظن نفسه يواسيها , لكنه أيقظ بهذا مشاعر لم تستطيع أن تتجاهلها .
و كمن يخرج من حلم , انتبهت فجأة إلى حرارة جسديهما
و إذ تملكها الذعر مما أيقظ فيها من الحنين , انزلقت من بين ذراعيه و جلست على أقرب كرسى , ثم قالت دون أن تنظر إليه :"آسفة لفقدى انضباطى بهذا الشكل"
فقال و هو يتنفس فجأة بصوت مسموع :"يا الله , هالى . حتى مجرد تأديتك أى عمل هو معجزة حقاً"
ـتهناك هذف لكل شئ ,و هذا ما آمنت به و رضيت به.
و بللت شفتيها الجافتين :"لقد ذكر إيفز فتح حساب جديد فى أميركا الجنوبية , هل هذا يعنى أنكم توسعون عملكم فى عدة بلدان؟"
و قبل أن يجيب إذا بالتوأمين يدخلان من الباب الخارجى . وارتجفت هالى ماذا لو كانا دخلا قبل دقيقتين؟
و بادر بول أباه قبل إلقاء التحية :"ما هذه المعاملة بابا ؟ تقول مونيك إنك سمحت لها بأن تأخذ السيارة لكننا أنا و هالى كنا عازمين على الذهاب إلى سانت إميليون"
ذكرت فظاظته هذه هالى بالمراهقين اللذين عملت معهم فى كاليفورنيا و باريس.
كان فنسنت الآن جالساً خلف مكتبه :"ألا يمكنكما أنتم الثلاثة , أن يذهبوا معاً؟ إنكما بذلك تساعدان مونيك على الاحتفال بعيد مولد إنفيج هذا المساء؟"
فنظر بول إلى أخته بدهشة:"هل أنت واثقة من أنهاليوم؟"
ــ تـــمـــامــــاً !
أثناء وجودكم هناك تناول الغداء على حسابى فى مطعم (العبيد الثلاثة) و ستسمتع هالى أكثر من الآخرين بالكيك الطازج المصنوع بطريقة ما زالت هى نفسها منذ 300 سنة .
وسحب من جيبه مبلغ من المال ناوله لـ مونيك التى دارت حول المكتب لتقبله :"شكراً بابا"
كانت هالى أول من خرج . مهما كان تبريرها لما حدث فقد جعل ارتماؤها بين ذراعى فنسنت عاقتهما أكثر حميمية . كيف يشعر التوأمان بذلك؟
ألغى دخول فنسنت إلى حياتها الحدود الفاصلة بين الروح و الجسد و المشاعر فى وجودها .
و إذا لم تتغير الأمور فى أقرب وقت , ستكون هى من يذهب لإستشارة الدكتور النفسانى.
نهاية الفصل السادس


زهرة منسية 02-10-13 12:25 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
7 - إنى أغرق



ــ أنا أيضاً لدى هدية لك يا إنفيج .
ــ أوهـ ؟
و بدت صدمة على مدبرة المنزل
كان فنسنت هو أيضاً يظن أن إعطاء الهدايا قد أنتهى لكنه كان مخطئاً على ما يبدو .
ناولت هالى إنفيج لفافة صغيرة من جيب تنورتها البنية اللون . و كانت هذه هى نفس التنورة التى كانت ترتديها عندما دخل فنسنت إلى شقته و رأى الخاتم يتألق فى إصبعها .
بدت تلك اللحظة و كأنها تنتمى إلى زمن مختلف فى بلد بعيد .
فتحت إنفيج اللفافة لتجد قطعة معدنية مطلية بالأحمر والأسود , مصنوعة بشكل قلب مكتوب فى وسطها (أحبب الله المنعم)
التفتت إنفيج إلى هالى :"يا لها من هدية جميلة !"
ــ لطالما كان التوأمان يتحدثان عنك و عن غاستون بعطف بالغ , ففكرت فى أن عليك أن تعلمى نوع التأثير الذى أحدثته فيهما على مر السنوات .
فتمتمت مونيك :"هذا صحيح"
لم يقل بول شيئاً , لكنه ابتسم لهما . و كانت هذه أول ابتسامة له منذ عاد إلى البيت.
أفرغ فنسنت كوب العصير فى جوفه , ليمنع نفسه من أن يندفع إلى هالى و يأخذها بين ذراعيه كما فعل صباح هذا اليوم.
و تملكه الشك فى أن أية إيماءة منه قد تعنى شيئاً لهذين الزوجين اللذين لم ينجبا أولاد و اللذين أمضيا معه و مع الجد أكثر من عشر سنوات .
نهضت إنفيج من خلف المائدة و قالت و هى تغالب دموعها :"شكراً للجميع. هيا بنا يا غاستون."
جمع غاستون باقية الهدايا و قبل أن يغادر المائدة ربت على يد هالى . اعتبرت مينو و زوجها ذلك إشارة لهما , هى و زوجها فاستأذنا و انصرفا .
و فى النهاية لم يبقى سوى الأسرة حول المائدة . كانت هالى منسجمة معهم تماماً وكره فنسنت فكرة رحيلها يوماً ما لتدخل الدير.
منتديات ليلاس
إنه بحاجة إلى سماع المزيد من اعترافاتها عن ماضيها , إذ من الواضح أن هناك أكثر مما كان يظن . و هذا ما يعذبه الآن .انسحبت هاربة من مكتبه قبل أن تنتهى من إخباره بقصتها , و تركته يتخبط فى جهنم أفكاره و أحاسيسه الجديدة.
و لكنه إضطر إلى الاعتراف بأنه مهما كان السبب الذى جعلها تسلخ نفسها من بين ذراعيه فجأة بهذا الشكل , فهو يبقى من وحى العناية الإلهية .
إذ لم يكن ليجد أى عذر يقنع بول لو فاجأه يضم هالى بين ذراعيه .
و من ناحية أخرى لم يستطيع أن يذهب إلى فراشه الليلة قبل أن يسمع بقية قصتها . و لكن كيف يمكنه أن ينفرد بها دون لفت انتباه الولدين إليهما؟
كان الجد موريس قد أعد طاولة الشطرنج أثناء إخلاء هالى و مونيك للمائدة من بقايا الاحتفال بعيد مولد إنفيج .
أدرك فنسنت من الطريقة التى كان بول يدق بها بأصابعه على حافة المائدة , أنه يفكر فى أن يهرب و يأخذ هالى معه . لكنه بدلاً من ذلك أختار أن يمضى الأمسية فى مراقبتها تستمتع بلعب الشطرنج مع موريس.
وتألم لأجل ابنه الذى دفعه إفتتانه بـ هالى فى طريق مشاعر خداعة لا رجاء فيها . ربما.....
ــ بول ؟ كيف يسير العمل فى كوخ هالى ؟
ــ لقد أصلح برنارد المجارى و الأدوات الصحية . بقى عليه أن يستبدل القفل , سيصل غداً طاقم التنظيف و بعد ذلك يصبح الكوخ جاهزاً لوضع الأثاث.
ــ و لماذا الانتظار حتى الغد؟
فنظر بول إلى ابيه بحيرة :"ماذا تعنى؟"
ــ إذا أستخدمنا عضلاتنا , يمكننا أن نقوم بعمل أفضل بكثير . ما رأيك فى ذلك؟ بإمكان مونيك أن تساعدنا .....من يعلم؟
و عندما ينتهى الجد موريس و هالى من اللعب , يمكن أن تستقر هالى هذه الليلة فى بيتها .
لمعت عينا ابنه :"فلنفعل هذا"
و اندفع واقفاً . و كان هذا انتصاراً صغيراً آخر يقربه من ابنه , حتى لو كانت هالى تمثل الحافز الوحيد وراء تحاوب بول مع ابيه .
ــ سأغير ملابسى و أقابلك فى غرفة المعدات بعد خمس دقائق .
و سأغير أنا ملابسى أيضاً .
غادرا غرفة الطعام معاً , و فى طريقهما إلى الخارج تبادل الجد النظرات مع فنسنت .... و منحه جده إيماءة ذكية تنم عن موافقته على هذه الهدنة التى أنجزها مهما كانت قصيرة الأجل .
لو علم الجد أن أهداف فنسنت تتخطى سعادة بول , لما وافقه على ذلك.
المفروض أن قد أكتسب بعض الحكمة خلال الثمانية عشر سنة الماضية . فكيف يعمل على استنباط وسائل ينفرد فيها مع الفتاة التى يحبها ابنه منذ تسعة أشهر؟
ربما يفقد عقله .....

زهرة منسية 02-10-13 12:29 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ـ ها هو ذا كوخك أصبح جاهزاً !
بعد جلسة تعليمية أخرى مع الجد فى لعبة الشطرنج , أخذت مونيك هالى إلى خلف القصر حيث أصبح الكوخجاهز لتقيم فيه.
لم تكن تسمية كوخ لائقة على الشقة الساحرة المزدانة بنقوش على جدرانها يعود طرازها إلى القرن السابع عشر . كانت تحتوى على صالون و غرفة طعام صغيرة و مطبخ و حماما و غرفة نوم مؤثثة بسريرين و مرآة أسطورية الجمال .كان هناك تليفون .
كان ثمة قطع من الأثاث و اللوحات المنتشرة فى أنحاء الشقة أوصت بها مونيك منذ فترة .
ــ هل أعجبك؟
ـت أنت تعرفين الجواب , شكراً يا مونيك . سأشعر هنا و كأننى أميرة و احتضنتها بشدة .
ــ لقد ساعدت أبى و بول فى تجهيز الشقة .
ــ كنت أتساءل إلى أين تراهما ذهبا .
ــ هل تريديننى أن أنام معك الليلة كيلا تشعرى بالوحدة لأبتعادك عن القصر؟
رغم محابة هالى للفتاة إلا أنها فضلت أن تنام لوحدها حتى تتمكن من الاتصال بـ غابى , فهى لم تتصل بصديقتها منذ مغادرتها سانت دييغو , سوى مرتين فقط . مرة يوم عيد ميلاد غابى و مرة أخرى يوم عيد رأس السنة . و كانت قررت أن تتصل بها مرة أخرى بعد أن تعود إلى كاليفورنيا لولا هذا الوضع الذى لا تستطيع أن تسمح له بالاستمرار طويلاً .
كانت غابى تمتز بالتعق لو الحكمة . و إذا أقتضى الأمر , سيتبعان هى و ماكس صراحة قاسية معها. و مع ذلك لم تستطيع هالى أن ترد عرض مونيك!
بعد ما فعله بول أصبحت أخته بحاجة إلى توجيه قوى حتى لا تقع فى التجربة ذاتها . و لسوء الحظ لا يمكن أن تعتمد على سوزيت أو أى من صديقتها . بجانب هالى ليس هناك سوى أبيها و الجد موريس يمكنها أن تثق بهم .
ــ هذا يسرنى جداً فلنحضر حاجياتنا .
و خارج الكوخ صادفتا الرجلين اللذين كانا يتحدثان إلى برنارد مدير الأملاك.
بعد إتمام التعارف ناول المدير هالى مفتاحها :"لدى نسخة عنه فى حال ضياعه"
شكرته ثم أسرعت تدخل الكوخ مع مونيك . ملابس الراهبة غير المكرسة ل تملأ سوى حقيبة واحدة لم يستغرق ملؤها وقتاً طويلاً من هالى . و حين خرجت من القصر كانت تحمل تحت أبطها رواية طويلة من مجموعة كتب مونيك.
أحضرت مونيك ما تحتاجه لتمضية الليلة , ثم عادتا إلى الكوخ مباشرة . سأل بول أخته و هو يرأها تحمل حقيبة صغيرة فيها حاجياتها لقضاء الليل :"ماذا تفعلين؟"
كانا هو و أبوه ينتظرانهما فى الصالون . و حاولت هالى أن تتجنب النظر إلى وجه فنسنت . لقد تفادت نظراته ما يكفى أثناء العشاء . و لكن كان من الصعب عليها أن لا تنظر إليه و هو بهذه الرجولة و الجاذبية ببنطلونه الجينز القديم و قميصه الأسود المقفل .
لكن هذه ليست أفكار راهبة غير مكرسة . كيف تتخلص منها ؟
ــ طلبت من مونيك أن تمكث معى . بما أنكم هنا جميعاً دعونى أشكركم لإعداده لىّ بهذه السرعة . الشقة جميلة جداً . فكرت فى تدشينها بالتناوب على قراءة قصة (حوارالحيوانات السبعة)
ــ هل عددنا كاف؟
فالتفتت إلى مونيك :"ربما لا؟ ولكن طلبت منى مرة أن أقرأها و سأفعل الليلة"
فقال فنست :"ابنتى على حق ز إنها قصة مضحكة للغاية كُتبت من وجهة نظر كلب و قطة"
فقالت هالى لا تريد أن تعزل بول عن الحديث :"لماذا لا تبقى و تقرأ معنا قبل أن نأوى إلى النوم يا بول؟ إننى بحاجة إلى عون كبير فى لغتى الفرنسية . ربما بقدر ما كنت أنت بحاجة إليه بالنسبة إلى إنكليزيتك الخريف الماضى"
اضافت ذلك عندما رأت إمارات الرفض على وجهه.
مط وجهه بشكل غريب :"سأقرأ لفترة قصيرة"
فابتسم فنسنت :"يبدو هذا مسلياً . هل تمانعين فى أن أنضم إليكم ؟"
لم تستطيع هالى أن تصدق أن خطتها فى تجنب التفكير فى فنسنت لليلة واحدة فقط قد أعطت نتيجة عكسية . فقالت :"كلما كثر العدد كلما ازداد المرح"
و إذا بها السهرة تصبح أجمل السهرات التى لا تنسى فى حياة هالى .
كل شخص أدى دوره و عندما جاء دور هالى لتقرأ , منحته كل ما لديها من مهارة.
فى البداية , تمالك الأب و ولداه أنفسهم من إظهار السخرية لطريقة لفظها الأجنبية لكنها عندما حاولت أن تتلفظ بكلمات طويلة معقدة و هى تؤدى دور الكلب خرجت الكلمات بنبرة إسبانية فانفجر فننت بقهقهة عميقة ترددت أصداؤها فى أنحاء الغرفة . و سرعان ما شارك التوأمان أباهما الضحك.
نظرت إليه و هى يمسح عينيه . و عندما تشابكت نظراتهما لحظة أدركت هالى أنها وقعت فى الحب للمرة الثانية فى حياتها , و أنها مغرمة بهذا الرجل بكل ما لديها من عمق و حميمية .
أحمرت وجنتاها فأطبقت الكتاب و حولت وجهها من فنسنت بمشقة و هى تقول :"أظننى أستضفتكم بما يكفى"
فنهض فنسنت واقفاً :"كل الأشياء الجيدة لها نهاية . هيا بنا يا بول, و إلا باغتنا الغد دون أن ندرك. هالى؟ سيكون ميشيل فيريث فى مكتب المصنع فى حوالى الثالثة . و سيدربك على العمل عندما تكونين جاهزة لذلك ."
فأجابت بصوت مرتجف :"شكراً لكل شئ. تصبح على خير"
تباطأ بول عند الباب :"أنت لم لن تلعبى الشطرنج مع الجد موريس مساء الغد, أليس كذلك؟"
سؤاله هذا , بما يتضمنه كان النشاز الوحيد فى هذه الأمسية التى لا تـُنسى .
ــ لا, و لكنى فى الواقع سأذهب لمقابلة الأب أوليفييه فى الكنيسة .
أستطاعت أن تلمس التمرد فى ردة فعل بول, أما ردة فعل فنسنت فجاءت مختلفة تماماً و كان واقفاً خلف ابنه . و لأنه أطول منه فقد استطاعت أن تراه جيداً . فقد تصلب فكه , و أختفى كل أثر لذلك الرجل السعيد الفارغ البال الذى كانه أثناء الساة الماضية . ما سبب تغيره المفاجئ هذا ؟

ــ سأوصلك بنفسى إذن
جاء قول بول هذا حاسماً . و أدركت هالى أنه ليس الوقت الذى يمكنها فيه أن تحبط خطته.
ــ هذا سيسرنى
و قال الأب :"لكننى سأحتاج السيارة غداً صباحاً مع الآسف لأن لدى موعداً"
أترى موعد فنسنت مع امرأة ؟ لم تستطيع هالى أن تحتمل هذه الفكرة .كما أن مونيك لم يبد عليها ذرة من السرور , هى أيضاً .
و نظر فنسنت إلى ولديه :"أظن أنه سيكون علينا أن نذهب إلى المدينة غداً صباحاً و نشترى سيارة لكل منكما"
و كان من الصعب على هالى أن لا تضحك إزاء الدهشة التى بدت على التوأمين . و قال بول :"لكننى ظننت..."
فقاطعه أبوه :"كلنا بحاجة لوسية مواصلات يا بول , ظننت سابقاً أن بإمكانكما أن تتشاركا بسيارة واحدة لكننى أرى الآن أن هذا لن ينجح . لقد نجحتما , أنتما الاثنين فى بلوغ القمة فى الدراسة و جلبتما لأبيكما الفخر. فقط تذكرا شيئاً واحداً و هو أننا لا نشترى سيارات الفيرارى أو المازيرانى رفى سانت جينز . عليكما أن تختارا ما هو فرنسى الطراز"
ضحكت هالى بصوت هادئ , ورآها فنسنت من بعيد فابتسم . مهما كان ما يزعجه منذ دقائق فقد أختفى الآن.
كل شخص يعلم مقدار حب بول للسيارات الإيطالية . لكنه للمرة الأولى لم يعارض بل بدا و كأنه فوجئ بكرم أبيه . و بالنظر إلى أنه أنفق المال المخصص لشراء سيارة على خاتم غالى الثمن , كان تصرفه هذا طبيعياً
ــ شكراً بابا
منتديات ليلاس
أن يدعو بول أباه بابا مرة أخرى يعنى أن فنسنت يتقدم بسرعة , أخذت هالى تفكر و هى تمتم بصوت خافت جداً:"جيد , جيد جداً"
و اندفعت مونيك إلى أبيها تعانقه .
ابتعدت هالى عن هذا المشهد السعيد و توارت فى الحمام لتتهيأ للنوم . على مخابرة غابى التليفونية أن تنتظر إلى الغد.
بعد قليل أُطفئت الأنوار و صعدت الفتاتان إلى سريريهما . سمعت هالى مونيك تناديها بأسمها , فالتفتت إليها :"ماذا تريدين؟"
إذ قررت أن تؤدى القسم , هل لك أن تقومى بذلك هنا ؟هنا دير يديره الدومينيكيون قرب بوميرول حيث يملك أبى كرم عنب .
جذبت هالى الغطاء إلى تحت ذقنها :"يمكننى ذلك. لكن هدفى هو أن أعلم الأولاد فى أميركا الجنوبية . هناك مناطق فقيرة للغاية لا يمكن للحكومة أن تدفع مالاً لتعليم"
تأوهت الفتاة الفرنسية :"أميركا الجنوبية....و لماذا تذهبين إلى هناك ذلك المكان بعيد "
حان الوقت لتخبر مونيك بالأمور التى أفضت بها إلى فنسنت . لكنها لسبب ما لم تجرؤ على أن تخبرها بتاريخها الآن , فقالت :"لو أن زوجى لم يمت لجعلنا بيتا فى تشيبى حيث ولد و عاش"
ــ كنت أعلم أنه له أسماً إسباتياً , لكننى لم أكن أعلم أنك تزوجت من تشيلياً.
ـت كنت قد تخرجت لتوى من الكلية و رغبت فى المغامرة . تعارفنا عندما كنت مضيفة فى طائرة . كان يعمل فى شركة بترول أمريكية فكان دائم السفر بين سانتياغو و لوس أنجلوس . بقينا نخرج معاً لمدة سنة , ثم أحببنا بعضنا و تزجنا .
و فى الدقائق التالية ! أخبرت مونيك كل شئ . و بدا على الفتاة الذعر :"أسرتكما ؟ مات كل شخص؟"
ــ نعم , لكن الأخت كارلوتا كانت تمسك بيدى . كنا نتحدث يومياً حتى خرجت من المستشفى حيث أخذت تعتنى بى . أخذتنى الراهبات فى سانتياغو إليهن و كن رائعات معى .
فهمست مونيك :"مثلك تماماً"
فأجابتها هامسة :"شكراً . عندما أخبرت الأخت كارلوتا بأننى اريد أن أكون واحدة منهن و أُعلم فى المناطق الفقيرة التى تتحدث عنها , قالت إننى لن أكون جاهزة لذلك حتى أزيل الحزن من نفسى , و قبل ذلك على أن أعود فأتصل بجذورى . و تحت إلحاحها عدت إلى كاليفورنيا . قالت لىّ إننى إذا ما احتجت إلى أى عون يمكننى أن أتصل بالأم المقدسة فى الدير الدومينيكانى فى سان دييغو . و هكذا ذهبت إلى لوس أنجلوس لكننى لم أستطيع مواجهة كل ذكرياتى . و حالاً بعت منزل أبواى و أرسل ثمنه إلى دير الأخت كارلوتا هبة منى . و بعد ذلك ذهبت إلى الدير فى سان دييغو مستعدة للالتحاق لكن الأم المقدسة قالت أن على أن أمضى مزيداً من الوقت فى التفكير فى قرارى هذا لأن حياتى كراهبة لن تكون سهلة . أصرت بأن أكون واثقة تماماً من أن تكريس حياتى لله هو ما أريد حقاً . و سألتنى إن كنت أريد أن أعمل فى بلاد بعيدة حيث أؤدى خدمة للمجتمع . و عندما أجبت نعم , رتبت أمرى بحيث أرسلتنى لأعمل كنادلة فى مطعم تديره أسرة مكسيكية فى سان دييغو حيث تعرفت على صديقتى العزيزة غابى و قررنا الإشتراك فى غرفة واحدة و بعد ذلك بدأ كل شئ يتحسن . ابتدأت أشفى و أخذت أستمتع بمساعدة الناس , ثم أنتقلت صديقتى من شقتنا و تزوجت . ذهبت لزيارة الأم المقدسة مرة أخرى آملة بأن أؤدى اليمين , لكنها قالت إننى لم أمنح نفسى بعد وقتاً طويلاً بما يكفى لأفهم وضعى الجديد و كل ما سأتخلى عنه . نكدرت جداً و جادلتها طويلاً , و هذا نفسه أثبت أن حياتى كراهبة لم تتكرس بعد. شعرت بنفسى غبية لكنها كانت صبورة معى و اقترحت علىّ أن أجرب العمل فى باريس قائلة :"سنة أخرى فقط و عند ذلك ترى شعورك حينذاك"
و لم تعلم هالى أن إختبارها الحقيقى سيكون مع أولاد أسرة رولاند .
ــ أنا مسرورة جداً لأننى ذهبت مع بول إلى متجر تاتى ذلك النهار و تعرفنا إليك!
أوغرقت عينا هالى بالدموع :"و أنا كذلك"
ــ كم أتمنى لو أن تبقى هنا بصورة دائمة . لكننى أعلم أنك غير مغرمة بأخى.
ــ لا يمكن للمرء أن يف عل شيئاً بالنسبة إلى أمر كهذا؟
ــ أخبرنى أبى بأنك هنا فقط لكى تمنحى بول وقتاً ليدرك بأنك لا تحبينه دون أن يصاب بصدمة و يؤذى نفسه مجدداً .
ــ تماما!
و لأن هذا كان صحيحاً , قررت هالى أن لا تزيد على تفسير فنسنت .
ـت هالى ؟ ماذا لو قابلت رجلاً بمكنك أن تحبيه مرة أخرى ...أتظنين أنك ستبقين راغبة أن تبقى راهبة؟
ظهرت صورة فنسنت أمام عينيها :"ذلك سؤال جيد مونيك, و أنا لا أستطيع أن أجيب عليه . الزواج مرة أخرى سيرضى الجزء الأنانى من نفسى لكننى بصفة راهبة يمكننى أن أنفع الناس أكثر"
ــ يقول الجد موريس إن الزواج الجيد يتطلب عدم أنانية من كلا الطرفين لكى ينجح . كما أنه يقول إن الرجل و المرأة يقومان بعمل إلهى عندما ينشئان أسرة جيدة.
قالت هالى :"هو على صواب . على أى حال أهتمامى حالياً يتركز على بول و حالته العقلية"
ــ أعلم هذا . أتمنى أن أجعله يخرج مع سوزيت . لطالما كانت مفتونة به .
ــ هناك مشكلة دائمة مع الافتنان و هو أنه يأتى دوماً من ناحية المفتون أما مشاعر الشخص الآخر فلا تشترك فى ذلك.
ــ أنت تتحدثين عن بول , أليس كذلك؟
ــ و عن لوك . إنه لم يكف عن إغاظتك الليلة الماضية
ــ لوك ظريف لكن.....
ــ لكنه لم يخطف أنفاسك؟ لا تقلقى . سيأتى شخص ذات يوم و يهز كيانك.
ــ أظنك قلت مرة أن هذا تعبير قديم.
ــ و هو كذلك , لكنى أحبه.
ــ أظن أبى كان يواعد امرأة عندما كنا بعيدين عن البيت .
ــ لماذا تقولين هذا ؟
ــ لأنه يتصرف بشكل مختلف. أنا لا أعنى بالنسبة إلى بول فقط . لقد بدا مؤخراً...لا أدرى كيف... و كأن شيئاً ما قد أثاره . كانت لوسى تقول , وهى الفتاة التى تشاركنى غرفتى فى المدرسة , إن أبى من الروعة بحيث تعجب لماذا لم يتزوج منذ سنوات . ربما الآن بعد أن كبرنا أنا و بول , هذا ما يفكر فيه. لماذا لم تسأليه إن كان متعلقاً بامرأة ما ؟
ــ أخاف من ذلك.
ــ مونيك....إذا كان هناك ثمة امرأة يهتم بها , عليك أن تثقى بإنها امرأة رائعة.منتديات ليلاس
ــ ما دام بإمكانها أن تسعده . همست بذلك بصوت خافت .
قالت هالى :"بعد بقائه أعزباً طوال هذه السنوات , لا أظنه سيأتى بامرأة لا يمكنكما أنت و بول أن تحباها أيضاً . ثقى بى . أثناء الأسبوع الماضى اكتشفت أنكما , أنت و بول عالم أبيكما الحقيقى . أنظرى كم كان مرحاً هذه الليلة"
ــ أعلم هذا. و أنا أريد أن يدوم ذلك إلى الأبد.
وفكرت هالى أنها هى ايضاً تريد ذلك :"تصبحين على خير يا مونيك"
ــ تصبحين على خير يا هالى.


زهرة منسية 02-10-13 12:34 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ــ كيف الحال؟ هل يتعبك ميشيل بالعمل؟
ــ لا , إطلاقاً.
أجابته هالى بذلك , لكن صوته جعلها تفقد تركيزها على عملها أمام الكمبيوتر . ظهرت على الشاشة حروف متنافرة محتها بسرعة . لكنها لم تستطيع إلا أن تلاحظ نظراته الساحرة من زاوية عينها .
كان ميشيل جالساً بجانبها فالتفتت إلى فنسنت :"إنها تجعل الآن حياتى أسهل. كنت على وشك أن أريها أنحاء غرفة الشحن بالسفن"
ــ سآخذه بنفسى.
خفق قلبها لسماعها ذلك. بينما قال ميشيل :"لا مشكلة فى ذلك يا فنسنت"
ــ سنتناول الغداء فى القصر.
ــ آهـ , طبعاً ....سأراك الساعة الثالثة إذن يا هالى.
ــ لن تعود هالى قبل صباح الغد . إنها لم تستقر بعد .
تناولت هالى حقيبة يدها , محاولة أن تخفى ذعرها من برودة لهجته . لم تره قط من قبل يعامل أحداً بهذا الشكل.
وقفت و هى تقول :"شكراً لكونك معلماً صبوراً يا ميشيل . سأكون هنا فى الثامنة صباحاً"
ــ بكل سرور.
تبعت خوات مضيفها الواسعة إلى خارج المكتب
سارا إلى حيث سيارته متوقفة أمام باب مكتبه , ثم انتظر أن تلحق به . و بم تفهم هى شيئاً عندما فتح باب السيارة و ساعدها على الصعود .
بعد أن جلس أمام المقود , نظرت إليه بحيرة :"ظننت أن الغداء جاهز"
ــ سنذهب حالاً إلى البيت إن كنت جائعة. لكن أعلمى أن ميشيل هو (زير نساء) المكتب و أنا أريده أن يعلم أنك غير منحلة....و هو لا يهتم لكونك راهبة غير مكرسة.
ــ أنا أقدر لك اهتمامك يا فنسنت , لكننى أستطيع رعاية نفسى.
ــ ليس من وجهة نظرى . عندما كنت تعملين كاد يأكلك بعينيه .
كانت هالى لاحظت أن ذلك الرجل يعاملها بشئ من الغرابة , لكنها لم تتوقع أن يلاحظ فنسنت ذلك.
ــ حالما يتم تدريبك يمكنك أن تستعملى الكمبيوتر الذى فى مكتبى . فأنا أنجز معظم أعمالى على التليفون.
و شعرت هالى بالحاجة إلى الاتصال بـ غابى أكثر من أى وقت آخر.
ــ فكرت فى أن نستغل الوقت فى شراء مواد تموينية لمطبخك, تعلمين أننا نرحب بك لتأكلى فى القصر فى أى وقت , لكنك ستحتاجين إلى طعام حين تريدين أن ترتاحى فى الكوخ . هناك أنواع ممتازة من الجبن فى بولى و هى مدينة تبع
خمسة أميال من هنا . و عند الغداء يقدمون أجباناً و كرواسون شهى .
لم يكن لدى فنسنت أى فكرة عما يفعله بها . و ماذا لو علم بول بذلك؟
ــ أين التؤأمان ؟
ــ أتصور أنهما يجولان بأصدقائهما بسيارتيهما الجديدتين.
أنطلق بالسيارة و عندما وصلا إلى البوابة المؤدية إلى المزرعة , انحرف فى إتجاه آخر . و كان شهر حزيران من الحرارة بحيث فتحت النافذة و هى تقول :"أنا أتذكر أول سيارة اقتنيتها . كان ذلك أروع بوم فى حياتى"
فتمتم :"اما أنا فكان على أن أستعمل الموتوسيكل حين تزوجت . حتى فى ذلك الحين كان علىّ أن أشارك الجد موري سيارته "
كل ما يخبرها به يجعلها تحبه أكثر:"كم كان عمرك عندما أشتريت سيارة خاصة بك؟"
ــ كنت فى السابعة و العشرون , بعد تخرجى من الجامعة بسنتين .
ــ لا سيارة فيرارى إذن ؟
فلوى شفتيه :"لا. كان من المفروض أن تتلاءم السيارة مع احتاجات توأمين و جد"
سرعان ما وصلا إلى المدينة الغريبة بطرازها العائدإلى القرون الوسطى . و فى السونق أطعمها خوخاً و كرواسون و شعرت و كأنهما زوجان سعيدان يتسوقان , و تحدثا عن مختلف الأمور . كانت أوقاتاً تريد أن تختزنها فى ذاكرتها مدى الزمن.
منتديات ليلاس
بعد ثلاث ساعات عادا إلى الكوخ . ساعدها على إدخال مشترياتها و أخحذ يصفها على الرف .
كان هذا مؤشراً سيئاً ....فهى لم تظهر أى مقاومة إواء انفراده بها هذ النهار. و الآن حين وقت خروجه شعرت بنفسها متلهفة إلى بقائه . كان قلبها يخفق بعنف و شعرت بنفسها محمومة .
ــ لماذا تريدين أن تعودى إلى أميركا الجنوبية؟
جاءها السؤال و هى تقفل باب الثلاجة . لم تضع مونيك وقت فأخبرته بكل الحديث الذى دار بينهما الليلة الماضية . كانت ابنته خائفة من تغيير فى حياتها تراه قادماً.
عندما استدارت وجدته واقفاً أمامها مباشرة ما جعلها غير قادرة على الحركة دون الاحتكاك به . و كانت عيناه مشتبكتين بعينيها بعنف نارى :"هل تعلمين فى قلبك أن ذلك استدعاء من الله؟ أم تشعرين بأن ذلك ما هو إلا الطريقة الوحيدة لرد جميل الأخت كارلوتا لمساعدتها لك و تشجيعك على التشبث بالحياة إلى أن ينقذوك؟"
طوال الأسبوع الماضى و هالى تلقى على نفسها هذا السؤال . و أخيراً هزت رأسها :"لا أدرى.... لا أدرى!"
و تعلقت صرختها المعذبة فى الهواء
ــ يتملك مونيك الخوف من اليوم الذى يستيقظ فيه بول من حلمه هذا ليراك ترحلين. ألا يمكنك أن تبقى هنا فى سانت جينز بصفة راهبة غير مكرسة إذا شئت؟ ألا يؤدى هذا نفس الغرض ؟ بهذا تخدمين الله و تكرمين الأخت كارلوتا .
جذبت نفساً مرتجفاً :"الأمر ليس بهذه السهولة يا فنسنت"
كانت تفكر فى أنها لا تحتمل البقاء بقربه بقية حياتها دون أن تكون زوجته.
ــ و لماذا لا ؟ ابنتى بحاجة إليك أكثر من بول ....و قريباً جداً سنكون بحاجة إلى من يدعمها فى مواجهة أمور الحياة و إلا انتهت , كأخيها فى المستشفى .
ــ فنسنت , ألا تدرك أن ذلك يعود إلى قلقها بشأنك ؟
فقطب حاجبيه :"لا أفهم ما تقولين."
عضت شفتيها ....ربما هى تقص حكايات خرافية , لكنه بحاجة إلى أن يفهم كل ما يتعلق بولديه إذا كان يريد أن يساعدهما .
ــ تقول مونيك إنك تغيرت منذ أحضرتهما من باريس . إنها تظنك مغرماً بامرأة ما و ستخبرهما فى الوقت المناسب بأنك ستتزوج
نهاية الفصل السابع
قراءة ممتعة

ريماس مصطفى 03-10-13 05:21 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
حبيبتي نهى الفصول اكتر من روعة وفعلا انا لازلت على رائي هالي ملاك وفنست بدء يغرم بها وهو الذي يحتاجها اكثر من ولدية دائما نهى انتي مبدعة باسلوبك وذوقكي روعة في الاختيار :55:

زهرة منسية 04-10-13 12:45 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
شكرا كتير دندون سعيدة ان الفصول عجبتك
كلامك أسعدنى كتير
تسلميلى يا قمور

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

زهرة منسية 04-10-13 10:11 PM

الفصل الثامن
 
8 - غضب و ندم


تلهف فنسنت إلى أن يسحق هالى بين ذراعيه لكنه إذا فعل ذلك , يون قد تخلى عن كل المبادئ التى يومن بها .
و بشكل ما , وجد القوة للابتعاد عنها . لقد أخذها بين ذراعيه أمس ليواسيها , و لكن لا عذر له اليوم.
ــ هل هذا صحيح ؟
توسلت إليه أن يخبرها و هى تنظر إليه بعينين رائعتين لا يمكنها سبر غورهما .
لم يساوره الشك فى أنها كانت تسأله لأجل مونيك . و لكن و ليسامحه الله كان يريد أن يعتقد أن هالى تسأله لأجل لنفسها هى أيضاً. كيف يمكن أن يحترق شوقاً إليها دون ان يكون لديها نفس الشعور بالمقابل ؟
لا يهم حبها لزوجها السابق , فزواجهما لم يدم لأكثر من أربع عشرين ساعة.
لقد أمضى , حتى الآن أسبوعاً معها و هو يشعر فى أعماقه , بأنها غير مبالية به . و قال يجيبها :"نعم, هناك امرأة . لكننى لم أطلب منها بعد أن تتزوجنى "
ــ آهـ , فهمت .
لم تكشف عن شعورها و لو بطرفة من عينها أو اى صوت من حلقها , بينما شعر هو و كأنه يقف على حافة هاوية على وشك أن تنهار تحت قدميه .
و تابع يقول :"قبل أن أفعل شيئاً يغير حياتنا جميعاً , أريد أن أتأكد من أن بول لن يصاب بهستيريا تجعله يقدم على تصرف مرة أخرى. و قد ينجح فى المرة التالية"
فتأوهت :"لا تستطيع أن تسمح لهذا بأن يحدث ؟ إننى أقوم بكل ما بإمكانى لكى أمحو افتتانه هذا بى"
ــ أتظنيننى لا أعلم هذا ؟
ــ المشكلة هى أن هذه الأشياء لا يمكن استعجالها . كل ما أرجوه هو أنه, هذا المساء ....
ــ هالى ؟
منتديات ليلاس
و تعالى طرق على الباب وكان هذا بول , و نظرت إلى فنسنت محذرة
ــ هالى ؟ بابا ؟ هل أنتما هنا؟
ضغط فننت ذراعها :"سأتصرف . تابعى أنت تنظيم علب البقالة"
وبعد دقائق سمعت هالى صوت وقع خطوات :"هالو, هالى "
وضعت صندوق الحبوب فى الخزانة, ثم استدارت إلى بول :"تبدو سعيداً.ما رأيك بسيارتك الجديدة"
فابتسم :"رائعة! حتى أن لها فتحة فى السق"
ــ يالك من محظوظ ! هل رآها كل شخص فى سانت جينز؟
فضحك :"تقريباً . هلى تريدين أن تذهبى فى نزهة بها؟"
ــ يسرنى هذا جداً.
و نظرت إلى ساعتها . كانت الرابعة و عشر دقائق :"هل يمكننا الذهاب فى السادسة؟ يمكنك أن ترينى كل مواصفاتها حتى السابعة و هو موعد الذهاب إلى الكنيسة"
زالت ابتسامته :"بكل تأكيد"
إنها تؤجله مرة أخرى لكنها الطريقة الوحيدة للتصرف معه.
ــ الأمر هو ان أباك ساعدنى فى شراء التموين الأسبوعى . و الآن علىّ أن أعد عشائى و بعد ذلك أستحم ثم أقوم بمخابرة تليفونية هامة.
وسارت إلى درج فتحته و أخرجت منه لوحاً من حلوى المرصبان وضعته فى يده :"خذ. هذه مؤونة أخبتها لليوم الممطر."
ــ ماذا يعنى هذا؟
ــ أعلم أعلمك هذا؟ هممم....لا أظننى فعلت. اليوم الممطر هو عندما تسوء الأمور .
بعد أن أتسوعب شرحها , أزال الغلاف الخارجى للوح و قضم منه قطعة كبيرة .
ــ بول, ألم تفهم ما قلته لك ؟
ــ بل فهمت.
و استمر فى قضمه حتى أنهاه فألقى بالورقة فى سلة المهملات .
ــ أفهم من هذا أنك لم تتوقف لتناول الغداء.
ــ تناولنا أنا و لوك غداءً ضخماً.
فقطبت جبينها :"هل حدث شئ سئ؟"
ــ أمضت وقتاً رائعاً حتى جئت لآخذط , لكنك دوماً مشغولة بشئ آخر عليك أن تقومى به,أو فى مكان ما جئت منه لتوك , أو عليك أن تذهبى إلى مكان ما . يبدو أن الأمور تغيرت كثيراً عنها فى باريس
لقد ابتدأ يتصدع .
ــ لقد تغيرت الأمور فعلاً . كان لنا , نحن الثلاثة أوقات و أيام معينة فى الأسبوع فقط, يمكننا فيها ان نجتمع معاً . لو رافقتنى على مدار الساعة لأدركت أننى ألتزم ببرنامج محدد.منتديات ليلاس
فحدق إليها بحدة :"أنت لا تتوقفين أبداً"
ــ لا أستطيع . هكذا خلقنى الله.
أخذ بول , كعادته , ينقر بأصابعه على الطاولة , ثم توقف فجأة :"سأعود فى السادسة"
ــ شكراً يا بول.
و سارت معه إلى الباب :"إلى اللقاء قريباً"


زهرة منسية 04-10-13 10:19 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

أقفلت الباب و هرعت إلى غرفة نومها . كانت الساعة بعد الثامنة صباحاً بقليل فى سان دييغو.
لابد أن طفل غابى ما زال نائماً , فهى تكره أن توقظه , لكن الأمر مستعجل هنا.
أخذت تدعو الله أن تكون غابى فى البيت . و أوشكت أن تضع السماعة لتعود بعد (الدوش) عندما سمعت صوت شخص ما :"هالو؟"
ــ غابى ؟
ردت بعد قليل :"هالى ؟ ما أروع أن أسمع صوتك . هل عدت إلى كاليفورنيا؟"
غلبت المشاعر هالى فأنهمرت دموعها و قالت و هى تشهق :"لا, ما زالت فرنسا. لدى مشكلة"
و عندما نظرت هالى إلى ساعتها مرة أخرى وجدتها السادسة إلا ربعاً و لم تصدق أنهما تحدثتا ساعة و نصف :"علىّ أن أقفل . سيكون بول هنا بعد دقائق"
ــ انتظرى و أخبرينى شيئاً واحد ....أنت تصدقين حقاً أن هناك امرأة أخرى فى حياة فنسنت .....
ــ فنسنت رجل طبيعى ملئ بالرجولة . و طبعاً هناك نساء يرغبن فى صحبته .
و مسحت دموعها بملاءة السرير.
ــ هالى....
ــ إذا كنت تتحدثين عن امرأة محددة لا أدرى . لديه موعد مع شخص ما هذا المساء . كل ما أستطيع قوله هو إذا كان لها وجود فهى متفهمة له تماماً لعدم إحضارها إلى القصر . لكن وضعه مع بول مزعزع و لهذا هو لا يجرؤ على القيام بتصرف خاطئ.
ــ أظنه فضح نفسه بطلبه منك البقاء فى سانت جينز لأجل أبنته . يبدو ذلك لىّ أشبه بستار من الدخان للاختباء خلفه .
ــ أريد....أريد أن أعتقد ذلك , انا أيضاً و لكن ماذا لو كنت أنا مخطئة؟
ــ أتذكرين عندما هربت من ماكس ؟
ــ و كيف أنسى ؟ أنا من نصحتك بأن تستقلى الطائرة إلى موطنك فى نيو جيرسى .
ــ و هل نسيتِ اننا حللنا كل مشاكلنا؟ أننى متزوجة من فتى أحلامى الآن. هل تسمعينى يا هالى؟
ــ نعم .
ــ هذه هى المسألة . الأمّان المقدستان قالتا أنك لست جاهزة بعد إداء قسم الارتباط والآن يمكنك أن ترى السبب. لقد أرسبوك إلى فرنسا لسبب ما . إن عليك أن تقيمى هناك و تدعى هذا الأمر يفسر نفسه بنفسه حتى يتضح الجواب.
ــ ليس لدى خيار طالما بول بهذه الحالة الدقيقة .
ــ أتعلمين ما أظنه ؟ أنت أروع امرأة عرفتها .
ــ أنا أحبك للغاية هالى . انت لن تبتعدى إلى الأبد .
ــ أواثقة أنت ؟
ــ نعم. أتصلى بى متى شئت .أنا أعنى ذلك!
ــ سأفعل . شكراً يا غابى .
وضعت هالى السماعة و اندفعت إلى الدوش . رغم ان حديثهما لم يحب شيئاً . فقد شعرت بتحسن لتمكنها من الإفضاء بهذا العبء إلى صديقتها الحميمة.
وعلى أى حال , بعد ان انتهت من ارتداء بلوزتها و تنورتها ,اصبح هناك شئ واضح فى ذهنها .
منذ قدومها إلى سانت جينز عشقت كل فرد فى أسرة رولاند . ذلك لأنها هى نفسها نشأت بين أحضان أسرة متحابة بالغة الحيوية , ثم افتقدت كل ذلك.
فكرة أن تصبح جزءاً من مجموعة من الأخوات التقيات بقية حياتها , لم تعد تعنى لها كما فى السابق . من الطبيعى أن تحب الجزء المتعلق بالتعليم , لكنها يتفقد دوماً إلاتصال بالآخرين .
عادت بأفكارها إلى الأسبوع الفائت عندما ادركت أن زمن زداعها النهائى لـ مونيك و بول فى باريس قد حان , فشعرت بأنها ستعانى من فراق بالغ القسوة. وضع ذلك فى ذهنها شكوكاً جادة بالنسبة إلى صلاحيتها لحياة الرهبنة.
إضافة إلى هذه المشاعر المتضاربة , أترى تعرفها إلى فنسنت ....مجرد وجوده كان يؤثر بقوة على الناحية الأنثوية من طبيعتها التى ظنت أنها ماتت و دفنت مع راؤول .
عليها الليلة أن تواجه حقيقة شعور كانت تتجنبه مؤخراً.
كانت راهبة أكثر دنيوية مما ينبغى , وإلا لأتصلت بألم المقدسة , تطلب المساعدة, بدلاً من غابى. و مع ذلك كانت كلمات صديقتها نابعة من حدسها و هى تقول :(الأمّان المقدستان قالتا إنك بيست جاهزة بعد إداء قسم الإرتباط , و الآن يمكنك أن ترى السبب. لقد أرسلوك إلى فرنسا لسبب ما . إن عليك أن تقيمى هناك و تدعى هذا الأمر يفسر نفسه بنفسه حتى تتضح الأجولة)
بعد ثلاث ساعات ,إذا بإحدى شكوك هالى تتحقق دون أى التباس, بعد تمهيد الأب الكاهن أوليفييه لها , أظهرت مجموعة المراهقين فى الكنيسة حماسة كبرى لفكرة الدروس الإنكليزية , و تقرر أن تعطى الدروس يومى الأثنين و الأربعاء من السابعة إلى الثامنة و النصف مساءاً خلال الصيف.
تملكت هالى الحماسة حين فكرت فى أنها توظف شهادتها العليمية بشكل صحيح . لكنها لم تدرك أن متعتها الحقيقية تكمن فى العودة إلى القصر , إلى من إعتادت أن تحبهم , إلا بعد أن صعدت إلى سيارة بول الذى كان ينتظرها لكى يعود بها إلى بيتها . العودة إلى التوامين و الجد موريس و بوريغار الكلب و فنسنت.....
مهما خبأ لها المستقبل ايقنت بأنها لن تشعر بالاكتمال أبداً إذا أصبحت راهبة.
قدرتها على الاعتراف بذلك لنفسها أخيراً منحتها راحة نفسية بالغة .
انتبهت فجأة من استغرقها فى التفكير , إلى ات السيارة توقفت ....فرفعت عينيها .
لقد أخذها بول إلى نفس البقعة الرائعة الجمال على ضفاف النهر و التى كان فنسنت قد أخذها إليها هذا الصباح.
كانت الشمس قد غابت وراء الأفق و كان المشهد بمثل روعته من قبل . لكن الرجل نفسه لم يكن وراء عجلة القيادة .و تذكرت كلامها عن مدى حبها للركوب فى سيارة جديدة.
السيارة الجديدة لم تعالج إكتئاب بول بل جعلته يزداد عمقاً . لأن ما يريده حقاً غير ممكن.
قد لايكون ما قالته لـ بول الآن هو الشئ الصواب . و مع ذلك شعرت بأنها يجب أن ترضيه قبل أن يعودا إلى البيت منتديات ليلاس.
ــ إذا كان هذا هو مكانك المفضل فقد رأيت الآن السبب.
كان مستلقياً على المقعد و ذراعه ممتدة على المسند . فمال برأسه إليها و قد غامت عيناه و قال بخشونة :"بل هو مكان أبى المفضل , و انت عرفت ذلك قبل الآن"
فشعرت بالسخونة تصعد إلى وجهها .
ــ لويس هو أحد مستجدمى أبى و كان يعمل فى كروم العنب و قد رآكما معاً.
و صدر عن بول صوت قد يكون معبراً عن الغضب أو الألم أو الأثنين معاً:"لقد أخبر كل شخص فى المرزعة بأن أبى لديه صديقة"
منتديات ليلاس
فأرتعشت و تملكها آسف بالغ لأجله.
ــ على الأقل أنت لم تنكرى وجودك هنا معه . و هذا شئ أقدره فيك دوماً فأنت صادقة .
و زحفت يده إلى نهاية شعرها فوق رقبتها :"لقد أخبرت كل شخص بأن ينسى ذلك لأنك راهبة غير مكرسة و هذا أخرسهم جميعاً , لكنه لم يمنعهم من الظن....كما لم يمنعى أنا من الظن"
وشد عدة خصلات من شعرها يلفها على أصابعه , ليس بشدة و لكن بشئ من الضغط لكى يجعلها تدرك مبلغ غضبه .
و عاد يتابع :"كنتما أنت و أبى على انفراد عندما جئت إلى الكوخ بعد الظهر و فأجأتكما . لقد شعرت بذلك فى اللحظة التى فتح لىّ فيها الباب .
لقد كان شخصاً مختلفاً عن ذلك الذى عشت معه 18 عاماً , و هو يقف بادى السعادة بنفس المظهر الذى كان والد جول يبدو به بعد قضاءه عدة ساعات مع صديقته . و قد بقى بابا يتحدث إلىّ , و قد عرفت السبب .كان يحاول أن يمنحك وقتاً . و عندما دخلت المطبخ لم أكد أعرفك....لقد كنت....مليئة بالحياة . تباً لك, يا هاهلى...."
وجاءت الكلمة الأخيرة أشبه بشهقة باكية.
فقالت بلطف :"أنت مخطئ . لم يعانقنى سوى رجل واحد من رجال أسرة رولاند , وهو أنت يا بول"
انتصب كالسهم و قد بدا على وجهه مزيج غريب من الاضطراب و اليأس . أدركت انه يريد أن يصدقها , لكن الغضب كان مسيطراً عليه.
قال و قد نفرت عروق عنقه فوق ياقة قميصه العالية :"أريدك أن تغادرى سانت جينز....إبتعدى فقط عن ناظرى و لا تعودى أبداً"
كان يتألم كطائر جريح . لكن هذا بول , و هو أبن أبيه.
لقد بلغ أبوه ذروة الألم عندما دخل عليهما , خى و بول فى باريس . و لم يكن يتقبل حدوث أى نقاش أو إقناع حينذاك كما أن بول لن يتقبل أى نقاش أو إقناع الآن.
ما العمل ؟
نظرت إلى خارج النافذة . رغم أن الظلام كان ينتشر بسرعة إلا أنها تعرف طريق العودة إلى القصر . و مع ذلك لم تجرؤ على أن تترك بول بقرب النهر فيخطر له أن يقفز إليه . لقد سبق و حذرها فنسنت من خطر ذلك.
ــ بول...أنا أدرك أنك تحب أن تنفرد بنفسك حالياً , لكن هذه المنطقة ما زالت غير مألوفة لدى . فأنا أخاف ان أتوه ان ذهبت إلى بيتى وحدى . هل انت بخير ؟
التفت إليها بعنف و قال بحدة :"طبعاً . أتقسمين بالله بأن أبى لم يحاول التودد إليك؟"
فابتلعت ريقها بصعوبة :"أنت لا تريدنى ان اجيب هذا السؤال لأنك تعرف الحقيقة"
فأجاب و تملكته رجفة :"أنا أعرف ما رأيت. إذا كان ذلك لم يحدث بعد , فهو سيحدث!"
و فجأة, أدركت ما عليها أن تفعل :"هذا خطا مرة أخرى يا بول . إذا سمحت بأن توصلنى إلى الكوخ, سأحزم حقيبتى ثم أذهب إلى سانت جينز . و هناك قطار سيغادر إلى باريس الليلة, و أنا أنوى ان أستقله . لو كنت بحالتك الطبيعية كنت طلبت منكا ان تأخذنى إلى باريس فى سيارتك الجديدة و تتركنى هناك عند كليرمونت آبى.
أضافت ذلك لكى تؤكد له أنها جادة تماماً . و عند ذلك أدار السيارة و تنفست الصعداء عندما أنطلق ليوجه إلى الكوخ . و طوال الطريق لم يقل كلمة واحدة.
و عندما وقف أمام الباب قالت له :"يمكنك أن تبقى هنا و تنتظرنى , أو أن تدخل بينما أحزم أمتعتى , لك الحرية فى أن تختار"
وضعت أغراضها فى حقيبتها و وضعت جواز سفرها فى حقيبة يدها , و عندما عادت إلى غرفة الجلوس كان بول واقفاً عند الباب المفتوح .
بدا الذهول عليه و هو يراها جاهزة للرحيل:"أنت تمزحين بالنسبة إلى مسألة الرحيل. إنك تحاولين أن تنتقمى منى لقسوتى عليك"
ــ لا أبداً . أنا لم أحضر إلى سانت جينز لكى أثير المشاكل فى أسرتك أو أثير أقاويل تؤلمك . أنت و منزيك عدتما إلى البيت لتكونا مع أبيكما مرة أخرى. لقد أنجزت رسالتى هنا بنجاح . و إذا لم تشأ أن توصلنى بسيارتك سأتصل بالقصر و أطلب من شقيقتك أن توصلنى إلى المحطة.
فهز رأسه :"لا ترحلى , هالى . أنا لم أعن شيئاً مما قلته"
فقالت باسمة رغم أن قلبها كان يتحطم :"انا أعلم أنك لم تكن تعتيه و لكن حان الوقت لى أرحل"
سارت نحو المدخل و ارغمته أن يتنحى جانباً ريثما أقفلت الباب . لم يكن هناك أثر لسيارة فنسنت . كان ما يزال يسهر فى الخارج . و أخترق الألم قلبها . سواء كان مع امرأة أخرى أم لا , لم يعد هذا شأنها .زهرة منسية
تباطأ بول خلفها , و وضعت حقيبتها فى المقعد الخلفى بنفسها , ثم صعدت إلى الأمام و انتظرته أن يأتى ليعود إلى قيادة السيارة.
حدق إليها بعينيه الحمراوين و قال بعجز :"لا يمكنك أن ترحلى بهذا الشكل ! ماذا بالنسبة إلى وظيفتك الجديدة؟ و صفوف التعليم فى الكنيسة ؟"
ــ بإمكانى أن أعتمد عليك فى شرح كل شئ.
نظر إليها و هى تضع المفتاح فى صندوق الأوراق أمام مقعدها. و بدا على وشك البكاء :"لو عرفت مونيك بهذا لوجدت طريقة تمنعك بها من السفر"
ــ لهذا السبب تحديداً أفضل أن توصلنى أنت و عندما تستيقظ هى غداً سأكون فى باريس حيث لا يعرف مكانى أحد.
فصرخ :"لا تقولى هذا !"
ــ بول بحق صداقتنا القوية , هل لك أن تأخذنى إلى المدينة الآن , من فضلك.
أغرورقت عيناه بالدموع فمسحها بمه , ثم تحرك بالسيارة و كانت كتفاه تهتزان بشهقات صامتة طوال الطريق إلى محطة القطار .
هذه المرة نزل قبلها و حمل حقيبتاه بينما توجهت هى إلى الداخل لتشترى تذكرة .
ــ تذكرة سفر باتجاه واحد.
القطار الذاهب إلى بارس سيصل فى أى دقيقة و سيكون الآخير حتى الصباح .
ــ الليل جميل جداً . هل ننتظر على الرصيف؟
كان وجه بول ينطق بالعذاب و هو يتبعها, قائلاً :"لو كان لديك أى أهتمام بىّ لما فعلت هذا"
ــ أنا أحبك كما أحببت أخى جون.
قالت هذا ثم سمعت صوت القطار قادماً إلى المحطة.
جمد بول مكانه :"أنا أعلم أنه كان لديك أسرة , لكنك لم تذكرى أبداً أنه كان لك اخ"
ــ كان أخى الوحيد و يكبرنى بسنتين و أنت تشبهه من نواحى كثيرة . ليس من ناحية الشكل و لكن من المزايا.
ــ ماذا حدث له؟
ــ أسأل مونيك , و هى سوف تخبرك بكل شئ
ــ لعل هذا هو السبب فى شعورى بهذه الصلة بك عند بداية تعارفنا .
أبتدأ القطار يتوقف . إنه سنتظر فقط أن يصعد من لديه تذكرة ثم يتابع سيره . و أسرعت هى تصعد إليه. و لم يكن هناك غيرها من المسافرين , و كانا وحدهما .
أحست بتمهله فى مناولتها حقيبتها , فقالت و دموعها تنهمر :"أحبك كأخى يا بول . عندما حاولت أن تنتحر شعرت بأننى لن أستطيع أحتما خسارة أخ آخر . أرجوك أن تدع أباك يساعدك . أنه يحبك كثيراً . و كذلك مونيك و الجد موريس . كل شخص بحاجة إلى أسرة تدعمه كأسرتك , ستكون لديك حياة رائعة. إلى اللقاء يا صديقى العزيز."
و شهقت باكية و سار القطار مترنحاً ثم خرج من المحطة . فتشبثت بالدرابوين و أخذت تلوح بيدها.
ــ أنتظرى !
صرخ بذلك فجأة و أخذ يركض بجانبها , لكن سرعة القطار ازدادت فلم يستطيع اللحاق به.
أخذت تنظر إليه حتى أصبح بقعة داكنة فى النور القادم من المحطة . ثم أنعطف القطار و غمر الظلام كل شئ.

زهرة منسية 04-10-13 10:22 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

بعد مساء طويل منهك فى فندق فلوريسان فى سانت جينز لم يستطيع فنسنت أن يعود إلى القصر بالسرعة الكافية .
كانت الأقاويل تملأ المنطقة. أراد فنسنت أن يخمد أى حديث عن اهتمامه بـ هالى . و هكذا أمضى المساء يتعشى و يرقص مع مادلين بيغى و هى سمراء مطلقة رائعة الجمال سبق أن خرج معها مرة . و كان يرجو أن يدحض وجودها معه كلام أى شخص يعرفه . و عند الصباح سينفى المصنع كل المعلومات الخاطئة . هذا كان خطئه . إنه مستعد للقيام بأى شئ لكى يحمى بول من الألم.
سقطت أنوار سيارته الأمامية على سيارتى التوأمين المتوقفتين فى الفناء الأمامى . كانت الساعة بعد الواحدة و أفترض أن والديه نائمان .
كان عادة يـُقف سيارته أمام القصر لكن قوة ما جعلته يقود سيارته إلى خلف القصر , متسائلاً عما إذا كانت هالى ما زالت مستيقظة.
خفق قلبه و هو يرى نوراً ما زال فى الصالون
و عندما عاد توقف أمام مكتبه و جلس هناك يفكر مدة عشر دقائق و الصراع يدور فى نفسه .
مهما كان العذر الذى سيتحجج به إذا ذهب إلي بابها يطرقه , فهو سيهدم كل مساعيه فى وضع الخطط التى تدحض الأقاويل التى يمكن أن تعذب ولديه.
و هكذا , على رغبته فى رؤية هالى أن تنتظر إلى الصباح . و ستكون هذه ليلة طويلة دون نهاية.
و خرج سيارته و دخل إلى مكتبه دون أن يجرؤ أن يتظر نحو كوخها مرة أخرى . دوماً فى مكتبع عمل يمكنه القيام به . فى الواقع كان الوقت الآن هو الأفضل للقيام بالاتصالات التليفونية لإنجاز أعماله فى ما وراء البحار حيث فرق الوقت ما بين ثمانى و عشر ساعات . و هكذا ألقى بسترته على الكرسى و فتح أعلى قميصه و شمر كميه , ثم تناول ملف الأوراق و ابتدأ العمل .
و لكن بعد عشرين ثانية فقط أدرك أنه لا يستطيع أن يركز على شئ . غداً سيحضر هالى إلى مكتبه هنا و يدربها بنفسه . فما دام لا يستطيع التقرب منها فى الأيام الأخرى يمكنه على الأقل أن يشاركها عمله.
الناس تأتى إلى مكتبه و تذهب طوال النهار , و الباب مفتوح على الدوام . و سرعان ما يدرك الآخرون أنها راهبة غير مكرسة صادقها ولداه فى باريس . و مع الوقت تنهى الأقاويل.
ثم, ماذا بعد ذلك؟
و تأوه, غير قادر على الجواب.
ــ بابا ؟
نبرة الرعب فى صوت مونيك فى هذا الوقت المتأخر فاجأته . نظر فرأى أبنته فى معطفها المنزلى تتقدم نحوه . وما إن وقف حتى ألقت بنفسها بين ذراعيه و قد اتهمرت دموعها .
ــ ماذا حدث يا صغيرتى ؟
ــ إنه بول . إنها المرة الثانية هذا الأسبوع الذى ينضح فيه جسده بعرق بارد .
ــ أين هو؟
ــ فى غرفة نومه . لقد جاء إلى غرفتى فى أول الليل طالباً أن يعلم ما أخبرتنى به هالى عن أسرتها . ظننته يعلم عن تلك الماسأة , و بعد أن شرحت له كل شئ , تمتم بشئ عن قيامه بعمل لا يقبل الغفران , ثم ركض إلى غرفته. تبعته لكنه أقفل الباب فى وجهى و أخبرنى أن أبتعد عنه . و لم يستطيع أن يتوقف عن الشهيق و البكاء يا أبى . خفت عليه جداً فأخبرته بأننى سأبحث عنك و أخبرك لكنه جعلنى أتعهد بأن أدع الأمر سراً. و عندما ألته عن السبب قال إنك إذا عرفت ما فعله فلن تصفح عنه أبداً . وعدته بأن لا أخبرك بشئ . ولكن بعدما أخبرنى به الدكتور موروا أدركت أن على أن أخبرك . كدت أيأس من عودتك , ثم رأيت سيارتك من النافذة, لكنك لم تحضر إلى غرفتك , و هكذا أسرعت إلى هنا.
شدد فنسنت من احتضان أبنته . الحمد لله أنه لم يطع غريزته و يذهب إلى كوخ هالى.
ــ أنت قمت بالأمر الصواب . لا يمكن أن يكون بيننا أسرار فى هذا البيت,و إلا لن يتحسن بول أبداً. دعينا نذهب إليه.
و حمل ملابسه و أسرع خلفها . وقبل أن يصلا إلى جناح بول فى الطابق التالى أستطاع أن يسمع شهقاته التى تلزى القلب . عادت به الذكريات إلى الماضى عندما هددته أرليت بأن تجهض طفلهما و بعد أن توسل إليها بأن لا تفعل ذلك , هرع إلى الكرم مذعوراً حيث أمضى جزءاً كبيراً من الليل و هو يشهق . عندما جاء الصباح ذهب إلى جده يتلمس العون.
و ها هو ذا ابنه يحتاج الآن إلى عون!
طوق ابنته و طرق الباب :"بول؟ علينا أن نتحدث ...أفتح....و إلا خلعت الباب"
أنتظر خمس دقائق قبل أن يسمع دوران المفتاح فى القفل . و دفع الباب فأنفتح.
كان ابنه منهاراص على أقرب مقعد منفرجاً الساقين محنى الرأس بشكل بالغ التعاسة و الذل.
تنفس فنسنت بعنق ثم قال :"لأا شئ فى هذه الحياة لا يمكن أن نصفح عنه إذا طان لدينا الحب الكافى يا بول . مهما كان ذلك الذى يحطمك يمكنك أن تخبرنى به"
و ببطء رفع بول رأسه :"أنا كاذب يا أبى"
ــ ليست وحدك.
منتديات ليلاس
فأخذ يغالب دموعه :"إنها كذبة خطيرة"
ــ كل الكذب خطير . ماذا عن الكذبة عن أمك التى جعلتك تصدقها ؟
ــ و لكن كان لديك سبب جيد لذلك . أنت لم تشأ لىّ و لـ مونيك بأن نأخذ عنها فكرة سيئة . أما كذبتى فهى مختلفة .
و لم يستطيع فنسنت أن يصدق ما يسمعه :"من أى ناحية ؟"
جعل القلق فنسنت يشعر و كأنه سيقفز من جلده بينما وقفت مونيك بجانبه تنتظر مرتجفة.
ــ ما تمنيت المزت قط.
عندما استوعب فنسنت كلماته , جعله الفرح يشعر بدوار . بينما تابع بول:"لم أكن أحاول أن أنتحر....سبب اصطدامى هو أننى كنت غاضباً فلم أعرف إلى أين كنت ذاهباً"
فقالت مونيك :"أنا أدركت هذا . أنت كذبت على الطبيب لكى تمنع هالى من مغادرة فرنسا"
أومأ بول ثم نظر إلى أبيه بخجل :"كما أننى أردتك أن تشعر بالذعر لأنك لم تستمع إلىّ"
ــ لم يعد أى من ذلك هاماً الآن.
و جذب ابنه يحتضنه بشدة.
ــ و لكن هناك شئ آخر أريد أن أخبركما به.
فشعر فنسنت فجأة بشئ يلوى قلبه . بينما تابع بول:
ــ لقد رحلت هالى.
ترنح فنسنت لما سمع ذلك, بينما صرخت مونيك :"إلى أين؟"
ــ عادت إلى باريس , و هذا ذنبى أنا .
صدرت عن فنسنت آهة دفعت ابنته قوية الملاحظة إلى أن تهتف :"بابا؟ هل أنت بخير؟ تبدو شاحباً كالشبح"
فقال فنسنت و هو يجلس على حافة سرير بول :"ربما هى صدمة نشأت نشأت من كل هذه المفاجأت الليلة . أخبرنا بما حدث بول"
بدت نظرة كئيبة فى عينى ابنه :" بعد أن أخذتها فى سيارتى فعلت شيئاً فظيعاً"
ــ استمر
ــ اتهمتها بأنها على علاقة بك .
كانت هخذ قنبلة جديدة.....قنبلة لم يكن فنسنت يتوقعها . لكن عندما تذكر النظرة الغريبة فى عينى بول فى اللحظة التى خرج فيها فنسنت من كوخ هالى بعد ظهر ذلك النهار أخذ كل شئ يصبح مفهوماً.
بقيت مونيك هادئة بشكل غريب . ورآها تهبط على الكرسى منحنية الرأس و قال بول:"كنت أعلم أن هذا غير صحيح . و لكن بعد أن قال لويس إنه رآك مع هالى عند النهر و أنت تعرف كيف يصبح عندما يعتقد أن هناك شيئاً ما , غضبت"
كان فنسنت يعرف بالضبط كيف يصبح لويس و كذلك ميشيل و كثيرون مثلهما .
ــ هل هذا ما جعل هالى تغادر سانت جينز؟ الأقاويل؟
سأله فنسنت هذا محاولاً أن يبدو طبيعياً بينما كان يموت فى داخله.
أخذ بول يذرع الغرفة ثم وقف و التفت إليه :"لا بل قلت أنه حتى و لو لم يحدث شئ بينكما بعد إلا أن ذلك مسألة وقت ...ثم...ثم قلت لها أن تبتعد عن حياتى . فقالت إنها ستفعل حالما أعيدها إلى الكوخ لتحزم أمتعتها , قائلة أن رسالتها هنا فى سانت جينز قد تمت"
و تأوهـ:" لم أستطيع أن أمنعها..... فى محطة القطار اعرتفت أنها أحبتنى كاخيها الذى قـُتل فى حادث اصطدام الطائرة تلك . ثم توسلت إلىّ أن أسمح لك أن تساعدنى يا باب . لم أكن اعلم حتى تلك اللحظة أنها ما زالت تظن أننى حاولت قتل نفسى فركضت خلفها لأخبرها بالحقيقة لكننى لم أستطيع أن أدركها لسرعة القطار . لقد أفسدت حقاً كل شئ"
و انهمرت دموعه . و كان فنسنت أكثر تحطماً من أن يستطيع التفكير , و لكن كان عليه أن يفعل شيئاص يساعد ابنه فى الخروج من هذا المستنقع.
ــ ماذا تحب أن تفعل بهذا الشأن؟
ــ أن أذهب إليها معتذراً لأننى وضعتها فى هذه الحالة الجهنمية . المشكلة الوحيدة هى أنها قالت إنها لن تكون موجودة.
كانت دموع ابنته الآن تنهمر بصوت مسموع.
ــ ربما بإمكانك أن تضع أفكارك فى رسالة ترسلها إليها إلى الدير الليلة مع رسول.
ــ ربما لن تفتحها .
لكن فنسنت لاحظ أن ابنه لم يرفض هذا الاقتراح . بينما قالت مونيك و الآلم يخرجها من الغرفة :"إذا كنت تقول هذا عن هالى , فهذا يعنى أنك لا تعرفها"
هناك درجات من الأم يمكن لـ فنسنت أن يقول بثقة تامة أنه جربها بأجمعها .
نهاية الفصل الثامن

زهرة منسية 04-10-13 10:28 PM

الفصل التاسع
 
9 - حـــكــــم الـــقــــدر



ــ هل لديك مكان تذهبين إليه يا هالى ؟
ــ نعم أيتها الأم المقدسة . صديقتى فى سان دييغو ستستضيفى حتى أجد شقة . أرجو ان يكون ثمة وقت كافٍ أجد فيه وظيفة للتعليم فى المدارس الرسمية قبل الخريف.
ابتسمت الأم مارى كلير لـ هالى :"بعض النساء يؤدين القسم , ليجدن بعد فوات الآوان أن هناك شيئاً آخر يفضلن القيام به . و أنا مسرورة لأنك زهرة منسية لست واحدة منهن. و أظنك شجاعة و حكيمة لأنك واجهت الحقيقة عن نفسك فى الوقت المناسب قد لا تبقين بعد الآن راهبة مكرسة لكنك مثل الأخت كارلوتا , ستكونين دوماً قوة فعالة فى المجتمع أينما كنت . لا شك فى ذلك أبداً."
ــ أرجو ذلك.
ــ متى موعد سفرك؟
ــ فى الصباح .
ــ سنذكرك دوماً فى صلواتنا.
ــ شكراً لكل شئ , أيتها الأم المقدسة .
وقفت هالى لتغادر المكتب ,و عند الباب تقدمت منها المسؤولة عن الراهبات الجدد و بيدها رسالتان مستعجلتان :"وصلتا اهتان إلى الدير الآن و الاثنتان لك."
ــ شكراً.
حملتهما و خرجت فى نوهة على الأقدام على ضفاف السين. ربما غابى أرسلت لها نقوداً أو شيئاً ما , ما نوع هذا الكرم من صديقتها . كان من الصعب أنه تصدق أنها فى خلال 48 ساعة ستحمل أبن غابى بين ذراعيها لأول مرة.
حالما وجدت هالى مقعداً خشبياً خاياً جلست فى شمس الظهيرة الدافئة و نظرت إلى أول مغلف , و عندما رأت أن الرسالة صادرة من سانت جينز شهقت مدهوشة.
نظرة سريعة إلى الرسالة الثانية أبأتها بأنها من بولى و هى المدينة التى كانت ذهبت إليها مع فنسنت, هل هو المرسل؟ أخذ قلبها يخفق من الألم .
قررت أن تترك هذه الرسالة إلى النهاية ثم فتحتت الأولى و سحبت الأولى لتجدها مؤلفة من صفحةواحدة مكتوبة على الكميوتر من بول.
منتديات ليلاس
بكت من السعادة و هى تعلم أنه كان كاذباً بالنسبة إلى إلى رغبته فى الانتحار . و بعد ان أعتذر إلى حد بالغ عن كل شئ تعلقت عيناها بآخر فقرة
"أرجو ان تصلك هذه الرسالة قبل رحيلك إلى كاليفورنيا .
أظن رجائى فى عودتك إلى قصر رولاند هى أكثر ما أستحق .
إذا منحتنى فرصة أخرى أعدك بأن تكون الأمور أفضل هذه المرة .
تذكرى فقط أن لديك أخاً أصغر هنا سيحبك على الدوام.
"
فهمست "بـــول" و أغمضت عينيها بشدة....ها هو ذا واحد من أدعيتاه يـُستجاب.
و فتحت المغلف الثانى بيد مرتجفة , و سرعان ما خاب أملها و هى ترى أن الرسالة من مونيك مكتوبة بخط اليد.
ما كان أغباها و هى تظنها من فنسنت! و هذا يعنى لا أنها لا تريد رسالة من مونيك , فـ هالى تعبدها و لكن.....
"هالى.....
لا يعلم أحد أننى اكتب إليك. لقد قرأت الآن رسالة بول و عرفت كذبته الفظيعة التى أخبر بها كل إنسان . عليك أن تعودى ! أنا لا أقول أنه سيقتل نفسه إذا لم تعودى , نحن الاثنين اصبحنا واثقين من أنه لن يفعل .
لكننى أعرف بول أكثر من أى شخص آخر فى العالم . إنه سيبقى حزيناً طوال حياته لما قاله و فعله لك إذا أنت لم تمنحيه فرصة للتوبة . و قد أجريت حديثاً مع الأب أوليفييه عن كل شئ. أنه يقول إن من المهم جداً أن يساعد الشخص المتضرر بالإثم الشخص النادم على فعلته كلياً . و لا يمكن لـ بول أن يفعل هذا إذا لم تكونى موجودة . أتريدين أن تحملى ضميرك هذا العبء ؟ لا أظن"

وضعت هالى الرسالة على المقعد و أخذت تحدق فى الفضاء . إنها تتصور مونيك تعنفها و هى تضرب الأرض بقدمها . لقد ذهبت الفتاة إلى الأب أوليفييه . موق هذا قلب هالى و هى تشعر بالحب و التوسل وراء تصرف مونيك هذا.
شئ ما حدّث هالى بأنها إذا لم تعد و لو لعدة أيام ربما ستتضرر مونيك أكثر من بول بكثير . و هذا لن يكون عدلاً بالنسبة إلى فنسنت الذى عانى من الآلم ما يكفيه لأكثر من حياة واحدة .
بعد أن قررت ما ستفعل توجهت إلى الدير . إن عليها أن تتصل بـ غابى لتخبرها عن السبب الذى يجعلها تؤجل ذهابها إلى سان دييغو لفترة . و بعد ذلك ستلغى الحجز فى الطائرة و تقطع تذكرة قطار.

زهرة منسية 04-10-13 10:30 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 


كانت الساعة العاشرة و نصف مساء عندما وصل القطار إلى محطة سانت جينز . و حاولى الحادية عشر أنزلها التاكسى عند كوخها خلف القصر . و كانت سيارتا التوأمين متوقفتيت فى الفناء , و لم تر أثراً لسيارة فنسنت.
لم يذكره أى من ولديه فى رسالته , و قد يعنى هذا لا شئ أو كل شئ و مع ذلك حقيقة تأخره فى الخارج مرة اخرى أقنعتها بأنه قابل امرأة .
و لماذا لا ؟ فهذا أمر طبيعى للغاية . خصوصاً الآن بعد أن عرف أن أبنه ليس انتحارياً و لم يكن كذلك قط. و إذا كانت ردة فعلها تجاه اعتراف بول لها أية قيمة فإن ارتياع فنسنت بالغ بدون شك.
دفعت هالى أجرة التاكسى و ترجلت منه مع حقيبتها .
ما دام بول وضع مفتاحها فى سيارته كان عليها أن تسير إلى الكوخ التالى و تطلب من برنارد المفتاح الاحتياطى . و سلمها هذا المفتاح دون أى سؤال عن غيابها , بل قال فقط أنه سيحضر لها مناشف نظيفة.
وجدت شقتها كما تركتها منذ ثلاث ليال بالضبط , لم يدخلها أحد . و إذا فعلوا, فمحتويات الثلاجة لم تمس بعد, و أدهشها أن تشعر بأنها فى بيتها الآن بينما لم تسكن هنا منتديات ليلاس أكثر من يوم أو يومين.
ربما العودة كانت سارة لأن شهيتها عادت إليها . و عادت إلى المطبخ لتصنع لنفسها طبقاً من العجة . كانت الفاكهة التى أشترتها هى و فنسنت تبدو جيدة .
عندما قضمت قطعة من إجاصة وجدتها بالغة الحلاوة . هاجمتها ذكريات لا تنسى لرحلة تسوق أمضياها معاً.
هذا هو الجزء الصعب ....أن تكون بقرب فنسنت مرة أخرى و يكون عليها أن تكبح مشاعرها نحوه . و لكن لأجل الولدين و منزيك بالذات عليها أن تفعل ذلك.
كانت أدخلت لتوها طعامها إلى غرفة الطعام عندما سمعت قرعاً على بابها . وضعت ما بيدها و أسرعت إلى الردهة ظناً منها أنه برنارد .
شهقت و هى ترى فنسنت يقف يقامته الفارعة مرتدياً قميصاً أسود و بنطلون رمادياً و بدا لها....بد وسيماً إلى حد لا يـُصدق حتى كاد يـُغمى عليها .
ــ هــــــالـــــــــــــى ....
بدل مذهولاً تماماًً لاكتشافه وجودها هنا . و يبدو أنها آخر شخص فى العالم كان يتوقع رؤيته مرة أخرى . و أدركت أنه لم يكن يعلم , أكد لها ذلك بدعكه رقبته.
ــ رأيت ضوءاً فجئت أفتش عن مصدره.
كانت هذه هلى الحقيقة . و لم يكن يعلم بأن كل الأجوبة متوقفة عليه هو .
توتر فمه الحازم الملئ بالرجولة حتى تحول إلى خط متوتر عنيد فأظلمت لذلك كل ملامحه :"لماذا عدت إذن؟"
رأت لهجة التعنيف فى صوته , فقالت :"أدخل , سأشرح لك كل شئ"
و ما ان دخل حتى جاء برنارد بالمناشف فأخذها منه و أغلق خلفه الباب بقدمه .
ألقى بالمناشف إلى أقرب مقعد ثم وضع يديه على وركيه . إنه يريد جواباً و هى لا تلومه خصوصاً بعد ك ما عانوه بسببها.
ــ دقيقة واحدة , سأريك شيئاً يوضح لك كل شئ.
و اندفعت إلى غرفتها حيث أحضرت إليه الرسالتين . فوجدته عند عودتها يذرع الغرفة .
تصورته فهداً أسود رائعاً يدور فى أنحاء قفصه باحثاً عن وسيلة للهرب .
وقف عندما رآها و نظر إليها , فناولته عنداً رسالة واحدة و هى تقول :"إقرأ رسالة بول أولاً"
أخذها منها وهو ينظر إليها بعينين ضيقتين :"اتعنين أن هناك أكثر من واحدة؟"
ــ نعم , رسالة أبنتك.
جمد مكانه غير مصدق :"هل كتبت مونيك إليك أيضاً؟"
انتظرت بقلق ريثما قرأ الرسالتين . لابد أنه وصل فى رسالة مونيك إلى الجزء المتعلق بـ هالى لأن رأسه أندفع فجأة إلى الخلف :"عندما قالت ابنتى إنها ستذهب إلى الكنيسة لتشرح للأب أوليفييه أنك دُعيت إلى باريس لحالة طارئسة لم يكن لدى فكرة أن لديها برنامج آخر تسير فيه"
وبدت خيبة الأمل فى عينيه :"لقد تجاوزت مونيك الحد , هالى . أنا آسف لأنها وصلت إلى هذا الحد فى إستغلال شعورك بالذنب .يبدو أننى لا أعرفها جيداً كما كنت أظن"
فقالت متوسلة :"أرجوك أن لا تستاء منها , فقد احتاجت إلى مساعدة فذهبت إلى شخص تثق به"
فقال بلهجة الإحباط :"كان عليها أن تأتى إلىّ"
ــ و كيف تفعل ذلك بينما تعلم أنك ستمنعها من أن تزعجنى؟
حدقا فى بعضهما البعض طويلاً دون ابتسام . لم يستطيع أن يجيبها لأنه علم أنها تقول الحقيقة.
ــ أريد أن أخبرك عن ابنتك يا فنسنت . إنها خبيرة بالطبيعة البشرية و أمضت سنوات تدرس نفسيتك . و لا يفوتها سوى القليل جداً .
رقت ملامحه و قال :" أخبرينى عن ذلك"
أرتاحت و هى ترى استياءه خف عن ذى قبل و قالت :"كان الأب أوليفييه على حق . عودتى إلى هنا للمكوث فترة ستثبت لـ بول أننى تلقيت رسالته و الأهم من ذلك أنى صفحت عنه"
فحدق إليها بظرة ثاقبة :"هذا لن ينجح إذا عرف برسالة مونيك"
ــ سأتلف هذا البهان إذن.
و أخذت الرسالتين من يده و سارت إلى المطبخ و تناولت علبة الثقاب من على الرف
ــ دعينى أحرقها بنفسى.
و أخذا ينظران إلى الورق يتلوى فى اللهب . هاتان الرسالتين الغاليتان اللتان حفرتا كلماتهما فى قلبها.
أزال آثار الورق المحترق و هم بأن يرحل . و إذ خافت أن يذهب قالن له متلعثمة :"هل أنت جائع ؟ كنت طهيت لنفسى طبق عجة , كما ترى و يمكننى أن أطهى لك مثله إذا شئت"
و حبست أنفاسها خائفة من النظر إليه . فأجاب :"سيكون هذا حسناً , هذا إذا سمحت لىّ بأن أصنعه بنفسى"
فقالت محاولة أن تبدو غير مبالية :"هذا جميل . سأحضر طبقى من غرفة الطعام و أعيد تسخينه"
عملا جنباً إلى جنب بانسجام . عشقت حماسته فى العمل . فقد كسر فى المقلاة نصف درزينة بيض.
ــ لابد أنك جائع .
حتى ولو أنه خرج ليتعشى مع امرأة فهو كمعظم الرجال لا يزال بشعر بالجوع . و قتلها التفكير فى أنه قادم لتوه من تناول عشاء حميم مع إحداهن
ــ أنا كذلك الآن.
منتديات ليلاس
ما كان يعنى ؟ أن عودتها قد أعادته إلى الحياة ؟ لو أنه يعلم فقط أن إنفرادها به بهذا الشكل يجعلها شاكرة أنها حية.
ــ عندما تحضرين عشاءات عمل بالعدد الذى أحضره تدركين أن الطعام هو آخر شئ تهتمين له . و إذا ما قرر بول و منزيك أن يصبحا شريكى ستأخلى لهما عن العشاءات المتوجه إلىّ , بكل سرور.
ملأها جوابه بهجة :"سيكون من الممتع رؤية الطريق الذى سيختارانه فى الحياة بعد تخرجهما من الكلية"
ــ فلنأمل بأن ما سيختاراته مهما كان سيجعلهما سعيدين
هل ما سمعته فى صوته هو ندم؟ و نظرت إليه بفضول :"لو كنت ستبدأ من جديد , من كنت تفضل أن تكون؟"
ــ مضى وقت تمنيت فيه أن أكوت طبيباً , رجلاً يكرس نفسه لعنل الخير و العناية بالآخرين.
القى عليها نظرة فاحصة :"هل كنت دوماً تعلمين أنك تريدين أن تكونى معلمة؟"
و كانا الآن يأخذان طعامهما إلى المائدة فأجابت :"إلى حد كبير . و على كل حال وجود الإجازات الصيفية غيرها من السفرات المجانية شجعتنى على العمل فى هذا المجال لكن قسم التعليم كان صعباً"
ــ أولادى يرون أنك لامعة الذكاء .
ــ التوائم أذكياء دوماً....كما نقول فى أميركا.
بدا الجد على وجهه:"لقد تحسنت لغتهما الإنكليزية مؤخراً بسبب وجودك قريبة منهما . و تأثيرك عليهما كان من أفضل الأشياء التى حدثت لهما . عندما أتذكر طريقة حديثى معك ذلك اليوم فى شقتى......."
و أمسك بيدها يعتصرها :"أصفحى عنى هالى"
فقالت بصوت مرتجف :"لقد ناقشنا هذا من قبل. لا شئ يتطلب الصفح"
تمنت لو يجذبها إلى أحضانه , لكنه بدلاً من ذلك ترك يدها و عاد إلى طعامه . و لم تعرف هالى ماذا تفعل
ــ الآن يجب أن تعود الأمور كما كانت . لن يقتنع بول حتى يعود كل شئ إلى طبيعته . لماذا لا تأتين إلى مكتبى فى التاسعة صباحاً و سأمنحك العمل؟
تملكتها الحماسة لفكرة وجودها بقربه أثناء النهار حتى كادت تـُسقط الشوكة من يدها.
ــ أظن ذلك سيكون للأفضل.
كل شئ يفعله يزيد من حبها له.
ــ عندما سأرى مونيك أثناء الإفطار سأطلب منها أن تخبر الأب أوليفييه بأنك ستعملين فى تللك الصفوف الإنكليزية
ــ هذا حسن . عندما تتحدث إليها هل لك أن تسألها رجاءاً إن كان بإمكانى أن أستعمل إحدى دراجتيها للتنقل؟
نظر إليها متفحصاً :"إذا احتجت إلى مواصلات يمكنك دوماً أن تستعملى سيارتى"
ــ هذا كرم بالغ, لكننى فى حاجة إلى التمرين . عندما كنت فى طور المراهقة حلمت برحلات المغامرة الكبرى , كنت أتصور نفسى أجول فى أنحاء فرنسا بالدراحة . و وجودى معكم فى هذا القصر المحاط بكروم العنب الرائعة يـُظهر كأن حلمى تحقق. و لا أريد أن أفقد منه ثانية واحدة.
و ارجف صوتها .
فى الصمت الذى تلا , بدا و كأن تغيراً طرأ عليه, فقد توتر فكه بشكل ملحوظ :"أتعنين أن رغبتك فى تعليم الفقراء فى العالم الثالث تناقض رغبتك فى العيش برفاهه"
كان غضبه مذهلاً ما جعلها تجفل حذرة . كانت قررت أن تخبره بأنها لم تعد راهبة غير مكرسة , و بالتالى و بالتالى لن تذهب إلى أميركا الجنوبية. وكانت تنتظر الوقت المناسب . و قد جاء الحديث بشكل طبيعى.
لم تكن هالى ساذجة فهى تدرك أنه يرأها جذابة و عين الرجل لا تكذب . و لكن , حتى لو أخرجنا بول من المعادلة ربما هذا الانجذاب يعود إلى انها تمثل له ثمرة محرمة.
ماذا لو ظن انها تخلت عن الحياة الدينية لأجله؟ عندما يعلم أنه بإمكانه أن يقطفها عن الشجرة و ينال كل ما يريد , ألا يفقد كل رغبة فيها؟
كان من المفروض أن يكون فى حياته امرأة أخرى لتصبح السيدة رولاند الثانية , لكن ذلك لم يحدث حتى الآن , و يبدو أنه راضٍ عن حياته كما هى الآن.
لو انه كان أرسل إليها رساله مع رسالتى ولديه ....أو لو انه حاول ان يتصل بها تليفونياً نيابة عن ولديه ....لو أنه أظهر أى دليل على رغبته فيها , لما تملكتها هذه الشكوك الآن.
كانت مشاعرها من العنف إلى حد خافت معه من إخباره بأنها لم تعد راهبة مكرسة , خافت أن ينتهى الأمر بها إلى أن تعترف له بحبها . و إذا لم يكن يبادلها مشاعرها هذه , سيكون فى ذلك دمارها .
اندفع واقفاً فجأة مبتعداً عن المائدة , نظرت إليه مجفلة فتملكها الذهول بينما كان يقول لاهثاً :"المعذرة هالى ليس لىّ الحق فى التحقيق فى مستقبلك يكفى أنك عدت لتساعدى التوأمين فى تكيفهم مع المجتمع"
نظرت إليه وهو يتخلل شعره بيده ثم يقول :"انتبهى! رسالة مونيك هى خطة يائسة لتبقيك فى حياتها. إنها شغوفة بك"
فقالت :"وانا أيضاً مجنونة بها"
ــ لم أكن أظن قط سأقول هذا , هو أننى آمل أن تلتقى مونيك هذا الصيف بشاب يكون من الأهمية لديها بحيث يخفف وجوده من ألم فراقك حين ترحلين .
و صرخ قلبها ! و هل ستشعر أنت أيضاً بالألم لرحيلى؟ أخبرنى يا فنسنت!
ــ سأخرج الآن فقد تأخر الوقت و انا واثق من أنك متعبة بعد رحلة القطار هذه.
و سرعان ما أصبح بخطواته الواسعة عند الباب الأمامى و من ثم خرج مغلقاً الباب خلفه .
تلهفت ,أكثر من أى شئ فى العالم إلى أن تناديه ليعود فيخبره بما فى قلبها....لكنها لم تجرؤ.
كانت تنتظر دليلاً.
و ربما سيأتى هذا بعد أيام قليلة .


زهرة منسية 04-10-13 10:33 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

ــ جدى هل أنت مسيقظ؟
و كانت الغرفة مظلمة :"لا.أدخل"
كان جد فنسنت مستلقياً فى سريره المزدوج يستمع إلى الراديوو كانت هذه عادته قبل النوم بينما بوريغار الكلب نائماً بجواره.
رفع الكلب رأسه و أصدر أنيناً خفيفاً تعبيراً عن ترحيبه , ثم أنزل رأسه ثانية.
أشعل العجوز المصباح بينما جذب فنسنت كرسياً إلى جانبه و تفحصته عينان سوداوان حكيمتان :"منذ 18 عاماً جئت إلى هذه الغرفة و أخبرتنى بأن أرليت تريد أن تـُجهض الجنين و انك تريد منى العون فى منعها و الليلة فى وجهك ما بنبئ بأنك تريد العون مرة أخرى . و لكن هذه المرة بشأن هالى لين , إذا لم أكن مخطئاً"
أومأ فنسنت :"لقد عادت الليلة إنما مؤقتاً"
بعد أن أخبر جده عن الرسالتين قال العجوز :"لسوء الحظ ليس هناك محام فى العالم يمتعها م أتصبح راهبة"
فصرخ فنسنت بألم :"أتظننى لا أعلم هذا؟"
أمسكت الأصابع البارزة العقد و التى أشتغلت بالكروم عشرات السنين بذراعه :"أهدأ لحظة . قلت ليس هناك محام , لكن بإمكان رجل تحبه أن يفعل ذلك!"
غطى فنسنت وجهه بيديه بينما تابع الجد يقول :"حب هالى لولديك أعادها إلى سانت جينز , فهل من المستحيل أن تعتقد أنها ربما تحبك أنت أيضاً؟"
ــ و لكن هل سيكون ذلك كافياً لإقناعها بالتخلى عن رسالتها الدينية لا أستطيع أن أحتمل رفضها لىّ إذا حدث.
ــ و ما هو الفرق بين جهنم تلك وجهنم التى تعيش فيها الآن؟ هل ستبقى هكذا مشلولاً بإنحراف و إثم إرليت فتخسر أعظم فرصة للسعادة يتمناها أى رجل؟
ــ ليس هذا فقط.
ــ أنت تتحدث عن بول
فأندفع فنسنت واقفاً :"لقد أصلحنا كل ما بيننا و لكن إذا كانت لديه أية فكرة....."
ــ أذهب إليه إذن و أخبره بما تشعر به .
ــ لا يمكننى الإقدام على هذه المغامرة,
نظر إليه الجد بحزن:"آسف لأننى لا أستطيع فعل شئ لأجلك"
ــ بل تستطيع....ابقى حياً لأجلى.
و ترك فنسنت جده و هبط إلى الردهة متجهاً إلى إحدى غرف الجلوس حيث يستضيف الزائرين الذين يأتون إلى القصر للبحث فى الأعمال و كانت إنفيج تحرص على أن يكون المكتب نليئاً بكل أنواع الضيافة.
آخر مرة أحتفل فيها فنسنت هى الليلة التى علم فيها أن إرليت لن تستطيع أن تسبب له و لولديه أى ضرر مرة أخرى فبلغ به الفرح أن اصبح لديه سبب للاحتفال .
أما الليلة فهو سيلجأ إلى ما يحو ألمه لعدة ساعات .
صعد إلى غرفته متلهفاً إلى أن ينسى
بعد عدة دقائق دخل بول إلى غرفته فجأة و كان ما زال فى ملابسه .
ــ ظننتك نائماً منذ وقت طويل.
ــ لم يكن الجد بحالة صحية حسنة بعد العشاء , فذهب إلى السرير مبكراً و هذا أقلقنى
لم يعلم فنسنت بهذا لأنه كان يتعشى خارجاً فى سان إميليون :"كنت معه لتوى فلم يقل كلمة بهذا الشأن"
كان بول يقف و يداه فى جيبه فقال:"أعلم هذا , تبين أن ما شعر به مجرد عصر هضم و قد أعطته إنفيج دواء قبل أن تأتى أنت إلى البيت . ومنذ فترة قصيرة قررت أن أطمئن عليه ثم أخرج الكلب فى نزهة و إذا بىّ أسمعكما تتحدثان"
التهب وجه فنسنت و عنقه
ــ لماذا لم تدخل و تخبرنا بوجودك؟
ــ لأننى أكتشفت شيئاً كنت اشتبهت به منذ اللحظة التى احضرت فيها هالى إلى المستشفى . من الواضح أنكما كنتما تكافحان اجذابكما إلى بعضكما البعض منذ البداية"
قال بول هذا و هو يهز رأسه متابعاً :"رأيت ذلك و شعرت به لكننى لم أشأ أن أصدقه لأننى أنا الذى عرفت هالى أولاً"
منتديات ليلاس
لم يكن فى العالم ما يكفى للتخفيف من الألم الذى تملك فنسنت:"بول....."
فقاطعه :"لا بأس , لأن هالى لم تعتبرنى قط أكثر من أخ. و قد تصرفت كأبله لأجلها , لكن كل ذلك أصبح من الماضى الآن. هذا ما أريد أن أخبرك به . فى الليلة التى جاء بها الفتيان لزيارتى فى القصر , أخبرنى لوك فيما بعد أنه رآكما أنت و هالى منجذبين نحو بعضكما البعض . و لم يكن هذا بالخبر الجديد بالنسبة إلىّ بابا....إذا قررت هى أن لا تدخل الدير , أتمنة أن يكون مصيركما معاً . لماذا تظننى كتبت لها تلك الرسالة؟ كنت أكيداً أنها ستأتى فى نفس الليلة إلى سانت جينز فى نفس الليلة لأنها لا تستطيع الابتعاد عنك"
ــ و أنا أيضاً واثقة من أن هذا هو السبب بابا .
فأجفل فنسنت و هو يرى أبنته قد دخلت الغرفة. و تساءل كم من الوقت أمضته فى التنصت عند الباب.
ــ لقد كتبت إلى هالى رسالة أنا أيضاً , و لكن ما كانت لتستلمها قبل هذا الصباح. كيف أعتبرتما أنها لن تنتظر يوماً آخر قبل أن تستقل القطار التالى؟ أنا فسى أرى الأمر محيراً و لو كنت الأم المقدسة لأخبرت هالى أنها ليست قادرة على تأدية القسم و لن تكون كذلك أبداً.
كان الأمر محيراً.......محيراً تماماًّ!و تساءل فنسنت عنا إذا كان المهدئ الذى تناوله هو المسؤول عن كل هذه الخيالات و الهلوسة التى جعلته يرى التوأ ميت و قد منحاه الإذن بتعق هالى.
ــ أنتما متلائمان تماماً يا أبى .
فقال بول:"و أنا موافق على هذا"
ــ هل الأمر كذلك إذن ؟
و وضع فنسنت ذراعيه حزل ولديه و سار معهما إلى الردهة :"أننى أحبكما و أقدر كل ما قلتماه لكن الواقع يبقى أن هالى ليست حرة , ومهما بدا لنا الأمر ربما هى لا تريد ذلك و هذا لأسباب لا نعلم عنها شيئاً"
سمرته مونيك بإحدى نظراتها الجرئية :"لكنك ستتحدث إليها و تعرف الأمر"
ــ فى الوقت المناسب .
فهزت رأسها :"عليك أن تحدد الوقت بنفسك"
ــ أستمع إلى دومنيك فهى تعرف ما تتحدث عنه"
نصحه بول بذلك و قد بدا هنا أنه الأب أكثر مما هو الأبن و هو يتابع :"فإذا أنت انتظرت ربما تستقل قطاراً آخر فتفقدها إلى الأبد"
بعد أن ذهب كل إلى سريره بقى فنسنت مستيقظاً . ذلك أن تحذير بول له وضع الخوف فى نفسه .

نهاية الفصل التاسع


زهرة منسية 05-10-13 06:44 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
10 - مــــجــــرد بـــــدايـــــــة....


كانت هالى مستيقظة منذ الخامسة صباحاً منتظرة أن تحين الساعة التاسعة لتكون مع فنسنت.
فكرت فى أن من المستحست أن تسير إلى المدينة لترى الأب أوليفييه . و عندما يعلم الكاهن أنها تخلت عن خطتها فى أن تصبح راهبة , فقد يتحفظ بالنسبة إلى تعليمها مجموعة من الفتيات اللغة الإنكليزية . و هى لا تلومه لو فعل هذا .
ومهما حدث فلن تطول زيارتها . ستعود إلى التوأمين قبل أن تقدم طلباً للحصول على عمل.
فى السادسة و خمس دقائق غادرت الكوخ . إنها تعشق الصباح الباكر و كانت مسرورة بخروجها . وكان الجو دافئاً فى الخارج و هذا يعنى أن النهار سيكون حاراً . و الآن هو الوقت المناسب لشئ من الرياضة.
صعقها جمال وادى دوردونييه مع كل خطوة من خطواتها.....الأرض العرائش الحشائش الغزيرة وكان الجو عابقاً برائحة الفاكهة .
ما اجمل أن يكون الإنسان حياً ! كان فنسنت هو السبب فى فرحها بالحياة , لقد جعل كل شئ فى حياتها مثيراً ذا قيمة .
هل هى الصدفة أم المصير الذى أحضرها إلى فرنسا ؟ أرادت أن تعتقد أنه الأخير . عندما ناضلت ضد الحضور إلى هنا , لم تكن تعلم أنها ستقابل رجلاً مثله ؟ أنه أكبر من الحياة , ومع ذلك كان واقيعاً بشكل رائع.
سيملأ حب فنسنت عواطفها بشكل كبير لم يستطعه أحد قبل.أن تكون زوجته,أن تنجب منه طفلاً.....
تملكتها هذه الأحلام حتى أنها لم تنتبه إلا و هى تصل إلى الكنيسة . عندما اقتربت من الباب الخارجى رأت الكاهن قادماً نحوها من آخر الطريق و تحت إبطه حزمة و فى يده الأخرى ترمس .
لوح لها بيده :"صباح الخير."
بادلته التحبة و أمسكت بالباب مفتوحاً ليدخل .
ــ أدخلى معى إلى مكتبى و شاركينى فطورى,
و بعد دقيقة كان يقدم لها قطعة خبز و فنجان قهوة , و أوضح لها أن مديرة منزل كاهن اوبرشيه تصنع ألذ شراب فى سانت جينز .
نظرت إليه و هو يغمس الخبز فى الشراب الساخن قبل أن يرفعه إلى فمه,ثم يستند إلى الخلف ليستمتع به :"و الآن أخبرينى ما هو المر الطارئ الذى جعلك تعودين إلى باريس"
بقى يمضغ خلال حديثه. الشئ الوحيد الذى تفض به إليه هو حبها لـ فنسنت . و عندما انتهت حدق الكاهن إليها لحظة قبل أن يبتسم قائلاً :"من الواضح أن لديك أشياء أخرى هامة فى حياتك تريدين أن تقومى بها . أحدها هو مساعدة مجموعتى الصغيرة فى لغتهم الإنكليزية . سأنتظرك يوم الأربعاء عند الساعة السابعة مساء"
فلمعت عيناها :"شكراً يا أبى"
و نهضت واقفة :"و الآن الأفضل أن أعود إلى القصر . إننى أتدرب لأجل وظيفة جديدة و لا أريد أن أتأخر"
ــ سأسير معك إلى الخارج , الجو أجمل من أن يبقى الإنسان بين الجدران
ــ أوافقك على هذا .
خرجا من الكنيسة فى الوقت الذى شاهدا فيه الرجل الذى كانت تحلم به يتقدم نحوهما من موقف السيارات . كان حقاً أروع رجل عرفته ! و خفق قلبها بعنف .
منتديات ليلاس
ناداه الكاهن محيياً :"مرحباً فنسنت . إذا كنت قادماً لأجل هالى فقد انهينا حديثاً و هى جاهزة للعودة معك"
رد فنسنت التحية للكاهن . و لكن هناك خطب ما , شعرت بذلك من تصلب جسده و أخذ يتفحصها بقسوة :"لقد أحضرت موتوسيكل مونيك إلى كوخك هذا الصباح . أدهشنى أنك لم تكونى موجودة"
زمت شفتيها :"آسفة. شكراً لإزعاجك نفسك بإحضار الدراجة سأستعملها من الآن فصاعداً"
ربت الكاهن على ذراع فنسنت :"كانت هالى قلقة من أن لا أسمح لها بالتعليم بعد أن عادت عن قرارها بأن تكون راهبة مكرسة . لكننى أخبرتها بأن الكنيسة ترحب دوماً بمواهبها"
و فجأة سمعت هالى فنسنت ينطق بأسمها بصوت منخفض . و لمعت عيناه حتى أصبحتا كشعلتين من اللهب.
لقد شاع الخبر الآن . وهى لا تستطيع استرداد الكلمات كما أنها لا تريد ذلك.
ــ هل تركت عملك فى البرنامج الخاص بالراهبات؟
كان صوته العميق غير ثابت و اكتشفت أنه أنه وقتاً طويلاً ليسمع مثل هذه الكلمات . ربما طوال الوقت الذى كانت تريد فيه أن تنطق بها .
أومأت خائفة من أن تتكلم قبل أن يصبحا وحدهما.
ــ فلنذهب إذاً.
تملكتها البهجة لهذه الكلمات الملحة , فتمتمت تودع الكاهن ثو توجهت نحو السيارة و لم تجرؤ أن تدع فنسنت يلمسها .
بعد ثوان كان يجلس خلف عجلت القيادة . لم يقل شيئاً و بدلاً من ذلك أمسك بيدها و رفعها إلى شفتيه .
أدار المحرك دون أن يترك يدها ثم خرج بالسيارة من المدينة . أدركت بالضبط إلى أين يأخذها . كان شوقها إليه بالغاً للغاية و فى اللحظة التى توقفت فيها السيارة عند ضفة التهر جذبها إلى ما بين ذراعيه هامساً بأسمها بعنف و هو يحيط رأسها بيديه . شعرت بأنفاسه الدافئة على وجهها فتملكتها مشارع حلوة و رقيقة .
ـــ فنسنت....
كانت مشاعرهما تتناثر فى أنحاء الكرم على ضفاف النهر ...و لم يعد للزمن أى اعتبار .
إنها اللحظة التى خلقت لأجلها....و انتظرتها على الدوام.


زهرة منسية 05-10-13 07:02 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

عانقته متلهفة إلى أن تـرى هذا الرجل الساحر ما يعنيه لها.
أخذت تهمس له مرة بعد مرة :"أحبك....يا حبيبى....لا يمكنك أن تتصور مقدار حبى لك"
ما أروع أن تشعر بالحياة مرة أخرى,و أن تشعر بأنها محبوبة . كانت واثقة من أنها لن تشبع أبداً من حبه.
و دفن فنسنت وجهه فى شعرها :"أنا أحبك يا هالى , أحبك بعمق و إلى الأبد و بالنسبة إلىّ فقد أديت لتوك قسمك النهائى لىّ و ليس ثمة عودة عنه , أنى بحاجة بالغة إليك"
و اهتز صوته و هو يعترف لها بمدى حبه.
ــ أريد أن أكون ملكك و لهذا عدت. لا حياة لىّ بدونك منتديات ليلاس
ــ هالى......هالى....
و أضاف :"لم أحلم قط بأننى سأصادف حب حياتى فى اللحظة التى يقف فيها ولدىّ على عتبة سن الرشد . لم يخطر لى قط أنه سيحدث ذلك الآن . أنظرى إلى كيف أرتجف كتلميذ مدرسة . إنك أعدت إلى الشعور بالصبا . لم أعد أعرف نفسى , ضمينى مرة أخرى لأعلم أن هذا حقيقى"
أطاعته هالى بكل مشاعرها ....فهو حياتها....إنه الفردوس و هى بين ذراعيه فى هذا المكان الرائع الجمال.
قال :"أننى مستاء من أبنى لشئ واحد و هو أنه لم يعرفنا إلى بعضنا البعض منذ أول يوم ذهبت لزيارتهما فى باريس . و هكذا خسرنا أشهراً من الحب و الحياة"
ــ أعلم هذا , فقد فكرت فيه أنا أيضاً و أفكر فه الآن. أنت تعلم أننا سنعانى من الآلم أكثر عندما نخبر بول أننا نحب بعضنا البعض.
و لم تفهم حين صدر عنه صوت ينم على الفرح :"يا حياتى , كنت من اللهفة بحيث لم أتذكر ما يجب أن أخبرك به"
فرفعت وجهها إليه:"ما هو؟"
ــ لقد منحنا بول مباركته.
هزت رأسها غير مصدقة :"متى؟"
ــ الليلة الماضية .
و أخبرها عن حديثه مع ولديه بعد خروجه من الكوخ . و كان ارتياحهما دون حد . لكنها ما زالت متشككة :"هل رضى حقاً بذلك؟"
ــ أنا أتفهم الصدمة التى تشعرين بها فقد عانيت مثلها. لكنه بدا صادقاً . لقد نضج بول حقاً , فقد رأت ضوءاً فى عينيه فعلمت أنه يريدنا أن نكون معاً .
ــ أوهت ....فنسنت....لم أشعر بمثل هذه السعادة فى حياتى قط . أنا أحب ولديك و أحب أن أعيش معهما دوماً و هما يحبان أباهما . لقد جعلانى أحبهما. كل ما كان على أن أفعله هو ان أتعرف غليك. اشعر بأننى غارقة فى حبك.
تنهد مبتهجاً :"طوال الوقت الذى كنت تعنفيننى فيه فى شقتى كنت أشعر بأن مشاعر عميقة تتكون فى أعماقى .كنت تواجهيننى بحقائق لا تقبل الرفض غير آبهة بغضبى . هزمتنى و جذبتننى إليك حتى شعرت بأن حياتى لن تعود أبداً كما كانت. و لو ان بول لم ينته فى المستشفى للحقتك تلك الليلة لأعتذر لك . و ما كنت لأقبل أن تبتعدى عنى قط.
ــ أنا أخجل من القول إننى لم أشأ أن أبتعد عنك أنا أيضاً . و رغم الأزمة مع بول , عندما رأيتك تنتظرنى خارج متجر تاتى أقسم بأن ساقى أخذتا ترتجفان من فرط التأثر .
قالت و هى تحدق فى عينيه :"لكن اللحظة الحقيقة كانت عندما دخلنا المزرعة و قفزة مونيك من السيارة و ركضت لتستقبل الجد . فأخذت أحدث نفسى بأن كل هذا يبدو و كأننى أعود إلى بيتى . فخرجت من السيارة و أخذت أسير بين العرائش لأنها بدت لى مألوفة"
ــ كما كانت تبدو لى؟
منتديات ليلاس
ــ نعم .
ــ تملكنى نفس الشعور و أنا أراك تتجهين نحو أسرتى فانحبست أنفاسى و أنا أتصورك موجودة هنا دوماً طوال حياتك . كانت لحظة فاصلة بالنسبة إلىّ....ولداى و هذه المرأة الرائعة التى أحضراها إلى البيت . إذا كنت لم أعرف هذا , حينذاك فأنا أعرفه الآن. إنها قوة أعظم منا جميعاً هى التى خططت للقائنا هالى.
أومأت و هى تعود فتدفن وجهها فى كتفه مرة أخرى, بينما عاد هو يقول و جسمه يرتجف بالمشاعر :"أننا بحاجة إليك حبيبتى , حتى الجد الذى كان لك تأثير على حياته بشكل لا يمكنك أن تتصوريه . إن عيد ميلاده هو فى الثانى من تموز . هل نجعل هذا التاريخ يوم عرسنا؟ سيكون هذا أعظم هدية يمكن أن نقدمها له. لقد ساعدنى فى حياتى التى كانت مليئة بالمخاوف. إننى أريد أن أقدم إليه الشئ الذى يوفر له السعادة و السلام فى شيخوخته , و هو الزواج بك"
فصرخت :"ما أجمل ما تقوله ! فكل ما أريده أنا يا حبيبى أن أكون زوجتك . أريد أطفالك"
أجابها :"هذا ما كنت أفكر فيه"
فأعتدلت فى جلستها :"فنسنت ؟ هل أنا أستعجلك بشئ؟"
فأنفجر ضاحكاً :"تستعجليننى ؟ ألا تعرفين أننى رأيت فى الخيال طفلين أشقرين يركضان خلفك بصعوبة فى الكرم؟"
فأشرق وجهها :"طفلان؟"
ــ نعم, إنجاب التوائم هو تقليد فى أسرة أمى.
ــ أنت تمزح! أتساءل ماذا سيكون شعور بول و مونيك بالنسبة إلى ذلك؟
ــ هل نعود إلى البيت و نسألهما ؟ لا شك أن أبنتى ستخبرنا بالضبط عما تفكر فيه. و فى الواقع سترغب فى أن تخطط لحفلة الزفاف بنفسها . هل لديك مانع؟
قالت ضاحكة:"أنك أذكى من أن تسألنى هذا السؤال , لا أستطيع أن أتصور شيئاً أروع من هذا . لقد كانت تخطط لكل نزهاتنا , و كل شئ كان يسير دون عائق . لقد خُلقت للقيادة مهما كان عملها فى هذه الحياة ستكون فى مركز القيادة"
بدت على فمه الجميل ابتسامة كسولة :"هذه هى ابنتى! أما المعجزة حقاً فهى أنك تعرفينها و تفهمينها جيداً . إنها دقيقة جداً بالنسبة لأختيار الأشخاص الذين تدخلهم حياتها "
ــ هل هذه أحد الأسباب التى أبقتك دون زواج؟
ــ لا ثمة سبب واحد ابقانى دون زواج...كنت انتظرك.
ــ فنسنت.....
عندما سمعا صوت بوق سيارة فنظر إلى الخلف:"لقد أبتدأنا نجذب اهتمام الناس هنا . فلنذهب إلى الكوخ حيث نكون وحدنا . رغم حبى لهذا المكان , إلا أنه ليس المكان المناسب"
و بتأن بالغ أبتعدت عنه , و إذا لم تجد مرآة نظرت إلى زجاج مقدمة السيارة لتنظر إلى نفسها و تحاول أن تصلح مظهرها , و إذا بها تشهق و هى ترى مقدار توهج وجهها.
تحرك فنسنت بالسيارة لكنه لم يبعد نظره عنها :"فى حال لم أخبرك بعد , انا اراك رائعة الجمال , من الداخل و من الخارج"
أمسكت بيده و لم تتركها طوال رحلة العودة .

زهرة منسية 05-10-13 07:06 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

عندما دخلت سيارتهما من بوابة المزرعة كانت الساعة قد تجاوزت الثانية . رغم أنهما أمضيا ساعات عند النهر إلا أنها مع فنسنت بدت لها لحظة صغيرة , ومع ذلك هى مجرد بداية.
عندما أقتربا من القصر رأت حركة فى الفناء :"إنهما التوأمان....إنهما يركبان الموتوسيكل , يا لهما من مراهقين نشيطين! لابد من أنهما أدركا أنك ذهبت للبحث عنى"
ــ لقد انتظرناهما لفترة طويلة , أليس كذلك؟
و التفتت إلى فنسنت :"آسفة لذهابى إلى الكنيسة ما أفسد خطتك لأجلنا نحن الأثنين."
وضع يده على يدها :"أنا لست أسفاً . لو أنك لم تذهبى لرؤية الكاهن ربما كنت ما أزال أحاول أن أنتزع منك اعترافاً بحبك لىّ "
ــ ما كنت تحتاج لأستعمال القوة . بعد وجودى معك الليلة الماضية أصبحت أضعف من أن أستمر فى صمودى طويلاً .
ــ جميل أن أسمع هذا لأنه يبدو و كأن التوأمين قد فرغ صبرهما ليعرفا ما إذا كان ثمة شئ هام يحدث بيننا . دعينا نتصنع الخرس حتى نصبح فى كوخك.
فهتفت :"فنسنت رولاند.....أنت ماهر فى الإغاظة!"
ــ ماذا تعنين؟
ــ ابنك من أمهر من عرفت فى الإغاظة . وكنت قررت أنه لم يرث هذا منك...لكننى غيرت رأيى الآن.
فنظر إليها بمكر :"ما زال هناك أشياء عنى لم تعرفيها بعد"
أرادت أن تتنفس فلم تستطيع :"لا أستطيع الصبر يا حبيبى"
ــ و لا أنا .
و تبعهما التوأمان إلى الكوخ .
و عندما ساعد فنسنت هالى فى النزول من السيارة , رمقها بنظرة حب ذات معنى .
و هتفت مونيك و هى توقف دراجتها و تهرع إلى هالى :"هالى! كنت واثقة من أنك ستعودين!"
ذاب قلب هالى و هى تشعر بذراعى مونيك حولها . و نظر إليها بول بابتسامة متوترة
و بعد أن تركت هالى أخته أحتضنته بشدة :"بعد أن قرأت رسالتك , كان علىّ أن أعود . لا تقل بعد الآن أنك آسف, فقد أصبح سوء تفاهم خلفنا . إنك و مونيك أعز إنسانين لدى فى العالم . إننى أحبكما"
منتديات ليلاس
ــ و أنا أحبك أيضاً يا هالى . أرجوك أن تقولى أنك ستبقين هنا حتى آخر الصيف.
و تملكته غصة . كان الرجاء فى عينيه كل ما تحتاج إلى سماعه , و لم يستطيع النظر فى عينيها . و قالت :"انا باقية و قد قمت بالترتيبات الازمة لذلك"
ــ هذا هائل.
و عندما ابتعد رأت أن توتره د زال.
وقف فنسنت ينظر إلى ولديه :"أنا مسرور أن هناك من اعتاد على الاستغناء عن هذه الدراجات . فقد استيقظت هالى عند الفجر كعادتها و لم تنتظر أية مواصلات . وقد وجدتها عند الكنيسة تسير فى الأنحاء على قدميها"
ــ أنها نحلة مشغولة دوماً يا بابا.
فابتسم الأب :"أنتما تبدوان كأميركيين حتى لم أعد أعرفكما , هل تغديتما؟"
هز بول رأسه :"كنا ننتظر أن نأكل معك"
أخرجت هالى المفتاح من حقيبتها :"أدخلوا أذن , و سأعد شيئاً للغداء . لقد أطعمنى الأب أوليفييه من فطوره لكن ذلك كان منذ وقت طويل"
و هكذا دخل الجميع , وما لبثوا أن أنشغلوا جميعاً فى إعداد الغداء فوضع توأما فنسنت الفاكهة و الشراب على المائدة بينما أخرجت هالى الكرواسون بالجبن من الثلاجة لتسخينها فى الفرن .
و عندما ابتدأوا بتناول الطعام سأل فنسنت :"هل رأى أحد منكم الجد موريس اليوم؟"
فقال بول:"أنا تناولت معه الفطور و هو فى الكروم حالياً"
ــ هذا حسن . هذا يعنى أنه بخير بعد عسر الهضم الذى أصابه ليلة أمس
أومأ بول وتابع الأب :"كنت أفكر فى الجد و عيد مولده الـ 88 الذى اقترب . أظن علينا أن نعد له شيئاً خاصاً هذه السنة"
أخذ قلب هالى يخفق بسرعة بينما نظرت مونيك لأبيها بحيرة :"لكننا دوماً نقيم حفلة جميلة أجله"
ــ أعلم هذا يا صغيرتى,لكننى هذه السنة أفكر فى دعوة أصدقاء و رجال اعمال من أوروبا و أميركا,
بالإضافة إلى المواطنين هنا.
بدا الاهتمام فى عينى ابنته :"إنك تتكلم عن حفلة أستقبال ضخمة!"
ــ نعم . هل تظن أن الجد سيحب هذا يا بول؟
ــ بكل تأكيد . أحياناً عندما يكون مكتئباً يتحدث عن الماضى حين كانت الجدة لا تزال حية , كانوا يقيمون هنا الحفلات الكبرى.
هذا حسن.تقرر الأمر إذن! علينا أن نرسل الدعوات الأسبوع القادم لأن الثانى من تموز سيطل علينا دون أن ندرى.
فأخذت مونيك تفكر بصوت مرتفع :"سنرسل الدعوات على ورق سميك أسمر منقوش عليه شعار القصر . أما النص فسيكون (نرسل إليكم دعوة من القلب للاحتفال معنا بعيد مولد "بيير موريس رولاند" الثامن و الثمانين)"
و فكرت لحظة :"(من السابعة حتى العاشرة مساء و ذلك فى الثانى من تموز فى قصر رولاند - سانت جينز - فرنسا)"
نظر فنسنت إلى ابنته بعينين تومضان فرحاً بينما بدا القلق و الترقب على هالى.
ــ لدى بعض الأشياء فقط علىّ أن أضيفها يا حلوتى و إلا فهى كاملة
فنظرت مونيك إليه بدهشة :"ماذا يمكن أن تضيف؟"
تحولت عيناه إلى هالى تغرقانها حباً
ــ ذلك بحاجة إلى فاصلة بعد ذكر عيد ميلاد الجد يتبعها ( و زواج فنسنت رولاند بهالى لين من كاليفورنيا , لا هدايا رجاء)
ساد صمت جماعى ما لبث أن تبعن صرخة ثنائية :
ــ بـــــابــــــــا !
نهاية الفصل العاشر

زهرة منسية 05-10-13 07:09 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
11 - الحياة حلوة .....معاً !
قصر رولاند 2 تموز بعد سنتين .

سمعت هالى صخب ابنتها حتى قبل أن تطرق آن - مارى أبنة عم مينو باب غرفة النوم الرئيسية لتقول :"عفواً , يا هالى . لكن كاثرين ترفض النزوا إلا بعد أن تأتى أمها لتقبلها و تقول تصبحين على خير "
فأجابت هى ترش عطراً سأحضر حالاً"
سيبدأ الضيوف بالقدوم فى أى لحظة للاحتفال بعيد مولد الجد موريس التسعين , و فى نفس الوقت تحتفل مع فنسنت بعيد زواجهما الثانى .
كان فنسنت قد ارتدى ثيابه و نزل إلى الطابق السفلى مع ماكس كالدر زوج غابى, للجلوس مع الجد موريس فى المكتب قبل حضور الضيوف.
كانت ترتدى ثوبها الأسود الكريب دى شين بكميه الفضفاضين و فتحة عنقه المستديرة , كان ثوباً بسيط الطراز بلونه و طرازه لكن مونيك التى ذهبت مع هالى منذ أيام للتسوق أصرت على أن هذا الثوب يبدو رائعاً , و أضافت :"إذا رآك بهذا الثوب سيصاب أبى بنوبة قلبية"
و كان هذا تعبير آخر من تلك التعبيرات الأميركية التى كانت مونيك التقطتها أثناء عملها دللة سياحية حول القصر و المزرعة كل صيف . و جعلت هذه الكلمات وجه هالى يحمر خجلاً.
ــ لا أريده أن يصاب بنونة قلبية . أريده أن يبقى حياً إلى الأبد , لأجلى!
و نظرت مونيك بدهاء :"اعرف هذا, كل إنسان يعرفه"
ــ هل أنا سيئة إلى ذلك الحد؟
فكان أن أجابت أبنة زوجها ضاحكة :"بل أسوأ! كلما رأيت أبى يشتد لمعان عينيك كحجرين كبيرين واسعين من الفيروز. لا زوج فى كل فرنسا لديه مثل هذه الزوجة العاشقة. أخاف أن يكون هذا قد جعله مغروراً"
ثم احتضنت هالى و همست لها :"كان أبى بحاجة إلى حبك . لم أعلم قط أنه سيكون بهذه السعادة و فى كل ليلة أشكر الله أنه أرسلك"
ــ وهذا ما أشعر أنا به نحوك و نحو كل فرد فى الأسرة . لكن أباك هو الذى سلب عقلى.
و قد حدث ذلك فى الواقع فى الوقت الذى تقابلا فيه فى شقته فى باريس. و من ذلك الحين أصبحت الحياة حلماً رائعاً تدعو الله كل ليلة أن لا يوقظها منه.
منتديات ليلاس
مرت بالفرشاة على شعرها الأشقر , الذى جعلته أطول قليلاً مما كان ثم أصبحت جاهزة
و لحظة وصولها إلى الممشى أندفعت كاثرين تحيط عنقها بذراعيها الصغيرتين . و أطلقت آن مارى صيحه دهشة قبل أن تضحك الاثنتان
أسرعت هالى إلى غرفة الأطفال و ابنتها ما زالت متعلقة بعنقها لترى أبنها جان - مارك الذى كان يصرخ احتجاجاً لتركه وحده.
التوأمان الأشقران البالغان من العمر عاماً واحداً اللذان أطلق عليهما أسم والد فنسنت و والدة هالى قد شعرا بجو من الإثارة فى المنزل طوال النهار ,لإكثرت متطلباتهما و شقاوتهما .
و مثل مونيك و بول ورث الطفلان عينى أبيهما البنيتين الرائعتين . وذاب قلب هالى لرؤية جان - مارك واقفاً على سريره يبكى و دموعه تسيب على خديه.
ــ لا بأس ماما هنا .
و قبلت قمة رأسه ثم وضعت كاثرين فى سريرها .
و بعد أن قبلتها تحولت إلى آن - مارى :"آسفة إذا تركتك بهذا الشكل , سأدير لهما لعبتهما الموسيقية و هىتعوف أربعة ألحان مرة بعد مرة . إنهما سيهدأن بعد ذهابى . أطفئ النور و أجلسى بقربهما لفترة "
ــ لا تقلقى . الليلة هى لك لتستمتعى مع زوجك.
فأحتضنت آن - مارى :"شكراً لمعونتك . فى مناسبة خاصة كهذه لا أدرى ما كنا سنفعل بدونك"
فى أوقات كهذه كانت هالى تعجب كيف ربى فنسنت أو توأميت له وحده , و رغم أن جدم كان يساعده فإن ذلك لم يكن سهلاً . و أكثر من أى وقت مضى , ادركت عظمة الرجل الذى تزوجنه.
إنه عظيم و رائع من نزاح كثيرة , و بدون نهاية . كما أن لا نهاية لحبها له .


زهرة منسية 05-10-13 07:12 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 

بعد آخر نظرة ألقتها على ولديها الغاليين أسرعت تهبط إلى الردهة ثم إلى الجناح الذى وضعت فيه غابى و ماكس هالى الصغيرة السمراء التى أحضراها معهما .
كان ماكس مجنوناً بزوجته و يعبد طفلته . و منذ حضزرهم إلى سانت جينز و هو يسير فى الأنحاء ضاحكاً على الدوام لأن غابى ستلد ولدهما الثنى فى تشرين الأول.
كانت تسمع هالى الصغيرة تبكى قبل أن تصل إلى جناحهم , و إذا بـ غابى التى كانت تبدو مذهلة بثوبها الحريرى الأسود تخرج و خوف بسيط على وجهها :"مسكينه مينو . لا أدرى إذا كانت ستهدأ أم لا . سيبقى ماكس بقربها حتى يأتى فنسنت و يأخذه"
ــ لا تخافى لأن مينو رائعة مع الأطفال , و كذلك آن - مارى إذا كان ثمة مشكلة ستأتى إحداهما لتخبرنا .
ــ الحق معك.
و تنفست غابى بارتياح وهى تنظر إلى هالى :"هل تذكرين ذلك الوقت فى سان دييغو عندما كنت اعمل فى قرية البنات؟"
ــ و كيف أنسى ؟
وكانت المرأتان تسيرات متأبطتين ذراعى بعضهما البعض نحو السلم الكبير.
ــ لم أكن رأيت من قبل شيئاً أجمل من مظهرك فى ثوب الراهبة ذاك الذى كانت الأم المقدسة اعارتك إياه للتنكر . إنما الليلة على أن أخبرك بأنك متألقة تماماً . كنت على صواب فى أختيارك يا هالى .
و أخذتا تهبطان السلم :"أنا أعرف هذا , فأنا لم أندم أبداً . و كما أخبر الجد مونيك :"الرجل و المرأة ينفذان مشيئة الله عندما ينشئان أسرة جيدة"
ــ إنه على حق.
ــ لو أننى لم أتعرف إلى فنسنت.....
ــ لكنك تعرفت إليه تماماً كما تعرفت أنا و ماكس . أحياناً تخيفنى سعادتى البالغة.
فقالت هالى بصوت مرتجف :"أنت لست الوحيدة فى هذا الشعور"
اتجهتا نحو أصوات الرجال , و فى اللحظة التى دخلتا فيها المكتب , إذا بثلاث رجال طوال القامة فى ملابس السهرة السوداء يلتفتن نحو المرأتين
و إذا بالجد موريس يتوقف
ابتسم الجد لـ هالى :"عندما كانت زوجتى جميلة و حية , كان دخولها إلى غرفة ما يدير رأس كل رجل إليها . فنسنت و ماكس رجلان محظوظان تماما...ً. حتى الكلب بوريغار يظن هذا"
أضاف هذا عندما أخذ الكلب يدور حو المرأتين.
ــ شكراً.
تمتمت بذلك و قد تخلخلت ساقها للنظرة التى رمقها زوجها بها و هو يجذبها قائلاً:"سواء كنت ترتدين البلوزة البيضاء و التنورة أو هذا الثوب الخلاب فأنت تحبسين أنفاسى. إننى أحبك اليوم أكثر من أى يوم مضى . لم اكن أظن قط أن هذا ممكن"
منتديات ليلاس
همس ذلك فى شعرها فكادت تذوب :"أرجو أن تبقى على قولك هذا حين تصبح فى سن الجد موريس"
أطلقها و احاط زجهها المتوهج بيديه و عيناه تشعان حباً :"ثمة شئ عليك أن تعرفيه و هو أن حبى لك أبدى"
فأومأت :"نعم يا حبيبى"
و أحاطت عنقه بذراعيها , غافلة عن كل شخص آخر و عانقته بقوة.
ــ ما الذى يحدث هنا؟
إزاء هذا الصوت الرجولى الرزين سلخت هالى نفسها عن زوجها و استدارت إلى الباب :"بول!"
صرخت بذلك غير واعية حتى هذه اللحظة إلى أن الآخرين قد غادروا الغرفة.
دخل المكتب مع فتاة لم ترها هالى من قبل . لابد أن هذه السمراء الجميلة فتاة عرفها فى بوردو . و بدت الفتاة خجلى قليلاً و هذه فى رأى هالى ميوة حلوة.
ــ بابا , هالى , قبل أبتدأ الحفلة أريدكما أن تتعرفا إلى بريجيت رامبو تعارفنا فى صف الكيمياء.
طوال الوقت الذى كان يقوم فيه بمهمة التعريف كانت هى تنظر إليه بعينين متألقتين . و بدا بول سعيداً مترقباً و أحست هالى بأن لديه شيئاً ليخبرهما به , وأحس فنسنت بذلك أيضاً. و اشتدت ذراعه حول خصرها فجأة . و لكن قبل أن يتمكن بول من قول أى شئ آخر دخلت مونيك إلى المكتب مع آخر صديق لها برنارد . كان فنسنت و هالى قد تعارفا إليه فى بوردو
تركته مونيك و ركضت إلى أبيها تقبل خده :"الا تظن أن خبر بول مثير؟"
شد فنسنت هالى إليه :"وما هو ذلك الخبر؟"
فبدا الجد على وجه بول :"لقد أتخذت قرارى , فأنا سأدرس الطب يا أبى. و هذا الخريف سأدخل الصف الأول"
أستطاعت هالى أن تتصور السعادة التى تملكت زوجها بالإضافة إلى الشعور بالأرتياح لأن بول لن يتزوج الآن . كما أدركت أن على فنسنت أن يبتهج لأن بول وضع الماضى خلفه حقاً و أخذ يتطلع إلى مستقبل رائع.
تقدم زوجها إلى ابنته يحتضنه :"هذا أجمل خبر تقدمه إلىّ يا ولدى"
و تقدمت مونيك إلى جانب هالى :"لدى أنا أيضاً بعض الأخبار الخاصة"
قالت هذا همساً لكن فنسنت سمعها :"آهـ , نعم ؟"
فقالت ضاحكة :"نعم , بابا . فى أيلول سأبدأ دراسة الأعمال و بهذا يوماً ما يمكننى أن أساعدك فى إدارة الشركة"
عندما عانق ابنته نظر إلى هالى بعينين مغروقتين بالدموع فأدركت أنه يتذكر تلك الأحداث العاصفة التى تلت تلك اللحظات المأساوية فى شقته منذ سنتين . لم يكن ليتنبأ أحد بمثل هذه النتيجة .
و علا صوت إنفيج :"انتباه . لوك و سوزيت هنا يسألان عنكما"
ــ نحن قادمان
ترك التوأمان و مرافقاهما المكتب , لكن فنسنت عاد يأخذ هالى بين ذراعيه :"فى الليلة التى أخذا فيها مونيك إلى المستشفى لترى بول أخبرتى أنك مكتملة الأوصاف . ما كنت لأدرى ما أفعل بدونك"
ــ كنت أخبر غابى لتوى بنفس الشئ عنك.
ــ تشبثى بى إذت و لا تتركينى أبداً.
ــ أبداً لن أتركك.
لكنها كانت قد نعهدت بذلك لقلبها فىاليوم الذى أستقلت فيه القطار إلى سانت جينو , كانت متلهفة للوصول إليه....للعودة إلى ذلك الفردوس الأرضى و الرجل الذى كان مقدراً أن يكون مستقبلهما .

زهرة منسية 05-10-13 07:15 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
تمت بحمد الله
قراءة ممتعة لكل الأعضاء و الزوار اللى شرفوا الرواية بمرورهم العطر
و شكرا لكل من ضغط على أيقونة الشكر أو أضاف تقيم أو شارك بمشاركة رقيقة

ريماس مصطفى 07-10-13 11:11 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
لك شو هل نهاية نهى انا كتير سعيدة فيها الملاك هالي ياييييييي روعة تسلم يدك حبيبتي وانشاء الله نستمتع
بمزيد من كتاباتك في المستقبل القريب :Welcome Pills4:

ريماس مصطفى 07-10-13 11:12 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 3 والزوار 6)
‏ريماس مصطفى, ‏مجروح لكن محبوب, ‏Flour Agadir

عبير عمار 08-10-13 11:04 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
رررررررروعه واختيراتك دائما مميزه وايت روايه عليها اسمك اقرئها وانا حاسه اني ساستمتع جدا بها بجدبجد انتي عسل

نجلاء عبد الوهاب 13-10-13 11:16 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
الروايه حلووووووووووووووووووووه كتييييييييير :lol::lol::lol::lol::lol::wookie::wookie::wookie::wookie::wo okie::welcome5::welcome5::welcome5::welcome5::welcome5::welc ome5::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcom e3::welcome3::welcome3::welcome3::tongue::tongue::tongue::to ngue::1HQ05157::1HQ05157::1HQ05157::1HQ05157::thrasher::thra sher::thrasher::thrasher::thrasher:

ندى ندى 21-10-13 01:20 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
تسلم ايدك حبيبتي ووفقك الله

روايه رائعه ومميزه واشكرك على

مجهودك الرائع واختياراتك المميزه

الجبل الاخضر 01-11-13 06:20 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

رنودة الحلوة 02-11-15 09:18 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
الف شكرررررررر

الشاعر الزعابي 15-11-15 02:52 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
مجهود رائع تشكري عليه

فرحــــــــــة 16-09-16 02:32 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
غاليتى
زهرة منسية
قصة جميلة رائعة
سلمت يداكى على حسن وروعة الاختيار
التوأمان فى منتهى الذكاء والروعة
يحق لوالدهم ان يفخر بهم
استمتعت جدا بالقصة الجميلة
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

ريما وليد 21-02-17 04:30 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
MERCIIIIIIIIIIIIIIIIIII

Lodibouhamdan 23-02-17 11:13 AM

شكررررررررااااا لكم

حنان محمد ابراهيم 22-07-17 07:04 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
الرواية اكثر من رائعة تسلم ايدك

paatee 23-05-18 08:26 AM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز ( كاملة )
 
يعطيكي العافيه ياعسل

موكا موكا 18-06-18 11:11 PM

رد: 392 - حب خائف - ريبيكا ونترز
 
جميل جدااا ااااا


الساعة الآن 12:37 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية