منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع (https://www.liilas.com/vb3/t189391.html)

آجر. 23-08-13 07:52 AM

رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



حينما بدأت بالكتابة ، كُنت سيئة ، ذات أسلوب
فاشل مُبتدئ ، كنت أكتب في حُصص التعبير واتلّقى
عبارات الإعجاب من معلمتي ، لم أصدقها ، لأنني لا أحب الكتابة
ولا أظن بأن مستوى كِتابتي بهذه الروعة !
في أحد الحصص ، كتبت قصة واقعية حدثت لي ، قرأتها
زميلة لي وقالت بأن أسلوبي يُشابه الروائي أكثر من القاص !
كانت جملة عابرة بالنسبة لها ، لكنني ظللت أقلبها في رأسي ، لِمَا لا أُجرب ، الكتابة ؟
كتابة الروايات
لهذا بدأت بكتابة أول رواية لي ، مسحتها ، فاشلة ، لا
تُعجبني ، لن يقرأها أحد ، عبرت الأيام
واشتقت لروايتي كثيراً ، كتبتها مرة أخرى ، وعُدت لأمسحها كالبلهاء ، ونفس الأسباب ، تبدو سخيفة ، لن يقراني أحد
لكنني سئمت

سئمت مسح ما يُمكن أن يكون جيداً
طوّرت أسلوبي ، أصلحت قِصتي ، واصلحت ذاتي
ولأول مرة أخبرت زميلاتي عن روايتي ، ردّت فعلهم
أسرّتني كثيراً ، أجبروني أن انهيها ، ولكنني وصلت لمرحلة الإحباط ، كآبة
الكتابة ، شعرت بالفشل مجدداً ، تزعزعت ثقتي
بنفسي على الكتابة ، لكن
لكن هذه المرة أنا من سأجبر نفسي على إنهائها ، لهذا
قررت بأن انشُرها في هذا الموقع ، لأنني ملتزمة بقراري وسأكملها ، بإذن الله ..




اقتباس
" أكتب لأتوازن ، لأفرغ همومي المتكدسة في داخلي .. لأنتهي
منها ولأطردها بعيداً عن نفسي ..
أكتب لأنه من الواجب علي إن أكتب ، من
واجبي تجاه نفسي إن أفعل ..
الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي تعيد إليّ توازني ، استيقظ كل
يوم في حالة تأرجح .. أصحو متذبذباً .. وبعض مني يحلّق هنا ..
وبعض آخر يبحر هناك .. الكتابة تعيد إلي توازني "
* الكاتبة الرائعة / أثير النشمي.





إهداء :
إهداء لصديقات ، عبروا روايتي بسلاسة ،
حملوني عندما سقطت في حُمم سلبيتي ، أناروا طريقي
عندما ضلّني الفشل ، مهدّوا سبيلي حينما
تخلّت نفسي عن نفسي ، أعجُبوا بقلمي بينما
كرهت حروفي ، جنةً هم لي ، لا يعلموا كم
أُقدِر صداقتهم ، واقدِر محبتهم لي ، لن أخون ثقتهم بي
هذه الرواية لكم انتم ..
ملاحظة : الشخصيات والاحداث لا تمت بصلة إلى الواقع فهي مجرد أسماء وتخيلات







-






الجزء الأول.






[ كم عاشق تمنّى قُبلةً ولم ينلّ من عشيقته إلا صفعة ]






أجلسُ على مقعد في أحدى الشوارع ، أبحلق في الناس كالبومة ، هذا يعانق صديقته وذاك يوّدع ذويه ، وتلك تعدو مع طِفلها وتُداعبه ، وأنا أدعو ربي بأن تأتي قبل أن احترق من النار في صدري بدلاً من التجمد من برودة الجو ، شَعِرتُ بالملل فبدأت بتلمس المقعد الخشبي الرطب وأعود لِأنظر لقطرات الماء في أصابعي كالطفل ، أُراقب جريان الماء البطيء على خطوط أناملي، حتى أحسست بها تجلس بجانبي ، لم أعِرها
اهتمام وأكملت ما كنت أفعل ، قبلتني على خدي وأبتعدت وهي تراقب ردة فعلي ، لكنني أبيت أن أتحرك ، ضَحِكَت حتى سمعت المقعد يسخر مني "جميع الرجال على أتم الاستعداد بأن يدفعوا مبالغ الدنيا مقابل هذه القبلة وأنت تتصرف هكذا ؟"




وضعت رأسها على كتفي وانساب شعرها على صدري وشعرت بحرارة أنفاسها على عنقي ، كل هذا دون أي حركة مني.
أظن بأنها بدأت تشعر بالضجر ، اعتدلت في جلستها واستعدت للحديث بينما كنتُ أهيم في عطرها.



: زواج لا يا طارق
صرخت بعنف حتى أنّ حبالي الصوتية أرتجفت من الخوف : ليه لا ؟ وش المانع ؟
أخذت بالمسح على شعري فهذه هي الطريقة الوحيدة لتهدِئتي : ما ينفع أنا وأنت



طارق : أنا أقول ينفع ، خايفة من أهلي ؟ مو مشكلة نسكن أبعد منطقة عنهم
تعقدا حاجباها : وليه أخاف منهم أساساً ؟ أرجوك يا طارق أنا وأنت ما نقدر نتزوج ، اقطع السالفة.
لا أكاد أصدق ما أسمع ! أتُريد أن نستمر في هذه العلاقة المحرمة ؟ أم أنها لم تعد تريدني وشاءت أن

تتخلص مني ؟!





: طيب والحل ؟ اكلمك واسولف معك من جهة وفي جهة ثانية أحس ربي غضبان على اللي أسويه ! أنتِ عارفه أننا بنينا علاقة حرام ؟
زمجرت بي : ليه ؟ أنا مارست معك شيء محرم ؟ أنا بس اكلمك واجلس معك في المكان نفسه ، أستغفر الله.

: طيب أنا أبي أكثر من كذا.

دانه : اللي تبيه مو عندي.
: يعني !
دانه : يعني يا ترضى بعلاقتنا كذا يا نترك بعض.
حملت حقيبتها وسارت مبتعدة عن كتلة اللهيب التي تتأجج في صدري.







مرّت بنا خمسة أشهر لا تخلو من محاولاتي البائسة للزواج ، وكلُ مره هناك رفض وهناك سبب ، حتّى حِرت بأمري "هل هذه طريقتها لأبعادي عنها ؟ هل سئمت مني ؟ هل كرهتني ؟"
اليوم بارد ، هادئ وخالي من الأمطار التي عصفت بنا طوال هذا العام ، ربما حظي مثل هذا اليوم ! ربما.
حملت آخر آمالي وحقيبة دعواتي وارتديت لباس الثقة والمجادلة واستعديت للانطلاق ، مرة أخرى.
لحظة وصولي للمقهى الذي اتفقنا على أن نتقابل فيه ، رأيتها تقف بغنج تعض لسانها ويدها على كتف احدهم ، شعرت بالمرارة والرغبة في التقيؤ ، أسرعت في خطاي حتى وقعت عينها علي ..







لم تتحرك !
لم تبتعد !
لم تحرك ساكناً !!
ألهذا الحد ليس لي اعتبار في حياتها ؟
ألستُ رجلاً كفاية لتخاف من ردة فعلي ؟
ألا أُعتبر رجلها ، حبيبها ، صديقها ، "شيءٌ" ما مرتبط بها ؟








دفعت الرجل بفظاظة عنها ، ثم أمسكت خصرها وجررتها ناحيتي ، حتى يرى هذا الأحمق أنها تخصُني وحدي ولا يحق لأحد الاقتراب منها.
: مرحباً ، من أنت ؟
دانه : طارق لا تصير وقح كذا !!! ، وليد هذا طارق زميلي في الجامعة.
الآن أصبحت زميل ؟ رائع.




وليد : أهلاً تشرفنا ، أنا ماشي عندي مهام لازم أسويها.
رحل الأحمق ، اذهب لعّل سيارة منحوسة تصطدم بك.
: ليه تطالعيني كذا ؟
دانه : ليه تتصرف بوقاحة معه ؟

: اللحين أنا الوقح !! ليه ماسكته ، وشويه وتضمينه ؟
غضبت كثيراً
ربما لم يجدر بي قول هذا ..


لا لا أنا محق.
دانه : انت مو ولي أمري علشان تحاسبني ، وبعدين هو قريبي يعني مثل أخوي
: الله يعطيني شويه من برودك ، أنا الضغط وصل h ، وأنتِ تتكلمين ولا كأن شيء صار !!


دانه : المهم ، وش كنت تبي تكلمني عنه ؟
هل اقتلها ؟ أم أضربها ؟! سأخنقها اقسم بربي أريد خنقها كثيراً ، لِما تحاول دائماً أن تظهرني بهذا المظهر ، عديم الشخصية ، الضعيف ، المسكين ، الطفل.

: طارق ، بتتكلم ولا أمشي ؟
طارق : أبي تنقطع علاقتنا.


يا إلهي !!
ماذا فعلت للتو ؟
ماذا قلت ؟
ماذا حلّ بي ؟
هل حقاً قلتُ هذا ؟
ربما قد تعاطيت المخدرات !





"أنا استخفيت ، لا فعلاً أنا استخفيت"
توّسعت مقلتيها : فيك شيء ؟؟
وضعت ظهر يدها على جبيني لتتحسس حرارتي ، أبعدتها بهدوء ، وأنا أُفسر الغباء الذي قُمت به للتو في رأسي.
: كل هذا علشاني جلست مع وليد ؟ خلاص يا عمي توبه أجلس معه
: لا مو علشان كذا ، أنتِ تدرين علشان ايش !
ضحكت وبدأت بارتشاف قهوتها : أهااااا ، الزواج


ابتسمت من الأفكار الجنونية التي في رأسي : شكراً لاهتمامك
ضحكت فضحكت ثم ضحكت وأنا اضغط على يدي لعّل وعسى استطيع كبح غضبي.
دانه : يعني هذا قرارك ؟
شعرتُ بإهانة ، بوجع ، بألم ، أنا العاشق المُراهق المتيم بها ، أكاد أُدمن وجودها في حياتي ، وهي
تضحك هكذا !



سئمت ، لن أكون التابع لها ، ليكن ما يكن
: للأسف أنتِ اللي خليتيني اتخذ هذا القرار
دانه : مع ألف سلامه

إذاً قراري كان في محله ، تباً لك يا دانه وتباً لي معك
نهضت من مقعدي وأنفاسي بدأت بالتسارع ، احتاج السجائر وإلا سأموت
: طارق






درتُ ناحيتها ، آملاً أن تتراجع عن كلامها واتراجع أنا بدوري
رأيت ابتسامتها الجانبية : أكيد انك قريت كتاب "أحببتك أكثر مما ينبغي" ، الغبي في جمانه أنها دايم تقول بتركك يا عزيز وبروح عنك لدرجة أنها تكون مقتنعة بقدرتها على ترك عزيز في وقتها ، بعدين يمر الوقت وتشتاق له وترجع مره ثانية وزي ما يقول المثل "تي تي مثل ما رحتي جيتي" أتوقع أننا نعيش هذه اللحظة يا طارق صح !






ابتسمت لها : إذا رجعت لك ، أعرفي أن لي سوابق مع المخدرات ، مع السلامة.















يتبع ..



قراءة مُمتعة للجميع ..


أتمنى أن تجذبكم مقدمة روايتي الوليدة ، أعدكم بأن ما ينتظركم سيكون مثيراً للاهتمام
وبانتطار ردوردكم وآراؤكم ..



" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

Kashi 23-08-13 10:00 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
صباح الخير ~
جذبني اسم الروايه ~
بالتوووفيق ❤

طيف الأحباب 23-08-13 10:08 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
بدايه موفقه

اتمنى نشوف الروايه بالمكتمله

ماهو تعلقونا ونتابع وتختفون بنص الرواية

شدني العنوان لي عوده بعد القراءه بأذن الله

آجر. 23-08-13 07:05 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟


- بالتأكيد روايتي خيالية ، لكنها تُلامس الواقع ، فأرجو من القُرّاء أن يتذكروا أنها مجرد خيال ولا يتسابقون إلى قول "لا يوجد أشخاص هكذا" ، ولربما تكون واقعية في مكانٍ ما ..

- أرجو من أي شخص يرغب بنقل روايتي بأن يذكر مصدرها ، تقديراً لجُهدي

- ملاحظة : الشخصيات والأحداث لا تمت بصلة إلى الواقع فهي مجرد أسماء وتخيلات.





-





الجزء الثاني









[ هناك فرق
- بين ؟!
- بين الحُب واتباع الشهوات ]





استلقيت على سريري ورائحة السجائر تلفني ، وبجانب رأسي كوب حليب بارد ، انظر إلى الفراغ ..
لا أصدق أن هذه نهايتنا !
لماذا لا تبدو وكأنها تأثرت بانفصالنا ؟ إذن هي حقاً لم تحبني يوماً ، لطالما شعرت بالإهمال منها ، لكنني تعلقت بها لدرجة أصبحت أكذب أفكاري ، لكن السؤال الأهم ، هل أنا مستعد حقاً لنسيانها ؟ لبدء حياتي من جديد ؟
أم أنها محقة ؟ سأعود لأصبح "جمانه" في نظرها ؟




أذكر عِندما إلتقيت بِها ، كل الذي أردته هو أنّ اُعلقها بي حتى أخذ ما أريد واتركها ، لكن أنا من تعلّق بها ، أصبحت اراقب تحركاتها ، اندمج مع حديثها دون أن أفهم ماذا تقول في الحقيقة ، أكثر ما جذبني ناحيتها هي شخصيتها ، قوية ، جادة ، مسيطرة ، لا تأبه لأحد .. هذا مضحك جداً من البداية كنتُ أعلم أنها لا تأبه لأي كائن كان ومع ذلك استمريت في علاقتي معها ظناً مني أنها تحبني !!
كانت منفتحة ، سألتها ذات مره
: انتِ سعودية صح !
دانه : إيه
طارق : أجل ليه .. اشرت بيدي على رأسي مشيراً إلى الحجاب ..
دانه : ههههههه ، أنا نصف سعودية ونصف سورية
طارق : أهااا ، يعني إذا امك سوريه ما تعترفين بالإسلام ؟!!
دانه : هذه حرية شخصية ، بعدين فيه محجبات استغفر الله ..
طارق : صحيح


..


عجيبٌ أمري !
فأنا لم أكن يوماً بهذا الضعف ، الكل يهابني ، الكل يعتبرني الشخصية المهمة ، التي يُسمع رأيها قبل تنفيذ أي قرار ، لكن مع دانه فهي المتحكمه تحركني حيث تشاء ، اشتقت لأنا القديم ، أريد العودة كما كُنت ، هذه الدانه الغبية أخرجتني من طوري ، لكن ..
لن تستمر الأمور على هذا النحو
سألعب لعبتي المفضلة ، لن اخرج من هذه العلاقة حتّى أنال مبتغاي






هذا صوت هاتفي !
: السلام عليكم
طارق : هلا وعليكم السلام والرحمه
: كيف حالك يا بطل ؟
ألن يكف عن مناداتي هكذا يا للإحراج !! : ههههههه بخير ، ما تظن أني كبرت على كلمة بطل ؟
: لا ، طول عمرك بطل بالنسبة لي
طارق : الله يطوّل في عمرك يا عمي
أبو نادر : كيف دراستك ؟
طارق : ماشيه
تحدث بِحماس اتضح في صوته : تدري وش وصلني اليوم ؟
: هههههههههه إيه ، التذاكر
خيبة أمل : شيطان ما يخفى عليك شيء
طارق : جواسيسي يوصلون لي الأخبار أول بأول
أبو نادر : ما راح يقدرون يحضرون خواتك وأمك ، بس أنا ونادر




لا لا أرجوك ، لا أريد هذا المتكبر أن يأتي : أجل نادر بيجي !
بفرحة : إيه ، والله متحمس أكثر مني على الجيّه
بالتأكيد هو متحمس : صح صح
أبو نادر : يالله تبي شيء ؟
: سلامتك سلّم لي على الأهل
أبو نادر : يوصل ، فمان الله

نادر نادر نادر نادر ، أبغض مخلوق في الكره الأرضية ، ذلك المغرور ، الحقيقه انه لم يعترضني بسوء ، لكنني لا افتأ عن كرهه ، أشعر بأن جبينه قد طُبِع عليه كلمة "أكرهني" بخط عريض بشع ، قبيح ، غبي ، قبيح وغبي ..





قبل 26 سنة
حين كانت والدتي تحملني في احشائها ، في سفرٍ ما مع والدي ، أصابُهما حادث ، والدي توفي وقتها لكن والدتي دخلت العناية ، حتّى ولدتني ..
ثم توفيت -رحمها الله - .
أخذني عمي " سلمان " إلى أحضان زوجته "جميله" الجميله كما أحب أن أناديها ، كانت في ذلك العام قد أنجبت هيفاء ، أرضعتني وهكذا أصبحت الابن من الرضاعه ..
كان نادر أخي الكبير ، يرشدني إلى الصواب ، ويعاملني كما يعامل أخواته ، معاملة أنثوية !!
الجميع عاملني معاملة جيدة ، لم أشعر أبداً بالنقص ، الحمدلله ..
حتّى الأطفال أصبحوا ينادوني : طارق سلمان بدلاً من طارق عبدالرؤوف ..
لكن
عندما كبرت واصبحت مراهقاً ، بدأ عقلي بالتشوش ، كُنت أغار من نادر ومعاملة عمي له ، عندما أسمع ادعية عمتي جميله لذلك المدلل ، رغم أنني كنت أتلقى المثل إلا أنني لا أريد أن يكون له نصيب مثلي ، أصبحت طماعاً ، أبعد العائلة عنه ، اخرج إشاعات واتشاجر معه باستمرار ، إلى أن كبرنا على هذا المنوال ..
اتضحت الكراهية بيننا ، نبتعد عن أي نقطة قد تجمعنا في المكان نفسه ، أو ربما أنا فقط من يفعل هذا ..


هذه قصتي ، باختصار.








صباح جميل ، أصوات تداهم الخلايا في جميع النواحي ، أجساد تعدو ، أكواب قهوه تُسكب ، قُبلات توّزع ، صباح روتيني ..
ألتقط طارق بعضاً من حاجياته وصعد إلى سيارته العتيقة وهو ينفث الدخان ، نظاره سوداء ثابته على أنفه الطويل ، معتاد على سماع رسائل الشقية "عفاف" أخته من الرضاعة
"سلام طويرق ، أشقتنا يا دب متى تتصل علي ؟ "
" طق طق ، لو تشوف أمي كيف تتكلم عنك قدام بنات عمي هههههههههههههههههههه"
"طارق جد والله اشتقت لازعاجك في البيت ، أصلاً من زمان مشتاقه لك بس يمكن ، يمكن علشان وقت رجوعك للسعودية قرّب"
"هيفاء ونادر يطفشون"
"يا دب اتصل علي "
"توبه هذه آخر مره اتصل"
"دب"
ارتجل عن سيارته وهو يُعدّل ياقة قميصه الرمادي ، مشى بخطوات ثابته مستقيمة ، اقترب من الهدف "دانه" ..
تجلس مع رفيقاتها كالعادة ، ما أن رأته حتى أطلقت ضحكة ، جَلِس طارق على الكرسي المقابل لها ..
دانه : هاا ، بدلت رأيك ؟!
وقت الشماته : لا طبعاً ، بس حاب أوصل لك نسخة من رسائلك
وضعت يدها على خدها : وش أسوي لك ؟!
طارق : أبد ، بس بشوف عائلتك "الفري" كيف بتتعامل مع رسائل الغزل حقت بنتها .. رمى مُغلّف بني اللون في حجرها
دانه : صدق انك نفسية ، علشاني تركتك رحت تهددني برسائل ؟! يا حبيبي ماتوا !


طارق : ههههههههههههههه ، لا بس طفشت منك قلت نلعب معك وش ورانا ، ترا عندي فيديوهات لك وأنتِ في شقتي
نهض من على الكرسي وترك دانه تحلل الأمور في رأسها



" أية فيديوهات ؟! هالمجنون وش ماسك علي ؟ "












يتبع ..



قراءة مُمتعة للجميع ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 23-08-13 09:48 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟


- بالتأكيد روايتي خيالية ، لكنها تُلامس الواقع ، فأرجو من القُرّاء أن يتذكروا أنها مجرد خيال ولا يتسابقون إلى قول "لا يوجد أشخاص هكذا" ، ولربما تكون واقعية في مكانٍ ما ..

- أرجو من أي شخص يرغب بنقل روايتي بأن يذكر مصدرها ، تقديراً لجُهدي

- ملاحظة : الشخصيات والأحداث لا تمت بصلة إلى الواقع فهي مجرد أسماء وتخيلات.









-






الجزء الثالث







[ طعم الانتقام لذيذ ، لكن حين تطيل
في لعقه تكتشف أن لُبّه مُرّ ]






مرر يده في شعره الأسود "هل أقدر فعلاً على فضحها ؟ كشف جميع أسرارنا ؟ هل أنا بهذه الدناءة ؟ لكنها تستحق ما سيحصل لها "
..






تستمع إلى أحاديث الطلاب وحماسهم للتخرج ، تتظاهر بالإنصات وتفكر فيما سيفعله المجنون بها ، هل يملك فيديوهات تخصها ؟

"أذكر ذات مره أسرفت في الشرب ، وأخذني طارق إلى شقته ، اعتنى بي ولم يمسني بضر ، هل من الممكن أن تكون هذه الليله قد وُثقت في شريط فيديو ؟ بل هي مرات كثيرة أحضر فيها إلى شقته !!
تباً لك يا طارق .. لكن
أنا استطيع أن أقلب الطاولة عليه !!
إذا استطعت تهديده بصور له ؛ فلن يستطيع أن يهددني بشيء البتة ..
يا لغبائي ، نسيت أنني لا أملك له صور إلا وهو معي ، إذا فضحته فسأفضح نفسي معه ، إلا إذا ..
إلا إذا كانت فتاة أخرى !!!
رائع ، أنا أعرف الفتاة المناسبة لهذه المهمة"


التقطت هاتفها واتصلت على ..
: الو
: أهلين فجر
تثاءبت بملل : هلا ، وش تبين ؟
دانه : فجر إذا فضيتي كلميني أبيك بموضوع ضروري
قفز الفضول إلى حنجرتها : أنا أصلاً فاضيه
: متى تجون لكندا ؟ علشان حفل تخرجي ؟
تمتمت : 20 اء ، 19 .. لا لا 20 من هالشهر ، ليه ؟
دانه : لا بس فكرت نتسلى شويه مثل الأيام الخوالي
فجر : توقعتك تبتي ؟ يالله مو مشكله ، مين الضحيه ؟
دانه : شخص اسمه طارق
فجر : طيب يا بنت عمي هههههههه









عَدَت الأيام بسرعة ، الأجواء مفعمة بالسحب ، تارةً تثلج وتارةً تعصف رياح شديدة ..
غدونا نتبادل نظرات الحقد ، ابتسامات ساخرة ، رسائل الكُره ، إشاعات متنقلة من الطرفين ، لا نفتأ نضايق بعض بأي سلاح يقع بين أيدينا ..
تقلصت أعداد صحبتنا ، انتشرت إشاعة "طارق شاذ" ونشرت أنا بدوري أنّ "دانه فتاة ليل" ، الطلاب يتهامزون علينا ، نقع في المشاكل من أبسط الأمور ، لا أعلم أن كان هذا حال العشاق إن انفصلوا !
لكننا بالتأكيد تجاوزنا حدودنا ، غدت دانه تهددني بعمي ، لا تملك شيء ضدي بينما أنا أملك الكثير من القنابل الفتاكة ، لكن ثقتها بدت تُرهبني !






في يوم 6/20 ، قبل حفل التخرج بِأسبوع ، استقبلت عمي وابنته في المطار ، بعد السلام والمصافحة ، جلسنا في أحدى المقاهي نتبادل الأخبار ..
استأذننا عمي قاسم بالذهاب إلى الفندق وتعذّر بتعبه من السفر ، حين بقيت فجر معي


: ايوه ، والاخبار ؟
أمسكت قطعة الكورسان : من طارق ؟
: ههههههههه ، طيب مهدي للموضوع على الأقل !
فجر : وش مسوي لك ؟
دانه : اممم خلينا نقول انه .. ضربتُ الطاولة بغضب .. فضحني في الجامعة كلها ، صار الطلاب كلهم يتكلمون عني ، إني بنت ليل ، تخيلي !!

اتسعت محاجرها : ليه يسوي فيك كذا ؟
دانه : لأنه كان يحبني ، ويبي مني اتزوجه وانا رفضت ، مو من حقي ؟!
مضغت الكورسان ببطء وهي تفكر : ما أتوقع إن المكالمات راح تضره يا دانه




لطالما كُنا شقيات ، أنا وفجر ..
لم تكن تسليتنا مثل البقية ، نخترع ألعاب خاصةً بنا ، لا تناسبنا ، كًنا قويات لا نخاف شيء حرفياً ، الجميع ينفر من تصرفاتنا ، يحاولون أن يبعدوننا عن بعض ، لربما يخفف من حدة جنوننا ، وحين كبرنا ابتكرنا لعبة جديدة أطلقنا عليها اسم "لعبة حوّاء"
نتصل على شُبّان عشوائيين ونبدأ بمحادثات ، تنتهي بعلاقة حُب مزيفة ، نقود ، هدايا ، ثم نهجرهم ..

بدأت هذه اللعبة بالتوّسع ، أحدى الأيام وضعنا فكرة اللعبة في أحدى مواقع التواصل الاجتماعي ، تفاجأنا بأن أحدى الفتيات قامت بالتحدث إلينا ، طالبة مننا أن نحادث حبيبها السابق رغبةً في الانتقام ، يوماً بعد يوم اندفعت الفتيات نحونا بجنون ، حتى أصبحنا نتلقى الطلبات من المتزوجات ، يطلبن مننا أن نختبر أزواجهنّ إن كانوا خوّنة أم لا ، النتيجة معروفة على ما أظن !

انقطعت هذه اللعبة حين تلقيت رسالة ابتعاثي ، لا أعلم إن كانت فجر ما زالت تزاولها ، لكن الأرجح لا ..


: أدري ، المكالمات ما راح تسوي شيء
فجر : طيب ؟؟
ابتسمت لتلك الفكرة التي تأرجحت في رأسي أيام : بننتقل للمستوى الثاني
بحلقت في ، أخذت تزحف ناحية مقعدي : أي مستوى ثاني ؟ ما فيه مستويات !!
: ههههههههههههه ، أنا اخترعت هالمستوى





تاريخ 6/27 ، اليوم الذي يسبق التخرج ..
حضر عمي وعفاف لم أشعر بمثل هذه الفرحة من قبل فإنّ نادر قد تعذّر بالشركة ، هذا أفضل فأنا لا أريد قدومه ..
يبدو أن عفاف متحمسة للذهاب للسوق أكثر مني ، تريد اختيار الـ ( Tuxedo ) ، أما عمي فتكفل بالساعة والحذاء ..
أشعر أن قدماي تطلبان الرحمة ، وعيناي ترجو العفو ، ورأسي يريد الانتحار .. من التسوق
تنقلت عيناي في الملابس بصدمة ، أشعر بأنها ستقفز علي وتأكلني ، يا إلهي كيف تُحب النساء التسوق ؟!



أثناء هذه المعمعة أحسست باهتزاز هاتفي في جيبي مُنبئ عن وجود رسالة ..
ابتعدت قليلاً عن شجار عمي مع ابنته ، أمسكت بهاتفي ووجدت رسالة "WhatsApp" رقم غريب !!



"R u comming to your apartment tonight ?!"
" هل ستذهب إلى شقتك الليله ؟! "



أظن انه صاحبي البوسني "لوك" دائماً يستخدم أرقام غريبة ليراسلني فيها ، لم أفكر في الموضوع وأنا أطبع بأصابعي السمراء "yes" ، أغلقته وحشرته في جيبي المليء بالأوراق التي لا أعلم ما الذي احضرها إلى هنا ، عدت إلى عمي وصراخ عفاف ..





تحركت يمين ويسار كأنها بندول ساعةٍ تالف ، تخطو خطوة وتقف لتفكر ، أراقبها خشيةً أن تهرب ، أو تخذلني وتُبدِل رأيها ..
: ما أقدر ما أقدر ، صعبه
ستبكي الحمقاء ، يا إلهي ساعدني : ما راح يقدر يسوي فيك شيء ، أهله معه !!
نظرت إلي بهلع : أخاف ..
دانه : لا ما تخافين ، ترضين على بنت عمك أنها تنهان ؟
حركت رأسها بسرعة مشيرةً بأنها لا توافق
دانه : تذكري ، شغلي الآلة علشان ما يضيع شغلنا
: طيب طيب
أمسكت حقيبتها وشربت 3 قارورات ماء ، نظرت إلى نفسها في المرآة ، تمتمت بأدعية لم أسمعها جيداً : انتبهي لا يوضح وجهك
همّت بالرحيل وأنا استودعها الله ..




بعد ما انتهينا من التسوّق جلِسنا في أحدى المطاعم للتحدث قليلاً ، حدثتني عن مدى اشتياقها لي ومدى غضبها مني ومدى مللها من نادر وهيفاء ، أما عمي فاكتفى بالصمت والنظر إلي ، أخبرتهم عن حياتي في كندا وكيف أقضيها ، كانت عفاف تمازحني وتغمز لي وهي تردف "عسى ما تزوجت كنديه ؟!" وأظن أن هذا فتح أبواب الزواج في عقل عمي

: إيه والله ليه ما تتزوج يا طارق ؟
وهذا وقته يا عمي : لا ما أبي
عفاف : انت ونادر في وقت واحد ، الله ..
ألن يدعني هذا الأحمق حتى في زواجي ؟ : لا لا ، أنا زواجي لحالي ..
اغلق هذا الباب بعد شد ودفع ، مد وجزر ..



وصلنا إلى شقتي ..
دخلت عفاف وهي تترنح من التعب ، أما عمي انطلق إلى عرينه ورمى جسده على السرير ، أظن انه نام في الحقيقه هه ، سحبت الأكياس من عفاف حاولت أن تمنعني لكن التعب قد "يقتلها" فأذعنت لي وجلست في أحدى المقاعد وهي تتصفح هاتفها ، دخلت غرفتي وأنا ادندن ..







من
هذه
الفتاة ؟؟؟؟؟؟؟؟
بحلقت عيني في صدمة .. أغلقت الباب بسرعة ، تقدمت نحوي وهي تعلق يدها في رقبتي ، لم استطع الحراك حرفياً ، ظللت أُنظر إليها ، أمسكت ذراعها لأتحقق بأنها حقيقة وليست من نسج خيالي ..
بدأت بالتحدث بلغة لم أعرفها .. تسحب رأسي عندما ألتفت لتعيده إليها ، دفعتها عني وأنا أغطي وجهها براحة يدي ، يا إلهي ماذا أفعل الآن ..
ظللت أسألتها "من أنتِ ؟ ، ما الذي أحضرك إلى غرفتي ؟" حاولت بجميع اللغات التي أعرفها ..
فتحت الباب ، طليت برأسي لأجد عفاف تنظر إلي باستغراب !
عدت مجدداً إلى الغرفة ، مسحت على رأسي بتوتر ، ماذا يجب علي أن أفعل الآن !!!
حدثتها بالانجليزية
"أبقي هنا ريثما أعود" ظلت تنظر إلي وهي تبتسم ، أمسكت بذراعها وهززتها بعنف "هل سمعتي يا **** " لم تتحرك ، لا آبه لها ، سوف أجد حل لهذه الـ ******
خرجت من الغرفة ، أمسكت بذراع عفاف بهدوء "لازم تنامين ، بكره الحفل" ابتسمت عفاف وتثاءبت ، أدخلتها الغرفة ، ثم أغلقت الباب ، عدت إلى غرفتي جرياً ، أمسكت بالفتاة وسحبتها معي كفريسةٍ في فم نمرٍ ، خرجنا سوياً إلى الشارع .. أفلتت يدي عنها ، أردت أنّ أسألها من هي ، أي سؤال قد يدلني "كيف حدث هذا !!!"
لم تفارقها ابتسامتها ، قبلتني على خدي وهروّلت متنائية عني ..
حاولت التقاط أنفاسي ، فتشت عن أحدى سجائري ، أشعلت واحدة وبدأت بالتدخين ..
لا بد أنها مزحة من أحدى أصحابي الأجانب ، لا بد من هذا.
بعد دقائق عدت الى الشقة وأنا أجُر أقدامي ، تفقدت عمي وعفاف ، وجدتهما يغطان في نوم عميق ، رميت نفسي على السرير ، رائحة عطرها تنتشر بعنف في غرفتي ..
بدأت أتذكر شكلها ، لغتها الناعمة ، صوتها ..
لو لم يكن أحد معي في الشقة ..
غداً سأحاول أن أعرف من هي ..


لم تصل فجر إلى الآن ، يصيبني إحباط عندما أتذكر كيف كان شكلها قبل أن تذهب ، قلبي يحدثني بأنها جَبُنت وهربت ..
هذا جرس الباب !!
لا بد من أنها فجر ، ركضت إلى الباب وأنا أسابق الثواني ، فتحته لأجد ..
وجهٌ مخطوف اللون ، جسد منكمش ..
: سوا فيك شيء ؟؟؟؟
مشت بعيداً عني : لا
: طيب والفيديو ؟
رمت آلة التصوير علي وهي تصرخ : أتمنى أن ضميرك مرتاح
دخلت الغرفة واغلقت الباب بقوة ..
صدق مجنونة !! الآن يجب علي أن أضيف التعديلات الأخيرة إلى الفيديو ..







التخرج ..

تحممت ، حلقت ذقني ، سرّحت شعري ، أرتديت بدلتي السوداء ، أصلح عمي ربطة العنق ، لمحت بعض "الدويمعات" ، لكن لم أشأ أن أحرجه ، فأنزلت نظري ، قبّلني على رأسي ، "زغرطت" عفاف بشكل مضحك وهي تبكي ..


ارتدى عمي بدلته الرمادية ، بدا كأنه من تجّار المخدرات الأمريكيين ، سيغضب كثيراً حين يعلم بأنني أشبه هكذا ، أما عفاف ارتدت حجابها وملابس ساترة ، كم أنا فخوراً بهذه الصغيرة ..
انطلقنا إلى الجامعة ، لم يخلو الطريق من توصيات عفاف ، كيف امشي ، كيف اضحك وأبتسم ..
حين وصلنا ، بدت لي الجامعة وكأنها قاعة أفراح !!
الطالبات بفساتين مزكرشة ، ألوان قبيحة بعض الشيء ، والطلاب بدلات رسمية مرتبة ، أنا متحيّز لأبناء آدم ..


جلس عمي وعفاف في المقاعد المخصصة لهم ، أما أنا ذهبت لارتدي "عباءة التخرج والقبعة" ووقفت مع زملائي الطلاب ..
بعد الترحيب ، وكلمات طويلة مملة ، نام بعض الحضور منها وبعض الطلاب أيضاً ، بدأ التكريم ..

اسم بعد اسم

فلان بعد فلانه

طالبه بعد طالب

حتى أتى دوري ، يا ربي لم أكن متحمس يوماً بقدر حماسي الآن ،


تاريك أبدو الراؤوف الأزام
"طارق عبدالرؤوف العزام"


بدأ التصفيق حاراً ، هذه فائدة تكوين الصداقات ، نظرت إلى عمي رأيته يمسح دمعته وعفاف تمسك بالكاميرا وترسل لي قبلات في الهواء ، شعور جميل عندما تعلم بأنك السبب بهذه الفرحة ، تعلم بأنك السبب في هذه الدموع والابتسامات ، عندما تعلم بأن والدك فخور بك ، تمتلكك الرغبة بأن تظهر بأجمل حال أمامه ، إن تجعل من نفسك محل ثقة له ، فقط إن كان لديك أب يفتخر بك ..
لكن أنا لدي عمٍ يفتخر بي.



عدت إلى مقعدي وأنا أشعر بنشوة غريبة ، فرحةً ، حماس ، أردت أنا أقفز المسرح ذهاباً وأياباً ، أن أمشط أرض الحرم جرياً على الأقدام ، ابتسامتي لم تخمد ، نظرات عمي وعفاف مدّتني بالقوة ، ظللت انظر إليهم وأنا أدعو لهم بكل شيء ..

هذا العطر أعرفه جيداً !


دانه


جلست بجانبي وأمسكت بيدي ووضعت قرص مدمج صغير في راحتي ، وهمست في أذني "مو أنا اللي اتهدد" أبتعدت وهي تضحك ، ابتسمت ..
هذه الفتاة لن تدع الأمور تتوقف ، أليس كذلك !



في هذه اللحظات ، كانت عفاف تنظر إلى شريط الفيديو ، تارة تبتسم وتارة تبكي ، حتّى ملّت ووضعت الكاميرا في حقيبتها " يعني ابوي ما لقى يروح لطارق إلا اللحين ، أف طفش" ، بحثت بعينها عن أحد لتحادثه ، وجدت فتاة بجانبها تبدو كأنها عربية ، اقتربت منها واردفت : سلام
ابتسمت لها : يا هلا ومرحبا
جلست بالقرب منها وهي تمد يدها لتصافحها : أنا عفاف من السعودية.
مدت راحتها وهي تبتسم : وانا فجر من السعودية ، تشرفنا ..










يتبع ..



قراءة مُمتعة للجميع ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 23-08-13 10:16 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟


- بالتأكيد روايتي خيالية ، لكنها تُلامس الواقع ، فأرجو من القُرّاء أن يتذكروا أنها مجرد خيال ولا يتسابقون إلى قول "لا يوجد أشخاص هكذا" ، ولربما تكون واقعية في مكانٍ ما ..

- أرجو من أي شخص يرغب بنقل روايتي بأن يذكر مصدرها ، تقديراً لجُهدي

- ملاحظة : الشخصيات والأحداث لا تمت بصلة إلى الواقع فهي مجرد أسماء وتخيلات.









-






الجزء الرابع







[ أتبكي ؟
- نعم
- لِما ؟
- لما لا !
- لا فائدة من الدموع ]









ضحكت : أخيراً فيه شخص عربي أتكلم معاه
دارت نظراتها في الطلاب بهدوء : هههههه حتى أنا بديت أحس بالطفش ..
عفاف : أتمنى انه حفل تخرجي ، حظ أخوي
فجر : حظ بنت عمي
التفتت عليها : يعني انتِ حاضره لبنت عمك ؟
فجر : أنا وابوي ، أمها وعمي ساكنين هنا ..
اتسعت محاجرها لتعود وتنخفض : أهااا
لم تطيل بالحديث معها ، ظنت بأنها قد تتعدى على خصوصياتها ، ظلت تعبث بأساورها ، تبحث بعينيها على طارق ووالدها ..
: بتطولون هنا
الحمدلله تحدثت : إيه يمكن أسبوع أو أقل
فجر : احنا بنجلس أسبوع ويومين تقريباً .. عادت إلى صمتها ثم استرسلت .. أبي رقمك !
توّجست خشيةً منها ، لم تعتاد على الغرباء ، عاشت في بيئة مشددة ، يحيطها وجوه مألوفة : آآ .. مدري والله ..
أمسكت هاتفها : سجلي رقمي عندك
أمسكت عفاف هاتفها بغير إرادتها ، وبدأت بتسجيل الرقم ..
: نبي نكون على تواصل ، مع السلامه عفاف هذا ابوي جاء ..
آتى رجلاً بدأ وكأنه في مقبل الـ 40 ذو جسد معتدل تبرز عضلات في ذراعه ، ابتسم لعفاف ابتسامة سريعة وأمسك بيد فجر التي ظلت تلوّح مودعة لها ..








كان يوم جميل ، مليء بالصراخ "الأنثوي" والتشجيعات "الذكورية" ، السماء تمطر علينا قبع تخرج ، أوراق تُرمى على وجوهنا دون أي سبب يذكر ، ابتسامات ، دموع ، دموع ، والكثير من الدموع !
عدت إلى البيت بعد الإرهاق والجهد الذي بذلته ، ضربت جبهتي الطويلة على الفراش الواثر ، أظن بأن هناك حُمى قادمة في الطريق ..
عمي وعفاف لم تكن حالتهما أفضل مني ، فالإثنان وقعا ضحية الفراش ، كاميرة الفيديو مرمية في الطاولة ، كنت أريد أن ارى الحفل بشدة ; لكن التعب أعياني ، وغطيت في نوم عميق ..






استيقظت عفاف ، تناولت حبوب صداع ، ثم عادت للاستلقاء على السرير وهي تشعر بأن الأرض تدور بها ..
"كم الساعة الآن ؟"
أمسكت بهاتفها ، وجدت 8 رسائل "WhatsApp" ، قرأت الرسائل واحده تلو الأخرى ، تهنئة ، سؤال ، قصيدة ، نكتة .. الخ
ضغطت على أيقونة جهات الاتصال ، نظرت إلى اسم "فجر" مطولاً ، كانت تضع صورة غريبة وأما في الحالة كتبت 'للأبد وحيدة' ..
ترددت هل تحادثها أم تترك التدخل في شؤونها ، توّكلت على الله وحفرت بأصابعها : أهلاً .. انتظرت دقائق حتى إجابتها
فجر : أهلاً أهلاً ، عفاف
عفاف : كيف حالكم بعد الحفل ؟
فجر : شبه ميتين *أيقونة بكاء*
عفاف : ههههه ، أنا توّني صحيت واحس رأسي بينفجر
فجر : مثلي يا اختاه
عفاف : ....
فجر : انتوا في فندق ، صح !
عفاف : لا في شقة أخوي
فجر : أها
عفاف : أظن أني برجع أنام ، مع السلامه ..







عادت إلى غرفتها ، تسير بخطوات مبعثرة وكأنها تبحث عن شيء ما ملتصق بين أصابعها ، وقع أقدامها ايقظ دانه ..
: غريبه ما نمتِ !
فزّت رعباً : من وين طلعتِ ؟؟
ابتسمت بسخرية : من النافذة !
فجر : وش تبين ؟
استلقت على الأريكه : تعالي أجلسي أبي أسولف معك ..
ضيقت نظراتها : لا ، أبي أنام


أنا سيئة ، سيئة جداً واعلم هذا ، لكنني أكره ما أفعله ، ودائماً ما أشعر بالندم بعد كل مكالمة ، كأن هناك خيط رفيع يلف رقبتي ويعصرني ويعود ليتوسع ثم يضيق مجدداً ، كل خلية في جسدي تتمنى الموت على أن تعمل لتبقيني حية ، كل نبضة ينبض بها قلبي تلعنني ستون ألف مره ، الكون يضيق بي ، الكائنات الحية تصرخ في وجهي ، توّبخني ، ديني يفتح أبواب التوبة لي واعود لأغلقها كالبلهاء ، لكن هذه المره مختلفة ..
هذه المره حتى نظرة والدي استكثرها في حقي ، لا استحق ابتساماته ، دعواته ، أو حتى أن ينطق اسمي ، تعديت الحدود ، خطوة فخطوة إلى الحدود الحمراء / المشتعله ..
الله وحده أعلم ماذا ستفعل دانه بهذا الشريط القذر ، ولكن ما اعلمه بأن ذنبه سيلحقي إلى يوم القيامة كسلسلة رُبطت بكرةٍ حديدة قاسية في ساق مجرم قذر لا ينظر الناس إليه ..
ربي سامحني ..


عادت إلى غرفتها ، رمت جسدها على السرير ، عضت الوسادة وهي تكتم صوتها ، دفنت نفسها في الدموع كالعادة ..







استيقظ من النوم في الساعة 6 صباحاً ، حرّك رقبته يميناً ويساراً ..
صوْت منشار يفتك في رأسه ، الخلايا تُقلع من محاجرها ، وكأنه قد دخل حرب وخرج منها قتيلاً "حياً" بشكل ما ..
استحم بسرعة وهو يرتجف من برودة الماء ، يهمس بشتائم كي لا يسمعه عمه ..
جلس على سريره وهو يلف لحافه حوله ، كأنه طفل يترقب برنامجه المفضل ، صوت أسنانه ايقظ العصافير على النافذة ..
فتح درجه الصغير ليبحث عن هاتفه ، لكنه وجد قرص "دانه" المدمج ..
امسك به ، حركه بين أصابعه بتأمل ..
اخرج اللاب توب ووضعه في حجره ، ادخل القرص وهو يتثاءب "بخار" ، ضغط عدة مفاتيح حتى بدأ الشريط بالعمل ..















-



الجزء الخامس





[ دائماً يتسلل الحظ وينام بجانبي واصحو لأجده قد رحل ]





ظهرت شاشة سوداء ..
انتظر بدء الشريط ، لكن اللاب توب توقف عن العمل فجأة " يا الله الشاحن " !!
فتح أدراجه بحثاً عن ذاك السلك الأسود الطويل ، وجده متلو ، امسك به وثبت قابسه جيداً وشبك رأس الشاحن في الجهاز ..
أمسك هاتفه بينما هو ينتظر ، اتصل به صديقه "لوك"



_ المحادثة بالانجليزية مُترجمة للعربي _




: أهلاً لوك
بلكنه غريبه : أهلاً يا صاح
: شكراً على الهدية ، ألا تظن بأنها مبكره قليلاً ؟
باستغراب : هدية ماذا ؟
طارق : دع عنك المُزاح ، ولكن لماذا أحضرتها ، والدي موجود لقد كان موقف محرج جداً
لوك : يا أبله عم تتحدث ؟ لم أحضر لك شيء !!!
أيعقل ألا تكون مزحه ؟! : الفتاة ، الفتاة التي وجدتها في غرفتي ؟
لوك : لم أحضر أحد ، أنا أعرف حدودي جيداً ، انت مسلم والمسلمين لا ي ...
قاطعه باستعجال وهو يضغط المفاتيح ليعمل الفيديو : أعلم أعلم ، لكن إن لم تكن انت من أحضر الفتاة إلى غرفتي ، إذاً من يكن ؟؟
لوك : عجيب !
طارق : هل تظن بأنه أح ...
اشتغل الشريط

: أك ل أكلمك بعدين
لوك : ألم أخبرك بأني لا أتحدث العربية ؟!!!
اغلق الهاتف في وجهه ..
صدمه !
هذا أنا
هذه البنت
والشريط
مع
دانه ؟
فقزت من السرير ، تفكك جهازي المحمول ، وتناثرت قطعه حولي ..


لا لا لا ، لا مستحيل ، كيف لهذا أن يحدث !!
سأنتهي ، سيغضب عمي ، ستكرهني عفاف وهيفاء ، سأصبح اليتيم المنبوذ .. سيجد نادر سبب ليغيظني ..
كيف فعلت هذا ؟ كيف دخلت شقتي ؟ من هي الفتاة ؟ أين كانت آلة التصوير ؟ هل
هل أرسلتها لعمي بعد ؟
حياتي بين يدي دانه
وحياتي قد انتهت فعلياً ..







تجلسان أمام التلفاز ، تفكران في موضوعين مختلفين يؤديان إلى الشخص نفسه .. طارق
: تصدقين أني عطيت طارق الفيديو اليوم
اعتصر قلبها بألم : طيب
تقدمت نحوها وعلى محياها ابتسامة بريئة : لا يكون ضميرك صحى ؟ يا حرااام
امتلأت عيناها بالدموع : ممكن تتركيني
دانه : بدال ما تشفقين على نفسك ، تذكري وش سوينا من قبل ! ترا ما فيه فرق ألا انك قابلتيه ، لا تحسسيني انك سويتي شيء عظيم
تفجرت أعصابها ، ظهرت العروق في عنقها ، تعرقت راحة يدها : انتِ مجنونه ، مالك قلب ؟!!!
دانه بغضب مماثل : ليه ما يكون هو مجنون وماله قلب ؟؟ ترا حتى هو هددني بفيديو ..
توّسعت عيناها بصدمه : أي فيديو
بلا مبالاة حركت يداها : فيديو لمّا كنت عنده في الشقة
فجر : أي شقة وأي خرابيط .. وش مسويه معه ؟؟؟
نظرت إليها بضيق : ما راح تفهمين شيء
نهضت ولحقت بها فجر ، أمسكت بذراعها وسحبتها نحوها
صرخت بها : وش مسويه معه ؟؟؟!!!
صرخت دانه بدورها : ما سويت شيء ، مالك حق تشكين فيني كذا !
فجر : طيب ليه يهددك دامك مو مسويه شيء ؟!!
بتضييع للموضوع : مدري عنه ، يمكن مسوي فبركه
نزلت دموعها بقهر : أنا ليه جيت ، ليه !!







يوم جديد ، إزعاج الأطفال يقلق المسنين ، ويثير شتائمهم ، الجرائد تُرمى في كل ناحية ، ابتسامات خجولة ، نظرات متمردة ، وورود متبادلة ..



يجلس بينهما بشرود نظراته ، الأفكار تُحذف في عقله بالملايين ، "كيف استطيع استدراج دانه لناحيتي ، أخذ الشريط منها !
وكيف اضمن بأنها لا تملك نسخ أخرى ؟ "
أبو نادر : ما ودكم نروح للسوق نجيب هدايا قبل ما نرجع للسعودية ؟
قفزت عفاف عند سماعها كلمة "سوق" : إيه إيه لازم .. ضغطت بأصابعها على خصر طارق .. طارق مو معنا اليوم
طارق : هلا
بحنية أب أمسك بكتفه : وش فيك يا بطل ؟ اليوم مو على بعضك !
عفاف : يمكن بيشتاق لكندا !!
ابتسم لهما ، أما أبو نادر وعفاف تبادلا نظرات الاستغراب ..
استأذنهما لدورة المياه - أكرمكم الله - ..
دخل غرفته واغلقها من بعده
أمسك بهاتفه واتصل على دانه
: نعم
طارق : أبي أقابلك
دانه : وأنا ما أبي أقابلك
طارق : خلينا نتفاهم
ضحكت بصوت آثار تقزز طارق : ما شاء الله ، اللحين تبي تتفاهم !! مين اللي هدد بالفيديوهات بالأول ؟
طارق : أبي أقابلك
دانه : أستغفر الله ، طيب وين ؟



طرقت باب غرفتها بهدوء : فجر ؟
فتحت الباب : هلا !
دانه : تبين نغيّر جو ونروح للمول ؟
احتاج إلى الهواء النقي والى أي شيء قد يغير نفسيتي التي تتأرجح في الحضيض : طيب نروح ، أبوي وينه ؟
أمسكت بسلسال صغير وهي تلفه حول رقبتها : أتوقع راح لبابا علشان البيت الجديد
فجر : أها







في المركز التجاري ..
: أمم فجر ، أنا بقابل وحده من صحباتي في مقهى فوق تقد..
قامت بمقاطعتها : روحي
: شكراً فجر
هروّلت بسرعة لتقابل طارق ، ربما تهدأ الأمور ، أو تزداد اشتعالاً !
جلست في مقعدها وارسلت رسالة لطارق تسأله عن مكانه ، ما هي إلا ثواني وجلس طارق أمامها بقميص رسمي أسود وبنطلون جينز أسود ، يبدو في حالة مزرية ، شعره مبهذل ويرتدي نظارته الطبية ، واثار الجروح من الحلاقة السيئة ، لكنه يبدو وسيماً على أية حال ..
: أعطيك كل الفيديوهات اللي عندي وتعطيني النسخ اللي عندك
دانه : لا
ضرب الطاولة بقوة من شدة غضبه : يعني كيف ؟ هاا ؟ تبين توصلينها لعمي ؟
صرخت به : حتى انت تبي توصلها لأبوي !!
طارق : أسمعيني وشغلي الحديده اللي في رأسك ، إذا عطيتيني الفيديو اللي عندك ما راح أعطي أبوك شيء
دانه بعدم اقتناع : لا لا ، خل عندك فيديوهاتي ، واترك فيديوهاتك عندي ، علشان نضمن إن ولا واحد فينا يفضح الثاني
طارق بغضب شتمها ولعنها ، التفت جميع من في المقهى صوبهما ، نهضت دانه بسرعة حتى لا يحرجها طارق أكثر
لحق بها وصرخ : من الـ **** اللي دخلتيها غرفتي ؟
اشمئزت من وصفه لفجر بهذا الاسم : مالك خص واحفظ لسانك
أمسك بيدها وجرّها ناحيته : والله واللي خلق هالروح ، لو عرفت ان الفيديو وصل لعمي لاقتلك واشرب من دمك وتراني مجنون واسويها ..
تسارعت نبضاتها بخوف : ما راح أرسله لعمك إلا إذا وصل الفيديو لأبوي
افلت يدها وعدّل ياقته : المهم وصلت لك المعلومه
تجمعت الدموع في عينها : طيب
مشى متنائي عنها ، راقبت ظهره وهو يبتعد ، ارتجف جسدها من تهديده وبقيت تلعن غباءها وتلعن فجر !





الجميع يبحث عن شيء ما يحتاجه ، ربما فطرة في الإنسان ، يترك جميع ما حوله ويبحث عن شيء آخر "جديد" ظناً منه بأن حاجته له قوية ، لكن بعد العبث به والاستمتاع فيه ، يرميه وكأن ما كان لم يكن ، كهؤلاء الجشعين ، الذين يبحثون عن ملابس جديدة
أتعلمون ما حاجتي ؟
حياة
احتاج حياة جديدة ، حياة خالية من البشعة "دانه" ، خالية من أصحاب الفساد "أصدقائي" ، خالية من عمي وعائلته للأسف ، تخلو من نادر المغرور ..

والاكيد والاهم تخلو من طارق القديم

سأصبح إنسان جديد مع الحياة الجديدة ، انسلخ عن ماضيّ وأقبع في صفحة جديدة ، لا لا كتاب جديد ..

وسأكتب فيه ما أشاء ، ربما معاصي أخرى ، أو ربما توبة ، أو أعيش مع زوجة ويكون لي طفل صغير يحمل اسم جده سواءً ملك والداً عاصي أم تائب !
وربما أرسم ، فأنا لا أحبذ الكتابة أبداً ، تأخذ وقتي ، تنهرني ، وتثير عاطفتي ، تبكيني كفتاة مراهقة ، أنا الذي هربت من حصص "التعبير" كي لا أكتب وانتزع المستور من قلبي ..
أنا الذي تعودت إن أصرخ وأشتم كي افلت من عناء الكتابة ..


سأرسم وجهي ، أنفي الطويل سأضيف له كسرة خفيفة ، فهذا ما يميزني عن عائلة عمي ..

أنوفهم الطويلة ، البارزة كسيف كشف عنه حامله ..
أما أنا ، أحمل علامة تفرقني عنهم ، كسرة أنف صغيرة ، تجعل من أنفي معكوفاً ..

لولا اعتكاف أنفي الغبي لأصبحت فتنة وأكتملت وسامتي ..
عيناي الناعستين ، كظل ليل هبط على نور شمس ضعيف ، لم أتظاهر يوماً بأني أريد النوم ، لأن عيناي تقومان بالعمل دون طلبي منهما .
حاجباي ، ذقني ، خدي ، فمي ، شعري الأسود ، بشرتي السمراء ، طولي الفارع ، عرض أكتافي ، هالات السواد تحت عيني مباشرةً ، ظهري الطويل ..
عندما انتهي ، سأخربش عليها ، واطمسها ثم أعيد رسمي من جديد ..
فأنا كل ثانية أكبر ، اكتشف شيء جديد في حياتي لم أعرفه قبل .. كذب ، خيانة ، علاقات محرمة ، نفاق ، سرقة
وحتى الحب
اكتشف بأني لم أحب أحدهن يوماً
بل أني أقع في غرام وجوه ، أجساد ، لسان عذب ..
إنسانه ؟
لا
لم أحب يوماً ، وحتى دانه
لم تكن يوماً في قائمتي السوداء للفتيات اللواتي استغللتهن ، ولم تكن أيضاً في لائحة الحب
كانت في أحدى الهوامش ، قصة وعدت ، علاقة وفسدت ، حب وانتهى ..
في الحقيقة بعد التحدث عن اللوائح
سأضيف لائحة جديدة سأطلق عليها اسم "لائحة الانتقام" تحمل أسماء الأشخاص اللذين أرغب بشدة الانتقام منهم ، اسم نادر يترأسهم ويتلوه اسم البشعة دانه
نادر لم يفعل شيء ، لكن سانتقم منه ، المهم إن يتعذب ، ذاك المغرور المتكبر

دانه
هه
وماذا بقي لم تفعله بعد ؟!
لا يهم

المهم هو تلك الـ ***** ، الفتاة التي اقتحمت غرفتي وكادت تنهي حياتي مع عمي ، تلك التي لها جميع روابط الصلة مع دانه ، أنا أكره أي شيء يرتبط بدانه ، فما بالكم بفتاة مثلها ، أصبحت أكرهها دون إن أعرف أي شيء عنها ، ربما استأجرتها ..
لكن دفاعها عنها يؤكد بأنها تعني لها شيء ، بل شيء كبير جداً
والشيء الأخر بأنها لم يتضح شيء منها في الفيديو ، فقد شاهدته ملايين المرات محاولاً إن اكتشف شيء يؤدي إلى فضحها ، لكن لا شيء منها يتضح إلا جسدها من الخلف ، وشعرها المبعثر على أكتافها وهذا يعني بأنها لا تريد إن تُفضح ، لهذا إن كانت مستأجرة لن تبالي وان ظهرت عارية أمام الكاميرا ..
لا أنكر أنني قد تأملت بها كثيراً ، أو بالأحرى ظهرها وشعرها ، لكنني لست بطماع ، فهذا القدر يكفيني ..
أن أسمع لغتها الناعمة دون أن أفهم ما تعنيه ، تبدو لغتها لاتينيه ، لا أعرف أي شخص ينحدر من أمريكا اللاتينيه ، لهذا حاولت أن أبحث عن معنى حديثها في قوقل ترجمة ، لكنني لم أوْفق ..


شعرت بالصداع يداهم رأسي ، عيني وجبيني ..
كنت أجلس في المقاعد خارج غرف القياس في انتظار عفاف ، التي لم أُلاحظ وقوفها أمام عيني قبل 10 دقائق ، كُنت شارد الذهن ، أفكر في الكتابة والرسم وانفي والفتاة .
أمسكت عفاف يدي وهي تلاحظ ضيقي ، جرّتني خلفها لم أمانع وأنا أمشي خلفها بإطاعة ..

كان ظهر عمي يقابلنا ، وحين التفت ناحيتنا كان وجهه أسود غاضب ، وعيناه ترسلان أشعة غضب ..
إلا تلك العينان لا تغضبان علي ، فأنا نلت من الدنيا ما لقيت ..
تلك النظرة تشابهه النظرة التي تخيلتها وهو يتلقى شريط موْتي ، بردت أطرافي ، ارتجفت خلايا جسدي ، وثقُل رأسي ، وتعرق جبيني ..
أرجوك إلا انت
إلا انت يا أبي






نطق وهو يكبح غضبه : بتجيني مصيبه من وراك













-




الجزء السادس






[ يا دياري لا تقلقي ، فقد تركت أخطائي بعيداً عنك ]






لا أريد أن أسمع ، أقتلني ولا تكلمني ، لا أريد سماع خيبتك ، صوتك الحنون يتحوّل إلى غضب ، فقط أنبذني عن عائلتك ولا تكرهني
سأعيش بعيداً عنك ، سأبكيك دم ، واعيش ألم اليتم مرة أخرى
: بتجيني مصيبه من وراك


لا لا لم يقل هذا !!
أنا سمعت شيء آخر !!

: بتجيني مصيبه من وراه

تسارعت أنفاسي وأنا ألهث : م مم من ؟
أمسك جبينه : نادر حسبي الله على إبليسه


هذا مضحك جداً
كدت أن انهار تحت قدميه وأنا أتأسف ، أن افضح نفسي ، أخبره بكل شيء وانه مجرد سوء فهم
سمعت الشيء الذي من المفترض أن يقال ، أن المصيبه تأتِ من ناحيتي ، أنا المُصدّر الأساسي للمصائب
لحظه لحظه

المدلل نادر
قام بمصيبه ؟؟؟
أسرعت بالقول : ليه وش مسوي ؟
أبو نادر : باع الأسهم في الشركة يقول إنها بتكون ربح
تحدثت عفاف بخبرة طويلة في الأسهم : وهو صادق ، أكيد فيها ربح
التفت ناحيتها بغضب : إن شاء الله خسارة وش يهمني ؟
تعقدت حاجباها باستغراب : أجل ليه معصب ؟
تنهد : لأنه ما أخذ برأيي ، سوا اللي يبي بدون شوري
عفاف بتفهم : الله يهديك يا يبه ، مصيبه ومصيبه واخر شيء علشانه ما أخذ برأيك
أردت إشعال الأمور : إلا أبوي صادق ، ليه بزر هو علشان ما يأخذ برأييه ؟ ولا الشركة صارت باسمه
هزّ والدي رأسه بموافقه
أما عفاف اكتفت بأن تلقي نظرة على حقيبة يدها ..







قبل نصف ساعة
أو أثناء مقابلة طارق لدانه بالتحديد ..




كانت تنظر إلى الملابس بملل ، تمسك بقطعة وترمي الأخرى ، تشتري أي شيء لتبعد تفكيرها المنحصر على "طارق"
لم يكن تفكير إعجاب أو حب ، بل همّ المصيبة التي ستقع على كاهله من دانه والفيديو الذي تظهر فيه


لمحت فتاة تقف بعيداً وتبتسم لها ، اقتربت منها وهي تركز نظرها فيها لعّلها تذكر أين رأتها من قبل !

عفاف !!

صافحتا بعض وسؤال عن الأخبار ، حتى انتهى بهن الحال وهنّ يتسوّقن سويا
اشترت عفاف فستان على ذوق فجر ، وأشترت فجر قميص جميل من اختيار عفاف
اتخذن أحد المقاعد مجلساً لهنّ وبدأن بالحديث

عفاف : أبوي مضطرب ، شكلنا بنسافر قريب ونرجع للدمام
فجر : عجيب
نظرت إليها : ايش العجيب ؟

ابتسمت وهي تركّز نظرها في العصير : حتى أنا ساكنه في الدمام
ابتهجت : حلو ، نقدر نشوف بعض يعني

نظرت إليها وهي تضحك : أصلاً لو أنّك في آخر السعودية جايتك جايتك الله لا يعوقه بشر
ضحكت عفاف وأنسكب بعض من عصيرها في حجرها ، شتمت العصير "المسكين" وهي تمسّح بقاياه بمنديل
فجر : ما عندي صديقات
نظرت ناحيتها بصدمة : كيف !!
تأملت في الأطفال أمامها : ما أحب أكوّن صداقات
عفاف : آفا ، أحسك اجتماعية
فجر : لا ، الزبده أنك صرتِ صديقتي ، صح عادي كذا ؟
ابتسمت لعفويتها : وانتِ صديقتي بعد ، بس ايش اللي عادي ؟
بإحراج تحدثت : يعني عادي تصيرين صديقتي من فترة بسيطة
ضربتها بـ "دفاشة" لا تليق بنعومتها مباشرةً على كتفها : يا شيخة أنا أكره الرسميات





تماماً كما توّقعت عفاف ، فإن والدها عجّل في رحلة العودة لتصبح غداً ..



ليلٌ هادئ ، العجوز السيدة كالين أو كما يسميها طارق "الريّس باللهجة المصرية" المالكة للشقق التي يسكن فيها طارق ، صوت صراخها في الأسفل ، تطارد المتأخر في تسديد الأجار ، لا يمكنك الأنفلات من لسانها المغمس في الشتائم
أمطار خفيفة ، ربما دموع كندا على فراق "طارق" ، نوم الزهور الدافئ ، اختفاء الطيور المعتاد ، وغياب السيارات ما عدا سيارات الأجرة ، وطبعاً لا ننسى أصحابنا "السكير" و "العاشق" ..




كان يتفقد ملابسه ، وتذكاراته ، الهدايا المقدمة من أصدقائه كما يزعم ، بينما هي مقدمه من "عشيقاته" السابقات ، يودّع أصحابه ، ويرّتب ما تبقى من ملابسه حتى سمع نغمة هاتفه ..
قفز فوق السرير إلى الناحية الآخرى من الغرفة ..



أمسك الهاتف دون رؤية اسم المتصل : يا هلا
: أسمعني زين ، مشاكلنا خلّها بيننا
ضحك بشدة وهو يميّز صوت المتصل ، وكيف ينساه !
طارق : طيب بارك لي على تخرجي على الأقل
: موب لازم
طارق : أسمعني انت ، أنا ما سويت شيء
نادر بهدوء : أبوي متصّل عليه يهاوش ويقول ليه تعتبرني بزر ! وهو في البداية ما قال شيء أبد ، بس بعد تحريضك شبك عليّ

تلذذ بهذه اللحظة كثيراً : ما قلت له شيء ، والغلطة غلطتك لا تلزقها فيني
نادر : انت تدوّر الزلة علي ؟؟ أنا ما غلطت
طارق : شاطر ، اللحين فارق
نادر بغضب : تهبى
لعنه بجميع اللعنات التي عرفت في التاريخ ، شتمه ، سمّاه بألقاب أقل ما يقال عنها وقحة ، حتى صمت نادر باستغراب من عدوانيته المعتاده ، لم يقل شيء يستحق هذا كله !!!

لكن طارق يستغِل أي فرصة لشتمه ويوّضح كراهيته له ، عقدته منذ صغره ، يهوّل حجم المشاكل لتكبر وتكبر ، ولا تنتهي ، لكن نادر ينهيها من حيث لا تحتسب ..
نادر : أبي أعرف وش مسوي لك علشان تكلمني كذا
طارق : ما سويت شيء ، انت ملاك طاهر
نادر بابتسامه : ورا خشمك
اغلق نادر الهاتف وترك طارق يُكمل ما بدأه من شتائم ..

الحمار قفّل في وجهي !!








استغربت هدوءها المفاجئ ، تقدمت نحو غرفتها وهي تتعوّذ من الشيطان ، بالتأكيد صديقتها قالت شيء ما عكّر مزاجها ..
فتحت الباب لتجدها جالسه على الأرض أمام أدراجها شاردة الذهن ..

أمسكت كتفها ونادت : دانه فيك شيء ؟




بجحوظ عيناها تمتمت : ما راح يشرب دمي



عقدت حاجبها : من اللي بيشرب دمك ؟
سمعت صوت نداء والدها في الخارج ، ركضت للخارج وهي تطمنه بأنهما سوف يتسامرنّ في الغرفة ، أغلقت الباب وعادت لتجلس أمامها ، حوّطت وجهها الصغير بيديها : من يا دانه اللي بيشرب من دمك ؟
قفزت دانه كالمقروصة : بكره بيسافر ، برسل الفيديو المنحوس وما راح يشرب من دمي
انصدمت وهي تترجم كلام دانه في رأسها ، فهمت من تعني ، أمسكت بدانه : لا دانه تكفين لا
دفعتها كالمهووسة : أنتِ مالك شغل ، ما راح اسمح له يشرب من دمي


امسكت بهاتفها وهي تكتب البريد الإلكتروني للرجل الذي سينهي حياة طارق ..
همس فجر المترجي ، دموعها ، دعائها على نفسها ايقظ دانه
بحلقت فيها بتأمل واردفت : ليه أنتِ متأثره لهالدرجة ؟
فجر بدموع وهمس امتزج بالشهقات : أرجوك كافي الذنوب اللي بتلحقني ليوم الدين
ابتسمت بسخرية : إحنا فرقنا أزواج ، هدّمنا بيوت ! وتوّك تحسين بالذنب ؟
تمسّكت بآخر آمالها : أنا خنت ربي قبل أبوي ، لمست رجل مو مُحرّم لي ، أنا اختليت فيه ، أنا ملعونة يا دانه !
بغيض شديد : هذه مشكلتك ، أنا مشكلتي طارق
تذكرت حديثها عن الفيديو الذي هددها طارق به : وش بتستفيدين ؟ حتى هو معه فيديو لك وبيرسله ولا ينشره
كيف فاتت علي : ..
أمسكت فجر يد دانه وهي تبعد هاتفها عنها : تعوذي من الشيطان ، أتركي هالمشكلة تنتهي على خير
ضربت دانه صدرها وبكت بصوتٍ مؤلم : كيف تماديت كذا ! ليه طاوعتيني ! الله يأخذني الله يأخذني


عانقتها ولو شاءت لحطمت ضلوعها ، هذا الذنب العظيم يُقسم بأنه لن يدعُنا ما حيينا ، سنظل نحمل وشمه ، ستفوح رائحته من ناحيتنا ، لتسبب نفور الناس مننّا ، لا يوجد ماء نغتسل به لنطهّر ، ولا تلك الممحاة السحرية التي نستطيع منها محو كل الأمور التي تزعجنا وتعكر صفوْ عيشتنا ..


ولا هناك صدر نبث له حزننا ويمتَصّه كأسفنجةٍ صغيرة ، فقط سنبقى نلطم أحزاننا ونعض أصابعنا ونشتم شراستنا ، هذا الذنب هو نقطة تحوّل في حياتنا ، من الآن فصاعداً ستتغير الأمور لتُصبح أكثر مرارةً وبشاعة.


حين شعرت بأنفاس دانه تنتظم أمسكت بيدها وهي تحثّها على الاستلقاء على سريرها لعلّها تهدأ وتنام ، أفسحت دانه عن المجال ، طالبةً بنظراتها أن تنام فجر بجانبها ، نامت فجر بجانبها وهي تصارع قطرة ماء ضعيفه ، قويةً بالنسبة لها
حتى غطت في نوم هادئ ..









يوم الإقلاع ، يوم السفر ، يوم التوتر وصراخ الأب "أين حقيبتك وأين هذا وذاك " وبين تذمر الطرف الأخر "أين أضع هذا ؟ لماذا أجلس هنا ؟ هل أحضرت التذاكر ؟ بطارية هاتفي قد نفذت !"


أمسكت عفاف آلة التصوير وهي توّثق اليوم لعودة طارق المتخرج إلى الديار ، إلى أحضان جميله الجميله ، وصوت هيفاء الرقيق والناعم ، وجمود نادر ، والعودة إلى الحرب الأسطورية
سمعوا النداء ، نداء جهور وقوي ، أقرب إلى التوبيخ ، بأن يصعدوا إلى الطائرة ..


فوق أرض كندا ، وتحت قدمي السحب البيضاء ، واصوات بكاء الأطفال ، لهجات عربية مختلفة ، نوم عفاف العميق ، وترتيل عمي الشجيّ ..

يجلس في مقعده وصوت المُضيفة يزعجه من حدته ، تأفف بملل وهو يمضغ علكته ، أسند رأسه إلى الخلف وعاد بكاء دانه ليدغدغ طبلة أذنه بانتصار ..




ليلة البارحة
اتصل بها ، مهما حدث ، سيظل بيننا أيام جميلة وذكريات ممتعة لن أنكرها أبداً ، لهذا أردت إن أتحدث معها حديث الوداع ، لتبقى بصمة هادئة لي في حياتها ..
: الو

بصوت مُرتجف : نعم
ابتسم من خوفها : تدرين أني بسافر بكره ؟
دانه : وش اسوي لك !
طارق : حبيت أوْدعك بطريقة لطيفة
دانه : ...
لمَ لا أعبث معها قليلاً ! : أقول دندون ، ناويه ترسلين الفيديو أجل !
ردت بسرعة : لا ، بس إذا أرسلت حقي بسوي مثلك
تحدث بجدية اتضحت في صوته : بقول لك الحقيقة ، أنا داشر واعرف هالشيء ، وعمي يدري أكثر مني ، واكثر من مره شافني وأنا سكران للأسف ، ووبخني وقوّم قيامته علي ، يعني إذا شاف الفيديو ما أتوقع بيأثر فيه كثير ، يمكن يصرخ ويهدد وكل شيء ، بس ما تفرق معي ، لأن أنا مالي أحد في الدنيا ولا أبي رضى أحد علي ..



هل يمزح ؟
أيعقل أن يكون بهذا البرود ؟ ما هذا التبلد الشديد الذي أصابه ؟! لم أعد أملك شيء يؤثر عليه ، أصبح مخيفاً في نظري ، أنا الفتاة التي يهابها الكل من قوْة شخصيتها ، أشعر ولأول مره بالخوف من طارق ! الرجل الضعيف ؟
المتيم بي ؟
أصبح بشعاً ، مشوّه القلب ، حتّى عمه أصبح لا يعنيه ، نبذ الكل قبل أن ينبذه أحد ، رمانا بأسهم اللامبالاة قبل أن نجهِّز خطط قتالنا ، ربما قتَل ضميره بدمٍ بارد ، أو أن ضميره مثله بشع.


بضعف نطقت وصوت بكاءها يخترق أذنه بشدة : كذاب
ضحك بهدوء ثم أردف : أنتِ جربي
امتلأت ذرات صوتها بالبكاء : حقير ، أكرهك

أغلقت الهاتف ورمته على السرير ، سمحت لدموعها أن تنهمر ، ركضت إلى إدراجها بحثاً عن الشريط ، تناثرت الأوراق حولها ، وتعبّأ وجهها دموع ضعف وخوف ، أمسكت بالشريط بارتجاف ، تمتمت : ما راح يشرب دمي








أخيراً
الوطن ، السعودية ، والدتي ، دياري ، مسقط رأسي ، عشقي الأبدي ..
أظن أن قلبي بدأ بالاحتفال مبكراً ، فإنه لم يتوقف عن قرع طبوله منذ أن رأى أنوار الدمام ، أصابعي التي توّترت وغدت تضرب بعضها بعض ، عيني التي تجحظت حرفياً ..
كان الطريق إلى المنزل غريب ومُخيف ، كُل خمس ثواني أشعر بيد عمي على قدمي تربت عليها لتطمنني بأن لا شيء قد تغير ، واني سأظل ابنهم اليتيم ..


ما أن نزلت وأنا اُراقب المدخل ، ظللت مدة طويلة وأنا انظر إليه ، حتى شعرت بعفاف تسقط علي ، التفت عليها بخوف وجدتها قد تعثرت بحذائها ساعدتها على الوقوف والاتزان ، مشيت خلف عمي وأنا أذكر اسم الله ، دخل عمي وهو ينادي بصوته الصاخب : يا أهل البيت

فجأة خرجت عمتي جميله ، ضربت على صدرها بصدمه ، ركضت بسرعة ناحيتي متجاهلة عمي الذي مدّ ذراعه ليصافحها ، كُنت سأضحك لكنها حوّطتني في عناق دافئ ، أجبر عيني للرضوخ للدموع ، سمعت صوت هيفاء الرقيق بجانبي وهي تدعو ، هذه الفتاة هادئة ورقيقة ، صوتها حنون وهي كذلك ، ابتعدت عمتي وهي "تزغرط" عانقت هيفاء ، بللت قميصي الرسمي بالدموع ، وكحلها الأسود ، فجأة

تجمعت العائلة بأكملها لعناق جماعي ، وبكاء جماعي أيضاً ، كان اللقاء حنون ، دفء عائلتي لذيذ ، صوتهم ، حركات أجسادهم جميعها لها لذة ، طعمٌ آخر ..


كُنا نتحدث ، ضحِك ودموع عمتي ، "لكاعة" عفاف ، ابتسامة هيفاء الخجولة ، توّجع عمي و "حلطمته" من الطائرة ..
حتى ظهر





نادر





هدأ الجميع ، فهُم يعرفون طبيعة العلاقة بيننا ، واجزم بأنهم لا يريدوننا أن نلتقي أبداً ..
نهضت بدأ بالسلام على أبي ثم اقترب مني صافحته وعيني على جميع الأشياء المحيطه به ، لن انظر إليه
لكنه أبعد يدي عنه واقترب وهو يعانقني ..
ابتعد ابتعد ابتعد ، يا للقرف
كُنت أصرخ ، لكن بداخلي
كُنت معترض ، لكن فقط في عقلي
فقلبي أراد أن يعانقه بشدة ، ليس اشتياقاً له ! بل اشتياقاً لمشاكلي معه ، فالحياة ممله بدون صراع أخويّ ، أليس كذلك ؟!
حسناً حسناً أنا أُكابر ، لقد اشتقت لهذا المتغطرس ، قليلاً فقط

اتسعت المساحة بيننا ، وأبتعدَ عني ، أمسك برأس عفاف وهو يقلبه يمنةً ويسرة بين صراخ عفاف المستنجد بعمتي ، ونهّر عمتي له



رائحة القهوة العربية ، رائحة "حنا" عمتي في كفِها ، ورائحة العود ، جميع الروائح استفزت ذاكرتي في هذا المنزل
المنزل الذي احتضنني كثيراً ، واحتضن طفولتي ، عنادي وتكبري ، يومي وليلي ، صلاتي ومعاصيي
أحب هذا المنزل

تركنا الجميع ، بقيّنا أنا وهيفاء ونادر
كُنت استرق النظر إليه
اسمر ، أنف طويل ، عين وسيعة سوداء ، وجه عريض ، عضلات رقبة ، شعرٌ أقرب إلى اللون البني ، وعضلات تتضح من ثوبه السعودي ، مثالي !
أنه أقرب إلى المثالية
وأنا ؟
بشع
اغار منه كثيراً
تباً له.




















-





الجزء السابع





[ استقبال مِن "ضمير" ]









أمسكت هاتفي وأنا أُحاول أن أشغِل نفسي به ، رأيت بطرف عيني أنّ هيفاء نهضت وتركت الغاز بجانب النار ..
اعتدل في جلسته وشبك أصابعه كما يفعل دائماً ، أما أنا ارتديت نظارتي الطبية لأنني أعلم ماذا سيأتي بعد هذه الجلسة : أسئلة
أردف : مبروك التخرج
همست بسخرية : مبكّر .. رفعت صوتي ليسمعني .. الله يبارك فيك

نادر : حلوه كندا ولا لا !
هذه الأسئلة أعرفها ، هذه اسئلة الخدعة ، جلست مثل جلسته : وش تبي توصل له ؟
ضحك بهدوء : بتأكد من مصايبك اللي وصلتني
يا للسخرية : لا يا طويل العمر ، المصايب تجي منك انت أذكرك ولا تذكرت ؟
نادر : على الأقل مصايبي يجي منها خير ، بعض الناس مصايبه ما وراها إلا القلق والضغط والسكر
طارق : الحمدلله ما عندي مصايب ولا عصبت أبوي مني


تعمدت أن أنادي عمي ب"أبي" ليس من هذه اللحظة بل طيلة حياتي وأنا أناديه هكذا ، فقط عند نادر ، ليعلم هذا المتغطرس بأنه والدي أيضاً مهما حاول أن يبعدنا عن بعض
ابتسم بسخرية : يا الله ما عصبت البابا منك ؟

غضبت من سخريته ، احتد صوتي وأنا أردف : أسمع يا آل**** ، أنا ساكت ومحترمك لأنك أكبر مني ، ولا كان صفقتك لين تعض الأرض
ردّ نادر وقد بانت عروقه في جبينه : أنا ما أرجي منك احترام ، دامك ما احترمت أبوي وانت مبتعث
هذا وش يقول ؟ : ليه وش سويت بعد ؟
نادر : علاقاتك مع البنات قاعده توصلني من الألف للياء وساكت ما أبي أفجع أبوي في بلاويك

قفزت من محلي وأنا أصرخ : أي علاقات ؟

وقف نادر بدوره وهو يقترب بشكل مخيف : تشبك البنات ومغازلات وتقول أي علاقات

ضحكت بقوة ، للحظة شعرت بأنه يعلم بأمر دانه : يا شيخ يا اللي ولا مره غازلت
اشمئزت ملامحه بوضوح : لأنك رخيص
غضبت من وصفه لي هكذا ، أنا أبحث عن أي غلطة بحقي لأحولها إلى دراما كاملة ..
دفعته بعيداً وعاد ليلصق جبينه في جبيني ويمسك بياقة قميصي ، صرخ بتهديد : سوّ هالحركة مره ثانية يا البزر وشو..


ضربته بقوة ، وقفزت فوقه كالمجنون ، دائماً يناديني "بزر" إذا غضب مني وهذه الكلمة تستفز اي رجل شرقي
سرعان ما تحوّلت المشاجرة إلى
ساحة معركة ، سمعت صراخ هيفاء المستنجد ، وحضور عمي وزوجته
التي وقفت تبكي بعيداً عننّا ، لكن هذا لم يمنعنا من إكمال القتال
أصبح نادر فوقي بحكم حجمه ، على صراخ عمي وشتائمه وبكاء عفاف الصامت وترجي هيفاء ، إلا
أنني سمعت همسه التهديدي : انت تدري أني أقدر أدفنك في محلك ، وبتركك لأنك أخوي ، لأنك أخوي فاهم
نهض عني وتلقى ضربات من عمتي جميله "كفو" ..
أما عمي فاكتفى بأكمال "حلطمته" : يعني توّك جاي من السفر وفيك حيل تتضارب مع اخوك ؟ وانت *أشار على نادر* أطول مني واعرض وتتهاوش معه ؟

ابتسم نادر لي : نمزح مع بعض وانتوا كبرتوا السالفه
حملتني هيفاء ، مسحت دموعها بأصابعي وأبتسمت لها رغم أنّ خدي يؤلمني من الضرب الذي تلقيته من المسخ








سنغادر كندا قريباً ، فوالدي قد أنهى أعماله مع عمي هُنا ، لم يكون هناك احتكاك بيني وبين دانه ، تجنبتها قدر المستطاع وتجنبتني هي بدورها ، فهذا أفضل لنا
حملت جميع ملابسي ، وقعت عيني على
القميص الذي اختارته لي عفاف
أول فتاة تقبلتني كما أنا ، هه
ربما لأنها لا تعلم عن "سواد وجهي" ، هذا أفضل
لن أفسد فرصة بقاؤنا صديقات ، من يعلم ربما يكون لنا لقاء في الدمام ، فأنا أعيش هناك ..
كان قميص أبيض مرتب ، في الخلف شفاف يظهر كل شيء بأكمام طويلة ضيقة ، إزارير ذهبية ، جميل المظهر ..
كُنت قد بدأت بالتخطيط ، إنني سأرتدي
هذا القميص عند لقائنا بإذن الله ..
حين انتهيت من ترتيب ملابسي
تأكدت بأن جميع آشيائي قد حزمتها في الأمتعة ..
جلست على سريري ، وكالعادة بدأت في
التفكير بالشريط ، أنا أعلم بأني قد فعلت أشياء سيئة جداً
واعلم بأنها كانت عظيمة ، لكن هذه المرة كانت مختلفة ، شعرت بمدى فظاعتي وقبح أفعالي ، ندمي لم يكن
مقابلة طارق فقط ، بل للمعاصي السابقة ، مكالماتي ، قصص الحبْ "الكاذبة" التي عُشتها ، الهدايا التي
تلقيتها ، الفتيات اللواتي ساعدتهن ، لم تكن دانه بمثل جراءتي ، أحياناً كانت معارضة ، ومتذمرة ..
أما الآن فالعكس
أصبحت الخائفة وهي المقبلة لعمل
ما في رأسها ، أنا النادمة وهي إلى الآن تظن بأن ما فعلته مباح !
حقيقة ، أن الإنسان تختلف تصرفاته بمقدار مصلحته
فإن كانت له مصلحة أصبحى مِقداماً
ولا يهمه ضميره الذي يصرخ
وإن لم تكن له أي حاجة
استيقظ ضميره من سباته العميق


إلى الغرفة ، إلى النوم ، إلى تلك الجنة الدنيوية : سريري.
رميت جسدي المُتعب ، سقطت جفوني وتعانقت
أهدابي ، هدأ المنزل فجأة ..
شعرت بأصبع يستكشف كبدي ، لا لا بل معدتي ، استيقظت لأجد وجه عفاف يقابل وجهي واصابعها الغبية تخترقني ، همست لي : طارق نايم ؟
يا إلهي أي عذاب نفسي هذا ! : باللهِ ؟

جلست بتملك شديد فوق سريري وتأففت : طفش
أمسكت بالوسادة وحشرتها فوق رأسي : اطلعي برا أبي أنام
عفاف : طويرق قُم .. وبدأت بتحريك الوسادة واللحاف
همست لها بحدة : ما نمت إلا 3 ساعات أرحميني
بحلقت بي : يوم كامل صار 3 ساعات ؟؟
تعدلت في جلستي : ايش ؟

ضحكت بصوت عالي : يا بابا لك يوم كامل نايم .. فجأة ضيقت عينها وركزت نظرها بي .. لا يكون ما صليت ؟


قفزت وأنا أمسك هاتفي واتأكد من كلام المجنونة ، لأجد بأنني فعلاً قد نمت يوم كامل !!
هل كُنت مُرهق إلى هذا الحد ، أم أنّ ضرب نادر قد أعياني !
أمسكت بملابسي
متجاهلاً ثرثرة عفاف ، اتجهت لدورة المياه -أعزكم الله- للاستحمام
انتهيت بسرعة قياسية ، ارتديت قميص بأكمام قصيرة لونه أبيض مع بنطال جينز ،
لم اعتاد الثوب بعد !
نزلت للأسفل ووقعت عيني على
عمتي جميله تطهو ، قبلت رأسها وأمسكت بي وهي توْبخني على نومي الغريب
أجلستني في أحد كراسي طاولة الطعام ، أحضرت جميع أصناف الأكل التي يعشقها بطني
بدأت بألتهام الأكل بشراسة ، ضربت عمتي جميله صدرها بأسف ، وبدأت بترديد جملة

"ويلي عنك يا وليدي ما أكلوك شيء الأمريكان"

هل كان من المفترض أن يقرع دي?يد لويد حاكم كندا باب منزلي ويحضّر لي الإفطار ؟ وهل أصبحوا الكنديين "أمريكان" ؟
ربما جدّر على الأمريكان أن يطعموني
جيداً ، ويجب أخذ وزني قبل أن أسافر إذا زاد فهنيئاً لهم ، كسبوا رضى عمتي
وإن نقص يجب أن يُضربوا واحداً تلو الأخر
من قِبل يد عمتي المغطاه بالحنا ، وضرب دي?يد على مؤخرته وتوبيخه
: شرايك نشتكي عليهم يا ميمتي ؟
ضربت يدي وهي تبتسم بإحراج : هذا جزاي خايفه على صحتك





حمدت الله على نعمته وقفزت مسرعاً حين رأيت عفاف قادمة ، فأنا أعلم بأنها ستبدأ بثرثرة لا نهاية لها ..
صعدت إلى الدور الثاني ، رأيت غرفة نادر مغلقة
إذن فهوَ في الشركة !
دخلت غرفة هيفاء لأجدها تقرأ قرآن بصوت خاشع وهادئ ، هذه الفتاة هادئة بشكل عجيب ، خجولة جداً
ورقيقة بشكل مبالغ ، حتّى نظراتها توحي بالهدوء والسكينة ، صوتها الدافئ ، ضحكتها الناعمة ، كانت بمعنى آخر "بريئة" ..
جميع من يراها ويرى عفاف بجانبها يُجزم بأن عفاف هي الكبيرة لولا أن ملامح عفاف تبدو أصغر ، ولكن
مع تصرفاتها تشتت الأفكار ، وتجعل الناس في حيرة من أمرهم "من الكبيرة ؟"
هي بنفس عمري ولكن لم تكن
علاقتي معها كعلاقتي بعفاف ، هذا لا يعني بأنني اتصرف برسمية معها ، لكنني أفضّل عفاف عليها




أذكُر رفضها الدائم لِخُطابِها ، لم توجد الأسباب ، لكن رغبتها ستنفذ ..
في البداية كُنت أظن بأنها قد
تعاني مِن مرض ، وقررت أن أحُثها على الفضفضه لي ، كنت أبلغ من العمر 18 سنة ، أحاول أن اتصرف بمسؤولية ..
أمسكت يدها وأنا أردف
"إذا كان فيك مرض وتخجلين منه نقدر نعالجك"
أذكر كيف ضحكت بشدة ثُم بدأت الحُمرة
بالتسلل إلى وجهها الدائري وقالت بأنها بصحة جيدة ، ولكنها لا ترغب بالزواج ، لا تعلم لماذا ولكنها لا ترغب ..
هكذا أجابتني
واظن بأنّ عمتي قد يئست منها ولم تعد
تلُح عليها بالزواج ، وكذلك عمي ونادر ..
أنا بالتأكيد لستُ راضياً عن قرارها ، لكنها تعرف مصلحتها أكثر مني ..





رفعت رأسها وهي تبتسم لي ، بياض ونقاء في وجنتيها عيناها تحيك سعادتها المطلقة أما ثغرها ممتلئ بالرضا ، قبلت رأسها ودخلت غرفتي ، حان وقت الذهاب إلى
صديق عمري ابن عمي "سامي" ..
بحثت عن ملابس أنيقة ، عجيب !
كيف استطاعت عمتي ترتيب ملابسي بهذه السرعة ؟!
لا يهم
ارتديت تي شيرت رمادي مع بِنطال
أسود وحزام أبيض ، فوقه الجاكيت الرسمي لأبدو أكثر جدية ، فأنا في طريقي إلى المول ، إلى الفتيات ..
سرّحت شعري بطريقة عشوائية ، أغرقت نفسي
بالعطر وأنا أسمع عبارات الاستهزاء تخرج من فم عفاف ، لم أشأ إحراجها ولكنني أردفت بِخُبث : تراني رايح مع زوجك
صمتت وتلوّن وجهها بجميع الألوان ، ضحكت عليها وأنا أُكمل أناقتي ، هذه الطريقة الوحيدة لقطع أفكارها ..
نعم نعم سامي يكون خطيب عفاف منذُ 3 سنوات أو 4 ، لا أعلم بالضبط ، كُل سنة يحصِل تأجيل من طرف عفاف ، ومن طرف سامي لحفل الزفاف ..

أظن بأنّ سامي ليس مستعد ، مع العلم
بأنه يملك وظيفة جيدة وشخصية رائعة ، وعمرُه مناسب للزواج ولكن لا أعلم ما السِر الذي يخبيانه
عني ، لكن سأعرف ما يدور بينهما قريباً ، فقط في الوقت المناسب ..


خرجت وأنا ادندن بلحن غريب ، دخلت
سيارتي وأنا أُعدِل نظارتي الشمسية لتكتمل بها وسامتي ، اتصلت بسامي لأخبره بقدومي واتفق معه على مكان التقائنا ، تذكرت
مقابلتنا أنا ودانه ، طردتها من رأسي ، فَهي فصل سيء قد انتهى ..
دخلت المول ووقفت عند البوابة ، أمسكت بهاتفي وأنا أطبع بأصابعي "وينك ؟" فجأة شعرت بضربة في ظهري ، أو ربما فيل قد اصطدم بي ، ألتفت لأجد ابتسامة
قد شقّت آخر بوابة في المول ، اقسم بأني ضحكت حتى كادت عيناي بالبكاء ، وجهه أحمر دلالة على أنّ
الدموع على وشك الانهمار ، ارتمى في حضني أمام الناس ، أمام الفتيات ، يا للإحراج ..
ابتعد عني وهو يصرخ بكمية اشتياق هائلة ، ضربني
على كَتِفي وهو يردف "يا عمي تغيّرت" ، أنا الذي تغيرت ؟ هو الذي قد بدا وكأنه عارض أزياء أجنبي !!
في السابق كان بديناً ، منتفخ بمعنى آخر ، شعره خفيف ولا يحُب أن يُطيله أكثر ، ضعيف البُنية ..
أما الآن !
يبدو نحيل جداً بعضلات بارزة ، العروق تمتد من رسغه إلى كفّه ، وجهه المستقيم ، وجنتاه اللاتي حُفرن من فرط النحالة ، شعره أسود كثيف مُجعد ، أصبح طويل أو ربما لطالما كان طويل ولقد لاحظته للتو !
بالإجمال كان وسيم جداً ، بالطبع أكثر وسامةً مني ..



جلسنا في أحد المطاعم لنتحادث قليلاً
أمسكت بهاتفي وأنا أعبث به بين أصابعي : إيه ، وصرنا رشيقين
ابتسم بإحراج : والله من الطفش ، ما كان فيه أحد عندي قلت ادخل نادي واسوي رجيم
ابتسمت له : بس ما تحس أن الرجيم قلب عليك ؟
تعقدت حاجباه : آفا ، ليه ؟
طارق : نحفت بزيادة
نظر إلى الأطفال يلعبون في السلم المتحرك : الشكوى لله









كانت تجلس على السرير تراقب حركات هيفاء المُنتظمة ، تتأفف بصوت عالي لتلفت انتباه هيفاء ، اردفت بملل : هيوف عطيني جوالك


بضياع أمسكت جبينها : والله مدري وينه !
تجمدت ملامحها : الله يعطيني شويه
من برودك ، لو جوالي مو في يدي كان .. قاطعتها صوت رسالة ، صرخت بفرحة .. واخيراً كائن حي
قفزت إلى غرفتها ، ورمت جسدها على
السرير ، وجدت نُكته ، صرخت بقهر " يا الله " نظرت إلى محادثتها مع فجر ، ترددت هل تحادثها أم لا !
لا سأدعها وشأنها
جلست بملل وهي تراقب حركة الستائر
بفعل التكييف البارد ..
طارق نسونجي والجميع يدرك هذا ، هل يا ترى سامي مثله ؟
فالطيور على أشكالها تقع ، ربما هو المُعلِم هه !!
لا أُحبه ، فقد وضحت له هذا في رسالتي السوداء ، وهو وضّح لي بأنه لا يطيقني أيضاً ، غضبت من وقاحته ، فأنا لم أقل بأنني أكرهه ، فقط أجده واحد من إخوتي .. لكنه وقح ، لم يُراعي مشاعري ، وانوثتي ، فأنا أنثى والانثى لا تقبل
الرفض حتى وإن كانت تشاء هذا ، تُحب أن تُدَلل ، لكِن هذا الأحمق ..
لا يوجد شيء لاخسره في هذه الزيجة ، لهذا وافقت
والسبب الثاني لأجل طارق ، فهو عندما علِم بأمر خطوبتي منه اتصل علي من كندا ليبارك لي ، كان يظُن بأني
قد وافقت ، فهو رفيق عُمرِه وأبن عمه المُفضل ، لم أشأ أن أُحطِم فرحته برفضي هذا وافقت ، أنا أعرف بأن شخصية
سامي ضعيفة ، جميع العائلة تعرف هذا ، لهذا أنا تجرأت وارسلت رسالة أوْضِح فيها أسباب موافقتي عليه ، لكنه
صدمني بردِه ، تمسّك بي وطلب تأجيل الزواج ليبقيني معلقة ، لكنني لم أُمانِع هذا .. فهذا أفضل لنا









اليوم هو عوْدتنا إلى الدمام ، لستُ مُتحمِسة بلْ أشعر بخيبة أمل لم استطع تحطيم ذلك الشريط ، لم أفتأ التسلل إلى غرفة دانه بحثاً عن ذلك الشريط ، لكنني لم أوْفق واجده ..
تبدو دانه أكثر هدوءً ، قالت لي بأنها حزينة لعودتي إلى السعودية وتركها في كندا وحيدة ، لكنني وعدتها بالاتصالات والرسائل ، لم نتطرق إلى الحديث عن طارق ، أو أي شيء قد يدُل عليه ، بل بقينا نتحدث بسطحية ..
صعدنا على متن الطائرة ، اتصل أبي على والدتي واخبرها بقدومنا ، فرِحت كثيراً ، طلبت محادثتي وعبأت رأسي توْصيات كثيرة بأن أجلس بجانب والدي ولا أغفو حتى لا أُخطف ، وأن ابتعد عن الأكل المشبوه والى آخره من قلق الأمهات ..
















يتبع ..



قراءة مُمتعة للجميع ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 25-08-13 08:51 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
حالفين علي أنكم ما تردون على روايتي ؟
وتقولون لا تعلقينا وكملي الرواية ):
كيف أكملها وأنا أشوف هالتحطيم ?
الزبده أتمنى أتمنى أشوف رد يرفع من معنوياتي ويخليني أكملها ، واشكركم :*
والقرّاء الأعزاء تلقوني في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"

تفاحة فواحة 26-08-13 10:21 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
ياهلا ومرحبا فيك بليلاس الغالي مجمع الابداع والاحبه
انشالله تلقين الي يرضيك و تصلين بروايتك لبر الأمان ....
http://www.liilas.com/vb3/t178243.html

آجر. 26-08-13 08:36 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة فواحة (المشاركة 3363748)
ياهلا ومرحبا فيك بليلاس الغالي مجمع الابداع والاحبه
انشالله تلقين الي يرضيك و تصلين بروايتك لبر الأمان ....




أهلاً يا تفاحة ..

بإذن الله بتنتهي هالرواية على خير ، بس تقدرين تقولين أن خاب ظني في نفسي قبل كل شيء ، بس إن شاء الله تلاقي إعجابكم روايتي الوليدة :$

انرتي عزيزتي.

آجر. 27-08-13 02:29 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟


أعتذر عن قصر هذا الجزء ، لكنه استنزف مني وقت طويل ، وعلى فكرة هذا الجزء الأقرب لقلبي :$ ، استمتعت كثير وأنا أكتبه ، واتمنى أنكم تستمتعون أيضاً










-








الجزء الثامن







[ حياة سامي الشيّقة ]









تلك الأيام ، أيام الأبيض والاسود ، أيام شُرب القهوة العربية بدلاً من ستاربكس ، واللعب في "الحوش" والكورة السحرية التي لا تقدر بِثمن والتي اشتريناها أيضاً
بـ 10 ريال أي : خمسة آلاف بالنسبة إلى عهدنا هذا ، فحين تمتلك ريالاً ، فأنت تمتلك ثروة ..

أيام رائحة الحِنا في أيدي النساء والتي تُعادِل
رائحة طلاء الأظافر الآن ، خجل الفتيات حين يَمُر
بِهن شاب وخجله أيضاً دون أي "تميلح" ..


وطفلة بفستان مُزكرش يحمل جميع ألوان
الحياة والذي يبدو وكأنما خرج من صحراء الربع
الخالي من تلك الطبقة السميكة من الغبار اثر السقوط المتكرر ، و"خِرص" مِن ذهب ، وطبعاً لا ننسى الساق
الممتلئة بالجروح ، تحرس مرمى الملعب ..

تلك الأنوثة قد تبخرت حين تلمح عينها كورة ، تُشمِر عن
اكمام الفستان الطويله وتباعد ما بين ساقيها ، لتترك
مساحة طويله قد تَمُر بها سيارة إن شاءت ، لِتُصبح بقدرة قادر



حارس مرمى مُحترف !




هذه الطفلة ، كانت الصديق المُفضل للفتيان في تلك الأيام ، كانت ترُد بصوت مسموع حينا يُنادي احدهم

"يا عيال"

فتصرخ بِكل نعومة ورِقة

"هااااه"




تلك الأيام التي نحمل فيه حجر ولوح خشبي لنلعب لعبة شعبية تُسمى "مِقْطار" تماماً كما يحمل الأطفال الآيباد وشاحنه ليلعبوا "فن رن" ..

هذه الأيام التِي إن سمعت فيها خبر وفاة شخص وحتى إن لم أعرفه ، تساقطت دموعي كشلالات ، أما الآن نسمع أنّ فلان قد مات ، فنصمت للحظة مُراعاة لمشاعر الآخرين ، أو ربما



لأننا لا نعلم ماذا يجِب أن نقول !





هذه الأيام رُغم عُسرها وشقائها إلا أنني
اشتاق إلى كُل لحظة منها ، إلى رائحتها ، فأنا أعرف
رائحة الماضي المليئة بالحِنا في كف النساء ورائحة
العود المُنبثقة من "بِشت والدي" ، واعرف صوته كذلك ، صوت راديو مُهتَري ، وصوت صُراخ وشتائم
لأن فلان أضاع الهدف الذي كان من الممكن
أن يربح به البطولة ويفوز بالكأس والجائزة الثمينة


فطور على فول وعدس ..




على الرغم من سذاجتنا تلك الأيام ، إلا أنها
أسعد لحظات مرّت بي ، في تلك الأيام أشعر
بأنني أملك العالم بين يدي حين أجلُس في
حضن جدتي ، أما الآن تصرخ حتى يبّح صوتها لأجل أن يحضروه إليها وهو يجلس خلف أمُه ويردف

"ما أبي أسلم عليها"



هذه الأيام لا تقدر بثمن ، فكفُوا عن قول أن
الحاضر سهّل الكثير من الأمور ، الحاضر امتص الحياة مننا ، أصبحنا جلوس بصمت ، أجساد مرتبطة بهواتف ، عيون
أتلفتها قنوات التلفاز ، وعقول انحرفت ، وشباب ضاع


أي حاضر تتحدثون عنه ؟


وأي سهولة أصبحنا فيها ؟


أنا لا أمانع الحضارة التي أصبحنا فيها ولا التقدم الذي غدونا به ، لكنني أمانع طريقتنا في عيشه
أسلوبنا في استعماله ..

وإن سمعت احدهم يقول أملك ماضٍ أسود ، فهذا الأسود أفضل من مستقبل مُبهم تراه أبيض !!




في هذه الأيام الجميلة ، وفي يوم مشؤوم ، أذكر بأنه كان أول أيام عيد الفطر المبارك ، كُنت أبلغ من العُمر 10 سنوات ، هذا اليوم مُخصص للذهاب إلى
منزل جدي الكبير ، والمعايدة والمباركة لجدي وجدتي واعمامي ، كُنت قد بكّرت
بالحضور فاستقبلتني عمتي الصغيرة التي تكبرني 8 سنوات بِقُبل مملوءة بأحمر شفاه ، ورائحة العود تخترق أنفي الصغير ، امتدحت "كشختي" التي كانت مكونة
من ثوب أبيض جديد وحذاء -أعزكم الله- وتنتهي بـ"طاقية" تُظهِر شعري الأسود مِن الأسفل ، جلِست بجانب
جدتي وأنا أتلحف بالحياء والخجل وعيني
تلتقط مرور الصغيرات بنات أعمامي والفساتين الجميلة والابتسامات البريئة ..
ما هي إلا دقائق حتى هَجم علينا أسطول بحري !


أنهنّ عماتي يا سادة


أصوات نسائية في كُل ناحية ، عباءات سوداء
وكفوف مغطاه بالحنا ، ورائحة العطور ، واكياس قد
امتلأت بحلوى العيد اللذيذة ، لم استطع الحِراك
لأن جدتي قد طلبت مني هذا ، جلست بجانبها

واكاد ادخل في معدتها من الخوف ، فَهُناك خطر محدِق ، كومة عجائز محيطة بي ، بالتأكيد لن يدعن الذكر الوحيد بينهن بسلام ..


تبادلن المُزاح على حسابي ، سخَرن من شكلي ، وبدأت عقولهن بالانحراف والدخول في أحاديث لا تصح
نظرت إلى جدتي من فرط الحياء ،


ابتسمت لي وهي تُعزز لوسامتي المُطلقة : من تزوّج سامي بنتها ؟


لا يا جدتي ليس هكذا !
هذا ليس تعزيز ، بل بمعنى أصح "نكبة" !!!
دارت عيني في جيش مُحمد
وأنا انتظرهنّ يضحكن على نُكتة جدتي اللطيفة ، لكنهن بدأت


بالتقييم ، فإحداهن قالت : سمين !


نظرت إليها بحدة ، أنا السمين يا سوداء ؟؟
أنا أعرف زوجك جيداً ، فهو يبدو وكأنه شرب مياه المحيطات بأجمعها واكل الأخضر واليابس
من فرط حجمه ، اذهبي للجحيم يا نحيفة ..


اردفت أخرى بتفكير عميق وكأنها تحُل لعبة بازل : والله أن سامي كوْيس
أنا كوْيس رغماً عن أنفك ، وأبنتك ذات الشعر
القصير لا أرغب بالزواج بِها ، فهي فتى مُتلبس برداء فتاة ..


ضربتني جدتي على كتفي ، علامةً عن الفخر ولكنها لم تسبب لي أي دعم إلا كدمة خضراء في جلدي الأسمر : سامي رجّال عن ظهر رجّال

تكلمت عمتي جميله وهي تنظر إلي بحنية أو
ربما بشفقة على حالي الذي انتهى بي بينهن ، سخرية القدر : وش رأيك يا سامي تتزوج عفاف بنتي ؟
أشارت إلى طفلة تقبع في حضنها
الواسع ، ترتدي فستان كبير جداً ، شعرها مائل إلى البني ، خفيف وناعم ، تنظر إلي ببلاهة ، يا للمسكينة


تزوجت وهي لم تُكمِل سنتها الرابعة ..


نادتها جدتي ، تحركت وهي تمُص أبهامها ، تبدو مدللة ، يا للقرف ..
أجلستها جدتي في حجري دون سابق إنذار ،

أخذت شهيق بلا زفير ، بحلقت عيني وأنا انظر إليها ، أما هي فأظن بأنها قد أُعجِبت بحجري ، لم تمانع

بأن تميل قليلاً وقليلاً حتى تمددت علي ، ضحكن عليّ وعلى هذه الطفلة ، ابتسمت جدتي بفخر وهي تربت على رأسي


: أجل سامي لعفاف وعفاف لسامي ..


نظرت إليها برهبة ، كُنت طفل يظن بأن هذا القرار الذي أُصدِر مِن قبِل جدتي الموْرقة سيدوم يوم
أو أسابيع بالكثير ثُم يُنسى ، على الأقل هذا ما أملته !


لم أعلم بأنها تُهمه ألصِقت بي ، علكة تشبثت فيّ ، فهذه العفاف ارتبطت بي منذُ الصغر ..




عِندمَا كبرت ظننت بأن الموضوع قد انتهى ، بل نسيته تماماً ، أصبَح همي الشاغل هو
شلتي الفاسدة المُكوْنة مِن طارق وهيفاء وفيصل ( ابن عمنا ) ..

أذكُر أننا نتفق على التسلل ليلاً لنجلُس خلف
منزِل جدي حيث يحتوي ما يشبه الكوخ الصغير ، كان مكاننا المُفضّل ، نقبع فيه ونرسِل هيفاء لتحضّر
لنا بعضاً من الطعام ، كُنا "سناين" كما يقولون أو بمعنى آخر بنفس العمر ، فجميعنا قد بلغنا سِن الـ 16 ، كانت
هيفاء تعيش مذهب مختلف ، مِن المُضحك قول
هذا لكنها كانت تتحجب عن الأولاد ما عداي أنا وفيصل ، فنحن مرفوع عنّا القلم بشكل من الأشكال ، بل
كُنا رفقة عُمر ، كانت بحركات صبيانية وخير معاون في الدروس ، كُنت أهرب إليها إن كان لدي
اختبار مُقبِل ، لتشرح لي ..
كانت أختِي الصغيرة ، وكنت أُحبُها ولا أرضى عليها بكلمة ، وهذا حال فيصل أيضاً.




كُنت ألعب مع طارق ، ولا نسمع إلا صُراخنا ، ونشعر بنشوة المُتعة ، وكأننا قد حضرنا المباراة الأخيرة
من كأس العالم

وفي داخل هذه الفرحة سمعت صوت بُكاء ، ألتفتنا ناحية الصوت لنجد عفاف تكفكف دموعها واكمام قميصها تطول يدها ،
اشمئزت ملامحي ، فهذه الطفلة هي التي حرمتني طفولتي ، وهي التي استولت على حُجري في يوم العيد ،


غبية ومدللة

صرخ طارق بملل وهو يتعذر بأن احدهم قد ناداه ، هرب ولم استطع اللحاق به لأنها
استوقفتني ، أمسكت بذراعي وهي تنوح "فيه واحد ضربني" ، اشتعلت البطولة في صدري ، فمهما يكون أنا
رجل ويجب علي المدافعة عن زوجتي الصغيرة حتى وإن كانت

غبية وبشعة


،

مشيت بتسلُط وأنا أجرها خلفي ، لم تستطع مجارات خطواتي السريعة والواسعة فسقطت وآذت قدمها ، لكنني
أكملت المشي وأنا اسحبها متظاهراً بأني لم أرى سقوطها ، أوقفتني أمام صبيان عِدة واشارت إلى
احدهم وهي تهمس بخوف في أذني "هذا هو" ، حين رآنا الفتى بدأت أقدامه بالارتجاف ، فأنا كُنت سمين جداً ،
شكلي مُهيب ، فَمُجرد جلوسي عليه قد يتلفظ آخر أنفاسه
صرخت بحدة : من اللي ضرب عفاف ؟



أردف بتوتر وعرقه يصُب مِن جبينه : أنا ..


أمسكته بأذنه وأنا أجُره ناحية عفاف التي بقيت تبكي من شدة الخوف ، صرخت به : حِب رأسها


حين أدركت ما قُلته ، تداركت نفسي وأنا أقول : لا لا ، تأسف


كيف تريدون من هذا الصعلوك أن يُقبِل زوجتي ؟ ، لن اسمح له
عبّر عن اسفه بخوف وهو ينظر إلي ، اقتربت عفاف وضربته على رأسه وهربت وهي تركض مُبتعدة عنا ، ابتسمت
بسخرية على حركتها الغريبة وكأنها قد انتقمت

،

لو أنها ضربت ذبابة بهذه الطريقة ، لانصرعت الذبابة مِن شدة الضحك ..




الحلقة الأخيرة من مسلسل صداقتنا ، أخبرتنا هيفاء عن قرار عمتي جميله ، أنها
يجب أن تترك شلتنا الفاسدة ، لأنها قد كبُرت ، أذكر بأننا اجتمعنا في كوخنا ، وبكينا كما لم نبكي
من قبل ، اكثر من تأثر هو فيصل لأن الوحيد في شلتنا من تعنّى وتعلّم لغة الإشارة هي
هيفاء
لأن فيصل أصم ، واظن أن هذا أسعده كثيراً


،

جلسنا بجانب بعض ونحن نبكي ونمسح دموعنا كالأطفال ، أنوفنا حمراء كأنوف مهرجين ، واعيننا أنكمشت ، وفي النهاية نزلت السكينة علينا ، ظللنا نبحلق في
بعض ونعود لننظر إلى هيفاء النظرة الأخيرة ..

فجأة انفجرنا ضحِك على حالنا نهضنا جميعنا ونحن نوّدع هيفاء ما عدا طارق الذي رافقها إلى المنزل ..

وداعاً هيفاء







حين بلغ عُمرِي 19 سنة وكُنت قد
تخرجت من الثانوية بشق الأنفُس ، وفي نفس اليوم المشؤوم



: أول أيام عيد الفطر المبارك

لماذا أفسدوا هذا اليوم ؟ إلا يعلموا بأن عقدةً ما قد أصابتني منه ؟! ، لقد أصبحت اتوّجس خوفاً حين أسمع في الأخبار
"غداً هو أوْل أيام عيد الفطر المبارك"

وكُنت أسمعها "غداً مصيبة أخرى لسامي"


اجتمعنا في مجلس جدي الكبير ، وطبعاً لن أُفارق صديقيّ فيصل وطارق ، جلسنا بجانب بعض
وأبتدأنا بالحديث ، وكان طارق يُخبرنا عن مدى رغبته في البعثة ، أما فيصل كان يُحادثنا
بِلُغة الإشارة ونحن نهُز رؤوسنا وكأننا نُدرك تماماُ ما يقول ..


في أثناء حديثنا ، سمعنا ضحكة جدي والذي
يجلس بجانبه ابن عمٍ لنا يُدعَى "سعيد" يبلغ من العُمر 23 سنة ، كانت تعلوه ابتسامة خجل ، اردفت بسرحان
: وش عنده سعيّد سعِيد ؟
.. ضحكت على دُعابتي السخيفة لوحدي


أمسك طارق كتفي وهمس في أُذني : خطب عفاف

نظرت إليه بجمود ، هذا أفضل فليأخذ المدللة بعيداً عني وليتهنّى بِها ، لم يكُن طارق يعلم بتخطيط
جدتي على أخته ، ولم أخبِره هذا ، ولا أظن بأن
عفاف تعلم بأنها تزوجتني حين كان عُمرها 3 سنوات
ضحك جدي كثيراً ثُم نظر إلي ،


ارتعشت أطرافي ، أرجوك يا جدي تكفي "نكبة" زوجتك لا تزِدها علي ، أردف جدي بصوت عالي ، لربما سمعته طيور البطريق في القطب المتجمد







: عفاف لسامي ..






يا أرض انشقي وابلعيني.















يتبع ..



قراءة مُمتعة للجميع ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 28-08-13 09:11 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟











-







الجزء التاسع








[ قُلت مرة بأنك تسقيني حُبك ..
والآن أنا أصرُخ لك
أرجع فشوقي لك يزيد
عطشي لك هائل
لأجدك تنظر
تنظر إلي ..
وطيفي يحوم حوْلك
يهمس لك :


" ظمَأت أم ارتوت سيان
دعها تذوق ألم بُعدِك
اجعلها تُعاني
لعلّ الوقت يُسعِفُك
وتعانُقها بالحلال "


وتعود لِترحل
وأنا أُراقِبك
أرجع لي بالحرام
سأخنق نفسي اللوامة
واستنشق ذنبي كُل ليلة
واُرضي قلبي الحنّان .. ]









عُدت إلى المنزل ، صعدت الدرج وللحظة شعرت بأنني أصعد قِمة أفرست ، شهيق فَزفير ، هل طال هذا السُلّم أم
يتهيأ لي ؟
أكملت صعودي وتذمري ما زال قائماً ، دخلت غرفة
عفاف لأجدها على الهاتف ، أقبلت نحوها وتمددت على سريرها براحة ..
لم تُمانع بل ظلت تتكلم بأدب غريب !
في العادة أسمع ضحكتها وشتائمها وطبعاً
"الحش والغيبة والنميمة"
لكنها تبدُو أكثر هدوء وخجلاً وهي تتكلم ..
انتظرتها تُنهي مكالمتها لأسألها : من ؟
أجابتني وهي تدفع ساقي بعيداً حتى تستطيع أن تجلس
: وحده تعرفت عليها في كندا
نظرت إلى السقف وتفكيري ينحصر بالفتاة الناعمة التي وجدتها في غرفتي : وش اسمها ؟
جلست أمامي وهي تضيق عينها بتشكيك : وش تبي
في اسمها !










كانت تجلس في غرفتها وحيدة ، تنظر إلى الفراغ لعلّه ينطق ويواسي دموعها الباردة ، لكن يبدو أن الفراغ نفسه
قاسي مِثل البشر ، الهدوء الذي خلفته فجر ، والآلام
التي بقيت تتجرعها وحدها ولم تتكبد فجر عناء
مشاطرتها ، ابتعدت فجر لِتُعاني دانه وحدها ..
تنطق أُحبك لقلبها المسكين ، لَرُبما تصل إلى طارق ويسمعها ، فالقلوب تتصل ببعض بطريقة عجيبة ، هذا الاتصال يبدو أنّه مُحطم لدى دانه وطارق منذُ أن بدأت
حروبهما ..

أمسكت بالشريط وبدأت بالنظر إليه ، أتغار من ابنة عمها ؟ أعني لقد كانت بين ذراعيه ، مباشرة أمام
وجهه ،
فجر جميلة هل وقع في غرامها ؟
لماذا تَصعُب الأمور وتتفاقم علي ، بينما هي ممهدة لفجر ؟

رُبما فجر تشعر بالغيرة مني !
بل هي كذلك فأنا أملك أطنان من الأصدقاء ، وهي لا تملك أحد سوى والديها ، أنا أملك النعومة والبشرة البيضاء ، وهي سمراء بملامح حادة
من أكذُب عليه !


هي أجمل ، واجمل بكثير








الجوْ هادئ ، وصوت التكييف هو السائد بيننا ، هذه أول مرة تصمُت فيها عفاف ،

مبروك
لا حقاً فهذا عجيب ، هناك شيء قد حصل في
هذه المكالمة ، أو أنّ عفاف غاضبة من سؤالي عن اسم الفتاة

اردفت وأنا أحفر أصابعي في خصرها كما تفعل بي دائماً : خلاص آسف ما راح اسأل مرة ثانية
نظرت إلي مصدومة : ما فكرت بكلامك أساساً
طارق : أجل وش فيك ساكته
تحدثت بزعل وتدلُل : والله ما عرفت لك ، إذا تكلمت قلت أسكتي وإذا سكت قلت تكلمي
هذا ما في الأمر ، تُحاول أن تُرضيني : هههههههههههههههههههههههههههههه خلاص يا بابا تكلمي
دخلت هيفاء ورمت جسدها على السرير معنا : طفشت
دفعتها عفاف بيدها وهي تُبحلق فيها : هيه هيه ، سريري ملجأ ولا ايش ؟
ضربتها بالوسادة : خلينا نجلس يا لطيف
تحلطمت عفاف ، ابتسمت هيفاء لي وهي تغمز لي : كنت طالع مع سامي ؟
أجبرتني نفسي بأن انظر إلى ردة فعل عفاف ، لأجد وجه أحمر ، وثغر مُلتم : إيه كنت معه
قفزت كالملسوع : إيه صح صح
نظرت هيفاء لي باستغراب ، أما عفاف فاكتفت بالنظر إلي بجمود : لو تشوفون شكل سامي
كُنت أتحدث بجدية ، أما هيفاء ظلت تضحك وهي تنظر إلى عفاف
بحثت عن هاتفي وأنا أردف بجدية تامة : أتكلم صدق ، الولد تغير 180 درجة

عقدت عفاف حاجباها ، أما هيفاء سألتني : طيب انت وش تدوّر ؟
تأففت بغضب : الجوال الملعو ..
ضربتني هيفاء على يدي ، هي تكره الشتائم واللعن ، اعتدت على ضربتها الخفيفة على
باطن يدي عندما كُنت صغيراً ، لكن الآن أصبحت أتلقّى الضرب في أي جزء من جسمي تصل يدها إليه
اردفت بزعل : هذا هو يا اعمى

نظرت حيث المكان الذي تُشير إليه ، أمسكت به وبحثت عن صورة سامي التي ألتقطتها له في المول دون أن يعلم ، فتحت الصورة ووضعت الهاتف أمام وجه هيفاء ، كُدت أُدخِله في
أنفها من الحماس والصدمة ، تعقدت حاجبا هيفاء وأبعدت الهاتف قليلاً لِتستطيع النظر جيداً ، توّسعت عينها وعادت لتنظر إلي : من هذا ؟

ضحكت بسرعة : حتى أنا ما صدقت أنه هو
كانت عفاف تجلس خلف هيفاء ، والفضول يتآكلها ، بدأت بقضم أظافرها ، هذاك السمين ماذا فعل بنفسه ؟

سحبت هيفاء الهاتف من يدي وهي تُلصقه في
وجه عفاف كما فعلت أنا ، لولا لُطف الله هذه المرة لدخل في عينها وكوّن كارثة في دماغها ..


نظرت عفاف نظرة خاطفة ، وأبعدت عينها بسرعة ، لا لا لم تنظر إليه جيداً ، صرخت بها : شوفي زوجك كيف صاير شكله

نظرت إلى الصورة بِخوف ، فجأة بدأت عينها بالتوسع شيئاً فشيئاً ، أمسكت بالهاتف وهي تدقق النظر وكأنها تجمع الفروق بين هذه الصورة وصورة سامي في رأسها ، أبعدته وبدا الضيق
على ملامحها ، همست بحدة : هذا مو سامي
هيفاء بحماس : بسم الله عليه ، طالع يهبل

أنا أعلم بأن قصد هيفاء أخويّ ، فهي تُحب سامي كأخيها ودائماُ تسأل عنه ، وعندما يجتمعون في مكان واحد تبدأ المضاربات والصُراخ وكأنهم إخوة .. لهذا لم اهتم لما قالته ، بل لفت نظري ابتسامة عفاف الساخرة ، ضربت هيفاء بيدي لأجل أن تنتبه لِما قالته ..

جلست هيفاء بجانب عفاف وهي تغمز لها : إيه وش علينا ، قاعدين نغار على الحُب
صرخت عفاف ، بدأت الاستفهامات بالتجمع حولنا : هذا موب سامي ، سامي دُب

جلَست على سريرها وهي تهُز قدمها بعنف ، اتصلت على سامي وأنا أُشير إلى هيفاء أن تصمت ..
: الو
طارق : أبو طويله
سامي : وش تبي ؟
طارق : حَرمك المصون مو مصدقه أنها صورتك
باستغراب أردف : أي صورة ؟
ضحكت كثيراً : ما علينا المهم أني صورتك باللوك الجديد وهي مو مصدقه
ضغطت بأصبعي على مُكبِر الصوت وأنا ابتسم ، أردف سامي بسخرية : أترك البنت شكلها خقت وانصدمت
كانت ستتحدث لكنها تذكرت وجودي وعاد وجهها بالأحمرار ، صرخت هيفاء بفرح : أخيراً نحفت يا بطه
ضربتها على رأسها : صايره تمونين علينا !!
ضحك سامي بفرح : وانتِ ما سمنتِ يا عود الأسنان

يتغزل في أختِي وأنا أجلس صامته ، يفرح عند سماعها وأنا أتلقى رسائل الكُره منه ، يسخر مني ويُمازحها .. يا غيرتي الشديده منك يا هيفاء !

أغلقت الهاتف وأنا انظر إلى هيفاء ، يبدو أنّ عفاف قد غضِبت
حاولت هيفاء تلطيف الأجواء : والله ونفع فيه الزواج " سويما "
نظرت إليها عفاف بجمود : مو صورته
استغربت من إنكارها المُستَمر ، هل تمُر
بصدمة ؟ ، هل عليّ حملها وقلّها إلى الطبيب النفسي ، لعّلها تفيق ؟!

طارق : والله صورته ، أصلاً شوفي أسنانه نفسها

سامي يملك أسنان غريبة جداً ، فهو يملك "ناب" حاد ، غريب !

تنهدت عفاف بصوت مسموع ، أطلقنا صرخة أنا وهيفاء ، ظناً منا أنه تنهيدة الحُب التي نشاهدها في الأفلام ..

تلك التنهيدة التي تبدأ بـ "يا الله" وتنتهي بالزفير القاسي ، لتخرج من صدرك وهي مُحملّه بذكريات وصور وأحاديث غزليه ، لتخرج تلك التنهيدة .. تنهيدة الحُب.




ضربتنا بالوسائد واضطرينا للخروج ، أكملت هيفاء السير وهي تدخل حُجرتها ، أما أنا فظليت ابحلق في نادر



: وش جايبك عند خواتي ؟


ريّحت جسدي على باب غرفتها ، ابتسمت له ولكنه يبدو غاضب ، اردفت بسخرية : تراهم خواتي بعد يا أبو العرّيف
اقترب أكثر وابتسم : زين عرفت انهم خواتك ، طيب أنا وش أصير لك ؟

كان يسخر مني ، ومن علاقتي معه
وكُرهي الذي لا يوجد له مُبرر مع أنه أخي ، تجاهلته لأنني أعلم ، أنا ونادر لا نستطيع البقاء في المكان نفسه دون أصدقاؤنا الأعِزاء
: التضارب والشتم ..

لكنه لَحِق بي وأمسك بكتفي : أنا ما أقول حبْني ، بس عاملني باحترام لأني أخوك الكبير

تقززت منه ، أنا أُحِبه ؟! يا رَجُل : فارق يا *****

أكملت خطواتي وشعرت بشيء ثقيل يضرب كتفي ، ألتفت وأنا أرى عفاريتي تتقافز أمامي وترقُص ، يُريد اللعب ؟ لنلعب ..

جمعت قوْتي في قبضتي ، كُدت أوجِهُهَا على انف نادر ، لكنني رأيته ينظر إلي يمينه ، نظرت أنا أيضاً ،

وجدت هيفاء تقِف ويديها متكتفه والغضب بدا على ملامحها : أسمعك تقول هالكلمات البذيئة .. ثُم عادت إلى غرفتها

كان تهديد واضح جداً ، بأنها ستصفعني وتُربيني من جديد إن سمعت هذا النوع من الكلمات ، المجنونة رمت على كتفي سلسلة مفاتيح ، كادت أن تخلعه لي ، أين نعومتها في هذه الحالات ؟


سمعت نادر يضحك بصدمة ، ثُم عاد ليشير إلي بعدم تصديق : كنت بتصفقني !!!
غضبت كثيراً ، أواليت هذه الضربة قد حصُلت : تحمد ربك
ابتسم لي مجدداً ، اغلق فَمك لقد وضحت لنا الفكرة ، أسنانك جميلة فقط كُف عن الابتسام : تصبح على خير

دخل إلى غرفته ثم عاد إلى فتحها مرة أخرى ، نظرت إليه باستغراب ، اردف بجدية : أقول طارق
طارق : شفيك ؟
اتسعت ابتسامته الغبية واختلطت حروفه بالضحك : أحبك يا أخوي الكتكوت

أمسكت بسلسلة مفاتيح هيفاء المنبوذة ورميتُها عليه ، دخل بسرعة وأنا أسمع ضجيج قهقهته ..

تمتمت بقهر : أكرهك









أصوات شجار ، بل صياح أُنثى ترتجف رُعباً ونادر يقف أمامها وهو يبكي ، حاولت أن أصرخ طلباً للنجدة ، أظن بأنه
يحاول أن يقتلها ،
هُناك ما يردعُني ، هناك مغناطيس يَشُدني حين أُحاول أن استيقظ وأبحث عنها ، هناك ماء يُغرقني ويُشعرني بالبرد الذي يضرب عظامي بشدة ، جفني يكاد أن
يلتحم مع عدسة عيني ، ولحافي ينزلق من
بين ذراعي ، وتلك المرأة لا تكُف عن الصياح والبكاء ،
ألا تدعني وشأني هذه المرة ، فقط هذه المرة ؟!

شهقت بِرُعب وأنا انظر إلى نفسي في المرآة ، هذا الحلم سيتكرر علي كثيراً أليس كذلك !
مسحت وجهي براحة يدي ، نظرت إلى جبيني المغطى بالعرق ، وفمي الأزرق ، وعيني الحمراء اثر تكتُل الكوابيس فيها ، شكلي مُرعِب !!

حاولت استرجاع الحلم وتذكره لربما اسأل مُفسِر عنه ..






استيقظت على صراخ وضوضاء عاليه واكاد أسمع
تذمر عفاف المؤلم ، استحممت بسرعة وارتديت بدلة رياضيه ، قميصها لفريق أرسنال وبنطالها لبرشلونه ، هذا ما يسمونه بالأناقة ..

نزلت من على السلالم ، قفزت من الدرجة الأخيرة ، صرخت منادياً لهيفاء وعفاف
أقبلت عفاف والدموع تتراقص على أهدابها ، اردفت ممازحاً : لاه لاه من اللي زعّل أميرتنا ؟

أظن بأنني حمستها على الصياح والدموع ، أجهشت بالبكاء وهي تردِف : تخيّل اليوم عزيمه وأمي مو راضيه تخلي أبوي يودي الذبيحه للمطعم ، يعني بكرف في المطبخ !!

عزيمة ماذا ؟ تشتت أفكاري ولم أفهم كلمة مما قالته ، لحقت بها : أي عزيمة ؟
عفاف : يا الله أنا وين وأنت وين
أمسكت برأسها : ركزي معي ، أي عزيمه ؟
حركت يدها الصغيره بلا مبالاة : عزيمتك
أهاا ، هكذا إذن : طيب أنتِ وش فيك ؟

انصدمت مني ، كان من المفترض أنا أواسيها وان أسمع ثرثرتها ، ضربتني على صدري واكملت سيرها ،
هروّلت مسرعاً إلى الجميله : يمه يمه
ألتفت ناحيتي ورأسها تفوح منه رائحة غريبة ، تعكرت ملامح وجهي ، اقتربت منها ولمست رأسها بأصبعي المقدّس
"البُنصر"
، تقززت من ملمسه اللزج ، سألتها : هذا ايش ؟
ضربتني على صدري ، مجدداً ، يا الله هل يبدو صدري مغرياً للضرب إلى هذا الحد ؟ أظن بأن صدري مُعلّم بالأحمر ليضربه الأخرين ، شكراً

: أوتش ، شفيك ؟
رفعت يدها : أسمع ، أنا مو ناقصه هبالك ، الشغل معبّي رأسي

إلى هذه الدرجة أنا مُزعج ؟ أنا إنسان هادئ جداً ، تكادون تسمعون جريان دمي في أوردتي من هدوئي المُفرط ، لا يهم
: ميمتي حبيبتي وش عندكم ؟
عمتي جميله : اليوم عزيمتك في بيت عمك منصور
استغربت : ليه مو في بيتنا ؟
نظرت إلي بحنية : جدك
تحججت : العجوز يقدر يركب الخيل بس ما يقدر يجي بيتنا ؟

ضربتني مرة أخرى على صدري ، يا الله
غضبت مني : ولد تأدب ، هذا جدك ما يجوز هالكلام سامع

مسحت على صدري الذي بدأ بالنبض بألم : طيب طيب




أمسكت هاتفي وحادثت فيصل "سكايب" ، كان مشغول كثيراً ، أراد أن يذهب إلى الحلّاق ثم المصبغة ليجلب ثوبه ، أكدت على قدومه ثم أغلقت الهاتف ، جلست في المجلس حيث
عفاف تقبع هي ومنظفاتها ، تعمدت أن أُكلم سامي أمامها ، فقط للعبث معها : الو سويما
رد بازعاج : هااا

لمحت وجهٌ أحمر : افا ، وش فيها الأخلاق مقفله ؟
سامي : يا برودة أعصابك ، ترا الليله عزيمتك !!
طارق : هههههههه طيب وش اسوي ؟ أقعد أبكي لين الله يحلها ؟
تضجّر من مزاجي : يا ولد عندك سالفة ولا لا ؟
تحدثت بجدية : إيه ، زوجتك تبيك
رفعت رأسها بسرعة ناحيتي ، حركته مراراً ثم غطت وجهها بيديها ، ضحِكت على ردة فعلها كثيراً ، حتى سمعت ضحكة سامي معي
سامي : إذا تبيني صدق هي تعرف رقمي
ردت بانفعال متناسية وجودي ، لم أرغب بإسكاتها : كذاب
سامي : أحلفي
غضبت بشدة : والله موب عندي رقمك
ضحك بسخرية : تبينه طيب ؟
صرخت : لا احتفظ فيه
صرخ سامي بدوره : أزين منك

يا إلهي ، صابتني نوبة ضحك ، كأنهما أطفال ، تمالكت ضحكتي وتصرفت بغضب مصطنع : شف بس شف ، راح الحياء تكلمك وأنا موجود

رمت عفاف المنظفات وغادرت الغرفة وهي تضرب الأبواب وكل ما يقابلها ، عدت لأحادث سامي ثم أغلقت الهاتف مجدداً ..







هذا النكِرة أغضبني بشدة ، أشعر بأعصابي تتفجر ، جلست على سريري وأنا ارتجف من شدة حنقي ، أمسكت بهاتفي لعلني أنسى ما حدث ، رأيت حالة فجر كتبت فيها
"home sweet home"
، استنتجت بأنها عادت إلى الدمام !!
اتصلت بها ، الفترة الأخيرة أصبحنا نتصل ببعض
ونتفق على أن نتقابل ، سمعت صوتها من الجهة الأخرى : هلا عفاف
كان صوتي ضجِراً : أهلين
فجر : وش فيك ؟
عفاف : أبد

صمتت فجر مراعاة لخصوصية عفاف والتي اردفت بحماس : وش رأيك تجين للحفلة اليوم ؟
فجر : من جدك !
: إيه إيه تكفين
فجر : لا لا صعبه
عفاف : يا الله فجر ، ترا ما فيه أحد بس أنا وأمي واختي هيفاء
بعدم فهم اردفت : أجل كيف تقولين حفله ؟
عفاف : هي حفلة لأخوي ، بس ذبايح ومدري ايش في بيت عمي ، بس للرجال ، وأمي العزيزه عرضت على أبوي أنها تطبخ الذبيحه في بيتنا ، بس

فجر : أها ، بس شكلي غلط لحالي معكم كذا
: يا بنت الحلال لا غلط ولا غيره ، بالعكس هيفاء تقول أنا طفشانه وأمي ما راح تمانع

ترددت قليلاً : أنا بشوف أمي وأبوي وارد لك خبر
صرخت بفرحة ثم سمعت صوتها : مو أكيد أجي
: يا الله أنتِ قولي لأبوك ويصير خير







عدوت لغرفة والدتي ، وجدتها على "الكرسي المتحرك" ، قبلت رأسها وجلست أمامها : كيف حالك اليوم ؟
أم فجر "مريم" : بخير ، فيك شيء ؟

هل يجب أن امرض لأسأل عنك ؟ عائلات سعودية غير معتادة على العواطف !!

: لا يمه ما فيني شيء
لفت حجابها حول رأسها ناويةً للصلاة : لحظه لحظه ، بتصلين ؟
نظرت إلي بسخرية : لا برقص ، وش رأيك يعني ؟

زمن جميل ، حيث الأمهات يسخرن من بناتهن ، أظن بأنها نهاية العالم ..

: اوك إذا خلصتِ صلاة أبي أكلمك
حين سمعت صوتها مُكبره "الله أكبر" هروّلت مسرعة إلى غرفة الجلوس حيث تواجد والدي الدائم هُناك ، كان غارق في العمل ، لكنني لن ادع هذه الفرصة تفلت من يدي
: بابا
نظر إلي بسرعة ثم أعاد عدسة عينه إلى الأوراق : هلا يا بابا
: مشغول ؟
وما زال يعمل ولا ينظر إلي : وش تشوفين !

: طيب أنا بروح لزميلتي وكنت أب..
قاطعني باقتناع تام : إيه عادي روحي

عدت إلى غرفة أمي ووجدتها في التشهد الأخير ، بقيت انظر إليها ، هُناك بشر يملكون أقدام سليمه بعكس أُمي ولا يركعون !
سبحان الله

: هاا وش بغيتِ ؟
صحوْت من شرودي : يمه أنا بروح لبيت صديقتي تبين تجين معي ؟
عقدت والدتي حاجباها ، ثم نظرت إلى الأسفل وتمتمت : عندك صديقه ؟

والدتي تعترف بأنني فاشلة في العلاقات العامة ، وإنني أنطوائية ، ولا أملك أحد في حياتي وحياتي مريعة ، ألا تعلم بأنني اعتصر ألماً لعدم وجود صديقة في حياتي ؟ تلك التي إن أردت عصا أتكأ عليها أجدها أمامي ، أو الصدر الذي أبث فيه حزني لأتفاجأ بابتسامة شقية تزيل ما تبقي في قلبي ، أو ربما ذبذبة ضحكات تساعد على بدء حياة جديدة ، حياة ممتلئة بالحياة !!!


شعرت أمي بحزني وتداركت نفسها : أقصد أنتِ ولا مرة تروحين لصديقاتك !
ابتسمت لها : التغيير حلو
فرحت أمي لي واردفت : روحي الله يستر عليك ، أنا ما فيني حيل وانتِ تشوفين
قبّلت رأسها وشعرت ببعض من الحزن الممتزج بالحماس لمقابلة عائلة عفاف






















يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..




هل سيكون هناك لقاء ؟
وهل يتعرفان على بعض ؟
وما طبيعة العلاقة بين سامي وعفاف ؟

انتظر ردودكم وآرائكم ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 30-08-13 02:55 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟











-









الجزء العاشر







[ تُخيفني أصوات النساء المُتهامسة ، قهقهتهنّ العالية تثير
اشمئزازي
يجلسن ضمن حِزب ، يتهامزنّ على تلك وهذه
يسخرن من بعض
يطلقن كلمة تجعلك تَشُكين في وضعك
أحاديثهنّ مُقززة ، اخرجوني
لا أريد أن إبقى معهنّ
أريد الأنسلاخ من جنس حواء ..
لا أريد هوية .. ]







ارتديت ملابس جديدة ، وقع نظري على القميص الذي اختارته لي عفاف ، ارتديته والقيت نظره على نفسي ، أظن بأنني عاديه لهذه المناسبة !

لا بأس
مجرد عفاف واختها ووالدتُها

مُجرد ؟!!

انهيت نفسي في سرعة قياسية ، كان شكلي مُرتب دون مبالغة ، لم أشأ أن أُبالغ في
الزينة فهذا هو اللقاء الأول ، انتهيت من زينتي المغرب ، جلست على سريري وبدأت أفكاري تأخدني إلى

دانه ، ماذا تفعل الآن ؟!













أكره العزائم

أصوات أطفال تنتشر في الأنحاء ، رائحة البُن والهيل تضرب في رأسي ، عمي يصرخ هنا
ويشتم هناك ، ويشتمني عندما اشتم ، تبدو وكأنها معادلة رياضية مليئة بالشتائم !!

أما نادر غاب عن هذه الأمسية ، أظن بأنه يدير أمور أخرى ، فأنا الذي يجلس في رأس المجلس
بجانب جدي الموْقر وعمي الكبير منصور ، كُنت أشعر بالمضايقه من هذا الثوب الغبي ، بل أشعر
بالاختناق ، فتحت أول أزرته وتنفست بأريحية ، وقع نظري على فيصل الذي بدا عليه
الغضب ، واشار لي بأن اغلقه ، لكنني لم الق
له بالاً ، بل عدت إلى التظاهر بالاستماع إلى أحاديث المسنين المملة ، حتى سمعت صوت هاتفي
ايقنت أنه الفيصل المزعج الجالب للقلق ، فتحت رسالته لأجد استفهامات وبينها كلمة
"تستعبط ؟"

، أدركت فداحة خطئي حين لفت نظري عين والدي التهديدية ، أغلقته برعب ، يا لسذاجة بعض الأمور ، شعرت بالجوع ، اتصلت بنادر لأسأله سبب
تأخر العشاء والذي يوجد في منزلنا ، لم يجب

طبعاً

عدت لاتصل مرة أخرى ، أحمق يظن بأنني اتصل شوقاً له
: يا ولد ، ليه ما ترد ؟
نادر : يا بقره أنا قدامك
!!


كان يجلس بجانب ابن عمي "سعيّد" وينظر إلي ويستغفر ، ما أدراني عن هذه الخاصية الجديدة ، الاختفاء !

لحظه لحظه
إذا كان هو هُنا ، من يحضر العشاء ؟

تقدمت نحوه وانحيت له : يا أبو ، من اللي بيجيب العشاء
ابتسم لي : انت طال عمرك

: أنا الضيف

تدخل المتطفل "سعيّد" : دلعناك اليوم علشانك ضيف ، بس اللحين روح جيب لنا العشاء .. ثُم الحقها بضحكه

ابتسمت بسخرية ، يا رجل أصمت ، يا ظريف توقف ، لا أرجوك ، أكاد أسمع الزراف في أفريقيا ينتحر من فكاهتك : نادر ، بتجيب العشاء ولا كيف ؟
نادر : لا
ابتعدت عنه وأمسكت برفيق عمري "سامي" : سويما
: هاا
طارق : يأخي وش فيها النفسية ضاربه اليوم معك ؟

مسح على جبينه ثم حمل "دلة القهوة" : يا رجّال التعب ذبحني
كسر خاطري ، لن أُتعبْه أكثر ، ابتعدت عنه وذهبت
إلى فيصل ، ثم تذكرت بأنه ليس محرم ، عدت وأنا أبتلع غضبي












ترجلّت من السيارة ، أخذت نفس عميق ، وقيّمت المنزل بنظري ، تحدثت للسائق واتفقت معه على
موعد قدومه لإقلالي ، ثم راقبته وهو يبتعد ، شعرت بذاك الألم ، ألم البطن عندما تقتربين من شيء
تتحمسين له كثيراً ، أو ربما اختبار ، حفل زفاف ، هذا أسوأ ألم من المُمكن أن أشعر به هذه اللحظة ، تقدمت للمدخل
وأنا أقرأ المعوذات ، تصرفي يدل بأنني ادخل منزل
كهنة !!!

طرقت الباب ، ثم نظرت إلى محادثتي لعفاف ، نقرت بأصبعي "افتحي لي الباب"


ما هي إلا ثواني وفتحت لي الباب ، دخلت ولم أشعر بشيء سوى عناق عفاف لي وصوتها تنادي "هيفاء" ، أقبلت فتاة جميلة
ذات ملامح هادئة ، سلّمت علي وأنا متجمدة ، فأنا لم
اعتد هذا النوع من اللقاءات ، حاولت إظهار ابتسامتي
بالقوة ، لكنني عدت إلى التجمد حينما رأيت والدتها تقترب مني ، يا إلهي أشعر بكلمة "إحراج" الآن ..


ادخلوني إلى صالة واسعة ، أثاثها متناسق ، جلست
في طرف الكنبة ، ثم أنكمشت حرفياً ، تبخرت الحروف في لساني ، وعدت انظر إلى قدمي ، لأنها تبدو مُثيره للتأمل !

عندما شعرت عفاف بهدوء الجوّ اردفت : يالله عاد سولفوا
ابتسمت هيفاء : كيف حالك يا فجر ؟
خرجت الحروف من لساني وهي تجُر نفسها : بخير

أظن بأن هيفاء لاحظت حرجي ، نهضت واستأذنتنا
مبتعدة ، أما والدتها لم أُشاهدها بعد ما سلّمت عليها ، بقيت انظر إلى عفاف ، قاطعتني وهي تبتسم : شفيك متصلبه كذا ؟!
ارتجف صوتي : متوتره
: ههههههههههههه ترا عادي أهلي ما يأكلون البشر

حاولت أن اضحك ، لكن نظرات هيفاء وأم عفاف لم تغادر ذهني : عفاف أبي مويه
سكبت لي قليل من الماء ووضعته أمامي ، شكل الماء جميل !
ارتشفت منه القليل ، جلست عفاف بجانبي وهمست : بنت وش فيك ؟

نظرت إليها ، هل ستجد تصرفي غريب ؟ أعني هناك الكثير من الفتيات اللواتي يتصرفن هكذا ، أليس كذلك ؟!
: أنا مو متعوده أني أجلس بين ناس غريبين لوحدي
عفاف : يا بنت الحلال عادي ، ريلاااكس

ضحكت كثيراً على كلمتها ، ربما بالغت بالضحك اثر التوتر الشديد ، قدمت هيفاء وجلست وبدأنا بتبادل الأحاديث ،
تبدو مختلفة عن عفاف ، فهي تتفحصني بعينها ، بينما عفاف عفوية ، أثناء حديثها لا تعلم أين أنا وأين هي طالما تكمل
"سالفتها"

، لكن هيفاء تنظر إلي بحاجب مرفوع وشبه ابتسامة تطفو على وجهها ، تبدو مُرعبة رغماً أنها تملك ملامح بريئة ، لكن أنا أعرف المُرعبين حينما ألمحهم ..











جلست بجانب والدي (عمي) ، همست له : العشاء
هذه الكلمة كفيلة بأن يفهم والدي القصة بأكملها ، نحن الشعب السعودي نستطيع استخدام اختصارات لنوضح لك أشياء
جمّة ، واحياناً نستخدم النظرات ونحرك الحواجب ، وبعض الأوقات نستخدم طريقة عجيبة وهي تحريك الفم
بسرعة صاروخية ليفهمها الإنسان المقابل لك ، إن كان ذو سرعة بديهية فسيفهم كل ما قلت ، لكن إن كان بليد ..

تبادلنا النظرات ، اقترب مني وعلى محياه ابتسامة الخُدعة ، التي يراها الناس المحيطين بك بأنها ابتسامة
رضا ، بينما هي في الحقيقة ابتسامة "يا جعلك بال****" ، وهذه أيضاً أحدى المواهب السعودية التي نمتلكها
: وش تنتظرون ؟
: نادر موب راضي يجيبه
نظر لي وأبتسم مرة أخرى ، لكن هذه المرة بادلته الابتسامة ببلاهة : قُم انت يا ****

ضحكت ، ونهضت من مقعدي
يبدو سامي غاضباً ، توّجه نظري إلى المكان الذي يبحلق فيه ، لأجد سعيّد يضحك ،

الغيره هه !
سامي يبغض سعيّد ، ربما بسبب "الخطبة" الغبية التي قام بها سعيّد أمام جدي وسامي ، هذا ظريف جداً ..

أمسكت بمفاتيح سيارتي ، وبدأت أغني

أظن هذه الليلة لن تنتهي أبداً
سمعت صرخة جدي الفولاذية ، ألتفت بتضجر نحوه : سمّ يا جدي ؟

سحب طفل من الجانب ورماه علي ، للحظة بدا وكأنه ورقة أو ربما قمامة صغيرة تُرمى في كل ناحية ، من هذا الطفل على أية حال ؟!

: من ذا ؟
الجد : ولد عمتك فوزيه ودّه لبيتهم يبونه


لا

لا

لا

لا

: طيب
أمسكت به برقة وعندما ابتعد جدي ، شديته بقسوة : أمش يا مل***
نظر إلي بصدمة : يا وصخ
: نعم نعم ؟
: انت تقول كلمة وصخه ، يعني انت وصخ

ضحكت بشدة ، هذا "المسطرة" يتفلسف علي ؟ : باللهِ
ابتسم لي : والله
أظن بأن وباء هيفاء قد انتشر !!

سحبته معي وتغاضيت عن كلامه المُزعج ، رميته في المرتبة وركبت سيارتي ، هذا الأحمق لا يعرف بنود سيارتي ، فأنا لا أحمل أربعة أشياء :

"مرأة - أنثى - فتاة - طفل"

وهو من ضمن الممنوعات : أسمع
كان يضع يده على خده وينظر إلى الخارج : هاا

: حاول انك ما تتنفس ولا تلمس شيء ، ولا تطالع في سيارتي ، ولا تتكلم ، خلاص حبيبي !

نظر إلي باستخفاف ثم عاد إلى وضعه ، اقتربت منه قليلاً : سمعت !
: إيه إيه
ضربته على رأسه ، هذه أول مخالفة : أنا ما قلت لك لا تتكلم وتتنفس ؟!

كان هادئ ، لكن هذا هدوء ما قبل العاصفة ، لا أثق به ..
: أنزل
نزل بسرعة ، عجيب ! هل تضايق من كلامي ؟ هل يعقل ؟


دخل منزله ، انتظرته قليلاً ، خرج مرة أخرى وهو مبتسم ، فتح الباب واردف : طارق أمي تقول أنزل سلّم علينا

نزلت من السيارة ، رتبت نفسي ، تذكرت شيء
: تعال تعال
نظر إلي : وش تبي ؟
طارق : وش اسمك ؟
اجابني بكل فخر : فهد
: طيب أنقلع

دخلت المنزل ، قبضت علي عمتي "فوزيه" ، بدأت بتقبيلي في جميع أنحاء وجهي ، أذكر بأنها كانت
تكرهني ، ما هذا الحُب المفاجئ ؟

ابتعدت عنها بتقزز ، وقعت عيني على القبيحة ابنتها "ريم" تبلغ من العُمر 15 سنة ، هذه المراهقة مهووسة بي ، أذكر كيف كانت تلتصق بي إن رأتني ، اقتربت مني
وهي تهمس : سلام
: وعليكم السلام ، مع السلامه
ضحكت عمتي واردفت : امداك تمشي ؟ أقعد تقهوا
: لا لا ، بروح أجيب العشاء للرجال
زمجرت ريم : الله معك
نظرت إليها ، هل أصبحت قديم الآن ؟ ربما وقعت في غرام شخص آخر !

فهد : بروح معك
يا ليل : يالله


صعدنا للسيارة ، رأيت أصابعه الصغيرة القذرة المليئة بالتراب الغبية البشعة تلمس المُسجِل ، ضربت باطن
يده وصرخت : يا **** تبيني أنزلك في الشارع ؟؟

نظر إلي برعب ، عاد إلى موقعه وظلّ ينظر في السيارات والشوارع ، وصلنا إلى المنزل ، نزلت وأما هو بقيّ في السيارة
، عدت إلى فتح الباب : سندريلا ، ما تبي تنزل تساعدني ؟

نزل من السيارة وسمعت تأففه المزعج ، ضربت الباب بغضب ، صرخت : يا ولد
فتحت عفاف الباب لي ، اردفت بسخرية : أخيراً طال عمرك !
كان وجهها غريب ، لونها مخطوف ، همست لي : فيه عندنا ضيوف
: من ؟

عفاف : صديقتي
ابتسمت : طيب عادي ادخل بيتنا ولا أقعد في الشارع ؟
: يوه يوه ، سوري طارق ادخل
أدخلتني واغلقت الباب في وجه فهد ، سمعت صرخته المعترضه : هيييييه

ألتفت عفاف بصدمه : طارق فيه أحد معك ؟
أشرت بلا مبالاة : فهد ولد عمتي فوزيه
: يا مجنون فهود براا
فتحت الباب ، رمى جسده على أختي ،
تخيلوا !
أمامي ؟!

بدأت بتقبيله على أنفه وجبينه ، ثم عانقها وهو يضع رأسه في عنقها ..

: وييييييين ؟؟؟
ضحكت عفاف : عادي ، ترا عمره 9 سنوات


تركتهما ، ودخلت غرفة الجلوس ، سمعت صرخة عمتي جميلة ، دفعتني هيفاء بيدها ، وكان هناك فتاة تتخبط في العباءة ..




نسيت أمر الضيفة !!





















الجزء المُقبل :

همست والدموع تتجمع في عينها : طارق تكفى لا تفضحني !
..
انتظمت أنفاسي أخيراً ، شعرت ببرودة أطرافي ، هل رآني ؟
..
اردفت بقهر : حسبي الله عليهم





يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..



انتظر ردودكم وآرائكم ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

captive dark 31-08-13 01:05 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
صباح / مساء الخزامى ..

عزيزتي .. اسلوب في غاية الروعة .. حاليا لا امتلك الوقت الكافي لرد مفصل .. ولكن !

طارق /

لديه نقص يريد ان يرمه ..قد يكون بسبب اليتم و شعور الفراغ الذي يلفه
فهو دائما ما يشعر بالغيرة من اقرب الاقربين
له .. فنادر و اسامة كلاهما اجمل منه .. على حسب اقواله ..


اسامة وعفاف /

هل الدافع وراء اذابة كيلوات الشحوم هو الكرامة !
فربما قرر بان يجعلها تندم او هذا ما قد اقتنع به عقله الباطني بلا ادنى شعور منه ..
بينما ` هي ` انثى تريد رجلا يحثو راجيا رضاها ..
خدش انوثتها كما مزقت رجولته ..
وبين هذا وذاك هي ` محيرة لولد عمها ` العادة التي يتوجب طمرها تحت ركام الحاضر


نادر /

لم يخطئ ابدا مع ذلك المتغطرس بل العكس ..
ان لم يخطئ حدسي فان هناك الكثير من القسوة سيمارسها على احد الحوائيات الضعيفات


هيفاء /

قد لا يكون هنالك سببا عن عزوفها عن الزواج
سوى من احبت طفلة و مراهقة و تعلمت من اجله لغة لا تحتاجها شخصيا ...


غاليتي كما اسلفت الطرح شيق و جدا
لا تبتأسي .. و تريثي قليلاً بين كل فصل و اخر
وو مع بداية الدوامات و لخبطة محد فاضي انتظري اسبوع ولا اثنين ان شاء الله و الكل يبدا ينتظم و ان شاء الله بتلاقين الاقبال اللي بيسرك ..

انتظرك بشوق..
Captive dark

آجر. 03-09-13 10:44 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟

عزيزاتي ، أنا حابه أنزل الأجزاء يوم الثلاثاء والجمعة بإذن الله ، وإن شاء الله يكون مناسب لنا كلنا ..










-














الجزء الـ 11










[ شاركني حزنك
أخبرني بما يؤلمك
سأشاطرك وأخفف عنك ]






تراجعت عِدّت خطوات ، تنفست بأريحية ، كُدت أنْ أحرج أمي مع ضيفتها ، كم هي ظريفه ، تخبطت في العباءة لئلا أراها !

لا أريد أن أراها على أية حال

عُدت إلى عفاف والغثيث "فهد" ، كان يجلس في
حُجرها بخجل ، وهي تداعب أنفه وتسأله عن أحواله وأحوال عائلته ، جلست بجانبها وأنا اردف : دخلت على ضيفتك .. ضحكت بتوتر

نظرت لي عفاف بصدمة : يا مجنوون
رمت الدمية "فهد" في حجري وهروّلت بسرعة
لغرفة الجلوس ، تقززت منه وعدت لرميه في الكرسي الذي بجانبي : يع
صرخ بي : شفييييك ؟

ضحكت على تصرفي الغبي : إن شاء الله تبي تجلس في حضني ؟
: لااا
طلّت هيفاء علينا برأسها : الله يهديك يا طارق ، يعن.. اووه فهود حبيبي
وها قد بدأت الدراما !!
ألن يكفوا عن التغزل بهذا الصعلوك ؟
الغريب أنه يُشبهني ؟
لا لا أنا أجمل منه ، بالأساس هو لا يشبهني ، حُلم حياته أن يُشبهني ، هه !
أمسكت برأسي ، ثم عدت لانظر للقاء المكسيكي بين أختي وابن عمتي "البثر"
هيفاء : ليه ما صرت تزورنا ؟
اردف بخجل : ما عندي أحد يجيبني
: يووه يا حرااام
قُلتها بسخرية ، وتجاهلت ذراع هيفاء التي تضربني على كَتفي : ما عليك فيه فهود
قُلت بتضجر : أمي وينها ، بأخذ العشاء

ودخلت والدتي العزيزة لِتُكمل يومي : حسبي الله على إبليس واعوانه ، اللحين أنت وش فيك ؟ ليه تدرعم على خلق الله ، متى تترك هبالك ؟

يا الله

ماذا فعلت لاستحق التوبيخ هذا ؟
هل لهذه الدرجة أنا اذنبت ؟ لم أرى أحد حتى !
هذه الفتاة إحد قريباتي وإلا أمي لن تدافع عنها بهذه الطريقة !

: العشاء وينه ؟


عندما أستغفل توبيخ أحد لي ، واتحدث وكأن شيء لم يحصل ، إذاً فأنا في قمة عصبيتي وبركان
حنقي يكاد ينفجر ، يجب الحذر ..
اردفت هيفاء بخوف : بجيبه اللحين
ثم عادت لتسترسل بخجل : ما أقدر أشيله ثقيل
: شوفي الطريق لي













انتظمت أنفاسي أخيراً ، شعرت ببرودة أطرافي ، هل رآني ؟
يا للإحراج
أول يوم لي في هذا المنزل ، يحدث هذا
الموقف ! ،
هذا يدل على شؤم قدومي إلى هُنا ، جفّ ريقي ، أمسكت بكوب الماء بارتجاف يدي ، حاولت أن ابدو
هادئة لكنني لم أفلح !
وجهي الأحمر كشفني ..

جلست عفاف بجانبي : آسفه على الموقف البايخ اللي سوّاه ولد عمي
نظرت إليها بصدمة : ولد عمك ؟؟
أشارت بيدها أمام وجهي : إيه اللي تخرّج !!
: بس أنتِ قلتِ أنه أخوك !
ضحكت ثُم اردفت : إيه صح ، شوفي يا "سِتِي" هو ولد عمي صحيح ، بس أخوي من الرضاعه
: أهاا
أغلقت هيفاء الباب وأبتسمت بخجل ، ارتجفت : ليه .. ليه سكرت الباب ؟

: يمكن بيمر طارق
هذا الاسم يخيفني جداً "طارق" ، جميع من حملوا هذا الاسم أصبحوا مرعبين واللوم يقع على كاهل طارق "كندا" : أها
ضحكت على تكراري لكلمة "أهاا" وكاني استعملها لأُداري خوفي قليلاً ، نهضت عفاف وخرجت من الغرفة ..




اقتربت من العشاء ، 3 صحون ..

من غير المعقول أن أحملها جميعها ! ، اتصلت بسامي ، هذه المرة يجب عليه أن يحضر ويحمل معي الصحون ، لن أحملها وحدي ، هذا وأنا الضيف !!!

هيفاء : هذه الصحون
: باللهِ ؟
توّجست خشية مني وأبتعدت قليلاً لتفسح
مجالاً لعفاف التي جاءت مُسرعه وهي تردف : شفيكم ؟
: تقدرين تبلعين لسانك ؟

تعقد وجهها ، لوّت ثغرها بتدلل ..
أين رقم المل***


: تجي اللحين لبيتنا
: يا ولد أنا مشغول
صرخب بغضب : تجي بسرعه

أغلقته ونظرت بتفكير
إلى عفاف ، أبعدت نظرها عني بتوتر ، لكن عندما لاحظت بأنني أطلت النظر ، اردفت : فيه شيء ؟
: إذا جا سامي أبيك تشيلين معي الصحون علشان نركبها السيارة
بحلقت بي : من جدك طارق
: ما يشوف شيء المكان مظلم هناك وبعدين مستحيل أقدر أشيله لحالي

هزّت رأسها برفض : لا لا لا مالي شغل
صرخت : عفااااف !!
امتلأت عينها بالدموع : طارق ما أقدر اطلع له وشكلي كذا ، خلّ هيفاء تشيل معك

نظرت هيفاء بحدة لعفاف ، فهمت بأنها
مُتعبة ولن تستطيع حمل أي شيء ثقيل
: هيفاء لا ، البسي عباتك وما راح يوضح شيء فيك
: على أساس أنّك حليتها !
اقتربت منها وأنا أمسك بشياطيني : بتشيلين معي ولا كيف ؟

ابتعدت قليلاً ، همست والدموع تتجمع في عينها : طارق تكفى لا تفضحني !

ضحكت بقهر من غباءها : وش أفضحك أنتِ الثانية ؟ تراه زوجك وبعدين حطي الصحن وادخلي
ما راح يشوفك !
مسحت أهدابها : طيب
عدت للداخل أما أنا بقيت انتظر
في المطبخ ، لفت نظري فهد كان ينظر إلي بخوف ، ما كان ينقصني سوى أن أكون وحش العائلة !!

سرعان ما أتت عفاف بكامل حِشمتها ، غريب أمرها ، لا أظن بأنه سيراها حتى !

أمسكت معي الصحن وبدأنا نمشي به خطوات صغيرة ومتقاربة ، فوجئت بأن الباب الخارجي مغلق ، صرخت
استنجد بفهد ، ولأول مرة سيكون له فائدة في الحياة ، تعال يا بات مان ..

قدم إلينا وهو يركض انحنى تحت الصحن
وبدا يتحرك كعنكبوت صغير ، أمسك بمقبض الباب وفتحه لنا ، بدا وجهه وكأنه يحمل شعلة الأولمبياد من
فرط الحماس ، خرجنا أنا وعفاف التي بدأت تتخبط في الظلام : عفاف أرفعي النقاب علشان ما نطرح العشاء

همست لي : كيف أرفعه ويديني هنا !
أشارت بوجهها إلى يديها اللواتي تعانقان الصحن من الأسفل ، هل يمكن أن يسوء يومي أكثر ؟
قفز فهد ونزع نقابها ، صرخت عفاف : فهوود !!
ابتسمت له ، هذا الطفل بدأ يُعجبني

أكملنا سيرنا وبدأ فهد بتمهيد الطريق لنا ، تفاجأت بوصول سامي بسرعه ، أعدت النظر إلى عفاف
التي لم تنتبه لوجود سامي لأنه اغلق أنوار سيارته ، رفعت نظرها لي ،
وسرعان ما جحظت عيناها : طارق طارق طارق طارق طارق
ضحكت على توترها : شفيك !
: طارق خلاص نزله خلني أمشي

وبالفعل ، أنزلنا الصحن ، واسرعت أنا بالعودة للمطبخ لإحضار الصحن الآخر ، لم انتبه !


لم انتبه بأنني وضعت الصحن على عباءة عفاف ، التي بقيت هناك ترجو النجدة









ما إن اتصل بي طارق ، حتى هرعت لنجدته ، أشعر بأن تصرف نادر مُحرج لأخيه ، من الذي
يُتعب الضيف في "عزومته" ؟
بحكم أن منازل العائلة تتجاور ، أسرعت بالوصول إلى منزل عمي سلمان ، نزلت بسرعة ، واتكأت على
سيارتي
رأيت ظهر طارق وهو يحمل صحن العشاء ، تقدمت لمساعدته ، لكنني لمحت سواد خلفه !
تلقائياً فكّرت بأن تكون هيفاء ، فتلك المتغطرسة
لن تتنازل لأن تحمل أي شيء ..

ضحك طارق ، ابتسمت أنا ، لابد بأنها قالت شيء اضحكه ، لطالما كانت ذات حس فكاهي ، من الممتع صحبتها ..

وضعوا الصحن ، وأبتعد طارق
هذه ليست هيفاء


أنها الصغيره المغروره !
لم تتحرك وبدا ظهرها مائل للأمام ، وعباءتها مشدودة
، لا استطيع رؤية ملامح وجهها من شدة الظلام ، لكنني أشعر بدموعها ، تماماً كما شعرت
بها في السابق ، اقتربت منها نية أن أساعدها
وضعت يديها على وجهها
وبدأت بالبكاء ، يا إلهي كم هي مدللة
: لا تقرب لا تقرب ، يا ربي يا ربي

عقدت حاجبي ، أتظن أنني اقترب من أجلها ؟ ، هي مجنونة أن ظنّت هذا ، لا تعنيني ولا تمثلني ولا أُريدها أبداً ، ألا تعي هذا ؟!

: بأخذ الصحن ..
: أتركه لين يجي طارق
اقتربت أكثر وبدأت بالصراخ : لاااااااا مو لابسه نقاب ، بعّد يا دُب

تنرفزت من وصفها لي بهذه الكلمة ، تذكرت أشخاص نعتوني بهذه الكلمة وكيف كان تصرفي معهم ، لا استطيع أن أعيد التصرف نفسه معها ، لا خوف منها !
بل لأنها ليست على ذمتي

ليس بعد ..


صرخت : جسمي الدُب اللي موب عاجبك أزين منك يا النتفه ، اللي يشوفك يقول انك بثاني متوسط وأنتِ كُبر جدتي

أبعدت يدها عن وجهها بسرعة ، كما كانت تقول جدتي "غاوية مشاكل" أي : تُحب إثارة المشاكل ، اردفت لي بصوت حاد آذى أذني : أزين منك يا .. بحلقت بي بسرعة رهيبة وتجحظت عينها .. عصقول ! هه نحفت يا دُب !!


سحبت الصحن ، لست في مزاج جيّد لأن أحادثها ، هذا الوقت الذي أمضيته معها كان من
الممكن أن يكون أكثر فائدة ، أضعت دقائق ثمينة من عمري ،
يا إلهي

هروّلت بسرعة ، ضربت كتف طارق الذي كان
ينظر إلي بعصبية ، انت الذي تركتها عندي ، نحن قطبا مغناطيس ..
اقترب مني ، همس بغضب : وش هبّبت ؟ البنت تبكي
: ما قلت شيء ، يا ولد أمسك الصحن معي
حمله معي وادخلناه صندوق السيارة ، قرّب طارق
سيارته بجانب المدخل ، وادخلنا الصحنين الآخرين في سيارته ، لأنهما أصغر بكثير من الصحن الأول ، لمحت
ابن عمتي الصغير "فهد" شعرت بالشفقة ناحيته ربّت على رأسها وركبت سيارتي : بتمشي معي ؟

: من اللي بيجيب الماء والعصيرات ؟
اردفت وأنا استعجله بنظري : قلت لعبدالقادر ، أمش يا ولد قبل لا يبرد العشاء
: يالله يالله جاي ، سندريلا مشينا
ركض فهد ناحية سيارته ..












ماذا يجب أن أقول ؟ هل اتحدث عن أحوال الوطن العربي ؟ لا لا يبدو الأمر مملاً ، إذن سأتحدث عن
المسلسلات الخليجية واسألها عن رأيها بها !
لا ، لا يوجد شيء لاتحدث عنه في المسلسلات "اللحجية" ، جميع قصصها تتشابه ، علاقة فاشلة ثم
زواج فَحُب ، تتزوج في الحلقة الأولى وفي الحلقة الثانية تلِد والحلقة الثالثة نتفاجأ بأن طفلها يبلغ من العمر 16 سنة !!

أو ربما يختصرون جميع هذه الأمور في حلقة واحدة ، أسرع ..

يا إلهي ماذا يجب أن أقول ؟

حسناً حسناً ، سأقول لها عن ماضيّ الأسود ، هذا أفضل ، رُبما تطردني من منزلها وأبتعد عن
هذا اللقاء المُحرج والمخيف أيضاً ..

: تدرسين في الجامعة يا فجر ؟
من التي قالت هذا ، لم أكن انظر ! أظن بأنها والدة عفاف ، رفعت نظري لها بصعوبة بالغة : لا
وضعت هيفاء كفّها تحت ذقنها واردفت : غريبة ، أحس انك صغيرة

لا لا ، يبدو انها فهمت شيء آخر : أنا ما درست الجامعة أبد
ضحكت هيفاء : أوه ، أنا توقعت انك خلصتِ الجامعة !
أشارت والدة هيفاء لي : لا بسم الله عليها بيّن أنها صغيره

تلوّن وجهي وتسارعت نبضات قلبي ، لا أحب المديح المباشر ، خصوصاً إن كان من أُناس غرباء : شكراً
ابتسمت لي : عفواً
: أنتِ تعرفتِ على عفاف بكندا ، صح !
تعرف الإجابة مسبقاً ، هذا ما اتضّح لي : أيه

امسكت أم عفاف فنجال القهوة وتفحصته بنظرها الثاقب وكأنها تَحِل لغزٌ ما فيه : أمك ليه ما جت معك ؟
أجبتها بتوتر وكأنني في مقابلة تلفزيونية ، ما هذا التشبيه يا أنا !

بل أشبه بتحقيق مُرعب : ما تقدر تجي
: آفا ، ليه ؟
فركت أصابعي : لأنها مُقعدة وصعب عليها تتحرك كثير
تعقدت حاجبا هيفاء واردفت : يا عمري
أم عفاف : عسى ما شر ؟
فجر : لمّا ولدتني صابها خطأ طبي وانشلت
اردفت بقهر : حسبي الله عليهم
هزّت رأسها هيفاء : طيب قاضتهم ؟

رفعت أكتافي ، لإبرر تصرف أمي : تعرفين من زمان ما يعرفون المحاكم ولا يعترفون فيها ، علشان كذا تركته أمي
تحدثت بحزم : مفروض ترفع عليهم قضية


تنفست بصعوبة ، هذا الموضوع يثير عاطفتي ، كونني الابنة التي انشلت والدتها
بسبب ولادتها مؤلم ، والاكثر ألم أن أراها يومياً على
كرسي متحرك وأنا أعدو بحرية وأعصي هُنا وهُنَاك ، اعتصر قلبي بشدة ، أشعر بأن احدهم
سيُعيُرني بهذا الأمر ، بأنني التي سلبت والدتي قدماها ، سيأتي هذا الشخص ، حينها سأتوّجع ،
وسأتوّجع كثيراً ، ولن يقدر أحد أن يواسيني ، ويقنعني بأن ما حصل لها ليس خطئي ، بل إنني
وُجِدت في المكان الخاطئ والوقت الخاطئ فقط ، حتّى وأنا طفلة تخرج مني الأذية ؟

يا ترى بماذا تُفكِر أمي ؟
هل تشعر بأنه خطئي ، أم لا ذنب لي لِما حصل لها ، وانه قضاء وقدر ؟

حتّى وان لم تفعل ، يحق لها ذلك ، لو لم تلدُني ، لو لم يُحضرها أبي إلى ذاك المستشفى ، لو لم أُصاب باختناق أثناء الولادة ، لكانت بأفضل صحتها الآن ..

أستغفر الله
هذه الـ 'لو' تَجُرني إلى عصيان الله والتعدي على قضاء وقدر ربي ، هذا ما يجب أن
اؤمن به ، ما خُلقت عليه ، ما تكوّن داخل جيناتي ، بأن ما يحصل لي ويحصل لمن حولي ، إنما خيرة / اختبار من الله -عز وجلّ-










دخلت غرفتي ، أغلقت الباب بسرعة ثم أشرعت بالبكاء الشديد ، شعرت بأن أقدامي
ترتجف وتضعف ، جلست على سريري واكملت أمسيتي وأنا أبكي على شيء
تافه حصل لي ، بقيت أفكر بشكله ، صوته ، كم كان عجيب وغريب
لم اعهده هكذا !
بهذه الجراءة ، أو ربما الوقاحة ، من هو ليقترب مني هكذا ؟ ولماذا يُكلمني ؟

"أزين منك يا النتفه"

حقير ، ظننت أنه لن يُبادلني الإهانة ، على الأقل ليس بهذه الطريقة ، عندما نعته بالـ 'دُب' ، لم أعني
شكله ، أنا انعت الجميع تقريباً بهذه الصفة !
لكنها ربما أثارت عصبيته وجعلته يعود لي الكلمة بشكل أقوى وبقانون "سامي" ، لكن لِما الغضب ؟ فأنا مُحقة هو دُب !

ليس بعد الآن ، الرجل يبدو وكأنه لم يتناول الطعام لشهور من فرط نحالته ..


حاولت تهدِئة نفسي ، غسلت وجهي عدّت مرات ، لاحظت بأنني لا زلت ارتدي عباءتي ، خلعتها
ورميتها على سريري ، خرجت لأُقابل هيفاء على السِلم ، سألتها : وين فجر ؟

: جالسه تحت ، ترا العشاء وصل
نزلت بِخطاها للأسفل ، ثم تذكرت شيء وعادت لتردف بخوف

: وش صار فيك برى ؟












وصلنا لمجلس عمي "منصور" ، ساعدونا بعض الشباب بوضع صحون العشاء في المجلس الخارجي ، ثم عدت
أنا للداخل ، رآني أبي ووقف ونادى بصوت عالي "حياكم الله على العشاء ، تفضلوا تفضلوا " ، تزاحم الأطفال
مع المسنين على العشاء ، كانت الرائحة منعشة ، وكأنه قرن مرّ بي لم أتذوق فيه "المفاطيح" ، جلست على الصحن الكبير الذي عذبنا أنا وعفاف ..

تذكرت شيء
ماذا حصل بين عفاف وسامي ؟


ألقيت نظرة على الرجال حولي باحثاً عن سامي ، ولم أجده ، لمَا لم يتناول الطعام معنا ؟
شعرت بجوعي يتقلص ، ورغبتي في "المفاطيح" تتبخر ، رفيق عُمري ليس موجود !
نهضت وتوجهت الأنظر إلي ، صرخ جدي بي إن أقعد وأكمل الأكل لكنني رفضت ذلك
دخلت في المجلس ولم أجده ، أمسك فيصل بكتفي وسألني بعينه ، اردفت : مالي نفس للأكل ، سامي وينه ؟
هزّ كتفه لأنه هو الآخر لا يعلم أين هو سامي ..

خرجنا من الباب الخلفي ، لنجده يتكئ على
سيارته ويُدخِن
شتمته في قلبي ولعنته سبعون لعنة ، لا أعلم لِما شعرت بالخوف عليه ، ولا أعلم لِما نبأني حدسي بأن مكروه قد أصابه ..
وضع فيصل يده على جبينه براحة ، حتّى هو
الآخر كان قلق عليه ، أمّا هو فكان ينظر إلينا
ببرود وينفث الدخّان ، أتكأنا بجانبه ، آمال علبة سجائره نحوي ، أخذت واحدة واشعلتها ، أعاد حركته لفيصل
لكن فيصل رفض ، بقينا نُدخِن أثناء صمت فيصل المُجبر وهدوءنا

: ليه ما تعشيتوا ؟
أشار فيصل ناحيتي ، يعني بأنني أنا السبب في منعه من تناول وليمة العشاء ،
ابتسمت بسخرية : أنا ما قلت قُم معي ، انت اللي جيت علشان تُشبع فضولك وتشوف أنا وين رايح
اخرج هاتفه ، نقر بأصابعه وكتب
جُمل كثيرة ، أعطى سامي الهاتف ،

قرأ سامي المكتوب : "أنا خفت عليك وقلت بسوف" ، توقف عن القراءة ثُم اردف : بسوف يعني بشوف ؟

ضحكت بشدة ، نظر إليه فيصل بجدية ، ابتسم سامي وأكمل : "بشوف ليه الولد قام من ضيفته ، ويوم سألت عن
سامي قلت أكيد صار فيه شيء ولا ما كان قام من العشاء كذا ، فهمت يا حمار ؟ "

هزّيت رأسي لتفهمي سبب قدومه ، أشار سامي إلي : وأنت ، ليه ما تعشيت ؟

نظرت إليه بتأمل : الأكل ماله طعم بدونك يا أبو طارق


بادلني النظرات بعمق ، أردف بهمس : هل تقبل الزواج بي يا أبو سامي ؟

انفجرنا ضحك على مسلسلنا الدراماتيكي ، لم يُخلق الشاب السعودي ليكون رقيق ، ولا أن
يُعبِر عن مشاعره ، ببساطة نحن أفعال ولسنا أقوال .. لهذا لم نتبادل أنا ورفيقيّ المدح والمشاعر الصادقة
على الرغم من وجودها ، لأننا نؤمن بصدقيتها بأفعالنا.














نزلنا للأسفل ، سبقتني هيفاء للمطبخ
لإحضار ما تبقى من الطعام ، دخلت غرفة الجلوس لأجد فجر تُفكر بهدوء ، جلست بجانبها ، لكزتها بيدي واردفت : العشاء
نظرت لي وهزّت رأسها

حينما هلّمنا بالنهوض حضرت والدتي وقالت : حياك الله على العشاء ، واعذرينا على القصور

ابتسمت أنا ، شتّان بين قولي ، ودعوة أمي المهذبة ، سأفسر ما قلته بأنها "ميانة" ، لا داعي لخلق
رسميات طالما إنني لا أريدها ، أحب أن أوجِد الرسمية بيني وبين شخص لا أحبذه ، أو ربما بيني وبين
شخص لا أريده أن يعرف شيءٌ ما ..
أحياناً الرسمية مفيدة ، أو كما يُقال "تُفك أزمات"


كوّنا حلقة صغيرة حول طاولة الطعام ، ابتسمت هيفاء لفجر بهدوء ، أمّا والدتي اكتفت بأن توّزع السلطات
أنحاء الطاولة
تعسّر علي ابتلاع الطعام من نظرات
هيفاء لي ، شعرت بأعصابي تتفجر داخلي ، تمنيت أن يعود الزمن للخلف قليلاً ، فقط لأسحب ما قلت ..







: وش صار فيك برى ؟

رفعت أكتافي : ما صار شيء

اردفت بتشكيك : كنتِ تبكين !
تاففت بملل : هيفاء الله يخليك ..
بحزم : عفاف ، لا تعاندين سامي علشان ما يعاندك
عفاف : عفواً !

أخذت نفس : عفاف حبيبتي ، سامي طيّب ولا يقول شيء بس إذا عاندتيه بيعاندك
كيف أصبحت المشكلة بسببي الآن ؟ هل تقف
ضدي ؟ جررتها معي لغرفتي ، لأني أعلم بأن أصواتنا ستعلو ، ستعلو كثيراً ..

أغلقت باب الغرفة : كملي ، وش مواصفات زوجي ؟
تعكّرت ملامحها : عفاف

: لا كملي حبيبتي ، شكلك تعرفين صفاته كلها
اقتربت مني واردفت بحدة : أيه أعرفها ، سامي أخوي وأنا قاعده أنصحك ، ركزي

ضحكت بسخرية : تنصحيني بأيش ؟ أنا طلبت نصيحتك
هيفاء : أنتِ تهاوشتي مع سامي برى ، سمعت صوته يهاوشك ، وشفتك تبكين
: أنا وزوجي نتفاهم ، أنتِ وش دخلك ؟ أوه صح نسيت انه أخوك !!
أحّمر وجهها بغضب : عفاف عدلي أسلوبك زين
صرخت بها ، لا يحق لها أن تتحدث عن
المُسمى بزوجي : أنتِ اللي عدلي أسلوبك ، ما تلاحظين انك تتكلمين عن زوجي ؟!
ضحكت بصدمة : عفاف من جدّك ؟ تغارين على زوجك من أختك ؟
أنا لا أغار لاسيّما على سامي ، لكن هذا
ليس عذر بأن تتحدث عنه : أغار ولا ما أغار ، أنتِ تتكلمين عنه كأن بينكم عشرة عُمر

تحدثت بهدوء : أنتِ شكلك موب فاهمه طبيعة العلاقة بينّا ، عفاف أسمعي زين واتركي موضوع الغيرة على
جنب ، سامي أخوي ، من لمّا كنّا صغار واحنا مع بعض ، أنا أحبه بس مو الحُب اللي في بالك ، أنا أحبه مثل
طارق ، طارق ولد عمنا ومع كذا نحبه ، لأننا ربينا مع بعض ، نفس الشيء مع سامي وفيصل ولد عمي ،
ربيت معهم ، أنتِ تدرين أن بنات عمي كلهم أصغر مني ، علشان كذا كان وقتي كله معهم ، تعوّدت عليهم
، لدرجة أن تصرفاتي صارت مثلهم ، ولا مرة فكرت فيهم غير انهم إخواني


شعرت بالذنب ، حاولت كبح دموعي ولم أفلح ، انهمرت بغزارة لأسباب كثيرة ، لا أُحب أن أكون
المذنبة ، تجاهلت كلامها : بس ليه تحطين الخطأ علي ، ليه موب عليه هو ؟

ابتسمت لي : أنا أعرفك زين واعرف سامي بعد ، أنتِ عنيدة واهم شيء كلمتك تمشي ، أمّا سامي ما يحب احد يرادده ، كان يضربني إذا رديت عليه


يضرب !

لا لا لا ، أنا لا أرغب بأن أتزوج أحدٌ يرفع يده على امرأة ، هذا أمر غير حضاري جداً ، بالطبع هذا الهمجي
السمين معتاد على الضرب والامور الشواريعية ، أحمق ، يظن أنّه قوي !

: لا ما أبيه يضربني
ضحكت بقوة وغمزت لي : ما أتوقع يضرب حبيبته
أي حبيبه !

أنزلت رأسي ، ولا ، لم يكن خجلاً بل كان حزناً على حالي ، ربما كان من الأفضل أن يتزوجا ، سامي وهيفاء
: يالله ننزل ، تأخرنا



ودّعنا فجر ، وعدتنا بأن تُعيد الزيارة ، ولم يخلو الوداع من توصيات والدتي بأن تحضر والدتها في المرة المُقبلة ، ركضت لغرفتي ، لا أريد أنا ارى أحد/ هيفاء.













أمضينا ما تبقى من "العزيمة" في الخارج ، ضحكنا كثيراً ، ودخنّا كثيراً باستثناء فيصل الذي يأبى وبشدة التدخين ، يظن بأن الانخراط في التدخين أصعب من تركه ، وأنا ارى العكس ..

كُنا جلوس ونبحلق في الرجال ، احدهم
راحل ، واحدهم باقي ليلعب تلك اللعبة السخيفة "بلوت" ، وبالطبع يترأسها والدي العزيز ، مرّ من جانبنا "فهد" الصغير ، تعكرت
ملامح وجهي ، بينما لمحت نظرة شفقة تعلو
وجه فيصل ، استغربت ، فهو ليس أول شخص ينظر إليه بشفقة ، سألته : فيصل علامك شفقان على البثر ذا

أشرت ناحيته ، نظر إلي بعصبية ، بينما قال سامي : أستغفر ربك يا طارق

نظرت اليهم بتشكيك : ليه وش فيه ؟


أردف بحزن : المسكين شخصّوا حالته ، طلع فيه سرطان

آلمني قلبي كثيراً ، انصدمت ، ظننت بأن مرضى السرطان طريحي الفراش ، بلعت
ريقي بصعوبة ، ونظرت إلى الأرض بخجل ، تذكرت معاملتي له ، وكيف كان ينظر إلي
ببراءة ويصمت ، تجرعت الشعور بالذنب ، أحسست بتفاقم الحُزن في صدري ، المسكين ، لا يعلم
ما أصابه ، ولا يعلم ما سيحصل له بالتأكيد ، كيف تلقّى الخبر ؟ أم أنهم أخفوا عنه مرضه ؟ أواليتني
استطيع مساعدته : الله يشفيه
جاءت في رأسي كلمات ، شعرت بمعناها الآن


..


"This life don't last forever
So tell me what we're waiting for

We're better off being together
Being miserable alone

'Cause I've been there before
And you've been there before
But together we can be all right
'Cause when it gets dark and when it gets cold
We hold each other 'til we see the sun light"


..


لا أعلم كم تألم هذا الطفل وحده ، ولا أعلم كم بقي له من قدرة لتحمل المزيد ، فقط أرجو الله أن يمنحه
ظهراً قوياً ليحمل مصائب الدنيا ، ولن أتركه بالتأكيد ، سأقف معه ، لا أريده أن يواجه هذا الأمر وحده ، طفلٌ مثله
لا يجب عليه أن يعرف للألم مسلك ، طفلٌ مثله لا يجب على الابتسامة أن تُفارقه ، هو ليس
كبير لأواسيه واُصبّره ، هو صغير لا يفقه بالمواساة ، سأفعل ما بوسعي ..













امتلأت وسادتي بالدموع ، تضايقت من البلل الذي أصاب خدي ، قلبتها إلى الجهة الآخرى ، وعدت
لإبلل هذه الجهة ، سمعت باب غرفتي ينفتح ، أيقنت بأنها هيفاء ، شعرت بالغصة تتسلق صدري ، واطرافي
تبْرد ، استلقت بجانبي وأمسكت بيدي ، حتى دفِئت ، بكيت وبكيت وبكيت ، حتى خُيّل لي بأن دموعي على وشك النفاذ ، امسكت بوجهي بين يديها
: إذا تضايقتي مني يوم من الأيام قولي لي ، لأني
بسوي أي شيء يرضيك ..


عانقتها وأنا أكاد أحشرها في صدري ، لا أريدها أن تحمل ألم الزواج بشخص لا تُحبه معي ، أي مزاج أنا أحمله وأي صبرٌ تملك


..


"I can tell that you're tired of being lonely
Take my hand, don't let go, baby hold me
Come to me and let me be your one and only
'Cause I can make it all right 'til the morning"


..


عاد هذا الحلم ليُداهمني من جديد ، صراخ هذه المرأة مُزعج جداً ، أنينها المُستمر ، وأيضاً شتائم
نادر مخيفة ، لا أعلم لمَا أغلقت الهاتف في وجه مُفسِّر الأحلام عندما أردت تفسيره ، أشعر بأن هُناك
أمرٌ ما بين هذه المرأة ونادر ، وأنّ هناك حقيقة خلف هذا الحُلم لا أريد معرفتها !!










جلست بجانب أمي واطلقت تنهيدة ، أردت منها أن تُحادثني ، لكنها كانت
تُشغِل نفسها بالتلفاز ، لكزتها بيدي : يُمه !
نظرت إلي ببرود : شفيك ؟
أخذت نفس طويل ، أعلم ما سيكون الرد ، لا بأس ببعض المخاطرة : يمه أبي جوال

عادت لتنظر إلى التلفاز : قلت لك لا
صرخت بضجر : أبوي موافق
نظرت إلي بحدة : وأنا موب موافقه

أستغفر الله ، كادت الـ "أُف" أن تخرج من فمي ، شعرت بالغصة في حُنجرتي ، لن تُلبى حاجتي في هذا المكان !


عادت تنظر إلي وكأنها قد تذكرت شيء : ورا ما تلزقتي عند طارق يوم إنه نزل ؟
وها قد فُتِح موضوع طارق : يا يمه وش أبي فيه ؟
غضبت كثيراً : وصمه إن شاء الله ، تنصصي (تميلحي) عنده أظنّه يخطبك

سارعت بالوقوف والاستعداد لإنهاء هذا الموضوع : ما أبيه وهو ما يبيني
إبتسمت بسخرية وهي تُحرِك يدها : تحسب أن فيه أحد يبيها أصلاً
اعتدت على كلامها ، وعلى محاولاتها الكثيرة
لتزويجي طارق ، أذكر كيف كانت تُلبسني ملابس لا تليق بفتاة صغيرة بعمر 13 سنة وكيف كانت تُدخلني
مجلسهم عندما يعود من كندا ، واذكر أيضاً الأصباغ التي تضعها في وجهي نية الزينة !!
هي أمي ، لذا لا استطيع رفض أوامرها ، لا أعلم
لما تُريد مني أن أتزوج بسرعة ، ربما تخشى أن ابقى "عانس" !
وإذا بقيت عانس ؟ أنا انثى أكمل غيري ولا أُكمَّل ..
لن تنقصني حياة ولن اخسر جنة ، هذه هيفاء ، لم تمُت
ولم تصبح تعيسة ، بل ازدادت جمال وازدادت سعادة ، أحسدها على عائلتها



طارق
لم انجذب إليه يوماً ، أعتبره شخص موجود في حياتي ، ولا أُريد الزواج منه ، أتمنى له الحياة السعيدة ، وليته يرى
بأنني لا أرغب به وانها مجرد محاولات بائسة من أمي













عُدت إلى المنزل وأنا أشعر برأسي يصرخ ، وعظامي تستنجد ، دخلت غرفتي بحثاً عن أغطية
سرير لا يحتاجه أحد ، ووسائد أيضاً ، أجبرتني قدماي بأن ادخل غرفة عفاف ، طلّيت برأسي ، وجدتها
غارقة في النوم ، لكنني لمحت شيء ما بجانبها
عدت لأنظر مجدداً ، كان جسد
شخص آخر ، عجيب !
اقتربت أكثر وأنا أدقق في ملامح هذا الجسد

هيفاء !

بالتأكيد هُما متشاجرتان ، لا تنام هيفاء أو عفاف
عند الأخرى إلا وهُما غاضبتان من بعض ، سلوكهن المعتاد ، عدت ادراجي وسمعت صوت همس ، ألتفت
لمصدر الصوت ، كانت هيفاء بعين مغمضة
وأخرى تُحارب لتنظر إلي : وين بتروح ؟
رأت وسائدي والأغطية : بروح أنام عند سامي

عادت إلى النوم وتركتني واقف انتظر تعليقها ، بالأساس أنا لا أريدها أن تُحادثني ، فأنا مُستعجل !

"أصلاً عادي"



ركبت سيارة سامي لأجده يتثاءب بتعب ، وفيصل مُستلقي في الخلف وعيناه تغالبان النوم ، تبدو
حالتنا مُزرية ، ذهبنا إلى منزل سامي ، منزله أكثر منزل في العائلة
مطَمئِن ، فهو خالٍ من جنس حواء ، والأفضل من هذا هو انه خالٍ من الأطفال !

استلقى فيصل وسرعان ما غطْ في النوم ، أما سامي فذهب ليحضر الماء لنا ، وفراشه ..

تقلبت على فراشي ، بحثت عن النوم ولم أجده ، ناديت لسامي ولم يُجيب ، لقد "مات" نوماً ..

سمعت آذان الفجر ، ضربت سامي بقدمي ، ورششت
بعض الماء على وجه فيصل ، أردتهم أن يستيقظوا
لأداء الصلاة ، تذكرت أيامي في كندا ، وتظاهري بالنوم أثناء رؤية زميلي في السكن يُصلي ، أستغفر الله ..



صليّنا جماعة وعدنا لننام ، وأخيراً شعرت بجفني ينسدل ، واهدابي تهدأ ، واطرافي تتمدد إلى آخر الفراش ، ونمت


افزعني صوت هاتفي ، إمسكت به وأنا أحاول أن انظر ، فركت عيني وأنا أسمع صوت سامي خلفي "ردّ يا ولد وفكّنا"

رأيت اسم المنحوس ينير شاشة هاتفي
"اليهودي"
لا أعلم كيف أسميته هكذا !
: هاا



صرخ بي : الله يأخذك ، انت وينك فيه ؟










___












الجزء الـ 12








[ أنا مجودٌ لك ولماضٍ عانقنا سوياً ]









رأيت اسم المنحوس ينير شاشة هاتفي
"اليهودي"
لا أعلم كيف أسميته هكذا !
: هاا
صرخ بي : الله يأخذك ، انت وينك فيه ؟

قفزت من فراشي بهلع ، شيءٌ ما حصل
ونادر يُريدني بجانبه : جاي جاي
اقفلت هاتفي غير مراعي لشتائم
نادر في الجهة الأخرى ، نظر سامي إلي باستغراب : علامك ؟ اهلك فيهم شيء ؟

اردفت بعجل : لا لا
ارتديت ثوبي ، عذراً ثوب سامي
دون أن أُلاحظ ، التقطته بسرعة ، بحثت عن مفتاح
سيارة سامي ، لكنني لم أجده ولم أجد صاحب المفتاح ، أين ذهب الآن ؟!!
اتى سامي وهو يحمل المفتاح : مشينا

بحلقت فيه : وين بتروح يا الطيّب ؟
سامي : بوديك لبيت اهلك
أنا أعلم بالتحديد ماذا يحصل ، يظن بأن خطباً ما أصاب
"عفاف"
لهذا يُريد القدوم ليتطمن على محبوبته ، شكراً سامي : لا لا أنا بروح لحالي

أخذت المفتاح منه ، وركبت سيارته ، لأجده يجلس بجانبي ، وعيناه تنعسان بشدة ، عنيد
ما هي إلا دقائق حتى وصلت لمنزلنا ، ترجّلت
من السيارة ولحق بي سامي ، وجدت عمي
واضعاً يده على جبينه ونادر يجلس أمامه
بنظارته ، سرعان ما وقف ومسك رأسه ما
أن رآني ، تسارعت نبضات قلبي ، كُنت
ارى عمتي جميلة أمام عيني ، فهي بالتأكيد قد أُرهقت اثر طبخ العشاء ليلة أمس ، خرج صوتي وبالكاد أيضاً
: وش فيه ؟
القى سامي التحية مُسرعاً ، ثم اردف : وش فيه ؟
ابتسم عمي لسامي وهي يُطمنّه : ما فينا شيء ، توّكل يا سامي ، أزعجناك

نظر سامي إلي بعدم فهم ، ثم ذهب



دخل عمي ونادر إلى المنزل دون أن
ينظرا إلي ، لا يخفى عليكم شعوري ، كانت قدماي ترتجفان بشدة ، شعرت بدمي يتجمّع في رأسي ، هل عرفا بأمري ؟

الشريط ؟


دخلت خلفهما وأنا أتنفس بصعوبة ، جلسنا في صالة
الرجال
نظر إلي والدي : طارق
: سمّ يبه
مسح على جبينه : بعدين إذا بتنام برى عطنا
خبر ، عاجبك كذا ، أنا وأخوك ما خلينا مكان إلا
ودوّرناك فيه ، حتى الاتصالات ما قصّرنا ، 3 ساعات وحنّا نتصل عليك ولا ترد ، وقفت قلبي عليك يا أبوي
أخفضت رأسي ، هذا كل ما في الأمر ، شعرا بالخوف علي
: حقك علي ، بس نمت وما حسيت بنفسي من التعب

تحدّث الجلمود ، كان صوته ناعساً مُهاباً : حصل خير
نهض والدي ، وتركني بجانب نادر ، شعرت بالغضب
منه : تراني موب بزر علشان تخافون علي ، عمري 26 سنة
نظر إلي بجمود ، لا أظن بأنه يقدر أن يُقاوم النوم : لا موب
بزر ، رجّال طول وعرض وشنبك يوصل الباب ، بس حِنا خوفنا شيء ثاني !

فهمت قصده ، يُحاول أن يوّضح لي بأنني اتصرف
كالمراهقين ، أُعربد وافعل وافعل ، لو قال لي هذا في كندا لوافقته الرأي ، لكن هنا الأمر مختلف ..

نهض وتركني خلفه ، سار مبتعداً عني ، بحثت عن سجائر
لعلّ وعسى استطيع بها أن أُداري أنفاسي المضطربة









تبدو الأشياء مُبهمة ، والروائح تلاشت من حولي ، حتى الألوان فقدت بريقها ، حكم عليها السواد ..

جلست في مقهى يقبع خلف منزلنا ، لا أملك الطاقة
لأن ابتعد أكثر عن منزلنا/سريري ، شربت قهوة ، كوب
تلو الآخر ، تناولت الدونات ، السُكر ، أي شيء قد يُنشطُني ، أشعر بالخمول مؤخراً

رأيت وليد قادم ، تذكرت طارق ، أي أيام كُنت
أعيشها معه ، ذاك المُتبلد الحقير ، جلس وليد أمامي
: سلام خيتو
نظرت إليه مطولاً : أهلاً

وليد : شو بِك ؟
: ما فيني شي
طلب من النادلة كوب قهوة له : إمتى حترجعوا للسعودية ؟
: عن أريب

هزّ رأسه بتفهُم ، ثم عاد للصمت ، دقق نظره بي ، رُبما تعجّب من رؤيتي صامتة هكذا : دانه
: هممم
استرسل بالحديث : إزا فيك شيء ، أحكي لي ماشي !
يا الله ، لا أُحب أن أقول لأحد ما أشعر به ، الفضفضة ، المشاعر ، هذه أمور لا تروقني البتة : ما فيني شيء

آمال فمه بعدم اقتناع : بس أنتِ مو عَ بعضك !!
ظهرت نبرة صوتي حادّة : وليد ما فيني شيء ، حلّ عني ياااه
: تصطفلي

خرج من المقهى ومعالم وجهه غاضبة ، تنهدت
بألم ، إلى متى سأستمر بأبعاد الناس عني ؟ لم يتبقى لي أحد ، ولا أظن إنني سأكسب احدهم
عن قريب !!


لا يبدو شيئاً ممتعاً في هذا المقهى ، حملت مُفكرتي وكوب قهوتي ، حينها رأيت "لوك" يدلف إلى
المقهى مع عدد من رِفاقه ، أشار لي بحاجبه
كنوع من التحية ، لكن نظر إلي
بتعجب عندما رآني ملمة بالمغادرة ، قال شيءٌ ما لأصحابه واقترب مني





_ المحادثة مُترجمة بالعربي_


نظر إلى حقيبتي : مرحباً يا آنسة
ابتسمت له : أهلاً لوك
: كيف حالك يا داين ؟
"داين" ؟ هه ، أنا من اخترع هذا الاسم ، ليناديني به أصدقائي "الأجانب" ، كُنت أظن بأنه أكثر عصرية ، واسهل في
النطق لهم ، راعيت مشاعرهم عندما تخليت عن هويتي !
: بخير ، وأنت ؟
رفع أكتافه : بخير لكن ..
: لكن ماذا ؟
لوك : اشتقت لصديقي القديم
طارق
يقصده ، هو يعلم بأمر انفصالنا ولكن يظن بأن
علاقتنا تُشابه علاقة الغرب ، عند الانفصال والابتعاد ، لا يكنّون لبعضهما الضغينة ، بل يبقون على تواصل
ويصبحون أصدقاء ، لكن أنا وطارق أصبحنا أعداء بسرعة البرق ، كلانا مُستعد ليحطم الآخر بأقل ثمن ..

: لم أفهم
غمز لي : تعلمين من أقصد
صمت قليلاً ، وعاد ليسترسل : أقصد طارق
: لا تصلني أخباره للأسف

أردف بحماس : أنا أُحادثه عن طريق الـ Skype ، سأُعطيك ..
قاطعته مُسرعه : لا لا ، لا احتاجه
: أوه عذراً
تنهدت : لا بأس

أمسك بكتفي : آسف داين ، لم أقصد أن .. تعلمين ! التدخّل
ابتسمت مجدداً : لا بأس لوك ، إلى اللقاء ، أراك لاحقاً
: إلى اللقاء آنستي













هذا ثقيل !
تحركت يمنةً ويُسرة وما زال الثُقل يؤلم
كَتِفي ، فتحت عيني ببطء ، بذلت مجهوداً في الحقيقة لأفتحهما .. كانت كُتلة شعر !
أملت رأسي قليلاً ، كانت عفاف تضع رأسها على بطني
وتغط في النوم ، تبدو وكأنها لم تذق النوم منذُ شهور
: عفاف ، عفاف ، قوومي
فتحت عينها بصعوبة ، ونظرت إلي : هاا
: قومي عنّي
تذمرت : لاااااء ، أبي أناام
حثيتها على النهوض وأنا أحشر أصابعي
في بطنها كما تفعل دائماً ، صرخت وفي صوتها أكاد أسمع البُكاء : أبي أناااام ، حرام عليك

بعد محاولات قاسية ، في النهاية استطعت النهوض ، تركتها تنام في العسل ..

من الذي اخترع هذه الجملة على أية حال ؟
"تنام في العسل" ، هه ، لم أواجه شخص
في حياتي قد مرّ يومٌ عليه نام فيه في العسل !!
إما أن ينام ومزاجه متعكِّر ويصحو بنفسية أخرى أكثر انشراحاً ، أو ينام ومزاجه "عال العال" ليصحو والنفسية "تجارية" !

ولما العسل بالذات ؟ لِما لا يكون جُبن ؟ قشطة ؟ تمر ، نعم تمر فهو أكثر فائدة من العسل ، أمثال حمقاء .. !

دخلت غرفتي ولملمت اشيائي المتساقطة في
أرجاء الغرفة ، أشياء أقصد بها علب مساحيق التجميل ، ليلة أمس وضعت بعضاً منها لأن صديقة عفاف حضرت
إلينا ، لكنني لم أُعيدها لأني ..



نزلت للأسفل وجدت نادر يجلس بجانب أبي ويتناولون طعام الفطور ، سلّمت عليهم وردّوا السلام ، جلست
معهم وبدأت أذني تلتقط أحاديثهم ..
أبو نادر : لا لا ما فيه إلا العافية
أردف نادر بعدم اقتناس : إيه بس .. كأنه متضايق ، خاطره موب عاجبني
جلست أمي معنا واردفت باستغراب : من اللي موب عاجبك ؟
أبو نادر : أبوي يا جميله

: وش فيه عمي ؟
حرّك كتفه : مغر نادر يقول كأنه تعبان ، خلونا نوديه للمستشفى نتطمن عليه وأنا أقول ماله داعي

ضربت صدرها : وعليّ عليه عمي ، طيب ودوه للمستشفى ما راح يضركم

نظر إليها والدي بحدة ألجمتها : جميله ! أبوي ما فيه إلا العافية لا تهوّلين الأمور
صمتت أمي بضيق ، لا تَحُب أن يحادثها أحد
بهذا الأسلوب الجاف ، لطالما كانت حنونة في تعاملها معنا ، وتَحب أن تتلقى المثل مننّا
: اللي ما كان عاجبني أمس ، سامي
أردف نادر موافقاً لكلام أبي : إيه والله صحيح
ما عسى أن يكون به ؟

ربي أُستِر
أمي : ليه عسى ما شر ؟
نادر : مدري والله ، ما تعشّى وطول وقته
وهو معقّد الحواجب
اردت أن أُشاركهم الحديث ، فأردفت : يمكن من الشُغل تعب
: يمكن

سكبت أمي لي حليب في كوبٍ كبير ، تعكرت ملامح وجهي ، لا أحُب الحليب ولا حتّى رائحته !

نظرت إلى والدتي باعتراض ، فهي تعلم بعقدتي
من الحليب ، بادلتني النظرات بصرامة ، اقتربت مني وهمست في أُذني : اشربي الحليب الساخن تراك تعبانه !!

تلوّن وجهي وأمسكت بالكوب الكبير وأخفيت
ملامح وجهي به ، أكان من المفترض عليها أن تُحرجني هكذا ؟!!

عندما تخلخلت رائحة الحليب أنفي ، قفزت مُسرعة لدورة المياه -أعزكم الله- ، سمعت نادر : وش فيها ؟

إبتسمت والدتي : ما فيها شيء












دلفت إلى غرفتي ، شعرت بخطوات خلفي ، أعلم من تكون
ولا أريد الإلتفات ، فهي مؤكداً تُريد مُحاسبتي ، إمسكت بأحد ثيابي ، وعندما أردت الخروج ، أغلقت الباب

: ليه تكلمني كذا عند العيال ؟
لا إله إلا الله ، لست في مزاج جيّد للنقاش : جميله ، وراي مشوار ، بعدي عن الباب

تكتّفت بصرامة : سلمان ، بعد كل هالسنين ولا انت عارف كيف تتعامل معي ، أنا ما هوّلت شيء على قولتك ، أنا خايفه
على صحة أبوك
مسحت على وجهي ، سيطول الأمر إن عاندتها : طيب ، حقك علي ، والله يجزاك خير إنك حسيتِ
في أبوي ، خلاص !!
رفعت يدها بقلة حيلة : أنا مدري ليه أكلمك ، روح روح ، توّكل الله يستر عليك
فتحت الباب لي وبانت ملامح الضيق
على معالمها ، اقتربت منها : يا جميله ، يا أبوي أنتِ ، أنا ما أحب أحد يشفق على أبوي ، وادري انك موب
شفقانه بس كلامك وتصرفك ما أعجبني
: طيب
خرجت من الغرفة وأنا أعلم بأنني سأعود والأمور صافية ، هذه جميلة ..





قبيل الـ 30 عاماً

أجلس متجهمٌ في خيمة " لافي " ، أو بالأصح عمي ، والد زوجتي جميلة ..
في ذاك اليوم كان زواجي ، الذي ظننت
حينها بأنه زواجاً ملعوناً ، كُنت لا أرغب بالزواج البتة ، أردت الصيد ، الطيش والتخييم ، والترنح في العزوبية لبقية عُمري ، لكن ..
حُكم القوي على الضعيف
أراد أبي أن أتزوج ، إذاً فسأتزوج
كُنت ألتفت كثيراً ، أبحث عن
شخصٌ ينقذني من هذه الزيجة ، كان اليوم مثيراُ للتخييم ، كانت السحب جائدة ، شعرت بالمرارة ، جدَر
بي أن اتهرّب من هذا اليوم ، يا إلهي

حانت الزفة ، كانت التهاليل تتسابق لأُذني ، والرجال
"يصرخون"
مُرحبين بي في منزلي الجديد الذي سيضمني أنا وجميلة للأبد ، كم هي مؤلمة الأبدية ..

جلست في غرفة المعيشة ، وكانت جميلة
تقبع بجانبي ، لم استطع رؤية وجهها ، لأنها تصد عني من فرط الحياء ، لكن لمحت شعرها ، طويل يصل
إلى أسفل ظهرها ، لونه بُني يقارب الأحمر ، حريري منساب حولها ، اقتربت منها ، مددت اصبعي
نحوها ، ما أن وقع طرف اصبعي على كتفها ، أجهشت بالبكاء ، ارتعبت كثيراً ، قفزت نحوها : جميله ، علامك ؟
همست لي وهي ترتجف : لا تقرب

ضحكت كثيراً عليها ، دفعت كتفها ممازحاً ، يقال بأني حاولت أن أُهدئها ، لكنني زدت الأمور صعوبةً ، بات كحلها
يسيل على ثوبها ، وعلى عقدها الذي يُزين
جيدها ، تعكّر مزاجي ، لا أُحب البكاء ، وخصوصاً من "الإناث" ، تنهدت ومسحت على جبيني : جميله ، لا تبكين
يسيل الكحل وتطلعين تروعين ..


عميت ما يُفترض أن أُكحْله !!




لكنني اكتشفت بأن هذا ما يحصل في بداية الزواج ، الخوف من المستقبل ، المسؤولية ، التخلي
عن العزوبية / الحرية ، بعدها بأيام أكملت
جميلة حياتي بوجودها ، وأكملت ديني أيضاً ، أضافت وجود وهالةٍ خاصة بها ، أسعدتني كثيراً ..










جلست والدتي بجانبي وتأففت ، علمت بأن شيءٌ ما أصابهما ، أقصد والدي وأمي ..
: وين أختك ؟
نظرت إليها مطولاً : نايمه
جميله : روحي جيبي لي بنادول ، وصحيهم من النوم
لأجل يأكلون شيء ، لا فطور ولا غداء

اذعنت لها ، نهضت وأنا أجر أقدامي خلفي ، هذا الخمول
ممل كثيراً ،
أُحضر البنادول ؟ هه
ماذا أصاب البشر ؟ أصبحوا لا يستغنون عنه ؟ جميع الأدوية
أصبحت كذلك ، ركن أساسي في منزل كل شخص ، لا يعلمون بأنها هي من تسبب لهم الأمراض
أعطيتها البنادول ، وصعدت السُلم ذاهبةً لإيقاظ طارق
وعفاف ، طرقت الباب ، لا صوت سوى التكييف ، دلفت إلى الغرفة ، جلست على سرير طارق ، كانت الغرفة
مهيأة للنوم بحق !!
ملت قليلاً ناحية طارق ، لكن تلك الوسادة أغوتني ، سحبتها ناحيتي ، ونمت بجانب طارق
لمحت عفاف تقترب مني ، كنت أجاهد نفسي
لإبقاء عيني مفتوحة ، همست وأنا أعصر عيني بتعب : شفيك ؟
دفعتني بيدها ، تنحيت بجانب طارق ، شعر
بوجودي ، فتح عينه ونظر إلي ، افسح المجال لي لأنام بجانبه كي تستطيع عفاف أن تنام معنا ، أغلقت عفاف الباب ، وعادت
لترمي جسدها بجانبي











استغربت من تأخر هيفاء ، فهذه ليست عادتها ، ذهبت
لغرفتها ، لم أجد أحد فيها ، أكملت سيري لغرفة عفاف ، فارغة من أي كائن !!

إين ذهبوا أطفالي ؟؟

فتحت باب غرفة طارق ، وجدتهم "منصرعين" على
السرير ، لانت ملامح وجهي ، تبدو أشكالهم مريحة جداً ، إبتسمت ، ليت نادر يكون بمثل عفويتهم ، لا أعلم لما هذا
الفتى جديّ هكذا ؟ أتمنى أن يتغير ، قريباً !



امسكت بالهاتف ، اتصلت على "فوزيه" و "منيره" حماواتي ، وطلبت منهما القدوم لتسليتي في
فترة العصر ، طلبت الفطائر والعصيرات من المتجر القريب ، ذهبت للمطبخ وبدأت
بعمل الحلويات ، أردت المساعدة بشدة ، لكن لا يوجد من يقدمها لي ، سمعت جرس الباب ، فتحته وكانت ..


في الوقت المُناسب !!

: هلا هلا ، هلا بالزين كله
إبتسمت لي بخجل ، ومدت يدها لتصافحني : كيف حالك يا خاله ؟
: الحمدلله زينه ، حياك ادخلي
دخل خلفها "فهد" ، قبّلته على رأسه ، أغبطه على
صبره ، كيف لقلبه الصغير الابتسام للحياة ، صبرٌ جميل يا فهد


امسكت بالطعام الذي أحضرته معها ووضعته على
الطاولة : وين أمك ؟
: بتجي
: زين زين ، دقيقه بروح أنادي البنات
في الحقيقة لم أكن أريد أنا أُنادي بناتي ، بل كُنت
أريد أن أُنبِه طارق ألا ينزل ، لأن ابنة عمه "ريم" موجوده ، قرعت الباب ، وتذكرت انهم رقود ولن
يجيبني أحد ، فتحته وأمسكت بذراع طارق ، هزّيتها أكثر من مرة ، لن يجيب هذا الفتى ، دلفت
إلى دورة المياه - أعزكم الله - بللت يدي بالماء البارد ، وعدت إليه "بسم الله" ، مسحت على وجهه ، انتفض
بسرعة عندما شعر بأصابعي تلمسه ، سميّت عليه ، نظر إلي بنصف عين
مدّد ذراعه إلى آخر الفِراش ، ذراعه الأيمن ضرب في رأس هيفاء : هاه
اقتربت منه وهمست له : بنت عمتك تحت ، انتبه لا تدرعم علينا
: طيب
عاد إلى النوم وأنا عدت للأسفل ، وجدت كُل
الطعام قد قُسِّم ، والعصيرات سُكِبت ، والحلويات قد وُزِعت ، علمت بأنها ريم ، ما أجمل هذه الفتاة ..










سمعت كلمات والدتي لطارق ، استيقظت بعد عناء طويل ، ذاك الخمول الغبي !!
استحممت وبدأت بالتجّمل ، لم أكن في المزاج
لهذا ، لكن يجب علي أن أفعل ، فَ عماتي يكرهنّ عندما لا نلقي التحية عليهن ، كيف استنتجت قدومهن ؟

حسناً

عمتي فوزيه لا ترسل ريم إلينا إلا وهي قادمة ، أما عماتي الأخريات ، بالتأكيد والدتي لن تتركهن دون دعوة !!
نزلت للأسفل ، رأيت ريم تُصلح السُفرة ، سلّمت
عليها واطلقت بعض الدُعابات عن المدرسة ، لكنها لم تضحك ، لا أعلم لما يكرهون المدرسة !!!

دخلت المطبخ ، تفجّرت في جيوبي الأنفية رائحة الطعام ، أصدرت معدتي أصواتاً مُرحبة
كان فهد يجلس على الطاولة وعلى وجه
ابتسامة بريئة ، اقتربت منه وعانقته ، حرّكت أنفه كثيراً ، ضحك وتوّهجت السعادة في وجنتيه ، شعرت بفراشات
قلبه تحلق حولي



أذكر تلك القصة التي كانت خالتي ترويها لنا ، هو الطفل صاحب الفراشات ، إذا ابتسم حلّقت الفراشات حوله ، وإذا شعر
بالسعادة تلوّنت حوله الطرق ، أذكر بأنني لم اقتنع
بكلامها ، كُنت أبلغ من العمر 8 سنوات ، لم أصدقها ، ، أعلم بأنها قصة خيالية ، لكن الفضول تآكلني ، وأردت أن
أفهم كيف يحصل هذا ؟ ، لهذا أخبرت "فيصل" عن قصتها ، عن فراشات القلب ، وهل يعقل بأن تكون موجودة ؟



أجلسني فيصل ، ثُم وقف أمامي
أبتسم
بقيت أبحلق فيه ، انتظر شيءٌ ما أن يحصل

لكنه بقي مبتسم ولم يتحرك ، استاءت ملامح وجهي ، شعرت بالضجر ، نهضت وأنا انفض التراب عن
ملابسي ، مسك كتفي ، وهز رأسه يريد مني البقاء قليلاً
جلست مرة أخرى "بسرعه وش تبي ؟" جلس أمامي ، واتسعت ابتسامته ، كتب على التراب ، إلهي كم صَعُب
علي قراءة خطّه المتعرج ، أملت برأسي وأنا أحاول قراءة ما كتب


"طلعت مني فراشة"


نظرت حولي باحثة عن تلك الفراشة المزعومة ، لم أجدها ، عاودت النظر إليه ، حاولت أنا فهم إلى
ماذا يُشير ، طمس كلامه وهو يمرر يده على التراب ، وعاد للكتابة ، لكن هذه المرة علَت
ابتسامة أخرى ، تختلف عن تلك ، ابتسامة صادقة ، وللحظة شعرت بسعادته تلفحني


"أنتِ فراشة قلبي"


إبتسمت له ، كُنت طفلة ، تظن بأن هذا الغزل الطفولي مجرد مُزاح ، نهضت مجدداً وأنا أردف "فراشتك بتمشي"



كلما تذكرت هذا الموقف ، شعرت بالحمرة تتسلل إلى وجهي ، عندها آمنت بأن هُناك فراشات قد
حلقت من قلبي وطافت حوله ، آمنت بفراشات القلب ، ما ألطفك يا فيصل ، وكيف كُنت رقيق مع
طفلة مثلي ، لو حُبِكت هذه القصة في هذا الزمن مع أحد أطفال هذا الوقت ، لكان السيناريو مُختلف




: هيوف ، فيك شيء ؟
قبلت جبينه ، لا يوجد خطبٌ بي ، وحتى إن كان يوجد ، فهو لا يُقارن بما فيك : لا حبيبي
امسكت بأحد الفطائر واطعمته بيدي ، كيف
للجمال أن يتشكّل في هيئة هذا الطفل ، يا سذاجة آلامنا نحوْه ، ويا هلعنا من المصائب أمام صبرِه ، كيف بدت الدنيا أمام عينه ؟ لا شيء
يعيش يومه ، وهو يعلم ما أُبتليّ به ، هو مثال في عالم تقلصت فيه الأمثلة ، هو درس وجب علينا حِفظه ، سلمت يد من ربّاك ، وسلم بطنٍ حمِل بك ..





نزلت عفاف وهي تترنح على السلالم ، حاولت فتح عينها ، قابلتها ريم ، بدأت عفاف بالتدقيق في ملامح ريم ، فجأة
توّسعت عينها بصدمة ، غطت وجهها
بيديها ، هروّلت للإعلى ، ضحكت ريم كثيراً عليها ، كانت بملابس مبهذلة وشعرها أشعث ، وكأنها قد تنازعت
مع قططة ، لا بأس ، هكذا هي الحياة ، قد تكون غير عادلة أحياناً












لعنت غبائي الذي أنزلني للأسفل ، أكان من الضروري أن أنزل ؟! ، هذا الوقت بالذات الذي لا أشاء
أن يراني فيه أحد ، وأنا ابدو هكذا ..
أين مساحيق التجميل ؟ أين الملابس
البرّاقة ، وضعت أنواع المجمِلات على وجهي ، وسرّحت شعري ، وارتديت ما وقعت يدي عليه ، نزلت للأسفل
وأنا رافعة أنفي للإعلى ، أبحث عن نرجسيتي
التي أضعتها هنا ، سلّمت على ريم سمعت ضحكتها الخافتة ، لم أبالي وأنا أمشي بكبرياء شديد ، دلفت إلى المطبخ
ورأيت هيفاء شاردة الذهن ، وفهد ينظر إلي ببراءة ، اقتربت منه وأنا أُداعبه : كيف حالك فهودي ؟

ابتسم لي وهزّ رأسه : بخير
تقدمت إلى هيفاء : هيوف
حدّقت بي ثم اردفت : يالله نرتب السفرة ، ريم سوّت كل شيء ما قصّرت



ساعدنا ريم فيما تبقى ، وطبعاً لم يتبقى إلا القليل ، شكرتها على المساعدة ، واعتذرت منها على المنظر المخيف
الذي رأته ، جلسنا أنا وهيفاء ونحنُ نحدق في
أنفسنا ، امتدحت ملابسها ، وهي فعلت الشيء نفسه معي ، جلس فهد بجانب أخته وهُما يلصقان أجسادهما
في بعض من الخجل ..

إبتسمت له ، وأبتسم لي ، تشجعت قليلاً ورفعت أصابعي في مستوى أُذني وحركتها بسرعة وأنا اخرج لساني ، ضحك
على حركتي السخيفة ، نظرت إلى هيفاء وأنا اضحك ، لأجدها تقول "الحمدلله والشكر" ، تلوّن وجهي ، أكان شكلي
غبي إلى هذه الدرجة ؟!

أم كان على أن اتصرف بلباقة لما يناسب ملابسي ، كي لا يفسد "برستيجي" ؟؟!

غير مهم



سمعنا أصوات ترحيب وضجيج قادم من الخارج ، لا بد من انهما عماتي ، وقفنا أنا وهيفاء وتقدمت هيفاء
عند الباب ، أول من دخل كانت عمتي منيره "زوجة عمي منصور" ، سحبت هيفاء في عناق ، نظرت
إلى هيفاء وأنا أكاد أن انفجر ضحكاً على نظرتها المستنجدة

أطالت في عناقها ، ثُم ابتعدت وهي تناديني أن اقترب إليها ، اقتربت وقبّلت رأسها وصافحتها ، افسحت لها المجال لتدخل
صالتنا ، ما أن التفت إلا وأمسكت بي ابنتها "وفاء" ، سلّمت عليها وأمسكت بابنها الصغير "سعد" قبلت أنفه واعدته إليها ، جلست بجانب أمها ..


دخلت أمي ورحبت بهم وطلبت من هيفاء بأن "تقهوي" الضيوف ، جلست أنا بجانب ريم ، ومن خجلي التصقت
بهم أيضاً
: كيف حالك يا عفاف ؟
نظرت إلى عمتي وأنا أحاول أن ابدو طبيعية قدر المستطاع : بخير

أستأذنتنا هيفاء ، لماذا هربتي وتركتيني أواجه هذا الوضع لوحدي ؟
نظرت إلى وفاء التي كانت تتفحصني بنظرها ، حشرت
نفسي بجانب ريم وأخيها ، حتى شعرت بفهد يحاول أن يتنفس ، ابتعدت قليلاً ، يا إلهي

كم أمقت هذه النظرات

انتظرت والدتي ، حتّى استطيع الهروب من هذا اللقاء ، سمعت صرخة من عند الباب



" يا أهل البيت "
"جميلة"
" بنت "
" وينكم "


لا أحد يملك صخب الحضور إلا عمتي
فوزيه ..

اقتربت أمي من الباب وهي تُرحِب بها ، وجاءت من خلفها هيفاء ، بعد السلام والقُبل ، لمحت طارق
يعدو مع السُلم ، لا بد من أن صراخ عمتي ايقظه ، دخل صالة الجلوس

دعوني أوضح الأمر ، طارق يُعاني من ضعف في النظر وللتو قد صحى من النوم ، إذن فَ النظر 0 ..

لم يُلاحظ الموجودين وهو يردف : شفيكم ؟
وفاء التي كانت ترتدي عباءتها ، كان من السهل عليها أن تضع النقاب بسرعة على
وجهها ، لكن ريم التي ظلّت متخبئة خلفي
لم تكن ترتدي إلا القصير والذي توضح منه بياض ساقيها ، قفز فهد من جانبي ، لربما شعر
بالغيرة على أخته ، دفع طارق بيده ، لنسمع ضحكة عمتي فوزية "أتركه خلني أسلم عليه" ، وضحت الصورة
لطارق وهو يفرك عينه ويداعب خصلات شعره بضجر ، ابتعد وهو يصعد السُلم وعاد إدراجه ..

إبتسمت أمي بخجل من تجاهل طارق ، لتردف عمتي منيره بزعل : وراه ما يسلّم علي الفالح ؟

حاولت اختلاق الأعذار لأخي ، هؤلاء النسوة التهمنه "حياً" : ما تشوفون ريم هنا ؟ كيف يدخل ويسلم ؟

حشرت ريم نفسها بداخلي ، في الحقيقة انزعجت ولكنني قدّرت حياءها ، نظرت حولي باحثة عن فهد ، ولم أجده













شتمت عمتي فوزية في داخلي ، أحقاً تحتاج "ترويع" الناس كي يعلموا بوصولها ؟ لا أعلم ما خطب هذه
المخلوقة ، ولماذا تُريد بشدة إن تقتلني أو أن تتسبب في قتلها ؟!

نظرت خلفي لأني سمعت خطوات ، وجدت
فهد ينظر إلي ، كُنت سأصرخ ولكنني تذكرت مرضه ، فعاد قلبي يؤلمني ، أكملت سيري ودخلت غرفتي ، ودخل هو !!
ماذا يُريد ؟

عجيب
جلس على سريري ، وبقي يحدق بي ، خلعت قميص بجامتي ، لم يتحرك بل كان ينظر ببراءة ، نظرت إليه وأنا أُحاول أن أُلين صوتي : تبي تشوفني مفصّخ ؟

تقززت ملامحه ، وهز رأسه مراراً بالرفض ، بدا وكأنه وجد الحل ، التفت وقابلني ظهره ، أخذت قطع ملابسي
ونوّيت الاستحمام ، أسرعت بالتحمم وفي رأسي

منظر فهد وهو ينبش بأغراضي ويجد الشريط الذي تظهر فيه دانه ويخرج ويخبر والدته وينتشر الخبر ويقتلني عمي وينبذني الجميع ، واعيش يتيماً وحيداً وسيكرهني الجميع ،

ارتعبت من هذه الأفكار ، خرجت بسرعة وأنا ألف منشفتي حول وسطي ، وجدت فهد مستلقي على سريري ويحدق في السماء


عدت للخلف قليلاً .. شعرت بكهرباء تسري بي ، وشعر جسدي واقفاً رهبةً من المنظر ، كان ينظر ، إلى نقطة
معينة فوق ، وكأنه يُحادث احدهم بنظراته ، أو ربما يناجي ربه ، نظرته أعمق ما رأيت ، تلك العدسة كانت
ثابتة ، ملامح وجه لم تُشابه البراءة التي اعتدتها منه ، بل كانت حادة وذابلة ، وكأنه كبر 10 سنين ، ارتديت
ملابسي وعدت له وأنا أجاهد نفسي ألا انظر إليه ، ولكنه جلس مجدداً ورتّب نفسه ، كان جسدي بأكمله
يرتجف ، رُبما تلبسته جنية : فهد

ابتسم وعاد وجهه مُبتهج مجدداً ، أكان يُفكِر بمرضه ؟ ، أردفت : انت فيك مرض ؟

سألته ، لأني خشيت بأن عائلته لم تخبره ، لهذا لم أرد إن أكون الفاجع !!
ابتسم وهو يتأنى بكلامه وكأنه
يحادث طفل : قصدك السرطان ؟
لا حقاً ، يبدو بأن هناك جنية تتلبسه ، بسم الله ، بسم الله اخرج يا عدو الله ، اهززت رأسي موافقاً لكلامه : وين ؟ أقصد السرطان ؟
: في رأسي

كانت ضربة موجهة مباشرة لصدري ، حاولت إن اصمد واتحدث دون أن أُثير انتباهه لخوفي
وصدمتي : طيب ، انت اللحين تحس بشيء ؟

ضحك ثم أردف باريحية تامة وكأنه يتحدث بتخصص هو أعلم به : أنا ما أحس بشيء اللحين ، لكن اكيد راح أحس بعدين
نظرت إليه بريبة ، ماذا يعلم هذا الطفل ولا اعلمه أنا ؟ : كيف يعني ؟

ببساطة قال : يا أني بعاني من العلاج بالكيماوي ، أو أني بموت ..
جحظت عيني ، لم استطع إدراك ما قال ، صرخت به : أستغفر ، ما تدري ربي وش كاتب لك

كان ينظر إلي بجمود : ربي على كل شيء قدير ، بس أنا أعرف ناس ماتوا من السرطان ، اللي في الدماغ !

كانت أنفاسي غير منتظمة ، كادت الدموع تتدحرج
من عيني ، ماذا أقول ؟ أنا الذي لا أحفظ شيء من المواساة سوى الشتائم والغضب : أكل تراب ، ما راح تموت ، ألا إذا أنا اللي قتلتك

اقترب مني وعانقني ، تصلبت عضلاتي ، حبست أنفاسي فجأة ، ابتعد عني ونظر إلي : اللي كاتبه ربي بيصير ، جدي قال كذا
أدرت وجهي عنه : اطلع برا

خرج من الغرفة وسمعت صوت الباب
نزلت دمعتي التي جاهدت أن أبقيها سجينة في
عيني ، مسحتها بسرعة ، لا أحب أن يراني أحد وأنا أبكي ، حتى وإن لم يكن أحداً موجود فأنا أخجل من خروج الماء
من عيني ، ربما أنا شرقي ، لكن هذا ضعف ، بكاء الرجل ضعف وليس إلا كذلك ..















2009 م.



الجميع يمتدح حياتي ، يظنون بأني سعيد واكاد أتمزق من فرحتي ، رُبما هذا ما أوضحه لهم ، ولانني
أيضاً لا أحبذ أن أشعر من حولي بحزني ، بل كنت اتجرعه واستمع لحزن غيري ، مساعدتهم أهم من مساعدة
نفسي .. كم أنا بسيط


في أحد الأيام طلبني أخي الصغير "فارس" بأن اتحقق من مواعيد مباريات "الهلال" ، كان مُعجب بهم ، لهذا
وافقت ، عندما انتهيت فتحت بريدي الإلكتروني ، كان مكتظ بالرسائل ، دعوات زواج ، نُكت ، ادعية ، ورسائل
طارق من جهة ، والغريب رسائل من المنتديات ، لا أعلم من يُسجل في هذه المواقع بأيميلي !


كان إخوتي حولي جلوس ، عبدالله ، منصور ، عزام ، فارس وأنا
عبدالله أكبرنا ، ويصغرنا عزّام



وقع نظري على رسالة كان موضوعها "الآنسة عفاف" ، تبادر في ذهني بأنه طارق ويُريد ممزاحتي ، إبتسمت وأنا
افتح الرسالة ، اعتدلت في جلستي واتسعت ابتسامتي ، لكن صُدِمت وما أبشعها من صدمة ..







..







السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ابن عمي "سامي" ..
كيف هي أحوالك ؟ أظن بأنك بخير ، لا أعتقد بأن هناك شخص مُتعب مسافر للصيد !
أليس كذلك ؟ إذاً لا بُد بأنك بصحةٍ جيدة ..

كيف كانت تلك الرحلة ؟ أظن بأنك استمتعت فيها ، بل أنا مُتيقنة بهذا .. لأني أمضيت هذه الأسابيع استمع لعمي وهو يتكلم عن الصيد ، مللت بحق ..

كم حيوان اصطدت/قتلت ؟ لا بد من انك تشعر بالقوة الآن لقتلك تلك الحيوانات المسكينة والتي لا ذنب لها سوى الوقوع بين يديك !

على أية حال ، لطالما أحببت الدخول في صلب الموضوع ، لكنني لم أريد أفجاعك ..


مرّت بِنا 3 أسابيع منذُ خُطبتنا
سامي ، لا أريد أن أُطيل الأمر أكثر من اللازم
أنت أخي ، ولطالما كُنت كذلك ، مواقفك البطولية معي تُسعد قلبي كثيراً ، زُدتني شرفاً عندما تقدمت لي
أنا لا أُحبك ولا أتخيلك زوجاً لي - لا أعني الأنقاص من قدرك - ولا أريد الارتباط بك ، ولكنني قد فعلت
لما لم أرفض ؟

ببساطة لأنك ابن عمي ورفضي لك سينتشر كالنار في الهشيم ، وسيظن الناس بك السوء ، ولن يُزوجك أحد ابنته لهذا السبب ، أو أسبابٌ أخرى ..
وسبب آخر هو طارق ، أنت تعلم بصداقتكم ، ولا أظن بأنه سيفرح عندما يعلم برفضي لصديقه الغالي !
وأهم سبب هو ; ليس هناك مانع من زواجي بك ، لأني لن اخسر شيء في هذه الزيجة ..

لُب هذه الرسالة ..

أرجوك ، نحن زوجان على الورق فقط ، لا تتوقع مني أن أُعاملك كزوجة ، ولا أريد أي شيء يربطني بك سوى ورقة ، وهي تحت كامل تصرفك
ولن أكون عثرة في طريقك ، ستُسنح لك الفرصة للزواج بأخرى ، لأن والدتك تُريد مشاهدة أطفالك متشبثين في ذراعها ، وصدقني .. لن تكون الأم أنا .. لهذا ستُسارع بالخطب لك ، عندها ستعيش سعيداً مع زوجتك .. بعيداً عني.
إلا إذا أردت الطلاق فسيكون لنا حديث آخر.






لا ضغينة
ليُكن الله في عونك ..










___________________
المُرسل : عفاف سلمان العزام.
تاريخ الإرسال : 21 / 8 / 2009 م.
البريد الإلكتروني : AfafSol@hotmail.com

المُرسِل إليه : سامي عوّاد العزام.
البريد الإلكتروني : Swemaz@hotmail.com














يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..

موعدنا القادم في الجزء الـ 13 .. الجمعة بإذن الله



انتظر ردودكم وآرائكم ..



" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

مريم123 04-09-13 08:34 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اجر

لا تأخذك قلة الردود بالحزن ابدا
كم انزعج حين أرى الكاتب مغمورا بأحاسيس كهذه بسبب ردود لم تكتظ بها صفحته.
بالله عليك لا تكترثي و اعلمي ان قلمك عندي ذو تقدير احبه و اتابعه
هل رأيت الوقت الذي تبذلين في كتابة جزء لنا
اريد فقط أن ابذل لك ردا يوازي ذلك
و هي علتي التي حالت دون مروري هنا.
المعذرة يا اخية.

آجر. 04-09-13 10:09 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم123 (المشاركة 3367373)
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اجر

لا تأخذك قلة الردود بالحزن ابدا
كم انزعج حين أرى الكاتب مغمورا بأحاسيس كهذه بسبب ردود لم تكتظ بها صفحته.
بالله عليك لا تكترثي و اعلمي ان قلمك عندي ذو تقدير احبه و اتابعه
هل رأيت الوقت الذي تبذلين في كتابة جزء لنا
اريد فقط أن ابذل لك ردا يوازي ذلك
و هي علتي التي حالت دون مروري هنا.
المعذرة يا اخية.




شكراً عزيزتي مريم :$
أنا قنوعة جداً ، يعني رد واحد يسعدني كثير مثل ما أسعدتيني
تونا في بداية المشوار وإن شاء الله تنتهي الرواية على خير واكون سعيدة فيها
موب شرط ردود أو غيره ، بس أنا أبي أعرف من خلال الردود "فيه أحد يتابع ولا مسحوب علي :p"

بس اللحين تطمنت فيه أشخاص كثير يتابعون "بس بصمت"

يعطيك العافية يا جميلة والله يوفقك

نوف بنت نايف 04-09-13 10:35 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمه الله
عوافي اختي اجر
قلم جميل يستحق المتابعه
في البدايه توقعت ان طارق وفجر البطلين الحصريين للروايه
ولكن من خلال السياق تبين ان هناك الكثير مما تخبئه تفاصيل
الروايه
عفاف وسامي وعنجهيه كرامه بين الاثنين قد تفسد بدايه حياتهم الزوجيه
فيصل وهيفاﺀ
مشاعر مخفيه يبدو لي ان هيفاﺀ تحتفظ فيها ونمتها من الصغر
وياخوفي يكون فيصل نسي السالفه
مع اني اتوقع انه مازال ينظر لنفسه انه لايستحقها
بسبب الصمم
بس وشهو الشي اللي بيدفعه يتقدم لها من جديد

نننتظر القادم بشووووق

آجر. 06-09-13 07:41 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 

-




الجزء الـ 13





[ أعلم انك تشعر بي ، في مكان ما أنت تشعر
بوجعي ، أشعر بكل الآلام تترنح حولي ، ترسم دائرة تحتويني وحدي .. أبكني وتلمّس حزني ، ألا يمكنك
أن تكون كما أردت في حكاياتي ؟ ، ألا تعلم
كم اشتاق لسماع "دموعك" ؟ ، احتاج لأن أراك تتلوى وجعاً لأبكيك .. أواليتك تعلم كم أمقت نفسي ، أعلم بأنني
سأراك يوماً ما ، ستعانقني وسأستنشق كُل
ما فيك ، سأتجرعك كمدمنة ، ألا تعلم بأن رحيلك أماتني ؟ ، اشتاقك ، اشتاقك بقسوة ..
أحبك ، ولن تُقدس هذه الكلمة لسواك ، أحبك .. وأمقت رحيلك ]














كُنت أجلس في مكتبي كالعادة ، أشعر بالضجر والجوع ، أريد أن أخرج بشدة ، لكن لا يوجد غيري ليبقى ، أمسكت
بهاتفي وبدأت بالتصفح الـ " WhatsApp" ، كان سامي مُتصِل ، كانت اللحظة المناسبة لفتح
الموضوع معه ، عفاف لم تعد صغيرة بعد الآن ، وهو كذلك ، شيءٌ ما يحدث أنا لست مُتطلع عليه ، لا أعلم ما هو
السبب الذي يطرأ فجأة كي يتأجل الزواج !

طبعت بأصابعي منادي له : سامي
ثواني حتى ظهر "يكتب رسالة .."


: هلا ومرحبا نادر
: كيف حالك ؟
سامي : بخير ، زان حالك ، وأنت شلونك ؟
: طبت طاب لونك ، سامي لو ما عليك أمر تمرني في مكتبي
سامي : عندي دوام اللحين
لا مجال للتراجع ، حان الوقت : كلها كلمتين وتتيّسر
مرّت دقيقة حتى طبع لي : ثواني وأنا عندك


لا بد بأنه تنبأ بما سيحصل










شيءٌ ما سيحصل ، نادر لا يحتاجني في خدمة أبداً ، ولا بيننا مواضيع ولا اهتمامات مشتركة ، إذن أنا لا أعلم
ماذا يريد حقاً !!
لا يخفى عليكم بأنني أشعر برهبة خفيفة ، نادر مُخيف ، يُذكرني بالمُدير ، حينما يطلب أحد الطلاب ، إذن
الطالب واقع في مشكلة وإلا لما استدعاه !
أنا الطالب
وأنا واقع في مشكلة ..


ركبت سيارتي ومشيت وأنا أفكر بأسوأ
الاحتمالات ، عندما نزلت من السيارة قابلت فيصل الذي بحلق بي بصدمة ، اقترب مني وهو يشير بيده ، أردفت
بصوت عالي : نادر يبيني
عفّد حاجبه باستغراب ، استرسلت وأنا أهمس : معصب ولا ؟
أشار بـ لا ، ثم كتب في هاتفه ورفعه لي "ما طلع من مكتبه من اليوم"

هذا شؤم


أستأذنت فيصل واكملت سيري لمكتب نادر ، طرقت الباب حتى سمعت صوته "ادخل"

سمّيت بالله ودلفت
نهض وهو يرحب بي : يا مرحبا بسامي
صافحته : يا هلا ، كيف حالك ؟
: بخير الحمدلله ، تفضل
ألن يسأل عن أحوالي ؟ يا لفظاظته : زاد فضلك
جلست وأنا أمدد أطرافي للآخر ، حاولت خلق مظهر
لي يدل على ارتياحي وعدم خوفي من هذه المقابلة المفاجئة


طلب لي قهوة وقدّمها لي ، لم أكن في مزاج جيّد لاحتساء القهوة ، فقط الانتهاء من هذا الموقف المثير للارتياب ..

: كيف حال عمي ؟
أسئلة الخدعة التي لطالما تحدث عنها طارق : ما عليه
اعتدل في جلسته ونظر إلي مباشرة : وكيف وظيفتك ؟
هذا موّتر كثيراً : زينه

ابتسم لي : علامك ترد على كلمة كلمة
: نادر فيه شيء صاير ؟
نزع نظارته بحدة : إيه ، اللي صاير أختي
هكذا إذن : وعلامها أختك ؟
نادر : أبي أسألك سؤال ، من متى مخطوبين ؟
: 4 سنوات
نادر : البنت كبرت وأنت كبير بعد
أغضبني كثيراً تدخله ، لكنني كبحت حنقي : خلني برتب أوضاعي وبعدها يحلها ألف حلّال ..
: عقب آيش ؟ عقب ما فتحت عيون الناس عليها ؟!
إلى هنا وفقط ، أيظن بأنني أحاول إيذائها ؟ : نادر ، تراها بنت عمي ولا أرضى عليها بالشينه ، يعني لا تحسسني أني متعمد أأخر الزواج !!
تنهد : يا سامي ، البنت كل شويه يسألونها الناس متى الزواج ؟ وش تجاوبهم ؟
: تنتظر
نادر : سامي أختي موب لعبة عندك

هل جنّ هذا الفتى ؟ ألا يكفي زواجي بأخته "إجباراً" ليأتي هو ويسم بدني بهذا الكلام ؟ ، نهضت بقسوة وأنا
أهمس بحدة : أنا ما لعبت فيها ، ودامكم تشوفيني ألعب ورا ما طلبتوا فسخ الخطوبة ؟!
دار نادر حول المكتب إلى أن وصل أمامي : أسمعني زين ، الأربع سنوات اطلعها من عينك ، وموب على
كيفك تفسخ ولا غيره ، انت رجّال ما راح تغير شيء هالسنوات فيك ، بس أختي ؟ 4 سنوات خطبة من ولد عمها وبعدين فسخها ، اكيد فيها عيب ؟!!

: أجل لا تتدخل بيني وبينها

استدرت ناوياً الذهاب حتى داهمني صوته : الملكة الأسبوع الجاي



هنيئاً لك يا عفاف بهذا الأخ الذي جعل كرهي لك يتضاعف.














نزلت للأسفل ودخلت المطبخ لأنني ولسببٍ ما شعرت بالجوع بعد سماع قصة فهد !

وجدت الطعام متكدس ، يا للجمال ، أيعقل بأن أحب الطعام أكثر من البشر ؟ الطعام يُشعرني بالسعادة

تذكرت دانة

كانت تتناول الموالح عندما تشعر بالسعادة ، والحلويات عندما تكتئب .. أين هي الآن ؟ وماذا جرى على الشريط ؟

لا يهم

امسكت بالفطائر وبدأت بالتهامها ، سكبت لي عصير وجلست على الكرسي ، دخلت والدتي

لم أتكلم معها منذُ أن صرخت بي موبخة ، عندما "درعمت" على ضيفتها ..

جلست أمامي وتنهدت : يعني لمتى بتتجاهلني ؟
أخذت اقضم فطيرتي بهدوء ، "متجاهلاً" حديثها ، سحبتها مني وأمسكت بيدي وقبلتها ، قفزت أنا إلى الجهة
الأخرى وقبلت رأسها ، هي تعلم بأنها ملاذي الأول والأخير ، أول امرأة عشقتها وأمتلكتني ، وبكل فخر هي
أول انثى اعترف بحبها ، زينةً هي لحياتي ، كانت أمي وما زالت كذلك ..

: أجلس الله يرضى لي عليك
جلست وأنا احتضن قدماها ، هل ستكون جنتي هُنا ؟
أردفت معاتبة : ليه ما سلّمت على عماتك ؟ تراهم نقدوا عليك
: أبشري ، اللحين أسلم عليهم

نهضت من الكرسي وسارت قليلاً ثم عادت : لحظة ، بقول للبنات يتغطون







بعد دقائق سمعت صوت أمي آذنة لي بالدخول ، دخلت وسلّمت على عمتي منيره
: كيف حالك يا طارق ؟
: بخير الحمدلله وأنتِ شلونك ؟ وشلون عمي ؟
منيره : ما عليه ، هو اللحين في البر عند حلاله
سلّمت على عمتي فوزية وأنا أُمأزحها : أنتِ ماله داعي أسلّم عليك ، توني أمس شايفك

ضربت صدري وهي تضحك : عاد لا تصير بخيل ..

امسكت بصدري ، هذه "الدفشة" آلمتني : يالله أنا استأذن
سحبتني عمتي منيره : أجلس أكل وتقهوى معنا
: لا لا ، بمشي
رأيت فهد يجلس وبيده ملعقة : فهد ، تخاويني ؟

رمى الملعقة وقفز بجانبي وهو يبتسم ، مسكين ..






ركبنا السيارة وبدأنا نسير في الشوارع ، لا أعلم أين اذهب لكنني أشعر بالملل ، لهذا طلبت من فهد أن
يرافقني ، توقفت عن "سيارة المثلجات" ابتعت له مثلجات واعطيته ، كان يأكل بصمت ، استغربت
هدوءه ، نظرت إليه ، رُبما هو يفكر بما حدث بيننا اليوم : فهد ، شفيك ساكت ؟

نظر إلي : انت تقول ممنوع الكلام في سيارتك
انفجرت ضاحكاً كثيراُ : ذاكرتك قوية

ابتسم لي : تكرهني لأني صغير
نظرت إليه بتأمل ، بعد ما رأيت اليوم وسمعت منك : انت رجّال موب صغير

هزّ رأسه مؤيداً لكلامي ، سألته : وين أبوك ؟ ليه ما يأخذك معه ؟
: أبوي يقول انت صغير ، علشان كذا يتركني

أبوة فاشلة ، أحمق لا يقدر نعمة ابنه
صدعت نعمة هاتفي في السيارة ، كان المتصل سامي : الو
: وينك ؟
: بروح لمول "*****" مع فهد
: طيب بجيكم هناك

أغلقت الهاتف ، وأنا أوجه حديثي لفهد : شكلنا بنطوّل في المول ، تبي أرجعك لأمك ولا تقعد معي ؟
: معك معك













كُنا جلوس في غرفة هيفاء ، أمي هي من طلبت منّا الصعود لأن طارق سيلقي التحية على عمّاتي ، ، هيفاء ووفاء
كانتا منشغلتان بالحديث ، عن الوظائف وعن فلانه
وأختها وزوجة فلان ، كنت أشعر بالملل ، أمّا ريم فكانت تنظر إلي بهدوء ، كنت أحاول أن أندمج معهما في الحديث لكن
رأسي بدأ بالتشتت !
كان هاتفي يهتز بجانبي ، أوه ، لقد نسيت بأنه "هزاز" ، كان
عذر مناسي لأن أهرب من هذه الغرفة ، دخلت غرفتي ورميت جسدي على السرير


: الو
: مشتكيه لأخوك ؟
نظرت إلى الهاتف بصدمة ، ثم أعدته مجدداً : من معي ؟
: هه ، على أساس انك ما تعرفيني
همست بصدمة : س سامي !

تحدث بسخرية : يا عيون سامي ، أجل تبين الزواج يقرّب ؟
قفزت بهلع : أنت وش قاعد تقول ؟
: تجهزي للملكة الأسبوع الجاي يوم الخميس
صرخت وأنا أحسب خساراتي : موب على كيفك

صرخ حتى سمعة بحته : أجل على كيفك أنتِ ؟ تشتكين لأخوك وتتدلعين عندي ؟ ، استرسل بقهر : يا كرهي لك يا عفاف
بكيت متألمة ، شعرت بالظلم يعانقني : مو فاهمه شيء ، أنا ما اشتكيك لأحد !!

: لا تبكين ، لا تبكين ، بلا نفاق
صحت وأنا متناسية وجود الضيوف : أشكي آيش ؟؟!!!!
: مع السلامة
اغلق الهاتف
لعنت حظي الذي أوقعني في طريقك ، وتأكدت بأن لعنتك أصابتني ، فأنا ما زلت أبكي منذُ اليوم الذي
أرسلت فيه الرسالة لك ، وكرهت نفسي واصابعي التي طبعت لك حماقتي ، لو أنني ابتلعت غروري وتزوجتك
بهدوء ، أكنت ستحبُني ؟ أم ستكرهني كما تفعل الآن ؟
"يا كرهي لك يا عفاف"

لماذا تبدو نبرتك أكيدة هكذا ؟ أم أنها كذلك ؟ ليتك تعلم
بأنني أموت عندما تنطقها لي ، أنت الوحيد الذي أكره "كرهه" لي ، أريد أن أكون مغرية لك ، إن تطلب
رضاي ، أن أصبح أعلى مبتغياتك ، فقط أريد أن أكون شيء مهم بالنسبة لك ، أطلبت الكثير يا سامي ؟













حاولت الاستماع إلى أحاديث وفاء ، لكنني
كُنت مشغولة البال ، نهوض عفاف أشغلني ، دخلت أمي لتسمح لنا بالنزول للأسفل ، تركت وفاء وريم
ودلفت إلى غرفة عفاف ، كانت تبكي

أسرعت بعناقها وأنا أبكي معها ، شعرت بخطبٍ ما أصابها بعد هذه المكالمة ، كنت "تشهق" من شدة
البكاء ، حاولت أن أهدي نفسي كي استطيع تهدئتها ، خشيت أن تدخل أمي وترانا هكذا ،
مسحت دموعها : شفيك ؟ وش صاير ؟
جلست على سريرها وحاولت أن تلتقط أنفاسها : ما فيني شيء
هي تعلم بأن عذرها سخيف : أمس صياح واليوم صياح ، وش فيك ؟

: ملكتي يوم الخميس الأسبوع الجاي
انصدمت ، إذاً من حادثها فهو "سامي" ، حاولت الابتهاج : مبروك ، بس علامك قلبتي الدنيا صياح ؟

نظرت إلي ثم عانقت يديها : خايفه
ضحكت كثيراً ، وارتعبت أيضاً ، أصلحت شكلي الذي بدا وكأنني استحممت بالفحم بسبب الكحل
السائل الذي تمرّد مع الدموع !!


نزلت للأسفل وأنا أشعر بالفرحة لعفاف ، فَ إعلانهما زوجاً وزوجة سيغير الكثير ، هذا رائع جداً ..












لم أهنأ بنومي البتة
كانت نظرات هيفاء تلاحقني ، أسئلة والدتها
تُزعزع نومي ، تكتلة الكوابيس في عيني ، كانت هذه أسوأ ليلة أقضيها في حياتي ، شعرت بكرههما لي ..
ابن عم عفاف ، سميّ "الكندي طارق" ، أضاف اللمسة الأخيرة وجعل ليلتي أقبح !


وكأن أمس لم يكن بشع بما فيه الكفاية لتزيّن أمي يومي بخبر مُزعج
"عمك وأهله بيجونا من كندا"
كان المنزل في حالة استنفار ، صحيح بأننا عائلة صغيرة جداً ولكننا متقاربين كثيراً ، وعندما نحدث ضجة ، نحدثها من ضمير !!

كانت أمي تكتب المشتريات ليحضرها والدي ، جلست بتعب على الأريكة ، ستأتي دانه ..
ماذا سأفعل ؟ هل أتظاهر بأن شيء لم يكن ؟ هل أسرق الشريط ؟ أم أنها أتلفته ؟ أو الأسوأ ، قد أرسلته ؟!!!
طردت هذه الأفكار من رأسي ، قررت بأن
اتصرف ببرود تجاه الوضع ، ليكن ما يكن ، مسكين هذا "الطارق" ، حقير هو حظه الذي جعله يطلب الزواج من دانه !


كنا جلوس في صالتنا الواسعة ، ننتظر قدوم والدي مع عمي وعائلته من المطار ، كانت أمي ترتب
لباسها بيدها وتعيد ترتيب النقاب على وجهها ، أما أنا فاكتفيت بأن أحدّق في الساعة ، أحسب الدقائق التي تفصلني عن دانه
والشريط


10:30 م.

امتلأ المنزل بالتحيات والبهجة ، لا أنكر بأنني حاربت دموعي
كيلا تنهمر ، الآن بدأت أشعر بشوقي لدانه ، عانقتها حتى سمعت صوتها مختنق "وجع فجير فكي"

عدنا كما كُنا
أنا وهي















الصفحة الأولى :
______________

بسم الله الرحمن الرحيم
مذكراتي العزيزة
هذه أول صفحة وأول ذكرى سأدونها ، ابنة عمي شاهدة عليها ، وهي تضحك الآن بشدة ، تظن بأنها حركة
صبيانية ، هي لا تفقه شيء
اليوم اتى ابن خالتي "متعب" ، كم بدا وسيماً ، كم أود الزواج منه عندما أكبر ، وها هي دانه تضحك مجدداً ، هي
تريد الزواج منه كذلك ، أنها تضربني الآن ، على اية حال ، كان يرتدي خاتم ذهبي ، بدا مغرياً للإرتداء
كثيراً ، أريد أن اخلعه من اصبعه والبسه أنا ..
دانه تقول بأن الخاتم سينزلق من اصبعي ، لا أظن بأن أصابعي صغيرة إلى هذا الحد !

أتعلمين يا أيتها المذكرة بأنك هدية من متعب ؟
رُبما سأطلب منه يوماً ما أن يقرأ
ما كتبت ، دانه تقول بأنه سيضحك علي ويهزأ بي ، أسيفعل هذا ؟ لا ، هو أعقل من هذا ..

دانه تقول بأنها جميلة ويجب
عليه الوقوع في غرامها ، هو ليس ابن خالتها ، بل هو ابن خالتي ، إذن أنا أولى به ، دانه تحاول أن تخربش كلامي ، تظن بأنها أحق به لأنها أكبر مني

لم يكن العمر حاجزاً أبداً ، أليس كذلك ؟



مذكرتي ..
سؤال مباغت
متى تظنين بأني سأتوقف عن الكتابة فيك ؟ قبل أن تنفذ أوراقك !!










الصفحة الثانية :
_____________


أهلاً مذكرات فجر
أنا دانه
المجنونه نستك في منزلنا ، لا يهم ، سأكتب أنا ذكرى لي في صفحاتك ، أتمنى بأنك لا تمانعين ؟
اليوم بكَت فجر لأنها لا تستطيع نطق
كلمة "قسطنطينية" ، هي حساسة ، لهذا أجهشت بالبكاء ، كنت أضايقها وأنا أردد على مسامعها هذه الكلمة ، غبية ، لطالما أخبرتها بأنها يجب عليها بأن تحبس
دموعها ، لكنها لا تعي ما أقول
ستميتُها هذه الدموع


أتعلمين يا مذكرات فجر ؟
أنا أعرف سبب ارتداء متعب الخاتم السحري ، لكنني لا أريد أخبار فجر ، لأنها ستستاء كثيراً

على العموم ، أريد أن أصبح شقراء ..










الصفحة الثالثة مُمزقة :
_____________

الحقير تزوج












الصفحة الرابعة :
_____________



مذكراتي العزيزة
اليوم أكتب وأنا حزينة ودموعي تبلل عنقي ، بجانبي تستلقي دانه ، وهي تمسح دموعها ، كلتانا
حزينتان على زواج متعب ، لم نرى زوجته بعد ، لكنني أكاد أجزم بأنها قبيحة ، هي لا تستحقه ، دانه
تقول "فلتصبها اللعنة" ..










الصفحة الخامسة :
_____________



مذكراتي العزيزة ..
بخصوص ما كتبته سابقاً عن زوجة متعب وشكلها ..
اسحب كلامي ، تبدو جميلة جداً ، كأنها
آلهة إغريقية ، عُنقها طويل ، شعرها أحمر مجعد ، مظهر غجري رائع ، لكنة غريبة ، كان ينظر إليها ولا يزيح
نظره لثانية ، لا ألومه ، هي ساحرة الجمال ، مبهرة ..
دانه توافقني الرأي
اسمها "فاتن" ، اسمٌ على مسمى ، كانت فاتنة جداً
كان ينظر إلى الساعة باستمرار ، وبين فترة
وفترة يقول "هيّا بنا لنذهب" لكن والدتي تستوقفه ، ثم يبقى مرة أخرى ، كان يسألني ما رأيي في زوجته ، أجبته
في استحياء بأنه "لا بأس بها"
هي أعظم من اللا بأس ، هي مذهلة









الصفحة السادسة :
____________



مذكراتي
هذا السر الوحيد الذي سأفشيه لك ، اليوم قال لي متعب شيءٌ لن أنساه ما حييت ، قال بأنني أجمل من
زوجته ، لا أعلم إن كان علي تقبل أطراؤه أم الخشية من تطوّر هذا الجمال ؟
ليت دانه كانت هنا

صحيح ، نسيت ذكر بأن اليوم قد بلغت 16 سنة ، أشعر بالسعادة








الصفحة السابعة :
___________



أكره متعب واكرهه بشدة ..
اليوم حضر حفلتنا وتفاقم حقدي وتضاعف شعوري بالانتقام ..
يحاول الاندماج معهم ، يتسحب بينهم ، يتنصل
من أسئلتهم ، ويحاول ترك انطباع جيد عنه ..


أتظن بأن أحدهم سيحبك ؟ ، في قرارة نفسك أنت مقتنع بأنك مختلف عنهم ، لكنك أسوأ من أن تعترف
بهذا ، متلبس أنت بالبراءة ، تتصرف وكأنما شيئاً لم يكن ، أكرهك واكرهه وجودك في صفحاتي ، أتعلم بأنني
انزع الأفكار التي قد تؤدي لك ؟ لأنني أعلم بأنها ستميتني مللاً ، فاسد الفكر ، لا تجذبك إلا السوداويات ، الانتقام ، الحقد والبغضاء ، لا تحب

مكروهُ أنت وتعلم هذا ، لا صاحب لك ولا حبيب
أنت مثل الشياطين ، بل أنت كذلك ، هذا
مطبوع في جيناتك ، خبيث مثل خخطك ، قويٌ ومُهاب ، ولكن ليس بالنسبة لي

فأنت أضعف من أن تعترف بِكُل ما كتبته من صفات تحملها ..



أشعر بالشفقة تجاهك
واشعر بالاشمئزاز لكتابتي عنك
لا بد من إنه يُشعرك بالأطراء الآن
لا بد !













دخلنا المجمع وانطلقت للبحث عن سامي ، وجدته يجلس والسجائر تسترخي بين أصابعه ، علمت
بأنه في مصيبة ، طلبت من فهد الذهاب والأستمتاع بوقته ، أعطيته قليلاً من المال ، جلست بجانب سامي وأنا أسأله : شفيك ؟

: ملكتي الأسبوع الجاي
صرخب بفرحة وأنا أضرب كتفه ، يا للسعادة ، أختي وصديق عمري ، شعرت بالسعادة وكأنني أنا العريس وليس هو : وأخيراً ما بغيت ! مبروك يا النسيب

: طارق أسمعني
نبرته تنبؤ بشيءٍ ما يحدث : فيه شيء ؟
: أسمع ، أنا كنت أأجل لأني بصراحة ...















كنت أترنح في الغرفة ، تارةً أقف وتارةً أجلس ، كنت اقضم أظافري ، أشعر ببعض الندم لإرسالي
هذه الرسالة ، هل كان يجب علي أن أكون أكثر تهذيباً ؟ أم أكثر وضوحاً ؟

حدّثت الصفحة مئات المرات ، جاء في خاطري أفكار سوداوية ، ماذا سيفعل ؟

رسالة جديدة *


أسرعت بفتحها وأنا أسمع أكاد اقرأ الرسالة بصوته ..







..









السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



زوجتي المستقبلية عفاف ..


عذراً ، لن اسأل عن أحوالك لأنها في الحقيقة لا تهُمني ، ولا أعرف المجاملة ..


أتعلمين انك تملكين صفات جميلة ؟ منها الدلال والنرجسية والغباء والبذاءة والسذاجة والغرور والبشاعة
"من الداخل ومن الخارج بالطبع"

واليوم ، أضيفت صفة جديدة ، وهي الوقاحة !

لا أعلم كيف تلبستك هذه الجرأة كي تُرسلِ هذه الرسالة ؟ ألم يشتغل الذي فسد في رأسك ؟ المخ ؟ ألم
ينبئك بأن ما تفعليه خاطئ ؟ لا ، لا أعتقد بأنه يعمل ، بالطبع هو لا يعمل ..


رُبما تلبس عليك الأمر ، أتظنين بأنني تقدمت لك زوجةً لي ، لأنني اكُن مشاعر لك ؟ لا بد بأنك مجنونة
إن ظننتِ هذا
أنا أكرهك ، بصريح العبارة ..

وأنا متيّقن بأنك تبادليني الشعور ، لكنك زيّنت
عباراتك كي لا تبدو لي بأنك تكرهينني ، لا أحب أن ألف وأدور حول موضوع مُعين ، فأنا دائم الوصول لجبهتي المعنية ..
بعكسك


أعجبني ثقتك بنفسك ، أتظنين إنني لم أُفكِر بالزواج واحدة أخرى عليك ؟ هه ، السؤال الأهم ، هل تعلمين كم واحدة سأتزوج عليك ؟

الطلاق ستجدينه في أحلامك فقط ..
لا أريد أطفال ، لذا لن يعارضني أحد
زواج منك سيُؤجل حتى إشعار آخر
ستبقين مُعلقة بي





لا ضغينة يا صغيرة
اسأل الله أن يبقى بجانبك هذه الأيام لأنك ستبكين كثيراً وستكرهين اليوم الذي
تجرأتي وارسلتي فيه رسالتك السوداء .. إلى زوجك سامي.









ملاحظة : أثناء رحلتنا رأيت شبيهتك في أفريقيا يا عزيزتي .. وكانت قردة صغيرة وجميلة.










_____________
المُرسِل : سامي عوّاد العزام.
تاريخ الإرسال : 2009/8/21 م.
البريد الإلكتروني : Swemaz@hotmail.com
المُرسَل إليه : عفاف سلمان العزام.
البريد الإلكتروني : AfafSol@homail.com











جلسنا أنا ودانة وتحدثنا وتحدثنا ، حتى بحّت أصواتنا ، سألتها عن كل شيء ، وهي سألتني
عن أحوالي ، كانت تحاول إقناعي بالدخول الجامعة ، لكنني لا أريد الدراسة أبداً


: إيه ، وش بعد ؟
مدّدت يدي على الفراش : أبد ، هذا كل اللي صار لنا
تأففت : فجير ، تخيلي أبوي باع البيت
في كندا !!

: أفضل ، علشان تسكنون هنا
كوّرت ثغرها : أنا ما أبي أسكن هنا

اقتربت مني وهي تسترسل هامسة : أنتِ تدرين إن طارق ساكن هنا ؟! في الدمام ؟!
شعرت بضربة في صدري ، صُعقت : لكن .. كيف ؟
: المهم ، طلبت قبل أسبوع فستان من النت
حاولت أن أنسى موضوع طارق ووجوده في الدمام : كيف شكله ؟












انتشر خبر ملكة "سامي وعفاف" بدأ سامي وفيصل وطارق "بالعزم" ، كنت أخطط منذُ أيام بأن
اطلب من صديقة عفاف "فجر" الحضور ، وعندما فاتحت والدتي بالموضوع

بصرامة : لا ، شكلها عائلية !
: يمه الله يخليك ، عائلية في استراحة !
كانت عفاف تجلس بهدوء بغير عادتها : عفاف ، حاولي في أمك
عفاف : مدري بكيفكم

: البنت ذي ما ارتحت لها يا هيفاء
استغربت : آفا ، ليه ؟
هزّت رأسها بتردد : مدري والله ، أحس أني ما ارتحت لها
: يالله يمه ، بنعزمها ونعزم أمها معها
التفت لي بسرعة : إيه صدق ، أعزمي أمها معها
قفزت بفرحة : أبشري



ناديت عفاف ودخلنا الغرفة ، ناولتها هاتفي : دقي عليها وأعزميها
بحلقت بي : وش أقولها ؟ الله يحيك على ملكتي !!!
: هههههههههههههههههههههههههه ، طيب طيب أنا بكلمها بس أخاف تستحي مني وترفض
عفاف : مالي شغل


اتصلت عليها ، ما هي إلا ثواني ووصلني صوتها
: الو ، فجر ؟!
: إيه ، من معي ؟
: أنا هيفاء أخت عفاف
تلعثمت قليلاً : أهلاً هيفاء
: كيفك ؟
فجر : بخير الحمدلله ، وأنتِ كيف حالك ؟
: زينه ، وشلون أمك ؟
فجر : ما عليها
: أنا اتصلت عليك اليوم ، علشان ملكة عفاف أختي ، الله يحيك أنتِ وأمك الخميس في استراحة *****
بصدمة أردفت : عفاف !!

ضحكت : إيه ، شكلها من الحياء ما قالت لك أنها مخطوبة
: ههههههههه ، والله مدري ، بشوف أمي وارد لك خبر
: أمي ودها تكلم أمك وتعزمها شخصي ، بس تعرفين أم العروسة مشغولة
فجر : صحيح
: يالله مع السلامة













أكره حياتي ، واكره تلك المدللة ، واكره نادر ، واكره المدللة ، حُرِمت من حُريتي ، ستصبح حلالي !!
ما أقبحها من كلمة ، متى تموت
وارتاح من وجودها ؟ ألن تدعني وحدي ؟ لما أنا ؟ غبي غبي ، لماذا ذهبت ذاك اليوم لجدتي ، أكان ينبغي
مني أن أرد التحية ؟ هي حتّى لا تتذكر اسمي !!




دخل فارس وهو يرقص
: عريسنا يا بدر بادي دامت لياليك السرور ، عريسنا يا عطر زاهي

وقفت وأنا أمسك بزجاجة العطر : العطر الزاهي بيجي في رأسك إن ما سكت !

هز كتفه : غلب على كل العطور

دخل خلفه عزّام وهو يهز خصره : جينا بمنقاش الأيادي نخرق بها عين الحسود

"زغرط" فارس وبدأ عزّام بتقليد النساء عندما "يلفحن" بشعورهن ،
كنت سأضحك ، لكنني فضّلت البقاء بشكلي الجديّ
دخل عبدالله ومنصور : ويا زين عفاف بينهم


يشعرون بالفرحة لأجلي ، وأنا أشعر بالكآبة ، سأستمتع بما تبقى من عزوبيتي

ضربت رأس منصور : لا تقول اسم زوجتي ، يا وداد
أردف عبدالله وهو يضع يده على صدره : معاكم ساره
انفجرنا ضاحكين ، وداد زوجة منصور ، وساره هي زوجة عبدالله ، والآن أنا أصبحت عفاف !

دخلت "ريناد" ابنة عبدالله وهي ترقص : ويا زين عمي بينهم



































يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..



انتظر ردودكم وآرائكم ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "



إبتعد عني 07-09-13 02:45 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
حبيبتي أجر
بالبداية اشكرررك عالرواية الجميلة والطرح الرائع والأسلوب المشوق
مو عارفة ابدأ بمين!!
بس حبيت احط بصمتي هنا عشان تعرفين اني من متابعينك وانتظر البارتات على احر من الجمر :(
لي عودة بإذن الله ..

آجر. 10-09-13 09:41 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟











-














الجزء الـ 14








[ أواليتك تعلم بأن قلبي يموت ، يتوقف تدريجياً
تضيق بي الأنفاس ، تبهت الحياة
أنت تُميتني ..
أواليتك تعلم بأنك حياة ]








تحادثنا حتى سمعنا صوت الآذان ، أعشق هذا الشعور ، أن تقضي ساعات بالحديث دون تدخّل الوقت ، معظم أحاديثنا
كانت ضحك ، استلقينا بجانب بعضنا البعض ، نظرت إلي دانه مطولاً ثم أردفت : أيه ، مين هي عفاف ؟
: تعرفت عليها في كندا
مدّت ذراعيها : أبي صديقات
ضحكت بسخرية : حتى أنا
نظرت إلي : أبي أصير شقراء
تذكرت ما كتبته في مذكراتي ، انفجرت ضاحكة حتى انهمرت الدموع من عيني ، ضحكت دانة بعدم فهم : علامك
تضحكين ؟؟
ركضت إلى الدروج ، فتحت احدهم ووجدت المذكرات ، سحبته وأنا أرميه على دانه : هههههههههههههههه
: شفيييييك ؟؟
فتحته دانة وبقيت تحدّق فيه دقائق ، فجأة توسعت مقلتها بصدمة : هههههههههههههههههههههههههههه ما أصدق غباءنا
مسحت دموعي وأنا أردف : موب غباء ، بس .. ضحكت بخجل .. إلا والله غباء
إبتسمت دانه : سبع صفحات
: وثلاثة أرباع المذكرات عن متعب
عقدت حاجبها وهي تهمس : متعب متعب متعب ؟ إيه تذكرته
استرسلت : كِنا أول معجباته .. إلا صدق ، وش صار عليه ؟
جلست بجانبها : طلّق فاتن قبل 3 سنوات
بحلقت بي : من جدّه ؟ ما قعد معها إلا سنة !!

اشحت بوجهي بعيداً عنها : ما تستاهل اللي صار لها
: يا عمري ، عاد هي جميلة مدري ليه فرّط فيها
هه : صحيح













أشعر بسعادة لا تطاق ، أحسست ببعض الحرج ، فأنا اتصرف وكأنني العريس من فرط حماسي وسعادتي ، إما سامي يبدو
صامتاً معظم وقته ، أظن بأنه مصدوم ، وفي الحقيقة ما زُلت أذكر كلامه في لقائنا ولا أظن أن هذا هو السبب الحقيقي
لكن لا بأس ..






"





: فيه شيء ؟
سامي : أسمع ، أنا كنت أأجل لأني بصراحة ...
شعرت بتردده : تكلم لا تخلي بخاطرك شيء
تعكرت ملامح وجهه ، ظننت بأني استنتجت الوضع : أنت ما تبي أختي ؟
صرخ بهلع : من قال ما أبيها !
: مدري ، أنا أشوفك متردد وطول ذا السنين ما تملكت ، توقعت علشان جدي أجبرك تتزوجها
مسح على وجهه وتنهّد بحدة : طارق ، أختك تصير
بنت عمي ، يعني شلون ما أبيها ؟ بالعكس أنا أبيها وشاريها بعد
تهلّل وجهي ، لأني بدأت أشعر بالخوف : وأنت رجّال والنعم فيك
همس بضيق : ما عليك زود
: ما تبي تقول لي ليه تأجل ؟
نظر إلي بخجل : كنت خايف ومو مستعد ، أنت تدري بوضعي ، وكيف ما عندي خوات ولا
عمري تعاملت مع النواعم ، علشان كذا خفت أظلم البنت معي ومع طيشي

إبتسمت لعفويته : اللي يشوف أن كل اللي تزوجوا معهم خبرة في التعامل مع الزوجة
ضحكت حتى اتضح "نابه" : ههههههههههههه مدركين الزواج
: إيه .. نظرت إليه بحيرة .. سامي ناقصك فلوس ؟
رفع حاجبه : أكل تراب
















دخلت الغرفة باحثة بعيني عن عفاف ، هدوءها هذه الأيام غير مطمئن ، أشعر بأنها تخبي شيء عني ، فلتقولوا عني
أُمْ قلقة !
لكنني أشعر بابنتي ، هذا الـ "سامي" يُربكها ، اختياره ليوم الملكة بهذه السرعة يُشعرني بوجود خطبٍ ما !
لا أريد المجازفة بابنتي ، تكفيني خسارة فرحتي الأولى في هيفاء ، فلا أريد خسارة عفاف ..

: عفاف
ظهرت من تحت أغطية السرير : هلا
: يمه ، فيك شيء ؟
جلست وهي تلملم خصلات شعرها البنية : لا
جلست بجانبها ، احتاج بعض المعلومات : تكلمين سامي ؟
بحلقت بي : لا
امسكت بيدها : قال لك شيء ؟
سحبت يدها بسرعة : أقول لك ما أكلمه
هكذا إذن ، لا بد بأنهما على شجار : زين
صمتنا دقائق وأنا أتأمل وجه عفاف ، بريئة ملامحها ، وكذلك روحها ، إن علمت ، فقط علمت .. بأن سامي يُفكر
بأذيتها سأمزقه بأسناني ، يجب عليه أن يعلم بأنه تزوج أجمل فتيات عائلته ، وارقهنّ ، ليقدر هذا الأحمق النعمة !

: حبيبتي عفاف ، تبين نروح للسوق ونشتري لك أغراض للحفلة ؟
استلقت في حجري : مالي خلق
خلخلت أصابعي في شعرها : وش رأيك اشتري لك على ذوقي ، لأن أنا وهيفاء بنروح للسوق
: براحتك















أشعر بالرضا التام لما فعلت ، حتى وإن لم تُشعرني عفاف بعدم ارتياحها ، إلا إنني تصرفت بنفسي ، وطارق الغبي
سعيد بابن عمه ونسي أن يُفكِر بأخته !


مرّت ثلاثة أيام منذُ أن حادثت سامي بأمر الملكة ، أيام لم تخلُ من نظرات فيصل الحاقدة ، للأمانة فيصل الوحيد من أبناء عمي الذي لا يخاف من إظهار كرهه لي

يا للسخرية

أنا أعلم بأن جميع أبناء عمي يكرهونني ، رُبما لأنني جدي
معظم وقتي وانطوائي لهذا لا تتسنى لهم الفرصة لأن يروا نادر الممتع ..


أستأذنت من والدي للعودة إلى المنزل ، وليتني لم أعد !


كان طارق وهيفاء جلوس في الصالة ويتهامسون ، ما أن
جلست معهم حتى توقفوا عن الحديث وكأنني غريب ، اعتدت على استبعادهم لي

إبتسمت لهيفاء وبادلتني الابتسامة "بمجاملة" ، أعدت الكرّه مع طارق ولكنها كانت ابتسامة صادقة

نظر إلي بجمود ثم أستغفر وأمسك بهاتفه ، هربت هيفاء من الغرفة ، سأناظل وأبقى

: ما قررت وش تبي وظيفة ؟
آمال بجسده على الآريكة واغمض عينه ، لا يعقل بأن يدعني أتحدث مع الهواء !!
رميّت جهاز التحكم عليه : ولد ، أكلمك أنا
: غصب أرد عليك يا غثيث ؟
بحدة : طارق
نظر إلى السقف : الحرس الملكي
: والشركة ؟
طارق : ما أبيها


دخلت عفاف دون أن تلاحظ وجودي : طويرق ما لقيت جوالك
قفز طارق : وينه ؟؟

صرخت بغضب : يا الله ، طارق موب معق .. هلا نادر
جلست بأدب في نهاية الغرفة ، حدّقت بطارق : وش تدوّر ؟
: جوالي مدري وينه

جاءت أمي وجلست بجانبي : علامك واقف يا طارق ؟ وأنت من متى جاي ؟

: توني جيت
جلس طارق بملل وهو يتذمر : الجوال المنحوس ذا ، من يوم شريته وهو مغر يضيع

ضربت أمي جبينها بخجل : يووه ، اليوم أخذته ودقيت على جدتك به
بحلق طارق عينه بصدمة : كيف فتحتيه ؟ فيه رمز
أمي : أنا سألتك وش الرمز وقلته لي

قفز طارق وهو يمسك بشعر أمي ممازحاً : يا جميّل من ورانا تسرقين الجوالات

حاولت أمي مقاومته بشكل مضحك : قوم عني طويرق
إبتسمت لهما ، كيف تبدو الأمور بسيطة بالنسبة
لطارق ، وكيف تبدو صعبة أمامي ، أحاول التأقلم مع مُزاحهم ولكن أحياناً "المعية" لا تنجح













فكّرت بالأمر ملايين المرات ، لا مجال للتراجع ، أرسلت رسالة
لسامي ، يجب عليه أن يستمع لي ..





..





السلام عليكم

سامي ..


يبدو بأن هناك سوء فهم ، أنا لا أعلم عن ماذا تتحدث !
صدقني أنا لم اشتكي لأحد ، وكيف اشتكي وأنا راضية بالذي آلت إليه الأمور ؟!
لا أعلم أي أخ تقصد ، طارق ؟ أم نادر ؟
طارق لم أتكلم معه بخصوصك
نادر لا أتكلم معه بخصوص أي شيء أساساً !!
صدقني أنا لا أعلم كيف استنتج هذا "الأخ" رغبتي في تعجيل الزواج !

أرجوك سامي
فكّر ملياً بالأمر ، زواجنا كارثة
حاول بأن تُلغيه ، تحجج بدراستي ، جامعتي


ليكن الله في عونك




____
إرسال.













كُنت أجلس مع فارس ، لم استطيع التركيز فيما يقول ، لا أقصد الإهانة لكن ; فارس سريع الكلام وبعض الحروف تضيع !
سمعت صوت هاتفي ، رسالة

كانت من عفاف ، إبتسمت بسخرية ، أهي تهنئة ؟ أم شتائم ؟



قرأتها أكثر من مرة غير مُصدّق محتواها !
أتظن بأن الأمر بهذه السهولة ؟!
طبعاً ، تفكيرها الساذج والمدلل لا يعرف معنى الـ "عيب" ، طردت فارس من غرفتي ، واتصلت عليها


بصوت مرتبك أجابتني : نعم
: نلعب ؟
عفاف : ايش ؟
: الدنيا فوضة ؟ مره نحدد الملكة ونتزوج ومره نأخر ؟
ارتجف صوتها : سامي واللي يعافيك ، أنا ما اشتكيك لأحد
همست بغضب : نادر ماسكني في الشركة
ويقول تزوج أختي ، الناس أكلوها بلسانهم !

بصدمة : بس ، بس أنا ما قلت له شيء
ضحكت : إكيد ما قلتِ له شيء ، بس وضحتي له انك مسكينة وأنا ملعون
بعدم اقتناع أردفت : سامي ، ما يصير نتزوج
: قولي لأخوك

صرخت : انت الرجّال ، انت اللي تصرف
: طيب إنقلعي
غضبت كثيراً : انت اللي أنقلع
: أمسحي رقمي
: من زين رقمك اللي زي و..

اقفلت الهاتف ، ثرثارة !!











وجدت أبي يجلس في المجلس الخارجي ، حمدت الله كثيراً لعدم وجود أي شخص سواه ، سكبت له القهوة
وبدأت بالضحك والكلام الكثير ، ممهد للخبر العظيم
: أبوي

رفع عينه وحدّق بي : نعم
: انت تدري أن ملكتي الخميس الجاي ؟

بسخرية : والله ؟ على البركة على البركة ، من هي بنته ؟
إبتسمت محاولاً لمسك أعصابي ، كم هو ظريف : أنا أبي أأجل الملكة

أعاد نظره إلى التلفاز : قم اطلع
أخذت نفس عميق : يبه
: وحطبه
رفعت رأسي وبدأت بفتح أزرة ثوبي : أنا موب مستعد للملكة ، أفهمني
: تستهبل ؟

مسكت بذراعه : يا أبوي ، البنت حتّى عندها جامعة
: قم قم
صرخت حتّى صدع صوتي أبواب المنزل : أنا ما أبي الملكة الأسبوع الجاي

دخل منصور على صوتي : استر يا ساتر ، وش فيه ؟

حملت مفاتيحي وخرجت ، أنا أعلم بأنهم سبعودون ليبحثوا عني ثم تُنفذ طلباتي ، لكن هذا الطلب صعب
وصعب جداً ، سيأخذ مني وقت كثير











منصور : علامه ولدك ؟
بعدم استيعاب : مدري وش صابه ، أخذه للشيخ شكله راكبته جنية
ضحك منصور واردف : طيب وش فيه ؟
: يقول يبي يأجل الملكة

استعدل منصور في جلسته : أفا ، استخف الولد
تمتم عوّاد : بيفشلني مع سلمان
أردف منصور بعقلانية : انتم إخوان وموب صاير شيء إن شاء الله ، وبعدين كل الناس تأجل
وتأخر ولا صار شيء ، وتراه زواج مسؤولية ، يعني خفوا على الولد !!








اتصل والدي بسامي ، أخبره بأنه موافق على قراره "الملع**" وإنه سينفذه شريطة أن يعود إلى والدتي التي
أقامت المنزل واقعدته على صياح ونياح وحسبلة !!!
جلس سامي بوجه عبوس ، لطالما كان سامي مُدلل العائلة ، كيف يهرب عندما لا ينفذ له أمر

وأنا إن هربت ضُربت !
الحياة غير عادلة أحياناً

ذهب والدي وسامي وعبدالله إلى منزل عمي "سلمان" ، لحقت بهم بسيارتي الخاصة
استقبلنا طارق وادخلنا إلى المجلس ، جلسنا وبدأ التوتر يتضح في معالم وجه والدي

تحدّث والدي بهدوء : انت تدري أن بنتكم غالية علينا ، وسمعتها من سمعتنا ، ما نبي نظلمها ولا نظلم
ولدنا ، أنا أشوف أن الملكة جت مبكّر

كانت ملامح وجه عمي سلمان تتعكر وتتعكر حتى خُيّل لي بأنه على وشك الصراخ والشتم ، لكنه أردف بهدوء : مبكّر بعد 4 سنوات ؟
تحدّث سامي : السموحه يا عمي ، بس أنا موب جاهز للملكة ، على الأقل موب اللحين

صرخ نادر : بزر انت ؟!!
نهض سامي والعروق تتفجّر في عنقه : ما البزر غيرك
كانا على وشك الشجار ، لكن طارق وقف أمام سامي وهو يشير إلى نادر : انت ما ترتاح إلا إذا استعرضت عضلاتك !!

صرخ نادر بغضب مماثل لغضب سامي : ما تسمع وش يقول ؟ يبي يعلّق أختك يا رخمه

كانت ثواني
ثواني فقط

كانوا جلوس وفجأة قفز الواحد على الآخر وتشاجروا ، كان الأمر مُخيف ، فأنا كنت أمسك
بأحد لم استطع تمييزه ، تبادلوا الضربات ، صرخ عمي سلمان موبخاً ووالدي الذي بقيّ يسب ويشتم


نادر كان غاضباً ، كان أشبه بوحش ، انتفخ جسده فجأة ، أصبح عملاقاً ، استغربت من وقوف طارق ضده !

خرجنا بعدما أعتذر عمي سلمان من والدي وبادله أبي الاعتذار













جلسنا جميعنا في صالة المنزل الواسعة ، كانت الأجواء مشحونة بين طارق ونادر ، من البديهي معرفة انهما متخالفان
بسبب الكدمات والجروح ..


كانت هيفاء تبكي بجانبي ، اما والدتي فاكتفت بنظرات العتاب والدموع الصامتة
أنا ؟

شعرت بتبلد فظيع ، لا استطيع تحديد شعوري ، كُنت صامتة ، لا أعلم ماذا أقول أو ماذا أفعل ، فقط استقبل
نظرات الجميع لي

علمت مباشرةً بأن سامي فعل المستحيل لأبطال هذه "المِلكة"


: وش اسوي فيكم ؟ أربيكم من جديد ؟
أبعد نادر وجهه ، وأمسك طارق هاتفه

صرخ أبي من تجاهلهم لكلامه : أكلمك يا ***** انت وياه
صرخ نادر بدوره : انتم مستوعبين إنه يبي يعلّق البنت
أشار باصبعه عليّ ، سرت القشعريرة بجسدي ، نظرت إلي هيفاء بحيرة ، تجاهلت نظراته وأنا أردف ، حان دوري لأكمل ما بدأه سامي

: أنا موب مستعجلة يا نادر ، موب مشكلة لو تتأخر شويه
قفز اتجاهي : لأنك غبية ومالك عقل

سحبه طارق في عراك آخر ، لكن والدي أسرع بمسك نادر ، وجّه صفعة إلى خده




مرّت الدقائق خلال شهقات هيفاء وصياح والدتي المُتألِم
نظر نادر إلى والدي : تبي تضرب ؟ أضربني ، بس لا تجون بكره وتقولون ليتنا سمعنا كلمة نادر













أخبرتنا عمتي مريم بقدوم متعب لإلقاء التحية ، كان التوتر جلياً على وجه فجر ، أظن سبب هذا القلق
هو الخجل من الماضي الأسود الذي نحمله ..

جاءت عمتي وقالت لنا أن نذهب له في المجلس
دلفت ورايته يجلس بهدوء في صدر المكان ، اقتربت منه وأنا أُرحب : سلام

: وعليكم السلام
جلست بعيداً عنه : كيف حالك يا متعب ؟
ابتسم لي : بخير الحمدلله ، دانه صح ؟!
: لا يكون نسيتني ؟!
ضحك بهدوء : وين أنساك !

نظر إلى المكان ثم أردف : وين فجر ؟
بخبث : ليه تسأل عنها ؟
مسك ياقته بتوتر : أبد بس أبي أسلّم عليها ، متأخر أنا
على كلامنا دخلت فجر وهي تهمس : السلام عليكم
قفز وهو يُبحلق فيها : وعليكم السلام والرحمة


مسك يدها ولم يفلتها !
كانت تنازع لأن تسحب كفّها منه ولكنه بقيّ يبحلق بها ، نهضت أنا وسحبت فجر ناحيتي : خير يا أبو ؟ شكلك مطوّل قز !
أحمّر وجه بغضب : إيه ، عندك مانع ؟
صرخت فجر : احترم نفسك يا متعب
همس بحنية : فجر يا قلبي ، تعالي


جحظت عيناي وأنا انظر إلى فجر المصدومة : وين وين وين وين ؟؟ وين جالسين فيه
مسكت فجر فنجال القهوة وهي ترفعه : قسم بالله بيجي في وجهك إن ما تأدبت
أشار إلى خده : عسل على قلبي
: بلا إيه والله بلا !!! تراب في فمك إن شاء الله
دخلت عمتي مريم على صراخنا : بسم الله ، وش فيكم ؟
: أنا استأذن














اليوم الأول


كُنت أجلس بجانب فاتن ، تارة تبتسم لي وتارة تشرد نظراتها ، دخل متعب وهو يأمرها بفظاظة أن تنتظره
في السيارة ، لم تكن غاضبة من أسلوبه الوقح ، بل كانت مبتسمة ، خرجت من منزلنا ..

جلس متعب بجانبي وهو يتنهد
: فجر
أجبته باستحياء : هلا
: هلا
ابتسم لي : تدرين انك جميلة ؟

ضحكت بخجل : موب أجمل من فاتن
تقززت ملامح وجهه : ألا أجمل ، أصلاً ما فيه مجال للمقارنة
: شكراً
أمسك بأنفي : عفواً








اليوم الثاني


كان حفل زفاف خالي ، كُنت قد بدوّت أكبر من عمري بكثير ، طبعاً من نصائح دانه
وطبقتها ، هي أن أبرز أنوثتي أكثر من اللازم !

عندما عدنا إلى المنزل كان يرافقنا متعب ، لأن والدي لم يكن في السعودية .. لهذا طلبت أمي من
متعب المبيت في منزلنا ، منعتها أنا في البداية وأنا أردف "وزوجته ؟" ، لكنها أخبرتني ، بأن فاتن موجودة في منزل عائلتها ، لهذا لا يوجد ما يمنعه



أذكر بأنني كُنت أجلس في المطبخ واتناول الآيسكريم ، رأيت متعب قادم ، قفزت من مكاني وأنا انتبه
لملابسي العارية ، حاولت أن ألملم أجزاء الفستان - شبه فستان - ، أمسك بيدي واجلسني على
الكرسي ، كانت ملامح وجهه حزينة ، مسّ شفاف قلبي ، حاولت أن أبعده لكنني مسحورة به ، أمسك بوجهي بين يديه
كُنت سأتقيأ بقسوة ، تقززت من نفسي ، من منظري الآن !!
: فجر ، أنا ابيك

رميت علبة المثلجات ، وقف وهو يحاول تنظيف نفسه ، بكيت ، بكيت خشية منه ، أمي العاجزة لن
تستطيع فعل شيء وأنا أيضاً عاجزة مقابل هذا الجسد الفرعوني ، ركضت إلى غرفتي وأنا أحاول التقاط
أنفاسي ، اتصلت بدانه ، يجب أن ترد ، يجب أن تخبرني ما يجب علي فعله









اليوم الثالث




كُنت قد نسيت ما حدث قبل شهرين ، اعتزلت دانه لعبتنا المفضلة ، لكنني كُنت مستمرة بالمكالمات ، لم أخبرها
بالأمر ، بل أبقيته سراً يخصني وحدي ، راودتني فكرة أن انتقم من متعب لما فعله من جرأة

لا أنكر بأنني ما زلت مسحورة به

جاء والدي وأخبرني بأنه قابل متعب وقال بأن معه شيءٌ يخصني ، استغربت ، ماذا يمكن أن يكون معه ؟
حضر متعب ، حاولت الظهور بشكل قوي ، تمنيت أن أكون مثل دانه ، في هذه اللحظة بالذات

أتمنى أن أكون مثلها قوية وصلبة ..


سلّمت عليه وناولني كتاب ، نهض وهو يهم بالرحيل ، رافقته إلى الباب ، نظر إلي : فجر
اشحت بوجهي بعيداً عنه ، أمسك بوجهي وقبّلني




ضعفت ركبتيّ ، سقطت على الأرض بصدمة ، شعرت بأنني في أحد أحلامي المجنونة ، جلس بجانبي وهو يهمس بخوف : فجر ، قلبي علامك ؟
تجمع كرهي له وكرهي لنفسي وتقززي منه ومن قُبلته وتقيأت !!
تقيأت في حجره ..
لم يتحرك
ولم يصرخ متقرفاً
بل ظلّ يمسح على ظهري بخوف : بسم الله عليك


جمّعت قوتي في قبضتي ، وجهتها إلى خده ، صفعته بمرارة .. أمسك بخده وهو يتنهد : أنا بطلق فاتن











بكيت
ألا يشعر بي أحد ؟ ألا يمكن أن يواسيني شخصٌ ما ؟ أكره أن أكون السبب في تفرق عائلتي ، في الشجارات .. أكره
نفسي ، دائماً ما أجلب المشاكل معي ..

اتصلت بسامي ، لا احتمل هذا الوضع وحدي ، حالياً هو الوحيد الذي استطيع أن اتعرّى بمواجعي أمامه


: الو
كُنت اشهق ، حاولت أن أُجمع حروفي : س س سام سامي
تنهّد : علامك تبكين ؟ نادر قال لك شيء ؟
: تهاوشوا بسببي
ضحك بسخرية : طبيعي يكون بسببك ، مو أنتِ سبب مشاكل العالم كلها ؟!
بكيت أكثر ، توّسعت جروحي ، لا مجال للمواساة ؟ صرخت بقهر : سامي !
: طيب وش اسوي لك ؟ أضربهم يعني ؟
تحدثت بسرعة لأني أشعر بغصة أريد إخراجها من جوفي : إيه ، مو انت دائم تدافع عني ؟ مو أنا زوجتك ؟ طارق واقف
معك ، ونادر ما يحبني ، وأبوي إكيد ماخذ بخاطره ، وأمي وهيفاء زعلانين من كلامي وقاعدين يلوموني ، وأنا أكره نفسي ، تصرف سامي والله حاسه أني بموت منهم



: أنا ما قلت أمسحي رقمي ؟
هدأت ، تفتحت مسام وجهي ، شعرت بعيني تنتفخ كالبالونات : سامي ، أكرهك

أردف بهدوء : عفاف ، وأنا أكثر

تذكرت كلمته واحراجه لي في السابق ، حاولت أن أُقلدّه : طيب إنقلع
: لحظة عفاف
قفزت من سريري ، نبرته توحي بالجدية : نعم ؟



أردف بجدية : أحبك











أقشعّر جسدي ، كان صوته مبحوحاً مؤلم ، ضميّت ذراعي إلى صدري : هاه ؟
: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههه إنقلعي إنقلعي






يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..



انتظر ردودكم وآرائكم ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

آجر. 10-09-13 09:42 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
مواعيد الأجزاء سومر الثلاثاء والجمعة

آجر. 13-09-13 09:31 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
عزيزاتي :*

عذراً لعدم تنزيل الجزء الخامس عشر ، سيكون موعدنا غداً بأذن الله تعالى
تقبلوا تحياتي

لعبة قدر 14-09-13 11:55 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
بصصدق , اهنيك ع جمال قلمك وابداعك , بالنسبة لي انا اعشق الروايات اللي يكون الوصف فيها بالفصحى , وانتي ابدعتي بوصفك , لكن اتمنى ان الحوار بين الابطال يكون اكثر مما هو كلام داخلي (بانفسهم ) . اتمنى ان قلمك لا يتوقف وتستمرين دوما نحو الافضل , وكاول تجربة لك تعتبرين انجزتي انجاز عظيم , :55::55:
بانتظار بارت اليوم , وحبذا لو كان اطول من المعتاد :uJl04657:

مع خالص تمنياتي لك ي عزيزتي بمزيد من الابداع والتالق :e418:

آجر. 14-09-13 06:30 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟

عذراً على التأخير ، أتمنى أن تتلمسوا لي العذر :(










-















الجزء الـ 15







[ ظننت بأننا انتهينا ، انتشلت نفسي من ساحة المعركة
.. يتضّح الآن بأننا قد بدأنا للتو ]








جلست أمام فيصل ، إبتسمت له بحماس ، بعد غياب لسنين طويلة ، عُدت لأجدها بانتظاري ، تترقبني كما ترقبتها
كثيراً ، كُنت أبحلق في صورها واضحك فأشعر ببطني يُؤلمني بشدة ..

ها قد أتت




الفلافل !


تناولتها بلذة ، كان فيصل ينظر إلي ويضحك ثم يصمت مُجبر ويشرد ، لا وقت لدي لسؤاله عمّا يفكر فيه ، أنا الآن
في موعد غرامي مع الفلافل ..



لم يلمس شيءٌ من طعامه : فيصل ، إِكل !
أمسك بهاتفه وكتب لي
" اخوك وينه ؟ "


رميت الهاتف في حجره : الله يسد نفسك يا شيخ ، ما تشوفني آكل ؟ وراك تجيب سيرته اللحين ؟!


أمال برأسه ، ثم تحدّث .. بالإشارة ..
هو يعلم بأنني لا أفهم شيءٌ مما يفعله ، هكذا هو فيصل
إن غضِب وتزاحمت عليه الكلمات ، أطلق العنان لنفسه ، بالحديث بلغته الخاصة ..




أذكر شجارنا العظيم عندما كُنا نبلغ من العمر 17 سنة ، تضاربنا أنا وسامي
مع أربعة فتية ، سامي كان كبير "حجماً" فكان يضربهم جميعهم ، أما أنا فاكتفيت بأمساكهم له ، لكن احدهم
نادى على الآخرين ، فقدموا إلينا ثلاثة آخرين مما جعل عددهم سبعة !!

كان الأمر يفوق قدرتنا ، كدنا نُهزم ، تلفظنا أنفاسنا الأخيرة



رأيت فيصل قادم وفي يده عصا خشبية ضخمة أو ما تُسمّى "بالعجرا" ، كان يمشي بهدوء ويعلّك
اللبان في فمه ، صاحوا الفتيان ضاحكين "جا ولد عمهم المعوق"
كان ينظر اليهم ببرود ، حرّك يديه متحدثاُ
بالإشارة ، كانت الحركة الوحيدة التي حفظناها عن ظهر قلب ألا وهي

: أنحاشوا




لكننا تظاهرنا بعدم الفهم ، لن ندعه وحده ، لحسن حظنا تركوني اثنان
منهم وتقدموا إلى فيصل الذي ريّح عصاته على كتفه ، ما هي إلا ثواني حتى تأوهوا من الألم الذي وقع على
رؤوسهم وظهورهم

كُنا مسيطرين على الخمسة الباقين ، لكنّه "عزّم" على إكمال ما بدأه ، ضربهم الواحد تلو الآخر ..

هربوا وسمعنا احدهم يصرخ : فيه سكني ولد منصور - سكني أي جنِية -



من يومها ، ونحن لم نحفظ من كلامه "الحركي" سوى أنحاشوا !












طيلة هذه الأيام كانت تسأل وتسأل ، أغرقتنا بالشكوك ، حتى انفجرت بها : يا عميمه ما صار شيء ، خلاص أنسي

عاتبتني فجر بنظراتها ، لكن أعصابي قد فلتت ، تأسفت من عمتي وبررت سلوكي بأنني غاضبة بسبب منزلنا في كندا

لكن هذا لم يقنعها ، ما زلت أراها تمسك فجر في غرفتها وتسألها عمّا حدث بينها وبين متعب ..




: فجير
أدارت رأسها ناحيتي : همم
: طفش
فجر : أدري
: خلينا نطلع للسوق
تثاءبت : اليوم لا ، أحس بخمول

انطلق صوت هاتف فجر ، أمسكت به وقفزت إلى غرفتها ، ما بال هذه المجنونة ؟!







كانت المتصلة "هيفاء" ، أجبتها بتوتر : أهلاً
: كيفك فجر ؟
جلست على سريري وبدأت بتلّمس المفرش : بخير الحمدلله ، وأنتِ ؟
: زينه ، فجر أنا متصله عليك لأن حبيت أقول لك
ملكة عفاف تأجلّت

صُدمت : يووه ، خير إن شاء الله !!
أردفت بهدوء : خيره بإذن الله ، بس أجلوها لأن فيه كم شغله يبون يخلصونها
: الله يعين

: يالله مع السلامة حبيبتي














كنت أجلس بجانب عمي والغضب يتبخر من أذني ، شعرت بالمرارة ، كان صوت بكاء عمتي
يُزعجني بشدة ، مسحت على شعري بتوتر ..

أبو نادر : أنت وينك ؟

نادر : في دبي
صرخ عمي : وش تسوي في دبي ؟
ضحك نادر : اشرب خمر !!
: أرجع ، بسرعة
أردف نادر بهدوء : أنا بقفل تبي شيء ؟!

سحبت عمتي جميلة الهاتف : نادر يا روح أمك أرجع







كان جسدي بكامله يرتجف ، نهضت بتثاقل ، دخلت دورة المياه - أعزكم الله - تقيأت وأخرجت
ما بجوفي ، جلست في زاوية "البانيو" وأنا أبكي ، بكيت بحرقة ، خرج أنيناً من صدري ، أنا دخيل

أنا لست إلا ثقل عليهم ، أنا يتيم وهم يكرهونني ، يحبونه أكثر مني ، هو فصلٌ كامل وأنا مجرد
هامش ، أنا ضعيف ، لا أريد خسارتهم ، لا أريد أن أموت مرة أخرى ، لا يوجد من يحمل معي ألمي ، أنا الخاسر الأول وخساراتي عظيمة ، هم
خرجوا بغنائم وأنا خرجت بروحي ، أحمل نفسي كمن يحمل كنزاً وشك على فقدانه ..

ذهبوا إلى ربي وتركوني هُنا ، نادر روح أمه ، روح جميلة ، وأنا من يراني روحاً له ؟ أنا عِبء
على الجميع ، كم هي ضعيفة أوجاعي ، هشة مثلي ، كم هو مؤلم وجودي بينهم





..




ساعة وتغيب الشمس
ساعة ويجيني الليل
وينراد حيل ودمع
ومن وين أجيب الحيل ؟


بديرة أهلي بالطعم
يختلف حتى ألمي
وحتى الهواء يم أهلي
يختلف والله هواي


كل ليلة تسوى العمر
لو قعدوا أهلي وياي
وين إيد أمي الصبح ؟


قد ما دار بي الزمن
ابقى لأهلي ميّال
ومن وين أجيب قلب ؟
قلب يتحمّل الترحال ..












دخل منصور غرفتي وأغلق الباب خلفه ، تعدّلت في جلستي ، سيبدأ ..

: أبوي يبيك تحت

نهضت وأنا أعدّل ثوبي : طيب
مسك كتفي : اسمع ، أبوي فيه سكر وضغط ، لا تعصبه ولا تعانده يا سامي
عقّدت حاجبي : بيكلمني عن الملكة ؟
بتردد أردف : إيه بس أفهمني ..

اندفعت نحو الباب ، سيظلون ينبشون في هذا الموضوع إلى أن يحدث ما لا حسبوا له

جلست بجانب أبي ، أخذت السجائر وحشرتها بين أصابعي : سمّ يبه
: أنا أقول نسوي الملكة
ضحكت بسخرية : انت اللي تقول ولا جدي ؟

صرخ والدي : كلمه ثانية وتطلع يا ***** برى البيت ، فاهم ؟ مو كافي خلينا سلمان يتهاوش مع ولده !

: نادر ؟ أحسن ، يا زينها فيه
وقف والدي بغضب : أنا قلت لك ، الملكة بكره ولا بعده ، اتصل على عمّك واعتذر منه وعلمه

تفجّرت عروقي في ذراعي ، غضبت كثيراً ، لا أريد أن يفرح نادر بما سيحصل .. نظرت إلى إخوتي
اللذين كانوا منكمشين على أنفسهم ، تنهدت بغضب



اتصلت على عمي سلمان كما طلب مني والدي ، في البداية كان غير مقتنع بكلامي وشتمني
قليلاً ، لكنه هدأ في النهاية ورضى بالأمر وبانت السعادة في نبرة صوته ، طلب مني الإتصال بنادر
وأخباره ، هو لا يريدني في الحقيقة أن أخبره !!
بل أن أعتذر له





لم اتصل بنادر ، هذا المغرور لا يستحق اتصالي ، بل اتصلت بعفاف لأرى إن كان لديها حل لورطتنا ..


: وش تبي ؟
يا ليلي : أسمعي ، بيجيك أبوك وبيقول لك الملكة بعد بكره
سمعت صوتها كانت تسعل : ايش ؟ ليه ؟

: جدّك عرف بالموضوع وعصّب
كان صوتها باكي : يا ربي ، وش ذا الحظ

صرخت بغضب : وجهك النحس ، المهم حاولي تطلعين لك سبب للتأجيل
همست بخوف : لا لا لا لا بعدين يتهاوشون بسببي

يا إلهي : أسمعي ، ترا بتصيرين زوجتي ، يعني 24 ساعة مقابل بعض أشوفك وتشوفيني ، نأكل مع بعض ونجلس مع بعض ونعيش للأبد .. للأبد مع بعض ، مركزه ؟



بكت بحرقة : يا ربي


: عفاف
كانت تبكي ولا تستطيع الإجابة ، ناديتها مرة أخرى : بنت ، عفاف !!
عفاف : هااا
: ليه كذبتي في رسالتك ؟
بعدم فهم أردفت : كذبت في آيش ؟
: أنتِ قلتِ ما عندك شيء تخسرينه في هالزواج ! ليه تبكين اللحين ؟
: مدري ، يمكن لأني توقعت انك بتطلقني أول ما تقرأ كلامي
غضبت ، مدللة لا تفقه شيءٌ من المصيبة
التي وقعت فيها : غبية






فرحت كثيراً لعودة الأمور كما كانت ، في البداية تعجّبت من هذا القرار المفاجئ ، لكنني نسيت
الموضوع عندما تذكرت بأن أختي ستتزوج بعد غد !!


شرينا أنا وأمي جميع الأغراض ، وبالذات فستان عفاف ، تكفّلت أنا بالزينة ، أنا ماهرة باستخدام
أدوات التجميل ، أمّا التصوير فَ عفاف رفضت الأمر برمته


نادر لم يحضر بعد ، لا أعلم ماذا يفعل في دبي ، ولكنه وعد والدي بأنه سيحضر .. أتمنى ألا يُسبب المشاكل !


طارق
فجأة أُصيب بُحمى واصبح طريح الفراش ، لم نخبره بقرار سامي ، لا نريده أن يتعب ، لكنه سيعرف
عاجلاً أم آجلاً ، لا يعقل بأن يرى البيت في حالة استنفار ولا يسأل ماذا يحدث ؟!


تذكرت شيء !!
فجر
اتصلت بها بسرعة : والله أدري أن الموضوع غريب
ضحكت ثم قالت : عجيب أمركم ، مره نلغيها ومره نعجّلها !
: لا هالمرة ثابتة بإذن الله ، بعد بكره في استراحة ( ---- ) الساعة 9 في الليل

: إن شاء الله ، أمي مو متأكدة إذا بتجي ولا لا
مستحيل : لا لا ، أرجوك حاولي فيها ، ترا أمي موصيه عليها ..
: أوك ولا يهمّك















كانت أمي تجلس بجانب تفتش في
الأكياس التي ابتعناها ، تأففت بملل ، استغرقت وقت طويل لترتدي الفستان !

ظهرت عفاف من غرفة الملابس



جميلة ، كانت ترتدي فستان ، إما أن يكون هو
زادها فتنةً ، أو أنها زادت الفستان بريقاً ، إبتسمت أمي برضى ، كُنت أحارب دموعي ، رُؤيتها بهذا الشكل زرع
في قلبي مليون وردة ووردة ، كُنت فخورة بهذه الصغيرة ، نظرت إلى والدتي ، انتظرت منها أن تبكي ، فقط
لاسمح لعيوني أن تدمع ، كان ذقن عفاف يرتجف ، وعينها تختفي بين مائها ، قفزت أنا لِأعانقها ..

حشرتها في صدري ، بكيت بفرحة شديدة ، كانت أمي ترمي علينا الأكياس "خلوا هالدموع للزواج"



سحبتها أمي من حضني ، وناولتها الكعب العالي ، ارتدته عفاف بإطاعة ، حدّقت بنفسها في المرآة ، ثُم إبتسمت برضى ، فجأة





صرخت باكيه : نزلوه نزلووووووه


جحظت عيني ، لم استطع القيام بأي شيء البتة ، حشرت نفسي بجانب أمي ، لكن أمي
دفعتني بيدها ، وركضت لعفاف ، خلعت الفستان بسرعة ، انهارت عفاف على الأرض وهي
تنوح ، عاقنتها أمي وبدأت تقرأ عليها الآيات ، وقفت ثم جلست ثم عُدت لأقف بحيرة ، كنت أبكي
ولا أعلم ما سبب انهيارها !!





هدأت قليلاً ، هروّلت إلى المطبخ لإحضر لها الماء ، عُدت وأنا أراها تعاود البكاء ، تنهدت ، ماذا حلّ بها ؟!!


حملناها أنا وأمي على السرير واستلقت عليه
بتعب ، نظرت إلى الفستان ، أأعجبها ؟ أم لا ؟ هل نرميه لأنه نحس ؟ أم يجب علينا أبقائه حتى إشعار آخر ؟!

لملمت أمي الأكياس التي توجد في الغرفة ، أمرتني بعينها أن أخرج ، ناولتني الأكياس وعادت لتجلس بجانب

عفاف وهي تقرأ بصوت شجي ، خرجت بسرعة ، لا قدرة لي برؤيتها هكذا ..


دلفت إلى غرفة طارق ، كان مُتعب ووجه أحمر من ارتفاع حرارته ، جلست بجانبه
وتلّمست شعره ، مسك يدي ووضعها على قلبه ، انفجرت باكية
ما الذي أصاب إخوتي ؟!

مسحت دموعي بسرعة : طارق وش فيك ؟
بحلق بي ثم استعدل واردف

: أهلي وينهم ؟



عانقته وأنا اقسم بأن كامل جسده كان يرتجف بين يدي ، بكى ، كان صوت طفل لا رجل !

قال ملايين الجمل التي لم أفهم شيءٌ منها ، مسحت على شعره ودفعني بيده ، ودفن وجهه في راحة كفّه ..



انتطرته دقائق حتى يهدأ

يهدأ ؟؟




قفز بسرعة ورمى جميع الأثاث في الأرض ، نهضت من على السرير وأنا أصرخ برعب ، قلب
السرير وهو يبكي ويصيح ، صرخت استنجد بأي شخص ، أي أحد ليوقفه


دخل نادر وبسرعة صفعه على وجهه

هدأ ، كان يرتجف ويكفكف
دموعه تارة ، نظر إلى نادر ، ثم سقط على الأرض ، بدأ يضرب صدره ، خرج أنيناً مكتوماً منه ، جلس نادر
معه ونظر إليه برعب ، سألني ما الذي أصابه ؟ ما الذي قلته له ؟ لكنني نفيت أن لي دخل بما حصل له !


رمى طارق نفسه على نادر وصاح هذياناً : أنت اخوي صح ؟ ليه تجي أجل ؟ روح أمك

مسح نادر على ظهره : جيبي له مويه ، وسوي له كمادات



كانت الغرفة كما لو أطلقنا فيها ثيران !
كنت أقفز كنبة ، واعبر فوق عطور منسكبه ، نظرت إليهما ثم عادوت البكاء ، كل شيء حدث بسرعة البرق ..





عندما عُدت وجدت أمي تبكي وهي تطلب من طارق أن يعانقها ، لكنه ظلّ متشبث
في نادر ، ناولت طارق الماء وشربه وانسكب بعضاً منه على قميصه ، تألّمت من منظره ، رُبما اشتاق
لعائلته ، ولمَا اليوم ؟ بعد 26 سنة ، للتو اشتاق لهم ؟





استلقى على الأرض بتعب ، ورفع نادر قميص طارق عن صدره ، وبدأ يضع الكمادات
عليه ، طلب من أمي ومني أن نتركه قليلاً ، دخلت عفاف ونظرت إلينا ثم وضعت يدها
على فمها وبدأت تبكي ، لا يجب أن يحصل هذا كله !!






في المساء بدأ الكل أكثر سكينة ، كانت الكآبة تتلبسني ، ورأسي يبلغ أطناناً ، أمّا عفاف
فالله وحده أعلم بحالها ، طارق بدا أكثر هدوءً ، واظن بأنه لا يعلم ماذا فعل وماذا قال !

أمي كانت مُتعبة جداً ، تارةً تتطمن على عفاف ، ثم تعود لتحاول أن تحادث طارق ..

نادر كان ينظر إلى طارق ويتفحصه ثم يمسح على شعره ، كان متوتر جداً ومرهق أيضاً !


والدي فكان في عالم آخر ، يشعر بالفرحة لعفاف ، ووجود نادر في المنزل ، استغرب صمت طارق لكنّه على
الأرجح فسّره لضيقه من نادر











: شرايك في هذا ؟
دارت بالفستان حول نفسها : حلو حلو بس خلااااص ، دخت من كثر فساتينك
جلست أمامي : كل اللي لبستهم تقولين عنهم حلوين ! وبعدين أنا اشتري ولا ألبس ..
: فجير ، أبي أروح معك
أشاحت بوجهها : لا
قفذت عليها شتائم غاضبة ، أريد الخروج من المنزل ، أشعر بالملل : أمك بتروح ؟

فجر : إيه ، في البداية رفضت بس رضت في الأخير

: أنا بروح للسوق ، مستحيل أقعد لوحدي في البيت
فجر : بكيفك
استرسلت بالحديث : أقول دانه ، أخاف يكون لبسي Too much !!
: هههههههههههههه ، إذا كان مبالغ خليك بعبايتك
رمت علي حقيبتها : أتكلم جد

: خلاص لا تروحين
عبس وجهها : شرهتك على اللي تكلمك مره ثانية






















جلسنا أنا وفهد في المنزل ، أخبرني فهد بمدى ضجره وإنه يود أن نلعب قليلاً ، لذا لم أُمأنع ، بدأنا
بلعبة "القط والفار" وطبعاً أنا القطة التي يجب أن تطارده ، والآن اختفى فهد ولا أعلم أين هو ؟


بدأت أشعر بالذعر ، صحت في المنزل وأنا أحاول أن أُغويه بالحلوى والمال وألالعاب .. الخ !

لكن لا جدوى ، الفتى لم يظهر بعد

انطلقت إلى منزل عمي منصور "بحكم إنه بجانبنا" ، ركضت وأنا أسابق قلبي ، رأيت "فارس" يخرج من
منزل عمي ، امسكت به وأنا ألهث : فهد موب فيه
نظر إلي بعدم فهم : موب فيه ، كيف يعني ؟

ضربته ودموعي تسري على خدي : فهد مو في بيتنا
بحلق بي في صدمة : وأمك وأبوك وينهم ؟؟
لم أجيبه وأنا أضرب خدي : يا ويلي يا ويلي

سحبني فارس بيدي وادخلني منزلنا ، بدأ يبحث عنه وأنا أصرخ به "موب فيه" ، عاد وهو
يمسك بهاتفه ، أخبرني بأنه أرسل إلى "شباب عائلتنا" إن يبحثوا عنه ..

ثواني حتى أرسل "فيصل" بأنه معه وإنه بخير

رميت جسدي على الأرض وبدأت أشكر ربي وابكي

ضحك فارس وهو يردف : والله اكشن ، لو إنه ضايع كان وناسة
نظرت إليه بحقد "أم صغيرة" : فال الله ولا فالك يا مريض
: وش مجلسك في البيت لحالك ؟
: وين أروح ؟

حكّ جبينه : تعالي لبيت عمي منصور
: لا
سار قليلاً ثم توقف : أنا طالع ، تبين شيء ؟












جاءني فهد وقال لي بأنه أستأذن من والده للذهاب لمنزل عمي سلمان ، توقعت بأنه فعلاً قد فعل ، لكن اتضح بأنه
هارب !!

تضايقت كثيراً من عمله ، لكنني فضّلت الصمت ، هه ، لم أفصّل شيئاً البتة ، صمت مُجبر ..


ركنت سيارتي ونزلت منها وفتحت الباب لفهد لينزل هو أيضاً ، ضربت الباب وفتح لي نادر ، سلّمت
عليه وضيّفني في المجلس .. بعدها بثواني دخل طارق ، كان شكله مبعثر ، قفز فهد إليه وعانقه ، نظر إلي طارق
بعدم فهم ، رفعت كتفي ببساطة ، أنا أيضاً لا أعلم ما سبب هذا الحب المفاجئ !



جلس طارق وتنهد ، حدّق بنا مطولاً ثم أردف : وش تبون ؟
أردف فهد بحماس : بكره زواج متعب ، أقصد سامي
إبتسمت ، لا أعلم لماذا تختلط
عليه الأسماء ! لا يوجد تشابه بين اسم متعب وسامي .. حتى اسم فيصل وراكان

..
هيفاء وأميرة

غريب هذا الفتى ، أحياناً أشعر بأنه يتعمد خلط هذه الأسماء !

: زواج من ؟
أرسلت لطارق أوّضح كلام فهد "بكره ملكة أختك على سامي"
: طيب ؟
استغرب فهد : ليه موب فرحان ؟ هو صديقك
تثاءب بملل : بكره موب اليوم

أظن بأنها الجنية ، تلبسته !


تلحفنا بالصمت لدقائق ، قفز فهد بجانب طارق وهو يدخّل يده في جيب ثوبه : شف وش لقيت في السوق أمس !

اخرج من جيبه علبة بلاستيكية ، ناولها لطارق الذي بدأ يقلبها في كفّه ، فتح العلبة وتوسعت عينه فجأة

أخذ الفضول ينهشني ، رفعت رقبتي قليلاً كي استطيع أن ارى ما بداخل العلبة ، لكن فهد أسرع بسحبها من يد طارق وأخرج ..



اخرج "شنب" !!!
كانت قطعه بلاستيكية على شكل شنب !
شنب رجل بالغ !

وضعها فهد بفخر فوق ثغره وهو يضغط عليها بأصابعها ليتأكد من ثبوتها جيداً : أنا اللحين رجّال مثلكم


انفجر طارق ضحكاً وسحبه في حضنه : ههههههههههههههههههههه الله **** ذا الوجه ، انت رجّال من زمان


ابتسمت لهما ، عنى له أن يصبح رجلاً مثلنا !
شعرت بالحزن يجتاحني ، أراد أن يصبح رجلاً مثلنا لا مثل والده الذي من المفترض أن
يكون الرجل الأول في عينه ، غريبٌ هم بعض الآباء !!
















: وين عباااااااااااتي


أحدنا يقفز هنا والآخر يقفز هناك وأمي تشتم نادر الذي تأخر بإحضار ثوبها من المصبغة ، وأنا اتبع عفاف خشية أن
تهرب أو تبكي وتفسد عملي بأكمله ، كانت تتأرجح من غرفتي إلى غرفتها ، تبكي عندي بخوف وترجع
لغرفتها تغني وتضع اللمسات الأخيرة ..



صرخت أمي : ترا تأخرنا ، بسرعة


أخبرنا طارق بأن المُمَلِك رفض القدوم إلى المنزل وإنه سيقوم "بتزويجهما" في الاستراحة ، لا أعلم ما الحكمة ؟!



حملت علب مساحيق التجميل وبعض الحاجات وركبنا سيارة طارق وجلسنا متلاصقين من الرعب والفرحة ، بدأت أمي
تقرأ عليها من جهة وأنا أقدم نصائحي الثمينة من جهة أخرى ، كانت تنظر إلي وتبحلق في أمي بتشتت ..



وصلنا إلى المكان المعني ، كان جميل جداً ، الإنارة موّزعة في الأنحاء ، وبالرغم إننا كُنا "قبل المغرب" ونور الشمس
ما زال طاغي إلا أن الأضواء بدت جميلة وناصعة ..

دخلنا في أحد الغرفة الجانبية ، تسحبت أمي وذهبت لطارق وبدآ يتحادثان قليلاً كان وجه طارق عبوس

أصلحت "مكياج" عفاف الذي تخرّب من النقاب ، كانت ترتجف ثم تشرد ، زادت "حلطمتها" ، تلعن ما يقابلها ،

ما أجملها صغيرتي.














سأستمتع بهذا اليوم ولو على جثتي

لا ، لا استطيع وأنا أتذكرها ، عندما أحاول تخيّل
شكلها ، تظهر في وجهي تلك الطفلة بقرنين بُنيين وفستان كبير ، واسمع صوت بكاؤها في المكان




كان مجلسنا مكتظ ، عمي سلمان وعمي منصور ووالدي وبالطبع فيصل وطارق واليهودي كما
يقول طارق (نادر) ، وأخي عبدالله وفارس الذي أزعجني


" أبي أجي ، تكفى بروح معكم ، أمانه أبي أشوفكم ، والله ما أتكلم ، تكفى ، تكفى تهز رجال ، الله يخليك ، أبي أروح معكم ، لو مرة في حياتي أبي أشوف واحد من إخواني متزوج"




وبالطبع ، والأهم

جدي

كان غاضب كعادته !

جلس بجانب المملك واجلسني بجانبه وأمامي يقبع نادر وعمي سلمان ، وبجانبهم شهودي "طارق وفيصل ونادر"


كانوا يحاولون إضحاكي ، لم يعلموا بأن وجودهم يكفي لأنفجر ضحكاً !!

كنت ابتسم واحاول كتم قهقهتي العالية ، لمحني الشيخ وضربني على ظهري : ورع ، أعقل
صاح طارق : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

صرخ جدي : ترا قسم بالله أوقف ذا الزواج !
على أساس انك تهدد : ما قلنا شيء


غضب الشيخ ، أو ربما كان غاضب منذُ مدة : يالله عطني بطاقتك


ناولناه جميعنا بطاقاتنا ، سأل إن كان للفتاة أي شروط !
ربما هناك شرط واحد وهو أن أموت !
تحدق نادر بهدوء : لا ما فيه شروط


طلب مني أن أضع بصمتي ، وضعتها بإطاعة واعدت كتابه له ، أعطى
طارق الكتاب وصاح به : خل البنت توقع وتحط بصمتها

نظر طارق إلى الكتاب ثم حدّق بي : وش ذا الأصبع ؟؟


: ههههههههههههههههههههههههههههههه
ضربني جدي بعصاته : قم قم ، نادر رح ناد لي سعيّد خلنا نزوجه

تقافزت حولي الشياطين : يخسى

نظر إلي عمي منصور بغضب ، ولكنه فسّر الأمر "غيرة" ، هو أكثر من غيرة أنا رجل لا أحبذ أن يمس احدهم ممتلكاتي ، أقدسها كما لو كانت جزء مني ..













دخلت أبحث عن عفاف ، ناديت أحد العاملات وسألتها ، أشارت على غرفة
في آخر الممر ، دلفت إليها ووجدت عفاف تجلس وفوقها هيفاء تُزيّن لها شعرها ، دخلت
أمي خلفي : عفاف ، يالله يا يمه وقعي



نظرت عفاف إلى هيفاء بذعر ، ثم ارتجف ذقنها ، علامة على وشك انهيار الدموع ، صرخت محذراً : الله يخليك بلا دموع وصياح ونياح ، خلوها الليلة

سحبتها هيفاء إلي واردفت : يالله فوفو وقعي
امسكت بالقلم وهي ترتجف ، همست بخوف : هذا اصبعه !!!



: ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

ضربتها أمي على يدها : فاضيه تنكتين ، الناس تستحي وأنتِ !!

صاحت مستنجدة : هيفاااء ، وربي ما كنت انكت
ضحكت هيفاء : خلاص خلاص يمه أتركيها ، وقعي وابصمي
وقعت بسرعة ، وكأنت مجرد خطوط متلويّة !

وضعت بصمتها بجانب بصمة سامي ، كانت تتأمل اصبعه ، ثم تعود لتنظر إلى اصبعها ، نظرت إلي وهمست : اصبع بعير !


ضحكت كثيراً ، آه لو علم سامي بما قالته عن اصبعه !!




عدت وأنا أحمل الكتاب بسعادة وأكاد أرقص من فرحتي لاختي و"أخي" !

أمسك الشيخ الكتاب وتأكد من كُل شيء ، أردف وهو يعدّل نظارته الطبية : اللهم بارك لهما وبارك عليهما واجمع بينهما بخير


"زغرطت" أمي من خلف الباب ، هذا ما كنت أناقشها عنه في بداية الأمر !!


ابتسم الجميع برضى ، ما عدا سامي الذي كان وجهه مصدوماً ، لكزته بيدي : ولد ، علامك ؟
نظر إلي غير مصّدق : أنا .. أنا متزوج ؟!

كُنت سأجيبه لكن تقدم والدي إليه وتصافحا ، وبعده جدي ونادر .. الخ





أردف نادر بصوت عالي : تبي تشوف عروستك يا أبو طارق ؟
















يتبع ..





قراءة مُمتعة للجميع ..



انتظر ردودكم وآرائكم ..

" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "

قرة عين امي 18-09-13 03:05 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
السلام عليكم
بارك الله في قلمك اختي اجر
رائعة هي روايتك اسلوب جديد وجميل فيه البساطة والعمق يجذب القارى اليه بشدة
تراني انتظر على جمر لقاء عفاف وسامي
المحبة لك اسماء

Are 18-09-13 12:02 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
.



جداً معجبة بالرواية من ناحية الأسلوب و تسلسل الأحداث
و جداً سعيدة أنك تنزلين على الوقت اللي محددته.
بس عندي ملاحظة بسيطة :
- البارت جداً قصير لو يكون أطول بيكون أفضل بكثير .
- بعض الاحيان تكتبين حوار بس ما تكتبين مين اللي يتكلم و بكذا نتخربط
و ما نعرف أنه هذا الشخص إلا بعد فترة .

و شكراً لك .

ام البندرى 18-09-13 01:57 PM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
روعه روعه روعه روايه جميله جذبتني بشخصيتها وطريقه كتابتك لحواراتها اتمنا انك تستمرين فكتابها واتمنا لكي التوفيق ان شاء الله

Are 21-09-13 12:37 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
وينك عسى ماشر ؟

أبداع أنثى 21-09-13 10:57 AM

رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
 
ماشاااء الله ..ابدااااع كتاباتك ..بسيطه حد العشق

طارق تألمت مع حاله واليتم ..عشنا معه كل اوضاع حياته فقدان حبيب ..لقاء مجهول ..يتم ..جو عائلي

الله عليييك آجر

عفاااف ..ودلع وعدم عقلانيه بالتصرف
ساامي رد فعل شرقي متوقع

ردي بسيط ..لكنك كاتبه مبدعه بكل ماتعنيه الكلمه

اوعدك ان اكون من متابعينك الا اذ منعتني الظروف من الرد

لك كل الاحترااام


الساعة الآن 01:37 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية