منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   حصري 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t189330.html)

الامل المفقود 19-08-13 10:01 PM

83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:liilas:اخواتي اعضاء وزوار منتدانا الغالي ليلاس
ساقوم بكتابة رواية من روايات عبير القديمة وهي 83-الحائرة - للكاتبة فيوليث وينسبير -
ولكن قبل ان ابدا بكتابتها اريد تشجيعكم وحماسكم المعتاد وهي رواية رائعة ومشوقة جدا .
طبعا هذه اول مرة اكتب فيها رواية وان شاء الله اكون عند حسن ظن الجميع وارجوا ان تستمتعوا .
غدا سوف ابدا باول فصل من فصول الرواية وهي 8 فصول

الملخص

عندما تلتقي فتاة برئية في الحادية والعشرين من عمرها رجلاً يقارب الأربعين , هل الحب هو ما تتطلع اليه , ام اشباح الماضي التي تجد نفسها مضطرة لمواجهتها ؟ احبته من النظرة الأولى وقبلت ان يتزوجها ويأخذها الى احدى جزر البحر الكاريبي واكتشفت هناك ان الفنان جون تريكارل .. رجل معذب يطارده شبح زوجته الراحلة جوانا .. المرأة الساحرة التي مازال شبح زوجته الراحلة جوانا .. المرأة الساحرة التي مازال اختفاؤها المفاجئ يكتنف الجزيرة بالأسرار .. ثم هناك ابنة عمها بولا , ذات الشخصية الشرسة والجمال المماثل .. والتي تؤكد لها باستمرار علاقتها السرية بجون , فلماذا اذن تزوجها هي , ولم يتزوج بولا ؟

..:8_4_134: ولا تنسوا الضغط على كلمة الشكر مع شكري المسبق للجميع ...
بانتظار تشجيعكم ودعمكم الدائم مع تحياتي وحبي ..

ملاحظة : الرواية حصرية لمنتديات ليلاس لا احل نقلها بدون ذكر المصدر واسمي الامل المفقود

Rehana 19-08-13 10:39 PM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
الف مبروووووووووووووك اول رواية مكتوبة لك .. اختي امل
وطبعا كاتبة رواية معروفة وفي ناس كثير بتحب رواياتها
وانا اول مشجعين لك حتى تكمل الرواية الى النهاية
وانا اول الضاغطين على ايقونة الشكر

ولمجهودكم .. ومشاركاتك في كتابة الرواية في قسم
مني لك احلى باقة ورد

http://paysage.unblog.fr/files/2007/...8eb03d317m.jpg

الامل المفقود 21-08-13 01:07 AM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
شكرا لك اختي ريحانه على الرد والكلام الجميل وهدا ما نتوقعه منكي دائما .
وبما اني وعدت بان اكتب اول الفصول اليوم سافي بوعدي لكم مع ان عندي ظروف صعبة جدا وهي وفاة احد طلبتي المميزين داخل الفصل وهو في نفس الوقت ابن اعز صديقاتي ولهدا ارجوا ان تعدروني ان تاخرت عليكم قليلا تحياتي ومع حبي

الامل المفقود 21-08-13 01:22 AM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
العدد 83- الحائرة- للكاتبة فيوليت وينسبير- من روايات عبير القديمة .

أذا أعجبتكم الرواية لا تنسوا أن تضغطوا على الشكر.
ومع الشكر المسبق لكل من يضغط
نبدأ على بركة الله في كتابة الرواية

1- الفصل الأول (( فتاة الشاطئ ))

((إنك فتاة غبية يا تينا من المؤكد أن على الفتاة أن تفكر بهذه المسالة الهامة .فالغبية الفاشلة وحدها هي التي تسمح لنفسها بالسقوط على ركبتيها أمام أول رجل أو أي رجل ))
ثم ابتسمت وسألتها :
(( هل أعجبك أي رجل بشكل خاص ))
هزت تينا رأسها وهي تتذكر تفاصيل الدقائق المعدودة التي أمضتها مع صاحب العينين الزرقاوين وصوته العميق والدافئ عندما قال لها وداعاً شكرت جارتها على اهتمامها بها وتوجهت الى البيت للقيام ببعض الأعمال المنزلية وفجأة دق الباب فتسارعت نبضات قلبها قلقاً على عمتها التي ستجرى لها عملية جراحية . ركضت نحو الباب الخارجي وفتحته فوجدت رجلا ضخم الجثة وامرأة ترتدي معطفا ثمينا يقفان أمامه . لم تعرفهما ولكن وجه السيدة كان مألوفاً الى حد ما . وقالت السيدة وهي تبتسم بلهفة وحماسة :
(( من المؤكد انك تينا الصغيرة . أنا عمتك سارة وهذا عمك سيدني ))
سارة هتون شقيقة والدها وعمتها مود ؛ التي تزوجت هذا الرجل الثري سيدني وذهبت لتعيش معه في بيرمنغهام
(( ألم تخبرك مودي بأنها كتبت لي ؟ )) هزت تينا رأسها حائرة مذهولة . اختلفت عمتاها منذ زمن طويل عندما علمت سارة أثناء جنازة والدها بأن الراحل أورث البيت واثاثة لشقيقتها مود ؛ وكانت هذه أول مرة تأتي فيها لزيارة أختها (( ألن تطلبي منا الدخول يا أبنه أخي ))
(( طبعاً .. طبعاً ))وتنحت تينا جانبا فدخلا وقالت العمة سارة لزوجها بمجرد وصولهما الى منتصف القاعة : (( لم يتغير هذا البيت مطلقاً يا سيدني . ورق الجدران ذاته و ... رباه يبدو أن مود لا تزال تحتفظ بهذه الخزانة الصغيرة القديمة والصحون والفناجين إياها أيضا )) وفيما كانت تدخل غرفة الجلوس ضاحكة بشيْ من السخرية الواضحة ؛ سألتهما تينا بتهذيب بالغ :
(( هل احضر لكما فنجانين من القهوة ؟ لن يتأخر أعدادهما طويلاً )) (( شربنا قهوتنا في الفندق الذي سنقيم فيه خلال هذين اليومين )) وخلعت سارة معطفها فيما حمل زوجها سيجاره الضخم وهو ينظر حوله باحتقار بحثاً عن منفضة . نظرت أليه تينا بانفعال وقالت له فيما كانت تتوجه مسرعة الى المطبخ . (( سأحضر لك صحنا صغيرا ؛ يا سيد هتون )) أزعجتها هذه الزيارة المفاجئة ولم تصدق أن شقيقة العمة مود حضرت من بيرمنغهام لمجرد قلقها على أختها وتشوقها لرؤيتها فلو كانت كذلك ؛ لسألت عنها بدلا من التحدث عن البيت . وزاد من انزعاجها وانقباضها أنها سمعت سارة تقول لزوجها أن مود حافظت على البيت وتولت صيانته بدقة ؛ بحيث أن سعره الحالي يزيد ثلاث مرات عما كان عليه بعد وفاة والدها مباشرة . وضعت تينا الصحن قربه فنظر أليها بطريقة شعرت معها برغبة في صفعه . انه يظن نفسه رجلا جذابا يصعب على النساء والفتيات مقاومة إغرائه وسحره ابتسم لها وقال : (( أذن أنت ابنة جورج مانسون الصغيرة ؛ انك كبيرة وناضجة وتهتمين بالبيت أثناء مرض العمة الحبيبة )) وجلست سارة قرب زوجها وهي تقول (( مسكينة مود ؛ حزنت وتأثرت كثيراً عندما استلمت رسالتها وعلمت بمرضها . صحيح أننا لم نلتق منذ زمن بعيد ؛ ولكن الخلافات العائلية يجب أن تنسى في وقت كهذا )) ثم ابتسمت وقالت لتينا مازحة : (( أراهن بأنك تجدين صعوبة بالغة في العيش معها اليس كذلك ))

الامل المفقود 21-08-13 01:39 AM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
ردت تينا بإخلاص حقيقي (( أني معتادة على عمتي مود ؛ يا سيدة هتون . هي التي ربتني ورعتني منذ وفاة أمي وأبي ؛ وأنا اعتبر نفسي مدينة لها الى حد كبير )) تحدتث سارة بتهكم عن شقيقتها ثم سألت تينا بسخرية مماثلة : (( وأنت ماذا تعملين يا تينا ؟نادلة في احد المقاهي )) الامل المفقود(( أني اعمل كسكرتيرة في مكتب احد المستشارين القانونيين ))الامل المفقود(( المجالات ضيقة جدا في تشور لي ؛ مع أنها بالتأكيد أفضل بكثير مما كانت عليه عندما كنت أنا شابة يافعة . في بيرمنغهام ؛ تلاحظين الفرق يا تينا . نحن نملك هناك مطعما ومقهى . ويمكننا أن نجد لك عملا جيدا معنا . تساعدين في تقديم طعام الغداء ؛ وتتولين إثناء المساء مسؤولية المحاسبة وتلقي الطلبات ونعرف هناك عددا كبيرا من الشبان اللامعين الجذابين ؛ الذين يملك كل منهم تقريبا سيارة خاصة به )) ردت عليها تينا بشيء من الحدة والعصبية : (( أنا لا أفكر بمغادرة تشور لي ؛ يا سيدة هتون . أني مسرورة جدا بوظيفتي الحالية )) (( هكذا أذن ؟ وإذا تركت عمتك مودي تشور لي ؛ فسوف تتركينها أنت أيضا )) جف لعابها فمها ؛ إذ صح ما تتوقعه ؛ من هذين الشخصين المزعجين . أنهما يريدان البيت ؛أو المال الذي سيأتي به فيما لو طرح للبيع . ولما لم تعلق بشيء على سؤال سارة قالت لها الضيفة الثقيلة : (( سنذهب ألان لنتناول الطعام في الفندق ونزور مود في المستشفى ؛ ثم نعود الى هنا حيث أمتع نظري بهذا المكان الذي ولدت فيه وعشت في أرجائه عددا من السنين . أني متعلقة به عاطفيا )) ولما التقتهما في غرفة عمتها مود وتحدثوا قليلا أو ما أليها سيدني هتون قائلا : (( لنتركهما تثرثران قليلا؛ فلديهما الكثير للتحدث عنه )) وفي الممر المؤدي الى قاعة الانتظار؛ نظر أليها بإعجاب واضح وقال لها بصوت منخفض نسبيا وكأنه يغريها : (( هل فكرت جديا بالانتقال الى الشمال والاستقرار هناك ؟ )) (( أني لا اعتقد أبدا أن عمتي مود تريد مغادرة دولسي . أنها معتادة على تشور لي وجوها الهادئ )) تجاهل جوابها الجاف وقال لها مبتسما : (( يجب أن تعرفي انك ستكونين مسرورة جدا أذا عملت في مطعمي )) ثم غمزها بعين ساخرة وأضاف قائلا : (( أني كريم جدا مع الأشخاص الذين ... الذين يعجبونني)) أثار كلامه ومغزاه الخسيس اشمئزازها وغضبها . كيف يمكنها تعمل مع شخص كهذا ؛ أو ربما أن تعيش معه تحت سقف واحد ؟لا ؛ أن الفكرة مرفوضة شكلا ومضمونا . كذلك شعرت برغبة جامحة في حماية عمتها مما يخطط له هذان الشريران اللذان يطمعان ببيتها وبمالها . ألا أنها قررت تأجيل البحث في هذا الموضوع الحساس لحين انتهاء عمتها من مشكلتها الصحية الطارئة . ولما زارتها يوم الجمعة وتبين لها أنها أصبحت في حالة جيدة ؛ جلست قربها وقالت لها بهدوء : (( احذري من شقيقتك وزوجها يا عمتي . اعتقد إنهما لا يرغبان بشيء سوى الاستيلاء على المال الذي ستحصلين عليه فيما لو بعت منزلك )) خيم الصمت بين مود مانسون وابنة شقيقها اللتين تختلفان كثيرا شكلا وميولا . وفجأة عبست السيدة المسنة وقالت بمرارة وغضب : (( هده كلمات جميلة تقولينها عن أختي وصهري . اعتقد انك كنت تأملين في أن أموت كي يعود إليك الجزء الأكبر من حصتي . يؤسفني يا عزيزتي أن أقول لك أن صحتي جيدة جدا بعكس ما كنت تريدين وتتوقعين )) ذهلت تينا واحمر خداها انقباضا وتأثرا . أحست بأن كلمات عمتها اشد إيذاء وإيلاما من أي شيء أخر يمكن أن يقال لها . لو صفعتها على خديها ؛ لكان التأثير اقل ارعاجا من هذا " وسمعت عمتها تقول لها مرة أخرى : (( جففي دموع التماسيح من عينيك . قررت مند يوم دخولي الى المستشفى أن اكتب الى سارة لا طلعها على رغبتي بان ترثني هي ؛ لا أنت ؛ في حال حدوث مكروه لي . انك لتحاولين أقناعي بإخلاصك وتفانيك ؛ ولكن سارة تقول انك تتظاهرين وتراوغين . قالت لي انك غضبت يوم الأحد الماضي عندما أرادت التجول في أرجاء البيت لاستعادة ذكرياتها الحلوة عنه ))الامل المفقود (( أنها تريد تخمين ثمنه فقط ؛ فهي لا تحبه ولا تأبه له أطلاقا )) شرقت بدموعها وسألت عمتها فيما كانت تقف استعدادا للرحيل : (( هل ستبيعين المنزل يا عمتي وتنتقلين الى بيرمنغهام ؟ )) نظرت أليها مود مانسون بعينين قاسيتين وسألتها بعصبية : (( وهل من اعتراض لديك يا آنسة ؟ هل من الخطأ أن أفكر بما سيحدث لي بعد أن توقعي في حبائلك رجلا مسنا أحمق يتزوجك ويذهب بك بعيدا عني ؟ اعرف انك تنتظرين ذلك بفارغ الصبر ... شأنك في ذلك شأن جميع الفتيات الغبيات ... ومثل تلك الحقيرة أمك )) تحملت تينا طوال سنوات عديدة الكلمات القاسية والمهينة التي كانت مود تصف بها أمها الراحلة التي لا تعرفها ولكنها أحست فجأة بأنها لم تعد قادرة على تحمل المزيد ؛ وبخاصة بسبب ازدياد المرارة تجاهها شخصيا . ارتجف جسمها ضيقاً وانقباضاً ؛ وسألت السيدة المسنه بانفعال : (( انك لم تحبيني أبدا يا عمتي ؛ برغم وجودي معك منذ طفولتي وطوال هذه السنوات . كنت اعرف ذلك منذ البداية ؛ ولكن أخلاصي وامتناني لك أرغامي على محاولة تحمل ذلك . جميع الأطفال يحتاجون الحب والحنان ويتوقعونهما ؛ ولكنك حرمتني منهما لأنه لم يعجبك أن يقع شقيقك في الحب ويتزوج . ولأنني كبرت وأصبحت أشبه أمي ؛ بدأت أتلقى طعنات مماثلة منك . لا يا عمتي ؛ لن أتحمل المزيد ... ولن اذهب الى بيرمنغهام لأعمل خادمة لدى السيد والسيدة هتون )) الامل المفقود(( لا اعرف مكانا أخر يمكنك الذهاب إليه . ولكن إذا كان هذا شعورك ؛ فافعلي ما تريدين . لقد بذلت أقصى ما باستطاعتي لا سعدك واهتم بك . ضحيت بأفضل سنوات حياتي لأربي طفله امرأة أخرى ...)) قاطعتها تينا بهدوء قائلة : (( أني ممتنة لإيوائي و الاعتناء بي طوال هذه السنين ؛ ولكنني لا ... لا اقدر على الذهاب مع شقيقتك . لو قررت أنت يا عمتي البقاء هنا ؛ لكان الأمر مختلفاً و .... ))الامل المفقود(( أني ذاهبة الى بيرمنغهام . سيدني يعرف شخصاً سيعطيني سعرا جيدا لممتلكاتي في تشور لي )) تأكد لتينا أن عمتها عاقدة العزم على البيع والانتقال شمالا . ومع أنها لم تقرر بعد ماذا ستفعل لاحقا ؛ ألا أنها صممت على أمر واحد بعزم وإصرار ... أنها لن تذهب مع سارة وسيدني ؛ ولن تعمل لديهما أو حتى أن تعيش في منطقة واحدة معهما " خرجت تينا من المستشفى حزينة ومتأثرة ؛ وتوجهت فورا الى مطعم صغير في ساحة البلدة حيث احتمت من المطر الخفيف وطلبت فنجانا من القهوة . وفيما كانت تنظر الى الخارج شاردة الذهن تفكر بحاضرها ومستقبلها شاهدت الفندق الوحيد في تشور لي حيث تقيم سارة وزوجها ... وحيث أقام جون تريكارل وتذكرت ما قاله لها ذلك الرجل ؛ وأحست بأنه لو كان هنا لكان أثنى على قرارها بالوقوف في وجه عمتها المتسلطة . كان سيقول لها أنها حرة في الذهاب الى حيثما تريد ؛ وان لديها ألان فرصة يجب اغتنامها . حرة ان تترك تشور لي ... وتذهب الى لندن .
تحمست ... أثارتها الفكرة ... لو كان بإمكانها الذهاب ألان الى لندن ؛ لذهبت فورا ودون تردد . وتذكرت يد جون تريكارل التي ضغطت على يدها عندما شجعها على الانطلاق من عزلتها وأحلامها . وتذكرت الأصبع الثالث في يده اليسرى والخاتم الذهبي الذي كان يزينه . انه خاتم زواج واسم زوجته جوانا إليزابيث ؛ وهي ابنه العقيد الراحل هيليارد كاريش ؛ قرأت عنهما في كتاب عن المشاهير في بريطانيا .
وراحت تتذكر المعلومات الأخرى التي قرأتها في ذلك الكتاب جوانا كاريش تزوجت جون تريكارل عندما كانت في العشرين وهو في السابعة والعشرين وبعد عامين أنجبت له طفلة سميث إليزابيث . وفي السنة الثالثة ؛ توفيت جوانا أثناء رحلة بحرية مع بعض الأصدقاء قرب شاطئ سانت مونيك ومع أنها توفيت قبل ثماني سنوات ؛ ألا أن أثار الحزن لا تزال بادية بوضوح على وجهه انه يفتقدها كثيرا ؛ وقد لا يتمكن أبدا من حب امرأة أخرى . كانت جوانا جميلة جدا ومرحة وتضج حيوية ونشاطا ولهدا السبب قال لها أن فترة الشباب قصيرة وثمينة ويجب عدم أضاعتها سدى وهدراً ...
وسافرت تينا الى لندن بعد أسبوع واحد وهي تحمل معها توصية رائعة من مديرها وعنوان مؤسسة كانت تعمل فيها أحدى صديقاتها . وقررت في اليوم التالي لوصولها زيارة صالة العرض التي يعرض فيها جون تريكارل بعض أعماله البرونزية . وقالت لنفسها وهي تتبرج وتتزين أمام المرأة : (( لن يكون هناك ؛ يا صغيرتي " انه بعيد جدا وأنت ذكرى عابرة منسية )) وشاهدته داخل المعرض الراقي ... فشهقت بصوت منخفض . وكأنه سمعها ... اعتذر من الشخص الذي كان يتحدث معه واقترب منها قائلا : (( فتاة الشاطئ ؟ تينا مورتن ؟ ))الامل المفقود (( مانسون )) صافحها بحرارة وقال لها مبتسما : (( أنها لمفاجأة جميلة هل اخدت أجازة من عملك لتزوي معرضي ؟)) هزت رأسها وإجابته بتلعثم : (( تركت ... تركت تشور لي ... نهائيا )) (( ماذا ؟ ماذا تقولين )) وقبل أن تجيبه ؛ سارع الى القول : ( ( قطعت سلاسلك وتحررت من قيودك ؟ عظيم " عظيم )) ووضع يده على كتفها وكأنه يشجعها على أخباره بما حدث وهكذا كان ... أخبرته عن سارة وسيدني ؛ وعن كافة التفاصيل ثم ختمت روايتها بالقول : (( وجدت في النهاية الأمر انه يستحيل علي البقاء مع عمتي مود اعتقد أنها كانت تريد أبقائي معها لمجرد .... لمجرد ... )) قاطعها بهدوء وكأنه يقرأ أفكارها : (( لمجرد التسلط عليك والانتقام من العالم والحياة عن طريق تعذيبك . فتفكيرها الضيق وقلبها الحاقد يحملانها على لوم الجميع ؛ باستثناء نفسها ؛ لأنها فشلت في الحب . أني أتمنى لك يا تينا حظا موفقا في خطوتك هذه )) ثم غمزها بعينين جميلتين جذابتين وقال لها باسما : (( يجب أن نحتفل بتحررك من تلك العجوز الأنانية المعقدة ... فما رأيك بتناول الغداء معي )) احمر وجهها خجلا ... وسعادة وقالت له : (( يسرني ذلك جدا ))الامل المفقود (( عظيم ؛ هل شاهدت كل ما كنت تريدين مشاهدته في المعرض ؟ )) (( ليس بالقدر الذي أريد . هل تسمح باطلاعي على تاريخ كل قطعة وما أوحي لك بها )) ضحك وسألها بعد أن لاحظ لهفتها وحماستها : (( وهل أنت مهتمة الى هذه الدرجة يا صغيرتي ؟ )) ابتسمت برقة ونعومة وقالت : (( طبعا . أنا لا اعرف ألا القليل القليل عن فن النحت ؛ ولكن منحوتاتك مليئة بالحياة وروعة الإبداع . خد مثلا على ذلك تلك المسماة القبلة )) ضحك بدماثة ووداعة وقال : (( ما من رجل له عقل وقلب يمكنه مقاومة هذا النوع من الإطراء الذي يأتيه من شابة جميلة مثلك . تعالي أذن ؛ لنبدأ مع هذا النمر البحري الذي ينقض على فريسته في مياه البحر الكاريبي ... )) تجولا ساعة كاملة في أرجاء المعرض . وحاول عدد كبير من الشخصيات الاجتماعية والسياسية الذين يزورون المعرض لااقناعه بالانضمام الى دوائرهم ؛ ألا انه صدهم جميعا بتهذيب فائق وظل برفقة تينا ...
ممسكا بذراعها وغارقا معها في أحاديث مختلفة . وفجأة نادته امرأة أنيقة بغنج يمتزج بلهجة الأمر . كانا آنذاك قرب الباب الزجاجي للمعرض . فتحه وأخرجها معه وهو يقول لها بصوت منخفض : (( تعالي " أسرعي )) وخلال دقائق كانا في سيارته الأنيقة وينطلقان نحو الجانب الغربي للمدينة حيث سيتناولان الغداء في احد المطاعم الموجودة هناك . قررت تينا الخروج عن الصمت فقالت له بهدوء (( كنت اعتقد يا سيد تريكارل انك ستكون حاليا في سانت مونيك ))الامل المفقود (( اضطرني عدد من الأصدقاء وبعض الأعمال للبقاء هنا أكثر مما كنت انوي )) وتوقف لحظة ثم ابتسم وأضاف قائلا : (( كان ذلك من حظنا ؛ أليس كذلك ؟ فلو لم اتاخر ؛ لما كنا التقينا ))



وبهدا انتهى الفصل الأول

قراءة ممتعة للجميع مع باقي الفصول

الامل المفقود 21-08-13 01:56 AM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
:liilas:غدا اذا ربي راد انزل الفصل الثاني لكن قبل ذلك انا بانتظار تشجيعكم :8_4_134:

2- الفصل الثاني : حب في الافق ...

Rehana 21-08-13 12:39 PM

رد: 83 - الحائرة - فيوليث وينسبير - من روايات عبير القديمة.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الامل المفقود (المشاركة 3361943)
شكرا لك اختي ريحانه على الرد والكلام الجميل وهدا ما نتوقعه منكي دائما .
وبما اني وعدت بان اكتب اول الفصول اليوم سافي بوعدي لكم مع ان عندي ظروف صعبة جدا وهي وفاة احد طلبتي المميزين داخل الفصل وهو في نفس الوقت ابن اعز صديقاتي ولهدا ارجوا ان تعدروني ان تاخرت عليكم قليلا تحياتي ومع حبي

العفووو عزيزتي

الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته .. والله يصبر امه ويلهمها الصبر والسلوان
خذي راحتك وكوني مع صديقتك اكيد هي في امس الحاجة لك حتى تواسيها في مصابها
قلبي معاكم .. الموت مثل الجرح الى يحتاج وقت حتى يلتئم
حياك الرحمان .. ولك كذلك حبي وتقديري

الامل المفقود 21-08-13 02:15 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
بارك الله فيك يا غالية على شعورك الطيب ورحم الله جميع موتى المسلمين يا رب العالمين تحياتي مع حبي

الامل المفقود 22-08-13 12:43 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
2- الفصل الثاني :حب في الأفق

(( مضى على وجودي هنا زمن طويل ؛ وسأعود الى سانت مونيك خلال عشرة ايام . وعدت ابنتي ليزا بأن أعود الى البيت عندما تبدأ عطلة الربيع . أنها في مدرسة داخلية ولا نرى بعضنا كثيراً )) كان يتحدث بمحبة وحنان عن ابنته التي يبدو انه قلق عليها سألته بهدوء : (( أليست مدرستها في الجزيرة ؟ )) الامل المفقود (( لا ؛ أنها في باربادوس . أنها بعيدة طبعاً ولكنها توجد هناك مع أطفال بريطانيين آخرين )) وتحول بسيارته الى طريق جانبي ضيق وأوقفها أمام المطعم الذي يقصدانه وقبل ان تفتح الباب للخروج من السيارة ؛ التفت نحو تينا وقال لها : (( اعتقد ان إقدامك على هذه الخطوة الهامة والبدء بحياة جديدة ومختلفة يجعلك في البداية متوترة الأعصاب الى حد ما هل وجدت وظيفة جديدة ؟)) هزت رأسها نفياً ؛ فيما كانت تتأمل فمه الجميل وتتسارع دقات قلبها وخفقاته . أنها لا تعرف ألان ماذا يحدث لها بالنسبة لهذا الرجل ؛ وهل ستتحمل ذهابه بعيداً عنها بعد بضعة أيام " و ... (( هيا لنذهب ونتناول طعامنا )) جلسا الى طاولة يشرفان منها على حديقة غناء جميلة تغص بالزهور العطرة والمتنوعة . وبعد ان طلبا أنواع الطعام المفضلة ؛ نظر إليها بجدية وقال : (( يجب ألا يكون لديك اي شعور بالذنب او الندم لأنك تحررت من وضع لا يطاق او يحتمل. ثم ؛ ألم تقرر عمتك بملء أرادتها ان تذهب شمالاً لتعيش مع أختها وصهرها العزيزين ؟ انك لم تتخلي عنها بأي طريقة او بأخرى . لا يمكنني ان اصدق انك من الأشخاص الذين يضحون بأنفسهم من اجل الآخرين . أليس كذلك ؛ يا صغيرتي ؟)) أدهشتها نظراته الجادة التي كانت تبتعد عنها وتتخطاها الى شخص أخر يتحلى بمزايا مماثلة . أرادت أن تلمس يده وتقول له أشياء شخصية ومستحبة ... أرادت أن ترجوه ألا يدع الذكريات تؤلمه وتجرح مشاعره وأحاسيسه ... أرادت أن تقول له أنها تعرف آن الذكريات وحدها ليست كافيه ؛ وان زوجته الراحلة أحبته كما أحبها ... (( ما هو نوع الوظيفة التي تسعين للحصول عليها ؟ )) الامل المفقود (( أوه ... أعمال مكتبية )) وقررت الاستمرار في هذا الموضوع ؛ اد انه يبعد تفكيرها عنه وعن هذا الانجذاب المفاجئ إليه . وأضافت : (( كنت اعمل في الطباعة والاختزال والاهتمام بالملفات والوثائق وإذا تمرست قليلا هنا في حقل السكرتارية ؛ فقد أحاول الحصول على وظيفة خارج البلاد . اعني ... )) وضحكت ثم مضت الى القول : (( اعني ان هذه هي فرصتي لمشاهدة العالم ... ألان بعد أن تحررت من قيودي )) الامل المفقود (( اعرف اثنين او ثلاثة من رجال الأعمال في لندن وربما تمكنت من مساعدتك في أيجاد وظيفة ...أه ؛ شكراً )) ومد يده التي تحمل مبلغا من المال نحو نادل كان يقترب منه وبعد لحظات التفت نحو تينا ؛ التي كانت تحدق به ؛ وقال لها باسما ومازحاً: (( لا تخافي ؛ فليست لدي اي دوافع او نوايا خفية ))الامل المفقود (( أوه ؛ اعرف )) واحمر وجهها خجلا ثم ثم عادت نظراتها الى الدبوس الفضي وأضافت : (( أنا لم اعن ... )) الامل المفقود (( اللعنة على لساني )) ومد يده نحوها . ترددت قليلا ثم وضعت يدها الباردة في اليد الدافئة المنتظرة . شد على يدها وقال : (( من المؤسف ان يكون بعض الرجال أحيانا قساة وعديمي الشعور . لم أتحدث مند فترة طويلة مع إنسانه طيبة وجميلة مثلك اعذريني " )) أومأت برأسها علامة القبول ؛ ولكنها كانت تفكر آنذاك بالعرض الذي قدمه لها سيدني هتون ؛ وبما كان يتوقعه منها مقابل منحها تلك الوظيفة . وها هو رجل أخر يعرض عليها المساعدة . هل يمكنها الوثوق به ؟يبدو أنها غير قادرة على ذلك . وفي لحظة مجنونه سألت نفسها عن سبب اهتمام شخصية مشهورة ومرموقة مثل جون تريكارل بفتاة فقيرة لا أهمية لها مثلها " (( بماذا تفكرين ؟ )) الامل المفقود ((انك طيب جدا معي يا سيد تريكارل ؛ تدعوني الى الغداء تعرض مساعدتك لا يجاد وظيفة ... ))قاطعها مبتسما (( انك ضائعة وحائرة .ووحيدة كقطة صغيرة . ألا تعتقدين أني افعل الشيء ذاته لقطة صغيرة )) ضحكت وارتاحت أعصابها . ابتسم مرة أخرى وسألها : (( هل تشتاقين الى البحر ؟ )) الامل المفقود (( ربما في وقت لاحق . أما ألان فاني مسرورة لوجود هذا العدد الكبير من المحال التجارية الرائعة )) الامل المفقود (( وهل تركت قلبك في تشور لي ؟ اعني . مع احد أولئك الشبان اليافعين ؟ )) ضحكت وقالت : (( أوه ؛ لا؛ فأنا لست من الطراز الذي يستهوي الشبان . اعني أنهم يحبون الفتنة والسحر والجاذبية ؛ أليس كذلك ؟ )) هل هذا ما يحبون حقا )) ثم ابتسم وأضاف قائلا : (( لم اعد ادري كيف يحس الشبان ؛ فانا في التاسعة والثلاثين من عمري . هل تعتبرين هذه السن متقدمة جدا يا تينا ؟ )) (( طبعا لا ")) وبدت عليها الدهشة والحيرة . فهو ليس من أولئك الرجال الذين يخشون كثيرا من نتائج تأثير شخصيته على الآخرين ؛ وعلى شخص لا أهمية له مثلها ؛ وفجأة نظر إليها بفضول واضح وسألها : (( من أي نوع من الرجال تعتبرينني يا تينا ؟ هل تعتقدين أنني حنون ولطيف ؟ كريم ؟ يفكر بالآخرين ؟ )) (( نعم )) ولم تتمكن من إضافة صفة أخرى وهي أنها تعتره أنسانا غير سعيد في حياته . وسمعته يقول لها موفقا : (( صحيح لدي كل هذه الصفات . معظم الرجال لهم مثل هذه الصفات ... مع بعض التحفظات . ويمكن أيضا أن يكون الرجال قساة غير مبالين ؛ ويحبون التملك والسيطرة )) احمر خداها قليلا . هل يحذرها من الوقوع بحبه لمجرد انه اظهر لها قليلا من الاهتمام والحنان العابرين ؟ وسألته دون أن تنظر إليه : ( هل تحذرني من الرجال الذين ...الذين قد التقيهم هنا في لندن ؟)) (( اعذريني على هذه المحاضرة)) وشرح لها بهدوء كيف ان بعض الرجال يفضلون الفتاة القروية الخجولة ؛ وكيف ان بامكانهم ايقاع الفتيات بحبائلهم مستغلين مشاعر الابوة لذي الصغيرات . ضحكت قليلا وقالت له : (( شكرا على المحاضرة ؛ ولكني لست طفلة لا تعرف كيف تفرق بين الحنان الحقيقي والتظاهر به )) الامل المفقود (( لا يا عزيزتي انك لاتعرفين . فانت مثلا ليست لديك اي فكرة عن سبب دعوتك الى تناول الغداء معي ؛ وتمضية فترة ما بعد الظهر معي )) اتسعت عيناها دهشة واستغرابا ولم تعرف ماذا تقول ردا على هذه الملاحظة غير المتوقعة. ابتسم الرجل وقال لها : (( اريد ان اشتري بعض الهدايا لابنتي ليزا وانت بالتاكيد تعرفين اكثر مني ماذا يروق لصبية في التاسعة من عمرها ))ابتسمت بهدوء . قد يكون قاسيا ؛ لا مباليا ويحب التملك والسيطرة " ولكنه بالتاكيد لا يظهر هذه الصفات اليوم وليس معها هي بالدات " لم يعد يهمها شىء بعد هذه اللحظة . فهو لم يطلب منها فقط ان تمضي فترة طويلةمعه ؛ بل ارادها ايضا ان تشاركه في انتقاء هدايا لابنته التي يحبها كثيرا . وفيما كانا يتوجهان الى ساحة بيكادللي في قلب العاصمة البرياطنية ؛ سالته : (( هل تشبهك ليزا ))(( نعم انها تريكارل قلبا وقالبا . كانت كاللعبة الجميلة في سنواتها الاولى ؛ اما الان فهي طويلة القامة... وصبية كبيرة . لم اجد صعوبة في التصرف معها عندما كانت طفلة صغيرة . اذا كنت ادللها والاعبها اما الان فلها شخصيتا وافكارها الخاصة بها . اه من الفتيات" انهن على مدى الدهور السر الغامض بالنسبة للرجال ")) وابتسم لها فردت ابتسامته بالمثل فيما كانت تجلس قربه كقطة صغيرة تسعى الى الدف والحنان ... والحماية . وشعرت بان الدماء تتصاعد الى وجهها وخافت ان تفضح مشاعرها امامه وتذكرت كيف كانت وجنتا صديقتها كيتي تحمران وعينا زميلتها في العمل نانسي تشعان بذلك البريق الخاطف كلما كانتا تتحدثان عن هدا الشاب او ذاك الرجل . انها تلك القوة السحرية الغامضة التي تجدب الفتاة الى الشاب ... انه الحب " بعد جولة في بعض المحال التجارية اشترى خلالها جون اشياء عديدة لا بنته توجها الى شارع بوند ودخلا احد محال الجواهر اشترى سوارا صغيرا وطلب من البائع ان يحفر له ثلاث كلمات ... الى ابنتي الحبيبة . ثم انتقل الى زاوية اخرى وابتاع سوارا ذهبيا ثمينا . امسك بيد تينا ووضعه حول معصمها بشكل طبيعي وعادي. شهقت وحاولت الاعتراض قائلة : (( سيد تريكارل لا يمككنني )) رد عليها مازحا وكانه يقلدها : (( انسة مانسون : يجب ان تقبلي ")) الامل المفقود (( يجب ان اقبل )) اوما براسه علامة الايجاب وبدا انه مصمم باصرار على اهدائها ذلك السوار . الهت نفسها بالنظر حولها . فيما كان جون يأخد سوار ابنته ويدفع للبائع المبلغ المطلوب منه . ومضت فترة ما بعد الظهر بسرعة شعرت تينا في نهايتها بتعاسة وانزعاج . فخلال دقائق ستصل الى المكان الذي تقيم فيه وسيقول لها مرة اخرى تلك الكلمة المؤلمة ... وداعا " وتوقفت السيارة . فنظر اليها وسالها بهدوء : (( هل يهمك حضور معرض للرسم والحفر على الخشب ؟ )) تأملت مغيب الشمس دون ان تجيبه او تنظر اليه انتظرها لحظات ثم سألها مرة اخرى : (( هل يهمك ذلك يا تينا )) تسارع خفقان قلبها واحست بحرارة الدماء تسري في عروقها انه يدعوها مرة أخرى لتخرج معه . ترددت لحظة ثم أجابته بكلمة واحدة ... نعم (( أذن سأمر من هنا غدا في تمام الثانية عشرة ظهرا نتناول الغداء معا ثم نذهب الى المعرض ... أو أي مكان أخر ترغبين فيه )) (( أن فكرة المعرض لا باس بها على الإطلاق . شكرا لك يا سيد تريكارل على هذه الدعوة )) وضع يده على يدها فشعرت بأنها تذوب ولا تقدر على مقاومة ذلك السحر الذي يشدها إليه . وأيقظها من أحلامها قائلا : (( انك فتاة لطيفة ومهذبة جدا يا صغيرتي أنا الذي يجب أن أشكرك يا تينا على هذه الفترة الطويلة التي منحتني إياها اليوم )) خرج من السيارة بسرعة وفتح لها بابها ثم مد يده لمساعدتها على الخروج وهو يقول لها باسما : (( سأراك غدا بإذن الله يا صغيرتي )) ابتسمت له وتوجهت بسرعة الى غرفتها في مبني جمعية الشابات وهي تشعر بدفء صوته وسحره يثير في نفسها البهجة والسرور .لم تحلم أبدا في حياتها بان أي رجل في العالم يمكنه أن يمنحها مثل هذه السعادة . وبدأت مرحلة جديدة في حياة تينا . كان كل يوم يمر يحمل لها أشياء مختلفة زيارة معارض وحدائق عامة جولات هنا ورحلات هناك وعشاء على ضوء الشموع وفي أجواء موسيقية حالمة واكتشف أنها تحب الموسيقى فأخذها لسماع أحدى سيمفونيات بيتهوفن . ورافقته في اليوم التالي لحضور مزاد علني للوحات الفنية والمنحوتات والتماثيل وأعربت تينا عن إعجابها بأحد التماثيل الذي يعود تاريخه الى القرن الثامن عشر فقال لها : (( يمكن للنحات المبدع أن ينجز عمله بإتقان تام ودون أي أخطاء إذا كان يرى وجه الشخص كاملا . جوانا . زوجتي الراحلة كانت رائعة الجمال وموضوعا ساحرا للنحات والرسام )) ومع انه تحول بعد ذلك الى موضوع أخر . ألا أن تينا لم تنس كلماته . تحدث عن مثلا أنها كانت أجمل مخلوقة تعرف عليها في حياته وان قلبه ...أو معظمه ... مات معها عندما ماتت ... اكتفى بالقول أنها كانت موضوعا جذابا للرسم أو النحت .
أوقف السيارة قرب جسر صخري صغير واطفا المحرك . كان السكون شاملا والصمت تاما نظر إليها جون ووضع يده على كتفها فأحست بموجات حرارية تسري في عروقها تمنت ان يطوقها بذراعه لتشعر بالدف ... والحماية . جلسا على هذا النحو دقائق عدة ؛ مرتاحين لسماع صوت الطبيعة وتنشق رائحة الزهور البرية العطرة . وفجأة شد على كتفها وسألها بشيء من العصبية (( تينا هل أعجبك أنا )) شعرت بان قلبها توقف عن الخفقان وبان السيارة تودر بها اخدت نفسا عميقا وأجابته )) نعم ... انك تعجبني )) أعجاب ؟هذا هو الشعور الذي كان ينتابها كلما ابتسم لها أو نظر إليها ؟ لا ؛ أن النار التي تحرق جسمها كلما اقترب منها أو لمسها ليست نتيجة الإعجاب فقط أنها الحب "
(( هل أعجبك بما فيه الكفاية كي تتزوجيني ؟ ))
شهقت ؛ ضاعت ؛ ذابت في مكانها " أنها تحلم " ولكنها الحقيقة ... فها هو يشد على كتفها بأصابعه القوية ويهزها قليلا ؛ ثم يقول لها بلهجة جادة تحمل شيئا من الحدة :
(( تينا " تكلمي ؛ قولي شيئا حتى ولو كان ذلك قاسيا " اطلبي من أن اذهب الى الجحيم " إذا كان ذلك يسرك أو يعكس حقيقة مشاعرك " هل صعقك طلبي ؟ هل تشعرين بأنها وقاحة مني أن اطلب يدك على الرغم من هذا الفارق الكبير في العمر ))
تأملت وجهه بدقة وعناية ؛ وصرخ كل شيء فيها طالبا البقاء قربه وعدم الافتراق عنه . أصبح عزيزا جدا على قلبها ؛ ولكنها تعتقد انه لا يحبها وسمعت نفسها تقول له بهدوء ... وألم :
(( أننا غريبان ... والغرباء لا يتزوجون بعضهم ))
خيم الصمت فترة طويلة لم تسمع خلالها سوى دقات قلبها ... وساعة يده . وفجأة خرق الصمت وقال لها :
(( بعض الأشخاص يا تينا ليسوا غرباء أبدا لأنهم يصبحون أصدقاء بمجرد تبادل بضع كلمات تصورت انك تفهمت هذا الموضوع . تصورت أن لديك من الذكاء ما يكفي لتفهم ذلك ))
الامل المفقود (( ليس من الضرورة أيضا أن يتزوج الأصدقاء ))
تنهد وأجابها بصوت منخفض وقد بدت عليه خيبة الامل :
(( انك لا تزالين صغيرة لتعرفي ان هناك عشرات الأسباب التي تحمل الناس على الزواج ))

الامل المفقود 22-08-13 12:56 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
وصمت لحظة ثم أضاف قائلا بهدوء :
(( زواجك مني يا عزيزتي أفضل مئة مرة من وظيفة ثانوية في احد المكاتب الصغيرة . كما يمكنني أن أقدم لك منحتين إضافيتين لا باس بهما على الإطلاق ؛ وهما سانت مونيك وبيت تكونين أنت ربته وسيدته ))
ناشدته بقلب جريح وصوت حزين :
(( توقف ؛ أرجوك " كنت أتصورك طيبا وكريم النفس ؛ ولكنك كالآخرين تعتقد أن خجلي يمنحك حق التسلط علي والتصرف معي كما تريد . انك لا تتصرف هكذا مع شابة اكبر سنا وأجمل وأذكى ... ))
(( لو كانت لديك هذه الصفات الثلاث ؛ يا طفلتي ؛ لما كنت عرضت عليك الزواج مني ))
شدها نحوه حتى التصق وجهها الصغير البارد بوجهه الدافئ ؛ وأضاف قائلا بحنان ظاهر :
(( لم اعد أطيق وحدتي وعزلتي يا تينا. أني بحاجة الى زوجة ؛ بحاجة الى امرأة تشاركني حياتي )) أضعفت مقاومتها كلمة الوحدة التي استخدمها بصدق وصراحة؛ كما تهاوت دفاعاتها أمام إحساسها بقربه منها . لم تحلم أبدا بمثل هذه اللحظة التي يحتضنها فيها جون تريكارل ويعرض عليها الزواج . وأحست بإصبعه تداعب شعرها ... لم يرغب فيها احد حقا حتى هذه اللحظة ... لم يردها رجل من قبل كما يريدها جون ألان ... (( كنت اعتقد أنني أعجبك . أنت تعجبيني يا تينا ؛ أليس هذا كافيا؟ ))
شعرت بسعادة بالغة عندما كانت تأمل في تمضية بضعة أيام أضافية بصحبته . وها هي قادرة ألان أذا ردت عليه بالإيجاب ؛ أن تمضي معه بقية حياتها ... في جزيرته الجميلة ؛ وان تتخلى نهائيا عن وحدتها وعزلتها المزعجين . وسمعته يسألها بشيء من المرح : (( هل نمت ؟ ))
ضحكت ... تنهدت ... ثم قالت :
(( لا يمكنك أن تكون جادا يا جون ؛ فليس لدي الجمال والذكاء والخبرة التي يريدها رجل مثلك في شريكة حياته ))
(( يكفيني يا عزيزتي أن لديك ما أريده من لياقة وكياسة وإحساس ورقة ؛ وإخلاص وعدم أنانية )) ضم وجهها بين يديه الدافئتين ثم انزلهما الى كتفيها وضمها إليه بحنان ؛ فيما كانت شفتاها الناعمتان والبريئتان تنتظران .
وكأن الصاعقة إصابتها.
طارت ؛ حلقت ؛ غابت ؛ ذابت ... واحتمت بكتفيه فطوقتهما بقوة وعصبية . لم تعد تفكر منطقيا بما سيحدث لاحقا و ...(( هل جوابك نعم ))
ردت عليه هامسة دون أن تتمكن من رؤية عينيه لأنها دفنت رأسها في صدره :
(( أذا كنت تريدني يا جون ))
وتمنت أن لا يندم ... يجب أن يفرح لا أن يحزن ؛ لأنه طلب منها أن تتزوجه ... ولأنها وافقت . أبعدها عنه برفق وقال لها بلهجة عادية :
(( سوف نتزوج في الأسبوع المقبل أن شاء الله . وسأبدأ مند غد بأعداد الوثائق والترتيبات الضرورية ))
سألته بخجل :
(( وماذا عن ليزا ؟ هل تعتقد بأنها ستمانع ))
(( ربما ستتضايق قليلا في البداية . ولكنها ما أن تتعرف عليك جيدا ...)) وداعب شعرها مرة أخرى وغير الموضوع قائلا : (( لا تحاولي تسريح شعرك بأي طريقة معينة يوم زفافنا . اتركيه كما هو ألان فهو جزء هام من سحرك وفتنتك . هكذا كان عندما رأيتك للمرة الأولى ... الجزء الوحيد المتحرر . مسكينة تينا . الفتاة الصغيرة الضائعة " هل لا تزالين ضائعة يا صغيرتي ؟ )) وقبلها على جبينها ثم أدار محرك السيارة وانطلق بها نحو لندن وراح يحدثها عن منزلهما في سانت مونيك المسمى بيت الماء الأزرق وشرح لها عن تاريخه وعن أنواع الزهور المختلفة التي تنبت في الحدائق المحيطة به . وقال لها أن سبب تسميته يعود الى وجوده على رأس تله تشرف على البحر ومائه الصافي الذي يعكس زرقة السماء . ثم ابتسم وقال :
(( أريدك أن تتصرفي كربة القصر دون تردد أو حرج . لدي هناك عدد كاف من المساعدين والخدم وجميعهم طيبون ودمثون ويتوقعون تلقي أوامرهم من السيدة الجديدة . وينتابني شعور قوي بأنهم سيفرحون كثيراً لان السيد جون تزوج شابه صغيرة وجميلة مثلك )).
وهزت تينا برأسها . أنها ليست جميلة ولكن كلامه عن جمالها يفرحها ويسرها وتذكرت جملة قرأتها في احد الكتب وجاء فيها ان عظمة الحب لدى الإنسان تكمن في حبه للآخرين أكثر من حب الآخرين له . فلسفة ؟ ربما "ولكنها تحبه ؛ وستتزوجه ؛ وتصبح السيدة تريكارل . وتأملته بمزيج من السعادة والألم ... السعادة لأنها ستتزوج من تحب والألم لأنه اكتفى بكلمة أعجاب وتوقف عندها وتوقفت السيارة أمام مبنى الجمعية حيث تقيم ؛ وامسك بيديها الباردتين برفق وحنان ثم قال لها :
(( لدي صديقة هنا في لندن هي السيدة لانينغ التي سيكون من دواعي سرورها مساعدتك في انتقاء جهاز العرس . كما ان علينا شراء خاتمي الخطوبة والزواج )) وأحس بيديها ترتجفان وبدت على وجهها وفي نظراتها بعض مشاعر القلق والانفعال . ضمها الى صدره وسألها ضاحكاً : (( هل أنت خائفة مني ؟ )) أرادت ان ترد عليه بلا يجاب ؛ ان تعترف له بخوفها . وجهه غامض يخفي حقيقة مشاعره وأحاسيسه مما يحرمها من التكهن بماذا يفكر او يخطط . وتصورت أيضا أنه حاد الطباع ولكن ببرودة أعصاب هائلة .
(( الزواج يا تينا هو جنون ومقامرة ساميان بالنسبة للرجل ؛ وكذلك للمرأة . ثم ؛ الم يخطر ببالك أيضا ان أعصابي متوترة قليلا ؛ ولو من زاوية مختلفة ؛ بسبب قراري الزواج منك ؟ ))
دهشت واستغربت ؛ وسألته مرددة كلماته كالصدى :
(( بسبب الزواج مني ؟ ))
(( ان عمري هو ضعف عمرك تقريبا . ولكن اللعنة ؛ لا يمكنني أن أظل وحيدا " ))
ثم شد على يديها وسألها :
(( هل أنت متأكدة من انك تريدين الزواج مني ؟ ))
لم تكن متأكدة من أي شئ . كل ما تعرفه أنها مند تلك اللحظة على شاطئ تشور لي عندما استدارت وشاهدت عينيه . بدأت رحلة طويلة ستأخذها اما الى ذروة السعادة والفرح أو قمة الالم والعذاب تنهدت وإجابته بهدوء :
(( نعم يا جون ؛ اريد الزواج منك ))
ضاعت مرة أخرى بين ذراعيه ولم يعد يهمها ماذا سيحدث لها مستقبلا وماذا تخبي لها الأقدار ؛ وماذا ينتظرها في ذلك البيت الذي كان لجوانا .
اكتشفت تينا ان السيدة جاي لانينغ سيدة لطيفه المعشر في أواخر الثلاثينات من عمرها ؛ متزوجة من مدير أحدى شركات الإعلان كان زميلا لجون في جامعة اوكسفورد وظل صديقا حميما له منذ ذلك الحين . وافترضت تينا ان جاي كانت تعرف جوانا حق المعرفة وان تهذيبها وكرم أخلاقها يمنعانها من أظهار استغرابها ودهشتها لقرار جون الزواج من فتاة تختلف الى هذه الدرجة عن زوجته الرائعة الراحلة .
ولانها ادركت ان وضعها الاجتماعي المقبل كزوجة لشخص مشهور مثل جون تريكارل سيفرض عليها تحولات جذرية ؛ فانها لم تعترض او تجادل عندما طلب جون من جاي ان تاخدها الى احد ارقي المحال المتخصصة بثياب العرائس . وانهى توصياته بالقول :
(( تمتعا بوقتكما ؛ ولا تهمك التكاليف يا جاي ))
ردت جاي على ابتسامته بالمثل وقالت بمرح ظاهر :
(( عظيم " ستكون هذه المرة الأولى التي سأشتري فيها كمية كبيرة من الأشياء الجميلة دون ان اضطر لسماع صراخ تشارلي وتذمره بسبب ارتفاع الأسعار وكثرة المشتريات قل لي يا جون ؛ لماذا يدلل الرجل خطيبته وعروسه الى هذه الدرجة فيما يبخل على زوجته ويحرمها من امور عدة ؟ ))
ابتسم تشاك لانينغ وأزاح صحيفته من أمام وجهه وقال مازحا :
((لأنه يندم بعد مرور فترة من الزمن على الغنج والدلال اللذين ذهبا سدى ))
ضحك الجميع وعادت جاي تقول :
(( هذا ما يجب ان تتوقعيه يا تينا بعد بضع سنوات . فالغزل والكرم لا يدومان طويلا مع الرجال ))
ابتسم جون وقال لتينا بلهجة مرحة تحمل شيئا من الجدية المبطنة :
(( ها قد أطلعك هذان الصديقان العزيزان على الجانب السيئ والمظلم للزواج فما رأيك يا تينا ؟ هل تقررين الانسحاب طالما ان الفرصة لا تزال سانحة ؟ ))
ضحكت تينا وهزت برأسها نفيا وهي تضع يدها برفق وحنان على راسه وتداعب شعره بهدوء ومحبة . وتمنت في تلك اللحظة ان تكون حياتها مع جون سعيدة كما هي الحال بين جاي وتشاك . ولاحظت تينا اثناء تناول الغداء ان تشاك اثنى على زوجته لجودة الحلوة التي اعدتها . وان عيني جاي برقتا فرحا وسرورا . وقالت تينا لنفسها ان المرأة التي تحب زوجها حقا هي التي تعد بعض المأكولات والحلويات المفضلة له . على الرغم من وجود طاه وخادمتين .
وفي اليوم التالي ذهبت جاي وتينا الى احد ارقى محال الأزياء في تايتسبريدج حيث رحبت بهما موظفة الاستقبال واتصلت فورا بمديرة المؤسسة ؛ التي كانت تنتظرهما بناء على اتصال سابق من جاي . استقبلتهما المديرة الانيقة بتهذيب ؛ مرحبة بجاي بطريقة توحي بوضوح انها تعرفها منذ زمن طويل . وشعرت تينا بأن مديرة المؤسسة علمت على الفور بأن هذه الشابة الخجولة لم تدخل مكانا كهذا في حياتها . ومن المؤكد انها قدرت ثمن الفستان الذي ابتاعته تينا من تشور لي الا ان تصرفها معها ظل طبيعيا ومهذبا وكأنها زبونة ثرية ودائمة لم تبالغ في تدليلهما كما انها لم تتصرف معهما بجدية فائقة وتبين لتينا انه يهمها في المقام الأول بيع ملابس أنيقة وجميلة لاي سيدة تقصد مؤسستها . دوقة كانت ام ضاربة على الإله الكاتبة واكتشفت تينا فجأة انها لم تعد متوترة الأعصاب لوجودها في هذه المؤسسة الراقية بل ارتاحت وبدأت تتمتع بما حولها وشاهدتها تشير الى احد المقاعد الوثيرة وهي تقول مبتسمة :
(( تفضلي بالجلوس يا أنسه مانسون . سنريك حالا مجموعتنا الحديثة والكاملة لثياب العرائس ))
وبدأ الاختيار ... هذا الفستان الرائع من هنا . وهذه العباءة الساحرة من هناك . وتسمع تينا بين الحين والأخر المديرة تقول لها بإعجاب واضح :
(( هذا هو الكمال بعينه . كأن هذه العباءة صنعت خصيصا لك ))
وتسمع جاي أيضا تقول بسرور فائق :
(( انا متأكدة تماما من ان جون سيحب هذا الفستان بدرجة كبيرة ؛ففيه جاذبية ساحرة ويناسبك الى ابعد الحدود )) ابتسمت تينا بخجل وهي تتأمل نفسها أمام المرآة . هل تحلم لا انها هنا تشاهد هذا التحول الرائع في شخصها ومنظرها وتتصور كيف سيكون موقف عمتها مود فيما لو راتها في هذا الوضع الجديد المختلف . وفجأة أحست بشيء من الرعب ينتابها بقوة انها مقبلة على زواج قد يحمل تيارات خطيرة في حياتها ومستقبلها كما ان لا احد لها تأتمنه على أسرارها او تطلعه على خفايا أمورها . وبدا على جاي أنها لا تشك ولو لحظة واحدة بأن جون ينوي الزواج لمجرد الهرب من وحدته القاتلة وعزلته الحياتية المؤلمة . وافترضت ان صديق زوجها لا يمكن ان ينفق مبالغ طائلة كهده الا على شابة يحبها حبا شديدا .
وبعد اختيار جميع الملبوسات الضرورية . والاتفاق دون حساب حسب رغبة جون . توجهت جاي وتينا الى احد ارقي مطاعم المنطقة وتناولتا غداء شهيا . وأثناء شرب القهوة التفتت السيدة المتزوجة نحو صديقتها الجديدة وسألتها :
(( انك تحبين جون حبا جما يا تينا اليس كذلك ؟ ))

الامل المفقود 22-08-13 01:16 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
أحنت تينا رأسها خجلا وهي تهزه علامة الموافقة فالخجل منعها من الأعراب عن حقيقة مشاعرها خاصة وإنها لا تعرف مدى السعادة التي بإمكانها ان تمنحه إياها وسمعت جاي تقول لها بصدق وإخلاص :
(( انه رجل محظوظ لانه وجدك ))
وتلعثمت تينا وهي تكشف بعضا من اسرارها :
(( اني لسست معتادة على ... على هذا النمط من الحياة . اني ... اني قلقة من ارتكاب اخطاء فادحة ... واعطاء الناس مجالا ...اوه ؛ انت تعرفين ما اعني : كانت زوجته الاولى رائعة وجذابة ... انا اعرف ذلك كيف يمكنني يا جاي ان امل في منافستها ؟ ))
ربتت على يدها بحنان وقالت :
(( لا تحاولي يا عزيزتي كوني نفسك وكما وكما كنت دائما وسيحبك الجميع . ومن الواضح ان لديك كل ما يريده جون في زوجته . تشاك وانا متحمسان جدا لانه سيتزوج مرة ثانية . انه رجل طيب جدا ... وليزا بالتاكيد بحاجة الى ام وصديقة ))
(( امل في الا تنفر من الطفلة باي شكل من الاشكال و ... ))
وضحكت بشيء من الخجل ثم اضافت :
(( ها قد عدت مرة اخرى الى ايجاد مواضيع جديدة تقلقني وتخيفني ))
(( صحيح ان الاطفال ينفرون احيانا من زوجة الاب . ولكن ليزا كانت في عامها الاول عندما توفيت جوانا وعليه فليس بامكانها اجراء اي مقارنه بينكما انك تختلفين عن جوانا ))
ثم تنهدت ومضت الى القول :
(( كانت فعلا رائعة الجمال وذات جاذبية ساحرة ولكن لو اراد جون نسخة عنها لتزوج ابنة عمها بولا كاريش التي تعيش في الجزيرة . ليس سرا على الاطلاق انها معجبة به وانها ... ))
وتوقفت فجاة ثم قطبت جبينها وسالتها بجدية :
(( هل تعرفين تفاصيل وفاة جوانا ؟ هل حدثك عن كيفية مقتلها ؟ ))
هزت تينا راسها فيما توترت اعصابها بعض الشيء وهي تحاول اخفاء انفعالها وتاثرها . صبت جاي لنفسها فنجانا اخر وقالت بهدوء واضح :
(( يجب اطلاعك على ما حدث . لقد وقعت من يخت احد اصدقاء العائلة وغرقت . كانت ماهرة في السباحة ولكن راسها ارتطم بحافة صخرة تحت الماء كانت ليزا قربها عندما وقع الحادث . وظلت في حالة عصبية مروعة لساعات عدة خاصة بعدما شاهدت ما حدث لوالدها ايضا فقد شاهد جون الحادث وهو على الشاطيء وسبح نحو اليخت في محاولة يائسة لانقاد جوانا علقت رجله بين الصخور الحادة فسحبها بعنف وعصبية وهو يشاهد بقعة كبيرة من الدم تطفو على سطح الماء فوق المكان الذي وقعت فيه جوانا . اصيبت رجله بجرح بالغ وهاجمته سمكة قرش صغيرة ...كانت ماساة بكل ما للكلمة من معنى . جوانا توفيت وجون كاد يفقد حياته ...واشاعات تزيد من همومه وتقض مضجعه " ))
وهمست تينا مكررة الكلمة باستغراب :
(( اشاعات ))
(( نعم . عن علاقة مزعومة بين جون وبولا . لم تكن هناك بالطبع اي علاقة الا ان ثمة اشخاصا كثيرين لا يهمهم سوى الثرثرة وتداول الاقاويل وتلفيق القصص عن الاخرين . عملت بولا كعاضة لديه وهذا كل ما في الامر جون كان يحب زوجته بشكل لا يصدق ))
وضحكت جاي ثم اضافت :
(( على اي حال انتهى كل شيء الان وها هو جون على اهبة حياة جديدة معك . وانا متاكدة من ان حياتكما معا ستكون سعيدة للغاية ))
ارغمت تينا نفسها على رسم ابتسامة خفيفة على وجهها الا ان قلبها ظل منقبضا واعصابها متوترة وافكارها ينتابها ذهول وانزعاج فهي لن توجه في سانت مونيك مجرد شبح امراة جميلة وحسب بل ايضا امراة جميلة اخرى تعيش هناك منذ سنوات وتتمنى الزواج من جون . بولا ابنة عم جوانا وكانت معها عندما قتلت . وهذا الأمر وحده يكفي لكي تعتبر اي امراة يتزوجها جون ... حتى ولو لم تكن هي تحبه وتريده ... عدوة لدودة لها " وخارج المطعم توقفت جاي امام بائعة أزهار وقالت بلهفة :
(( يجب ان ابتاع باقة من هذا النوع بالذات " انه فصل الربيع ... فصل السعادة والهناء " ))
ثم التفتت نحو تينا وقالت لها فجأة :
(( اسمعي " لماذا لا تمضين الأيام القليلة المقبلة معنا ؟ لدينا غرفة جاهزة للضيوف واعتقد ان وجودك مع أصدقاء أفضل لك من وجودك مع غرباء . اعني ان الفتاة تكون عادة متوترة الأعصاب ولو قليلا قبل زواجها وتحتاج الى صديقة . هل تعجبك الفكرة ؟ ))
(( ان دلك لمن دواعي سروري وامتناني البالغين " ))
وفي اليوم التالي حضر جون الى منزل تشاك وجاي واخذ تينا الى احد أفضل محال المجوهرات في شارع بوند لشراء خاتم خطوبة . تأملت تلك الخواتم الرائعة بذهول ولم تجرؤ على اختيار اي منها خوفا من ان يكون ذا ثمن خيالي .
(( هيا يا حبيبتي اختاري الخاتم الذي يعجبك . ما رأيك بهذا ... او بذاك ))
أعجبها خاتم جميل ولكن لم يكن له ذلك التألق والانبهار مثل الآخرين فقررت اختياره ظنا منها انه لا يمكن ان يكون مرتفع الثمن كغيره اومات إليه بإصبعها وتمتمت بخجل :
(( هذا خاتم جميل )) (( إذن لنجربه ))
ولما ادخل أصبعها فيه وتبين لها انه يناسبها جدا ؛ ابتسم وقال لها :
(( انه جميل جدا هل تريدينه ))
احمرت وجنتاها خجلا وهزت رأسها علامة الموافقة ابتسم مدير المؤسسة بارتياح ظاهر وقال لجون : (( من المؤكد ان الآنسة ذواقة جدا يا سيدي إذ يمكن القول بلا تردد ان الياقوت هو أجمل وأروع الأحجار الثمينة والنادرة ))
الياقوت " تطلعت تينا الى جون بخوف واضح ألا ان نظراته الحنونة والهادئة أكدت لها انه لن يقبل أي اعتراض من جانبها كما انه لن يتوقف عند أي حد في تدليلها ثم سمعته يقول :
(( وألان حان دور خاتم الزواج . أليس كذلك ))
احضر مساعد المدير علبتين مخمليتين تضمان احدث مجموعة من خواتم الزواج فاختار جون أحداها بعد ان تأمل المجموعة بعين فاحصة خبيرة وما ان جربته ورفعت رأسها سعيدة لتخبره بأنه يناسبها . حتى فوجئت باختفاء ابتسامته وتوتر أعصابه انه يتذكر خاتم الزواج الأخر الذي ابتاعه لجوانا والذي كان يشع ويبرق حول أصبعها عندما كانت تغرق وتموت ... خلعت تينا الخاتمين ووضعتهما بهدوء في العلبة المخملية فقال لها بحدة :
(( أعيدي خاتم الخطوبة الى أصبعك ))
حدقت به دون ان تتفوه بشيء . أرادت ان ترفض ... ان تقول له انه لا يحبها ... وإنها بالتالي لا يمكن ان تقبل خاتمه ...أو ان تتزوجه "
((أعيديه الى أصبعك))
قالها مرة ثانية وهو ينظر إليها بشيء من التحدي ثم بدا انه انتبه لما تعاني منه وللأفكار التي تتصارع في رأسها وقلبها فاخذ الخاتم بيد وامسك يدها بيده الأخرى وقال لها بصوت حنون هادى :
(( دعيني أنا أضعه حول أصبعك الجميل ))
وخرجا صامتين جنبا الى جنب نحو السيارة وكانت تينا متأثرة لأنها شعرت بان عليه ان يمسك بيدها كمراهقين عاشقين . لا ان يمشي قربها كشخص غريب أنها تحبه كثيرا وتريده ان يحبها . لا ان يكتفي بشراء المجوهرات الثمينة والملبوسات الرائعة . لماذا يريد الزواج منها ان لم يكن يحبها ؟ ألانها لا تثرثر أو تتدخل في شؤون الآخرين ؟
(( حدث كل شيء بسرعة فائقة ؛ أليس كذلك يا تينا ؟ بعثت اليوم ببرقية لليزا اخبرها فيه عن زواجنا ؛ وأعددت الترتيبات كي يتم الزفاف يوم الجمعة ))
هزت برأسها دون ان تنظر إليه وسمعت في تلك اللحظة أغنية عن غريبة على الشاطئ فزاد تأثرها . سوف تتزوج جون ... ولكنها تعلم ان حبها له لن يتمكن من أبعاده عن شاطئ الذكريات ... ذكريات حبيبته الراحلة "



وعند هدا الحد يكون قد انتهى الفصل الثاني

قراءة ممتعة للجميع


وغدا انتظروني بادن الله مع الفصل الثالث

3- الفصل الثالث – طفلة ... ام زوجة

الامل المفقود 22-08-13 01:26 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
اعدروني الشبكة ضعيفة ويفصل معاي:8_4_134::liilas:

الامل المفقود 22-08-13 11:59 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
3- الفصل الثالث :- طفـــــــــــــــلة .. أم زوجة ؟

أقامت جاي ليلة الخميس حفلة عشاء صغيرة تكريما لجون وتينا دعت إليها عددا من أصدقاء جون وتشاك . ولان تينا أرادت ان تكون موضوع فخر خطيبها واعتزازه . فقد ارتدت احد أجمل فساتينها الجديدة وتبرجت وتعطرت قبل ان تنزل الى قاعة الاستقبال الفخمة في منزل لانينغ .
وبما ان تشاك كان يرتدي ملابسه وجاي تضع اللمسات الأخيرة على أطباق الطعام الشهية المعدة للضيوف . فقد راحت تينا تتأمل تلك الغرفة الكبيرة الجميلة وتستمع الى أنغام موسيقية حالمة تنساب في أرجائها بهدوء ونعومة . وابتسمت بشيء من الانفعال عندما تخيلت نفسها بعد يومين فقط سيدة قصر جميل وربة بيت عليها إقامة حفلات واستقبال شخصيات مرموقة . أرادت ان تضحك ... ان تبكي ... ان تمزج الضحك والبكاء . وكادت توقع من يدها أناء فخاريا اثريا عندما سمعت جرس الباب . نادت لجاي وتشاك بأنها هي التي ستفتح الباب . وتوجهت على الفور الى المدخل الرئيسي للبيت .
شاهدت الرجل الذي ستتزوجه في اليوم التالي والذي سيغير اسمها الى تينا تريكارل . فاحمرت وجنتاها وأذناها . فتحت له الباب . فدخل وهو يقول لها باسما :
(( انك تبدين مغرية وجذابة الى ابعد الحدود هذا المساء . أين تلك الفتاة تينا صاحبة الشعر المتطاير والعينين الكبيرتين الحالمتين التي تعرفت عليها على شاطئ تشور لي ؟))
إجابته بهدوء وخجل وقد ذابت يداها بيديه :
((إوزتك البسيطة القادمة من تشور لي لا تزال هنا يا جون . تحت كل هذا الريش الفاخر الذي تراه ألان أمامك ))
أعجبه جوابها جدا فابتسم ورفع يديها الى فمه وقبلهما بمحبة وحنان . وكانت تلك الجملة على ما يبدو بداية طيبة لسهرة رائعة أمضاها الجميع بفرح وسرور وكان أخر المغادرين جون الذي ذكر خطيبته بان مراسيم الزواج ستتم في الحادية عشرة من صباح اليوم التالي مركز الزواج المدني بحي تشلسي . وابلغها بأنهما سيتناولان غداء العرس بعد ذلك مع جاي وتشاك في مطعم كلاريدجز . ثم يتوجهان الى فندق صغير في مقاطعة سري حيث يبيتان ليلتهما قبل مغادرتهما بريطانيا الى جزيرة سانت مونيك . وسألها باسما ؟ ))
هل من مانع لديك لتمضية سهر عسل في الجزيرة والسماح لليزا بان تشاطرك التمتع بوجودي ؟ )) شعرت بأنه يضع هذه المعلومات على شكل سؤال لأنه رجل مهذب ليس ألا . أجابته بكلمة واحدة . مع أنها كانت تحس في قراره نفسها أنها تفضل الاختلاء والاستئثار به بعض الوقت قبل ان تبدأ ممارسة مهامها كزوجة أب ومربية . ولكن لا سبيل لذلك . فالطفلة تأتي في المقام الأول وعليها ان تتقبل هذا الواقع . قبلها على خدها وحيا جاي وتشاك متمنيا للجميع ليله هانئة ثم توجه الى بيته . فعلت تينا نفس الشيء وتوجهت الى الغرفة المعدة لها كانت متعبة ولكنها لم تتمكن من النوم بسبب توتر أعصابها . وفجأة دق الباب وسمعت جاي تسألها ان كان يمكنها الدخول .
(( بكل سرور ))
دخلت جاي ومعها أبريق من الشاي الساخن وعلى وجهها نظرات اهتمام حقيقية . قالت لها مواسية :
(( شعرت بانزعاج كبير في الليلة التي سبقت زواجي . لم أكن أحب تشاك وأردت ان الغي الزواج . هيا اشربي هذا الشاي الساخن الممزوج بالنعناع ))
شربت بصعوبة ... إذن فهي ليست وحدها التي تشعر بالخوف والقلق في ليلة كهده . والأسباب العديدة التي تحملها على التفكير بطلب إلغاء الزواج ...
(( هل بدأت المياه تعود الى مجاريها الطبيعية ))
ابتسمت تينا وقالت لمضيفتها الطيبة التي جلست قربها على السرير :
(( نعم . وشكرا على مجيئك . كنت على وشك ان أصاب بهلع وقلق بالغين ))
(( انه رد فعل طبيعي يا تينا . فالفتاة عادة لا تتزوج ألا مرة واحدة في حياتها . وثمة فارق كبير بين ان تحب الفتاة رجلا وان تعيش معه ))
ثم ابتسمت وأضافت :
(( أنني من الذين يعتقدون ان فترة الغزل والتودد التي تسبق الزواج هي أجمل جزء في لعبة الحب ... على الأقل من وجهة نظر الفتيات وأنت يا تينا لم يكن لديك الوقت الكافي لمعرفة جون على حقيقته ولكن صدقيني انه رجل عظيم ))
صحيح ... ثمة فارق كبير بين حب الرجل والعيش معه ولكن هناك شيئا تشكر الظروف عليه . فمع ان حادثة جوانا أحزنت جون كثيرا طوال السنوات الثماني الماضية وربما جعلته لاذعا الى حد في سخريته . ألا أنها لم تحوله الى رجل متحجر القلب يحاول الانتقام من نفسه ومن الآخرين . فمع تلك الثقة القوية بالنفس والتظاهر أحيانا باللامبالاة أو عدم التأثر بمشاكل الآخرين . ما زال رجلا بحاجة للحب والسلوى . وشرد تفكيرها فجأة الى موضوع حساس جدا ... الى أحدى أسمى النتائج التي يتمخض عنها الزواج ... الأولاد " وتحمست . وبرقت عيناها بشعاع الفرح والبهجة . أنها تحب كثيرا ان تصبح أما حقيقية وان تغدق على طفلها . صبيا كان ام بنتا كل ما لم تجده هي في طفولتها ... الضحك . التفهم . الحنان . الحس بالاطمئنان . وأحست بيد جاي تربت على كتفها وسمعتها تقول لها بمودة :
(( لاتخافي من عدم قدرتك على منافسة جوانا . عندما تكون المرأة جميلة جدا فإنها عادة تريد عبودية الرجل أكثر من حبه او دفئه تريد منه ان يضعها طوال الوقت فوق قاعدة عالية كتمثال رائع ونادر الوجود . فهل تفضلين هذا الوضع المتعب والمرهق ؟ ))
ضحكت تينا بارتياح ظاهر وقالت بامتنان :
(( أني سعيدة جدا لوجودي هنا يا جاي . فمعظم الأمور تبدو أفضل بكثير مما كانت عليه قبل فترة قصيرة )) الامل المفقود (( عظيم . ألان يجب ان تنامي وترتاحي . لأننا لا نريد مشاهدة عروستنا الحلوة تتثاءب أثناء زفافها غدا ))
أحضرت لها الخادمة فطورها صباح اليوم التالي . فتناولت طعامها في السرير . ثم أتت جاي وبدأت تساعدها على تزيين نفسها استعدادا لحفل الزفاف . سمعتا جرس الباب وبعد دقيقتين ظهر تشاك وعلى وجهه ابتسامة عريضة :
(( معي علبة للعروس . هل ارميها لكما ؟ ))
هزت جاي رأسها وقالت له بلهجة تجمع بين الجدية والضحك :
(( طبعا لا . أيها الدخيل المزعج " سلمنا إياها باليد فقد يكون بداخلها شيء معرض للكسر ))
(( اشك في ذلك كثيرا ))
وذهب ضاحكا ليعود بعد لحظات ومعه علبة بيضاء طويلة تحمل الاسم المشهور . وولف نظرت إليها تينا بلهفة وحماسة ثم قالت لجاي متوسلة :
(( افتحيها أنت يا جاي . فيداي ترتجفان ))
مزقت جاي الورقة الجميلة التي تلف العلبة وتأوهت بإعجاب بمجرد ان فتحت الغطاء وشاهدت معطف الفرو الرائع الجمال الذي كان بداخلها . رفعت المعطف الغالي الثمن فشهقت تينا بدورها ووضعت يدها على فمها لتكتم صرخة أعجاب وقعت من المعطف بطاقة صغيرة فالتقطها تشاك وأعطاها لتينا ؛ التي اخدتها منه بيد مرتعشة وقرأت الكلمات الخمس المكتوبة عليها :
( تينا . يوم زواج سعيد . جون ))
تنهدت تينا وقالت لمضيفتها بتأثر واضح :
(( انه من جون " أليس رائع الجمال ؟ ))
وضمت المعطف الى صدرها ودفنت وجهها في فروه الناعم . وهي تشعر بأن حبها لجون يكاد يمزق غشاء قلبها الطيب الجائع .
(( لم تكن هناك أي حاجة لذلك " ولكن . أليس ساحرا وجذابا هذا المعطف ؟ ... معطف من الفرو النادر والثمين لي ... لي أنا ))

الامل المفقود 23-08-13 12:03 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
ابتسمت جاي وقالت لها :
(( مبروك . ولكن لا مكنك ان تظلي واقفة هكذا طوال النهار . ان لم أتمكن من إنهاء المهمة أللملقاة على عاتقي . فسوف تتأخرين وترغمين عريسك على الانتظار ... وهو أمر لايحبه كثيرا )) ابتسم تشاك وقال ان انتظار عروس مثل تينا هو أمر يتمناه مئات الرجال . ثم غمزها مشجعا وغادر الغرفة متوجها الى قاعة الجلوس وشعرت بموجة دافئة من الارتياح والثقة بالنفس تداعب قلبها أهداها معطفا من الفرو وتمنى لها السعادة في يوم عرسها . أنها الهدية التقليدية للرجل العاشق . الذي تسمح له ظروفه المادية بذلك . لم يهمها كثيرا انه لم يضف كلمة حب الى البطاقة . انتهت جميع الترتيبات ونزلت جاي وتينا الى القاعة الرئيسية . رمى تشاك مجلته جانبا ووقف وهو يبتسم ويبدي أعجابا حقيقيا بالعروس الحلوة :
(( صديقي رجل محظوظ جدا يا عزيزتي ))
ضحكت جاي وقالت لزوجها مازحة :
(( لو لم أكن اعرف مدى حبك لي وصداقتك لجون لكانت الغيرة أكلتني . أنها فعلا ساحرة في جمالها وأناقتها ))
ثم نظرت الى ساعتها وأضافت :
(( هيا بنا . لقد تأخرنا ))
(( بضع دقائق أيتها الزوجة الحبيبة . أني انتظر ... أوه . هذا جرس الباب ))
وتوجه بسرعة الى المدخل الرئيسي فيما رفعت جاي حاجبيها وتمتمت باستغراب :
(( ماذا يفعل هذا الرجل ألان ))
واكتشفت الجواب بعد لحظات عندما عاد تشاك ومعه باقة من ورود شهر العسل الصفراء الذهبية . واحمر وجهه عندما أعطى الباقة لتينا وهو يقول لها :
(( اتصلت بعدد كبير من محال بيع الأزهار قبل ان أجد هذه الباقة المتواضعة . أحر تمنياتي القلبية أيتها العزيزة ))
تأثرت تينا كثيرا وقبلته على خده وهي تقول :
(( أوه تشاك شكرا ... شكرا جزيلا لكما ... على كل ما قمتما به نحوي ))
وعلى الرغم من قلق جاي وخوفها من التأخير . فقد وصلت مع زوجها وتينا الى مكتب الزواج المدني قبل جون . تركت تينا معطفها في سيارة تشاك ووقفت صامتة وهي تحتضن باقة الورود الصغيرة ولا تسمع سوى نبضات قلبها . ووصل العريس فأحست العروس بأن قلبها يقفز من مكانه . وشعرت بأنها تريد الاندفاع نحوه ومعانقته . امسك بيدها اليسرى وشد عليها مشجعا وهو يقول :
(( مرحبا أيتها العزيزة " انك تبدين أنيقة جدا ))
ضحكت بخجل وقالت :
(( هذه نتيجة الأعمال اليدوية لجاي ))
وفيما كانوا يدخلون المكتب أحست تينا بتوتر شديد في أعصابها لا تراجع بعد ألان "وعندما أجابت المسئول الموجود هناك بكلمة بسيطة واحدة . نعم . وشعرت بخاتم جون يلفف أصبعها ... تأكد لها أنها أصبحت مند تلك اللحظة السيدة تريكارل . ابتسم جون وقبلتها جاي مهنئة ومباركة زواجها ومتمنية لهما حياة طويلة وسعيدة .
توجه الأربعة بسيارة تشاك الى كلاريدجز حيت كان جون قد اتفق مسبقا مع الإدارة على أعداد غداء خاص جدا واثناء شرب القهوة نظر تشاك الى جون وتينا قائلا بمحبة واخلاص :
(( اننا نتمنى لكما اجمل الايام وافضلها واتمنى ايضا ان تكون حياتكما سعيدة كما هي حياتنا نحن . وعندها لن تكون لديكما اي اسباب للتذمر او الشكوى ))
نظر جون وتينا الى بعضهما طويلا . حبست تينا اثناء ذلك انفاسها تحسبا لما سيقوله زوجها . وجه اليها ابتسامة شبيهة بتلك التي فازت بقلبها وحبها على شاطىء تشور لي وقال :
(( سأحاول جاهدا الا اجعل تينا تندم على زواجها مني ))
ارادت ان تجيبه . بانه ليس بامكانه ابدا ان يجعلها تندم على الوقوع بحبه . ولكن جون لم يطلب حبها ... لم يطلب منها سوى وجودها معه وتحمله . وذلك مقابل منحها بيتا خاصا بها ... ورحلة عبر الافق الذي اعتادت على مراقبته بشوق وشغف . بعد ربع ساعة . ودعا جاي وتشاك وتوجها نحو لندن وسألها فجأة :
(( هل كتبت لعمتك تخبرينها بأمر زواجنا ؟))
(( لا . لم اظن انها ستهتم بهذا الامر ))
نظر اليها جون وقال لها بمزيج من الذكاء والحنان :
(( مسكينة تينا الصغيرة " حرمت من طفولة هانئة وطبيعية . وها هي الان تحرم من تاج الزواج الكنسي ))
ردت محتجة :
(( لم ارد هذا التاج ))
((ولا سماع تلك الأنغام التقليدية الحالمة عن قدوم العروس او عن الحب الكامل والزواج السعيد ؟)) (( لا ... لا ))
وأبعدت نظراتها عنه وهي غارقة في تأملات وأفكار متناقضة . هل احي بحقيقة مشاعرها تجاهه؟ هل يسخر منها ويتهكم عليها ؟ هل يسخر من عروسه الصغيرة الخجولة ذات الأفكار السطحية التي يجب عليها الا تاخد بجدية بالغة الدور الذي قرره لها في حياته ؟ وشعرت بالسيارة تتوقف ثم سمعته يقول وهو يشير الى الفندق الذي ينزلان فيه تلك الليلة :
(( هذه هي المرة الأولى التي نختلي فيها ببعظنا منذ عدة ايام . هل تشعرين بشيء من الغرابة . يا تينا ؟ هل تدركين انك أصبحت زوجتي ))
حدقت به صامته لا تعرف ماذا تقول او بماذا تعلق على تساؤل كهذا . زوجته " صحيح ... بكل ما لتلك الخطوة من ايجابيات وسلبيات " اقترب منها وقال ضاحكا فيما كان يبحث عن الدبوس الذي يثبت قبعتها :
(( أوه . لننزع هذا الشيء السخيف ونمتع النظر بالشعر الجميل "))
(( ورمى القبعة الى المقعد الخلفي وتطاير الشعر بحرية وأغراء داعب شعرها برقة وحنان ثم ضمها نحوه وعانقها طويلا . ولما رفع رأسه سألها متمتا :
(( هل أنت خائفة مني أو ان أعصابك متوترة ؟ ))
نظرت اليه بعينين واسعتين لا تعرفان الكثير عن الرجال وشهواتهم . واجابته بتلعثم واضح :
(( ليس ... ليس منك ربما ... الى حد قليل ... من نفسي . لم ... لم أقم في حياتي علاقة مع ... مع أي شاب و ... و... ))
وأخدت نفسا عميقا ثم تابعت كلامها وقد احمرت وجنتاها وأذناها خجلا وانفعالا :
(( لا أعلم ماذا ... ماذا على الفتاة ان تفعل كي ... كي ... ))
(( كي تدخل البهجة الى قلب الرجل ))
سألها بوداعة وحنان محاولا تهدئة أعصابها والتخفيف من حدة توترها . ثم وضع يديه برفق على كتفيها وتابع حديثه بنعومة وهدوء :
(( ما هو شعورك ألان ؟ الحب أمر غريزي يا تينا . فافعلي ما تمليه عليك إرادتك ومشاعرك لا أكثر ولا اقل ))
ترددت . لأنها لا تعرف ماذا تفعل . ولكن تشوقها لا رضائه دفعها لان ترفع يدها بخجل وتلمس دقنه ووجهه وصدغه . وما ان وصلت يدها الى شعره حي قال لها بلهجة جافة بعض الشيء . وقد بدا بوضوح انه أساء فهم تصرفها وهدف مداعبتها :
(( هل تلاحظين الفارق الكبير في العمر؟ هل يقلقك هجوم الشيب على شعري ؟ ))
هزت تينا رأسها وهي تردد بصوت حنون وناعم قول احد الشعراء ان الشيب تاج يكلل هامة الرجل . ابتسم بارتياح صادق وقال :

الامل المفقود 23-08-13 12:11 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
((انك حقا فاتنة يا صغيرتي . ربما كان علي ان أتركك في سباتك كي يأتي فارس أحلام في مقتبل العمر والشباب ليوقظك ويحلق بك الى ... ))الامل المفقود
قاطعته بسرعة مبدية احتجاجا صادقا ونابعا من القلب :
(( أنا لا يعجبني الشبان الصغار . تعجبني طيبتك وكرمك نحوي ))
ثم وضع يده على كتفها وأضاف قائلا بلهجة جادة :
(( أني أريد زوجة يا تينا وليس طفلة ترقص وتتدلل على هاتين الركبتين تأكل قطعة من الحلوى
أو تتلهى بلعبة صغيرة . أرجو ان تفهمي ذلك جيدا ))
(( طبعا يا جون ))
دخلا الفندق الصغير فأرشدها مالكه الذي يديره بنفسه الى غرفتين مجاورتين ثم ابلغهما بان العشاء يقدم في السابعة والنصف وبعد ان غادرهما الرجل سمعت جون يسألها من غرفته :
(( يمكننا ان نقوم بنزهة قصيرة في الجوار قبل العشاء فما رأيك ))
أعجبتها لهجة الدلال في سؤاله فابتسمت وإجابته بهدوء:
(( يسرني ذلك كثيرا ))
(( حسنا . سأحضر غليوني وانضم إليك فورا ))
حركت أصابعها بطريقة لاشعورية فأحست بالخاتم الذهبي يداعب يدها . أنها ألان سيدة متزوجة
" يا لغرابة هذا الشعور الذي انتابها عندما شاهدت رجلا طويل القامة يدخل غرفة نومها وله كامل الحق بذلك .
(( مستعدة ))
وضعت يدها في يده الممدودة نحوها وهزت رأسها علامة الموافقة والترحيب وافتر ثغرها عن ابتسامة بريئة وجميلة . وفي داخل تلك الغابة المحيطة بفندقهما الجميل . رفعها جون ووضعها على جدع شجرة باسقة وراح يتأملها بإعجاب بالغ . ثم قال لها :
(( أنك تبدين ألان كإحدى تلك التلميذات في لوحة كآتي هوبكنز المشهورة . سيقول الجميع أنني اختطفتك من احد الصفوف المتوسطة ))
أنها تدرك تماما ان وجهها وجسمها لا يعكسان أبدا حقيقة سنها . وان بعض الناس قد يقولون أنها ليست اكبر بكثير من ابنته . ابتسمت وسألته بهدوء :
(( وهل يزعجك أو يضايقك ان يقولوا ذلك ؟))
(( ليس الى درجة كبيرة يمكن للثرثرة والأقاويل ان تشكل مصدر غيظ وانقباض للإنسان ولكنها من النادر ان تكون مميتة أو قاتلة ))
جذبت غصنا صغيرا وتظاهرت بأنها تتأمل وريقاته . فمع انه قال ان الإشاعات ليست مهلكة ألا انه كانت ثمة أقاويل عن علاقته المزعومة بابنة عم جوانا في ذلك اليوم المشئوم قبل ثماني سنوات لان الحزن والشك كانا يسودان أفكارها ومشاعرها يجعلانها اقل عناية واهتماما بنفسها ؟
(( هل يقلقك يا تينا ان يصفونا بالكهل والمراهقة ؟ ))
كان يبتسم ولكنها أجابته بجدية :
(( لا يقلقلني سوى رد فعل ليزا . فمن الأهمية بمكان في أي زواج ثان ألا يكون الأطفال ممتعضين أو مستاءين . وأنا لم تسنح لي الفرصة بعد كي أتعرف على ليزا قبل ان أخد منها والدها ولو بصورة جزئية ))
الأطفال يا عزيزي مخلوقات قابلة للتكيف وابنتي بحاجة لام لإنسانة يمكنها ان ترتاح إليها وتكشف لها عن أسرار قد تخجل أو تمتنع عن الإفضاء بها لأبيها . صدقيني يا تينا إنني كنت أفكر بها أيضا عندما اخترت الزواج منك . فكونك طفلة يتيمة يجعلك تشعرين أكثر من غيرك مع أطفال في وضع مماثل . وأنت تعرفين أيضا كيف يشعر أي طفل يحرم من حنان الأمومة وعاطفتها . وليزا طفلة ذكية . وسوف تدرك على الفور الرابط القوي الذي يجمع بينكما ))
(( أذا كانت ليزا مثلك يا جون . فاني متأكدة من إنني سوف ... أقيم معها علاقة طبيعية وطيبة ))
لم تتمكن من استخدام كلمة حب . لم ترد ان تكشف له عن عمق مشاعرها نحوه . وبخاصة بعد ان اخبرها صراحة ان سبب اختياره لها زوجة كان بدافع الاهتمام بحاضر ابنته ومستقبلها " وفي طريق عودتهما قالت له بهدوء :
(( كان علينا ان نصور فندق ... شهر العسل ))
(( يمكنك ان تفعلي ذلك في الصباح . أيتها الصغيرة ))
ثم أضاف بشيء من الجدية :
((لا تاخدي مني موقف الدفاع يا تينا . فانا لا انتظر أغراء امرأة مجربة ومحنكة من فتاة بمثل تربيتك وتهذيبك . ولمعلوماتك . فالبراءة لها فتنتها وسحرها ... وإغراء خاص بها ))
أريد ان أكون زوجة لا تخيب ظنك او أمالك ))
(( الزواج . كما قلت لك سابقا مقامرة بالنسبة للزوجين وربما خاب أملنا نتيجة لهده القفزة التي قمنا بها معا في ظلام المجهول ))
تألمت.. . تأثرت ... هل يفكر بجوانا والسعادة التي تقاسماها ؟ هل يتوقع ألا تكون حياته مع تينا شبيهة بحياته مع جوانا ؟ ودخلا الفندق فيما كان العمل قائما على قدم وساق استعدادا لتقديم العشاء الى النزلاء . ارتدت تينا الملابس التي اقترحتها جاي لعشاء هذه الليلة بالذات وتذكرت ما قالته لها من ان توتر الأعصاب في الليلة الأولى لا يقتصر على النساء فقط . فكثيرا ما يكون الرجال ... حتى المجرب والمحنك بينهم ... متوتري الأعصاب الى درجة مماثلة ولا بأس من تهدئتهم وتلطيف أعصابهم بارتداء ملابس معينة . توجهت الى النافدة وراحت تتأمل الحديقة الجميلة وتتنشق الروائح العطرة التي تنبعث منها سمعت طرقة على الباب الذي يفصل بين غرفتيهما فلم ترد أو تلتفت الى الوراء أرادت ان يقترب منها ويطوقها بذراعيه ويشم الرائحة الطيبة التي عطرت نفسها بها . ولكنه لم يدخل الغرفة بل سألها :
(( الاتنوين النزول معي للعشاء ؟ إني أتضور جوعا ))
وفيما كانا يتبعان نادلا الى طاولتهما سمعت سيدة مسنة تقول لزوجها :
(( ما أجمل هذين النزيلين الجديدين " إنهما بلا شك رجل وابنته يمضيان عطلتهما معا ))
أرادت تينا ان تنشق الأرض وتبتلعها وعندما تجرأت أخيرا ونظرت الى جون لتتأمل رد فعله على تلك الملاحظة شاهدت وجهه متوترا ترتسم عليه ملامح القسوة . تنولا طعامهما بصمت تام وكانت تينا حزينة ومتضايقة بحيث لم تتمتع بالعشاء الشهي . فيما كان جون يأكل بحماسة ودون انفعال . وبعد شرب القهوة . اقترح عليها جون ان تذهب الى النوم ... إذا كانت ترغب بذلك . وهو سيمشي قليلا في الخارج ويدخن غليونه وقفت وهي لا تدري ماذا تفعل . أنها ليلة عرسهما ومع ذلك لم تبدر منه إشارة دفء او حنان .
(( إني متعبة قليلا ... هل سأراك ... في وقت لاحق الليلة ؟ ))
(( أذا كنت نائمة عند عودتي فلن أزعجك ))
نامت بعد عناء وحلمت بان بعض الأصدقاء يقيمون لها حفلة عيدها الحادي والعشرين . وتأهبت لإطفاء الشموع ... وأفاقت من حلمها وهي تنادي زوجها بطريقة لا شعورية . دخل غرفتها وكان على ما يبدو قد عاد من نزهته. وقال لها بحنان واضح :
(( عودي الى النوم يا حبيبتي . كان هذا يوما طويلا ومرهقا بالنسبة لك وغدا سنمضي الساعات الطوال في السفر المتعب والمضني ))
ومع انه استخدم تلك الكلمة الرقيقة ألا أنها أحست بأنه يتحدث الى طفلة ... الى ليزا ؟ ولكنها ليست طفلة ... أنها زوجته "رمت الغطاء عنها بعصبية عندما أدار ظهره وعاد الى غرفته ولحقت به حافية القدمين وهي تقول له بشيء من الحدة :
((جون لا تعاملني كطفلة " عندما كنا في السيارة . كنت ... كنت مختلفا " أني مستعدة لأكون زوجة لك .لا مجرد رفيقة أو صديقة . أريد مساعدتك لكي تنسى ... ))
(( أنسى ماذا ))
(( أنت ... أنت تعرف ))
نظر إليها بقسوة ظاهرة وقال بعصبية :
(( زواجي الأول ؟ هل هذا ما تشرين إليه ))
تراجعت الى الوراء خائفة من تلك النظرات القاسية وبدا انه رجل غريب قادر على القيام باي شيء امسك بكتفيها وقال لها :
(( الحديث عن زواجي الأول لا يأتي بسهولة يا تينا وربما عليك ان تعرفي ألان وليس في وقت لاحق ان هناك أمورا أفضل ان تبقى طي الكتمان إذا ظلت هذه الأمور على ما هي فإنها لا تؤدي كثيرا إما بالنسبة لنسيانها فاني اشك كثيرا في إمكانية ذلك ))
((( أنا ... أنا آسفة يا جون ... يا جون ))
لم تكن الكلمات كافية ولم تتمكن من منحه حبها . لم تقدر ان تقول له انها تريده بالرغم من كل شيء . وارتعش جسمها عندما أبعدها عنه برفق قائلا :
(( عودي الى سريرك يا تينا . انك تبدين مرهقة جدا ))
(( جون ... هل ندمت على هذا الزواج ؟ ))
(( اعتقد أنها فكرة جيدة ان يتعرف كل منا الى الأخر بطريقة أفضل هذا ما تفضلينه أليس كذلك ))
هزت رأسها وهي تعلم ان هذا ما يريده هو ...
(( هيا . لأضعك في السرير ))
حملها بين ذراعيه ووضعها في سريرها برفق وحنان ثم أزاح خصلات من شعرها عن عينيها قائلا :
(( تصبحين على خير يا عزيزتي ))
ظلت تنظر إليه كطفلة صغيرة تتطلع الى والد محب وحنون . احني رأسه وهو يبتسم ثم طبع قبلة خفيفة على جبينها وغادر غرفتها دون ان ينظر وراءه .
وهكذا ... انتهى يوم زفافها "

وبهذا يكون قد انتهى الفصل الثالث –

اتمنى ان تستمتعوا معنا بقراته **

Rehana 23-08-13 06:37 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
تسلمى الايادي .. رواية مميزة
بانتظار التكملة

الامل المفقود 23-08-13 10:49 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
الشكر كله انت اللي تستاهليه يا غالية على تشجيعك ودعمك المستمر للاعضاء :liilas:
وتكرم عيونك ثواني وينزل الفصل الرابع ارجوا ان تستمتعي معه وامانه بعد ما جربت تجربة الكتابة حبيت انقول الله يكون في عونكم والله التعب ولكن على شان خاطرك وخاطر الناس الغالية اللي مثلك كل شيء يهون

مع تحياتي وحبي :8_4_134:

الامل المفقود 23-08-13 10:57 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
4- الفصل الرابع - ســــــــــانت مونيـــــــك ... وبيتهــــــا

نظرت تينا الى النافدة وعبرها الى الفضاء المحيط بالطائرة الضخمة . التي كانت تقلها الى بيتها الجديد وحياتها الجديدة . ولم تعد تسمع حفيف أوراق الصحيفة في يدي جون . فعلمت انه توقف عن القراءة وراح يحدق أمامه يفكر بالجزيرة وبكل ما يحبه فيها . وما يجرح . عضت شفتها بقسوة وتمنت لو ان ليلتهما الأولى كانت مختلفة ... كانت بعض الحواجز ستنهار . وكانت ستضع رأسها على كتفه وتشعر بأنها زوجة حقيقية ...
(( هل أنت متوترة الأعصاب يا تينا ؟ ))
كان يمسك يدها ويشد عليها . وكانت ابتسامته توحي بحزن وأسى . اعترفت له بشيء من الحقيقة قائلة :
(( قليلاً ))
(( سوف تهدأ أعصابك قريباً .إذ اشك في ان تكون ليزا خجولة جدا معك ... ان كان هذا ما يقلقك . فعندما تلاحظ حداثة سنك ؛ ستعتبرك على الأرجح صديقة ورفيقة احضرها والدها المحب من لندن ))
أحست تينا بأن تلك اللهجة المرحة المشجعة تخفي وراءها شيئا من الجدية . وشعرت بأن جون ربما كان يعيد النظر بجدوى زواجهما . وخاصة بعد الملاحظة السخيفة التي سمعاها من تلك السيدة العجوز . والتي أشارت إليهما كرجل وابنته . وأرادت تينا ان تقول له صراحة أنها لا تشعر من قريب أو من بعيد أنها كابنته . ولكن الطائرة ليست المكان المناسب كما ان الوقت ليس ملائما . كل ما كانت تأمل به في تلك اللحظات هو ان تتحسن الأمور بينهما بمجرد استقرارهما في الجزيرة يجب ان تتحسن الأمور " انه يعني لها كثيراً ... أكثر بكثير مما يمكنها وصفه بالكلمات " وحاولت تينا ان تبعد أفكارهما عن الأمور الخاصة والأحاسيس الدفينة . فراحت تمطره بأسئلة عن الجزيرة وبدا أنها نجحت في مهمتها . إذ ظهر الارتياح على وجه جون وهو يخبرها عن البيت والعمال المحليين وحقول الحمضيات الضخمة التي يديرها ابن عم جوانا ؛ رالف كاريش . وأضاف :
(( ورثت البيت والأرض عن عم عازب . عائلة تريكارل مشهورة بحب أبنائها للتر حال والمغامرة . وكان احدهم ضابطا على السفينة التي اكتشفت الجزيرة قبل سنوات عدة . استقر هناك كمزارع وكان أخر أحفاده عمي الذي ورثت عنه جميع ممتلكاته . أنا ... أنل أعمل في الجزيرة وهذا هو احد الأسباب التي جعلتني امضي فيها معظم الوقت . ورالف مدير اعتمد علي أخلاصه وحسن درايته . ولذلك فاني لا اقلق أبدا بالنسبة لسير العمل هناك ))
تذكرت ما قالته لها جاي عن بولا كاريش والإشاعات المغرضة التي تداولتها الألسن الخبيثة عن علاقتها المزعومة بجون . وكأنه شعر بما يدور في رأسها من أفكار . فمضى الى القول :
(( سوف تتعرفين على رالف وشقيقته بولا التي تعيش معه وتهتم بأموره ؛ بيتهما جميل وكبير . ولان بولا فنانه موهوبة . فقد حولته الى تحفة رائعة . سوف يعجبك كثيرا ))
لاحظت تينا من الجملة الأخيرة انه لا يتوقع قيام علاقة طيبة بين الفتاتين . وهذا أمر معقول جدا " فإذا كانت بولا تريد جون لنفسها لن تشعر بسعادة فائقة عندما تلتقي زوجته الجديدة " ثم سألها :
(( كيف كنت تمضين وقت الصيف يا تينا ؟ ))
(( كنا نعيش قرب البحر وكانت بولا عمتي مود مقتنعة بأن لا ضرورة لذهابنا الى أي مكان آخر ))
يبدو انك حرمت من جميع أنواع اللهو والتسلية . ويبدو ان الوقت قد حان لتصحيح الأوضاع من كافة النواحي. فهناك يمكنك ان تمارسي أنواعا عدة من الرياضة كالسباحة و كرة المضرب وغيرهما كما اني سأعلمك ركوب الخيل وقيادة السيارات . لدينا سرعة قصوى محددة بخمسين كيلو متراً في الساعة ؛ وذلك حرصا على السلامة العامة وإفساح المجال أمام الناس للتمتع بالمناظر الخلابة الساحرة ))
(( هل هذا احد الأسباب التي تجعلك تفضل السكن في الجزيرة ؟ ))
(( بكل تأكيد ))
ثم ابتسم وسألها فجأة :
(( الاتضعين احمر الشفاه ))
نظرت إليه بخجل وتردد وسألته بدورها :
وهل تريدني ان أضع احمر شفاه ؟ ))
بدت عليه مسحة من الدهشة وقال لها :
(( يجب ان تفعلي ما يسرك ويريحك في مثل هده الأمور . أم انك تظنين أنني طاغية متغطرس ؟ ))
(( طبعا لا " ولكنك قد تكون احد أولئك الرجال الذين لا يحبون مستحضرات التجميل ))
وأظهرت هده الملاحظة مدى ضعف معرفتها به وبما يحبه . إذ قال لها :
(( يمكنني ان اقبل بها ان كانت بكميات قليلة . واعتقد أنها ليست ضرورية أبدا للشابات بمثل سنك ))
(( أوه . كم . أتمنى ان أكون اكبر سناً ))
(( تخلي عن القلق وخدي الأمور كما تأتي ))
واسند رأسه الى الوراء بعد ان أشعل سيكارة وراح ينفث دخانها بهدوء وراحة . انه يحدر قلبها بطريقة غير مباشرة . وهو على حق يجب عليها ان تأخذ الأمور على طبيعتها وتتخلى عن طيش الشباب واندفاعه اللذين يطالبان بكل شيء في وقت واحد ... وبخاصة الحب " نظرت الى ساعتها فلاحظت انه لايزال أمامهما ثلاث ساعات قبل الوصول الى جامايكا . أغمضت عينيها وراحت تفكر بالجزيرة وليزا و ... وغلبها النعاس فنامت .
أيقظها جون وابلغها بأنهما على وشك الوصول و بان زورقه السريع سينقلهما من جامايكا الى سانت مونيك . ارتجفت يداها فتولى هو شد حزامي الأمان . هبطت الطائرة وطلبت أحدى المضيفات من المسافرين البقاء في مقاعدهم بعض الوقت لحين حصول موظفي الشركة على موافقة دوائر الصحة بإنزالهم . وأمضى جون وتينا ساعة كاملة بعد نزولهما من الطائرة بين عشرات الركاب والموظفين والمسئولين في قاعة الوصول . حتى انتهيا من معاملاتهما واستلام حقائبهما . اوما جون الى اثنين من الحمالين اللذين نقلا حقائبهما الى أحدى سيارات الأجرة انطلقت السيارة بهما الى مرفأ العاصمة حيث كان احد أبناء الجزر الأصليين بانتظارهما قرب الزورق .
(( هذه زوجتي يا جو ))
ابتسم الرجل العملاق بود وخجل ورفع قبعته محييا :
(( أني سعيد بمعرفتك يا سيدتي أمل في تمضي أجمل الأوقات وأحلاها ))
ابتسمت له وهزت رأسها ردا على تحيته وكلامه المهذب المشجع فيما سمعت جون يسأله :
(( وليزا ؟ كيف حالها ؟ ))
(( الآنسة الصغيرة بخير ايها السيد . وهي متشوقة جدا لرويتك . كانت تقفز وتغني طوال اليوم ))
وانطلق الزورق بسرعة يشق سطح الماء ويترك وراءه خندقا طويلا ينعكس عليه ضوء القمر بإشكال هندسية مختلفة ورائعة . وفيما كان الرجلان يتحدثان عن أمور عدة . راحت تينا تتأمل البحر والقمر والنجوم .. وهي في طريقها الى ... بيتها قبل اقل من أسبوعين كانت لا تزال في تشور لي . تعد العدة للتوجه الى لندن بحثا عن وظيفة في احد المكاتب . وكان ذلك أقصى ما ترجوه فتاة مثل تينا مانسون . الفتاة الخجولة التي تخلصت أخيرا من طغيان عمتها المعقدة والحاقدة إما ألان ... فهي على متن زورق سريع يشق طريقه في مياه الكاريبي وتحت سمائه الصافية المزروعة بالنجوم الساطعة وأكثر من ذلك فهي متزوجة من رجل جذاب ... مزعج أحيانا ... غريب يلاحقه شبح زوجة راحلة " هل تخلصت من علاقة مع عمه مسنة لا تعرف الحب تدخل عالما أخر قد يثبت انه اشد إيلاما وتحطيما لقلب المحب المخلص ؟
كان الطاهي في سانت مونيك قد زود جو بكمية لا باس بها من المأكولات وزجاجات العصير والقهوة . فالرحلة من جامايكا تستغرق بضع ساعات شربت تينا القهوة الطازجة الشهية وهي تشعر بارتياح كبير . حبيبها يجلس قربها في ضوء القمر وصوت المياه التي تضرب جانبي الزورق موسيقى حالمة تداعب أذنيها وقلبها . انه ألا لها ... لها وحدها . ولكنه بعد قليل . سيصبح لها ولغيرها ... لأشخاص قد يمتعضون لوجودها ويحاولون نبذها أو على الأقل مضايقتها ليزا . مثلا" فطوال السنوات الثماني الماضية كان والدها لها وحدها وها هي ألان مضطرة للتخلي عن بعض ما تتصوره حقا مكتسبا وأمرا طبيعيا لا جدال فيه ... وهو ان حبه لها وحدها ويجب ألا تشاركها فيه امرأة غريبة " وارتعش جسمها قليلا وهي تراه يحدق في البعيد هل يفكر بجوانا ؟ هل يجب ان يكون الوضع دائما على هذا النحو ... قلبه وأفكاره مع جوانا حتى عندما يضمها هي بين ذراعيه ؟ وسمعته يتمتم :
(( للبحر رائحة رائعة هل تحبينها ؟ ))
(( جدا . هل جميع الليالي في المناطق الاستوائية تكون دائما معتدلة منعشة ؟ ))
معظم أوقات السنة . ألا ان هناك بعض العواصف القوية والأمطار الغزيرة كما أننا نتوقع حدوث إعصار أو إعصارين في منتصف فصل الصيف . أما على العموم فسانت مونيك جنة صغيرة ستعجبك كثير . عرفت ذلك عندما التقيتك للمرة الأولى في تشور لي . هل تذكرين ؟ ))
ابتسمت لنفسها ... وهل ستنسى ذلك ألقاء الذي قلب حياتها رأسا على عقب ؟
هزت رأسها وقالت له بنعومة :
((طبعا أتذكر . فعندما أخبرتني عن سانت مونيك وقعت بحبها ))
وكان كلمة حب لفتت نظره وأثارت اهتمامه فقال لها بهدوء :
(( سألتني الليلة الماضية ان كنت نادما بأي شكل من الأشكال على زواجنا . فهل أنت نادمة على ذلك ؟))
و تردد قليلا ثم أضاف :
(( اعني ... انك شابة في مقتبل العمر وذات مشاعر عاطفية . ويمكنني ان أتفهم بسهولة انك كنت تفضلين علاقة حب وغرام قبل أقدامك على الزواج ))
أحنت رأسها خجلا وقالت له مؤكدة :
(( أني راضية تماما عما حدث . انأ أردت الزواج ... ))
(( من الواضح ان ذلك يعود الى الوحدة . وهده هي الصفة المشتركة التي تميز حياة كل منا . هل ستؤدي الى صفات أخرى اكبر واهم ؟ ربما . ولكن ليس ألان . أرجو ان يتم ذلك في وقت لاحق . عندما نتعرف على بعضنا بشكل أفضل . هل تعتقدين ان ذلك ممكن ؟ ))
تمنت من كل قلبها ان يصبح ذلك حقيقة واقعة ... وبأسرع وقت ممكن .
(( الوضع الذي نمر فيه حاليا دقيق وحساس ولذلك فمن الأفضل ان نعتبر نفسينا شخصين خاطبين تتطور العلاقة بينهما وتقوى بسرعة يجب ألا تخيفك . كنت خائفة الليلة الماضية . أليس كذلك ؟ عندما اقترحت عليك الذهاب الى الفراش نظرت إلي كجندي صغير شجاع يعد نفسه لمغادرة موقعه الأمين الى الخطوط الأمامية ... الى المصير المجهول " يا طفلتي الصغيرة ؛ اعرف تماما كيف كنت تشعرين " ))
أرادت ان تصرخ بنفي صريح واضح ... ان تقول له أنها تحبه ... تريده ... " امسك كتفيها المرتعشتين وأضاف قائلا بلهجة الأمر :
(( يكفينا ما بحثتاه حتى ألان لندع الأمور تاخد وقتها ومجراها وان لم تستقم الأمور بيننا فثمة علاج للمشكلة ))
أي علاج ؟ الطلاق ؟ تصحيح الخطاء الفادح بزواجه منها ؟
وشعرت بالخوف ... بالهلع " انه يعتقد أنها تزوجته للسبب ذاته الذي حمله على الزواج منها. ولذلك فإنها ستحرجه وتربكه أذا كشفت له عن حبها له . انه رجل ذو شهامة يتميز بالاستقامة والكرم وسوف يتأثر جدا أذا علم انه يؤلمها ويؤديها لعدم قدرته على مبادلة حبها بحب مماثل .

الامل المفقود 23-08-13 11:04 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
انه يظن ألان ان بإمكانهما أقامة علاقة عملية مبنية على الاحترام المتبادل والحاجة المشتركة ... انه لن يعترفا بدا بان مشاعر الحب ماتت في قلبه يوم مقتل جوانا " لم تكن بحاجة لان تسمعه يقول ذلك . فهي تقرأ تلك الكلمات على وجهه وفي نظراته الحائرة ...
(( أهلا بك الى سانت مونيك يا تينا . جو اترك جميع الحقائب في الزورق حتى الصباح أعطني فقط هذه الحقيبة الصغيرة فزوجتي تحتاج إليها . شكرا " وألان عد الى بيتك . وإلا فان توباز ستغضب مني ))
ضحك جو ثم أحنى رأسه وقال لهما قبل ان يسرع عائدا الى بيته :
(( على الرحب والسعة . يا سيدتي . تصبحان على خير ))
امسك جون بذراعها وسارا على الرمال الناعمة نحو درج نحت في الصخر يؤدي الى فسحة كبيرة شدت أصابعه على ذراعها وسمعته يقول لها :
(( أننا على وشك الوصول الى بيتنا ويمكنك خلال فترة قصيرة ان تنامي وترتاحي من عناء هذه الرحلة الطويلة ))
وجهت إليه ابتسامة ناعسة وهي تشكر الظروف لأنهما يصلان في مثل هذا الوقت المتأخر كيلا تضطر للقاء ليزا والآخرين وهي مرهقة على هذا النحو . وما ان لاحظت أنهما يقتربان من الباب الخلفي حتى سمعته يضحك ويقول :
(( انه قرار معاكس . أليس كذلك ؟ فبدلا من ان يهرب المحبان السعيدان من بيتهما ليلا كي يتزوجا ها نحن قد تزوجنا واتينا الى بيتنا نتسلل ليلا من الباب الخلفي . هذه نتيجة زواجك من نحات بوهيمي . يا تينا ))
(( اعتقد ان ذلك رومنطيقي للغاية . وأكثر إثارة من وصول عادي وتقليدي في وضح النهار... )) ((حيث يقف الخدم على جانبي المدخل الرئيسي لتحية الزوجين السعيدين ))
هزت برأسها خجلا فقال :
(( يا للطفلة الصغيرة ))
وعلى الرغم من تلك الساعة الماخرة وأمل تينا في ألا تلتقي أحدا قبل الصباح ؛ ألا أنها سرعان ما اكتشفت ان ثمة أشخاصا مصممون على ملاقاتها . فبمجرد دخولهما استقبلهما خادم حياهما بتهذيب واحترام وابلغهما معتذرا عن السيد رالف وشقيقته اللذين ينتظرنهما في قاعة الاستقبال للترحيب بهما .
(( أوه ؛ لا " أني أسف يا عزيزتي ؛ ولكن يبدو ان هناك لجنة استقبال للترحيب بك . وأخشى ألا يكون بإمكاني أنقادك من هذه الورطة المؤقتة وبخاصة ان رالف هو أفضل أصدقائي وأقربهم إلي وبالنسبة لبولا ... فليس هناك داع لمعاداة اقرب جاراتك إليك هيا . فهما لن يبقيا طويلا بعد الترحيب بنا ))
سار أمامها الخادم الكهل الذي يشرف على معظم أعمال المنزل وفتح الباب المؤدي الى قاعة الاستقبال الضخمة ثم تنحى جانبا دخلت تينا القاعة بخطي متعثرة فيما كان جون يتبعها على بعد خطوتين بعد ان طلب من نثانيال ان يذهب الى النوم . احمر وجهها بشدة عندما استقبلتها نظرات اهتمام من رجل هب واقفا والبسمة تعلو وجهه وفي مقعد مواجه كانت تجلس شابة شعرت تينا حتى مع خبرتها القليلة والمتواضعة أنها لا تحتاج الى وجه جميل كي تجذب الرجال وتشدهم إليها . وقفت بولا أيضا للترحيب بالزوجين القادمين فبدت طويلة جدا ... كعارضة أزياء ولاحظت تينا ان نظرات بولا تعكس قدرة خارقة على تحطيم قلوب الرجال " أنها ليست جميلة ... ولكن أنوثتها جذابة وساحرة هل ستنجح في الاحتفاظ بجون أمام هذه ... هذه القطة الشرسة ؟ هل ستتمكن من التصرف كسيدة هذا ... هذا القصر ؟ وخفت حدة التوتر قليلا عندما تصافح الرجلان بحرارة وقال جون لرالف مشيرا الى زوجته :
(( هذه هي تينا ))
ثم التفت إليها قائلا وهو يشير الى صديقه المفضل :
(( تينا . أعرفك برالف الذي ستلتقين به كثيرا في المستقبل ))
صافحها رالف بحرارة وقال بلهجة ودية صادقة :
(( أني سعيد بمعرفتك يا تينا . أهلا بك ))
ردت الابتسامة بالمثل ثم نظرت الى ابنة عم جوانا ... تلك الممثلة القديرة التي اخفت من نبرتها إي دلالة على العداء والازدراء عندما قالت لجون مازحة :
(( أيها الوغد " عندما استملنا برقيتك اعتقدنا الى حد ما انك تمزح ))
وضع جون يده على كتف تينا قائلا لبولا :
(( ها هو الدليل القاطع الذي يثبت العكس ))
ابتسم رالف وقال ضاحكا :
(( لماذا لم يكن لي حظك الطيب عندما اخدت إجازتي ؟ جميع الفتيات اللواتي التقيت بهن كن مهتمات بالحفلات والسهرات ليس إلا ))
علقت شقيقته على تلك الملاحظة بالقول وقد علت ثغرها ابتسامة غريبة :
(( العازب . يا شقيقي الغالي . أكثر خبرة ومهارة من الأرمل في الحفاظ على حريته وعزوبيته )
لاحظت تينا بانزعاج ان بولا تحدق بجون معظم الوقت وهو يرد نظراتها بالمثل وتساءلت بحزن وضيق بالغين عن تلك الدوافع المذهلة التي حملته على معاقبة بولا بزواجه من فتاة بسيطة مثلها هل هدفه الانتقام من بولا . التي كانت مع جوانا على اليخت عندما وقعت وتوفيت ؟
(( اجلسي يا تينا " ))
حاولت ان تستريح في ذلك المقعد الوثير وان تركز اهتمامها على تأمل تلك الغرفة الفسيحة وأثاثها ولكن السكون لم يخيم طويلا اذ سمعت رالف يقول لها ولجون بصدق وإخلاص واضحين :
(( أتمنى لكما أيها العزيزان حياة طويلة ماؤها السعادة والهناء ))
وأضافت شقيقته بصوت هادئ :
(( أني أمل ان تكونا سعيدين " ))
نظرت تينا الى جون ولاحظت انه سمع مثلها جملة بولا وكيفية تشديدها على الكلمة الثانية . لماذا استخدمت تلك الكلمة بالذات ؟ هل لديها إي شعور بأنهما لن يكونا سعيدين في حياتهما ؟
وسمعتها تسأل جون بخبث :
(( أتصور انك زرت ديفون . البس كذلك ؟ ))
(( لا . لم أصل الى الريف الغربي ))
(( تصورت ذلك لان تينا تتحدث بلهجة أبناء الريف . اعتقدت أنها ربما ...))
(( تينا من سكان سوسكس ))
(( أنها أحدى أجمل مناطق البلاد .. هل كنت تعيشين قرب البحر يا تينا ؟ ))
قبل ان تتمكن تينا من الإجابة سمعت بولا تقول بدلال مصطنع :
(( كما في تلك الأغنية المشهورة ... بنت الشاطئ " ))
تجاهلت تينا هذه الملاحظة ونظرت الى رالف بشيء من الإعجاب . قائلة لنفسها أنها لو كانت شقيقته لكانا أفضل بكثير منه وبولا . إذ انه يبدو أنسانا طيبا ومخلصا لا يعرف المراوغة والخبث اللذين يبدو ان أخته تتميز بهما ابتسمت له وأجابت بهدوء :
(( نعم كنت أعيش قرب البحر ))
(( عظيم . يجب ان نتفق من ألان على موعد للسباحة ))
ضحكت بولا وقالت لجون :
(( انتبه لهما يا جون " يبدو ان هذين الشخصين يعملان منذ ألان على تشكيل ناد للإعجاب المتبادل " ))
رد عليها جون بهدوء وشيء من الجدية :
(( اعتقد ان بإمكاني الوثوق برالف ))
ثم التفت فجأة الى الوراء عندما أحس بباب القاعة يفتح بقوة وتدخل منه فتاة صغيرة تفرك عينيها
(( ليزا ))
وهب واقفا وهو يفتح ذراعيه بمحبة وحنان لا استقبال ابنته الحبيبة التي اندفعت نحوه بقوة ولهفة . احتضنها بحرارة ورفعها ثم بدا يلف ويدور بها فيما كانت هي تطوق عنقه وتقبله قائلة :
(( أبي ... أبي حبيبي ))
قبلها مرات عديدة وقال لها :
(( اشتقت إليك كثير يا طفلتي الحبيبة ))
ثم ابتسم وأضاف مازحا :
(( من المفروض ان تكوني نائمة منذ ساعات . أيتها الساحرة الصغيرة ))
ردت عليه ودموع الفرح تنساب على خديها :
(( لم أتمكن من النوم ... كنت متشوقا جدا للعودة إليك ولكن تحدتث تطورات عدة أخرتني بعض الوقت . ماذا كان رأيك بإنبائي ؟ ))
تمتمت ببضع كلمات فنظر جون الى تينا التي وقفت لا استقبال الفتاة الصغيرة كانت تأمل في لقاء ليزا بحضور جون فقط . لم يزعجها وجود رالف ... ولكن بولا كانت تنظر بفضول وترقب وكأنها تأمل في ان يكون رد فعل ليزا عدائيا أحست تينا بالحيرة والدهشة وبدت كالطفلة الصغيرة التي انزلها والدها الى الأرض وهو يقول لزوجته باسما :
(( هده هي طفلتي الحبيبة يا تينا ))
شعرت تينا برغبة جامحة لوضع ذراعيها حول الرجل والفتاة وتقديم كل المحبة والحنان التي تقدر على منحها وشاهدت جون يضغط على كتف ابنته ويقول لها مشجعا :
(( هيا اذهبي وسلمي على تينا ))
اقتربت اللفتاة منها بخطي مترددة بعض الشيء ثم مدت يدها وقالت :
(( كيف حالك يا أنسة ... اعني ... يا تينا ؟ ))
ابتسمت تينا وسالت الفتاة الصغيرة بصوت هادىء وناعم :
(( هل تسمحين لى بتقبيلك يا ليزا ))
ابتسمت ليزا وادارت لها خدها بحياء فقبلتها تينا بحنان . عادت الفتاة الصغيرة الى والدها الذي حملها مرة ثانية وطلب منها ان تتمنى ليلة سعيدة للجميع ثم اخدها الى غرفتها . تذكرت تينا بأسى ان هذا ما حدث معها بالضبط في الليلة السابقة . ابتسم لها رالف وقال مشجعا :
(( يبدو انك ستقيمين علاقة طيبة مع الصغيرة . انها فتاة طيبة للغاية وهي تشبه والدها أكثر من ... ))
وتوقف عن أتمام جملته وظهر الخجل واضحا على وجهه ولكن أخته قالت له :
((انه ما كنت تود قوله يا رالف ... ان ليزا لم ترث الكثير عن جوانا فهي لم تاخد جمال أمها او تلك النزعة القوية لتوجيه حبها كله الى ناحية واحدة ))
نظر رالف الى شقيقته بشيء من الضيق والقلق وقال :
(( ليزا طبيعية أكثر . على اي حال يجب ان نذهب الى البيت بمجرد عودة جون . يكفيهما معاناة وإرهاقا هذا اليوم ويجب الا نؤخرهما طويلا ))
نظرت بولا الى تينا وسألتها بهدوء :
(( أتصور انه لم تسنح لكما فرصة طويلة لتمضية شهر العسل أليس كذلك ؟ بالمناسبة منذ متى تعرفين جون ؟ ))
(( منذ فترة كافية ))
قالتها بثقة اكبر بعد ان التقت ليزا وحققت معها بعض النجاح .
وشكرت تينا الظروف لان الفتاة الصغيرة لن تكون مشكلة إضافية بالنسبة لها . كما ان من الواضح ان رالف كاريش يؤيدها ويساندها . انه مخلص لجون ومن المؤكد انه سيكون صديقا أمينا لها أيضا وكأنه علم ان اسمه يرد في تفكيرها . اذ قال لها فجأة :

الامل المفقود 23-08-13 11:19 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
(( إننا نعيش على بعد خمسة كيلو مترات يا تينا وسوف نتطلع مقدما لزيارتك لنا .سوف اريك حقول الحمضيات التي اشعر بالتأكيد انك ستفرحين بمشاهدة أشجارها ومعمل العصير فيها ))
ظهر الاهتمام الحقيقي على وجهها وقالت له مبتسمة :
(( هذا موعد بيننا )) الامل المفقود
(( أنها أحدى أكثر الحقول إنتاجا في الجزيرة و ... ))
وتدخلت بولا قائلة :
(( وجون يجني منها مبلغا لا باس به على الإطلاق ))
كان واضحا من الطريقة التي تأملتها بها من رأسها حتى أخمص قدميها أنها تغار من هذه الفتاة القادمة من الريف ... او أنها تعتقد على الأقل ان تينا تزوجت جون بسبب ماله . وشعرت تينا بموجه عداء تجاه هذه الانسانه المذهلة . وقالت لنفسها ان من المستحيل إقامة صداقة حقيقية معها وبدا لها إنهما ستكونان عدوتين وإنها قد لا تتمكن طويلا من مواجهة هذا الخصم الخبيث والمحنك وأحست بشيء من الارتياح عندما شاهدت جون يعود مبتسما ثم يقول :
(( و أخيرا ... نامت القردة الصغيرة ))
وأضاف موجها كلامه هذه المرة الى تينا بالذات :
(( يبدو ان اجتماعك بليزا تم بشكل طيب اليس كذلك ؟ يظهر ان الحظ كان مساعدا الى حد ما ))
علقت بولا على ذلك بالقول :
(( ربما ساعد على ذلك صغر سن تينا الواضح ))
ثم اضافت مبتسمة :
(( اثناء غيابك يا جون انضم الى مجتمع جزيرتنا الصغير رجل ففرنسي عازب . هل من الممكن ان ادعوه مرة الى احدى السهرات هنا ؟ ))
(( بكل سرور . ماذا يفعل هذا الرجل في سانت مونيك ؟ هل يمض عطلته ؟ ))
(( انه رجل غني يا عزيزي يفعل ما يسره ويدهب الى حيث يمكن ان يقضي وقتا طيبا . انه شخصية مثيرة اليس كذلك يا رالف ؟ ))
ضحك شقيقها واجابها قائلا :
(( اتصور ان هذا ما تصفه به معظم النساء اللواتي يقعن عادة بشراك صيادي القلوب ))
(( حقا ))
قالتها بولا وهي تتعمد النظر الى جون ثم وقفت وهي تضيف قائلة :
(( الى اللقاء يا جوني ... ويا تينا ))
وفيما كان رالف يتمنى لتينا ليلة سعيدة احست بانها تعرف ما يدور بخلده . انه متضايق جدا من مشاعر اخته تجاه جون وبخاصة بعد زواجه . ابتسمت له تينا بثبات وتفهم فارتاحت اعصابه قليلا وقال لها مودعا :
(( اسعدني جدا التعرف اليك يا تينا ))
ثم صافح صديقه ورب عمله وغادر وشقيقته بيت تريكارل يرافقهما ناثانيال حتى الباب الخارجي وبعد لحظات سمعا صوت محرك قوي وانطلاق سريع ابتسم جون وقال :
(( بولا هي التي تقود السيارة الان ))
ثم اقترب منها ووضع يديه على كتفيها مضيفا :
(( يبدو ان رالف اعجب بك كثيرا انه شاب طيب وظريف اليس كذلك ؟ انكما تشبهان بعضكما كثيرا ))
(( لماذا هل انا طيبة وظريفة ؟ ))
وجهت اليه هذا السؤال وقد علت تغرها ابتسامة خجل وحياء فهي تعرف الان . بعد ان التقت بولا . ان عليها خوض معارك ضارية ومتواصلة للاحتفاظ بزوجها . اذ ربما توجد لديه رغبة دفينه تجاه هذه المخلوقة الجذابة ... التي وقفت تتفرج على ابته عمها وهي تغرق ... والتي كانت تريده وتشتهيه آنذاك . ولم تتوقف أبدا عن تلك الرغبة منذ دلك الحين " ابعد جون خصلة من شعرها الى ما وراء أذنها وسألها :
(( هل تحاولين أغرائي ؟ ))
وراقبها بمرح لأنه كان يعرف مسبقا ان وجنتيها ستحمران خجلا وحياء و ... اللعنة " احمر وجهها على الرغم من محاولتها الجاهدة لمنع ذلك " ضمها الى صدره وهمس باسمها مرتين فيما كان يداعب شعرها ثم قال لها بهدوء وحنان :
(( انك ستنامين وأنت واقفة يا صغيرتي . هيا بنا الى الفراش " ))
صعدا السلم الخشبي العريض نحو غرف النوم فأحست في تلك اللحظة بأنها حقا في بيتها قد تكون هناك بعض المشاكل وقد تواجه بعض المصاعب قبل ان يتحقق الاستقرار الفعلي المنشود ... ولكنها فتاة جريئة ومفعمة بالأمل .
كانت تفصل بين غرفتيهما قاعة صغير ... وكانت غرفتها معدة جاهزة . كل شيء في مكانه ... كل شيء جديد وكان جون ابرق بتعليمات محددة لااعداد غرفة نوم عروسه على هذا النحو الجميل والجذاب " هل كانت هذه غرفة جوانا ؟ أعدت تينا نفسها للنوم كانت متعبة ومرهقة ولكن توتر أعصابها دفعها الى الذهاب الى الشرفة حيث وقفت تتمتع بالنسيم العليل ورائحة الياسمين الزكية وفجأة شاهدت جون يخرج الى شرفة القاعة الصغيرة ويقول لها بدماثة واضحة :
(( هل تشعرين بشوق الى الوطن ))
(( لا . أبدا . كنت أتمتع بنسيم الليل قبل النوم . الطقس جميل ودافئ ))
ابتسم وسألها بهدوء :
(( كيف وجدت ليزا ؟ ))
أنها مثلك يا جون ))
وكادت نظراتها تفضح مشاعرها وأحاسيسها فتطلعت نحو الحديقة الغناء وسألته بتردد :
(( هل قالت لك شيئا عني ؟ ))
أجابها بصوت غلب عليه حبه لا بنته :
(( قالت انك صغيرة وانك تبدين إنسانه طيبة وحساسة الم اقل لك انك لن تجدي صعوبة تذكر في اكتساب ودها ومحبتها ؟ ))
ردت عليه بصوت ضاحك ومرتجف :
(( انه لخبر يفرح النفس ويريحها الى درجة كبيرة تصور التعقيدات الإضافية فيما لو قررت ليزا إنني لا أعجبها أبدا ))
ماذا تقصدين بالتعقيدات الإضافية يا تينا ؟))
كانت نبرته حادة وعندما نظرت إليه وجدته عابسا مقطب الحاجبين خافت وأحست بانفعال مزعج لماذا تفوهت بمثل هذه الكلمات المؤدية في الوقت الذي بدا فيه جون بالتقرب إليها ؟ ترددت قليلا ثم قالت له :
(( لم اعن اي شيء محدد يا جون فالأحاديث أحيانا تتضمن كلمات تافهة لا قيمة لها ))
(( لا لم تكن كلمات لا معنى لها ))
ثم اقترب منها وأضاف قائلا :
(( اذا كانت كل امرأة جميلة ومثيرة تلتقينها هنا ستصبح سببا للشكوك ومثارا للشبهات فإننا سنمر في أوقات عصيبة اسمعي يا تينا اريد ان نكون واضحين منذ البداية ... انا بغي السلام والطمأنينة وراحة البال من زواجي الثاني . لا الغيرة والحسد والمشاكل . ادرسي الموضوع جيدا " تصبحين على خير ))

هزت برأسها وقد عم أفكارها ذهول وضجت برأسها تساؤلات وتخبطت بقلبها مشاعر متناقضة ومتضاربة . ليس كافيا ان يحب الإنسان شخصا أخر ... بل يجب ان يثق به . ولكن ... كيف يمكنها ان تثق به وهي ترى ما تراه من احتمال قيام علاقة بين زوجها وتلك ... القطة الشرسة بولا كاريش "


و مع القطة وعند هده النقطة نكون انهينا الفصل الرابع
ارجوا ان تستمتعوا بالقراءة وأكون عند حسن ظنكم بي



الى ان نلتقي مع الفصل الخامس (( سيدة القصر ))

الامل المفقود 24-08-13 01:27 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
وين التشجيع اللي متعودين عليه من الاخوات الاعضاء حتى تعطوني الدعم اللازم لتكملة الرواية باسرع وقت :55::dancingmonkeyff8::peace::Welcome Pills4::rdd12zp1:

Rehana 24-08-13 07:10 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
الله يعطيك العافية حبيبتي
كملي الرواية

طبعا انتبهي الى المشاهدات .. في زوار يقرؤا خلف الكواليس بدون ردود ^-^

الامل المفقود 25-08-13 12:41 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
- الفصل الخامس – سيــــــــــــــدة القصــــــــــــر .

استيقظت تينا بعد ان انتبهت الى ان باب غرفتها يقرع بهدوء (( نعم " ))
دخلت أمرآة سمراء نحيفة ترتدي زيا أنيقا وتحمل طبقا عليه أبريق من الشاي وفنجان وكمية من السكر . ابتسمت كاشفة عن أسنانها البيضاء اللامعة وقالت :
(( أسعدت صباحا يا سيدتي . أنا توباز وقد طلب مني السيد جون ان احضر لك الشاي الى الغرفة على ان تتفضلي بالانضمام أليه لتناول الفطور معا . انه يسبح ألان ))
جلست تينا في سريرها وسالت توباز التي تضع الطبق أمامها :
(( أنت زوجة جو أليس كذلك ؟))
ردت توباز الابتسامة بالمثل وقالت بمرح يغلب عليه الحياء :
(( نعم يا سيدتي . انه يتصرف أحيانا كطفل كبير ولكنه ما عدا ذلك إنسان لا باس به ... حسبما اعتقد ))
ضحكت تينا وشربت جرعة من الشاي ثم قالت :
(( با اعتقادي انه شخص طيب وقادر للغاية . هل تعملان هنا منذ زمن طويل ؟ ))
وضعت توباز يديها باعتزاز على زيها الأبيض والأزرق الذي يدل على انها الخادمة الخاصة بسيدة البيت وقالت :
(( حصلت على هذه الوظيفة الجديدة قبل يوم فقط من وصولك يا سيدتي اني اعمل كخادمة هنا منذ فترة طويلة وجو يقوم بمعظم الأعمال منذ تولي السيد جون الامور هنا وهو متعلق جدا بهدا المكان وبمالكيه ... ))
وتوقفت توباز عن متابعة حديثها وكانها انتبهت فجاة الى انه يجب عليها كخادمة خاصة بربة البيت ان تكون اكثر جدية واقل ثرثرة وتاملتها تينا بسرور وهي تقوم بعملها باهتمام واخلاص انها فعلا احدى خصال جون ان يفكر بكل شيء " اختار امراة طيبة ومخلصة وغير محنكة كي تكون خادمتها الخاصة لان اي خادمة متمؤسة قد تشكل ازعاجا واحراجا لها فهي غير معتادة على العيش في بيت كبير كهدا يعج بالخدم والعمال وعلى التصرف كسيدات القصور من حيث ادارة شؤون البيت واعطاء الاوامر والتعليمات التقليدية الا ان تعيين خادمة خاصة بها اخجلها وأربكها بعض الشيء على الرغم من ارتياحها البالغ وسرورها الفائق بهدا التطور الجديد
(( لا تزال معظم حاجياتي موجودة في الزورق منذ ليلة امس ؛ وعليه فاني مضطرة لارتداء ثياب السفر مرة اخرى ))
وضعت توباز الثياب على سرير تينا ثم جهزت لها الحمام وغادرت الغرفة بعد ان شكرتها تينا وقالت لها ان بامكانها الذهاب . ذخلت تينا الحمام الجميل الذي ستتشاطره وجون وفيما كانت تقف تحت الماء المنهمر بقوة راحت تردد بصعوبة ما سمعته من توباز انها فتاة عاشقة . وهذا يكفيها في الوقت الحاضر " انها تينا تريكارل وكل ما تراه وتسمعه حقيقة واقعة وليس حلما " وما ان خرجت من الحوض حتى سمعت طرقه خفيفة على باب الحمام وصوت جون الذي يوحي بالنشاط والحيوية :
(( مرحبا ايتها العزيزة " احضرنا لك حقائبك من الزورق ))
(( اوه . عظيم ))
نظرت تينا الى المراة الكبيرة الموجودة فوق الطاولة فشاهدت جسدها العاري المبتل . احمرت وجنتاها حياء ... كيف ستتصرف وكيف سيكون رد فعله هو فيما لو دخل الحمام من الجهة الاخرى وفي هذه اللحظة بالذات ... وهو حق مكتسب له " سارعت الى القول:
(( ابدأ بتناول فطورك يا جون . ان كنت جائعا . ساجفف نفسي وانضم اليك خلال لحظات ))
ضحك وقال لها :
(( كلمة لحظات بالنسبة للسيدات تعني نصف ساعة على الاقل فطورنا موجود على شرفة القاعة الصغيرة وسوف انتظرك . هل نمت جيدا ؟ ))
اعجبها انه مرح وذو مزاج طيب غير معكر . فاجابته بارتياح :
(( الى درجة كبيرة " شكرا ))
(( سأرى ان كانت الصبية الصغيرة مستيقظة فلربما اسعدها تناول الفطور معنا " فما رايك ؟))
(( طبعا . طبعا كنت على وشك اقتراح ذلك بنفسي ))
تساءل ضاحكا وبشيء من التهكم :
(( حقاً ))
ثم خيم صمت ثقيل وعرفت تينا بانه غادر غرفتها وتوجه الى شرفة القاعة . ارتدت تيابها ودخلت الغرفة حيث كانت توباز تفرغ الحقائب وتضع كل شيء في مكان المخصص له . ساعدتها توباز على تسريح شعرها الاشقر الذهبي بعد ان كانت تينا قد استبدلت ثياب السفر بفسان ازرق جميل.
(( هل لديك اطفال يا توباز ))
(( اثنان يا سيدتي وهما في المدرسة ))
ثم ابتسمت وأضافت :
(( انك لا تبدين اكبر منهما كثيرا يا سيدة تريكارل أمضينا كلنا الأيام القليلة الماضية نحاول التكهن بما سيكون عليه سنك ومظهرك " انتظري حتى اخبر اسباسيا " ))
(( أنها صديقة لي تقيم في القرية عملت هنا عندما كانت السيدة جوانا حية ترزق كانت خادمتها الخاصة ))
تسمرت تينا في مكانها ثم تنهدت قليلا وسالت خادمتها بهدوء :
(( هل كانت هذه الغرفة تختلف كثيرا عما هي عليه ألان عندما كانت السيدة تريكارل الاولى تقيم فيها ؟ ))
وجهت إليها توباز نظرة دهشة واستغراب قائلة :
(( هده الغرفة . يا سيدتي ؟ أنها لم تكن أبدا غرفة السيدة جوانا السيدة الراحلة كانت تقيم في الجانب الأخر للبيت كي تكون قريبة من الشاطئ وتسمع صوت امواجه . كانت تحب البحر ... ربما اكثر مما يجب ))
ارتعش جسم تينا لدى سماعها تلك الكلمات وخاصة بسبب ذلك الايحاء المبطن بوجود علاقة بين حب جوانا للبحر وحادث غرقها . وانطلق من فمها سؤال لم تكن ترغب في توجيهه :
(( هل يمكنك وصفها لي ؟ اعني ... هل كانت وديعة وطيبة ؟ ))
((اتصور ان العمل معها صعبا . كان لها شعر حريري احمر ))
وهزت راسها اسفا وتاثرا ثم اضافت :
(( اذكر تماما كيف كانت الطواويس تبكي في تلك الليلة التي سبقت مقتلها اني اقول دائما لجو ان بكاء الطواويس ينذر بالشر ولذلك كان يرافق السيد جون ذلك اليوم كظله القرش التي هاجمت السيد جون . اوه . كنا خائفين جدا على السيد اذ كاد جرحه وصدمته يقضيان عليه ...))
واختفت الكلمات في حلق توباز فيما كانت تينا تتصور المنظر المفجع بحدافيره وكانه يجري امامها . تصورته يكافح لانقاد جوانا ومن ثم يحاول التخلص من تلك السمكة الشرسة القاتلة "ماذا كان يشعر انذاك وهو ينادي جوانا بحرقة والم ؟ هل كان يشعر بالحب والياس ... ام بعقدة الذنب ؟ ووجدت نفسها تخرج من الغرفة وتتوجه الى شرفة القاعة حيث كان جون وابنته انتهيا من تناول فطورهما وكان يخبرها عن رحلته وانطباعاته اثناء وجوده في الخارج وقفت صامته تتاملهما باعجاب كانت ليزا تنظر الى والدها بمحبة واعتزاز وكان جون يحدثها كمن يحدث صبية كبيرة لا طفلة في الثامنة من عمرها وفجاة رفع جون راسه وشاهد تينا وفستانها الصيفي الجميل وقف محييا وامسك بكرسي كي يساعدها على الجلوس ثم قال لها باسما :
(( انك تبدين رائعة . اليس كذلك . يا ليزا ؟))
احست بانه وجه هذه الملاحظة اللطيفة لانه انسان مهذب وليس لانه حقا يعتبرها امراة رائعة شاب سرورها شيء من التوتر الاعصاب فازاحت وجهها عنه وحولت نظراتها الى الطفلة قائلة ببشاشة :

الامل المفقود 25-08-13 01:02 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
(( صباح الخير يا ليزا " ))
(( صباح الخير يا ... تينا ))
واحمر ذلك الوجه الصغير الجميل قبل ان تضيف قائلة :
(( هل من الخطاء ان ادعوك هكذا ... باسمك فقط ؟ لدي صديقة في المدرسة تزوج والدها مرة ثانية في الاونه الأخيرة وهي مضطرة . لمناداة زوجة أبيها ... يا خالتي " ))
جلست تينا وهي تتمتم بكلمات شكر لجون . ثم ابتسمت وقالت للفتاة الصغيرة :
((أني لا اشعر أبدا كأني خالتك يا ليزا. ربما كشقيقة كبرى ... فما رأيك ؟ اعتقد انني يأكل قطعة من هذا اللحم المجفف وما تبقى من الأناناس ))
ابتسم ليزا وبدا الارتياح بوضوح على وجهها الناعم ثم وضعت ذراعيها بمحادة ذراع تينا وقالت مداعبة :
(( كم تبدين بيضاء بالنسبة لي ولأبي "))
ضحكت تينا وقالت لها :
(( أني انوي ان أصبح برونزية اللون مثلكما تماما خلال أسبوع واحد بإذن الله ))
ثم أضافت :
(( انه لسوار جميل حقا يا ليزا . هل شاهدت جميع هداياك ))
(( ألقيت خلسة نظرة سريعة الى السرج. انه رائع الجمال ومهري سوريل سوف يعتز به كثيرا عندما أضعه على ظهره ))
ثم ابتسم وقالت لوالدها :
(( يبدو انك أحضرت هدايا جميلة ومتنوعة يا أبي ولا أرى بدا من القول إني معجبة بالهدية التي أحضرتها لنفسك ))
(( آه منكم يا صغار هذا العصر " ))
قالها ضاحكا ثم التفت نحو تينا وأضاف :
(( هاك يا عزيزتي لقد حصلت ألان على الموافقة التي كانت تقلقك كثيرا ))
وحول نظره الى عيني ابنته الحائرتين وقال لها :
(( نعم يا ليزا كانت تينا بالطبع قلقه من أنها لن تنال إعجابك ))
وضعت ليزا احد أصابعها على خاتم تينا وقالت بارتياح ظاهر :
(( غريب " كنت أظن أنها قد تكون متكبرة ولا تأبه لطفلة امرأة أخرى . انه لأمر يدعو الى ارتياح كبير يا تينا انك رائعة الى هذه الدرجة ))
ابتسمت تينا بمحبة وحنان يشوبهما بعض الاستغراب وسألتها :
(( هل تعتبرينني حقا رائعة ؟ ))
ردت عليها ليزا بلهفة وإخلاص قائلة :
(( بالتأكيد " فأنت لست مراوغة أو مدعية بل صادقة وطيبة كان سيقضى علي لو ان أبي تزوج امرأة لديها تلك الصفات السيئة ))
كانت لهجة الفتاة حادة وتحمل الكثير من المعاني ونظرت تينا الى جون لتعرف ما إذا كان إدراك الهدف من وراء تلك الجملة الصريحة والعنيفة كان جون يحدق بابنته ويوجه إليها نظرات قوية وجادة أفزعت تينا وأدخلت الهلع في قلبها نعم انه يعرف ان ليزا لا تحب بولا كاريش وربما كان هذا احد الأسباب التي حملته على مقاومة رغبات تشده الى تلك الناحية ... وعلى منح ابنته إما ثانية تكون صغيرة السن وغير معقدة " اخرج غليونه وسال زوجته بهدوء وكأنه يحاول تغيير الموضوع :
(( هل تسمحين بان أشعل غليوني فيما أنت تأكلين ؟ ))
هزت تينا رأسها موافقة ثم نظرت الى ليزا وسألتها عن فترة عطلتها المدرسية . ردت الفتاة بوجه مشرق :
(( أسبوعان كاملان . ما أروع هذه المناسبة " سنمضي ثلاثتنا أوقات سعيدة مليئة بالبهجة والمرح والسرور ))
التفت جون نحو تينا وسألها :
(( ماذا تفضلين ان تفعلي هذا الصباح ))
(( أود التعرف على البيت وجواره ))
(( فكرة طيبة يمكن لليزا ان تكون دليلك في الجولة المقترحة لدي بعض الأعمال التي يجب الانتهاء منها . ولكننا سنقوم بجولة حول الجزيرة في فترة ما بعد الظهر و ... ))
قاطعته ليزا بتهذيب ولكن بحماسة ظاهرة :
(( تينا وأنا سنذهب للسباحة ))
(( تأكدا من البقاء قريبا من الشاطئ . ابلغني جو هذا الصباح انه شاهد في الاونه الأخيرة عددا من اسماك القرش خارج السلسة الصخرية كذلك فان تينا ستكون بحاجة للزيوت التي تحمي الجلد من أشعة الشمس الحارقة ضعي الزيت يا تينا بكمية كبيرة تحت عينيك وعلى انفك بشكل خاص )
أحست تينا بانفعال شديد وبخاصة عندما وضع أصبعه على انفها الصغير وشاهدت تلك النظرات الساخرة في عينيه استجمعت قواها وقالت له محتجة :
(( لا تعاملني كطفلة .يا جون ))
(( أني اخشي على جلدك الناعم والرقيق يا عزيزتي . وداعا أيتها الطفلتان الحبيبتان ))
وغادر الشرفة على عجل فيما كانت تينا تحاول ضبط أعصابها وغضبها وليزا تقول ضاحكة :
(( أليس أبي مضحكا ))
(( الى درجة مذهلة ))
عادت الجدية فجأة الى وجه ليزا وسالت تينا :
(( هل تعرفين ما هي الحرباء ))
ابتسمت تينا وإجابتها دون ان تدري السبب الحقيقي للسؤال :
(( أنها أحدى الزواحف التي تغير لونها تمويها . هل تدرسون عنها في صفكم ؟))
(( لا . ولكني قرات عنها في احد الكتب . بولا مثلها أليس كذلك ؟ ))
دهشت تينا لهدا التشبيه وخشيت من ان تكون بولا قالت شيئا للطفلة عن والدها . وسألتها بسرعة :
(( لماذا تقولين ذلك يا ليزا ؟))
هزت الفتاة كتفيها وقالت ببراءة الطفولة :
(( أنها لا تحب ان ترى الناس سعداء أو مسرورين ... أنها تعمل دائما على إلحاق الأذى بهم ... هكذا تفعل مع الخال رالف لأنه إنسان طيب للغاية أني أتمنى من كل قلبي ان يتزوج إذ أنها ستضطر لمغادرة بيته ))
ثم أمسكت بذراع تينا ووضعت خدها عليه ثم قالت بمحبة صادقة :
(( اوه تينا " كم كنت خائفة ان يتزوجها أبي ))
وضحكت بتشف وقد علت وجهها ابتسامة المنتصر واضافت :
(( اني متاكدة من انها تتحرق غضبا وغيظا وحسدا لانه لم يفعل دلك ))
تناول الثلاثة طعام الغداء واحضر جونالسيارة الكبيرة المريحة ليقوموا بجولتهم المرتقبة حول الجزيرة نظرت إليه ليزا التي كانت وتينا تجلسان قربه في المقعد الأمامي وسألته بسرور :
(( هل نبدو جميلتين يا أبي ؟ ))
(( كوردتين رائعتين " إنني رجل محظوظ " ))
وانطلقت السيارة نحو الحقول الخصبة حيث قصب السكر والموز والذرة . وشاهدوا احد الشبان المحليين يتقي حرارة الشمس الحارقة في ظل أحدى الأشجار لاستوائية الضخمة . ابتسم جون وقال لتينا :
(( هل لاحظت كيف نظر هذا الشاب إلينا ؟ انه لا يفهم كيف إنني لم استسلم للعادة المتبعة في هذه الجزيرة والتي تقضي بالاستراحة أثناء الظهر هل تشعرين بالحر يا تينا ))
(( أني أحبة . كنت دائما متعطشة للشمس ودفئها ))
ولما وصلوا الى منطقة قريبة من الشاطئ أوقف جون السيارة وقال لتينا :
(( يذكرني هذا الشاطئ بكور نوول حتى تاريخها الحافل بقصص القراصنة وتحطم السفن متشابه الى درجة كبيرة ))
نزلت ليزا من السيارة لتجمع باقة من الأزهار البرية فيما جلس جون وتينا على حافة الطريق يتأملان الطبيعة الخلابة والشاطئ الساحر ثم وضع جون يده على ذراع زوجته وقال لها بنعومة :
(( انظري الى ليزا ))
تطلعت تينا نحو الفتاة الصغيرة التي كانت تقفز بفرح وسرور وتداعب خديها بباقة الزهر الجميلة .
وتمتم جون قائلا :
((كم لتمنى ان انحت تمثلا لها وهي على هذا النحو ولكنه مشهد يتغير ويتبدل بسرعة فائقة انظري أنها تنتقل ألان الى اكتشافات أخرى ))
سألته تينا بوداعة وهدوء :
(( أليس بإمكانك ان تعتمد على الذاكرة ))
هز كتفيه وضم ركبتيه بذراعيه وقال :
(( الذاكرة معرضة ... لأخطاء كبيرة " تحفظين شيئا وتغيب عنك أشياء بسبب الغموض المحتم . وتأتي القطعة الفنية ناقصة ومبتورة بدل ان تكون كاملة كي ينجح الفن حقيقة يجب أولا ان يرضي القلب والعقل والروح انه نوع من الحب والفنان المبدع ... كالعاشق الولهان ... يجب إلا تساوره الشكوك ... وألا فلن يكون ثمة إشباع أو ارتياح حقيقي لدى الفنان أو الحبيب ))
أحست تينا بان قلبها يكاد يقفز من مكانه عندما تبين لها المعنى المقصود في كلامه وتأكدت بأنه يقول لها ضمنا بان علاقتهما لا يمكن ان تصبح وثيقة إذا بقيت الشكوك قائمة بينهما هذا هو قراره النهائي على ما يبدو وهي مضطرة للقبول به بسبب حيائها
وألمها وضعف خبرتها إلا ان لديها عزة نفسها وكبرياءها ... وقررت ان تحاول التصرف كزوجة فلعل ذلك يساعدها حياتيا ونفسيا فسألته :
(( هل لديك مانع من ان اشتري حاجياتنا بنفسي ؟ اعتقد انك وليزا سوف تتمتعان ببعض الوجبات التي تذكركما بالوطن وسيكون من دواعي سروري ان أعدها لكما كذلك فان توباز سوف تساعدني ))
(( طبعا . طبعا ))
ونظر بهدوء الى وجهها المتوتر بعض الشيء ثم أضاف قائلا :
(( ليس عليك يا تينا ان تطلبي إذني للقيام بأي تغيير او تعديل في بيتك انا لست طاغية متعنتا كتلك العمة المعقدة ))
(( أني اعرف ذلك تماما ولكني غريبة نسبيا على هذا المسرح ... كما ان لبعض الرجال طرقا وأساليب معينة لا يحبون الخروج عنها او تعديلها ))
(( لن يزعجني أبدا ان أتناول بين الحين والأخر فطورا مؤلفا من اللحم المقدد والبيض ومع الشاي عوضا عن القهوة والطاهي الذي يعمل لدينا ليس خبيرا بصنع الحلوى وبخاصة تلك التي تحتاج الى الربي ))
ثم وضع يده على خدها مداعبا وأضاف مبتسما :
(( هل ارتاح بالك ألان يا فتاتي الخجولة ؟))
اومات برأسها علامة الموافقة ولكنها لم تتمكن ألا ان تقول له :
(( على أي حال فانتم الرجال يمكن ان تكونوا أحيانا مخلوقات مزعجة ))
ارتفع حاجباه بسرعة وقال لها ضاحكا :
(( ان كنت أزعجك قليلا فلأنني فقط اكبر سنا وأكثر خبرة ولكني لا أنسى ما أخبرتني به من انك لا تعرفين الكثير عن الرجال بسبب كره عمتك للجنس واشمئزازها منه ))
ثم حدق بها ومضى الى القول بشيء من التهكم :
(( ان لم تتمكني من فهم الإيحاءات والتلميحات المختلفة التي أوجهها لك عن ابتعادي عنك بعض الوقت فيمكنك ان تقفلي باب غرفتك بالمفتاح أني اشك كثيرا في قدرتي على تحطيم ذلك الباب الخشبي القوي ))
احمرت وجنتاها بشدة وقالت له :
(( لا داعي للتفوه بكلمات كهذه تأكد بأنني فهمت تلميحاتك كاملة ))
(( إذن يمكننا تناسي الموضوع برمته ))
قالها بلهجة جدية ونبرة حادة كالفولاذ وشعرت تينا بارتياح عميق عندما شاهدت ليزا تقترب منهما بسرعة وتضع أزهارها في حضن صديقتها الجديدة وتقول :
(( أوه ان الحر شديد للغاية ))
وجه إليها والدها امرأ فوريا قائلا :
(( أذن اهدئي واجلسي في الظل ))
تبرمت ليزا قليلا ونقلت نظراتها بين أبيها وتينا بقلق ثم قالت :
(( لا تقولا لي أنكما بدئتما بالشجار منذ ألان ))
تجنبت تينا نظرات جون وقالت لليزا فيما كانت تتظاهر بتأمل الإزهار البرية الجميلة :
(( بالطبع لا يا حبيبتي ))
ثم ابتسمت وأضافت :
(( هل تريدين ان اعد لك إكليلا من هذه الأزهار الزرقاء الرائعة ))
وفيما استلقى جون على الحشائش الخضراء واضعا يديه تحت رأسه كانت ليزا جالسة القرفصاء تراقب تينا وهي تعد لها الإكليل الذي سيزين رأسها وما ان انتهت تينا من عملها حتى توجه الثلاثة الى مطعم على الشاطئ . البحر حيت شرب كل منهم زجاجتين من العصير المنعش حاولت تينا جاهدة ان تشعر بالارتياح إلا ان أعصابها ظلت متوترة تأملت بإعجاب كبير سلسلة جبال جمايكا التي كانت تبدو قرمزية اللون أثناء المغيب وفي طريق العودة وضعت ليزا رأسها على كتف تينا وأغمضت عينيها وأحست تينا بدفق من الحنان والمحبة تجاه تلك الطفلة الحبيبة فطوقتها بذراعيها ... فيما كان جون يقود سيارته غير مبال بما يجري قربه وبما يمكن لهذه الزوجة الشابة ان تقدمه من حب وعاطفة ولأنها صغيرة السن وحساسة وتخشى التدخل في شؤونه فقد تركته غارقا في تفكير عميق وأغمضت عينيها ...
اكتشفت تينا في اليوم التالي ان ذهابها الى السوق برفقة توباز تطور رائع ومثير للغاية أوصلها سائق جون حتى رصيف الميناء حيت طلبت منه تينا انتظارهما هناك لحين عودتهما كانت توباز تسير قرب تينا وعلى رأسها سلة كبيرة مخصصة لحمل الحاجيات القليلة التي تنوي السيدة ابتياعها .
وتساءلت تينا بصمت عما اذا كان من الحكمة القيام بهذه الجولة في السوق الشعبي الذي يعج بأبناء الجزيرة من صيادي اسماك وعمال ومزارعين . وبعد تحليل دقيق للدلائل الكثيرة التي تشير الى أنها قد تصبح كضيفة في ذلك القصر الكبير ما لم تتصرف بقوة وبسرعة وجدت ان خروجها الى السوق كان ضروريا الى حد كبير وتذكرت كيف شعر الطباخ وكبير الخدم بالامتعاض عندما استجوبتها ذلك الصباح عن بعض الأمور المتعلقة بالمطبخ وبالطعام وكيف أنها لم تتراجع بل أصرت على موفقها ... وانتصرت ... أنها ربة البيت وعلى جميع العاملين فيه إطاعة تعليماتها وأوامرها ... مع أنها على أتم الاستعداد للاستماع الى أرائهم الاخد بالجيد منها وتذكرت كيف سألها الطاهي بشيء من العصبية وهو على أهبة رمي القلنسوة البيضاء وصدار الطهي :
(( هل تدمر السيد جون من المأكولات التي أعدها له ؟ ))
حاولت تينا طمأنته وتهدئة أعصابه قائلة :
(( انك طاه جيد يا جايسون ولكني أريد اطلاعك على كيفية أعداد بعض الوجبات التي نحبها في بلادنا ))
وتذكرت كيف أنها شرحت له عن الإمكانات المتعددة لتقديم بعض أنواع الطعام وعدم الإصرار على تقديمها دائما بالطريقة نفسها نظر إليها جايسون بغضب وقال لها بحدة :
(( الخضار المسلوقة لا باس بها على الإطلاق ))
بالتأكيد ولكن يجب إلا تقدم على هدا الشكل أكثر من مرتين في الأسبوع . اسمع يا جايسون . انا لا أحاول محاربتك ولكني متأكدة من انك تولي مصلحة السيد جون وراحته اهتماما قلبيا بقدر اهتمامي أنا . وعليه فان تنويع وجبات طعامه ليس بالأمر السيئ ))
ولان الرجال في جزر الهند الغربية يعجبون كثيرا بالنساء اللواتي يسهرن على راحة أزواجهن ويعملن على إسعادهم فقد علت وجه جايسون فجأة ضحكة عريضة وسمح لها بفتح الثلاجة وخزانة المأكولات وتفحص محتوياتها وانتبهت تينا الى أنها وتوباز وصلتا الى الساحة التي تقع فيها المحال والمخازن التي تنبعث منها روائح الأسماك واللحوم الطازجة بالإضافة الى الفاكهة والخضار وكل ما تشتهيه المعدة




اعدروني مزال صفحتان من الفصل الخامس
غدا باذن الله سوف تنزل مع الفصل السادس

الامل المفقود 26-08-13 12:05 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
بقية الفصل الخامس :-

في تشور لي كانت عمتها مود تهتم بهذه الأمور . أما اليوم فقد سنحت لها فرصة ذهبية لتقوم بتجربتها الأولى كربة بيت ... مدللة محفظتها مليئة بالأوراق النقدية من الفئات الكبيرة خادمتها الخاصة تحمل لها أغراضها وتعمل أيضا كدليل سياحي والسائق ينتظرها في تلك السيارة الفخمة المريحة . هل كانت جوانا تفعل الشيء ذاته .؟
تشتري حاجيات البيت بنفسها ؟ لا . يبدو أنها لم تكن من هذا النوع من النساء " وأحست بالغريزة أنها تختلف تماما عن تلك السيدة الراحلة التي كانت تحب البحر هادئا أو هائجا تركب الخيل وكأنها ولدت على ظهر حصان تقود السيارات والزوارق السريعة بمهارة مماثلة وتظهر براعة وذوقا رفيعا لا مثيل لهما كمضيفة تقيم أجمل السهرات والحفلات كانت زوجة مفعمة بالحيوية والنشاط ومضيفة كريمة وصديقة تحظي بشعبية كبيرة ... ومع ذلك فقد حدث خطاء ما بين جون وجوانا " وشعرت بالتأكيد ان بولا كانت سبب الخلاف . وحسبما فهمت من رالف كاريش فان الواضح ان الارتياب كان يؤلم جوانا الى درجة كبيرة ويثير أعصابها وانفعالها الى حد مخيف وكان جون يختلي بها مرات عديدة كي ينحت على مثالها تماثيل رائعة من الرخام الم يكن من السهل جدا على امرأة مثيرة ومغرية مثل بولا ان تسمم عقل ابنه عمها ببعض التصرفات المتعمدة ؟
(( عزيزتي ... أنني مسرورة جدا بلقائك هنا ))
لم يكن مجال للخطاء ... فدلك الصوت الناعم وتلك اللهجة المصطنعة ليسا ألا لها "
بولا " مرحبا بك يا آنسة كاريش كما ترين إني أتسوق بعض الحاجيات للبيت ))
ابتسمت بولا بدلع وتظاهرت بالاستغراب ... والإعجاب :
(( يا للسماء كم أنت حية الضمير ... ترهقين نفسك بالأعمال المنزلية وأنت في شهر العسل " أنا أتسوق دائما بواسطة الهاتف . أما انتن أيتها العرائس الجديدات الصغيرات فيبدو أنكن متحمسات دائما لا سعاد أزواجكن وإرضائهم مهما كان الأمر " ))
وشدت على ذراع تينا ثم تابعت قائلة بخبث مماثل :
((لو كنت مكانك يا عزيزتي لما أضعت قوتي وطاقتي في أمور صغيرة كهذه . وكي يحتفظ الإنسان بضارة شبابه في المناطق شبة الاستوائية يجب عليه ان يحتفظ بهدوءه وبرودة أعصابه ويبدو لي ألان انك بحاجة ماسة لشراب بارد ينعشك ويخفف عنك شدة الحر .
أني داهية الى نادي سبيندريفت . فما رأيك بالانضمام إلي ؟ يجب ان نتعرف على بعضنا بطريقة أوثق وأفضل ... ))
وضحكت بلؤم واضح وهي تضيف قائلة :
(( ثم ... إني صديقة مقربة جدا لزوجك " ))
لم يفت تينا معنى هذه الكلمات وقرر ان تقبل التحدي . نظرت الى العينين الخضراوين الساحرتين وقالت لبولا باسمة :
(( إني اقبل دعوتك بسرور . يا آنسة كاريش ))
(( ناديني بولا يا عزيزتي يجب إلا يكون بيننا إي شكليات على الإطلاق أني متأكدة من إننا سنجد صفات عديدة مشتركة بيننا ))
ارتجف جسم تينا فسارعت لإخفاء ذلك بالنظر الى خادمتها التي تأخرت عنها بضع خطوات أدبا واحتراما أدهشها نظرات توباز العدائية نحو بولا ولكنها تجاهلت ذلك وقالت لها بعد ان طلبت منها العودة بالسيارة :
(( اخبري زوجي يا توباز بأنني مع الآنسة كاريش في النادي قولي له إنني سأعود الى البيت بسيارة أجرة ))
(( نعم يا سيدتي ))
وهرولت توباز نحو السيارة وهي تهز ذراعيها وتصفر لحنا راقصا فيما بدا أنها لا تحس بوجود السلة الثقيلة على رأسها.
(( مخلوقات بدائية . أليسوا كذلك ))
غضبت تينا لسماعها تلك الملاحظة الحقيرة وأرادت ان تقول لبولا أنها هي البدائية ...
أنها مشبعة بالكراهية والحقد " الكراهية التي يخلفها حب فاشل ... والتي تأكل قلبها كمرض خبيث " الكراهية التي جعلت منها امرأة خطرة متسلحة ببعض المعلومات السرية الموجهة الى قلب تينا الذي لا يتحمل الكثير من النكسات والصدمات "
وتأملت تينا هذه النمرة الشرسة التي سبقتها بخطوات بطيئة ومتكاسلة كإحدى عارضات الأزياء اللواتي شاهدتهن مع جاي لانينغ عندما كانتا تبتعان جهاز عرسها وبعض الملبوسات الخاصة بالسهرات والحفلات . وأحست بان فترة إقامتها القصيرة في لندن وسنوات الفراغ الطويلة التي أمضتها مع عمتها مود المعقدة في تشور لي ... أصبحت جزءا من التاريخ حياة أخرى عالما أخر " كل ما حدث معها في الماضي حلم وخيال ... إما الواقع فهو ألان بايجابياته وسلبياته ... بأفراحه وأتراحه ...

مع نهاية الفصل الخامس تقبلوا تحياتي وأمنياتي لكم بالمتعة والإثارة

زهرة منسية 26-08-13 11:57 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
مرحبا امولة
مبرووووووك ظهور اول رواياتك المكتوبة على صفحات منتدانا الغالى
و إن شاء الله تكون بداية لروايات تانية كتيررررر
الرواية دى من الروايات الحلوة كتير و هعيد استرجاع احداثها من اناملك
موفقة حبيبتى


و يوسفنى انى اعزيكى فى طالبك
اللهم يسكنه الفردوس اﻷعلى و يصبر والدته

زهرة منسية 26-08-13 12:03 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الامل المفقود (المشاركة 3362946)
وين التشجيع اللي متعودين عليه من الاخوات الاعضاء حتى تعطوني الدعم اللازم لتكملة الرواية باسرع وقت :55::dancingmonkeyff8::peace::Welcome Pills4::rdd12zp1:

دعمى كله ليكى اموله
و متتبعة من دلوقتى معاكى
خليكى متحمسة و بعد ما تنتهى من الكتابة
هتشوفى التفاعل مع الرواية
فى كتير بيحبوا يقروا الرواية كاملة
موفقة حبيبتى

الامل المفقود 26-08-13 09:27 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
مرحبا بك يا زهوره هذا من كرمك وتشجيعكم لي وآسفة لان ألنت بالأمس ضعيف عندي جدا لهدا لم انزل باقي الرواية ولكن اليوم ننزل الجاهز عندي مع وعد مني بأذن الله تكمل خلال يوم او يومين بالكثير
وشكرا لكي على شعورك الطيب
وصيحي حانا فقت طالب عزيز على قلبي كثير وأنا اليوم كنت عند أمه ولكن الله كريم عند خروجي منها جاني اتصال بان الله أطعمنا بنوته وفي هذه الساعة أصبح عمرها ثماني ساعات فقط وان شاء الله العمر كله والعاقبة عندكم في المسرات يا رب :-
ومع تحياتي لكي زهوره و كذلك للعزيزة ريحانة على الدعم وتحياتي مع حبي .
بقية الفصل الخامس :-

في تشور لي كانت عمتها مود تهتم بهذه الأمور . أما اليوم فقد سنحت لها فرصة ذهبية لتقوم بتجربتها الأولى كربة بيت ... مدللة محفظتها مليئة بالأوراق النقدية من الفئات الكبيرة خادمتها الخاصة تحمل لها أغراضها وتعمل أيضا كدليل سياحي والسائق ينتظرها في تلك السيارة الفخمة المريحة . هل كانت جوانا تفعل الشيء ذاته .؟
تشتري حاجيات البيت بنفسها ؟ لا . يبدو أنها لم تكن من هذا النوع من النساء " وأحست بالغريزة أنها تختلف تماما عن تلك السيدة الراحلة التي كانت تحب البحر هادئا أو هائجا تركب الخيل وكأنها ولدت على ظهر حصان تقود السيارات والزوارق السريعة بمهارة مماثلة وتظهر براعة وذوقا رفيعا لا مثيل لهما كمضيفة تقيم أجمل السهرات والحفلات كانت زوجة مفعمة بالحيوية والنشاط ومضيفة كريمة وصديقة تحظي بشعبية كبيرة ... ومع ذلك فقد حدث خطاء ما بين جون وجوانا " وشعرت بالتأكيد ان بولا كانت سبب الخلاف . وحسبما فهمت من رالف كاريش فان الواضح ان الارتياب كان يؤلم جوانا الى درجة كبيرة ويثير أعصابها وانفعالها الى حد مخيف وكان جون يختلي بها مرات عديدة كي ينحت على مثالها تماثيل رائعة من الرخام الم يكن من السهل جدا على امرأة مثيرة ومغرية مثل بولا ان تسمم عقل ابنه عمها ببعض التصرفات المتعمدة ؟
(( عزيزتي ... أنني مسرورة جدا بلقائك هنا ))
لم يكن مجال للخطاء ... فدلك الصوت الناعم وتلك اللهجة المصطنعة ليسا ألا لها "
بولا " مرحبا بك يا آنسة كاريش كما ترين إني أتسوق بعض الحاجيات للبيت ))
ابتسمت بولا بدلع وتظاهرت بالاستغراب ... والإعجاب :
(( يا للسماء كم أنت حية الضمير ... ترهقين نفسك بالأعمال المنزلية وأنت في شهر العسل " أنا أتسوق دائما بواسطة الهاتف . أما انتن أيتها العرائس الجديدات الصغيرات فيبدو أنكن متحمسات دائما لا سعاد أزواجكن وإرضائهم مهما كان الأمر " ))
وشدت على ذراع تينا ثم تابعت قائلة بخبث مماثل :
((لو كنت مكانك يا عزيزتي لما أضعت قوتي وطاقتي في أمور صغيرة كهذه . وكي يحتفظ الإنسان بضارة شبابه في المناطق شبة الاستوائية يجب عليه ان يحتفظ بهدوءه وبرودة أعصابه ويبدو لي ألان انك بحاجة ماسة لشراب بارد ينعشك ويخفف عنك شدة الحر .
أني داهية الى نادي سبيندريفت . فما رأيك بالانضمام إلي ؟ يجب ان نتعرف على بعضنا بطريقة أوثق وأفضل ... ))
وضحكت بلؤم واضح وهي تضيف قائلة :
(( ثم ... إني صديقة مقربة جدا لزوجك " ))
لم يفت تينا معنى هذه الكلمات وقرر ان تقبل التحدي . نظرت الى العينين الخضراوين الساحرتين وقالت لبولا باسمة :
(( إني اقبل دعوتك بسرور . يا آنسة كاريش ))
(( ناديني بولا يا عزيزتي يجب إلا يكون بيننا إي شكليات على الإطلاق أني متأكدة من إننا سنجد صفات عديدة مشتركة بيننا ))
ارتجف جسم تينا فسارعت لإخفاء ذلك بالنظر الى خادمتها التي تأخرت عنها بضع خطوات أدبا واحتراما أدهشها نظرات توباز العدائية نحو بولا ولكنها تجاهلت ذلك وقالت لها بعد ان طلبت منها العودة بالسيارة :
(( اخبري زوجي يا توباز بأنني مع الآنسة كاريش في النادي قولي له إنني سأعود الى البيت بسيارة أجرة ))
(( نعم يا سيدتي ))
وهرولت توباز نحو السيارة وهي تهز ذراعيها وتصفر لحنا راقصا فيما بدا أنها لا تحس بوجود السلة الثقيلة على رأسها.
(( مخلوقات بدائية . أليسوا كذلك ))
غضبت تينا لسماعها تلك الملاحظة الحقيرة وأرادت ان تقول لبولا أنها هي البدائية ...
أنها مشبعة بالكراهية والحقد " الكراهية التي يخلفها حب فاشل ... والتي تأكل قلبها كمرض خبيث " الكراهية التي جعلت منها امرأة خطرة متسلحة ببعض المعلومات السرية الموجهة الى قلب تينا الذي لا يتحمل الكثير من النكسات والصدمات "
وتأملت تينا هذه النمرة الشرسة التي سبقتها بخطوات بطيئة ومتكاسلة كإحدى عارضات الأزياء اللواتي شاهدتهن مع جاي لانينغ عندما كانتا تبتعان جهاز عرسها وبعض الملبوسات الخاصة بالسهرات والحفلات . وأحست بان فترة إقامتها القصيرة في لندن وسنوات الفراغ الطويلة التي أمضتها مع عمتها مود المعقدة في تشور لي ... أصبحت جزءا من التاريخ حياة أخرى عالما أخر " كل ما حدث معها في الماضي حلم وخيال ... إما الواقع فهو ألان بايجابياته وسلبياته ... بأفراحه وأتراحه ...

مع نهاية الفصل الخامس تقبلوا تحياتي وأمنياتي لكم بالمتعة والإثارة

الامل المفقود 26-08-13 09:28 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
6- الفصل السادس – أحلامــــــــــها المنـــــــــهارة .

أخد الأعضاء الآخرون في نادي سبيندريفت يحيون زميلتهم بولا كاريش ويتأملون تينا مليا بفضول واضح . وقدمتها بولا الى مزارع و زوجته لنهما على يبدو ان لم ترد تجاهلهما كلية وعندما دعاهما الزوجان الى مشاركتهما في شرب القهوة تقدمت بولا ببعض الاعدار اللطيفة مما كان يدل صراحة على أنها تنوي الاختلاء بتينا جلستا الى طاولة تطل على الشاطئ وطلبت بولا من النادل إحضار زجاجتين من العصير البارد . وفيما كانتا تنظران الى البحر شاهدتا رجلا عملاقا عريض المنكبين اشكر الشعر يقف بتحد على لوحة خشبية طويلة تحملها الأمواج العالية المتكسرة على الشاطئ بعنف وقوة أشعلت بولا سيكارة وقالت لضيفتها الهادئة :
(( رجل مثير للغاية أليس كذلك ؟ هدا النوع من الرجال لا يهمه في الحياة سوى المرح والنساء ولكن داسييه دو بندريمون يشذ عن هذه القاعدة اعتقد انه من أسرة عريقة جدا ويقال ان ممتلكات عائلته في مارتينيك تدل على ثراء فاحش ))
شربت تينا جرعة من العصير البارد وسالت مضيفتها بهدوء :
(( أليس من غير المألوف الى حد ما ان يكون للفرنسي شعر أشقر الى هذه الدرجة ؟ ))
ابتسمت بولا وإجابتها :
(( انه رجل فريد في مجالات وجوانب عدة فعلى الرغم من هذه الجاذبية الجسدية فهو من أولئك الرجال اللذين يمكنهم التخلي عن عشيقاتهم بالسرعة ذاتها التي يأسرون بها قلوبهن وتجد الغالبية العظمى من النساء في رجل كهذا تحديا أزليا . وتشعر كل منهن ان على هذا الرجل ان يستقر وان يتزوج ... منها هي بالذات ))
ثم غمزتها بشيء من الخبث وأضافت :
(( وبمناسبة الحديث عن الزواج هل استقرت بك الأمور كزوجة ؟ ))
قالت تينا لنفسها ان الوقت حان لبولا على ما يبدو لتبدأ بالتحرش لمعرفة تفاصيل زواج جون الثاني وشبهتها بالنحل الذي يحوم حول الأزهار خارج النادي . ابتسمت تينا وقالت بابتهاج :
(( بطريقة سهلة وجيدة الى درجة كبيرة ليزا وأنا أقمنا صداقة حميمة منذ البداية ))
علقت بولا بخبث واضح :
(( ومع جون . طبعا ؟ ))
كان السؤال فضولا ذا حدين وقررت تينا ان تجيب عليه بهدوء وروية . متظاهرة بعدم التأثر والانفعال :
(( طبعا أننا صديقان . ألا تعتقدين بان على المرأة وزوجها ان يكونا هكذا ؟ ))
(( مع الأزواج الآخرين فقط . يا عزيزتي ))
وتحولت بولا من التراخي والكسل الى التأهب والانتباه دون ان يظهر اي تغيير على وجهها أو في حركاتها ولكن التبدل كان واضحا في نظراتها وطريقة إشعالها السيكارة الثانية وقالت :
(( إقامة صداقة في أوضاع هادئة وعادية أمر لا باس به على الإطلاق . ولكنها تكاد تكون مستحيلة في علاقة عاطفية وغرامية وإذا كانت الفتاة تريد علاقة كهده مع الرجل . فما عليها إلا البقاء مع أمها ))
أدركت تينا ان حظها في خوض هده المعركة غير متكافئة يمكن في الرد على تلك الملاحظات القاسية بصدق وصراحة فقالت :
(( أمي متوفية . ربتني عمتي منذ سنتي الأولى . واوكد لك إني أفضل ان أكون مع جون لا مع غيره ))
(( كنت تعملين دائما لكسب عيشك أليس كذلك ؟ هل كنت تشتغلين في احد المحال التجارية ... ام في وظيفة أخرى مماثلة ؟ ))
احمرت وجنتا تينا انفعالا وغضبا بسبب الطريقة والأسلوب التي تستحقها ... ان تقول لها أنها تحتقر الفتاة التي تعيش عالة على شقيقها حتى ولو كان ذا دخل مرتفع وفي بحبوحة مادية . ولكنها ضبطت أعصابها وقالت :
(( كنت اعمل في احد المكاتب يا آنسة كاريش ... في مجالي الطباعة والاختزال ))
(( ضاربة على الآلة الكاتبة ؟ ))
وتأملت العينان الخضر وان العروس الشابة بدقة وتفحص وكأن صاحبتهما لا تجد فيها ما يثير اهتمام إي رجل أو رغبته . ابتسمت بخبث واضح وهي تقول :
(( يبدو انك اصطدت سمكة كبيرة بطعم صغير . أليس كذلك يا عزيزتي ؟))
سمعت تينا هذا السؤال وأحست بضيق بالغ وعدم قدرة على مجابهة هذه الكلمات الجارحة بمثلها وبخاصة عندما تكون وجها لوجه إمام الشخص الذي يتفوه بها . لو كانت بمفردها لتمكنت من أعداد إجابات قاسية وملائمة ومع ذلك قررت المضي في الدفاع فقالت :
(( أنا ... أنا لم أتزوج جون كي اضمن لنفسي الرفاهية والشهرة والأنفاق بدو ن حساب . إذا كان هذا مل تحاولين الإيحاء به لم يكن يهمني لو انه رجل فقير وفنان فاشل " ))
(( أوه . تينا لاتحاولي إقناعي بأنك لا تحبين طعامك دسما وشهيا أو انك ترفضين تناوله في مطعم فاخر لم يكن جون راغبا كثيرا في القيام بتلك الرحلة الى بريطانيا ... ان رجله اليسرى تؤلمه كثيرا وأتصور انك بالطبع تعرفين ذلك ))
نظرت تينا الى الشاطئ متجاهلة كلام بولا ولكنها تأثرت لأنها لم تعرف بان رجله التي أصيبت قبل ثماني سنوات لا تزال تؤلمه مسكين جون " و سمعت بولا تمضي في حديثها الجارح قائلة :
(( اعتقد ان وجودك كان مصادفة " كان جون بدا يشعر لتوه باقترابه من سن الأربعين وبالمشيب يدب سريعا في رأسه كان بحاجة لتأكيدات يتطلبها الرجال في مثل هذه العمر ... بأنه لا يزال قادرا على الإيقاع بفتيات مراهقات أو في بداية العشرينات من عمرهن بحبه وغرامه ومعظم الرجال يقيمون علاقات كهذه لبعض الوقت ثم يضعون حدا لها قبل التورط بأمور لا يحبونها أو يريدونها وهنا يجب تهنئتك لأنك تمكنت من ربطه بك شرعا وقانونا قبل تمكنه من الإفلات ))
(( شكرا ))
قالتها تينا دون تهكم وسخرية فيما كانت أفكارها آنذاك مع جون الذي لا تعرف ألا القليل عما يسره أو يزعجه وعما يفرحه أو يحزنه .
وظهر جليا ان بولا تعرف عنه أكثر بكثير .رفعت قبعتها البيضاء الأنيقة وهزت رأسها فتطاير الشعر متحررا من سجنه ...
(( إني اقترح عليك بمحبة وإخلاص ان تقصي شعرك وتصففيه وفقا للأساليب الحديثة المتبعة حاليا فالشعر الطويل يبدو هزيلا وباهتا ان لم يسرح بالأسلوب الصحيح ))
تعبت تينا من الملاحظات المزعجة التي تنهمر عليها كالسهام السامة وقررت الرد بقوة :
(( طلب مني جون بشكل خاص الا أقص شعري انه يحبه على هذا الشكل ))
ضحكت بولا باستهزاء وقالت :
(( ولكنه يظهرك كصورة في القصص المخصصة للصغار مثل أليس في ارض العجائب " ثم ... هل تزوجك جون لأنه يريد أختا لابنته ؟))
(( أمل بالتأكيد إلا يكون ذلك هدفه ))
ظهرت الحدة بوضوح في كلمات تينا التي هي عادة هادئة ومحافظة . وتمكنت من تضمين تلك الكلمات الست معنى لم يغب عن بال بولا وفهمها . ولاحظت تينا الصدمة التي أحدثتها تلك المدلولات على بولا . وفجأة تخلت بولا عن هدوئها وتأملها للبحر وطلبت من النادل إحضار فنجانين من القهوة أرادت تينا ان ترفض ... ان تهب واقفة وتهرب مذعورة كفارة تجرأت على الخروج لحظة من جحرها . أمسكت بقبعتها المصنوعة من القش ولكن بولا استوقفتها قائلة :
(( أريد ان اريك شيئا ))
فتحت حقيبة يدها وأخرجت منها صورتين ملونتين وأعطتهما للعروس الشابة اخدت تينا الصورتين بيد مرتجفة تظهر بوضوح مدى توتر أعصابها انه جون ... وزوجته الراحلة وتأملت تينا بذهن شارد وجه جوانا الرائع الجمال... عينيها الخضراوين الكبيرتين ... شعرها الفتان " وأحست تينا بالألم يعصر قلبها لان جوانا كانت فاتنة الى ابعد درجة ... حلم الرجل السعيد الحظ جنته على الأرض "
(( ابنة عمي ... زوجة جون الأولى التي ماتت غرقا ))
(( اعرف . كانت جميلة . اخبرني جون مرة أنها كانت جميلة ولكن هذه الكلمة ليست كافية لا بل أنها باردة " كانت تضج حياة ونشاطا دافئة حنونة " ))
وسألتها بولا بشيء من الحدة :
(( هل تحدث جون كثيرا عنها ))
كانت تينا لا تزال حائرة شاردة الدهن اومات برأسها نفيا فيما كانت تقول لنفسها ان وفاة جوانا لم تكن تعني نهاية سيدة جميلة وحسب بل اتساع الهوة التي تفصل بين جون وسعادته ... والتي كان يحاول جاهدا عبورها وتضيقها مع زوجته لو لم يغيب القدر وجهها " ومن الواضح ان هذا الألم سيظل يلاحقه ويلقي ظلالا من الأسى والعذاب على زواجه الثاني " لماذا أعطتها الصورتين ؟ هل كانت تود ان تريها مدى المنافسة القوية التي تواجهها ؟ أم ان الهدف هو تحذيرها من أنها غير قادرة على أغراء رجل مثل جون بالابتعاد عن امرأة رائعة مثل جوانا ... وبالتأكيد عن اماءة بسيطة وعادية مثلها هي ؟ أعادت إليها الصورتين فيما خيم صمت ثقيل قطعه صوت رجل يقول بتهذيب بالغ :
(( هل تسمح لي السيدتان بالانضمام إليهما ؟ ))
رفعت تينا رأسها بدهشة لتواجه عينين عسليتين ووجها برونزيا باسما لا يمكن نسيانه بسهولة .
(( داسييه ))
لفظت بولا اسم الرجل بإغراء واضح ومدت يدها لمصافحته وفيما كان يمسك بتلك اليد الناعمة ويرفعها لتقبيلها . أضافت قائلة :
(( يمكنك بالتأكيد الانضمام ألينا . ماذا تشرب ؟ ))
ترك يده بتردد مغر وقال مبتسما :
(( طلبت من النادل إحضار فنجان من القهوة المرة ))
(( هل كنت متأكدا الى هذه الدرجة أننا سنقبل بانضمامك ألينا ))
(( أي رجل واثق من نفسه يعرف انه دائما مقبول لدى النساء ))
ثم ابتسم وقال لها فيما كان يشير الى تينا :
ألن تعرفيني الى هذه الصبية اللطيفة ))
أنها عروس جون تريكارل . تينا أقدم لك داسييه دوبندريمون ... العازب الخطر الذي كنت أحدثك عنه ))
(( كيف حالك يا سيد دوبندريمون ))
وجهت تينا هذه السؤال التقليدي وهي تحاول جاهدة عدم الاستسلام لعادتها المزعجة التي تدفع الدماء بقوة الى وجنتيها كلما التقت غريبا أو سمعت كلام الإطراء والثناء ولكن هذا الرجل هو من النوع الذي يقدر على دفع نساء مثل بولا نفسها للاحمرار خجلاً ان هو شاء ذلك قبل يدها كما فعل مع بولا ثم جلس قربها وقال لها بعد ان تأملها مليا :
(( أذن أنت هي العروس التي كان الجميع في سانت مونيك ينتظرون وصولها بفارغ الصبر " أني سعيد جدا بمعرفتك يا سيدة تريكارل ))
(( شكرا ))
قالتها تينا وهي تبتسم بحياء ولكن دون احمرار في الوجنتين الجميلتين . انه رجل ساحر ويمكن له بكل سهولة ان يشكل خطرا حقيقيا على قلوب النساء باستثناء العاشقات الحقيقيات اللواتي سلمن قلوبهن بصدق وإخلاص لغيره ... وهي منهن احضر النادل قهوته فرفع فنجانه وشرب جرعة ثم قال لتينا وهو يبتسم :
(( يعجبني كثيرا قول أندلسي قديم مأثور عن الزواج ... الزيجات كالبطيخ تجدين واحدة جيدة بين كل مئة . أمل من صميم قلبي في ان يكون زواجكما مليئا بالسعادة والخير والهناء ))
قبل ان تتمكن تينا من شكره على هذا التمني الطيب تدخلت بولا قائلة له :
(( اعتقد يا داسييه انك تنظر الى الحب بسخرية " ))
(( الا ننظر جميعا الى الحب بسخرية ما دمنا لم نقع فيه ؟ الحب يا بولا مرض لا يجد مناعة ضده سوى القلائل منا وأنا شخصيا لا أتوقع تمضية بقية حياتي دون الاستسلام لهجومه ))
تضايقت بولا من ملاحظاته فردت بشيء من التهكم :
(( كنت أظن ان الفرنسي ينظر بروح ومنطقيه الى الحب ))
(( ليس الى الحب يا صديقتي بل الى الزواج فعندما نتزوج لا نتوقع من الزواج ان يدوم ويظل سعيدا ما لم نعمل على مساندته وتدعيمه . الزواج ... كالسيارة . ويفضل الرجل عادة اقتناء سيارة خاصة به عوضا عن استخدام سيارة اجرة او سيارة صديقه والسيارة . كما تعرفين بحاجة دائمة للسهر والعناية ))
(( داسييه انك حقا متوحش وقاس كنت اتوقع منك التحدث عن الحب والكراهية . لا ان تقارن النساء ... بالسيارات " هل افهم منك اذن انك تعتبر الزوجة ملكية خاصة ... اله تستغلها ما دامت أجهزتها قادرة على العمل ؟ ))
ضحك بهدوء وأجابها قائلا :
(( أمل يا بولا ان يعتبر كل رجل زوجته ملكية خاصة اذ ان ملكيته وحدها هي التي يعتبرها ذات أهمية وقيمة حقيقيتين ))

الامل المفقود 26-08-13 09:41 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
ثم نظر الى تينا وسألها :
((وانت يا عزيزتي هل تشعرين ان تملك الرجل لزوجته لا يشكل زواجا مثاليا ؟ هل تفضلين ان تقودي السيارة بنفسك ؟ ))
ردت عليه تينا بهدوء بالغ :
(( انا لست من النوع الذي يريد أكثر من ان يكون بجوار السائق هذا يكفيني لأكون سعيدة ولكني اعرف ان هناك عددا كبيرا من النساء يرغبن في مشاطرة مقعد السائق ))
(( التأقلم مع رغبا الرجل صفة حميد في المرأة .. إننا نبحث مجتهدين عن مثل هذا النوع من الأشخاص . ولكن حظنا لم يساعدنا بعد على إيجاد الشخص المناسب وحتى عندما نشعر باقترابنا من تحقيق الهدف يسارع غيرنا ويخطفه من أمام عيوننا ))
لم تتأكد تينا ما ان كان يتحدث عن نفسه شخصيا ولكنها لاحظت ان كلماته حملت معنيين بالنسبة لبولا وأحست بان كراهية بولا لها تقترب منها كالحية السامة ... تمسها ...
(( يجب ان أعود الى البيت ))
قالت تلك الجملة ووقفت قبل ان تعطي المجال لأحد للاعتراض وقف داسييه أدبا فيما قالت بولا بغنج و دلال :
(( لذي موعد للغداء فما رأيك يا عزيزتي ان توصلها أنت " ))
(( سيكون من دواعي سروري البالغ ))
امسك بمرفقها وشدها نحوه برفق وكأنه يريد حمايتها ثم ودع بولا مبتسما قبل ان يتوجها الى الخارج وفيما كان يفتح لها باب سيارته الفخمة نظرت إليه بامتنان وقالت :
(( ارجوا ألا يكون لديك أي موعد أو ... يمكنني ان استقل سيارة أجرة ... ))
(( انك تقلقين كثيرا بسبب الآخرين يا سيدة تريكارل من علمك ان تكوني متوترة الأعصاب طوال الوقت كفارة صغيرة ؟ هل هو زوجك ؟ ))
(( جون ))
احمر وجهها قبل ان تهز رأسها نفيا وتضيف :
(( جون ليس قاسيا معي على الإطلاق ))
(( عظيم ))
وانطلق بسيارته مسرعا ومتجاوزا الحد الأقصى للسرعة بهامش كبير استغربت تينا كيف انها تشعر معه بالارتياح أكثر مما تشعر مع جون ... كأنها تعرفه منذ سنوات عديدة خفف من سرعة سيارته وقال مبتسما :
(( انك فتاة تحب كثيرا أرضاء الناس تحبين ان يبتسموا لك وان يكونوا طيبين معك ولكني احدرك من ان بولا كاريش تحتفظ بوداعتها ودماثتها للرجال الذين تعرفهم ))
(( اعرف ذلك . ولكنها دعتني الى النادي ولم تسمح لي أخلاقي بالرفض ))
(( اعتقد أنها قالت لك شيئا أغاظك قبل انضمامي إليكما مباشرة هل أكون وقحا الى درجة كبيرة لو سألتك عما قالته لك ؟ ))
(( اعتقد انك تعرف ان جون كان متزوجا من ابنه عم بولا وقد غيبها القدر في حادث مؤسف . وكانت بولا تريني صورة لجوانا واعتقد ... اعتقد ان الجمال الساحر لهذه السيدة الراحلة يلاحقني كشبح من الماضي ))
(( وتعتقدين ان هذا الشبح لا يزال يلاحق زوجك ؟ وهل بولا تشجعك على مثل هذا الاعتقاد ))
(( أنها ليست بحاجة لتشجيعي فهذه هي حقيقة واقعة ))
نظر إليها مليا ثم قال لها بجدية متعمدة :
(( أنت أيضا يا صغيرتي . ذات جمال خاص ... ذلك النوع الرائع من الجمال الذي يشع من الداخل ... الجمال الحقيقي . وأنت شابه لا تعرفين المراوغة والتظاهر وهذه أمور لها حلاوتها وجمالها ))
ثم ابتسم وأضاف قائلا :
(( أنت حلوة وطيبة للغاية يا تينا ))
(( وأنت أيضا إنسان طيب ))
قالتها دون خجل او حياء ولكنها احست بشيء من الاسف لانها تسمع كلاما لطيفا كهذا من هذا الرجل الغريب وليس من زوجها ومع ذلك فقد شعرت بان مثل هذا الكلام يشجعها ويدعم ثقتها بنفسها ... وبخاصة ان كان يعني ما يقول هز داسييه راسه عندما ابتسمت له وقد خيمت على نظراتها بعض الشكوك ثم قال لها مؤكدا كلامه السابق :
(( إني أعجب منكن أيتها الشابات البريطانيات لأنكن لا تعرفن مدى سحركن . الا ان ذلك لا يمنع ان تشكل صفة الانزواء والتراجع أغراء قويا بحد ذاتها ولدي اعتقاد شبه راسخ بان واحدة منكن هي التي ستسلب فلبي... جدي سبقني الى ذلك ))
وعندما وصلا الى قصر الماء الأزرق دعته تينا لتناول الغداء فرفض شاكرا لأنه على موعد سابق . وأحست بشيء من الأسف وهو يلوح لها بيده مودعا قبل ان يركب سيارته وينطلق بها عائدا الى البلدة . ولم تنتبه لوجود زوجها في قاعة الاستقبال ألا بعد ان أصبحت في منتصفها حيته بذهول وهي مسمرة بمكانها اقترب منها ووضع يديه على كتفيها فارتعش جسدها من إلام الحب التي هزت عظامها وسرت في عروقها أحس بارتعاشها الذي لم تتمكن من السيطرة عليه فشد على الكتفين الضعيفتين بقوة ثم تركها قائلا بشيء من الحدة :
(( لا تبالغي كثيرا في البقاء خارج البيت فمع ان النسيم العليل يرطب الأجواء ألا ان شمسنا حارقة ))
حاولت تينا ان تجيبه بصوت عادي مع أنها تضايقت جدا من ملاحظته وحرمانه إياها القبلة التي كانت تنتظرها بشغف ومحبة قالت له :
(( التقيت بولا كاريش ... الم تخبرك توباز ؟ التقيتها فيما كنا نغادر المنطقة التجارية ودعتني الى نادي سبيندريفت . عرفتني على داسييه دوبندريمون ... الفرنسي الثري الذي كانت تحدثك عنه ليلة وصولنا . انه إنسان طيب جدا تكرم وأوصلني الى البيت ))
ابتسم جون وقال لها :
(( تينا " أنا لم اطلب منك كشفا بتحركاتك وبما تقومين به . إني مسرور لأنك أمضيت وقتا ممتعا هذا الصباح هذا ما أريده لك ... ان تمضي اوقاتا ممتعه مليئة بالمرح ))
اوقاتا ممتعه " مشت نحو مكتبه ورفعت احد الحصانين البرونزيين الواقفين باعتزاز ثم سالت زوجها الذي علمت بالتأكيد ان الحصانين الجميلين من صنعه :
(( متى ستعلمني ركوب الخيل ؟))
(( بعد ظهر اليوم ان لم تكوني متعبة جدا بسبب جولتك هذا الصباح ))
عظيم " سأذهب ألان لاخد حماما باردا استعدادا للغداء ))
بعد ان أنهت حمامها وارتداء ثيابها وهمت بالنزول دفعها فضول لا يقاوم الى دخول غرفة زوجها شاهدت على الحائط صورا له من أيام الجامعة والبحرية وصورة كبيرة لا بنته على الطاولة الصغيرة المحاذية للسرير ولكنها لم تشاهد صورة لجوانا احمر خداها وتسارعت دقا قلبها ... انه اذن لا ينام ووجه جوانا الجميل يحدق به " هل هدا يعني انه يحاول نسيانها ؟ هل أصبح يحب زوجته الثانية ؟ اغلقت الباب وهي تهز رأسها لو انه يحبها لأظهر حبه بشكل او بأخر "
أمضت تينا الأيام القليلة التالية براحة وهناء وتعلمت أشياء عديدة لم تكن تحلم بها عندما كانت تعيش مع عمتها مود في تشور لي . اكتشفت اللذة والمتعة الفائقين في ركوب الخيل وقيادة المراكب الشراعية الصغيرة وصيد الأسماك وأعطاها جون درسين او ثلاثة لتعليم قيادة السيارات ولكن صبره كان ينفد بسرعة في هذا المجال وشعرت بارتياح كبير عندما اقترح عليها الالتحاق باحد المراكز المختصة قبل ان تقضي على سيارتهما الفخمة بين ليلة وضحاها .
(( لا يمكننا جميعا ان نكون بارعين في جميع المجالات . أنا لم ادع أبدا بأنني أكثر من إنسانة عادية ))
لم يعلق بشيء على جملتها وكان صمته كافيا " انها شابه عادية ولن تتظاهر ابدا بعكس ذلك " غرزت اظافرها في ذراعيها بقوة وحنق وتمنت من صميم قلبها لو انها لم تذهب الى الشاطئ تشور لي في ذلك اليوم الخريفي الذي قلب حياتها راسا على عقب . ولكنها عادت في صباح اليوم التالي تشكر الظروف على ذلك اللقاء المصيري . وكان سبب هذا التحول الجدري قدومه الى غرفتها وهو لا يزال مرتديا ثياب النوم وجلوسه على حافة سريرها لمشاركتها طعام الصباح . ارادت ان تنقض عليه وتطوقه بدراعيها ... وتتحمل كافة العواقب والنتائج المترتبة على ذلك . ولكنها ليست مقامرة بطبيعتها . وهي تفضل التعلق بقوة بما لديها عوضا عن المغامرة في سبيل اشياء افضل . راقبته بدقة فلم تتمكن من اكتشاف ما يدور في خلده كان يعاملها بلطف ووداعة ولكنها لم تكن في الحقيقة اكثر من شقيقة كبرى لا بنته ... كما اوحت بذلك بولا كاريش "
وقالت تينا لنفسها ان وجود ليزا لا يضيرها بشيء بل ان ذلك الوجود يخفف قليلا من حدة التوتر التي يبدو انها تخيم على علاقتها مع زوجها عندما يمضيان امسياتهما على انفراد . وتاثرت كثيرا لان بامكانهما تمضية تلك الساعات الطوال بسعادة وهناء بدلا من ذلك الانفصال الروحي والجسدي الذي تعرف ان من المستحيل وضع نهاية له اي شهر عسل هذا الذي يمضي فيه الزوج امسياته منهمكا باعداد رسوم منحوتته الجديدة في حين تمضيها الزوجة وهي تقرأ القصص والروايات ؟ وبدا لها في تلك اللحظات الحرجة ان الحب كتلك الزهرة الاستوائية الجميلة التي تنمو بسرعة وتموت بسرعة اكبر "
وفي تلك الامسية بالذات وبعد تناول الطعام وشرب القهوة انتقلا الى قاعة الجلوس وجلسا في مكانيهما المعتادين وفيما غرق جون مرة اخرى بين صفحات دفتر الرسم الكبير وبدا انه لا يشعر بوجودها راحت تينا تتامله بدقة وعناية كان ينقل غليونه من جانب الى اخر ثم يضع يده اليسرى على جبينه بينما تضيف اليه اليد اليمنى بعض الخطوط المطلوبه . وشعرت تينا ببعض الارتياح لانها لا تتدخل في شؤونه وتعكر مزاجه ولان وجودها على ما يبدو لا يسبب له ازعاجا يحمله على الانفراد بنفسه في غرفة الرسم والنحت وحاولت إقناع نفسها بانها ... على الاقل ... معه " هل يكفي ذلك ؟ لا " فهي في الحادية والعشرين من عمرها تسري في عروقها دماء حارة ...وحب ... ونشوة "
نفد صبرها ... تبرمت ... تململت " وضعت كتابها جانبا وخرجت الى الشرفة تتامل شجر النخيل يداعبه النسيم في ضوء القمر وفاحت رائحة التبغ وسسمعت جون يتمتم قائلا :
((ليلة رائعة اليس كذلك ؟ يمكنك ان تعدي النجوم ... اهذا ما كنت تفعلين يا تينا ؟ ام انك تتمنين عليها أمورا معينة ))
يقال ان بعض الأمور قد تتحقق ))
(( وما هي الأمور يا ترى ؟ لا . يجب الا أسالك والا فان أمنياتك لن تتحقق ))
ثم اقترب منها وسألها :
(( هل تؤمنين بالخرافات يا تينا ؟ ))
(( ببعضها فقط "))
اضطرت للاعتراف وبخاصة لان نظرها وقع في تلك الاونة على الزهرة الاستوائية التي شبهتها بالحب ثم اضافت قائلة :
(( اعرف ان الرجال لا يهمهم في معظم الاحيان سوى الامور الواقعية والملموسة ولكن تصور مدى المرح الذي تضيعونه انتم الرجال عندما ترفضون القبول او الاعتراف بالاشياء الصغيرة التي نعتقد نحن النساء انها تجلب الحظ ))
(( اني اتمنى من صميم قلبي لن تظلي كما انت الان قادرة على البقاء حرة من اوهام واقع الحياة وهمومها ولكن علينا جميعا في وقت من الاوقات ان ننمو عقليا وننضج فكريا واحدرك من انه ستحدث بيننا مجابهة كان على هذه المجابهة ان تقع قبل زواجنا . ولكنه لم يكن لدينا الوقت الكافي لا جراء احاديث صادقة وصريحة ... ))
وتوقف لحظة وهو ينظر الى عينيها ثم سالها :
((هل انت خائفة ))
خائفة ؟ كان يجب ان يسالها اذا كانت مدعورة" انه يريد منها احد امرين ... اما زواجا خاليا من الحب او فسخ هذا الزواج الخطاء . بينما هي لا تريد منه ... سوى حبه " وضع غليونه في جيب سترته ثم طوقها بذراعيه بحنان وهدوء وسالها بعد بضع لحظات وهو يتامل الحديقة :
(( ستحضر ليزا بعد ظهر غد حفلة ميلاد احدى صديقاتها . اليس كذلك ؟ ))
هزت راسها علامة الايجاب وقالت :
(( انها تنظر اليها بشوق وتلهف من المؤسف جدا ان البيوت هنا بعيدة عن بعضها وليست لديها صديقة في منزل مجاور ))
اجابها بشيء من البرودة والجفاف :
(( الست معها لحين عودتها الى المدرسة ))
ثم اضاف قائلا :
على اي حال اريد ان اخدك بعد ظهر غد الى اورانج كورال كاي كي تتعرفي على صديقة قديمة اسمها دانا كورتني انها تعيش هناك وهي شخصية محببة سوف تعجبك ))
(( اورانج كورال كاي . ما اجمله اسما لجزيرة ))
نظر اليها وسالها بهدوء :
(( هل تحبين سانت مونيك يا تينا ؟ هل ما زالت تبدو لك بمثل الشاعرية التي كنت تتوقعينها عندما حدثتك عنها في ذلك اليوم ؟ ام انك اكتشفت ان معرفتك بها عن كثب طردت من مخيلتك ذلك السحر وتلك الجاذبية ؟ تحدث هذه التحولات احيانا على الرغم من تعلقنا الياس بالامل في عدم حدوثها ))
احست تينا بان قلبها غار في مكانه وتوقف عن الحركة هل يحاول جون ان يطلعها على مشاعره تجاهها ؟ هل يواجه المشكله التي سال عنها قبل لحظات ؟ ربما كان وهو في لندن يامل ان يستعيد معها بعض ما فقده بوفاة جوانا ... ليجد اماله محطمة على صخرة هذه الشابه السطحية التي انفع للزواج منها " ارادت ان تبكي ولكن الدموع ستفضح عواطفها وسوف يضع راسها على كتفه بحنان ورقة ليجفف دموعها ويخفف من احزانها " الا انها لا تريد شفقه ... تريد حبا حقيقيا نابعا من القلب . حافظت على رباطة جاشهاواكدت له بكلمات هادئة انها تعتبر سانت مونيك مكانا رائعا وجذابا .
تصورت نفسها اثناء اجابتها له كانها سائحة ... كانها شخص يتوقع مغادرة الجزيرة عوضا عن البقاء فيها امسك جون بكتفيها بقوة فيما كان ينظر اليها بعينين قاسيتين توحيان بانه يحاول جاهدا السيطرة على نفاد صبره وتململه وقال لها بعصبية :
(( لا تكوني صلبه ومهدبة معي اكثر من الضروري يا تينا انه تصرف يربكني ويزعجني ... تشعرينني بانني الحقت بك الاذي دون ان ادري لماذا تبكين ؟ هل السبب هو شجارنا في السيارة بعد ظهر ذاك اليوم ؟ ))
اطلقت ضحكة خفيفة تدل على العداب والتاثر وقالت :
(( اوه تلك الحادثة لا تخف اعتدت على وصفك لي باني شخص عاجز او غير كفوء "))
ضغط عللا كتفيها بعد ان بدا الغضب الحقيقي على وجهه وقال :
(( انا لا اعتبرك شخصا عاجزا ايتها الغبية الصغيرة " تخلي عن هذه العادة القبيحة التي تدفعك الى التفكير بانك اقل قيمة وجدارة مما انت " نمي في نفسك بعض احترام الذات " ارفعي راسك عاليا "))
(( ولماذا افعل ذلك ؟ هل تظن انني لا اعرف عندما ينظر الي الناس انهم يقارنونني بجوانا ويجدونني بديلا ضعيفا باهتا لها ؟ ليس لدي مثل جمالها في الوجه والقامة . كما انني شبه مبتدئة في جميع الامور التي كانت تبرع بها ...))
وشعرت بالم يعصر قلبها عندما احست في تلك الاونة بالتصاقه بها جسديا وابتعاده عنها قلبا وفكرا فاضافت بقساوة لم تندم عليها :
(( كان الاجدر بك ان تتزوج بولا . انها تناسبك اكثر من في مختلف المجالات ))
حبس انفاسه بقوة ثم ... وكانه احس ان ما من طريقة اخرى لا اخراسها اللهم باسثتناء صفعها ... امسك بوجنتيها على جسمها ضغطا شل قدرتها على الحركة ... والتفكير . شعرت بنبضات قلبه وبان ذراعيه على وشك تحطيم ضلوعها بدا كانه يريد عصرها ... او حتى قتلها ... خافت ...ذعرت ... امسكت بشعره وشدت باقصى قوتها حملها الى الكنبة فيما كانت تحاول يائسة التخلص من قبضته ... ومن شفتيه الجائعتين . انها لا تريده هكدا . لا تريد شهوة غاضبة ومتهورة ... ومع ذلك فقد افتت شعره وانزلت يديها المرتجفتين الى وجهه الدافيء .
وفجاة ... ابتعد عنها بسرعة وكان شيئا اعاده بعنف الى احاسيسه السابقة نظر الىها بعينين حائرتين وزائغتين ثم خرج مسرعا الى الحديقة " وقالت تينا لنفسها بثاتر وانفعال انه سيكرهها الان لانها ارغمته على الكشف عن ... نهم والم مبرح فيما يتعلق ببولا كاريش "
عندما ركبا الزورق بعد ظهر اليوم التالي احس جون بان الامواج تتكسر بقوة اكبر من المعتاد نظر فجاة الى معاونه جو وساله :
(( هل تعتقد ان في الجو عاصفة ؟ ))
تطلع البحار القديم الى السماء بعينين فاحصتين واجاب بهدوء :
((اعتقد ذلك ايها السيد ولكني لا ادري متى ستهب هل تريدني ان اعيدكما ؟ ))
(( لا . سنتابع طريقنا الى جزيرة الانسة كورتني ))
ثم نظر الى تينا وقال لها:
(( لا تقلقي . اذا هبت العاصفة فان ليزا ستنام الليلة في منزل صديقتها ))
(( اليس من الطبيعي ان اقلق عليها ))
(( وربما ايضا بسبب الذهاب معي الى الجزيرة كان على عمتك مود ان تعلمك يا حلوتي بعض حقائق الحياة لا ان تدعك تكتشفينها ... من هذه الرواية او تلك ))
(( ماذا تعني ))
(( هيا . هيا فلو لم تكوني مذعورة الى تلك الدرجة امس لما انفعلت وتصرفت على ذلك النحو المؤسف " حاربتني كقطة صغيرة ثم هربت الى غرفتك واقفلت الباب من الداخل . اذكرا ني نصحتك بالقيام بذلك . ولكنه لم يكن من الضروري ان تقولي ما قلته عن بولا ))
((اني ... اني اسفه على ذلك . جون ... ))
(( نعم ؟ ))
كان ينظر اليها بعينين باردتين وقاسيتين ويقول لنفسه انها تبدو الان اكثر نضجا ... وجذابة الى درجة كبيرة ولكنها تصورت انه ينظر اليها كانها شخص لم يعد يعجبه كانت نظراته قاسية الى حد جعلها تنكمش على نفسها وتقول له بلهجة خلت من الاندفاع والحيوية :
(( اتمنى ... اتمنى ان تكون الامور بيننا مختلفة عما هي عليه الان ))
(( وانا ايضا " من المؤسف انها لا يمكن ان تكون ولكن علينا ان نتظاهر بالانشراح والبهجة ولو مؤقتا ... هذا على الاقل ما ندين به لليزا . وعندما تعود الى مدرستها يوم الاثنين نقرر عندئد كيفية تصرفنا واسلوب عملنا ))
مشى نحو جو تاركا اياها تتعدب بمفردها . وفي وحدتها تلك احست بان عليها ان تنمو ... ان تكبر ... الا تظل بعد الان طفلة صغيرة والغريب في الامر حبها لجون لم يمت ... بل ازداد وكبر "
تحول من حب فتاة بسيطة الى حب امراة راشدة ... قادرة على تحمل الانفصال عنه اذا كانت تلك مشيئته ورغبته " وفيما كانت تتامل البحر والامواج بدت امامها جزيرة صغيرة وشعرت ببعض التوتر عندما عاد جون اليها وابلغها بانهما يقتربان من وجهتهما اقترب الزورق من الجزيرة فظهرت اشجار النخيل كانها لجنة استقبال تتمايل اجساد افرادها رقصا وترحيبا بوصولهما .
قفز جون من الزورق وساعد زوجته على النزول ثم طلب من جو ان يرمي علبة الحلويات الكبيرة الفاخرة التي ظنت تينا انها هدية للانسة كورتني . ولكن جون اعطاها لكبير الاولاد الموجودين على الشاطئ وطلب منه توزيع قطع الحلوى بالتساوي . ثم تبادل بعض الكلمات مع الصيادين الذين كانوا ينقلون السمك من قوراربهم الى صناديق موضوعة على الرمال الدافئة وبعد بضع دقائق سارا نحو منزل الانسة كورتني .
(( جون تريكارل " كيف حالك ؟ ))
نظرت تينا نحو صاحبة الصوت . التي كانت تنزل الدرج للترحيب بهما فرات سيدة مسنه وبدينة تزنر عنقها واصابعها ومعصميها عقود و خواتم واساور متعددة وكان وجهها بشوشا الى درجة كبيرة وتعلوا ثغرها اعرض واجمل ابتسامه تشاهدها تينا منذ فترة طويلة . امسك جون بيد مضيفتهما وهزها بحرارة قائلا :
(( اني بخير يا دانا وانت تبدين رائعة " ))
(( لايمكنني التافف ايها العزيز فمع ان عسر الهضم يزعجني كثيرا بين الحين والاخر الا انني احب الطعام ولا احرم نفسي من اي نوع احبه . وعندما يصبح الانسان في سني فماذا يفعل سوى اعداد الطعام وتذوقه بشهية ؟ ))
ضحك الزوجان فيما كانت دانا كورتني تنظر الى تينا قائلة :
(( هذه هي عروسك يا جوني اليس كذلك ؟ ))
(( نعم هذه هي تينا ))
لم يكن هناك اي تهكم او سخرية في صوته ولهجته لا بل انه وجه ابتسامة خفيفة الى زوجته من الواضح ان دانا كورتني صديقة قديمة يجلها ويقدرها ربما اراد ان يبدوا امامها زوجين عاديين يمضيان شهر العسل بسعادة وهناء امسك بيد عروسه وقال لها :
(( تينا أعرفك على دانا إحدى أطيب المخلوقات في جزر الهند الغربية ))
مدت تينا يدها
لتتلقفها يدان كبيرتان وتشدان عليها بود وحرارة وقالت :
(( كيف حالك يا آنسة كورتني ))
(( نحن نعارض الشكليات هنا في اورانج كورال ناديني باسمي الأول يا عزيزتي فذلك يساعدني على الشعور باني لا زلت شابه انك فعلا حديثة السن الى درجة مدهشة وخجولة ايضا لا ادري من كنت أتوقع ... ربما إحدى سيدات ما يسمى بالمجتمع العصري المخملي " ))
ضحك جون وقال معلقا :
(( كنت أظن انك تعرفينني أكثر من ذلك يا دانا ))
(( صح ولكنك أيها العزيز الغالي في سن معينة وغريبة وإياك ان تظن ان عدم أقدامي على الزواج يعني أنني لا اعرف شيئا عن الرجال ))
ثم نظرت مرة أخرى الى تينا وقالت وهي تهز رأسها :
(( اه . عندما أتذكر الثياب البالية التي كنت مرغمة على ارتدائها في صباي ... كم تبدلت الأيام والأحوال " بإمكان الإنسان ان يجد اي شي يحبه هذه الأيام ))
(( نعم " أصبحنا ألان نعرف القيمة الفعلية للأشياء التي نبتاعها بمالنا ... مع انه يجب الاعتراف بأننا نحصل أحيانا على أشياء مغشوشة لا قيمة لها " ))
وفيما كانا يتبعان دانا الى الشرفة الواسعة تساءلت تينا بصمت والم عما كان بقدرتها ان تحب الى هذه الدرجة رجلا لم يشعر نحوها أبدا بأي محبة او اهتمام حقيقيين وبدا لها بوضوح ان تلك العاطفة البراقة التي إثارتها فيه عندما كانا في لندن قد ذهبت وزالت . وشعرت بان أحلامها الرامية الى تحويل تلك العاطفة الى حب ... انهارت وتحطمت " ...


نهاية الفصل السادس

واعذروني أعزائي على التأخير والله مو بأيدي ألنت زفت وبطيء جدا

زهرة منسية 26-08-13 11:06 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
الله يباركلكم فيه و تكون ذرة صالحة
و تتربى فى عزكم دلالكم

الامل المفقود 27-08-13 12:00 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
شكرا أختي الغالية على الرد الطيب وعلى فكرة هذه أول بنوته ان شاء الله حتقولي خالتي :lol: .

وهذا جزء بسيط من الفصل السابع وحتى لا أطول عليكم أترككم مع هذه الإحداث ومزال جزء من السابع والفصل الأخير الثامن باذن الله :-


7- الفصل السابع – الفرنسي الجذاب :-

جلست تينا على كرسي مواجه للحديقة كيلا تضطر للنظر الى جون كلما رفعت رأسها وتطلعت أمامها كانت تشرب عصيرا باردا وتتأمل المحيط تحدوها رغبة عارمة للقفز في مياهه الباردة والابتعاد عنه لفترة ولو وجيزة الا أنها حافظت على هدوء أعصابها وشاركت في الحديث العادي الجاري بين جون والسيدة اللطيفة .
أحبت دانا كورتني لأنها تملك قدرة تثير الإعجاب على جعل ضيوفها يشعرون بأنهم في بيوتهم ولكن تينا لم تكن في ذلك الوقت بالذات في مزاج يسمح لها بالانشراح او التمتع باللقاءات الاجتماعية ... حتى مع هذه المخلوقة الرائعة . كانت تريد الانفراد بنفسها والغرق في إحزانها التي تلفها من كل جانب كمل تفعل مياه المحيط بهذه الجزيرة الجميلة اما جون الذي خلع سترته ووضعها على حافة الشرفة فقد كان غارقا في أحاديث مختلفة مع دانا وبدا مرتاحا الى ابعد الحدود ... وجذابا الى درجة كبيرة . ولفت انتباهها سؤال دانا لجون :
(( هل اعتادت ليزا على أمها الجديدة ؟ ))
(( بشكل مذهل ))
وتساءلت تينا بألم عما سيكون عليه رد فعل الفتاة عندما تغادر ... أمها الجديدة ... سانت مونيك " وسمعت دانا تضيف قائلة بصراحة فائقة :
(( أتمنى من صميم قلبي ان تكونا عازمين على منح ابنتكما ليزا أخا لو أختا . عشت حياة صعبة بعض الشيء لأنني كنت الطفلة الوحيدة في البيت . ولذلك تعجبني كثيرا العائلات المؤلفة من طفلين او ثلاثة ))
ثم وجهت كلامها الى تينا بشكل خاص قائلة :
(( عندما كنت شابة مثلك لأفضت الزواج من مزارع كندي ثري ... من الرجل الوحيد الذي أحببته لأنني فضلت البقاء بقرب والدي المريض . جوني يعرف ذلك . لم الق أبدا اللوم بكامله على والذي لأنني ضحيت بحبي وبمستقبلي من اجله ولكني كثيرا ما ندمت على وجود شقيقات او أشقاء كان بإمكانهم الاعتناء بابي لو إني تزوجت وانتقلت الى كندا لم تكن صحته آنذاك تسمح له بالسفر وكان يتضايق بشدة من البقاء بمفرده . أوه ما بي اردد قصصا أكل عليها الدهر وشرب . الأفضل ان ندع الوقت يزيلها من عقولنا وقلوبنا المحزن في الأمر ان هذه الذكريات المؤلمة تعاودنا بين الحين والأخر فتنهمر دمعة او اثنتان ... ثم ننساها " ))
وهزت رأسها بقوة وأعادت الى وجهها تلك الابتسامة المرحة وهي تضغط على ركبة تينا قائلة لها بمحبة وإخلاص :
(( يجب ان يعج قصر الماء الأزرق ببعض الصغار الطيبين يا عزيزتي . فالمكان فارغ وينتظر مثل هذا التحول منذ زمن طويل ))
عضت تينا بقوة شفتها السفلي التي كانت لا تزال غضة طرية من نوم الليلة السابقة ... ولم تقدر الا ان تنظر الى وجه جون لتشاهد رد فعله على أقوال دانا . كان وجه كالحجر الذي يعمل فيه نحثا وتجميلا فيما كانت عيناه الزرقاوان تنظران اليها ببرودة وسخرية جعلتاها تشعر بضيق وانقباض ... وكأنها خانته وخيبت أماله لا انه هو الذي خانها ودفعها الى الشعور بخيبة امل مريرة فعندما حملها بين ذراعيه وضمها بمثل تلك الرغبة لم يكن مدفوعا بحاجته اليها ... الى زوجته بل بنهمة الى امراة حبس اسمها داخل تلك العنا قات المحمومة "
اه لو كان بامكانها انذاك ان تشعر بانه يعانقها على ذلك النحو الجامح ... لانها ... هي ... التي يريد ويحب "
لماذا لم يتزوج بولا ؟ هل اشتبه بان لها علاقة بمقتل جوانا ؟ اذا كان ذلك صحيحا فيا له من مسكين " وفجاة ... بدات تشعر بدوار ولم تعد تسمع اصوات الاخرين . فزعت ... وارتكبت الخطاء المعتاد عندما هبت واقفة احست بان الشرفة تموج بها ولكنها قبل ان تهوي الى الارض امسكت بها دراعان قويتان وسمعت صوتا يردد اسمها بخوف والم ... وغابت عن الوعي . افاقت وهي ممددة على سرير ورائحة الاملاح المنشطة تعبق في انفها نظرت بتعاسة الى دانا الجالسة قربها وقالت :
(( مهلا يا طفلتي العزيزة . ارتاحي وتنشقي مرة اخرى انها تساعدك . الا تشعرين الان بانك افضل ؟))
(( نعم ... نعم شكرا ))
لم تغب مرة واحدة عن وعيها من قبل فلماذا هذه المرة شعرت بخوف حقيقي و ... اعطتها دانا جرعة من الماء وقالت لها فيما كانت تنزل الستائر :
((انك لست معتادة على مثل هذا الحر الشديد . يا حبيبتي ))
ثم التفتت نحوها واضافت باسمة :
(( انت شابة متزوجة ويمكنني ان اجد سببا اخر للدوار ... غير الحر . هل من مجال للتكهن بان ليزا لن تظل الطفلة الوحيدة بعد تسعة اشهر ؟ ))
هزت تينا راسها بعصبية بالغة اثارت دهشة دانا التي علقت قائلة :
(( انت تعرفين اكثر مني يا عزيزتي هل ثتير اعصابك مسالة الانجاب ؟ ))
(( ابدا . ابدا ))
اشاحت بوجهها بعيدا عن دانا متظاهرة بوضع الوسادة في مكان افضل وذلك كيلا تفضح نظراتها الرغبة القوية في انجاب الاطفال ومعرفتها المسبقة بان شيئا من هذا القبيل لن يحدث . وسالت دانا :
(( هل حملني جون الى هنا ؟ ))
هزت دانا راسها وجلست قربها مرة ثانية ثم سالتها بصراحة :
(( هل من امر يشغل بالك يا صغيرتي وتريدين التحدث عنه ؟ اعرف ان جون رجل يتكتم الى حد كبير عندما يريد ذلك واذا كانت هناك امور لا يود التحدث عنها فربما تمكنت انا من تزويدك ببعض الاجابات والمعلومات ومن الطبيعي جدا يا تينا ان يعتريك الفضول ازاء زوجته الاولى ))
شدت بيدها على حافة السرير بعصبية وسالت مضيفتها ؟
(( هل كان موتها قضاء وقدرا يا دانا ؟ ))
(( هل تريدينني ان أكون صريحة جدا ؟ ))
(( أرجوك ))
(( اعتقد ان شجارا مع ابنه عمها أدى الى مقتلها ))
(( أوه . دانا ))
أحست تينا بان جسمها يرتعش من رأسها حتى أخمص قدميها .
وتخيلت جوانا وهي تقفز الى البحر لتموت في تلك الحادثة المؤلمة .
بسبب ما قالته لها بولا عن علاقتها مع جون وكان هو على الشاطئ ... ومن المؤكد انه علم بان بولا سببت وفاة جوانا ولو بطريقة غير مباشرة ولكنه فضل حمايتها ولم يكشف هذا السر وسبب ذلك واضح لدرجة ان تينا لم تعد قادرة على تحمل آلامه وعذابه وشعرت بيد دانا تشد على يدها بحرارة وتقول لها ناصحة :
(( دعي الماضي يمضي يا عزيزتي ساعدي جوني على إيجاد سعادة جديدة ))
ارادت تينا ان تقول لها ان إحزانه نتيجة تصرفاته الشخصية ...
نتيجة تعلقه ببولا وسمعت دانا تضيف قائلة بهدوء ووداعة :
(( كنت على معرفة وطيدة بجوانا كانت جدابة الى ابعد الحدود ولكنها كانت تبدو احيانا بحاجة الى اكثر من الجاذبية . كانت متعلقة به الى درجة الجنون ولكن الحب يشكل دائما حالة من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي عندما يكون اعتمادا كليا على شخص اخر لتامين السعادة والهناء واذا فشل زواج جوني الاول . فليس من العدل القاء اللوم بكامله على عاتقه . فالرجل يعطي نصف ذاته لعمله والنصف الأخر لزوجته والزوجة الحكيمة تقبل هذا الواقع الا ان بعض النساء لسن حكيمات الى هده الدرجة ))
(( هل جوانا منهن ))
(( نعم . مع الأسف ))
(( وهل بسبب ذلك أقام ... أقام جون علاقة مع بولا ؟ ))
هزت دانا كتفيها وقلبت شفتيها . وبعد فترة طويلة من الصمت قالت دانا :
(( ان خبرتي في الحياة طويلة يا عزيزتي . وعلمتني هذه الخبرة الا احكم على أخطاء الآخرين . إننا ندفع هذه الأخطاء بطريقة او بأخرى . و اذا كان جوني شعر بشيء تجاه بولا كاريش . فانه دفع ثمن ذلك وأخرجها من حياته . الشهوة كزهرة مثيرة لا تعمر طويلا .اما الحب فتظل أوراقه خضراء دائما صيف وشتاء ... اذا اعتنى به الإنسان دون إفراط او تهويل . اذا كان هذه أسلوبك في العناية بجوني فلا تدعي أحدا او شيئا يقضي على حبكما " ))
(( وماذا افعل ان كان لا يهتم بي الى هذه الدرجة ؟ ))
تأملت دانا صديقتها الجديدة التي كان يبدو عليها الحزن والإرهاق وقالت بهدوء بالغ :
(( ينبت الحب عادة يا عزيزتي نتيجة للحاجة . ومن المؤكد ان جوني بحاجة إليك والا لما كان تزوجك )) وربتت السيدة الضخمة الحنون على وجه تينا وأضافت :
(( ارتاحي الان بعض الوقت لان ذلك سيساعدك كثيرا ))

الامل المفقود 27-08-13 05:38 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
والان مع بقية الفصل السابع :- قراءة ممتعة

وفيما كانت دانا تغادر الغرفة وتقفل الباب بهدوء . راحت الاسئلة تضج في راس تينا وتحرمها من النوم والراحة هل من المحتمل ان تكون دانا على حق فيما يتعلق بحاجة جون اليها ؟ هل لا يزال هناك امل في اقامة علاقة طبيعية بينهما . حتى بعد ان وصلا الى هذه المرحلة الحرجة ؟ انه يحب ابنته كثيرا ولا يريد الحاق الاذى بها وحرمانها من الام الجديدة التي من الواضح انها تحتاج اليها كثيرا سيكون عملا قاسيا لا يقوم به الا ذوو القلوب المتحجرة . ولكنه ليس متحجر القلب ...
الحب " من المؤكد انه اكثر المشاعر والاحاسيس الانسانية ايلاما وغموضا ... انه امر غير حسي ويتعدر تفسيره او تحديده ومع ذلك فان بامكانه ان يطعن القلوب كالخناجر ... كما يفعل معها الان كان جون يعرف سبب رغبة جوانا في الموت حاول جاهدا الحؤول دون ذلك ... ولكن عندما وقعت الحادثة ضمن الحماية لبولا وكلن بذلك يحمي اسم زوجته ويحفظ كرامتها وسمعتها اذا كانت جوانا قفزت عمدا الى البحر وصخوره الناتئة فان ذلك يعتبر انتحارا ومن الافضل بكثير القول بانها قضت بحادثة بدلا من الاعتراف بالحقيقة المرة وذلك اكراما لليزا وحفاظا على مشاعرها .
ستيقظت بعد ساعتين تقريبا على صوت الرعد فيما كان البرق ينير الغرفة المظلمة بومضات قوية وشبه متلاحقة والمطر الاسنوائي ينهمر بغزارة وقور . انها العاصفة التي توقع جون حدوثها ... وهدا يعني انهما سيظلان في اورانج كورال لحين هدوء العاصفة ...
وجلست تينا بعصبية بالغة عندما قالت لنفسها انه ربما عاد الى سانت مونيك قبل هبوب العاصفة وتركها بعناية دانا ... ربما حتى يوم الاثنين عندما يعود اليها ومعه حقائبها وتذكرة سفر " قفزت من السرير متوترة الاعصاب وهرعت نحو الباب ففتحته وهمت بالخروج لتسال دانا عن ...
(( كنت قادما للاطمئنان عليك ؟ ))
واقترب منها جون الدي كان يحمل مصباحا على الغاز بسبب انقطاع التيار الكهربائي واضاف قائلا بلهجة قلقة :
(( لا يزال الارهاق باديا على وجهك " ))
(( لا اني بخير يبدو ان الحر كان شديدا بعض الشيء بالنسبة لي اني اشعر بتحسن ملحوظ الان بعد ان برد الهواء قليلا نتيجة لسقوط الامطار ))
وضع يده على كتفها التي كانت تؤلمها قليلا نتيجة لضغطه عليها في الليلة السابقة فاجفلت قبل ان تتمكن من السطرة على نفسها حدق بها ثم ازاح فستانها قليلا ليشاهد الرضوض التي احدثتها اصابعه الغاضبة وسالها بانفعال :
(( هل انا فعلت ذلك بك ؟ ))
(( اني ... اني اصاب بالرضوض ... بسهولة ))
ثم وضعت يدها على كتفيها لاخفاء تلك العلامات المزعجة وسالته :
(( متى هبت العاصفة ؟ ))
(( منذ ساعة تقريبا ... اسمعي يا تينا اني لم اقصد ابدا ... ))
(( اعرف . انا اغضبتك امس بتصرفاتي السخيفة ... انت زوجي ولك كل الحق ... ))
(( الحق رباه كم نسيء استخدام هدا الحق ارعبتك امس بشكل مزر . وضميري يعدبني بسبب ذلك طوال الوقت قلت لك كلمات قاسية وحقيرة ولا مبرر لها على الاطلاق ))
وداعب شعرها لحظة ثم اضاف قائلا :
(( اذا كنت تريدين مغادرتي يوم الاثنين . فلا باس بذلك فالزواج بدون حب يرغم الانسان على القيام باعمال يجدها منفرة وكريهة "))
احست تينا بان قلبها يكاد يتوقف عن الخفقان وتمسكت بعنف بعدرها المنطقي الوحيد لطلب البقاء في سانت مونيك . اذ قالت بدهشة :
(( ستشعر ليزا بحزن عميق فيما لو تركت الجزيرة ))
ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة وبدت عيناه متعبتين وساخرتين عندما سالها :
(( تريدين البقاء من اجل ليزا ؟ يبدو انك حقا تهتمين بها اليس كذلك ؟ ))
(( الى درجة كبيرة " انا لم اتمكن من التمتع بطفولتي . ولذلك اصبحت ليزا عنصرا بالغ الاهمية لتعوضني عما فقدته او لم احصل عليه اعتقد اننا ... نحتاج الى بعضنا ))
حبست انفاسها وهي تنتظر منه ان يقول لها انه هو ايضا بحاجة اليها ولكنه على العكس من ذلك حدق بها وقال لها بلهجة جافة :
(( لا حاجة لان تنظري الي بمثل هاتين العينين الكبيرتين القلقتين اذا بقيت في سانت مونيك فانني لن اتوقع منك بذل اي تضحيات ))
توقف لحظة ارادت خلالها تينا التعليق على كلامه ولكنه سمرها في مكانها عندما اضاف قائلا :
(( هناك تعويضات متاحة في سانت مونيك وانا لن يعوزني اللهو والتسلية هيا لننزل الى قاعة الاستقبال قبل ان تجر دانا نفسها الى هنا وتكتشف ما يعيق نزولنا . سوف نتناول طعام العشاء في بيت دانا سيكون من الجنون ان نجازف بالعودة في مثل هذا الجو العاصف .))
سبقته على الدرج الضيق حزينة ومنقبضة النفس . كيف لا وكانت اشارته الى التعويضات المتاحة واضحة وليست بحاجة الى تفسير او تاويل انه يهددها بالمراة اللعوب ... بولا كاريش "
استقبلتهما دانا بوجه بشوش قائلة لهما بمرح ظاهر انها تحب العةاصف لان احداها ارغمت صديقيها على البقاء ومشاركتها عشائها الذي تتناوله عادة بمفردها وبعد ان شربوا الشاي دعت دانا ضيفتها الشابة الى ان تاخد حماما ينعشها ويعيد اليها بهجتها وفيما كانت تينا تسرح شعرها المبتل دخلت دانا بوجه مشرق وسالتها :
(( هل ارتديت احد فاستين الساري من قبل يا طفلتي العزيزة ))
تاملت تينا باعجاب تلك القطعة الطويلة من الحرير الخالص معلقة على ذراع دانا وقالت :
(( لا . ابدا اعتقد انه جميل للغاية ))
(( اسمعي . لا يمكنني اعارتك احدى عباءاتي لانها ستبدو عليك كخيمة كبيرة لذلك فاني ساعلمك كيف ترتدين الساري اذ ان قوامك مناسب تماما لمثل هذا النوع ))
ثم غمزت باتجاه الغرفة المجاورة حيث كان جون يعد نفسه للنزول الى العشاء وقالت بصوت هامس :
(( ستكون مفاجاة لطيفة جدا بالنسبة لزوجك ))
مشت تينا نحو السيدة الطيبة وسالتها فيما كانت تتحسس القماش :
(( رائع هل هو حرير خالص ؟ هل هو اصلي ؟ ))
(( نعم يا حبيبتي عندما كنت صبية عشت مع والذي في الهند حيت كان يحتل منصبا حكوميا واخترت العيش هنا بعد وفاة ابي . لانني طالما احببت الطقس الحار . هيا الان لنجرب الساري الذي يزيد الفتيات الهنديات جمالا وجاذبية ))
اقتربت تينا بعد لحظات من المراة وتاملت نفسها باعجاب واضح وسمعت دانا تتمتم بسرور مماثل :
(( رائع . رائع كيف تجدين نفسك ايتها العصفورة الجميلة ؟ ))
ضحكت تينا بفرح وقالت :
(( كالطاووس " ))
وضعت دانا يدها برفق على كتف تينا قائلة لها بحنان دون ان تشير من قريب او بعيد الى الرضوض :
(( انك الان بحاجة الى عقد يناسب الساري وانا لدي العقد الملائم . انتظري لحظة كي احضره لك من غرفتي ))
هل نزل جون الى قاعة الاستقبال ؟ ماذا سيقول عندما يراها ؟ هل سيجد الامر مضحكا ومسليا ؟ هل ... ؟ عادت دانا الى الغرفة ومعها العقد الجميل فوضعته تينا حول عنقها ونزلتا الى القاعة لتجدا جون بانتظارهما .رفع حاجبيه بدهشة وهو يقف ويقول :
(( اوه انها حقا مفاجاة " ))
ابتسمت الزوجة الشابة بخجل وقالت له :
(( أنها فكرة دانا هل يعجبك الساري ؟ ))
دار حولها وهو يتأملها بدقة وعناية ثم قال لها بنبرة صادقة :
(( انه بالتأكيد يبرز معالم خفية من شخصيتك يا صغيرتي انك رائعة ))
لم تصدق أذنيها لأنه بدا كأنه حقا يعني ما يقول ولكنها قررت المضي بحذر بالغ مخافة الانزلاق . رفعت يديها عاليا ثم انحنت وهما لا تزالان ممدودتين . وقالت له مازحة :
(( الهدف الوحيد لحياتي هو إسعاد سيدي ))
ابتسم وقال لها :
(( تحدثني نفسي في هذه اللحظة ان اصدق كلامك . يا تينا ))
بعد العشاء الشهي الذي تناولوه على ضوء الشموع تطلعت دانا الى جون وقالت له :
(( اعتقد انه لا يزال لدي عدد قليل من ذلك النوع الفاخر من السيكار الذي يستخدمه والدي ))
وأحضرت علبة من خشب الأرز وفتحتها إمامه بمرح :
(( هيا يا جوني أشعل واحدا وغلفنا بدخانه ))
توقفت العاصفة ولم يعد يشعر الساهرون ألا بالرطوبة التي خلفتها وراءها قامت دانا الى الحاكي القديم ووضعت اسطوانتها المفضلة الفراشة المسكينة . المسكينة الجميلة التي أحبت رجلا وهب قلبه لا امرأة أخرى "
(( هذه أنغام تعيش الى الأبد وهذا اللحن بالذات كان مشهورا جدا عندما كنت صبية عندما تنظران إلي ألان بعد ان أصبحت ضخمة ومستديرة كالبرميل لن تصدقا إنني كنت أحدى أفضل الراقصات في حفلات بومباي هل تحبين الرقص يا تينا ؟))
ابتسمت تينا وإجابتها بخجل واضح :
(( لم ارقص في حياتي أبدا ألا مع ... وسادتي وفي غرفتي ))
تدخل جون فورا ليقول لدانا مبررا ذلك :
(( كانت عمتها التي ربتها مند صغرها بعد وفاة والديها قاسية ومعقدة جدا . كان يجب ان تربيها امرأة طيبة وحنونة مثلك يا دانا ))
نظرت دانا الى تينا بحنان وقالت :
(( اوه .كم كنا سنعد برفقه بعضنا يا صيغرتي . الرغبة في الانجاب جزء لا يتجزا من طبيعة معظم النساء والعناية بطفل امراة اخرى هي ثاني اروع شعور في هذا المجال . على اي حال نحن الان صديقتان ويجب عليك ان تاتي الى اورانج كورال كلما سنحت لك الفرصة . سيطلب جون من جو احضارك الى هنا كلما اردت ))
تطلعت تينا بسرعة الى زوجها وسالته :
(( هل يمكنني ذلك بين الحين والاخر ؟))
(( طبعا يا حبيبتي . فانا اريد ان يصبح اصدقائي الطيبون من امثال دانا اصدقاءك ))
وقف بتكاسل ثم فرك رجله اليسرى بسرعة وكانها تؤلمه قليلا نظرت اليه دانا وسالته باهتمام وقلق جديين :
(( هل ما زلت تعاني من رجلك بعد هذه الفترة الطويلة ؟))
(( انها الرطوبة وازعاجها لي ليس بذي اهمية على الاطلاق ))
(( كانت حقا معجزة انك لم تفقد هذه الرجل يا جوني ))
هز راسه موافقا ولكن بدا واضحا انه لا ينوي الحديث عن هذا الموضوع اذ انه التفت نحو تينا مقترحا عليها ابدال الساري لانهما سيعودان الى سانت مونيك ابتسمت دانا وقالت لتينا :
(( ستظلين كما انت يا صغيرتي . الساري لك ... لا اقبل اي اعتراض " انك تبدين فيه جميلة جدا ويمكنك ان ترتديه بين الفينه والاخرى في احدى سهراتكما الانفرادية الرومنطيقية .ساحضر لك شالا من الكشمير تضعينه فوق الساري ))
عادت دانا بعد لحظات ومعها الشال الحريري الجميل وضعته على كتفي تينا وقالت لها هامسة :
(( لا تتخلي عن احلامك بالسهولة ذاتها التي حدثت معي فالحب يا صغيرتي يستحق ويستاهل تضحيات كثيرة وبخاصة بالكبرياء " ))
ادركت تينا على الفور معنى هذه الكلمات القليلة ... اذا كانت حقا تريد جون فما عليها الا ان تضع الماضي جانبا وتعمل على تحقيق مستقبل سعيد وزاهر عليها ان تعطي من ذاتها ... وان تامل في ان يؤدي العطاء الى النتيجة المرجوة .
(( ياعود قربيا يا دانا ))
(( اني اتطلع قدما وبشوق الى ذلك يا عزيزتي اتمنى لكما ليلة سعيدة ورحلة هادئة وموفقه ))
شكرها جون مرة اخرى وودعها متمنيا لها ليلة طيبة ثم امسك بيد زوجته وتوجها الى الزورق وخلال دقائق قليلة كان ذلك العملاق الوديع يستقبلهما بهدوء وسكينة ويقول لتينا وهو يساعدها على الصعود :
(( كانت عاصفة قوية جدا اليس كذلك يا سيدتي ؟))
فك جون الحبل الذي كان يربط الزورق باحد الاعمدة المخصصة لذلك ثم قفزالى الزورق بخفة ونشاط فيما كان جو يدير المحرك ويتاهب للانطلاق اقترب منه جون وساله مستوضحا :
(( هل وجدت بنات عمك بخير يا جو ؟))
ضحك الرجل العملاق وقال :
(( لا ادري ماذا فعلت تلك العينة ميليسنت بشعرها حتى اصبحت تبدو كفزاعة " ماذا نفعل بالنساء يا سيدي ؟ انهن دائما يتحايلن على الرجال ... وعلى انفسهن ايضا ))
ضحك جون وقال :
(( اني اثني على هذا الكلام الحكيم ))
تطلعت نحوه تينا فوجدته ينظر اليها بعينين ساخرتين كانه يقول لها انها هي ايضا تتحايل عليه ... وعلى نفسها "
توجهت عائلة تريكارل صباح يوم الاثنين الى باربادوس حيث اعيدت ليزا الى مدرستها الداخلية وقرر جون ان عليه وتينا تمضية بضعة ايام في هذه الجزيرة الخلابة .
اقاما في فندق تحيط به حدائق غناء ويطل على خليج جميل يعج بالاسماك الملونة المجنحة . وقالت تينا لزوجها ان من الجريمة اصطياد هذه الاسماك الجميلة لاكلها ولكنها اضطرت للاعتراف بان طعمها لذيذ وشهي . وقبل ظهر ذلك اليوم ذهبتتينا وجون للسباحة في بحيرة العشاق وشاهدت للمرة الاولى اثر الجرح الكبير والعميق في فخده ارادت ان تضع اصابعها الناعمة على مكان الجرح ...
ارادت ان تقترب منه اكثر كامراة ناضجة و ... وعاشقة ولكنه يتصرف معها كصديق وليس كعشيق ... كجار وليس كزوج . والغريب في الامر ان ذلك التصرف يحمل في طياته بعض الطمانينة والسكينة وراحة البال . ورات تينا ان افضل وسيلة لمعالجة الموقف تكمن في ترك الامور تجري مع تيار الهدوء الذي يعم حياتهما مدركة بان التيارات الباطنية ستظر عندما تصبح جاهزة واقسمت انها هي ايضا ستصبح جاهزة وبانها لن تسمح لبولا كاريش بفرصة ثانية لافساد حياة جون .
في ذلك المساء ذهبا الى بريدجتاون لتناول طعام العشاء في مطعم يقع على سطح احدى البنايات العالية ويسمى مطعم النجوم الساطعة . كان جون يبدو بالنسبة لها اقوى الرجال شخصية واكثرهم اناقة وجاذبية . وافهمتها نظراته كلما تحدث اليها انه موله بها بذلك الفستان الابيض الجميل الذي اقنعتها جاي لانينغ بابتياعه . وسالها فجاة باسما بعد ان بدات الفرقة الموسيقية الرباعية عزف مقطوعة راقصة :
(( هل صحيح ان احدا لم يراقصك من قبل ... وان الوسادة كانت الشريك الوحيد ))
هزت راسها علامة الايجاب فيما كانت اصابعها تنقر بهدوء على الطاولة مدفوعة ببطريقة لا شعورية بذلك اللحن الراقص . انها سعيدة .
(( علينا اذن ان نضع حدا نهائيا لذلك . واعتقد ان رجلي اليسرى لن تشكل عائقا امام بضع رقصات مع اندارك مسبقا بانني لم اكن يوما راقصا بارعا ))
نهض من كرسيه واقترب منها داعيا اياها الى الرقص . وخلال لحظات كانت تينا تقف في وسط الحلبة يطوقها الرجل الذي تحبه بذراعيه القويتين ويضمها الى صدره بقوة وحنان ومع انهما كانا ربما اسوا راقصين في تلك الحلبة الا ان تينا مانت تشعر بسعادة فائقة وتتمتع بكل لحظة من لحظات وجودها بين ذراعيه .وجاءت كلمات الاغنية التالية التي كانت ترددها بصوت دافي مغنية سمراء جميلة تعبر عن مشاعر تينا واحاسيسها :
(( لا يمكنني ان اصدق انك هنا قريب مني ملتصق بي الى هذه الدرجة . ضمني اليك بقوة شدني اليك انها ليلتنا ... ))
استقلا عربة يجرها جواد قوي وكان القمر بدرا والطريق شبه خالية . وقالت تينا لنفسها ان هذه الجزيرة خير مكان لتمضية شهر عسل وعندما وصلا الى الفندق واقترح عليها جون القيام بنزهة في الحدائق الجميلة تسالت عما اذا كان هو ايضا ينظر الى وجودهما هنا بالمنظار ذاته .
(( كانت هذه الايام القليلة جميلة . اليس كذلك ؟ انها جزيرة رائعة لا تتغير ابدا ))
(( تمتعت بكل لحظة من فترة وجودنا هنا ))
توقف عن السير امام بركة ماء تطفو على سطحها ازهار الزنبق ثم وضع يديه برفق وحنان على خديها ورفع وجهها نحوه . ذابت حبا وهياما واحست في تلك اللحظة انها على استعداد تام للقبول بحنانه فقط ان كان هذا اقصى ما يمكنه او يريده وانها لن تطلب منه اكثر من ذلك .
وسمعته يتمتم هامسا :
(( اوه تينا "))
ومع انه وضع خده على جبينها وظل ممسكا بخديها الا انه لم يحاول تقبيلها وتساءلت بحزن صامت عما اذا كانت الذكريات تلاحقه الى هذه الحديقة ؟ وشعرت تينا بجسدها يرتعش ويرتجف دون ان تتمكن من السيطرة على اعصابها المتوترة وفجاة ابتعد عنها قائلا :
(( هيا بنا لنذخل ))
احست بالبرد والضياع ... ولم تعلم سوى ان شيئا ما يعدبه ويقلقه .
عادا في اليوم التالي الى سانت مونيك وبدا جون فور وصولهما تقريبا يمضي الساعات الطوال في العمل داخل تلك الغرفة الخاصة ذات السقف الزجاجي . دفعها الفضول الى الاستفسار عن طبية عمله فلم يخدلها بل شرح لها كافة الامور بدقة وروية ولكنه ابلغها صراحة بانه يفضل العمل على انفراد وبخاصة لانه يريد التركيز العميق . انه يصنع تمثالا من الطين لشخص لا يجلس امامه ...
وبالتالي فانه مظطر للاعتماد على ذاكرته والرسوم المتعددة التي اعدها في الاسابيع الماضية . كانت تسليتها الوحيدة معه عندما يخرج من تلك الغرفة في المساء ويجلس معها في القاعة حيث يتحول من فنان خلاق منكمش على نفسه الى رجل طيب يتبادل وزوجته الاحاديث الودية والاجتماعية المريحة .
لم تكن ايامها تعيسة او مملة لانها قررت ان تدع الامور تجري على طبيعتها لحين انتهائه من عمله كانت تمضي فترات طويلة في السباحة والقراءة والاهتمام بامور المنزل ولما توجهت صباح احد الايام مع توباز الى السوق لابتياع بعض الحاجيات التقت رالف كاريش الذي بادرها قائلا :
((لماذا لم تحضري لزيارتنا يا تينا ؟))كانت قررت عدم زيارته لانها ستضطر للالتقاء ببولا وهو امر تمجه ولا تستسيغه اطلاقا ولكنه عندما ابلغها بطريقة عفوية وصادقة انه سيكون وحده في البيت بعد ظهر اليوم التالي وافقت على زيارته لشرب الشاي رفع اصبعه محدرا بود ومرح ظاهرين
(( لا تخذليني ساكون بانتظارك ))
ثم سال توباز عن اولادها فاجابته انهم بخير ولاحظت تينا ان خادمتها تبتسم لهذا الرجل بصدق واخلاص بعكس نظراتها العدائية الى شقيقته وبعد ان ودعها رالف قالت توباز :
(( السيد رالف رجل مهذب وطيب جدا انه ليس كتلك الانسة بولا ))
ارادت تينا ان تسال توباز عما تعنيه بكلامها هذا فزوجها جو كان موجودا صباح ذلك اليوم الذي توفيق فيه جوانا وهو الذي انقد حياة جون .ربما شاهد شيئا ما ذلك الصباح وابلغه لزوجته . ولكن دانا كورتني نصحتها بعدم نبش الرماد وبان تدع الوقت يمحو تلك القصص الذكريات الاليمة . شاهدت نوعا من السمك يحبه جون كثيرا فاقتربت من البائع واشترت منه كمية كبيرة بعج ان ساومته وحصلت منه على سعر جيد وفيما كانت توباز تضع الحاجيات في صندوق السيارة التفتت الى تينا وقالت لها :
(( اصبحت ربة بيت ذكية جدا يا سيدتي هذه السمكات طيبة وشهية الى درجة كبيرة اذا اعدت مع الرز والبصل ثم اضيفت اليها كمية من الزبدة والفلفل ))
شجعتها تينا على التحدث عن الطعام وطرق اعداده وذلك تجنبا لاي حديث يعيد الحزن الى قلبها والفضول الطاغي الى تفكيرها ولكن بدا لها في وقت لاحق ان احدات الماضي لا يمكن تجاهلها تماما ففي صباح احد الايام وقفت تتامل الجانب البحري لقصر الماء الازرق حيث تبين لها ان النوافد الثلاث في الطابق العلوي مغطاة دائما بستائر زرقاء اللون ولاحظت توباز ذلك فابلغتها بان تلك الشقة هي التي كانت تسكنها زوجة السيد جون الاولى .
شعرت بتحد قوي ورغبة جامحة لزيارة تلك الشقة والاطلاع على محتوياتها وكيفية تاثيثها ولكنها لم تفعل ذلك الا بعد بضعة ايام عندما عكر مزاجها ما لاحظته من ابتعاد زوجها المتزايد .. ارتعشت يدها عندما فتح باب الغرفة كان كل شيء مغطى الا انه لم يكن هناك غبار وكان الغرفة تنظف بين الحين والاخر ومع ذلك فقد بدت الغرفة كمقبرة فتحت الخزائن ... فلم تجد ايا من ملابس جوانا او احديتها . ذهبت جوانا وذهبت اغراضها الشخصية ... ولكن الشبح لم يذهب " انه يلاحق جون ... ويلاحقها " وخرجت تينا بسرعة من تلك الغرفة ولكن رائحة الموت ظلت لساعات عدة عابقة في انفها هل دخل جون الى غرفة جوانا ... والذي يناسب جمالها وسحرها ؟ هل وقف امام النوافد الثلاث ليتامل المحيط ويسمع صوت زوجته الراحلة ؟ صوتا يساله باكيا لماذا توقف عن الاهتمام ...
بدا بيت رالف كاريش اكبر بكثير مما توقعته تينا وكانت تحيط به اشجار باسقة تخفيه عن عيون الفضوليين وتقع امامه حديقة جميلة الا ان تينا لم تجد كلبا يقفز هنا وهناك يهز ديله ترحيبا بالقادمين ومع انها تعرف ان بولا ليست بالشخص الذي يحب الحيوانات او تدليلها الا انها لم تجد موضوعا اخر تستهل به الحديث مع رالف فسالته بهدوء :
(( اليست لديك اي قطط او كلاب يا رالف ؟ ))
ابتسم واجابها بهدوء مماثل :
(( لذينا بضعة كلاب حراسة في الحقول وقرب المعمل ))
ثم اضاف باعجاب واضح :
(( انك تبدين رائعة يا تينا ))
فردت الابتسامة الصادقة والبرئية بالمثل قائلة :
(( اوه شكرا ))
(( ما رايك بكوب من العصير البارد قبل ان نقوم بجولتنا السياحية في الحقول والمعمل ))
هزت راسها مبتسمة وجلست على مقعد مريح تنتظر الشراب البار وتتامل ما يحيط بها وقالت لنفسها من المؤسف جدا ان يظل هذا الرجل الطيب عازبا يعيل شقيقته العاطلة و المبدرة بدلا من ان يتزوج فتاة يحبها ويعيش معها حياة سعيدة وبعيدة عن المشاكل التي تسببها اخته وسالها رالف لذى عودته :
(( كيف حال جون هذه الايام ؟ لم اره منذ حوالي اسبوعين ))
ثم اضاف ضاحكا :
(( اتصور ان هموم شهر العسل لم تنته بعد بالنسبة اليه ))
ابتسمت تينا واجابته بهدوء :
(( انه منهمك في العمل على مشروع جديد بالمناسبة هل يترك مسؤولية الادارة هنا على عاتقك وحدك ؟ ))
(( طبعا ولكني لا امانع بذلك عللا الاطلاق فجون فنان بطبيعته ولا يمكنك بالتالي ان تتوقعي منه اظهار حماسة او اهتمام فعليين بالمحافظة على خلو أشجار الموز من الحشرات المؤدية او بما اذا كان المحصول السنوي للحمضيات يستأهل مشقة تربية اشجارها والاعتناء بها طوال العام هذا في حين انني انا اشد شعري حنقا وغضبا عندما لا يكون موسم الليمون كما اريده فالمشكلة انني لا احب الفشل ))
(( ما من احد يحب الفشل " ))
تطلعت بسرعة الى الحديقة تفاديا لنظراته التي تنم عن اهتمام بالغ بما قالته وبالكيفية التي قالتها بها ولكن السؤال المحرج الذي حاولت تجنبه جاء سريعا وهادئا :
(( كصديق قديم لجون وكشخص يهتم كثيرا بسعادته هل تسمحين لي بان اطرح عليك سؤالا خاصا ))
توترت اعصابها قليلا ولكنها حاولت اخفاء انفعالها فقالت له بهدوء :
(( اسال يا رالف هل تريد ان تعرف ما اذا كنا سننفصل عن بعضنا ؟ ))
وضع يده على معصمها وقال بلهفة صادقة :
(( ارجوك لا تظني انني شخص فضولي يحب التدخل في شؤون الاخرين ولكن هناك اشخاصا لا تاتيهم السعادة بيسر وسهولة جون منهم اختي منهم وربما ... وربما انت ايضا منهم ))
ردت عليه بشيء من الحدة نتيجة الالم النفسي الذي احست به :
(( انك ... انك تصورنا كمثلث . هل ... هل يبدو واضحا جدا انني لا احلق في سماء السعادة الزوجية ؟ ))
(( هذا كلام شاعري لا ينطبق على الواقع انت ذكية بما فيه الكفاية لتعرفي ان السعادة الزوجية لا تتحقق الا باقامة علاقات طبيعية مبنية على اسس صلبة من الثقة والاحترام المتبادلين والاهداف المتحالفة المتعاضدة والانسجام الفكري ... والجسدي انت تمثلين كل ما يحتاج اليه جون وكل ما لم يحصل عليه من قبل ... ))
وشد باصابعه على معصمها فرسم سوارا احمر اللون حوله .
واضاف قائلا بالحماسة ذاتها :
(( هل تضعين عراقيل دفاعية في وجهه ؟ دفاعات لا تدركين فعلا معناها ونتائجها السلبية ؟ انت مثلي انسانة منطوية على نفسها وانا اعرف كيف يشعر مثلنا عندما يحاول جاهدا الانطلاق من عزلته والانفتاح على الاخرين ... فيما هو يتلقى الصدمة المؤلمة تلو الاخرى "))
اوه كم هو على حق كيف سيشعر الانسان عندما يكشف عن حبه العميق ويواجه بنظرة باردة وساخرة ؟ وسمعت نفسها تجيبه هامسة بالم :
(( انه لا يحبني ... فكيف يمكنك ان تلومني ان انا قررت حماية قلبي ؟ ))
(( ولماذا انت متاكدة الى هذه الدرجة من عدم حبه لك ))
(( انت الذي يجب ان يعرف انت شقيق بولا "))
(( اوه ))
وخيم صمت مطبق ثم قال لها فجاة :
(( هل يساعدك بشيء تاكيدي لك بان جون لم يحب اختي ابدا ؟ ما كان بينهما ... ))
قاطعته تينا بحدة فيما كانت تهب واقفة
((أرجوك دعنا نتوقف عن متابعة هذا الحديث " هيا بنا أيها الدليل السياحي لنقم بجولتنا المرتقبة ))
عادا بعد ساعتين تقريبا ليجدا بولا وصديقها الفرنسي جالسين في القاعة وقف الرجل بسرعة لدى دخولها وقال :
(( أني سعيد جدا بلقائك مرة ثانية يا سيدة تريكارل ))
(( كيف حالك يا سيد دوبندريمون ))
نظرت بولا الى أخيها الذي قطب جبينه لدى دخوله القاعة وقالت بغنج :
(( لا تغضب مني يا رالف أحسست بصداع قوي أثناء التزلج على الماء فأوصلني داسييه الى هنا اعرف ان وصول ضيف إضافي بصورة غير متوقعة أمر مزعج ولمدكن أتصور ان لديك طعاما كافيا لنا جميعا ))
هز رالف رأسه تحية للرجل الفرنسي وقال لأخته ان لديه بالطبع طعاما كافيا للجميع ثم دعا تينا الى الجلوس فيما كانت بولا تقول لها ))
(( أيتها العزيزة هل ستردين ضيافة رالف بدعوتنا مرة الى العشاء ))
(( بولا ))
(( أوه خفف عنك يا رالف . تينا انتهت من شهر عسلها وأريد ان يجتمع داسييه بجون حسنا " ما رأيك " يا تينا ))
(( من المؤكد إنني ... إنني أحب حضوركم جميعا الى العشاء سأدعوكم في ... في اقرب فرصة ممكنه ))
ابتسمت بولا وكأنها حققت انتصارا باهرا وقالت :
(( عظيم . عظيم هذا ما كنت أتوقعه تماما وألان يا رالف ما رأيك في ان نشرب الشاي ؟ إني اشعر بتحسن كبير وقد زال صداعي فجأة ))



انتهى الفصل السابع
انتظروني مع الفصل الثامن والأخير
طــــــــــــــــــــــــلاق أو سعـــــــــــــــــــــادة

الامل المفقود 27-08-13 05:44 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
تيحياتي اخواتي اعضاء ليلاس الغالي ولما يكمل تنزيل هذه الرواية سوف ابحث عن رواية اخرى من الروايات المشوقة وانا منذ مدة لم اشتري فيها اي رواية لان ما شاء الله كلهم متوفرات هنا وهدا وعد مني حتى اشارك معكم بفاعلية اكثر واخفف من بعض التعب عنكم تحياتي مع حبي

ام عبيده 28-08-13 06:44 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
شكرا ع مجهودك بس ياريت تكملينا الروايه بسرعه غاليتي لانها مشوقه فعلا بانتظارك

زهرة منسية 28-08-13 07:30 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
يسلم ايديكى امولة
فى انتظار الفصل اﻷخير
واتمنى الا تطولى علينا فى روايتك القادمة
لأن ذوقك رائع
بنتظارك حبيبتى

الامل المفقود 28-08-13 03:40 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
لعيونك يا غالية وهذا الفصل الأخير

8- الفصل الأخير طلاق أو سعادة :-

قالت تينا لجون اثناء تناولهما فطور الصباح انها تفكر باقامة حفلة عشاء تقتصر على عدد قليل من الاشخاص . اجابها بالموافقة ولكنه اراد ان يعرف مسبقا من هم هولاء الاشخاص .
(( رالف وبولا ... وكذلك داسييه دوبندريمون وامل ايضا في ان تقترح لي اسم شابة لطيفة كي ادعوها كرفيقة لرالف ))
(( هناك جانيت ماكراي ))
ثم اضاف بنبرة استفزازية بعض الشيء
(( انها لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها . ولكننا نحن الكهول نحبهن صغيرات برئيات كندى الربيع )) ماذا سيفعل هذا الزوج الساخر لو انها استدارت حوله فجاة وضمته بعنف ؟ ولكن لماذا تطرح على نفسها سؤالا كهدا ؟ عادت الى موضوع الفتاة التي التقتها عندما ذهبت وجون لاحضار ليزا من منزل ماكراي انها شابة جميلة وذات شخصية قوية ومنفتحة ومن المؤكد انها ستكون تحولا طيبا بالنسبة لرالف ... الذي يمضي وقته بكامله مع تلك الاخت المتحجرة .
(( جانيت رفيقة ملائمة جدا لرالف ))
(( انه شاب طيب للغاية ويعمل بجهد واخلاص حقيقيين في ادارة ممتلكاتك واعماللك واعتقد انه سيكون زوجا رائعا للفتاة الملائمة ))
اختفت الابتسامة من وجه جون وحلت محلها نظرات قاسية وحادة ثم سالها :
(( وما هو دور بولا في هذه المسرحية ؟ هل تظنين ان ذلك الثري الفرنسي ينوي اخدها معه الى مارتينيك ؟ ))
تمنت تينا من صميم قلبها ان يكون داسييه مهتما عاطفيا ببولا عله ياخدها معه الا انها لم تكن تتوقع ذلك فمع انهما يبدوان كشخصين عاشقين على اهبة الزواج الا انها لاحظت في الليلة السابقة ان داسييه ينظر ببرودة ... وربما بشيء من الازدراء ... الى بولا . انها ليست بالمراة التي تستهويه كزوجة .
انهيا فطورهما فانصرف جون الى عمله وذهبت تينا الى الشاطئ سبحت مسافة طويلة وراحت تغطس وتطفو وتقفز كطفله صغيرة وبعد حوالي نصف ساعة عادت الى الشاطئ واستلقت على معطفها القطني البرتقالي اللون المخصص للبحر او للحمام اغمضت عينيها واخدت تفكر بانواع الطعام التي ستقدمها في الحفلة المقبلة و ...
ستيقظت بعد فترة من الزمن وراحت تداعب الرمال الدافئة باصابع ثابته وقوية وفجاة سمعت رجلا يقول لها :
(( انك رائعة الجمال يا حلوتي الصغيرة ))
استدارت بسرعة الى يمينها لتشاهد داسييه دو بندريمون جالسا قربها مرتديا ثيابا رياضية جذابة وياكل برتقاله وقبل ان تجيبه وضع برتقاله اخرى في يدها وهو يقول :
(( اني اجد هدا النوع من الفاكهة لذيذا ومنعشا الى درجة كبيرة ))
ادركت تينا وهي تاكل برتقالتها انها موجودة الان قرب شخص متفهم ويمكن الاعتماد عليه الا ان هاتين الصفتين لا تبدوان عليه تماما ومع انه بالتاكيد رجل يعرف الكثير عن النساء الا انه لا يستغل تلك المعرفة بل يتظاهر باسلوب جذاب بانه لا يزال معرضا للوقوع فريسه الاغراء
(( هل اتيت الى هنا بهدف مقابلتي ؟))
(( نعم فقد بدا عليك امس انك حزينة بعض الشيء هل فقد زوجك الطيب اهتمامه بعروسه ))
احمر وجهها خجلا وقالت له :
(( انه سؤال شخصي جدا يا سيد دو بند ريمون " سؤال يمكنني تجاهلة بكل سهولة ثم ... انها المرة الثالثة التي نلتقي فيها وحسب))
(( مرة واحدة قد تكون عادة كافية لشخصين معينين كي يعلما انهما متعاطفان مع بعضهما ))
ثم اخرج علبه سكائره وقال لها :
(( اتصور انك لا تدخنين اليس كذلك ؟ ))
هزت راسها واجابته بهدوء :
(( لا فانا من الطراز القديم ))
(( لا تاخدي موقفا دفاعيا بالنسبة لهذا الموضوع يا ... يا تينا ))
واشعل سيكاره ثم اضاف بسرعة :
(( امل ان تسمحي لي بمناداتك باسمك الاول " ))
ابتسمت وقالت له انه لا باس في ذلك وتساءلت صامته عما اذا كان يحاول مغازلتها . لم يغازلها احد من قبل الا نادرا ... غازلها جون بطريقة علمية بحته ربما لان رغبته في الحب حفت وماتت منذ فترة طويلة .
(( بماذا تفكرين يا تينا هل تظنين بانه لا يحق لفرنسي عازب بان يصف سيدة متزوجة بانها رائعة الجمال ... وبان عليه التظاهر بانه يفضل التطلع الى ... الى شجرة نخيل مثلا ؟ ))
اعتقد ان اشجار النخيل جميلة وجذابة جدا ))
واخرجت وشاحا صغيرا من جيب معطفها لتربط به شعرها وفي اللحظة التالية كان داسييه ياخده من بين اصابعها برقة ونعومة ويلقيه على الرمال قائلا بلهجة الامر :
(( دعي شعرك كما هو الان الأشياء الجميلة يجب الا تربط وتدجن ))
ضحكت تينا وقالت له :
(( اوه كفى يا داسييه انه لأمر جميل ان تحاول رفع معنوياتي ولكن إياك ان تبالغ كثيرا ))
هز كتفيه بمرح ظاهر وقال :
(( أذن فإطرائي لزوجة جون تريكارل يذهب سدى عم نتحدث الان عن الزواج ؟))
(( انه موضوع يثير الاهتمام باستمرار ))
(( انه مثير ومعقد في ان وبخاصة عندما تمنح شابه قلبها الى رجل في سن والدها تقريبا وكان متزوجا من قبل هذه خطوة لا تقدم عليها الا فتاة شجاعة ))
نظرت اليه باستغراب وأحست بانه يبدي اهتماما حقيقيا وصادقا بمشكلتها وانه لا يحاول التدخل بشؤونها لمجرد أرضاء فضوله وأضاف قائلا وكأنه قرأ أفكارها :
(( نعم اني اهتم بأمورك يا تينا انك شابه مخلصة طيبة القلب واعتقد ان لديك قدرة هائلة على تكريس حياتك بإخلاص وتفان لمن تحبين . لو التقينا قبل زواجك من جون تريكارل لكنت اختطفت قلبك وحملتك على أجنحة الحب والسعادة انك تضحكين مرة اخرى وتظنين انني امزح ))
(( اني حقا اعتقد انك تمزح واراهن على انك اختطفت قلوب عدد كبير من النساء في حياتك ))
(( يقطف الرجل عادة الثمرة الناضجة اما النوع الخجول والأخضر فيتركه معلقا حتى يشعر بانه يحتاج الى زوجة او يريد زوجة ))
(( وبهده الطريقة يحصل الرجل على سعادة مزدوجة ... يلهو مع من يعتبرهن متحررات ثم يختار فتاة خجولة ومهذبة كزوجة من المؤكد ان امنا الطبيعة تفضل جنسكم ))
(( طبعا أنها انثى ثم ... الا تصبح الحياة مملة عندما يكون الرجال كالحيوانات الداجنة تشدهم النساء من أنوفهم ؟ لا اظن انك تحبين ذلك ... فانت انثى بكل ما في الكلمة من معنى انا لا احب ابدا النساء اللواتي يحاولن التصرف كالرجال ))
ضحكت وسالته ببراءة :
(( هل تعرفت الى عدد كبير منهن ))
(( ليس في مارتينيك او باريس ولكن هناك عدد لا باس به في الولايات المتحدة وبريطانيا وانا بالتاكيد لا ارغب في الزواج باحداهن ))
(( انت بالطبع تريد ان تكون السيد ))
ابتسم ورد مازحا :
(( ساسمح لها ببعض الامور ... ان تختار مثلا ابريق الشاي الذي يعجبها وان تضع اناء الزهور في هذا المكان او ذاك ))
(( اوه هل هذا ما يقترحه الرجل الفرنسي لتامين زواج سعيد ))
ثم تنهدت واضافت قائلة قبل ان يتمكن من التعليق او الاجابة :
(( تبدو حلول المشاكل الزوجية دائما سهلة ما دمنا اننا لا نوجهها ))
(( ما هي مشكلتك يا تينا ؟ هل يساعدك التحدث عنها ))
(( لا ... لا اعرف ولكن من المؤكد ان اختيار ابريق الشاي الذي يعجبني لا يحل شيئا "))
تطلع مليا الى وجهها الحزين وقال بهدوء :
(( نحن لا نعرف بعضنا الا منذ فترة قصيرة ولكن كلا منا يعلم اننا اقمنا علاقة تفاهم وصداقة وطصديق سوف اتحدث اليك بصراحة فائقة انت لست سعيدة وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها وجدت نفسك في وضع يثير دهشتك ويوتر اعصابك وانا لا احب ان اراك هكدا قلت لي في اللقاء الاول ان ذكريات الماضي لا تزال تلاحق زوجك حتى الان هل ما زالت الاشباح موجودة هناك في الشقة البحرية تخيم على علاقتك مع جون تريكارل ))
ارتعش جسمها تاثرا واحست بالحاجة لتعاطفه وتفهمه فقالت :
(( اعتقدت في البداية ان بامكاني مساعدة جون على تناسي الماضي ولكنني بحاجة الى الحب ... حبه لي " وبدلا من ذلك هناك جدار بيننا نبتسم لبعضنا ... نبحث في امور يومية ... ولكننا نشعر بالحاجز الذي يفصل بيننا كلما لمس احدنا الاخر ))
واحست بانه امسك بيديها وشد عليهما فيما كان يقول :
(( الزواج الذي يحزنك كثيرا ولا يفرحك الا قليلا ليس لك يا عزيزتي فالحب من جانب واحد لا يحمل في طياته الا بذور الكارثة وعندما تنضج هذه البذور فانت التي ستحصدين الموسم السيئ والمرير ... ))
(( لا ... لا . ارجوك "))
وضعت راسها على ركبتيها وكانها تشعر بالم جسدي اذ انها لم تعد تتحمل سماع كلماته التي تحمل الكثير من الحقيقة احست بانها فراشة صغيرة عليها ان تطير او ان ... تحترق امسك بخديها ورفع وجهها نحوه ثم انزل يديه الى كتفيها وشعرت فجاة بحرارة جسمه الملتصق بها تسمرت في مكانها ... انها بحاجة للحنان للحب ...
(( لا توجد اشباح في حياتي يا تينا . قلبي يريدك انت ... انت فقط ))
ماذا يقول ؟ ماذا يفعل ؟ انتبهت الى انه مددها على معطفها القطني وحجب الشمس عن عينيها بمنكبيه العريضين وانها تنظر اليه وتشعر بوجوده مع انها لم تدرك بانه يحدثها ويتصرف معها ... كعاشق " وضعت يديها على صدره ودفعته عنها قائلة بحدة :
(( لا . لا يجب الا تفعل ذلك يا داسييه " ))
حملت معطفها بسرعة وركضت تجاه الدرج المؤدي الى ساحة المنزل وفي منتصف الدرج اصطدمت برجل اخر ينظر اليها بعينين قاسيتين ووجه كانه قد من حجر .
(( جون ))
قالت اسمه بصوت مرتعش وهي تحدق به حائرة مذعورة بعد ان ادركت انه كان يرى الرجل الفرنسي منحنيا فوقها ... و ...
( الن توجهي دعوة الى صديقك الوسيم لتناول الغداء معنا ؟ اعني ان ضيافتنا له يجب ان تشمل ايضا قاعة الطعام بدلا من ان تقتصر على الشاطئ ))
وقفت امامه دون حراك وغير قادرة على الاجابة . ضاعت الكلمات ... عقدت الدهشة لسانها وحبست الصدمة كلماتها في حلقها وسمعت داسييه يصعد الدرج وراءها ويقول لجون :
(( يجب ان لا تسي تفسير ما شاهدته لتوك يا تريكارل كنا نتحدث ليس الا ))
(( يبدو حسبما رايت انه كان حديثا ... ممتعا جدا ))
كان جون كالبركان الذي سيثور خلال لحظات حارقا ومدمرا وعندما شاهدت في عينيه الباردتين القاسيتين نظرات الاحتقار والشماته تراجعت بطريقة لا شعورية الى الوراء وكان غريزتها دفعتها الى طلب الحماية من داسييه واثارت تلك الخطوة المزيد من السخرية اللدعة في لهجة جون ذا قال :
(( اذا كنتما تريدان القيام بالمزيد من هذه الاعمال المثيرة فمن الافضل ان تتم حيث لا يمكن لي او للعاملين في خدمتي ان نشاهد كافة التفاصيل ام ان علاقتكما بلغت مرحلة لم يعد معها بامكانكما السيطرة على مشاعركما ؟ ))
شهقت تينا وصرخت بوجهه محتجة على الاستنتاج الذي توصل اليه :
(( جون كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا الكلام لا اقبل ان توجه الي اتهامات على هذا النحو ... وبخاصة ان لا ساس لها من الصحة ))
اقترب منها وقال لها فيما كانت عيناه تقدحان شررا :
(( يا عزيزتي انت لست اجتماعية الى مثل هذه الدرجة من الارتياح والسرور ... حتى مع زوجك رباه الوضع معي هو عكس ذلك تماما اليس كذلك ؟))

المتها سخريته وردت عليه كحيوان صغير اصيب بجرح ثاخنة :
(( لسنا جميعا ممن يريد اقامة علاقات غرامية وعاطفية مع اشخاص اخرين ولذلك فلا تحكم على وفقا لمعاييرك ومقاييسك ))
حدق بها بقسوة ومرارة فيما غابت الدماء من وجهه ثم استدار بسرعة وتوجه الى البيت كاد يقع وكان رجله اليسرى خانته وضعفت امام حملها اطلقت تينا صرخة الم وهمست لداسييه :
(( لم ... لم اكن اعني ما قلته له ))
امسك داسييه بمرفقيها وقال لها بحنان ظاهر :
(( يا صغيرتي المسكينة ماذا يمكنني ان اقول كي اساعدك ؟ انك تحبين رجلا لا تزال جراح قلبه القديمة تنزف ))
تنهدت وقالت :
(( لا ادري ما اذا كان بالامكان استخدام كلمة حب اني اشعر بعداب جهنم على الارض ))
(( اذا كان زواجك غير طبيعي فيمكن ابطاله يمكنك ان تطلبي الطلاق ))
(( اعرف . نعم اعرف يا داسييه واسمح لنفسي بالقول ان الطلاق قد يحدث ))
(( تعالي معي الان فمن الواضح مما شاهدته في زوجك انه رجل عصبي المزاج الى درجة الشراسة وانا اخاف عليك يا صغيرتي الجميلة ))
ومع انها احست بان زوجها كان غاضبا بما فيه الكفاية كي يقتلها الا ان اخلاصها الذي هو جزء من حبها له جملها على القول :
(( اوه لا اظن انه سيضربني ))
(( انك تشير الى زوجته الاولى اليس كذلك يا داسييه ؟ صحيح انها توفيت في ظروف غريبه الى حد ما ولكن لا يمكن تحميل جون ... اللوم كله اعتقد انك تصغي كثيرا لبولا ومعلوماتها المشوهة ))
اجابها بهدوء :
(( بولا تحكي وانا اسمع ولكني انا الذي اتوصل الى النتائج و الاستنتاجات واقول لك ان جوانا انتحرت وان اصدقاء العائلة اخفوا الحقيقة ))
ردت عليه تينا بانفعال واضح :
(( وهل قالت لك بولا ايضا ان جون نفسه كاد ان يقتل في تلك الحادثة ؟))

لماذا طلب منها جون في الليلة الاولى لوصولهما الى سانت مونيك ان تمنحه السلام والطمانينة والا تتعب نفسها بالتشكك بهده المراة او تلك لماذا اوحى لها رالف بان جوانا كانت تحب التملك الى حد غير طبيعي ؟ لماذا قالت لها دانا كورتني ان جوانا لم تقبل ان يمضي زوجها نصف وقته معها زنصف الاخر في عمله ؟ هل عليها ان تستخلص من ذلك كله ان جوانا لم تكن تريد ان يشاركها بزوجها اي شخص او اي شيء ... في اي وقت ... وشهقت ثم قالت بأسى وانفعال :
((من المؤسف جدا ان جوانا وبولا حاولتا تملك زوجي وتمزيقه اربأ فيما بينهما كلبوتين شرستين ))
ثن نظرت الى قصر الماء الأزرق بمحبة وحنان أرادت ان تركض نحو جون لتمنحه كا ما لم يجده في بحثه عن الحب ...
((تريدين ان تهرعي أليه يا صغيرتي وحاولي ان تعيدي المياه الى مجاريها وإذا كنت بحاجة إلي ... الى صديق فسوف أكون بانتظارك في الفندق ))
ابتسمت وقالت له بامتنان ظاهر فيما كانت ترتدي معطفها
(( شكرا لك يا داسييه . سأراك في وقت لاحق ))
ابتعدت بسرعة عن ذلك الرجل العملاق الذي لم يؤذها ...
وربما أحبها لم تكن تأمل كثيرا في تحقيق اي نجاح مع جون ولكنها تحبه ... وستقول له انها تحبه وإذا ظل مصرا بعد ذلك على ذهابها فانه استعض على جرحها وتذهب دخلت البيت وركضت نحو غرفة نومها وقفت في منتصف الغرفة وحبست أنفاسها علها تسمع حركة او صوتا في غرفة زوجها ... وعندما تاكد لها انه ليس في غرفته استحمت وارتدت فستانا حريريا ثم توجهت الى قاعة الطعام ولما فتحت الباب وتبين لها ان طعام الغداء معد لشخص واحد أحست بانزعاج كبير قرعت جرس الخدمة ... وعندما دخل رئيس الخدم كادت تبكي فرحا فالأشباح لم تسيطر بعد على المنزل والعاملين فيه ابلغها الرجل المسن بتهذيبه المعتاد ان السيد جون ذهب بسيارته الى مكان ما قبل حوالي نصف ساعة وطلب منه الا يعد له طعامه أرغمت نفسها على الابتسام وقالت :
(( شكرا وبالمناسبة لا تتعب نفسك بإحضار الحلوى ))
حياها باحترام بالغ ثم غادر الغرفة وأغلق الباب وراءه تناولت طعامها ثم شربت القهوة التي أحضرت لها وبدأت تقطع الغرفة جيئة وذهابا ... حائرة وحزينة وغاضبة كانت متأكدة من انها اذا اتصلت هاتفيا بمنزل رالف فان شكوكها سوف تتحقق سيقول لها رالف انجون حضر الى منزله واخذ معه بولا الى الحقول أليست هي المرأة التي لجا إليها في السابق عندما ساءت علاقته مع زوجته الأولى ؟
((
ووجدت تينا نفسها تسير نحو الغرفة ذات السقف الزجاجي وكانت كانها تمشي في نومها واستيقظت فجاة امام الباب فيما كانت تفتحه وتدخل تلك الغرفة التي يمضي فيها زوجها ساعات طويلة كل يوم . تركت الباب مفتوحا ثم تقدمت الى طاولته وراحت تتحسس الادوات التي كان يستخدمها ذلك الصباح ومدت يدها الى قطعة القماش المبللة التي تغطي التمثال الذي يعمل عليه منذ عودتهما من بربادوس . لم يدكر لها ما اذا كان تمثال امراة او رجل وكلما كانت تساله عن التمثال كان يبتسم ويقول لها ان عليها الانتظار حتى ينتهي من صنعه رفعت الغطاء بيد مرتجفة وحدقت بما كان تحته ومن خلال الدموع الحارة التي ملات عينيها . شاهدت تمثال فتاة يتلاعب الهواء بشعرها الجميل . كان تمثالا جميلا ليس لان صاحبته جميلة ولكن لان جون ... الفنان المبدع ... حولها من فتاة عادية جدا الى شابه مفعمة بالامل ... بالوعود ... بالحياة ...
(( اوه جون )) همست باسمه باكية وهي تنظر الى الفتاة التي وجدها جون وارادها ... ثم اضاعها في الزوجة التي كانت تعترض على عناقه ومغازلته . انها فتاة الشاطئ التي التقاها جون للمرة الاولى في تشور لي ولكن لماذا لم يخبرها ؟ لماذا لم يقل لها انه ...

واستدارت شاهقة عندما سمعت صوت اقدام وفاحت في الغرفة رائحة عطر جميل غالي الثمن .
(( هل اخفتك . يا عزيزتي ؟ انك تنظرين الي الان وكاني شبح مخيف . كان الباب مفتوحا و ...)) وتوقفت بذهول عندما وقع نظرها على التمثال الذي لم ينته بعد لتينا .
(( اذن كنت تقفين امامه كي يصنع لك هذا التمثال ؟ ))
(( لا . لا " كان يستعين برسوم اعدها قبل ذهابنا لي بربادوس ))
(( انها قطعة رائعة . اليس كذلك ؟ قد تكون احد افضل اعماله الفنية ))
ومدت بولا يدها نحو التمثال فاحست تينا بالخوف عليه وتحركت بسرعة لحماية هذا العمل الذي لا يقدر بثمن
(( ابتعدي عنه ستترك فيه اصابعك اثارا قد تشوهه "))
ضحكت بولا بشيء من التهكم وقالت :
(( اوه كم انتح ساسه وعصبية المزاج " هل تظنين بانني الحق الاذى باي شيء يخص جون ؟ ))
لم تتمكن تينا من السيطرة على انفعالها فاجبتها بحدة
(( اعتقد انك تضعين قواعدك الخاصة با غير ابهة بالنتائج وبغض النظر عمن يتادى او يتالم ))
(( حقا ؟انني لا اعجبك يا تينا اليس كذلك ؟ اذن يجب ان تعلمي ان هذا الشعور متبادل . هكدا تكون عادة مشاعر عدم الاعجاب في حين ان الحب والكراهية مرتبطان ببعضهما . فما يفصل بينهما دقيق للغاية .. حتي اننا احيانا لا نعلم ما اذا كنا نحب هذا الشخص حتى الجنون او نكرهه الى درجة مماتلة . انا مثلا لا يعجبني العسل او اللبن وكذلك جون . ولا عجب في انه اصبح يمل منك كثيرا بعد ان ذاق حلاوتك الظاهرة . ليكتشف لاحقا مرارتك الباطنية ))
ونظرت مرة اخرى الى التمثال ثم اضافت قائلة :
(( كنت غبية جدا عندما تزوجت جون . انه يكبرك بحوالي سبعة عشر عاما ولم يعد مثلك ذلك المراهق الذي تثيره عناقات يتبادلها مع الحبيبة في ضؤ القمر . وكدلك ... لا . ربما يجب الا اكون صريحة الى هذه الدرجة ... ما لم تكوني راغبة في الاطلاع على كافة الامور " ))
(( اعتقد ان من الافضل كشف مشاعرنا الحقيقية . وبصورة نهائية ))
مشت بولا في تلك الغرفة الفسيحة ووقفت لحظة امام ذلك التمثال الذي لا وجه له بعد . ثم استدارت نحة تينا وقالت لها :
(( انت فتاة بسيطة تلميذة مدرسة . وليس لديك شيء تقدمينه لرجل مثل جون ))
(( تزوجني . اليس هذا كافيا ؟ ))
(( اوه ايتها المسكينة " الم تسمعي الاسطورة اليونانية التي تقول ان هناك حبا حقيقيا واحدا لكل رجل وامراة ؟ انت تعرفين ان هذه حقيقة واقعة وتعلمين ان جميع العقبات في العالم لن تحول دون عودتهما الى بعض في النهاية . انت طلبت مني الصراحة وعليه فسوف اكون صريحة معك الى ابعد الحدود جون يحبني انا وست زيجات لن تبعده عني ))
شعرت تينا بان رجليها لم تعودا قادرتين على حملها اصفر وجهها واحست بان قلبها يتحرق الما سالتها بتاثر واضح :
(( ولكن ... لماذا تزوجني ؟ ))
(( الجواب بسيط للغاية . فعلى الرغم من تلك المظاره القاسية التي تبدو عليه فهو انسان ذو عقلية قديمة ومتزمتة بعض الشيء انه لا يحب اقامة علاقات غرامية . وبالتالي فقد كان بحاجة لسوط يضربني به . انه يلومني يا عزيزتي السخيفة المسكينة لوفاة جوانا . انا بالطبع غير مسؤولة ابدا عما حدث لها . ولكن تشككه شكل حاجزا بيننا طوال هذه السنوات . الحق بي الادي مرات عديدة وباساليب متعددة ... هذا هو الحب ؟ اذا كنا نخشى الاذية فعلينا الا نلعب بالنار ولكن ... من منا يقدر على الاقتراب من السنة اللهب الجميلة الا الجريء والشجاع ؟ ))
ثم ابتسمت واضافت بخبث واضح :
(( انت تعرفين ان داسييه معجب بك الى حد كبير وهو اكثر ثراء من جون . فلماذا لا تذهبين معه ؟ ))
(( لانني بكل بساطة لا اريده انا احب جون يا انسة كاريش ))
(( شيء مؤسف حقا سمعت ان لدي داسييه منزلا رائعا في مارتينيك وانت تناسبينه اكثر مما تناسبين جون فزوجك رجل معقد مزاجي صعب وشبق الا ترين بنفسك ان جون وانا نناسب بعضنا كثيرا ؟ ))
هزت تينا راسها بتعب واسى وتطلعت حولها وهي تسال باكية :
(( اين هو جون الان ؟ ))
(( اني هنا يا عزيزتي ))
لا . لا يمكنها ان تتحمل المزيد ... لن تتمكن من مواجهتهما والاستماع اليه يقول لها ستخرج وبولا ستحل محلها . هرعت الى الباب فوقف امامها يمنعها من الخروج .
(( اتركني . دعني اذهب " اخبرتني بولا كل شيء ... فلا داعي لاي حديث اخر ))
(( اعتقد ان هناك اشياء كثيرة يجب التحدث بشانها . يا حبيبتي ))
حبيبتي . كادت تهوى على الارض من جراء هذه الصدمة ولكنه طوقها بذراعه وضمها اليه فيما كان يقول لبولا بلهجة قاسية :
(( كنت واقفا في الخارج استمع بذهول الى اكاذبيك المزعجة لو لم اصغ لرالف بعض الوقت لكان بامكانك على الارجح ان تنجحي مرة اخرى . انه يعرفك على حقيقتك . ويعرف انك كذبت على جوانا عن تلك العلاقة الغبية التي اقمتها معك ... والتي ندمت عليها منذ ذلك الحين ... والتي لم تكن العلاقة الغرامية المطلوبة بالنسبة لك لم احبك انذاك ... ولا احبك الان . ومهما كان ذلك الشيء الذي جدبني اليك فانه مات وزال منذ سنوات . مات ... عندما ماتت جوانا ))
حدقت به بولا بعينين تقدحان شررا كعيني نمرة متوحشة وفجاة كالت له كلمات تدل على الكراهية ... الكراهية وليس الحب وبعد ان صبت جام غضبها لبضع دقائق خلاجت من الغرفة واغلقت الباب وراءها بعنف وشدة . ارتعش جسم تينا . التي كانت تطوقه بذراعيها وكانها تريد حمايته من تلك الانسانة اللعينة الحاقدة وعندما نظرت اليه . ابتسم بمحبة وحنان وقال لها بهدوء :
(( اننا حقا شخصان غريبا الاطوار يحب كل منا الاخر حتى الجنون ولكننا نخشى الافصاح عن حبنا خوفا من الصدمة ... من رد الفعل السلبي "))
(( الهذا السبب كنت غاضبا الى تلك الدرجة صباح اليوم ؟))
(( كنت اريد ان اطيح براس ذلك الرجل الوسيم من على كتفه كان ... كان منحنيا فوقك وكنت كالنعجة ... لا تشدين شعره ولا تحاربيه كقطة صغيرة متوحشة ... ))
قاطعته همسا :
(( جربني الان "))
امسكها بقوة وشدها اليه بعنف وكانه يريدها ان تصبح قطعة منه . تالمت جسديا ... ولكنه كان ذلك الالم الذي ترحب به وتتمناه . انه يحبها حبا صادقا وصحيحا . ارادت ان تقول له انها ...
ولكنه خنق الكلمات بعناقه الحار تنهدت وابعدت راسها عنه ثم دفنت وجهها بين كتفيه وعنقه وهي تردد اسمه بمحبة . حملها بين دراعيه ونزل بها الى القاعة . وفيما كانا يشربان القهوة التي احضرها رئيس الخدم بسرور بالغ تحدثا عن جوانا .
(( كنت احبها في البداية كانت جميلة الى ابعد الحدود ... كحلم رائع يتحقق . ولكن الحلم تحطم عندما افقت من رقادي واكتشفت الحقيقة . الحب هبة وليس تملكا الحب شعور يمنحه الانسان بمل ارادته ... انه ليس شيئا يؤخد او يفرض بالقوة ... ومن المحزن جدا ان جوانا كانت تريده على ذلك النحو ))
وقف لحظة وهو لا يزال ممسكا بيد تينا ثم اضاف قائلا :
(( اعتقد ان ليزا ستكون على ما يرام انها مثلي ))
(( انها مثلك تماما يا جون ))
حضن وجهها بين يديه القويتين وقال لها بوداعة واضحة :
(( اني احبك ... احبك جدا يا تينا هل تعرفين ذلك ؟ تالمت كثيرا تلك اللية التي رفضتني فيها " شعرت بانك تحسين بالاشمئزاز كلما لمستك او اقتربت منك "))
(( كنت اريدك ان تحبني ... ان تريدني ... لنفسي لم اكن اطيق التفكير بانك تجعل مني بديلا لشخص اخر "))
(( لبولا ؟))
ثم ضمها الى صدره بحنان ظاهر وقال لها :
(( سوف نترك سانت مونيك وصديقتنا بولا . سوف ابيع البيت والحقول والمعمل . ونعيش في بربادوس سنكون قرب ليزا وسنحيا بسعادة وهناء ))
سالته هامسة وهي تكاد تذوب بين ذراعيه حبا وهياما :
(( ومتى قررت ذلك ؟ ))
(( بعد ان شاهدتك على الشاطئ مع ذلك الفرنسي داسييه قدت السيارة بسرعة و اخدت اردد لنفسي بان هذه الجزيرة هي مصدر ألامنا وإحزاننا ذهبت الى رالف لأستشيره في هذا الموضوع فوافقني من صميم قلبه أليست خطة جيدة يا حبيبتي ؟ ))
(( انها خطة رائعة ))
وعندما تمكنت من فتح فمها قالت له بهدوء :
(( قبل ان ينسيني الحب كل شيء اريد ان اعتذر لك عن تلك الكلمات القاسية التي قلتها لك صباح اليوم على الشاطئ . لم اكن اعني ايا منها ))
ابتسم بحنان وسرور وقال :
(( كنت تعنين كل كلمة قلتها ايتها الغشاشة الصغيرة والاعتذار وحده لا يكفي لإرضائي ))
ضحكت وقالت بمحبة ودلال :
(( وماذا تريدني ان افعل لأرضيك ؟ ))
(( سأفكر بشيء ما ستكون حياتنا سعيدة من الان فصاعدا . اليس كذلك ؟ ))
(( اني متاكدة من ذلك يا حبيبي ))
وضمته الى صدرها بقوة وحنان . فيما كان يداعب شعرها وعنقها . اه كم كانت تتمنى تحقيق هذا الحلم " ان تتأكد تماما من انه يحبها حبا حقيقيا ... يريدها ... يحتاج إليها " نعم سوف تكون حياتها سعيدة مع هذا الرجل الذي تحبه وتعشقه وهذا الحبيب الذي لم يعد شخصا غريبا لا يظهر اهتماما او عطفا لأنه لم يكن متأكدا ... من حبها له


انتهت بحمد الله وشكره
أتمنى لكم قراءة ممتعة وارجوا ان تعذروني اذا تأخرت عليكم
الى ان نلتقي فر رواية أخرى دمتم مع تحياتي و حبي

الامل المفقود 28-08-13 03:53 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
مساء الفل والورد والريحان عليك اختي العزيزة ارجوا ان تكون حصرية على منتدنا الغالي ليلاس مع شكري وتقديري لك تحياتي مع حبي

الامل المفقود 28-08-13 04:00 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
انتظروني الى ان اجد رواية مشوقة ورائعة :dancingmonkeyff8:ولو وجدتها حاضر ابدا بكتابها على طول :lol: مع تحياتي وحبي :liilas::8_4_134: ولعيونك يا زهورة :55:

زهرة منسية 28-08-13 08:14 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
يسلم أيديكى عنيكى أمولة
أختيارك حلو كتير
و ما شاء الله عليكى كلك حماس
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...7713551272.gif
لك منى باقة ورد حلوة زيك أمولة و بأنتظارك فى رواية جديدة
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...713551251.jpeg
موووووووووووووووووواه

ام عبيده 29-08-13 03:31 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
يسلموا الانامل اللي كتبت وابدعت تسلميلي حبيبتي وحكون بأنتظار اختيارك الجديد دمتي

Rehana 29-08-13 08:00 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
 
ماشاء الله عليك .. نشيطة وحماسية في الكتابة والتنزيل
واكيد يا امل بانتظار جديدك

وبما انها حصرية لمنتديات ليلاس تثبت الرواية لمدة اسبوعيين

http://www.alg4.com/vb/images/thanks1.jpg

الامل المفقود 29-08-13 11:23 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:8_4_134:شكرا لكم جميعا على دعمكم وكلماتكم المشجعة :peace:
:lol:وشكرا لكل عضو او زائر كلف نفسه وظغط على ايقونة الشكر :liilas:
تحياتي مع حبي:lol:

ملآک 06-09-13 03:21 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه جميله جدا

الامل المفقود 14-09-13 09:46 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا لكم جميعا على المتابعة تحياتي مع حبي:welcomepirate4::wookie:

ندى ندى 15-09-13 10:02 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الروايه رائعه جدا جدا ومميزه

يسلمو حبيبتي ووفقك الله

الامل المفقود 22-09-13 09:53 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
نشكر كل من كلف نفسه ورد على مشاركتي هذه ولو بضغطه على ايقونة الشكر اتمنى لكم الاستمتاع بها وبجميع مشاركاتي

الجبل الاخضر 01-11-13 12:53 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

الامل المفقود 01-11-13 11:09 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا لك يا بنت الجبل الاخضر الاشم اتمنى لكي قراءة ممتعة وتابعي معلي باقي الروايات و تحياتي

قماري طيبة 26-08-14 08:25 PM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
Thaaaaank you

نجلاء عبد الوهاب 06-07-20 01:05 AM

رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوه كتير
:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134:


الساعة الآن 04:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية