منتديات ليلاس - [قصه قصيره ] طرائف السيد دال

طرائف السيد دال _ الحلقة الثانية

مخاض الامتحانات

اهلا اعزائي عدت مرة اخرى في حلقة جديدة من طرائف السيد دال و عنونتها كما رايتم بمخاض الامتحانات ففعلا يحس كل واحد منا في هذه الايام كانه دخل مخاضا لا ينتهي إلا بانتهائها و رحيل السيد دال عن المدرسة حاملا نتائجها الى النيابة التعليمية لنهنأ كالنفساء بأيام النقاهة بعيدا عنه.
و اذكر امتحانات الفترة الاولى لهذا العام اجتمعنا كما العادة قبلها للاتفاق على كل ما يلزم و عن لجنة الحراسة ولجنة التصحيح و غيرها من الامور التي تهم ذلك اليوم . حسنا قبل ذلك دعوني اصف لكم الاجتماع نكون انا و سونة و شيري اخر من يعلم بموعد الاجتماع طبعا فالسيد دال لا يرى ضرورة لاعلامنا فنحن موجودات اين قد نذهب؟ و غالبا نعرفه عن طريق المعلمات في الوحدات الاخرى و يكون موعده بعد الظهر. المهم نكمل دروسنا ثم ندخل الى المنزل نتغذى و نجلس في انتظار وصول الاخرين . نعرف ان السيد دال يحب استعراض العضلات لذلك فهو يستفرد بالواصلين لإلقاء كلمة مقتضبة عن اخر المستجدات كما يستعرض معلوماته عن تحركاتهم طوال الاسبوع يعني مدى معرفته بمن تغيب بدون اذن . و بعد تأكدنا من حضور الكل نذهب ايضا لتبدأ المعاناة السيد دال يجلس مترئسا الاجتماع و نحن حوله مضطرين لسماعه يقرأ المذكرة المنظمة للامتحانات فهو يصر دائما على قراءتها لنا رغم اننا نحفظها عن ظهر قلب تمر ساعة قبل ان ينتهي و في هذه الاثناء تجد الكل بدا يتثاءب و هناك من بدأ يلعب بهاتفه المحمول أما أنا و صديقتاي فنحاول تجنب التقاء نظراتنا حتى لا ننفجر ضحكا. نعم فقراءة السيد دال تقلب موازين اللغة العربية خاصة و هو يخترع كلمات لا وجود لها ينطقها بكل ثقة كانه سيبويه عصره وزمانه.
بعد اكمال القراءة يفاجئنا بتغيير جذري في الخطة لقد قرر لوحده طبعا رغم أنه أشار الى أن مقترحه قابل للنقاش أن هذه السنة فقط مدرسي السنة السادسة لن يدرسوا ايام الامتحانات و أن على الاخرين متابعة السير العادي للدروس . كيف و من سيحرس ؟كان هذا سؤالنا . لقد قرر عقله العبقري تقسيمنا لفريقين الاول يحرس و الثاني يصحح . مع العلم أن مجموعنا ستة , اخبرناه أن عددنا قليل جدا حسنا اكتشف سخافة خطته لكن هل يعترف طبعا لا . قرر أن علينا كلنا الحراسة ثم في اليوم الثاني نجتمع على التصحيح . و كانت زحزحة جبل من مكانه اسهل من اقناعه بان هذا من شأنه زيادة العمل فقط لكن اوليس هذا هو عمل السيد دال في الحياة ملء أيامنا بالعمل .
كان الامتحان يومان و كان على التلاميذ الحضور الى المركزية لاجراء الامتحان و كذلك الاساتذة . فأصبحنا تسع معلمات في منزل واحد صراحة اجتماعنا تحت سقف واحد يكون اجمل شيء في تلك الايام رغم صعوبته لكن يكون مليئا بالضحك و المشاكسات. يبدأ الامتحان على الساعة الثامنة و النصف اي علينا النهوض ساعتين قبل ذلك لكن من يستطيع سهرنا في الليلة السابقة يجعل الامر شبه مستحيل تعرفون اجتماع الفتيات سهرة الى ما بعد منتصف الليل.
نهضت و ارتديت ملابسي ثم بدات كل الفتيات في الاستيقاظ اعددنا الفطور و جلسنا بكل اريحية و نحن نعرف ان السيد دال يقطع الساحة ذهابا و ايابا في انتظار خروجنا . بعد الثامنة بقليل خرجنا الواحدة بعد الاخرى لنجده على حافة الانفجار و السبب على ما يبدو لم يجد من يساعده على و ضع الارقام و اعداد الاقسام و المفاجأة هو لم يفعل شيء بل حتى لم يحاول . اعددنا كل شيء بينما سونة تتابع دروسها لانها لا تدرس السنة السادسة نسيت ان اخبركم ان السيد دال في اطار كرم اخلاقه و احساسه بالمسؤولية طلب أن يساهم كل منا بمبلغ اقترحة لشراء كل مستلزماتنا لليومين و طبعا تكفل بالتسوق حتى يتسنى له التصرف بكل حرية في المشتريات التي تكون دائما اقل من المتوقع. بينما طلبنا من السيدة التي تعمل في المطعم ان تقوم بالطهو حتى نتفرغ لعملنا .
بدأ التلاميذ يصلون و اصبحت الساعة الثامنة و النصف و لم يصل تلميذ بعد فجن جنون السيد دال و هو يستجوب المعلم الذي يدرسه و الذي انكر معرفته بسبب الغياب لكن السيد دال لم يرد الاستسلام لقد طلب منه ان يبحث عن رقم والده وان يتصل به ليستفسر عن السبب فعلا جرى الاتصال و تبين ان التلميذ لم يعد يرغب بمتابعة دراسته كحال اغلب الاولاد في سنه في هذه المنطقة بعد بلوغهم الثالثة عشر يسافرون الى المدينة بحثا عن عمل . حاولا اقناعه بالعكس و اخيرا وافق والده بان يسمح له باجراء الامتحان اعجب الكل بأخلاق السيد دال العالية و تفكيره في الاخرين و بدأنا ننظر إليه بنظرة جديدة لنفاجأ به يتصل بمدير صديقه يسأله عن نسبة الغياب في مدرسته ليخبره الاخر انهم خمسة تلاميذ لم يحضروا ليجيبه مديرنا بكل تفاخر ان مدرستنا نسبة الغياب فيها لهذا العام صفر . لنفهم نحن السذج أن كل ما قام به السيد دال كان فقط بغرض التباهي .
بدأت اول مادة و دخل المكلفون بالحراسة الى الاقسام بينما الاخرون اخذوا الملفات لملء النتائج . كانت سونة تطل مرة بعد مرة تستطلع الاخبار بينما جلست مع شيري لاكمال النتائج اما السيد دال فكان يخرج من الادارة ليدخل الفصول مراقبا حتى لا نسرب الاجوبة فهو يغضب إذا كانت النقط عالية و يغضب ايضا اذا كانت ضعيفة في الحالة الاولى يتهمنا بتسريب الاجوبة و الثانية بعدم مساعدة التلاميذ المهم اننا مذنبون في كل الحالات .
بعد انتهاء المادة الاولى اخذ الاطفال فترة استراحة خمسة عشر دقيقة لتدخل الاستاذة جود و هي معلمة تدرس في وحدة تبعد عنا بسبعة كيلومترات الى الادارة حتى تعيد الملفات الى اماكنها وكما حكت لي انه اثناء و قوفها امام الخزانة دخل السيد دال و سألها هل تأكدت من وجود كل الملفات وكان جوابها نعم . لم أخبركم أن جود أكثر شخص مرتبك قد تلتقونه إنها لا تستطيع الجلوس في مكان واحد مدة طويلة كما انها متسرعة جدا ما يوقعها في المشاكل دائما . حسنا هو ايضا كان يعرف ذلك فطلب منها اعادة عد الملفات و فعلا كما توقع كان هناك ملف ناقص . و تبدأ وصلة الاوبرا فتتعالى صرخات السيد دال و نهرع الى الادارة لنجده يدور في الغرفة كالمجنون يبحث في كل مكان اما جود فكالعادة انسحبت بهدوء بعد أن صرحت أنه لا علم لها بمكانه حاولنا ايجاد الملف لكنه اختفى . ما جعل مزاج السيد دال معكرا طوال اليوم. عفوا ليس أثناء الغذاء فالسيد دال تربطه علاقة حب عميقة مع الأكل لذلك فهو يكون في احسن حالاته على مائدة الطعام.
في المنزل اجتمعنا نحن البنات بينما انضم المعلمان الى المدير . كانت الوجبة غنية بالاحاديث الممتعة والاخبار الكثيرة عن كل ما مر بنا طيلة الاشهر الماضية عن مغامراتنا مع السكان و التلاميذ و اكيد مع السيد دال. انا و شيري و سونة باعتبارنا اصحاب البيت كان لابد ان نهتم بكل شيء من اعداد المائدة و ارسال الوجبة الخاصة بالرجال الى منزل المدير و ايضا الاهتمام بكل التفاصيل الاخرى.
في المساء , دخل التلاميذ الى الفصول مرة اخرى و كان معهم المكلفون بالحراسة من الاساتذة بينما جلسنا نحن الباقون في قسم اللغة الفرنسية حيث تدرس شيري كنا قد اكملنا تعبئة النتائج و بقينا دون عمل فاقترحنا على السيد دال ان نقوم بتصحيح اوراق المواد التي اجريت امتحاناتها صباحا لكنه رفض لان التصحيح يكون في اليوم الموالي فبقينا جالسين ننظر لبعضنا ما اعطى للسيد دال الفرصة للقيام بهوايته الممتعة التي هي الحديث ثم الحديث و اخيرا الحديث عن نفسه و انجازاته و مشاريعه التي تكون غالبا حبرا على ورق.
فاذكر انه عند بداية العام ارسلت النيابة التعليمية عدة علب من الصباغة فطلب منا المدير ان نقوم انا و شيري بصبغ اقسامنا لكنا اعتذرنا فنحن لا نعرف كيف فقال ان الامر سهل و ما علينا سوى الاعتماد على مساعدة تلامذة السنة السادسة و الخامسة طبعا رفضنا فاكبرهم يبلغ الثالثة عشر فكيف سيفيدوننا و كما العادة غض الطرف عن كل تبريراتنا فكرنا انها الفرصة الوحيدة لاصلاح الخربتين حيث ندرس فوافقنا طلبنا من التلاميذ الحضور يوم السبت لانه عطلة لنقوم بازالة طبقة الدهان القديم وفعلا تم ذلك و لحسن حظنا تطوع احد الاباء عندما عرف بالمشروع بان يقوم بالدهان فاتفقنا معه على اليوم لانه كان سيسافر قريبا الى المدينة . المهم عاد السيد دال و سال اين وصلنا في العمل فاخبرناه بالعرض لكنه اعترض بدعوى ان ذلك الرجل لا يعرف شيئا عن الصباغة . و نحن ماذا؟ بيكاسو و فان جوغ ؟ لقد اصر رغم محاولاتنا المستميتة باقناعه . و عاد الرجل الى المدينة و بعد يومان اتصل السيد دال يخبرنا ان النيابة ستقوم بالعمل فنسينا الموضوع في انتظار حضور فريق العمل الذي سيرسلونه . و واثقة انكم استنتجتم ان الدهان لازال في مكانه و اننا لازلنا نعيش في خرائبنا هانئين سعداء تحت شعار السيد دال لا للتغيير.
لا تنتهي ايام الامتحانات الا بصعوبة ساعات طويلة من الملل والتيه لان السيد دال يكره ان نقوم باي شيء دون اذنه فننتظر اوامره رغم ان اغلب ما يقوم به في ساعات نستطيع انجازه في ساعة بطريقتنا لكن نحن وطرق السيد دال العجيبة .

والى اللقاء في طرفة جديدة .

بقلم:مليكة العاك
[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]Malikaflowrs[/COLOR]