وَحَانَ اللِّقَاءُ
فِيْ دُجَى الْلَّيْلِ وَقَفَتْ تَتَرَنَّحُ كَالْثُّمَالَةِ ، الْجُوعُ وَالوَمْطَةُ سَلَبَاهَا كُلّ طَاقة وَهَبَص كَاْنَ جَسَدُهَا قَدْ امْتَلَكَهُمَا فِيْ الْزَّمَنِ الْبَعِيد..! ، حَيثُ الْدِفْءُ يَمْلَأُ عَالَمُهَا، وَالأمَانُ مَاْ فَارَقهَا فِيْ كَنَفِهمَا عَاْشَتْ لَحَظَاتٌ ثَمِينَة ، عَاشَتْهَا بِكُلِّ ثَوانِيهَا وَدَقَائِقُهَا دُونَ أَنْ تُضَيِّعَ لَحْظَةً وَاحِدَة ، وَكَأنَّهَا تَدْرِي أنَّ فَقْدِهمَا قَرِيب..! دَاعَبَهَا الْنَّسِيم وَأعَادَهَا لِلْمَاضِي ، حَيْثُ هُمـَا وَهِيَ فَقَط ، تتنقل بَيْنَ بُسْتَانٍ وَآخر .. تُدَنْدِنُ رَاقِصَة وَالْرِّيَاحُ تَعْقِدُ مُعَاهَدة مَعَ ابْتِسَامَتِهَا لَئلا تُفَارِقُهَا .. هِيَ ْرِيَاحٌ هَادِئة لَمْ تَهبُّ إلَّا لِأجْلِ ذلك.." طَغَتْ الأمْطَارُ عَلَىْ الْسَّمَاءِ فَأمَاتَتْ حلمها ، أَرجَعَتْهَا إلى الآلام وَالأوجَاع .. حَيْثُ (وَاقِعهَا المرير)..! أمَامَ سَلَّةِ الْنُّفَايات وَاقِفَة تُفَتِّش عَنْ (خُبْزٍ) يَسِدُّ جُوعهَا أو قَطْرَةَ (مَاءٍ) تَبِلُّ بِهَا مُهْجَتِهَا الَّتِيْ هَيَّجَهَا الْظَمأ..! عَاْنَتْ دُمُوعُهَا والأمْطَارُ تَتَساقَط وَهِيَ لَاْ تَزَال تُفَتِّشُ بِلَا مَلَلٍ أَو كَلل دُونَ فَائِدَةٍ مَنْ ذَا يُصدِّقُ إنَّهَا طِفْلَةُ لَمْ تَبْلُغ التَّاسعة مِنْ عُمْرِهَا..؟!!! ، هَاْلَاتٌ سَودَاء تَرَبَّعَتْ تَحْتَ عَيْنَيهَا ، وَذُبُوبَ جَسَدِهَا الَّذِيْ أَوْشَكَ عَلَىْ إزهاقِ رُوحِهَا ، ثِيَابٌ مُمَزَّقَةٌ مَاْ دَلَتْ إلَّا عَلَى يُتْمِهَا..!! أجْهَدَهَا الْتَّعَبْ .. ألْقَتْ بِنَفْسِهَا عَلَى الأرضِ وَالأمْطَارُ فِيْ ازْدِيَاد ، رَفَعَتْ رَأسّهَا للسمَاء ، تَعَمَّقَتْ فِيْ الْنَّظَرِ وَهِيَ تَجْهَشُ بِالبُكَاءِ..! تَزَايَغَتْ مَدامِعُهَا عِنْدَ هُبُوبِ الْرِّيَاح وَهِيَ تُرَدِّدُ: مَاْمَاْ .. بَاْبَا ، مَتَى نَجْتَمِعُ مِنْ جَدِيد..؟ .. مَتَى أغْدُو فِيْ كَنَفِكُمَا أعيِش..؟ .. مَتَـــى..؟! ، أمَا آن لِـلقاءِ أَنْ يَحِين..؟؟؟ ، مَاْمَا .. بَاْبَاْ ، إلى مَنْ التَجِأ فِيْ هَذا الغَيهَبِ الْمُخِيف..؟ ، مَاْ تَرَكْتُم لِيْ حَتَّى صَدِيق يُؤنُسُّنِي فِيْ وُحْدَتِي .. يُحَدُّثُنِي بِأحَادِيثكُمَا وَيَرْسُّمُ لِيْ صُورَتَكُمَا الَّتِي تَلَاْشَتْ مِنْ ذُهْنِي بِسَببِ الْسِّنِين ، مَاْمَاْ .. بَاْبَا ، باللهِ عَلَيْكُم مَاْ أَجبْتُمَانِي .. أَجِيبَانِي وخٌذَانِي بَيْنَ أحْضَانِكُمَا لِتُلَّمْلِمَا .. لِتُلَّمْلِمَا جُرُوحِي الَّتِي خَلَّفَتهَا صَواكُم الزَّمَنِ ، أبَتَـــــــــــاه .. ألَا تَرَى كَيْفَ أصْبَحَ حَاْلِي..؟ ، بَيْنَ الْسِّكَكِ أَتَنَقَل .. لَاْ مَلْجَأ يُأويني أو عَمٌّ يُحَامِي عَنِّي .. خَلَّفَتْنِي الْحُروبُ وَحِيده ، بــَابـــا .. ألَنْ تَرُّدَ جَوابَاً..؟ .. أمَا رَقَّ فُؤادُكَ عَلَى يَتِيمَتُك..؟ ، أُمَّـــــــــاه وَأنْتِ...؟؟!! .. انْظِري كَيفَ اسْوْدَّتْ وَتَشَقَقَتْ قَدَمَاي مِنْ كَثْرَةِ الْسَّيرِ..؟! ، ألَنْ تُحْضِري لِيْ حذاء حرير أنْتَعِلَهُ لِيُخَفِّفُ ألمهما .. لا لا لا .. بَلْ اشْتَرِي لِيْ سُتْرَةٌ مِنْ صُوف تُدْفِئُنِي فـ .. فَالْبَردُ قَاْرص يَكَادُ يُجَمِّدُنِي .. مــامــا .. بــابـــا .. مــامــا .. بــابـــا - هِيْ .. أنْتِ .. أيِّتُهَا الْصَّغِيرة ، مَاْ بِكِ تَصْرُخِينَ وَتَبْكِين..؟ - ابْتَعْد عَنِّي يَاْ هَذا ، مَاْذا تُرِيد..؟!! - سآخذكِ لِمَنْزِلَكُم فَعَلَى مَاْ يَبْدُو أنَّكِ تَائهة - تَدل مَنْزِلَنَا كَيْ تَأخُذَنِي إليْه..؟!!!! ، قَدْ أصْبَحَ رَمَاداً .. خَلَّفَتْهُ الحرب رَمَاداً كَمَا خَلَّفَتْ عَائِلَتِي فَلا مَنزل يَضُمُّنِي الآن .. تَبَّاً لِلْحَرب .. تَبَّاً للحَرب - كَمْ مِنْ سِنينٍ مرَّتْ عليها وَلا زِلْتِ تَذْكُرِينَهَا أيَّتُهَا الْصَّغِيرة..؟!! - نَعَمْ .. سَأتَذَّكرُهَا وَأتَذكرها ؛ لِأنَّهَا سَلَبَتْ مَنِّي عَائلتِي.. فَرْحَتِي .. كُلّ ابْتِسَامَاتِي - إذاً.. هَيا .. تَعالي معي ، سآخُذكِ لِمَنْزِلي الْكَبِير ، فِيْهِ كُلّ مَاْ تَتَمنَّيه مِنْ ألْعَابٍ وَطَعَامٍ ولِبَاس.. كُلّ شيء سَتَحْضَينَ بِهِ .. فقط تعالي معي - لا أُرِيد .. لا أُرِيد ، دَعْنِي .. أُتْرُك يَدِي .. سَــاعِدُونـِي - آآآآه .. تبَّاً لكِ .. تبَّاً ، عَضَّتْ يَدِيْ .. عَلَيْكِ اللَّعْنَة أيَّتُهــَا الـــــ..." هَرَبَتْ بَعِيـــداً مِنَ الْمَجْهُول نَحْوَ الْمَجْهُول ، لَاْ دُمُوعٌ تَوقَّفَتْ وَلَاْ أمْطَارٌ هدأت إلى أَنْ أَدْرَكَهَا الْمَوْت ، لَقَتْ حَتْفُّهَا عَلَى إثْرِ حادث .. بِلَا رَحْمَةٍ دَهَسَتْهَا الْسَّيارة وَفَرَّ صَاحِبُهَا عَلَى عَجَلٍ مَاْتَت وَهِيَ تُردَّدُ قَبْلَ ذلك: بَـاْبَـا .. مَـامَـا ، حَاْنَ لِقَاؤُنَا ،،،، أختكم في الله: ميثــاق |
رد: وَحَانَ اللِّقَاءُ
رائعة جدا
يا الله كم هي مؤثرة ماشاء الله عليكي قلمك يستحق التقدير والمتابعه احاسيس ومشاعر ولا اروع >>> رحماك ربي يا الله رحمتك يارب رحمتك ولطفك على ابناءنا واهلنا في سوريا وفلسطينن وسائر بلاد المسلمين اللهم امين اتمنى لكي التوفيق الدائم تقبلي مروري |
رد: وَحَانَ اللِّقَاءُ
رواية مؤلمة ومعبرة كثير عن الواقع المرير الذي يعيشه المجتمع وبعده عن الانسانية يسلو حبيبتي طرحك لموضوع مثل هذا يتغاضى عنه الكثير من الناس ويعترون اطفال الشوارع مجرد اشياء قذرة دون ان ينظروا السبب الذي دفعهم للوصول الى هذا المكان
|
رد: وَحَانَ اللِّقَاءُ
اقتباس:
دمتِ في الدارين بنعيم أبدي ..^_^ |
رد: وَحَانَ اللِّقَاءُ
اقتباس:
سَلَّمَكِ الله من كل سُوء ولكِ جزيل الشّكر على حُضوركِ الجميل .. أفرحني كثيراً دمتِ بخير..^__^ |
الساعة الآن 06:41 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية