منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f752/)
-   -   حصري 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى) (https://www.liilas.com/vb3/t185631.html)

زهرة منسية 28-03-13 11:01 PM

رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
 

أصغت إلى محادثتها و هى تشرح لها عن بساتين العنب و حقول الزيتون .
من الواضح أن لوسيا باغنون و التى يبدو أنها قريبة لوكا لم تكن تنتظر منها رداً على حديثها . لكن ما إن ظهرت الكسا إشارة تعجب و مالت فى مقعدها لتحدق فى مبنى عسلى اللون حتى قالت مرافقتها :"هذه كنيسة تعود إلى العهد الرومانى الأول و قد تم بناؤها قبل أكثر من ألف سنة . إنها جميلة, أليس كذلك؟"
قالت الكسا :"لم أر فى حياتى مبنى بهذا القدم"
فقالت لوسيا باغانون :"لدينا هنا العديد من الآثار الرومانية و اليونانية ربما تودين رؤية بعضها"
قالت الكسا بحذر:"عذراً , لكن هل أنت إحدى قريبات....أمير داسيا؟"
بادليتها لوسيا باغاتون بابتسامة حذرة قائلة :"هناك قرابة بعيدة بيننا . انا أعمل لديه كسكرتيرة علاقات عامة فى المناسبات"
انعطفت السيارة فى طريق أقل اتساعاً إلى أن توقفت أمام بوابة حديدية مزخرفة بإتقان . أطلق السائق زمور السيارة فانفتحت البوابة على مدخل يقع بين جدران عالية ذات لون برتقالى مبهج.
قالت محدثتها :"ها هى الفيلا التى فكر لوكا أنك ستحبين الإقامة فيها"
بعد أن أشرفت المرأة على نقل حقائب الكسا إلى غرفة تتسلل إليها أشعة الشمس الغاربة و تطل على البحر استدارت و قالت لـ الكسا :"تمتعى بإقامتك آنسة مايتون. سيقدم العشاء بعد ساعتين و إذا احتجت إلى شئ اطلبيه من كارلوتا مدبرة المنزل . أما إذا أردت القيام بجولة فسيسعدنى مرافقتك, إلى اللقاء"
كانت لوسيا لطيفة جداً. لكن الكسا شعرت بثقل الحواجز بينهما . أهذه سمة مميزة فى الأسرة أو ربما تكون تلك القريبة على علاقة حب بـ لوكا؟
ــ شكراً لك.
قالت الكسا ذلك بابتسامة ما لبثت أن ذبلت و تحولت إلى كآبة بعد خروج محدثتها. جعلها لوكا تفهم بوضوح بأنه لا يريد أن يستأنف أى علاقة بها. إذاً فمن الغباء أن تشعر بأنها مهجورة . قومت كتفيها و نظرت حولها , فتذكرت غرفة نوم آخرى بالقرب من بحر آخر . كلاهما مفروشتان بأناقة إلا أنهما مختلفتان تماماً فهذه الغرفة تحمل بصمة حضارة قديمة بجدرانها السميكة و أثاثها المحفور .
كانت تقاوم شعور سخيفاً بالحرمان . أخذت دوشاً فى الحمام الرخامى التابع لغرفة النوم . عندما عادت إلى الغرفة وجدت ان حقائبها أُفرغت و أن ثيابها رتبت فى خزانة ضخمة تفوح منها رائحة اللافندر و أكليل الجبل .
تلك الروائح المألوفة أعادت الطمأنينة إلى نفسها . استلقت فى السرير مستسلمة للتعب الذى تشعر به متوسلة الهدوء لعقلها بينما كانت الشمس تتسلل من خلال مصراعى النافذة اللذان تحول لونهما إلى نحاسى متوهج.
كان دماغها يرفض بعناد الاستسلام مبحراً من جديد فى دوامة من الشكوك و الآمال الواهية.
ــ آن لك أن تستفيقى!
صرخت بغضب و هى تتحرك باعياء فوق الوسائد . لقد أفهمها لوكا بوضوح شديد بأن كل ما كان بينهما أصبح ميتاً بالنسبة إليه و لا بد أن يصبح كذلك بالنسبة لها أيضاً, لأن التفكير فيه سيكون مضيعة للوقت و الطاقة.
سئمت من حماقتها , فقررت النهوض و اختارت تنورة من القطن الناعم مع قميص بدون أكمام من اللون الأزرق الباهت نفسه . سرحت شعرها و وضعت القليل من أحمر الشفاه قبل أن تنزل الدرج كأنها شخص متسلل ينتهك حرمة الصمت فى هذا المنزل الواسع.
لم تحاول الكسا النظر إلى أى من الغرف الأخرى, بل وجدت نفسها تسير باتجاه الباحة الخلفية للمنزل التى تظللها نباتات زهرية اللون فأحست بغصة ملؤها الحنين إلى الوطن, جعلت الدموع المؤلمة تنهمر من عينيها .
هدأت من روعها و تابعت سيرها نحو نافذة واسعة تطل على بستان ملئ بنباتات تتدلى كشلال رائع. سحرها المنظر و إذا بكل حاسة من حواسها متيقظة تنبض بالحياة.
راحت الكسا تمعن النظر إلى الفناء الملئ بأشجار النخيل الموزعة فى مزهريات ضخمة و إلى البركة المزدانة بنوافير الماء . لاحظت أن أحدهم قد وضع هناك طاولة لشخصين . و فجأة أخذ قلبها يخفق بقوة داخل صدرها و احست أن الحياة عادت إليها من جديد.
ــ عمت مساءً
ترنحت الكسا بارتياح تشوبه السخافة لأنها قررت ارتداء أجمل ثيابها غير الرسمية. قالت و فى صوتها اضطراب :"عمت مساء"
كما أن ابتسامتها المضطربة لم تفارقها . تقدم لوكا باتجاه الباحة و تسمرت نظراته الذهبية على وجهها ثم قال بلهجة رسمية :"أرجو أن يكون كل شئ كما ترغبين"
لقد اصبح الآن كذلك , اقتنعت الكسا بعد مقاومة عنيدة بأنه أياً يكن شعورها نحو لوكا فهو أكثر من رغبة و أكثر من إعجاب....إنه اكثر من ذلك بكثير....
لكنها قاومت هذا الشعور الذى قد يورطها :"إن لم أقل إن كل شئ على ما يرام أكون امرأة صعبة الإرضاء . إن كل شئ رائع. شكراً لك"
و بعد لحظة من التردد سألته :"متى سيحضر.... أمير ايليريا؟"
قال لوكا باقتضاب و بصوت عميق :"بعد غداً. فكرنا أنه من الأفضل أن نترك لك يوماً كاملاً لترتاحى من تعب السفر"
ثم ضاقت عيناه و هو يمعن النظر إلى وجهها :"الا يسرك هذا؟"
منتديات ليلاس
فقالت الكسا :"أجل, أجل , هذا جيد . فهذه هى المرة الأولى التى أطير فيها لأكثر من ست ساعات . لكن لا أظننى أخاف الطيران . و أنت ألا ترهقك الرحلات الطويلة؟"
قال لوكا بهدوء :"عودت نفسى على النوم أثناء السفر . كما أنى أشرب كمية كبيرة من الماء"
فقالت :"هذا يذكرنى بأنى مدينةلك بتكاليف الرحلة"
كشر قائلاً :"هل يمكننا تأجيل القتال حول هذا الموضوع إلى الغد؟ أنها ليلتك الأولى هنا و أريدك أن تتمتعى بها"
اجفلت الكسا و قالت:"لم أكن أنوى القتال؟"
ــ أنسى الأمر إذا
و أمام ترددها تابع لوكا بكسل:"حتى الغد"
وافقت باهمال"حتى الغد"
أدركت الكسا على الفور أنه عندما ينظر إليها بهذه الطريقة تنسى ما يريدها أن تنساه قال و هو يتقدم نحو الطاولة :"أجلسى و أخبرينى كيف كانت الرحلة؟"
فوجئت عندما رأت الطعام الفاخر على الطاولة و تساءلت عن نواياه , محالوة بصعوبة المحافظة على وقارها . لكنها فشلت فقد جعلتها الحماسة تشعر باحساس غائر فى معدتها , يتسلل حتى أطراف أصابعها كتيار كهربائى يتحرك وفق قوانينه الخاصة.
كانت السماء مزدانة بالنجوم و الريح تهمس همساً من خلال أشجار الصنوبر .
راحت الكسا تبحث عن شئ تقوله فسالته عن سانتا روزا . بدأ لوكا يتحدث عن الوضع هناك و هى تقول فى سرها إنه مسرور دون شك لتجنبه أى حديث شخصى. كانت تصغى إليه بانتباه , فخف توترها قليلاً و فكرت بيأس أن بامكانها تمضية الليل بأكمله و هى تناقش و إياه شئون العامة.
حانوقت العشاء فاحضرته مدبرة المنزل البشوشة على عربة , ثم ما لبثت أن أختفت . كانت الكسا تحس بالإثارة فتتلقف بجوع صوت لوكا العميق و ابتسامته الساحرة و تراقب بلهفة وميض الشموع الذى ينعكس على محياه القوى و جماله الرجولى الأخاذ.
بعد فترة استلقت الكسا على السرير الضخم فى غرفتها تستعيد شريط أحاديثهما فى ذهنها , فأحست بالرهبة لكثرة المسئوليات الملقاة على عاتق لوكا متأثرة بقدرته على السيطرة على عالم الأعمال و معجبة بقدرته المطلقة على كتمان السر. فهو لم يخبرها بشئ لم يسبق لها أن قرأته او سمعته عنه فى وسائل الإعلام
بالرغم من حديثه معها فى أوكلاند فهو لا يزال غير واثق بها. و يبدو أنه لم يتمكن بعد من تخطى ما تعرض له منذ الطفولة.
بائسة و تعيسة راحت الكسا تضرب بقبضتها على الوسادة ثم دفنت وجهها المحموم فيها.
لكن لوكا لا يزال يرغب فيها فهو لا يستطيع إخفاء تلك الإشارات الجسدية الصغيرة التى تنم عن مشاعره....كتلك التوترات السريعة فى إحدى عضلات فكه , و ذلك الاتساع فى بؤبؤى عينيه الذى يحولهما إلى جوهرتين ملتمعتين عندما تنظران غليها.
ضغطت بيدها على قلبها الذى تسارعت دقاته و أمرته بصرامة ان يهدا فمهما تكن حساسة لسحر لوكا الرجولى لا يمكنها الوقوع فى حبه .
و رغم أن ذكريات علاقتهما لا تزال من القوة بحيث ترسل ردات فعل عنيدة فى داخلها , فإنن أى علاقة معه ستكون كالبركان متفجرة , تكاد توقف القلب. فعلى لوكا الا يفقد السيطرة على نفسه أبداً....و عليها أن تدرك أن ذلك أفضل لها . فهى لن ترضى بالتأكيد أن تكون مجرد عشيقة له.
قالت و كانها تخاطب الغرفة الصامتة :"على أى حال هذا أمر تقليدى"
فلوكا لم يقم بمحاولة واحدة للتقرب منها خلال تلك الأمسية....و تجنب بحذر شديد ان يلمسها, و كان يوجه الحديث ببراعة و بقلب متحجر نحو شئون غير شخصية . و قد يسخر من فكرة جعلها عشيقة له . خاصة و أن لديه تلك الأميرة الكاملة كواجهة ملائمة لمكانته .
أمرت الكسا نفسها :"إذاً , توقفى عن التطلع إلى النجوم و أخلدى إلى النوم"
و ما لبثت أن غلبها النعاس فغطت فى نوم عميق.

منتديات ليلاســـ


زهرة منسية 28-03-13 11:05 PM

رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
 

استيقظت فى الصباح و هى تشعر بالجفاف فى فمها و بصداع خفيف فى رأسها و بتصلب فى عضلاتها فقد اكتشفت أنها لم تتحرك فى سريرها طيلة الليل. تمطت و ترنحت قليلاً و هى تغادر السرير . فتحت النافذة و ابتسمت لرائحة الصنوبر الذكية. منظر الشمس و هى تتهادى فوق البحر.
ارتدت الكسا ثيابها بسرعة و التقطت آلة التصوير وراحت تركض على الردج لتلتقط صوراً رائعة . فهى لن تعود إلى هذا المكان ثانية, و تريد أن تطبع فى قلبها كا لحظة من لحظات إقامتها فيه.
عادت إلى الفيلا بعد ساعة . كانت ثيابها مغطأة بالرمال لكنها شعرت بالسعادة . فقد التقطت صوراً عديدة للبحر و الرمال و المعبد اليونانى الصغير الرائع الجمال المشيد قرب الشاطئ .
و قبل أن تأخذ حماماً سألت مدبرة المنزل إذا كان بإمكانها الاتصال بـ لوسيا باغاتون . و مع ان المرأة المسنة تتكلم الإنكليزية بشكل جيد إلا أنه يبدو أنها أساءت فهم ما قالته الكسا . فبعد ساعة لم تكن قريبة لوكا من حضر إلى الفيلا بل هو نفسه.
ــ أوهـ , أنا لم أقصد....
توقفت الكسا عن متابعة حديثها أمام ابتسامته الرائعة تاركة الكلام يجيش فى دمها . و قالت بمرح:"آسفة.....أردت القيام بجولة , لذا طلبت من كارلوتا الاتصال بـ لوسيا لتتدبر الأمر. لم أقصد أن أعطلك عن واجباتك"
ابتسم لوكا و هو ينظر إلى وجهها المجفل و قال :"ليس لدى أى واجبات حتى ساعة متأخرة "
راح قلبها يرقص من الفرح و قالت زهرة منسية بلهجة متآمرة:"هل تتهرب من واجباتك؟"
ابتسم ليلاس ابتسامة عريضة قائلاً :"أنا لا أمضى كل ساعات النهار فى ممارسة المسؤوليات . أين تودين الذهاب؟"
لاحظت الكسا أنه يرتدى ثياباً غير رسمية و مناسبة للقيام بجولة و بدا لها الأمر و كأنه هدية من السماء فاقترحت بنبرة مفعمة بالأما :"تحدثت قريبتك لوسيا عن آثار عديدة"
ثم تابعت متظاهرة بالرصانة:"أظنها تعتبر تلك الكنيسة الرائعة التى تعود إلى عصر النهضة حديثة بعض الشئ لتستحق الإعجاب . لم أحاول مناقشتها فى الأمر"
فى وقت لاحق من النهار فكرت الكسا حالمة بأن هذا الوضع يناسبها تماماً فقد اصطحبها لوكا لرؤية القناطر الرومانية قبل أن يقودها عبر منتديات ليلاس التلال إلى حيث تناولا الطعام فى الهواء الطلق . كانا يتحدثان و كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل متجاهلين تلك الجاذبية الخفية بينهما, و التى تختبئ وراء كل كلمة و كل نظرة . كما اصطحبها لوكا عبر حقول الزيتون الفضية إلى مغارة كان يأوى إليها السكان الأصليون للجزيرة.
سألت الكسا و هى تنظر إلى الصخرة الضخمة :"إلى متى يعود تاريخها؟"
هز لوكا كتفيه :"ربما إلى ثلاثة آلاف سنة"
قالت و هى تشعر بالروعة :"إنها قديمة جداً"
ــ إنها من أقدم الآثار على هذه الجزيرة
ثم نظر إلى ساعته قائلاً :"من الأفضل ان أعيدك إلى المنزل. فلدى اجتماع بعد نصف ساعة"
لم يكونا قد شاهدا سوى قرية واحدة.... لكن لوكا قادها فى طريق العودة عبر مدينة صاخبة مزدهرة مازالت تعج بالسياح. مالت الكسا إلى الوراء و هما يمران أمام مبنى ضخم يقع قرب المرفأ و قالت:"هذا المبنى يبدو قديماً أيضاً"
قال لوكا باقتضاب :"إنه قصر يعود إلى عصر النهضة"
هالتها ضخامة القصر ز أبهته فقالت يبدو من الحراسة حولهأنه لامكان الذى تعيش فيه"
أجاب ببرودة:"إنه المقر الرسمى . لكنى امضى معظم أوقاتى فى منزل مريح آخر أصغر منه بكثير يقع على بضعة أميال خارج المدينة"
التزمت الكسا الصمت لقد حاولت طيلة النهار أن تنسى أن لوكا هو حاكم هذه البلاد لكن ذلك القصر الكبير الذى يشرف على المدينة جعلها تتذكر بعد المسافة بينهما .
أوصلها لوكا إلى مدخل المنزل و قال :"سأراك فى المساء"
منحته ابتسامة شاحبة قائلة بهدوء :" شكراً لك على هذا النهار الرائع"
صعدت الكسا الدرج ببطء . و بينما كان الوقت يمر بليداً فى غرفة نومها الحارة بعد ظهر ذلك اليوم لم يخطر ببالها مطلقاً ما الذى سيحصل معها . لكن ما أن وصل لوكا ذلك المساء حتى حصل شئ ما فى أعماقها و فهمت . لا يهمها ما قد يحصل فسوف تمضى بقية حياتها فى انتظار لوكا لأنها تحبه . إنها مثل جدتها أحبت رجلاً لن يكون لها أبداً . جدتها حصلت على الأقل على الحب مقابل ححبها و إن كان سريع الزوال لكنها لن تفكر بهذا الأمر الآن.
لم تحاول مطلقاً إخفاء ابتسامتها . نهضت من مكانها و توجهت نحو لوكا كانت تنورتها الطويلة تتراقص كالحلم حول ساقيها .
بادرته قائلة :"مرحباً . كيف كان الاجتماع؟"
منتديات ليلاس
جمد لوكا مكانه و راح ينظر فى عينيها و كانت الكسا تعلم ما يراه فيهما....حرك جفنيه و إنما متأخراً ليخفى بريقاً سريعاً ذهبى اللون فى عينيه . قال لها بتمهل :"كان طويلاً جداً"
احست الكسا بالارتعاش فهمست بصوت متقطع :"نـــــعـــــــم"
تراجع لوكا إلى الخلف و خطر لها أنها محاولة رفض بارعة لكنها مع ذلك تبقى رفضاً.
قبلت بها الكسا و أجبرت نفسها على الابتسام ثم سارت مبتعدة عنه.
نظرت من فوق كتفها لتقول :"سررت جداً لأنك تمكنت من التفرغ من أشغالك اليوم فقد كان يوماً رائعاً"
راح لوكا يرابها بعينين شبه مغمضتين و يتأمل ملامح وجهها و تفاصيل جسمها الرائع . كان شعرها يتطاير حول وجهها و مشيتها الصامتة تثير أحاسيسه بعنف.
قال و هو يتبعها :"انا لا أمضى كل أوقاتى فى اجتماعات رسمية"
رغم أن جسده يضج بجوع شديد لكل ما فيها , إلا أنه سوف يثبت لها هذه المرة أن بإمكانه السيطرة على نفسه من دون مشقة.
رمقته الكسا بنظرة سريعة و هو يسير باتجاهها عبر الباحة , ورأت الصد واضحاً فى وجهه, فتلك الملامح تبرز فيه كقناع ينبئ بالاعتداد بالنفس.
لم تكن بحاجة لتذكر نفسها بقدرة لوكا على ضبط نفسه والتى لا يضاهيه فيه أحد . فعلى الرغم من إحساسه القوى بها إلا أنه لم يظهر أى انهزام.
ظهر حبها الجارف جلياً أمامه فقد باتت تشعر بأن الحب بالنسبة إليها حاجة كحاجتها إلى الهواء .
تابعت الابتسام ثم قالت :"إذن , سيحضر عمى و زوجته غداً. هل سيمكثان هنا؟"
ــ إذا كان هذا سيناسبك.
قالت بصورة آلية :"بالطبع يناسبنى"
ــ اقترح الكسا أن يمكثا ثلاثة أيام
فقالت الكسا بوقاحة:"إنها مدة كافية . فإذا كرهنا بعضنا بإمكاننا التصرف بتهذيب مدة ثلاثة أيام"
....و بعد ذلك تعود إلى ديارها فبطاقة سفرها مفتوحة و يمكنها استخدامها فى أى وقت . قال لوكا بثقة :"لأن تكرها بعضكما البعض"
أملت ان يكون لوكا على صواب , فسألته باندفاع :"كيف هو أمير ايليريا؟ أعنى, أنا أعلم أنه فاحش الثراء و أعرف قصة هروره الرومانسية إلى استراليا . لكن كيف يبدو كأنسان؟"
أجابها على الفور :"إنه شخص رائع"
إن كلمة رائع تبدو مناسبة تماماً لوصف الرجل الذى تفوه بها , مما جعل الكسا تطلق شبه ضحكة لتقول:"كلمة مختصرة لكل سؤال"
فرد لوكا بجفاء :"سوف تحبينه"
ــ أمل ذلك.
راحت تحملق فى الرمال المترامية أمامها و هى سجينة أحاسيسها العاتية التى لا تقاوم و التى كانت تندفع بقوة طيلة ذلك اليوم الساحر فقالت على نحو مفاجئ :"إنه ليلاس مكان جميل"
ــ هل هو بمثل جمال نيوزيلندا؟
اشتمت الكسا فى كلامه رائحة التهكم , لكنها قالت :"لكل مكان جماله الخاص . فهذا المكان يبدو جميلاً جداً من الطائرة . كنت أظن أن الجو هنا جاف و قاس لكننى فوجئت بكثافة الغابات"
قال لوكا بهدوء :"كان أبى يغرس الأشجار"
نظرت الكسا حولها :"هذا المكان بالتحديد , ساحر جداً"
فقال :"كان المكان المفضل عند أمى"
و أنتقل فجأة إلى موضوع آخر :"أعتقد أننا سنتناول الطعام بالقرب من الشاطئ"
سارا جنباً إلى جنب دون ان يلمس أحدهما الآخر عبر الحديقة الممتدة أمام المعبد الصغير و هما يراقبان انسحاب آخر خيوط أشعة الشمس. كانت كارلوتا قد وضعت المائدة بالقرب من الأعمدة لكن عوضاً عن الأوانى الفضية و الكريستال التى وضعتها الليلة الماضية استعملت هذه الليلة الخزف الصينى و الزجاج كما وضعت شمعدانين طويلين يحملان شموعاً مضاءة
قالت الكسا بمرح :"قد يبدو ذلك جهلاً منى. لكن بالمقارنة مع ذلك المعبد الرائع المبنى فوق التلال, يحتاج هذا المبنى إلى الكثير ليبدو أصيلاً مثله "
ابتسم لوكا :"إن نظرتك ثاقبة , فهذا المعبد صورة طبق الأصل لكن تنقص روح المعبد الأصلى . فمنذ مائة و خمسون عاماً قرر أحد أجدادنا الرومانسيين أنه من المناسب بناء معبد لـ إيروس"
نبرة الاستخفاف فى صوته جعلتها تصاب بالقشعريرة فقالت:"إنه مبنى صغير و فاتن"
وراحت تسأله عن تاريخ داسيا , فأخبرها خلاصة ذاك التاريخ الكئيب و الدامى فى أغلب الاحيان . لكن , و بالرغم من أنها وجدته آسراً إلا أنها فضلت استعادة أحاديثهما الحميمة المليئة بالاحاسيس.
فـ لوكا الذى يتكلم الآن هو لوكا الأمير صاحب السطوة , الحازم....و الساحر سيد حياته!
و بالرغم من احترامها لشخصيته هذه و إعجابها بها إلا أنها وقعت فى حب ذلك الرجل الذى كانت تواجهه بشراسة و الذى ترك فى قلبها أثراً لا يمكن لأى رجل آخر أن يمحوه .
تقبليه كما هو , قالت لنفسها بصمت و هى تراقبه من خلال رموشها المسبلة , فأنت واقعة فى حبه و لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً فى حياتك على الإطلاق.


زهرة منسية 28-03-13 11:08 PM

رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
 
11 – مبارزة حـــــــب

كمبارزة, يتهيأ لأخطر مبارزة فى حياته , رفعت الكسا كأس العصير لتخفى تعابير وجهها ثم وضعته دون أن تشرب منه رشفة واحدة.
و كذلك فعل لوكا....أتراه يفكر فيها كغنيمة لهذه الليلة أم كامرأة كان يمكن ان يقع فى حبها لولا التربية الصارمة التى نشأ عليها, مما يجعله يفقد ثقته بالآخرين إلى الأبد؟
اشارت الكسا إلى داخل المعبد و قالت عرضاً:"هل أرى هنا مكبرات صوت؟"
أجاب لوكا بنبرة مشابهة لنبرتها :"هل ترغبين بسماع الموسيقى؟"
قالت ببطء :"أعتقد أنى أود ذلك؟"
ثم أضاف بنبرة مبحوحة رقيقة :"أريد موسيقى جيدة لرقص"
كان ذلك تحدياً مباشراً . قامته المديدة المتناسقة جعلتها تشعر بالقشعريرة على امتداد عمودها الفقرى . كان صوت تنفسها يهسهس بين شفتيها المتباعدتين , بينما كان يسير بخطواته الواسعة بين الأعمدة نحو منتديات ليلاس المدخل المعتم.
أحست بشئ ما فى حركاته يذكرها بصياد قوى مفترس , سيد يبطش بكل ما يقع تحت يديه.
ما هى غلا لحظات حتى انبعث فى الأجواء الدافئة موسيقى جاز المغرية. موسيقى تغرى بالرقص....و الحب...و أصابتها قشعريرة فاستدارت باتجاه حافة الباحة و راحت تنظر إلى عتمة البحر.
ــ الكسا.
استدارت بصمت و عيناها منخفضتان إلا أن لوكا لم يكن ليدعها تتمادى فى موقفها السلبى. و إذا بأصابعه النحيلة تلامس ذقنها بينما راح يتفحص وجهها بدقة.
ظلا صامتين. و التقت عينا الكسا بعينيه القاسيتين بوقار, إلى أن......أخذها بين ذراعيه....بعد ابتسامة ساخرة. بالكاد كانا يتلامسان , ودون ان ينطقا بكلمة راحا يرقصان. كان لوكا يتحرك مع الموسيقى بمهارة , تجتاح كل شئ.
استسلمت الكسا لانفعالاتها العنيفة فاستندت باستسلام إلى كتفه , فيما لف ذراعيه بقوة و وضع خده على رأسها.
سألها لوكا بصوت تتخلله نبرة خشنة :"هل تحبين هذه الموسيقى؟"
فغمغمت:"أنا أعشقها"
منتديات ليلاس
و همس قلبها : أعشق الرقص معك, اعشق كل ما يتعلق بهذه الليلة , أعشقك.
عطر قوى لزهرة مجهولة, وقع أقدامها الخفيفة على البلاط الصخرى و صوت الموسيقى الكئيب و المثير....كل ما حولهما يتكامل مع سعادتها اللا متناهية بالرقص مع لوكا....

منتديات ليلاســـ


زهرة منسية 28-03-13 11:14 PM

رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
 

قال لوكا بصوت خفى:"إذاً لدينا شئ مشترك"
احتفظى بهدوئك, قالت الكسا لنفسها و هى تكافح لتحافظ على حنكتها . و أجابت:"لابد أن يكون بيننا أمور كثيرة مشتركة . لكننا لم نكلف أنفسنا عناء البحث عنها"
ارتفع صدره مطلقاً ضحكة خفيفة :"كنا مشغولين جداً بالتقاتل"
ــ أعداء فى كل لحظة.
ــ هل تعلمين لماذا؟
حاولت الكسا ان تتظاهر بالتسلية , كامرأة متأنقة و مرتاحة :"حسناً أولاً مشكلة آلة التصوير , ثم بعد أقل من يومين حصلت مشكلة الهاتف الخلــ..."
التوى فمه الجميل قائلاً:"قبل ذلك , و تحديداً فى أول لقاء بيننا كان هناك مفرقعات....و أسهم نارية....و داوليب تعذيب....كان الارتباك التام القوى . أولئك اللصوص الحقيرين"
ازداد ضغط ذراعيه حولها قليلاً ليشدها نحوه أكثر إلا أنه عندما تكلم جاء صوته بارداً متأملاً :"ماذا حصل لأولئك اللصوص اللذين حاولوا الاعتداء عليك فى تلك الليلة؟"
أجابته الكسا :"لقد تم القاء القبض عليهما"
أحست كل خلية من خلايا جسمها بنشوة عندما حملها لوكا ليشدها برفق إلى جسمه النحيل , تفادياً لاصطدامها بأحد الأعمدة البيضاء .
غمرتها ذراعاه الملتفتان حولها و حرارة جسمه و عطره الرقيق ....و رجولته التامة....بالدفء.
نظر لوكا إليها فيما قسا وجهه المستبد مظهراً ايتسامة ساخرة:"كنت مزعجة جداً"
ــ كذلك أنت! و متعجرف أيضاً....
فقال معترفاً :"بلغت فى أفعالى, لأنه لم يكن بإمكانى أن أخاطر بتركك حرة"
أومأت الكسا :"أعلم ذلك"
ــ لم يكن يجدر بى أن أعانقك.
كان نسيم البحر المشبع بالملح يدغدغ ذراعيها فشعرت الكسا بالقشعريرة و سألته بتوتر:"إذاً لِمَ فعلت ذلك؟"
منتديات ليلاس
جاءت ابتسامته الهازئة مرتبكة :"لأنى ببساطة لم أتمكن من ضبط مشاعرى. مع أن جزءاً متشائماً من عقلى تساءل إذا ما كنت ستستغلين المسألة تنشريها لاحقاً فى الصحف. لقد سحرتنى هاتان العينان القاطعتان كالألماس و كنت أرغب فيك أكثر من أى شئ آخر"
أخذت موجات من الحرارة تجتاح جسد الكسا من دون وعى, مغرقة كل ما هو عقلانى و منطقى فيها . قال لوكا :"بالرغم من انك كنت تظهرن الغضب , إا أنك تجاوبت معى تماماً"
تجمدت الكسا و رفعت ذقنها نحوه. فتابع كلامه ببرودة :"فى الماضى , اكتشف والدى أن المرأة التى وقعت فى حبها للمرة الأولى , وهى مراسلة لإحدى الصحف . كانت تكبرنى سناً . وكل ما كان يهمها هو أن تجنى مالاً من مغامرتها معى. و عندما قطعت علاقتى بها, قامت ببيع قصتنا لقاء مبلغ ضخم من المال . كنت يافعاً و غبياً لكن هذه التجربة عززت فى نفسى نصيحة والدى بألا أثق بامرأة على الإطلاق"
قالت الكسا:"كان والدك على خطأ"
ــ أعرف ذلك منطقياً , لكننى مازالت أؤمن به عاطفياً.
ولكى تخفى مدى تعاستها قالت بسرعة :"عندما قرأت عن معاهدة السلام غفرت لك كل شئ تقريباً...."
أمسك لوكا بيدها ليبعدها قليلاً عن صدره ضاحكاً:"أيتها النمرة"
و انحنى يعانقها بينما قبضته الضخمة لا تزال ممسكة بيدها.
و مع انه أبدى انفعالاً عاطفياً إلا أن الكسا شعرت بأن قوة إرادته لا تزال تغلق الأبواب دونها. رفعت رموشها عندما رفع رأسه . كان فمه مشدوداً و هو يراقبها بعينين متوهجتين.
حركها مزيج من الغضب و الشوق و الألم , فقررت الكسا أن تُفقد لوكا هذه القدرة الملكية على السيطرة على ذاته.
دنت منه أكثر , فأزالت استجابته اللا إرادية آخر ذرة من التردد لديها
مررت يدها على خده قائلة:"لــــوكـــــا"
و مع أنه حلق ذقنه حديثاً إلا أنها شعرت بوخزة خفيفة تحت لمسة أصابعها . قال لوكا بصوت أجش :"الــــكـــســــا"
ظل متماسكاً و سألها :"ماذا تريدين؟"
نظرت إليع بعينين ضيقتين و قالت:"ألا يمكنك أن تحرز؟"
اتسعت عيناها حين رأت تلك المشاعر البائسة تتآكله بقوة فأدركت عندئذٍ خطورة اللعبة التى تلعبها .... فأحست بشئ من الخجل لأنها تدفعه لفقدان السيطرة على نفسه.
حاولت الكسا ان تتركه يبتعد . لكن الآوان قد فات , فقد اشتدت ذراعاه حولها و أذعنت له الكسا برقة .

منتديات ليلاســــ


زهرة منسية 28-03-13 11:17 PM

رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
 

لم يكن لدى الكسا فكرة كم من الوقت مضى عليهما متعانقين لكن خطر لها أنها الوحيدة التى تشعر بالحب .
و أخيراً ابتعد لوكا قائلاً بهدوء:"عندما ذهبت أساساً إلى نيوزيلندا كنت أخطط للزواج بامرأة"
شعور خفى بالخجل تملكها. كلا, إنها تعتقد, كلا....كلا....
لكن عليها المواجهة و سوف تفعل. و عدت نفسها بأن تتصرف بنضج. سألته بصوت أجش :"أمازالت تنوى الزواج بها؟"
ــ كـــــلا
أبعد لوكا خصلات شعرها عن وجهها و نظر إلى عينيها :"حتى بعد أن تقابلنا على الجزيرة كنت أظن أننى أستطيع أن أكون مثل والدى استخدم الناس لمصلحة داسيا"
ثم تابع و هو يكبت غضبه:"لم أكن أثق بهذا الانجذاب العنيف . و فى البداية ظننت أنك إحدى أولئك النساء العصريات اللواتى يقعن فى حب كل رجل يلتقينه. لكن بعد الاستقصاء عنك....."
انتفضت الكسا كالسهم :"ماذا؟"
ــ كان علىّ أن أعرف أى نوع من النساء أنت.
تخلل صوته نبرة غطرسة بينما شدها إليه ثانية:"لقد أسعدنى أن أعرف أنك لست من ذلك النوع من النساء"
قالت بنزق:"أنت"
ــ لأننى أملت أن يكون تأثيرى عليك بقوة تأثيرك علىّ.
ــ كيف تمكنت من معرفة ذلك؟
راح لوكا يضحك ثم أمسك بها بإحكام ليمنعها من الحراك و يبقيها ملتصقة بجسمه القوى.
جاء صوته منخفضاً و خشناً :"قطتى البرية الجميلة, كنت واثقاً من أن تلك المشاعر لاجامحة سوف تختفى ما أن أغادر نيوزيلندا . لكنك علقت فى فكرى و ذاكرتى كثمرة برية شائكة و لذيذة . بعد أسابيع من الشوق إليك فقدت حياتى كل طعم و لون . و اقنعت نفسى بأنى ليست كوالدى قادر على تقسيم حياتى إلى أجزاء . و لحسن الحظ أنى لم أتقدم بطلب زواج من تلك المرأة التى كنت أخطط لزواج بها"
سألته الكسا بقلق:"هل هى تعيسة؟"
ــ كلا, نحن صديقان. لكن زواجنا كان سيتم كإحدى تلك الزيجات المدبرة التى تعرفين عنها!.
بدا لها من المستحيل ألا تقع امرأة فى حب لوكا . سألته :"لِمَ لم تعد بسرعة إذاً إلى نيوزيلندا؟"
توقف برهة و قال بتأن :"لم أكن أعرف ماذا أفعل. فأنا لم أجرب هذا الشعور من قبل"
و خمنت الكسا :"و كان يُغيظك؟"
ردد بدهشة:"يُغيظنى؟"
أومأت بقوة :"لقد أغاظنى أنا أيضاً. كنت حقاً استمتع بحياتى قبل أن تدخلها أنت , و بعد ذلك أدركت بأن الأمور لن تعود مطلقاً كما كانت عليها سابقاً"
قال لوكا و فى صوته نبرة من الضحك:"إننا شخصان غريبان . نعم, كنت
أشعر بالسخك لأنك تستطيعين تحويل حياتى إلى رماد. و عندما أراد الكس أن يقابلك عرضت عليه خدماتى, آملاً أن أتمكن من النظر إليك بحيادية , كأى امراة جميلة أخرى"
حاولت الكسا الإفلات من سيطرته قالت و كأنها تشعر بالشؤم:"أوهـ , و هل تمكنت من ذلك؟"
ضحك لوكا برقة و أحكم شد ذراعيه حولها وراح يعانقها بإغراء عذب . ثم قال :"عندما رأيتك ثانية علمت أنك المرأة التى سأظل أحبها إلى آخر يوم من حياتى"
سألته الكسا و هى تكاد تنفجر من الغبطى :"لماذا لم تقل شيئاً يومها؟"
كنت متأكداً من أنى جعلتك تحتقريننى إلى درجة يصعب على معها اقناعك بحبى ....و ظننت أن ما حصل خمد بالسرعة نفسها التى ظهر فيها .
ارتعشت الكسا . و قبل أن تتمكن من الرد قال بخشونة :"هذا الحب الكبير الذى تمنحنه لى رائع . لكنه غير كافٍ لذا أخبرتك أن أميرة ايليريا لا يمكنها السفر, لكى اقنعك بالمجئ إلى هنا. و عاهدت نفسى على عدم التحرش بك مطلقاً"
قالت الكسا :"أعلم. فقد زرعت حولك إشارات تقول ممنوع الإقتراب "
ضحك لوكا بهدوء :"لكن أنت طبعاً لم تكترثى بكل تلك الإشارات"
تلاشى غضب الكسا بسرعة , و لم تتمالك نفسها من السؤال :"هل أنت نادم؟"
عاقها لوكا قائلاً :"كيف يمكننى أن أندم و كل نظرة من نظراتك تحملنى إلى الفردوس؟"
ثم أضاف :"عندما وافقت على الحضور إلى هنا قررت أن أمنحك الحرية التى حرمتك منها فى نيوزيلندا لذا حاولت أن أبقى متحفظاً"
ثم ضحك بقليل من السخرية :"لم أتمكن من الصمود أكثر من أربع و عشرين ساعة"
و بسرعة تلاشت ابتسامته العريضة أمام رنين ضحكتها و قال بنبرة هادئة تخلو من الإنفعال :"الكسا, حبيبتى و بهجة قلبى . هل تقبلين الزواج بى؟"
ترددت قليلاً ثم قالت :"بالرغم من أننى أنتمى إلى عائلة أمير ايليريا. ألا أنى مجرد امرأة نيوزلندية عادية"
قال لوكا بصوت خطير :"أنا لا أطلب منك الزواج لأنك قريبة الكس كونسيداين . أريد الزواج بك لأنك أنت . إن الثقة أمر متبادل, فلا يمكنك أن تثقى بى كفاية لتدركى بأنك أصبحت كل عالمى ؟ و أنك المرأة التى تسكن قلبى؟ قبل أن ألتقيك كنت أشعر بالوحدة. لكنى كنت معتاداً على وحدتى لدرجة أنى لم ألاحظها . ومنذ التقيتك ملأت قلبى الخالى بحيويتك و اندفاعك وضحكاتك, و إذا لم تتزوجى بى فلن أتزج مطلقاً"
امتلأت عينا الكسا بالدموع :"أنا أصدق كل كلمة تقولها . و أود الزواج بك من كل قلبى"
ــ هل يعنى ذلك أنك تحبينى؟
منتديات ليلاس
غمغمت :"بالطبع أحبك. أظن انى وقعت فى حبك منذ قامت ساندرا تشامب بتلك الرحكة المتملكة الضاربة , قبل مؤتمر المصرفيين!"
قربها لوكا إليه و قال بصوت مرتجف :"كنت آمل أن تحبيننى بما يكفى لتحتملى مساوئ العيش كسمك ذهبية فى وعاء ماء . فليس عدلاً أن أطلب منك الزواج بى من دون ان تكون لديك فكرة عما ينظرك معى"
قال الكسا بنبرة صارمة و متجردة :"هذا لا يهم, فكل ما يهمنى هو أن أكون بقربك"
لكن ذلك لم يكون صحيحاً فقد رصدت عينا لوكا الخبيرتان ما يجول فى منتديات ليلاس فكرها
فسألها:"ما الأمر عزيزتى؟ مهما تكن المشكلة , فبإمكاننا حلها.أقسم لك. إذا كنت تمقتين فكرة العيش و الأضواء مسلطة عليك, يمكننا بسرعة أن تحول إلى زوجين عاديين و مضجرين للصحافة"
شعرت الكسا بالابتهاج لكنها قالت:"ليس الأمر كذلك"
ــ إذاً ماذا هناك؟
سألته بهدوء :"هل تثق بى حقاً؟ أعنى بما يكفى؟ لوكا , انا لا أستطيع العيش فى قلق دائم , فأنا أحبك كثيراً و أريد منك كل شئ"
حبست الكسا أنفاسها لكن لوكا لم يتردد و قال ببساطة :"علىّ أن أثق بنفسى. يبدو أنى كنت أثق بك منذ البداية لكنى لم أدرك ذلك"
توقف قليلاً :"ككنت واثقاً من أنك لم تذهبى إلى الشرطة لتتهمينى باختطافك . و عندما أخبرتك من هو والدك لم أسأل نفسى إذا ما كنت ستستغلين هذه القصة للحصول على المال. لم يخطر لك ببالى مطلقاً . فالثقة إذاً موجودة حبيبتى منذ البداية و ربما علىّ أن أطلب منك المغفرة لأنى شككت بوجودها"
انفرجت أسارير الكسا و قالت أنا مسرورة لسماع ذلك"
قال لوكا برصانة :"لا أعدك ان تكون الحياة معى سهلة . لكنى اعلم فى قلبى و روحى بأن حبى لك أكيد و أعدك ان أهتم بك غاية الأهتمام . لا يمكننى أن أوفر لك حياة هادئة لكن كل مايمكننى أن أعدك به هو أن أحبك بكل ما أملك من قوة و إلى الأبد"
كلماته الصارمة المجردة أقنعتها , فعاهدت الكسا نفسها بأن تجعله سعيداً ستنسيه معاناة طفولته . رفعت رأسها وراحت تنظر فى عينيه و هى تقول و كأنها تقطع على نفسها عهداً :"وأنا أحبك كثيراً و أعدك بأن أحبك دائماً و إلى الأبد و بكل جارحة من جوارحى"
عانقها لوكا ثانية مما جعلها تذوب بين ذراعيه.
بعد مضى وقت غير قصير ,قال لوكا بتكاسل :"يجب أن نأكل شيئاً قبل أن تكتشف كارلوتا بأن الحب أفقد شهيتنا"
فقالت الكسا :"إنها تعلم ذلك و إلا فلماذا حضرت هذا الجو الرومانسى؟"
التمعت ابتسامته كوميض برق فى الظلام و قال بهدوء :"إنك معجزة , لقد عاملتك بسوء و مع ذلك أحببتينى . و الآن تعالى لنتناول الطعام . بعدئذٍ سأعلم الكس كونسيدانين بلباقة بأن لديه عروساً ليقدمها لىّ"
* * *
بعد مضى ثلاث أشهر كان عم الكسا يرافقها إلى المذبح فى تلك الكنيسة الفخمة التى رأتها على الطريق فى يومها الأول فى داسيا.
تراجع الكس كونسدانين أمير ايليريا مبتسماً و القى نظرة سريعة على زوجته التى بدا حملها واضحاً الآن فبادلته الابتسام بشغف.
رفعت الكسا بصرها لتنظر إلى وجه الرجل الذى احبته . كانت متألقة فى ثوب من الحرير يشبه تماماً لون بشرتها و ملتفة بخمار كانت أميرة ايليريا قد وضعته خلال زفافها.
قبل نصف ساعة كانت الكسا تشعر بالهلع , أما الآن و أمام دفء تلك الابتسامة التى تخصها وحدها فقد شعرت بالإطمئنان التام.
حمل لوكا خاتم الزواج الزمردى الرائع و وضعه فى يدها اليمنى فرفعت الكسا يدها اليسرى و وضعت له خاتمه. و سارا باتجاه المذبح ليقطعا على نفسيهما عهداً لبقية حياتهما


الساعة الآن 09:03 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية