1 ـ أنـا هنــا
1 ـ أنــا هنــا http://gif.vip600.com/smiles/30/011.gif ـ سيلينا , أنت تحتاجين إما إلى معجزة , وإما إلى مليونير . خرج بن من تحت السيارة المعطلة , و هو يحمل المفتاح الإنكليزي في يده , بدا نحيلاً كهلاً , وقد أمضى ثلاثين سنة من عمره في العمل كميكانيكي للسيارات . وهذه السنوات الثلاثون جعلته يدرك الآن أن سيلينا غايتس تريد منه إعادة إحياء جثة هامدة . قال بكآبة وهو يتأمل الشاحنة المقفلة الصغيرة : (( لا , لا جدوى من هذا الشيء )) . فراحت سيلينا ترجوه : (( لكن بإمكانك أن تجعلها تعمل مجدداً أعلم أنك تستطيع ذلك يا بن , فأنت عبقري )) . ـ كفي عن ذلك . قال هذا بصرامة غير مقنعة , ثم أضاف : (( لن ينفع هذا الكلام معي )) . فردت صادقة : (( لطالما نفع , يمكنك إصلاحها , أليس كذلك يا بن ؟ )) . ـ حسناً , لكنها لن تقلك سوى لمسافة قصيرة . ـ حتى ستيفنقل ؟ ـ ثلاثمائة ميل ؟ لا تكوني متطلبة ! حسناً , قد تصل , لكن ماذا ستفعلين بعد ذلك . ـ عندئذ , سأربح بعض المال في الروديو . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق ـ أستركبين تلك البهيمة المرهقة ؟ فانفجرت قائلة : (( أليوت ليس مرهقاً , إنه في ريعان شبابه )) . إن ذكر أليوت الحبيب يمس وتراً حساساً لديهما , و كانت سيلينا على وشك أن تدافع عنه بشراسة عندما تذكرت أن بن يصلح شاحنتها بكلفة زهيدة بحكم الصداقة التي تربطهما , فهدأت . إلا أنها قالت بعناد : (( سأربح أنا و أليوت مبلغاً مـا )) . ـ سيلينا , ما من مال كافٍ في العالم لإصلاح هذه الخردة لتعود جديدة . كانت مهترئة عندما اشتريتها , وهي آخذة في التراجع . من الأفضل أن تجدي مليونيراً وتقنعيه ببعض الكلام المعسول ليشتري ك شاحنة جديدة . عبست سيلينا قبل أن تجيب : (( لا فائدة من ملاحقتي لأي مليونير )) فأنا لا أملك المؤهلات اللازمة لذلك )) . تأمل قامتها الطويلة و النحيلة , ثم اعترف : (( لعلك تفتقرين إلى الصدر الممتلئ فقط )) . ـ بن , إني أفتقر إلى كافة المؤهلات . ثم كشرت ساخرة من نفسها وأردفت : (( ما من فائدة , فأصحاب الملايين يحبون النساء الكاملات و الممتلئات الجسم , وأنا لم أكن يوماً هكذا كما أن شعري ليس جذاباً , إذ يجب أن يكون طويلاً ومتموجـاً وليس . . . )) . وأشار إلى شعرها القصير الأشبه بشعر الصبية , فقد بدا شعرها بلونه الأحمر ملفتاً يتوهج كالنار , وكأنه يصرخ للعالم : (( أنا هنا ! )) . كان من المستحيل تجاهل سيلينا , فهي ذكية , وقحة , مستقلة , ومتفائلة إلى حد الجنون . باختصار إنها فريدة من نوعها , ومن يحاول أن يتحداها سيتعلم من ذات الشعر الأحمر درساً يقول له : احترس ! ثم تابعت سيلينا مقدمة حجتها المفحمة : (( كما أني لا أحب أصحاب الملايين , فه ليسوا أناساً حقيقيين )) . حك بين جبينه وسأل : (( ليسوا حقيقيين ؟ )) . ـ لا , فهم يملكون الكثير من المال . ـ الكثير من المال هو ما تحتاجينه الآن أو أنك تحتاجين إلى معجـزة . فردت : (( المعجزة ستكون أسهل . كن على ثقة يا بن بأن معجزة رائعة تتجه نحوي من مكان ما وستصل بطريقة ما )) . * * * مد ليو كالـﭭـاني ساقيه بقدر ما ستطاع , لكن المسافة لم تكن طويلة . استغرقت الرحلة من روما إلى أطلنطا اثنتي عشرة ساعة , وقد سافر في الدرجة الأولى . ليس ليو من الرجال الذين يختارون (( الدرجة الأولى )) عند السفر , مع أنه ثري ويمكنه أن يختار الأفضل من دون أي مشكلة , لكن التكلف يثير عصبيته , وينطبق هذا أيضاً على المدن و الثياب الأنيقة . لهذا , اختار أن يسافر وهو يرتدي بنطلونه الجينز القديم وسترته , وينتعل حذاء بالياً . فهذه طريقته ليعلن للعالم أن (( الدرجة الأولى )) لن تصبح عادة لديه . وأخيراً , حطت الطائرة في أطلنطا . سيتمكن قريباً من مط ساقيه وإن لبضع ساعات قبل أن يحشر قامته المديدة في الرحلة المتوجهة إلى دالاس . * * * خفض بن الفاتورة إلى أقصى حد ممكن لشدة ولعه بسيلينا , وكان يعلم أنها ستنفق الدولارات القليلة المتبقية لديها على أليوت . وإذا ما تبقى معها أي مال فستشتري به الطعام لنفسها , لكن إذا لم يتوفر لما تذمرت ولاستغنت عن الأكل . ساعدها في تعليق عربة الجواد منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق بالشاحنة من الخلف , ثم تمنى لها الحظ وراح يراقبها وهي تخرج بحذر من باحة مرآبه . وعندما اختفت , رفع صلاة إلى الإله الذي يسهر على الشابات المجنونات اللواتي لا يملكن سوى حصاناً وشاحنة مهترئة , وقلباً كقلب الأس والكثير من العناد . * * * عندما صعد ليو عل متن الطائرة في مطار أطلنطا , كان التعب قد تملك منه فنام نوماُ خفيفاً حتى موعد الهبوط . وفيما كان يمط قامته |
1 ـ أنـا هنــا
المديدة , أقسم ألا يركب الطائرة مجدداً في حياته , وهذا ما يفعله بعد كل رحلة يقوم بها , وما إن تجاوز جهاز الجمارك حتى سمع صوتاً هادراً: (( ليو , أيها الفتى . . . ! )) . أضـاء وجه ليو لرؤية صديقه يتقدم نحوه فاتحاً ذراعيه . ـ بارتون , أيها العجــوز ! وفي اللحظة التالية , كان الاثنان يملكان بعضهما البعض بسعادة . بارتون هانوورث في الخمسينات من عمره , وهو رجل محب , أشيب , يخفي طوله الكرش الصغير الذي بدأ في الظهور أمامه . أما صوته وضحكته فيتميزان بالضخامة , تماماً كسيارته ومزرعته وقلبه . حرص ليو على تأمل السيارة بتمعن . ففي الأسابيع الستة الماضية أي منذ تقررت رحلته , تحدث إلى بارتون مرات عدة عبر الهاتف . ولم يفوت صديقه فرصة واحدة للتكلم عن (( طفلته المدللة الجديدة )) , فهي الأحداث والأجمل والأسرع . لم يأتِ على ذكر السعر , لكن ليو تحقق من الأمر عبر الإنترنيت وتبين له أنها الأغلى ثمناً . لذا , أدرك واجباته فراح يطري على الجميـلة الفضية اللون والكبيرة الحجم , فكـافأه صديقه بابتسامة عريضة مشعة . ولم يتطلب وضع حقائبه القليلة في السيارة سوى دقائق , لينطلقا بعدئذ في رحلة تستغرق ساعتين إلى المزرعة قرب ستيفنفيل . سأل بارتون وعيناه على الطريق : (( لِمَ سافرت من روما ؟ ظننت أن بيزا أقرب إليك )). فأجاب ليو : (( كنت في روما أحضر حفل خطوبة قريبي ماركو )) . ـ أتظن أن مصير هذه الخطوبة سيكون كمصير خطوبته السابقة ؟ ـ ربما . إلا إذا أدرك سريعاً أنه متيم بهارييت . ـ وماذا عن أخيك . ألا يسلك الدرب نفسه ؟ ـ آه , غويدو يملك من الحس السليم ما يجعله يدرك أنه يتصرف بجنون حين يفعل . إنه بخير ودولسي ممتازة وهي تناسبه . فقال بارتون ضاحكاً : (( إذن , لم يبقَ سواك حراً ؟ )) . ـ أنـا حر وسعيد بذلك , ولن تتمك إحداهن من الإمساك بي . ـ هذا ما يقوله الجميع , لكن انظر من حولك . فالرجال الجيدون يتساقطون كالثمار الناضجة . ـ نعم , طبعاً ! وعندئذ , ضحك الإثنان معاً . كانت ضحكة ليو بهيجة , مليئة بالشمس والحرية , ومفعمة بالحيوية و الحياة إنه رجل يحب الأرض ويسعى غريزياً إلى الهواء الطلق . يظهر ذلك في عينيه وجسده الضخم المسترخي , كما يظهر خاصة في ضحكته . قبيل الوصول إلى ستيفنفيل , راح بارتون يتثاءب , و قال : (( إن النظر إلى مؤخرة حصان طيلة هذه المدة يصيب عيني المرء بالحول )) . إذ كانت تتقدمهما قاطرة جياد قديمة مهترئة تعرض كفل فرس عريضة , وهي تسير أمامهما منذ مدة . وعاد بارتون يقول : (( المسافة لم تعد طويلة في الواقع . وهذا من حسن حظنا , فمن يقود هذه الشاحنة لم يتعد سرعة الخمسين . لنتجاوز ! )) . وزاد من سرعته لتجاوز الشاحنة . نظر ليو من نافذته فرأى منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق المقطورة ومن ثم الشاحنة الصغيرة أمامها , ولمح السائق , وهي امرأة شابة , شعرها أحمر لامع . رفعت نظرها إليه لبرهة , ورأته ينظر إليها . ما حصل بعد ذلك أصبح موضع خلاف بينهما لاحقاً , فهي تقول دوماً إنه غمزها , فيما يقسم هو أنه غمزته أولاً , وتقول هي إن الأمر مستحيل ! ولا بد من أنها خدعة من الضوء , وأن رأسه مليء بالأوهام . . ولم يتمكنا من حل هذا الخلاف أبداً . بعدئذ , خفف بارتون من سرعته بعد أن تركاها خلفهما . فسأله ليو : (( هل رأيت هذا ؟ لقد غمزتني – بارتون ؟ بارتون ! )) . ـ حسناً , حسناً غني أريح عيني للحظة . لكن , لعل من الأفضل أن تتحدث إلي , كنوع . . . ـ لتبقى مستيقظاً ؟ حسناً , لا أظن أن تجاوز الشاحنة تركنا بحــال أفضل . قال ليو هذا وهو يراقب شاحنة أخرى كانت تتقدمهما , وهي تتحرك بشكل غريب , منتقلة من مسارٍ إلى آخر . انحرف بارتون نحو اليمين ليتجاوزها , لكن الشاحنة انحرفت في الوقت نفسه لتسد أمامه الطريق ما اضطره إلى العودة إلى الخلف . كرر المحاولة ثانية , ولكن الشاحنة انحرفت مجدداً ثم أبطأت سرعتها بغتة . صرخ ليو بسرعة حين لم يقم صديقه بأي رد فعل : (( بارتون ! )) لكن الأوان قد فات , إذ بم يعد بإمكانه أن يخفف سرعته تدريجياً , ما اضطره إلى التوقف على الفور , فداس على المكابح ليوقف السيارة في الوقت المناسب . إلا أن الشاحنة الصغيرة خلفهما لم تكن محظوظة بقدرهما , وتعالى فجأة صوت مكابح , ثم صوت ضربة تلته هزة أصابت السيارة , لتنتهي السلسلة أخيراً بصرخة غضب وألم . أما الشاحنة التي تسبب بالمشكلة فانطلقت في طريقها , وقد بدا سائقها غافلاً عما جرى . ترجل الرجلان من السيارة و أسرعا إلى الخلف لتفقد الأضرار , و ما رأياه روعهما . رأيا انبعاجاً عظيماً في مؤخرة السيارة مصدر فخر بارتون وسروره , انعكس على مقدمة الشاحنة الصغيرة . لكن الأمور كانت أسوأ عند مؤخرة الشاحنة , فالتوقف المفاجئ أدى إلى انحراف المقطورة واصطدامها بالشاحنة بقوة ألحقت الضرر بهما معاً كانت المقطورة منقلبة جزئياً وتستند مترنحة إلى الشاحنة , فيما الحيوان المذعور في داخلها مهتاج يكمل عملية التكسير . راحت الشابة ذات الشعر الأحمر تكافح لإعادة المقطورة إلى وضعها الصحيح , وهي مهمة مستحيلة , لكنها استمرت في محاولاتها بقوة شديدة الاهتياج . صرخ بها ليو : (( لا تفعلي هذا , فسوف تؤذين نفسك )) . فالتفتت إليه مجيبة : (( لا تتدخل ! )) . كانت جبهتها تنزف , فقال : (( أنت مصابة , دعيني أساعدك )) . ـ قلت لك ألا تتدخل , ألم تفعل ما فيه الكفاية ؟ ـ إسمعي , لست أنا من كان يقود السيارة . على أي حال , لم تكن . . . ـ وبم يهمني من كان يقود ؟ فأنتم كلكم متشابهون . تسرعون في سياراتكم اللامعة كما لو أنكم تملكون الطريق كدتم تقتلون أليوت . ـ أليوت ؟ وجاءه الرد على شكل تحطم آخر داخل المقطورة . وفي اللحظة التالية , وقع الباب وخرج الجواد لتنهب حوافره الأرض , ركض ليو والفتاة خلفه في محاولة منهما للإمساك به , لكنه فر منهما واتجه إلى وسط الطريق السريع . ومن دون أي تردد , لحقت الفتاة به متجاهلة حركة السير . قال ليو بعنف وهو يلحق بها بدوره : (( امرأة مجنونة ! )) . وتعالت أصوات مكابح أخرى وانهالت الشتائم من سائقين غاضبين على ليو , لكنه تجاهلهم وركض خلفها بجنون . حك بارتون رأس وتمتم : (( كلاكما مجنون )) . ثم أخرج هاتفه الخلوي من جيبه . ومن حسن حظهما , أن إصابة أليوت كانت طفيفة ما جعله غير قادر على العدو بشكل سريع . لكنه كان مصمماً على عدم السماح لهما بالإمساك به , وذلك لسوء حظهما . وما لم يستطع أن يحققه بالسرعة حققه بالمكر , فراح يدور هنا وهناك حتى اختفى بين مجموعة من الأشجار . وصاح ليو : (( اذهبي في هذا الاتجاه فيما اسلك أنا الاتجاه الآخر , لنتمكن من الإمساك به )) . وفي اللحظة التالية , بذل ليو جهداً إضافياً , مصدراً الأمر لساقيه لكي تسرعا أكثر . وأطاعته ساقاه فنجح في الإمساك بلجام الجواد على بعد خطوات من الطريق . نظر إليه أليوت بحذر , لكن يبدو أن كلمات ليو المهدئة الأولى أحدثت التأثير المطلوب . لم يكن قد سمع هذه الكلمات من قبل لأنها بالإيطالية , لكن صوت ليو صوت رجل يحب الجياد , ويتكلم لغة المحبة العالمية , وهدأ هيجان أليوت فوقف مكانه , عصبياً ومرتبكاً إنما مستعداً للوثوق به . لاحظت سيلينا كل هذا وهي تقطع المسافة القصيرة المتبقية . و لم تساعد السيطرة السهلة على جوادها في تحسين مزاجها , كما لم تساعد الخبرة التي أظهرها الرجل وهو يتفحص حوافر الحيوان ليقول أخيراً : (( لا أظن أن الأمر أخطر من مجرد التواء بسيط , لكن الطبيب البيطري سيؤكد ذلك )) . رددت بلهجة لاذعة : (( مجرد التواء بسيط . ما كان هذا الالتواء ليحصل لو لم تتوقف سيارتك فجأة )) . قال ليو وهو يتنفس بصعوبة بعد الجهد الذي بذله : (( عفواً . أنا لم أفعل شيئاً لأني لم أكن أقود , بل صديقي . كما أن الخطأ لم يكن خطأه أيضاً , بل خطأ ذلك الرجل الذي خفف سرعته أمامنا , والذي رحل منذ زمن ؟ لكن لو كان هناك عدل في العالم . . . تباً , ماذا تعرفين أنتِ عن العدل ؟ )) . ـ أعرف عن جوادي المصاب وشاحنتي المتضررة . أعرف أن السبب في ما حصل هو أنني اضطررت إلى الدوس على المكابح في آخر لحظة . . . ـ آه , نعم , مكابحك . يهمني جداً أن أتفحص مكابحك , أراهن على أنها مثيرة للاهتمام . ـ أتحاول أن تضع اللوم علي الآن ! ـ أنا . . . ـ أعرف أمثالك , تقول في سرك : (( إنها امرأة وحيدة , ولا بد أنها ضعيفة وعاجزة . دعنا نحاول لنرى إن كنت ستخاف بسهولة )) . فرد ليو بصدق تام : (( لم يخطر في بالي للحظة أنك تخافين بسهولة . أمـا بالنسبة للعجز , فقد رأيت رجالاً شجعاناً أكثر منك عجزاً )) . وكان بارتون قد قطع الطريق ووصل إلى حيث يقفان : (( انتظر لحظة ليو . . . )) . كان ليو عادة من أكثر الرجال هدوءاً , لكن طبعه اللاتيني قد يظهر بشكل عنيف إذا ما أطلق العنان له . ـ نحن هنا ألسنا كذلك ؟ لذا , ضعي اللوم علينا و . . . و . . . وكعادته دوماً عندما تخذله لغته الإنكليزية , استعان ليو بلغته الأم فاندفعت الكلمات من فمه كالموج الهادر في اللحظات التالية . وأخيراً , صاح بارتون : (( اللعنة ليو ! هلا توقفت عن التصرف بحساسية مفرطة و . . عن التكلم بالإيطالية ؟ )) . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق فقال ليو : (( أردت أن أعبر عن مشاعري وحسب )) . ـ حسناً , لقد فعلت . فلما لا نهدأ جميعاً ونتعارف ؟ ثم استدار نحو المرأة الشابة وعرف عن نفسه ببساطة وهدوء : (( بارتون هانوورث . صاحب مزرعة فورتين , قرب ستيفنفيل , وهي تبع حوالي خمسة أميال )) . ـ سيلينا غايتس , في طريقي إل ستينفيل ـ حسناً , يمكننا أن نضع عربتك في التصليح عندما نصل , وسنعرض الحصان على الطبيب البيطري . شدت سيلينا شعرها : (( لكن , كيف سنصل إلى هناك ؟ هل سنطير ؟ )) . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق ـ أبداً . لقد أجريت اتصالاً هاتفياً , والمساعدة في طريقها إلينا , وبانتظار أ تُحل الأمور ستبقين معنا ليوم أو أكثر . رمقت سيلينا ليو بنظرة مشككة وقالت : (( لكنه يقول إن الذنب لم يكن ذنبك )) . فاعترف بارتون من دون أن يجرؤ على مقابلة عيني ليو : (( حسناً , لعل رد فعلي جاء متأخراً بعض الشيء . في الواقع , لو أنني أبطأت سرعتي قبل . . . على أي حال , لا تهتمي بما يقوله صديقي )) . ثم مال نحوها وأضاف بلهجة لا تخلو من التواطؤ : (( إنه غريب . . . ويتكلم بشكل مضحك )) . كشر ليو وقال : (( شكراً يا بارتون )) . كان اهتمامه لا يزال منصباً على أليوت , فراح يداعب أنف الجواد ويهمس له بكلمات جعلته يستعيد هدوءه . كانت سيلينا تراقبه من دون أن تنطق بأي كلمة , لكنها سجلت في ذاكرتها كل ما يجري , ومهما كانت الأوامر التي أصدرها بارتون إلا أنها بدت محددة , إذ أخذت الأحداث تتسارع بعد فترة وجيزة , فظهرت شاحنة تجر خلفها مقطورة تحمل شعار مزرعة وتكفي لثلاثة جياد . قادت سيلينا أليوت بلطف وجعلته يصعد فوق اللوح المعد للتحميل , وكان الجواد يعرج بشكل واضح . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق وقال بارتون : (( البيطري والطبيب في انتظارنا في المنزل . والآن اصعدي معنا في السيارة لتنطلق )) . |
1 ـ أنـا هنــا
كانت تشعر بالغضب منه من دون أن تعرف السبب , وقد تأكدت من أنه لم يكن يقود السيارة , كما أن بارتون هانوورث , السائق , عرض عليها تعويضاً مناسباً . إلا أن أعصابها لا زالت ثائرة , فهي لم تعرف هذا المقدار من الخوف من قبل . ويبدو أن سخطها كله ينصب على هذا الرجل الذي يجرؤ على إصدار الأوامر إليها , والذي يتحدث إليها بصوت مهدئ كالذي استخدمه لتهدئة أليوت , وهذه هي الطامة الكبرى ! ـ سنصل قريباً , وسوف تحصلين على الرعاية المناسبة . فردت وهي تصرف بأسنانها : (( أنـا لا أحتاج إلى الدلال )) . ـ لكنك تحتاجين إلى العناية بعد تعرضك لحادث . فقالت بنكد : (( أظن أن البعض منا أقوى من البعض الآخر )) . ولم يجبها ليو , فقد بدت مريضة واعترف بأنه يحق لها أن تظهر سوء طباعها . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق للوهلة الأولى , تبدو هي نفسها جميلة , باستثناء عينيها الواسعتين الخضراوين , وقد عكست بشرتها المتوردة الصحة والحياة في الهواء الطلق , ولاحظت عينا ليو , اللتان كانتا تراقبانها , حركتها باستمتاع , فهي نحيلة كلوح من الخشب , ول تكن أنيقة لكنها قوية كما أنها تتحرك برشاقة راقصة . حاول أن يرى عينيها الرائعتين مجدداً من دون أن يفضح نفسه , فامرأة لها عينان كهاتين العينين لا تحتاج إلى أي شيء آخر يثبت جمالها . قال ليو وهو يمد يده : (( اسمي ليو كالـﭭـاني )) . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق صافحته فأحس على الفور بقوتها , شد أصابعه قليلاً , سعياً إلى عرفة المزيد عنها , لكنها سحبت يدها على الفور إذ لم تبقها في يده إلا بقدر ما تقتضي اللياقة . بدأت المقطورة تتحرك ببطء كما أصرت سيلينا , وبعد دقائق , أدرك أنها تتأمله بحشرية , لم تكن حشرية شهوانية كالتي اعتادها أو افتتاناً رومنسياً كما صادف غالباً . . إنها حشرية وحسب , كما لو أنه خطر لها أنه قد لا يكون سيئاً كما اعتقدت في البدء , وهي مستعدة للتعويض عما بد عنها لكن ليس أكثر . . . نهاية ( الفصل الأول ) . . . http://smiles.al-wed.com/smiles/70/165.gif |
2 ـ عالقة بين الحطــام
2 ـ عالقة بين الحطــام http://gif.vip600.com/smiles/30/011.gif كانت مزرعة (( فورتين )) عبارة عن أربعين ألف متر مربع من الأراضي الخصبة , حيث يرعى خمسة آلاف رأس ماشية و مئتا جواد , ويعيش خمسة موظفين وعائلة مؤلفة من ستة أفراد . أدركت سيلينا أنها حضرة ثروة طائلة عندما قفزت على عجل من المقطورة ورأت الإسطبلات حيث يضع بارتون جيده الممتازة . كانت الأمور تسير بدقة الساعة . ففيما كانت تقود أليوت , فتح رجل باب مربط واسع ومريح حيث ينتظر الطبيب البيطري . ورأت طبيباً آخر , أراد أن يجرها جانباً ليتفحص جرحها لو لم يتدخل ليو كالـﭭـاني قائلاً بهدوء : (( دعها تهتم بالجواد أولاً , فلن تهدأ حتى تطمئن إلى أنه بخير )) . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق رمقته بنظرة امتنان لتفهمه , وراحت تراقب البيطري وهو يمرر يدين خبيرتين على جسد أليوت ليعطي بعدئذ التشخيص نفسه الذي أعطاه ليو , مع بعض التفاصيل الإضافية ليبرر كلفة المعاينة , وقد أعطى الجواد حقنة مضادة للالتهاب ووضع له بعض الضمادات . سألته سيلينا بقلق : (( هل سيتمكن من المشاركة في الروديو في الأسبوع القادم ؟ )) . ـ سنرى , فهو لم يعد شاباً . عندئذ , سألها ليو : (( لِمَ لا تدعين الطبيب يفحصك الآن ؟ )) . أومأت وجلست فيما راح الطبيب يفحص رأسها . تحت ستار منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق هدوئها الظاهر كانت سيلينا في الواقع تغالب بأسها , فهي تشعر بالألم في رأسها , وفي قلبها وفي أنحاء جسمها كله . سأل ليو بارتون : (( كيف حال الجياد التي بعتك إياها منذ سنتين ؟ هل تتحسن ؟ )) . ـ تعال لتراها بنفسك . وسار الرجلان معاً يتفقدان المرابط . كانت الجياد الخمسة التي اشتراها بارتون من ليو في حالة جيدة . وهي حيوانات ضخمة ذات عراقيب قوية , تُمرن بشكل قاس لكنها تعامل معاملة ممتازة . قال بارتون حين راحت تمرغ أنفها في كتف ليو : (( أقسم أنها تتذكرك )) . فابتسم ليو ورد : (( إنها لا تنسى من يحبها )) . وفيما كانا يتأملان الجياد بإعجاب , استرق ليو النظر إلى سيلينا , فرأى الطبيب يضع لها ضمادة على جبينها وهو يقول : (( استريحي ليوم أو اثنين . استريحي جيداً )) . فأصرت : (( إنه مجرد ورم بسيط في الرأس )) . قال بارتون : (( سأحرص على أن ترتاح , فزوجتي تجهز لها غرفة )) . تبعتهما رغماً عنها إلى المنزل , وهو أشبه بقصر أبيض اللون جعلها تشعر بالغرابة . وتساءلت كيف سيتصرف ليو . ففي بنطلونه الجينز الرث وحذائه البالي بدا وكأنه في غير مكانه , كما شعرت هي بالضبط , لم يبدُ عليه أن الوضع يزعجه . صرخات اللهفة جعلت ليو يرفع عينيه , وما لبث أفراد عائلة هانوورث أن أحاطوا به . كانت داليا , زوجة بارتون , مليئة بالحيوية والحماسة والمرح , وقد بدت أصغر بعشر سنوات من عمرها الحقيقي , أما أولادها فهم : فتاتان تحملان اسم كاري وبياي , وهما نسخة شابة عن والدتهما , وصبي يبدو و كأنه يعيش في عالم الأحلام . بعيداً عن بقية الأسرة . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق واكتملت الأسرة بحضور بول أو بولي كما تصر داليا على مناداته , وهو ابنها من زواج سابق ونور عينيها , فقد دللته بشكل منافٍ للعقل . استقبل بولي ليو كفرد من الأسرة , متنبئاً (( بأوقات رائعة )) سيقضيانها معاً , كان بولي في أواخر العشرينات , ذا وسامة سطحية , لكن ملامحه أظهرت أنه يطلق العنان لأهوائه ورغباته , فهو يعتبر نفسه رجل أعمال , لكن (( عمله )) هو عبارة عن شركة إنترنت , وهي الشركة الخامسة التي يؤسسها والتي بدا أنها تسير على طريق الفشل السريع , كما فشلت الشركات الأربع السابقة . وقد كفله بارتون مراراً وتكراراً وأخرجه من ورطاته , مقسماً في كل مرة أن تكون تلك هي المرة الأخيرة التي يساعده فيها , لكنه سرعان ما يعود ويرضخ لتوسلات داليا . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق ساد اللقاء جو أنيس , فبولي يحسن التصرف ويبدو أنه عرف سيلينا : (( رأيتك في الروديو في . . . )) . وراح يتلو لائحة من الأسماء ثم أضاف : (( ورأيتك تفوزين أيضاً )) . استرخت سيلينا وتمكنت من منحه ابتسامة , ثم اعترفت : (( أنا لا أربح كثيراً , فقط بما يكفي لأستمر )) . فقال بولي وهو يصافحها : (( أنت نجمة , إنه لفخر أن يلتقيك المرء )) . إذا ما ساور سيلينا الشعور نفسه فقد نجحت في إخفائه , فثمة شيء في بولي يضفي لمعاناً كريهاً حتى على محاولات الإطراء التي يقوم بها . شكرته وسحبت يدها كابحة رغبتها في حفها على بنطلونها , فقد كانت يد بولي باردتين و دبقتين . قالت داليا بلطف : (( غرفتك جاهزة وسترشدك إليها الفتاتان )) . وتكفلت كاري و بيلي بسيلينا على الفور , فجرتاها على السلالم منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق الضخمة قبل أن يتسنى لها أن تعترض . فتبعهم بولي , الذي بدا من الصعب التخلص منه , وعندما وصلن إلى أفضل غرفة للضيوف , احتال ليتقدمهن ويدخل من الباب المفتوح ليقول بظرف : (( الأفضل لأشهر ضيف عندنا )) . |
2 ـ عالقة بين الحطــام
وبما أن سيلينا ليست مشهورة , وهي تعلم ذلك, فقد نظرت إليه شزراً . كانت ترى فوق رأس بولي إشارة تقول : (( حذر , مصدر للمشاكل ! )) , وسرت عندما عمدت كاري إلى طرد أخيها من الغرفة . كانت الغرفة مؤثثة بالأبيض و الزهري و البنفسجي , وهي ألوان داليا المفضلة , وكان لون السجادة زهرياً ما جعل سيلينا تتحقق من أن جزمتها لا تحمل وحلاً في نعليها , أما الستائر فزهرية مطرزة باللون البنفسجي , فيما أحاطت بالسرير الضخم ستائر ناعمة بيضاء اللون . يمكن للسرير أن يسع أربعة أشخاص , هذا ما خطر لها وهي تتحقق من الفراش بحذر . وبدا الفراش ناعماً وليناً ما جعلها تتراجع خطوة إلى الخلف . كيف يمكن للمرء أن ينام فيه من دون تردد ؟ جالت في الغرفة وهي تتساءل عما إذا كانوا قد وضعوها في الغرفة الخاطئة . فقد تخرج ملكة انكلترا من الخزانة لتقول إن الغرفة غرفتها . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق الحمام بدوره بدا مثيراً للاضطراب , إذ بدا متكلفاً , يعكس ذوقاً أنثوياً , بمغطسه الذي يشبه صدفة بحرية ضخمة , إذا كان ثمة شيء تعرفه سيلينا عن نفسها , فهو أنها ليست متكلفة ورقيقة كغيرها من الإناث . كانت تفضل الدوش , لكن قبعة الاستحمام لا تكفي لحماية الضمادة على جبينها لذا ملأت حوض الاستحمام . وعندما امتلأ الحوض , نزلت فيه بحذر تتذوق راحة المياه الساخنة التي هدات كدماتها استعرضت أنواع الصابون المختلفة حتى وجدت أخفها رائحة وبدأت تفرك بشرتها , وراحت متاعب النهار تزول تدريجياً . ما إن وقت في المغطس حتى رأت مجموعة من القوارير الزجاجية بألوان مختلفة على رف فوق الحوض , شعرت بالفضول , فاختارت إحداها وفتحتها لتشتم العبير الذي كان أقوى من رائحة الصابون . سارعت لاهثة إلى لإقفالها , لكن أصابعها كانت زلقة فما استطاعت أن تمسك بها جيداً وانزلقت القارورة لتتحطم على حافة الحوض مصدرة صوتاً ينذر بالأسوأ . صرخت سيلينا مذعورة بسبب الاصطدام وبسبب تناثر قطع الزجاج في كل مكان حولها . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق كان ليو في الغرفة المجاورة , يخلع ملابسه ليستحم . وكان بالكاد قد خلع قميصه حين سمع الصرخة فتوقف وخرج إلى الممر حيث وقف مجدداً مصغياً . كان الصمت يلف المكان . ثم سمع صوتاً يائساً من خلف باب سيلينا . ـ آه , لا ! ماذا سأفعل ؟ وتمكنت من التقاط منشفة كبيرة فلفت بها جسدها دون تحرك قدميها خوفاً من شظايا الزجاج . دق بابها : (( مرحباً ؟ هل أنت بخير ؟ )) . وصل إليه صوتها ضعيفاً : (( في الواقع , لا )) فتح الباب لكنه لم يرَ أحداً في الغرفة : (( مرحباً ؟ )) . ـ أنا هنـا . بات متأكداً من أنها في الحمام , فاقترب من الباب المفتوح بحذر, محاولاً ألا يلهث بسبب الرائحة القوية التي فاحت وأحاطت برأسه كغمامة . سألها : (( هل أستطيع الدخول ؟ )) . ـ سأعلق هنا إلى الأبد إن لم تدخل . تحرك بحذر ونظر من الباب إلى الصدفة الزهرية اللون الضخمة , فوجد سيلينا واقفة في وسطها وهي تحدق إليه بعينين مسعورتين وقد غطت رغوة الصابون ركبتيها وساقيها . قالت بصوت يائس : (( حطمت منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق أحدى زجاجات الكريستال )) . نظر حوله وسألها : (( هل تأذيت ؟ )) . ـ ليس بعد , كن قطع الزجاج تناثرت في كل مكان تحت الماء , وفي أرض الحمام , لذا لا أجرؤ على أن أتحرك . ـ حسناً , لا تهلعي . أحكت شد المنشفة على جسمها وهو يتقدم منها . أخذ ليو نفساً عميقاً . كانت المنشفة تغطي جسمها حتى ركبتيها , تمسكت بعنقه وشعرت بيديه على خصرها كانت يداه كبيرتين , تكادان تطوقان جذعها , لكنه حاول ألا يركز على قربها الشديد منه . حملها وهو يسير بحذر فوق شظايا الزجاج المتناثرة على أرض الحمام إلى أن وصلا إلى غرفتها . و تجمد دمه لسماع صوت منذ بالسوء , إذ تناهى إايه صوت قهقهة فتاة , لا بل فتاتين تقفان أمام الباب . وتعالى صوت كاري : (( سيلينا , هل بإمكاننا أن ندخل ؟ )) . ـ لا ! . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق جاء صوت سيلينا حاداً وقفزت على الفور , فتمكنت من أن تصل إلى الباب في الوقت المناسب ومدت يدها لتقفله بالمفتاح , فيما اليد الأخرى تمسك المنشفة بإحكام على جسمها . لكنها لم تجد مفتاحاً , وهكذا لم تتمكن من إقفال الباب صرخت وهي تسند ظهرها إلى البا بقوة : (( لا تدخلا , فلست محتشمة . سأنزل بعد دقيقة . اشكرا والدتكما بالنيابة عني )) . ولحسن حظهما أن الصوتان قد ابتعدا . تمالك ليو نفسه وهو يتساءل كم سيحتمل أكثر . إذا لم يقض احتضانها على جهازه العصبي , فرؤيتها وهي تركض في الغرفة كالغزال المذعور قضت عليه تقريباً . لكنه كان واثقاً من أمر واحد وهو أنه أفلح إنقاذها , إذ لم يرَ نقطة دم واحدة تسيل منها . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق هرعت سيلينا إلى الحمام واستبدلت المنشفة الطويلة بثوب محتشم يلفها , ثم عادت إلى الغرفة لتقول : (( شكراً , لقد أنقذتني من وضع مؤذٍ للغاية )) . وكان قد تمالك نفسه حين رد : (( من الأفضل أن أرحل قبل أن سمعتانا )) . ـ ماذا سأقول للسيدة هانوورث )) . ـ دعي الأمر لي , أظن أن عليك ألا تنزلي إلى الأسفل . اخلدي إلى النوم , وهذا أمر . نظر إلى الممر و شعر بالارتياح حين لاحظ أنه خالٍ . لكن , ما إن خرج من الغرفة حتى ظهرت كاري وبيلي وكأنهما كانتا تختبئان في الزاوية . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق ـ مرحباً ليو ! هل كل شيء على ما يرام ؟ أجاب مدركاً أنه عاري الصدر : (( لا , فقد أوقعت سيلينا إحدى زجاجات الكريستال في حوض الاستحمام فتحطمت وهي فيه )) . وتمنى لو أن الأرض تنشق لتبتلعه , فيما أضاف : (( وعدتها أن أخبر امكما عن الزجاجة , وسأفعل ذلك . . . ما إن أرتدي قميصاً )) ودخل إلى غرفته مسرعاً , محاولاً ألا يسمع ضحكة المراهقتين المكبوتة والتي حملت ألف معنى من شأنها أن تجمد دم المرء في عروقه . * * * جاء رد فعل داليا كما توقع ليو بالضبط , فأظهرت تعاطفاً ولطفاً إذ قالت : (( ما قيمة الزجاجة ؟ سأصعد لأتأكد من أنها بخير )) . ثم عادت بعد دقائق ودخلت إلى المطبخ لتأمر بحمل الطعام إلى سيلينا في غرفتها . بدا أنها تحدثت إلى ابنتيها في هذه الأثناء , إذ إن موقفها من ليو حمل بعد ذلك بعض الخبث . منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق ـ يبدو أنك لعبت دور الفارس . لكن , من يمكنه أن يلومك ؟ فهي فتاة جميلة . ـ داليا , أقسم أنني لم أرها قبل اليوم . وكانت غلطته فادحة , إذ ابتسمت داليا ابتسامة العارف بما يجري , وقالت : (( أنتم الإيطاليون جريئون و رومنسيون , لا تفوتون أي فرصة مع النساء )) . فسألها بيأس : (( ما هذه الروائح الزكية التي تتصاعد من المطبخ ؟ إنني أتضور جوعاً )) . الحديث عن الطعام قطع الطريق على الأحاديث الأخرى . الشخص الوحيد الذي أثار المسألة مجدداً كان بولي الذي أعاد تقريباً ما قالته أمه إلا أن الكلمات من فمه بدت سوقية , كريهة و مزعجة . وعندما شرح ليو لبولي مبتسماً ما قد يفعله به إذا ما أتى على ذكر الموضوع مجدداً , انتهت المسألة عند هذا الحد . وفيما كان يرتدي ثيابه ليشارك في حفل الشواء , حاول ليو أن يتفهم ردات فعله الخاصة . فبالرغم من موقف سيلينا الدفاعي وسرعة غضبها , وهو أمر لا يمكن أن يلومها أحد عليه , إلا أنها مغرية بشكل غريب , لم يفته أي شيء فيها للوهلة الأولى , حتى إن احتضانها ما كان له أن يثيره , فهي تفتقر إلى امتلاء الجسم الذي يفضله في النساء . لكن شيئاً ما فيها تمكن منه بشكل غامض , لم يتمكن بعد من تحديده . كما أن رؤية بولي بتشدق بما يعتقد انه جرى في غرفتها أثار غضبه . وقد كبح ليو رغبته في ضربه , بعد أن ذكر نفسه بأنه ابن مضيفته . |
الساعة الآن 10:08 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية