منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى الاسلامي (https://www.liilas.com/vb3/f3/)
-   -   الهوة الحاصلة بين الخطاب والتطبيق (https://www.liilas.com/vb3/t18055.html)

Revolt 06-09-06 03:10 AM

الهوة الحاصلة بين الخطاب والتطبيق
 
الهوة الحاصلة بين الخطاب والتطبيق
هناك إشكالية كبرى تعتبر مظهراً من مظاهر قيام الهوة بين الإنسان ومحيطه ومعتقده أحياناً، تبرز في[/الدعوة إلى فكرٍ ما، أي فكر، فكثيراً ما يشهد المرء ظواهر متعددة، ورؤى مختلفة تدفعه إلى الاعتقاد بأنّ ما جاءت به الرسالات أو ما أنتجه الفكر الإنساني تلخّصه مسيرة فئة معيّنة من الذين يحملون هذه الرسالات أو هذا الفكر ليشكّلوا في مسيرة التاريخ نماذج تحتذى، وأمثلة عليا تُستلهم أو تأخذ بُعد القداسة والريادة التي تحثّ الآخرين على الالتزام بنهجها، والتقيّد بتعاليمها في شتّى المجالات الحياتية. وانطلاقاً من هذه الظاهرة قد يطرح البعض إشكالية، ملخّصها: لماذا يُركّز علماء الدين على المشاكل الأخلاقية بعيداً عن المشاكل الاجتماعية؟ وهنا يبرز أمامنا التساؤل الآتي: هل المشاكل الأخلاقية بعيدة عن المشاكل الاجتماعية حتى تكون إثارتها ومحاولة معالجتها من القضايا التي يمكن تأجيلها إلى ما بعد الفراغ من حلّ المشاكل الاجتماعية التي تواجه المجتمع في حياته العامة؟
ولنا أن نجيب عن ذلك بتحديد معنى الأخلاق في حياة الإنسان، للنظر هل هي في الهامش من حياتنا حتى تضيق فتُحصَر في زاوية معزولة من زوايا الحياة، أو أنها تتّسع لتشمل كل مجالات الحياة بما فيها المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والعسكري... إن الأخلاق في المفهوم الإسلامي تمثّل أحد الأهداف الكبرى التي انطلقت الرسالة الإسلامية كلها لإتمام حركتها، وقد قال الرسول (صلي الله عليه وسلم): "إنما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق". وإذا كانت كلمة الأخلاق تنطلق من طبيعة السلوك الإنساني الفردي أو الاجتماعي تجاه النفس وتجاه الآخرين ونوعية ممارساتنا لعلاقاتنا العامة والخاصة بالناس وبالوطن وبالحياة بشكلٍ عام... وبالتالي هي مجموعة القواعد السلوكية التي تتبعها جماعة من الناس في حقبةٍ ما من الحقب التاريخية، كما يعرّفها بعض علماء الاجتماع... فإنّ المسألة تغدو في صلب عمل وحركة الرسالات التي انطلقت لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وعلى ضوء هذا، فإننا ننظر إلى المسألة الأخلاقية في جانبها الشمولي، حيث يتّسع هذا المفهوم لكل مظاهر السلوك الإنساني في حالتي الحرب والسلم، وفي الحكم والسياسة والاقتصاد، فعندما نقول: إن الخيانة عمل غير أخلاقي، فإن للخيانة مفهوماً يمتد إلى كل حالات الإنسان، ابتداءً من خيانة الإنسان في العلاقة الزوجية أو خيانة الحاكم لشعبه أو لوطنه، أو خيانة القائد العسكري لأمّته، أو خيانة الشعب لمصالحه ومبادئه وقضاياه الكبرى، أو خيانة الشخص لقضاياه وبلاده وكيانه، فهل يكون الحديث عنه حديثاً عن مشكلة أخلاقية بعيدة عن المشكلات الاجتماعية؟! إننا نعتقد بأنّ الدفاع عن قضايا الناس في مواجهة الحكم الفاسد، وفي مواجهة كل الذين يعتدون على أموال الأمة بالسرقة أو بالهدر، أو الذين يلاحقون أصحاب الوعود المعسولة التي يُخدِّر بها الحاكم الجماهير للاعتداء على حقوقها ولحرمانها من حريتها وثرواتها... إن ملاحقة هذه الأمور تمثّل عملاً عبادياً وأخلاقياً، ولا تتّسم من الزاوية الإسلامية بالمشروعية السياسية فحسب، بل هي أساسٌ من أسس الدين وهدف من أهدافه السامية التي تحرّك لأجلها في حياة الناس لإقامة العدل وإسقاط كل مظاهر الظلم...
ولذلك، فنحن نعتبر أن قيمة المعالجات الدينية التي يمارسها العلماء المخلصون أو الطليعة الواعية في الأمة لهذه القضايا تكمن في محاولتهم لتركيزها في أعماق الإنسان وأفكاره كأسلوب عملي من أساليب حماية حقوق الإنسان. وكذلك بناء الإنسان من الداخل لينعكس ذلك كله على حياته العملية... وقد شاهدنا من خلال الواقع الديني التاريخي والمعاصر كثيراً من اللمحات الرائعة التي وقف فيها الرجال والنساء مواقف الحق والبطولة أمام كل الإغراءات التي حاولت أن تحرفهم عن مسيرتهم في مواجهة الظلم وإحقاق الحق، وقد صمد هؤلاء ولم يسقطوا في التجربة، بل نجحوا في الحفاظ على ما يحملون من مبادى‏ء وقيم وعلى ما يقدرون من مسؤوليات وواجبات، لأن الأخلاقيات الدينية استطاعت أن تهيّى‏ء لهم البناء الداخلي القوي والمتماسك والذي لا يسقط أمام الهزاهز والرياح العاتية.
ونحن عندما نؤكد هذا الجانب لا نريد الحكم على صحة كل المعالجات الدينية بأساليبها المختلفة للمشاكل الأخلاقية، فقد تمثّل بعض الأساليب تخلّفاً في عرض الفكرة، بحيث تنطلق من الجانب التجريدي أكثر مما تنطلق من قراءة دقيقة للواقع، وقد تنحصر في نطاق ضيّق من أعمال الإنسان الفردية التي لا تتعدّى نطاق حياته الخاصة، الأمر الذي يؤدّي إلى عزل هذا الإنسان بمفاهيمه الأخلاقية عن الحياة العامة وبالتالي عزل المفاهيم الأخلاقية عن الحياة. إننا نشجب مثل هذه الأساليب لأنها تجمد الفكرة بدلاً من أن تطلقها وتحركها، وربما تكون هذه الأساليب مسؤولة عن الفكرة السوداوية التي يحملها البعض عن الدين، وفيما هي الهوة بين النظرية والتطبيق. ولذلك كنّا نؤكّد على العاملين في نطاق المشروع الإسلامي أو أي مشروع تغييري أن يكونوا معاصرين في رصدهم للمشكلة ومحاولة إيجاد الحلول الواقعية لها، وأن يعيشوا نبض العصر في حركتهم الثقافية والسياسية والعلمية، لا أن يتحركوا في العناوين التجريدية أو أن يلتقطوا بعض الكلمات والعناوين من التراث ثم يسقطوها على الواقع من دون فهم لأبعادها أو من دون دراسة لواقعهم.

إننا في بلداننا العربية والإسلامية نعاني من مشكلة كبرى فيما هي الأخلاقية السياسية وفيما هي المصداقية السياسية، إلى المستوى الذي يستطيع فيه المسؤول أن يتحلّل من التزاماته الوطنية أو من مسؤولياته على مستوى الممارسة السياسية، دون أن يخشى الملاحقة الشعبية أو القانونية. ولذلك تحوّلت السياسة عندنا إلى لعبة مقامرة ومغامرة غالباً ما يدفع الوطن ثمنها وتدفع الأمة أثماناً باهظةً جرّاء هذا السقوط الداخلي الذي ينعكس وهناً أمام الآخرين.

نونو 06-09-06 03:43 AM

مشكوره على الموضوع...

يعطيك ربي الف عافيه عليه...

مداويه جروحها بروحها 06-09-06 04:22 AM

مشكووووووور اخوي


الساعة الآن 09:23 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية