منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   [قصة مكتملة] أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel (https://www.liilas.com/vb3/t180431.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:54 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...7c7e564cd9.gif


,،

جاءه النبأ اخيرا .. لم يفكر دقيقة واحدة .. كل ما اراده هو ان يصل الى والده .. ركب طائرتهم الخاصة .. كان يرى الدقائق والثواني واقفة .. متى سيصل .. الافكار تعصف بذهنه كأعصار اقتلع كل اتزان فيه .. اخيرا وصل لارض الوطن .. حث الخطى ينجز كل شيء بسرعة .. استقبله سائق والده الخاص .. بدون اي تفكير : خذني عند ابوي ..


وصل ببنطلون جينز وقميص ابيض .. ازراره العلوية مفتوحة .. مشى مسرعا والهاتف على اذنه .. يسأل عن مكانهم .. تراء له سيف فابعد الهاتف وهو يقول : اشوفك .

هرول ناحيته : ليش ما خبرتوني .. شو تتريون .. تتريونه يموت وبعدين تقولون لي ..


-
هدي اعصابك يا فيصل .. ابوك بخير ما فيه شيء ..

- الاخبار اللي وصلتني تقول غير هالكلام .. على شو ناويين وانا بعيد ..

استغفر ربه : منو اللي يوصل لك الاخبار ..


وين ابويه
.. قالها وهو يترك المكان مسرعا .. الى حيث تتجمع اخواته .. الى تلك القاعة المخصصة للشخصيات الهامة .. وصل .. فتهافتت الانظار عليه .. تقدم بخطى متوجسة الى امه القابعة على ذاك الكرسي .. جثى عند قدميها : امي .. كيف ابويه

- له الله يا فيصل .. له الله ..


تقدمت جواهر من اخيها : ابويه بيخلينا .

وضع كفيه على كتفيها .. وابتسم مجاملة : لا ان شاء الله – التفت الى والدته الجالسة بين رنيم ورشا – ما شفتوه ؟


هزت رنيم رأسها بلا .. تلفت يمنة ويسرى .. يبحث عن آخر العنقود في عائلته .. لا أثر لها .. سأل عنها : وين جود ؟


كانت هني .. هذا كان جواب جواهر على ذاك السؤال .. اما هناك فالخارج حيث كان سيف يتحدث بانفعال في هاتفه .. كانت جود واقفة .. تستمع .. وقلبها يحترق على حبيبها .. تقدمت نحوه حين انهى مكالمته : منو اللي دمر ابوي ؟


كانت عيناها مليئتان بنظرة غريبة .. نظرة جامدة .. لم تبكي كالاخريات .. فقط تستمع لنحيب اختيها رشا وجواهر .. وتقرأ صمت أمها .. ودموعها التي لا تهدأ ..

قال باستنكار : شو تقولين ؟

- منو اللي دمر ابوي ؟


كانت تنظر لعينيه اللتان تتهربان من النظر لعينيها .. اعادت السؤال : منو دمر ابـ...

اذا بيد فيصل على كتفها تقطع سؤالها : حبيبتي يالس ادور عليج .. ما اشتقـ...


التفت حيث صوت رنيم تناديه : فيصل الحق .. الدكتور يطلبك .. بسرعه ..


جرى مسرعا وجرت خلفه جود ..هناك لا شيء سوى سرير ابيض وجسد متعب .. قد قيد بالكثير من الانابيب .. والكثير من الاسلاك .. وصوت جهاز يخترق هدوء الغرفة .. دخل .. يدنو من والده بخطى خائفة .. هاهو أمامه .. انحنى ليقبل رأسه : سلامتك يالغالي ..

نظر اليه دون ان يحرك رأسه .. فقط حركة من عينيه . وبصوت متعب : فيصل .. امك .. وخواتك .. امانه فرقبتك


هز رأسه يمنة ويسرى : لا تقول هالكلام .. انت بتبقى فوق روسنا ..

خفت صوته حتى لا يكاد يسمع .. قرب اذنه من فاه : رشا

قال : شو بلاها رشا .. ابويه تسمعني .. شو بلاها رشا ..

- دير بالك عليها .. سيف .. سيف ..



صرخ جهاز القلب معلنا النهاية .. دخلوا الاطباء مع بعض الممرضين .. حاولوا ان يبعدو فيصل عن والده .. الذي اخذ يهزه وهو يصرخ : شو فيه سيف .. ابويه رد علي .. شو بلاه سيف .. خلوني .. ابوي هذا .. ما دخلكم ..


ابعدوه بقوة .. وقف خارجا ينظر الى ما يفعلون من تلك الفتحة في ذاك الباب .. رأى انعاشهم له .. مرة .. اثنتان .. ثلاث .. لا فائدة .. كانت يده تلامس ذاك الباب وكأنها تلامس وجه والده .. ابتعد خطوتان حين رآهم يغطونه .. ايقن حينها ان كل شيء انتهى .. وان الغالي لم يعد على قيد الحياة ..

,،

في انتظاركم

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:55 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...6bab008519.gif


,,
ليش ما منعتيني يا شهد .. ليش ؟.. كان يعيد في هذه الجملة مرارا وتكرارا .. وهي بجانبه على السرير واضع رأسه في راحتيه .. لفت بذراعها على كتفيه .. وانحنت قليلا برأسها تحاول أن تنظر لوجهه : حبيبي .. انت قلت سلمان قالك انك بخير .. ليش خايف .


وهو على حاله : سلمان ما سألني اسئلة مثل الدكتور عادل .. مادري ليش .. يمكن نسى .. ويمكن لانج اخته .. وخاف عليج وكان كل همه يتأكد .. مادري


قامت من على السرير لتجلس على ركبتيها امامه .. انزلت كفيه .. ومسحت بكفيها على وجهه .. وعيونها بدأت تغرق بمياهها المالحة : مب فاهمة عليك .. التحاليل ما فيهن شيء .. وهذا هو المهم ..


امسكها بقوة من كتفيها .. كانت حركته مفاجأة .. ارجفتها .. نظر بخوف لعينيها اللتان هلتا دمعهما : تضاربت مع الريال تقريبا من شهر .. والمرض ما بيبين بهالسرعة .. ع الاقل لازم اكون كملت 6 اسابيع ع العدوى .. وانا ما كملتهن .. قالي الدكتور عادل .. ان هالشيء صعب يبين .. فهمتيني ..

ارتجفت شفتاها : يعني شو ؟

مسح دموعها التي انسكبت .. وطبع قبلة على خدها ووجهها بين كفيه : يعني مالنا الا الصبر .. والدعاء ..

والنتيجة؟ ...سؤال طرحته على طارق .. ليعم الصمت ارجاء الغرفة الباردة لدقائق .. قام واقفا .. تنهد وكأنه يخرج ركام اياما مضت اتعبته : مب اكيده ..


الله اكبر .. الله اكبر .. صدحت مكبرات الصوت بأذان الفجر .. قامت واقفة .. تنفست الصعداء .. واذا بها تقف امامه وتمسك كفيه .. وقد رسمت على وجهها الطفولي ابتسامة انسته بعض مما هو فيه : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .

ابتسم لها : كبرتي فعيني يا شهد ..

اقتربت اكثر واضعة رأسها على صدره : خلنا نقوم نصلي الفير ... وربك فوق ما ينسى عباده .


لفها بذراعيه .. فسقطت دمعة من عينها .. كانت تقوي نفسها لتقويه .. وفيها خوف قد بنى خيمته وشد اوتادها .. خوف من القادم .. ومع هذا فيكفيها طارق .. الشخص الذي احبها واحبته مع الوقت .


كانت نفسه تحدثه ان كل شيء سيكون على ما يرام .. مر على غرفة اخيه عمار .. طرق الباب ودخل ..كان يغط في نومه .. لا يشعر بشيء .. متدثر بلحافه .. واذا به يقوم مرتعبا جراء صرخة طارق في أذنه : قووووووووووم

قام مفزوعا .. وطارق يضحك عليه : اعوذ بالله .. شو بلاك ؟ شو مستوي .

قهقه .. ومن بين ضحكاته : قوم نصلي الفير فالمسيد .


سحب الوسادة واذا به ينهال ضربا بها على طارق الذي قام يحمي نفسه بذراعه وهو لا ينفك من الضحك : غربلات بليسك .. بتجلطني ..

سكن وبعدها انفجر ضاحكا : اللي يشوفك يقول انك اصغر مني .. استغفر الله العظيم .. هذا وانت معرس هذي تصرفاتك ..

قام واقفا سحب الوسادة من يد عمار ورماها عليه : قوم .. بترياك تحت .. اكييد ابوك سابقنا فالمسيد ..

مسح وجهه بكفيه : ان شاء الله الحين بلحقك

ما ان خرج طارق حتى ابتسم عمار وتمتم : الحمد لله اخيرا رجع .. بس امووت واعرف شو اللي كان مغيرنه ..


اوقفت سيارتها .. بعد عناء طريق طويل .. البنات غلبهن النوم .. وعلياء ترتجف وتأن .. لا تعلم الى اين سياخذها هذا القرار .. ترجلت من السيارة .. لا تعرف ماذا تفعل مع بناتها .. قررت اخيرا ان تتركهن نائمات .. مشت الى الباب الرئيسي .. وقبل ان ترن الجرس اذا به ينفتح على مصراعيه .. وطارق ينظر لداخل : بسرعه يا عمار بتفوتنا الصلاة .

التفت واذا بها امامه .. توجسس : عمتي .. خير .. شو اللي يايبج فهالساعة .. البنات فيهن شيء ؟

نزل الدرجات بخفة .. حتى وصل اليهما : عمتي !

ميثة : ما في شيء .. بس ياليت تساعدوني .. البنات فالسيارة .. وانا ما في حيل ادخلهن .

امسكها من يدها : حياج عمتي - التفت لطارق - طارق شوف البنات .


كان منظرها يوحي بان هناك امرا عظيما .. فيكفي زيارتها التي تثير الريبة في هذا الوقت الباكر .. وصل للسيارة .. فتح الباب فاذا بعيناه وكأنهما ستخرجان من مخدعهما مما رأى .. جسم ناحل .. ووجه شاحب .. وارتجاف واضح .. سم باسم الله وحملها بين ذراعيه .. اسرع بها الى الداخل .. ومن ثم الى غرفة ريم .. نادى شهد لتبقى مع عمته ريثما يعودان من المسجد .. الجو غريب في ذاك المنزل .. الامور بدأت تتغير.. دقائق من خروج عمار وطارق من المنزل .. حتى اكتظت غرفة ريم بالنساء .. جالسة على السرير بجانب ابنتها .. وخلود وحصة قد فُرش لهن على الارض .. كانت الاصوات كفيلة بان تحرك حصة .. وتجعلها تتقلب في فراشها .. فمريم لا تنفك تسأل ميثة عن الاسباب .. ولا يوجد على لسان ميثة الا جملة : ما في شيء .


وضعت هاجر يدها على كتف أمها : امايه .. خلينا نطلع .. عشان عمتي ميثة ترتاح .

بالفعل قامت مريم .. وابتسمت شهد الواقفة بجانب الباب لعمتها التي اخذت تتحوقل وهي خارجة .. اما هاجر فوقفت قليلا تنظر لعلياء التي في عالم آخر ولا تعلم من امرهم شيء .. ابتسمت على مضض لعمتها ميثة : نورتي بيتنا عموتي .

ارغمت شفتاها على الابتسام : تسلميلي فديتج .


خرجت واغلقت الباب من خلفها .. الى الآن ووالدها لا يعلم من أمر عمتها شيء .. تنهدت وهي واقفة في الممر وناظرة لغرفة طارق .. وبصوت اقرب للهمس : الله يعينا .. بتبدا مشاكل يديده ..

كانت ستحث الخطى لغرفة طارق .. فوجود شهد بينهم بين ليلة وضحاها شيء مستغرب .. ولكنها فضلت ان تدخل غرفتها .. ارتمت على سريرها ناظرة لسقف .. الساعة لا تزال السادسة .. بدأ صوت العصافير يعلو عند نافذتها .. التي لا تنفك من الاتساخ ببقايا فضلاتها .. حمدت الله انها قدمت آخر امتحان بالامس .. فهي موقنة بان هناك مشاكل في الطريق .. غيرت من نومتها .. لتنام على جانبها الايسر .. حاظنة وسادتها تحت رأسها .. تفكر في مستقبلها .. هل سيقتنعون بقرارها بالسفر ؟ .. هذا السؤال اصبح لا يفارقها .. هي تدرك ان امامها سنة أخرى بين عائلتها .. ولكن لا بد من التمهيد حتى موعد التنفيذ ..


مر الوقت وهي تحاول ان تنام قليلا .. ولكن النوم لا يرغب بزيارة جفونها .. المكان هاديء .. فجأة اذا بها تسمع خطوات خارج غرفتها .. بعدها طرقتان خفيفتان على بابها .. اذنت لطارق بالدخول وهي تعتدل منزلة ساقيها عن السرير وجالسة .. ابتسمت وهي ترى عمار يطل برأسه : شو صار ؟

دعته لدخول .. اغلق الباب ووقف مستندا عليه .. واعاد السؤال من جديد .. لتجيبه : ما صار شيء .. عمتي شكلها تعبانه .. وما تريد تتكلم الحين .... ابوي وين ؟

- مادري .. طلع قبلنا من المسيد .. يمكن راح العزبة .


مشى وسحب كرسي مكتبها الخشبي وجلس عليه بشكل عكسي .. ومربعا ذراعيه على حافة ظهره : بعدج مصرة على اللي فراسج ؟

توترت قليلا .. لقد ظنت انه يسألها عن السفر .. وانه لا يزال يذكر تلك الكلمة التي قالتها على الغداء .. ولكنه بدد توترها حين استطرد قائلا : يعني ما بتسحبين شيء من المواد ؟


تنفست الراحة .. واجابت : لا .. اريد اخلص السنه الياية .. لا تخاف علي .

رأسها صلد لا يلين .. لا يعلم من اين اتت بكل هذا العناد فجأة .. خرج وهو يتمنى ان تتراجع .. خائف عليها .. ومن تغيرها من النقيض للنقيض .. فهي ليست هاجر المرحة الضاحكة .. شقيقته الوحيدة .. احيانا يود لو انه كان قاسيا .. ليجبرها على التراجع عما في رأسها . ولكنها مجرد امنية .. فقلبه رقيق برقة قلب والدته مريم ..


بعد ان خرج .. قامت من على سريرها .. فتحت جهازها .. ومباشرة قادتها اصابعها الى صفحة المسافر .. لا تعلم لماذا تهتم لأمره .. ولماذا الخوف بدأ يسيطر عليها تجاهه ... فهو لم يعد يكتب .. اشتاقت لردوده على تغريداتها .. عمدت لتكتب تغريدة جديدة : الحياة مفارقات .. ونحن نمشيها دون ان ندرك ما تخبئه لنا .


ارسلتها .. ثم انزلت الصفحة لتفتح أخرى .. موقع الجامعة .. تأملته قليلا .. لكن سرعان ما ابدلتها بصفحة " قوقل " .. تأملتها لفترة .. تكتب وتعود لتمسح .. لا تعرف ماذا تفعل .. كانت تتسلى بالبحث من اجل دراستها .. ولكن الآن لا يوجد سوى " تويتر " .. اغلقتها .. وعادت لصفحتها الاولى .. جددتها ..لحظات واذا بها تفتح عيناها بصدمة .


,,

ليست بأقل من صدمة فيصل بوفاة والده .. ترك المكان .. يجر الخطى المثقلة باحزان الفقد .. ولج لتلك القاعة حيث امه واخواته .. مشى خطوتان .. ثم توقف .. محجر عينيه مليء بالدموع .. تجول بنظره .. تلك رشا جالسة دون حراك كما هي منذ ان رآها عند وصوله .. وتلك امه .. التي اصبحت ارملة .. تساءل كيف ستكون ردت فعلها .. اوقف نظره على جواهر .. كانت ملتصقة بوالدتها ومقربة لها من صدرها وذراعها يحتوي كتفيها .. ودموعها تنسكب .. وهناك تقف رنيم .. مستندة على الجدار .. مكتفة ذراعيها على صدرها .. ونظرها للارض .. وشعرها تدلى على جبينها .. اكمل تجوال عينيه .. ليست هنا .. لا يراها امامه .. تنفس وكأنه ارتاح لعدم وجودها .. رفعت رنيم رأسها . ونطقت بأسمه . لترتفع الرؤوس .. وتحدق النظرات على وجهه المشرأب بالحزن .نطقت ميره من بين دموعها : سالم


سكتت وكأنها لا تريد أن تكمل .. او لعلها ارادت خبرا مغايرا لما في رأسها .. هز رأسه مطوحا له .. كان ذاك الاهتزاز كفيلا ليدع دموعه تنساب بحرقة على وجنتيه وتتسلل عبر شعيرات وجهه الخفيفة .الصدمة قوية .. لا كلام .. سوى نحيب من جواهر التي ارتمت في حظن والدتها المفجوعة بموت شريك حياتها .. كانت ساكنة .. الصدمة الجمتها .. لا تتحرك .. وغير آبهة بالجسد المرمي في حظنها .. فجأة اذا به ينحني للامام بخفة ... هناك من دفعه من الخلف .. طوقت ذراعيها على خصره .. ودفنت رأسها في ظهره .. وكأنها بذاك الفعل تتذكر والدها قبل خروجه من المنزل .


من بين الصمت صرخت : لاااااااا .. مستحيل ..

مشت اليه .. هزته من كتفيه وهو لا يتحرك : ابويه ما مات .. فيصل .. لازم اقوله اني احبه .. انا عمري ما قلتله اني احبه .. فيصل قول لهم اريد اشوفه .. لازم يسمعني .. لازم يعرف اني احبه – هدأت وشهقاتها اضحت متعبة – اريده يحظني .. اريده هني ..


فجأة من خلف سكونها البسيط .. احتقنت بالغيظ .. واذا بها تنهال ضربا على جود المتمسكة بفيصل : كله منج .. انتي السبب .. انتي اللي قتلتيه .

حاول ابعادها .. لكنه لم يقوى .. والاخرى متشبثة به .. قامت جواهر تحاول ابعادها وهي تبكي وتصرخ : خلاص يا رشا ..

تسحبها من وسطها .. واذا بها فجأة تخر على الارض.. مسقطة معها جواهر .. التي افترشت الارض .. دخل سيف .. الذي اسرع لها .. وهي في حجر جواهر .. يحاول ان يوقضها .. ولكن لا فائدة .. لحظات واذا بالمكان يمتلأ بالممرضين .. وسرير طبي .. نقلوها من المكان وسيف ممسكنا بيدها لا يريد ان يفارقها ..


جلست على الارض بتعب وهي تنظر لجواهر الجالسة على الارض دون اي حراك .. ولفيصل الواقف كالصنم .. ولوالدتها التي لم تنطق الا بأسم سالم .. بكت وتمتمت : حتى انا اريد اقوله اني احبه .. حتى انا – رفعت رأسها لفيصلوالله احبه .. اريده يسمعها مني ..


وضع راحتيه على عينيه ماسحا لدموعه : انا لله .. وانا اليه راجعون ..


حاول ان يستجمع قوته .. فهن كسيرات بحاجته .. حاول ان يفك ذراعي جود من على وسطه .. كان يشعر بدموعها تبلل قميصه .. حاول جاهدا .. وهي تشد اكثر مع كل محاولة .. لم تشعر بضربات رشا لها .. لم تشعر الا بكلمات الاتهام .. كانت تتردد : انتي السبب .. انتي السبب .. انتي السبب .


استسلم .. فمحاولاته لا طائل منها : جود .. خليني .. امي وخواتي بحايتي ( بحاجتي )


كان يترجاها .. فجأة ارتخت ذراعاها .. وابتعدت بضع خطوات للخلف .. لم تنظر الا للارضية البيضاء .. كانت تسمع فيصل يكلم والدتها .. يصبرها .. وكانت الاصوات تخفت رويدا رويدا .. لم يهتموا لها .. تركوا المكان وهي لا تزال واقفة مكانها .. تشعر ببرودة اطرافها .. تشعر بصقيع يفتت عظامها .. مرت الدقائق تسحب خلفها الكثير من الدقائق المتسارعة .. وعندها وكأن الزمن توقف .. صوت ممرضة واقفة بجانبها يتهادى متذبذبا الى مسامعها .. فجأة ارتجفت حين وضعت يدها على كتفها .. نظرت الى تلك الممرضة بنظرة حاقدة بعض الشيء .. ابتعدت عنها وكأنها افاقت من كابوس ما .. جرت مسرعة من تلك القاعة .. تحت نظرات تلك الممرضة التي يكتنفها الاستغراب .


اما هناك بجانب احدى الغرف كان ينتظر خروج اي احد يطمأنه عليها .. كان يطوي تلك المسافة القصيرة امام الباب ذهابا وايابا .. كان خائفا عليها .. وهاتفه لا يهدأ من الرنين .. اغلقه بقوة .. وكأن به يبعثر غضبه على زر الاغلاق .. رماه في جيب ثوبه .. التفت حين فتح الباب .. اسرع الى تلك الطبيبة المتوشحة بحجاب ابيض .. ويبدو على وجهها انها تناهز الاربعينات من العمر .. تقدم وبخوف : طمنيني عليها .

اجابته بلهجتها المصرية الحانية : الحمد لله .. المدام بخير .. وربنا يعوضك فالجنين .


تسمر وكأن دلو ماء بارد اريق على جسده .. جنين .. كان هناك جنين في احشاء رشا .. اجتاحته لوعة غريبة .. احس بشيء ما يطعن قلبه .. كان سيصبح ابا .. ولكن كل شيء اصبح ماضيا ..



,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:55 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...6cfc6ce226.gif


,,



بعكس الحزن الذي سيطر على حياة عائلة فيصل كان هناك فرحا في منزل عائلة احمد .. كانت اسبابه منبعثة من قلب سارة التي ما ان دخلت المنزل حتى اخذت تصرخ بفرح لا متناهي .. اخيرا انتهت من هم الدراسة كما كانت تقول .. فهي تظن ان المدرسة والدراسة متعبة جدا .. جلست في الصالة بعد تلك الكلمات التي سمعتها من والدتها وهي تنهرها بسبب صوتها العالي في المنزل .. كانت ممسكة بقلم وورقة .. تكتب وهي مبتسمة .. جاءت لها العنود وبيدها تلك الاوراق المضرجة بالاحمر والاسود : تلعبين ورق ؟

رفعت راسها .. وبحماس شديد : وليش لا .. هاتي


مدت لها بالاوراق .. واخذت تحركهن بين يديها بحرفية متناهية .. وبسرعة وزعتهن بينها وبين العنود .

شو كنتي تكتبين ؟ .. سؤال طرحته العنود عليها .. لتجيب بفرح وهي ترمي باحدى الاوراق من يدها : خطة الاجازة .. بقول لنصور عنها .. لانه هو اللي بينفذها لنا .


دخل ناصر بلباسه الرسمي .. وذاك القميص ذو اللون الرمادي قد فكت ازراره العلوية .. رمى بقبعته الحمراء على سارة : شو بلاه نويصر بعد .

تركت ما بيدها متوجهة لاخيها .. الذي جلس على الارض بتعب ساندا ظهره على احدى الوسائد .. اقتربت منه .. واخذت تدلك ساقيه وهي تقول : فديت اخوي .. اكييد تعبان .. خلني اهمزك ( ادلكك )


انفجرت العنود ضاحكة : الله ع الحايه .. اللي تسوي فيج جذي يا سويره هههههههه

ناصر : وانا اقول ما في شيء لله ..

تلعثمت : لا لا منو قالك اصلا .. بس تدري اجازة .. يعني يبالنا طلعة مني مناك .. والا شو رايك ؟


سحب ساقيه .. وقام واقفا وهي تنظر اليه رافعة رأسها حيث لا تزال جالسة : يصير خير .. بروح اتسبح ..

مشى مبتعدا وفجأة توقف .. حين اقبلت والدته .. تقدم منها مقبلا رأسها : امي جهزي عمرج الاسبوع الياي لعزيمة عودة .

دون شعورا منها قالت : احمد بيرد من السفر ؟


انزل رأسه .. وكأن بتلك الجملة تلاش الفرح من قلبه : لا .. بس بترقى .. وبعلق النجمتين .

تداركت الامر .. وقامت تبارك له وتقبله : عقبال ما افرح فيك معرس يا ناصر .


بعد تلك الفرحة التي ملأت قلب ام احمد .. قالت بشيء من الجدية : ناصر .. شوف اختك .. ترا ابوك كل شوي يسألني شو رايها بولد عمها .. وكل ما اسألها تقول بتفكر .. ترا والله طولنا عليهم .

- ان شاء الله بشوفها .. بس سمعيني يا امي .. ترا روضة مب مجبورة .. واتمنى انكم ما تغصبوها ع شيء .. وافقت كان بها .. ما وافقت الله بيكتبها النصيب مع غيره .




" شوفي يا بنت الناس .. لا تبنين حياتج على زيف الحروف .. اللي عرفته من رسالتج انج بعدج تدرسين فالجامعة .. وان اغلب وقت بريكاتج تقرين فيهن مقالاتي .. يعني لو عندي بنت بتكون بعمرج .. يا بنتي خلي وقت بريكاتج لشيء ينفعج فدراستج .. ولا تتعلقين في كم كلمة كتبتها .. ما كنت برد على رسالتج .. مثل باقي الرسايل اللي وصلتني منج .. بس لو ما رديت كنتي بتبقين عايشه فوهم اسمه حب ..الحب ما يكون من كم حرف منمق .. الحب عشرة .. سامحيني يا بنتي .. بس اذا كانت مقالاتي بتسبب معاناتج فاقولج من الحين تركيها."





هذه المرة العشرون التي تقرأ فيها تلك الرسالة .. كانت تقرأها وهي تهز كيس الـ " m&ms " الاصفر .. لتدحرج الزرقاء والحمراء في كفها .. ومن ثم تنزلق على لسانها .. لتهشمهن اسنانها دون رحمة ..


اغلقت جهازها على عجل حين فتح الباب بعد طرقة خفيفة عليه .. ازاحته من على حجرها .. ابتسمت لاخيها الذي اقترب منها : ليش يالسه بروحج هني .. ؟

سحبت ساقيها حتى يجلس ناصر على السرير : ولا شيء .. بس كنت افكر .

فذياب ؟ .. سؤال من شأنه ان يجعلها تعتدل في جلستها .. وتضع الكيس من يدها على الكوميدينة : ما اتصور اني بكون حرمته .. صح انه ريال والنعم فيه .. بس

باهتمام منه : بس شو يا روضة ؟ .. اذا انتي مب موافقة محد بيجبرج .


هزت رأسها بعشوائية سريعة :لا .. مب قصدي .. انا صليت استخارة اكثر من مرة .. وكل مرة احس قلبي يرتاح اكثر .. بس

- رجعنا للبسبسه .


ضحكت ليضحك معها : هيه جذي ضحكي .. وبقولج شيء .. ذياب اعرفه زين .. ربيت وياه .. والصراحة بقولها لج .. ذياب بيحطج فعيونه الثنتين .. ما اريد كلامي يأثر عليج .. بس اللي اشوفه انج موافقه بس متردده .. وترا من حقج تشوفينه وتتكلمين وياه بعد .. لا تستحين منه .. لان من حقج هالشيء – قام واقفا – الحين بخليج .. تراني هلكان .. بروح اكلي لقمة وبرقد .


تركها .. لترجع وتسبح في بحر افكارها من جديد .. الكلام المادح له الذي يصلها من الجميع جعلها ترتاح كثيرا .. وايضا كلام المغترب لها .. ايقنت به انها لم تكن تحبه هو .. في كل مرة تقرأ فيها رسالته تلك .. يزداد يقينها بانها لم تحب الا حروفه المنسابة على تلك الجريدة .

,,


تناولوا الغداء .. واجتمعوا في تلك الصالة الصغيرة .. الجميع هناك .. ما عدا شهد .. وعمار الذي ذهب ليقدم اخر امتحان له لهذا الفصل .. الساعة تقارب الثالثة عصرا .. وميثة تشعر باحساس غريب وهي بين عائلة اخيها عبد الرحمن .. احست براحة تجمعّهم .. تلك الراحة التي لم تكن تحسها وهي في بيت راشد .. كانت هاجر جالسة بجانب طارق وملتصقة به تنظر معه لشاشة هاتفه التي تعرض فيديو لشيء مضحك .. اما مريم فكانت جالسة قبالة عبد الرحمن تسكب له فنجان قهوة .. الذي بادرميثة بسؤالها : شخبار عليا الحين ؟ اذا محتاية مستشفى لا تترددين .. انا هني وطارق .


نظر طارق لهم عندما سمع اسمه : اكييد ما يبالها – ترك هاتفه لهاجر واعتدل في جلسته – وين خلود وحصة ؟

ابتسمت : شهد يزاها الله خير .. خذتهن عندها .. قالت بتلعب وياهن شوي .


كل شخص فيهم كان يتمنى ان يعرف الاسباب خلف خروج ميثة من منزل راشد .. ولكنها لا ترغب في الحديث عن الامر .. حتى عندما سألها عبد الرحمن .. وبسبب الحاحه عليها .. ما كان منها الا ان تقول : اذا ما تبوني بطلع .


كانت تلك الجملة كفيلة ان تلجمهم عن السؤال ثانية .. فجأة اذا بشخص يقتحم المكان .. ليقف الجميع مشدوهين النظر اليه .. كان يصرخ مزمجرا : ياللي ما تستحين .. جذي اطلعين بدون كلام ولا علام .


تكلم عبد الرحمن محاولا تهدئة راشد : السلام لله يا اخوي .. شو بلاك هاجم علينا .. وتراها ما راحت لبيت غريب .. هذا بيت اخوها بعد .

اخذ يشير اليها بيده : اختك هذي قليلة ادب وما تربت .

صرخت في وجهه : والله اللي رباني رباكم ..

عبد الرحمن : يا ميثة اقصري الشر – امسك اخيه من ذراعه – تعال وياي يا بو سعيد .

سحب يده : هدني يا عبد الرحمن .. البنت السنعة واللي متربية ما تطلع بانصاف اليالي .. وكانها شاردة من سجن .. خبريني بشو قصرت وياج .. دستلج ع طرف فيوم عشان اطلعين من البيت بهالشكل .

رن هاتف طارق .. وتحملق الجميع له . انسحب من المكان .. اما هاجر فوقفت بجانب والدتها ..


ميثة : ما عليك الا بياض الويه يا بوسعيد .. بس غيرك ما صان حرمة البيت .. يا بوسعيد ولدك ما خاف ربه فبناتي .. ولدك ما سوى اعتبار لعمته .. ولا سوى اعتبار لابوه .

تقدم منها حتى باتت انفاسه الغاضبة تلفح وجهها : ما اسمحلج تيبين طاري واحد من عيالي بالشينه .

عاد عبد الرحمن ليمسك راشد من ذراعه .. والتفت لمريم : خذي ميثة فوق يا مريم .. تعال يا راشد وياي .


صرخ من جديد : هدني يا عبد الرحمن .. خلني اعلمها واربيها من يديد .

نطقت هاجر : التربية ما اتيي ع كبر يا عمي .

صرخ عبد الرحمن على ابنته : يوم يتكلمون الكبار الصغار يسكتون ..


اغتاضت وانسحبت من المكان .. اما مريم فاخذت تحاول في ميثة لتترك المكان لكن بدون اي طائل .. اخذ الصراخ يعلو من جديد بينهما .. يقول كلمة وترد عليها بعشرة من مثلها .. كانت كالبوة التي تدافع عن جراءها : ما برجع للبيت اللي دمر بنتي يا بوسعيد .. وبدال ما ياي تصب غضبك ع راسي .. روح اسأل ولدك شو سوى .. اسأله كيف وصلت عليا لهالمواصيل .. وبعدين تعال كلمني .. والله ونذرا علي يابو سعيد بيتك ما عاد ادخله .


انسحبت من المكان .. وسط هيجان راشد .. كانت كلماتها مبهمة جدا .. من تقصد ؟ .. كان سؤالا يتردد في ذهنه .. ترك منزل عبد الرحمن والغضب لا يزال يجتاحه .. اما ميثة فجلست على السرير واخذت علياء في حظنها .. فتحت عينيها المتعبتين : امي .. لا تخليني بروحي .

شدتها اكثر الى حظنها : ما بخليج .. ما بخليج .

فتح الباب على مصراعية : شو اللي سمعته من شوي ؟


ارتجفت خوفا بين يدي والدتها .. التي بدورها شدتها اكثر واحتضنتها بقوة . اردفت : شو اللي صار لعليا عموتي ؟ .. اذا مثل ما فهمت .. لازم ما تسكتين .. عليا باين ان اللي فيها مب حمى وبس ..


-
هاجر طلعي برع .. ما اريد اتكلم فاي شيء .. الله يخليج طلعي .

اقتربت منها وهي تؤشر لعلياء : عايبنج حالها .. اذا عايبنج حالها .. فهو ما عايبني .. ولازم تشتكين ع اللي وصلها لهالمواصيل .. واللي افتعل فيها( اغتصبها ) .

- اص .. سكتي يا هاجر – بدأ صوتها يتهدج – يا رب ما يكون فيها شيء .. يا رب ما يكون فيها شيء .. ما بسامح عمري اذا افتعل فيها النذل .. وربي ما بسامح عمري ولا بسامحه .


اما راشد فهاهو يدخل منزله في قمة غضبه .. ينادي باعلى صوته على ابناءه الذكور : سعيد .. عبدالله .. بدر .. مايد .. وينكم ؟

كان واقفا باسفل السلم .. ونظره للاعلى .. خرج سعيد من الصالة ووقف بخوف : شو صاير ؟

- وين اخوانك ؟ - رجع لينادي – عبدالله .. بدر .. مايد .

خرج الجميع .. نزل بدر الدرجات حتى وصل عند والده .. اما مايد فوقف في منتصف السلم .. فاطمة وريم تقفان هناك بخوف في الاعلى .. اما ام سعيد فوقفت بجانب سعيد .. كان الرعب مسيطر عليهم

زمجر من جديد : وين عبدالله ..

لا اجابة تصله .. فاستطرد : منو منكم اللي تعدى حدودة وييا ميثة وبناتها ؟

حين لم يصله اي جواب .. صرخ : تكلموا ؟

ارتجف مايد في مكانه .. ونظر له بدر .. ثم وجه نظره لسعيد : ابويه شو مستوي ؟

- انا اللي اسألكم .. منو فيكم اللي غلط على ميثة وخلاها تطلع من بيتي بهالشكل .. بتتكلمون والا شو ؟


ام سعيد : الله يهداك يا بو سعيد .. تشك فولادك اللي انت ربيتهم .. وليش ما تقول ان ميثة يالسه تتبلى على عيالي عشان تحطي اسباب لطلعتها بالهشكل مثل الحرامية .

تقدم سعيد من والده : امي صادقة يا ابوي ..

- لا مب صادقة .. ميثة ما تسوي هالسواه الا اذا شيء كايد مستوي ... بتخبروني بالطيب .. والا تبون تصرف ثاني وياكم .

سعيد : يمكن عبدالله .. تراه من امس مختفي .. محد يدري عنه شيء .. شكله خايف من سواته .

هزت ريم رأسها واخذت تردد : حرام عليكم .. حرام عليكم .. عبدالله ما يسويها .. حرام


امسكتها فاطمة من ذراعها .. وادارتها نحوها : انتي شو فيج .. واايد متغيرة .. وشو تقصدين باللي تقولينه .

رفعت عيونها المليئة بالدموع : حرام اللي تسونه .. الله يتكفل فيكم ..


سحبت ذراعها وجرت مسرعة لغرفتها .. ارتمت على سريرها .. تبكي بقوة .. وكأنها بدأت تفيق من غيبوبة الزوجة الطيبة السعيدة .. بكت وهي تردد : كلكم مثل بعض ما همكم الا نفسكم .. حرام عليكم ..

من سوء حظه انه عاد في تلك الساعة .. والاحتقان بالغضب قد سيطر على ارجاء المكان .. دخل وتحولت الانظار له .. القى التحية .. واذا به ينصدم من رد والده : الله لا يسلم فيك عظم ..

تقدم منه .. ليستقبلة بضربة على الوجه جمدته في مكانه : لا بارك الله فيك من ولد .. هذي سواه تسويها ..


مشت بعكازتها نحو زوجها .. ارادت ان تبعده عن ولدها الذي انهال عليه ضربا بيديه وهو ساكن في مكانه لا يتحرك .. وما كان به الا ان دفعها .. ليمسكها بدر .. وبعدها حاول ابعاد والده عن عبدالله .. يشده للخلف من وسطه : خلاص يا ابويه ..

- تفو عليك من ولد .


رفع عبدالله نظره محاولا ان يستوعب ما يحدث .. ازدرد ريقه : شو اللي مستوي ؟


هم ليضربه من جديد ولكن بدر حال بينهما : وتسأل يالخسيس – اخذ يأشر عليه فبنية بدر القوية تمنعه من الوصل لعبدالله – اطلع من بيتي يا مسود الويه .. اطلع ..

صرخت ام سعيد .. وامسكت بساقي زوجها .. تنظر اليه : لا يا بو سعيد .. لا .. الله يخليك هذا ولدك ..

لم يعرها اي اهتمام واخذ يردد تلك الجملة " اطلع من بيتي " .. وقف ينظر للجميع .. وتوقفت النظرات على سعيد .. فابتسم.. وكأنه يقول له .. انتصرت يا سعيد : انا طالع يا ابويه .. بس بيي يوم تعرف فيه انك ظلمتني ..


كل ذلك يحدث تحت انظار المجرم الحقيقي .. المجرم الذي توشح ثوب البراءة .. المجرم الذي عرف اخيرا حجم اجرامه .. لم ينبس ببنت شفة .. رأى عبدالله يغادر .. لطالما كان الاخ مهضوم الحق بينهم .. وهو كان الكل في الكل .. فهو اخر ابناء راشد .. المدلل .. اذا اراد شيء وصله دون معارضة .. انسحب وهو يرى والده قد انهكه الغضب .. يقوداه بدر وسعيد ليجلساه على احدى الارائك .. ولج الى غرفته .. اغلق الباب .. وجلس على الارض محتضنا رأسه بكفيه : شو اللي سويته يا مايد ..

,,

Continue



♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:56 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...6cfc6ce226.gif


,,

" ستار بوكس " في احد المجمعات التجارية في دبي .. المكان لا يهدأ من الواردين اليه .. وهنالك رجلان يجلسان على احدى تلك الطاولات الدائرية .. وبخار القهوة يتصاعد منعشا المكان .. مسيطرا على الاجواء بعكس كأس " الموكا" الهاديء الا من بضع قطرات تكثفت على سطحه . رجل بدين يضع نظارات طبية على وجهه المكتنز بعض الشيء .. قال وهو يرشف من كأسه : الين متى .. وانت ترفض هالدورات .. تعرف كم دورة تدريب رفضت .. هذي الثالثة

انتشل كوب القهوة من مقعده .. وقبل ان يرتشف منه ويتلذذ بمذاقه : ما اقدر اخليه ..

- الين متى انزين .. العمر يمضي .. شوف اللي يوا عقبك ترقوا وسبقوك .. وانت بعدك مكانك سر .. تعرف كم عمر مديرك .. تعرف والا اقولك ؟

- 26 سنة .. ما في داعي تقولي ..

- يعني اصغر منك بـ 15 سنة .. ترضى يكون مديرك اصغر منك .


انزل الكوب وتنهد بتعب واضح : ما يهدالي بال وانا بعيد عنه .. ما يهمني الشغل كثر ما يهمني محمد .

طوح برأسه : اذا امه ما قدرت تتحمله .. تريد اهلك يتحملونه .. قلت لك خذه للمستشفى .. والا ييبله ممرضة تباريه وتهتم فيه .

- وتظن اني برتاح وهو هني وانا فديرة غير الديرة ..

- استغفر الله العظيم .. انزين وبعدين – باهتمام اكبر اردف – ليش ما تعرس ؟

- اسمعني .. حرمة ابو لمحمد مستحيل .. فاهم .. ولا اريد اسولف فهالموضوع .

- انزين ليش قفلت حساب تويتر .. ع الاقل كنت تتسلى فيه .. حرام كل عباراتك تروح بهالشكل .

- تويتر وغيره .. موقوفون حاليا .

- والله مادري شو اللي براسك يا سعود ..

- فراسي اشياء لو تنكشف لك بيشيب منها شعر راسك .



,,

منذ ان اوصلها الى منزله .. والقى بتعليماته على " روز " تلك الخادمة الفلبينية .. وهي لم تراه .. اوصلتها الى غرفته ذات الالوان الكئيبة .. بكت بحرقة .. فهي تشعر بانها غريبة في هذا المكان .. مر الصباح وهي مستلقية بعباءتها .. واتى الظهر .. وايضا لا تزال عباءتها لا تفارق جسدها .. فهي تشعر بالخوف ..حتى ذلك الاتصال .. وتلك الكلمات الكثيرة بينها وبين ايمان قبل صلاة العصر لم تأتي بالراحة لها .. تخاف ان تخرج من تلك الغرفة .. فهي لا تعلم من يوجد في هذا المنزل .. قد يكون هناك اخوته .. وقد يكون بينهم شباب .. من العيب ان تخرج .. فآثرت البقاء حبيسة تلك الغرفة .. قامت بكسل تتجول في انحاء تلك الغرفة الواسعة .. لم تحلم يوما بأنها ستكون في مكان كهذا .. الالوان موحشة .. ومساحات الغرفة الخالية تثير في نفسها خوفا من نوع آخر .. تابعت الخطى الى الغرفة الاخرى الملاصقة لغرفة النوم .. هالها حجم الدولاب الكبير .. وهي واقفة بين الغرفتين .. نظرت الى حقيبتها التي لا تزال قابعة بجوار ذاك الباب الخشبي البارد .. ثم عادت بالنظر الى ذاك الدولاب العملاق .. تلفتت وكأن بها تستطلع المكان .. فقلبها يقرع طبول خوف لا تهدأ .. وقفت أمامه .. مدت يداها المرتجفتان لتفتحه .. بانت لها الكثير من الملابس الرسمية .. قمصان وبنطولانات وبدل كثيرة .. اغلقته لتفتح جانب آخر فيه .. الكثير من الاثواب بشتى الالوان .. الداكن منها والفاتح .. اغلقته .. وتوقفت عن البحث خلف تلك الابواب .. وضعت كفاها على بطنها الذي بدأ يصدر اصواتا طالبا للطعام .. تتضور جوعا .. فهي لم تأكل شيء منذ الصباح .. لم يدخل جوفها سوى بيضة مسلوقة ورشفتين من الشاي بالحليب .. عادت الى السرير .. رمت نفسها جالسة عليه : شو سويتي بحالج يا خولة .. الحين من وين بتيبين اكل .. حتى الثلاجة ما فيها الا الماي .


كان نظرها على تلك الثلاجة الصغيرة في زاوية الغرفة .. اذن المغرب .. ها هي تسمع المؤذن ينادي للصلاة .. قامت لتنظر من النافذة .. فهي تشعر بأنها اخطأت باتجاه القبلة في الصلوات السابقة .. حمدت ربها وهي تتأكد من جهة الغرب ..


وهي على سجادتها اذا بطرقات خفيفة على الباب .. ارتعبت .. وطوت سجادتها بخوف .. تنفست بقوة وهي ترى روز وبيدها صينية تقديم .. تقدمت ووضعت الصينية على الطاولة الصغيرة الموجودة .. وبلغة عربية متكسرة : بابا يسوي اتسال .. يقول مدام كولا يطلع من الغرفة

ابتسمت على نطقها لاسمها وتمتمت : صرتي كولا يا خولة

سكتت روز عن الكلام .. ثم قالت : شو في ماما .

هزت رأسها وهي تقترب من الطاولة : ما في شيء .. وبعد شو قال

روز : يسأل اذا انت في ياكل شيء .. بعدين سار يصرخ .. مدام .. بليز لا يقول هزا كلام لبابا جاسم .

ابتسمت : لا تخافين .. تقدرين ترجعين بعدين عشان تاخذين الصينيه .


خرجت روز من الغرفة بعد ان اخبرتها ان جاسم لن يعود الى المنزل هذه الليلة .. اما خولة فشعرت ببعض الراحة .. يبدو ان جاسم مهتم لامرها .. مدت يدها تتناول شيء ما يسد جوعها .. ولكن الخوف من قدومه جعلها تكف يدها .. فهو قد يغير رأيه ويأتي .. لم تشبع ولكنها في نفس الوقت لا ترغب بالاكل .. مرت الدقائق عليها .. والخوف والتوتر لا يفارقانها .. كيف ستكون اول ليلة معه .. كلما جاء هذا السؤال عابثا في رأسها ارتجفت اوصالها .. الساعة تقارب العاشرة ليلا ..فتحت حقيبتها واخرجت لها ملابس نوم .. فيبدو ان جاسم لن يأتي .. ولا بأس من رمي تلك العباءة التي اتعبتها .. توجهت الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. خرجت وهي تحاول ان تثبت شعرها للمرة المليون هذا اليوم .. فمشبكها قد كسر وهي نائمة .. سحبت حقيبتها الى ذاك الدولاب العملاق .. لا بد ان تجد لملابسها القليلة مكانا فيه .. وهي تقوم بذلك كانت هناك اعين ترقبها دون ان تشعر .. وقع المشبك من شعرها عندما كانت تحاول وضع بعض ملابسها على احد الرفوف .. لينساب شعرها الحريري الكثيف ضاربا اسفل اردافها .. صرخت : اووه .. والله ذلني هالشعر .. بيني يوم واحشه ( اقصه).


ابتسم وهو ينظر الى تلك المرأة التي تذكره بقصص امه بخيتة

كانا يركضان نحوها .. يهجمان عليها في كل ليلة .. عشر سنوات مضت وهما يتعلقان بها يوما بعد يوم .. جلس قاسم على يمينها .. وجاسم عن يسارها .. لفتهما بذراعيها : اذا ما بتعقلون .. ما بقولكم حزايه ( حكاية )

تحرك قاسم وهو يشير لجاسم : هو اللي دوم يتكلم .. ما يخصني .

- كذاب .. هو اللي ما يسكت ..

ضاقت ذرعا بهما : سمعوا .. ترا ما بقولكم حزاية بنت ملك الجان .. اللي شعرها يوصل للارض .

باندهاش طفولي قال قاسم : الله ..




ابتسم وهو يذكر ذهول قاسم من كلام امهما بخيتة ..وحدث نفسه : شوف يا قاسم وحده من بنات الجان وشعرها يوصل للارض .

اقترب بهدوء منها . وهي لا تشعر به .. كانت تغني بصوتها العذب :

يا شوق قلبي فؤادي يعشقك والله
لا تغيب عني وتنسا حلو ماضينا
ماعاد فيني حبيبي للهجر قله
اشواق قلبي تنادي لا يجافينا


كان يتقدم وعيناه تفترسان جسدها التي بانت تفاصيله بسبب ثوب النوم الناعم الذي ترتديه .. والذي اوضح ردفيها الممتلئان ..رفعت جذعها وهي تقف على اطراف اصابعها لتصل لاعلى رف وبيدها بعض الملابس المطوية .. اذا بها فجأة تتسمر في مكانها .. وتسكت شفتاها عن الغناء .. احتظنها من الخلف .. يداه تلامس وسطها .. انزلت قدميها على الارض بهدوء .. ومعهما انزلت ذراعيها اللتان اسقطتا الملابس دون ارادة منها ... امعاءها بدت تتلوى .. وانفاسها تجري مسابقة دقات قلبها .. حدثت نفسها : هذا ريلج يا خولة .. انتي حلاله .


كانت تريد ان تطمأن نفسها .. فملامسته لها افقدتها الاتزان .. وانفاسه التي تلفح رقبتها تكاد تحيلها الى رماد .. همس في اذنها : مثيرة .


لترتجف بين ذراعيه .. ولتحيلها تلك القبلة على رقبتها الى امرأة تطلب العفو دون صوت .


استيقظ عند الساعة الخامسة فجرا .. نظر اليها وهي نائمة كالطفل البريء .. حرك يده على شعرها الذي تتوسد جزء كبير منه .. لا ينكر ان ذاك الشعر اذهله بقوة .. ابعد الحاف .. وقام متدثرا برداءه .. لم يحكم ربطه على وسطه .. سحب له منشفة وتوجه لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. اطلق العنان لذاك الماء البارد لينساب عليه دون رحمة .. اخذ يحدث نفسه : شو صارلك يا جاسم .. استمتعت البارحه . لا تنكر هالشيء .. اول مرة تحس بالمتعة بهالشكل فسريرك .. حبيتها يا جاسم ..


هز رأسه حتى تبعثرت قطرات الماء يمنة ويسرى : لا ما حبيتها .. مستحيل حرمة تدخل قلبي .

عاد ضميره يحدثه : قالها لك قاسم قبل .. الحب ماله وقت .. ما نقدر نتحكم به .. فاي وقت يمكن يسيطر علينا .

مسح شعره للوراء حتى استقر كفاه على رقبته .. وقد شبك اصابعهما : لا .. مستحيل اضعف لاي حرمة .. مستحيل .


خرج بخطى مبتله .. لا شيء سيسكت ناره التي تتأجج في جوفه الا تلك الكرة الصغيرة .. ارتدى ملابس رياضية وخرج لارض المعركة .. ليحارب تلك الكرة حتى يتعب .. وحتى تصرخ عضلاته طالبة الراحة والاكسجين .. خرج بعد تلك الحرب التي استطاعت ان تخمد شيء من براكين روحه الثائرة .. رن هاتفه وهو في طريقه للاستحمام من جديد : الو .. لا حول ولا قوة الا بالله .. اكييد .. واجب علينا نعزيه .


,,

قصر ابو فيصل لا يهدأ .. الناس لا تنفك تأتي .. وميرة لا تعي شيء .. منذ صباح الامس وهي نائمة .. واذا استيقظت نادت باسم سالم .. وكأنها تراه مقبلا نحوها .. تفيق دقائق .. وتغيب عن الوعي بالساعات .. وجواهر لا تبرح غرفة والدتها .. يسوؤها منظرها .. ولا تستطيع ان تفعل اي شيء لها .. النساء يدخلن يقبلنها وهي لا تشعر بهن .. ويخرجن وهن يتحوقلن ..اما رنيم فجالسة بجانب رشا .. التي اتعبتها المهدئات .. تقوم صارخة : وين ابويه .. اريد ابويه .. خلوني اقوله اني احبه ..


رنيم وبرغم تماسكها .. الا ان كلام رشا يثيرها من الداخل .. فهي الاخرى لا تصدق ما حدث .. وسيف كل ساعتان يزورها .. يطمأن عليها .. هي حتى الان لا تعلم شيء عن جنينها الذي فقدته .. وجود اختفت يوما كاملا عن المنزل .. وعادت ليلا عند التاسعة الى المنزل .. كان مكتضا بالنساء .. نظرت اليهن وكأنها تبحث بين الوجوه عن والدتها او عن اخواتها .. تقدمت منها ميعاد ابنة خالتها .. وهي تشد على اسنانها .. وتمسك ذراع جود : وين كنتي لهالساعة .

- وين امي ؟

كانت نظراتها لميعاد جامدة .. حتى انها جلبت التوتر لها : فغرفتها .


تركت المكان راكضة على الدرجات .. فتحت باب الغرفة بهدوء .. هناك خالتها ام ميعاد .. وجواهر .. وصديقات والدتها المقربات .. ارادت ان تدخل ولكنها توقفت .. تذكرت تلك الجملة " انتي السبب " .. فعادت ادراجها للخارج .. لتنزوي في غرفتها .. دون ان تبكي .. فقط تنظر للفراغ بعيون جامدة ..


اليوم احد ايام الجُمع .. ومجلس الرجال لا يخلو .. كان يتلقى التعازي بقلب مكسور .. وبجانبه سيف واخيه طلال .. كان مسدلا " غترته " على رأسه .. فاذا بيد تصافحه .. وتقدم له كلمات العزاء ..وبعدها تحرك ليجلس في ذاك الركن البعيد .. وتلك النظارة ترقب الوجوه الحاضرة .. فذاك تاجر معروف .. وذاك قنصلا سابقا .. وآخر سفيرا .. الكثير من الشخصيات الهامة في البلاد .. وفجأة دخل الد اعدائه .. عبد العزيز ..الذي ما ان قدم العزاء حتى انتبه لابنه جاسم جالسا هناك .. مشى وجلس بعيدا عنه .. تناول فنجان قهوة من يد ذلك الشاب .. وتمتم : لو ادري ان جويسم هني كان ما ييت اليوم .


قام جاسم .. فلا يستطيع البقاء اكثر .. تقدم من فيصل .. وصافحه .. واذا به يقرب فاهه من اذن فيصل .. ليهمس له ببضع كلمات .. كانن كفيلات ليغيرن نظرة عيني فيصل .. رفع نظره لوجه جاسم .. وشد على قبضته اكثر .. وبنفس نبرة الصوت الهامسة : شو اللي قلته .

ابتسم : مثل ما سمعت ..


,,

ان شاء الله يعجبكم البارت

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:56 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...865391475d.gif



,،


رفعت رأسها المثقل .. لينسحب شعرها بهدوء على ذاك الفراش الناعم وملامسا جانب وجهها الحنطي البارد بسبب هواء التكيف .. شدت جذعها واذا بها تصرخ بصوت خافت .. فشعرها المتناثر يصرخ اسفلها لتنشد بصيلاته مع سحب جذعها .. لفته بعشوائية .. حتى كومته خلف رقبتها .. حركت رقبتها بخفة .. وابتسمت بخجل .. فليلة البارحة مخجلة بحق .. وجسمها لا يزال خير شاهدا على ما حدث .. عدلت ثوب نومها تحسست صدرها الذي بات الهواء البارد يلفحه بعنف.. اغلقت ازرارقميصها باطراف مرتجفة .. ما لبثت حتى انسلت من ذاك السرير الذي شهد نهاية عذريتها .. تلفتت باحثة عن من اضحى شريك فراشها .. مشت بهدوء وبتعب واضح .. فهي تذكر ان هاتفها يقبع هناك بجانب الدولاب العملاق .. انحنت لتلتقطه من جانب حقيبتها مفتوحة الفاه .. شهقت .. ليس لتلك المكالمات السبع التي لم يرد عليهن .. بل للوقت الذي شارف على الحادية عشر صباحا .. رمته في الشنطة لتحتضنه قطعة الحرير المتبقية فيها .. سحبت لها ثوبا فضفاضا وملابس داخلية لتسرع الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ).. حتى تقابل ربها بطهارة .. ما بين خروجها وبين استعدادها لتصلي كان لسانها لا يمل من الاستغفار .. فهي تشعر بانها صارت كسولة في حقوق خالقها ..


طوت سجادتها .. وتمتمت بشيء من الغيض : وهو ليش ما وعاني( ايقظني ) ..

وضعت يدها على بطنها الذي يصرخ جائعا .. وايضا اختلط وجع جوعة بوجع آخر تخللها دون رحمة .. قامت لتجلب ذاك الكتاب الطاهر الذي لا تزال رائحة يدي والدها تعبق فيه .. كلما احتظنته بين كفيها تشعر بذاك الاحساس المطمئن .. فتحته .. وكالعادة يداها لا تخطآن مكان سورة الكهف .. تبتسم لاصابتها في كل مرة .. فهي تشعر ان هذا الشيء دليل على ايمانها ..


صوتها عذب جدا .. صمت المكان .. وكأن تلك الجدران تستمتع بتلاوتها .. مرت الدقائق .. احست انها سريعة جدا .. حتى انه خيل لها بانها قرأت الايات متعجلة .. ولكن هذه قراءتها الدائمة .. نفضت رأسها من وسوساتها .. فهي تدرك انها ليست على ما يرام .. فيكفيها خوف الليلة الماضية .. جلست امام المرآة .. انتبهت للاحمرار على يمين رقبتها .. فارتعش جسمها .. تذكرت ملمس شفتيه وهي تلثمها بقوة .. لتحيلها الى امرأة مخدرة .. تحسستها بأطراف اصابعها .. بعثرت شعرها المبلل .. لتبدأ بتجفيفه .. ما لبثت حتى لملمته بجزع .. فهي تخاف من الحسد ..او لعله كان خوف آخر .. فتلك الطرقات وانفتاح الباب ببطء شديد .. فتح المجال لقلبها ليعلن تسابق دقاته .. سحبت غطاء رأسها لتخفي آثر ما حدث معها البارحة عن اعين روز .. التي دخلت بصينية الافطار .. لم تتكلم الا ببضع كلمات ردا على تحية روز الصباحية .. فخجلها يكبلها .. قالت روز : ماما ليش ما يطلع من الروم ( الغرفة


ازدردت ريقها وهي تنظر الى روز التي انحنت لترتب السرير : اخاف يكون في شباب ..

ضحكت روز وهي تنفض اللحاف الثقيل : هني ما في الا بابا جاسم ..


رتبت السرير .. وسالت خولة اذا يوجد هناك ما تريد منها ان تفعله .. ردت الاخرى بلا .. مع انها تمنت لو تبقى روز معها اكثر .. فهي تشتاق للحديث .. الا انها عملت بخلاف امنيتها .. جففت شعرها .. ولم تجد بدا من ظفيرة تثبته لها حتى لا يتناثر .. بعدها قامت لتصلي الظهر .. وأجلت تناول الطعام .. رفعت كفيها داعية ربها بكل خشوع .. مسحت دمعة هربت على خدها .. تمتمت : اللهم لا تكلني لاحد من عبادك .

طوت السجادة .. وووضعتها على الكرسي .. وقفت لتتأمل وجهها المنعكس على تلك المرآة .. ابتسمت فاستدارت حيث تقبع صينية الافطار .. ضحكت على نفسها .. فأي افطار هذا .. والساعة تقارب على الواحدة .

,،



مدت يدها تلتقط قطعة خيار من صحن السلطة .. قضمته وهي لا تزال تنظر الى الصحن امامها .. تشعر بالحياء وترغب بالابتعاد بقدر الامكان عن اهلها .. تكلم وهو يقبض الارز بين اطرافه الخشنة .. محاولا جمعها كي يلتقمها : الليلة بيينا ذياب ..

ازدرت ريقها .. وهي تسمع والدتها ترد : على خير .. بيي بروحه والا امه بتي وياه .

ابو احمد : بروحه .. بيي يشوف روضة وييلس وياها .. والله هالسالفة مب داخله راسي – قضم ورقة خس – من متى البنت تيلس وييا الريال قبل العرس .


تكلم ناصر وهو ينفض بقايا حبات الارز من يده : من حقه وحقها يا ابوي.. والزمن تغير – قام واقفا – الحمد لله .. الله يعطيج العافية ياميه ع هالاكل الطيب .

ابو احمد : والله زمنكم ما يسوى وانا ابوك .

قهقه ناصر .. وخفت صوته كلما ابتعد : ايامكم غير يا ابو احمد ..


لم يدركوا بانهم بذاك الحديث اذابوا جسد روضة التي غرقت في بحر من الخجل .. ولا تزل قطعة الخيار المقضوم طرفها في يدها .. وضعتها على فراش الطعام البلاستيك المقلم بالازرق والابيض .. وحمدت ربها وقامت .. اذا بصوت والدها يوقفها : لا تنسين تتجهزيين ..

ردت بصوت متقطع ومهتز : ان شاء الله .


صعدت السلالم بتوتر .. توقفت هناك في تلك الساحة بين الغرف الاربع .. نظرت الى تلك الغرفة التي اصبحت خاوية من صاحبها .. تخيلته يفتح الباب .. يخرج مبتسما .. يضربها على كتفها مارا بجانبها .. ويناديها بالعروس .. كم تشتاق اليه .. هل يعقل ان تتزوج وهو بعيد عنهم .. ابتسمت ابتسامة حزن ممزوجة بخوف وفرح يغرد بلطف بين زوايا قلبها .. حثت الخطى الى غرفتها .. ولا يزال الخوف يربض بين حنايا صدرها بقوة .. فكيف لها ان تقابله .. وكيف لها ان تكون زوجته .. وهي التي كانت تناديه بابشع الصفات عندما كانوا اطفالا .. ولجت الى غرفتها واستندت على بابها .. لتتهادى اليها ذكرى قديمة قد تكون بقدم هذا البيت .. ذكرى ترسبت في عقلها منذ خمسة عشرة سنة .. كانت في السابعة وهو ذاك الذياب يكبرها بثلاث سنوات ..كانت تسمع اخوتها دائما ينادونه بذاك اللقب .. لسمار بشرته بسبب ضعف جسمه .. فاخذت تردده على مسامعه وهي تشير اليه باصبعها الصغير .. وتتعالى ضحكاتها : يالصومالي .. يالصومالي ..

لتتقوس شفتاه .. ويجري مسرعا ليختبأ خلف امه .. ليبدأ لقب آخر بالظهور في حياته " يا ولد امك "


هزت رأسها وكأنها تريد لتلك الذكرى ان تقع من عمق دماغها .. كانت صغيرة .. ولكن هل صغر السن يبرر ما كانت تفعله !.. زفرت وكأنها تسقط تلك الهواجس مع هواء صدرها الحار .. جلست على ذاك الكرسي القصير تنظر لوجهها في تلك المرآة الشبه دائرية .. تمتمت : اكييد تغير .. من زمان ما شفته ..

,،


خرجت تنهيدة اخرى من صدرها .. فذاك الحديث .. وتلك الكلمات الكثيرة باتت تحفر آبارا في عقلها .. حتى تنفجر منها افكار لا تقوى على مجابهتها .. كلام الناس تؤكده لها تلك العاملة الفلبينية الثرثارة .. لو علم بثرثرتها لنفاها دون رجعة .. طوال تلك الساعة وهي تمطر مسامعها بالكثير من الكلمات .. ولا يزال ذاك السؤال الصعب يطرق باب عقلها مرارا : انت كم بيبقى هني مدام كولا ؟


لفت " شيلتها " باحكام على رأسها .. وقررت اخيرا ان تطلق سراح جسدها من تلك الغرفة .. اخذت نفسا عميقا وكان صدرها اشتاق لهواء جديد .. سحبت الباب من خلفها وخرجت .. تجولت بنظرها في المكان .. صالة متوسطة تقبع هناك وحيدة في الزاوية .. وهناك غرفة .. وغرفة اخرى بجانبها .. الفيلا ليست كبيرة .. نزلت السلالم ويدها اليمنى مقبوضة بجانب صدرها .. توقفت وكأنها تتأكد من خلو المكان .. عادت لتسحب الاكسجين بنهم وتزفره باجرام .. اذا بها فجأة بعد ان وضعت قدميها على الارض تمشي بتوئدة نحو ذاك الجدار في تلك الصالة الكبيرة ..تسمرت وهي تنظر لتلك العيون في تلك الصورة .. وتلك الابتسامة .. انه مختلف .. ليس جاسم الآن .. واذا كانت عيناه بهذا العمق والجمال الحاد فلماذا يخفيهما ؟.. كانت تلك الاسئلة تجوب عقلها وهي تتفحص تلك الصورة .. واذا بها تسمع : لا تخاف .. لو هو ذكي اكيد بيعرف – قهقه – وبيدري ان اقرب الناس ما يتأمنون


عاد ليقهقه وهو يقف ناظراً لتلك الواقفة عند تلك الصورة .. قطب جبينه لبرهة .. ثم حول هاتفه من اذنه اليسرى الى اليمنى وهو يجلس بهدوء على الاريكة : اكييد ما انساك .. انت ساعدتني واايد فالفترة الاخيرة – باهتمام وهو ينحني قليلا للامام- اريدك تعرف التطورات اللي بتصير .. وتعلمني فيها اول باول .. ولك اللي تطلبه .


اغلق هاتفه راميا اياه على تلك الطاولة .. التفت اليها : باين انج تعرفتي على قاسم .

مشت بخوف يتخلله خجل زاد وجهها جمالا في نظر جاسم .. لا تضع اي مستحضرات تجميل .. سوى كحل اسود في العينين .. يرقبها من خلف نظارته حتى جلست ..هناك قبالته دون ان تنبس باي كلمة .. لعل قاسم لا يثير التساؤلات في نفسها .. او لعلها لا تريد ان تبدأ حديث مع شخص مثل جاسم .. سحب سماعة الهاتف من خدرها القابع على تلك الطاولة بجانبه .. واذا به يطلب منهم ان يجهزوا الغداء .. بنية صادقة قالت وهي تقف : انا بجهزه لك .

احرجها وهو يقول : المكان فيه خدم ..


وكأنه اراد ان يخبرها بانها هنا زوجته فقط .. هذا ما احسته .. او انه يحاول ان يذكرها بفارق المستوى بينهما .. جلست وهي تبلع غصتها المرة .. قالت بشيء من التردد : منو قاسم ؟

صمت قليلا .. ثم قام واقفا : اخوي .. بس لا تخافين مب موجود هني .. يعني ما بتتلخبطين بينا ..


واخذ يقهقه .. ضحكة اقرب الى صرخت الآه .. مشى وطلب منها مرافقته .. كان ذهنها لا يزال مشغولا بحديثها مع روز .. حتى هو لاحظ انها ليست على ما يرام .. رجفت يدها وهي تتناول الطعام معه خير دليل على ذلك .. وضع الملعقة من يده .. واسند مرفقيه على الطاولة .. شابك اصابع كفيه لتعانقا ذقنه خفيف الشعر .. وهو يلوك الطعام في فيه : في شيء؟


سؤال اوقفها عن تناول الطعام .. تريد ان تخبره بخوفها .. تريد ان تتفق معه على حياتها .. عانقت اسنانها العلوية شفتها السفلى بعنف .. بعدها قالت بصوت مهتز : اقدر اطلب منك طلب ..

وقف حتى احدثت ارجل كرسيه صوتا بالانسحاب : تذكرين شو قلتي يوم زرتكم .. قلتي اعتبره اول واخر طلب اطلبه .. صح او لا ؟


مشى قليلا ثم توقف عائدا خطوتان .. ليقف بجانبها .. ينظر الى انكسارها : خولة .. انا انسان يهمه اذا قال قول نفذه .. والناس اللي تقول وتفعل تكون فوق لانها قد كلمتها

اسند يده اليسرى على الطاولة .. ولف بذراعه الايمن كتفها .. حتى اصبحت انفاسه تلفح جانبها الايسر : وانتي .. يا تكونين فوق .. او تنزلين تحت .


غادر المكان .. لتسقط دمعة يتيمة تعبت المكوث في محجر عينها .. وبعدها تتالت الدموع من الجهتين .. هل يعقل انه هو نفسه من كان معها هناك على ذاك السرير .. لما يبدو مختلفا .. طأطأت رأسها أكثر بانكسار .. فلقد وأد طلبها قبل ميلاده .. لا تسمع شيء سوى كلماته يتردد صداها في الاجواء .. خلت الطاولة من تلك الصحون .. وهي لا تزال هناك .. مخبأة عيونها الدامعة .. وكأنها خجلى من ضعف روحها الطيبة .


اعتق معصمه من قيود ساعته البيضاء ورماها على السرير بشيء من الغيض .. مشى حتى انعكست صورته على تلك المرآة .. تمتم : مثلهن .. مثلهن ..

وكلما اعاد تلك الكلمة ازداد شعوره بالغضب .. يرص على اسنانه بكره يتفجر من اعماق روحه لذاك الجنس .. صرخ : كلهن مثل بعض .

واذا بصوت ضميره الرافض لهذه الافكار : بس هي ما طلبت شيء لنفسها .. ما اهتمت بنفسها .

نزع نظارته .. مدققا النظر في عينه اليمنى .. حرك اصابعه المرتجفة عليها بحذر وتمتم من جديد : بس هي رجعت تطلب ....


وضع نظارته بعنف على عينيه .. وخرج من غرفته .. مسرع الخطى الى الاسفل .. توقف .. لا تزال قابعة مكانها .. لم يهتم وتابع المسير .. الى صديقه الاسود .. لحظات واذا بتلك الانغام الثائرة ترج سكون المكان .. لتنبه تلك الساكنة مكانها بان عليها المغادرة ... اصابعه تصافح اصابع صاحبه بعنف واضح .. ووميض ذكرى بَرق بين عينيه


منذ ان استيقظ وهو يشعر باحساس غريب في روحه .. احساس يشعره بان توأمه ليس بخير .. فُتح الباب .. تضاربت انفاسه وهو يرى ذاك الواقف عند الباب .. انسان مكسور .. قام بوجل .. يدنو من نصفه الاخر .. الناظر الى اسفل قدميه .. حاله متدهورة .. نبس قلبه المتألم وجعا : حبيتها ..


اذا به يجره اليه .. يحتظنه .. يلصقه بروحه الخائفة على روحه .. اختلطت نبضات الافئدة .. وتشابكت انفاس الحقد مع انفاس الانكسار .. شده اكثر اليه .. والاخر مرخي ذراعيه بجانبه .. اذا به يشعر بشهقاته .. ضعيفا كان .. وهو كان النصف القوي .. القوي الذي ضعفت روحه لروح توأمه .


ضرب الاصابع المقلمة بالاسود والابيض بعنف .. لينهي معزوفة حرب الذات .. ويبعثر وميض ذكرى ولدت في ذاته احقاد واحقاد .



,،

Continue


الساعة الآن 12:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية