منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   [قصة مكتملة] أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel (https://www.liilas.com/vb3/t180431.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 



,،

ودموع اخرى انسكبت خوفا هناك في حضرته هو .. تبكي فلذة كبدها التي اختفت دون اي خبر .. وكلمات تنبعث من شفاه ابنتيها مهدأة لها .. وهو يحاول ان يجد بداية خيط توصله اليها .. يجوب البهو بقدميه ذهابا وايابا . والانزعاج قد سكن ملامحه .. وذاك الهاتف لا ينزل الا وارتفع من جديد الى اذنه .. ليقف وهو يرى تلك الداخلة بعباءتها ومن خلفها تلك المربية تحمل طفلها الرضيع .. اتجهت مباشرة لوالدتها هناك في الصالة .. لم تنتبه له .. ليبدأ هناك حديث مُر بات يتجرعه كلما دخل منزله .. اقترب منهن ليقبل رأس والدته : بنحصلها فديتج .. انا طالع الحين .

واذا بها تمسكه من صدره : فيصل الله يخليك يبلي بنتي ..

كفاه تطوقان معصميها لينزلهما ببطئ ويلثمهما بعنف : جود بترجع يالغالية .. بترجع ..

لتصرخ تلك بتهكم في وجهه : هيه بترجع .. كلام فكلام .. الله العالم وين اراضيها والسبب هالشركات اللي تركضون وراها ..

استمرت باتهامه بالتقصير وكأن بها تتقيء وجعا آخر من زوجها ذاك .. الذي ابتعد عنها بشكل اخافها في الآونة الاخيرة .. وتلك المكالمات التي لا تهدأ حتى في ساعات الليل الطويل .. استشف وجعها كما استشف شيئا اخر من بين حديثها .. فلقد باحت بحال زوجها وحالها معه .. لتنفجر باكية على صدر والدتها .. وتنطق تلك : حسبي الله ونعم الوكيل ..

تنهد وابتعد بخطواته فذاك الحال لم يعد يطاق .. لتهرول تلك خلفه تمسك ذراعه قبل ان يخرج : شو بلاج ؟

مسحت دموعها : فيصل انا تعبت .. مسويه عمري قوية . عشان امي وعشان رنيم اللي كل ليلة تقوم من رقادها خايفة .. تعبت امنيهن فشيء يمكن ما يصير ..

انامله تقف على شفتيها : لا تقوليها يا جواهر .. لا تقوليها .. وجود برجعها غصبا عن الكل ..

ابتعد .. وخطاه محمله بذنوب لن يغتفرها لنفسه حتى وان غفرها الاخرون .. هو من ارغمها على العودة الى ذاك العالم الخطر .. قاد سيارته وافكار كثير تجتاحه .. فاين عساها تكون .. فان خطفت فلا بد من ان يصل الخبر من خاطفيها .. وان هي اختبأت فليست بتلك القسوة لتدع والدتها بهذا الوضع .. نفض رأسه من ذاك الذي يراوده .. ايعقل ان حديث جواهر اثر فيه ؟ .. ام ان هذا هو الذي يحاول انكاره منذ ان علم باختفاءها من شقتها في " لندن " .. وتغيبها عن الجامعة .. ايعقل انها تحت الثرى الآن .. ؟ .. دون اي تفكير قاد سيارته الى منزل ذاك المدعو " نسيبه " .. عليه ان يوضح له الكثير من الامور .. واسباب الغموض الذي اضحى يكتنفه اكثر عن ذي قبل ..

الوقت ظهرا ومؤكد انه في منزله .. وتلك لن تخرج الا اذا سمح لها بذلك .. خطواته الغاضبة تحث الخطى على الممر المرصوف .. ليقف ويده ترتفع .. وابهامه يبصم على الجرس .. رنات عديدة متتالية .. حتى فتح الباب على يد تلك الخادمة ليصرخ بها وهو يدلف : وين سيف ؟

" حياك انا هني " ... وكأنه ينتظره .. فهو يعلم بتقلباته .. ويدرك بانه موجوع حد النزف .. فسيحاول امتصاص غضبه الذي يتوقعه .. وقف يمد يده : هلا والله ..

ليصرخ ذاك دون اكتراث بتلك اليد : مب ياي اسلم .. خبرني يا سيف شو وراك .. شو اللي داسنه عني .. وشو سالفتك ويا عبد العزيز ..

-
اهدا .. وايلس خلنا نتفاهم ..

بعثر نظراته على تلك الاوراق المكومة على تلك الطاولة .. وهو يعلم بان وقت الظهر وقت قيلولة مقدس لدى الاخر .. ودائما ما كان يردد والده بان سيف مستعد للعمل طوال اليوم الا في وقت قيلولته .. تجهم وجهه : سيف ليش خليتني اترك شراكتي ويا عبد العزيز .. وابيع نصيبي برخص التراب ..

-
لان شركته مشبوهه .. واليوم وصلت كل الادلة اللي وصلتني من جود للجهات المختصة ..

ما ان سمع باسمها حتى عانقت يداه صدره : تتواصل ويا جود ولا تخبرني .. وينها .. تكلم .. وينها ..

" ما اعرف " .. نطقها وهو مستسلم لقبضتي ذاك الذي اخذ يشده بعنف : كيف ما تعرف .. من شوي تقول انك تتواصل وياها – فك قبضتيه ليردف صارخا – عطني فونك ..

بعثر نظره ليلمحه على الاريكة .. ليدفع ذاك كي يتعداه اليه .. يسحبه يقلب بين اخر المكالمات الواردة .. لا يوجد اي اسم لها .. ليمده له صارخا : اتصل فيها ..

اخذ الهاتف بهدوء : ما بترد عليك .. صارلها اسبوعين مسكرتنه ..

ينظر الى يده الممدودة بذاك الذي يتمنى ان يكون السبيل به اليها .. ليردف الاخر : اتصل .

سحبه من كفه ليمشي خطوات مبتعدا ,, وكأنه لا يريد للاخر ان يرى ملامحه حين الفرح او حين تكسر الامل .. الهاتف غير مستخدم .. لعله يضحك عليه .. لينظر اليه بوجع للحظات .. وبعدها يحث الخطى الثائرة بالغضب .. لينفث انفاسه في وجهه : سيف اذا تعرف وينها الله يخليك تكلم ..

لاول مرة يرى عيون سيف من هذا القرب .. هناك نظرة لوم او لعلها ندم من نوع ما : سامحني يا فيصل .. قلت لها لا تورط نفسها اكثر .. خبرتها ان اللي وصلتله عن اللي صار لابوها يكفي وزود .. ما سمعت كلامي .. ولا قدرت اخبرك لاني وعدتها ما اخبرك .. واني اكون قربك .. بس عشان تبعدك عنهم .. واللي سويته وياك عشان ابعدك عن طريق يمكن يوصلك للمحاكم وانت ما تدري ..

صدمة بل ان هناك ذبذبات شتات لا يعيها .. كيف .. ووالده حذره منه .. كيف واخر كلمة نطقها سيف .. والآن يحميه لطلب منها هي .. تلك التي مسؤولة منه .. تلك التي وعدها بالحماية ولم يفي .. ردد بتبعثر : متى آخر مرة كلمتها .

زفر انفاسه : من اسبوعين تقريبا .. اخر مرة يوم ضربتني قدام شركة عبد العزيز .. كانت هي ع الخط .. وسمعت كلامك .. واصرت اني لازم ابعدك قبل لا اسلم اللي وصلني منها ..

شد قبضته حتى كادت اصابعه ان تنغرس في راحته .. أيضربه .. ام يشتمه .. ام القتل افضل .. كان يعرف انها في خطر ولم يتكلم .. فقط لاجل وعد تافه .. يرميها لتهلكه .. طوح برأسه وزم شفتيه بغيض يخالطه بعض الحقد .. وينصرف بعدها .. الخيوط بدأت تتشابك .. وهي بين معمعة التشابك .. جُل ما يتمناه الان هو ان يحتضنها .. يعطيها الامان ان كانت خائفة .. او يعطيها الدفيء اذا كان البرد يحاصرها ..

,،

حضن حار على ارصفة المغادرة .. واحضان اخرى في الانتظار .. تعانق يمينها يسارها قريبا من فيها وتنطق بحزن : ساشتاق لك .
وجع فراق آخر على الاراضي " الكندية " .. لتبادر تلك بابتسامة واحتضان لكفوف الاخرى بين كفيها : سنلتقي يوما .. مؤكد سنلتقي – تحضنها من جديد وتردف – شكرا لورا .

لتلوح لها بكفها مبتعدة .. كل ما يفصلها عن ارضها ساعات من الزمن .. لا احد يعلم موعد رجوعها .. او هي تظن ذلك .. غادرت الغربة وشعور بالغربة يستوطن روحها .. غربة من نوع جديد لم تألفه يوما .. فلماذا يستعجل ذاك الطارق الامور .. ليزف لها ما
لم تقوى والدتها على قوله .. هل كان يعلم بانها كانت تحزم امتعة الرحيل .. ام انها الصدفة المرة التي تعيد احمد الى تفكيرها من جديد .. يقول بان اخباره لها لتاخذ اكبر قدر من الوقت لتفكر .. ولم يكن يعلم ان وقت التفكير الذي يرتجيه ما هو الا تحليق طائرة ..

احتضنها ذاك الكرسي .. لترخي رأسها للوراء .. وحقيبة يدها على فخذيها .. سترحل لتعود الى عذابات الروح التي كانت فيها .. تنهدت لتبحث عن هاتفها مع انطلاق صيحات التوصيات .. لتخرسه تماما .. وترميه حيث كان دون اكتراث .. وتشد الحزام عليها .. وعيناها تنظران للخارج .. وابتعاد كل ما تراه على الارض .. ليختفي ولا تبقى سوى السماء وسحب تكدست فيها .. لتبتسم بعد حين على ذكرى حديث كان ..

دخلت بعد يوم جامعي متعب .. لتراه هناك يجلس في صدر المجلس .. يستقبلها بابتسامة كالمعتاد .. ويدنو منها يمسك كفيها ويقبل وجنتيها بحب : ما قلتلج خلي عنج الدراسة ..

زمت شفتيها وهي تمشي معه ويدها بيده .. ليجلسها بجانبه ويردف : شوفي ويهج كيف التعب مبين عليه .

-
يعني بترجع فكلامك .. انا احب ادرس .. واخذ شهادات اكثر عن البكاليريوس .. واريدك تكون وياي مب ضدي .

اشاح بوجهه : لو فتخصص غير التلفزيون كنت بوقف وياج ..

-
بس انا احب هالتخصص .. واحلم اكون مذيعة اطلع فالتلفزيون ..

كان يومها حديثها ساذجا .. وهي تمثل له كيف ستفعل اذا وقفت امام الكاميرا .. ليسحبها ويجلسها من جديد .. يحتظن وجهها .. وبهيام نطق : ما اريد هالويه يشوفه غيري .. بس دامج تحبين هالشيء بحبه عشانج .. بس بشرط – انقطب جبينها بعد ان كانت مبتسمة ليردف – ما تكونين فبرنامج فيه مذيع .. تراني اغار ..

انسابت دمعة على وجنتها .. وخالطت ذكريات حلم جميل كان .. مسحتها وكأنها تداري ذاك الضعف الذي بدأ يتسلل اليها .. تنهدت لتغمض جفنيها .. تريد ان تبتعد عن دوامة التفكير تلك .. بأي طريقة كانت .. حتى ولو كان السبيل هو النوم ..

وحتى النوم يحمله اليها فيتمنع عن جفونها .. او قد يقض منامها .. لترجف بخفة بعد ساعات طوال .. هذا ما ظنته هي .. انها نامت ساعات وساعات .. التفتت لترى تلك التي بجانبه ا تغط في نوم عميق .. اخذت نفسا عميقا وهي تنظر من ذاك الزجاج وخيالات ماضي تعود وتعود .. لتزفر انفاسها .. وسرعان ما تدس يدها في حقيبتها .. تسحب " لا تحزن " .. فكثيرا ما تقلب بين اوراقه في ساعة تعب روحي تمر بها .. وهي فيها الآن .. قلبت اوراقه وكأنها تبحث عن شيء معين يعينها على ما هي فيه .. لتقرأ عينيها :

"(أتى أمر الله فلا تستعجلوه) لا تستبق الأحداث، أتريد إجهاض الحملِ قبل تمامه؟! وقطف الثمرة قبل النضج؟!إن غدا مفقود لا حقيقة له ، ليس له وجود ، ولا طعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل انفسنا به ، ونتوجس من مصائبه ، نتوقع كوارثه ، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه ، أو نلقاه ، فاذا هو سرور وحبور ؟! المهم انه في عالم الغيب لم يصل الى الارض بعد ، إن علينا أن لا نعبر جسراً حتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر ، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا ، وربما وصلنا الجسر ومررنا بسلام."


وتتابعت الصفحات بين اناملها الطويلة .. تقرأ بتمعن احيانا .. واحيانا اخرى تغيب عن واقع الحروف لتعود اليها مجددا حتى تعيها .. وتمضي ساعات الرحلة الطويلة بين توقفات قليلة .. وتلك الافكار لا تزال تطاردها كفريسة ضعيفة تعشق ممارسة الركض خلفها حتى توقعها بعد ان تنهكها .. ابتسمت وهي ترى الامارات ارضها التي ترعرعت على ترابها .. ابتسمت وهي تراها صغيرة من بعيد .. لا تعلم لما عيونها في هذه الساعات اضحت تعشق الدموع .. وكم كانت دقائق الهبوط ثقيلة على روحها ..

يقولون ان العالم صغير جدا .. وزواياه قريبة من بعضها .. كزوايا مطار دبي الدولي هناك وصل هو قبلها بساعة .. يتحدث في هاتفه لاخيه ناصر الذي مل انتظاره .. عاد بعد استقرار حالة تلك الجوليا .. فهي لن تفيق اليوم ولا غدا وقد تطول مدة نومها كثيرا .. ابتسم وهو يغلق هاتفه .. غدا هي ستعود .. هذا ما يتوقعه الجميع .. سينتظر اسبوعا وسيطلب محادثتها .. بل انه سيلح على عمه وخالته ان يقنعاها بالحديث معه اذا تمنعت .. يريدها ان تعود الى احضانه .. يريد ان يشعر بوجودها معه كما في السابق .. تنهد وهو يغمض عينيه .. ليرى خيالها .. مؤكد انها تغيرت عن ذي قبل .. ولكن ستبقى هاجر التي احبها يوما ..

تمشي وبجانبها ذاك الذي يجر عربة حقائبها .. واذا بها تدس يدها في حقيبتها تبحث عن هاتفها .. وتمشي دون ان تنتبه .. ليصدمها ذاك الماشي على عجل .. يسابق الريح .. بعد مكالمة وصلته قد تكون بداية خيط الوصول الى تلك الجود .. اعتذر منها وهي فقط ابتسمت لتردد : ما عليه .. ما صار شيء ..

وتركها ليلحق بطائرته .. سحبت الهواء بعمق وهي تقف خارج جدران ذاك البناء .. هواء مختلف هذا ما شعرت به .. طال وقوفها دقائق .. وبعدها تشد خطاها الى سيارة الاجرة التي طلبت حضورها لتقلها .. لم يبقى شيء على رؤيتهم .. سيتفاجأون .. ابتسمت تحاول ان تبعد الافكار بافكار اخرى .. نظرت الى الساعة الرقيقة التي تزين معصمها .. لا تزال الساعة السادسة مساء .. وهم ينتظرون مجيئها غدا .. اي بعد ساعات وليست دقائق .. انتبهت لدخولها ابوظبي .. لم تنزل نظارتها عن عينيها وكأنها تخفي الحيرة التي تعانيها ..

السكون يثير ريبة بين اضلعها .. وغياب الشمس خلف الافق ثير وحشة خانقة .. لتنتبه من شرودها على صوت السائق يسألها عن مكان منزلها .. لتصف له بدقة متناهية حتى توقف وترجل لينزل حقائبها .. ها هو منزلها الذي غابت عنه اشهر خلت امام عينيها .. وطأت قدماها ارضه .. لتبعثر نظراتها على المكان .. وبنيان جديد يتطاول نحو السماء .. مؤكد انه القسم الذي يبنيه طارق .. تحرك ذاك وهي ظلت في مكانها .. هي وحقيبتين .. كبيرة واخرى متوسطة .. ودمعة شوق للقاطنين .. وصوته من جهة مجلس الرجال .. لتلتفت ويصمت هو وذاك الهاتف ينزل رويدا عن اذنه .. اخته هنا .. ابتسم ليغلق الهاتف دون كلمة ويحث الخطى اليها .. ينتشلها من ارضها كعادته .. يدور بها وهي تضحك على تصرفه الذي لن يتركه .. لتصرخ به : خلاص خلاص ..

اطراف اصابعها تلامس الارض وسرعان ما وقفت بثبات .. لينطق هو : يالخاينة .. وبعدين كيف اتين بروحج .. ليش ما اتصلتي علي ...

ولوم كثير .. اختصرته هي : خل اللوم لبعدين يا طارق .

ليبعد نظارتها تلك .. ويحضن وجهها .. يرفع الى نظره : شو بلاج ؟

ملامحها متعبة .. وعيناها تحكي قصة طويلة لا يعرف ماهيتها .. انزلت كفيه بكفيها .. لتبعد نظراته عن عينيها : خلنا نفاجأهم .,,

وضحكة مصطنعة اطلقتها وهي تردف : اكييد بينصدمون ..

" أمايه " بعثرتها في المكان مرارا .. ليتهادى صوتها الى غرفة ريم .. حيث هناك هي وميثة يرتبن بعض اغراض تلك العروس .. ليقع ذاك الثوب من يدها .. وتردد الاخرى : بسم الله .. شو بلاج يا مريم ,,

" هاجر " نطقتها بشرود وكأنها تحاول الانصات بقوة .. لتردف : سمعت صوتها يا ميثة .. هاجر بنتي فالبيت ..

تعود لترتب الملابس في تلك الحقيبة : تتوهمين يا مريم ..

ليعود صوت النداء من جديد : سمعتي ..

وخرجت تهرول تتبعها الاخرى .. لتسمع النداءات وتزيد من نزولها على تلك الدرجات .. لتقف صارخة باسمها .. فتقف تلك وتلتفت قبل ان تدخل غرفة مريم .. لتجري وتجري الاخرى لا يمنعهما الا الاحتضان .. ودموع شوق اغرقت العيون قبل الوجوه .. لتردد تلك من بين دموعها وقبلاتها : ليش ما خبرتنا يا طارق ..

تظن بانه هو من احضرها من المطار فسكت .. ليبقى الامر بينهما وليقولوا ما يظنون .. فيكفي ان يبعد عنها الملام من امها ووالدها وحتى عمار لن يسكت اذا عرف .. يعلم ان بين طيات صدرها امور تكفيها الآن .. ليبتسم على تلك الاحاديث المغلفة بخوف ام : ضعفتي ..

ضحكت وهي تمسح دموعها : لا والله . الا زايده اربعه كيلو ..

لتترك حضن والدتها لحضن عمتها .. وينطق ذاك : حشا ما بسكم .. صدق انكن حريم ..

ليلتفت الجميع بعدها الى الباب .. فاصوات قادمة من هناك .. وغضب واضح من كلام عمار : حشا من قبل العصر ولا خذيتي الا كم كيس .. صدق حريم ..

ليقهقه الاخر في الداخل .. فكأن بعمار سمعه ليقولها .. لتردف تلك وهي تحمل اكياسها : كله منكم .. وانت وقفت وياهم .. والا اسبوع شو بيسد .. والا بعد تباني اروحله بخلاقيني القديمة ..

لتتسمر مكانها وتبتسم .. وذاك يغلق سيارته ويتابع : الله الله .. الحين صرتي ما ترضين عليه .. من ..

ليبتر حديثه على صرخة ريم باسم هاجر .. واحضان تتجدد .. لتقف هي بتعب : وين ابويه ..

لترد مريم : عند عمج عبيد .. الحمد لله كل شيء رجع مثل قبل .. وصايرين كل ليلة يتقهويون وييا بعض .. الحين اتصل عليه واخبره ..

لتنطق : لا تخبريه .. يوم يوصل البيت خبروني ..

تقبل رأس والدتها : بروح ارتاح .. حاسه بتعب .. بس لا تنسون تقولولي يوم يرد اوكي ..

-
ما تبين شيء اسويلج شيء ع العشا ..

هزت رأسها لتردف : اريد سلامتج يالغالية .. بس تعبت من الرحلة .. بتسبح وبصلي وبرقد شوي ..

ليتابعها الجميع بنظراتهم .. لتمشي ويتردد في عقلها كلام والدتها " الحمد لله كل شيء رجع مثل قبل " .. طنت تلك الجملة مرارا .. شعور بالخوف انتابها .. الخوف من العودة للانقطاع .. الماء يتدفق على جسدها بعنف .. حتى لم تعد تشعر به .. الا باصوات كثيرة متداخلة .. وذكريات حلوة تثير في نفسها مرورة العلقم .. كغصة لا تريد الابتعاد .. تدثرت بـ" الروب " الابيض لتخرج بخطوات مبللة .. وتقف على تلك السجادة الصغيرة عند عتبة باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ..

وتتمتم : شو اللي بيصير ..

سحبت انفاسها .. لتتابع طريقها .. الحقائب موضوعة في كل مكان .. حتى السرير مزدحم بالثياب .. ابتسمت لتحث الخطى الى دولابها .. وتعبق منه رائحة البخور : الله لا يحرمني منج يا اغلى ام فالدنيا ..

,،

لي عودة مع الجزء 40 والاخير

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
اختناق ووجع لا يقوى معه الانسان على الراحة .. يبعثر اشياءه القديمة لعل هناك شيء يعيد له امل البقاء .. لعل في الماضي نقطة تنبثق منها راحة نفس .. لم يعثر عليها وتراكمت عليها ذكريات موجعة .. منذ الامس وهو يحاول ان يعرف ما بها .. والى اين وصل بها الحال .. وذاك ماضيه يحرضه على الندم المدقع .. ومنذ دقائق انتهى اجتماعه مع ذاك الاخصائي .. الذي نطق بالكثير ومن بينها صعوبة استأصال ذاك المتطفل القاسي .. الا اذا قام بتلك العملية جراح متمرس في مثل هذه الحالات .. يعطيه بصيص امل ويعود يسحبه منه بعنف .. فحالتها لا تقوى على السفر بعيدا ..

يسحب قدميه بتعب ايام مضت .. ليلج الى غرفتها .. قالوا له بانها استيقظت ليلا ولكنها لم تمكث في صحوها طويلا . اجابوا عن بعض تساؤلاتها التي توقعوها بسبب تدهور حالة ذاكرتها .. وقف يتأملها .. ليرن في اذنه حديث اخر .. فذاك اثر على اعصاب عينها اليسرى .. حتى يحيل نظرتها الى نظرة غريبة .. قد يكون من مساوئ تلك العملية فقدانها للبصر فيها .. انحنى يطبع قبلة على عينها .. لا يعلم لماذا قام بذلك .. الا انه يدرك بانه يتحمل النصيب الاكبر فيما آلت اليه هي ..

ارتفعت يده لتتحرك على عينه اليمنى بعد ان ازاح نظارته تلك .. لتعود اليه صرخات كانت .. كان في نفس مكانها .. على سرير ابيض .. وشاش ورائحة معقمات .. وغفوة طويلة امتدت اسبوع .. ليستيقظ بوجع يعصف برأسه .. واحاديث تتهادى بخفوت اليه .. صوت والده وشخص ما .. ليتمتم : قاسم .

وتقترب الاقدام منه .. وسؤال من والده عن حاله .. يتبعه سؤالا آخر من ذاك الطبيب .. لينطق هو : اريد قاسم ..

ليدنو منه اكثر : جاسم تسمعني .

ليفتح عينه بوجع : انا وين ؟

لتتبادل النظرات بين الطبيب ووالده .. وينحني يهمس : جاسم .. استوالك حادث .. وعينك تضررت .. اضطرينا .

ليقطع حديثه : وين قاسم .. ابويه وين قاسم ..

حشجرة الم في صوته .. ليبلع ذاك ريقه مرارا .. ويجيب بألم : قاسم عطاك عمره ..

ليجلس بعجل صارخا : كذاب ..
ويردف : يبلي قاسم .. اريد قاسم .. انت اخذته ..

وثوران رجل وكأنه طفل صغير .. وبكاء وصراخ واتهامات .. آلت جميعها بعد دقائق الى وخزة ابرة .. وتمتمات وجع بفقد توأم كان كظله .. وذكرى اخرى تتهادى مع تهادي النعاس اليه .. وضحكات ذاك وهو ينظر الى السماء في باحة منزلهم .. وهما جالسان بجانب بعضهما .. ليسأل جاسم عن سبب تلك الضحكات وهو ينظر اين ما ينظر قاسم .. ليجيبه : شوف شوف – يشير باصبعه للنجوم – تخيل عاد ان كل واحد يموت يتحول نيمه ..

ويعود ليقهقه .. ويعقد ذاك حاجبيه : شو هالكلام .. الواحد يموت ويتحول تراب مب نيمه ..

كانا في سن العشرين .. لينظر اليه : ما يقولون في الافلام لعيالهم الصغار يوم تموت امهم او حد يحبونه .. انه تحول نيمه ويراقبه ..

وعاد ليضحك من جديد .. ليرفع ذاك حاجبه وهو ينظر لسماء : ما يعرفون شيء .. وان شاء الله انت تصدق اللي يقولونه .

قام واقفا وهو يضحك : مينون انت .. عيل ليش يالس اضحك .. يوم اموت شوف السما وبتحصلني ..

هو يضحك وذاك اشتاط غضبا ليقف في وجهه : لا تيب طاري الموت ..

فتح عينيه على وسعهما : شفيك .. يالس اتمسخر وياك – تلفت ليردف محاولا تغيير الحديث – شرايك نتسابق ؟

" الحين ؟ " .. ليقف ذاك وهو ينظر الى اشجار النخيل : نتسابق ونرقا النخله للنص ونرجع لهني .. شوف – يشير باصبعه – هذيك وحدة وذيك وحدة ..

تجهم : بس اللي من صوبك اقصر عن اللي من صوبي ..

وهو يرسم خط في التراب بقدمه : الشاطر اللي يسبق للنخله اللي فباله ويرجع لهالخط .. ياللا ..

وقف بجانبه على وضع الاستعداد : وشو المقابل .. ؟

ابتسم : اللي يفوز يطلب اي شيء من الخسران وينفذه .

" موافق " .. قالها ليبدأ ذاك بأسم الله .. وبعدها بالعد : واحد .. اثنين .. ثلاثة ..

جاسم كان اسرع من قاسم .. ليحتال عليه قبل ان يصل الى خط النهاية .. وينحني صارخا باسمه .. ليتوقف بهلع .. يعود ادراجه .. وكفاه تعانقان كتفي توأمه : قاسم انت بخير ..

يده على صدره : قلبي .. آآه ..

" بروح ايبلك دواك " .. ليهرول مبتعدا .. ويهرول الاخر الى خط النهاية ويصرخ : فزت ..

ويضحك ليعود ذاك غاضبا .. ينفث انفاسه في وجه شقيقه : غش .. ما يصير ..

رفع انفه : الحرب خدعة ..

بدون رغبة منه قال : وشو طلبك يالغشاش ..

اقترب منه وهو يبتسم : تقول لابوي يخلينا نسافر وييا بعض فهالاجازة ..

" ما بيرضا " .. ليردف الاخر : اريد اكون وياك .. مب كل اجازة يسحبك وياه لشركة .. ما يخصني هذا شرطي وانت نفذه .. بنروح اليابان والصين والهند .. بنسوي جولة ع هالبلدان ..

تمتم : وما طاع يا قاسم .. وانت سافرت بروحك ..

انتبه لهمهمة منها .. ليدنو من سريرها .. تفتح عينيها بتعب .. ويعقد هو حاجبيه .. فكما قال ذاك نظرتها في عينها اليسرى لن تكون ثابتة .. ليبتسم لها حين سألته من يكون : انا جاسم ريلج ..

سحبت جذعها ليساعدها هو ويجلس قبالتها على حافة السرير .. تلفتت : شو في ؟ .. وليش ما اتذكر اي شيء ؟

اخذ نفسا وهو يسحب يدها ليحضنها وكأنه يبعث في نفسها الأمان : عندج ورم فراسج .. وهو مسبب لج فقدان بالذاكرة .. وقريب بنسافر عشان تسوين عملية ..

انقطع حديثه على دخول ايمان وعيسى .. التي اخذت تحضن شقيقتها وتقبلها .. وتلك في عالم من الضياع .. كلما رأت احد سألته من يكون .. تحاول استعادة ذاكرتها ولو قليلا دون جدوى .. بعد الاطمأنان على حالها انسحب عيسى مع جاسم ليبدأ معه حديث عتب : ليش يا جاسم .. قلة فلوسك عند اختي .. وبتسفرها للسعودية .. عشان عمليه يمكن تسبب لها اضرار ومب مضمونه ..

تنفس بعمق يحاول السيطرة على اعصابه : اسكت يا عيسى .. انت مب فاهم شيء .. مب انت اللي وصيتك عليها .. وكل ما اتصل فيك تقولي انها بخير .. لا اتي الحين تحاسبني ع شيء مالي دخل فيه ..

وجه يقترب من وجه جاسم : كيف مالك دخل وانت اللي بتسفرها ..

-
ما برد عليك .. روح اسأل الدكتور وهو يجاوبك .. ولا اتي تتهمني وتلومني .. وانت عليك اللوم ..

دخل اليها من جديد .. وقد رسم ابتسامة على وجهه .. ليقترب منها يقبل وجنتها ويهمس لها بانه لن يتركها ابدا ..لتبتسم بعدها.. وبعدها يقبل جبينها بعمق .. وهي تشعر بشعور غريب .. فيه شيء من التوتر .. فهم بالنسبة لها غرباء .. الا من احاديث يقولوها لتتعايش معها .. وذاك الطبيب جاءها لاحقا يؤكد ما يقولون ..

بعد مغادرته للمستشفى توجه لشركته .. يرمي بحمله على كاهل سلطان .. فهو بحاجة ان يبقى معها فقط .. ويبتعد عن الاعمال والشركات .. ليأتيه الخبر عن زوجة والده .. وبما يسعى والده لفعله .. ليصرخ بسلطان : انت شو تقول ..

-
مثل ما سمعت ..

هز رأسه : ما بسمحله .. اسمعني اي شيء مهم بلغني فيه .. بعد كم يوم بسافر للسعودية .. الدكتور المسؤول عن حالة خولة بيتواصل وييا المختصين في مدينة الملك فهد الطبية ..

-
وليش ما تاخذها برع ..

وقف : حالتها ما تسمح انها تسافر لساعات طويله .. وبعدين في جراحيين مختصيين فالسعودية هم اللي بيسون لها العملية .. انا لازم اروح .

تصافحا .. وذاك يتمنى له التوفيق .. ليخرج بعدها والغيض قد وصل به الى اقصى حد .. فكيف لوالده ان يفعل هذا الفعل .. قاد سيارته مباشرة الى حيث يوجد عبد العزيز وزوجته آمنه ..

تنهدت وهي ترضع ابنها الذي لم يمضي على ميلاده الا ساعات قليلة .. لتحدث نفسها وهي تنظر اليه : بشو يفكر ابوك .. نسى كل شيء والا يحاول يذبحني كل مرة اشوفك فيها .. سبحان الله كل اولاده يشبهونه .. وانت بعد شكلك بتشبهه والخوف انك تشبه اخوك .. الخوف انك تكون اسم ع مسمى ..

انقطع حديث نفسها حين وصلها صراخ جاسم على والده : تغير اسمه يا عبد العزيز ..

-
مب بكيفك يا جويسم .. ولدي وبسميه ع كيفي ..

-
اسم قاسم ما ينحط ويا اسمك واسم الخاينة اللي وياك ..

لم يشعر الا بكف والده على وجهه : تأدب وانت تكلم ابوك .. مب اصغر عيالك تتأمر علي مثل ما تريد .

بانفاس غاضبة : سو اللي فراسك وبتشوف نهايتك يا عبد العزيز ..

نزلت دموعها .. ليعود الحديث اليها : مب خاينة يا جاسم .. ما خنت اخوك .. بس الوقت كان اقوى مني ..

لتمسح دموعها بدخول زوجها .. براكين الغضب تتطاير من عينيه .. لتسأله بخوف : شو بتسوي ؟

ليصرخ بها : سميه مثل ما تبين ..

ويخرج بعدها .. اعصابه ليست بالقوة التي كانت .. يشعر بان كل ما حوله ينهار .. واولئك الذين ادخلوه في معمعة المعارك بدأوا يبتعدون .. وكأن كل شيء يتلاشى .. وحقده لذاك الجاسم يزداد .. فمؤكد ان له يد فيما يحدث له .. كان شارد الذهن في سيارته .. وحديث طويل مع نفسه .. بدأه بالتفكير فيما عليه ان يفعل .. لعل الهرب وسيلة ناجعة .. توقفت العجلات عند مبنى شركته .. اخيرا اضحت تلك الشركة له هو فقط .. دون ان يزاحمه احد على ادارتها .. ترجل وذاك يتبعه بحقيبته السوداء .. ليقف عن المسير وينظر لسكرتيره : شو مستوي ؟

بتوتر اجابه : ما اعرف يا طويل العمر .. من الصبح وهم هني ما مخلين شيء ما يفتشونه ..

ليصرخ به : وليش ما خبرتوني ..

ليخرج احدهم من مكتبه .. يبدو ان له مكانة فاعلة : اهلا استاذ عبد العزيز .. زين انك ييت ..

بخوف داخلي يحاول ان يخفيه : خير .. شو صاير ؟

-
بيتم وقف شركتك .. ومنعك من السفر لاي مكان خارج الدولة .. وبتكون عليك رقابة الين نتأكد من كل المعلومات اللي وصلتنا . وهذا القرار اذا تريد تتأكد .

مد يده المرتعشة ليتناول تلك الورقة .. كل شيء انهار قبل ان يتصرف باي شيء .. حتى لم يكن لديه الوقت للهرب الذي فكر فيه .. رفع نظره حين استطرد ذاك : عندنا معلومات ان شركتك لها علاقة بشركات اوروبية .. تم من خلالها غسيل اموال واختلاس شركات .. وتهريب وغيره .. اتمنى تنفذ الامر والا بيكون لنا تصرف ثاني ..

انتهى .. هي الكلمة الوحيدة التي بدأت تعصف في ذهنه .. لم يعد هناك عبد العزيز .. ولم تعد هناك شركات هو المالك الاوحد لها .. تبادر اليه فيصل .. وسيف .. مؤكد انهما كانا يعلمان بكل شيء .. او احدهما يعلم . انهار جالسا على الكرسي في مكتب سكرتيره .. الغي وجوده بقرار حكومي .. وقد يصل به المطاف الى وراء القضبان بعد كل سنوات التعب ..


,،

تعب الايام التي ذهبت على وشك ان يختفي .. شعور يخالجه منذ تلك المكالمة التي وصلته .. وكان مفادها ان احدى زميلات جود قالت اشياء قد توصلهم اليها .. او الى طرف الخيط لمكانها .. خرج بعد حمام طويل .. يغير ملابسه ويذهب الى حيث تلك الشقة .. تذكر الكثير من الامور في الايام الماضية .. ليدخل على والدته يسألها ان كان لجود جواز سفر غير الذي بحوزتها .. ليأتيه الرد : هيه عندها .. بس امريكي .. انت تعرف انها استوت هناك .

جلس على ركبتيه امامها .. يمسك كفيها : امي .. في بنت من اللي تدرس وياهن جود تقول ان جود كانت تشتغل فشركة كمبيوتر .. بس للحين ما عرفوا اي شركة .. يمكن تكون اشتغلت بالجواز الامريكي ..

-
بس يا فيصل اسمها هو نفسه فالجوازين ..

ابتسم وهو يحدث نفسه : جود ذكيه تقدر تتلاعب بصور الجواز .. تغير كل شيء ..

نظر اليها : امي .. جود بترد .. ولا برد من برع الا وهي وياي ..

-
وشغلك ؟

قام واقفا : سيف بيمسكه ..

لا يعلم لماذا في ذاك اليوم الذي التقى فيه بسيف عاد ادراجه .. لا يعلم لماذا قادته قدماه الى منزله مجددا .. لعل الحق هو من كان يقوده .. ليهوله صراخ طلال على اخيه وهو لا يزال عند عتبة الباب المفتوح على مصراعيه : كله بسببك يا سيف .. ليش ؟ .. ليش تساعده ..

-
انت شو بلاك .. هذا فيصل ولد عمي سالم وليش ما اساعده .

-
سالم الخاين .. اللي خان ابويه وخلاه مشلول .. سالم اللي سحب كل املاك ابوي وخلاه بلا حول ولا قوة .. وانت ياي الحين تدافع عن ولده .

-
اسكت يا طلال . انت مب فاهم شيء ..

يزفر انفاسه بتلاحق غاضب : كيف مب فاهم شيء .. بس هو مب ابوك .. اكيد ما بتهتم ولا بيهمك الانسان اللي رباك ..

كان يهيل الاتهامات بغضب .. ويرمي باللوم على سيف لانه اخ له غير شقيق .. ووالده هناك على سرير المستشفى منذ سنة : ابويه مثل الميت بسبب سالم .. لازم انتقم منه ومن ولده.

حرك قدميه ليخرج واذا بذاك يشده من ذراعه يرميه على الاريكة : ايلس واسمعني يا طلال .. انت ما سألت نفسك المية الف اللي كل شهر تدخل حساب ابوك من وين .. انت ما سألت عمرك ليش هالمية نقصت للنص بعد وفاة سالم – صمت لبرهة ليردف – انا بعلمك اللي ما تعرفه يا طلال .. ابوك يوم طاح محد وقف وياه الا سالم .. ابوك لولا سالم كان الحين فالسجن بسبب الديون اللي ع ظهره .. سالم اللي طعنته فالظهر وسحبتني وياك فخطتك الشينه بدون ما ادري .. هو اللي ساعد ابوك .. هو اللي عطاه نسبة من شركته ومية الف فالشهر من ارباح الشركة حتى لو ما كان شيء ارباح .. وبعد ما مات كملت انا بداله صرت اقسم ارباحي بيني وبينكم .. الحين عرفت ليش الفلوس نقصت .. روح اسأل ابوك وهو يخبرك بكل شيء ..

وقف : كذاب ..

-
مب مصدقني روح اسأل ابوك .. روح شوف نهاية عبد العزيز اللي كان السبب ورى افلاس ابوك وافلاس سالم وافلاس واايدين قبلهم .. روح سأله .. روح اسألهم وهم يقولولك منو سالم .. اللي تعاونت مع عدوك عليه .. روح ..

اوراق الحقيقة تنفتح واحدة تلو الاخرى .. وذاك كالغارق في دوامة مظلمة لا يرى شيئا .. ليخرج وهو لا يرى الا كلمات سيف .. ايعقل انه كان يعيش وهما وعاون من كانوا اعداء والده على صاحبه .. خرج ليقف ينظر الى ذاك المتسمر عند الباب .. تتلاقى العيون .. وصداقة مصلحة تكسرت منذ سنين .. وتبعثرت الآن ..

كانت وصية سالم التي لم تكتمل .. هي ان يبقى مع سيف .. الآن فقط ادرك كل شيء .. وعلم من الذي كان يقصده جاسم في يوم العزاء .. تنهد وهو يقف عند باب شقتها في لندن .. هذه الشقة التي لطالما سكنوها عند سفرهم .. اخرج المفتاح ليدسه في ثقب الباب .. ورائحة الغبار تنتشر في المكان .. حتى انها رسمت خطا مع ضوء الشمس المتسلل من بين تلك الستائر .. خطى بخطواته يتلفت في المكان .. سيبحث هنا عن اشياء قد توصله اليها .. بدأ بغرفتها .. لا يزال سريرها يحتوي قميص لها وبنطال " جينز " .. وقبعة قطنية .. جلس على حافة السرير ليفتح احد ادراج " الكوميدينة " .. يبعثر ما فيه من قصاصات ورق .. لا يوجد سوى ملاحظات دراسية .. فتح الاخر .. لينشد نظره الى تلك الاوراق .. تؤكد انها سحبت مبالغ كثيرة .. ليحمل هاتفه وبعد السلام والسؤال عن الحال : امي .. جود عندها حساب فواحد من بنوك لندن .. ؟

لا تزال تلك الورقة في يده ليرميها ويقرأ اخرى .. وهو يستمع لحديث والدته : ابوك الله يرحمه فاتحلها حساب بس ما تقدر تصرف فيه الا يوم يصير عمرها 18 سنه – شهقت – فيصل شو مستوي ..

- جود ساحبه فلوس واايد من حسابها .. امي اكلمج بعدين ..

اغلق الخط وعينه على فاتورة تصليح لجهاز حاسوب وباسم جود .. ابتسم فلقد وصل الى حيث بداية ذاك الخيط .. طواها ليدسها في جيب بنطاله .. ويبدأ مشوار البحث عن تلك الشركة .. لم تكن بعيدة عن المكان .. ولكن لا احد يعلم شيئا .. فالشركة لم تعد باسم ذاك الذي دون اسمه على تلك الفاتورة .. ليقف امام ذاك السكرتير : واين اجد الاستاذ احمد ..

" انتظر " .. نطقها ليبحث في احد الادراج .. ويخرج " كرت " صغير دون فيه رقم هاتف نقال لذاك المدعو احمد : ما هذا ؟

-
هذا رقم الاستاذ احمد .. كنت اتصل به اذا سافر الى الامارات .. لعله لا يزال يستخدمه .. تستطيع التواصل معه عن طريقه ..

ايعقل ان يبوء سعيه الى لا شيء .. اخذ تلك الورقة الصغيرة .. وفي قلبه أمل متذبذب .. ترك المكان فهنا لا احد يذكر اسم جود او حتى شكلها .. لا احد .. ايعقل ان ما بيده لن يوصله اليها .. مشى في ذاك الطريق .. ليدفن كفيه في جيبي بنطاله ... ويتحرك بتوهان غريب .. افكاره كثيرة .. وهي فقط من تستحوذ على النصيب الاكبر .. ووعد ترن اجراسه دائما .. فلقد وعد تلك الام بعدم العودة الا وجود معه ..

تنهد وهو يلج الى الفندق .. هناك يسكن منذ ساعات فقط ..
دلف الى جناحه .. ليرمي بجسده المتعب على ذاك " الكنب " .. ويده تتسلل الى جيبه تخرج ذاك الذي به الرجاء الاخير .. ضغط الارقام .. ليأتيه الرد بأن الهاتف مغلق .. ليغمض عينيه ويشد اصابع كفه .. لن يثق باحد في هذا الموضوع .. هو فقط من عليه ان يصل اليها .. عاود الاتصال ولكن نفس الاجابة تصله .. ليترك الهاتف جانبا ويستلقي في مكانه .. يحاول ان يرتب افكاره .. فذاك الاحمد اماراتي الجنسية .. لكن لا شيء بحوزته الا رقما مغلقا واسم ناقص .. فتح عينيه على صوت هاتفه .. سيف يتصل به ليخبره باخر التطورات : عبد العزيز طاح يا فيصل .. وقريب بيكون مسجون ..

اعتدل في جلسته : كيف يعني قريب .

-
توقفت كل اعماله .. ومنعوه من السفر وعليه رقابه .. المعلومات اللي وصلتلها جود بتوصله للسجن هو والشركاء اللي وياه ... المهم انت شو سويت .

تنهد ليخبره بكل شيء .. والى الطريق المسدود الذي وصل اليه .. ولكن هناك امل بالعثور عليها .. مهما طال الزمان او قصر .. فلا بد ان يفي هو بوعده ويحاول ان يفي بوعد اخر قطعه لشقيقته منذ فترة ليست بقصيرة ..


,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
يتحرك على السجادة المزخرفة بتلك النقوش الجميلة .. وبيده لعبة صغيرة تصدر اضواء .. يضرب بها باقي الالعاب وهو ينطق بكلمات طفولية .. وكأنه ينادي والدته ووالده .. وهي تجلس على سريرها وبيدها هاتفها .. تشتاقه وتود حقا العودة اليه .. لم يعد هناك من اعذار لتجبره على المجيء .. منذ يومان كان عذرها مرض منصور .. ورأته لدقائق فقط فلقد كان ذاك الصغير هو محور اهتمامه .. واليوم تحاول ان تجد شيء ما لتتصل به .. لكن لا شيء .. حتى ولو تعذرت بالسؤال عن هاجر .. فهي قد اتصلت بها وحادثتها مطولا .. تأففت وهي تنظر لمنصور ترقب تحركاته .. خوفا من ان يؤذي نفسه .. التفتت للباب حين سمعت الطرقات الخفيفة .. لتأذن لطارق بالدخول ..
اطل برأسه يخبرها ان طارق ينتظرها بالاسفل .. لتقف وتحمل منصور تمده له : خذ منصور حقه .. اكيد ياي يشوفه .

حمله من بين كفيها : نزلي تكلمي وياه .. هو قال اريد اكلم شهد .. ما قال اريد اشوف منصور ..

"
هااا " .. قالتها باندهاش لتردف : سلمان هو قال هالشيء والا انت .. لتكون كلمته عني ؟ وقلتله عن حالتي ..

تحوقل ليستطرد قائلا : يا بنت الحلال انا من اول قلتلج ما بدخل بينكم .. انتي اختي وهو ربيعي .. اثنينكم غلطانين فاللي صار .. وانتوا اللي بتحلونها .. نزلي شوفيه ..

جلست على سريرها لتسيل دموعها : شو اقوله .. كيف ابررله .. انا غلطت عليه واايد .. ولو واحد غيره كان طلقني .. مب بس هجرني ..

تنهد وذاك الصغير بدأ يبكي بين كفيه .. لينزله عند العابه ويجلس بجانبها : شهد .. خلي اللي صار درس ما ينعاد .. قومي .. تراه بيمل وبيروح ..

مقدمة قدمة تضرب الارضية الرخامية بنغمة ملل اصابه .. وبين الحين والحين يزفر تنهيدة ضجر تملكه .. هل يعقل بانها لا ترغب في رؤيته .. هل قسوته اتت بنتائج عكسية لن يضعها يوما في الاعتبار .. ومن بين افكاره وشروده دخلت هي .. تنظر اليه وهو في عالم آخر مع هواجس تملكته في لحظة انتظار .. لتلقي بالتحية لتنبهه لوجودها .. ردها عليها ليدعوها للجلوس .. حتى انه لم يقف ولم يدنو منها .. ولم يقبلها .. كل هذا جعلها تتوجسس من ذاك اللقاء .. جلست لتعقد كفيها ببعضهما : خير ؟

زفر انفاسه ناظر اليها : شهد انتي تحبيني ؟

ما هذا السؤال ؟ الذي يطرحه على مسامعها في هذه اللحظة المشحونة بالتوتر .. ابتسمت على مضض : انت تعرف الجواب .

-
واللي يحب يسوي سواتج ..

عيونها اسالت دموعها لتطأطأ رأسها .. هي خجلى .. فما ان تتذكر ما كان حتى تغرق في بحر من الحياء من تلك التصرفات الطفولية .. صمت مريب استمر لثواني .. ليردف : ليش ما تردين ؟ وين راح اللسانج اللي كان يعق علي الكلام اللي مثل السم واسكت ..

تابع حديثه معاتبا لها .. يذكرها بكلماتها الجارحة له .. ويذكرها بتلك التي رضت بالزواج لاجلها كما تعتقد هي .. يعيد كل شيء وهي صامتة .. فكيف تجيبه .. وهي تعلم بأنها مخطأة من رأسها الى اخمص قدميها .. لم يوقفه عن الحديث الا شهقة بكاء لم تستطع كتمانها اكثر .. ليقف ويجلس بجانبها : شهد .. ليش تصيحين الحين .. غلطت فشيء ؟

هزت رأسها لتنطق اخيرا :سامحني .. بس الغيرة ذبحتني والله .. نسيت كل شيء وما كنت اشوف شيء غير اني بخسرك بسببها التفتت لهكنت غبية .. انا من يوم يومي غبية ..

رفع حاجبه : تعترفين يعني ؟

هزت رأسها بنعم : هيه .. غبية ولا استاهلك .. حتى لو تطلقني من حقك ..

استقام واقفا : انزين ..

لتنظر اليه هي بخوف .. سيطلقها .. هذا ما دار في خلدها .. لتمسح دموعها وتقف وبرجفة شفاة : شو انزين ..

احتظن وجهها .. ونظر في عينيها : جهزي اغراضج واغراض منصور .. بنرد البيت .. باكر مسوين عزيمة لهجوره واباج تكونين ويانا ..

اتبتسم ام تبكي .. ام ماذا تفعل .. ستعود .. حتى وان كان سيعيدها لاجل هاجر .. المهم ستعود اليه .. تمتمت بـ " ان شاء الله " وسرعان ما اختفت من امامه .. لا ينكر بانه اشتاق لوجودها بجانبه .. لكن عليها ان تعلم بان طارق ليس دائما ذاك الشخص الذي يحب الضحك .. فهناك شخصية اخرى لا ترضا بالخطأ .. ولقد اعطاها فكرة جيدة عنها .. لتضع الحسبان لاي تصرفات ستقوم بها مستقبلا .. فارخاء الحبل دائما لا يأتي الا بالمشكلات .. فليتم الشد والارخاء بتواتر ليبقى الاتزان قائما .. درسا تعلمه هو وتعلمته هي ..

,،

يوم آخر يقودها الى القدر المحتوم .. تتنفس فيه ذرات التفكير العقيم .. يوم مختلف باصرار من والدها الذي بكت في حضنه تلك الليلة .. وحالها يقول : لماذا تضعني في مكان من الصعب ان ابت فيه بشيء .. لماذا ترميني وسط اختبار صعب لا اعلم كيف اجيب على اسئلته .. يومها ظنوا بانها تبكي لشوقها لوالدها .. الا طارق الذي يعلم بانها تعلم بسببه هو .. يشعر بحيرتها .. وبصعوبة اتخاذ قراراها ..
وقفت ترتب نفسها .. ترفع شعرها للاعلى .. وتبدأ بوضع لمسات التجميل على وجهها الشاحب .. تراه مختلفا .. ناضجا عن ذي قبل .. ومتعب الى حد الاصفرار .. وقفت تلك تنظر اليها وهي شاردة تحرك الفرشاة على وجنتها بهدوء .. اقتربت منها لتضع يدها على كتفها : هاجر شو بلاج ؟ من يوم ما رديتي وانتي مب هاجر اللي نعرفها .. خالتي تقول انج كبرتي وعقلتي .. وابويه يقول ان الغربة علمتج .. بس انا حاسه ان شيء فيج مب طايعة تقولينه .. شيء يخليج تصيحين فالليل بعد ما تظنين اني راقدة ..

قبضتها على الفرشاة وطأطأت رأسها : ريم .. انتي ليش وافقتي ع سعود .. وليش رفضتي عبد الله .. وانتي تعرفين انه يموت فيج ..

تنهدت وهي تتكأ بمؤخرتها على حافة " التسريحة " : مادري .. بس انا استخرت وحسيت براحة لسعود .. وحاسه اني ما بندم فيوم .. يكفي انه انسان راقي بتعامله .. انسان غير ما شفت مثله – ابتسمت – باقي يومين واكون عنده .. وكنت اظن ان طلاقي من سعيد بيخليني فبيت اهلي الين اموت .. بس دايم نظن اشياء وتصير اشياء ثانية ..

كانت تتحدث وتلك تستمع لها .. ترى في عينيها بريقا مختلفا .. هناك ضحكات تتراقص في محجريها .. ونغمات فرح تخرج مع حروف الكلمات من شفتيها .. ريم مختلفة عن ذي قبل .. شيء ما اجتاح حياتها ليقلبها لفرح غريب .. يظهر في ادق ما تقوم به .. ايعقل ان يكون سعود ؟ .. هذا ما تبارد الى عقلها وهي تنظر اليها .. لتبتسم تلك .. تمسح دمعة غافلة هاجر منسلة على وجنتها : قولي يا رب .. وهو يهون اللي فيج .. ياللا استعيلي .. الحين الناس بيوصلون والله يعينج ع الحريم ..




ضحكت لتضحك الاخرى معها .. خرجت ريم لتتنهد من جديد .. تعيد ترتيب ما بعثرته الدموع .. وتقف تبتعد عن المكان مرددة تلك الجملة " يا رب " .. خرجت لتلتقي بشهد تحمل منصور .. تمسك وجنته : يا حلاته .. كبر وانا بعيده عنه .. ما اشوفه الا بالصور ..


- بشله لعمي .. تنزلين وياي ..


- بس ابويه اكيد عنده ناس الحين ..


رفعت كتفيها : مادري .. طارق قالي اخذه لعمي .. اذا عنده حد برده ..
نزلتا للاسفل .. ووالدتها منشغله في ترتيب كل شيء مع تلك الخادمة .. وميثة تساعد بما تستطيع .. ابتسمت وهي تقف : محتايات مساعدة ..


" لا فديتج " .. قالتها مريم .. لتقترب منها هاجر : امايه الحين ليش مسوين هالعزومة .. انا كنت بعزم ربيعاتي ع بوفيه مفتوح مب ذبايح وحاله ..


- عقب عرس ريم ان شاء الله سوي اللي تبينه .. هذي العزومة ابوج مسوينها ..


التفتن الى الصوت الذي يبعثر التحية .. خالتها وابنتيها .. مؤكد ان احمد هنا ايضا .. فلقد عاد في نفس يوم رجوعها .. ابتسمت وهي تقبل خالتها .. لتمتعض على كلامها : حيالله عروستنا .. الحمد لله ع السلامه .


ابتسمت على مضض : الله يسلمج خالوه ..


كلما ارادت الابتعاد يظهر لها شيء يعيدها .. كمن يحاول يخرج من عرض البحر وتأتي موجة تعيده اليه .. نظرات النساء لها .. وتهامسات تسمعها بنية ان تكون لابناءهن .. ما بال هؤلاء النسوة .. بالامس كانن يتقاذفن الحديث السيء عنها حتى ابكن عيون والدتها .. واليوم بعد ما عرف السبب يأتين يحاولن اخذها لابناءهن .. الا يعلمن بان قلبها مشمع بالشمع الاحمر لشخص كان .. تحاول مرارا ان تذيب ذاك الشمع ولا تقوى .. جلست بجوار والدتها وعن يمينها فاطمة ..وريم تجلس بعيدا في حجرها منصور تلاعبه وتطعمه " زبادي " .. قامت فاطمة لتسألها بهمس : ع وين ؟


ردت عليها هامسة : اريد ريومه فموضوع ..


تابعتهما بنظراتها .. والنساء يخرجن تباعن مستأذنات بعد مأدبة الغداء تلك .. لم يبقى احد الا خالتها وبناتها سارة والعنود وروضة لم تأتي .. وبضع من جارات مريم ..


زفرت انفاسها وهي تجلس على السرير .. لتغلق تلك الباب وتجلس على السرير مقابلها : شو بلاج فطوم ؟


تلعثمت فهي لا تعرف ماذا تقول .. لتستطرد تلك اسئلتها : مب مرتاحة وييا فهد ؟ ..


هزت رأسها نافية لتردف تلك : عيل شو فيج ؟


بتردد : ريم .. حاسه اني مب عارفه كيف اتصرف .. واايد مقصرة فحقه .. ما اعرف شيء عن هالحياة .. هو يحاول وياي بس مشاعري متلخبطة .. وهو يظن اني مستحية من حالته ..


امسكت كفيها لتلتفت لها : فطوم .. فهالحالات لازم تخلين قلبج هو اللي يتكلم مب عقلج .. وانتوا صارلكم شهور ويا بعض المفروض تعرفينه وتفهمينه ..


- ما اعرف .. هو طيب واايد . مرات استحي منه لاني ما اعرف اتصرف صح .. مب فاهمة شيء ..


- قلبج شو يقولج فطوم ؟ تحبينه ؟


سكتت .. ثم ابتسمت : اشتاقله اذا رحت لبيت اهلي .. وما اطول عندهم مرات ابات ليله ومرات لا .. والحين متضايقه لانه بيسافر عشان يحضر مؤتمر فماليزيا ..


" سافري وياه " .. قالتها بعفوية .. ليتجهم وجه الاخرى .. وتكمل هي : انتي تستحين تظهرين وياه لانه ع كرسي ..


اناملها تعانق ذقنها لترفع وجهها .. وتبان عيونها الغارقة بالدموع : ليش تصيحين ؟ .. فطوم الانسان ما ينحكم عليه بجسمه .. شوفي قلبه بيكفيج عن كل شيء .. عودي نفسج ع الجرأة .. الحياة الزوجية محتايه جرأة في واايد امور .. المستحى احيانا يدمر الوحدة منا بدون ما نحس .. كسري خوفج .. مثلي .. كسرت خوفي من الريايل .. وهو السبب .. ما شفت عمره الكبير ولا شفت انه ابو لولد كبير معاق .. ما شفت كل هالاشياء .. اللي شفته قلبه .. اخلاقه .. والله يا فاطمة ان الريال اذا عنده قلب واخلاق صدقيني بيكفيج عن اي عيب جسدي فيه ..


رن هاتفها لتسحب حقيبتها : هذا فهد .


ابتسمت لها : ردي .. وابدي وياه صفحة يديدة ..


وضعت السماعة في اذنها : الو .. هلا فهد .. لا بعدني فبيت عمي .. انزين ليش معصب .. بعدنا العصر .. اوكي ما بتاخر .. باي ..
انزلت السماعة : معصب اونه تاخرت ..


ضحكت تلك لتردف : وتقولين ما تعرفين تتعاملين وياه .. اقول فطوم روحي بيتج ,, وانتي فالطريق خطفي خذيلج شيء ..


هزت رأسها باستغراب : شيء مثل شو ..


وقفت : مثل هدية صلح .. اقول فطوم خلج رومنسية شوي .. واذا ما تعرفين اقري كتب .. انا بروح اشوف من بقى عندنا .. مب حلوة اخليهن ..


وقفت الاخرى : صبري بيي وياج .. ووصليني للباب ..


مشت بجوارها لتهمس في اذنها : انزين شو اشتريله.


رفعت تلك نظرها للاعلى تطلب الصبر : فطوم انتي غبية .. والا تتغيبين .. ما اقول الا الله يعين طالباتج عليج ..


ضربتها بلطف على كتفها : ريمووه لا تكسرين مياديف..


- انتي يدفي بالاول عشان اكسرهن .. اقول روحي لبيتكم ترا عقلي اريده وراي ريال محتايله ..


- حشا لا حيا ولا حشيمة ..


لتضحك تلك وهي تقبلها مودعة .. وتتمنى لها ليلة سعيدة ..





, ،


يـتـبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:18 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
http://up.graaam.com/forums/616798/01353762623.gif
,،


قادت سيارتها واذا بها تتوقف عند احد الـ" مولات " .. تشعر بتوتر غريب .. هي لا تجيد فن الرومنسية .. كمثله هو .. الذي يحرجها اسلوبه كثيرا .. تجولت بين المحلات .. لم تهدي هدية لاحد يوما .. او بالاحرى لم تهدي رجلا هدية .. اتشتري له عطر .. ام ساعة جميلة .. او بلوزة قطنية للشتاء .. ولكنها لا تعرف مقاسه .. تنهدت .. وهي تعيد التفكير .. وسرعان ما مرت الساعات ليصدح هاتفها من جديد .. لتضع يدها على فيها وتحدث نفسها : يا ويلي نسيته ..



سبابته تطرق جانب " الكنبة " التي يجلس عليها .. لترد اخيرا : وينج .. كلها ساعة واكون فالبيت والحين بتوصل ست ..



- اسفه انشغلت شوي ..



- فطوم ما اريدج تسوقين فاليل بروحج .. الحين تخلين كل اللي فيدج وترجعين البيت .. اصلا ما كان لازم اخليج تروحين بروحج ..



عاتبها مطولا .. ليغلق الهاتف مع تنهيدة .. ويرفع جهازه ليعد مقالا لهذا الاسبوع .. لا يعلم لماذا فكره مشتت هذه الليلة .. منذ ساعات يحاول ان يكتب شيء ولم يجد .. مر الوقت بين فكرة تكتب واخرى تمسح .. حتى دخلت هي ملقية السلام .. ليرد عليها : وين كنتي كل هالوقت .. لا تقوليلي فبيت عمج .. لان مب معقولة عزيمة غدا تبقى لفليل ..



عضت على شفتها السفلة .. وبنبرة خافتة : شو بلاك اليوم معصب ..



استغفر ربه : اخاف عليج فطوم .. لهالدرجة ما تفهمين ..



تخطته لتجلس بجانبه بعد ان وضعت حقيبتها على الطاولة امامهما : فهد .. بقولك شيء .. واريدك تفهمني .. والله يا فهد اني فاهمه عليك .. بس مرات اخاف ان فهمي للي تسويه غلط .. او احساسي يخوني .. انا جذي .. ما اقدر اعبر عن اللي فداخلي .. ما اعرف اقول كلام حلو ..



بارتجافة واضحة له مدت كفيها لتمسك بكفه الايسر : اريدك تعلمني .. اشياء واايد ما تعلمتها .. ما تعلمت كيف اتعامل مع الغير .. كيف افهمهم .. كيف اعبر عن مشاعري لهم ..



سحبت يديها لتسحب حقيبتها وتخرج علبة صغيرة تمدها له : هذي لك .. كنت فالمول .. انت باكر بتسافر .. وبتكون بروحك فالمؤتمر .. اريد هذي تكون وياك ..



فتحها ليفاجأ بساعة سوداء جميلة .. لينطق : ليش ؟



نزلت دموعها لتجيبه وهي تدفن نفسها في حضنه : عشان تحس اني وياك ..
وتكمل : وعشان ما تظلمني مثل ما ظلمتني قبل ..



عقد حاجبيه ليبعدها عن صدره : متى ظلمتج .. ؟



وقفت وهي تمسح دموعها : يوم انك انتقدت كتابي ..



امسكها من معصمها ليجبرها على الجلوس : شو دراج ؟



بتوتر وهي تسحب يدها من يده : كنت ارتب مكتبك ولقيت اوراق فيه مقالات بخط ايدك .. عرفت انك انت المغترب..



- من متى ؟



ازدردت ريقها : من شهر يمكن .. ما اذكر .. لا تخاف محد بيعرف بهالشيء .. بس ياليت تكون الصورة وضحت لك اكثر عقب ما عرفت اللي كتب ذاك الكلام ..



" تسافرين وياي " .. قالها لتصمت .. تنظر الى عينيه .. وحديث تلك يعود اليها .. لتبدأ من جديد عليها ان تقلب الصفحة .. وتبدأ بصفحة جديدة .. عليها ان تكسر خوفها .. وترميه بعيدا .. ابتسمت لتهز رأسها بالموافقة .. ستبدأ معه حياة جديدة .. ستعرفه اكثر .. قد يكون سفرها معه ليومان خيرة لها .. ولا احد يعلم ما يخبأه القدر له .




,
،

وذاك لا يزال متشبث بافكاره تلك .. ولا يعلم الى اين سيقوده قدره .. الجميع هناك في تلك الصالة الا هو .. لا يزال في الخارج .. وحديث قديم بين والد سناء وبين راشد احال الجلسة الى نقاشات غاضبة .. ويهيل بالاتهامات تارة على زوجته وتارة على ابنيه .. لينطق بدر : وشو تبانا نسوي يومها .. احنا وصلنا البيت وهو كان طايح فيها ضرب ..



يشير بيده لمايد : ولو ما تدخل هذا كنت ما تحركت .. وكان قتلها وقتل اخوك ..



تنهد : ما صارلي شيء كم غرزه وراح اليرح ..



- وهي .. وسوالف ابوها وتهديداته انه بيتوح اخوك السجن .. شو تباني اسوي فيها .



تحوقل بدر وهو يقف : ابويه الحين احنا شو دخلنا – نظر للباب الذي ولج منه سعيد – هذا هو سعيد تصرف وياه ..



رفع حاجبه : خير .. اشوفكم متيمعين .. ليكون تحلون مشكلة الشرق الاوسط ..



وقف غاضبا من تهكمه : ولك عين بعد تطنز .. روح شوف المصيبة اللي دخلت عمرك فيها .. روح تصرف ويا ابوها اللي بيعقك فالسجن من سواتك ..



بغضب كغضب والده : خله يشتكي .. ويحطي اسم بنته ع كل السان .. بنته الخاينه .. وما بيقدر يسوي شيء لان القانون وياي مب وياه ..



تهكم ضاحكا : لا واثق .. ترى البنت وبوها يحلفون ايامين ان الولد ولدك .. وانت قتلته ..



" كذابه الا هي " صرخ بها ليردف : الخايسة يايبتلي ولد بالحرام عشان تعلقه برقبتي .. تظن اني مغفل وغبي .. خلها تروح تشتكي وتفضح نفسها ..



اقترب منه يمسكه من ذراعه : انت ما تفهم ..



نفض يد والده بعنف : هيه ما افهم .. لانكم انتوا كل همكم كلام الناس .. ما همك اذا حرمة ولدكم شريفه او لا .. عرفوا يضحكون عليكم بكم كلمة وصدقتوهم .. بس والله ما اردها لو تحفى ريولها ..



- تردها ؟ - نظر الى زوجته ومن ثم ابناءه – سمعي ولدج .. سمعوا اخوكم شو يقولنظر اليه – هي واهلها متاكدين من كلامهم مليون بالمية .. وانت روح دورلك حل ويا عصبيتك الزايدة .. تسببت بمشاكل لي ويا اخوي بسبب اسلوبك الوسخ ويا ريم .. والحين ياي تسببلي مشاكل ويا اهل سناء .. اطلع من بيتي ولا ترجع الا وانت حال هالمشكلة .. البنت متضرره ويهددون ان ما بينك وبينهم الا المحاكم ..



استمر التهكم بينهما طويلا .. حتى انسحب مايد وتبعه بدر .. فالحديث تشعب لصراخ مستفز ... ليخرج ذاك بعدها .. يطن في رأسه تأكيد والده انها بريئة .. وكيف يعقل ما يقال .. هو لا يمكن ان يأتي باطفال .. وهي كانت حامل .. صوتها وصراخها وهي تقسم تحت رجليه بانه طفله طرق رأسه .. عليه ان يتأكد قبل ان يقدم على اي فعل .. توقفت عجلات سيارته امام تلك العيادة .. ليترجل وفي عقلة نية بدحض اتهامات سناء ووالدها .. انتظر طويلا في تلك القاعة .. وعقلة يعمل في خطط لا حصر لها .. لا يهم ان علموا بانه عقيم . المهم ان يضع حدا لكلام تلك .. مر وقت الانتظار دون ان يشعر به .. ليدخل على ذاك الطبيب .. يسأله عن تحاليل قام بها لديهم منذ اشهر خلت .. ليبدأ البحث في الملفات وهو ترتسم على وجهه ابتسامة خبيثة .. دخلت الممرضة وبيدها الملف الخاص بسعيد .. ليردد ذاك الطبيب الهندي : كل شي تمام .. ما في عندك مشكلة ..



لتجحظ عينيه ويصرخ : انت شو يالس تقول .. كيف ما في مشكلة .. والدكتور اللي كان هني وسوى لي التحاليل قال اني عقيم ..



-لحظة..



قام واقفا ليخرج من مكتبه .. يجب ان يتاكد من كلام سعيد .. وذاك الطبيب في اجازة الان .. تاخر بالعودة وذاك ينفث انفاس حارقة .. اذا كان خطأ فهو قد قتل ابنه .. هز رأسه يحاول ان يبعد تلك الوسوسات الشيطانية .. ليدخل ذاك من جديد .. ويجلس والاخر يشد انتباهه له : شوف .. الدكتور اللي يسوي لك تحليل قبل .. يقول ان كان في غلط في ملف مال انت .. في اسم واحد يشبه اسم انت سعيد راشد .. هم يسون اتصال واجد لك بس انت ما يرد .. فما قدروا يوصلون لك عشان يخبروك ..



- يعني شو ؟



صرخ بها وهو يضرب بقبضته على تلك الطاولة .. ليردف : يعني انا قتلت اولدي .. والله ما اخليكم فحالكم ..



خرج بثورة غضب عارمة .. لا يرى امامه الا سواد حياته .. الطفل الذي انتظره حرم نفسه منه .. بسبب غلطة اسم .. مجرد تشابه اسماء .. ذهنه مشغول بافكار ووساوس لا تهدأ .. وذاك الطريق وكأن هو به وحده .. لا شيء امامه الا صراخ تلك .. وحديث والده .. وتلك الجمل التي القاها ذاك الطبيب الهندي .. لا يرى شيء .. حتى تلك الشاحنة التي اعترضت طريقه .. لم يشعر بها الا وهي قريبة منه قاب قوسين .. ليغيب عن الوعي تحت اطنان حديد وقعت من تلك الشاحنة .. ووجع روح ينهيه وجع جسد لا متناهي .. وانفاس تخرج مرغمة .. وصور باهتة تمر امام عينيه مختلطة برائحة الدماء ..


, ،

حين تقوم بشيء لطالما حلمت به .. تشعر بان الحياة جميعها تضحك لك .. بل ان كل خلية في جسدك تنتشي فرحا .. حتى من فرط فرحتها تحرم عليك النوم .. كما حاله هو .. البارحة لم ينم جيدا .. فاليوم هو اليوم الموعود .. يوما جديد في حياته .. يشعر باختلافه في نبضات قلبه .. حتى في اجواء المنزل .. وفرح والدته .. واهتمام اخواته بترتيب غرفته والاثاث الجديد .. البخور والعطور .. ودعوات والدته على الصباح .. وضحكات شقيقاته على الافطار .. وتهامسهن بسبب تاخره في النوم .. جميع ذاك جعله يبتسم .. وهو يلقي السلام ومن بعدها يقبل رأس والدته : صبحج الله بالخير يالغالية ..

-
يا هلا بالمعرس .. شو بلاك ما قمت من وقت ..

لتنطق احداهن : اكيد من زود الوناسه ما رقد الليل ..

كانت تسخر منه وتشاكسه ليضحك وهو يجيبها : هيه والله يبتيها .. اكيد من زود الوناسة ..

سكبت له احداهن شاي .. ومد يده ليتناوله وهو يستمع لدعاء والدته له بالتوفيق .. وتوصية وكأنه لاول مرة يتزوج .. لينفجروا ضاحكين على تلك الجملة التي القتها شقيقته الكبرى : اووف .. عبالي الا البنات اللي يوصوهن سون جذي ولا تسون جذي ..

قد يكون الرجال اكثر ثباتا في مواقف كهذه .. اما النساء فهن كورقة لطيفة تهزها نسمات الهواء الرقيقة لتحيل مشاعرهن الى ذبذبات متوترة يخالطها فرح وخوف .. وكأن مشاعر جديدة تولد في هذه الاوقات ..

نائمة والغطاء يدثرها بالكامل .. فلم يزرها النعاس الا بعد صلاة الفجر .. وها هو وقت صلاة الظهر يغزو الزمان .. دخلت عليها تسحب الغطاء بعنف : قومي ريمووه .. حرام عليج كل هذا رقاد .. تبين تقابلينه بعيون منفخه .

شهقت وهي تجلس برعب : من صدقج .. عيوني متنفخة الحين ..

ضحكت عليها لتردف : لا ما فيهن شيء .. بس اريد اغربلج مثل ما غربلتيني يوم ملكتـ...

لتبتر كلمتها .. وهي تسحب الغطاء وتنطق : قومي ياللا .. بنصلي الظهر وبنروح نتجهز ..

لتناديها ريم قبل ان تخرج .. ويدها لا تزال على مقبض الباب : هاجر .. انتي تفكرين ترفضين احمد وخايفة ؟

ابتسمت لتلتفت لها : خلينا من هالسالفة ..

رفعت حاجبها : يعني عندج خبر بالموضوع .. شكي فمحله ..

مدت يدها لتساعدها على النهوض من السرير : قومي .. وخلي هالكلام لبعدين .. اليوم فرحتج .. ولازم نفرح ونستانس ..

امسكت بيدها لتنزل عن السرير .. وتتركها تلك مبتعدة .. شعور برهبة استوطنتها .. كانت تعتقد ان الزواج من جديد يبعد الخوف .. الا انه يزداد اكثر عن اول مرة .. كلماتها في هذا اليوم كانت معدودة .. وتلك التحضيرات تزيد نبضات قلبها ..

كل شيء جاهز .. والمنزل بدأ يكتض بالمدعويين .. مع ان العدد قليل جدا الا ان المكان بدى مزدحما جدا .. وذاك يقف بجانب بدر : وين ابوك واخوك عبدالله ؟

بلع ريقه : عبدالله عنده شغل .. ابويه طلع من الصبح وما قالنا وين رايح ..

ليصمت عبد الرحمن .. علم من تلعثم بدر ان تلك مجرد اعذار منه .. ليتركه ويبدأ باستقبال من اتى .. وكيف لذاك العاشق ان يحضر جنازة قلبه .. ايريدون منه ان يستقبل القادمون للتهنئة وقلبه يتوجع ويصرخ دون صوت .. تنهد وهو يتذكر حال اخيه .. وسرعان ما عبس وهو يتذكر حال والده المرتعبة عند خروجه .. لعل اولئك المدعون " انسابه " سيرفعون قضية على سعيد .. ووالده خائف من كلام الناس .. علل كل شيء تحت هذا البند الذي ازعجهم في الايام الماضية ..

طرقات الباب جعلتها ترتعب لتتضارب انفاسها .. لتقف مع انفتاحه .. وتلك تقترب منها تقبلها : الف الف مبروك فديتج ..

ابتسمت من بين ارتجافها : الله يبارك فيج عموتي .. متوترة .. حاسه بخوف ..

ازدحمت الغرفة لوجود فاطمة التي عادت هذا الصباح من تلك السفرة القصيرة .. وهاجر وسارة .. لتردد تلك الاخيرة : شو بلاج تتنافضين .. الله يكون بعونج .. موقف لا تحسدين عليه ..

لتنتشر الضحكات ويزداد توترها : سويره .. يعني هذا بدال ما تكونن لي عون صرتن علي فرعون ..

ضحكن على خوفها .. لتنسحب سارة بعد رنين هاتفها .. زوجها يتصل بها .. حياتها مستقرة معه ومع والدته .. ولا بأس من بعض البهارات بينهما .. ولكن يبقى شيء اجمل يطغى على تلك المناوشات من قبل تلك العمة .. يبقى حبا ترسخ في قلبها وقلبه .. مستعدة هي لتنسى كل شيء للبقاء على ما بينهما ..

هو نفس الشيء الذي يقود ذاك السعود في هذه الاثناء .. يقوده ليراها .. ويجلس معها .. يشم رائحتها عن قرب .. وكفاه تعانق كفيها دون خجل .. يعلم بانها خائفة الآن حد الموت .. فهو يدرك ما مرت به .. وليس من السهل ان تتجاوز كل ذالك بهذه السرعة .. دخل ليراها جالسة .. ويراها وهي تستقيم واقفة .. بيدها باقة ورود تتناسب الوانها مع لون فستانها " البيج " .. و " مكياجها " الخفيف اعطاها جمالا شرقيا رائعا .. اقترب لتقرع طبول قلبها توترا .. وما ان لامست شفتاه جبيتها حتى ارتجفت اطرافها .. تغتصب الابتسامة بين الحين والحين .. وهو بين الفترة واختها يهمس في اذنها محاولا ان يبعد عنها توترها .. تلك الدقائق العشرون كانت كالدهر بالنسبة لها .. واكثر بالنسبة له .. لتنطلق كلمات بدأ المغادرة .. لينظر اليها مبتسما .. يشبك اصابعه في اصابعها وينحني هامسا : بروح اقرب السيارة .. الين تلبسين عبايتج وتتجهزين ..

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:18 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
احضان وقبلات تنهال عليها .. وعقلها تسمر في نقطة واحدة .. ان هذه الليلة ستبات في حظن رجل .. لماذا الاحساس الذي كان ارتحل وحل مكانه خوف يرجف عظامها .. بالامس كانت فرِحة واليوم هي عكس ذلك ... حتى انها لا تبات تسمع الا نبضاتها .. ومعمعة نساء وزغاريد .. وهي تقاد وكأن لا ارادة لها .. وحضن جديد عند عتبة الباب من مريم .. وكلمات تهنئة وتوصية .. لتعانق كف عبد الرحمن كفها .. يقبل جبينها .. يبارك لها .. ويمشي معها حيث ذاك الواقف ينتظرها ..

غادرت منزل والدها للمرة الثانية .. وكم امنياتها كبيرة في هذه الحياة الجديدة .. غادرت وعيون عاشق ترقبها من بعيد .. ترقب تلك السيارة التي حملت قلبه بعيدا .. وترميه هو خلف اسوار الماضي المرير .. لا يعلم كم من الوقت ظل قابعا في سيارته تلك .. ما يشعر به حرقة في الجوف .. تتعبه وتأكل روحه .. خسرها للابد .. حرك سيارته مبتعدا .. هائما في الطرقات .. لا يرغب بالعودة الى تلك الشقة التي حلم ان تكون هي فيها يوما .. ابتعد وابتعد .. كما ابتعد فكرة عن ارض الواقع .. ليجد نفسه بعد ساعات امام منزل فهد .. وقدماه بالكاد تحملانه .. رن الجرس مرارا ..

حرك ذاك كرسيه خارجا من غرفته .. وتلك من وراءه : منو ياينا الحين .. انت تتريا حد ؟

" لا " .. قالها وابتعد .. لتقف هي على رأس الدرجات .. تراه يتوجه نحو الباب .. وصوت ترحيب من لسانه .. وصوت ذاك المتعب يتهادى اليها يجبرها على النزول بخوف : سامحني ياينكم فوقت مب مناسب .. تقدر تستضيفني يا فهد ..

" عبدالله " نطقت باسمه وهرولت تدنو منه .. لتردف : عبدالله انت بخير ..

يده يستند بها على جانب الباب .. ليرفع عينيه اليها : تعبان يا فاطمة اريد ارتاح ..

ابتعد ذاك بكرسيه للوراء : فاطمة خذيه للغرفة اللي تحت ..

تأبطت ذراعه تجبره على السير معها : حياك عبود ..

تنظر الى وجهه المنهك حتى اوصلته الى تلك الغرفة ليترك يدها يجر قدميه الى السرير : خليني بروحي فطوم ..

تسمرت مكانها لدقائق .. لترجع خطوتان للوراء .. وبعدها تنسحب .. ليقابلها ذاك بالسؤال عن حاله .. تطوح رأسها بصمت .. ماذا تخبره عن ذاك المجنون العاشق .. ولما عليه هو ان يتحمل توافه حب قديم .. زرعه ذاك في صدره وسقاه حتى بات لا يقوى على حمل جذوره واغصانه .. ابتسم لها : روحي يبيله بجامة من بجاماتي اليديدة .

ابتسمت له : الله يخليك لي .ولا يحرمني منك .

-
روحي قبل لا يرقد الريال ..

اقتربت منه وبسرعة طبعت قبلة على وجنته متمتمة بالشكر له .. لتهرول بعدها مبتعدة .. ويغرق هو في ابتسامة فرح .. يحمد الله ان ما حدث في اليومين الماضيين غير الكثير بينهما .. قربها منه اكثر .. غير من تصرفاتها ولو بشيء بسيط .. التفت وهو يراها تنزل وبيدها احدى " بيجاماته " تمدها اليه : اعطيه هذي ..

هز رأسه بنعم .. لتتركه مبتعدة الى حيث ذاك .. دنت من الغرفة بهدوء .. حتى اذا ما ولجت رأته مستقليا على ظهره .. مغمض عينيه .. وذراع تعانق بطنه واخرى تستريح بجانبه .. اقتربت بهدوء .. واذا باناملها ترتجف على فيها .. اختنقت عبرتها .. لعبرة سالت من جانب عينه .. لتعود بخطواتها للوراء .. فكم صعبا ان ترى دمعة اخيها .. وكم من الصعب ان يعلم هو بانها رأتها .. هرولت لترمي بتلك التي في يدها على الاريكة وتجري تحت نداءات فهد لها .. هاله منظرها .. اراد ان يعرف ما حدث واذا به يحرك كرسية ناحية تلك الغرفة .. وقبل ان يصل .. سمع نحيبه .. ليتراجع .. عليه ان يبقى بمفرده .. ان يتركوه لدموعه .. حث المسير اليها .. هي تحتاج ان يقف معها .. اما ذاك فسيبقى هو مجرد زوج شقيقته .. لن يحبذ تدخله في حياته الا اذا هو ادخله فيها ..

دلف الى غرفته ليراها جالسه على طرف السرير تبكي .. اقترب منها .. لتعانق كفه ركبتها : فطوم ..

شهقت لتجيب من بين دموعها : ذبحوه بعرسهم .. عبدالله ما يستاهل .. والله ما يستاهل ..

-
هذا نصيب يا فطوم .. وعبدالله ريال بيتخطى اللي صار .. بس انتي لا تيبين سيره لريم عن الموضوع ..

-
ما بتكلم .. لا توصيني بشيء عارفتنه .. ريم بعد مالها ذنب .. بس والله كسر خاطري .. الا عبود يا فهد .. الا هو ..


,،

وذاك ينطق " الا سعيد يا رب " .. يجلس في مكتب ذاك الطبيب .. ينتظر اخبارا عن تلك العملية التي اجريت له البارحة.. يقولون ان ضرره كبير .. ليتمتم بالتسبيح .. مؤكد ان الخبر سينتشر اليوم .. فبالامس ادخل هنا .. واليوم اخبر ابنيه وزوجته .. لتبدأ النواح وتترجى الذهاب معه .. لكن هو لم يسمح لها .. فعليه ان يطمأن عليه اولا .. وابناءه انصرفوا احدهم الى عمله والآخر الى جامعته .. قام واقفا لدخول الطبيب .. صافحه ودعاه للجلوس : عم راشد .. انت تعرف ان الضرر اللي صاب ولدك من الحادث كان قوي .. والحمد لله انه نجى .. الحديد اللي طاح عليه من الشاحنه هشم ريله .. ما قدرنا نسوي شيء غير البتر .

جحظت عيناه : قصيتوا ريل ولدي – اغمض عينيه ليتمتم – لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..

تنفس الصعداء ليستطرد حديثه : الحمد لله البتر من الركبة .. بيقدر يمشي ع ريل صناعية بكل سهولة .. بس هناك شيء ثاني لازم اخبرك فيه ..

تابع ذاك حديثه .. لتهل عيناه الدمع .. بتر اخر في مكان اخر .. سيحيله لرجل دون ذكوره .. لن يرى له ابناءا .. لن يرى احفادا منه .. كسر ذاك الحديث ظهره ... وكأن جبل رفع ورمي على كاهله .. ليسترجع : انا لله وانا اليه راجعون ..

ويردف وهو يحاول ان يقف : دكتور ما اريد اي حد يعرف باللي قلته لي .. سعيد بس انبترت ريله .. غيره ماشي ..

ليقاطعه : بس لازم يعرف بهالشيء .

تمتم وهو يهم بالخروج : بخبره فوقتها ..

ومشى منكسرا عبر ممرات المشفى .. يشعر بان قدميه لم تعد تقويان على حمله .. ليجلس بتعب على احد كراسي الانتظار في ذاك الممر .. مرت الدقائق ثقيلة .. كيف سيخبره .. كيف سيستطيع ان ينطق بتلك الجملة له .. نطق آه طويلة في داخلة .. لو سمعتها جدران المشفى لتشققت .. وقف وهو يرى ذاك الذي يهرول ناحيته : راشد شخبار سعيد .. ان شاء الله انه بخير ..

-
شو اللي يابك يا عبد الرحمن .. ياي تشمت فولدي .. ياي تبرد قلبك باللي سواه فبنتك .. ياي تتشفى فيه ..

طوح برأسه : افا يا راشد .. ما هقيتها منك وانا من عرفت تركت كل شيء وييتك .. اللي يابني يا راشد الدم اللي يمشي فعروقنا .. اللي يابني اخوة يمعتنا سوى .. حسافة .. حتى باصعب حالاتك تبقى راشد اللي اعرفه .. اسمحلي لان الدم يابني وقالي روح اسأل ع اخوك وولد اخوك .. ووقف وياهم ..

طوح برأسه .. ليدبر عائدا من حيث اتى .. وذاك ينظر اليه بوجع .. وينهار من جديد على ذاك الكرسي .. ليس محتاجا لحديث اخر يزيد من وجعه .. فيكفيه وجع سعيد .. الذي اصبح يشعر به بين جنبات جسده الذي تقدم فالسن ..

,،

وها هي الاقدار تعيد نفسها بشكل مغاير لاناس مختلفين .. وجع يحاول ان يوقف قلبها .. وذاك الح كثيرا على والدتها ليقابلها .. حتى باحت تلك اخيرا بكل شيء لابنتها .. بعد ان غادروا بالامس ضيوفهم وهدأ المكان .. وهاهي على مشارف الفجر ولم يحالفها اغلاق الجفون .. اليوم ستقابله في حضرة والديها .. ماذا عساها تقول .. وهناك خوف من المجهول .. وجرح منه هو لا يزال مفتوح لا يرضا الالتآم .. قامت من سريرها .. لتتوضأ وتناجي ربها .. ولتطلبه يوفقها فيما ستقدم عليه .. وما ان انتهت حتى استلقت على سريرها . لا تعرف كيف غاصت في نومها واحلامها حتى ساعات العصر الاولى ... لتصحو على صوت عمتها .. ليهولها منظر وجهها المتعب .. تتحسس جبينها براحتها وهي تجلس بجانبها : بسم الله الرحمن رحيم .. تعبانه ؟

ازاحت تلك يدها لتجلس الاخرى تشد جذعها على ظهر سريرها .. وتبتسم : لا عموتي .. بس ما رقدت للفير ..

ربتت على فخذها : الله يكون فعونج .. فديتج سوي اللي انتي ترتاحيله ما عليج لا من خالتج ولا امج ولا ابوج .. هذي حياتج انتي .. مب حياتهم – قامت واقفة – قومي صلي الظهر ما باقي شيء ويأذن العصر .. ياللا فديتج ..

نطقت تلك : بتروحين الليلة تشوفين البنات ..

هزت رأسها بلا .. لتردف : خليفة بيرد من السفر .. واكيد بتتغير اشياء برجعته .. ومتأمله رجعت بناتي .. الحين او بعدين .. بس اني ما انجبر ع عيشه ما اريدها ..

تنهدت تلك .. وكأن كلمات عمتها لها هي .. عليها ان لا تجبر نفسها على حياة ستحياها هي لا غيرها .. صلت الظهر .. وقرأت ايات من القرآن بعدها .. حتى دخول وقت صلاة العصر .. لتصليها وتخرج من غرفتها بعدها .. هناك يجلسون جميعهم .. وكأن بها تعيش ما مضى حين اختنقت بفراقه .. عيونهم تحكي نفس النظرات تلك .. نظرات شفقة على الحال .. وهي عليها ان تبتسم .. وتكابر اختناقات قلبها .. القت التحية لتقبل رأس والدها وبعدها رأس والدتها .. وتجلس بجانب عمار : غريبة اليوم مب فالشغل ؟ .. حشا صاير ما تنشاف ..

قاطعتها تلك : احطيلج غدا ..

-
لا ياميه .. مالي نفس بالاكل .. متى ما يعت بكل لا تحاتيني فديتج – لتردف متابعة حديثها مع عمار – شكله رئيسك مأمن منك واايد ..

ضحك ليجيبها : هيه شيء اكيد .. انا عمار ولد عبد الرحمن مب حيالله حد ..

-
الله الله ع الواثق .. خوزوا عنه .. من قده رئيس قسم الحسابات في شركة الجاسم ..

وامتلأ المكان بالضحكات .. لتنكتم حين وصلهم خبر وجود احمد في الخارج على لسان تلك الخادمة .. ليقف عبد الرحمن : يالله .. ييبوا القهوة للميلس .. وبعدين بزقرج انتي وبنتج تيلسن وياه – التفت لعمار – ما بتقوم تسلم ع ولد خالتك ..

-
بعدين .

نطقها ليحث الخطى بعدها صاعدا .. فهو ان جلس معهم قد يقلب الموازين .. وقد يأثر بكلامه على هاجر .. فليدع كل شيء لها .. تتبعته بنظراتها .. لما الجميع يبتعد وهي في امس الحاجة ليد تمسك بيدها .. ايظنون بانها تستطيع اتخاذ قرار مصيري كهذا وحدها .. التفتت على صوت والدتها .. لما الدقائق تمضي سريعا في وقت يود فيه الانسان ان تقف ولا تتحرك .. قامت تتصنع ابتسامة .. وترتب " شيلتها " على رأسها .. ستقابله اليوم بعد غياب سنين .. شعور بوحشة تخلو من الاحاسيس الثابتة ينتابها ..

وهو هناك يجلس .. وبين الفينة واختها يرسم ابتسامة مجاراة لعبد الرحمن .. والتوتر والخوف يعصف فيه كرياح تأبى التوقف .. يطمأن نفسه بأنها ستعذره .. تنهد .. واذا به يقف حين لاحت له خالته ومن وراءها هاجر .. تسمر في مكانه .. وسرعان ما حثى خطاه يقبل رأس مريم .. ويقف بعدها ينظر اليها وينطق : الحمد لله ع السلامة ..

ابتسمت : الله يسلمك .. والحمد لله ع السلامة لك بعد ..

ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه .. فهذا دليل راحة تتهادى اليه .. عاد ادراجه ليجلس بمقابلتهما .. هناك قريب من عبد الرحمن .. الذي نطق : هذي هاجر قدامك .. تكلم معها وقول اللي عندك ..

بدأ حديثه بكلمة سماح .. وهي فقط تستمع لا ترغب بالمقاطعة .. حديثه .. وصوته .. ونبرته الهادئة يعيد لها الم ذكرى جميلة .. تعاند دموعها مرغمة .. وهو يلقي بكلمات لوم على نفسه .. يتبعها باعتذار وتبرير ما قد ستقرره .. وسيعذرها مهما كان ذاك القرار .. متأمل الرجوع .. هذا ما لاحظته بعد ان توقف ينظر اليها بعيون مليئة بالامل .. نظرت اليه واذا بها تنطق : انت علمتني ان الحب مشاركة .. فابسط الاشياء ..

-
هيه بس ..

قاطعته : لا تقاطعني .. مثل ما سمعتلك بدون ما اقاطعك .. لا تقاطعني وخلني اكمل .. فاول اختبار لهالحب نسيت انت درسك الاول لي .. نسيت كلامك ان اذا بغينا نكمل ويا بعض لازم نشارك بعض فكل شيء .. اول ما يتك الفرصة عشان تطبق الدرس شردت .. فضلت انك تاخذ صفر من ميه .. بس عشان محد يسألك من وين وكيف .. يمكن حتى شكيت اني بشك فيك .. اول اختبار عشان نثبت فيه ثقتنا لبعض انت تغيبت عنه .. بعذر مجهول .. والحين ياي تعيد الامتحان يا احمد .. للاسف ناس نجحت وناس رسبت .. وايام واشهور وسنين راحت ..

صمتت تبحث في وجه والدتها الباكي .. ووجه والدها الذي اكفهر .. ووجهه هو الذي غاب للارض .. هدوء جعله ينطق دون ان يرفع بصره : بس انتي تحبيني – رفع نظره اليها – للحين تحبيني حاس بهالشيء ..

ابتسمت له . لتنساب دموعها التي حاولت جاهدة ان تردعها : الحب اللي انت وطيت عليه عشان ثقتك المهتزة في وفنفسك .. ما اريده يا احمد – وقفت – بتبقى ولد خالتي اللي اعزه .. غير هالشيء لا ..

ادبرت خارجه .. بهدوء مغاير عما يجتاحها .. لتجري بمجرد ما وطأت قدماها خارج المجلس .. لا شيء سيوقف عاصفة روحها الا دموعها .. ولا مكان سيحتضنها الا سريرها .. لم تشعر الا بجسدها يتطوح مرتدا .. ويد ذاك تعانق ذراعها : شو صار ؟؟

ارتجفت شفتيها : انتهى كل شيء يا طارق .. كل شيء ..

سحبها اليه .. يدفنها في صدره .. وسرعان ما ابعدته : خلني .. اريد اكون بروحي .. خلوني الله يخليكم ..

ولجت الى غرفتها لتقفل ذاك الباب تتكأعليه بظهرها .. رفعت نظرها لتلمح تلك العلبة تطل عليها من اعلى ذاك الدولاب .. وكأنها تعبث بحنين الماضي .. وتزيد على الجرح جراح .. سحبت " شيلتها " لترميها على سريرها .. وكأن بفعلها تبعد اختناقات انفاسها .. لتجر خطاها تسحب كرسي " التسريحة " وتقف عليه .. لتصل اناملها الى تلك العلبة الصغيرة .. نظرت اليها تعانقها ذرات التراب .. لتتبعثر جراء نفخ الهواء عليها .. وتنزل لتجلس على ركبتيها .. تفتحها ببطئ ليبان ذاك الهاتف العتيق ..وشعرها يتبعثر امام ناظريها .. فتزيحه خلف اذنيها .. وتلك البطاقة الصغيرة .. كدفتي دفتر دون اوراق .. فتحتها .. لتتراقص الحروف امام عينيها ..(هذي اول هدية مني لج ..كتبت رقمي فيه وما حطيت اسم .. وانتي لج كل الحرية فختيار الاسم )..طوتها في يدها .. وعينها على ذاك الهاتف .. شدت بقبضتها اكثر لتندثر معالم تلك البطاقة .. وترميها جانبا .. لتلتقف يدها ذاك الهاتف .. وما هي دقيقة حتى احالته الى شظايا .. ليحمل ذاك الجدار بصمة تدمير ذكرى تحاول هي ان تنتشلها من اعماق عقلها ..

,،

خرج هو يحاول ان يجد مبرارات الرفض تلك .. ويضع الاستحقاق له .. هو يستحق ان تنبذه .. ان تتركه .. خرج يجر خطاه .. وافكاره متشتته .. لا نصيب قيلت له من عبد الرحمن وخالته .. وخوفا في عيونهم من انقطاع قديم قد يتكرر .. ترجل امام باب منزله ليصدح هاتفه من جديد بذاك الرقم الغريب .. سأم من هذا الاتصال الذي لا يكل من العودة .. رد بغضب : الو ..

ليأتيه صوته يسأله ان كان هو احمد .. يتبعه بطلب لمقابلته .. ويضع كل شيء تحت اطار الحياة والموت .. فقط ليستعجل ذاك اللقاء .. ويدعوه الى منزله مع ان الوقت قد تأخر .. جلس في المجلس يحاول ان يستوعب تلك المحادثة .. وما هو الامر المهم .. وكأن بما سيحدث له رحمة من ربه تنتشله من قاع التفكير بها .. صوت سيارة يشرخ سكون الليل .. ليخرج هو يفتح البوابة .. ليلوح له جسد يهرول ناحيته .. يرتدي بنطال " جينز " وبلوزة قطنية .. فجو شتاء هذا العام بارد جدا .. يده تصافح يد احمد : انت احمد عبيد .. ؟

-
وصلت .. حياك داخل ..

استغراب وعلامات استفهام تخيم على رأسه .. ليجلس ذاك رافضا اي ضيافة .. ليردف وهو يخرج تلك الفاتورة من جيبه : تعرف هذي ؟

اخذها من يده ليجلس بجانبه : هذي فاتورة قديمة .. من شركة الحواسيب اللي بلندن .. ليش تسأل ؟

بعيون راجية الكثير : تعرف صاحبة الفاتورة ؟

ليتبعثر امله على رصيف الـ " لا" .. فذاك لا يذكر شيء وحتى انه لا يقابل زبائنه .. انما يوقع على بعض الفواتير المستعجلة لا غير .. طأطأ ذاك رأسه .. فاخر امل تناثر في مهب الريح .. وهو حتى الساعة لم يرى عائلته فقط لوعده ذاك .. سرعان ما مد يده في جيب بنطاله .. ليخرج صورة لها .. قد يذكر وجهها .. امل اخير عليه ان يتشبث به .. مدها له : تعرفها ؟


خطواته بعد ساعات تتسابق على رصيف ذاك المستشفى وكلام احمد يتردد عليه : هذي جوليا .. صارلها حادث اعتداء فشقتها اللي فشارع ........ والحين هي فغيبوبة .. التحقيق انقفل ع ان المعتدين بغوا يسرقون لا غير .. لان الشقه كانت مقلوبه فوق تحت .. ويمكن هي تصدت لهم فضربوها .. اتصلت في قبل ما يغمى عليها .. ونقلتها لمستشفى ....... وهي هناك للحين .. حالتها صعبة يقولون انها فغيبوبة .. يمكن ما تقوم منها ..

اسرع بالخطى اكثر حتى اصبح يجري لا يهرول .. ليقف يلتقط انفاسه عند ذاك الباب .. يغمض عينيه يتمنى ان تكون هي .. وان لا يخيب امله .. فقط يتمنى عودتها حية .. اصابعه تدير قبضة بكرة الباب المعدنية .. ليلج .. وتقابلة تلك الممرضة بابتسامة : انت من اهلها ؟

ليهز رأسه بنعم .. حتى قبل ان يراها .. خرجت تلك ليدلف هو .. يقترب من السرير .. ويظهر له وجهها رويدا رويدا .. ليبتسم .. ويبعثر نظراته على جسمها النحيل الذي لا يرى من ذاك السرير .. انحنى يغرق وجهها بالقبل .. على الجبين والوجنتين .. وعلى رأسها .. وصوته يردد : جود .. حبيبتي اخيرا لقيتج ..

يده تتحرك على وجهها الشاحب .. لا يصدق ما قاله احمد بانها ستبقى في سبات طويل .. ولا يصدق كلام ذاك الطبيب الذي اكد ما قاله احمد .. كل ما يتمناه الان هو ان يعود بها الى الامارات .. وهناك ستعود لهم جود التي يعرفونها .. جود لن تفقد ذاكرتها .. جود لن تختفي خلف اغلاق الجفون .. سيبقى معها ولن يتركها ابدا .. انحنى ليهمس : جود .. بنرجع لبلاد .. عشان امج تشوفج .. ما تبين تقومين وتشوفينها .. وترقدين فحضنها ..

وكأنه بحديثه سيوقضها .. سيرجعها الشوق من خلال حروفه المتبعثرة الى الحياة من جديد ..


,،

يـتــبــع|~


الساعة الآن 01:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية