منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   51 - من أجلك أرحل ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t177890.html)

المهندس77 23-06-12 01:04 PM

51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
وداعا اندرو
وداعا جوديت
نظرت جوديت الي الرجل الذي تحبه نظرة اخيرة بقلب مثقل بالحزن ولكن الم تكن افضل نهاية لعلاقتهما التي لم تعرف لحظة هدوء منذ ان التقيا علاقة كانت مسرحا لاقوي المشاعر فيها تبادلا اقسي الاتهامات فقد اتهمها اندرو بأنها فنانة متشردة بلا اخلاق تسعي وراء اخيه طمعا في ماله بينما اتهمته جوديت بأنه شخص قاتل دون رحمة لا تعرف العواطف طريقها الي قلبه
ولكن هل اسدل هذا الوداع الستار نهائيا علي علاقتهما ام ان القدر لم يقل كلمته الاخيرة بعد !!!!

Rehana 23-06-12 01:42 PM

السلام عليكم

اولا ..اهلين فيك في القسم

ثانيا.. المفروض انك تعلني عن الرواية في الموضوع المثبت في القسم حتى تتأكدي اذا الرواية متوفرة القسم او لا
او اذا في احد حاجزها قبلك

ثالثا.. تتطلعي على قوانين الكتابة في القسم وهي مثبتة في القسم

طبعا الرواية مش متوفرة في القسم .. وما اتوقع احد حاجزها .. بس بدى اعرف اذا هي من كتابتك او لا
واذا انت راح تكتبيه .. راح تنقليها الى منتدى آخر .. او تحبي تكون حصرية للمنتدى

بانتظار ردك عزيزتي

المهندس77 24-06-12 07:04 PM

مرحبا
Rehana
اسف كثير لكن هذه اول تجربة الي
انا راح اكتب الرواية
ماراح انقلها لمنتدي ثاني

زهرة منسية 24-06-12 10:36 PM

أهلين بيكى عضوة جديدة وأهلين بيكى كاتبة
وأختيارك موفق كتيررررررررر
الرواية قريها من قبل وحلوة كتيررررررررر
الله يعينك ويوفقك
مشكورة مقدماً على مجهودك

Rehana 24-06-12 10:41 PM

السلام عليكم

خلاص ياحلوة بانتظارك تنزلي على الاقل اربعة فصول حتى اشوف
مدى جديتك في الكتابة
لأن في البعض بنزل مجرد مخلص .. وخلاص يوقفوا الكتابة

موفقة في الكتابة والتنزيل

المهندس77 26-06-12 01:58 PM

الفصل الأول
الزائرة
ـ ستحبين المكان فلي فيه مرسم رائع
ـ أجل ولكن فيفي في سويسرا
نظر اليها وقد اكتسحت وجه ابن الرابعة والعشرين البهي الطلعة تقطيبة عميقة
ـ يجب ان اعلمك ان فيفي اجمل ما تكون في الربيع
يا لجمالها في نيسان انت لاتريد الا التخلص مني لتقنع ناتالي بما تريد لئلا يكون وجودي حائلا بينكم
كانا يجلسان متقابلين

Rehana 26-06-12 02:30 PM

عزيزتي ..

نزلي على الاقل صفحتين .. مش كم سطر

ارجعي شوفي البنات كيف بنزلوااا الروايات

عطر@المحبة 26-06-12 03:18 PM

الرواية من ملخصهااا شكلها مليئه بالاثاره
يعطيك الف عافيه
و نحنا بانتظارك

عطر@المحبة 26-06-12 03:20 PM

يا عزيزتي الكتابه صعبه شوي و خاصه لو كانت اول مره لهدا الافضل لو تكتبي كم فصل بعدين تنزلي

المهندس77 29-06-12 09:29 PM

:8_4_134:يجب أن أعلمك أن فيفي هي أجمل ما تكون في الربيع
يا لجمالها في نيسان أنت لا تريد إلا التخلص مني لتقنع ناتالي بما تريد لئلا يكون وجودي حائلا بينكما
كانا يجلسان متقابلين في شقة تشاطرهما قيها رفيقتها التي هي الآن تعد نفسها للخروج برفقته وافتر ثغر زاك عن أسنان بيضاء أظهرت اسمرار بشرته
وكيف عرفت هذا
ابتسمت ساخرة
ليس الأمر صعبا
مال في مقعده إلى الأمام
ربما دوافعي تكون أنانية
قالت بحزم
ليس ربما بل هي كذلك يقينا
نعم هي أنانية لكنني فعلا أملك مرسما عظيما غير أن أخي هو من يستولي على طابق المنزل العلوي المخصص أي
نعم عائلتك كيف سيقبلون غريبة بينهم
عبست جديت ذات العشرين عاما ووجهها البيضاوي أصغر من عمرها إلا
أن هذا المظهر الطفو لي الخداع يخفي إرادة قوية إرادة أوصلتها إلى كلية الفنون رغم كافة الصعاب ولكن المنحة الدراسية التي حظيت بها لم تصل إليها بالإرادة فحسب بل بالموهبة وفي الكلية التقت زاك تورنتون
الذي انجذب إلى زميلتها وصديقتها التي تقطن معها في الشقة ولكن التجاذب كان متبادلا على مضض
ذلك أن ناتالي تشك في إخلاصه
تربت جوديت و ناتالي في ميتم لذا تخشى كلتاهما العلاقات الرومانسية خاصة ناتالي فهي تتذكر والديها وتحطم زواجهما المرير في حين حظ جوديت كان أفضل لأنها لا تذكر والديها أبدا00
هز زاك كتفيه
لن ينزعجوا لأنني اعتدت أن أسمح لأصدقائي باستخدام مرسمي كما انه ليس في المنزل غير أخي أندرو وشقيقتي تيريسا ابنة الثامنة عشرة خالية المشاغل لذا ستكون لك رفيقة ممتعة هذا إلى أنك لست مضطرة
للبقاء في المنزل الرئيسي فهناك كوخ استخدميه إذا شئت 0
تعرف جوديت أن زاك من عائلة ثرية وأنه غير مضطر أبدا إلى السكن في الكلية كما يفعل زملاؤه وهو يملك
ما يشاء منن المال0000
ولكنها لم تعرف أن لعائلته أملاكا في سويسرا إلا بعد أن راح يتواعد مع زميلتها ناتالي 0 وكان يهدف من هذا الخبر إلى التأثير في ناتالي التي زادتها هذه المعرفة قلقا 0
أكمل زاك إقناعه لها :
وأنا لا أحسبك ترفضين فرصة ذهبية كهذه , فمن أين لك منطقة جميلة كفيفي تؤمن لك الراحة التي يحتاجها كل رسام 0 هذا عدا اللوحات الرائعة التي ستجديها في المنزل 0
اتسعت عيناها دهشة :
بل أروع مما تتصورين 000 لدينا مجموعة لجان فوبيار جدي الأكبر 000 فهل يشجعك هذا ؟
شهقت جوديت , فجان فوبار هو فنانها المفضل وصاحب أعظم شهرة في فرنسا منذ خمسين عاما 0
ورغم ذالك قالت بريبة :
هذا إذا كانت هذه الحقيقة
رد بجدية :
أوه 00 إنها الحقيقة 0
لماذا لم تذكر هذا من قبل إذن ؟
ضحك وعيناه قد امتلأتا خبثا :
لا أحب أن أتباهى كثيرا 0
صحيح ؟
أجل 00 خاصة لأنني لا أملك واحدا على عشرة من موهبته 0
أتسعى إلى الإطراء زاك ؟
كان معرفا في الكلية أن زاك أكثر الموهوبين في صفه 0
وضحك ليبدد جو الجدية عن وجهه :
لا00 أوه كوني حبيبة جودي ! ثلاثة أسابيع 00 ثلاثة أسابيع ممتعة يكون لك فيها مرسم 0 كما أنك تبدين شاحبة قليلا , والهواء الطلق سيرد اللون إلى وجنتيك 000
قاطعته ضاحكة :
ـ حسنا00 حسنا ! سأمضي عطلة الربيع في سويسرا 00 لكن إذا فعلت شيئا تؤلم فيه ناتالي أثناء غيابي , فسأشنقك وأغرقك , ثم أقطعك إربا إربا ! أفهمت ؟
هز رأسه بسعادة :
ـ فهمت !
وهكذا , وجدت جوديت نفسها بعد أسبوع على متن قطار منطلق فن باريس باتجاه الحدود السويسرية , وفي يد حقيبة , وفي الأخرى قماش الرسم 0
تضاعف خوفها مع اقتراب القطار من الحدود 0 نعم لقد أكد لها زاك أنه قام بكافة الترتيبات , وأنه أخبر عائلته بوصولها اليوم , وقال إن أخاه و أخته لا يعارضان وجودها أبدا , ولكن زاك ليس ممن يوثق بكلامه 0 فماذا لو وصلت إلى تورنتون كاسل ورفض أهل البيت استقبالها ؟
كان مجرد اسم تورنتون كاسل يوترها , وهذا شعور لا تعترف به عادة 0
ولكن عائلة زاك على مايبدو ليست كالطبقة الاجتماعية التي تنتمي هي إليها وإن ادعى زاك أن أخاه يعمل جاهدا في الأملاك ,وأن أخته تيريسا سترحب برفقتها 0
أجل 00 اسم تورنتون كاسل اسم مرعب 00 فماذا ستفعل عائلة تورنتون بجوديت بار ؟
قطع القطار الحدود وطفق يصعد بحيرة جنيف 00 وما هي إلا فترة قصيرة حتى :8_4_134:

المهندس77 01-07-12 10:31 PM

حتى وصل إلى فود شمال البحيرة 0
وتوقف ببطء في محطة منتجع فيفي , فخرجت منه إلى الرصيف تجر حقيبتها خلفها , فتخدشها بذالك , غير أنها لم تكن تعبأ بهذه الحقيبة البالية المليئة بالخدوش0
خرج شخصان آخران فن القطار , بدوا لها شديدا الثقة بوجهتهما ,فقد حادا عن الرصيف بسرعة واختفيا في
مبنى المحطة 0
وقف رجل عجوز يتكئ على مكنسة , وقد أحنت السنوات ظهره حتى يكاد يقع لولا هذه المكنسة 0
تقدمت جوديت منه بأدب :
أهناك حمال هنا ؟
أجل0
هل لك أن تدلني عليه أرجوك ؟
أنا الحمال 0
كان رده تحديا , وكأنه يقول (تجرئي على إنكار إدعائي )0
هل لك أن تحمل حقيبتي ؟
تبدو ثقيلة 0
إنها ثقيلة فعلا 0
هز رأسه :
ظهري يؤلمني , لذا منعني الطبيب فن حمل الأثقال 0
عضت جوديت شفتها , غير أنها لاذت بالصمت , فهو خير لها من أي انتقاد قد تنتقد به حمالا لا يقوى على حمل شيء , فمما بدا لها أن هذه المنطقة مجتمع ضيق صغير , وقد يكون هذا العجوز مقربا من معظم أهل البلدة !
لذا لن يكون مزاج السكان منذ وصولها أمرا حسنا مع عائلة تورنتون 0 فهزت كتفيها وتوجهت إلى السيدة التي
تتفحص التذاكر , والتي يظهر وكأنها زوجة الحمال !
قالت لها المرأة وكأنها تسر إليها بشيء :
لا تأبهي له 00 سيتقاعد في الشهر القادم 0
كانت فيفي كما ادعى زاك جميلة خلابة , فالو زال في أوجه والزهور في كل مكان عابق رحيقها , ففكرت جوديت في الأسابيع الثلاثة المقبلة 0 ثلاثة أسابيع من الهدوء والسكينة , ثلاثة أسابيع من الرسم كما يحلو لها 00
إنها جنة الله على الأرض 0
ما إن قربت من المحطة حتى نظرت إلى حولها تفتش عن وسيلة نقل تقلها إلى تورنتون كاسل ,لكنها لم تجد شيئا
تساءلت أيعقل ألا يكون في هذا المنتجع الصغير سيارات أجرو ؟ وماذا عن زاك ؟ ألم يحسب حساب انتقالها من المحطة إلى المنزل ؟ فجأة راح يخبو بريق العطلة التي ستمضيها في هذه البلدة النائية 0
كانت المنازل الصغيرة البيضاء التي تشبه تلك الصور على البطاقات البريدية تغييرا دراماتيكيا عن جو باريس 0
حسنا 00 لقد تأخر الأوان حاليا على تغيير رأيها ! فعادت إلى موظفة التذاكر التي سألتها ممازحة :
هل ستعودين أدراجك حبيبتي ؟ هذه أقصر إقامة يقوم بها سائح 0 فمن عادتنا أن نبقي زائرينا أطول بقليل 0
ابتسمت جوديت على دعابتها ثم سألتها مترددة :
أتساءل عما إذا كان هناك سيارة أجرة 000 ؟
قطبت المرأة :
عند جوهان بورك سيارة أجرة , ولكن ساقه تؤلمه 00 إنه التهاب المفاصل على ما أعتقد 0
إذن,ليس هناك سيارة أجرة ؟
هزت المرأة رأسها :
أخشى ذلك !
إذن هل لك أن ترشديني إلى تورنتون كاسل ؟
أأنت صديقة للعائلة ؟
انتفضت جوديت وهي تتلقى هذا الاستجواب 0
أجل 0
هل أنت صديقة السيد زاك المتوقع وصولها ؟
اتسعت عينا جوديت :
أجل00أنا 00 كيف عرفت ؟
ضحكت المرأة :
ليس هناك من أسرار في بلدتنا خاصة وأن زوجة أخي تساعدهم في أعمال المنزل 0
هكذا إذن 00 جسنا من أين ؟
أوه طبعا 00 انعطفي يسارا عندما تخرجين من المحطة , فالمنزل على بعد أربعة كيلو مترات 000
أربعة كيلو مترات ؟
أجل 00 لا تخشي أن تتوهي عنه فهو قصر كبير وقديم يقع على جهة الطريق اليسرى , وله بوابات
حديدية ضخمة 0
شكرت جوديت المرأة ثم انطلقت 000 أربعة كيلو مترات ! لا تذكر متى سارت آ خر مرة هذه المسافة 000
ولكنها في تلك المرة لم تكن تحمل حقيبة ثقيلة وعدة الرسم 0
كان الطريق طويلا وملتويا , يحده على الجانبين جدار حجري حجارته رمادية كحجارة المنازل الريفية الصغيرة المنتشرة على جانبيه 0 كانت ترى أثناء مسيرتها بيوت مزارعين , وتسمع نباح الكلاب من بعيد وثغاء النعاج , وكانت ترى الخراف في كل مكان 0 الربيع هو زمن الجمال , زمن البدء بحياة جديدة , فالدنيا بأسرها هنا عادت جديدة منتعشة , ولعل بداية هذا الربيع ستكون بالنسبة لها بداية جديدة أيضا 0
لقد مضى شهر على انفصالها عن فرنسوا , وقد حدث هذا الانفصال بعدما وجدا أن أحدهما لا يناسب أللآخر علما أنها ما زالت ترفض واقع خروجه من حياتها 0 وكان ابتعادها عنه السبب الرئيسي لقيامها بهذه الرحلة التي بعد اجتياز كيلو متر واحد بدأت تندم على القيام بها , فقد فكرت أنها بدون وسائل نقل ستبقى مقيدة في منزل
عائلة تورنتون 0
في تلك اللحظة , نسيت فجأة تعبها ,وألم ساقيها , فقد قفز كلب ضخم بدي هائل الجثة ، رمادي اللون متسخا نظرت جوديت الي ما حولها يائسة بحثا عن مكان تلجأ إليه مختبئ ، فوضعت بسرعة حقيبتها وعدة الرسم أمامها للوقاية ..... والآن لتكتمل سعادتها بهذا الريف الجميل ، سيهاجمها كلب مجنون !
ولكنه عوضا عن مهاجمتها ، رفع قائمتيه ووضع مخالبه علي خصرها ، ثم رفع رأسه ترقبا ، محركا ذنبه طريقة ودود .
أنت إذن كلب أليف !
وركعت أمامه تداعب عنقه ... كان عنقه خاليا من أي طوق ، وفروه متسخ وملبد وكان فرشاة لم تمسه منذ أسابيع.
بذا لها في الواقع مهملا لا صاحب له .. فنظرت إلي ما حولها تبحث عن مزارع غاضب يطلب منها أن تتركه ، ولكن كان كل ما شاهدته خراف منتشرة في الحقول .
أين صاحبك يا ولد .. ؟ هل أنت ضائع ؟ وقفت تسوي الجينز وتنفض عنه الغبار ، بينما راح الكلب يقفز من حولها :
تعال معي .. فأنا بحاجة لمن يرافقني علي كل حال .
لم يحتج الكلب إلي دعوة أخري ، فراح يركض جذلا ورائها باعثا إلي نفسها الاطمئنان ، فقد رأت جوديت الشمس فجأة أكثر إشراقا، والطيور أروع تغريدا .
أمعنت النظر في الكلب فإذا هو من كلاب " الكولي " لذا من المؤسف أن يتركه صاحبه يصل إلي هذه الحالة ..
بعد أن يغسل جيدا ، وبعد أن تمر به الفرشاة سيعود كلبا جميلا .
كان لا يزال إلي جانبها حين ظهر جيب خلفها ، وهي أول سيارة تمر بها ، فنبح الكلب عندما اقتربت : احذر يا أشعث .. أوه .. هذا اسم يليق بك ، فكن عاقلا ، فإن حالفنا الحظ نحض بما يقلنا حني القصر ..

سفيرة الاحزان 03-07-12 10:10 AM

مبروك على الرواية
اتمنى تخلص قبل رمضان
بالتوفيق

كرم حسان 06-07-12 11:51 AM

:55:
بارك الله فيك
ونحن
ب
با
ن
ت
ظ
ا
ر
ك

المهندس77 09-07-12 10:11 PM

لقد بدأت أخاف علي صحت عقلي ، فهذه هي المرة الأولي التي أتحدث فيها إلي كلب !
تجاوزتها الجيب , ومع ذلك لمحت الرجل القابع خلف المقود , ولكن الجيب توقف فجأة على بعد أمتار منها ,
فركضت بلهفة 0
أتودين أن أقلك :
كان المتكلم قد مال إلى النافذة الأخرى ليفتحها , وهو رجل في الثلاثين من عمره أشقر الشعر مثلها , ذو عينين زرقاوين دافئتين :
لا تقلقي , فأنا الطبيب المحلي 00 فلو هاجمتك لعرفت المنطقة بأسرها ما حدث بعد عشر دقائق !
ضحكت وقد أعجبت به :
أنا ذاهبة إلى تورنتون كاسل 0000
هز رأسه مقاطعا :
صديقة زاك 00
وترجل من السيارة , فلحقت به جوديت , وأعطته حقيبتها متسائلة :
أيعرف الجميع بقدومي إلى هنا ؟
حسنا 00 الرد على سؤالك نعم 00 ليس من سر في مكان صغير كهذا 0 إنني متعجب من أندرو ,
فلماذا لم يرسل إليك من يقلك ؟
ـ ظننت أن زاك نسي أن يخبرهم , ولكن العكس هو ما تبين لي 0
ـ ربما نسي أن يخبرهم متى تصلين 0
ـ ربما هذا صحيح , فهذه طبيعة زاك 0
ضحك البيطري الشاب :
أجل00 اسمي بيار ليون 00
وأنا جوديت بار 0
صافحها قائلا :
ـ سرني التعرف إليك 0أين ذهب كلبك ؟ ليجلس في الخلف مع الحقيبة ,فللسيارة حاجز شبكي في الخلف 0
أدارت جوديت طرفها حول المكان باستغراب 00 فقد اختفى الأشعث ! وعاد شعور الوحدة إليها مجددا000
فقالت بخشونة :
ـلم يكن كلبي في الواقع 0 لقد لحق بي هكذا 0 ألم تشاهده من قبل ؟
هز بيار رأسه :
ـلم أنظر إليه جيدا , ولكنني لا أظنه زارني مربضا 0 وهذا غير مدهش , ربما يعيش وحيدا , وهو إلى ذلك غير كبير في السن 0
تسلقت جوديت الجيب وهي ما تزال تفتش بعينيها عن الكلب 00
كيف اختفى هكذا ؟ ليس في الحقول التي حلها أشجار كثيفة , بل حقول واسعة يفصلها جدار هنا أو هناك ,
لذا لا مكان لكلب له هذا الحجم أن يختفي فيه 0 قال لها بيار وهو يشغل المحرك :
ـ لا تقلقي بشأنه 00 قد يظهر من جديد 00 لقد عاش زمنا وحده , ولن يعترض على أن يتابع سيرته هذه 0
سألت جوديت الطبيب لتصل الحديث بآخر :
أتعيش هنا ؟
ـ على بعد سبعة كيلو مترات 00 فلي منطقة واسعة أقوم بخدمتها 0
وهل منزل تورنتون كاسل بعيد ؟
بقي أمامنا كيلو متر تقريبا 0لماذا لم تتصلي من المحطة بأندرو الذي كان سيرسل سيارة دون شك لتقلك 0
فابتسمت :
أنا لا أعرفه في الواقع 000 وقد حاولت استئجار سيارة 00
أوه 00 ساق جوهان تؤلمه 0
كيف عرفت ؟
إنه يستخدم العذر نفسه منذ عشرين سنة 0
وكيف يكسب قوته إذن ؟
لا أدري , ولكنه يتدبر أمره بطريقة ما 0 وحين يحتاج إلى المال تشفى ساقه بسحر ساحر أسبوعين أو أكثر 000
ستجدين بعد أيام على وجودك هنا أن البلدة تكتظ بمن هم على شاكلته 0
وشاكلة الحمال ؟
صحيح 000 فظهره في ألم دائم , أتعرفين هذا ؟
بت أعرفه الآن !
أوقف السيارة فجأة ووضع ذراعه على ظهر مقعدها :
ـ حسنا 00 لقد وصلنا 0
وصلنا ؟
نظرت يسارا فوجدت أن تورنتون كاسل كان بالفعل ( خلف أبواب حديدية ضخمة ) كما قالت المرأة في المحطة,
وهو أي المنزل محاط بسور يرتفع ما يزيد عن الثلاثة أمتار 00 وقد حدث ما إن وقع يصرها على المنزل حتى
شهقت دهشة 000 فالمنزل قصر ريفي قديم يعود إلى القرن السادس عشر , أمامه مرجات مقلمة مرتبة , وأشجار باسقة , وبستاني مشغول بالزهور الكبيرة 0
كان بيار يراقب ردة فعلها 0
ـ إنه مؤثر 000 أليس كذلك ؟
جدا 0
ـ إنه في الداخل أجمل بكثير 0 ليتني أملك الوقت لأوصلك إلى الداخل , فقد استدعيت منذ نصف ساعة لمعاينة بقرة توشك على أن تلد 0
ـ لقد كنت لطيفا , فشكرا لك 0
ـ عظيم 00 بلغي أندرو وتيريسا تحياتي 00 ولكن دعيني أراك 00 فأنا أتواجد في عيادة القرية أيام الاثنين والجمعة .
أعادت جوديت بعد مضي بيار في طريقه بصرها إلى القصر ثانية 000 كانت على حق حين تصورته منزلا ضخما , غير أنه في الواقع أكبر بكثير مما تصورته 0 وليس عندها فن أمنية الآن إلا أن يكون أندرو وتريسا لطيفين كزاك 0
شعرت بشيء رطب يلامس يدها , فالتفتت فإذا الكلب يشم يدها 00 فأحست بالبهجة وانحنت إليه :
ـ أين كنت ؟ ظننتك ذهبت إلى الأبد ! ولكنني مسرورة بعودتك 0 احتاجت إلى قوتها كلها لتفتح البوابة الحديدية التي اجتازتها يتبعها الكلب الممتع والمسلي 0
نظر إليها البستاني باستغراب 00 فأدركت فجأة أن منظرها أشعت من جراء غبار الطريق , ومن جراء مداعبة (الأشعت ) , هذا عدا شعرها المبعثر وحقيبتها التي ازدادت اتساخا من جيب بيار , فعلى ما يبدو أنه يحمل فيه الحيوانات 00 ولكنها هزت كتفيها بغير اكتراث , فماذا قد تفعله الآن لترتب مظهرها ؟
قالت للكلب :
ـ عليك البقاء خارجا 0
دقت جرس الباب ثم أضافت :
ـ سآخذ مفتاح الكوخ 00 فأشعت واحد أكثر من كاف لدخول هذا المنزل 0
لم يرف جفن الخادم حين قالت له من تكون , بل قال بجفاء :
الآنسة تيريسا في غرفة الجلوس 0
الحمد لله لأنها ستسكن في الكوخ بعيدا عن المنزل 00 فهي معتادة على أن تفعل ما تريد حينما تريد , لذا تستغرب وجود الخدم في المنزل 0
تركت حقيبتها على ردهة الدرج مع الكلب , ثم تبعت الخادم تمني النفس بلقاء أحد أفراد عائلة تورنتون !
كانت الغرفة طويلة تمتد تقريبا إلى آخر المنزل 0 في أحد أطرافها مكان الجلوس , أما أبوابها الخشبية الضخمة المزدوجة , فمفتوحة على الحديقة 00 ولكن ما لفت اهتمام جوديت , كانت الفتاة الجالسة أمام البيانو , وهي دون ريب شقيقة زاك فشعرها أدكن , كث قصير كشعر الصبيان , وعيناها لوزيتان كعيني شقيقها تحدق بهما إلى الحديقة 0
سعل الخادم سعلة خفيفة ليلفت اهتمام الفتاة , ومع أن كتفيها ارتفعتا قليلا , إلا أنها لم تتوقف عن العزف 0 كانت أصابعها تتحرك بخفة ورشاقة , وقد أعجبت جوديت التي لا تحب الموسيقى القديمة أو الحديثة بالعزف 0
فجأة , ضربت الفتاة أصابعها العشرة على المفاتيح , والتفتت إليهما بعينين مشتعلتين 0 وقالت بصوت متعجرف متجاهلة وجود جوديت :
ـ ما الأمر باتون ؟
لم يضطرب الخادم من خشونة صوتها , بل أعلن :
ـ الآنسة جوديت بار 0
التفتت العينان اللوزيتان الباردتان إلى جوديت التي تحملت العينين المقيمتين لها نظرا للظروف 00 فهذه الفتاة وقحة لا تشبه زاك أبدا 0
قالت الفتاة تصرف الخادم :
شكرا باتون 0 انصرف 0
وقفت فبدت قامتها مديدة وهي مرتدية ثوبها الليلكي الأنيق 0
ـ إذن 00 أنت جوديت بار 0 صديقة أخي الصغيرة من الكلية 0
عضت جوديت على شفتها , فهي لم تعجب بهذه الفتاة أقل إعجاب , وليت انطباعها الأولي هذا خاطىء !
ـ أنا وزاك في الكلية ذاتها 000 صحيح 0
بدأت الفتاة تتخلى عن تحفظها قليلا , وأضاء المرح عينيها :
ـ اسمي تيريسا 000 أنت لست من كان يتوقعه أندرو أبدا !
ـ كيف ؟
أترين 00 أنه000
ثم لاذت بالصمت , فقد دخل إلى الغرفة رجل استدعى اهتمام جوديت 0 إنه أندرو تورنتون دون ريب , فهو أسود الشعر كزاك وإن كان هذا هو الشبه الوحيد بينهما ! فهذا الرجل مديد القامة , يتجاوز طوله المئة والخمسة والثمانين سنتمترا , قوي الجسد , رشيقا رشاقة لاعب رياضي , عريض المنكبين , مفتول العضلات 0
ولكن وجه هو ما أسر اهتمامها , فهو ليس فقط أكبر من أخيه بعشر سنوات , بل هو كذلك بهي الطلعة , وإن بطريقة خشنة , فشعره مسترسل إلى عنقه ,ووجهه أسمر لوحته أشعة الشمس , ولكن عينيه كانتا خضراوين , وأنفه طويلا محنيا كمنقار النسر , وفكه ثابتا وقويا 0
تأملتها عيناه الزمرديتان بشيء من الدهشة , وقال بصوت عميق أجوف , بعث الرعشة إلى أوصال جوديت :
ـ لم أكن أعلم أنك ستتلقين زيارة من صديقة , تيريسا 0
التوى فم شقيقته :
ـ هذا غير صحيح 0
إذن من ؟
إنها جوديت بار 0
سحب نفسا عميقا بغضب ثم قال بصوت يكرهه السمع :
ـ إنها دعابة أخرى من دعابات زاك ؟
أصغت جوديت إلى الحديث المتبادل بين الأخ وأخته , وقد غاص قلبها , فوجودها على ما يبدو غير مرحب به !
علما أن زاك أقسم أنه رتب كل شيء ! كان يجب أن تعرف ! ستقتله حين تعود 000
سمعت أندرو يتحدث إليها مباشرة :
ـ أرجو أن تعذرينا آنسة بار 00 فحين أخبرنا زاك عن زيارتك أغفل شيئا واحدا 0
على الأقل 00 إنه شيء واحد , ثم أردف بسخرية :
أغفل أنك فتاة !
ـ صحيح ؟
وماذا يعني هذا ؟ ألا يرحب بها لأنها فتاة 0
رد أندرو ببرود , وهو يحدجها بنظراته من رأسها حتى أخمص قدميها :
ـ أجل 00 قال إنه صديق 0
ـ وهل هناك فرق ؟
ـ نعم هناك فرق حين يصل الأمر إلى وفودك علينا 0
ثم هز كتفيه بلا مبالاة :
ـ أستغرب اهتمامك بالفن 0
شهقت بحدة :
ـ اهتمامي ؟ إنه أكثر من اهتمام 00 إنه عملي ومستقبلي 0
ـ أوه 000 صحيح ؟ وماذا ستفعلين به ؟ فإن كنت لا تملكين موهبة خارقة غير عادية , وإن كنت لا تحبين التعليم أو مجال الرسم العابر , فالفن مضيعة تامة للوقت 0 خاصة لامرأة 0
احمر وجه جوديت وردت رافعة الرأس تحديا :
ـ ربما 00 والآن لديك فرصة لاستخدام مرسم غير عادي 00 ولكن أخشى أن الكوخ 000
حاولت جوديت الحفاظ على هدوئها , فإن لم يسمح لها باستخدام الكوخ , فما حاجتها بالرسم 0 وإن لم تستطيع تأمين وسيلة نقل , فكيف لها التنقل ؟
ـ أترين 000
وتوقف , فقد سمع نباحا غريبا في المنزل 0
ـ ما هذا بحق الله !
تقدم إلى أبواب الشرفة المفتوحة , فلحقت جوديت به على مهل لأنها تعرف صاحب النباح :
إنه نباح ( الأشعت ) 000



انتهى الفصل الأول




الفصل الثاني

عداء الغرباء


كان الكلب ما زال على نباحه حين وصل ثلاثتهم , فوجدوه جالسا في فناء المنزل الخلفي رافعا رأسه إلى السماء الزرقاء , يعوي بصوت مؤثر وكأنما حياته تعتمد على هذا العواء 0
توقف أندرو تورنتون يحدق فيه وهو لا يصدق ما يراه 0
ـ يا إلهي ! ما هذا ؟
توقف الأشعت عن العواء وزمجر في وجه الرجل الطويل الناظر إليه بازدراء 0 قالت تيريسا متعجبة :
ـ وكأنه كلب !
تحركت جوديت إلى جانب الكلب وركعت قربه ثم قالت بغضب :
ـ إنه كلب ! إنه كلبي !
ارتفعا حاجبا أندرو بتعجرف :
ـ أتتوقعين أن يبقى في الكوخ ؟
ـ أما قلت لي إنني لا أستطيع استخدام الكوخ ؟
ـ حاليا لن تستطيعي , فجزء من السقف انهار بسبب عواصف الشتاء 0 وهذا ما لم نكتشفه إلا حين فتحنا الكوخ لنعده لك 00 لقد أوكلت تصليحه إلى رجل , ولكن حتى ينتهي التصليح فأنت ستحلين على الرحب والسعة في المنزل 000 أما الكلب فلا 0
نظرت إلى الأشعت فرأت ما لا بد رآه أندرو : كلبا أشعت , متسخًا, بحاجة ماسة إلى التنظيف والعناية , ولكن إذا كان ما قاله بيار ليون صحيحا , وكان الكلب شريرا , فلا داعي الاحتفاظ به 000 قال أندرو قبل أن تستطيع التعليق :
ـ لدي كلبان من نوع البيغل الذهبي 00 وأشك في أنهما سيتقبلان 00000
ـ اسمه ( الأشعث )
فقالت تيريسا :
إنه اسم يناسبه بشكل تام 0
ظهر على ثغر أندرو شبح ابتسامة :
ـ إن توم و تومي لن يحبا كلبا غريبا في المنزل ,ونظرا لحالة كلبك سأطلب منك أن ينام في الاسطبل حتى يجهز الكوخ وهذا لن يتجاوز بضع ليال 0
إن النوم في الاسطبل سيكون للأشعت المعتاد على النوم في العراء رفاهية وترف , ولكنها انزعجت من أندرو الذي يرى أن على كلبها الهجين ألا يختلط بالكلبين الأصيلين 0
قالت :
ـ أعتقد أنه بحاجة إلى حمام 0
ردت تيريسا ساخرة :
ـ هذا تصريح لا يفيه حقه 0
نظرت إليها جوديت بكراهية , إنها متكبرة كقطة سيامية 0
ـ ولكننا سافرنا مدة طويلة , وكلانا مغبر من السير من المحطة إلى هنا 0
شهقت الفتاة :
ـ سرت ؟
ـ طبعا 0
قطب أندرو جبينه وقد نسي مشكلة الأشعث :
ـ أجئت بالقطار ؟
ـ ولماذا كنت في المحطة إذن ؟
ـ لم يقل لنا زاك إنك قادمة بالقطار 0
ـ وهل الأمر مهم ؟
رد ببرود :
ـ أبدا 00 إلا أنه لم يكن داع للسير من المحطة حتى القصر , فما كان عليك إلا أن تخابرينا هاتفيا لنهب لاستقبالك
ـ لقد وجدت من أقلني 0
ـ حقا ؟
ـ أقلني البيطري , وهو رجل طيب يرسل لك تحياته 000
قالت تيريسا ببطء :
ـ إذن قابلت بيار 0
تطلعت جوديت إليها بفضول , فقد رأت أن خلف قولها العفوي هذا اهتماما عميقا , خاصة وأن وجنتيها اصطبغتا بجمرة الحياء 0 أتكون تيريسا أكثر من مهتمة بالبيطري ؟
ولكنها صرفت بسرعة التفكير عن مشاعر الفتاة , فلا شأن لها أبدا بحياة الآخرين الشخصية 0 إنها هنا بغية الرسم لذا الإسراع في الانتقال إلى الكوخ هو خير ما تقوم به 0
ـ أجل لقد قابلته 00 ولكنه كان على عجلة , فلم يستطع التوقف 0
اشتد ضغط تيريسا على شفتيها وتمتمت :
ـ إنه لا يستطيع أبدا 0
ثم ارتدت على عقبيها وأسرعت إلى المنزل غاضبة 000 إذن فهي أكثر من مهتمة به , ولكنه اهتمام غير متبادل
قال لها أندرو فجأة يقطع عليها أفكارها :
سأريك أين يمكن أن ينام الكلب 0
لحقت به على مهل , وهي تشعر بالقوة التي تنبعث منه 0 فخطواته ثابتة وعضلاته مفتولة ظهرت بوضوح عندما فتح باب الاسطبل 0
ـ هذه الحظيرة مكان مناسب 0
أحست جوديت أنه يرغب في وضعها كذلك فيها 0
لم يكن مجيئها أصلا فكرة صائبة فالأمر لا يسير على ما يرام فهي حتى الآن لا ترى للراحة والهدوء اللذين تنشدهما أثرا 0
وافقت ضجرة :
ـ حسنا لا بأس 0
لاحظ أندرو استياءها :
ـإذا تفضلين أن يدخل المنزل 0000
ـ لا 00 لا يهم 0 أظنه بحاجة مثلي إلى حمام أولا 000
كان زاك قد قال لها إن أخاه غير متزوج , وقد شعرت الآن بعد أن قابلته بالاستغراب , فهو رجل جذاب , في أواسط الثلاثين من عمره 000 فكيف حدث أن أفلت من يد امرأة حتى اللآن 0 أم أن اعتداده بنفسه وعجرفته الظاهرة جعلتاه لا يقع في سحر النساء 0
هز رأسه ليرد على ما قالت :
ـ سأستدعي باتون ليوصلك إلى غرفتك 0 أما فلك بعد الاغتسال أن تحصلي له من المطبخ على طعام 0
ـ سكرا لك 0
ـ ربما تودين أن يستقر قبل العودة إلى المنزل 00 يجب أن أعود إلى عملي ,ولكن باتون سيكون سعيدا بمساعدتك إن واجهت المصاعب 0
ـ عظيم 00 أراك فيما بعد إذن 0
هز رأسه بوقار :
ـ عند العشاء 0
لمحته آخر الأمر وهو يصعد الجيب الكحلي المتناقض لونه مع لون جيب بيار الرمادي 0
لم يخبرها زاك في الواقع كثيرا عن عائلته خاصة طباعهم وتعقيداتهم 00 تيريسا قتاة غريبة الأطوار , تبدو أكبر من عمرها في نواح , وأصغر في أخرى 000 أما أندرو , فمعقد حتى يكاد يتعسر عليها سبر غوره , مع أن جوديت تراهن أن نساء كثيرات حاولن ذلك 0
لقد رأت منه منذ البدء تجاهها عداء لم يكن من صنع يديها , فكأن يشك في دوافعها 000 أوه 00 ليت الكوخ جاهزا حين وصلت , أو ليتها علمت بحاله , لأنها لو علمت لأخرت قدومها بضعة أيام 000 أما الآن , فهي مضطرة إلى الاستفادة من الوضع 0
غرفة النوم التي خصصت لها كانت أنيقة كسائر غرف البيت 0 فيها سجادة صفراء شاحبة , ناعم صوفها , وغطاء سرير وردي , وستائر مخملية رائعة 0 كانت حقيبتها وعدة الرسم قد سبقها إلى الغرفة , فتذكرت سبب وجودها هنا00 في الغد ستبدأ العمل الذي سينسيها كل الصعاب التي واجهتها حتى الآن 0
كانت ترتدي ثيابها من جديد بعد الاستحمام حين دخلت عليها تيريسا , دون إعلام مسبق 0 فسوت جوديت بسرعة قميصها فوقها وبسطته فوق الجينز 00 إن كانت تيريسا تقصد إزعاجها , فستفشل حتما , فهي معتادة على عدم التمتع بالخلوة , ذلك أنها تتشاطر في الكلية غرفة النوم مع أأربع فتيات 0
واجهت الفتاة بتحد , فهي تعلم أن المقصود من تطفلها الفظاظة , فسألتها ببرود :
ـ نعم ؟
ـ أنت مطلوبة هاتفيا 0
تهللت أساريرها , ونست العداء :
ـ زاك ؟
ـ طبعا 00 استخدمي الهاتف في غرفة الجلوس 0
لم تنتظر لسماع المزيد , فركضت تهبط الدرج وتلتقط السماعة 0
ـ زاك !
ـ ومن غيره ؟ كيف تجري الأمور ؟
ـ حسنا 00 اضطررت للسير من المحطة إلى المنزل الرائع , ولكن الكوخ ليس جاهزا 00 لقد 000
ضحك :
ـ هاي 00 على رسلك ! سمعت هذا كله من تيريسا 0 كما سمعت أن معك حيوان غريب المنظر 0 ولكنني متأكد من أنك كنت وحيدة حين ودعتك وناتالي هذا الصباح 0

كن فيكون 13-07-12 08:03 PM

الله يعطيك الف عافيه
اهلا ومرحبا في القسم
وبدايه مشجعه ورائعه
الملخص مشوق وفيه اثاره
ارجو من الله توفيقك ونجاحك في الاستمرار
والعطاء

المهندس77 19-07-12 06:02 AM

:13125


ـ لم تكد تراني تقريبا 00 فقد وصلت والقطار ينطلق من المحطة , أما الكلب , فهو الذي اختارني 0 زاك , لقد دعاني أخوك بكل لطف للبقاء في المنزل حتى يصلح الكوخ 00 لكن 00
قاطعها :
ـ هل رأيت المرسم ؟
ـ لا 000
ـ فلترك إياه تيريسا , وأنا أضمن أنك لن ترغبي بعد رؤيته في المغادرة 0
ـ لا أ ريد المغادرة 00 ولكنني أشعر بأنني شخص غير مرغوب فيه عند عائلتك 0
ـ ما رأيك بأندرو ؟
ـ رأيي فيه ؟
ضحك :
ـ إنه شيطان وسيم 00 أليس كذلك ؟
ـ بل وسيم جدا 0
ـ عرفت أنه سيعجبك 0
ـ ومن قال سيئا عن إعجابي به ؟ اعترفت لك أنه وسيم وهذا لا يعني أنني معجبة به 0
ـ طبعا لا 00 وماذا عن تيريسا , ما رأيك بها ؟
ـ جميلة جدا 0
ـ أليست كذلك ؟ وهي إلى ذلك حلوة تحت برقع مرارتها 0
ـ لست واثقة , لم أصل معها إلى هذا الحد بعد 0
ضحك :
ـ ستصلين 0 هل لك أن تستدعيها لأكلمها بضع دقائق ؟
أصيت بالحرج حين التفتت فرأت تيريسا تقف في الباب , وهي على ما يدو تقف هناك منذ مدة 0 ترى ماذا سمعت من الحديث ؟ آه ليتها لا تكون قد سمعت الجزء المتعلق بوسامة أندرو 0
مدت السماعة لها :
ـ إنه يريد التحدث إليك 0
تقدمت على غير استعجال :
ـ شكرا 00
تناولت السماعة منها ثم أعطت ظهرها لجوديت فورا , فسمعتها تقول لأخيها :
ـ أنا لست خادمتك 000 حسنا 000 أما أندرو فغير مسرور خداعك له 0000 تعرف تماما ماذا أعني 000 ليس الأمر مضحكا زاك ! أندرو غاضب 0
لم يكن هناك مجال للريبة بشأن ما أغضب أندرو 000 لقد توقع وفود رجل فإذا الرجل فتاة 000 شعرت جوديت بأن زاك تعمد خداعه لأنه نوع من الأعمال يضحكه , ولكن لا يبدو أن أخاه شاطره روح المرح هذه , ولا هي كذلك تشاطره إياها هذه المرة 0 فقد جعلتها فعلته تلك تبدأ بداية سيئة مع أفراد عائلته 0
وضعت تيريسا السماعة ثم التفتت إليها بنظرتها المهينة الوقحة 0
ـ طلب مني زاك أن أريك المرسم 0
ـ إن كنت لا ترغبين في إرشادي إليه فاتركيني أبحث عنه وحدي 0
ارتفع حاجباها القاتمان ارتفاعة حاجبي أخيها الأكبر : ـ
ـ لن يرحب أندرو بتجوالك في المنزل وحدك 0
أغضبت جوديت وقاحة الفتاة فردت :
ـ لا أظن أن فضيات العائلة ستليق بشقتي 0
ابتسمت تيريسا , فبدت أصغر سنا :
ـ إذن أنت قادرة على الدفاع عن نفسك حين الضرورة 0 قد تحتاجين في هذا المنزل للدفاع عن النفس 0 فلا يغرنك تصرف أندرو الدمث منذ قليل , فهو قادر على أن يكون قذرا عندما يريد 0
إذا كانت فظاظته واحتقاره للأشعت تصرفا لطيفا , فلا بد أنه قذر في أسوأ حالاته 0
قالت ببرود وهما ترتقيان الدرج :
ـ سأتذكر هذا 0
ـ وهو خير لك 00 فمتى ثار يعرف من في المنزل جميعا بثورته 0
ـ إذن فلنرج الله ألا ( يثور ) أثناء وجودي هنا 0
ردت بخشونة :
ـ لا تعتمدي على هذا هنا كثيرا , فغالبا ما يغضب أخي 0000 ها هو المرسم 0
وتنحت جانبا فولجت جوديت بابا يقع في نهاية الدرج 0
بعد دخولها , نسيت كل شيء يتعلق بتكبر تيريسا , وعجرفة أندرو 00 فأشرقت قسمات وجهها وهي ترى المرسم الذي لم يبالغ زاك في وصفه 0
كان للمرسم الذي يغطي العلية كلها نوافذ زجاجية ضخمة تمنح المكان النور الطبيعي ,,و وفي المرسم حاملات لوحات فارغة منتشرة في سائر أنحائه , ولكن بدا لها أنه قلما يستخدم 0 قالت تيريسا :
ـ لا يستخدمه زاك كثيرا 00 فهو لا يأتي إلى القصر إلا قليلا إذ يفضل البقاء في باريس حيث يلازم أصدقاءه 0
لم تكن جوديت تسمع نصف ما تقوله الفتاة , فقد سحرها جو المرسم حتى كادت تتمنى لم تمضي فيه ما تبقى من حياتها 0 سمعت تيريسا تسألها فجأة :
ـ هل أنت صديقة مميزة له ؟؟
ـ لا أفهم ما تقصدين بقولك مميزة 00 إنما أستطيع أن أقول إنني أعرفه منذ مدة طويلة 0
وفيما هي تجيب على عن سؤالها كانت تفكر في أن زملاءها سيحسدونها على هذه الفرصة , وأحست بأنها ستبدع فيما تقوم به من عمل 0 قالت تيريسا :
ـ هل انتهيت ؟
ـ أوه 00 أجل 00 إنه مكان جميل 0
هزت الفتاة رأسها :
ـ يترك زاك دائما أصدقاءه يستخدمونه 00 ولكنك الأنثى الأولى التي تستخدمه 0
وهذا ما يزعج العائلة فعلا , علما أن جوديت لا تفهم السبب 0 أليس لديهم أصدقاء من كلا الجنسين ؟
أردفت تيريسا :
ـربما ستحبين الانضمام إلى لتناول الشاي في غرفة الاستقبال 0
ـ سأفعل هذا 00 ولكن يجب أن أطعم كلبي أولا 0
التوى فم الفتاة بسخرية :
ـ أراك فيما بعد إذن 0
توجهت جوديت إلى المطبخ ، فوجدت أن أندرو زود الطاهية بمعلومات تتعلق بتأمين الطعام للأشعث الذي كان خارج الاسطبل متمددا تحت أشعة الشمس 0 حالما رآها هب واقفا يدس أنفه في قصعة الطعام , وكأنه لم يأكل منذ شهر 0 التهم الطعام حتى أتى عليه كله , ثم رفع رأسه إليها مترقبا 0 فضحكت جوديت :
ـ أتريد المزيد ؟ أنا على يقين أن أندرو سيسر عندما سيتخلص منا , ربما بعد الاستحمام لن تظهر أشعث 0
سمعت صوتا أليفا يقول لها :
ـ قد يصبح التحدث مع نفسك عادة خطيرة 0
احمر وجهها عندما رفعت عينيها إلى أندرو 00 كان يتحرك بالسبة لرجل له الجسد الضخم بخفة كبيرة , فهي لم تنتبه لوجوده في الفناء حتى نطق تلك الكلمات 0 ردت بصوت منخفض :
ـ الكلام مع كلب قد يكون أخطر بكثير 0
راحت تحاول إسكات الكلب الذي طفق يزمجر على المتطفل فقال أندرو ساخرا :
ـ أتظنين هذا ؟
ـ ليته لا يكون صحيحا لأنني غالبا ما أقوم بذلك 0
ـ أعتقد أن لا وجوب للقلق إلا حين يرد عليك الكلب 00 ألن تنضمي إلينا لاحتساء الشاي ؟
استحسنت تغيير دفة الموضوع وذهلت لأنه يظهر لها مرحا بعد فظاظته الأولى 00 ولكن هذا كان متناقضا مع تعابير وجهه الخشنة 0
ـ سأدخل لأغتسل قليلا 00
ـ حسن جدا 0
وكأنما ندم على رقته , فارتد على عقبيه فجأة 0
نظفت جوديت نفسها ثم أسرعت إلى غرفة الاستقبال للانضمام إلى الأخوين 0 كانت قد بدأت تحس بالجوع وقد فكرت في أن يكون قليلا من البسكويت والتوست بالزبدة قد يسد جوعها حتى وقت العشاء 0
سمعت تيريسا تقول وهي تدخل الغرفة :
ـ الأمر سهل لك 00 فأنت في العمل معظم الوقت 00 فكيف لي أن أسلي صديقة زاك هذه ؟
تسمرت يد جوديت على أكرة الباب 00 إنهما يتحدثان عنها !
ـ إنها لا تحتاج إلى من يسليها 00 دعيها وخربشتها في المرسم فوق 0
خربشتها ! أحست جوديت بغليان الغضب في داخلها 0 كيف يطلق على الرسم صفة (( الخربشة )) ؟
أضاف قائلا :
ـ إن هذا المنزل منزل زاك أيضا , وإن كان لا يستخدمه حقا 000
فإذا كان يريد أن يستضيف هذه الفتاة فله مطلق الحق في ذلك , وليس علينا إلا حسن استقبالها , وهي في النهاية لن تمكث إلا ثلاثة أسابيع , بعدها قد لا نراها ثانية أبدا 0
ـ أشك في هذا 0 لقد اتصل بها منذ قليل , فشعرت بأن علاقتهما حميمة 0
ـ إذا كانت صديقة فلن تدوم صداقتهما أكثر مما دامت صداقاته الأخرى 0
ـ وهي تقول إنك تجدك وسيما 00 أتساءل ما قد تقوله بياتريس لو سمعت 0
ـ لن تقول سيئا 0 فرأي إحدى صديقات زاك البوهيميات لا يهمني ولا يهمها 0
لم ترعب جوديت في سماع المزيد , فعادت أدراجها إلى غرفتها قبل أن ينتبها لوجودها خلف الباب 000
كيف يجرؤ أن يقول ذلك ! صديقة بوهيمية 00 حقا ! باتت الآن تفهم زاك , وتفهم سبب تجنبه لهذا المكان 00 وتيريسا 00 كيف تجرؤ على ترديد الملاحظة التي قالتها هي عن وسامة أخيها ! ومن هي بياتريس ؟ لم يذكر زاك أمامها أن لشقيقه صديقة 0
سمعت طرقا على الباب , أعقبه صوت الخادم المتسائل :
ـ آنسة بار ؟
ردت ببرود مصطنع :
ـ نعم ؟
ـ طلب مني السيد تورنتون أن أسألك إذا كنت قد عدلت عن مشاركتهما الشاي 0
ـ آه 00 أجل 00 لدي صداع خفيف 00 سأخرج للتنزه قليلا 00 أرجوك بلغهما اعتذاري 0
ـ طبعا آنسة 00 أهناك ما تطلبين مني حمله إليك ؟ أسبرين مثلا ؟
ـ لا000 لا أحتاج إلا القليل من الهواء العليل 0 شكرا لك 0
حملت سترتها , وأسرعت إلى الخارج تحضر الأشعت للانطلاق نحو الحقول 0 كانت الخراف منتشرة في كل مكان , والحملان تقفز حول النعاج 000 ساعد هذا المنظر في تهدئتها , فجلست على جدار منخفض تراقب تحركاتها , وبينما هي كذلك رأت توأما يحاول كل منهما احتلال مركز قريب من أمه , وهما في ذلك يتدافعان ويتزاحمان 00 ثمة ما يريحها في مراقبة الصراع من أجل البقاء 00 فهي كانت مضطرة أيضا للصراع بطريقة ما في الميتم , لذا قررت ألا تدع عائلة تورنتون تؤثر فيها 0 لا شيء , لا أحد , سيمنعها من استخدام ذلك المرسم الرائع 0
ارتدت ثيابها بعناية للعشاء مختارة تنورة سوداء طويلة , وقميصا أزرق شاحبا زاد من إبراز لون عينيها 0 ثم سرحت شعرها حتى يظهر ذهبيا أكثر من المعتاد 0 حينما انتهت من إعداد نفسها نظرت إلى المرآة فطالعتها صورتها , كانت تبدو وقورا محترمة لا تشبه أبدا فتاة بوهيمية ! أوه 00 إن عجرفته أغضبتها حقا ,
فهي بنظره فنانة نكرة بدون أخلاق 0
حين وصلت إلى غرفة الاستقبال بعد دقائق كانت تيريسا وحدها , ولكنها لم تفسر لها غياب أندرو لبذي سرعان ما عرف مكان وجوده , فقد سمعت جوديت تحرك سيارة في لبخارج تبعه بعد قليل دخول أندرو بصحبة امرأة طويلة , سوداء الشعر , بنية العينين 0
كانت المرأة في فستانها الأسود وكأنها عارضة أزياء , و كان أندرو ساحرا في بزته السوداء وقميصه الناصع البياض , الذي أبرز بوضوح كبير لونه البرونزي واخضرار عينيه0 إنه فعلا مثال رائع للرجولة 0
اشتدت يد المرأة على ذراع أندرو بتملك , وضاقت عيناها وهي تقول بصوت هو أشبه بالفحيح :
ـ ألن تعرفنا إلى بعضنا بعضا ؟
ـ بياتريس تشامر 000 جوديت بار 0
كان صوت بياتريس خاليا من أي صدق عندما قالت :
ـ مسرورة أنا بلقائك 00 ألم يرافقك زاك ؟
ـ إنه مشغول 00 في باريس 0
ـ أليس هو كذلك دائما ؟ ألن نتوجه إلى غرفة الطعام , حبيبي أندرو ؟ فالآنسة بار دون ريب كمعظم الشبان جائعة 0
لقد بذلت هذه المرأة جهدا فائقا لنظهر بمظهر اللطيفة وقت العشاء 00 ولكنها لم تنس أن تؤكد من خلال تصرفاتها أحقيتها بأندرو الذي حافظ على مظهر المضيف الرائع , فلعب دوره بإتقان 0 استخدمت جوديت كلمة ((لعب )) في تفكيرها متعمدة 00 فقد كانت نظرته دائما حادة وشاملة حتى لم يكد يفوته شيء حتى توترها الذي ظهر حين أوقعت منديلها , أو عندما ارتجفت يدها قليلا وهم يرتشفون القهوة 0 وقد حدث عندئذ أن أطال نظرته إليها أكثر
مما يجب 0

قست تعابير ياتريس حالما لاحظت هذه النظرة وقالت متوترة :
ـ ألا يجب أن نذهب الآن حبيبي ؟ ألم نقل لسيلاس وسارة إننا سنزورهما بعد انتهاء حفلة عشائهما ؟
انتزع نظره عن جوديت بجهد ظاهر 0 ووقف ببطء :
ـ طبعا 00 ربما ترغب جوديت و تيريسا بمرافقتنا ؟
أعجبها اسمها حين نطق به رغم أنها انتفضت لذكره , فقد بدا رائعا بصوته العميق الأجش 000 ولكنها وجدت صعوبة في أن تحذو حذوه في عفويته 0
قطع صوت بياتريس عليها أفكارها :
ـ أشك في هذا 00 فلا أحسبهما تحبان الحفلات الخاصة الكبار 0
هز رأسه :
ـ طبعا 000 هلا عذرتمانا يا فتاتيّ !
حافظت تيريسا على نظرة ثابتة حتى غادرا الغرفة فأطلقت لضحكتها العنان :
ـ مسكين أندرو 00 إنها تحب أن تظهره بمظهر العجوز والمشكلة أنه يقع في فخها شيئا فشيئا 0
تلاشى جو التعالي عن وجه تيريسا , فأحست جوديت بأنها تعجب بهذا المظهر منها 000000
وابتسمت تيريسا ثم أضافت :
ـ إنها تحاول إقناعه بالزواج قبل أن يصبح عجوزا طاعنا 0
ـ لكنه ليس طاعنا في العمر 0
ـ هذا ما أقوله له دوما غير أنه لا يصغي إليّ 00 وليس هناك أسوأ من أن تكون بياتريس زوجة أخ ,
إلا أن تكوني أنت هذه الزوجة 0
وقفت لتغادر الغرفة بعجرفة تفوق عجرفة كلماتها 0
أطلقت جوديت شهقة لم تسمعها إلا هي نفسها , فتيريسا تعرف تماما متى تطاق سهامها المسمومة 0
عندما عادت إلى غرفتها راحت أفكارها تؤرجحها حتى جفاها النوم , وبقيت مستيقظة إلى أن عاد أندرو بعد الثانية عشرة بقليل 0000 ما أغرب هذا الرجل ! إنه لغز عميق في غموضه 00
فجأة دوى صوت هز صمت الليل 00 صوت سمعته اليوم من قبل 00 إنه عواء الأشعت من جديد !
يا إلهي ! إن لم تصمته أوقظ أهل البيت جميعهم !

انتهى الفصل الثاني


ombilal 10-08-12 12:51 AM

كل عام وانتو بخير ورمضان كريم

المهندس77 20-08-12 09:37 AM

عناق الأعداء

دست جوديت قدميها في نعلها , ثم انطلقت تجتاز الدرج بجهد وصولا إلى الأشعت الذي عليها منعه من هذا النباح
الرهيب 0
ما الذي كدره بحق الله ؟ لقد بدا على ما يرام حين حملت إليه القصعة الثانية من طعامه , وكان متمددا حين تركته 000 في امتلاك كلب متاعب جمة لم تتوقعها !
كان القمر بدرا الليلة ,استطاعت تحت أشعة نوره رؤية الأشعت واقفا بباب الاسطبل نابحا , ولكنه ما إن شاهدها حتى توقف ونظر إليها جذلا يهز ذنبه 0 فقالت :
ـ لا فائدة من النظر إلي على هذا النحو 0 لقد أزعجت الجميع , بما فيهم الجياد ! فماذا دهاك الآن لماذا لا تنام ؟ فأنا تعبة وإن كنت غير تعب 0
ـ بدا لها هادئا وهي معه 00 ولكن ما إن أدارت ظهرها تعود أدرجها إلى المنزل حتى عاد يعوي ,
فرجعت إليه وصاحت غاضبة :
ـ توقف عن هذا أشعت ! لن أبقى طوال الليل معك 00 إلا إذا رغبت في أن أنام معك في الاسطبل 0
ـ قد يصمته هذا ولكنني لا أظنها فكرة حسنة 0
هبت جوديت على قدميها حالما سمعت الصوت المعتاد 0 فكادت تقع في عجالتها 000 إنها محرجة بدون تدخله !
راحت تهدىء الأشعت الذي طفق يزمجر ما إن رأى أندرو أمامه , علما أنها ودت لو تحذو حذوه أحيانا , غير أن الحرج في الأمر أن الكلب لا يقوم بهذا إلا أمام هذا الرجل 000 ابتسمت لأندرو :
ـ كنت أمزح 0
فالتوى فمه :
ـ أرجو ذلك !
كان ما يزال مرتديا سرواله الأسود , في حين أن أزرار قميصه مفتوحة وكأنه كان يوشك على خلع ثيابه عندما سمع عواء الكلب 0
نظر إلى الكلب الذي هدأ الآن :
ـ ما خطبه ؟
ـ إنه على ما يبدو لا يحب النوم وحده 0
ـ وهل منا من يحب ذلك ؟
احمر وجه جوديت 000 وكأنما أحس أندرو بالموقف الحميم مثلها 00 كانت تصرفاته الليلة مختلفة عما اعتادت رؤيته منه اليوم , فتذكرت تلك النظرات الممعنة التي كان يرمقها بها أثناء العشاء 00
ولكن بياتريس دون ريب تشبع حاجاته 0 ألم يخرجا معا منذ ساعتين ؟ ربما ذهبا إلى الحفلة , ولكن هذا لا يعني أنهما بقيا فيها طوال الوقت 00 وقد أكدت لها ملاحظته المتعلقة بعدم حبه للنوم وحيدا أن هناك علاقة ما بينه وبين بياتريس 000 فلماذا ينظر إليها هكذا إذن ؟
قال بصوت هامس بعد ما طال صمتها :
ـ جوديت ؟
ـ لا أدري ما أفعل به ؟
ـ ألن ينام هنا ؟
ـ لا أظنه يفعل 0
ـ اصحبيه إذن إلى غرفتك 0
ـ وماذا عن توم وتومي ؟
ـ لن يعرفا بوجوده إن أبقيته في غرفتك 0
ـ ولكنه متسخ 0000
قال بنفاذ صبر :
ـ أتريدين اصطحابه إلى المنزل أم لا ؟
ـ أريد طبعا 0
ـ افعلي هذا إذن 0
وارتد على عقبيه تاركا إياها 000 لقد كان يحاول التودد , فأفسدت عليه الأمر , عندئذ قالت ممتعضة :
ـ تعال يا أشعت 000 فلنذهب للنوم 0
ولكنها دهشت حين دخلت المطبخ فوجدت أندرو فيه 0
ـ أتودين بعض الشاي 000 أظنك بحاجة إليه 00 نعم نحن في نيسان , ولكن هذا لا يعني أن الطقس دافىء حتى تسيري بثياب النوم 0
كانت قد لاحظت حالما دخل المطبخ أن البرد قد اخترق عظامها فقالت مضرجة الوجه حياء :
ـ كنت على عجلة من أمري لأسكت الأشعت 0
ـ حسنا , استريحي الآن !
ـ أوه 00 لا00 أنا لا أرتدي ثيابا لائقة 0
زادت السخرية من اخضرار عينيه , فقال وهو يضع كوبي الشاي على الطاولة :
ـ لا بأس في بقائك على هذه الحال 0
شعرت أنها بحاجة فعلا إلى ما يدفئها , ولكنها لن تستطيع الجلوس معه وهي على هذه الحال 0 فماذا لو دخل عليهما أحد ؟ تيريسا مثلا 00 ماذا قد تستنتج إن رأتها بغلالة النوم ؟ قالت بحزم :
ـ سأصعد لأضع روبا 0
هز كتفيه , ثم راح يحتسي كوبه :
ـ افعلي ما تريدين 0 وإن شئت حمل الكوب إلى غرفتك فاحمليه 0
لم تكن تريد هذا 0 ذلك أن تعبها السابق قد ولى في الوقت الحاضر 0 كما أن تصرفا كهذا سيكون سوء أخلاق من قبلها 00 قالت بصوت رقيق :
ـ لن أغيب إلا لحظة 0
كان الأشعت يقفز على السرير رغم بذلها جهدا لمنعه منه 0
ـ لون هذا الغطاء وردي أيها الكلب الغبي ! انزل !
ولكنه كان قد وضع رأسه على قائمتيه ونام رغما عنها 0
ـ لقد رآني نصف عارية وما السبب إلا أنت 00 ومع ذلك لديك الوقاحة لتنام على الفراش !
غير أنها كانت تضيع جهودها عبثا 00 فتابعت وهي تخرج من الغرفة ساترة جسدها بروب المنزل 0
ـ سأتذكر هذا حين يحين أوان الوجبة القادمة 0
كان أندرو يصب كوبا آخر , فلما رأى مبذلها الأزرق قال ساخرا :
ـ أتحسين بأنك أفضل حالا ؟
ـ أجل 00 شكرا لك 0
راحت تحرك الشاي ليذاب السكر 00 فجلس قبالتها :
ـ أين الكلب ؟
ـ نام فوق 0
ـ إنه يحب الراحة 0
ـ أجل 0
ـ حسنا 00 منذ متى تعرفين زاك ؟
ـ منذ سنة ونصف تقريبا 0
ـ غريب 00 لم يذكر اسمك أمامنا قط 0
ردت جوديت على نظرته الفولاذية بهدوء خادع 00 فأدبه سطحي كأدب تيريسا , فهو لا يحبها أكثر مما تحبه أخته 00 قالت له :
ـ ربما لست مهمة إلى هذه الدرجة 0
ـ ربما 00 ولكن هذه الحال لا تنطبق الآن 0
وضعت كوبها من يدها متنهدة :
ـ انظر 00 ربما يجب أن أقول لك 00 زاك 00
ـ أنت لا تدينين لي بتفسير جوديت 00 إذا كان هناك من تفسير , فعلى زاك تقديمه 0
كان انزعاجه من أخيه الأصغر واضحا 0
ـ أظن أن على العودة إلى غرفتي 00 أشكرك على 000 أوه !
شهقت حين امتدت يده لتمسك معصمها , ونظرت إليه عابسة :
ـ أندرو !
ـ اجلسي رجاء ! أشعر أن علي أن أعلمك بوجود فتاة أخرى في حياة زاك تدعى ناتالي 00وعلاقته بها على ما يبدو وطيدة 0
ـ صحيح ؟
ـ صحيح ! لا أريد لك الألم 0
ـ ألا تريده حقا ؟
ضاقت عيناه , إلا أنها قصدت أن يكون تعبير وجهها خاليا من الانفعال 0 أحقا لا يريد لها الألم ؟ 00 ما خطب هذه العائلة بحق الله ؟ ألا يريدون لزاك السعادة ؟ حذرتها الأخت من زاك , وها هو الأخ يحذو حذو أخته 0
لماذا يصممون على حماية رجل ناضج قادر كل المقدرة على العناية بنفسه ؟
ـ لم يكن زاك شابا يعتمد عليه فيما مضى 0
ـ حقا ؟
ـ أجل 00آه لا أراك تحملين كلامي على محمل الجد جوديت 0
ـ بل أحمله 000
ثم هبت واقفة وهي تضيف قائلة :
ـ زاك شاب لا يعتمد عليه وهو على ما تعتقد على علاقة مع فتاة أخرى 00 أليس هذا صحيحا حتى الآن ؟
نظرت إليه ساخرة 000 فقال محتجا :
ـ تظنين أنني أبالغ ؟
ـ بل أنت تبالغ 0
ـ من المعروف عن زاك سرعة تنقله من حب إلى آخر 0
ـ وأنت لا تريد لي الألم !
سحب نفسا قويا بغضب , ثم تصلب كتفاه , وغدت عيناه باردتين كبرودة الثلج 0
ـ أتحسبين أنك ستكونين الفتاة الأولى التي ستأتي إلي باكية على كتفي حين يقطع العلاقة معها ؟ أولا كانت لوسي
ثم جانيت وبعدها ليدا 00 ثم 000
ـ حسنا 00 لقد أوضحت وجه نظرك مع أنني لا أفهم سبب بكاء هذه الفتيات على كتفك ! لماذا لا تؤمن قليلا بأخيك 0 ربما تكون هذه المرة مختلفة ؟
ومن الأفضل له أن تكون هذه المرة مختلفة , وإلا قتلته ناتالي ! قال موافقا :
ـ ربما 00 وإن كنت أشك كثيرا في الأمر00أتحبان بعضكما بعضا ؟
ـ بالطبع لا 00 كيف تجرؤ على هذا الإيحاء ؟
مرر يديه بقلق على عينيه :
ـ لست واثقا 00 ربما يستحسن نسيان هذا الحديث 0
ـ أتقصد أن تطلب مني كتم الخبر عن زاك ؟
ـ ربما عدم مفاتحته بما جرى خير 0
ـ خير لمن ؟ لك على ما أظن ؟ أيعلم زاك أنك تقدم دائما تحذيرا كهذا ؟ أشك في هذا ! فزاك رجل صادق , ولا يحب الخداع و الأكاذيب 0
صاح بها غاضبا :
ـ وسيصبح شابا غنيا عما قريب خاصة إذا تزوج 0
فصاحت به أيضا :
ـ إنه لمحظوظ إذن 00 فهو ينوي أن يتزوج قريبا جدا !
لقد عرفت الآن سبب التحذير ! فكلاهما يظن أنها تسعى وراء مال زاك 00 مسكينة ناتالي , ستصدم حتما عندما ستواجه المعارضة ذاتها , فهي مفرطة الحساسية في ما يتعلق بالمعارضات العائلية 00 وهذا ما يعرفه زاك جيدا 00 شعرت فجأة أن هذه الدعوة التي تلقتها منه لم تعد بريئة 00 ستتصل به صباح الغد لتستوضح أمر هذه اللعبة التي يلعبها 0
هب أندرو على قدميه :
ـ هل سيتزوج ؟ لم يذكر هذا أمامي ؟
ـ حقا ؟ ولماذا يخبرك ما دام لا يثق بك ؟
برقت عيناه غضبا :
ـ هل يثق بك أنت ؟
ردت بثقة , لأنها تعرف أن زاك يثق بها حقا :
ـ أوه 00 طبعا 00 فأنا و زاك على علاقة وطيدة 0
رد بشراسة :
أتحسبين أنك فائقة الذكاء جوديت ؟ أتظنين أن زاك قد يقدم على الزواج بك ؟ لا , أنا أؤكد لك إنه لن يتزوجك 0
وهي قادرة على تأكيد قوله أيضا , لولا عجرفته 00 قالت متحدية :
ـ حسنا 00 علينا التريث لنرى الخبر اليقين 0
تلاشت فجأة واجهة الأدب :
ـ أجل 000 وربما هذا سيساعدك على الانتظار !
وجذبها إليه بقوة , فعانقها بقسوة وكأنه يوقع عليها عقابا 000 كان من المفترض أن تكون حركته هذه إهانة لها , ولكن تجاوبها معه كان لا إراديا , فقد شعرت أنها غير قادرة على ضبط نفسها أو السيطرة عليها , وها هي ذراعاها تلتفان حول عنقه , وها مشاعرها تتأجج , ولكنها لم تلبث أن شهقت مرتدة عنه :
ـ أندرو !
لمعت عيناه بعض الوقت وكأنهما جمرتان سوداوان 00 ثم لم يلبث أن عاد إلى احتضانها 000 لم تشعر جوديت قط بمثل هذه المشاعر , فقد كانت أحاسيسها تستمد رهافتها من أحاسيسه المشتعلة 0
خفق قلباهما بإيقاع مرتفع مدويا بفعل العاصفة التي ما عادا يسيطران عليها 0 كانت تشهق متعجبة , فما من رجل حتى فرانسوا قد استطاع أن يؤثر عناقه هذا التأثير 0
بعدما وعت تجاوبها الشديد له ارتدت عنه وقد عقدت الصدمة والخجل لسانها 0
نظرت إليه والحياء يلفها لفا , فإذا بأندرو ينظر إليها ببرود حل محل ذاك الشغف الذي كان يسيطر عليه 0
فقال بوقاحة مهينة :
ـ أيكفيك هذا ؟
ـ أنت لا تطاق !
لم يحاول الاحتجاج :
ـ وأنا كذلك شقيق زاك 0 فماذا برأيك ستكون ردة فعله على ما حدث ؟
ردت ببرود ترد التحدي بآخر :
ـ سأسأله حين ألقاه 0
التوى فمه :
ـ أشك في هذا !
ـ حقا ؟
ـ أجل 0
رفعت رأسها بعجرفة :
ـ سأعلمك بما سيقول حالما أفاتحه بالموضوع 0
ثم ارتدت على عقبيها تغادر المكان , فوقف شامخا مسيطرا وكأنه ينوي إذلالها :
ـ جوديت ! لا تثيري متاعب بيني وبين زاك 0 فأنت ببساطة غير مهمة 00 ما أنت إلا الأخيرة على لائحة الشابات الطموحات اللاتي حاولن ويحاولن النيل من أخي الذي لن يتزوجك 0
لم ترد عليه , بل لم تستطع الرد ذلك أن أحاسيسها كانت خليطا مشوشا بين الغضب والألم 00 إنها تعلم أنها لا شيء , وأنها غير مهمة في عالم أندرو تورنتون 0 ولكنها بكل تأكيد ليست من الفتيات الطموحات 00 وهذا ما أغضبها 00 لقد ظن أندرو بها هذا الظن لأنها استجابت له , ولكنه تجاوب هو أيضا معها 0 فأين يضعه هذا ؟
تلك الليلة لم يغمض لجوديت جفن فكان أن استيقظت ودوائر سوداء تحدق بعينيها 000 كانت تتذكر كل لحظة وهي بين ذراعي أندرو 0 وما أشد ما كانت راحتها كبيرة حين قصدت غرفة الطعام فوجدتها خالية من وجود أندرو 000 أعلمها الخدم بأنه خرج إلى عمله , وبأن تيريسا خرجت للتنزه على ظهر جواد 0
أخرجت الأشعت فأطعمته قبل أن تعود لارتشاف فنجان من القهوة فقط لأنها لم تكن جائعة 0 فقد نجح أندرو في إذلالها ليلة أمس , وعليها أن تتصرف وكأن شيئا لم يحدث 0 ما إن أنهت قهوتها , حتى اتصلت بزاك وقد كان من حسن حظها أنه من رد على اتصالها :
ـ جوديت 00 ماذا حدث ؟
ردت بجفاء :
ـ أنت تعرف أن شيئا سيحدث 0 أيها المتآمر العديم المسؤولية 000
قاطعها بحيرة ظاهرة :
ـ هاي 00 ماذا حدث ؟
ـ أنت تعرف جيدا 00
ـ لو كنت أعرف لما سألتك 000 ومع ذلك سأتكهن 00 هل بدأ أخي الكبير بمضايقتك ؟
ـ أنت على حق 0
ـ يا إلهي ! إنه لم يضيع وقته !
ـ حسنا ؟
ـ أوه 00 جوديت 00 أنا لم أقصد استخدامك كبش محرقة 000 و000
ـ وماذا ؟
ـ لقد رأيتهما بأم عينك 00 سيحطمان ناتالي 000 لقد حدث أن ذكرتها مرة واحدة منذ شهر , فارتاب بها 0 لذا لن أعرضها للتصادم مع أندرو و تيريسا حتى أكون واثقا منها , فأختي الصغيرة تعتبر الأخ الأكبر مثالا أعلى ,
وبطلا لا يخطىء , تتبع خطاه , وترى رأيه بشأن صديقاتي اللاتي هربن بمعظمهن من عدائيتهما 0
ـ أما أنا ؟
كانت ضحكته مسموعة عبر الهاتف 0
ـ آه 00 أنت مختلفة , فلا أعرف أنك تهربين من أي شيء حتى المعارك 0 كنت أعرف ماذا سيظنان حين وصولك , بل هذا ما كنت آمل أن يفكرا فيه 0
أحست أنها على خشبة في بحر هائج :
ـ وهل أجرؤ على الاستيضاح ؟
ـ إنه نوع من الهجوم المضاد 00 فناتالي عنيدة , وإن صممت على شيء فلن يغير رأيها أحد , لذا أريد في هذه المدة أن تبقى بعيدة عن التعرض للأخطار 0 فلو ظنت مجرد ظن أن هناك معارضة على زواجنا لامتنعت عن مقابلتي 0
إنه يعرف ناتالي حقا ! وهذا ما استهجنته , فلم تكن تعرف أن شخصا مثله قد يغوص إلى أعماق نفسها 00 وهذا ما أكد لها مصداقيته 0
ـ لكن هناك مشكلة 00 فحين كان أخوك يحذرني منك ليلة أمس 00 قال لي إنك على علاقة مع فتاة تدعى ناتالي
ثم ذكر أسماء لوسي وجانيت وليدا 0
ـ أو ذكرهن ؟
ـ أجل 0
واتسعت بسمتها حتى أصبحت ضحكة أزالت عنها غضبها 0
ـ لن أثق بأندرو 00 حسنا 00 عرفتهن في الماضي 00 أما في الحاضر فليس عندي إلا ناتالي 000
ـ التقيت بصديقته ليلة أمس 0
ـ بياتريس ! إنه يحب زج أنفه في شؤوني 00 ومع ذلك لا أتمنى أن تكون بياتريس له ! إنه غير قادر على رؤية الخبث فيها 0
ـ أوه 00 لن أذهب إلى هذا البعد 00
ـ أما أنا فبلى 00 فبياتريس تريد أن تكون سيدة تورنتون كاسل التالية , وأندرو حتى الآن لم يعترض 0 إنني و تيريسا للمرة الأولى اتفقنا على رأى فكلانا يظنها رهيبة 0
ـ لا يظهر أن أخاك يراها رهيبة 0
ـ وهذا غريب , فهو يفهم عادة نفسية الناس 0
ـ وهو يظن أنه يراني على حقيقتي , مؤمنا أنني أجري وراء مالك 00 يقول إنك على وشك أن ترث مبلغا من المال 0
ـ نعم , سأرث هذا المبلغ بعد عشرة أشهر , أي حين أبلغ الخامسة والعشرين , أو عندما أتزوج 0
ـ أتعرف ناتالي هذا ؟
ـ لا 00 فلو عرفت لأنهت علاقتها بي , معتقدة أنني أريد الزواج بها لأرث المال 0 وأوكد لك أنني لست بحاجة للمال , ولو كنت أريده لتزوجت منذ سنوات بعيدة 0
ـ زاك 000
ـ سأبوح لها بكل شيء قبل زواجنا , لأنني لن أجرؤ على المخاطرة 00 فهل ستساعديني ؟
تنهدت :
ـ وكيف ؟ بأن أتخذ من نفسي وسيلة تضليل ؟
ـ حسنا 00 لو صدقا أنك فتاتي , فلن يفكرا في زج أنفيهما في شؤوني هنا 0
ـ ولماذا لا تأتي إلى منزلك ؟
ـ لدي مشروع أقدمه إلى الكلية , أو هذا ما قلته لآندرو 00 قومي بهذا من أجلي رجاء , وسأجعلك رئيسة وصيفات العروس 0
ـ لا تغريني بما هو قائم بإذنك أو بدونه 000 لقد رتبت معها كل شيء منذ نعومة أظفارنا 0
ـ وأنا اقتحمت عليكما خططكما 0
ـ هذا إذا قبلت بك 0
ـ إذن ستساعديني 00 تساعديننا 00 ؟
ـ حسنا 00 إنما لن أمكث هنا إلا ثلاثة أسابيع 0 أتفهم ؟
ـ ليتني أقنعها بالخطوبة قبل انتهاء المدة , فإن أجبرتها على الالتزام فلن تتراجع بعدها أبدا 0
أما أنت فسأمنحك دعمي 0
ـ سكرا لك 00 وماذا أفعل به ؟
ـ ابتعدي عن طريق أندرو 0
ـ هذا ما سيحدث 000 فلتوافق على الزواج بك قريبا لأنني لن أتحمل هذا الضغط الذي أتعرض إليه في منزلك 0
أقفل زاك السماعة ضاحكا 00 فالابتعاد عن طريق أندرو قولا سهل , أما فعلا فصعب 0 خاصة وأنه يقف ضدها
ولكن بما أنها وافقت على مساعدة زاك , فلن تخذله 0
التقطت دفترا , واصطحبت الأشعت معها لتسير في الحقول 000 سار الكلب معها على مضض , لأنه انزعج حين أيقظته من غفوته الصباحية , ولكنه بدا في مزاج أفضل حين جلست تحت شجرة تحدق إلى الأراضي الريفية الممتدة أمامها 0 لقد كانت تظن أن الريف يبعث إلى النفس الملل , ولكن هذا المكان جميل خلاب , فأوراق الأشجار الخضراء تزهو في هذا الربيع , والشمس ترسل أشعتها الدافئة مهشمة حدة الريح 0
وضعت جوديت أمامها عدة الرسم , وراحت ترسم هذا الجمال المترامي أمامها 0
نام الأشعت قربها نوما لم يكن يستيقظ منه إلا إذا اقتربت منه ذبابة أو نحلة 0
كان وقت الغداء أزف حين فكرت في أندرو 00 لقد كان قاسيا ظالما معها , ورغم ذلك لم تنسه 000وقفت بحدة وقد فقدت تركيزها على ما ترسم , وقالت للكلب :
ـ هيا بنا نذهب 00 لقد حان وقت الغداء , سأغسلك بعد الظهر , فلست قذرا فحسب , بل نتنا أيضا 0
لم يفزع الأشعت من كلمة ((سأغسلك )) لذا شكت في أنه اغتسل يوما !
كانت تيريسا تخرج من الاسطبل حين وصلت جوديت إلى الفناء الخلفي 00 بعد طريقة فراقهما ليلة أمس , لم تعرف جوديت كيف تحيي هذه الفتاة , ولكن تيريسا لم تكن تشعر بمثل هذا الكبت , إذ كان وجهها مشرقا مبتسما من جراء النزهة 0
ـ هل كان صباحك ممتعا ؟
ـ آه 00 أجل 00 شكرا لك 0
لو قالت إنها دهشة وقلقة من هذا الود المفاجىء , لما أوفت ما تحس به من حقه 0
ـ أعتذر 00 لقد كنت فظة معك ليلة أمس 00
ـ أنا 00 حسنا 00 لا بأس 0
فابتسمت الفتاة ثم أردفت :
ـ يجب ألا تحملي كلامي على محمل الجد 00 فليس هناك من سبيل للمقارنة بينك وبين بياتريس 0
ـ شكرا لك 0
ضحكت تيريسا :
ـ أظن قولي كان إطراء لك 00 فهل تتساءلين اماذا ؟ أوه 00 لا تقلقي 00 أنا لا أقلب صفحة جديدة فجأة 00 ولكنني موقنة من أن لا داعي لما ذكرته البارحة إطلاقا 0 أتعرفين أنني أجدك ناضجة قبل الأوان 0
تهلل وجه جوديت ولكنها بقيت متحفظة وقد تذكرت دورها :
ـ هذا ممكن 0
ـ لا ألومك على التردد في الثقة ني 00 فلو كانت الظروف التي تحدق بك تحدق بي لفعلت الشيء ذاته 0
ـ أحقا ؟
ـ أجل 000 حسنا سأراك وقت الغداء 0 يجب أن أستحم الآن 0
وهذا ما فعلته جوديت أيضا , تاركة الأشعت في الخارج 0
أحست بالسرور و الرضى لما رسمته هذا الصباح 0 مع أنها لم تكن مستعدة بعد لبدء الرسم الذي تفكر فيه 00
فهي تريد أن تجد المنظر الذي تفكر فيه قبل البدء 0
إنها الآن جائعة , وشواء بوم الأحد اللذيذ كانت تتنشقه , وهي تجتاز الردهة 00 بعد اختفاء تيريسا في غرفتها تعسر عليها معرفة ما إذا كان أندرو سينضم إليهما للغداء , ولكن بينما هي تفتح باب غرفة الاسنقبال حصلت على الرد 00 فلم يكن هو فقط من سينضم إلى الغداء بل بياتريس تشارمر كذلك 0 كانا متعانقين بشغف شديد حين دخلت جوديت عليهما تنظر بازدراء !




انتهى الفصل الثالث











المهندس77 20-08-12 09:42 AM

كل عام وانتم بخير
عيد سعيد


المهندس77 28-08-12 06:59 AM

الفصل الرابع


حمام المشاعر


حين همت بالعودة من حيث أتت , رفع أندرو رأسه , فلما رآها ضاقت عيناه , ثم لم تلبث أن التفتت إليها بياتريس
والكراهية تقفز قفزا من عينيها 0
تحركت برشاقة عنه , وقالت بغضب :
ـ حقا أندرو !00 لقد بات يستحيل على المرء الحصول على بعض الخلوة في هذا البيت مؤخرا !
ـ إن جوديت لم تقصد التطفل 0
كانت المرة الأولى التي تشاهده فيها جوديت بعد عناقهما , وبعد معاملته لها بازدراء 000 فبذلت جهدها لئلا تتضرج وجنتاها خجلا , وقالت بخفة وهي تغلق الباب وراءها :
ـ ربما يجب أن تضعا يافطة على الباب !
لمع الغضب في عينيه وقال بحدة :
ـ لم أجد أن هذا ضروري في منزلي 0
جلست جوديت تنظر إليهما ببرود , راضية عن نفسها بما ترتديه من تنورة صيفية , وقميص أزرق مع أنهما لا يقارنان بتنورة بياتريس المصنوعة يدويا أو بقميصها الحريري 0
علمت أنها بصمتها أزعجته , فقد كان يتوقع منها ردا استعاضت عنه بنظرة هادئة هي أبعد ما تكون عن الواقع 000 ولكن إذا كان عليها تمثيل هذا الدور لصالح زاك , فهي مضطرة للبدء بالوقوف في وجه أخيه المتغطرس 0 فإن تركته يعلم أنه قادر على إرهابها من أول جولة , فلن تضر بذلك إلا زاك 0
فهي مضطرة للبدء بالوقوف في وجه أخيه المتغطرس 0 فإن تركته يعلم أنه قادر على إرهابها من أول جولة , فلن تضر بذلك إلا زاك 0
ولكن بياتريس على ما يبدو أساءت فهم صمتها 00 فنظرت إليها تبتسم بانتصار 0
ـ وماذا فعلت هذا الصباح ؟ (سألها أندرو )
ـ دخلت المرسم , ثم قمت بنزهة وقبل ذلك تحدثت إلى زاك طبعا 0
ـ زاك 0
وكأن ما سمعه أجفله 0
ـ حقا ؟
هزت رأسها :
ـ أجل 000 وهو يرسل لكي حبه 0
راقبت اللون الأحمر يتصاعد إلى وجهه , ثم سمعته يقول بخشونة :
ـ صحيح ؟
أخذت تتمتع بهذا , فهي للمرة الأولى تحس بأنها تسيطر على أندرو تورنتون الذي كان يائسا لمعرفة ما إذا كانت نفذت تهديدها , فأخبرت زاك بذاك العناق 0 ردت عليه :
ـ أجل 00 أكدت له أنكم جعلتموني جميعا أحس بأني على الرحب والسعة 0
اشتد ضغطه على فكه , وقال :
ـ أنا سعيد لأن هذا ما هو عليه شعورك 0
لمع في عينيها بريق الانتقام :
ـ أوه 00 أجل 00 خاصة لطفك الزائد ليلة أمس عندما أصريت على أن تعد لي كوب شاي 0 يا للطفك ودماثتك!
شهقت بياتريس :
ـ أندرو 0000 ؟
تابعت جوديت تدعي البراءة :
ـ خاصة وأنني لم أكن أرتدي ثيابا مناسبة 000 شعرت وكأنني امرأة غير محتشمة وأنا جالسة بغلالة النوم 0
إلا أننا راشدان 0
نظرت إليه بتحد , وهي تعلم من لمعان الغضب في عينيه , واشتداد ضغط فكه , أنها دفعته إلى أقصى حدوده في يوم واحد , وهذا كاف ليفهم أنها لن تسمح له بالتلاعب بها أو بمضايقتها , فأضافت بابتسامة مشرقة :
ـ أنت دون شك شاهدت نساء لا يحصى عددهن في ثياب خفيفة 0
استشاطت بياتريس غضبا بينا على ملامحها 0
ـ أندرو !
فنظر إليها ببرود يتحداها أن تستجوبه أو تحاسبه على ما يفعل :
ـ نعم ؟
غضت طرفها عنه ثم نظرت إلى جوديت بكره قائلة :
ـ ألن نتناول الغداء ؟
في تلك اللحظة دخلت تيريسا الغرفة , ترتدي ثوبا حريريا أخضر وتلقي التحية بإشراق دون أن تحس بالجو المشحون بين الجالسين الثلاثة 0
إلا أن جوديت كانت تحس بغضب أندرو وتعلم أنه يحضر لها ردا مناسبا على جرأتها عليه أمام بياتريس 00 فلقد أحرجته بعض الشيء لها أو بالأحرى أغضبته , لأنه لا يشعر بأنه مدين للأخرى بأي تفسير 00 ولكنه بالتأكيد سيطلب تفسيرا من جوديت قبل مضي هذا اليوم 0
حين غادر مع بياتريس 0 تنفست جوديت الصعداء غير أن تيريسا لاحظت أن هناك أمرا ما فسألت :
ـ أتساءل 00 لماذا تشاجرا ؟
ـ وهل يتشاجران عادة ؟
ـ أجل 00 وهل تتشاجرين مع زاك ؟
ردت دون تردد :
ـ أبدا 0
ـ أتحبينه ؟
ـ بطريقة ما 00
فلو تزوج ناتالي لأصح بمثابة صهر لها , ذلك أنها و ناتالي أشبه بشقيقتين 0 ابتسمت ووقفت :
ـ يبدو أن لكل إنسان شخصا يحبه إلاي خاصة وأن قريتنا لا تنعم بشبان مثيرين 0
ـ هناك بيار ليون 0
نظرت إليها تيريسا بحدة , ولكن التوتر زال عنها حين التقت عيونهما :
ـ إنه دائم الانشغال ولا يهتم إلا بمرضاه 00 ماذا ستفعلين بعد الظهر ؟
احترمت جوديت رغبتها في عدم التحدث عنه 0
ـ كنت أفكر في تنظيف الأشعت 0
ضحكت تيريسا :
ـ لقد آن الأوان !
ـ وهذا ما أظنه 0
ـ لو كنت مكانك لغيرت هذه الملابس 0 لقد حدث أن ساعدت أندرو مرة , وهو يحمم توم وتومي 000 بناء على خبرتي أتوقع أن تتسخي أنت أكثر مما ستنظفينه 0
عملت جوديت بنصيحة الفتاة , فارتدت أقدم جينز وقميص لديها وهما كلاهما ملطخ بالدهان , ثم ربطت شعرها وانطلقت إلى الخارج حيث وجدت الأشعت نائما 000 إن هذا الكلب يقضي معظم حياته نائما 0
توجهت إلى الإسطبل لتتناول منه المغطس المعدني الذي ذكرته تيريسا أمامها , فهو ما يستخدمه أندرو لكلبيه 00 راقب الكلب تحركاتها باهتمام وهي تحمل الماء في الدلو من حوض الإسطبل 0
ـ ماذا تفعلين بحق الله !
ردت حانقة متعبة من حمل الماء :
ـ وماذا ترى أنني أفعل ؟
ـ لماذا لم تستخدمي الخرطوم ؟
ـ أي خرطوم ؟
دخل الإسطبل وعاد يحمل خرطوما بلاستيكيا أحمر اللون 0 وقال ساخرا :
ـ هذا الخرطوم !
كادت جوديت تصرخ , لقد تعبت من نقل المياه مع أنها كانت قادرة على ملئه في دقائق بواسطة هذا الخرطوم 0
ـ لم يقل لي أحد إن هناك خرطوما !
هز كتفيه :
ـ كان معلقا في الداخل قرب الحوض 0
ـ حسنا لم أره !
ـ هذا واضح 0
كرهت منه تفوقه هذا فسألته :
ـ هل عادت الآنسة تشارمر إلى المنزل ؟
ـ أجل 00 لقد كان ما فعلته منذ قليل خسيسا 0
ـ إنه في خساسته يشبه ما فعلته بي أمس 0
التوى فمه :
ـ لا أذكر أن هذا كان رأيك في ذلك الوقت 00 بل الواقع أنه أعجبك 0
ـ وأعجبك أيضا 0
لم تتمكن من النكران , فحاولت السخرية منه إخفاء لحرجها , وهو أيضا لم ينكر الأمر , بل وقف بتحد وكأنه الشيطان نفسه 0 قال بهدوء وعيناه تداعبان وجهها :
ـ ربما يجب أن نكتشف هذا الإعجاب في وقت آخر ملائم 0
ـ وهل نسيت الآنسة تشامر ؟
ـ وهل نسيت أنت زاك ؟
ـ لم أنسه 00 فهو في أفكاري دائما 00 والآن 00 اعذرني أريد تنظيف الأشعت 0
ـ قد يكون هذا صعبا 0
ـ لماذا ؟
ـ أظنه فهم ما تفعلين واختفى وراء الاسطبل !
استدارت جوديت شاهقة 00 لقد اختفى الكلب فعلا 0
ـ اللعنة ! اللعنة اللعنة !
ولولا وجود أندرو لضربت قدميها بالأرض !
ـ لقد كسرت ظهري وأنا أنقل الماء إلى الحوض , ثم أتيت أنت فأخفته 0
اتسعت عيناه وهو يراها تظلمه , ولكنه لم يلبث أن راح يبتسم ابتسامة سرعان ما أصبحت قهقهة 0
ـ علام تضحك ؟
توقف عن الضحك جاهدا 0
ـ وكأنك فتاة صغيرة في غضبك هذا !
ردت بصوت منخفض خطير :
ـ حقا ؟
رد مبتسما ثانية :
ـ حقا !
لاحظت جوديت هذه المرة أن بسمته زادته فتنة , فاختطف بذلك أنفاسها وقلبها 00 إن هذا الرجل مدمر حين ينسى قسوته 000 ولكن يستحيل أن تكون قد بدأت تنجذب إليه ! فهذا لن يساعد زاك أبدا 000 لا 00 يجب ألا تسمح لنفسها بالانجذاب إلى رجل قادر على تدميرها لو أراد 0
استدارت تربد الذهاب :
ـ سأحاول البحث عن الأشعت قبل أن يبرد الماء 0
فعاد إلى توتره وقسوته 0
ـ طبعا 0 لدي شامبو مناسب له سأحضره , وهو ما أستخدمه عادة حين أنظف كلبي 0
ـ وأين هما الآن ؟
ـ مع مدير الأملاك الذي يعتني بهما غالبا خاصة في غيابي 0
ـ وهل تغيب دائما ؟
ـ أحيانا لا 000 سأحضر الشامبو لكي 0
استدار مبتعدا , أما هي فراحت تبحث عن الكلب وهي تفكر في أندرو الذي تخلى عن قسوته تجاهها , وهذا ما أقلقها 0
بعد دقائق سمعت وقع خطى حصان مغادر , فالتفتت فإذا بها ترى أندرو ممتطيا حصانا أسود وكأنه الشيطان نفسه 000
خرجت تيريسا تقطع الفناء الخلفي , ترتدي ثياب الركوب :
ـ أهو أندرو الذي خرج فارسا ؟
ـ أجل 000
راحت تقرأ التعليمات على الزجاجة التي تركها لها , متمنية أن يظهر الأشعت قريبا , فهذا الحيوان يختفي ببراعة تامة 0
ـ أكان يضحك ؟
ضحكت جوديت أيضا :
ـ ولماذا تبدين مصدومة ؟
ـ كيف لا أصدم وهو لا يضحك أو يقهقه , بل يلوي فمه قليلا بابتسامة ساخرة 0لم أسمعه على هذا النحو منذ سنوات 0
ـ وكأنه يجدني مضحكة 0أو على الأقل طبعي يضحكه 0
ـ لا يهمني ما الذي يضحكه , بل أنا مسرورة لأنه يضحك 0 فما أروع سماع ضحكاته !
هزت جوديت كتفيها :
ـ من يعلم قد يجد في ما يضحكه غير ذلك 0
ـ جوديت 000
ها أنت أيها الكلب السخيف !
ما إن أطل الكلب من خلف الاسطبل حتى انحنت فوقه قائلة لتيريسا :
ـ أعينيني حتى أضعه في الحوض 0
ـ أوه 00 حسنا 0 ولكن اعلمي أننا سنبتل 0
وكانت صادقة حقا 0 فقد قاوم الأشعت جهودهما لغسله بهدوء , فصبر عليهما حتى فركتا فروه ثم قفز من الحوض وراح يهز نفسه ناشرا الماء في كل مكان 0 صاحت تيريسا تحاول الهرب من البلل , ولكن الأوان قد فات , فقد تبللت أكثر من الأول حتى التصقت ثيابها بجسمها وارتجفت رغم حرارة الشمس 0
ـ عظيم 00 أظنني مبللة أكثر منه !
بدأت جوديت بالقهقهة , ثم لم تلبث أن انضمت تيريسا إليها , متخلية عن عدائها , ساعية بكل ما أوتيت من قوة للمساعدة في تثبيت الكلب 000 بدأت جوديت تفرك جلده ليجف , ثم نظرت إليه بإعجاب :
ـ يبدو أحسن حالا الآن 00 أليس كذلك ؟
وافقت تيريسا بعد ما انكشف لونه الرمادي والأبيض الجميل :
ـ ويبدو جميلا كذلك 00 والآن فلنركض به قليلا حول الاسطبل قبل أن تمشطيه 0 فهذا ما قد يجففه بسرعة 0
اعتقد الكلب السخيف أنه يتسلى بالركض مرات ومرات حول الاسطبل , حتى تهالك أخيرا على باب المطبخ وهو ينظر إلى الفتاتين مترقبا 0 قالت تيريسا :
ـ أظنه بحاجة إلى الطعام 0
وتهالكت جوديت قربه وقالت لاهثة :
ـ ليس قبل أن أمشطه 00 اذهبي وبدلي ثيابك قبل أن تصابي بالرشح 0
ـ وأنت مبتلة حتى العظم أيضا 0
ـ سأغير ملابسي بعد انتهائي 0 فحالتك أسوأ من حالتي بكثير 0 اذهبي واستحمي , لن أتأخر 0
ما إن انتهت من تمشيطه حتى بدا حقا جميلا 00 إنه راعي غنم اسكتلندي ‘كولي ، أصيل , ولكنه حين رمى نفسه على قطعة اللحم لم يبد كذلك إطلاقا 0 بعد ذلك تركته لتفرغ الحوض , ولتحمله إلى الاسطبل بغية تعليقه على الجدار , ولكنها فؤجئت بأندرو يقول :
ـ دعي هذا لي 0
تناوله منها ليعلقه , فوقفت متوترة بين دائرة ذراعيه , تحس به قريبا منها 0
استدارت مرتبكة بين ذراعيه مما أدى إلى قربها منه أكثر , فقفزت مذعورة فارتطمت بالجدار خلفها 00 أخفض نظره ثم قال شاهقا وقد لمس ثيابها المبتلة :
ـ يا إلهي ! ماذا فعلت بنفسك ؟ أنت مبللة حتى العظم !
رطبت شفتيها بطرف لسانها :
ـ أنا 00 كان الأشعت 00 كريما جدا بمياه حمامه 0
أحست بحرارة يديه على ذراعيها , فانحبست أنفاسها في فمها 000 عندما سمع شهقة الذهول رفع عينيه الزمرديتين إلى عينيها وقال بخشونة وهو يفك شعرها من عقدته ويتركه ينسدل كشلال حريري على كتفيها :
ـ فكرت فيك عندما كنت خارجا 0
حينما كانت بين ذراعيه وجدت صعوبة كبرى في التقاط أنفاسها فردت وعواطفها تهدد بالانسلال من بين يديها :
ـ صحيح ؟
أجل 00 ولكنني لم أفكر في ما أفعله بل إني لم أتخيل أنك ستكونين بانتظاري هنا 0
ـ أوه 00 لكنني 0000
وتوقف ما يمكن أن يقال بينهما , وراحت مشاعرها تغرد , ودوار يتغلغل بين حواسها , وإحساس مجنون
ملهوف يستحوذ عليها 0
سمعته يتمتم :
أنت الكمال بعينه ! ناعمة , رقيقة 00
لم يكن لها عهد من قبل بإحساس كهذا , إحساس لذيذ يستولي عليها تدريجيا , ويطبق عليها 0
ـ جوديت ؟ أندرو 00 ؟ هل أنتما في الداخل ؟
كانت جوديت طوال الوقت الذي انتظرا فيه رحيل تيريسا تنظر إليه بعينين مذعورتين , ووصف الذعر في الواقع لا يفي ما كانت تشعر به 00 لقد كانت أكثر من مذعورة , فالتجربة التي مرت بها عصفت بعواطفها 0
ابتعد أخيرا وقع أقدام تيريسا , فابتعد أندرو عن جوديت00 وفيما راح ينظر إلى السقف ساهما خافت أن تتحرك
ثم قال بصوت أجش :
ـ فلنترك ما حدث منذ قليل دون بحث أو اتهامات متبادلة 000 أظن أن عليك الذهاب من هنا !
تعثرت وهي تقف على قدميها , تسوي ثيابها المشعثة وتركض إلى الباب 0 ولكنها قبل أن تنطلق في عدوها , التفتت إليه لحظة , فإذا به ما يزال واقفا في مكانه 000 كان من حسن حظها أنها لم تشاهد أحدا أثناء عدوها إلى غرفتها التي ما إن وصلت إلى بابها حتى استندت إليه بضعف ونبضاتها السريعة ترفض أ ن تبطىء 00 ما حصل منذ قليل أثار اضطرابها , وتركها غير قادرة على الثقة بنفسها 00 لم تكن لتصدق يوما أنها ستتصرف هكذا , وبمحض إرادتها 0 ولا يمكن أن تصدق أن لرجل مثل أندرو تورنتون هذا التأثير كله فيها 000
لم يؤثر حمام سريع أقل تأثير في تبريد أحاسيسها , فكان أن تركت المنزل لتمسي مع الأشعت مضرجة الوجنتين خجلا , مرتجفة الجسد 0
ربما استغلها أندرو ليلة أمس ليلقنها درسا 00 لا مجال للإنكار أنه اليوم قد أثر فيها عميقا تاركا ما حدث دون بحث أو اتهامات متبادلة 000 هذا ما طلبه , ولكن ماذا عن إحساسها هي ؟ أيمكن أن تنسى ببساطة ما جرى ؟
اختفى ثانية الأشعت عنها ولكنه سرعان ما عاد حين نادته وكأنه حفظ اسمه الجديد , ولم يلبث أن عاد إلى تقلقله وكأنما يريد الذهاب من جديد , ثم طفق بالنباح فنسيت ما فكرت فيه لحظات , فهناك أمر ما , والأشعت يشير إليها بأن تلحق به 0
سرعان ما اكتشفت السبب00 فقد كان في الحقل المحاور نعجة ميتة , وإلى جانبها حمل صغير لم تر قط أصغر منه , فعمره لم يتجاوز اليوم 00 حارت جوديت في ما تفعل بالحمل 000 فهل تحمله معها أم تحضر أندرو إلى هذا المكان ؟ بعد تفكير وجيز رأت أن الرأي الأخير هو الأصوب والأسلم 0 فهي لا تعرف شيئا عن الخراف إلا أنها مكسوة بالصوف وفاتنة !
طلبت من الأشعت أن يبقى مع الحمل وقد فهم على ما يبدو طلبها ! إذ جلس أمام الحمل الذي أظهر ارتباكه أنه لن يجرؤ على التحرك من مكانه 0
ركضت مقطوعة النفس إلى المنزل , فسألت باتون عن مكان أندرو فأخبرها أنه في مكتبته وأنه لا يريد أن يزعجه أحد 000 كانت تعرف لماذا يريد الوحدة , ففكره مشغول بالاتهامات التي تدور في فكرها 0000 حسنا 00 لا دخل للمشاكل الخاصة بحياة حمل صغير 0
حالما دخلت الغرفة رفع أندرو عينيه عابسا غير مدع أو متظاهر بالانشغال بالعمل 0
ـ ماذا تريدين ؟
ـ هناك خروف 00 أعني نعجة , وحمل , و00
تنهد وضاقت عيناه :
ـ اهدأي جوديت ! لدينا من النعاج عدد كبير , أما الحملان فلا تعد ولا تحصى 0
ـ أعرف 00 ولكن هذه النعجة ميتة وحملها ضائع 0
هب واقفا بسرعة خشية أن يضيع مزيدا من الوقت 0
ـ اصطحبيني إلى المكان 0
وانطلقا معا إلى موضع الحمل فلما شاهدته والأشعت قربه تنفست الصعداء 00 بدا الحمل وكأنه لا يفهم أن أمه ميتة , فما زال ملتصقا بها 0
ركع أندرو أمامهما , يتحدث بلطف إلى الحمل المذعور ويتفحص الأم فسألته :
ـ لماذا ماتت ؟
ـ يصعب أن أعرف 0 إنها صدمة 00
وحمل الحمل المحتج بين ذراعيه :
ـ آسف يا صغير 00 إنما ما العمل لقد ماتت 0
ترقرقت الدموع في عيني جوديت وكررت كلامه :
ـ صدمة ؟
ـ أظن أن هناك ما أرعبها رعبا شديدا 000 تأتي كلاب القرية أحيانا هنا للعب 00
ما إن رأى الدموع تترقرق في عينيها حتى عبس بشدة لأول مرة :
جوديت ؟ ما الأمر ؟ ما بك ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت متحشرج :
ـ لدي ولدى الحمل قاسم مشترك 0 فكلانا يتيم 0
ـ أنت يتيمة الأبوين ؟
ـ منذ سنوات طوال 0
ـ آسف 00 ولكن هذا الفتى الصغير لن يبقى يتيما فترة طويلة 0 سأجد له أما جديدة تتبناه 0 هل تبناك أحد ؟
ـ لا 00 لأنني كنت كبيرة , في الثالثة من عمري 0 وابنة الثالثة تجاوزت عمر الطفولة 0
ـ ما زلت أراك طفلة 000 هيا بنا , لنأخذ الحمل إلى المنزل 0
حين وصلا , وضع الحمل في الجيب 0
ـ يحتفظ مدير المزرعة بحظيرة يضع فيها الحملان التي تحتاج إلى ما يتبناها , وهو يراقب هذه الحظيرة دوما 00 جوديت 000
ـ نعم ؟
ـ شكرا لك !
راقبت السيارة تبتعد دون أن تجيب 00 كيف يراها طفلة وهو من احتواها بين ذراعيه بشغف ؟
لم تندم يوما لأن أحدا لم يتبناها , وما السبب إلا علاقتها الحميمة بناتالي التي تعتبرها عائلتها كلها 0 ربتت على رأس الكلب مهنئة :
ـ أنت عظيم أشت 0 فلنكمل المشوار 0
عندما توجهت جوديت إلى غرفة الطعام عشاء وجدت تيريسا وحدها , فخفق قلبها 0 ذلك أنها مضطربة لمواجهة وجبة طعام أخرى مع بياتريس 00 فبالأمس تحملتها , ولكن بعدما حدث اليوم , لا تظن أنها قادرة على رؤية امرأة أخرى تلامس أندرو 0 قاطعت تيريسا أفكارها قائلة :
ـ سيتعشى أندرو عند بياتريس , وهو لن يعود إلا متأخرا 0
لماذا أحست بالسقم فجأة ؟ ولماذا نضحت يداها عرقا ؟
ـ هكذا إذن 0
ـ لقد أخبرني قصة الحمل 0
ـ وهل وجد له أما تتبناه ؟
ـ ماريو هو من سيجدها لأنه المدير , وهو إلى ذلك بارع في معاملة الخراف 0
أحست جوديت بالحيرة , فقد ظنت أن تيريسا مهتمة بالبيطري فقط , فإذا بها الآن مهتمة بالمدير0 قالت :
ـ أنا سعيدة لهذا 0
تناولت العشاء بصمت , كانت خلاله جوديت تفكر في ما يفعله أندرو مع بياتريس 0 ثم لم تلبث أن زجرت نفسها , فمن المستحيل أن تكون قد وقعت في حبه أو بدأت تقع 000 من المستحيل !
ـ جوديت ؟
رفعت رأسها فجأة وأجابت :
ـ نعم ؟
عضت الفتاة على شفتها دليل الارتباك , وهذا غريب على طبعها 0
ـ لقد 00 نزلت إلى الاسطبل بعد الظهر 0
ـ نعم ؟
ـ و ناديت 00 ولكنني لم أتلق إجابة علما أنني كنت أعرف أن أندرو كان هناك , فحصانه سالم كان في الفناء 0
ـ ولماذا تقولين هذا لي ؟ ربما استدعي على عجل 0
هزت تيريسا رأسها :
ـ لا00 صدقيني إنني لا أحاول إحراجك , ولكنني أعلم أنكما كنتما في الداخل وليس هناك إلا شيء أريده 0 فإن كانت علاقتك بزاك علاقة جادة , فاتركي أندرو وشأنه فقد تألم كثيرا ذات مرة , ولا أظنه يتحمل العذب مرة أخرى 0
أحست جوديت بجفاف فمها :
ـ كيف 00 تألم ؟
ـ كان منذ عشر سنوات على وشك الزواج من روزا التي أحبها حبا كبيرا , ولكنها ماتت 0




المهندس77 10-10-12 09:51 PM

رد: من أجلك أرحل
 
الفصل الخامس




نيران حمراء




ما إن قالت تيريسا في اليوم التالي إن الكوخ جاهز للانتقال إليه , حتى تنفست الصعداء 0
لم تكن تعرف ما إذا كان أندرو يتعمد تجاهلها لأنها هي تعمدت تجاهله 0 كان قد غاب طوال اليوم في الأملاك
ولم يعد لتناول الغداء 000
شعرت جوديت أن أندرو سيسر بانتقالها إلى الكوخ أكثر منها , لذلك حين عرضت تيريسا عليها إيصالها إلى الكوخ قبلت العرض بسرور دون أن تذكر أي منهما أندرو , وكأنما اتفقتا بصمت على هذا 0
كان الكوخ جميلا من الخارج , فهو مسقوف بالقش الأبيض 0 يقع بين القرية والقصر 0 وهذا يعني أنها ليست مضطرة للسير طويلا لشراء طعامها 0
أما من الداخل فكان كامل الأثاث , ولو على طراز قديم قليلا , فله مطبخ صغير فيه كافة الأدوات , وغرفة جلوس أكبر منه بقليل , وغرفتا نوم , وحمام في الطابق العلوي منه 0
ابتسمت تيريسا قائلة :
ـ لا هاتف هنا , ولكن إذا أردت الاتصال بأحدهم فاستخدمي هاتفنا متى أردت 0 أما هذه المدفأة التي تينها , فهي غير معطلة , فإن شئت أشعليها 0
ـ في شهر نيسان ؟
ـ ستدهشك شدة برودة الكوخ في الليل 0 لدينا في القصر تدفئة مركزية , لذا لم تلاحظي البرد , ولكن هناك مدفأة كهربائية في المطبخ , يمكنك استخدامها عوضا عن الموقد 0
ابتسمت جوديت :
ـ لا 00سأحبها لأنني لم أملك يوما موقدا , ففي الشقة التي أقطن فيها تدفئة مركزية 0
ضحكت تيريسا :
ـ ولكن الحطب يرسل دخانا 0 أهناك ما أستطيع القيام به ؟
ـ لقد كنت في غاية اللطف معي 00 ودعي أندرو 00 عوضا عني 0 ـ لا تسمي هذا الانتقال وداعا , فأنت سترينه دون ريب حينما تستخدمين المرسم في المنزل 0
وافقت بخفة :
ـ ربما 00
صدمها الخبر الذي أطلعتها عليه تيريسا , وهو ذاك المتعلق بموت خطيبة أندرو في حادث سيارة 0 لقد تألم ألما شديدا دون ريب , ولكنه ألم ولى على ما يبدو , فليس ذاك العناق الحميم الذي رأته حينما دخلت الغرفة عليه وعلى بياتريس بعناق عابر 0
قالت تيريسا :
ـ سأعود الآن إذن 0 اعلميني حينما تريدين أي شيء 0
ما أشد ما تختلف هذه الفتاة عن تلك التي استقبلتها حين وصلت 0 وهي لن تدعي أنها مرتاحة للوضع الجديد 0
وضعت جوديت أغراضها القليلة بسرعة في الخزانة والأدراج , ثم انطلقت إلى القرية لشراء بعض الطعام قبل أن تغلق المحلات أبوابها 0 فقد أخبرتها تيريسا أن هناك مخزنا واحدا فيه الأطعمة غالية قليلا 0
قطعت المسافة الفاصلة بين الكوخ والقرية بغي عناء , فاشترت ما أرادت ثم انطلقت تسأل عن الطريق المؤدية إلى عيادة بيار ليون , فقد أرادت أن تعرض عليه الأشعت ليعاينه 00 ما إن وصل دورها في الدخول حتى حياها حرارة تشوبها بعض الرسمية 0
ـ مرحبا 0 لقد عاد إذن 0 ولقد نظفته تنظيفا رائعا 0
ـ أظن هذا 0 مع أنني عانيت منه في قاعة الانتظار , فقد راح يزمجر على الرجل الذي دخل قبلنا 0
لقد أدهشها تصرفه وزمجرته على الرجل , فقد كانت تظن أنه لا يزمجر إلا على أندرو 0 فإذا به يزمجر الآن
على بيار أيضا 0
ـ أن الحيوانات تحب وتكره , ويبدو أنه لم يحبني 0
حاول رفع الكلب إلى طاولة الفحص , فكاد يتلقى عضة في يده :
ـ ولا يحب أندرو كذلك 0
ـ ربما يكره الرجال عامة 0 يبدو لى بصحة جيدة 00 ألديه شهية قوية ؟
ضحكت :
ـ أوه 00 أجل !
ـ لا تطعميه أكثر مما يجب 00 إن عمره على ما يبدو لا يتجاوز السنة والنصف , لذا هو بحاجة إلى كل الحقن اللازمة 0 إنما أحذرك منها فهي غالية 0
ـ هذا ما ظننته 00 ولكن لا بد منها على ما أعتقد 0
قال لها بيار وهو يحقنه بالحقن اللازمة :
ـ هل سيقلك أحدهم ؟
ـ لا 00 سأعود سيرا 0
ـ إن انتظرتني قليلا أقلك 0 ليس أمامي إلا معاينة قط السيدة غرين 0
ما هي إلا عشر دقائق حتى كانا في السيارة حيث راح الأشعت يزمجر 0 سألها بيار أين تقيم فأخبرته 0
ـ إذن لقد جهز الكوخ الآن 0
ـ اليوم بالذات 000 أتعلم أن تيريسا خاب أملها لأنك لم تدخل إلى البيت يوم أوصلتني 0
بدا متحفظا :
ـ حقا ؟
عندما شعرت بتراجعه فهمت أنه يبادل تيريسا الاهتمام 00 فلماذا لا يجتمعان معا ؟ عندئذ قالت بإصرار حتى تختبر ردة فعله :
ـ أنا واثقة أنها سترحب بزيارتك 0
ـ ولكنني مشغول جدا 000
ـ لا تقل هذا يا رجل ! إلى هذه الدرجة تثقلك الأعمال ؟
ـ أجل 000 إنه موسم التوالد , وأنا مطلوب دائما 0
قررت جوديت بحكمة عدم الإلحاح , فثمة ما هو غير واضح لها , وهو أمر جرى بين الاثنين اللذين يرفضان على ما يبدو التحدث عنه 0
ترى هل تقدم هي على التحدث إلى أندرو بهذا الموضوع ؟ لا 00 لن تقدر , فكيف تفاتحه بموضوع شخصي كهذا بعدما جرى في الاسطبل ؟
عندما أوقف سيارته أمام الكوخ قالت تدعوه إلى منزلها :
ـ ادخل لاحتساء القهوة أو الشاي 0
ـ شكرا لك 00
ترجل من السيارة , ثم فتح الباب الخلفي للكلب الذي قفز هاربا فسألها مازحا :
ـ هل سيعود ؟
حمل معها مشترياتها , فابتسمت :
ـ أوه 00 بالطبع سيعود 0
بما أن وقت العشاء اقترب وستعد لنفسها وجبة , فقد دعت بيار إلى هذه الوجبة 0 بعد رفض متردد أقنعته بالبقاء , فتركته يستريح في غرفة الجلوس حتى تطهو الطعام في المطبخ 0
حضرت السلطة مع اللحم المشوي ثم وضعت الفاكهة 0 على الرغم من أن الوجبة لم تكن مثالا للطعام الشهي فقد تمتع بيار بها وقال لها وهو يساعدها في التنظيف :
ـ بصراحة لقد سئمت من إعداد الطعام لنفسي 0
أحست جوديت بالراحة بعد هذه الوجبة فراحت تنعم بتغريد الطيور وتتمتع بصحبة بيار0 سألته بنعومة :
ـ أليس لديك أهل ؟
ـ لقد انتقلا إلى موطننا الأصلي في الجبال بعد تقاعد والدي 0
ـ إذن أنت بحاجة إلى زوجة 0
ـ رجاء لا تبدئي 00 أنا آسف 00 فليس الزواج لي 0
أتكون تيريسا هي الفتاة المناسبة لتقول له إنه بحاجة إلى زوجة 000 وإنها هي الزوجة المناسبة ؟
إن تيريسا وقحة , لذا قد تقول ما تفكر فيه 0
ـ عرفت أن أندرو كان سيتزوج يوما 0
رد بحدة :
ـ أجل 0 التفتت إليه بفضول , تعبس بشدة لأنها رأت الشحوب يعلو وجهه :
ـ بيار 00 أكنت تعرفها ؟
رد باقتضاب :
ـ أجل 0
إذن , هذا موضوع حساس آخر 000 لقد تلبد الجو بالمواضيع الحساسة منذ وصولها إلى هنا 00 وهذا كثير على حياة ريفية 00
حاولت تغيير دفة الموضوع :
ـ هل سيصاب الأشعت بأية عوارض من جراء الحقن ؟
قال بعدما عاد إلى طبيعته :
ـ يجب ألا يصاب بشيء 0 ولكن راقبيه 00 على فكرة , لم أتعرف إليه في البداية 0
ـ كنت أعلم أن هناك كلب (كولي ) تحت ذلك المنظر الأشعت !
ـ يا للروعة ! يا لهذه العلاقة الحميمة !
دخل أندرو من الباب الخلفي المفتوح , وفمه يلتوي بسخرية 00 فأحنى رأسه للبيطري :
ـ بيار 00
رد بيار :
ـ أتعرف أندرو أن غسيل الصحون هو أقل ما أفعله بعد الوجبة اللذيذة التي قدمتها لي جوديت 0
نظر أندرو إلى جوديت بحدة :
ـ حقا ؟
فقالت له ببرود :
ـ أتود الانضمام إلينا في تناول القهوة ؟ إنما المؤسف أن المطبخ لن يتسع لنا نحن الثلاثة !
ضحك بيار :
عظيم جدا مع أنني أخشى أنني المغادر , فلدي زيارة أقوم بها 0
ابتلعت جوديت ريقها , فهي لم تكن تريد من أحدهما أن يغادر , بل أرادت أن ينتقلا إلى خارج المطبخ الصغير , أما البقاء على انفراد مع أندرو فآخر ما أرادته 0
حين خرج بيار قالت بهدوء :
ـ قهوة ؟
ـ شكرا 000 لم أكن أعلم أنك و بيار على علاقة حميمة 0
احم وجهها حياء :
ـ لسنا كما تقول ! لقد أقلني من القرية 0 فعرضت عليه العشاء 0
صبت القهوة , ثم حملتها إلى غرفة الجلوس وفكرت أنه حين سيدخلها أندرو سيطأطيء رأسه حتى يتجاوز بابها , فرأسه يكاد يلامس السقف حين يقف مستقيما 0
تمدد باسترخاء في أحد المقاعد , وقال ساخرا :
ـ إن هذه الأكواخ أعدت لصغار الأجسام 0 أتناسبك ؟
ـ جدا !
ماذا يفعل بحق الله ؟ وكيف يتصرف بشكل طبيعي فيما هي لا تشعر إلا بالقلق ؟
ـ هل استقريت ؟
ـ أجل 00 شكرا لك 0
ـ عظيم 00 بشأن ما جرى بالأمس 000
ـ لا أظنني أقبل أن تتطرق إلى هذا الموضوع 0
ـ أقصد موضوع الحمل 0
ـ أوه 00 كيف حاله الآن ؟
ـ ظننتك ترغبين في رؤيته 0
ـ طبعا أرغب 00 غدا 000
قاطعها بحزم :
ـ بل الآن فأنا أعمل طوال النهار بحيث لا يبقى لي فراغ إلا الآن 0
وقفت :
ـ سأحضر سترتي إذن 0
كان أندرو مسترخيا وراء مقود السيارة و كأنه لا يرغب في الكلام , ولكن ما كانت تستغربه أنها تشعر وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد خاصة وهو يحتل كل تفكيرها 0
لم يتجه في سيره إلى القصر , بل تجاوز القصر وانعطف إلى طريق ضيقة أوصلتهما إلى كوخ يشبه كوخها , خرج منه رجل في متوسط العمر محييا وبرفقة الكلبين توم وتومي , فاغتبطت جوديت لأنها لم تصطحب الأشعت
ـ هذا ماريو ثاوث , مدير المزرعة 0
صافحت جوديت الرجل الذي اعتقدت يوما أن تيريسا مهتمة به 000 وكان أندرو قد عرف عنه بأنه صديق حميم للعائلة , ابتسم ماريو :
ـ وأنت لا بد جوديت 00 صديقة زاك 0
ـ أجل 0
ـ أريد أن أشكرك لإيجادك ذلك الحمل 000 إنه مخلوق جميل 0 من المؤسف أن يموت وحيدا هناك 0
ـ وهل كان عرضة للموت ؟
ـ بكل تأكيد 00 تعالي معي لأريك إياه 0
ـ لقد وجدت له أما تتبناه إذن 00 أين هو ؟
ـ إنه هناك 0
توجهت إليه تنظر وهي لا تكاد تصدق إن هذا الجميل الصغير النائم قرب النعجة هو نفسه الذي وجدته بالأمس , قالت :
ـ إنه جميل جدا 0
ـ أجل 00 كان سيموت كأمه 0
ـ وهل قتلتها الصدمة ؟
ـ أجل 00 لدينا متاعب كثيرة مع الكلاب هذه السنة 0 وقد كان الأسبوع الأخير أسوأ ما مر بنا 0
ـ إلا يمكن القيام بشيء ؟
ـ قتلها 0
ـ الخراف ؟
ـ لا 00 بل الكلاب 0
ـ أوه 00 لا !
ـ هذه هي الطريقة الوحيدة أمامنا , فلا يجوز التسامح مع قاتل خراف هنا 0
ـ لا 00 لا أعتقد هذا 0
صدمها المعنى الدرامي نفسيا 00 ولكن أليس قتل الخراف قاسيا كقتل الكلاب ؟
كان أندرو ينتظرها مستندا إلى السيارة حين عادا :
ـ أهو بخير ؟
أجابت بخجل :
ـ نعم 0
ـ أرأيت 00 تأمين الأهل سهل , أما تأمين الزوج فعكس ذلك 0
هز رأسه للرجل :
ـ شكرا ماريو 00 لقد حسبت جوديت أن نواياي بشأن هذا الحمل شريرة 0
تذكرت لطفه ورقته مع المخلوق التعس , فأنكرت :
ـ أوه 00 لا 00 لم أفكر في هذا إطلاقا 0
ابتسم ماريو :
ـ لا تسيئي به الظن , لقد كان له قطيع عندما كان صبيا , وقد مثل دور الأم البديلة أكثر من مرة لأكثر من حمل
لاحظت جوديت أن أندرو لم يسر بكشف هذا السر عن طفولته 0
فسألته مبتسمة :
ـ حقا ؟
هز ماريو رأسه :
ـ أجل 00 كان يسهر طوال الليل ليطعمها وطوال النهار أيضا , واستمر على هذا سنوات 0
رد أندرو بصوت أجش :
ـ أصبح عقلي أرجح من ذي قبل 0
نظر إليه ماريو والحب والاحترام في عينيه :
ـ ولكنني أذكر منذ وقت غير بعيد أنني شاهدتك تسهر الليل كله مع نعجة مريضة 0
نظر إليه أندرو غاضبا :
ـ إن كنت تقنع جوديت بإنسانيتي فقد فشلت لأن جوديت تعتبر أنني تجاوزت أوان الإصلاح , وما محاولتي حماية زاك في نظرها غير عجرفة 0
ضاقت عينا الرجل حينما رأى الاحمرار يغزو وجهها :
ـ أشك في هذا 0
عبس أندرو في وجهه , ثم نظر بحدة إلى جوديت , ولم يلبث أن أشاح بوجهه بعيدا ثم فتح باب السيارة ليقول بحدة :
ـ فلنذهب 0
التفتت أليه تمعن النظر وهو يتحدث إلى ماريو قبل الانطلاق 000 لقد وقعت في حب أندرو تورنتون , وقد عرف ماريو ثاوت سرها الذي لم تدركه إلا الآن 0
تنحت عن طريق أندرو في اليومين التاليين , فتعمدت عدم الذهاب إلى القصر إلا بعد التأكد من خروجه وكانت حينها تحمل صرة طعام لتتناول غداءها في المرسم الذي لا تغادره إلا بعد أن تتأكد من خروجه ثانية 0
إنها مجنونة دون شك وغبية لأنها سمحت لنفسها بالوقوع في حب رجل كهذا رغم أن هذا الحب قد بات جزءا أساسيا من وجودها كالماء والهواء , يسخر من الألم الذي أحست به عندما تركها فرانسوا 0 والغريب أنها لا تعرف إن كان يبادلها الحب , ومع ذلك تحبه وتريده 0 بل تتمنى الآن لو يكون إلى جانبها 0
أفكار كهذه كانت جديدة عليها بل لقد أصبحت تكره أن تكون وحدها وهي المعتادة على الوحدة , بل إنها لم تعد قادرة على تمضية الوقت في الرسم كما كانت تفعل 00
حالما دخل أندرو إلى المرسم بعد ظهر الخميس , بدأت يديها ترتجفان , فالتقطت قطعة قماش لتغطي ارتجافها 0
إنها تحبه فعلا 00 وهي مضطرة للاعتراف بهذا وإن كارهة خائفة !
حياها متوترا :
ـ مرحبا جوديت 0
بلعت لعابها بصعوبة :
ـ مرحبا أندرو 0
التوى فمه يسأل بسخرية :
ـ أمسموح لي أن أرى التحف ؟
انتفضت وكأنه ضربها :
ـ إنها ليست تحفا 0
قالت هذا ثم دارت حول الحمالة لتريه جمال الرسمة التي لم تنته منها بعد 0
فقال بصوت ناعم , وكأنه ندم على سخريته منها :
ـ كيف تجري الأمور ؟
ـ لا بأس بها 0
وضع يديه في جيبي الجينز 0
ـ قالت تيريسا إنك رفضت دعوتها للانضمام إلينا على العشاء هذه الليلة 0
ـ صحيح 00
ـ لماذا ؟
ـ حسنا 00 أنا 00 لأن 000
ـ يبدو أنها حارت في أسباب رفضك 0
أخفضت رأسها تنظر إلى يديها :
ـ أنا آسفة 0
ـ حقا ؟
جعلتها لهجته الساخرة ترفع رأسها ثانية :
ـ أجل 0
ـ لم الرفض إذن ؟
ـ لم أقصدكم حتى أبقى ضيفة عليكم 0
ضاقت عيناه فبدت شعلة كهرمانية في أعماق عينيه الخضراوين اللتين تسبران أغوار المحيط الأزرق أمامه :
ـ جوديت 00 هل تحاولين تجنبي ؟
هزت رأسها منكرة :
ـ ولماذا ؟
ـ تعرفين السبب 0
ـ لا 00 أنا 000
ـ بلى 00 اللعنة عليك ! فذلك اليوم كدت 000
ـ أرجوك 000
أردف دون أن يعير لما قالته اهتماما :
ـ لم تردعيني يومذاك بل رحت بعدما جرى تتجنبينني 0 أجل 000 أدركت هذا خاصة حينما قالت تيريسا إنها ليست دعوة العشاء الأولى التي ترفضينها 0
ظهر تعبير غاضب على وجه جوديت :
ـ لست السبب 00 أؤكد لك 0
ـ ألست السبب حقا ؟
ـ لا !
ـ أظنك كاذبة جوديت إلا إذا كنت معتادة على ترك الرجال يعانقونك كما فعلت 0
وتحولت الشعلة الكهرمانية إلى نيران حمراء 0
ـ ثمة رجل واحد أسمح له بذلك وأنت على ما أظن تعرف من أعني 0
ـ زاك ؟
لم يرق لها إغضابه , ولكنه السبيل الوحيد للدفاع فلاذت إلى الصمت الذي أدانها في نظره , فشدد على سؤاله بجفاء :
ـ أتشتاقين إليه ؟
ـ طبعا 0
ـ إذن سيسرك أن تعرفي أنه سيكون هنا يوم الأحد 0
استحوذ عليها الاطمئنان وصحبه احمرار مفاجىء في عينيها :
ـ صحيح ؟
ارتد عنها إلى النافذة حانقا 0
ـ أجل 000 تشير ردة فعلك إلى أنك مسرورة بالخبر 0
شهقت :
ـ طبعا 0
رد نظره إليها وقد تشددت الخطوط حول فمه :
ـ وهل أخبرته عما جرى بيننا ؟
فجأة أصبح سبب كرهه لرؤية أخيه واضحا أمامها :
ـ العناق الأول أم الثاني ؟
ـ كلاهما 0
تنهدت :
ـ لا 00! اسمع أندرو 00 ليس لدي الرغبة في الوقوف بينك وبين زاك 000
برقت عيناه وهو يقاطعها :
ـ ألا ترغبين ؟ ولكن الأوان فات جوديت 00 أنت الآن حائل بيننا يصعب إبعاده , لذا كلما أسرعت بالرحيل عن المنزل كلما كان ذلك خير لنا 0
وخرج كالعاصفة من الغرفة فوقفت مسمرة دون حراك , تعض شفتها العليا مانعة الدموع من الانهمار من عينيها 00 إنه يريد منها أن تغادر منزله في أسرع وقت ممكن 0 وهي تريد الرحيل , تريد ترك المكان لئلا ترى أندرو مرة أخرى 0 ولكن , هل سيزول ألم حبها له ما إن تبتعد عنه 00 وهل ستتوقف عن حبه ؟
التفتت إلى الباب حينما انفتح فإذا تيريسا داخله , فانزعجت لأنها لا ترغب أدنى رغبة في التحدث إلى أحد 0
هي تريد الوحدة 00 لا00 لا 00 لا تريد الوحدة ! آه بل إنها لا تعرف ما تريد ! ربما ما تحتاج إليه هو بعض راحة البال , ولكن من أين لها الراحة بعد الآن 0
قالت تيريسا متوترة :
ـ قال أندرو إنك ما زلت ترفضين تناول العشاء معنا 0
ـ أظنني مصابة بالرشح 0
ونفخت أنفها في منديلها بصوت مرتفع , فهزت الفتاة رأسها :
ـ إنه الطقس 0
ـ ربما 0
ـ وهل أخبرك بمجيء زاك ؟
ـ أجل 0
ـ أليس خبرا مبهجا ؟
ـ أجل 0
ـ ألا تريدين حقا الانضمام إلينا للعشاء ؟
ـ لا , لا أريد 0
ـ أبسبب أندرو ؟
ـ لا !
ـ أعرف أنه كان نكدا أكثر مما ينبغي في الآونة الأخيرة 00 فهل نقل إليك بعضا من نكده ؟
ـ لا 00 فأنا لا أكاد أراه 0
سارت تيريسا إلى داخل الغرفة :
ـ أوه 00 لديه ما يشغل فكره 0
ـ صحيح ؟
ـ عادت الكلاب تهاجم الخراف ثانية 0
أحست جوديت بالرعب :
ـ أوه 00 لا !
هزت الفتاة رأسها عابسة :
ـ بلى 00 مع أن الأمر غريب , فهو لم يحدث إلا منذ أسبوع أو أسبوعين فقط 00 ربما هي كلاب شاردة 00 والآن فلأتركك لرسوماتك هل أراك غدا ؟
هزت جوديت رأسها :
ـ أجل 0
أقلقتها فكرة ما وأزعجها حتى غاب عنها خروج الفتاة الأخرى 000
ثمة كلب شارد واحد تعرفه في المنطقة 00 كلب شارد تعرف أنه يحب الخروج منفردا وهو لم يتواجد في المنطقة إلا منذ أسبوع 000 الأشعت !
حاولت إقناع نفسها باستحالة الفكرة متذكرة رقته مع الحمل , غير أنها لم تستطع صرف النظر عن الفكرة بسهولة
قد يكون الأشعت هو قاتل الخراف , وفي هذه الحالة سيقتلونه !





انتهى الفصل الخامس




الفصل السادس



الأخ الأكبر


بقيت جوديت في اليومين التاليين تراقب الأشعت بدقة , فكانت لا تقضي وقتا طويلا في المرسم حتى تتمكن من مراقبته , وقد حدث أنها ما عادت تسمع شيئا عن أحداث تتعلق بالخراف حتى ظنت أنهم عرفوا الفاعل 000

إن كان الأشعت هو الفاعل فلن تصدق أنه قد يقدر على القتل للانتقام فحسب , فما الأمر له إلا مجرد لعبة , ولكن المشكلة أن اللعبة أصبحت مميتة 0
شعرت يوم الأحد أن زاك تأخر في المجيء , لذا حينما شاهدت سيارته ( الستروان ) السوداء تتوقف أمام الكوخ أضيء وجهها , فركضت تستقبله وهو يترجل من سيارته رامية نفسها بين ذراعيه تحتضنه بشدة 0
أبعدها بلطف عنه لينظر إليها :
ـ هاي 00! ماذا قد تقول ناتالي ؟
شبكت ذراعيها بذراعه وهما يتوجهان إلى الداخل :
ـ وهل قبلت بك زوجا ؟
عندما أصبحا في غرفة الجلوس أضافت :
ـ أتود شرب الشاي ؟
ـ شكرا 00 والرد على سؤالك لا , لم تقبل بعد ولكنني أرى أن ابتعادي عنها ثلاثة أو أربعة أيام سيكون عاملا مهما يدفعها إلى اتخاذ القرار 0
ـ أي أن البعاد يؤجج مشاعر القلب ؟
ـ شيء من هذا القبيل 000 دون شك اشتقت لي ؟
ردت بخفة وهي تضع الفنجانين فوق الصحنين :
ـ لا يغرنك استقبالي الحار فقد كنت على استعداد لاستقبال أي كان بهذه الطريقة 000 أحسست بالوحدة كثيرا بعد مغادرة باريس 0
ـ وهل كانت عائلتي فظة في معاملتك ؟
ردت صادقة :
ـ لا 00 بل بت و تيريسا صديقتين حميمتين , أما أندرو فلا أكاد أراه 0
ـ إذن فهو ما عاد يزعجك بسرد قصص عن ماضي ؟
تناول قطعة بسكويت من العلبة التي قدمتها له ثم قالت وهي تجلس :
ـ لا 00 ما عاد يذكرك مع أنني أتمنى لو يكون هذا أصبح من ماضيك بالفعل ؟
ـ بكل تأكيد 0
ارتد إلى الوراء حين رفع الأشعت رأسه مزمجرا 00ثم جلس قربها :
ـ إذن هذا هو الكلب الذي أخبرت به ؟ إنه غير أليف 00 أليس كذلك ؟
ضحكت :
ـ بل هو في الواقع لطيف وما رأيته منه الآن يعود إلى أنك غريب عنه ولكنه سيعتاد عليك 0
بقي زاك يراقب الكلب بقلق :
ـ أوه 00 إنما السؤال هل سأعتاد أنا عليه ؟
ضحكت جوديت :
ـ على الأرجح 00 والآن حدثني عن باريس وأخبارها 0 كيف حال ناتالي ؟
ـ هاك رسالة منها , وهي رسالة أجابت فيها دون شك عما تودين الاستفسار عنه , وكانت قد أمضت أمسية كاملة في كتابتها 0
ـ شكرا 000
لقد اشتاقت إلى الدائرة الاجتماعية التي كانت تدور في فلكها في باريس 00 هنا لديها وقت للتفكير , والأحلام خاصة منها تلك المتعلقة بأندرو الذي رغم معانقته لها مرتين وانجذابه إليها لا يطيق وجودها 0
قطع زاك عليها أفكارها :
ـ هل أحببت البلد ؟
ـ أجل , فله جمال فريد 0
ـ ترى هل سترفضين إمضاء ليلة خارجا ؟
ـ نعم قد أرفض 0
كانت تعلم أنها لن تستطيع ترك الأشعت وحيدا فترة طويلة في مثل هذه الظروف 00
ـ وحتى العشاء ؟
ـ حسنا 000
ـ انضمي إلينا في القصر الليلة 0
لم يكن هذا ما فكرت فيه حين ترددت , حسبته مقدما على دعوتها إلى مطعم رائع على شاطىء البحيرة في المنتجع القريب 0 فيه الأضواء خافتة والموسيقى شاعرية 0 فهزت رأسها :
ـ لا 00 لا أظنني قادرة 0
ـ أوه 00 أرجوك تعالي 00 فأنا بحاجة إلى الدعم المعنوي 0 سيطرح أندرو بكل تأكيد أسئلة كثيرة لذا رجاء ساعديني بحضورك , فما أن أذكر ناتالي حتى يبدأ علي حملة أولها : أنت أصغر من أن تعرف ما تريد 0 !
ردت بصوت منخفض :
ـ ربما أنت فعلا كذلك 0
ـ بالطبع لا 00 لقد كاد يتزوج عندما كان في مثل عمري 0
ـ من روزا ؟
ـ أجل 00 كيف عرفت ؟
ـ من تيريسا 0
ـ أنتما فعلا صديقتان ؟ أما قلت لك إنك بعد التعارف ستجدينها لطيفة ؟
ابتسمت :
ـ صحيح 0
ـ حسنا 00 أتعرفين أنني آسف عليه لأنه لم يجد من يحل محل روزا , وإن ذكرت بياتريس أقل لك إنه يرضى بها بسبب يأسه 0
ـ لا يبدو لي يأسا 0
ضحك زاك :
ـ لا 00 لا يبدو كذلك 0
ـ وهو إلى ذلك متعجرف و متسلط و قاس 000
ـ قاس ؟ لم أعرفه قاسيا يوما 0
تضرج وجهها :
ـ ربما 00 ربما لأنني امرأة أنظر إليه نظرة مختلفة عن نظرتك إليه 0
ـ أرجوك تنضمي إلينا الليلة 00 فسيبدو الأمر غريبا لو غبت عن الشاشة في الليلة الأولى على مجيئي 0
تنهدت جوديت :
ـ حسن جدا , علي أن أغادر بعد العشاء مباشرة 0
وقف :
ـ اتفقنا ! سآتي في السابعة والنصف لاصطحابك 0 أما الآن فسأتوجه إلى القصر 0
اتسعت عيناها وهي تلحق به إلى السيارة :
ـ أتعني أنك لم تذهب إلى القصر بعد ؟
ـ من حقي زيارة فتاتي أولا 0
ـ زاك 0000!
غادر ملوحا لها بيده مبتسما , ثم انطلق بسيارته على الطريق مسرعا حتى خلف وراءه غبارا غليظا 0

كانت على استعداد منتظرة حين وصل زاك في السابعة والنصف 0 فلما نظر إليها نظرة تعجب بسب الفستان الذي يلتصق بها مبرزا حنايا جسدها وجمالها الفضي 0 تجاهلته وأسرعت , لئلا يعلق على مظهرها , تطري بزته السوداء وقميصه الأبيض الناصع وربطة العنق المخملية 0
فضحك :
ـ يجب أن أتقن الدور 00 فهذا ما تتوقعه بياتريس 0
ـ بياتريس ؟
ضحك :
ـ ستكون هناك الليلة مع أندرو , فأنا أتوقع أخبارا عن عرس وشيك 0
حين دخلت غرفة الجلوس بعد ثلاثة أيام على رؤيتها , خفق قلبها بضعف , واستقرت نظرتها المتلهفة على كتفيه العريضتين اللتين تكسوهما سترة مخملية زمردية اللون 0 ثم انتقل بصرها إلى وجهه , بدا لها باردا مهذبا , وسألها ما تود أن تشربه قل العشاء فطلبت الكرز مع الصودا 0 غاصت أصابعها في ذراع زاك , الذي أساء فهم توترها :
ـ أوتش ! هوني عليك 00 استرخي 00 لن يأكلك أحد 0
ردت ملاحظته العرضية العفوية الخاطر إلى ذاكرتها ما همس لها به أندرو وهي بين ذراعيه عن شوقه إليها ! فازدادت شحوبا حتى وقف زاك أمامها ليسترها عن أنظار الآخرين 0
ـ جوديت 000 ما بك ؟
رفعت رأسها بكبرياء :
ـ لا شيء 00 لا شيء البتة 00 لقد أعد لي أندرو شرابا 0
ثم تركت زاك ودنت من أندرو بخطوات واثقة عازمة الرأي على عدم إظهار الأثر الذي تركه فيها 0 تناولت الكأس الطويلة منه بحذر لئلا تتلامس أصابعهما , فلاحظت منه نظرة كئيبة تبعها سؤال مفاجىء :
ـ أين كنت في اليومين الماضيين ؟
هزت كتفيها وكأنها غير مبالية :
ـ كنت أتنزه و الأشعت 0
ـ ظننتك جئت تريدين الرسم 0
أحست بأنها تتهاوى , ثم شعرت بيديه القويتين على ذراعيها , فارتدت عنه ونظرت إلى زاك فإذا به يتحدث مع بياتريس بصوت مرتفع حتى كاد يصل إلى مسمعيها 00 احمر وجهها وجعل الإحراج صوتها يخرج حادا :
ـ كما أريد رؤية موطن زاك , فنحن نشعر أن من الضروري أن يعجبني هذا المكان 0
ـ حقا ؟ وهل أعجبك ؟
ـ معظمه 00 أجل 0
ـ ليس علي أن أسأل عما لم يعجبك فيه لأنه واضح على ما يبدو 0 أهو مجنون ؟ ألا يسمع خفقات قلبها المدوية ؟ إنه يدوي طارقا مسمعيها , بل يكاد يطرق مسامع الحاضرين جميعهم 0 هزت رأسها :
ـ هذا ممكن 0
اختالت بياتريس في مشيتها عندما وصلت إلى جوار أندرو :
ـ حبيبي 00! يجب ألا تحتكر جوديت حبيبي ! فسيغار زاك 0
ردت جوديت على تطفلها بحدة :
ـ زاك يثق بي ثقة لن يغار معها علي أبدا 0
ـ إن ثقته المطلقة هذه مضجرة , فمن المثير أن يكون هناك لمحة من الخطر في كل علاقة 0
ضاقت عيناها وهي تنظر إلى جوديت , بشكل خطير 0
إنها تعلم 000 هذه المرأة 00 تعلم ! وهي تقول بكل صراحة , رغم ريائها , أنها لن تسمح لعلاقتها مع أندرو بالمضي قدما 0 وقف أندرو صامتا 00 ألم يلاحظ ما ترمي إليه هذه المرأة ؟ أم أنه لا يهتم ؟
انضم إليهم زاك فوضع ذراعه على كتفي جوديت :
ـ أكل شيء على ما يرام ؟
أسعدها هذا التملك الذي يظهره فابتسمت له :
ـ بما أنك الآن هنا فقد بات كل شيء على ما يرام 0
ضحك لها :
ـ وأنا أشعر بما تشعرين به 0
علقت بياتريس بنعومة وخبث :
ـ كان من الضروري لو بقيت معك في باريس ما دمتما تشتاقان لبعضكما بعضا إلى هذه الدرجة 0
ردد زاك ما قالته جوديت منذ قليل :
ـ أردت منها أن ترى موطني 000 أندرو ألم يحن وقت العشاء ؟
باتون يحاول لفت اهتمامي منذ دقائق 0
هز أندرو رأسه , وقال بوقار :
ـ أعرف هذا 0
فداعبه زاك :
ـ ولكنك تعجز عن سحب نفسك بعيدا عن سيدتين جميلتين 00 هه ؟
أمسك أندرو بذراع بياتريس :
ـ يبدو أن ذوقك قد تحسن مؤخرا 0
قال زاك لجوديت وهو يقودها إلى المائدة :
ـ بدأنا ننجح 00 فأنت تكادين تفتنينه وتسحرينه قبل رحيلك عن موطني ؟ أوه 00 لا تغضبي , فأنا لم أقصد هذا حرفيا أم يراني قصدته ؟ جودي 000
ـ إنهم بانتظارنا لبدء العشاء 0
ولكن زاك كان قد بدأ يخالجه الشك 0
لم يوجه أندرو إليها الليلة نظرات ممعنة , بل إنه في الواقع لم ينظر إليها 0 فقد ركز اهتمامه على رفيق تيريسا , هنري مردوك وهو ابن أحد أصحاب المزارع المجاورة الذي رغم وسامته و لطافته لم يكن يجذب اهتمام تيريسا
قال زاك لجوديت وهو يوصلها :
ـ بدت تيريسا هادئة جدا 0 ألديك فكرة عما يزعجها ؟
لديها فكرة جيدة , إنما ليس عليها أن تخبر زاك بمعاناة أخته المتألمة عن حب غير متبادل , وهي معاناة أليمة اكتشفتها هي نفسها منذ قليل عندما رأت الود القائم بين بياتريس و أندرو 0
ـ إنها شقيقتك زاك 00 فلماذا لا تسألها ؟
ـ لأنها ستطلب مني أن أهتم بشؤوني 00 فهي لا تبوح لي بسر منذ أن شبت , ولا أفهم السبب مع أننا كنا منذ وفاة أهلنا متقاربين , وكان أندرو هو من يرعانا ويربينا 0
قالت دون أن تفكر في ما تقول :
ـ حملان آخران 0 لقد أخبرني ماريو أن أندرو كان يربي الحملان اليتيمة في طفولته 0
ضحك زاك :
ـ إنه يأوي الشاردين واللقطاء 0
ـ ولكنه رفض الأشعت 0
ـ وهل أردت أن يقبلك أيضا ؟
أنكرت بحدة :
ـ لا 0
ـ ما رأيك بلوحات جدي الأكبر ؟ إنها مجموعة فريدة يعرضها أندرو في غرفة عرض خاصة به 0
ـ لم أشاهدها 0
ـ ماذا ؟
ـ اسمع زاك 00 أنا ضيفتك أنت 0 لذا لن أطلب من أندرو أو من أختك أن يرياني إياها 0
ـ ولماذا ؟
ـ لأنني لا أستطيع 0 ثم حذار لما تقول , فأنا زوجتك العتيدة على ما هو مفترض 0 أتذكر ؟
ـ لن أستطيع أبدا التعامل معك ! تعالي غدا إلى المنزل لأريك الرسوم على أن تأتي بعد الظهر لأنني في الصباح سأكون نائما , فهواء الريف دائما يؤثر في 0
ـ لا تحتج بالريف 00 فكلانا يعرف أنك لا تفارق الفراش إلا مكرها 0
ـ يمنعني الاحتشام أن أسأل كيف عرفت ذلك !
ـ من عدد المرات التي تتأخر فيها عن الكلية 0 سأراك غدا 0
زارتها في الصباح التالي تيريسا متجهمة 00 وقالت بعد أن استراحت في مقعد وثير :
ـ ما رأيك بهنري ؟
ـ رأيي به ؟
ـ أجل 00 ما رأيك به 00 يعتقد أندرو أن علي الزواج به 0
ـ الزواج به ؟ أتعرفينه منذ زمن ؟
بدت الكآبة على الفتاة :
ـ طوال حياتي 0
ـ ليلة أمس شعرت أنك معجبة به 0
ـ يعجبني 00 ولكنني لا أحبه 0
ـ لا 00 فأنت تحبين بيار ليون 0 أليس كذلك ؟
احمر وجه تيريسا :
ـ لا 00 أنا 000
وقطعت احتجاجها لتقول معترفة بصوت أجش :
ـ أجل 00 أحبه 000 وقد اعتقدت زمنا أنه يبادلني الشعور 00 ثم 00 ثم 00 لا شيء 0
ـ ماذا حدث ؟
ـ لا أدري 00 نحن لم نخرج معا يوما , ولكن ذاك الشعور كان موجودا وكنت متيقنة من ذلك حتى توقف فجأة عن زيارة المنزل 0 سألته ماذا فعلت له , ولماذا ما عدت أعجبه 00 فقال 00 قال 00 إنني أتخيل هذا كله 00 ولكنني لا أتخيل جوديت , بل أنا واثقة من ذلك !
و جوديت متأكدة من حب بيار لها 000 فلماذا لا يعترف بحبه ؟
أردفت تيريسا يائسة :
ـ أندرو مقتنع أن علي الزواج من هنري 0
ـ ولماذا يجب أن تتزوجي الآن ما دمت صغيرة ؟
ـ يعتقد أندرو أنني بحاجة إلى استقرار عائلي 0
ـ وهو ألا يحتاج إلى هذا الاستقرار ؟
ابتسمت تيريسا بحزن :
ـ لا يعتقد هذا 000 آه يا عزيزتي ماذا أقول 0 إن هنري لا يناسبني , فهو ليس قوي الشخصية , وأكاد أسيطر عليه وأتجاوزه 000 لا تدهشي 00 فأنا أفهم نفسي فهما يخولني معرفة أي نوع من الرجال أريد وهنري ليس من هذا النوع أبدا 0
ـ قولي هذا لأندرو إذن 0
ـ قلت له 00 لماذا في رأيك تركت المنزل هذا الصباح مبكرة ؟
ـ ظننتك ترغبين في رؤيتي 0
بدت لها تيريسا فجأة صغيرة , ضعيفة وحائرة , ولكنها أجابت :
ـ وهذا سبب آخر 0 لقد فكرت في أن نصيحة تقدمها من هي أكبر مني سنا قد تساعدني 0
انفجرت جوديت بالضحك :
ـ السيدة الناضجة 000 أتظنين أن واحد وعشرين عاما تجعلني أكبر منك 0
ابتسمت :
ـ هذا ما ستشعرين به لو كنت في الثامنة عشرة 0
ـ وأنا من أوهمت نفسي بأنني ما زلت صغيرة !
خرجت تيريسا الآن من مزاجها العكر , فراحت الفتاتان تقضيان وقتا ممتعا في العناية بحديقة الكوخ حتى غلبهما الإرهاق , فاضطرت جوديت إلى إحضار إبريق الليموناضة الباردة من البراد , ثم تهالكت على مقعد في الحديقة قبالة تيريسا 0 فتأوهت الفتاة :
ـ أنت مفعمة حيوية 0
ـ أردت العناية بالحديقة منذ انتقالي إلى الكوخ , ولكنني كنت أحتاج إلى من يشجعني ويساعدني 0
ارتشفتا قليلا من الليموناضة وبعد ذلك راحت تيريسا تتمشى في الحديقة 0
ـ وأنا مسرورة لأنك تأخرت على الاهتمام بها 0
دخل زاك في هذه اللحظة إلى الحديقة :
ـ وأنا كذلك مسرور لأنني تأخرت حتى هذا الوقت إلا أنني سأتناول قليلا من الليموناضة 0
لم تتحرك جوديت 0
ـ لك ما شئت شرط أن تحضر كوبا 0
انتزعت كأسها من أمامه حينما مد يده :
ـ لا 00 لن تأخذه ! لقد عملت أنا و تيريسا فاستحققناه 0
توجه إلى المطبخ يدمدم متذمرا :
ـ يا مفسدة المتعة ! 00 هل أنا مدعو للغداء ؟
هزت جوديت رأسها :
ـ كلاكما مدعو 0 إذا ساعدتماني بتحضيره 0
جلست تيريسا في مقعدها ووضعت كوبها على الطاولة :
ـ من الأفضل أن أعود 000
رد زاك بكسل :
ـ ليس وحدك 0
قطبت شقيقته جبينها :
ـ ألا تريدان بعض الخلوة ؟
ضحك :
ـ إذا وعدتني أن تقفلي فمك مرة واحدة أعترف لك بسر000 ما رأيك جوديت ؟
ـ سأكون سعيدة ببوحه 0
وتركت الشقيقان على انفراد ثم بدأت بتحضير الطعام 0 وعندما عادت إليهما سمعت تيريسا تقول :
ـ مسكين أندرو ! لقد حاول دائما تقديم ما هو أفضل لنا وكانت النتيجة أننا لم نرغب في تنفيذ ما يطلبه منا 0
ـ إذا كان قادرا على اختيار بياتريس زوجة له , فلا شك أنه قادر على أن يخطىء بشأننا 0
نظرت تيريسا بحدة إلى جوديت :
ـ لا أحسبه اختار بياتريس بل لا أخاله اختار أية امرأة 0 ربما مخططك هذا يصب في مجرى مصلحتك 00 إنما هل فكرت في أنك ستفسد الأمور على جوديت ؟
ـ مع من ؟
ردت بنفاذ صبر :
ـ استخدم عقلك 0
مط شفتيه , ثم لم يلبث أن راح يهز كتفيه ناظرا إلى جوديت بعينين مستغربتين :
ـ أنت لا تعنين 000
صاحت جوديت بهما :
ـ لا 00 إنها لا تعني هذا 00 والآن أتريدان تناول الطعام أم لا ؟
ثم نظرت إليهما , تتحدى أيا منهما متابعة الحديث المتعلق بأندرو 00
كان الغداء مناسبة صاخبة , فلم يلاحظ أي منهم أنه ليس سوى قطعة دجاج وسلطة وفاكهة طازجة , فالفتاتان عملتا جاهدتين حتى جاعتا جوعا لا يهم معه ما يكون الطعام 000 أما زاك فهو حسب علم جوديت يأكل أي شيء
توجه الجميع بعد الغداء إلى القصر حيث اصحبها زاك إلى الطابق العلوي ليريها المعرض 0 فتح الباب بفخر وتركها تدخل 0 فضاعت على الفور في جمال الفن 0 كانت لوحات فوبيار رائعة تنقل إلى العين الريف السويسري بإبداع 0 كانت كل ضربة فرشاة وكل لون عميق تحفة بحد ذاتها 0
قطع زاك عليها استغراقها :
ـ سأتركك قليلا 00 هل سمحت ؟
ـ أوه 00 أجل 00 لا بأس 0
ـ انضمي إلينا لتناول الشاي حين تنتهين 0
ردت مازحة :
ـ ألا تفكر إلا في معدتك ؟
ـ بلى 00 بناتالي 00 أنا ذاهب للاتصال بها الآن 00 وسأبلغها حبك ما رأيك ؟
هزت رأسها :
ـ واشكرها عني لرسالتها 0 سأكتب رسالة عما قريب 0
استحوذت عليها ثانية لوحات الفنان التي لم تكن تعرف قبلا أنها موجودة 000 وكيف لا تخل لبها وهي على هذه الروعة ؟ فثمة عشرون لوحة كل واحدة منها تأسر العين وتفقد الإنسان الإحساس بالزمن 0 وقد حدث حين نظرت إلى الساعة أن فوجئت بها تتجاوز الرابعة والنصف فأسرعت تحث الخطى لأنها وعدت زاك بالانضمام إليهم لاحتساء الشاي 0
سمعت أندرو يسأل حانقا وهي تتقدم إلى غرفة الجلوس :
ـ أين كنت وقت الغداء ؟
ثم صاح بعد تلقيه رد زاك الخافت :
ـ مع جوديت ؟ و تيريسا كذلك , على ما أعتقد ؟
ـ أجل 00 ولكن 000
صاح أندرو بغضب :
ـ ماذا جرى لهذه العائلة ؟ قد أفهمك أنت أما تيريسا ! ألم يخطر على بال أحدكما إعلام باتون بخططكما ؟
رد زاك بعفوية :
ـ كان ذلك وليد الساعة 000 فهل أنت غاضب لأنك لم تدع أيضا لتناول الطعام ؟
أمسكت جوديت عمود الدرابزين و أغمضت عينيها 00 متمنية لو أن هذا كله حلما , فكيف لزاك أن يقول شيئا كهذا ؟
تصاعد صوت أندرو وازداد حدة :
ـ ماذا تقصد بقولك ؟ أتظن أنني لا أعرف اللياقة 0
قاطعه زاك بهدوء :
ـ لا أظن لغضبك علاقة باللياقة 00
انخفض صوت أندرو بشكل خطير :
ـ وبماذا له علاقة إذن ؟
ـ أظنك تغار 0
صاحت جوديت بصمت في داخلها : أوه لا 00 يل زاك 0 لا تفعل بي هذا !
جاء صوت أندرو كالجليد :
ـ مم أغار ؟
ـ تقول تيريسا إنك أكثر من مهتم بجوديت 0
ـ تيريسا تتكلم كثيرا عن أمور لا تعرف عنها شيئا 0 فإن عانقتها بضع مرات 000
قفز زاك بذهول يقاطعه :
ـ أعانقتها ؟
ـ نعم وقد استجابت لعناقي ! فما رأيك بجوديت الغالية الآن ؟
ـ وماذا تريد أن أقول ؟
رد بسخرية :
ـ ما أقوله أنا 00 إنها ليست مهتمة بك كما تظن , بل أرى أن الأخ الأكبر الأغنى منك قد ينفعها أكثر 0
ران صمت مطبق فترة قصيرة حتى ظنت جوديت أن غضب أندرو أرهب زاك 0 عندئذ شعرت بالغثيان يجتاحها
أيحسب أن ضعفها واستجابتها له يعودان إلى طمعها به ؟
جاء صوت زاك فجأة قاطعا حادا كالفولاذ كما كان صوت أندرو منذ لحظات , قال بشراسة :
ـ لا يليق بك أن تكون في مكان يضم امرأة كجوديت 0 ربما عانقتها , غير أنك مازلت تجهلها 0
إنها أعذب وألطف وأوفى 0000
وشهق ثم قال :
ـ يا إلهي أنت تصيبني بالغثيان اشمئزازا منك 0
ثم خرج مسرعا من الغرفة فوجد جوديت مسمرة في مكانها شاحبة الوجه شحوبا أخبره بكل القضية 000
ـ جوديت !
وتقدم منها مذهولا وكأنه يكاد يغمى عليه 00 فجاء أندرو ووقف خلفه ووجهه رمادي من شدة الشحوب الذي اعتلى وجهه حين رأى الألم المرتسم على وجه جوديت , وفي عينيها الحمراوين :
ـ وماذا الآن 00 يا إلهي ! هل سمعت 000 ؟
صاح زاك به ساخطا :
ـ بالطبع سمعت 0 وإلا لماذا تراها على هذا الشكل ؟
والتفت إلى جوديت بعينين قلقتين :
ـ جوديت 000
اقترب أندرو منها فقالت بصوت متهدج بارد :
ـ لا تدن مني 00 زاك أعدني إلى الكوخ حالا 0
قال أندرو وكأنه يتوسل :
ـ جوديت 00
ـ لقد سمعتها أندرو 00 اتركها وشأنها 0 ألم ترتكب بحقها ما يكفي حتى الآن ؟
لم تعرف جوديت كيف وصلت إلى سيارة زاك أو كيف قطعت بهما الطريق , بل كان ما عرفته أنه معها في الكوخ وأنه يقدم لها فنجان قهوة مرة 0
ـ اشربي هذا 00 تيريسا على حق , أليس كذلك ؟ أنت تهتمين فعلا بأندرو 0
ردت بوهن :
ـ لا !
ـ وهو يهتم بك أيضا 0
ردت ساخرة :
ـ أتسمي هذا اهتماما ؟
هز رأسه :
ـ جوديت 00 أعتقد أن علي إطلاعه على الحقيقة 0
ـ لا !
كان نفيها هذه المرة قويا 00 ولكنه رغم ذلك أردف :
ـ لو عرف أنك لست صديقتي 000
ـ لما كان عانقني 0 لقد فعل ما فعل ليخبرك به ليس إلا 0
ـ أواثقة أنت ؟
ـ هو من قال لي 00 ولكنني قلت إنني سأخبرك أولا 000
ـ لم يحدث أن حاول التحرش بصديقة من صديقاتي يوما 0
ـ (حاول ) هي الكلمة الصحيحة , واستمراره في المحاولة لن يوصله إلى شيء 000 فلا تقلق زاك 00 فأنا قادرة على العناية بنفسي 0
ولكن 00 حين فكرت لاحقا في الأمر وهي على انفراد , وجدت أنها غير واثقة من نفسها وأنها ما زالت رغم رأيه الوضيع بها تحب أندرو , وأن غضبها ليس دفاعا متينا ضد حبه 0



الفصل السابع


لن أسامحك !


شاهدت جوديت زاك كثيرا في الأيام القليلة التالية 00 ولكنها لم تر أندرو مرة 0
قال لها زاك :
ـ لقد سافر في عمل , وقد أحسن صنيعا بسفره 0 أتعرفين أنه جرى بيننا شجار حاد حين عدت إلى المنزل يوم الاثنين ؟ وحتى أواسيك أخبرك بأنه ندم على كل كلمة قالها 0
لو كان نادما فعلا لاعتذر منها قبل سفره 0 لا 00 قد يكون نادما لأنها سمعته , ولكنها تشك في أنه نادم على ما قاله 0
اصطحبت الأشعت معها إلى القرية لشراء المأكولات , واضعة طوقا وسلسلة حول عنقه ليعتاد عليها , فلا يعقل أن يبقى بدونهما ليسير على هواه عندما تصطحبه إلى باريس 0 ولكن يبدو أن الطوق لم يعجبه , فقد استمر يحاول سحب عنقه منه , وحين ربطته أمام دكان السمان , خرجت بعد خمس دقائق فرأته قد لف نفسه بالسلسلة مقيدا بذلك نفسه إلى العمود 000 بعدما فكت عنه قيده وانطلقت في طريقها وجدت رجلا أشعت نامي اللحية يسد عليها طريقها , فحاولت تجاوزه :
ـ عفوا 00
ـ أوه 00 لا00 لن تذهبي 00 فهذا كلبي وأنا أريده !
بدأ الأشعت يزمجر ويشد السلسلة محاولا الهرب 00 سعت تحاول السيطرة عليه ولكنها وجدت صعوبة في ذلك لأنه راح يجر نفسه ويجرها 0
ـ أظنك مخطئا يا سيد 0
كشر الرجل :
ـ لا 00 لست مخطئا أعطني الكلب 0
ومد يده ليتناول منها السلسة 000 في تلك اللحظة قام الأشعت بآخر محاولة , فأفلت من يدها وطفق يعدو على غير هوادة في الحقول , عندئذ أمسك الرجل ذراعها بخشونة وقال بطريقة قذرة :
ـ لقد أفلته عمدا أيتها الفاجرة !
ثم راح يهزها 0
ـ لا 00 لا 00 أنا 00
ـ لوك كلبي 00 إنه لي ولكنه هرب قبل أسبوع أو أكثر وأنا منذ ذاك الوقت أبحث عنه 000 لقد سرقته مني 000
ـ أفي الأمر خطب ما ؟
التفتت جوديت حامدة الله لأنها سمعت صوت أندرو , فركضت إليه غير مترددة سعيدة برؤيته سعادة لم تشعر بها قبل الآن ! نظرت بغضب إلى الرجل :
ـ أظن هذا 000 السيد 00 أظنه مخطئا 0
ـ لست مخطئا 00
نظر إليه أندرو بعينين خضراوين باردتين :
ـ هذا يكفي تود 00 الآنسة بار هي ضيفتي 00 فإن كان لديك ما تقوله لها فقله لي 0
توقف الرجل عن عدائيته إذ بدا أن عجرفة أندرو أرهبته 0
ـ قلت لها كل ما أريد 00 وهذا ليس آخر المطاف 0
ثم ارتد على عقبيه فارتد معه معطفه الوسخ الممزق وسرواله البالي 0
كانت جوديت ما تزال مرتجفة فأمسكها أندرو واصطحبها إلى سيارته , ثم التفت إليها قبل أن يدير المحرك :
ـ حسنا ؟
ـ من هذا الرجل ؟
ـ تود بوتس 0 وهو يعيش في الجبال , ولا ينزل إلى القرية إلا نادرا ومن المؤسف أنه نزل هذا اليوم ,
فما خطبه ؟
عضت على شفتها , فإن كان ما قاله تود بوتس صحيحا , فهل يجبرها أندرو على إرجاع الأشعت لصاحبه ؟ ولكنها لن تستطيع إعادته إلى ذاك الرجل الذي يبدو أن الأشعت يكرهه !
ـ لا أدري 00 بدا لي غريبا 0
ـ إنه غريب ولكنه لا يؤذي 0
ـ لا عليك به 0 فلننس أمره 0
انطلق بالسيارة خارج القرية 00 فأسندت رأسها ونظرت إليه :
ـ هل كانت رحلة العمل موفقة ؟
ـ ومن قال إنها رحلة عمل ؟
ـ زاك 00 لم أكن أعرف أنها سر 0
ـ ليست بسر 0
ـ حسنا 0
إن كان يرغب في التحدث عن الأمر , فلن تدفعه إليه 0
قال فجأة بصوت خفيض أجش :
ـ أنا آسف جوديت 000 أجل كانت رحلة عمل موفقة قمت بها لحضور عرض لوحات أثرية أنا شريك فيه 0
ـ لم أعرف شيئا عن هذا 0
ـ أذهب إلى هناك مرة شهريا لأتحقق من استثماراتي 00 ولي كذلك عمل مماثل في باريس 0
تذكرت جوديت أن زاك قال لها مرة إنه يعرض مجموعة اللوحات الأثرية التي يملكونها في معرض خاص به , وكانت تعتقد أن ذلك يجري في القصر , فإذا بها تكتشف الآن أنه يعرضها في معرضه الخاص 0 سألته :
ـ أعتقد أنك بارع في اكتشاف المواهب ؟
ـ جدا 00 ما بالك جوديت ؟ أحسبت أن تلك الملاحظات التي ذكرتها حين التقينا ملاحظات عابرة ؟
ـ نعم حسبتها كذلك 0
ـ إذن اعلمي أن لها أساسا 00 فالفن يجري في عروق آل تورنتون , وهو إرث عن جدنا الأكبر 000 أعتقد أن زاك سيصبح فنانا ماهرا في يوم من الأيام 0
ـ أوليس ماهرا الآن ؟
ـ ليس كما يجب 0 إنه هامد الحس قليلا 00 وهو بحاجة إلى الإحساس بالمسؤولية حتى يبدع بالرسم 0
ـ تقصد أن يتألم قليلا 00هه ؟
هز رأسه :
ـ شيء من هذا القبيل 0
لم تكن تشك في صدق كلامه 0
ـ أنا مدين لك باعتذار 00 فقد كنت فظا في المرة الماضية حين تحدثت عنك , ولكنني لم أكن أعرف أنك ستسمعين ما أقول 0
ـ ولو عرفت ؟
تنهد :
ـ لقلت ذلك رغم كل شيء 0 ألم تخبريه عن عناقي ؟
ـ بلى 00 ولكنه صدم حين سمع الخبر منك ولم يصدم عندما سمعه مني 0
ـ ألم تفهمي من ردة فعله هذه شيئا ؟
ـ بلى 000 ولكنني من الفتيات الساعيات خلف ماله 000 أليس كذلك ؟
فتحت الباب وترجلت من السيارة , فمال فوق المقعد :
ـ جوديت 000
ـ وداعا أندرو 00 أشكر لك مساعدتي 0
قالت تلك الكلمات ثم دخلت الكوخ وأسرعت تقفل الباب وراءها 0 عندما سمعت هدير السيارة المنطلقة علمت أن بإمكان أعصابها المتوترة الاسترخاء 0 ترى لماذا يجب عليهما المشاجرة كلما التقيا ؟
ولماذا ينتهي الأمر دائما بأن تتألم هي ؟
بعد ظهر اليوم التالي , كان القلق قد استبد بها 0 فقد خشيت أن يجد تود بوتس مكانها ويأتي مطالبا بالكلب 000 ولكن الزائر لم يكن ذاك الرجل , بل أندرو :
ـ هل لي أن أدخل ؟
ارتدت إلى الوراء لتدخله 00 كانت تعبيرات وجهه جادة ومتجهمة 0 فهل عرف أن الأشعت هو قاتل الخراف ؟
ـ أتعرفين لماذا قصدتك ؟
عضت شفتها :
ـ أنا 00 أنا لست واثقة 00 هل الأمر يتعلق بالأشعت ؟
ـ صحيح 0
ـ ليس لي أن أقول إنني أحبه 000
ـ وأنا لست عديم الرحمة جوديت , أما تود فبلا قلب 0 لقد جاء يطلب مقابلتي اليوم 00 كم تمنيت لو بحت لي بالأمر حين سألتك يوم أمس 0
غمرتها الراحة 000 فهو لا يظنه قاتل الخراف 0
ـ الأشعت لا يحبه وقد هرب بالأمس حين شاهده 0
ـ أتلومينه على فراره ؟
ضحكت :
ـ لا 0
ـ لماذا ادعيت أنه لك عند وصولك إلى القصر ؟
ـ لأنني ظننته كلبا شاردا أحب أن أتبناه 0 وعندما قال بيار إنه لم يشاهده قط قلت لنفسي 000
ـ قلت لنفسك ما دام البيطري المحلي لم يره فهو ليس ملكا لأحد 0 ولكنني أشك في أن تود قد استشار بيطريا من قبل بشأن مواشيه فكيف يستشير بشأن كلب ؟
ـ ألديه مواشي ؟
ـ إنه ليس بالمتشرد كما بدا لك , إنما هو من الأشخاص الذين يرون أن هدر المال على الملابس تبذير 0
ـ ليس على الملابس فحسب , بل على كل شيء 000 لقد أسميت الكلب الأشعت بسبب الحال التي كان عليها 0 إن رجلا كهذا لا يستحق كلبا جميلا كالأشعت 0
ـ أوافقك الرأي , ولكن موافقتي أو عدمها لن تغير واقع أنه صاحبه 0
ـ ألديه رخصة ؟
ـ وأنت ؟
ـ أستطيع الحصول على رخصة 0
ـ وهو كذلك 0
فكرت للحظات :
ـ أوه 000 يمكنني شراؤه منه !
ـ وإذا لم يرغب في بيعه ؟
ـ أتسأله نيابة عني ؟
ـ سألته 000
ـ أوه 00 أندرو !
ـ ولكنه رفض 000 أنا آسف جوديت 00 ليس أمامك خيار 00 يجب أن تعيديه إلى صاحبه 0
ـ متى ؟
ـ الآن أفضل من بعده 0
ارتجفت شفتها , وتدفقت الدموع من عينيها :
ـ إنه ليس هنا الآن 000 لقد خرج 00 فهو يحب التجول 0
هز رأسه :
ـ لاحظت هذا 0 فقد رأيته أكثر من مرة قرب المنزل 00 اسمعي جوديت 00 أنا آسف 00
فصاحت به وقد تدفقت الدموع على وجهها كالسيل العارم :
ـ أنت لست آسفا 00! بل ستفعل أي شيء يؤلمني لأنك لا تحبني 0
ـ جوديت 00
ـ لا تلمسني ! أحب الأشعت 00 وإن أخذته مني فلن أسامحك أبدا !
اندفع نحوها بقوة وشدها من خصرها يضمها إليه :
ـ جوديت ! أنا مستعد للقيام بأي شيء لئلا تتألمي 0
رفعت رأسها إليه وهي ملتصقة به :
ـ كاذب ! بل أنت تتمتع بتعذيبي 00 أعرف هذا !
تأوه , وأخفض رأسه يقبل جبينها :
ـ جوديت 00 حبيبتي !
انتزعت نفسها منه :
ـ لا ! أكرهك ! أكرهك ! أتسمعني ؟
ـ أسمعك 00 وأنا آسف جوديت 0 أنا حقا آسف 0 صدقيني أم لا 000 فهذه هي الحقيقة !
لم تعد تصغي إليه , بل تحدق برعب إلى الباب الذي أطل منه الأشعت 0 أيها الكلب العبي ! ونظر الكلب إلى أندرو دون أن يزمجر كعادته 0 إن الكلب على حق في تصرفاته المعادية لأندرو , فهو عدوهما الذي سيفرق بينهما 00 ولكن إن فر الكلب من جديد ينقذ نفسه 0
نظر أندرو إلى الكلب وقال آمرا :
تعال إلى هنا 0
أطاعه الكلب , فصرخت تندفع نحوه :
ـ لا ! لن تأخذه ! لن أسمح لك بأخذه مني 0
ووقف يمسك يديها ويثبتهما إلى جنبيها وفي صوته نبرة هادئة لفتت نظرها 0
ـ لو كان هناك طريقة أخرى لاتخذتها 0 ولكن هذا الكلب لتود بوتس 0
ـ إنه رجل خال من الرحمة أو الشعور , و الأشعت يكرهه 0
ـ أجل 00 ولا ألومه على ذلك 0 ولكن ليس بيدي حيلة , فهو يهدد بمقاضاتك إن لم ترجعي إليه كلبه 0
ـ هل لي أن أرافقك لأرى كيف يعيش ؟
ـ لا أظن 000
ـ هل أستطيع ؟
ـ ولكنني أحذرك فلن يعجبك ما سترين 0
تدفقت دموعها بحرية حين عبرت السيارة إلى فناء مزرعة فيها منزل قديم محطم قربه الدجاجات والمواشي تتجول بحرية في فناء قذر 0
ترجل أندرو بحذر من السيارة أما هي فأرعبها ما تراه 0
ـ الأمر مرعب كريه 0 لا يمكن إعادة الأشعت إلى هنا !
ـ ليس لدي خيار جوديت 0
فيما كان يتكلم خرج تود بوتس من المنزل , أقذر مما بدا لها سابقا , وعلى وجهه نظرة حقد صوبها إلى الأشعت قال لها ساخرا :
ـ عدت إلى رشدك 00 هه 00 بمساعدة السيد تورنتون دون شك 0
تعلقت بالأشعت بعد أن ارتد إليها وقالت :
ـ كانت مساعدة كبيرة 0
فرد ساخرا :
ـ لأنه يعرف القانون 0
وأمسك بسلسلة الأشعت وجره خارج السيارة :
ـ لدي سوط يليق بك سيعلمك من هو سيدك وإن غصبا عنك 0
أقفل أندرو باب السيارة بحدة , وتقدم من الرجل ليديره نحوه بشراسة , ولكنها لم تسمع ما قاله للرجل الذي شحب وجهه وهو يسمع تلك الكلمات 0 وعندما انتهى أندرو عاد على وجهه نظرة احتقار 0
ـ لن يجرؤ على أذيته 00 لقد هددته بأن أؤذيه جسديا إن أذاه 0
صمت أندرو , أما هي فأجهشت بالبكاء , عندئذ تجهم وجهه وبقي على تجهمه حتى وصلا إلى الكوخ الذي أوقف
عنده السيارة :
ـ جوديت 000
ولكنها ازدادت نحيبا وقفزت من السيارة تعدو إلى الكوخ , لترمي نفسها على الأريكة منتحبة وكأنما لا تريد أن تتوقف عنه 0
بعد نصف ساعة سمعت طرقا على الباب , فلم تتحرك لترد بل بقيت تنظر ساهمة إلى السقف وذراعها تحت رأسها 00 فكان أن دخل زاك وركع قربها 0
ـ أوه 00 يا حبي ! لقد أخبرني أندرو بما حدث 0
ـ وهل أخبرك أنه كان عديم الإنسانية ؟ كيف 00 أخذ 00 أخذ الأشعت مني ؟
ـ أخبرني أنه أعاد الكلب إلى صاحبه 0 لم يكن لديه خيار 00 لقد طالب الرجل بكلبه لوك 0
ـ إنه الأشعت 000 اسمه الأشعت !
ـ حسنا 00 ولكن مالكه يريده مهما كان اسمه , والقانون في صفه 0
ـ وأندرو في صفه كذلك 0 لقد عاد الأشعت يعيش في حظيرة تود العديم الرحمة 0 يا إلهي أظن ذاك الرجل يعذب الكلب المسكين 0
ـ سيراقبه أندرو 0
ـ ومتى أصبح أندرو صديقا لك ؟
ـ أنا لم أنكر يوما محبتي أو احترامي له 00 ربما أرفض أن يزج أنفه في شؤوني , ولكن هذا لا يعني أنه عدوي
ـ لا 00 أنا آسفة 00 إنما لا أستطيع القبول بما فعله بي 0
ـ أفهمك 00
ـ أشك في هذا 0
ـ بل أفهمك فعلا جوديت 00 فأنت رغم حكمتك وقعت في حبه 000 أرجوك لا تنكري 0 فالصدق أفضل ميزة لديك , كما أنه رغم حكمته تعلق بك , ولا أدري إن كان شعوره ذاك حبا أم لا 0 فهو قادر على إخفاء مشاعره عن الجميع 000 ولكن مهما يكن عمق الأمر , فأنتما منجذبان إلى بعضكما بعضا 0
ـ أتصدق أن رجلا منجذبا إلي يفعل بي هذا ؟

ـ لماذا برأيك أتى إليك ؟ فلا حاجة إلى مجيئه خاصة وأنه بعد غياب يومين , مشغول جدا بالأعمال التي تراكمت أثناء غيابه , ولكن تود هدد بأن يأتي لأخذ الكلب فكان أن أصر أندرو على إنهاء الأمر عوضا عنه 0
ـ هذا لأنه أراد أن يؤلمني !
ـ بل أراد أن يجنبك ألما أنت بغنى عنه 0 لقد خاب أماي بك جوديت 0 أندرو لم يؤذ قط عمدا 000
ـ لقد أذاني !
ـ رغما عنه 000 اسمعي اقترح عليك العودة معي إلى باريس حالا استوت جالسة من اضطجاعها على الأريكة وهزت رأسها الشاحب :
ـ لقد دعوتني للإقامة ثلاثة أسابيع , وما زال أمامي ما يزيد عن الأسبوع 00
ـ جوديت 00
ـ سأبقى زاك 000 يجب أن أبقى 00 فلربما احتاجني 000
وقف غاضبا فبدا كأندرو :
ـ قد أجبرك على الرحيل بسحب دعوتي 0
ـ إذن سأجد مكانا آخر أقيم فيه ‍!
تنهد :
ـ حسنا 00 ابقي هنا 0 إنما اعلمي أنك تزيدين الأمر سوءا على نفسك 0
ـ سأقبل المخاطرة 0
تمتم :
ـ سأودعك الآن فإن عدلت عن رأيك 00
ـ لن أعدل عنه 000 أراك الأسبوع المقبل زاك , كما هو مقرر 0
ـ حسنا 00 وداعا جوديت 0
بدت الأيام القليلة التالية حلما مزعجا 000 فهي لم تكن تعرف مدى اعتمادها على صحبة الأشعت إلا بعد رحيله 000 حيث راحت تعاني من شعور مطبق ملؤه الاكتئاب , وكانت تتصور دائما أنها تسمعه يعبث بالباب فتركض لتفتحه فإذا بها لا تجد أحدا 0
أخيرا حضرت تيريسا لرؤيتها وتعبير آسف على وجهها , ولكن أسفها هذا لم يغير من الواقع شيئا حتى حل ظهر السبت 0 ظهر ذلك اليوم ترجل أندرو من السيارة ثم دنا من الكوخ يطرق بابه , ولكنها تجاهلت طرقاته مع أنها تعلم أن تجاهلها لن يمنعه من الدخول 0
رفعت رأسها إليه , وكان وجهه شاحبا كوجهها , فانحنى على المدفأة الكهربائية رغم حرارة الطقس 0
وسألها بصوت هامس :
ـ أهو هبا ؟
ـ من 00 هنا ؟
ـ أتخدعينني جوديت 00 ؟
ـ سأخدعك إن استطعت 0 ولكن بما أنني لا أعرف عما تتكلم فكيف لي خداعك ؟
تنهد وجلس على كرسي مادا ساقيه أمامه :
ـ هرب الأشعت 0
تهللت أساريرها وقالت بصوت مقطوعة منه الأنفاس :
ـ هرب ؟
ـ أجل 000 فاعتقدت أنه جاء إليك , أما تود فهو مقتنع بأنه معك 0 زارني هذا الصباح 0
ـ متى هرب ؟
ـ ليلا 000 لقد عض الحبل حتى قطعه 0
ـ عظيم !
ـ ربما 00 ولكنني أخشى أن يكون قد وقع في متاعب أخرى , إذ عليه الوصول إلى الكوخ منذ مدة 0
ـ أتظن أنه 000
ـ ما عدت أعتقد أي شيء فيما يتعلق بهذا الكلب الذكي , القادر على العناية بنفسه 00 ولكنني أتمنى لو أصب جمام غضبي عليك وعليه فإذا بي عاجز لا أستطيع 0
اتسعت عيناها :
ـ ولماذا لا تستطيع ؟
ـ إذا رأيته فهل ستبلغينني ؟
ـ تعرف أنني لن أفعل 0
ـ أجل 00 جوديت أنا آسف لما حدث , ولكن هل يسرك أن تعرفي أن الحمل الذي أنقذته بصحة وعافية 0
ـ أعرف هذا 0 فقد رأيته مرات عديدة , وقد أطلقت عليه اسم دوق 0
كاد يضحك :
ـ دوق 0
ـ لأنه جميل ووسيم كالدوق 0
ـ لن تكوني أبدا مزارعة يا جوديت , فأنت رقيقة القلب 0
ـ أليست رقة القلب خيرا من قسوته ؟
هب واقفا يطلب الخروج 0 كان ما يزال في ثياب العمل 0
ـ سأزورك في الغد 0
ـ لا بأس 0
لو ظهر الأشعت لبذلت جهدها لئلا يراه , ولكنه سرعان ما فهم ما تفكر فيه فقال محذرا :
ـ سأعرف يا جوديت 0
ردت تدافع عن نفسها :
ـ لو كنت مكاني لحذوت حذوي 0
لامس خدها بلطف :
ـ أجل 00 أجل صحيح 0 حتى الغد جوديت 0
مر الوقت ثقيلا وبطيئا بانتظار ظهور الكلب ولما أصبحت الثامنة مساء قلقت لأنها تذكرت ما قاله أندرو عن إمكانية وقوعه في المتاعب 0
وفي التاسعة انطلقت تبحث عنه تاركة باب الكوخ مفتوحا , ليدخل إليه إن عاد 0 ثم سارت في الطريق التى اعتادت أن تتنزه معه فيها 0
بعد ساعة ونصف من التفتيش , توقفت عن مناداته , إذ استحال مع هذه العتمة رؤية شيء 0 وحين عادت إلى الكوخ شهقت دهشة , فقد كان الأشعت يجلس في الداخل قرب كرسي من الكراسي يجلس عليه أندرو ساهما 0
حالما رأته اتسعت عيناها فسعت إليه وركعت قرب الكلب وراحت تجهش بالبكاء 0
بعد قليل قال أندرو بصوت أجش بارد :
ـ إنه لك جوديت 00
ـ أنا 00أنت 00 لا أعرف ما تعني 0 هل تود بوتس 000
ـ تخلى عن المطالبة به 00 بل أجبر على التخلي عنه 0
ـ الأشعت ؟
ـ إنه بخير الآن 00 ولكن لو أمضى بضعة أيام أخرى معه لما بقي على هذه الحال 0 إن كنت ما زلت راغبة فيه فهو لك 0
ـ أحقا ما تقول ؟
ـ أجل 00 إنه 00
شهق صارخا باسمها حين رمت جسمها عليه فكادت توقعه عن الكرسي :
ـ جوديت !
ولكن سرعان ما احتوتها ذراعاه معانقا ما أجلسها قربه على المقعد حيث راحت تضمه أيضا وتجذبه إليها , فتأوه ورأسه مدفون في شعرها :
ـ اشتقت إليك 0
ـ وأنا كذلك 0
ـ صحيح ؟
ارتد عنها قليلا لينظر إليها فتجول إصبعها على فكه :
ـ يجب أن تعرف هذا 000 أوه أندرو 000 !
ـ ليتني أستطيع أن أحبك 00 ليتني أستطيع !
وفكرت حزينة لبعض الوقت في كل النسوة اللاتي أحببنه وأعطينه ما يريد 0 ثم لم يلبث أن غاب كل شيء عن تفكيرها 00 فأندرو هو الرجل الذي تحب 00 هو حياتها كلها 000 هو هواؤها وماؤها 000





انتهى الفصل السابع


سفيرة الاحزان 15-10-12 05:40 PM

رد: من أجلك أرحل
 
ربنا يقوكي

الجبل الاخضر 21-12-12 12:10 AM

رد: من أجلك أرحل
 
تسلم الانامل ننتظر التكمله:peace:

عبير عمار 23-12-12 10:18 PM

رد: من أجلك أرحل
 
روعه تسلمي يا عسل :55::55: بانتظارك لا تتاخري علينا

sassou 25-12-12 05:20 PM

رد: من أجلك أرحل
 
ولا طولتي كثيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييير علينا صارلي مدة طويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلة وانا مستنيا ان تكملي الرواية
ارجوكي ما تطولي اكثر

Rehana 25-12-12 05:45 PM

رد: من أجلك أرحل
 
تغلق الرواية حتى عودة كاتبة الرواية

Rehana 06-06-13 11:30 PM

رد: من أجلك أرحل
 
تم فتح الرواية بطلب كاتبة الرواية

زهرة منسية 07-06-13 12:23 AM

رد: من أجلك أرحل
 
أسعدنى اعادة فتح الرواية
موفقة مهندسة فى الكتابه و التنزيل

المهندس77 07-06-13 07:35 PM

رد: من أجلك أرحل
 
أنا رجعتلكوا
مررررررررررررررررحبااااا

المهندس77 07-06-13 07:38 PM

رد: من أجلك أرحل
 
القاتل


دفنت جوديت وجهها في صدره 00 حيية من نظراته إليها 00 أيعرف يا ترى أنها ستهبه حبها 00 أيعرف أنها لن تريد ولم ترد قط رجلا سواه 00 وأنه وحده كل شيء في حياتها ؟
ـ جوديت 000!
أعقب النداء طرق مرتفع على الباب وحطم جو السحر الذي أحاط بهما , وذكرهما أن هناك عالما خارج نطاق عواطفهما , عالما دائم العزم على التطفل , كهذا الطرق على الباب , وكهذا النباح الذي راح يدوي عاليا 0
سألها أندرو ساخطا :
ـ أتتوقعين أحدا ؟
هزت رأسها :
ـ لا 00
راقبته يتقدم من النافذة , ثم شاهدته يرتد عابسا :
ـ من الطارق ؟
ـ إنه ماريو 00 ثمة خطب ما قد حدث دون ريب 0
مد إصبعه يلمس شفتيها , وقال واعدا :
ـ لن أتأخر 0
لم تأبه جوديت للمدة التي ستنتظره فيها ما دامت بانتظاره , ولكنها فكرت في أن أمرا خطيرا جعل ماريو يأتي باحثا عنه في مثل هذا الوقت 0 ثم 00 كيف عرف مدير المزرعة أين يبحث عنه ؟ أشاهد أحدهم سيارة أندرو مركونة قرب الكوخ ؟ ما هي الأفكار التي ستطرق خاطر ماريو وهو يجد أندرو في كوخها ؟
حين نزلت وجدته ما زال في الكوخ لم يخرج منه بعد فسألته :
ـ ما الأمر 00 أهي تيريسا ؟
ـ لا حبيبتي إنها الخراف 0
شحب وجه جوديت :
ـ الكلاب ثانية ؟
ـ إنه كلب واحد 00 ماريو متأكد من هويته 0 آسف حبيبتي , ليتني أستطيع قضاء الليل معك 000 ولكن يجب أن أذهب 0
ـ أحدث هجوم آخر ؟
ـ قتلت في بداية هذه الأمسية خراف ونعاج 0
ـ يا إلهي !
ـ لا تقلقي حلوتي 00 سيكون كل شيء على ما يرام 00 نامي الآن 0 نتحدث عن الأمر غدا 000
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت :
ـ أجل 00 وأنا آسفة 000 بشأن الخراف 0
ـ ليست الغلطة غلطتك 00 أحلام سعيدة 0
ثم عاد فخرج منضما إلى ماريو 000 أما جوديت فقعدت على حافة الأريكة وهي تفكر في أن ما حدث غلطتها وإن جزئيا ؟ ألم تكن تعلم أن الفاعل قد يكون الأشعت ومع ذلك أخفت الأمر ؟ هل سيبقى أندرو على حبه لها حين يخبره ماريو عن مسبب هذا كله ؟

تلك الليلة لم تنم كثيرا فقد بقيت تترقب عودته في أية لحظة ليقول لها إن القاتل هو الأشعت 0 ولكنه لم يرجع وعندما جاء الصباح كانت جوديت مثقلة العينين من السهاد 00 تعلم أن عليها الذهاب إلى المنزل لتعرف ما يجري 0
قالت للكلب بعد أن أطعمته :
ـ ابق هنا 00 ربما لا يعلمون حتى الآن أنك الفاعل 0
ولكن لم يبد عليه أنه عازم على التحرك , فهذه الأيام الثلاثة مع تود في حظيرته كانت وقتا رهيبا بالنسبة له 0

انطلقت جوديت إلى القصر فلما وصلت وجدت جيب بيار ليون قرب سيارة أندرو , فعصف قلبها في صدرها 0 ولكن بعد البحث والتدقيق تبين أن أندرو و بيار غير موجودين لذلك قصدت المنزل الذي كانت فيه تيريسا :
ـ لقد ذهبا مع ماريو إلى منزله , فهناك وقعت معظم الأضرار 0
قطبت جوديت جبينها قلقة :
ـ هكذا إذن 0
أمعنت تيريسا فيها النظر :
ـ هل انزعجت من ماريو لأنه قصد الكوخ ليلة أمس ؟ كان أندرو قد أخبرني أنه سيعيد الكلب إليك , فلما تأخر في العودة فكرت في إرسال ماريو هناك 0
غزا اللون الأحمر المجنون وجنتي جوديت فأشاحت وجهها تجنبا لنظرة تيريسا 000 أو يشك الفتاة فيهما ؟ أتعلم أن بينهما شيئا ما ؟ ولكنه هي نفسها ما زالت تتساءل عن سحر ما جرى , فكيف لتريسا أن تعرف ؟
ردت بجفاء :
ـ كنت خارجا أتمشى 00 وكان على أندرو الانتظار حتى أعود 0
هزت تيريسا رأسها :
ـ أراهن أنك سررت برؤيته 0
ـ تسرني دائما رؤية أخيك 0
ـ أعني الأشعت 000
ازداد وجهها تضرجا حتى امتقع لونه :
ـ أوه ! أجل سرتني رؤيته 000 قال أندرو إنني أستطيع الاحتفاظ به 0
ـ أجل 00 لقد قصدنا هذا الكلب وعلى وجهه ملامح التشوش والجوع , فلما رآه أندرو على هذه الحال توجه إلى ذلك الرجل تود وحين عاد كان وجهه أبيض من شدة الغضب , والحمد لله أن الأشعت ما عاد ملك ذلك الرجل الرهيب 0
ـ أو تخلى عنه ؟
ـ لا 00 بل اشتراه أندرو منه 0
ـ اشتراه ؟
ـ أظنه خيره بين خيارين , إما المال وإما إقامة دعوى لسوء معاملة حيوان 0 وأظنه قرر أن شيئا ما أفضل من لا شيء فاختار المال 0 إن أندرو لا يرضى أبدا بالظلم , وذلك الرجل ظلم الكلب عندما حرمه الطعام 0فقد أكل قصعتين من الطعام في غياب أندرو 0
ـ فهمت الآن سبب بقائه نائما اليوم 0 لقد قدمت له قطعة لحم في المساء والصباح 000 أخبريني 00 كم من الخراف قتلت ؟
ـ نعجتان وثلاثة خراف 0
ووقفت تيريسا :
ـ أظنني أسمع هدير سيارة قادمة 00 سأتحقق منها 00 أجل 00 إنهم هم سأتحرى إن كان بيار يود الدخول لاحتساء فنجان قهوة 0
راحت جوديت تذرع الغرفة خائفة مما سيقوله أندرو ومما سيظهره من أدلة تدين الأشعت وتثبت عليه التهمة 0 ثم عند هذا الحد انحبست أنفاسها , فما زالت ذكرى ذراعيه القويتين وأنفاسه الحادة حية في ذاكرتها 0 فجأة أتاها صوت أندرو الأجش قاطعا عليها أفكارها :
ـ إذا كان ما يقوله ماريو صحيحا فلا بد من قتله 0
ثم سمعت بيار يقول بقسوة :
ـ أجل 00 إنما لن يكون الأمر سهلا فلست الوحيد المتورط بهذا 0
قاطعه أندرو بحزم :
ـ ستفهم , فلقد أعدت الكلب إليها 000
ما عادت جوديت تصغي أو تفهم كذلك 00 وماذا تفهم ؟ هل أعاد الكلب إليها ليقتله ؟
ارتدت على عقبيها تركض وتركض , فلن تسمح لأندرو بأخذ الأشعت ثانية 0 ستبعده عن هذا المكان 000 ستصحبه معها إلى باريس 000 حيث لا خراف تغريه بقتلها 0
فجأة انزلقت قدمها على آخر درجة فالتوى كاحلها وهوت بثقلها على الأرض المرصوفة بالحصى الكبيرة فاصطدم رأسها بقوة وما عادت تشعر إلا بألم سحيق يدوي في رأسها 0
حينما استردت وعيها وجدت أنها في مقعد السيارة الخلفي مستلقية على حجر تيريسا , وإبهام يدلك جبهتها 0
سارعت تيريسا تهدئها حين حاولت الجلوس :
ـ استلقي هادئة 0 نحن ننقلك إلى المستشفى 0
ـ أنتم 000 ؟
ـ أندرو يقود السيارة 0
ـ أندرو ؟
ثم جلست بعد أن قاومت محاولات تيريسا لإجبارها على البقاء مستلقية 00 فالتفت أندرو بسرعة ووجهه شاحب :
ـ ما الأمر ؟ 00 حبيبتي 00 ماذا 000
تذكرت فجأة كل شيء فتراجعت عنه وقالت مقاطعة :
ـ لا تناديني هكذا ! و لا تقترب مني !
نعم لا تنكر أنه حبيبها ولكنه يريد قتل الأشعت 0
بدت عليه الحيرة :
ـ جوديت ؟
ـ اتركني وشأني 0
حاولت تيريسا تهدئتها بصوت مختنق :
ـ اهدئي جوديت 000
ثم التفتت إلى شقيقها وقالت له :
ـ إن ردة فعلها هذه تعود إلى الصدمة 0 إنها لا تعرف ما تقول 0
ـ بلى 00 أعرف 0 نعم أعرف ولذا أريد الذهاب 0 أريد ترك سويسرا 0
سألها أندرو بعنف :
ـ أتريدين زاك كذلك ؟
ـ أجل 00 أريده معي 00 أريده أن يحمي 000
وقعت السيارة في حفرة على الطريق فمالت بقوة جعلت كاحلها يتألم بشدة ووعيها يغيب من جديد وحين استردت وعيها كانت في المستشفى في غرفة خاصة , فيها أشعة الشمس ساطعة بحيث لم تستطع معرفة الوقت 0
دخلت ممرضة جميلة صغيرة ومعها مزهرية مليئة بالورود 0
ـ استيقظت إذن آنسة بار 00 هذه الزهور من معجب 00
ثم أعطتها البطاقة المرفقة بالزهور 0
كان هناك حاجز , أو علبة تمنعها من رؤية ساقها 00 فنظرت برعب إلى الفتاة , فضحكت :
ـ لا تقلقي 0 لم نفعل لك شيئا مأساويا 0 كسرت كاحلك فأجرينا لك عملية , ووضعنا حاجزا يمنع التصاق الشراشف بها 0
حركت ساقها تحت الغطاء فأحست بقدمها ثقيلة غريبة 0 قالت الممرضة :
ـ إنها الأربطة ولكن لا تقلقي فعندما يحين الأوان نعطيك عكازين يساعدانك على السير 0
ـوكيف ستعرفين ما سأقدم على قوله قبل أن أتكلم ؟
ارتدت الممرضة الجميلة ضاحكة , كانت صغيرة كجوديت , شعرها أصهب جميل , وعيناها زرقاوان ساحرتان
ـ إنها أسئلة أتلقاها عادة , لذا فكرت في الرد عليها قبل أن تباشري بها 0
ـ ما دام الأمر كذلك فأعطني المزيد 0 متى جئت إلى المستشفى ؟ وكم الساعة الآن ؟ ومتى أستطيع العودة إلى المنزل ؟ ماذا 0000
ـ واو 000 كفى , كفى 000 أنت هنا منذ ساعة 00 والساعة الآن الثانية 00 أما المنزل فستذهبين إليه حين يأذن لك الطبيب 0
ـ وهذا يعني ؟
ـ بعد بضعة أيام 0
ـ لا أستطيع المكوث هذه المدة !
ـ مكوثك طبيعي بعد الضربة التي تلقيتها على رأسك , إنما لا تخشي شيئا فلا تلبث أن تزول الصدمة 0
قالت جوديت بعناد :
ـ لا أستطيع المكوث هنا 0 لدي كلب علي الاعتناء به 0
ـ هناك شابة كانت معك 00 اسمها تيريسا على ما أعتقد 00 طلبت مني أن أهدأ روعك قائلة إنها ستهتم به 0
لا 00 أندرو من سيهتم به وبذلك تتاح له فرصة ذهبية لقتله 0
ـ أين تيريسا الآن ؟
ـ أصرينا على أن تعود إلى المنزل لتناول الغداء 00 ولكن لدينا تعليمات مشددة من السيد تورنتون تفيد أن علينا الاتصال به حالما تثوبين إلى رشدك 0
ـ ثمة هاتف أستطيع استخدامه ؟
تنحت الممرضة جانبا فبان لها هاتف موضوع على طاولة السرير الجانبية 0
ـ لكن آنسة بار 000
ـ سأتصل بالسيد تورنتون بنفسي وبعد ذلك سأخرج من هنا 0
شهقت الممرضة :
ـ لا يمكنك هذا 0
ردت بإصرار :
ـ أحتاج إلى ثيابي 00 فهلا أعطيتني إياها ؟
بينما كانت تطلب الرقم نظرت إلى البطاقة فإذا فيها لفظة ( سامحيني ) دون توقيع 00!
ـ آنسة بار 000
ـ آه 00 باتون 0 أعطني الآنسة تيريسا 0
قالت جوديت بحدة حالما وصلت الفتاة لترد :
ـ تيريسا 00
صاحت تيريسا دهشة :
ـ جوديت ! كنت على وشك العودة إلى المستشفى 000 هل أنت بخير ؟ قالوا إنك ستبقين فاقدة الوعي ساعات ولولا ذلك لتخليت عن الغداء 00 كيف حالك ؟ هل أنت 000
قاطعتها :
ـ دعك من هذا 0 هل الأشعت بخير 0 تيريسا 00 يجب أن أعرف 0
ـ بالطبع هو بخير 000 إنه هنا معي في الوقت الحاضر 0
ـ إنه 00 إنه معك !
ـ طبعا 00 إنه يأكل كل ما في المنزل والمخزن 0
هذا تماما ما يفعله الأشعت 0
ـ ألم 000 يقل 00 أندرو شيئا ؟
ـ لا 00 ولكن 00 جوديت ماذا حدث بينكما ؟ بدا أندرو هذا الصباح مبتهجا حتى حسبتكما قد سويتما خلافاتكما
ردت بحدة :
ـ لا تكوني مؤدبة تيريسا 00 أنت تظنين أن ما يزيد عن هذا حصل بيننا 0
ردت محتجة :
ـ لا 00 لم أفكر في هذا 0
تنهدت :
ـ بل فكرت , ولكن لا أهمية لأي شيء الآن 0 ما كان بيننا غلطة 0
ـ ليست غلطة بالنسبة لأندرو 0
ـ أوه بلى إنها كذلك 0 تيريسا أريد منك الاهتمام بالأشعت حتى أعود 0 أتفعلين هذا إكراما لي ؟
ـ تعلمين أنني سأعتني به إنما أندرو 000
ـ سأكون في المنزل بعد ساعة 000
ـ لن تفعلي هذا أيتها السيدة الشابة 0!
وانتزع الهاتف من يدها طبيب راح يتحدث بحزم مع تيريسا :
ـ لن تذهب الآنسة بار إلى أي مكان لا اليوم ولا غدا وربما ليس بعد يومين 0
صاحت جوديت :
ـ أعطني الهاتف 0
ومدت نفسها لتناول السماعة منه ولكنها سرعان ما ارتمت فوق الوسائد غائبة عن الوعي 0
ومرت ثمانية وأربعين ساعة , لم تع فيها شيئا مع أن الطبيب أكد أن الإغماء أمر طبيعي , إلا أنه في الواقع بدا غريبا , فلما استيقظت كانت عطشى تشعر بصداع يدق بشكل دؤوب على صدغها 0
ما إن لاحظت تيريسا الجالسة قربها أنها استيقظت حتى تركت المجلة 0
تأوهت جوديت :
ـ الأشعت ؟
فتنهدت تيريسا يائسة :
ـ لا أصدق هذا 000 بالله عليك جوديت ! كنت تهذين يومين كاملين به وحين تستيقظين تسألين عنه أيضا ؟
ـ حسنا ؟
ـ إنه بخير 0 والآن كيف حالك ؟ يكاد أندرو يفقد عقله 00
أدارت وجهها :
ـ لا أريد الكلام عنه 00 إذا كان قلقا فبسبب الحادثة فقط 00 التي وقعت في منزله 0
وقفت تيريسا بسرعة :
ـ سأحضر الطبيب 00 فنحن لا نريد أن تنهاري ثانية 0
أطرقت جوديت رأسها بعجز :
ـ لا بأس 00 استدعيه 00 ولكنني لا أريد رؤية أندرو 00 أتفهمين هذا تيريسا 00 ؟
ـ أفهم ما تقولين ولكنني لا أفهم السبب 0
ـ ستحتفظين بالأشعت سالما إكراما لي ؟
ـ قلت إنني سأرعاه 0
ـ وعد !
ـ حسنا 00 أعدك 0 إنما لا أدري سبب هذه الضجة كلها بشأنه 0 إنه بأتم العافية 0 استلقي الآن حتى أستدعي الطبيب 000 على فكرة زاك في القصر ترافقه ناتالي 0 نحن الأربعة نتقاسم الوقت في السهر عليك 0
سأتصل به بعدما أتحدث إلى الطبيب 0
زارها في الأيام التالية زاك و ناتالي و تيريسا كثيرا 0 ولكن بناء على طلبها لم تر أندرو ولم يحدثها أحد عنه , ولعلهم عزوا ذلك إلى مرضها 0 فلما حان أوان عودتها إلى المنزل أخرجها زاك و ناتالي إنما بسيارة أندرو 0
قالت لها ناتالي :
ـ سأقيم معك في الكوخ حتى نعود إلى باريس 0
ردت متوترة , وساقها ممدودة على المقعد الخلفي :
ـ أنا على أتم الاستعداد الآن للعودة 0
صاحت بها ناتالي :
ـ اسمعي جوديت , انظري إلى قدمك 00ما كان هذا كله سيحدث لولا هذا الأبله الغبي الذي أقنعك بتمثيل دور فتاته 0
وقرصت زاك في ذراعه , ثم أردفت :
ـ لن أسامحه ما دمت على قيد الحياة 0
رد بسخرية :
ـ عليك أن تسامحيني لأنني زوج المستقبل 0
ـ لم أقرر بعد 00 أتعلم أن هذا العمل الغبي قد يغير رأيي ؟
ـ لو فعلت هذا قبل الآن !
نظرت إليه باشمئزاز :
ـ وأنا سعيدة لأنني لم أفعل 0 ما هذه الفكرة السخيفة 0
ـ ولكن جوديت وافقت على الفكرة 0 ثم أتنكرين نجاح الفكرة ؟
تنهدت ناتالي :
ـ لا أقول هذا بالضبط , فالمسكينة كانت مضطرة لتحمل فظاظة أخيك , وقد حدث أن راحت تعتني بكلب جلب لها متاعب جمة , ثم تبنت حملا , وكسرت كاحلها 0 عليك أن ترد على أسئلة كثيرة يا زاك 0
ـ أنا لم أجبرها على البقاء 000
ـ لكنك لم تسهل عليها أمر السفر 00 وأظنك 000
ضحكت جوديت تقاطعهما :
ـ حين تنتهيان سأقول لكما إنني قادرة على تقرير مصيري بنفسي 0
كانت جوديت بعد ثلاثة أيام راضية عن العكازين اللذين لعنتهما بادئا , ثم راحت بعد ذلك تتجول بهما في الكوخ بثقة 0 وكما قالت لها تيريسا , كان الأشعت سليما سعيدا بعودتها 0 كان زاك من الزائرين الدؤوبين وقد شاهدت فيه بأم عينها حبه العميق لناتالي , أما أندرو فلم تره وهكذا استقرت في حياتها هادئة , تقضي معظم أوقاتها في الحديقة , تتوق إلى الوقت الذي تستطيع فيه العودة إلى باريس 0
أخيرا أذن لها الطبيب بالسفر , وبما أنه لم يبق سوى يومين على نهاية الأسبوع فقد قرر زاك أن يسافروا يوم السبت 0 قالت جوديت تمازح ناتالي وهما تتهيئان للغداء معه :
ـ لماذا لا تخرجينه من بؤسه 00 قولي إنك موافقة على الزواج به 0
ابتسمت ناتالي :
ـ ليس بعد 000 أظنه يستحق قليلا من العذاب لما ورطك به 0 وماذا عنك جوديت ؟ ألن تري أندرو قبل سفرك ؟
ارتبكت فجأة و شحب لونها , وتلاشى كل المزاح من عينيها واندثرت البسمة :
ـ ولماذا أراه ؟
ـ جوديت 000
ـ أرسلت له رسالة أشكره فيها على الزهور 0
لقد طلب منها في الرسالة الغفران , ولكنها لن تغفر له , فالرجل الذي أحبته كان مفعما بالحب والحنان , أما الرجل القاسي الذي رأته فلن تقبله أبدا وإن كان الأشعت ما زال على قيد الحياة فالفضل يعود إلى إحساسه بالذنب , وهي تعلم خير معرفة أنها لو مكثت هنا طويلا لكشف أندرو من جديد عن ذاك الجانب البغيض فيه , ذلك الجانب المدمر 0
قالت ناتالي ببطء تقطع عليها حبل أفكارها :
ـ جوديت 00 لم أذكر هذا قبلا 00 لكن زاك يقول إن هناك شيئا ما بينك وبين أندرو 0
ـ إنه مخطىء 000
ـ بل هناك شيء 000 هذه أنا يا حبيبتي 0 أنا التي أعرفك أكثر من أي مخلوق آخر في الكون 0 لقد تغيرت منذ مجيئك إلى هذا المكان 0 كنت دائما خالية البال من الهم , منطلقة متحررة , وها نحن الآن نبذل جهدنا وطاقتنا حتى تتكلمي 000 وهناك أندرو الدائم التجهم 00 نعم هو لطيف , إنما متجهم 0 زاك يقول إنه ليس عادة على هذه الحال 0
التوى فمها بسخرية :
ـ لقد وصفه منذ أسابيع بالغول 0
ـ في الواقع لم يصفه بذاك الوصف , بل كان معجبا به كل الإعجاب وما كان يكره فيه غير سيطرته 000 رويدك حتى نتزوج 00 وعندما سأريه ما هي السيطرة الحق !
عندما وصل زاك كانت الفتاتان ما تزالان تضحكان , ولكن الضحك تلاشى عن وجه جوديت ما إن غادر الحبيبان بغية الذهاب إلى موعدهما , بعد رفضها الخروج معهما 000 كانت ناتالي على حق فهي فعلا ما عادت تتكلم كثيرا هذه الأيام وما عادت ترغب إلا بالابتعاد عن أندرو والعودة إلى عالمها الآمن في باريس 0
جرفها النوم في الحديقة وهي تمدد قدمها المعطوبة على طاولة منخفضة صغيرة , ولكنها شعرت وهي نائمة بذبابة تحوم وتصر على أن تحط على أنفها , فأبعدتها عدة مرات حتى جلست أخيرا تفتح عينيها دهشة لأنها رأت رجلا على مقربة منها 0
ـ مرحبا !
غصن العشب الطويل الذي كان في يد أندرو هو ما داعب أنفها 00 فاستقامت في جلستها متوترة 0 ثم أخذت تتأمله فإذا به نحيل أكثر مما تذكر , وحول عينيه خطوط التوتر 0 ولكنها عزت هذا التوتر إلى العمل لا إلى العلاقة المتدهورة بينهما 0
ـ تلقيت رسالتك 0
ـ أجل 0
ثم أشاحت بوجهها عنه 0
ـ يجب أن نتكلم 0
ـ لا حاجة للقيام بشيء أندرو 0 و أظنني أوضحت بكل جلاء في الأيام الماضية أن لا شيء عندي أقوله لك , لا الآن أو مستقبلا 0
ـ ألهذا وقعت رسالتك بطريقة رسمية 00 جوديت بار ؟
هزت رأسها :
ـ وما الغريب في ذلك ؟
أمسك بيدها :
ـ ما الذي حدث جوديت ؟ ما الذي حدث بين الخميس وبين صباح يوم الجمعة حتى كرهتني 0
سحبت يدها بجهد :
ـ لم أكرهك أندرو بل رأيت الواقع على حقيقته 0
ـ آه ليتني أراه أيضا ؟ أنسيت الوفاق الذي كنا عليه تلك الأمسية ؟ لماذا ترمين به عرض الحائط ؟
أصبحت عيناه بركتين جضراوين عميقتين , فتمنت لو تقف لتهرب منه إنما هذا الجبس الذي يكسو الكاحل اللعين يمنعها من ذلك وليس أمامها إلا الجلوس والمعاناة من هذا الإحراج 000 ولكنه لن يعرف شيئا عن حبها , بل ستقوم بأي شيء , نعم بأي شيء , حتى تحول بينه وبين معرفته به 0
ـ أحببتك , و أحببتني 00
ـ وهل حبك هذا يمنحك مكانة خاصة ؟
وقف ليذرع الحديقة , و يداه في جيبيه 0 ثم التفت إليها بعينين يظهر فيهما الألم :
ـ لا أطلب مكانة خاصة جوديت 00 كما إنني لا أريد أن أحرجك 0
ـ إذن 00 انس كل شيء , فذاك العناق شيء عابر 0
ـ لا أصدق هذا 000
ـ كنت ممتنة شاكرة لك صنيعك 0
ـ شاكرة صنيعي ؟ أي صنيع ؟
ـ إعادتك الأشعت لي 000
ـ ولكن ما هذا بسبب يدفعك إلى ذراعي رجل 0
ـ لم أندفع إلى ذراعيك 0
وشحب وجهها فحدق فيها بقسوة :
ـ بل فعلت 00 اللعنة عليك !
ردت ببرود :
ـ أنت مخطىء 000 اسمع ! هل ستبقى طويلا ؟
تنهد :
ـ لم آت بقصد الإزعاج 0
ـ لماذا جئت إذن ؟ أكنت تأمل أن يكون زاك هنا لتقول له بأنك عانقتني ثانية ؟
ـ تعلمين أنني ما كنت لأفعل , ولكن أخشى أن تكوني قد أخبرته أنت 0
التوى فمها :
ـ لست فخورة بما حدث إلى هذا الحد 0
ـ وهل تحسبينني فخورا بمعانقة امرأة كانت على وشك الزواج بأخي 000
قاطعته بحدة :
ـ كانت ؟ وما الذي يدفعك إلى الظن بأنني لن أتزوجه ؟
بدا أكثر شحوبا :
ـ أما زلت تريدين الزواج به ؟
ـ لم تصل الأمور إلى هذا بعد 0 ولكن اعلم أن عناقات عابرة لن تؤثر أبدا في مشاعري تجاه زاك 0 وأنا آسفة إذا ظننت أن هناك ما هو أكثر , فنحن في مجتمع متسامح يا أندرو 00 فليس على المرء أن يمتنع عن مغازلة أحدهم إذا كان واقعا في حب آخر 0
تمتم :
ـ هكذا إذن 0
ـ نعم هكذا 00 فلتنس الأمر 0
طأطأ رأسه :
ـ لا أستطيع 0
ـ إذن 00 هل ستخبر زاك ؟
ـ لا 00 بالطبع لا 0 ولكنني أخشى ألا أقاوم مشاعري حين أكون معك 0
رفعت كتفيها بلا مبالاة :
ـ إن كنت تخشى مقاومة مشاعرك فاطمئن بالا ولا بأس أن تفك عقالها , فبعد زواجي من أخيك سنتقابل كثيرا , و زاك لن يكون موجودا معنا طوال الوقت 00
ابتلع أندرو ريقه بصعوبة , ونظرة عدم التصديق والكراهية والاشمئزاز تجتاح وجهه :
ـ أتخالين 000 أتخالين أن باستطاعتي إقامة علاقة مع زوجة أخي ؟
نظرت إليه ببراءة :
ـ ولم لا ؟ 00 لقد غازلت صديقته 0
ـ الأمر مختلف 000
ردت ساخرة :
ـ صحيح ؟ 00 ولماذا ؟
ـ كلانا حر الآن , غير ملتزم قانونيا بأحد 0 ولكن متى تزوجت بزاك تصبحي من أفراد عائلتي وبذلك تغدين محرمة علي 0
هزت كتفيها :
ـ أنت الخاسر 0 فأنا واثقة أن زاك لن يكون متملكا إلى حد بعيد , كما أنني لن أكون كذلك 0 لقد خرج اليوم مثلا للغداء مع ناتالي ولا أعترض إطلاقا 0
ـ أهي الفتاة ذاتها التي حذرتك منها حين وصولك ؟
ـ أجل 0
ـ شريكتك في الشقة ؟
ـ ولم لا ؟
لاحظت أنه بدأ يكره ما يسمع , وأن تصرفاتها باتت تنفره , وأنه راح يكرهها 0 وهذا أفضل من أن تعرف أنه ما زال راغبا فيها ! لقد حققت مقابلتهما اليوم شيئا 00 فأظهرت لها أن قسوته مع الأشعت , رغم الألم الذي جلبته عليها , لم تؤثر في جذوة مشاعرها فما زالت هذه المشاعر قوية وما زالت هي ضعيفة أمامه , فلو حاول الآن معانقتها لاستجابت له كما حدث من قبل 0 هز رأسه :
ـ ليست هذه طبيعتك جوديت 000
ـ وماذا تعرف عني حقا ؟ إنني امرأة اشتهيتها , امرأة رغبت فيها فماذا تريد ؟ عرضت عليك متابعة علاقتنا ولكنك رفضت 00 فماذا تريد ؟
ـ أنت غير معقولة جوديت 0 ما دمت تودين متابعة علاقتنا فلماذا رفضت رؤيتي في المستشفى ؟
اللعنة 00 نسيت هذا !
ـ متى نحن المتحررات نحس أحيانا بالذنب 00 إلا أنني عندما رأيت زاك ثانية تبين لي أن لا حاجة إلى هذا الشعور 0 ربما يجب أن أكتب لك رسالة مبتدئة قولي ب : ( حبيبي أندرو ) فهل سيعجبك هذا ؟
رد بخشونة :
ـ لا 00 لن يعجبني 000 كنت مخطئا بحقك 00 و أنا آسف 0
واستدار مبتعدا , فاستلقت على كرسيها تغمض عينيها 0 ما هذا التمثيل الرائع 000 ! ستركع لها أفضل ممثلة اعترافا بمقدرتها 0
ولكنها لم تكن فخورة بنفسها ! لقد تعمدت أن تسم نفسها بأنها إحدى أولئك الفتيات المتحررات اللواتي تكرههن أشد كره 0 ولقد نبذها أندرو بسبب ذلك 00 فهو لم يحب الوجه الذي أظهرته له 000 لماذا لم تقل له بصراحة إنها لن تحب رجلا لا قلب له 00 رجلا قاسيا كالموت 0 ربما لأنها لم تستطع حتى الآن أن تعترف حتى لنفسها بأنه قد يكون هذا الرجل !
في تلك اللحظات بكت 00 بكت حبها الذي لن يموت في أعماقها 000
ولكنها أنقذت الأشعت , وستبعده عن هذا المكان المهدد حياته بالقتل وحياتها بالدمار 0
غير أن بؤسها لم ينته في هذا اليوم إذ ساق القدر المزيد , وذلك حين وجدت سيارة أخرى تتقدم نحو الكوخ 0
جعلها منظر المازاراتي الزرقاء تتأوه 0 إنها بياتريس تشارمر ! المرأة البغيضة التي تكره رؤيتها 0 ولكن ماذا تريد منها هذه المرأة التي تشك جوديت في أنها زارت إنسانا زيارة ودية 0








انتهى الفصل الثامن









الفصل التاسع

وداعا جوديت



ترجلت بياتريس برشاقة من مقعدها 0 كانت ترتدي بزة أرجوانية تلتصق بجسدها وتعتمر قبعة أنيقة متناسقة الألوان مع ما تلبس 0
دنت مختالة بنعومة إلى حيث جلست جوديت :
ـ إنك شاحبة !
كانت هذه الجملة افتتاحية لجمل ستنبثق من هذه المرأة التي تبدو في خير عافية 0
ـ أنا دائما شاحبة 0
لم يكن في رد جوديت ضغينة , ذلك أنها تريد إظهار كرهها لهذه المرأة 000
فأجابتها المرأة :
ـ أجل 00يا لك من خرقاء ! فكيف سقطت تلك السقطة ؟
اتسعت عينا جوديت من هذا الهجوم المباغت :
ـ تأكدي أنني لم أقع بإرادتي 0
نظرت بياتريس إليها بطريقة مهينة باردة :
ـ لقد حققت التأثير المطلوب 0
ـ صحيح ؟
ضحكت المرأة الأخرى بخشونة وقحة :
ـ أووه 00 أجل 0 و أندرو المسكين أحس بأنه مسؤول عنك فرعاك , إنما الطريقة التي رميت بها نفسك عليه , لم تساعدك كثيرا , فلقد أحس المسكين بالمسؤولية عن هذا أيضا 0
ـ حقا ؟
تعلم جوديت أن أندرو لم يتباحث مع هذه المرأة أمر علاقته بها 0 أم تراه فعل ؟ إذا كان قد فعل , فهذا لا ينسجم أبدا مع الكلام الذي قاله لها قبل ساعة تقريبا 0 هل تلعب بياتريس تشارمر لعبة خداع كبيرة ؟
سمعت المرأة تسخر :
ـ أنت أصغر من أن تحتفظي برجل كأندرو 0
ـ وأنت ؟
ـ أنا قادرة طبعا 0 كان يرغب فيك , فتركته يحقق رغبته وها هو قد عاد إلي ثانية 0
ـ نادما تائبا كما أرجو ؟
أظهرت عينا بياتريس كراهية شديدة , مع أنها حاولت ضبط أعصابها بابتسامة زائفة :
ـ نحن مغرمان منذ زمن بعيد , لذا لا نحتاج إلى الاعتذار عن العبث العرضي خاصة وأننا شخصان متمدنان 000 حين أتزوج بأندرو 000
سخرت منها جوديت مقاطعة :
ـ عليك أن تفتتحي قولك ب ( إذا ) 0
ـ صحيح ؟ أؤكد لك أن كلمة ( حين ) أنسب 000 إنما اعلمي أننا متى تزوجنا نسي حتى النظر إليك 0
أحست جوديت بالملل من هذه اللعبة 0 فأجابت :
ـ ربما لن أرغب أنا في هذا !
إنه رجل صادق 00 ولقد أخبرها منذ هنيهة فقط أنه رجل حر غير ملتزم بأية امرأة 00 وهذا يشمل بياتريس تشارمر 0
التوى فم بياتريس :
ـ لقد كنت أكثر من واضحة في إظهار اهتمامك به عزيزتي 000 أذكر أنه كان محرجا في البداية 00 ثم ظن أن من الحرج العبث مع صديقة زاك 0 ولكنني أشك في أنك اعتبرت تصرفاته عبثا 00 أليس كذلك جوديت ؟
ـ لا فكرة لدي عما تتكلمين بياتريس 0 ما دمت واثقة إلى هذه الدرجة منه فلماذا قصدتني بهذه الزيارة ؟
هل تخشين أن أؤذيك ؟
ـ بالطبع لن تؤذيني , غير أنني أحاول أن أبين لك أنك ستصابين بخيبة أمل لو حاولت ملاحقته بعد زواجك 0
ـ أوه 00 لا أظن هذا 00 أترين 00 لقد اتفقت معه على كل شيء 0
حاولت بياتريس إخفاء دهشتها , ولكنها لم تنجح , فارتفع اللون الأحمر إلى وجنتيها , وضاقت عيناها :
ـ حقا ؟
هزت جوديت رأسها :
ـ همم 000 فنحن لم نر ما يدعو إلى إيقاف علاقتنا 0
ـ علاقة 00 ؟
بدا الارتباك واضحا على المرأة , فنظرت إليها جوديت ببرود 00 ثم قالت بتعال وكأنها تنصحها :
ـ من الخير لك العودة إلى أندرو والتحدث إليه لأنني أحسبه لم يخبرك شيئا 0
ـ أيتها ال000
قاطعتها بحدة :
ـ رجاء بياتريس 00 تذكري أننا امرأتان غير همجيتين 0
ـ أنت امرأة فاسقة تستغلين الفرص 0 أتعتقدين أنك قادرة على إيقاع الأخوين في حبائلك ؟
ووقفت بياتريس ترتجف تحاول إخفاء إحباطها تحت برقع من التعالي 0 فأجابتها جوديت ببرود :
ـ ألن أستطيع ذلك ؟
ـ لن تستطيعي إذا تمكنت أنا من القيام بشيء ما بهذا الصدد 0
سخرت منها :
ـ أو تستطيعين ؟
أخذت أنفاس بياتريس تتسارع بصعوبة , وراح صدرها يعلو باهتياج 0
ـ أوه 00 أجل ! حين أخبر أندرو بهذا الحديث 000
ـ وهل إخباره فكرة صائبة ؟
لمع الانتصار في عيني بياتريس فقالت جذلى :
ـ ألست واثقة من نفسك ؟
ردت بهدوء :
ـ كنت أفكر فيك 0 لقد أطلعتك على الخطة التي اتفقت عليها مع أندرو مستقبلا 0 وأنا واثقة بأنه سيهتم بما قلته أنت منذ قليل 000 خاصة بعدما أصغى إلى وجهة نظري 0
ـ أنت 00 أنت 000
راحت جوديت تراقب المرأة وهي تتبدل من الثقة التامة بالنفس إلى الغضب و التشوش 0
صاحت بياتريس تفح كالأفعى :
ـ إنه لي منذ سنوات 00 وسيعود لي بعد رحيلك 000
هزت جوديت كتفيها :
ـ لقد سبق أن قلت لك إن عليك التحدث إليه 0
فجأة تلاشى الجمال كله عن وجه بياتريس :
ـ أوه 00 هذا ما سأقوم به 0 وانتظري حتى تري من سيختار منا 0
ثم ارتدت تعود أدراجها فاقدة تلك الثقة التي أطلت بها على جوديت 0
ما إن رحلت تلك المرأة حتى تنفست جوديت الصعداء ثم راحت تفكر في أن الأمر ليس معركة أو مناقشة بالنسبة لأندرو 000 فهي لا تملك حتى الرغبة في المقاتلة من أجله !
ـ ماذا أرادت ؟
رفعت جوديت نظرها فإذا زاك أمامها 00 كانت غارقة في أفكارها فلم تنتبه إلى وصوله و ناتالي 0
ـ آسفة ؟
جلست قربها 0
ـ بياتريس 00 ماذا تريد ؟
ـ تطمئن على صحتي , وما عدا ذلك ؟
ـ ولكنها بدت غاضبة كادت معه تصدمنا عند المنعطف 0
ضحكت ناتالي :
ـ ولا أظنها تطمئن على صحتك بل ترغب ربما في معرفة متى تكون الجنازة 0
جعلها هذا المزاح تبتسم 0
ـ ليس هذا بالضبط 0 إنما ما يقرب منه 00 كانت تحذرني من الاقتراب من أندرو 00 علما أنها هي نفسها لا تعرف لماذا قصدتني 0
رد زاك :
ـ تلك الغبية 000 لو عرف أندرو بهذا لاستشاط غيظا 0
ـ ولكنه لن يعرف 00 أليس كذلك ؟
هز كتفيه :
إذا كنت تريدين هذا فلك ذلك 0
ـ نعم أريده 0
تنهد :
ـ حسنا 00 مع أنه يجب أن يعرف , كما يجب أن تعرفي كذلك أنه لم يقابلها منذ ما يزيد عن الأسبوع 0 وقد حدث حين سألته أن كاد أن يدق عنقي 0
ـ ربما هما على خصام في الوقت الحاضر 0
ـ جوديت 000 !
حاولت تغيير دفة الموضوع فسألت تقاطعه :
ـ أكان الغداء لذيذا ؟ وهل ستقرع أجراس العرس قريبا ؟
كان من حسن حظها أن شيئا من ذلك لم يقرر بعد ولكنها تعرف أنه لن يمضي وقت قبل أن توافق ناتالي على طلب زاك 0 وحين يحدث هذا ستكون سعيدة لهما 0 ولكنها كانت تدعو الله ألا يحدث هذا القبول قبل ابتعادها عن أندرو 0
دعيت و ناتالي عشية سفرهم للعشاء في القصر , فلم ترغب جوديت في ذلك , ولكنها لم تستطع الرفض خشية أن يكون رفضها فظا 0
وقف زاك قربها وقال :
ـ لن تستخدمي العكاز الليلة , سأكون أنا عكازك , عربتك بانتظارك سيدتي 00
وحماها بين ذراعيه , فعلقت ناتالي وهي تلحق بهما :
ـ أظنك أحيانا بلا عقل 000
وجلست ناتالي في مقعد سيارة أندرو الأمامي أما جوديت فأجلست في المقعد الخلفي 0 رد زاك متأوها :
ـ وهذا قبل أن نتزوج 00 فماذا سألقى يا ترى من إهانات بعد أن نصبح زوجا وزوجة ؟
ـ بل زوجة و زوج 000 يجب وضع الأمور في نصابها منذ الآن !
أحست جوديت بالخزي وهي تدخل القصر محمولة وسط ضحكات زاك الذي كاد يوقعا أرضا 0
ـ اسمح لي 000
ـ ماذا 00؟ أوه 00 أندرو 0
ضحك زاك وهو يناول جوديت إلى أخيه دون تردد 0
ـ لقد وصلت الخيالة !
وكادت جوديت تضربه ! فكيف يجرؤ على تسليمها إلى أندرو !
لم تستطع النظر إليه ولكنها كانت تشم العطر الذي كانت تشمه كلما عانقها 0
حملها إلى غرفة الجلوس بسهولة , غير راغب في الكلام مثلها تماما 0 فوضعها على الأريكة ثم تراجع000 فنظرت إليه لا واعية , ويا ليتها لم تنظر إذ سرعان ما تلاشى أمام سمعها كل ما حولها من أصوات وحركات وراحت عيناها المتلهفتان إليه تطوفان على وجهه 0
سألها بصوت أجش خفيض , وقد بدا لها أنه نسي أيضا ما حوله :
ـ كيف حال كاحلك ؟
ـ إنه بخير , وهو يخولني السفر مع زاك غدا 0
هز رأسه عابسا :
ـ أخبرني بذلك 0
ابتلعت ريقها بصعوبة :
ـ ربما سفري خير ما أقوم به 0 أليس كذلك ؟
ـ بالنسبة لمن ؟
ـ حسنا 00 بالنسبة لي 000 أقصد إنني والأشعت سنبتعد من هنا وعندها ستنتهي متاعبك 0
تنهد :
ـ وهل ستنتهي حقا ؟
ـ طبعا 00 ولكن إذا كان هناك من طريقة أستطيع فيها التعويض 000
ـ التعويض ! كيف تستطيعين التعويض 000 ؟
ـ حسنا 00 أنا 000
ـ لا 00 لا يمكنك التعويض جوديت 000 ما مضى مضى اتفقنا ؟
ـ حقا ؟ 00
ـ حقا 0
واستدار فجأة إلى ناتالي :
ـ هل أي أن أقدم لك شرابا قبل العشاء 0
بعد ذلك تبين لها أن هذه الأمسية هي أسوء أمسية عرفتها في حياتها 0
كانت الأسابيع الثلاثة طويلة , فقد قصدت هذا المكان للرسم , فإذا بكل شيء ينقلب على رأسها , وإذا بها لا ترسم إلا رسمة واحدة كرهت أن تطلب استردادها من المرسم 0
حين صعد زاك إلى المرسم ليحضرها لها , رافقته ناتالي رغم معارضة جوديت , التي نظرت إلى أندرو وهي تحس أن زاك و ناتالي تعمدا تركهما على انفراد و إن كانت هي نفسها لا تقهم ما يهدفان إلى تحقيقه من ذلك 0 ولكنها لاحظت ترحيب أندرو بما قاما به 0
طال صمتهما , وبقيت جوديت تطلق نظرات الرجاء باتجاه الباب تتمنى عودتهما 000 فقال أندرو :
ـ وكأنهما يلعبان دور ( كيوبيد ) 0
وهذا ما كان عليه إحساسها , فتمنت لو تدق عنقهما 0 أردف أندرو :
ـ وكأن زاك يريد التخلص منك 0 ألا ترين أنهما متحابان 0
إنه هو المراقب الذكي ! فقد كان يراقبهما بعيني صقر 000
ـ حسنا 00 أليس لديك ما تقولينه بشأن هذا ؟
ـ سأهنئهما 0
ـ أهذا كل شيء ؟
ـ وهل هناك من شيء آخر ؟
ـ لا شيء 00 أنت تتلقين هذه الصدمة بروح عالية 0
برقت عيناها :
ـ صحيح ؟
ـ جوديت 00 اللعنة !
أطلق تلك اللعنة لأنه سمع رنين الهاتف فالتقط السماعة 0 كانت المكالمة من ماريو , فلم تستطع سوى الإصغاء :
ـ ثانية ؟ ولكنني حسبته ابتعد عنها 00 لا 00 طبعا 00 لا ألومك 000 أتعرف ما يجب فعله ؟ أجل 00 سأقول لها 00 فهذه مسؤوليتي كذلك 0
سأكون معك بعد ربع ساعة 0
ثم علق السماعة ووجهه قلق كئيب 0
مع أن جوديت لم تسمع غير كلمات أندرو إلا أن الحديث مفهوم بالنسبة لها 0 فصاحت به وهو يستدير ليواجهها :
ـ لا تقل شيئا 0 سأرحل و الأشعت غدا وعند ذلك لن يزعجك أحد أبدا 0
ـ عم تتكلمين 00؟ من الذي لن يزعجني ؟
ـ أعرف كل شيء أندرو 00 أعرف ما يقتل الخراف 00 ومع ذلك لن أسمح لك بقتله 0
ـ ربما أنا مضطر 000
ـ ليس إذا أبعدته عن هنا 000
ـ كيف لك بإبعاده بحق الله 00 جوديت , ليس لدي الوقت لهذا الآن 0
ـ لا 00 فأنت ستخرج لتقتل الأشعت 000 حسنا سأحول بينك وبينه 000 ما إن نبتعد من هنا 000
رد عليها بصوت بارد خطير :
ـ أو اشتريه لك لأقتله ؟
في تلك اللحظة علمت , أنها كانت مخطئة بحقه , وأن لا جانب قسوة في نفسه 0 وأنه لم يكن يريد إيلامه 0
ثم لم تكن إلا لحظة حتى أصبح اطمئنانها عذابا ذلك أنها أدركت سوء ظنها وشدة حكمها الجائر عليه ,
فنادته متوسلة 0000
ـ أندرو 000
ـ أهذا ما ظننته ؟ ألهذا تبدلت معاملتك لي ؟ أكنت تظنين أن كلبك صاحب الضرر كله ؟
ـ أليس هو الفاعل ؟
ـ لا 00 ليس هو 0 ولكنك اعتقدت أنني سأقتله 00 أهذا ما كنت تعرضين التعويض عنه ؟
ـ سمعتك تتحدث إلى بيار 000
ـ وجعلتك الصدمة تكسرين كاحلك 0 أي نوع من الرجال تحسبينني ؟ هل أحب امرأة ثم أفكر في قتل ما تحبه حبا عظيما ؟ لا تزعجي نفسك بالرد 000 فأنت دون ريب امرأة خالية من الإنسانية 00
ـ أندرو 00 أرجوك 000
ـ أرجوك 00 هل تجرؤين على التوسل ؟ وأنت من خلتني وحشا خاليا من المشاعر 0 وماذا عن كلامك القذر ذاك المتعلق بإقامة علاقة معي بعد الزواج بزاك ؟ أكان ذلك خداعا ؟
ـ أجل 0
ـ ليس لدي ما أضيعه هنا الآن 000 أنت على الأرجح ستكونين في بلادك حين أنتهي من هذا الوضع 00
ـ أندرو 00
ـ ليس هناك ما يقال بيننا جوديت 000
ـ لكنني لم أكن 000
وعضت على شفتها , فقال ساخرا :
ـ ماذا تريدين مني يا هذه ؟
ثم أمسكها وقال لها :
ـ وهل تحبين زاك حقا ؟ بالطبع لا تحبينه 0 أليس كذلك ؟
ـ لا , لا أحبه 0
ـ إذن لماذا بالله عليك 000 لا 00 لا تهتمي بما أقول 00 فهذا آخر ما أريد سماعه منك 0 وداعا جوديت 00
وخرج غاضبا من الغرفة التي سرعان ما دوى صوت بابها الأمامي 0 شحب وجه جوديت شحوب الموتى 000 فقد أفسدت كل شيء بعدم ثقتها به 0 فليتها تحدثت إليه بشأن مخاوفها عوضا عن اختيار سوء الظن به 0
دخل زاك الغرفة مقطبا :
ـ جوديت 00 أهذا أندرو ؟ هل غادر البيت ؟
ـ أجل 00 إنه 00 أنا 00
وأجهشت بالبكاء منتحبة وكأن قلبها يكاد ينفطر حزنا 0
كانت في الصباح التالي ما تزال تعبة مرهقة , ولكنها ودت لو ترى أندرو ولو مرة أخرى لتعتذر وهي لن تلومه إذا رفض رؤيتها 0
ليلة أمس كانت مضطربة محطمة حتى عجزت عن كشف ظلمها لأندرو أمام زاك و ناتالي 00 بل لقد كانت كئيبة كآبة عجزت معها عن التكلم أصلا 0 حين وصل زاك إلى الكوخ بعد العاشرة بقليل سأل بحرج :
ـ جاهزتان !
قالت له ناتالي بهدوء :
ـ تريد جوديت الذهاب إلى القصر أولا 0
ـ لماذا 00 ؟
ـ لا تكن بليد الذهن زاك !
ضحك يهز رأسه وهو يرى احمرار وجه جوديت :
ـ آه 00 ولكنني لا أرى أن الوقت مناسب لرؤيته الآن 0
اتسعت عيناها :
ـ لماذا ؟
ـ لأن 00 الفكرة غير صائبة 0
عبست بشدة :
ـ زاك 00 ما الأمر ؟ هل حدث مكروه له ؟
ـ لا 00 ولكن جان باري 00 أحد جيراننا أطلق النار على ( توم ) ليلة أمس 0
شحب وجه جوديت في الحال , فابتلعت ريقها :
ـ توم ! أهو 000 ؟
ـ أجل 00 مات 0
لم تصدق أن ذاك الكلب الأصيل الجميل قد قضى نحبه 0 نعم هي لا تعرف الكلبين معرفة جيدة ولكن سماعها بأن مخلوقا جميلا كهذا قتل بهذه القسوة جعلها تحس بالسقم 0 مسكين أندرو , إنه يحب كلبيه 00
ولكن زاك تابع شارحا :
ـ كان توم قاتل الخراف 0 وهو لم يكتف بقتل خرافنا , بل بدأ يتهجم على الجيران , فعلم أندرو أن عليه فعل شيء 0
ـ منذ الأسبوع الماضي 0
نظر إليها زاك حائرا 0 فكيف عرفت !
ـ أجل 00 ولكن حادثتك أخرت الأمور 00 كان أندرو يأمل أن يتغير تصرف الكلب 000 وكان يفكر في إرساله إلى عائلة تقطن في المدينة ولكن القرار الأول والأخير يجب أن يكون بيد تيريسا 0
ـ تيريسا ؟
ـ توم كلبها 0 وتومي كلبي أنا 000 لم يستطيعوا معرفة القاتل لأن ماريو كان يظن أن توم مع أندرو والعكس بالعكس 0 أعتقد أن هذه النهاية كانت خير نهاية للوضع , فما كانت تيريسا ستسمح لأندرو بإرساله إلى المدينة 0
ردت جوديت بهدوء :
ـ ما زلت أريد مقابلته هذا إذا كنت ستسمح لي بذلك 0
هذه فرصتها الأخيرة لإظهار أسفها 0
ـ لا أعارض أبدا ولكنني أعلمك بأنه في حال سيئة 0
ـ سأخاطر 0
كانت تيريسا في غرفة الاستقبال مغرورقة العينين بالدموع , فجزعت عليها لأنها تفهم تماما ما تحس به 0
قالت تيريسا :
ـ أندرو في مكتبته !
فهزت جوديت رأسها :
ـ لن أتأخر 0
أحست بتوتر شديد لم تشع بمثله إلا في اليوم الذي وصلت فيه إلى القصر , وكان توترها يزداد كلما فكرت في الوئام الذي وصلا إليه يوما 0 ليت الزمان يعود إلى الوراء 00 وليتها لم تسمع حديث بيار الذي أدى إلى ذاك الحادث الغبي 0 ما أشد ما كانت ستختلف الأمور بينهما لولا سوء الظن به 0
فجأة فتح أندرو الباب فإذا بجوديت تقف فيه 000 ضاقت عيناه وهو يراها ثم شمخ برأسه :
ـ ظننتك رحلت 00 لقد غادر زاك منذ ساعة أو أكثر 0
إنها بداية مخيبة للآمال 0
ـ جئت 00 جئت أودعك 0
ازدادت تعابيره تحفظا 0
ـ لقد ودعتني ليل أمس 0
ـ لا لم أودعك , بل أنت القائل وداعا 000
تنهد بنفاذ الصبر , ثم توجه إلى مكتبه 0
ـ ادخلي 0
دخلت جوديت ثم أغلقت الباب ورائها ولكنها أحست أن لسانها انعقد في حلقها , ومع ذلك استطاعت القول :
ـ أنا 00 جئت فقط معتذرة 0
رفع رأسه بتكبر وكأنه لا يطيق سخافاتها , فكان أن أردفت بصوت كسير :
ـ وأنا آسفة بشأن توم 0
ظهر الألم في عينيه لحظة ثم اختفى , وقال :
ـ نشعر جميعنا بالآسف 0
لم تكن تتوقع منه تسهيل الأمر غليها لذا لم يخب أملها 0 آه ليتها تستطيع محو هذه التقطيبة عن عينيه , أو إزالة هذه الخطوط المريرة عن فمه 000 ولكنها هي من حرمت نفسها منه 0
ـ وأنا آسفة كذلك على ما قلته لك , وعلى ما ظننته بك 0
ـ نرتكب جميعنا الأخطاء 0
ـ حتى أنت ؟
هز رأسه دون اكتراث :
ـ طبعا 0
أحست بالدموع تتجمع في مآقيها و بالعجز يستولي على جسمها 00 فهذا الرجل هو حبيبها 00 وهذا الرجل الذي تنتمي إليه قلبا و روحا 000
قال لها فجأة :
ـ قال لي زاك إن بياتريس زارتك يوم أمس 0
اللعنة على زاك !
ـ أجل 0
ـ لا أظنها زيارة مجاملة 0 فأعتذر إن كانت قد أقدمت على إزعاجك 0
ـ قالت 00 إنكما ستتزوجان 0
ـ صحيح ؟
ـ وهل هذا صحيح ؟
ـ لا يحق لك طرح هذا السؤال 00 فموضوع الزواج أمر خاص لا شأن لك به 0
ـ لا00 لا 00 أنا 00 أبدا 00 آسفة 00 و وداعا 0
ثم ارتدت على عكازيها فجأة , ولكنها أحست بأن الجهة اليسرى لم تدعمها , فصاحت به لئلا تقع :
ـ بالله عليك 000
فحدث بطريقة ما , ما حال بينها وبين الوقوع أرضا فقد أمسكها بقسوة 00 ثم تمتم وشفتاه على وجنتها 0
ـ هل أنت بخير ؟
ـ أنا بألف خير الآن 0 أوه أندرو 00 عانقني !
ـ جوديت !
ـ أرجوك أندرو 00
ـ ولم لا ؟
وأطبقت ذراعاه عليها بقوة , كانت تريد حنانه ولطفه ورقته التي شعرت بها يوما , ولكنها تلقت عوضا عن ذلك عناقا قاسيا متطلبا , ليس فيه أثر للرحمة أو الرأفة , وكأنه يريد معاقبتها 0
انتزعت نفسها منه دون أن تنظر إليه بعينين حائرتين :
ـ لا !
ـ أليس هذا ما تريدينه ؟ إنما المكان والزمان غير مناسبين لما ترغبين فيه جوديت 0 ربما لو عدت في زيارة مع زاك 00
ـ أندرو !
ـ ماذا حدث للفتاة المتحررة التي كانت تنظر بخفة لكافة الأمور حتى الأخلاقية منها ؟
ـ أنت تعلم أنني لست متحررة 00
ـ أجل أعرف وأتعجب لأنك كدت تقدمين نفسك على طبق من ذهب 0
ـ ألا تعرف السبب ؟
ـ ربما لا أريد أن أعرفه 0
عضت على شفتها ثم نظرت إلى الرجل الذي تحبه نظرة أخيرة قالت بعدها بصوت أجش متقطع :
ـ إذا 00 أردت أن تعرف يوما أو إذا اهتممت بي فاسأل زاك عن مسكني 0
ـ سأضع هذا في ذهني 00 من يعلم 00 ربما 00 أزورك حين أقصد باريس في المرة القادمة 0
وأجهشت بالبكاء :
ـ أنا 00 أجل 00 بالطبع 00 وداعا إذن .
ـ وداعا جوديت 0







الفصل العاشر والأخير




هذيان



بعد أسابيع فكت الجبيرة عن قدمها فعادت إلى الكلية وهي تأمل أن تدفن ألمها في الدراسة , ولكن ذلك لم يتم لها 0 فقد فقدت باريس رونقها بنظرها وبدت لها كبيرة 0 تعج فيها الناس وتكثر فيها الضجة 0
وحين سمحت لنفسها بالتفكير , تاقت إلى المساحات البرية المفتوحة , وإلى جبال سويسرا الجميلة , وإلى المساحات البرية المفتوحة , وإلى تلك النزهات الطويلة بين الأعشاب و الأزهار 0 ولكن أكثر ما افتقدت إليه عينا ذلك الشيطان الخضراوين القادرتين على إذابة عظامها 0
عرفت أن أندرو زار باريس متفقدا معرضه مرتين في الشهرين الماضيين , وقد كادت تزور المعرض بنفسها 0 ولكنه لما لم يحاول رؤيتها أقنعت نفسها بأنه لن يقدم على ذلك أبدا 0
استبعدت عودته إلى بياتريس , ذلك أن زاك و ناتالي لم يذكرا شيئا عن هذا الموضوع , علما أنهما كانا أكثر من حبيبين في الآونة الأخيرة 0 وكانت جوديت سعيدة بتوطد علاقتهما وإن كانت لا تنكر حسدها لهما 0
بعد ظهر يوم الجمعة وذلك في يوم من أيام حزيران أحست ببؤس قاتل وكان زاك و ناتالي يوم ذاك يتهيئان للسفر إلى سويسرا , فلاح لها الأسبوع القادم طويلا موحشا 0
ـ جوديت !
التفتت حينما سمعت ذلك الصوت المألوف ولكنها لم تشعر بالدوار أو بخفقان القلب كما كان يحدث حين ينظر إليها فرنسوا 0 فهي الآن تراه على ما هو عليه : إنسانا سيبقى طالبا دائما , وطفلا طائشا أبدا 000 شخصا لن يكبر أبدا 0
ابتسمت له وهو يدنو منها :
ـ فرنسوا !
ـ أتقصدين قاعة الدرس ؟
ـ أجل 00 مع أن قلبي ليس فيها 0
برقت عيناه , وقال بصوت مغر :
ـ ما رأيك لو نهرب بعد الظهر كما كنا نفعل ؟
تذكرت كيف كانا يقضيان مثل هذه الأوقات , فقالت :
ـ ليس اليوم فرنسوا 0 لقد فاتتني بضعة دروس عندما كانت قدمي معطوبة 0
ـ وكيف حالها اليوم ؟
ـ بخير 0
قدمها بخير أما قلبها فكسير 0
ـ وهل سامحتني ؟
سامحتني 000 ؟ لقد نسيت كيف افترقا أو على ما افترقا 0
ـ آه 00 طبعا 00
ـ وهل تقبلين دعوة إلى العشاء الليلة ؟
وصل الرفض إلى طرف لسانها 00 ولكن لم لا ؟ ولم لا تمضي معه أمسية ؟ فهي بذلك لن تكون وحيدة , ولا ضير في السهر قليلا معه 0
ابتسمت له :
ـ وهل تحضر أنت العشاء ؟
ـ على أن تقدمي أنت الصحبة الطيبة 0
ضحكت :
ـ سأحاول هذا 0
ـ حسنا 00 أراك إذن في الثامنة 0
كانت ناتالي منطلقة تهيىء نفسها للسفر مع زاك حين وصلت جوديت إلى المنزل :
ـ هل أبدو على ما يرام ؟
ـ طبعا 0 أهناك سبب خاص ؟
ـ قررنا إعلام أندرو بأمر زواجنا 0
ـ هذا رائع !
واحتضنت ناتالي بحرارة صادقة , وهذا ما فعلته أيضا حينما رأت زاك بعد دقائق 0
غير أن سعادتها تلاشت حالما رحلا , كما عجز موعدها مع فرنسوا عن بعث الحماسة إلى نفسها 000 ترى كيف سيتلقى أندرو خبر خطوبتهما ؟ إنه دون شك سيجدها أنسب من جوديت زوجة لأخيه 0

عندما وصل فرنسوا بعد الثامنة بقليل كان سعيدا راضيا , فأمضى الساعتين التاليتين على وئام معها , فتناولا الطعام وراحا يتحدثان عن الفن الذي يشكل قاسما مشتركا بينهما 0
ولكنها لم تستطع منع نفسها من مقارنته بأندرو 000 كانت كمن تشبه عطر ما بعد الحلاقة بعطر ديور أوكاشاريل

صاحت به فجأة :
ـ أين ذهبت ؟
فاقترب منها وجلس على مقربة منها :
ـ جوديت ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة لأنها وجدت أنها أخطأت في دعوته إلى منزلها 0 كانت تريد الصحبة , ولكن هذه صحبة خاطئة , فالصاحب غير مناسب 000 هبت بقلق واقفة 0
ـ لدي صداع رهيب ! أظن أن علي أن آوي إلى الفراش 0
ـ جوديت 00؟
وعندما رأت النظرة الحالمة على وجهه صاحت به :
ـ ليس معك بالطبع , فلم أغير رأيي في هذا 0
ـ ألا يحق للمرء أن يأمل ؟
ـ لا تأمل عندما تكون معي 0
ـ ولكنني ظننت 000
ـ ماذا ظننت ؟ أو اعتقدت أنني بدعوتي لك قد أقبل بمشاطرتك الفراش ؟ أنت تعرفني نعم المعرفة فرنسوا , فهلا
ذهبت ؟
ـ أردت أن نكون صديقين 0
ـ نعم مجرد صديقين !
وقف ساخطا , وقال ساخرا :
ـ أيتها المتكبرة اللعينة 00 ليس هناك فتاة في مثل عمرك ما تزال طاهرة 0
ـ ومن قال لك إنني طاهرة 00 ربما أنا أكثر حرصا من أن أفكر فيك 0
أخطأت حين تفوهت بهذه الكلمات , فقد جعلت بكلماتها تلك فرنسوا يغضب فاشتدت الخطوط حول فمه 00 وصاح يمسك بذراعيها :
ـ وربما تحاولين إغاظتي بمزاجك 00 ربما ما تحتاجين إليه حقا هو القوة !
وجذبها بقسوة إليه 00 فوجئت بقوته التي ما ظنت أنه يمتلكها 0 حاولت مقامتها فعجزت 0
فجأة بدأ يبتعد عنها وكأنه مدفوع دفعا 00 فصاح وهو يلتفت إلى الوراء :
ـ ما هذا بحق الله 000
كان الأشعت قد أمسك بسرواله بشدة إلى الوراء وزمجرة خفيضة تكاد تشق حنجرته 00 فحاول فرنسوا الإفلات من أنياب الكلب :
ـ أبعدي هذا اللعين عني !
لم تعد جوديت تدري ما إذا كانت تريد الضحك أم الغضب 0 فمنذ قصدا باريس بدا الأشعت قد شفي من كرهه للرجال ولكن يبدو أنه لم يحب فرنسوا 0 وهو على حق , فنوايا هذا الرجل واضحة , فحينما فشل سحره حاول استخدام القوة ولكنه فوجىء بالأشعت الشرس 0
قالت جوديت تمسك بطوق الكلب :
ـ اتركه يا أشعت !
ولم تتمالك نفسها من الضحك وهي ترى فرنسوا ينحني مطمئنا على سرواله 0
ـ لقد مزق القماش اللعين !
ـ هذا صحيح 00
ـ وهل أنت سعيدة بما فعل ؟
تنهدت :
ـ لست سعيدة 00 ولكنني أفضل أن يتمزق سروالك على أن تتهجم علي !
اصطبغ وجهه خجلا :
ـ ما كنت سأعتدي عليك 0
ـ بل كنت مقدما على ذلك 0
ـ لقد حسبت أنك منجذبة إلي 0
ـ كنت 0
ـ كنت ؟
ـ هيا اذهب الآن 0
صاح ساخطا :
ـ لا 00 فأنا 00
ولكنه سرعان ما صمت حين بدأ الكلب يزمجر 0
ـ لماذا لا تبعديه إلى غرفة النوم لنتكلم 0
رفعت حاجبها بهزء :
ـ نتكلم ؟
ـ ما بالك جوديت ؟ ما الضير في أن نذهب إلى الفراش معا ؟
ـ حذار يا هذا 0 اذهب من هنا قبل أن ترى ما لا يسرك 0
التقط سترته غاضبا :
ـ أعتقد أن لدي ما هو أهم من تضييع وقتي على مزعجة مثلك 0
سمحت له جوديت بلحظات الغضب هذه , ثم أسرعت إلى المطبخ لتنظف الصحون المتسخة 0
فجأة التفتت إلى الباب فقد ذهلت لسماع صوت أليف يأتيها من خافها 0
ـ قال لي رجل غاضب عند الباب إنني أخاطر بحياتي بالدخول إلى المنزل لأن هناك حيوانا مفترسا فيه 0
فهل هو يقصد الأشعت ؟
وقعت الصحون من يدها ثم كادت تدوس على الزجاج المكسور بقدميها الحافيتين , ولكنه أسرع عن غير وعي إليها وصاح بها :
ـ احذري ! لا أريد أن تصابي بحادثة أخرى 0
ثم انحنى ليلتقط القطع الكبيرة من الزجاج المكسور 0
ـ ألديك مكنسة ؟ لا 00 لا تتحركي 0 أرشديني إلى مكانها 0
ـ في 00 في الخزانة 00 هناك !
لا , لا تصدق ما تراه 000 أيعقل أن من تراه أندرو 0 أهو حقا من يكنس الزجاج عند قدميها ؟ إنها تهذي 00
ولكن إن كانت تهذي , فما أجمل هذا الهذيان 00 تاقت وهي تراه منحنيا إلى إغراق أناملها في شعره الكث المتموج 000 ما زال وجهه قويا وسيما كما تذكره , وما زال جسده رشيقا كما عهدته دائما 0
بعد انتهائه من رفع الزجاج أمسكها بيديه وأبعدها جانبا حتى يغسل يديه 0
ـ إنها دبقة 00 ماذا كان في الأطباق ؟
ـ دجاج و صلصة 0
هي لا تهذي ؟ فلا يحدث في الهذيان أشياء عملية كالكنس وغسل اليدين 0
إنه أندرو 0 إنه حقا هنا ! ولكن ماذا يفعل ؟ الساعة الآن العاشرة والنصف ليلا , وهو وقت غير مناسب للقيام بزيارة اجتماعية 000 ألا يجب أن يكون الآن في قصره مع زاك و ناتالي ؟
جفف يديه ثم نظر إليها 0
ـ لم تجيبي عن سؤالي ؟
ـ أي سؤال ؟
ـ هل أنت الحيوان المفترس ؟
حطم مرحه السحر عما حولها , فأطلقت ضحكة صادقة :
ـ لا 00 إنه الأشعت 0
فانحنى يداعب الكلب بقسوة :
ـ هذا الأشعت ؟ إنه غير مؤذ أبدا 0
نعم هو لن يؤذي أندرو لأنه يتصرف معه وكأنه مفتون به حبا 0 ترى هل أعاد وجود أندرو إلى الكلب ذكريات حبيبة من سويسرا ! إنها تعرف تماما أنه ليس سعيدا بحياة المدينة 0
فأجابته :
ـ هذا يعتمد على من يواجهه , فقد كره وجود فرنسوا هنا 0
ـ وهل أحببت وجوده ؟
ـ في الواقع لا 000 بل لقد كانت دعوته غلطة ارتكبتها 00 كنا في ما مضى على علاقة حب ولكنها انتهت منذ أمد بعيد 0
ـ صحيح ؟
ـ صحيح 00 هل لنا أن ننتقل إلى غرفة أخرى ؟
حين استراح في مقعده سألها :
ـ إنها شقة مريحة 00 ماذا ستفعلين بعد انتقال ناتالي منها ؟
ـ هل أخبرك بأمر زواجهما ؟
ـ إنه خبر من بين أخبار كثيرة أخرى 0
ردت مذعورة :
ـ أخبار كثيرة ؟
ـ أجل 00 أخبريني بما شعرت بعد عودتك إلى باريس 0
وجدت مراوغته مزعجة , فماذا قال له زاك بالضبط ؟
ـ إنها بلدي
ـ صحيح ؟
ـ أجل 0
ـ ولكنني أؤمن بالمثل القائل إن بلد المرء يكون حيث يكون قلبه 0
ـ صحيح ؟
ـ صحيح ! ألا تؤمنين بهذا أيضا ؟
غزا الاحمرار وجهها وهي تراه يمعن النظر فيها 0
ـ لم أفكر في هذا من قبل 0
كان مسترخيا وكأنه قط رشيق قادر حينما يشاء على الوثوب على فريسته !
ـ فكرت في ذلك خلال الشهرين الماضيين , أكثر مما فكرت هذا المساء حين قررت المجيء إلى باريس 0 ويجب أن أعترف أن فرنسوا فاجأني , فلقد أكدت لي أنك لا تقابلين أحدا منذ عودتك 0
ـ ولماذا تقول لك شيئا كهذا ؟
ـ لأنني سألتها 0 فتلك الأفكار التي كانت تراودني تحتاج إلى إثبات 0
جعلها هدوؤه واسترخاؤه , في الوقت الذي تعاني هي فيه من التوتر , على حافة الصراخ غضبا 0
ـ وما هي هذه الأفكار ؟
تفرس مليا في وجهها المضرج حياء , وقال ببطء :
ـ الإخلاص والصداقة ميزتان نادرتان 0
ـ أجل 0
ـ ترى هل تقدمين لي الولاء والصداقة اللتين منحتهما لزاك ؟ صداقة ؟ يريد منها الصداقة ؟ نظرت إليه حائرة , لن تقبل أن تكون صديقته , لأنها تريد أكثر من ذلك 000 أكثر من ذلك بكثير 0
ولكنه سرعان ما أضاف ببرود :
ـ و الحب بالطبع 000
شهقت :
ـ أندرو 000
حين نادته باسمه هب واقفا وتقدم منها وعلى وجهه أجمل تعبير رأته 0
ـ لن أقبل أعذارا 0 مفهوم ؟
وأمسكها بين ذراعيه ثم أردف :
ـ بعد رحيلك لم أفكر إلا فيك أنت 0 في جمالك 00 في رقتك , في حبك 000 نعم حبك 0 فأنت تحبينني كما أحبك 0 أليس كذلك جوديت ؟
ارتجفت بين ذراعيه خائفة مذعورة , فهل تصدق ما تسمع 0
ـ نعم 000 نعم 0
ربما ما يجري الآن هذيان بهذيان ؟ ولكنه أروع هذيان منيت به في حياتها !
سألها أندرو وفمه على شعرها :
ـ أتحبينني ؟
ـ أجل 0
ـ وأنا أحبك أيضا 0
رفعت بصرها إليه خائفة وجلة من تصديق ما يتناهى إلى مسمعها 0
ـ قل 00 كررها ثانية 0
كانت ابتسامته ساخرة :
ـ أحبك جوديت 00 ولقد أحببتك منذ البداية 00
ـ لا 00
ـ بلى 000 هل لنا أن نتكلم فيما بعد حبيبتي ؟ أنا الآن أريد أن أقنعك وأقنع نفسي بأننا مغرمان عاشقان , ومن ثم أطلبك للزواج 0
ابتلعت ريقها بصعوبة , ثم أمسكت يداها المرتجفتان قميصه ورفعت بصرها إليه بحثا عن صدق كلماته :
ـ زواج ؟
ـ أجل 00 زواج يا حبيبتي 000 سأربطك بي إلى الأبد , حتى لا تغيبي عن ناظري أو قلبي ثانية 0 والآن هل تأذنين لي بإقناعك بطريقة أخرى غير الكلام ؟
هزت رأسها ببطء وعيناها تتقدان حبا , فالجنة بل الجنان جميعها بين يديها 000
رفع ذقنها بنعومة :
ـ لا تخجلي مني 00 هل صدقت أنني أحبك ؟
ـ أوه 00 بلى 0
ومع ذلك كرر لها معترفا :
ـ وأنا أحبك 0 عندما التقيتك ذلك اليوم لم أتصور أن شابة صغيرة مثلك قد تكون على هذه الأهمية في حياتي 0
ـ صغيرة ؟
نظر إليها مليا , ثم انحنى يلثم وجنتيها :
ـ بل امرأة كاملة , أنتظر بفارغ الصبر أن أرى طفلي الذي ستحمله بين أحشائها 0
غزت الحمرة مجددا وجنتيها 00 إنها تريد ولده أيضا , ولكن التفكير في هذا الأمر أخجلها 0
ـ كنا نتحدث عن اليوم الذي التقيت فيه فتاة صغيرة أحببتها 0
حين رآها تغير دفة الموضوع ضحك , ثم تنهد قائلا :
ـ جبانة ! أجل 00 عندما وقع عليك بصري للمرة الأولى لم أتصور أنك في غضون أيام ستصبحين حبيبتي 000
توقف عن الكلام قليلا ثم أردف :
ـ أعتقد أن علي قبل إتمام اعترافي أن أوضح لك أمر بياتريس 000 أعترف أنني خرجت معها كثيرا ! ولكنني ما أحببتها قط , ولم أذكر لها يوما أنني أحبها 0
ـ ولكنها اعتقدتك مقبلا على الزواج بها 0
ـ ما وعدتها قط , بل ما لمحت إلى ما هو أقل من ذلك 0 فأنا لم أكن الأول في حياتها 00 وأشك أنني الأخير 0 إن مثيلاتها لا يؤسف عليهن 0 ألا تعلمين أنك أصبحت حياتي ووجودي , وأنني من أجلك أرغب في أن أحيا ألف
سنة 0
ـ وهل أنا مهمة لك إلى هذا الحد ؟
ـ بل أنت أهم من ذلك بكثير 0
واشتدت ذراعاه حولها :
ـ أنت تعنين لي أكثر من الحياة نفسها , وأكثر من الأملاك , بل أكثر من تيريسا و زاك 0
ـ وهل أنا حمل يتيم آخر تتبناه وترعاه ؟
ضحك :
ـ أنت لست حملا بل لبؤة , وأرغب في الزواج بك 0 ولو كان لك أبوان مشاكسان وستة أخوة أشرار لقاتلتهم جميعا للحصول عليك 000 وبمناسبة الحديث عن الأخوة 000 كيف تركتني أعتقد أنك واقعة في حب زاك ؟
ـ في البدء لم يكن في ذلك مشكلة ولكن بعدما 000
ـ بعدما وقعت في حبي ؟
ابتسمت :
ـ أجل 0
ـ ألا أعرف هذا ! حاولت دائما منع نفسي عن حبك قائلا لها إنك ملك زاك 00 ولكن الأمر لم يكن يهمني 00 فقد أردتك 00 أحببتك 00 وكان يجب أن تكوني لي 0 كنت أعرف أنك طاهرة بريئة , وحين أنكرت ذلك لم أستطع فهم سبب إنكارك 0 ثم فكرت أنك إنما تحاولين خداعي لئلا أخبر زاك , فأفسد الأمور عليك معه 00وحين قال لي الليلة إنه سيتزوج ناتالي , لم أكن أعرف ما إذا كنت أرغب في خنقه أم في شكره لأنه تركك حرة 0 ولكنني قررت خنقه فشرح لي عندئذ كل شيء 000 وهنا أدركت مدى ولائك وصداقتك اللذين تجاوزا حبك لي أليس
كذلك 0
أحست بالراحة لأنه فهم الوضع فقد ولى عذابها إلى غير رجعة 0
رفعت نفسها تقبل خده 00 فتظاهر بعدم الرضى وقال :
ـ لا تغيري الموضوع 00 فأنت لن تكوني يوما زوجة مناسبة لزاك لأنك مستقلة جدا ونارية الطبع و 000
أنهت عنه كلامه بصوت مرتجف :
ـ 00 وأحبك كثيرا 0
ضحك بانتصار 0
ـ أجل 0
فجأة تجهم وجهه :
ـ لدي أخبار أخرى لك , إذا كنت تهتمين بها وهي متعلقة بتيريسا 0 كان هناك خبر واحد تود جوديت سماعه عن تيريسا 0 فأمعنت النظر في وجهه , فلما رأت فيه تسامحا ساورها إحساس بأنه تخلى عن فكرة تزويجها بهنري مردوك 00 فقالت له :
ـ ستتزوج بيار 0
ـ وكيف عرفت هذا ؟ لا 00 لا تقولي لي كيف , فأنت دون شك كنت محط ثقتهما 0 لا أعلم أين أخطأت أنا !
مررت أصابعها تمسح التقطيبة عن عينيه :
ـ أنت لم تخطيء يا حبيبي 00 لقد كبر زاك , وكبرت تيريسا , دون أن تلاحظ هذا 000 ولديهما الآن ناتالي و بيار ليعتمدا عليهما 0
ـ ولديك أنت أنا 0
ولن أكذب عليك بعد الآن أو أخفي عنك شيئا 00 أريد فقط أن أجعلك سعيدا 0
تمتم أندرو :
ـ قالت ناتالي إنهما سيبقيان حتى عودتنا وأظن أن علينا البقاء حتى زواجنا الذي سيتم في نهاية الأسبوع 0
لم يكن لديها أقل اعتراض على هذا 00 فهي تتمنى لو يتزوجان غدا 0
ـ لم تخبرني كيف أنهت تيريسا مشاكلها مع بيار 0
ـ أيتها الرومانسية !
ـ أما كانا على خلاف ؟
ـ كانا 00 وكانت الغلطة غلطتي مع العلم أنني كنت جاهلا بذلك ولم أكن أعرف أنهما متحابان 00 أترين 00 منذ عشر سنوات خطبت 000
ـ روزا 00 أعرف هذا 0
ابتسم بخشونة :
ـ أخبرتك تيريسا 00 أليس كذلك ؟
ـ أجل 00 وقالت إنك كنت تحبها كثيرا 0
ـ فعلا 00 ولكنه حب شباب مراهق 0 فبعد الخطوبة مباشرة أدركت خطئي إنما ما كان باليد حيلة , إذ سرعان ما شرعت روزا بتحضيرات العرس 0 ثم جاءت مع بيار يوما وقالت لي إنها تود فسخ الخطوبة لأنها أحبت بيار , ووافقت , ولكن قبل إعلان أي شيء قتلت في حادثة سيارة 000 عندئذ وجدت أنه من غير اللائق إذاعة أي شيء عن الموضوع 00 ولكن بيار شعر طوال الوقت بعقدة الذنب 0 ولما وقع في حب تيريسا , قرر مقاومة هذا الحب 0 لأنه لم يعتقد أن من المناسب أن يتزوج شقيقتي 0 حين علمت بحبها له , نقلتها إلى منزله قبل مجيئي إلى هنا , وأحسبهما الآن قد سويا خلافاتهما ولم يبق أمامنا لإسعاد الجميع سوى أن نجمع الأشعت مع حبيبته 0
ـ الأشعت ؟ لست أفهم 0
ضحك أندرو :
ـ أنجبت له في مطلع هذا الأسبوع تومي ستة جراء 00 ذكرين و أربع إناث 0
ـ الأشعت و تومي ؟
تعمقت ضحكته :
ـ أجل 00 إنها أجمل جراء شاهدتها في حياتي 0
استطاعت تصور مدى جمالها :
ـ ألا تعترض ؟
ابتسم :
ـ لا 0
وأخيرا جاءها الرد على تساؤلاتها المتعلقة بغياب الأشعت المباغت بين الحين و الآخر 00 لقد كان لديه وليفة يذهب إليها !
ـ لا أصدق هذا !
ـ حبيبتي إنني مدين لك باعتذار 0
ـ اعتذار ؟
ـ عندما حططت رحالك في بلادي سخرت من فنك 0 وعلي أن أعترف بأنني شاهدت لوحتك في المرسم , وأريد أن تعرفي أنني فخور جدا بانضمام فنانة لامعة إلى العائلة 0
ـ أنا ؟
ـ نعم أنت 0 لديك موهبة نادرة رائعة 00 موهبة أريد أن أرعاها 0
سألته دهشة :
ـ أهذا حلم ؟
ـ بالطبع لا 0
وضمها مجددا :
ـ أنا بحاجة إلى دفئك جوديت , وسأبقى دائما بحاجة إليه 00 يا حبي 0
مع مضي الوقت اقتنعت أكثر فأكثر بأن حبهما راسخ رسوخ الجبال المحيطة بالقرية التي شهدت ولادة هذا الحب







انتهت00000000000000000000














































المهندس77 07-06-13 07:40 PM

رد: من أجلك أرحل
 
أرجو لكم قراءة ممتعة و نأسف علي التأخير
تحياتي

Rehana 07-06-13 09:46 PM

رد: من أجلك أرحل
 
مساء الانوار

الله يعطيك العافية على تكملة الرواية

http://dl3.glitter-graphics.net/pub/...nbcsmskur3.gif

زهرة منسية 08-06-13 09:44 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
مبروووووك حبيبتى تكملة الرواية

نجلاء عبد الوهاب 12-08-13 04:32 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
حلووووووه كتييير
:55::55::55::55::55::55::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12 zp1::rdd12zp1::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills 3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::liam_shad owboxer_sc:liam_shadowboxer_sc:liam_shadowboxer_sc:liam_shad owboxer_sc:liam_shadowboxer_sc:liam_shadowboxer_sc:98yyyy::9 8yyyy::98yyyy::98yyyy:

ندى ندى 13-08-13 05:17 AM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
قمة الروعه والتميز

يسلمو حبيبتي وجزاك الله خير

شووقهـ 14-08-13 07:54 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
جميييييييييييييييلة يعطيكي العافية

روينا99 21-01-16 07:16 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
يسلموا ررررررررروعة

الخنساء الشاعره 01-02-16 06:30 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
شكرا على المجهود😍

الهيامي 19-02-16 12:26 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
رااااااااائعه جدا

اسيل فلسطين 24-02-16 02:34 AM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
رائعة جدااااااااااا شكرا

نجلاء عبد الوهاب 24-01-24 07:28 PM

رد: 51 - من أجلك أرحل ( كاملة )
 
:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_1 34::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134:


الساعة الآن 01:28 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية