منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f752/)
-   -   حصري 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني) (https://www.liilas.com/vb3/t177367.html)

جمره لم تحترق 12-06-12 08:39 PM

316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
http://up.3dlat.com/uploads/12877185634.gif
سنبحر الآن مع الجزء الثانـي من سلسلة الكاتبة لوسي غوردون
سنحط رحالنا في مملكة العشق متاعنا وزادنا سحر وشغف وعطاء
والآن إليكم
الجزء الثاني من سلسلة لوسي غوردون
بعنوان
رجـــل الثلج
http://up.3dlat.com/uploads/12877185635.gif
للتذكير فقط السلسلة مكونة من ثلاث روايات رائعة
الجزء الأول بعنـوان
يوم سقط القناع هنا
الثاني بعنــوان
رجــــل الـثـلج
الثالث بعنــوان
ســأبـقى وحـــدي



جمره لم تحترق 12-06-12 08:40 PM

عــن الرواية
 
بسم الله نستعيد . . تمنياتي لكم بقراءة ممتعة ومشوقة
مع ثاني جزء في السلسة
رجل الثلج
http://up.3dlat.com/uploads/12877185635.gif
اسم السلسلة الأصلي ( Counts of Calvani )
وهذه بعض الأغلفة التي عرضت للرواية في مختلف الدول
بما فيها العربية

http://im12.gulfup.com/2012-06-12/1339521655431.jpg

http://im12.gulfup.com/2012-06-12/1339521655502.jpg

http://im12.gulfup.com/2012-06-12/133952165513.jpg

http://up.3dlat.com/uploads/12877185635.gif
العـــدد : 316
المـــلـخص :
كانت هارييت غارقة في الديون , ومتجر التحف الذي تملكه
مهدد بالإقفال النهائي في كل لحظة .
في وسط هذه المحنة جاءها عرض من المليونير الإيطالي
الرائع ماركو كالفاني لإنقاذ متجرها وتسديد ديونها
مقابل أن تصبح زوجته . فهل ستقع ضحية هذا العرض
المغري حتى لو كان ضد مبدئها الأساسي . لا زواج من دون
حب ".
إذا ذهبت مع ماركو إلى روما قد تقتنع بفكرته وتنقذ
متجرها الغالي . لكن هل بإمكانها أن تنقذه هو من ماض
يأسره ويجعله بارداً كالثلج , وهل بإمكانها أن تجد تحت
برودته تلك حباً يدفئ قلبها .
http://up.3dlat.com/uploads/12877185635.gif
عدد الـــفصول :
12
عناوين الـــفصول :
1 ـ خبيرة أم مشاكسة ؟
2 ـ أغسطس قيصر
3 ـ امرأة جديدة
4 ـ رقصة الحب
5 ـ رجل الثلج
6 ـ في عرين الأسد
7 ـ فخور أم غيور ؟
8 ـ منزل العاشقين
9 ـ بين ذراعيك
10 ـ أعراس البندقية
11 ـ لن أعيش بدون حب !
12 ـ كلا ! لم أندم

جمره لم تحترق 12-06-12 08:42 PM

تمهيــــــــد
 
تـمهـيــد
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif
أنا لست بحاجة إلى زوج , هل تفهمين هذا ؟ أنا لست بحاجة إلى
زوج . ولا أريد ذلك بكل تأكيد .
وهزت هاريـيت كتفيها بنعومة لدى تلفظها بالكلمات الأخيرة فصعقت
المرأة الأخرى لذلك وقالت ضارعة : ( إهدئي يا هارييت )).
ـ زوج ؟ يا إلهي , لقد أمضيت سبعة وعشرين عاماً من مري من دون
أن أزعج نفسي بمخلوق يسبب لي الضيق و . . .
ـ إسمعيني فقط . . .
ـ وعندما أرى أختي تتوسط لي لأتزوج . . . رباه ! حتى أنت لم تتورعي
عن هذا , يا أولمبيا ؟
ـ أنا لم أتوسط للزواج . ظننت فقط أنك قد تجدين ماركو نافعاً .
صدر عن هارييت صوت أشبه بشخير ساخر : (( ما من رجل نافع )).
ـ لا بأس , لن أجادلك .
أولمبيا وهارييت أختان غير شقيقتين , إحداهما إنكليزية والأخرى
إيطالية . شعرهما الكث المائل إلى الاحمرار هو القاسم المشترك الوحيد الذي
يجمعهما , رغم أن الأخت الصغرى أولمبيا تسرح شعرها الطويل بشكل
بديع , بينما تشده هارييت إلى الخلف حول وجهها الجاد .
ملابسهما تكشف أيضاً عن تناقض مزاياهما ؛ فأزياء أولمبيا قمة في
الأناقة الإيطالية , أما هارييت فتختار من الملابس ما هو مريح وبسيط . كما
أن قوام أولمبيا رشيق مغري أما قوام هارييت فأقرب إلى النحافة .
نظرت أولمبيا حولها في ذك المتجر الأنيق في (( ويست إند )) لندن , كان
مليئاً باللوحات الفنية الرائعة والتحف الأثرية . ولفت نظرها عدد منها .
وعندما وقع بصرها على تمثال برونزي هتفت : (( ما أروعه )) .
فقالت هارييت : (( إنه القيصر الروماني أغسطس من القرن الأول )) .
ـ إنه جميل حقاً !
وأخذت تتأمل التمثال عن كثب : (( أنفه رائع وتقاسيم وجهه
أرستقراطية , وفمه جميل , أراهن على أنه كان معبود النساء )) .
فقالت هارييت بحدة : (( أنت دوماً تفكرين فيهم بما يكفي , هذا شيء معيب )).
فهزت كتفيها : (( في الحياة ما هو أهم )).
ـ هراء , لا شيء أهم من ذلك , يا ليتك تهتمين بالرجال الأحياء كما
تهتمين بالأموات منهم .
فقالت هارييت بلهجة لاذعة : (( كنت لتوك تتغزلين برجل مات منذ
ألفي سنة . وعلى كل حال , الأموات أفضل من الأحياء . فهم لا يكذبون ولا
يمهلون أصدقاءهم . ويمكنك أن تتحدثي إليهم من دون أن يقاطعوك )).
ـ كم أنت متهكمة ! أحذرك , إن ماركو متهكم أيضاً , ولولا ذلك
لتزوج منذ زمن بعيد .
ـ إنه عجوز إذاً !
ـ ماركو كالـﭭـاني في الخامسة والثلاثين من العمر , مثقل بالمسؤوليات ,
ووسيم للغاية .
قالت أولمبيا هذا بحماسة , فسألتها هارييت : (( لماذا لم تتزوجيه إذن ؟
قلت إنه طلب منك الزواج أولاً )).
ـ فعل ذلك لأن أمه صديقة لجدتي وترغب بتوحيد الأسرتين .
ـ وهو يفعل ما تقوله له أمه ؟ إنه عديم الشخصية إذاً .
ـ أنت مخطئة . ماركو لا يقتنع إلا برأيه الخاص , وهو يفعل هذا لأسبابه
الخاصة أيضاً .
ـ لعله غريب الأطوار !
ـ إنه يعمل في مصرف ويكرس حياته للعمل الجاد . وهو يفكر الآن في
الزواج , بعيداً عن الحب والغزل والعبث .
ـ لعله شاذ !
ـ حسب قول أصدقائي , هو ليس كذلك . بل على العكس , معروف
عنه أنه يدمر النساء , فما إن يقيم علاقة مع المرأة حتى يتركها . يبدو أن
عواطفه لا تتدخل في علاقاته , فعلاقاته بالنساء عابرة , ينهيها قبل أن تتعمق
الأمور .
ـ بهذا الوصف , تجعلينه يبدو صعب المقاومة .
ـ من واجبي إطلاعك على ماله وما عليه . ماركو لا يهتم بالورود وضوء
القمر , لذا أريدك أن تفهمي الأمور بوضوح . ستكون علاقتك به اتحاداً أكثر
منها زواجاً , بما أنك أنت أيضاً فتاة جادة . . .
ـ هل ظننت أنني سأكون سعيدة بقبول الزواج بأحد الذين ترفضينهم ؟
شكراً يا أولمبيا .
ـ هل لك أن تتوقفي عن هذه الحساسية ؟ لقد تكبدت كل هذا العناء
لكي أنبهك إلى أنه ربما يأتي إلى هنا الأسبوع القادم . . .
ـ وأنا شاكرة جداً لك . في الواقع , كنت أفكر في السفر ويبدو لي
الأسبوع القادم مناسباً تماماً .
بسطت أولمبيا يديها بسخط وهي تهتف : (( رباه , يستحيل مساعدتك .
ستنهين حياتك عانساً )) .
وابتسمت هارييت بخبث فبدا وجهها حلواً : (( هذا إذا حالفني الحظ )) .

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 12-06-12 08:43 PM

تنويه لجميع القراء
 
تـنويه مهم
للتشويق فقط كان هذا التمهيد من الرواية
وأول فصول الرواية بإذن الله سيكون يوم السبت
انتظروني . . . . محبتي في الله

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

Rehana 12-06-12 10:02 PM

ماشاء الله ..اسلوب رائع في الطرح .. تشويق .. عرض مذهل ..
دائما لك اسلوب مميزة .. لتجذبينا لك زوووز
موفقة في الكتابة والتنزيل

* تثبت الرواية *

جمره لم تحترق 13-06-12 03:22 AM

شكراً غلاتي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3118122)
ماشاء الله ..اسلوب رائع في الطرح .. تشويق .. عرض مذهل ..
دائما لك اسلوب مميزة .. لتجذبينا لك زوووز
موفقة في الكتابة والتنزيل

* تثبت الرواية *

يسعدك ربي فديتك . . سعيدة بكلامك
وسعيدة بتواجدك . . كل التوفيق لك في خطواتك
ودي وعبق وردي
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

marymo 13-06-12 12:45 PM

gamela ...................thnx

زهرة منسية 13-06-12 02:31 PM

ما شاء الله على الأبداع
 
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13395904942.jpg
ما شاء الله عليكى زوووز
أيه الجمال ده كله أنتى مبدعة الكاتبات فى عرض الروايات
الرواية زادت جمال وتانق بطريقة عرضك الرقيقة الراقية
أنا قريت الجزء الأول منها من أنامل قمر قمر الرومانسيات
ريحانة

وأنا متأكدة أن الجزء الثانى والثالث هيكونوا على نفس المستوى
الله يوفقك ويعطيكى ألف ألف ألف عافية

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13395904941.gif

جمره لم تحترق 16-06-12 08:15 PM

ولكمووووووووووو
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة marymo (المشاركة 3118508)
gamela ...................thnx

العفوووو وشكراً كثيراً لمرورك هنــا . . سلمتي
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 16-06-12 08:19 PM

شكراً صديقتي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3118565)
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13395904942.jpg
ما شاء الله عليكى زوووز
أيه الجمال ده كله أنتى مبدعة الكاتبات فى عرض الروايات
الرواية زادت جمال وتانق بطريقة عرضك الرقيقة الراقية
أنا قريت الجزء الأول منها من أنامل قمر قمر الرومانسيات
ريحانة

وأنا متأكدة أن الجزء الثانى والثالث هيكونوا على نفس المستوى
الله يوفقك ويعطيكى ألف ألف ألف عافية

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13395904941.gif

الله يعافيك وشكراً على الكلام الحلو والمشجع
الذي اثلج صدري . . . شكراً على الابتسامه التي رسمتها بقلبي
وشكراً لمرورك الدائم وتشيجعك اللائق . . .
قراءة ممتعة لك صديقتي

http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 16-06-12 08:30 PM

1 ـ خبيرة أم مشـاكسة
 


1 ـ
خبيرة أم مشـاكسة

http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

ـ يا ولدي العزيز , هل فكرت جيداً بالموضوع ؟
كان وجه السنيورا لوشيا كالـﭭـاني مليئاً بالاهتمام وهي تنظر إلى ابنها
الذي كان يقفل حقيبة ثيابه . منحها ابتسامة سريعة حملت من الدفء أكثر مما
تحمل لأي شخص آخر , لكنه لم يتوقف عن العمل : (( وماذا هناك لأفكر
فيه ؟ أنا على أي حال أفعل ما طلبته أنت مني , يا أمي )).
فقالت بتشكك أمومي : (( كلام فارغ , أنت لا تفعل إلا ما يناسبك )).
ـ هذا صحيح , ولكن ما يناسبني كل ما يسرك . أنت تريدين أن أتزوج
حفيدة صديقتك , وأنا رأيت ذلك مناسباً .
ـ إذا كنت تعني أن الفكرة أعجبتك , قل هذا , ولا تخاطب أمك وكأنك
في اجتماع مجلس إدارة .
قالت هذا بحدة فتقدم يقبل خدها : (( آسف ولكن ما دمت أقوم بما
تتمنينه , فلا أدري ما هو سبب قلقك هذا )).
ـ عندما قلت إنني أود أن تتزوج حفيدة إيتا , كنت أعني أولمبيا , كما
تعلم جيداً . إنها أنيقة , رشيقة , محنكة , وتعرف كل الطبقة الراقية في روما ,
ويمكن أن تكون خير زوجة .
ـ لا أوافقك الرأي , فهي فتاة عابثة تفتقر إلى النضوج . أختها أكبر منها
سناً وأكثر رصانة كما فهمت .
ـ لكنها نشأت في إنكلترا , وقد لا تتلكم الإيطالية .
ـ أكدت لي أولمبيا أنها تتحدث الإيطالية . كما أن اهتماماتها ثقافية ,
ويبدو أنها ستناسب متطلباتي .
ـ تناسب متطلباتك ؟
قالت الأم هذا بذعر : (( من تتحدث عنها هي امرأة من لحم ودم وليست
مجموعة أسهم )).
فهز كتفيه : (( إنها مجرد طريقة في الكلام . هل نسيتُ شيئاً لم أضعه في
الحقيبة ؟ )) .
وأخذ ينظر في أرجاء الغرفة السابحة في شمس ذلك الصباح المتألقة التي
كانت تتسرب من نافذة الشرفة . خرج ليتنشق الهواء النقي ويمتع ناظريه
بمشهد (( جادة فيتيتو )) . تطل شقته القائمة في الطابق الخامس من هذه البناية
البديعة على كاتدرائية (( سانت بيتر )) ونهر التيبر . توقف لحظة يتأمل تألق
أشعة الشمس على الماء . كان يفعل هذا كل صباح , مهما كان انشغاله .
ولربما أثار هذا دهشة العديد من الأشخاص الذين يعتبرونه مجرد آلة
حسابية .
أما بيته من الداخل فيعزز تحاملهم هذا عليه . فرغم أن الأثاث كان
غالياً , إلا أنه يدل على البساطة , ويبدو بامتياز بيت رجل مكتفٍ بنفسه .
اختيار السكن في وسط روما يناسب تماماً شخصية ماركو , لأن قلبه
وعقله وكل وجوده كان رومانياً . كما أن طول قامته ومظهره وسماته
المتغطرسة تجعله منحدراً من سلاسة ملوك . وليس مستبعداً أن يكون واحداً
منهم ! أوليس أصحاب المصارف العالمية هم الملوك الجدد ؟ يبلغ ماركو
الخامسة والثلاثين من العمر , وهو يتفوق على كل معاصريه في دنيا المال
والشراء والبيع والمعاملات . . . فذلك بالنسبة إليه أشبه بالهواء الذي
يتنفسه , وليس من باب المصادفة أن يتحدث عن زواجه المترقب بتلك
الطريقة العملية التي بثت الذعر في نفس أمه .
وما لبث أن منحها أكثر ابتساماته سحراً : (( أمي , أعجب لجرأتك على
تعنيفي بينما أنت التي اقترحت علي هذا الزواج )).
ـ حسناً , على أحدهم أن يتدبر أمر تزويج أفراد هذه الأسرة . عندما
أفكر في ذك العجوز الأحمق في البندقية الذي خطب مدبرة منزله . . .
ـ أظنك تعنين (( بالعجوز الأحمق )) عمي فرانسيسكو , كونت كالـﭭـاني
ورأس أسرتنا .
فقالت باتزان : (( كونه (( كونت )) لا يمنعه من أن يكون عجوزاً أحمق ,
وكون غويدو وريثه لا يمنع من أن يكون شاباً أحمق حين يريد أن يتزوج من
فتاة إنكليزية . . . )) .
فقال ماركو يغيظ أممه مداعباً بطريقته الجافة : (( لكن دولسي من أسرة
ذات لقب , وهذا مناسب جداَ )) .
ـ الأسرة ذات اللقب التي خسرت أموالها بسبب استهتارها . لقد
سمعت أشنع القصص عن اللورد مادوكس , ولا أظن ابنته أفضل منه
كثيراً .
ـ لا تدعي أياً منهما يسمعك تنتقدين حبيبتهما , فهما في حالة من
الهيام قد تدفعهما لفعل أي شيء دفاعاً عنهما .
ـ أنا لا أقصد أن أكون عديمة التهذيب . لكن الحقيقة هي الحقيقة . على
شخص ما أن يقوم بزيجة حسنة , ولا أحد يعرف ماذا سيفعل ذلك الخجول
المرتبك في توسكانيا .
هز ماركو كتفيه وقد أدرك أن أمه تعني بكلامها ابن عمه ليو : (( ربما لن
يتزوج ليو مطلقاً . ما من نقص في الفتيات الراغبات به في المنطقة . وربما
لهذا السبب , يقوم بعلاقات قصيرة عابرة . . . )).
فقاطعته بحزم : (( لا حاجة بك لعدم التهذيب في التعبير . إذا لم يشأ أن
يقوم بواجبه , فهذا يمنحك سبباً أكبر لأن تقوم أنت بواجبك )).
ـ حسناً , أنا ذاهب إلى إنكلترا لأفعل هذا , إذا ناسبتني المرأة .
ـ هذا إذا ناسبتها أنت . هي لن ترتمي على قدميك .
ـ سأعود إليك إذن وأخبرك بفشلي .
لم يبد عليه الانزعاج لهذا الاحتمال . سبق له أن عرف بعض النساء
اللواتي لم يتأثرن به . أولمبيا , طبعاً , رفضته . لكنهما كانا كأخٍ وأخته .
قالت أمه وهي تتأمله محاولة أن تتبين ما يفكر فيه : (( أنا قلقة عليك ,
أريد أن أراك في بيت سعيد , بدلاً من تضييع وقتك سدى في علاقات تافهة .
لو تزوجتما أنت وأليساندرا كما كان ينبغي عليكما , لكان لديكما الآن ثلاثة
أولاد )).
ـ لم نكن ملائمين , ولنترك الكلام في هذا الموضوع .
قال هذا بصوت رقيق لكن نبرة التحذير لم تكن خافية . فقالت لوشيا
على الفور : (( طبعاً )).
فعندما يحسم ماركو أمراً ما , تفضل أمه ألا تلح عليه .
ـ حان وقت ذهابي , لا تقلقي يا أمي . كل ما في الأمر أنني سأقابل
هارييت ديستينو , وأكون عنها فكرة . فإذا لم تعجبني لن أذكر لها شيئاً .
ولن تعلم هي شيئاً عن الأمر .
* * *
عندما هبط بطائرته في لندن , لاحظ ماركو أنه يتصرف على غير
طبيعته . فهو أساساً ممن يمعنون التفكير في الأمور , لكنه الآن يتصرف
باندفاع . هو رجل منظم ويعيش حياة منتظمة , وهذا برأيه سر النجاح
والثبات والاستقرار . فالعمل الصحيح يُنجز في الوقت الصحيح . عندما
كان في الثلاثين من عمره , كان سيتزوج فعلاً لو أن اليساندرا لم تغير رأيها .
لكنه سرعان ما أخمد هذا التفكير . فقد انتهى كل ما يتعلق بخطبته
العقيمة , وكونه جعل من نفسه شاعرياً أحمق , أصبح من الماضي . والرجل
الحكيم تعلمه التجارب , لــذا لن يكشف عن مشـــاعره مــرة أخرى أبــداً بذلك
الشكـــل . لقد راقه اقتراح أمه بالزواج , إذ سيــجــد لنفسه أسرة من دون أن
يورط قلبه في ذلك .
وصل إلى لندن عند العصر فنزل في الجناح الذي حجزه في فندق الريتز ,
ثم أمضى بقية النهار أمام الهاتف , يراجع المعاملات التي تحتاج إلى تدخله
الشخصي . ظل يعمل حتى الثالثة صباحاً . ثم ذهب إلى فراشه ونام حوالي
خمس ساعات أفادته كثيراً .
وهكذا أمضى ليلته قبل أن يقابل المرأة التي ينوي أن يتزوجها .
* * *
تناول فطوره قبل أن يتجه سيراً على الأقدام إلى (( غاليري ديستينو )). وإذ
عين الوقت بالضبط , فقد وصل عند التاسعة إلا ربعاً , قبل بدء دوام
العمل , ما سيمنحه فرصة يكون فيها فكرة عن المكان قبل أن يقابل
صاحبته .
وما رآه نال استحسانه , فقد كان المتجر جميلاً . ورغم أنه لم ير سوى
القليل من التحف المعروضة من خلال الشبكه الحديدية على واجهة المحل ,
إلا أن ما رآه بدا له مختاراً بشكل جيد يعكس بشكل واضح صورة هارييت
ديستيتو العاقلة والأنيقة , فابتدأ يشعر نحوها بالدفء .
غير أن ذلك الدفء تبدد قليلاً عندما مرت الساعة التاسعة من دون أن
يطل أحد ليفتح المتجر , يا لانعدام الكفاءة ! واستدار فاصطدم بشخص
صرخ : (( آخ )) .
ـ المعذرة .
والتفت ليرى شابة مرتبكة تقفز على الرصيف ممسكة بقدمها , ثم تقول
مجفلة : (( لا بأس )) .
كانت على وشك أن تفقد توازنها لولا أن أمسك بها .
ـ شكراً . هل كنت تريد الدخول ؟
ـ نعم لكنك تأخرت عن موعد فتح المحل .
ـ آه , نعم . هذا صحيح . انتظر لحظة ! لدي المفتاح .
أخذت تبحث عن المفاتيح , وأخذ هو يتأملها , فلم يعجبه فيها شيء .
كانت ترتدي بنطلون جينز وسترة صوفية عاديين جداً , وعلى رأسها قبعة
صوفية زرقاء تغطي شعرها كلياً , قد تكون شابة , وربما جميلة أيضاً . . .
ولكن من الصعب معرفة ذلك ما دامت تبدو كعامل بناء . لا بد أن هارييت
ديستينو بحاجة ماسة إلى موظفة , لنستخدم هذه المرأة .
وبعد وقت بدا له دهراً , سمحت له بالدخول .
ـ لحظة واحدة , ومن ثم أعود إليك .
قالت هذا وهي تلقي أغراضها جانباً , وتفتح الشبكة الحديدية .
ـ كنت أرجو , في الواقع , أن أقابل صاحبة المتجر .
ـ ألا أنفع أنا ؟
ـ لا مع الآسف .
جمدت الشابة فجأة , ثم رمقته بنظرة متوترة وقد تغير سلوكها بأكمله :
(( طبعاً , كان علي أن أدرك هذا , يا لغبائي ! كل ما في الأمر أنني كنت أرجو
أن تتأخر قليلاً . نعم , كنت أرجو أن تتأخر قليلاً . . . آسفة لأن الآنســة
ديستينو ليست هنا حالياً )).
فسألها بصبر : (( هلا قلت لي متى تكون هنا ؟ )).
ـ ليس في وقت قريب . لكنني أستطيع الاتصال بها .
ـ أيمكنك أن تخبريها بأن ماركو كالـﭭـاني جاء لزيارتها ؟
فقالت متظاهرة بالجهل : (( من ؟ )) .
ـ ماركو كالـﭭـاني , إنها لا تعرفني لكن . . .
ـ أتعني أنك لست مبعوثاً من المحكمة ؟
فأجاب بإيجاز وقد تحولت نظراته غريزياً إلى بذلته الفاخرة : (( لا , لست
من المحكمة )) .
ـ هل أنت واثق ؟
ـ أظنني كنت سأعلم لو أنني كذلك .
فقالت بذهن شارد : (( نعم , طبعاً كنت ستعلم . ثم أنت إيطالي , أليس
كذلك ؟ لكنتك مميزة . لكنها ليست قوية جداً لذا فاتتني في البداية )) .
فقال ببطء ووضوح : (( أنا أفتخر بمهارتي في اللغات الأجنبية . والآن
هلا قلت لي من أنت ؟ )) .
ـ أنا ؟ آه , أنا هارييت ديستينو .
ـ أنت ؟
ولم يستطع أن يخفي نبرة الخيبة التي بدت في صوته .
ـ نعم , ولم لا ؟
ـ لأنك سبق وأخبرتني بأنك لست هنا .
ـ أحقاً ؟ آه , لا بد أنني أخطأت فهمك .
قالت هذا بنبرة غامضة فحدق إليها متسائلاً إن كانت مجنونة أو مجرد
مختلة . خلعت قبعتها الصوفية , تاركة شعرها الطويل ينسدل على كتفيها ,
وعند ذلك أدرك أنها تقول الحقيقة لأن شعرها كان شبيهاً بشعر أولمبيا بكثافته
ولونه . إنها المرأة التي يفكر في اتخاذها زوجة له . تنفس بعمق وحذر ,
وكانت هارييت تراقبه مقطبة الجبين : (( هل تعارفنا من قبل ؟ )) .
ـ لا أعتقد ذلك .
ـ وجهك يبدو لي مألوفــاً .
ـ لم نتعارف قط من قبل .
أكد لها ذلك وهو يفكر في أنه لو رأي هذا الوجه لتذكره حتماً .
ـ سأعد القهوة .
دخلت إلى مؤخرة المتجر ووضعت الإبريق على النار مغتاظة من نفسها
لهذه الفوضى التي أحدثتها بالرغم من تحذير أولمبيا لها . لكنها كانت شبه
مقتنعة بأن ماركو لن يعبأ بالحضور ليراها , ثم أنها كانت منشغلة بدائنيها
بحيث لم تجد وقتاً لتفكر في أشياء أخرى .
لم يكن لهارييت مثيل في خبرتها بالتحف الأثرية , فـــذوقــها رفيع تأخذ به
المؤسسات الإجتماعية المهيبة . لكنها , بشكل ما , لم تستطع أن تحول مهارتها
هذه إلى فوائد تجارية تفي بها الديون المتراكمة .
انتهت القهوة فعــادت إلى الواقع . لم تكن تريد بأي شكل أن تكشف عن
ضائقتها المادية لهذا الرجل . وإذا به يظهر فجأة بجانبها فشرد ذهنها
للتشابه , أين رأته قبل الآن يا ترى ؟
لقد وعدت أولمبيا بألا تدع ماركو يشتبه في أنها على علم بحضوره , لذا
كان التظاهر بالغباء الطريق الأسلم . فقد اكتشفت مؤخراً أن الناس
يصدقون دائماً من يتظاهر بالغباء .
ـ لماذا تريد أن تراني يا سيد . . . كالـﭭـاني , أليس كذلك ؟
ـ ألا يعني اسمي شيئاً ؟
ـ آسفة , ولكن هل من المفترض أن يعني شيئاً ؟
ـ أنا صديق أختك أولمبيا . ظننتها قد ذكرت لك اسمي .
ـ نجن أختان غير شقيقتين , ولا نرى بعضنا كثيراً . كيف حالها هذه
الأيام ؟
قالت هذا بشكل عفوي , فأجاب : (( مازالت اجتماعية ورائعة الجمال ,
أخبرتها بأنني أريد أن أتعرف إليك عندما أحضر إلى لندن . وإذا كنت توافقين
يمكننا أن نمضي هذه السهرة معاً وقد نذهب لحضور مسرحية ما ونتناول
العشاء معاً فيما بعد )) .
ـ هذا جيد .
ـ أي نوع من المسرحيات تحبين ؟
ـ كنت أحاول أن أحصل على تذكرة لمسرحية (( الرقص على الخط )) لكن
المقاعد قد نفذت , والليلة هو العرض الأخير .
ـ أظن أن بإمكاني الحصول على تذكرتين .
فقالت بذعر وقد أنبها ضميرها : (( إذا كنت تفكر في شرائهما من السوق
السوداء , فإن ثمن التذكرة مرتفع جداً )) .
فقال باسماً : (( لن أحتاج إلى اللجوء إلى السوق السوداء )) .
نظرت إليه بما يشبه الرهبة : (( أيمكنك أن تحصل على مقعدين لهذه
المسرحية بظرف دقيقة ؟ )) .
فقال بشي من السخرية : (( لا يمكنني أن أعرض نفسي للفشل الآن ,
لكن دعي الأمر لي , سأمر لاصطحابك عند الساعة السابعة )) .
ـ حسناً . يمكننا أن نذهب إلى مسرحية أخرى . ليس لدي مانع .
فقال بحزم : (( بل سنذهب إلى هذه المسرحية بالذات . أراك الليلة )) .
فقالت بشبه ذهول : (( إلى اللقاء )) .
استدار نحو الباب ثم عاد فتوقف وكأنه تذكر شيئاً : (( بالمناسبة , هل
لك أن تثمني هذه لي )) .
ثم أخرج من جيبه لفافة قماش فتحها أمام عينيها المتشوقتين , كاشفاً
عن قلادة رائعة فريدة من نوعها أخذتها برفق وحملتها إلى مكتبها حيث
أضاءت مصباحاً قوياً .
قال ماركو : (( لدي صديق في روما خبير في هذه الأشياء . برأيه أن هذه
إحدى أفضل القطع الأثرية الإغريقية التي رآها في حياته )) .
فقالت من دون أن ترفع عينيها : (( إغريقية ؟ كلا . إنها (( أترورية )) من
بلاد (( أتروريا )) القديمة غرب إيطاليا )) .
لقد نجحت في اختبارها الأول , لكنه أخفى سروره وعاد يضغط
عليها : (( هل أنت واثقة ؟ صديقي خبير حقيقي )) .
فقالت متنازلة : (( قد يكون التفريق بينهما صعباً , لكنها من صنع صاغة
(( أتروريا )) في العهود القديمة )) .
انطلقت في الحديث إلى حد لم يعد يستطيع إيقافها , وكانت الكلمات
تتفق من فمها كسيل دافئ فأصغى إليها بإعجاب متزايد . قد تكون غريبة
الأطوار نوعاً ما , لكنها السيدة المثقفة التي يتمناها , هذه التحفة الأسطورية
ملك لأسرته منذ مئتي سنة , وهي (( أترورية )) فعلاً , وقد ميزتها هي تماماً .
ثم نسفت إعجابه بقولها بأسف : (( ولكن ليتها كانت أصلية ! )) .
فحدق إليها : (( بل إنها أصلية )) .
ـ لا , مع الأسف , إنها نسخة ممتازة عن الأصل . من أفضل النسخ التي
رأيتها . ويمكنني أن أفهم لماذا انخدع بها صديقك . . .
ـ لكنك لم تخدعي أنت بها .
قال هذا شاعراً بانزعاج غير منطقي لتشويهها سمعة ( صديقه ) الذي لا
وجود له أصلاً .
ـ لطالما تملكني اهتمام غير عادي في صناعات (( اتروريا )) .
قالت هذا مسمية المقاطعة التي أصبحت فيما بعد مدينة روما والأرياف
المحيطة بها : لقد زرت الحفريات هناك منذ سنتين , فكـــانت من
أروع . . . )) .
ـ وهل هذا يؤهلك لإبداء رأيك بهذه القطعة ؟
قاطعها بقوله هذا وقد هزم غيظه تهذيبه .
ـ إسمع , أنا أعلم ما اتحدث عنه وبصراحة , ( خبيرك ) هذا لا يحسن
التفرقة بين (( الإغريقي )) و (( الأتروري )) .
ـ لكنها حسب قولك , زائفة . وهذا غير ممكن .
ـ إنها نسخة . وصانعها نسخها عن قطعة أترورية , وليس إغريقية .
أذهله التحول الذي بدا في عينيها . فقد ذهبت تلك الشابة الغريبة
الأطوار التي اصطدمت به عند الباب , لتحل مكانها امرأة منتقدة فولاذية
واثقة لا تتساهل في آرائها . وكان سيعجب بذلك لو أنها لم تكن تحاول أن
تمحو مليون دولار من ثروته .
ـ أتقولين إن هذه لا تساوي شيئاً ؟
ـ آه , ليس تماماً . لا بد أن الذهب يساوي شيئاً .
كانت تتكلم كأنها راشد يسترضي طفلاً خائب الأمل . فصرف بأسنانه
وقال ببرودة : (( هل لك أن تشرحي رأيك ؟ )) .
ـ يُنبئني حدسي بأن هذه القطعة ليست أصلية .
ـ أتعنين حدس المرأة ؟
ـ كلا طبعاً . لا شيء من ذلك . حدسي مبني على المعرفة والخبرة .
ـ وهذا يبدو لي اسماً آخر لحدس المرأة , لم لا تكونين صادقة وتعترفين
بذلك .
التهبت عيناها بشكل رائع : (( يا سيد . . . مهما كان اسمك , إذا كان
حضورك إلى هنا هو فقط لكي تحرجني , فأنت تضيع وقتك سدى . وزن هذه
القلادة خفيف . والقلادة (( الأترورية )) الحقيقية أثقل منها وزناً و . . . )) .
لقد شردت مرة أخرى وأخذت الحقائق والأرقام تتدفق من فمها بسرعة
وثقة وتحكم في الموضوع . ما عدا أنها كانت مخطئة تماماً , كما أخذ يفكر
عابساً . إذا كان هذا مستوى خبرتها فلا عجب في أن عملها فاشل .
وقـــال محـــاولاً إرضــاءهـــا : (( حسناً , حسناً أنا واثق من أنك على
صواب )) .
ـ أرجوك لا تسايرني .
وعندما هم بالجواب , راجع نفسه , متسائلاً أين ذهب ذكاؤه . لم يكن
في نيته أن يدعها تفقده أعصابه .
الهدوء هو درعه الأفضل , وبه يصل إلى النصر . لقد قام بمعاملاته ,
ونظم حياته تبعاً لمصلحته . وإذا بها تنسف كل ذلك في خمس دقائق .
قال بشيء من الجهد : (( سامحيني . لم أقصد أن أكون غير مهذب )) .
ـ لا بأس فأنا أفهمك نظراً إلى حالة الفقر التي تركتك فيها .
ـ لم تتركيني في حالة فقر ما دمت لم أوافق على تثمينك للتحفة .
مدت إليه القلادة وهي تقول بلطف كاد يثير سخطه : (( أفهم ذلك .
عندما تعود إلى روما , لم لا تسأل صديقك أن يعيد النظر إلى هذه ؟ ولكن إياك
أن تصدق كلمة مما يقول لأنه لا يفرق بين (( بلاد الإغريق )) و (( أتروريا )) )) .
ـ سأمر لاصطحابك من هنا عند السابعة .
قال لها هذا بابتسامة متوترة .

* * *

نهاية الفصل (( الأول )) . . .

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

katia.q 16-06-12 11:49 PM

يسلمووووووووووووا يا قمر
بانتظار الباقي
ومشكوووووورة كتير علي التنسيق والصور الحلوة
سوري بس أيقونة الشكر اختفت من عندي
لي عودة اما ترجع

زهرة منسية 16-06-12 11:53 PM

أعتقد كده أن هارييت مجنونة وهتجنن ماركو معها
وكمان ماركو شكله كده مش أهون منها
يالا خلينى معاكى ومعاهم لغاية لما نشوف مين هيجنن مينى
تسلم أيديكى زوووز
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13398825041.gif

جمره لم تحترق 17-06-12 08:46 PM

شكراً عطـــــراً
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة katia.q (المشاركة 3121348)
يسلمووووووووووووا يا قمر
بانتظار الباقي
ومشكوووووورة كتير علي التنسيق والصور الحلوة
سوري بس أيقونة الشكر اختفت من عندي
لي عودة اما ترجع

العفووووووو يا الغلا . . فديتك على هالذوق
شكرك وصل من غير أي ايقونه كفايه الطله
و المرور العبق برائحة التألق
سلمتي . . . ودي وعبق وردي

http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 17-06-12 08:51 PM

سلمتي صديقتي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3121352)
أعتقد كده أن هارييت مجنونة وهتجنن ماركو معها
وكمان ماركو شكله كده مش أهون منها
يالا خلينى معاكى ومعاهم لغاية لما نشوف مين هيجنن مينى
تسلم أيديكى زوووز
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13398825041.gif

الله يسلمك . . . ما شفتي شيء من هارييت
على فكرة اليوم أنا طنشت الكتابة واندمجت مع القراءة
وكده أنـا راح انزل الرواية وأنا متأكده إنها رووووووعة
الرواية عجبتني كثيراً . . . وخاصة وأنا أكتشفت إني قرأت الجزء الأول
يوم سقط القناع . . . ما عندي صبر عشان اقرأ الجزء الاخير للسلسة
فقط كوني متابعة . . . سلمتي صديقتي
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 17-06-12 08:53 PM

2 ـ أغسطس قيصر
 


2 ـ
أغسطس قيصر

http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

عند الساعة السابعة , وقفت هارييت تنظر من واجهة متجرها إلى
العاصفة في الخارج . كانت قد ذهبت إلى بيتها وغيرت ملابسها وعادت
بسرعة لئلا تجعله ينتظر طويلاً .
لكن يبدو أنه ليس دقيقاً في مواعيده فقد مضت الساعة السابعة منذ
عشر دقائق ولم يظهر بعد أي أثر له . وعند السابعة والربع تمتمت بشتيمة لا
تتلفظ بها سيدة مهذبة , ثم استعدت لمغادرة المتجر باستياء .
أقفلت المتجر وأخذت تحدق ساخطة إلى المطر المنهمر عندما توقفت
سيارة عند المنعطف وامتدت من بابها يد أمسكت بها , وأطبقت عليها قبضة
جبارة سحبتها إلى الداخل بسرعة .
ـ أعتذر لتأخري . لقد أعاقني المطر . المسرحية , لحسن الحظ , لا تبدأ
قبل الثامنة , لذا أظننا سنصل في الوقت المناسب .
سألته غير مصدقة : (( أنت حتماً لا تعني أنك وجدت تذكرتين ؟ )) .
ـ بلى طبعاً . لمــــاذا تشكين بي ؟
ـ ومن رشوت ؟
فقال ضاحكاً : (( كان الأمر أكثر نزاهة من ذلك بقليل )) .
ـ أعجبني هذا .
وأعجبها أكثر عندما اكتشفت أنه حجز أفضل مقصورة في المسرح . لا
شك في أن لهذا الرجل علاقات جيدة .
قدم ماركو إليها الكرسي الأقرب إلى خشبة المسرح , ما مكنه من النظر
إليها وإلى العرض في الوقت نفسه . لم يجدها رائعة الجمال , فقد كانت أكثر
نحافة مما ينبغي بقليل , لكنها بليونة عارضات الأزياء , كما أنها أنيقة , أو
على الأقل يمكنها أن تكون كذلك إذا اهتمت بمظهرها .
ثوب السهرة الذي ارتدته لم يكن سيئاً جداً , كان طوله يصل إلى
الكاحل , ويظهر رشاقة حركاتها . بدا لونه الأحمر القاتم رائعاً مع أنه لا
يتناسب مع شعرها البني المائل للاحمرار , وكان شعرها منسدلاً على كتفيها .
لو أنها ترفعه لكي يكشف عن وجهها وعنقها الطويل لكان ذلك أفضل
بكثير . أليس هناك من يخبرها بهذه الأشياء ؟
حليها القليلة لم تكن جميلة ولا متلائمة مع بعضها البعض . فقد يلائمها
أن تتزين بالذهب , وأن تختار حلياً كبيرة تتناسب مع شخصيتها القوية
الهادئة .
التفكير بالذهب ذكره بالقلادة , لكن مزاجه الآن جيد ولا يحمل لها أي
نية سيئة . وعلى أي حال محاورتهما الغاضبة كانت مفيدة لكسر الجليد
بينهما .
كان العرض المسرحي عبارة عن موسيقى عصرية بالغة الظرف حلوة
الأنغام . بدا الراقصون سريعي الحركة وبالغي الحيوية , وقد استمتعتا بذلك
معاً , وغادرا المسرح مسرورين . كان المطر قد توقف والسيارة تنتظرهما في
الخارج .
قال ماركو : (( أعرف مطعماً صغيراً يقدم ألذ الأطباق في لندن )) .
ثم أخذها إلى مكان لم تسمع به من قبل رغم أنها من سكان لندن ,
ودهشت قليلاً عن دخولها مطعماً فرنسياً لكنها ما لبثت أن أدركت بالضبط
ما يريه . . . فإذا كان ينوي حقاً أن يعبث معها ويوقعها في شباكه عليه أن
يثير دهشتها في البداية .
ـ ربما كان علي أن أسألك إذا كنت تحبين الطعام الفرنسي .
ألقى عليها هذا السؤال بعد أن جلسا معاً إلى مائدة هادئة .
ـ أحبه بقدر ما أحب الطعام الإيطالي تقريباً .
قالت هذا بالفرنسية . وقد يكون هذا زهواً منها , لكنها شعرت بأن
عرض مواهبها كلها قد يكون فكرة حسنة .
ـ أنت طبعاً غير متعصبة قومياً . عليك أن تكوني كذلك نظراً إلى نوع
عملك . هل تتكلمين الإسبانية ؟
ـ نعم , واليونانية واللاتينية أيضاً .
ـ اليونانية الحديثة أم القديمة ؟
ـ كلاهما .
وتجنبت أن تبدو في صوتها نبرة الاضطراب .
ـ طبعاً .
قال هذا بابتسامة خفيفة وهو يميل برأسه احتراماً .
كان الطعام لذيذاً حقاً . وكان ماركو خير مضيف , إذ بقي يسألها عما
ترغب بع من دون أن يضغط عليها بما يقترحه . وناسبها ذوقه تماماً .
بدا الضوء خافتاً عند مائدتهما , فهو عبارة عن شمعتين يتراقص لهبهما
على وجهيهما . بدا لها وسيماً للغاية وأنيقاً ببذلته الرسمية وقميصه الأبيض
الذي أبرز لون بشرته البرونزي . أما شفتاه الرقيقتان . فكانتا تبرزان ابتسامته
النادرة وتمنحانها مظهراً ساخراً كان يسرها .
لفتت عيناه انتباهها , فهما بنيتان داكنتان إلى حد السواد , تظللهما
جبهة عالية وحاجبان سميكان , ما أضفى على وجهه لمحة من الغموض
أثارت فضولها . من حسن الحظ أن ألومبيا نبهتها إلى ما سيجري , وإلا
لفوجئت تماماً , و لربما وجدته جذاباً إلى حد خطير . انتهزت الفرصة
وقررت أن تربكه قليلاً لمجرد الهزل .
فسألته ببراءة : (( ما الذي جاء بك إلى لندن ؟ العمل ؟ )) .
لعل السؤال فاجأه , لكنه لم يظهر ذلك : (( قليلاً , كما يجب أن أزور
اللايدي دولسي مادوكس التي أصبحت خطيبة ابن عمي غويدو منذ أسابيع
قليلة )) .
ـ هل هي ابنة اللورد مادوكس ؟
ـ نعم , أتعرفينها ؟
ـ جاءت إلى المتجر مرتين .
ـ شارية أم بائعة ؟
ـ بائعة .
وسكتت فجأة وقد أحست بأنها تدوس في حقل ألغام . فقال ماركو :
(( ربما كانت تبيع تحفاً من منزل أسلافها لكي تسدد ديون أبيها . فقد عرفت
أنه مقامر كبير )) .
ـ نعم , لكنني لا أحب أن أتكلم عن الآخرين .
ـ هذا شيء معروف . دلوسي مضطرة للعمل لتعيش . وكانت تعمل
وكيلة لمؤسسة استعلامات خاصة عندما جاءت إلى فينيسيا وتعرفت إلى
غويدو . ما رأيك فيها ؟
فقالت بحسد : (( إنها رائعة الجمال , بشعرها الطويل الأشقر ذاك , هل
مازال على حاله ؟ )) .
ـ نعم هي رائعة الجمال , وستبقي غويدو منضبطاً .
فضحكت : (( هل هو بحاجة إلى ذلك ؟ )) .
ـ بكل تأكيد , فغويدو ليس لديه أي حس بالمسؤولية . هذا قول عمي
فرانسيسكو بالمناسبة , الكونت كالـﭭـاني . كان متلهفاً ليتزوج غويدو وينجب
له وريثاُ .
ـ أليس لديه أبناء ؟
ـ لا . واللقب سيكون من نصيب أحد أبناء إخوته , والمفروض أن
يكون ليو , الأخ الأكبر غير الشقيق لغويدو . ولكن لأسباب قانونية , حُرم
من اللقب .
ـ هذا فظيع !
ـ ليو لا يظن هذا . فهو لا يريد أن يكون كونت , المشكلة أن غويدو
أيضاً لا يريد , لكن ذلك سيصبح قدره , وهكذا حاول عمي أن يجد له
عروساً مناسبة , ثم تخلى عن ذلك بائساً عندما وقع غويدو في غرام دولسي .
وعمي أيضاً , وقع في غرام مدبرة منزله منذ سنوات , وقد استطاع أخيراً
إقناعها بأن تتزوجه . إنه في السبعينات , وهي في الستينات , وهما الآن أشبه
بعصافير الحب .
فهتفت هارييت : (( كم هذا جميل ! )) .
ـ هذا صحيح , لكنه ليس رأي الجميع . فأمي مشمئزة لأنه تزوج
(( خادمة )) , كما تسميها .
ـ هل يهتم الناس بأمور كهذه هذه الأيام ؟
ـ البعض فقط . أمي رقيقة القلب , لكن نظرتها إلى هذا الأمر قديمة
الطراز .
ـ ماذا عنك أنت ؟
ـ أنا لا اتخذ دوماَ الطرق العصرية . أنا أتخذ قراراتي بعد طول تفكير .
ـ مدير أو صاحب مصرف مضطر إلى هذا , بطبيعة الحال .
ـ ليس دوماً , لدي سمعة بأنني أنجرف أحياناً .
فسألته بشكل غير إرادي : (( أنت ؟ )) .
فقال بجد : (( كنت معروفاً بتهوري أحياناً )) .
ـ لما فيه المصلحة طبعاً .
ـ طبعاً .
أخذت تتأمله لترى إن كان جاداً أم لا . وتكهن هو بما تفعل , فنظر
إليها بجفاء رافعاً حاجبيه وكأنه يسألها إن كانت تحققت من الأمر الآن .
طالت اللحظة فازداد شعوراً بالضيق وهو ينتبه إلى أن شيئاً في سلوكها قد
تغير .
سألها ليعيدها إلى الواقع : (( أتريدين مزيداً من العصير ؟ )) .
ـ آسفة , ماذا قلت ؟
ـ العصير ؟
ـ آه , لا . شكراً . سبق وقلت إن وجهك مألوف . يا ليتني أستطيع أن
أتذكـــر . . .
ـ ربما أذكرك حبيب سابق .
ـ آه , لا , منذ دهر وأنا وحيدة .
تمتمت بذلك وما زالت نظراتها شاخصة إليه .
لقد حيرته فهي تارة محنكة , وتارة خرقاء , ومع ذلك أصبح لديه
فكرة جيدة عنها .
سألها أثنــاء تنــاولها الطعــام : (( لِمَ أنت وأولمبيا من جنسيتين
مختلفتين ؟ )) .
فقالت بسرعة : (( لا , بل كلتانا إيطاليتان )) .
ـ نعم , من ناحية . . .
ـ من كل النواحــي .
قاطعته بنبرة متمردة وأكملت : (( وُلدت في إيطاليا وأبي إيطالي واسمي
إيطالي )) .
رأى لمعان الغضب في عينيها الواسعتين : (( أنا آسف , لم أكن أنوي أن
أجرحك )) .
ـ ألم تخبرك أولمبيا بالقصة ؟
ـ ليس تماماً . أنا أعلم أن أباك تزوج مرتين , ولكن , بطبيعة الحال ,
أولمبيا لا تعلم سوى القليل عن زوجته الأولى .
ـ أحبته أمي بشكل هائل , لكنه تخلى عنها عندما كنت في الخامسة من
عمري . أخبرتني أنه طردنا , نحن الاثنتين , من البيت .
سألها بصدمة حقيقية : (( هل أخبرتك أمك بذلك وأنت طفلة ؟ )) .
بدت شاردة الذهن : (( لكنني لم أصدقها . كنت أعبد أبي وكان يحبني
كثيراً . وعندما كان يعود إلى البيت كان ينادي اسمي أولاً . وظننت أن الأمر
سيبقى دوماً بهذا الشكل )) .
وعندما سكتت قال لها برفق : (( تابعي كلامك )) .
ـ لقد أقام علاقة مع امرأة أخرى . أراد طلاقاً سريعاً , فطردنا . قالت
أمي إنه أرغمها على العودة إلى إنكلترا مهدداً إياها بعدم إعطائها فلساً
واحداً , إذا لم تفعل .
فكر ماركو في غويزيب ديستينو , الرجل البدين الأناني ذي العينين
الباردتين . ولم يكن صعباً أن يصدق هذه القصة تماماً .
سألها بعطف : (( لا بد أن حياتك أصبحت حزينة بعد ذلك ؟ )) .
ـ عشت على أمل أن يدعوني لزيارته , لكنه لم يفعل قط , لم أفهم ما
فعلته لكي ينقلب ضدي . لم تنسه أمي يوماً , وبقيت حزينة حتى آخر يوم في
حياتها , لم تعش بعده سوى اثني عشر عاماً , ثم ألم بها المرض وماتت . عند
ذلك ظننته سيرسل إلي ليأخذني , لكنه لم يفعل . كنت على وشك دخول
الكلية يومها وقال إنه لا يريدني أن أقطع دراستي .
تمتم ماركو شيئاً أشبه بالشتيمة , وقالت هارييت بجفاء : (( أظنني
تأخرت في فهم الوضع . كم كنت غبية ! )) .
ـ هذا هو الأمر الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يتهمك به .
واخذ ماركو ينظر إليها باهتمام جديد . فقالت تصرف الأمر من
ذهنها : (( وما الذي تعرفه عني ؟ أنا غبية بالنسبة إلى الناس , لأنني لا أعرف
الكثير عنهم في الواقع )) .
ـ أو ربما تعرفين الكثير من الأشخاص السيئين .
قال هذا وهو يفكر في الأب الذي طردها من بيته بكل أنانية , والأم التي
حـمـلت الطفلة عبء أحزانها : (( هل رفضك أبوك كلياً ؟ )) .
ـ لا . لقد حافظ على شيء من المظاهر عندما لم يستطع تجنب ذلك .
درست في روما لمدة سنة , وقد اخترت ذلك متعمدة لأنه سيكون مرغماً على
أن يوليني بعض الاهتمام . حتى أنني ظننت أنه سيدعوني إلى السكن معه .
ـ لكنه لم يفعل ؟
ـ دعاني إلى العشاء عدة مرات , فكانت زوجته تحدق إلي طوال الوقت .
لكن أولمبيا كانت دوماً لطيفة ودوداً معي . وقد أصبحنا صديقتين . وبعد
ذلك أخد أبي يرسل إلي المال من وقت لآخر .
ـ هل ساعدك في المتجر ؟
ـ لا , لقد فتحته بالمال الذي ورثته من جدي .
ـ كان بإمكان أبيك أن يساعدك , كما كان عليه أن يواجه تلك المرأة .
ـ أتعني زوجته . هل تعرفها ؟
ـ وأكرهها أيضاً , كما يكرهها معظم الناس . طبعاً كانت مصممة على
أن تبقيك بعيدة عن أبيك , يا لك من فتاة مسكينة ! لم يكن لديك حظ في
ذلك .
ـ أظنني أعرف هذا الآن . لكنني حينذاك , ظننت أن بإمكاني أن أستميله
بالعمل الجيد , فأتعلم اللغات , وأنجح في الامتحانات وأكون إيطالية قدر
الإمكان .
كان اهتمام ماركو يزداد بنشأتها الغريبة التي جعلت منها شخصية غير
عادية . فسألها بفضول : (( هل ظننتني حقاً مبعوثاً من الحكمة ؟ )) .
فأطلقت ضحكة صغيرة : (( لوهلة , نعم , ظننتني أصبحت أميزهم
الآن . دوماً أفكر في أن أموري المالية ستتحسن وأسدد ديوني . . . حسناً , إنها
تتحسن أحياناً ولكنها سرعان ما تسوء مرة أخرى )) .
ـ ولكن لماذا ؟ متجرك ذاك يجب أن يكون منجم ذهب . وبضاعتك من
الدرجة الأولى . صحيح أنك أخطأت بالنسبة إلى القلادة الأثرية , ولكن . . .
ـ أنا لم أخطئ . . . لا بأس . أحياناً أكون في القمة وإذا بي أرى قطعة
رائعة حقاً أشعر بأن علي الحصول عليها , فتكون ضربة تعصف بكل ما جمعته
من مال .
ـ لماذا لا تبيعين متجرك ؟
ـ أبيعه ؟ أبداً . إنه حياتي .
ـ هناك أشياء أهم من الآثار .
ـ هذا غير صحيح .
ـ تبدين واثقة من ذلك .
ـ إنها ليست آثاراً فقط , بل هي عوالم أخرى تنفتح أمامي . إنك ترى
فيها آفاقاً فسيحة كانت منذ آلف السنين . . .
وشردت أفكارها مرة أخرى . وإذ أدرك أن من المستحيل أن يوقف هذا
السيل , جلس يصغي إليها ويفكر فيها في آن معاً . راح اهتمامه بها يزداد مع
مرور السهرة , بدت مثيرة للفضول , ذكية مثقفة وسريعة البديهة . ومن
المؤسف أنها لم تكن رائعة الجمال . . . أو هذا رأيه فيها حالياً . . . فقد كان
من الصعب معرفة ذلك وشعرها يغطي معظم وجهها . لكن عينيها
الخضراوين كانتا تنفثان ناراً عندما تتكلم عن (( العوالم الأخرى )) التي أحبتها ,
وفي عينيها هاتين رأى نوعاً من الجمال .
وصلت هارييت بجدالها المحموم إلى نهايته , فسألته بقلق : (( أنت لا
تظنني مجنونة , أليس كذلك ؟ )) .
ـ أنت شغوفة بعملك وذلك ليس جنوناً بل حسن حظ . إن إنقاذ
متجرك شيء يعنيك أنت أكثر من أي شخص آخر في العالم . وربما بإمكاني
أن أساعدك . كم تحتاجين لتتخلصي من ديونك ؟
ذكرت له رقماً كبيراً جعله يشعر بأنها غارقة في هوة عميقة فقال : (( إنه
مبلغ كبير لكن لكل شيء حل . أظننا في وضع نستطيع فيه أن نساعد بعضنا .
يمكنني أن أعطيك قرضاً يحل مشاكلك )) .
ـ ولكن لماذا تفعل ذلك ؟
ـ لأنني أريد شيئاً بالمقابل .
ـ هذا طبيعي , ولكن ما هو ؟
فتردد قليلاً : (( قد ترين اقتراحي هذا غريباً نوعاً ما لكنني فكرت فيه
جيداً , وأؤكد لك أنه مناسب لكلينا . أريد أن تأتي إلى روما معي وتكوني
ضيفة أمي لفترة )) .
ـ هل أنت واثق من قبولها ذلك ؟
ـ ستكون مسرورة . جدتك كانت أعز صديقة لها وجُل ما ترجوه هو أن
تتحد أسرتانا , باختصار , إنها تحاول أن تزوجني !
ـ تزوجك ممن ؟
سألته ذلك مدعية جهلها بالموضوع .
ـ منك أنت .
كانت تعلم أن هذه اللحظة ستحين عاجلاً أم آجلاً , ومع ذلك تملكها
الحرج . نظرت إليه جالساً في الزاوية وضوء الشمعة يتراقص على وجهه ,
فبدا لها فجأة وسيماً جداً . . . قوياً جداً . . . جذاباً جداً . . . أشبه بعاصفة
لا تقاوم تخترق حياتها جارفة كل شيء أمامها . . .
قالت محاولة كسب الوقت : (( مهلك لحظة . . . ما عادت الأمور تسير
على هذا النحو في أيامنا هذه )) .
ـ الزواج ما زال يجري بهذا الشكل في بعض المجتمعات . يعرفون
الأشخاص المناسبين ببعضهم البعض , آخذين بعين الاعتبار منافع هذا
التحالف . والداي تزوجا هكذا , وكان زواجهما سعيداً جداً . كانا
منسجمين تماماً من دون أن تعميهما مشاعر هي أعنف من أن تدوم .
ـ وأنت تطلب مني . . . ؟
ـ أن تفكري في ذلك . القرار النهائي نتخذه فيما بعد , بعد أن نعرف
بعضنا بشكل أفضل . وفي الوقت نفسه أحل لك مشاكلك المالية . فإذا
تزوجنا سأمحو الدين , وإلا سنتفرق كصديقين ويمكنك إن تعيدي إلي المال
بشروط سهلة .
ـ أوه , أنت تسرد الأمور بسرعة , لا يمكنني أن أستوعب .
وكان هذا صحيحاً . فقد ظنت أنها مستعدة لهذا جيداً , ولكن كل شيء
بدا لها مختلفاً إلى حد خطف أنفاسها .
ـ لن تخسري شيئاً . في أسوأ الأحوال تكونين قد أخذت قرضاً من دون
فائدة ينقذ متجرك .
سألته بخشونة : (( ولكن ماذا ستستفيد أنت ؟ لا يمكنك أن تتزوج فقط
لترضـي أمــك )) .
بدا لها وكأنه تردد لحظة قبل أن يجيب بقليل من الإرغام : (( بل يمكنني ,
إذا كانت تلك هي رغبتي . لقد حان الوقت لكي أستقر وأؤسس أسرة
ويناسبني أن أرتب ذلك بهذا الشكل , ذلك سيمنحنا وقتاً للتفكير . تعودين
أنت معي وتجربين الحياة في بلادي . . . أعني بلادك . . . وتفكرين في ما إذا
كنت تحبين العيش فيها بصورة دائمة . إذا انسجمتما أنت وأمي , سنتحدث
في أمر الزواج )) .
ـ وماذا عن انسجامنا معاً نحن الاثنين ؟
ـ هذا ما أرجوه , وإلا لن ننجح في زواجنا , أنا واثق من أنك ستكونين
أماً ممتازة لأولادنا , وبعد ذلك لن تجديني غير عقلاني .
سألته وقد ابتدأت عيناها تشردان : (( بالنسبة إلى ماذا ؟ )) .
ـ نحن لسنا مراهقين . لذا لن يتدخل الواحد منا في حرية الآخر .
حاولت أن تتفحص وجهه لكنها لم تستطع لأنه كان في الظل . وأخيراً
سألته : (( أليس لديك مانع في القيام بذلك بهذه الطريقة ؟ ما هو شعورك حيال
ذلك ؟ )) .
فقال بفتور مفاجئ : (( لا حاجة بنا إلى مناقشة المشاعر )) .
ـ لكنك خططت لزواجك وكأنه اتفاقية عمل .
ـ أحياناً تكون النتائج عظيمة .
الإحكام والدقة الفائقة في لهجته أرسلت قشعريرة في كيانها . وحده
الرجل الذي بنى سياجاً حول نفسه يتصرف بهذا الشكل . وتساءلت عن
مدى ارتفاع ذلك السياج , ولماذا يحتاجه .
وماذا عن سياجك أنت حول نفسك ؟ تمتم بذلك صوت في داخلها .
أنت تعلمين أنه موجود , ولطالما فكرت أن العقل أسلم من القلب . ربما
كلاكما من الطينة نفسها فأحس هو بذلك !
رفضت هذه الفكرة بسرعة , لكنها بقيت تزعجها : (( إذا تزوجنا ,
ستتوقع مني أن آتي لأعيش معك , أليس كذلك ؟ )) .
فأجفل قليلاً : (( هذا هو الترتيب المعتاد )) .
ـ لكنني إذا انتقلت إلى روما , سأفقد المتجر الذي أحاول أن أنقذه .
ـ يمكنك أن تسلمي متجرك لمن يديره , أو تنقليه إلى روما . وربما
تجدين من الأفضل أن يكون هناك أنا واثق من أن هناك أشياء كثيرة لم
تكتشفيها بعد .
لمس بهذا وتراً حساساً , فقالت من دون أن تواجه عينيه : (( أظن أن
معارفك كثيرون جداً )) .
ـ ليس إلى هذا الحد . لكنني أعرف كثيراً من الناس يمكن أن ينفعوك .
فكرت أنه لا بد يعرف البارون أورازيو مانيللي . ولربما زار قصره
بمخزنه الفسيح الذي يخفي نفائس لا تعد ولا تحصى . منذ سنوات وهارييت
تراسل البارون , طالبة الترخيص لها بدراسة كهف (( علاء الدين )) ذاك ,
وكان رفض طلبها . ولكن بصفتها خطيبة ماركو . . .
كبحت هذا الإغراء لكنه بقي يهمس في داخلها . . وقالت : (( ستكون
زيارة غير مُلزمة لكلينا )) .
ـ هذا مفهوم .
ـ وبإمكاننا أن نفترق ببساطة إن لم ينجح ذلك .
ـ نفترق كصديقين . ولكن في الوقت نفسه , ستجد أمي السرور في
صحبتك .
ممزقة بين الضمير والإغراء , أخذت تحدق في وجهه وكأنها كانت ترجو
أن تجد الجواب فيه . وفجأة وجدت الجواب , وهتفت بصوت خافت :
(( وجدتها . لقد تذكرت الآن أين رأيت وجهك )) .
فقال بتسلية : (( أنا مسرور . بمن أذكرك يا ترى ؟ )) .
ـ بالإمبرطور قيصر أغسطس .
ـ المعذرة , لم أسمع جيداً .
ـ إنه تمثال برونزي عندي في المتجر . وجهه كوجهك تماماً .
ـ كلام فارغ ومجرد تخيلات .
ـ لا , ليس تخيلات . تعال معي وسأريك إياه .
ـ ماذا ؟
ـ فلنذهب لقد انتهينا من الطعام , أليس كذلك ؟
فقال : (( نعم , لقد انتهينا , هيا بنا )) .
ماركو هو عادة ممن يتولون زمام القيادة , فيتبعهم الآخرون , لكنه
وجدها تكتسحه بحماستها وسرعتها . عادا إلى متجرها وأضاءت النور فوق
التمثال , ثم سألته باختصار : (( والآن , هل هذا أنت أم لا ؟ )) .
فقال مذهولاً : (( لا , ما من شبه على الإطلاق . هل اجتزت كل تلك
المسافة لكي أنظر إلى هذا ؟ )) .
ـ أنا لا أتخيل ذلك , إنه أنت , أنظر مجدداً . أنظر .
لم ينظر , بل أطلق ضحكة رقيقة وكأنما هناك شيء غامض قد سره ,
وتقدم ليقف أمامها واضعاً يداً على كتفها وبيده الأخرى رفع ذقنها ليستطيع
النظر إلى عينيها . شعرت بأنفاسه الدافئة على بشرتها ما أرسل رجفة خفيفة
في كيانها . ثم قال ساخراً : (( الرجل العاقل يبدأ حياته من هذه النقطة )).
ـ وأنت رجل عاقل جداً , أليس كذلك ؟
أزاح عن جبينه خصلة شعر: (( ربما لست عاقلاً كما كنت أظن . وأنا
أعلم أنك مثلي , فأنت مجنونة تماماً )) .
ـ أظنني كذلك . لأن المرأة العاقلة لا ترضى حتى أن تفكر في عرضك .
ـ هذا صحيح وعلي أن أكون شاكراً إذن .
قال هذا وهو ينظر إلى وجهها , ومازال يبتسم محدقاً في عينيها . وفجأة
تبددت ابتسامته , وتراجع إلى الخلف : (( هل يمكنك الاستعداد للسفر خلال
يومين ؟ )) .
ألقى هذا السؤال بتهذيب بارد , ومنعها الذهول من الكلام . فما إن بدأ
قلبها ينبض لقربه منها , حتى ابتعد متعمداً مغلقاً الباب على ما كان يمكن أن
يحدث بينهما , تمالكت أنفاسها وأجابت بصوت يماثل صوته : (( بما أن علي
أن أتحدث كنساء الأعمال , هل سأحصل على المال خلاص هذه المدة ؟ )) .
ـ ستحصلين عليه ظهر الغد .
ـ لكنك لم تر دفاتري .
ـ وهل أنا بحاجة إلى ذلك ؟ أنا واثق من أنها فظيعة .
ـ ربما كان المبلغ أكبر من مقدرتك .
ـ لا تقلقي .
أطلقت ضحكة قصيرة حادة يشوبها التوتر والغضب : (( إذن , ربما علي
أن أتزوجك لأجل أموالك )) .
ـ أظن ذلك . أليس هذا ما كنا نتناقش فيه ؟
شملته بنظرة تمرد وهي تشبك ذراعيها على صدرها : (( لا استطيع أن
أهزمك أليس كذلك ؟ )) .
ـ أحاول أن أضمن ربحي مع الجميع , إنها الطريقة الفضلى لبلوغ . . .
ـ القمة . . .
أكملت له كلماته فأومأ لها باحترام وقال : (( دعيني أقلك إلى بيتك )) .
ـ لا , أشكرك .
تلاشى غضبها عندما اطمأنت إلى مصير عملها الذي تحبه أكثر من أي
شيء في العالم . وبابتسامة مفاجئة عامرة بالبهجة قالت : (( أريد أن أبقى
وحيدة هنا فترة , بعد أن أصبح المكان آمناً )) .
فقال بحزم : (( سأنتظرك في الخارج . لقد حل منتصف الليل ولن أدعك
هنا وحدك مع هذه التحف , فريسة للناهبين وربما أسوأ من ذلك . موتك
لن يناسبني على الإطلاق )) .
فقالت بلطف : (( لا , لأنه سيكون عليك أن تراجع خطتك من جديد )) .
أمسك بيدها : (( يسرني أن أتعامل مع امرأة تفهم ما هو مهم . سأكون
خارج المتجر )) .
أمسك بيدها لحظة , ثم رفعها إلى شفتيه ليطبع عليها قبلة خفيفة قبل أن
يخرج .
عندما أصبحت وحدها , نظرت إلى يدها التي كانت لا تزال تخزها .
راحت ترتجف وقلبها يخفق بشدة , ولكنها لم تعرف ما إذا كان ذلك بسبب
السرور أو بسبب الخشية . لقد هدد تحكمها بنفسها . أخذت تفرك بغضب
قفا يدها حتى أيقنت بأن ذلك التأثير قد تبدد . ثم نظرت حولها فتألقت
عيناها , إنها آمنة . ولو لفترة على الأقل .
عـــــاد إليـــها طبعــها الغـــاضب ففكـــرت أن الخطوبة بإمكانـــها أن تستــمـر فقط
إلى أن تنتهي من دراسة (( قصر مانيللي )) . لم لا ؟ لقد شملها بنظرة وكأنها سلعة
يمكنه أن يستفــيــد منــهـــا , فلمـــاذا لا ينبغي لها أن تفعـــل معه الشيء نفسه ؟
وتملكتها موجة ثانية مــــن الاستياء للطريقة التي اقتـــرب فيها مـنـهـا , ثم عاد
فتراجع , لن يكون من السهل التعامل مع رجل مسيطر عل نفسه إلى هذا
الحـــد , وارتسم وجهه في ذهنــها فسقطت عينــاها على وجه أوغسطس
البرونزي . . . كان الوجهان متشابهين تماماً . . . مهما كان رأي ماركو .
وتذكرت كلمات أولمبيا : ( أنفه رائع , ورأســـه أرستقراطـي , وفمه جميل
صارم ) . وكان ذلك صحيحاً , لكن الغريب أنها الوحيدة التي رأت ذلك في
رجــل حي .

* * *
نهاية الفصل (( الثاني )) . . .

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 18-06-12 05:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمره لم تحترق (المشاركة 3121915)
الله يسلمك . . . ما شفتي شيء من هارييت
على فكرة اليوم أنا طنشت الكتابة واندمجت مع القراءة
وكده أنـا راح انزل الرواية وأنا متأكده إنها رووووووعة
الرواية عجبتني كثيراً . . . وخاصة وأنا أكتشفت إني قرأت الجزء الأول
يوم سقط القناع . . . ما عندي صبر عشان اقرأ الجزء الاخير للسلسة
فقط كوني متابعة . . . سلمتي صديقتي
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

همممممم زوووز برضة كدة يعنى بتغظينى
أنا متأكدة من انى هستمتع بيها
بالرغم من أنا ماركو بين عليه نكدى حبيتين مش زى ابن عمه فى يوم سقط القناع
بس شكل هاريت فعلاً هتجننه طالما قلت ما شفت شئ من هارت
أكيد هكون متابعة معاكى فصل بفصل
الله يعطيكى العافية غاليتى


http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13400345931.gif

جمره لم تحترق 19-06-12 10:29 PM

شكراً لـك
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3122633)
همممممم زوووز برضة كدة يعنى بتغظينى
أنا متأكدة من انى هستمتع بيها
بالرغم من أنا ماركو بين عليه نكدى حبيتين مش زى ابن عمه فى يوم سقط القناع
بس شكل هاريت فعلاً هتجننه طالما قلت ما شفت شئ من هارت
أكيد هكون متابعة معاكى فصل بفصل
الله يعطيكى العافية غاليتى


http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13400345931.gif

الله يعافيك ويسلمك . . .
امممممممم ما راح أقول شي خخخخ
اقرأي بس . . سوري ما قدرت أكون موجوده امس
السموحه لك ولجميع القراء بس باحاول اخلصها في اقرب وقت

http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 19-06-12 10:34 PM

3 ـ امـــرأة جديدة
 
3 ـ
امـــرأة جديدة
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

خـــلال الـيــومين التـــاليين , لم تـحظ هـــارييت بوقت للتفكير لكثرة
التحضيرات المتوجبة عليها , تفحص ماركو دفاتر المتجر , واستغرب
الطريقة التي تتبعها في تسيير أعمالها . لكنه سدد ديونها , كما ترك لها مبلغاً
إضافياً لمديرة المتجر الممتازة التي استلمت عنها , وبلغت دهشة ماركو مبلغها
عندما جاءها زبون وكان على وشك أن يشتري قطعة ثمينة للغاية , وإذا بها
تتكلم عن القطعة باستخفاف حتى فقد الزبون اهتمامه بها وخرج من دون أن
يشتريها . فقال لها ماركو , الذي كان جالساً ينظر مذعوراً : (( ليس في القطعة
أي عيب )) .
منتديات ليلاس
ـ نعم , لكن الزبون لم يعجبني .
ـ ماذا ؟
ـ لم يكن ليمنح القطعة العناية اللازمة . أنت لم تفهمني , أليس كذلك ؟
فأجابها عابساً : (( مطلقاً )) .
ـ هذه ليست مجرد أشياء أشتريها وأبيعها . فأنا أعشقها . هل تبيع كلباً
صغيراً مدللاً لرجل تعرف أنه لن يعتني به ؟
منتديات ليلاس
ـ الكلاب كائنات حية يا هارييت , بخلاف هذه .
ـ وهذه أيضاً حية , أنا لا أبيع شيئاً لشخص لا أثق به .
ـ أنت مجنونة , تتصورين أشياء خيالية , فلنذهب من هنا .
سافرا ظهر اليوم التالي إلى روما , حيث كانت بانتظارهما السنيورا لوشيا
كالـﭭانـي , وأشرق وجهها ما إن رأت هارييت . هتفت وهي تتقدم نحوها
فاتحة ذراعيها : (( إيتا , عزيزتي الغالية إيتا )) .
شعرت هارييت بغصة في حلقها لهذا الترحيب غير المنتظر . وسألتها
لوشيا وهي تمسك بكتفيها وتتراجع خطوة : (( أنت تعلمين لماذا دعوتك باسم
إيتا , أليس كذلك ؟ )) .
ـ كان أبي يدعوني بهذا الاسم في طفولتي . وكان يقول إن أمه . . .
ـ نعم , كان تصغير اسمها إيتا , آه , كم تشبهينها .
منتديات ليلاس
وعادت تحتضنها مرة أخرى , بدا استقبالها لابنها متحفظاً , لكن
نظراتها لم تدع مجالاً للشك في أنه محور حياتها . ثم عادت , على الفور ,
بانتباهها إلى ضيفتها لتمسك بذراعها وتقودها إلى حيث كانت سيارة الرولز
رويس بالانتظار .
منتديات ليلاس
اجتازوا منطقة ريفية إلى أن وصلوا جنوب المدينة , كانت المنازل
الفخمة مبنية بعيداً عن الطريق , مستترة خلف أسوار عالية وبوابات حديدية
مزخرفة , حيث تقطن الأسر التي كانت تدير العالم بهدوء . ولم يكن بإمكان
عائلة كالـﭭانـي أن تعيش في مكان آخر .
منتديات ليلاس
بدت السنيورا كالـﭭانـي امرأة رائعة الجمال , بيضاء الشعر , بالغة
الأناقة , وتكهنت هارييت بأنها على الأرجح تناهز السبعين من العمر , لكنها
بقامتها الطويلة النحيفة ومشيتها المرنة تبدو أصغر سناً .
ـ فرحت كثيراً عندما أخبرني ماركو أنك ستزوريننا , فمنزلنا يبدو خالياً
تماماً أحياناً .
قالت لها هذا وهم يجتازون بالسيارة البوابة الحديدية للفيلا . انسابت
السيارة بين الأشجار إلى أن لاحت لهم الفيلا فجأة . بدت بيضاء بالغة
الفخامة والاتساع , تتدلى الأزهار من شرفاتها , وتؤدي إلى بابها الأمامي
درجات عريضة
فتح أحد الخدم الباب , فسارت لوشيا أمامها بمهارة إلى الردهة ومنها
إلى صالون فسيح . جاءت خادمة فأخذت معطف هارييت , وأتت خادمة
أخرى بعربة الشاي . فقالت لوشيا : (( شاي انكليزي , لك خصيصاً )) .
إلى جانب الشاي كان هناك بسكويت وحلوى تناسب كل الأذواق .
منتديات ليلاس
تبادلوا الدعابات والمزاح لفترة , رغم أن هارييت أحست بأن انتباه
لوشيا الحقيقي كان في مكان آخر . فقد راحت تتفحص ضيفتها , وبدا
واضحاً أن ما رأته قد سرها . إذ لم تعرف هارييت في حياتها ترحيباً بمثل تلك
الحرارة , وبدا ماركو مسروراً لما رآه .
منتديات ليلاس
نهضت لوشيا قائلة : (( والآن , سأريك غرفتك )) .
بدت غرفتها رائعة للغاية بنوافذها المطلة على الريف الإيطالي البديع
وعلى النهر وأشجار الصنوبر الممتدة تحت أشعة الشمس . كان السرير يتسع
لثلاثة وقد صُنع من خشب الجوز المحفور وزُين بالملاءات المطرزة . أما
الأرض فخشبية مصقولة , والأثاث قديم الطراز مصنوع من خشب الجوز
أيضاً . وكانت التحف تقليدية , بعضها ثمين كما لاحظت هارييت بعينها
الخبيرة . لكنها لم تشأ أن تفكر في العمل حالياً .
سألتها لوشيا بلطف : (( أتظنين أنك ستكونين مرتاحة هنا ؟ أتريدين أن
تغيري شيئاً ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ كل شيء رائع . وأنا فقط لم . . .
وتملكها الذعر عندما اغرورقت عيناها فجأة بالدموع فأشاحت
بوجهها . فأجفلت لوشيا : (( ماذا حدث ؟ هل كنت فظاً معها يا ماركو ؟ )) .
فأجاب على الفور : (( كلا , بكل تأكيد )) .
فقالت هارييت بصوت أحش : (( على العكس كلاكما . . . لم أعرف
يوماً . . . )) .
فقال ماركو وعدم الارتياح بادٍ على وجهه : (( علي أن أذهب إلى العمل ,
فقد أهملته أكثر مما ينبغي . . . )) .
فسألته أمه باشمئزاز : (( ماذا تعني بقولك ( أكثر مما ينبغي )؟ )) .
ـ أرجو المعذرة منك ومن هارييت لم أقصد أن أكون عديم التهذيب .
ولكن علي حقاً أن أعود إلى مكتبي ومن ثم إلى شقتي لعدة أيام .
ـ ألن تأتي إلى العشاء الليلة ؟ إنه أول مساء لإيتا معنا .
ـ للأسف لن أتمكن من تناول العشاء معكما , لكنني سأزوركما قريباً .
قبل أمه وبع لحظة تردد , قبل خذ هارييت , ثم خرج بسرعة . هتفت
لوشيا : (( يا له من تصرف ! )) .
ـ إنه مدمن على العمل . وأظنه ضيع الكثير من الوقت .
ـ أنا وأنت سنمضي الأيام القليلة المقبلة معاً . كم أنا سعيدة .
وضغطت على يد هارييت .
شعرت هارييت بأنها دخلت الجنة على غير توقع . فلوشيا فعلت ما
بوسعها لترضيها وأمرت بإعداد الطعام الانكليزي خصيصاُ لها .
طبت لك ذلك لأنني أعلم أنك نصف إنكليزية , لكن الإيطالية تسري
في دمك , أليس كذلك ؟
ـ نعم .
منتديات ليلاس
وافقتها هارييت وهي تتساءل عما قاله ماركو عنها , فقد كانت عينا
لوشيا تنضحان تفهماً . ومنذ ذلك الحين أصبحت الإيطالية لغتها , وسرعان
ما أصبحتا صديقتين , سألتها لوشيا : (( لماذا لا تتصلين بأبيك لتعلميه بأنك
هنا ؟ )) .
لم تشأ هارييت القيام بذلك . لكنها عملت بنصيحة مضيفتها . أجابها
صوت غير مألوف أخبرها بأن السنيور ديستينو وأسرته في رحلة لعدة أيام ,
لكنه لم يخبرها بمكان وجودهما حتى عندما أخبرته هارييت إنها ابنته , بدا
واضحاً أنه لم يسمع بها قط من قبل . تركت رسالة لأبيها طالبة منه فيها أن
يتصل بها . ثم أقفلت الخط رافضة أن تشعر بالألم .
استيقظت هارييت في الصباح التالي منتعشة , لتجد أن لوشيا قد
وضعت برنامجاً لنهارهما : ((سنتغدى في المدينة , ثم ذهب في جولة )) .
أسعدها أن تجدد معرفتها بروما , هذه العاصمة العظيمة التي عاشت في
أحلامها . لقد كانت ذات يوم عاصمة العالم , فأصبحت الآن تعج بالسياح
وزحمة السير , ومع ذلك ما زالت مليئة بالآثار القديمة الخالدة . بعد الغداء
أخذتا تتمشيان في شارع (( فيا فيتيتو )) الرائع , وأشارت لوشيا إلى شقة ماركو
التي كانت في الطابق الخامس رفعت هارييت نظرها إلى النوافذ , لكنها
كانت مقفلة .
منتديات ليلاس
أمضت اليوم التالي وحدها لأن لوشيا كانت عضواً في عدة جمعيات
خيرية وعليها أن تحضر اجتماعاتها . وهكذا انطلقت , سعيدة , تتجول في
شوارع روما المبلطة , مستكشفة الأزقة الضيقة لتصل أخيراً إلى متجر يختص
ببيع تحف إغريقية . وعندما غادرت المتجر كان دينها قد ازداد بشك كبير .
كانت تتطلع بشوق لترى ما اشترته لماركو , لكنها حتى الآن لم تسمع
عنه شيئاً . تناولت المرأتان عشاءهما ذلك المساء وحدهما . وفيما بعد , وهما
تحتسيان القهوة معاً قالت لوشيا فجأة : (( هل يبدو لك فظيعاً أنني أبحث
لابني عن عروس مناسبة ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ ربما يبدو ذلك غريباً نوعاً ما . ألا يعترض ماركو على فكرة الــزواج
من غريبة ؟
ـ هذا أسوأ ما في الأمر , فهو لا يمانع أبداً . كان خاطباً مرة لكن الخطبة
فشلت ومنذ ذلك الحين وهو يتصرف وكأن المشاعر لا تعني له شيئاً .
ـ هل كان يحبها ؟
ـ أعتــقــد ذلـك , لكنه لا يـتـحــدث عــــن هذا الموضوع أمــام أحــــد ولا حتى
أمامي . ربما أنــا عــاطفية حمقــاء , لكنني كنت أحب إيتا كثيراً وقــد ماتـت
صغيرة جداً . كل ما أطلبه هو أن أرى عائلتينا متحدتين في الـزواج والأولاد .
ـ أتمنى أن تخبرني عنها .
ـ كنت صديقة لإحدى أخواتها فأخذتني لتعرفني إلى أهلها . كانت إيتا
أكبر مني بعشر سنوات , لكنها أخذتني تحت جناحـها لأن أمي كانت ميتة .
وكنت اشبينتها في عرسها وأول من رأى أبيك حين ولد . لقد رغبتا أن ينشأ
أولادنا معاً , لكنني تزوجت متأخرة . ثم مرت سنوات كثيرة قبل أن يولد
ماركو . لذا لم يحدث ذلك . ثم ماتت عزيزتي إيتا وما زلت أفتقدها كثيراً .
كانت الشخص الوحيد الذي استطعت أن أفضي إليه بما في نفسي .
ـ هل أنا أشبهها حقاً ؟
منتديات ليلاس
جــوابــاً على ذلك فتحت لوشيا خزانة وأخــرجـت مـنهــا ألـبـــوم الصــور .
ناولتها إياه وبدأت تريها الصرة تلو الأخرى : (( هذه هي . . . إنها إيتا عندما
كانت في عمرك )) .
منتديات ليلاس
كانت الشابة في الصورة ترتدي ملابس قديمة الطراز , أما وجهها فكان
شبيهاً بوجه هارييت وكأنه انعكاسها في المرآة . وقالت بعجب : (( أنا حقاً
حفيدتها )) .
ـ أكثر من أولمبيا بكثير : فهي لم تكن مناسبة مطلقاً . إنها فتاة ظريفة
حلة لكنها طائشة , ومع ذك فقد فكرت فيها أولاً لأنني عرفتها منذ
سنوات طويلة . يا ليتني عرفتك أكثر . و يا ليت أمك لم تبعدك عنا !
ـ يا ليت . . . ماذا ؟
ـ قال أبوك إنها لم تشأ أن ترى أياً من بعد أن تطلقا . وأصر على العودة
إلى إنكلترا . ونفاها إلى هناك نهائياً )) .
فقالت لوشيا على الفور : (( يا لتلك المرأة ! لم أحب أباك قط . إنه ضعيف
الشخصية وغير جدير بأمه . والآن , أثار اشمئزازي تماماً )) .
فقالت هارييت غاضبة : (( وأنا كذلك . لق أنكر علي تراثي الإيطالي
الثقافي )) .
منتديات ليلاس
ـ حسناً , يمكنك أن تستعيديه هنا .
قالت لوشيا هذا بحرارة , فأجابت هارييت متألمة : (( نعم . بالطبع )) .
ـ هل من الفظاظة أن أقترح عليك أن ترتدي أزياء بلادنا ؟
ـ أتعنين أن ملابسي تبدو حقيرة ؟
ـ كلا بالطبع . ولكن بين المواهب الإنكليزية الكثيرة , ربما تفصيل
الملابس ليس . . .
وتركت بقية الجملة ون نهاية . فقالت هارييت بلهجة حاسمة : (( لا ,
معك حق . حان الوقت لكي أبدو بشخصيتي الحقيقية )) .
ثم اهــتـزت ثقتها بنفسهــا وتــابعت مترددة : (( مهما كــانت تلك
الشخصية )) .
منتديات ليلاس
ـ لا تقولي شيئاً كهذا مرة أخرى . منذ هذه اللحظة عليك أن تعيشي
مجدداً .
في الصباح التالي ذهبتا إلى (( فيا دي كوندوتي )) أغلى متاجر روما . وهناك
راحت لوشيا تنتقي الأثواب مبعدة هذا بغطرسة , واضعة ذاك جانباً , إلى أن
تكدست الملابس شيئاً فشيئاً . وعندما غيرت هارييت ملابسها كلها شعرت
بأنها شخص آخر . كان شعوراً غريباً لكنه أعجبها .
منتديات ليلاس
بعد ذلك عرفتها السنيورا إلى السيدة تالي مصممة الأزياء المتفوقة , التي
أمضت فترة العسر في دراسة وجه هارييت وما يليق به . وكانت هارييت
نادراً ما تعبأ بالماكياج . لكنها الآن أدركت خطأها .
عيناها , بخضرتهما الرائعة , يجب أن تبدوا أوسع وأكثر تألقاً . وأحمر
الشفاء يجب أن يكون متلائماً مع لون العينين , ويبدو أن كل درجات الألوان
تلائمها ما عدا اللون الذي اعتادت استعماله . كانت الشابة التي بادلتها
النظر في المرآة غريبة , ذات عينين كبيرتين مظللتين وفم ممتلئ , لطالما حاولت
تصغير حجمه .
منتديات ليلاس
وعندما أمسكت تالي المقص , هتفت هارييت : (( ليس شعري )) .
ـ لا يمكنك أن تخفي وجهك خلف ذلك الستار من الشعر .
قالت لوشيا هذا , لكن هارييت , التي بقيت لينة مرنة حتى الآن ,
تمسكت فجأة بالعناد وقد تملكها رغب غير مفهوم من التفكير في خسارة
شعرها . استسلمت المرأتان أخيراً , لكنهما أصرتا على أن ترفعه عن وجهها .
منتديات ليلاس
وبعد لحظات كان شعرها المرفوع ق غير شكل رأسها بأكمله . كاشفاً عن
عنق طويل رائع كادت تنسى أنها تملكه . أخذت تتأمل نفسها , ممزقة بين
الذعر والحماسة , مفكرة رغماً عنها بأن كارلو سيندهش حين يراها .
منتديات ليلاس
اختارتا أخيراً ستة أثواب . أبقتا خمسة منها في المتجر حتى اليوم التالي
لك يتم تقصيرها , ولم تأخذا معهما سوى بنطلون زيتي اللون وقميص من
الساتان , وعندما جلست هارييت تتناول العشاء مع لوشيا , كانت معنوياتها
مرتفعة للغاية , وفكرت في أن ماركو سيعجب بها لو جاء الآن .
منتديات ليلاس
لكن الأمسية مرت من دون أن يظهر له أثر , اتصلت به لوشيا ولكن
عندما سمعت المجيب الصوتي قالت بحدة : (( لا . لن أترك له رسالة )) .
ـ يبدو أنه مشغول جداً .
منتديات ليلاس
حاولت هارييت أن تهدئها بهذه الكلمات وإن كانت في الواقع تشعر
بأنها تريد أن تصرخ مثلها .
ـ مرت عدة أيام وهو . . . مشغول . ألا يمكنه أن يستغني عن بعض
الوقت لأجل . . . لأجل . . .
ـ لكنني لا أعني له شيئاَ . أنا هنا فقط لكي نستطيع , أنا وهو , أن نعرف
بعضنا بعضاً .
ألقت لوشيا عليها نظرة معبرة : (( حسناً , أنت ابتدأت لكل تأكيد
تتعرفين إلى ابني . إنه أناني وغير مبالٍ )) .
منتديات ليلاس
بدا لها هذا صحيحاً . هل هذه حقاً نظرة ماركو إلى الغزل والتودد ؟ أن
يتركها هنا لكي تكسب رضى أمه وكأن ذلك هو الشيء الوحيد المهم ؟
وصلت بقية الملابس عصر اليوم التالي فجعلتها لوشيا تستعرض نفسها
بينما أخذت هي تتأملها .
منتديات ليلاس
قالت هارييت : (( أنا لست واثقة بالنسبة إلى ثوب السهرة هذا . إنه
ضيق )) .
ـ بل إنه يلائم جسمك . وهو يبرز ثناياك بشكل بديع .
اقتربت هارييت من المرآة : (( ولكن ليس لدي ثنا . . . آه , بل لدي )) .
وأخذت تستجير , محاولة أن ترى الثوب الزعفراني اللون قدر
الإمكان , من دون أن تجفل من الطريقة التي يكشف بها جسمها
ـ همممم . . .
منتديات ليلاس
قالت هذا وقد ابتدأ السرور يتملكها .
ـ كان عليك أن تشتري لنفسك ملابس لائقة من قبل , بدلاً من تضييع
وقتك على تاريخ الآثار . الرجال الأموات بأحسن حال في قبورهم , لكنهم
لا يصفرون للنساء .
ـ ربما أنا لا أريد أن يصفر لي الرجال .
ـ هل أنت امرأة أم لا ؟ أنت جميلة وعليك أن تبرزي جمال جسدك .
ـ هذا ما أفعله .
قالت هذا وهي تحاول عبثاً أن تشد فتحة الثوب إلى أعلى : (( هذا الثوب
ضيق لدرجة أنني أبدو كأنني عارية تماماً )) .
ـ إنه ممتاز , ماركو , يا ولدي العزيز .
فاستدارت هارييت مجفلة لتجـــد أن مــاركو قـــد دخــــل إلى الغرفة بهدوء
وهو ينظر إليه مـســروراً . نهضت لوشيا وعانقته , فعانقها بـدوره بعطف
قبــل أن يلقـــي بقبلة على وجنة هارييت . فعبقت خيــاشيمها برائحة عطره
ممزوجة برائحة رجولته الحادة القوية .
منتديات ليلاس
سألته أمه : (( ألا تظن أن مظهر هارييت يتحسن ؟ )) .
ـ أظنها رائعة الجمال . ولكن يجب أن ترفع شعرها .
ـ الحق معك . ماذا لم ترفعيه اليوم يا إيتا ؟ كان يبدو جميلاً جداً أمس .
وأمسكت بخصلات شعرها رفعتها فوق رأس هارييت .
فقالت هارييت مجفلة : (( لا )) .
ثم عادت تسدله على كتفيها , ولكن كان هناك سبب آخر يمنعها , لم
تستطيع أن تفهمه ابتدأت تشيح بوجهها مبتعدة , لكن يدي ماركو أمسكتا
بكتفيها تديرانها إليه لتواجهه , ثم شعرت بأصابعه على رقبتها تجذب شعرها
إلى أعلى . وسألها : (( لماذا تريدين أن تخفي وجهك ؟ )) .
ـ ذلك ليس صحيحاً
ـ بل أظنه كذلك .
منتديات ليلاس
ونظر إليها لحظة قبل أن يقول برقة : (( وأظن أيضاً أن على أبيك أن يجيب
على أسئلة كثيرة )) .
ـ لا أدري ماذا تعني . . .
وماتت الكلمات على شفيتها , ذلك أنها فهمت تماماً ماذا يعنيه وهو
يقول : (( إذا كنت تظنين بأن أحداً لن يرغب برؤية وجهك , لمجرد أن أبيك لم
يكن يسر برؤيته , فأنت مخطئة )) .
منتديات ليلاس
ذهلت لهذا الكشف المفاجئ , فصحيح أن معاملة أبيها تلك , التي
ظنت أنها استطاعت أن تتجاوزها , ما زالت تؤثر فيها حتى الآن . لكنها لم
تتوقع أن يرى تلك الحقيقة رجل بارد عديم المشاعر . قابلت عينيه , ثم
أخذت نفساً حاداً وجمدت وهي ترى فيهما شيئاً ما . . . أم أنها مخطئة ؟ لكن
تبد ذلك بسرعة ظنت معها أنه وهم . قال ماركو فجأة : (( إرفعيه . الشعر
الطويل لا يناسب أبداً هذا الثوب )) .
هذا السبب الواقعي المبتذل أعادها إلى الواقع . أسرعت إلى غرفتها لتجد
الخادمة التي كلفتها لوشيا بمرافقتها , فساعدتها على رفع شعرها كما كان في
اليوم السابق .
منتديات ليلاس
وعندئذ نزلت إلى الطابق الأسفل , لم يقل كارلو شيئاً عن مظهرها بل
اكتفى بإيماءة راضية . أما لوشيا فكانت قد استفاقت من فرحتها بحضور
ابنها وتذكرت أنها مستاءة منه .
ـ أظن علينا أن نكون شاكرتين لأنك تنازلت وتذكرتنا أخيراً . هل
سنحصل على خمس دقائق من وقتك الثمين أم عشر ؟
فقال ضاحكاً : (( لا تغضبي مني يا أمي ! لقد جئت لأكفر عن ذلك ,
وأدعو هارييت لتخرج معي الليلة )) .
* * *
نهاية الفصل (( الثالث ))

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 19-06-12 10:38 PM

4 ـ رقصة حـــب
 
4 ـ
رقصة حـــب
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif


(( بيلا فيغرا )) مطعم ليلي يقع في شارع (( فيا فيتيتو )) الذي يبعد عدة أمتار
عن شقة ماركو . حال وصولها المكان أحست هارييت بأن الجو عابق بالثقافة
والعلم , وتساءلت كم من النساء أحضرهن ماركو إلى هنا .
قادها إلى مائدة منفردة بعض الشيء . لم يكن البرنامج الترفيهي قد
ابتدأ , و كان النادلون يسرعون ذهاباً وإياباً لتلبية الطلبات . استدعى ماركو
أحدهم بنظره واحدة , ما أغاظ عدداً من الزبائن الذين طال انتظارهم .
منتديات ليلاس
جلست هارييت بارتياح حتى أن انزعاجها بسبب ثوبها الضيق بدأ يزول .
ـ آسف لتقصيري هذا . أمي غاضبة جداً مني . هل أنت كذلك أيضاً ؟
فقالت غير صادقة تماماً : (( لا . لا بد أن لديك عملاً كثيراً بعد سفرك )) .
فأومأ : (( لدي سكرتيرة جيدة , لكنني أفضل أن أتابع الأعمال بنفسي .
أنا شاكر لك تفهمك , و آسف لأن أمي لا تتفهم ذلك . إنها تظن أن هذا
يجرحك ويجعلك تسرعين بالعودة إلى انكلترا )) .
فقالت ببشاشة : (( لا , فأنا مسرورة جداً هنا , أنا وأمك منسجمتان
جداً )) .
منتديات ليلاس
ـ هذا ما فهمته منها , بالمناسبة , أتراني رأيتك في شارع (( فيا فيتيتو ))
أمس ؟
ـ ربما . فقد استأجرت سيارة من هناك بعد أن اشتريت بعض
الحاجيات . لقد وجدت متجراً على بعد شارعين . . . )) .
أخبرته كل شيء دفعة واحدة . . . زيارتها إلى روما , النفائس الأثرية
التي اكتشفتها , اللحظة التي ساورها فيها شعور بالذنب لإطلاق العنان
لنفسها في الشراء , بهجة التملك . . . أصغى ماركو إليها , أولاً بابتسامة , ثم
بحذر متصاعد .
ـ ماذا اشتريت بحق الله ؟
تلت عليه القائمة .
منتديات ليلاس
ـ وكم كلفك هذا ؟
فقالت بلهجة دفاع : (( إنها صفقة . وهي ستبدو رائعة في المتجر )) .
ـ المتجر الغارق بالديون ؟ بحق الله يا امرأة , أليس لديك إحساس بقيمة
المال ؟
ـ إسمع , أنا أعرف أهمية المال , فأنا لا أنكرها .
فقال بلهجة لاذعة : (( هو ذا تنازل منك الآن ! )) .
ـ ولكن المال ليس الأول في قائمة أولوياتي . . .
ـ يهمني أن أعرف مرتبته في قائمة أولوياتك .
جعلها الغيظ تقول بصراحة : (( في أسفل القائمة إذا كان التفاوض هو في
موضوع الجمال )) .
ـ الجمال يكلف مالاً .
منتديات ليلاس
ـ هذا , هذا صحيح !
ـ لا بأس . هيا أخبريني بأنني مخطئ .
لم تستطع . خبراء الاثار يعرفون أكثر من غيرهم كم يكلف الجمال ,
واضطرارها للاعتراف بذلك أثار سخطها أكثر من أي شيء آخر .
ـ لا تنسي أنني رأيت حساباتك , وأذكر جيداً كم كانت مثيرة للشفقة .
أظنك تعتبرين القيام بالعمل بشكل جيد ومسألة غير إلزامية .
ـ كلام فارغ .
منتديات ليلاس
ـ ماذا قلت ؟
ـ لا بأس . أنا أعترف بأنني أميل إلى ترك هذا النوع من الأشياء يعالج
نفسه بنفسه .
فحدق في عينيها الشاردتين : (( هل هذا حقاً ما تفعلينه ؟ )) .
ـ حسناً , أنت تعلم أنني كذلك ؟
ـ نعم , لكنني لم أعلم أنك ستحافظين على عاداتك في روما أيضاً .
فقال بتمرد : (( أنا هكذا في كل مكان )) .
ـ هذا ما ابتدأت أدركه . ربما كان علي أن أوضح لك أن قرضي لك
مشروط بعدم الوقوع في الدين مجدداً.
منتديات ليلاس
ـ لست أقع في الدين , بضاعتي تجلب ربحاً .
ـ دوماً تفترضين أن بإمكانك أن تجدي بيوتاً رفيقة بالقطع التي
تبيعينها . . . إسمعي , أنت بائعة . ألا تعلمين أن من التهور شراء بضاعة من
بائع آخر بثمن كامل لا ربح فيه ؟
ـ طبعاً أعلم ذلك , لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي .
ـ لم تستطيعي منع نفسك ؟ دعينا جميعاً نعيش تبعاً لدوافع عاطفية دون
حس بالمسؤولية إذاً .
فقالت ببرودة : (( هذا مختلف )) .
ـ لا أرى أي اختلاف .
منتديات ليلاس
ـ لأنك لا تعرف كيف تعيش تبعاً لدوافع عاطفية .
فقال بحماسة : (( الحمد الله )) .
ـ أنا لا أقلل من شأن المسؤولية . أنا أعرف كل هذه الأمور . . .
ـ ليس كافياً أن تعرفيها . عليك أن تعيشي بها .
ـ عندما رأيت تلك القطع الأثرية , أُغرمت بها . أنت لا تفهم مثل هذه
الأمور , أليس كذلك ؟
ـ بل أعرفها جيداً . لقد أحببت تلك التحف , فتخيلت عن كل حس
منطقي وكل تقدير وموضوعية . إياك ثم إياك أن تقرري أمراً و أنت عاشقة .
وسكت عندما لاحظ أنه يتنفس بسرعة . وتملكه السرور لرؤية النادل
قادماً , لم ينظر إليها بينما كان هذا الأخير يبذل لهما الأطباق , وعندما عادا
وحدهما , ابتسم وكأنما شيئاً لم يكن : (( أنا لم أحضرك إلى هنا لأنتقدك . ربما
تجاوزت الحد قليلاً )) .
منتديات ليلاس
ـ قليلاً فقط . أظنني أبدو مجنونة بالنسبة إلى شخص يعمل في مجالك .
فقال ضاراً : (( لا تدعينا نبدأ ذلك من جديد . ولكن دعيني ألقي نظرة
على أوراق العمل , يمكنني أن أخبرك كيف . . . أستطيع أن أقترح أشياء قد
تجدينها نافعة ؟ )) .
فقالت بوداعة : (( شكراً )) .
أوشك أن يجيبها ثم رأى لمعان عينيها فآثر الصمت .
ـ ما هو عملك بالضبط .
ـ أنا اعمل في مصرف تجاري وأتعامل بالأسهم والسندات , وأقدم
الاستشارات المالية .
منتديات ليلاس
أخذ يشرح لها كل شيء عن عمله , بينما كانت هي تصغي إليه
باهتمام . قال : (( السيطرة سر النجاح . عليك دوماً أن تكوني المسيطرة وأن
تتفوقي بشيء ما على الآخرين . أنت فقدت السيرة على متجرك , وأنا الآن
المسيطر . . . لا , لا تغضبي , أنا لا أريد شيئاً منك . إنني فقط أساعدك لكي
تتجنبي مسيطراً مثلي في المستقبل )) .
ـ لا بأس , تابع حديثك .
كانت مبهورة إلى حد لم تفكر فيه في الدفاع عن نفسها مرة أخرى .
وعندما راجع نفسه قال : (( دعيني أوضح لك ذلك بطريقة أخرى . . )) .
أجابته ساخطة : (( أنت لست بحاجة إلى تبسيط حديثك عن الموضوع ,
فأنا أفهم كل كلمة تقولها )) .
منتديات ليلاس
ـ إدراكك إذن يفوق إدراك أختك .
انفجرت هارييت ضاحكة , ثم قالت والضحك يخنقها : (( أتصورك
تتكلم بهذا الشكل إلى أولومبيا , بينما هي تحاول أن تبدو مهتمة )) .
فقال بابتسامة عريضة : (( كانت عيناها ستبدوان جامدتين , وبالمناسبة ,
أكثر النساء يصبحن هكذا بعد أول دقيقة من حديث كهذا )) .
ـ هذا هو رأيي أنا أيضاً , إذا أنت أخذت امرأة في موعد , فهي لا تريد
أن تسمع محاضرة عن الأسواق المالية .
ـ وأنت ليس لديك مانع ؟
ـ هذا مختلف . نحن شريكان في العمل .
منتديات ليلاس
فقال بعد لحظة : (( هكذا إذن , ونحن الآن في اجتماع عمل )) .
ـ لكي نفكر في تقدم مشروعنا حتى الآن , ونخطط للمرحلة المقبلة .
ـ حسناً , أولاً , هل يمكننا أن نتفق على أن تكبحي غريزة الشراء لديك
لفترة ؟
ـ أتعني أنك تريدني أن أتوقف عن إنفاق المال ؟
ـ كنت أحاول قول ذلك بشكل مهذب ولكن من الآن فصاعداً أنا من
يحدد المصاريف .
تبدد فجأة ذلك الإعجاب الذي كان قد بدأ ينمو داخلها فسألته بنبرة
تبعث الحذر في النفس : (( ماذا قلت ؟ )) .
ـ لا مزيد من الشراء . هذا يكفي .
ـ من قرر ذلك ؟
ـ أنا , إنني أقوم بإصلاح كامل لنظامك المالي . ولا يجدر بك أن تفعلي
شيئاً حتى أقوم الوضع .
منتديات ليلاس
ـ حسناً , حسناً ! وماذا حدث للذوق واللياقة ؟
ـ أي ذوق ولياقة ؟ سيسببان لك الإفلاس ؟
فقال بفروغ صبر : (( كلام فارغ . ليس بإمكانك أن تفلسني )) .
ـ كم هذا ممتع ! حقاً على أن أتزوجك لأجل أموالك . دعنا نعلن
خطوبتنا حالاً .
ـ يا له من عرض لا يمكن مقاومته !
ـ حسناً , لنواجه الأمر , ليس لديك شيء آخر تعرضه . فأنت فظ ,
مستبد , متغطرس ومتكبر . . .
ـ هل يُفترض بي أن أتأثر بهذا الكلام ؟ فكري جيداً . لا عيب في
الغطرسة إذا كان الشخص واثقاً من نفسه .
منتديات ليلاس
ـ وأراهن على انك دوماً واثق من نفسك .
ـ تماماً . وهذا يمنعني من أن أخطئ بسبب الناس الذين لا يعرفون ما
يتكلمون عنه .
ـ أتعنيني أنا ؟
ـ أعني أي شخص بهذه الصفة .
ـ تعني بقية العالم بالنسبة إليك . لهذا ستحصل الآن بالضبط على
الزوجة التي تحتاجها . تلك التي رأت أسوأ صفاتك وستتحملك لأجل
أموالك .
قال ساخراً : (( أتظنين أنك رأيت أسوأ صفاتي ؟ )) .
ـ حسناً , أرجو ألا تكون بقية أسوأ منها .
ـ قد تكون كذلك .
منتديات ليلاس
ولمعت عيناه : (( قد تكون أسوأ بكثير . فكري جيداً قبل أن تقبليني
زوجاً )) .
ـ جميل ! لقد انتهى كل شيء . هنا تنتهي أقصر خطوبة في التاريخ . بطلا
الرواية لم يستطيعا احتمال بعضهما بعضاً .
خفض صوتها عند آخر كلماتها , وهي تلاحظ أنها تجتذب انتباه
الزبائن . وكذلك نظر ماركو حوله , قبل أن يخفض صوته ويميل نحوها
قائلاً ببرودة : (( لق تصرفت بشكل مسرحي مثير . لا حاجة بك لإظهار كل
هذا الانفعال العاطفي )) .
مالت هي أيضاً نحوه : (( لم أكن منفعلة , بل كنت واقعية هادئة . لم لا ؟
هذا ينجح معك )) .
منتديات ليلاس
فقال بحدة : (( أنت لا تعرفين شيئاً عني . كل هذا لأنني أردت أن أنظم
وضعك المالي . . . )) .
ـ أنت لا تريد أن تنظم وضعي المالي , بل تريد أن تتحكم بي وبه , وإذا
أنا سمحت لك بذلك , أين ستتوقف ؟
ـ سمحت لي ؟ أتظنين أنني أطلب إذناً ؟
ـ الأفضل أن تفعل ذلك .
ـ هارييت , أنا أقول لك ألا تشتري المزيد .
ـ وأنا أقول لك إنك منحتني قرضاً ولم تشتري روحاً وجسداً . المتجر هو
ملكي .
منتديات ليلاس
ـ إلى متى سيبقى كذلك إذا أنا قررت أن أكون لئيماً ؟
ـ أنت لئيم ؟ لست كذلك بكل تأكيد . إصغ إلى يا ماركو . ذلك المتجر
هو ملكي , وأنا أديره , وأنا وحدي أقرر ما هو بحاجة إليه . إذا رأيت بضاعة
أعجبتني , لن أسألك أولاً , بل سأشتريها أخبرهم بأن يرسلوا إلي
الفاتورة .
ـ وإذا أنا أصريت على إعادتها .
ـ سيكون ذلك صعباً لأنني سأكون قد عدت إلى إنكلترا .
فقال بسخرية بالغة : (( بعد أن تسرقي قلادة (( أترورية )) أو اثنتين تخبئيهما
تحت سترتك , كما أظن ؟
فقالت وهي تصرف بأسنانها : (( كانت زائفة وأنا سأفعل كل ما هو
ضروري )) .
ـ ماركو بُني !
منتديات ليلاس
رفع الإثنين نظرهما ليريا رجلاً متوسط السن يقترب من مائدتهما .
نهض ماركو يصافحه , مقدماً هارييت إلى الفريدو أوريس . وهو على
الأرجح صاحب مصرف (( أوريس ناشيونال )) حيث يعمل ماركو .
ـ مقاطعة طيور الحب أمر لا يغتفر .
قال الفريدو هذا بمرح وهو يجر كرسياً مجاوراً ليجلس معهما : (( ما أجمل
رؤية شابين مستغرقين في بعضهما البعض , رأساً لرأس , غافلين عن
العالم ! )) .
لا بد أن هذا ما كانا يبدوان عليه كما أدركت هارييت وهي تبتسم
بصمت . فقال ماركو بلطف ومودة : (( لا تقل شيئاً يا الفريدو . دعنا نحتفظ
بأسرارنا )) .
وضع الفريدو إصبعه على شفتيه وغمز بعينه . لم تبد ثيابه أنيقة , بل بدا
كرجل يحب أن يمضي وقتاً طيباً أكثر منه صاحب مصرف . وأخيراً تركهما
فتنهدا بارتياح .
منتديات ليلاس
وقال ماركو وهو يزفر : (( آسف لذلك . لكنه رجل طيب وحــسن
النية )) .
فقالت ساخرة : (( ويحب العبث وأن يمثل دور صاحب المصرف )) .
ـ من أين عرفت ذلك ؟
ـ من اسمه . لكنني أظن أن الاسم هو السبب الوحيد لوجوده هنا .
فضحك : (( نعم , وهو يعلم ذلك , لكنه , والحق يقال , لا يتدخل في
شيء . أنصحك بأن تتزوجيه فهو يملك عشرة أضعاف ما أملكه أنا ,
وسيدعك تبذرين الكثير من أمواله من دون أن يحتج )) .
ـ آه , لكنه بن يتشاجر معي كما تفعل أنت .
منتديات ليلاس
ـ يمكنك أن تعتمدي علي بشأن المشاجرات .
ـ لا بأس , سأوافقك على أن الإدارة المالية ليست . . .
ـ ما كنت لأصف تصرفك بالإدارة المالية .
فسألته بعذوبة مصطنعة : (( أتريد أن تتشاجر مرة أخرى ؟ )) .
ـ لا . ما زال الوقت مبكراً لذلك بعد آخر مرة . دعينا نسترد أنفاسنا
أولاً .
ـ هل ستكون هادئاً بينما أقوم بنوع من التنازل ؟
فنظر إليها بانتباه .
ـ أعترف بأنني ارتكبت بعض الأخطاء , وسأهتم بسماع نصيحتك .
فلوى شفتيه : (( تهتمين ؟ )) .
ـ أهتم .
ـ إلى حد قبولها ؟
ـ دعنا نر ما يحمله المستقبل .
منتديات ليلاس
ضحك . وغير الهزل وجهه وكأنما أضاء شيء في داخله . رأت أن
بإمكانه أن يكون ساحراً إذا سمح لنفسه بالاسترخاء . كانت قد ابتدأت
تفهم عادته في وصفه كل شيء بعبارات العمل . كانت كلمات يفهمها
بسهولة لكنها تغطي شيئاً عميقاً ف داخله , بدأ الفضول يتملكها معرفة كنه
ذلك الشيء .
قال : (( يكفي لهذه الليلة )) .
عندما قُدمت القهوة , خُفضت الأنوار , واتخذت الفرقة الموسيقية
مكانها على خشبة المسرح . ثم تقدمت امرأة شابة إلى وسط المسرح أخذت
تغني بصوت هامس . كانت أغنية من الفراق والشوق واستمرار الرغبة
عندما يتبدد كل أمل .
كانت فنانة ماهرة , تمكنت من أن تقتص الإحساس من كل كلمة حتى
آخر قطرة . وانتشر في المكان جو شاعري رقيق , غامض .
وشيئاً فشيئاً ابتدأت هارييت تستيقظ شاعرة بالحياة لإحساسها بأنها
تجلس بجانب رجل جذاب لا يفصل بينه وبينها سوى طاولة صغيرة .
اختلست نظرة إلى ماركو لترى إن كان يشعر بها كما تشعر به لكنه كان ينظر
إلى المسرح حيث المغنية .
منتديات ليلاس
كان من السخافة أن تشعر بمشاعرها تستجيب لمجرد فكرة , لكنها لم
تستطيع أن تسيطر على السخونة التي تسللت إلى كيانها . أخذت نفساً عميقاً
مرتجفاً وسمرت نظراتها على الأرض .
أما ماركو , فقد كان مواجهاً نظراته إلى كل مكان ما عداها . لقد ذهب
إلى منزل أمه الليلة مستعداً لتناول العشاء ثم الرحيل , وهكذا يكون قد
أدى واجبه . وإذا بنظرة واحدة إلى هارييت تغير رأيه . ها هي ذي مخلوقة
رائعة الجمال , كانت متخفية في ملابس , تكايده بمراوغاتها منذ أول
ليلة .
تصميمه على إخراجها معه كان من وحي اللحظة , وهذا شيء صدمه
لكنه لم يمنعه . عندما دخل بها إلى روما , تساءل كيف ستمر بهما السهرة ,
وما الذي سيتحدثان عنه . اختلس نظرة إليها فرأى وجها متحولاً عن
خشب المسرح نحوه قليلاً , لكنها لم تكن تنظر إيه مباشرة . أدرك أنها تائهة في
عالم داخلي هو ليس مدعواً إليه . كان الشعور بالغيرة شيئاً سخيفاً , وتمنى لو
تنتبه إليه , لكنها لم تفعل .
منتديات ليلاس
الضوء الأزرق المنبعث من المسرح أبرز الظلال بحدة , وللحظة لم تبد
كامرأة حية ولكن أشبه بتمثال لملكة قديمة ربما نفرتيتي أو كليوبترا . . .
تمثال امرأة عظيمة مسلطة رائعة . لكنه يعلم أن هذا جزء واحد فقط منها ,
وفي اللحظة التالية ستعود إلى الحياة بضحكة صبية عفريتة , أو تحملق فيه
بشراسة غريم . لا أحد يعلم . كان الفريدو يجذب انتباهه فاضطر إلى أن
يبتسم له . كان الفريدو رجلاً طيباً , ليس فطناً للغاية ولكنه ودود , وسينفعه
في الحصول على شراكة . كان يشير إلى هارييت غامزاً بعينه مشيراً إلى أنهما هما
الإثنين الرجلين الوحيدين في العالم اللذين يعلمان بهذه العلاقة . و فجأة شعر
ماركو بأنه يريد أن يضربه .
منتديات ليلاس
توارت المغنية ضمن عاصفة من التصفيق , وعزفت الفرقة موسيقى
راقصة . سألها ماركو بأدب : (( هل تحبين أن ترقصي ؟ )) .
منتديات ليلاس
أمسكت بيده فقادها إلى حلبة الرقص التي سرعان ما ازدحمت ليصبح
الرقص عبارة عن حركات ثقيلة . أمسك بها بحزم , يشدها إليه ولكن من
دون مبالغة , ووجدت هي خطواتها تنسجم مع خطواته بسهولة . كان تأثير
الأغنية ما زال يتملكها , طارداً كل الأفكار ما عدا أنها مستمتعة بهذه
اللحظة . وابتسمت . فسألها على الفور : (( ما الأمر ؟ )) .
ـ أنا فقط مستمتعة بوقتي .
منتديات ليلاس
ـ لا , بل أكثر من ذلك . أخبريني . هذه الابتسامة تعني شيئاً ما .
أقلقها إلحاحه , فنظرت في عينيه ورأت فيهما شيئاً أكثر حدة بالنسبة إلى
سؤال تافه . ثم اصطدم بها شخص ما فشعرت بيدي ماركو تشتدان
وتثبتانها . فأصبح وجهه قريباً من وجهها . وحلقت مشاعرها عالياً ,
فأغمضت عينيها لتخفي ما قد تكونا قد كشفتا له .
منتديات ليلاس
تمتم بقول : (( أنظري إلي )) .
فتحت عينيها فوجدته يراقبها بحدة وأحست بسخونة يده على ظهرها ,
كانت الأفكار والمشاعر التي صدمتها , قد تملكتها . وصدرت عنها شهقة
صغيرة .
ـ ما الأمر ؟
ـ أنا . . . لا شيء . . . لا شيء . إنه الحر .
منتديات ليلاس
ـ نعم , أصبح الجو حاراً نوعاً ما . شقتي قريبة من هنا , دعيني أدعوك
إلى فنجان قهوة هناك .
عندما خرجا , كانت الساعة الثانية والنصف , وكانت النجوم تتألق في
السماء , والشارع خالياً إلا من بعض المتسكعين . تأبط ماركو ذراعيها ثم
اجتازا المسافة القصيرة إلى الشقة .
منتديات ليلاس
شعرت هارييت بالارتياح بعد أن هداها المشي وهواء الليل . وعندما
استقلا المصعد إلى الطابق الخامس , عادت تسيطر على نفسها مرة أخرى .
كان الفضول يتملكها لرؤية شقة ماركو فقد حاولت أن تتخيلها ولم تستطع .
بدا ماركو متكتماً إلى حد كان من المستحيل معه أن تتصور أي شيء لا يريد
أن يكشفه . وقد رأت الحقيقة الآن . فوجئت بها في البداية , ثم أدركت أنها
بالضب ما توقعته في عقلها الباطن .
منتديات ليلاس
لا يمكن أن يكون هناك بيت أكثر تحفظاً وغموضاً وتقشفاً من هذا .
كانت الإثارة خفية , وقد عُلقت على الجدران عدة صور عصرية , وزُينت
الرفوف ببعض التحف الفنية . بدا لها أن البيت ينتمي إلى رجل أخفى نفسه
ربما حتى عن نفسه .
منتديات ليلاس
من خلال باب مفتوح يؤدي إلى غرفة نومه رأت هارييت جهاز
كومبيوتر وجهاز فاكس وعدة هواتف وجهازي تلفزيون . هذا الرجل أخذ
عمله إلى سريره . وتذكرت قول أولمبيا : ( معروف عنه أنه يدمر النساء , فما
إن يقيم علاقة مع المرأة حتى يتركها ) .
مهما كان ما حدث في حياة ماركو الخاصة , فقد حدث هنا في هذا المنزل
وربما في تلك الغرفة بالذات .
منتديات ليلاس
نادى من المطبخ : (( سأحضر القهوة )) .
كان المطبخ أيضاً بسيطاً متقشفاً , ولكن رائع الجمال , ببياض جدرانه
المزينة باللون الأزرق . وبدا من سهولة تحركه في أنحائه أنه اعتاد أن يطهو
لنفسه , وهذا جعله يصنع القهوة بشكل ممتاز .
قالت وهي ترشفها متلذذة : (( إنها لذيذة , كما أن البيت رائع )) .
ـ شكراً , لكنه لا يعجب الكثيرين .
ـ إنه هادئ ومريح , وأنا أحب ذلك كثيراً . كما أنك تعرف كيف
تتباهى بتحفك مظهراً محاسنها بخلفياتها البسيطة وطريقة تنظيمها وإنارتها .
ـ شكراً , المدح منك هو مدح حقيقي هل لك أن تعطيني رأيك
بمجموعتي ؟
منتديات ليلاس
أنهت قهوتها قبل أن تقترب من إناء قائم على قاعدة مربعة . كان يبدو
بزخرفته غريباً جداً بالنسبة إلى خلفيته البسيطة , وكان تقييمها له بأنه فرنسي
من القرن الخامس شر صحيحاً , وأنه أصلي . فقال بحزم : (( كل شيء في
مجموعتي أصلي )) .
ابتسمت وهي تعيد (( الإناء )) إلى قاعدته وتبتعد : (( دعنا لا نتجادل في
ذلك )) .
منتديات ليلاس
فقال وهو يقف أمامها : (( أوافقك , فالجدل مضيعة للوقت )) .
ومال إلى الأمام , ووضع يده خلف رأسها وجذبها إليه معانقاً إياها
بحذر , ثم بقوة وكأنه يريد أن يتأكد من ردة فعلها قبل أن يتخذ الخطوة
التالية , كان الإحساس بهيجاً فاستسلمت هارييت له . تصرف وكأن لديهما
كل الوقت الذي في العالم ليكتشفا بعضهما بعضاً , ووجدت هذا مريحاً .
وعندما التفت ذراعه حول خصرها أحاطته بذراعيها تاركة يديها تستمتعان
بالإحساس بقوته التي كانت تتسرب من خلال ملابس سهرته الأنيقة .
كل ما في ماركو بدا منسجماً , رائعاً , وخصوصاً عناقه , بدا خبيراً
رقيقاً في هذا كما هو في كل مهاراته الاجتماعية الأخرى . لكن إحساساً
غريباً أوجعها فتحركت بين ذراعيه بقلق .
منتديات ليلاس
شيء ما لم يكن صحيحاً في هذا الأمر . دفعت ماركو بعيداً عنها لكنه
قاوم وبقي يحتضنها , وإذا بالغضب يتملكها , فاشتدت يداها على كتفه
وقالت بحزم : (( هذا يكفي )) .
ثم ابتعدت عنه وهي تتابع قائلة : (( حقاً إنك جريء )) .
فقال ساخطاً : (( ما العيب في العناق ؟ لقد أمضينا معاً سهرة سارة
للغاية , ثم رقصنا معاً واحتضن الواحد منا الآخر , فما الخطب ؟ )) .
قالت بصوت مرتجف : (( أنت لم تعانقني , وإنما كنت تتفحص ما
سيصبح ملكاً لك )) .
منتديات ليلاس
ـ ماذا ؟
ـ أنت تعلم ما أعنيه . لم يكن ذلك عناقاً بل نظرة عامة لترى إن كان
التسلم سيكون في مصلحتك .
ـ لا تكوني حمقاء .
فقالت غاضبة : (( أنا واثقة من أنك كنت تحسب الأمر من كافة جوانبه .
أنت لا تريدني أن آخذ أي فكرة قبل أن تقرر ما تريد , كي لا أزعجك فيما
بعد , أيها الحذر البارد الشعور )) .
فقال بحدة : (( لا تكثري الكلام ! لقد وضحت لي الصورة , لكنني فقط
أتمنى لو أعلم ما تريدين )) .
منتديات ليلاس
ـ ذلك بسيط جداً . إذا كنت تريد أن تعانقني فافعل ذلك بحرارة ,
وليس . . .
لم تستطع أن تنهي كلامها لأنه انقض عليها بعناق عنيف . لم تتذكر كيف
أصبحت بين ذراعيه , لكنهما كانتا تحيطان بها تجمدانها مكانها , حاولت أن
تحتج لطريقته هذه , لكنه تمتم : (( إخرسي ! أنت قلت إن هذا ما تريدينه ,
وهذا ما ستحصلين عليه )) .
منتديات ليلاس
لم تحاول أن تستمر في الجدل . فهذا رجل غاضب للغاية , ولا يمكنها أن
تشكو فهي التي جلبته لنفسها . ولكنها وجدت أنها لا تريد ان تتذكر . سرت
في كيانها مشاعر لم تعرفها من قبل , أشبه بالنار في الهشيم .
كان على هارييت أن تتخذ قرارها بسرعة وتبتعد عنه , إنها تلعب
بالنار . لكن ذلك كان صعباً لأن جسدها كان متوتراً وأحاسيسها مشوشة ,
ما محى كل شيء من ذهنها . كيف يحصل ذلك وهما شبه عدوين ؟
كان رنين الهاتف خافتاً بحيث أنها بالكاد سمعته . حاولت أن تتجاهله
لكن ماركو ابتعد عنها منزعجاً من المكالمة .
منتديات ليلاس
أخذت تنظر إليه كالحالمة وهو يرفع السماعة , منتظرة أن ينهي المكالمة .
لكنه , بدلاً من ذلك , توتر منتبهاً . ثم قال بصوت مرتفع : (( نعم , أنا ماركو
كالـﭭـاني )) .
منتديات ليلاس
حدقت إليه هارييت ذاهلة لسرعة تحويله انتباهه عنها , وكأن ذلك
العناق لم يكن . لم تستطع أن تصدق ذلك .
وأخيراً رفع ماركو السماعة عن أذنه , لكنه لم يقفل الخط : ((( آسف ,
لكن هذا أمر هام . لن أستطيع أن أوصلك إلى البيت , لكن هناك شركة
تاكسيات ممتازة . تجدين رقم الهاتف في ذلك الدفتر )) .
منتديات ليلاس
سألته ورأسها يدور : (( ما . . . ماذا ؟ )) .
ـ إنه على المنضدة بجانبك . . . آلو ؟ نعم , أنا ما زلت هنا .
عاد إلى مكالمته الهامة .
منتديات ليلاس
قالت تحدث لوشيا الغاضبة فيما بعد تلك الليلة : (( أتعلمين ما الذي
أفقدني صوابي حقاً ؟ أنه جعلني أنا أستدعي سيارة الأجرة )) .

* * *
نهاية الفصل (( الرابع ))

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 19-06-12 10:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمره لم تحترق (المشاركة 3123768)
الله يعافيك ويسلمك . . .
امممممممم ما راح أقول شي خخخخ
اقرأي بس . . سوري ما قدرت أكون موجوده امس
السموحه لك ولجميع القراء بس باحاول اخلصها في اقرب وقت

http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

مممم مممم ما تقولى شئ أكتبى بس:lol:
وأنا مستنياكى على أقل من مهلك
لأن اللى بيقرأ بس بيبقى منتظر كل ساعة فصل لا ده بيتمنى الرواية تنزل كلها فساعة واحدة لكن اللى مجرب الكتابة بينتظر
غاليتى أنتى دايمن عطرك معطر المنتدى بيكفى أنك بتجهدى نفسك وبتنزلى كل يوم فصل
الله يوفقك فى كل خطواتك

جمره لم تحترق 20-06-12 09:34 PM

شكراً جزيلاً
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3123816)
مممم مممم ما تقولى شئ أكتبى بس:lol:
وأنا مستنياكى على أقل من مهلك
لأن اللى بيقرأ بس بيبقى منتظر كل ساعة فصل لا ده بيتمنى الرواية تنزل كلها فساعة واحدة لكن اللى مجرب الكتابة بينتظر
غاليتى أنتى دايمن عطرك معطر المنتدى بيكفى أنك بتجهدى نفسك وبتنزلى كل يوم فصل
الله يوفقك فى كل خطواتك

هههههههههههههـ يب راح اكتب . . فديت إلي حاس فيني
طبعاً كفيتي ووفيتي بشكرك لتشجيعك لي
اليوم بانزل فصل وبكرة صباحاً راح انزل فصل عشان عندي سهره
خالص حبي ومودتي لك
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 20-06-12 09:39 PM

5 ـ رجــل الثــلج
 

5 ـ
رجــل الثــلج
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

في اليوم التالي , وصلت إلى الفيلا باقة رائعة من الأزهار مع بطاقة جميلة
للغاية من ماركو يأسف فيها لسوء الحظ الذي قطع عليهما تلك الأمسية
البهيجة . ناولتها هارييت إلى لوشيا التي عبرت عن رأيها بنبرة اشمئزاز ,
لكنها . لحسن الحظ , لم تلق على هارييت أي سؤال .
منتديات ليلاس
اتصل ماركو بعد يومين , دعاهما معاً إلى الغداء في المصرف, إذا كان
لمصرف (( أوريس ناشيونال )) مطعم خاص يقصده الموظفون الرفيعو المستوى
ويدعون إليه أصدقاءهم . وعامل ماركو وبعض زملائه المرأتين كملكتين .
منتديات ليلاس
كانت لوشيا قد قصدت هذا المكان ثلاث مرات من قبل , لكنها المرأة
الوحيدة التي دعاها ماركو , على الإطلاق , حتى الآن . وقد فهمت هارييت
ما تتضمنه هذه الدعوة من امتياز . كانت تنوي أن تحتج على تصرفه الشهم في
الليلة السابقة , ولكن ذلك كان مستحيلاً في هذه الظروف .
منتديات ليلاس
لم يستطع الفريدو أوريس أن يحفظ سراً , وسرعان ما كان الخبر يسري في
روما بأسرها أن ماركو ظهر في النادي الليلي مع فتاة جديدة . لكن هذه الفتاة
مختلفة , فقد كانت تقيم مع أمه وقد تناولت عشاءها في مطعم المصرف .
وبع ذلك هاجت التخمينات لتستقر على الاستنتاج الصحيح تقريباً .
ـ إذاً لم تعد خطوبتك سراً .
منتديات ليلاس
قالت لوشيا ذلك راضية بينما كانوا جميعاً يتناولون الفطور بعد عدة
أيام , وكان ماركو قد أمضى الليلة الماضية في الفيلا . نظرت هارييت إليها
بسرعة : (( ليست خطبة بالضبط )) .
ـ ما هي إذن ؟
نظرت إلى ماركو , لكنه لم يساعدها بشيء . فقالت مترددة : (( إنها . . .
نوع غير رسمي من . . . )) .
ـ لم يعد لي صبر على كل هذا التردد والعجز عن التصميم الجميع يرى
أنكما مناسبان لبعضكما البعض . والآن العالم يعلم أنكما مخطوبان .
سألها ماركو ساخراً : (( ألست أنت من أعطاهم هذا الانطباع يا
ترى ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ أم أكن بحاجة إلى ذلك . الجميع رآكما ضائعين في بعضكما البعض في
(( بيلا فيغرا )) .
لم يكن بإمكانهما أن يوضحا أنهما كانا يتشاجران حينذاك , لذا لم يجب
أحد منهما . واعتبرت لوشيا ذلك إثباتاً لقولها . فأضافت : (( ثم اصطحابك
لنا إلى المصرف يُعتبر عملياً إعلان خطبة . ولذا علينا أن نقيم حفلة الآن .
الجميع يتوقع منا ذلك . كما أنهم يتوقعون أن يروا الخاتم . اهتم إذن بما يلزم
لذلك )) .
منتديات ليلاس
ثم خرجت من الغرفة قبل أن يستطيعا الجواب . سألته هارييت : (( ماذا
سنفعل ؟ )) .
ـ الحفلة , في الواقع , فكرة حسنة . لقد حان الوقت لتقابلي بعض
أصدقاء الأسرة .
ـ ولكن حفلة خطبة . . . وخاتم . . .
ـ ذلك لا يغير شيئاً . سنقيم حفلة , وإذا غيرنا رأينا فسخنا الخطبة .
والحق مع أمي بالنسبة إلى الخاتم .
منتديات ليلاس
وكتب عنواناً أعطاها إياه : (( هذا أفضل صائغ في روما . سأخبره بأنك
ستقصدينه )) .
ـ ألن تأتي معـي ؟
فأجاب من دون أن يقابل نظراتها : (( لدي عمل مستعجل . سيعرضون
عليك أروع ما لديهم فاختاري الأفضل )) .
ذهبت هارييت إلى الصائغ في النهار نفسه فعامل خطيبة ماركو
كالـﭭـاني ببالغ الاحترام , وأراها مجموعة من الخواتم الماسية كانت كلها غالية
الثمن إلى درجة مخيفة . وأعجبها واحد منها مؤلف من ماسات صغيرة للغاية
مركبة على ذهب أبيض , وفي الوسط ماسة كبيرة من نوع فاخر . لكنها كانت
تعرف الكثير عن تجار الجواهر وأسعارهم الخيالية , ولا يمكنها أن تقبل هذا
الخاتم بأي شكل , فسألته : (( أليس لديكم شيء . . . أصغر قليلاً )) .
منتديات ليلاس
قالت هذا شاعرة بأن كلمة (( أرخص )) أقل لباقة . فأجاب الصائع :
(( هذه هي المجموعة التي اختارها السنيور كالـﭭـاني )) .
إذن , فقد جاء إلى المتجر , ولكن ليس معها , والأسوأ أنه يحاول أن
يتحكم في اختيارها , وهذا لا يوافقها . فقالت بحزم : (( أريد أن أرى شيئاً
آخـر )) .
منتديات ليلاس
فذُعر : (( لكن السنيور كالـﭭـاني . . . )) .
ـ لن يلبس هو هذا الخاتم , بل أنا .
ـ ولكن . . .
ـ طبعاً إذا كان هناك مانع , سأذهب إلى مكان آخـر .
عند هذه الهزيمة , أحضر الرجل صينية عليها خواتم أقل كلفة .
اختارت أخيراً خاتم سوليتير بديعاً للغاية , مقاومة محاولته للعودة بها
إلى الخواتم المترفة تلك , ثم خرجت وهو في إصبعها .
منتديات ليلاس
جاء ماركو إلى الفيلا تلك الليلة وهو يحمل صندوق مجوهرات كبير .
لم تتوقع منه هارييت الخضوع بسهولة , لذا لم يكن عليها أن تكون
خارقة الذكاء لتتكهن بأن ذلك الصندوق يحتوي على الخواتم التي رفضتها .
هل هذه الحرب ؟ إنها مستعدة لها . حيا ماركو أمه بحرارة قبل أن يأخذ
هارييت جانباً . رفعت يدا قائلة : (( شكراً لخاتمي الجميل هذا )) .
فأمسك بيدها بحزم وخلع منها الخاتم حتى دون أن ينظر إليه .
ـ هاي . . . ماذا تفعل ؟
ـ هناك خطأ ! لا بد أنه أراك الصينية الخطأ .
منتديات ليلاس
ـ لم يخطئ . وهذا هو الخاتم الذي أعجبني .
فقال بحزم : (( خطيبتي لا تلبس خاتماً رخيصاً )) .
ـ رخيص ؟ لا بد أن ثمنه عشرة آلاف دولار .
ـ بالضبط .
قال باختصار . كان واضحاً أنه يكبح غيظه .
ـ فهمت , إذا أخـــذت خطيبتك تتباهى بخــــاتم يســـــاوي فقــط عشـــرة آلاف
دولار , سيبدأ عملاؤك في مراجعة أسعار أسهمهم , لكي يروا ما إذا كنت قد
فقدت قدرتك المالية .
منتديات ليلاس
ـ ما دمت تفهمين ذلك , كما هو واضح , لا أدري لما نخوض هــذا
الحديث .
ـ أرجوك أن تعيد إلي ذلك الخاتم .
ـ لا .
ـ إنه الخاتم الذي أريده .
ســاد صمت بدا فيه ماركو محبطاً وعاجزاً ثم التقت أعينهما والتصميم
بادٍ لدى كليهما . ثم فتح ماركو العلبة : (( اختاري واحداً من هذه )) .
قال هذا بحذر فقالت : (( لقد اخترت الخاتم الذي في إصبعي )) .
سألها وهو يصرف بأسنانه : (( لماذا يجب أن يكون كل شيء مثــاراً
للجدل ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ لأنك تحاول السيطرة علي في كل شيء وأنا لا أقبل بهذا .
ـ هذا هراء . أنا فقط أطلب منك أن تفعلي ما هو مناسب لوضعنا . منذ
أيام , أنفقت مالاً أكثر من هذا من دون أن يطرف لك جفن . ودعيني أذكرك
بأنه مال لم أسمح لك بإنفاقه .
ـ هل عدنا لنبدأ ذلك من جديد ؟
ـ كل ما في الأمر أنني أستغرب كيف تفرغين جيوبي بكل قسوة إذا تعلق
الأمر بحجز أثري , ثم تصبحين فجأة بالغة الرقة بالنسبة إلى ثمن الخاتم .
أين المنطق في هذا ؟
ـ لماذا يجب أن يكون هناك منطق ؟
فقال بعنف : (( هذا يساعد أحياناً )) .
ـ المسألة ليست مسألة ثمن , وإنما تحكمك بي .
ـ ألم تفكري بتأثير ذلك علي ؟
ـ عملاؤك سينسون هذا .
منتديات ليلاس
لكنه كان أمهر مما كانت تظن . وفي اللحظة التالية جاء بالشيء الذي لم
تستعد له . لقد تلاشى الغضب من وجهه , ثم نظر إليها بابتسامة آسفة :
(( هارييت . رغم أنك امرأة لامعة إلا أنك غبية للغاية )) .
ـ ماذا يعني هذا ؟
سألته بحذر , شاعرة بأنه بنصب لها فخــاً ما .
ـ أنا لا أخاف من عملائي بل من أمــي .
ـ أحقاً . إذا كنت تريد أن تقنعني بأنك تخاف من أمك . . .
ـ ماذا تظنينها ستقول لي إذا ظنت أنني عاملتك بدناءة بالنسبة إلى
الخاتم ؟
وكان يبتسم لها بطريقة أقلقتها فقالت : (( سـأوضح لها بأن هــذا هو
اختياري أنا . . . )) .
منتديات ليلاس
فتنهد : (( هذا ليس جيداً . ستقول إنه كان علي أن أثبت وجـــودي . وهــي
لا تعرف مدى صعوبة هذا معك . إذا أنت لم تساعدني على الخروج من هذه
المشكلة , سوف . . . حسناً , لا أدري ماذا سأفعل )) .
فقالت بحدة , محاولة ألا تستجيب لابتسامته: (( والآن كُف عن هــذا فأنا
أرى ما في نفسك , هل تسمعني ؟ )) .
ـ أنا واثق من ذلك .
منتديات ليلاس
ـ أنت غير مهتم . أليس كذلك ؟ ما دمت تحصل على ما تريد .
ـ أنت تفهمينني تماماً .
ـ حسناً , بعد كل هذه الاعترافات , عليك أن تخجل من نفسك .
ـ لماذا ؟ ما الخطأ في حصولي على ما أريد ؟ ألا تحبين أنت أن تفعلي هذا ؟
ـ طبعاً , ولكن يتملكني بعض التردد ووخز الضمير عندما أفعل ذلك .
فقال بجد : (( التردد ووخز الضمير مضيعة للوقت . إذا كان هناك مـا
ينفعك فاسعي للحصول عليه )) .
ـ من دون أن أهتم بالآخرين . . . ؟
ـ من دون أن تهتمي بأي شيء .
منتديات ليلاس
ـ ولكن هذا فظيع .
ـ لا , بل هو صواب , والآن لِمَ لا تجربين هذا في إصبعك ؟
كان يتكلم وهو يضع في إصبعها الخاتم الذي جذب انتباهها في المتجر
وكان هو يعلم طبعاً , إذ لا بد أن الصائغ أخبره بأن هذا الخاتم قد أثار
اهتمامها . إنه أمامها في كل لفتة , وعليها أن تقاومه .
لكن السخط تلاشى أمام جمال الخاتم بماساته الرائعة ومدت يدها تنظر
إلى تلك الحجارة المتلألئة كالنجوم , وقد تملكتها الرهبة لجمالها . وقالت
بيأس : (( لا يمكنني أن آخذه . لا أستطيع )) .
لكنها لم تخفض يدها . وهتف ماركو ينادي أمه التي كانت تتسكع عند
الباب بلهفة : (( ماما , تعالي هنئينا بخطوبتنا )) .
منتديات ليلاس
قال هذا وهو يرفع يد هارييت يريها الخاتم فأطلقت أمه صوت
إعجاب : (( آه , ما أروعه من خـاتم )) .
ـ نعم , رائع , أليس كذلك ؟
قالت هارييت هذا والسخرية في عينيها . لم يعد من مجال للتراجع الآن .
وهتفت لوشيا : (( سيذهل كل من يراه . والآن يمكننا أن نجلس
ونستمتع بالتخطيط للحفلة )) .
فقال ماركو على الفور : (( سأغيب عن المدينة لعدة أيام )) .
فقالت الأم : (( اذهب إذن , سنقوم بالعمل بشكل أفضل بدونك )) .
وخرجت وهي تهمهم .
منتديات ليلاس
وقالت له هارييت : (( لن أقول شيئاً عن عدم إحساسك بوخز الضمير ,
لأننا سبق وتحدثنا عن ذلك . لكنني أريدك أن تفهم جيداً أنني إذا غيرت
رأيي بهذه الخطبة , وحالياً يبدو هذا محتملاً جداً , فأنا أريدك أن تستعيد
الخاتم )) .
فقال مصدوماً : (( هذا طبيعي . وهل تظنين أنني سأتركه لك ؟ سأحتاجه
للمرة التالية )) .
كانت عيناه تداعبانها , وفجأة لم يعد يهمها شيء . كان صعباً ولا يطاق ,
ولكن لا شيء يصلح هذه الحال فيه . كما أن لديه سحراً خفياً يمكنه أن
يتسلل خفية إلى كيانها . ولكن كان هناك شيء آخر لم تجرؤ على الاعتراف به
لنفسها . فقد كانت هارييت العاقلة تتوارى في الظلال لتحل مكانها هارييت
أخرى تريد أن تجازف وتعيش الحياة بقوة . هزها إدراكها ذلك , وكانت
بحاجة إلى وقت لتفكر فيه .
منتديات ليلاس
بعد انتهاء العشاء اتفق ماركو وأمه على لائحة الضيوف . و عندما
نظرت هارييت إليها رأت اسماً جعل عينيها تلمعان . وقالت بحماسة :
(( البارون أورازيو مانيللي )) .
فسألها : (( هل تعرفينه ؟ )) .
ـ لا , ب أتمنى لو ادخل بيته , منذ دهور وأنا أحاول ذلك .
ـ أظن لديه بعض القطع الأثرية التي ترغبين فيها .
ـ آلاف القطع , لكنه لا يدع أحداً يراها . أظن الأمر سيكون مختلفاً
الآن . هل تعرفه جيداً ؟
ـ اعرفه بشكل يسمح لك بدخول بيته , هل أفهم أن هذا ما تتوقعين
مني أن أفعله ؟
ـ ذلك ليس مشكلة , أليس كذلك ؟
ـ وإذا كان في ذلك مشكلة , هل يشكل ذلك فرقاً ؟
ـ حسناً . . .
ـ لا تزعجي نفسك بإظهار التهذيب . يسرني أن أكون نافعاً .
تلك عقبة أزيلت , كما فكرت هارييت مسرورة , لأن ماركو لم يبد عليه
سوى التسلية . وقد سنحت لها فرصة سعيدة لرؤية نفائس لم يٌكتشف عنها
بعد .
* * *
غاب ماركو أسبوعاً , فأغمضت لوشيا و هارييت الوقت بنشاط وبسرعة .
منتديات ليلاس
جيش الخدم كله في الفيلا كان مشغولاً بتنظيف البيت لفصل الربيع وإظهاره
للحياة بشكل جديد , وأرسلت الدعوات إلى الضيوف ومنها دعوة لى والد
هارييت . ولكن بما أن الجواب لم يصل , كان معنى ذلك أنه ما زال مسافراً .
بعد يوم واحد ابتدأت الأجوبة على الدعوات تصل . المجتمع بأسره بدا
متلهفاً لرؤية المرأة التي ( غزت قلب الغازي ) . وهي جملة أخذت تتكرر في
صالونات المدينة إلى أن وصلت إلى مسامع هارييت .
منتديات ليلاس
فقالت لوشيا ساخرة : (( حسناً , إنها روما على كل حال . وهي المكان
المناسب للذهاب إلى عرين الأسد )) .
فقالت لوشيا: (( لا تقلقي . ماركو يعرف كل شيء عن الأسود , وهو
لن يدعك تواجهينهم وحدك )) .
قبل الحفلة بيومين , جاء ماركو إلى الفيلا , وتناول الثلاثة عشاءً ساراً .
وأثناء القهوة , قالت لوشيا : (( غداً سيبدأ أفراد الأسرة بالقدوم , هل أنت
مستعدة للاجتماع بهم ؟ )) .
فقالت هارييت : (( أنا متوترة بعض الشيء )) .
منتديات ليلاس
فتنهدت لوشيا : (( أنا نفسي متوترة الأعصاب . فرانسيسكو سيحضر
ليزا . لا أستطيع أن أدعوها خطيبته وهي في الستينات من عمرها )) .
فقال ماركو : (( لقد بقي سنوات يتوسل إليها أن تتزوجه , ولكن كونها
مدبرة منزله , وجدت فكرة الزواج غير مناسبة )) .
فقالت لوشيا : (( كان كلامها صحيحاً )) .
منتديات ليلاس
فقال ماركو : (( لقد سبق لهارييت أن قابلت دولسي )) .
ـ لن يدهشني أن أعلم أن دولسي جاءت إلى متجر هارييت لتبيع
فضيات الأسرة .
قالت لوشيا هذا بشيء من الخشونة , فقالت هارييت من دون تفكير :
(( بل في الواقع رأس حصان من الرخام )) .
لتغطي حماقتها هذه أسرعت تقول : (( أنا متشوقة حقاً لرؤيتها مرة
أخرى , فقد انسجمنا تماماً . بعد أن انتهينا من العمل تناولنا الغداء معاً . إنها
مسلية للغاية )) .
منتديات ليلاس
أجفلت لوشيا مذعورة : (( مسلية ؟ هل هذه كل مؤهلاتها لتكون
(( كونتيسا كالـﭭـاني المقبلة ؟ )) .
ـ حسناً , أنـــا . . .
فقال ماركو بهدوء : (( لا تحاولي أن تجيبي على ذلك . أمي , أنت لست
منصفة مع هارييت )) .
ـ لا , طبعاً هذا ليس ذنبك يا عزيزتي .
ربتت على يد هارييت , ومرت اللحظة بسلام . وتابعت لوشيا : (( وليو ,
طبعاً , لن يصل إلا في اللحظة الأخيرة فهو لا يرتاح في المجتمعات الراقية أو
المتحضرة )) .
منتديات ليلاس
فقال ماركو ضاحكاً : (( هـــذا صحيــح . وفي الـــواقع مــــا كان سيأتي على
الإطلاق لو أنه لم يكن مسافراً إلى أميركا , ومن مطار روما يمكنه أن يذهب
مباشرة إلى تكساس )) .
فهتفت لوشيا : (( تكساس ؟ سيظنه الجميع راعي أبقار )) .
فقال ماركو بلين : (( هذا بالضبط ما هو عليه , ما دام ذاهباً إلى أسواق
دمغ الماشية هناك )) .
منتديات ليلاس
فردت لوشيا : (( أسواق دمغ الماشية ؟ )) .
ـ ليو يربي الخيول في (( توسكانيا )) إنها حيوانات ممتازة ومطلوبة جداً .
فتنهدت لوشيا بأسى : (( راعي أبقار, بينما ينبغي أن يكون وريث
فرانسيسكو ! )) .
في الصباح التالي كانت هارييت و لوشيا في المحطة تنظران قطار البندقية
الذي يقل الكونت فرانسيسكو كالـﭭـاني . ظهر متأبطاً ذراع امرأة نحيفة كبيرة
السن . و كانت هذه ليزا , عروسه المدعوة . وابتسمت هارييت لمنظرهما
معاً . لقد دام حبهما الخفي طوال تلك السنوات , والآن , بعد أن انكشف
حبهما هذا , بدا زهوهما وفرحهما ببعضهما البعض مؤثراً , وتساءلت كم
من الأزواج ستبقى مشاعرهم بهذا الشكل بعد سنوات ؟ من المؤكد أنها
وماركو لن يكونا كذلك فعلاقتهما لم تبدأ حتى بالحب . قد يكون ماركو على
حق قراره ترتيب زواج من هذا النوع . لكنها شعرت بغصة في حلقها
وهي تنظر إلى العاشقين المسنين .
منتديات ليلاس
كان غويدو ابن عم ماركو شاباً وسيماً تحمل نظراته دعابة خبيثة . لكن
عينيه كانتا تستقران على دولسي , التي ستصبح عروسه بعد أسابيع .
رأته هارييت عاشقاً مثالياً , وأعجبها ذلك منه . حيتها دولسي بلهفة وعناق :
(( لا أستطيع أن أصدق أنك أنت العروس . تصوري فقط أننا سنكون
قريبتين . كم هذا عظيم ! )) .
ـ نعم .
وافقتها هارييت وهي تتساءل عما إذا كان ذلك اليوم سيأتي حقاً . كان
منتديات ليلاس
الخاتم اللامع في إصبعها حقيقياً , ولكن كا شيء آخر كان يحوطه جو من
عدم الواقعية . كانت متشوقة للاستمتاع بالحفلة بالرغم من كل ما تشعر به
من فوضى وتشتت . قد لا تكون لوشيا موافقة على زواج الكونت , لكن
سلوكها نحو ليزا بالارتياح في صحبتها , كما أنها ارتاحت إلى ماركو , كما
لاحظت هارييت . وهي تشعر أن دقته , هو أيضاً , يمكن الاعتماد عليها .
قبل وجنتيها ثم قدم لها ذراعه لتتأبطها وهي تدخل المنزل .
أثناء العشاء أخذ غويدو يخبرهم عن سوء التفاهم الذي ساد في أول
لقاء له مع دولسي في البندقية , عندما ظنته قائد زورق الغندول , ولم يكن
يعلم أنها تخفي سراً خاصاً بها . وكانوا جميعاً يضحكون عندما رفعت هارييت
نظرها لترى شاباً طويلاً البنية واقفاً عند الباب . وقد عرفت من شعره
الخشن ومظهره الصلب أنه (( الريفي الخجول )) .
منتديات ليلاس
صرخ الجميع : ليو ! ونهض غويدو وماركو ليصافحاه ويربتا على
ظهره . ابتسم العملاق الصغير وبادلهما التربيت على الظهر , ثم عانق لوشيا
ودولسي . ووقفت هارييت لتتعرف عليه , فنظر إليها مقيماً بشكل أصبحت
معتادة عليه . كان وسيماً كشقيقيه الآخرين , لكن تأثيره على الناظر كان
طاغياً جسدياً . وفكرت هارييت في أن رجال أسرة كالـﭭـاني جميعهم
وسيمون .
أعجبت غريزياً بليو , الذي صافحها ببساطة الرجل الذي يجد العمل
أسهل من التفكير , محتفظاً بيدها بين يديه . ثم أخذ ينظر إليها من رأسها
حتى أخمص قديمها بابتسامة إعجاب عريضة . وبادلته هي نظراته حتى سعل
ماركو بشكل ذي معنى .
منتديات ليلاس
نظرت إليه مذهولة وهي تسأله : (( من أنت ؟ )) .
انفجر الجميع ضاحكين بمن فيهم ماركو . وهو لم يكن بالرجل الذي
يتقبل بسهولة مثل تلك الدعابة , لكن استحسان أفراد أسرته لسرعة بديهتها
سرته . وقال بابتسامة عريضة : (( إبتعد من هنا ليو ريثما أذكر خطيبتي بمن
أكون , ثم أنصحك بأن تدعها وشأنها في المستقبل )) .
غمزها ليو , ثم قال بصوت هامس : (( في الشرفة عند منتصف الليل )) .
لكن ذراع ماركو التي التفت حول خصر هارييت بشدة أبعدتها عن ليو
ومنعتها من الجواب . قالت تحتج وهي تضحك بصوت خافت : (( كانا نمزح
فقط )) .
منتديات ليلاس
ـ أعرف ذلك لكن إحذري من ليو . فهو (( يمزح )) كثيراً مع الفتيات .
فما أن يحب امرأة حتى يتركهـا .
ـ غريب . لقد سمعت عنك الشيء نفسـه .
فقطب جبينه : (( عجباً , أين سمعت ذلك ؟ )) .
ـ في كل مكــان .
ونظرت إليه متحدية فتراجع (( دعينا ننهي العشاء )) .
حيث أن العشاء كان في منتصفه , كان على ليو أن يعوض ما فات .
فأخذ يلتهم الطعام متلذذاً بينما كان الحديث يدور حوله , وعندما تكلم راح
يسأل هارييت عن نفسها , غير متظاهر بالغزل الآن , ولكن بكل اهتمام
النسيب . قد يكون ذلك مجرد سلوك حسن , لكن هارييت شعرت وكأنها قد
حققت حلماً رغم كل شيء . فق استقبلها أفراد الأسرة كلهم فاتحي الأذرع
لها .
منتديات ليلاس
كان صعباً عليها أن تصدق أن رجال كالـﭭـاني هم من الأسرة نفسها , فقد
كانت ملامحهم مختلفة للغاية رغم أنهم جميعاً وسيمون . بدا ليو يشع نشاطاً
وحيوية وطاقة وصحة , بينما بدا غويدو أخف بنية من أخيه , ومظهره
الصبياني متوازن مع ذكائه الثاقب , ولديه طاقة مستترة تبقيه قلقاً إلا إذا
كانت دولسي بقربه .
في عيني هارييت , كان ماركو هو الأكثر تأثيراً وأناقة وتحفظاً , فهو
رجل مستقل بذاته في كل شيء . في قلب أسرته هو رجل مسترخ مستعد
للضحك . ولكن ما زال صعباً تصوره يتصرف مثل ليو البشوش اللامبالي ,
أو ينظر إلى امرأة بمثل الشغف الذي يشع من عيني غويدو . تساءلت عن
المرأة التي أوشك أن يتزوجها في الماضي , والتي يُمنع ذكر اسمها في البيت
مطلقاً . أتراه أحبها حقاً , أم أنها هربت منه يائسة من عدم قدرتها على
إخراجه من قوقعته ؟ ولربما الاحتمال الثاني هو الأرجح . و مع ذلك كان
لديه مفاجأة لها عندما انفضت الحفلة فأخذها بيده خارجاً بها إلى الشرفة . ثم
قال يذكرها : (( لديك موعد هنا في منتصف الليل )) .
فقالت تستفزه : (( ولكن ليس معك )) .
منتديات ليلاس
فقال بابتسامة زادت من استفزازها : (( الأفضل أن يكون موعدك معي )) .
ولم تكن هي تريد أفضل من هذا , كما أخذت تفكر وهو يدنو منها
ليعانقها . كان في عناقه حلاوة أذابتها وجعلتها تشده أكثر إليها . لكنه تراجع
قليلاً مبتسماً . ورفعت حاجبيها متسائلة لكنه هز رأسه فقط , فشعرت بأن
هذه الاستراحة القصيرة طرحت من الأسئلة أكثر مما قدمت من الأجوبة .
في ليلة الحفلة , كانت هارييت قد انتهت من ارتداء ملابسها عندما
دخلت دولسي غرفتها . بدت أشبه بحلم في ثوبها الحريري الأزرق , وهتفت
وهي تراها : (( آه , تبدين خلابة . لا عجب في أنك أذبت قلب (( رجـــل
الثلج )) .
منتديات ليلاس
ـ رجل الثلج ؟
منتديات ليلاس
فأجفلت دولسي : (( ما كان ينبغي أن أقول ذلك , لكن غويدو يقول إن
هذا ما اعتادت الأسرة أن تسميه به . ليس أمامه طبعاً فأنت تعلمين طباعه .
ولكنك حتماً ترين منه جانباً لا يراه أحد آخر )) .
وأطلقت ضحكة حلوة : (( ها قد جعلتك تحمرين خجلاً )) .
لكن هارييت أنكرت احمرار وجهها رغم شعورها بذلك . كان في ذلك
التضمين ما يعني أنها وماركو عاشقان وذلك أربكها . ولتخفي وجهها
تحولت مبتعدة وأخذت تسوي ثوبها .
كانت إخصائية التجميل قد حضرت إلى الفيلا واهتمت بتزيين هارييت
بدقة بالغة . فبدت رائعة الجمال بعينيها الخضراوين الكبيرتين وشعرها
المرفوع الذي لا يتدلى منه سوى عدة خصلات على خديها وعنقها .
كانت تلبس ثوباً محكماً على جسدها من المخمل العسلي اللون ,
وأدركت أنها تبدو جميلة , ما منحها ثقة بنفسها .
منتديات ليلاس
قُرع الباب ففتحته دولسي , وإذا بغويدو وماركو واقفان عنده بملابس
السهرة . كانا وسيمين بشكل لا يصدق
شمل ماركو هارييت بنظرة استحسان : (( هذا حسن , كما كنت أرجــو
بالضبط . هذه ستبدو رائعة عليك )) .
منتديات ليلاس
فتح علبة سوداء وأخرج منها سلسلة ذهبية حدقت دولسي إليها بعينين
متسعتين قبل أن تمسك بيد غويدو وتخرج به من الغرفة بسرعة . فقال لها
يعنفها وهما في الممر :(( لقد أفسدت المشهد . مشهد رجل الثلج وهو يقوم
بدور العاشق . كان ذلك سيبدو مسلياً جداً )) .
منتديات ليلاس
ـ ما كنت سترى شيئاً , لأن ماركو ما كان ليتيح لنا فرصــة لذلك . إنما
الآن بعد أن خرجنا , أراهن على أنهما مشتبكان بعناق مشبوب .
ـ ما رأيك بأن نفعل مثلهما ؟
منتديات ليلاس
ـ كن حسن السلوك , ثم لدي مفاجأة لك .
فلمعت عيناه : (( آه , أصبح الأمر مختلفاً الآن )) .
وسمح لها بأن تقوده في اتجاه مختلف .
لكن أملهما كان ليخيب لو شاهدا تصرف ماركو الهادئ وهو يرفع
السلسلة المزخرفة ويضعها حول عنق هارييت ثم قال : (( كنت أعلم أن
الذهب يليق بك )) .
منتديات ليلاس
حدقت هارييت في صورة المرأة التي واجهتها في المرآة وتملكها الذعر ,
لأنها لم تعرفها . هذه ليست هي , وإنما مخلوقة رائعة ذات سحر خالد .
ـ شكراً لم أحلم قط أن بإمكاني أن أبدو بهذا الشكل .
منتديات ليلاس
ـ أعلم هذا . أنت صائبة الرأي بالنسبة إلى الجميع ما عدا نفسك . لقد
أدركت هذا عنك منذ اللحظة الأولى .
منتديات ليلاس
نبرة خاصة في صوته نبهتها إلى أن أصابعه ما زالت على رقبتها . نظرت
في المرآة فتقابلت أعينهما . ورأت في عينيه تألقاً لم يواجهها به من قبل . ثم بدا
وكأنه ارتبك , فعاد الجمود إلى عينيه .
منتديات ليلاس
سألتهما لوشيا من عند الباب : (( هل أنتما جاهزان ؟ ابتدأ الناس
بالتوافد )) .
منتديات ليلاس
كان الخمسة الأخرون ينتظرون في الممر . حتى ليو ارتدى بذلة رسمية .
ونظرت أيهم لوشيا التي بدت رائعة في الياقوت الأحمر , وهي تبتسم
راضية , وتقول : (( شبان أسرة كالـﭭـاني وسيمون للغاية , وهم يجتذبون نساء
جميلات , والآن فلنذهب جميعاً إلى الأسفل ونقتل المدعوين حسداً )) .
* * *
نهاية الفصل (( الخامس )) .
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 21-06-12 04:04 AM

بتمنى أن تكون سهرتك سعيدة زوووووووز وتقضى احلى الأوقات فيها
موفقة غاليتى فى الكتابة
موووووووواه


جمره لم تحترق 22-06-12 04:00 PM

شكــراً لمرورك الانيق
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3124786)
بتمنى أن تكون سهرتك سعيدة زوووووووز وتقضى احلى الأوقات فيها
موفقة غاليتى فى الكتابة
موووووووواه


السهره كانت تجنننن رووووووعه أحلى يوم قضيته في حياتي
خرجنا من الصبح وسبحنــا وبعدها سهرنا وفليناهاعلى الاخر
يوم ولا في الأحـــــلام . . . .
طبعاً امس حاولت انزل
الفصل بس ما ادري المنتدى شو فيه
ما يفتح ويعلق . . . ولحين اواجه صعوبه في التصفح وضغط ايقونة الشكر
ما ادري هذه المشكلة تواجه الكل ولا أنــا بس
واليوم بعد أكثر من محاولة قدرت ادخــل
طبعاً شكراً لتواجدك الانيق
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 22-06-12 04:05 PM

6 ـ في عرين الأسـد
 
6 ـ
في عرين الأســد
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

فكرت هارييت , وهي تقف في صف المستقبلين , أن تدفق الضيوف لن
ينتهي أبداً . جميعهم من أصحاب المصارف ورجال الأعمال . هذه كونتيسا ,
وذاك دوق , وذلك بارون . . كان الجمع الحاضر كله من خيرة المجتمع
والطبقات الرفيعة .
أحست أنها محاطة من كل جهة بالثراء الفاحش , وتكهنت بــأن أقبية
المصارف لا بد أخرجت ما يجوفها من مجوهرات وتيجان مرصعة وسلاسل
متلالئة , تشير كل منها إلى أن لابسته يمكنها أن تنافس في الغنى أي امرأة
هناك . كما يمكنها هي أيضاً ذلك , كما أدركت . ذلك أن الذهب المتألق
الذي وضعه ماركو حول عنقها كان هو نفسه إعلاناً بذلك , وكذلك الخاتم .
منتديات ليلاس
وارتجفت لدي التفكير في نفسها لابسة خاتماً لا يساوي أكثر من عشرة آلاف
دولار بين هؤلاء الحاضرين . الخاتم الذي في إصبعها أخبر العالم كله بأن
العروس التي اختارها ماركو كالـﭭـاني امرأة استحقت احترامه , وبالتالي يجب
أن تستحق احترامهم هم أيضاً . أكثر النساء الحاضرات بدون أصغر سناً مما
هن عليه لأن لديهن الوقت والمال لمحاربة السنوات . كم يلبسن أحدث
الأزياء وأغلاها ثمناً , ليس لمجرد الترتيب والتأنق , إنما للاستعراض وربما
للمعرض . . . عرض أنفسهن بدلاً من ثيابهن . هذا هو الأمر .
منتديات ليلاس
شعرت بقشعريرة من الخطر . وفجأة , تذكرت صوت أولمبيا يقول :
( معروف عن ماركو أنه يدمر النساء ) .
كن يراقبنها بأعين متوهجة , أهو فضول , غيرة , أو سخرية ؟ أو كل
هذا وأكثر ؟ شهوة , حسد , ذكريات , توقعات . . . بعض هذه المخلوقات
الوقحات كن عشيقات له , ويردنها أن تعلم ذلك . وكن يحسبن كم سيبقى
أميناً لها . ليس لمدة طويلة , كما يفكر بعضهن من دون شك . وهن يردنها
أن تعلم ذلك أيضاً .
إنها في عرين الأســد .
منتديات ليلاس
دفعها غضب مفاجئ إلى أن ترفع رأسها وتعدل كتفيها .
لا يهم لو فُسخـت الخطبة بسرعة . الليلة على الأقل هو لها رسمياً ,
وستدافع عن حقها فيه . سألها ماركو : (( هل أنت بخير ؟ )) .
ـ بأحسـن حال .
ـ وأنا أصدقك . هنا غابة , لكنك قوية .
منتديات ليلاس
ـ أنا لست خائفة , ولكن ربما عليهن هن أن يخفن
فقال وهو يمنحها إحدى ابتساماته المشرقة النادرة : (( نعم تعالي )) .
منتديات ليلاس
وقادها إلى باحة الرقص : (( دعينا نخبرهن بما يردن أن يعرفنه )) .
وأخبر أولئك النسوة المستاءات ما كن يردن معرفته بالضبط . فرقصا
الواحد في حضن الآخر الخد على الخد يتمايلان وكأن كلا منهما قد ذاب في
الآخــر .
فكرت هارييت أن كل هذا زائف ومجرد عرض على الجموع . لكن
البهجة التي شعرت بها لمجرد قربها منه كانت تشتعل داخلها مجدداً . كان
ثوبها كاشفاً , ولكن بدلاً من أن تشعر بالخجل كالمرة الماضية , بدت مزهوة
الآن . فقد أصبحت تعتقد بأنها تستحق أن يراها الآخرون , وكانت تريد من
هذا الرجل بالذات , أن يعتقد ذلك أيضاً . وقد فعل , إذا صدقت النظرة
التي بدت في عينيه .
منتديات ليلاس
قال بنعومة : (( أنت رائعة الجمال . لا أريدك أن ترقصي مع أي شخص
آخــر )) .
فقالت باسمة : (( إذن فلن أرقـــص )) .
ـ لـسـوء الحظ يتوجب عليك ذلك , وكذلك أنا .
ـ نعم وإلا سيخيب أمل كل أولئك النسوة .
ـ إنسي أمرهن .
منتديات ليلاس
ضحكت . وكانت قريبة من وجهه بحيث أدفأته أنفاسها , وشعرت به
يرتجف : (( لن يعجبهن ذلك )) .
فقال مرة أخـرى : (( إنسي أمرهن , آمـرك بذلك )) .
ـ أنت تعطي الأوامر بسهولة بالغة , ولكن من غير الحكمة أن تخبرني بما
منتديات ليلاس
علي أن أفكـر به .
فضاقت عيناه : (( لماذا ؟ )) .
ـ لا ينبغي عليك قط أن تعطي أوامر لا يمكنك أن تنفذها بالقوة , كيف
ستعرف أنني أفعل ما تريد ؟
ـ سآخــذ عدم قيامك بذلك أمراً مسلمـاً به , وبهذا لا يمكنني أن
أخطئ .
فقالت تغيظه مداعبة : (( أنت تفهمني كما أفهمك تماماً )) .
ـ وماذا أنا برأيك ؟
منتديات ليلاس
ـ أنت طاغية .
ـ وأنت سـاحرة .
توقفت الموسيقى الراقصة , فألقى عليها نظرة جامدة قبل أن يفترقا إلى
شركاء آخرين .
رقصت هارييت مع الكونت كالـﭭـاني وغويدو , وليو , حتى وصلت
أخيراً إلى البارون أورازيو مانيللي .
منتديات ليلاس
كانت قد قابلته بشك مختصر بداية السهرة . بدا لها أصغر مما
توقعته . ليس شاباً لكنه ليس كبيراً في السن . ذا بنية قوية ووجه سمين
وملامح متغطرسة . كانت قد كتبت إليه مرات كثيرة إلى حد تساءلت معه إن
كان اسمها سيؤثر على استجابته . نظر إليها مقيماً ولكن من الصعب التكهن
بما تعنيه نظراته . تقدم منها الآن طالباً الرقص معها وقد بدا من عينيه أنه
تذكرهــا .
وعندما دخلا الحلبة سألها : (( تساءلت لماذا كان اسمك مألوفاً . لقد
كنت تكتبين إلي )) .
ـ طوال سنوات . فالجميع يعرف أن مجموعة تحفك وتماثيلك أسطورية ,
لكنك تخفيها .
ـ كان أبي وجدي جامعي التحف الفنية . أمــا أنا فأحب أن أمضـي
أوقاتي بين الأحياء وليس الأموات . لماذا تريد شابة رائع الجمال مثلك أن
تدفن نفسها في الماضي ؟
ـ أنا أعشق ذلك . إنه حياتي .
منتديات ليلاس
ـ من المؤكد أنه ليس كل حياتك . فزوجك سيرغب في اهتمامك .
فقالت برزانة : (( وسيحصل عليه . إنما في حدود المعقول )) .
قهقه ضاحكاً بصوت مرتفع , فالتفت الجميع نحوهما : (( ماركو لن
يسمح لك بذلك )) .
منتديات ليلاس
ـ ومن قال إنني سأسأله ؟ لن أتخلى عن عملي لمجرد أنني زوجة .
فقال ضاحكاً : (( لقد ابتدأت أعجب بك . ربما علينا أن نتحدث أكثر
من هذا )) .
منتديات ليلاس
ـ عن مجموعتك ؟ وعن ذهاب إلى بيتك لرؤيتها ؟
ـ وكيف يمكنني أن أرفض طلبك ؟
احتك به شخص ما من الخلف , فقال : (( هل يمكننا الذهاب إلى مكان
أقل ازدحاماً ؟ )) .
لو استطاعت أن تتسلل بعيداً للحظة , لما سبب ذلك أي أذى , كما
أخذت تقنع نفسها . فهما سيذهبان إلى الغرفة المجاورة حيث تجري الحفلة
أيضاً , ولكن الناس فيها أقل . ولكن في الغرفة التالية كان ثمة شخص
يغني , فاستمرا في سيرهما حتى وصلا إلى الحديقة ووجدا مقعداً خشبياً تحت
شجرة تدلت منها أنوار ملونة .
ابتدأ مانيللي يتحدث عن الذهب والمجوهرات باسطاً سجــادة من
الأعاجيب أمامها حتى بهرها . وابتعد عنها العالم الخارجي , ونسيت أين هي
وماذا عليها أن تفعل الآن ؟ سرقها الوقت من دون أن تلاحظ عندما انفتح
أمامها عالم جديد . وأخيراً قالت بحرارة : ((ولكن ما كان لك أن تخفي كل
هذا . عليك أن تدع العالم بأجمعه يدخل بيتك ليرى تلك النفائس )) .
أخذ يدها بين يديه : (( عليك أن تأتي إلى بيتي ذات يوم وسيكون من
دواعي سروري أن أريك كل شيء )) .
منتديات ليلاس
ـ سيكون ذلك رائعاً .
قال هذا بصوت خافت وهي تغمض عينيها وكأنها في حلم .
لكن صوتاً بارداً بدد هذا الحلم : (( أنت تهملين ضيوفنا حبيبتي )) .
كان ماركو واقفاً أمامها بابتسامة لم تصل إلى عينيه . كانت نظراته مسمرة
على يدها التي كانت بين يديه .
ـ سامحنا .
منتديات ليلاس
قال أورازيو هذا وهو يقف من دون أن يترك يدها : (( في غمرة عجبي
لاكتشاف سيدة مليئة بالحكمة والعلم بقدر ما هي رائعة الجمال , نسيت
حسن السلوك واحتكرتها لنفسي . هل يمكنني القول , يا ماركو , كم أنت
محظوظ في الحصول على حنان هذه الحلوة . . . ؟ )) .
التوت شفتا هارييت . كان هذه عرضاً مشيناً , إنما مسلياً . ثم استرقت
نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً . ثم استرقت
نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً وهو يقول بصوت
فاتر : (( تبلغت التهنئة وأن أشكرك)) .
منتديات ليلاس
كانت نظراته القاسية مسمرة على يد هارييت , فسحبتها بسرعة من يد
أوزاريو بسرعة قبل أن يتركها , وهو يقول : (( لا تدعه يغيظك . لأنه
يقول ذلك عمداً . كنه بدلاً من ذلك تأبطت ذراعه وعادت معه إلى البيت .
وقالت تحاول إقناعه : (( لا تغضب )) .
منتديات ليلاس
فقال بخشونة : (( لا أغضب ؟ أتدركين أن الليل قد انتصف تقريباً ؟ )) .
ـ آه , رباه , أنا آسفة . ما كان لي أن أتأخر إلى هذا الحد .
فقال بصوت متوتر : (( ربما بإمكاننا أن نناقش ذلك فيما بعد )) .
منتديات ليلاس
أدهشها أن تراه يأخذ هذا الأمر جدياً . إنه يعلم أنها لا تهتم إلا بالنفائس
التي في بيت أوزاريو . إنه رجل محنك وبإمكانه أن ينبذ ذلك جانباً . لكن
غضبه الهادئ لم يترك شكاً في أن ذلك لمس منه وتراً حساساً .
ـ ماركو .
منتديات ليلاس
ـ فلندع الحديث ند هذا الحد الآن . يجب أن يرانا الضيوف في أحسن
مظهـر .
ـ لكنك تعبس غاضباً في وجهي .
ـ أنا لست كذلك . فهذا أسهل كثيراً .
كان بعض الضيوف قد خرجوا إلى الحديقة وبإمكانهم أن يروا ماركو
وهو يجذب عروسه إلى ذراعيه .
فقالت : (( لا أظن . . . )) .
فقال بعنف : (( إخرسي . . . إخرسي واجعلي المشهد يبدو حسناً )) .
ارتفع الهتاف في الحديقة عندما شد ذراعيه حولها برغبة خشنة بينما
استسلمت هي إلى عناقه . ما كانت لتختار أن يبدو الأمر بهذا الشكل , ولكن
تملكها شعور بالذنب بأنـها عاملته بشكل سيء وعليها أن تساعده في إنقاذ
كرامته .
منتديات ليلاس
لو أنه فقط لا يحتضنها بهذه الشدة التي بدت للناظرين أشبه بعاطفة لا
تنضب , بينما هي في الواقع غضب بالغ .
وتمتمت : (( لا يا ماركو . . . هذا يكفي )) .
فقال بصوت مرتجف : (( نعم . هذا يكفي لإقناعهم الآن , ولكن علينا
أن نمثل دور العاشقين لبقية السهرة )) .
منتديات ليلاس
وأرخى قبضته فترنحت لحظة ورأسها يدور , واضطرت إلى التمسك
به . بعض الضيوف الذين كانوا قد اجتمعوا على الشرفة قالوا جهاراً ما كان
الباقون يفكرون فيه سراً .
ـ ماركو , لقد جعلت الفتاة المسكينة يغمى عليها . . .
ـ هكذا يكون العناق الرومنسي الحقيقي .
ـ والآن , إنه يريد أن يتخلص منا بسرعة .
وعلا الضحك .
قالت لوشيا تنهر الشبان المشاغبين : (( هذا يكفي )) .
فقال أحدهم : (( كنا نهنئه فقط , والآن , لو أن هارييت كانت لي . . . )) .
فقال ماركو : (( لكنها ليست لك , فهي لي, ومن الأجدر بك أن تتذكر
ذلك )) .
منتديات ليلاس
كان صوته مرحاً ودوداً تقريباً , ولكن بعض المستمعين استشفوا النبرة
الفولاذية الخافتة فيه , وأولهم المرأة الواقفة بين ذراعيه التي كانت ما زالت
تشعر به يرتجف مثلها تماماً . وعندما تكلم , اشتدت ذراعه حولها بشكل
غريزي , وأدركت هي أن هذه الرسالة لها هي بقدر ما كانت لهم . إنها
تحذير .
ونادى ماركو : (( هاتوا مزيداً من المرطبات . . . المرطبات للجميع )) .
أسرع الخدم بزجاجات العصير , يملؤون الكؤوس الفارغة , ثم رفع
ماركو يده يسكتهم : (( أنا أوفر الناس حظاً , فأروع امرأة في العالم وعدتني
بأن تكون زوجتي . ولا أظن هناك سعادة أكبر من هذه )) .
عجبت كيف يمكنه أن يقول ذلك , بينما يتهمها بأنها تخدعه ؟ كيف
يمكنها أن تكتشف يوماً حقيقة تفكير هذا الرجل ؟
ـ إرفعوا كؤوسكم واشربوا معي نخب عروسي !
كلهم شربوا نخبها وانتهت السهرة بمرح صاخب . واستغرق
حضور السيارات الفارهة لتأخذ الضيوف ساعة أخرى , بينما كان أفراد
الأسرة بدعوتهم .
منتديات ليلاس
عندما توارت آخر سيارة , أغمضت هارييت عينيها إرهاقاً . عليها الآن
أن تصلح الأمور بينها وبين ماركو . لكنها عندما فتحتها لم تجد له أثراً .
رأتها لوشيا تنظر حولها فقالت لها : (( لا تقلقي , ربما يتحدث مع ابني
عمه في مكتبه فلا تنتظريه )) .
وافقت هارييت , فربما من الأفضل أن تدع غضبه يبرد أولاً . قبلت
لوشيا ثم صعدت إلى غرفتها .
منتديات ليلاس
كانت تنوي الاستحمام قبل الخلود إلى النوم , لكنها لم تستطع , شيء ما
بالنسبة لهذه السهرة لم ينته بعد . مدت يديها إلى رقبتها محاولة أن تفك العقد
الذهبي الثقيل , وهي تفكر كالعادة . . . ذهب أصلي من القرن السابع عشر ,
مزخرف بطريقة . . . آه , ومن يهتم بذلك ؟
من يهتم لشيء ما عدا النظرة التي رأتها في عيني ماركو عندما عثر عليها
مع البارون ؟ ما هي أهمية أي شيء ما عدا ما كانت تعنيه تلك النظرة ؟
ثم رأتها مرة أخرى . لم تسمعه وهو يدخل الغرفة , وإذا به خلفها يزيح
أصابعها جانباً لكي يفك لها القلادة . بدا وجهه مظلماً إلى حد توقعت معه
أن ينتزع مها العقد انتزاعاً . لكنه رفعه بهدوء رغم أن أصابعه لم تكن ثابتة
تماماً .
منتديات ليلاس
قالت بلطف : (( لا أظنك ما زلت غاضباً . لقد كانت سهرة رائعة )) .
فقال متوتراً : (( أنا مسرور لأنك استمتعت بها , ثم نعم , ما زلت
غاضباً , فقد خدعتني )) .
منتديات ليلاس
ـ لمجرد أنني انخرطت في حديث مع . . . ؟
ـ لقد اختفيت من حفلة خطوبتنا مع رجل آخر , وبقيت معه قرابة
ساعة , هل لذلك أي مبرر معقول ؟
ـ هل كانت غيبتي طويلة إلى هذا الحد ؟ لم أشعر بمرور الوقت كما أنني
نسيت . . .
فقال بحدة : (( قولك إنك نسيت هو خطأ . شكراً , هذا كل ما كنت
أحتاجه )) .
منتديات ليلاس
ـ أنا آسفــة .
أحال الغضب صوته إلى فولاذ : (( أقدر لك أن أفكارك عن السلوك هي
غير تقليدية , ولكن ألم يخبرك أحد أنه يُفترض بالمرأة أن تفضل مرافقة خطيبها
على مرافقة أي رجل آخر ؟ وإذا كانت لا تستطيع ذلك , عليها أن تتظاهر به
من باب اللياقة والتهذيب , فلا يبدو رجلاً مخدوعاً أمام العالم كله . هل
تفهمين ؟ )) .
ـ طبعاً أفهم . آه , إسمع , أنا آسفة يا ماركو , آسفة حقاً , لم اقصد
إهانتك , لقد انجرفت فقط . . .
ورأت وجهه فقالت : (( قولي هذا زاد الأمر سوءاً , أليس كذلك ؟ )) .
ـ ما تفعلينه يثبت أصلك الإنكليزي . أنت تظنين كون إسمك إيطالياً
يجعلك واحدة منا . لكنني أقول لك إن الإسم لا يعني شيئاً . المهم هو القلب
الإيطالي وأنت ليس لديك فكرة عن ذلك )) .
حدقت هارييت إليه , وقد أذهلها أن هذا الرجل البارد المتحفظ الذي
كانت تظن نفسها تعرفه , يقول شيئاً قاسياً كهذا . وهبت في وجهه تقول :
(( كيف تجرؤ على القول إنني لست واحدة منكم ؟ إنه تراثي بقدر ما هو
تراثك )) .
منتديات ليلاس
ـ صحيح أن دمك شرق أوسطي حار , لكنه لم يعد له تأثير , وإلا
لعرفت أن معاملة المرأة لزوجها شيء بالغ الأهمية بالنسبة إليه .
ـ أنا لست امرأتك .
ـ بل أن كذلك .
وفكر لحظة ثم عاد يقول : (( أنت كذلك بالنسبة إلى الناس هنا . لكنك
تظنين أننا مجرد صديقين حميمين , كما أننا رجل وامرأة مجردين من
المشاعر . لكن الإنكليز فقط يفكرون بهذا الشكل )) .
كان ينظر إليها وكأنه رجل غريب : (( مــاذا حدث ؟ ألا تحتملين قول
الحقيقة ؟ )) .
منتديات ليلاس
فصرخت : (( هذه ليست الحقيقة )) .
ـ بل الحقيقة وأنت تعرفين ذلك . أنت تلجأين إلى العالم الميت لأن
العالم الحي كثير عليك ؟ قلبك مركز على الماضي حيث لا شيء يسبب الألم .
ماذا تعرفين عن الكرامة أو الحب , أو العواطف المشبوبة ؟ إنها مجرد كلمات
بالنسبة إليك .
فصرخت : (( كان ذلك مني مجرد عدم اكتراث ولا علاقة له بالحب أو
المشاعر . . . )) .
ـ لكن علاقته قوية بالكرامة , كرامتي التي ذللتها أمام الجميع . ما الذي
كنتما تتحدثان عنه طوال ذلك الوقت ؟
ـ وما الذي أتحدث عنه دوماً ؟ الآثار . أنت تعلم أنني كنت أريد
الاتصال به لأنني أخبرتك بذلك وقلت إنك ستساعدني على زيارته .
ـ يمكنك أن تنسي ذلك . فقدمك لن تطأ أبداً منزل ذلك الرجل .
ـ أتراك تعطيني مزيداً من الأوامر ؟
منتديات ليلاس
ـ فلنقل إنني أشير إلى ثوابت معينة . لقد خَلَف بيننا . وحيث إنك
تعرفين هذا , من غير المعقول أن تسعي إلى صحبته .
ـ ليست صحبته ما أسع إليها ولكن تحفه الفنية .
ـ أنت لا تفهمين , أليس كذلك ؟ إذن دعيني أتكلم بوضوح . أنا أمنعك
من الذهاب إلى بيته .
منتديات ليلاس
ـ تمنعني . . . ؟ أنت تعطي الأوامر وأنا يُفترض بي أن أقول حـاضر . يا
إلهي , أنت جئت إلى الشخص غير المناسب . لا بأس لقد تغيبت عن الحفلة
وقتاً طويلاً . أنا آسفة , كان عدم مراعاة للمشاعر مني . ولكن الجميع
في الحفلة كان يعلم أن خطبتنا مدبرة , وقد كان ادعاؤنا حسناً . ولكن ليس
هنا أسرار في روما , كما قلت لي أنت بنفسك . وإذا كنت ستتحدث عن
الكرامة , ماذا عن كرامتي أنا ؟ لم يكن في الحفلة امرأة الليلة لا . . . كيف
أقولها بشكل مهذب ؟ لا تعرفك أكثر مما أعرفك أنا .
فقال وعيناه تلتهبان بشكل خطر : (( أتريدين أن تقولي إن هذا نوع من
الانتقام ؟ )) . منتديات ليلاس

ـ لا . كلا طبعاً . ولكن لا أحد يظن أننا نعني , في الحقيقة , شيئاً
لبعضنا البعض . . .
فقال ساخراً : (( ( نعني شيئاً لبعضنا البعض ) ؟ ما الذي يزعجك في كلمة
حب )) . منتديات ليلاس

قالت بغضب : (( لا علاقة للحب بهذا . لا يمكنك أن تغير العبارات
كلما ناسبك ذلك )) .
ـ أريد وعداً منك بألا تريه مرة أخرى . سواء كنت أنا هنا أم لا .
فصرخت : (( بل سأراه إذا أنا أردت ذلك . والوعد الوحيد الذي
يمكنني أن أقطعه لك هو أنني لن أعـدك بشيء )) .
منتديات ليلاس

ـ أنا أنذرك . . .
ـ لا تنذرني , فهذا لا يؤثر علي . منتديات
ليلاس

ـ أنت لن تريه مرة أخرى يا هارييت . وأنا أعني ذلك .
ـ وإلا ماذا ستفعل ؟
ـ ستجدين نفسك على أول طائرة متجهة إلى إنكلترا .
ـ ربنا بإمكانك أن تطردني من هذا المنزل , ولكن هل يمكنك أن تراهن
على أنني لن أنتقل إلى فندق وأرى مانيللي كل يوم ؟
فضاقت عيناه : (( إياك أن تفعلي ذلك . أنا أنذرك )) .
ـ هل تهددني ؟
ـ هذا ليس تهديداً بل إنذاراً . هل أنا واضح ؟
ـ تماماً , والآن دعني أكون واضحة .
وخلعت الخاتم وقدمته له : (( هل هذا واضح بما يكفي ؟ )) .
ـ تباً لك .
وانتزع الخاتم منها بسرعة وألقاه بعيداً من دون أن ينظر أين وقع .
حدقت إليه مصعوقة وهي تدرك انه على وشك فقدان السيطرة على
نفسه : (( ماركو , أريدك أن تخرج الآن )) .
واستدارت مبتعدة لكن يديه كانتا على كتفيها ترغمانها على مواجهته :
(( لم أنته بعد )) .
حاولت أن تنتزع نفسها منه لكنه أبقى يديه في مكانهما حتى أذعنت له
وقالت : (( دعني أذهب )) . منتديات
ليلاس

ـ ربما عليك أن تلتزمي بالنصائح التي تسدينها . إياك أن تأمري بشيء
لا يمكنك فرضه إلا إذا كنت تظنين نفسك من القوة بحيث يمكنك
مقــاومتي .
منتديات ليلاس
لم تجب , وإنما حملقت فيه بغضب بالغ . فتدلى شعرها على وجنتيها
المتوهجتين . بدا أن مظهرها العنيف المتوحش قد فتنه , لأنه جذبها إليه فجأة
محاولاً معانقتها .
فقالت بصوت خافت : (( إياك أن تجرؤ . لقد انتهت خطوبتنا )) .
فقال وهو يدنو منها أكثر : (( لا . لم تنته )) .
حاولت أن تقاومه بكنه ثبتها بيديه الفولاذيتين , مانعاً إياها من الحركة ,
فأذعنت لعناقه . كانت تعيب عليه مازحة إصراره على تنفيذ ما يريد , لكنه
كان يصر الآن والأمر ليس مضحكاُ . . . لأنه يملك القدرة التي لم يملكها
رجل آخر على إثارة أحاسيسها .
كان يعلم كيف يستعمل مهارته محركاً إياها بمهارة بين ذراعيه مرسلاً
ارتعاشات من العواطف في داخلها , ثم وببطء , يعود فيكبح جماحه ,
وجماحها أيضاً .
منتديات ليلاس
قالت بصوت مرتجف : (( كيف تجرؤ )) .
كانت غاضبة للغاية منه لفرضه هذا عليها , والأكثر من ذلك أنه ابتعد
حين بدأت تشعر بالاسترخاء .
لم يجب . ولم تعرف حتى إن كان قد سمعها . كان وجهه مظلماً منزعجــاً
وعيناه مسمرتين عليها وكأنهما تسألانها أسئلة لم تفهمها . ومرر يده على
ذراعها مداعباً إياها بأصابعه .
منتديات ليلاس
الآن كانت ذراعاها مطلقتين وبإمكانها أن تدفعه عنها بعيداً غير أن
الإرادة كانت تنقصها . أخذ يلامس وجهها مداعباً إلى أن وصلت أصابعه
خلف أذنها , وكأنه كان يعلم أنها نقطتها الحساسة . أخذت نفساً مرتجفاً
عندما سرى هذا الإحساس العذب في كيانها .
لم يعد بإمكانها الإدعاء الآن , فهو سيشعر بخفقان قلبها الجنوني تحت
أصابعه . لقد تحداها أن تقاومه , لكنها لا تستطيع أن تقاوم الأحاسيس التي
تملكتها وجعلتها ترفع يديها ليس لتدفعه عنها بل لتعقدهما حول رأسه .
اشتعلت الأحاسيس في كيانها بشكل لم تعرفه من قبل . لأنها , ربما للمرة
الأولى في حياتها تشعر بالحياة مشرقة مثيرة . وتأوهت والتصقت به .
منتديات ليلاس
شعرت به يتصلب ثم يجمد تماماً . رفع رأسه وهزه قليلاً , وكأنه يتساءل
عما يحدث , ثم سمر نظراته على وجهها . أوشكت أن تصرخ إزاء التعبير
الذي بدا على وجهه . لم ترَ انتصاراً كما توقعت , وإنما طيفاً من العذاب .
ـ ماركو . . . منتديات ليلاس

فقال بصـــــوت أجش : (( لو رأيتك تفعلين هذا مع أي رجل آخر ,
لكنتُ . . . لكنتُ . . . )) . منتديات
ليلاس

انتظرته أن ينتهي , وهي تصغـي إلى أنفاسه السريعة وخفـقـات قلبها
المرتفعة . كان هذا شخصاُ جديداً مرتبكاً معذباً بمشاعر عنيفة توشك أن
تدمره . ليس ماركو الذي تعرفه .
وأخيراً همست : (( سوف تفعل مــاذا ؟ )) .
سرت في كيانه رجفة : (( هذا غير مهم )) .
منتديات ليلاس

ارتجفت قبضته وتلاشت نظراته اللامعة تاركة عينيه حزينتين بشكل
غريب . منتديات ليلاس

تمسكت بالأثاث , شاعرة بالأرض تهتز تحتها : (( ربما هو مهم )) .
فقال بحدة : (( لا . انتهينا من هذا الـمــــوضوع الآن . وأنا آسف
لتحذيري هذا لك )) .
ـ ماركو . . .
ـ أعدك بألا يحـــدث هذا مجدداً .
ـ ماركو .
* * *
نهاية الفصل (( السادس )) . . .


http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 22-06-12 11:34 PM

الله يسعدلىكل أوقاتك
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمره لم تحترق (المشاركة 3125754)
السهره كانت تجنننن رووووووعه أحلى يوم قضيته في حياتي
خرجنا من الصبح وسبحنــا وبعدها سهرنا وفليناهاعلى الاخر
يوم ولا في الأحـــــلام . . . .
طبعاً امس حاولت انزل
الفصل بس ما ادري المنتدى شو فيه
ما يفتح ويعلق . . . ولحين اواجه صعوبه في التصفح وضغط ايقونة الشكر
ما ادري هذه المشكلة تواجه الكل ولا أنــا بس
واليوم بعد أكثر من محاولة قدرت ادخــل
طبعاً شكراً لتواجدك الانيق
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

أنا مبسوطة لأن اليوم كان ولا فى الأحلاااااام وإنشألله كل أيامك مثله وأحلى منه
وأنا كمان أمبارح وجهت مشكلة فى المنتدى
طبعاً لا دعى للشكر هذا أقل ما يقدم لمجهودك الرائع
تسلمين غاليتى
مووووووووواه

جمره لم تحترق 23-06-12 09:03 PM

شكــراً كثيراً
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3125994)
أنا مبسوطة لأن اليوم كان ولا فى الأحلاااااام وإنشألله كل أيامك مثله وأحلى منه
وأنا كمان أمبارح وجهت مشكلة فى المنتدى
طبعاً لا دعى للشكر هذا أقل ما يقدم لمجهودك الرائع
تسلمين غاليتى
مووووووووواه

تسلمي يا ذوووق فديتك وباتمنى لك أيام وعمر أحلى من الي قضيته
تسلمين . . . طبعاً شكري يا الغلا ما يناسبك لأنه ولا شيء
فكيف تبي مني اكف عن الشكر وأنتِ تجبريني بذوقك

بالنسبة لمشكلة المنتدى عذبتني ما ادري شو المفروض أعمل
بس مو مشكلة الحين أكيد بيعملو حل
http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 23-06-12 09:06 PM

7 ـ فخـــور أم غيور
 
7 ـ
فخـــور أم غيور
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

استيقظت هارييت فجأة عند الفجر وجلست في سريرها تصغي إلى
الصمت . ثم نهضت وسارت إلى النافذة وفتحتها لتنظر إلى الفناء الهادئ
حيث تنتشر أشجار الصنوبر .
منتديات ليلاس
ما زالت ذكرى الليلة الماضية حية في كل جزء منها . لقد رأت ناحية
من ماركو لم تعرفها قط من قبل . كانت تعلم أنه مليء بالتناقضات , وأن
بإمكانه أن يكون تارة ساحراً مغرياً , وطوراً أنانياً حذراً . لكنها لم تكن تعرف
منتديات ليلاس
أنه قد يصبح خطيراً . فأثناء اللحظات القليلة التي أمضتها بين ذراعيه , كان
الجو بينهما مشحوناً , لكنها شعرت بأنها حية كما لم تشعر من قبل , كان
ذلك مذهلاً إنما حقيقياً .
منتديات ليلاس
حاولت أن تستعين بالمنطق لتحلل ما جرى . فرأت أنه على الرغم من
الاضطراب الذي لاحظته على ماركو , كان يحاول أن يثبت نقطة ما . ظن أنها
خدعته وهو لا يتحمل ذلك . فأصلح الأمر أمام الضيوف , لكن الكرامة
دفعته إلى استعراض سيطرته أمامها عندما كانا بمفردهما , أراد أن يريها أنها
له , سواء شاءت أم أبت .
منتديات ليلاس
وقد نجح . إنها تعرف الآن أن أقل لمسة منه يمكن أن تذيبها . لكن
تفكيره كان مختلفاً , كما خمنت و هي تستعيد صورة وجهه , وتحاول أن تقرأ
عينيه . أراد أن يريها أنه , بينما لا يسمح لنفسه بأن يكون لها , ليس لها خيار
سوى أن تكون له .
منتديات ليلاس
عندما رفعت عينيها إلى تلال روما البعيدة , استطاعت أن ترى وهج .
الشمس الشارقة . كانت السادسة صباحاً تقريباً . ولا بد أن ماركو قد
استيقظ الآن وهي تريد سماع صوته , لكن هاتفه كان مقفلاً وعندما اتصلت
بشقته لم يجب أحد , لكنها لم تترك له رسالة وكيف بإمكانها ذلك وهي التي لا
تدري ما تقول له ؟
منتديات ليلاس
كانت بحاجة إلى الخروج من البيت . ارتدت بسرعة بنطلون جينز وكنزة
ثم خرجت من المنزل وسارت في طريق متعرج .
منتديات ليلاس
تلك هي حياتها الآن : طريق متعرج مجهول الوجهة والمصير , صوت من
داخلها نبهها إلى أن تعود إلى الوطن , لكن ألماً حلواً مراً في قلبها أرادها أن
تبقى .
منتديات ليلاس
وصلت إلى بحيرة صغيرة ثم ابتدأت تسير على ضفافها , مستمتعة
بجمال النهار . كان ضباب الصباح قد تلاشى , والضياء متوهجاً وقد
ارتفعت أغاريد الطيور في الجو .
أين هي .
منتديات ليلاس
ثم رأت ما جعلها تقف حاسبة الأنفاس . كان هناك رجل جالساً على
الأرض مستنداً إلى الشجرة , وما زال في ثياب الليلة الماضية نفسها , ما عدا
سترته التي كان قد ألقى بها جانباً . كان قميصه مفتوحاً إلى منتصفه , ورأسه
مستنداً إلى الخلف مُظهراً عنقه القوي الأسمر . جلست بهدوء بجانبه فرأت
عينيه مغمضتين وكأنه نائم , كان التوتر الآن قد زال عن ملامحه , ورق فمه
وكأنه لم ينطق قط بكلمات خشنة قاسية . بقيت هناك فترة تنظر إلى وجهه غير
الحليق , وشعره المتدلي على جبهته , وشعرت بحنان لم يوح به إليها قط من
قبل . كانت تعلم أنه سيكره فكرة أن يتفحصه أحد بهذا الشكل , لكنها لم
تستطع أن تشيح نظرها . . .
منتديات ليلاس
وفتح عينيه .
منتديات ليلاس
بدلاً من أن يبدو غاضباً , أدهشها مرة أخرى إذ بقي جالساً , ببساطة ,
دون حراك , يحدق فيها طويلاً إلى حد تساءلت معه عما إذا كان يراها فعلاً .
وأخيراً ذهبت النظرة الذاهلة من عينيه ليحل مكانها ألم عاجز .
ـ هل أمضيت الليل بطوله هنا ؟
منتديات ليلاس
ـ نعم , منذ تركتك .
ـ ظننتك ذهبت إلى البيت .
ـ كان علي أن أبتعد عنك , لكنني لم أستطع أن أتركك . إذا كنت تفهمين
قصدي .
منتديات ليلاس
لقد فهمت قصده تماماً . فعندما خرج كالعاصفة الليلة الماضية , شعرت
بانقباض في صدرها , وكأنها كانت متصلة به بخيط غير مرئي . وأدركت
الآن أنه شعر به , هو أيضاً .
جلست بجانبه , وأمسكت يده الباردة وأخذت تدلكها . تركها تفعل
ذلك , وقد بدا أن الإرهاق يمنعه من أي ردة فعل , لكن عينيه كانتا على يدها
الخالية من الخاتم .
منتديات ليلاس
فقالت تفسر له الأمر : (( لم أبحث عنه بعد . قد يكون في مكان ما في
تلك الغرفة الفسيحة . إفرض أننا لم نعثر عليه ؟ )) .
اكتفى بهزة بسيطة من كتفيه . وبعد لحظة تحركت أصابعه لتمسك
بأصابعها , ثم سألها بهدوء : (( هل أنت بخير ؟ )) .
ـ نعم , أنـا بـأحـسـن حــال .
منتديات ليلاس
ـ هل أنت واثقة ؟ أنا سيء الطباع , مع الأسف .
ـ لم تكن تحاول أن تؤذيني .
فقال بصوت أجش : (( لا . لا فقط كنت أحاول أن أثير انتباهك )) .
والتوت شفتاه قليلاً : (( في صغري , اعتدت مواجهة الإحباط بالصراخ .
عند ذلك يصغي إلي الناس )) .
منتديات ليلاس
فقالت برقة : (( نعم , كان علي أن أتكهن بذلك )) .
ـ حان الوقت لكي أصبح كبيراً على هذه الأشياء , أليس ذلك ؟
ـ الناس لا يغيرون طباعهم . أنت لم تخفني .
منتديات ليلاس
ـ الحمد الله , لأن هذا آخر ما كنت أريد . أرجوك يا هارييت إنسي كل
شيء عن الليلة الماضية .
ـ كل شيء ؟ هل تعني . . . ؟
ـ كل شيء . إذهبي إلى بيت مانيللي متى شئت . وأعدك بألا أثير المشاكل
مجدداً . ما مضى قد مضى . وما حصل كان نوعاً من الجنون لا أكثر .
ـ ولكن ماذا حدث لك يا ماركو ؟
منتديات ليلاس
ـ لا أستطيع تفسير ذلك , لكن هناك شيئاً مـا لا أجد له تفسيراً منطقياً .
دعينا فقط نقول إنني أغار بسهولة . إنني متملك , وهذا ليس حسناً . آسف .
ـ ليس هناك ما يستوجب غيرتك .
منتديات ليلاس
ـ أعلم ذلك , ولكن هناك أشياء لا يمكنني نسيانها .
ـ عن تلك المرأة ؟ تلك التي كنت ستتزوجها ؟
فتململ : (( وماذا تعرفين عنها ؟ )) .
ـ ليس الكثير . كنتما مخطوبين ثم غيرتما رأيكما .
منتديات ليلاس
ساد صمت طويل , ثم قال وكأنه ينتشل الكلمات من هوة مخيفة : (( كان
الأمر أكثر تعقيداً بقليل من ذلك )) .
فقالت تستدرجه : (( فسخ الخطوبات لا يتم دائماً للأسباب نفسها )) .
فأومـأ : (( صحيح . على أي حال ! إنه يجعلني أتصرف بشكل غير
منطقي . آسف )) .
منتديات ليلاس
ضغطت على يده تطمئنه وهي تفكر أنها لم تر في حياتها رجلاً تـعيساً
هكــذا .
وقال بضعف : (( عندما تعثرين على الخاتم , هل ستلبسينه ؟ )) .
فترددت : (( لا أدري )) .
فانفجر ضاحكاً : (( إذا رحلت بهذه السرعة بعد حفلة الليلة الماضية ,
ستكثر الأقاويل . وكذلك . . . )) .
منتديات ليلاس
وعاد هدوئه : (( سيؤذي هذا أمي إلى درجة كبيرة )) .
ـ لن أرحل . . . حالياً .
ـ شكراً .
ومال إلى الأمام فجأة مريحاً رأسه عليها كئيباً يائساً فأحاطته بذراعيها ,
متلهفة إلى مواساته , لكنها كانت تعلم أنها لم تصل إلى أعماقه . أحنت رأسها
وأراحت خدها على شعره الأشعث . حاولت أن تجعله يعلم من خلال قوة
عناقها له بأنها إلى جانبه . وظنت أنها شعرت بذراعيه تشتدان حولها وكأنه
وجد شيئاً هو بحاجة إلى التعلق به .
منتديات ليلاس
جلسا دون حراك بينما سرت السخونة في جسدها . كان إحساساً مختلفاً
لم تعهده من قبل . كان أشبه برغبة عنيفة في حمايته . أشبه بالحب ! .
يا للكارثة ! لم تكن تنوي أن تحبه , وهي ليست واثقة أنها تريد ذلك .
لقد وقعت في الشرك قبل أن تعرف بوجوده . لماذا لم يتابع شجاره معها ؟ كان
ذلك سيسهل أمـر فراقهما . . . هذا ليس عدلاً ! ابتعدت عنه , فدفع شعره إلى
الخلف وقد سقط على جبينه : (( أظنني أبدو كالمتشرد )) . منتديات ليلاس
فقالت بحنان : (( قليلاً )) .
منتديات ليلاس
ابتدأ ينهض ثم أجفل : (( عضلاتي متصلبة )) .
ـ لا يدهشني ذلك ما دمت أمضيت الليلة هنا . دعني أســاعدك .
منتديات ليلاس
وضع ذراعاً حول عنقها ثم وقف متألماً , حاملاً سترته المتسخة بأوراق
الشجر . وقالت : (( الأرض رطبة . كان من الممكن أن تصاب بذات الرئة )) .
ـ اعتدت كثيراً النوم في العراء عندما كنت طفلاً . هناك في الغابة كنت
أنصب خيمة وأتظاهر بأنني من جماعة المتمردين .
منتديات ليلاس
فقالت وهي تريد أن تطيل هذه الفترة الحلوة بينهما : (( أرني المكان )) .
ـ حسناً .
قادها خلال الأشجار , بينما كانت ذراعاه لا تزال حول كتفيها . ثم
صعدا مرتفعاً يؤدي إلى فسحة مسطحة من الأرض : (( هنا اعتدت أن أنام
تحت النجوم )) .
منتديات ليلاس
ـ إنه مشهد رائع .
ـ نعم , ولا يمكن ( للعدو ) أن يقترب منك على حين غفلة .
فقالت : (( كم كان عددكم ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ أنا فقط . كنت أحسد ليو وغويدو لأنهما شقيقين . لقد افترقا في
الواقع عندما كان غويدو في العاشرة وأخذه العم فرانسيسكو ليعيش في
البندقية , تاركاً ليو في توسكانيا لكنني دوماً كنت أفكر فيهما بأنهما
أخوين .
منتديات ليلاس
ـ من المؤسف أنك لم تحظَ بأخوة أو أخوات .
ـ مات أبي باكراً , ولم تشأ أمي أن تتزوج بعده .
ـ ولكن لا بد كان لك أصدقاء .
ـ في المدرسة فقط .
منتديات ليلاس
يبدو أن طفولته كانت حزينة , كما أخذت تفكر وهي تأسو لوحدة
الصبي الصغير وللحياة التي عاشها بعيداً عن فتيان عائلة كالـﭭـاني وجلبتهم .
منتديات ليلاس
ـ يمكنك أن ترى روما بأسرها من هذه البقعة . في الليل كنت أجلس
تحت هذه الشجرة وأنظر إلى الأضواء . هنا بالضبط .
منتديات ليلاس
ووضع سترته على الأرض وأشار إليها بأن تجلس عليها بجانبه . فقالت
وهي تفسح له : (( وأنت أيضاً )) .
جلسا معاً ووجدت يده طريقها إلى يديها .
منتديات ليلاس
وقالت : (( هذا مكان رائع . افهم رغبتك في مداومة القدوم إلى هنا )) .
لم يجب . وانتبهت إلى ثقل على كتفها فالتفتت لترى رأسه على كتفها ,
وقد أغمض عينيه مرة أخرى .
منتديات ليلاس
رأت الآن شيئاً آخر في وجهه . كان منهكاً ولم يكن لذلك صلة بقلة
النوم . لقد انزاح التوتر والاستنزاف ليحل محلهما إرهاق عميق بدا وكأنه قد
منتديات ليلاس
تسرب من ماضٍ بعيد أليم . لم يسبق أن فكرت قط في أن تشفق على ماركو ,
لكنها تشعر الآن بالشفقة عليه إلى حد لم تفهمه تماماً . حان الوقت لكي تصل
إلى أعماقه لترى ما هي مشكلته . وبرفق , رفعت شعره عن جبهته .
تحرك وفتح عينيه ونظر مباشرة إلى عينيها الباسمتين .
قالت بحنان : (( لقد نمت مجدداً )) .
منتديات ليلاس
ـ عدة دقائق فقط .
ثم رأت النظرة التي كانت قد أخافتها , وكأن ستاراً نزل على عينيه .
تبدد الضوء من عينيه تاركاً فراغاً متعمداً . ثم تركها ونهض واقفاً من دون
أن يسمح لها بمساعدته هذه المرة . قدم لها يده ليساعدها على النهوض ,
فأخذها ونهضت بسرعة كادت معها تفقد توازنها . تأملها ويده الأخرى على
ذراعها , لكنه لم يجذبها إليه كما كان بإمكانه أن يفعل بسهولة .
منتديات ليلاس
أدركت بذعر أن كل شيء قد ذهب , الحرارة والصلة التي كانت من
قبل . أصبحت عيناه الآن يقظتين , وربما أصبح أكثر حرصاً عليها لأنه
سمح لها بأن تقترب منه .
منتديات ليلاس
سألها وهو ينظر في ساعته : (( كم الساعة ؟ علي أن أذهب الآن . آسف
لتحميلك عبء هذا كله )) .
فقالت محاولة الرجوع إلى داخله : (( أنا مسرورة لأننا تحدثنا فقد أصبحت
أفهمك الآن بشكل أفضــل )) .
منتديات ليلاس
فهز كتفيه : (( وماذا هناك لتفهميه ؟ لقد تصرفت بشكل سيء مع أسفي
الشديد , وكنت أنت صبورة جداً معي , ولكنك لست مضطرة لتحمل
طبعي لأنني لن أثور عليك مرة أخرى )) .
منتديات ليلاس
كادت تقول : (( حتى ولا عندما نتزوج ؟ لكن لسانها لم يطاوعها . كل ما
كان مؤكداً منذ لحظة , فقد توارى الآن في الوهم . فهي لم تعد تعرفه .
قامت بمحاولة أخيرة : (( الطباع الحادة ليست أسوأ شـيء في العالم . ربما
لا ينبغي أن يكون الناس مهذبين طوال الوقت . أنا لم أكن مهذبة جداً معك
الليلة الماضية وأنت . . . )) .
منتديات ليلاس
ـ ردة فعلي كانت عنيفة مع الأسف لكن هذا لن يحدث مجدداً . والآن ,
هل يمكننا أن ننسى الموضوع ؟
ودعك ذقنه غير الحليقة : (( الأفضل أن أعود إلى البيت لأستحم . لا
أريد أن تراني أمي بهذا الشكل . وأرجوك لا تخبريها بشيء )) .
ـ طبعاً لن أخبرها .
منتديات ليلاس
عادا صامتين , وعندما بدا أمامها المنزل قال : (( أدخلي أولاً وأشيري إلي
إذا كانت الطريق سالكة , لا , انتظري ! )) .
منتديات ليلاس
أمسك بيدها وجذبها عائداً بها إلى داخل الأشجار عندما ظهرت لوشيا
عند الباب الخلفي . ووصل صوتها إليهما : (( من ترك هذا الباب مفتوحاً ؟ من
المؤكد أنه لم يكن كذلك طوال الليل )) .
منتديات ليلاس
فقالت هارييت وهي تتقدم نحوها لوشيا : (( أنا من فتحه . لقد خــرجت
باكراً لأتمشى )) . وركضت صاعدة الدرجات لتقبل لوشيا وتسحبها إلى
منتديات ليلاس
الداخل وهي تثرثر معها , ولكنها في الحقيقة كانت تقوم بمناورة لتدخلها إلى
المنزل . قاومت رغبة في النظر إلى الخلف , ولكن خيل إليها أنها تسمع
خطوات تصعد الدرجات بخفة .
منتديات ليلاس
بعد ذلك بنصف ساعة , انضم ماركو إليهما على مائدة الفطور بعد أن
اغتسل وحلق ذقنه . شكر أمه بظرف بالغ لنجاح الحفلة , ومدح نجـــاح
هارييت في أول ظهور لها في المجتمع . ولم يذكر أي شيء آخــر .
* * *
بعد أيام قليلة جـاءت دعوة إلى حفلة في (( قصر مانيللي )) .
وقالت لوشيا بدهشة : (( لم يسبق أن دُعينا إلى هناك من قبل ! )) .
فقال ماركو : (( إنه في الواقع يريد هارييت يا أمي فهي تريد أن ترى
مجموعته )) .
ومنح هارييت ابتسامة سريعة : (( هذا سيمنحك الشهرة . لم يتحقق هذا
الامتياز لأحد من قبل . طبعاً سنقبل الدعوة )) .
عادت الأمور في الفيلا إلى سابق عهدها , وكانت لوشيا الدائمة
الانشغال بالجمعيات , سعيدة كون ضيفتها تمضي أوقاتها في المتاحف
ومعارض الفنون . كانتا تتلاقيان لتناول العشاء في المنزل أحياناً وأحياناً في
أحد المطاعم قبل الذهاب إلى الأوبرا . وفي المناسبات كان ماركو ينضم
إليهما فقد أدركت هارييت أنه مولع بالأوبرا .
وكانت هارييت قد عثرت على الخاتم فراحت تلبسه في المناسبات قائلة
للوشيا إنها تخاف عليه أن يضيع إذا لبسته دوماً . ولبسته عندما دعاها ماركو
للغداء في المصرف مرة أخرى . كان مسروراً لكنها عرفت بأنه كان يرسل
إليها برسائل صامتة بأن لا سبيل للعودة إلى تلك اللقاءات القصيرة الحميمة
التي عرفاها .
قال لها بنعومة : (( أنت خائفة من أن أثير مشكلة في حفلة مانيللي ,
لكنني وعدتك بألا أفعل ذلك . ولا أحد سيظن شيئاً إذا ذهبت عالمة آثار
مهمة مثلك للتفرج على مجموعته . لا , لا تنظري إلي بارتياب , فأنا أقر الآن
بشهرتك العالمية . ذلك أن عدداً من زملائي هنا عرفوا اسمك وطلبوا
التعرف إليك )) .
ورفع كأسه : (( أنا فخور جــداً بخطيبتي )) .
بخطيبته , وليس بها , كمـا لاحظت .
* * *
يقع قصـر مانيللي في وسط الجزء القديم من روما قرب كنيسة القديس
بطرس . كانت الأنوار تتألق من النوافذ الواسعة والأبواب عندما وصلت
سيارتهم . وكان البارون واقفاً لاستقبالهم .
تملكت البهجة هارييت منذ اللحظة الأولى , إذ كانت تعلم أنها تبدو في
أحسن حالاتها في ثوبها الحريري والعقد الياقوتي الذي أهداها إياه ماركو .
وكانت تعرف معظم المدعوين .
رافقها ماركو في البداية ليقدمها إلى بعض الغرباء , مبدياً زهوه وإعجابه
بها . ثم توارى عنها كما وعدها ووجه انتباهه إلى الضيوف الآخرين . وكان
بإمكان هؤلاء أن يشغلوه طوال السهرة . كل ما كانت تطلبه خطيبته هو نظرة
بين الحين والآخر ليرى إن كانت بحاجة إلى عون منه , لكن يبدو أنها لم تكن
بحاجة إلى أي مساعدة , ذلك أن ثقة هارييت بنفسها قد ازدادت وكذلك
سرعة بديهتها . الأمر الذي أذهل ضيوف مانيللي من دون استثناء . هذا
بالإضافة إلى أن التحول الجسدي الذي أصبحت عليه , جعل منها شخصية
مؤثرة . لم تكن جميلة , لكنها رائعة الشخصية . وبدا وكأنها لفتت انتباه كل
رجل في الحفلة .
قالت أمه تعنفه : (( ماركو , كيف لك أن تهمل هارييت المسكينة ؟ )) .
فأجاب ماركو بهدوء : (( مسكينة ؟ هارييت ناجحة تماماً من دوني . هل
يبدو عليها أنها مهملة ؟ )) .
فردت لوشيا بحدة : (( الرجال حائمون حولها . واحد منهم يبدو وكـــأن
لعابه يسيل وهو ينظر إليها , وآخــر لا ينفك ينظــر إليها بلهفة )) .
ـ ماما , الرجل الذي ينظر إليها بلهفة يملك النسخة الأصلية لتمثال
مايكل أنجلو .
قال ماركو هذا وكأنه يفسر كل شيء : (( لا يمكنني أن أنافس كل هذا .
وكل ذلك بريء للغاية )) .
ـ هه . . . مانيللي ليس بريئاً إنه أحد أسوأ رجال روما .
ـ لكن هارييت بريئة , وهذا هو المهم
ثم أخــذ نفساً حاداً .
ـ ما الأمر , يا ولدي العزيز ؟ لماذا تبدو بهذا الشكل ؟
فأجاب وهو يتمالك نفسه : (( لا شيء . أرجوك ألا تزعجي نفسك بهذا
الأمر , يا أمـي . هل تسمحين لي بلحظة ؟ )) .
وابتعد عنها مسرعاً , شاعراً بأنه إذا لم يستطع أن ينفرد بنفسه حالاً ,
فسيختنق وفي الحقيقة استطاع أن يتجنب الأضواء والضحكات ويجد
الوحدة تحت الأشجار المظلمة . وكان يتصبب عرقاً لما حدث لتوه .
لقد قال : ( هارييت بريئة ) وكلمة ( بريئة ) صدرت كقنبلة هشمت
الجدار الزجاجي الذي أقامه بينه وبين الماضي .
( إنها بريئة . . . بريئة ) هذا ما قاله عندما حاول أصدقـاء أن ينبهوه إلى
المرأة التي منحها قلبه ذات يوم , ورفض أن يصدق ما يقال عنها من
شائعات . كان مجرد حب أعمى . . . أعمى وغبي . . . غلطة لا يمكن أن
تتكرر أبداً لأنها لم تكن بريئة , وقد عرف ذلك بطريقة قاسية كادت تدمره .
لقد عادت الذكريات إليه الآن , فتركته يرتجف كرجل تفترسه الحمى .
لكن هارييت كانت مختلفة . فهي ليست بريئة وحسب , بل صريحة
وهذه علامات الصدق .
بعد فترة , تمالك نفسه , وعندما تأكد أن بإمكانه الظهور بشكل طبيعي ,
عاد إلى الحفلة بابتسامة عريضة دون أن يسمح لعينيه بالبحث عنها .
وكانت هارييت تستمتع بنجاحها . بعد أن دار بها ماركو في أنحاء
المكان في البداية , تركها وابتعد مبتسماً تاركاً إياها لاهتماماتها , وبعد ذلك
أخذ يسلي نفسه مع أكثر النساء جمـالاً , وهذا ما ناسبها تماماً , كما أخذت
تفكر . ناسبها تماماً .
ثم , رأت من أزاح كل تلك الأفكــار من ذهنها .
ـ اولمبيا .
كانت أختها قد وصلت لتوها , فاندفعت نحو هارييت فاتحة ذراعيها
فعانقتها وهي تهمس لها : (( سمعت الكثير عنك . هل خُطبت حقاً
لماركو ؟ )) .
فقال هارييت بجفــاء : (( لست واثقة )) .
تراجعت أولمبيا ونظرت إليها : (( أريد أن أعلم الحقيقة منك )) .
فضحكـت هارييت : (( وإلا لما كنت أولمبيا . أين كنت طوال تلك
المدة ؟ )) .
ـ في أميركا مع والدي . ما زالا هناك . لكنني عدت اليوم , ثم أسرعـت
إلى هنا لأنني سمعت أن ( ماركو وعروسه ) سيكونان في الحفلة . آه , يا أختي
الماهرة . حصلت على شروطك إذن ؟
ـ حســنـاً . . .
ـ طـبـعـاً فعلت هذا . هــذا الخاتم يا عزيزتي . . . لا بد أنه كلف . . .
فضحكت هارييت : (( لا تبدإي . . )) .
ـ مـعـك حـق . مثلي دور الـــهـدوء . دعيه يـتـكهن . هـذا هـو السبيل إلى
ماركو , وإلى الآخرين أيضاً . يقولون إنك جعلت مانيللي يأكــل من يـدك .
ـ سيأخذني في جولة يريني فيها نفـائسه .
ظهر مانيللي في تلك اللحظة ثم أخــذ المرأتين معه في جولة في منزله
الفخم . تكلم جيداً وبشكل مفيد . وسرعان ما بان السأم في عيني أولمبيا ,
فاعتذرت ثم هربت , من دون أن يلحظها أي منهما . وعندما عادت إلى
الحفلة أحــاط بها المعجبون , فشقت طريقها بينهم حتى وجدت ماركو . لم
يرها منذ اليوم الذي عرض فيه الزواج عليها فرفضته في خمس ثوانٍ . وتبادلا
التحية بمودة . قالت مداعبة : (( لم أكن أعلم ماذا فعلت عندما اقترحت عليك
هارييت , أليس كذلك . هل أسأت إليك بذلك ؟ )) .
ـ لا , أبداً . هارييت خيار ممتاز , ما عدا عادتها في الغياب مع رجـــال
آخرين أثناء الحفلات .
ـ آه , مانيللي يريها فقط لوحاته . لا حاجة بك للغيرة .
ـ لا تكوني سخيفة . أنـا طبعاً لا أغــار .
ـ لا بأس . لا تصرخ بي . هارييت شخص مليء بالمفاجآت , كما أظنك
صرت تعلم . علي أن أعترف بأنني نصحتك بها فقط لكي أغيظك .
فقال ببرودة : (( كان علي أن أتوقع منك مثل هذه الدعابات . أنت لم
تكبري منذ طفولتك عندما كنت أنقذك من على الأشجار التي كنت
تتسلقينها . يمكنني أن أعتني بنفسي ولكن هل فكرت أنك بذلك ربما تؤذين
هارييت )) .
ـ أتعني أنها قد تكون قد وقعت في حبك ؟ هذا هراء , يا عزيزتي . مــا
كنت لأفعل هذا لو لم أكن واثقة منه . فأنا أعلم أنك غير قادر على الحب .
وهي أيضاً , ألم تعلم أنت هذا بعد ؟
قالت هذا ضاحكـة , ثم ســارت في طريقها موفرة عليه ضرورة الإجابة .

* * *
نهاية الفصــ ـل (( السابع )) . . .

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 24-06-12 10:44 PM

أممممممممم
أتمنى أن يكون مانيللى مطول معاً بالقصة لأن وجوده بيخلى ماركو يتصرف تصرفات تعجبنى
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13405706181.jpg

جمره لم تحترق 27-06-12 02:54 AM

اعتــذار
 
زهورة شكراً لأنك كنت دومـاً متابعة
واعذريني عل التأخير . . ولكن كنت مريضة شوي
والتعب هد حيلي وعكر مزاجي مع إن الاجزاء كلها تم كتابتها فقط المراجعه


فـغداً بإذن الله الخمس فصول المتبقية سيتم أنزالها
موعدنا غـــــداً
السموحة من الجميع . .

http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:00 PM

8 ـ منزل العاشقــين
 
8 ـ
منزل العاشقــين
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif
سبق أن تنبأ ماركو لهارييت بشهرة عالمية , وها هي ذي تكتشف صحة
كلامه . فخبر اقتحامها (( حاجز مانيللي )) سرعان ما انتشر في روما , وتهافت
الناس على خدمتها .
منتديات ليلاس
قال لها ماركو ذات مساء : (( جئتك الآن شفيعاً . إثنان من زملائي في
العمل يريدان أن يستشيراك لكنك تتجنبينهما . وقد وعدتهما بأن أستعمل
نفوذي , فهما يعتقدان أن لي نفوذاً لديك )) .
قال جملته الأخيرة تلك ساخراً , فقات هارييت : (( تلك فطنة مني ,
فلأنهما زميلاك , بدا لي أن الأفضل ألا ألبيهما . إفرض أن نصيحتي
كانت خـاطئة ؟ )) .
منتديات ليلاس
فقال بمكر : (( وهل ذلك ممكن ؟ )) .
ـ أخبرهما عن القلادة .
كلما قل الكلام عن تلك القلادة الأثرية كلما كان أفضل . وقال لها
مداعباً : (( هل لي أن أبلغ زميلي أن نفوذي معك كان ناجحاً ؟ )) .
ـ أراهن على أنك سبق وأبلغتهما ذلك .
فضحك ولم ينكر .
منتديات ليلاس
لكن هارييت لم تحاول التقرب منه أكثر , إذ كانت تعلم أن لا جدوى
من ذلك . فبعد تلك الجلسة معاً في الحديقة عاد ماركو إلى قوقعته أكثر من
ذي قبل , وبات حذراً مما قد يحدث بينهما .
من حسن الحظ أنها لم تقع في حبه . وقد اقترب الوقت الذي سيفترقان
فيه ويذهب كل منهما في سبيله . هو ليجد عروساً مناسبة في مكان آخر ,
وهي إلى شقة خاصة بها في المدينة .
ذلك أنها قررت البقاء هنا . وبمساعدة ماركو ستستخلص تراثها
الإيطالي , وستكون دوماً شاكرة له ذلك . ولكن بما أن مزيداً من الناس
أخذوا يستعينون بخبرتها ومهارتها , أدركت أنها تضع الآن الأساس لحياة
جديدة هنا , هو ليس جزءاً منها .
منتديات ليلاس
وهكذا , عندما طلب منها أن ترافقه في رحلة لزيارة زبون له يعيش في
(( كورزينا )) التي تقع على بعد مئتي ميل شمال روما تحججت بأنها مشغولة .
فقال بنفاذ صبر : (( يمكنك طبعاً أن تستغني عن يومين لأجلي )) .
ـ أنا كثيرة الانشغـال .
ـ بماذا ؟
ـ ماذا قلت ؟
ـ لا يمكن أن يكون عملك بهذه الأهمية .
ـ أنا التي أقرر ذلك . أعطني هــذا .
منتديات ليلاس
وكان قد انتزع الدفتر الذي دونت عليه ملاحظــات عن عملها الحالي .
وقرأ : (( متحف الفاتيكان )) .
ـ طلب مني السنيور كاريللي أن أتفحص بعض المراجع لأجله .
هذه إذن حقيقة ساحقة حيث أن كاريلي هو أحد الزميلين اللذين
توسط لهما كارلو عند خطيبته . لكن هذا لم يؤثر فيه , فقال : (( ليس لديه
مانع من الانتظار )) .
هي تعلم أن هذا صحيح , فقد كانت تبحث عن عذر ولم تكن متأكدة
لماذا تقوم بذلك , لكنها أرادت أن تبتعد عنه , وربما من الأفضل أن تبقي
الأمر كذلك . فقال بحزم : (( أنا لن اطلب منه أن ينتظر . لقد وضعت
برنامجي وأريد أن أبقيه كما هو )) .
منتديات ليلاس
فقال متوتراً : (( حسناً . لن أسألك مرة أخرى . أرجو أن تخبري أمـي
بأنني جئت وأنني ســأسفر بقية الأسبوع )) .
وعندما خرج بدا كل شيء لها غاية في الغباء . لماذا عاندته بهذا الشكل ؟
لماذا رفضت أن تمضي يومين في صحبته ؟
إنها خائفة مما قد يحصل بينهما , هذا كل ما في الأمر . وخروجه قد
أراحها لأن تغيير رأيها لم يعد بالمستطاع . وهذا لا يعني أنها كانت ستغير
رأيها .
في اليوم التالي تأخرت لوشيا في النوم , فتناولت هارييت فطورها
وحدها . وكانت قد أنهت قهوتها لتوها عندما دخل ماركو . خفق قلبها
سروراً بشكل لا يمكن تجاهله , لكنها أخفت ذلك .
هتفت تقول : (( ظننتك قد رحلت باكراً )) .
منتديات ليلاس
في الواقع لقد شرع في رحلته عند الفجر , وسار حوالي عشرين ميلاً , ثم
أوقف السيارة ونزل منها ووقف متأملاً مناظر الريف . بقي واقفاً حوالي
نصف ساعة قبل أن يصعد إلى السيارة ويعود إلى المنزل .
قال بهدوء : (( لقد عدت لأنني أريد أن تكوني صادقة معي . أريد أن
أعرف السبب الحقيقي لرفضك الحضور إلى (( كورزيتا )) .
ـ سبق وأخبرتك . . .
ـ نعم , أخبرتني , لكنه غير صحيح . وكلانا يعلم ذلك . أريد السبب
الآخر . . . السبب الذي لا تستطيعين أن تخبريني به .
منتديات ليلاس
تملكها الحذر والسرور معاً . أتراه حقاً تكهن بأنها تراجعت لأنها خافت
من أن تزداد مشاعرها قوة نحو رجل غير قادر على مبادلتها ذلك ؟ أم أنه
يبادلها شعورها هذا , وهذه هي طريقته في الإفصاح عن ذلك ؟
ـ ماركو . . .
فقال بلهفة : (( هارييت , أنا أعلم . هــل ظننت حقــاً أنني لن أتكــهن
بالحقيقة ؟ )) .
فهتفت دون جرأة على الأمل : (( هل تكهنت حقاً ؟ )) .
ـ عندما اجتهدت في التفكير , اتضح الأمر لي . خصوصاً بعد مــا حدث
ليلة الحفلة . . . هارييت , قد لا أكون حساساً للغاية , ولكن أظنني أعلم
هذا . دوماً كنا صادقين مع بعضنا البعض , فلماذا لا تخبريني . . . ؟ لا , هذا
غباء , أليس كذلك ؟ كيف يمكنك أن تتكلمي بجرأة عن أمر حساس كهذا ؟
ـ ماركو , أتريد أن تقول . . . ؟
ـ ســأسهل الأمر عليك .
منتديات ليلاس
وتنفس بعمق وصعوبة , بينما انتظرت هي و قلبها يخفق بلهفة . وأخيراً
قال : (( أن لا تريدين أن تكوني معي وحدك . . . لأنك تخافين مما قد أفعله )) .
ـ مـا . . . ماذا ؟
ـ هذا هو الأمر أليس كذلك ؟ ولكن بإمكانك أن تثقي بي أقسـم لك .
خرجت من انبهارها السعيد إلى صقيع الحقيقة : (( فهمت . . . )) .
استطــاعت أن تقـــــول هـــذا آملة ألا يكشف وجـــهـها عــن خيبة أملــها
القاسية . وتابع هو يقول : (( إنها رحلة عمل , زبوني رجل مهم . والمصرف
يجب أن يلبي طلباته وجُل ما يطلبه حالياً هو أن يجتمع بك )) .
ـ هذا ابتزاز !
ـ نعم , أظنه كذلك ولهذا السبب عليك أن تثقي بي . بعد أن أقنعتك
تقريباً بهذه الرحلة , آخـر ما قد فعله هو أن أضعك في موقف محرج .
منتديات ليلاس
ونظر إليها بثبات : (( أرجو أنك قد فهمتني )) .
أرادت أن تضحك , ربما بشكل هستيري : (( هذا ما أظنه . أنت تعد بأن
تكون مهذباً للغاية , دون طرق على الباب في منتصف الليل . . . )) .
ـ أشك في أن غرفتينا ستكونان حتى في الطابق نفسه , لأن مضيفنا رجل
رجعي للغاية . لن يحدث شيء يا هارييت , وأعطيك كلمة شرف .
تمنت لو تضربه بشيء وتصرخ في وجهه أنها لا تريد كلمة الشرف هذه
منه , ولا تريده أن يكون مهذباً للغاية . تريده أن يعانقها كما فعل تلك
الليلة , يا له من معتوه !
لكنها بدلاً من ذلك قالت بهدوء : (( حسناً , لا بأس بذلك )) .
ـ رجوت هذا . فالأمـر هام حقاً . إنه زبون عظيم الـشـــأن . . .
فقالت بوجه مشرق : (( علينا إذن أن نجعله سعيداً . العمل يأتي أولاً
رغم كل شيء )) .
فابتسم لها : (( هذا هو مبدؤك )) .
منتديات ليلاس
ـ أتظنني سأكون مفخرة لك ؟
وضع يديه على كتفها مبتسماً في عينيها بطريقة جعلتها تحبس أنفاسها .
لو فقط . . . وقال بحرارة : (( أنت الآن مفخرة لي , وأنا مزهو بك وأريد أن
أتباهى بك . هيا أحضــري بعض ملابسك بسرعة ريثما اذهب لأرى إن كانت
أمي مستيقظة )) .
حزمت هارييت حاجياتها وسمعت تمتمة صــادرة من غرفة لوشيا ,
فدخلت إليها لتودعها : (( آسفة لرحيلي الفجـائي . . . ))
ـ اذهبي واستمتعي بوقتك حبيبتي .
منتديات ليلاس
كان النهار جميلاً , وكان طريقهما يخترق قرى رائعة . وشيئاً فشيئاً
أخذت نفسيتها تتحسن لمجرد وجودها معه . كان يقود بسرعة ولكن بسهولة
وثقة كعادته في كل شيء يقوم به .
ـ أخبرني عن هذا الرجل .
ـ إلفينو لوكي من أغنى أغنياء إيطاليا . لقد ابتدأ من لا شيء وأصبح
حيث هو الآن بجهده وذكائه . وهو مستشاري منذ سنوات .
منتديات ليلاس
ـ لا أستطيع أن أتصورك مع مستشار . لا أظنك تتيح له الفرصة لأن
يقول كلمة .
فقال جاداً : (( كل شخص بحاجة إلى من يستشيره . ليس فقط في البداية
ولكن على الدوام , ليمنحك حساً برؤية الأمور بأبعادها الصحيحة . تعلمت
الكثير منه عندما كنت مجرد مبتدئ , وما زال لديه أشياء أتعلمها )) .
ـ إنه إذن دماغ مالي كبير ؟
ـ بل الأكبر . إنه يؤمن بالتركيز ولا يرفع عينيه عن متابعة أعماله
المنتشرة في العالم .
ـ أتعني أنه لم يهتم في حياته بشيء عدا المعاملات المالية ؟
ـ لقد تزوج وكانت له أسرة , لكنه ترمل منذ عشر سنوات .
ـ أراهن على أنه تزوج امرأة ثرية .
ـ لا , بل سكرتيرته .
ـ آه , نعم . لا شيء أفضـل من ضمان عمالة رخيصة .
فضحك : (( قد ترينه على شيء من الصلابة والتزمت , لكنك ستحبينه
عندما تعرفيه جيداً )) .
ـ ولكن لماذا يريد التعرف إلي ؟ هل يريد أن يختبرني إن كنت مناسبة ؟
وإذا سقطت في الاختبار هل سيطردني ؟
ـ لا تكوني سخيفة . أظنه فقط يشعر بالوحدة .
ـ بالوحدة ؟ مع كل ذلك المال ؟
ـ أرجوك يا هارييت لا تقولي مثل هذا الكلام أمامه . أنا أعلم أن هذه
مزحة , لكنه لن يفهم ذلك .
منتديات ليلاس
ـ ها قد ميزت النكتة . الأفضل ألا تدعه يعلم ذلك وإلا فلن تبقى
تلميذاً له حتى يبيض شعرك .
لم يجب من باب اللباقة .
وعندما توقف لتناول الغداء , اتصل ماركو بإلفينو لوكي ليعتذر إليه
عن تأخرهما . واستطاعت هارييت أن تسمع صوت الرجل : ( أنت تتأخر ؟ لا
بد إنها المرة الأولى ! لا شيء يغير عادات ماركو كالـﭭـاني سوى شيء غير
عادي )) .
فقال ماركو : (( وهذا ما حدث )) .
منتديات ليلاس
ـ حسناً , أنا متلهف لرؤيتها . لدي أنا أيضاً مفاجأة صغيرة .
وصلا إلى (( كورزيتا )) عند العصر . وهي مدينة صغيرة قديمة مبنية على
ضفاف بحيرة . عند وصولهما إلى الفيلا , انفتحت أمامهما بوابة حديدية
ضخمة للغاية , وسرعان ما لاح لهما البيت . وهناك على الدرجات كان
بانتظارهما رجل طويل أبيض الشعر ذو وجه مميز . وبجانبه شابة صغيرة
السن أشبه بدمية رقيقة ذات شعر كثيف أشقر تلبس ثوباً قصيراً واسعاً . أما
عيناها فكانتا واسعتين بريئتين .
وتمتم ماركو : (( يا إلهي , يا له . . . )) .
وتقدم لوكي ليحييهما بذراعين ممدودتين . وبعد أن قبل هارييت على
خديها , أظهر مفاجأته : (( أقدم إليكما جينيتا , زوجتي . لقد تزوجنا بشكل
مفاجئ وأنتما أول من يعرف بذلك )) . منتديات ليلاس
سيطر ماركو على أعصابه وحيا السيدة لوكي باحترام بالغ , لكن
هارييت استطاعت أن تقرأ أفكراه . كان إلفيتو أكبر من عروسه بثلاثين سنة
على الأقل , وكان سروره بها واضحاً من خلال المجوهرات التي أثقلها بها .
كانت بانتظارهما صدمة أخرى . مع أن ماركو قد وصف لوكي بأنه
رجعي قديم الطراز . لكن جينيتا الآن هي التي أعطت الأوامر , وفكرتها عن منتديات ليلاس
كيفية استضافة شخصين مخطوبين كانت عصرية . فقد منحتهما غرفتين
متصلتين بباب . قالت وهي تبتعد : (( سنكون بانتظاركما في الطابق الأسفــل
بعد أن ترتاحـا )) .
بعد أن توارت , دق ماركو على باب هارييت قبل أن يدخل : (( أرجو أن منتديات ليلاس
تعلمي أن لا فكرة لي عن هذا , لم أقصد قط أن أخلف بوعدي لك )) .
ـ أعرف هذا . أنت غير مسؤول عن وضعهم لنا معاً .
ـ مهما كان نوع تفكير لوكي عن ذلك ؟
ـ إنه يحبها . هذا واضح .
ـ ولكن أن يفاجئني بذلك ! هذه الزيارة ستكون محنة .
في البداية , ظنت هارييت الشيء نفسه , ولكن لم يمض وقت ويل
حتى ابتدأت تحب جينيتا التي بدت مولعة حقاً بزوجها المسن إذا لم تكن
مسلوبة العقل به كما هو بها . كما أن لديها عادة هي إلقاء ملاحظـات ساذجة
تستحيل , بعد التأمل , لتصبح ذكية فطنة . عدة مرات أثناء العشاء وجدت
هارييت نفسها تضحك . منتديات ليلاس
بعد الطعام أصرت جينيتا على أن تريها الفيلا , مزهوة ببراءة بهذا الترف
وحظها الجيد في العثور على زوج يمكنه إغداق الهدايا عليها . ومع هذا كان
ثمة سحابة تشوب سعادتها . منتديات ليلاس
ـ أنا مسرورة حقاً بحضورك . لقد جعلت فيني يعدني بإحضارك إلى
هنا . كثير من الزوجات لم يشأن التعرف إلي .
فقال هارييت بحرارة : (( لست أفهم السبب . أظنك مسلية للغاية ,
لكنني لست زوجة ماركو , كما تعلمين )) . منتديات ليلاس
ـ لكنكما ستتزوجان قريباً . إنه مجنون بك , الجميع يمكنه أن يرى
ذلك .
أطلقت هارييت ضحكة صغيرة بدت لها شاذة : (( ليس من عادة ماركو
أن يكون (( مجنوناً )) , وإذا كان كذلك فهو يفضل الموت على الاعتراف
بذلك )) . منتديات ليلاس
ـ إنه يبدو كذلك فقط عندما ينظر إليك على غفلة منك . وهو ينظر بهذا
الشكل طوال الوقت . لا يمكنه أن يمنع نفسه .
فقالت هارييت وقد احمر وجهها : (( كلام فارغ )) .
منتديات ليلاس
ـ هذا صحيح . وأنت أيضاً تفعلين ذلك .
ـ أنا . . .
ـ نعم , أنت تفعلين ذلك , أنتما تحبان بعضكما البعض كالمجانين .
كان من حسن الحظ أن ابتعدت بسرعة , وهي تنادي خلفها : (( هيا بنا
نبحث عن الرجال )) .
لأن هارييت ما كانت لتعلم بما تجيب .
كان الرجلان جالسين على الشرفة المطلة على البحيرة , وهما مستغرقان في
الحديث . لاحظت هارييت أن ماركو لم يكن مسروراً , رغم أنه كان يخفي
ذلك بمظهر دمث مؤدب . نهض الرجلان احتراماً للمرأتين ثم أخذ الجميع
يتمشون على الشرفة , يتــأملون ضوء القمر المنعكس على مياه البحيرة .
لم يكن لإلفينو المرح أي صلة على الإطلاق بذلك الدماغ الحاد العملي
الذي وصفه ماركو . كان غارقاً في السعادة , راغباً في أن يشاركه الجميع
سعادته . منتديات ليلاس
أعلن قائلاً : (( هــــذا بـيـت الـحـب حقـاً , ما دام يحـــوي أربـعة من العشاق .
سأشرب نخب عرسكما القادم , ونخب كل المباهج التي ستجدانها في
بعضكما البعض )) . منتديات ليلاس
وقالت جينيتا , وهي تضحك , هامسة : (( عزيزي ))
ـ إنهما عاشقان مثلنا . والآن تعال يا ماركو , إشرب معي نخب المرأة
التي تحب . منتديات ليلاس
لم تستطع هارييت أن تنظر إلى ماركو , وهي تحاول أن تتكهن كيف
سيواجه هذا العرض المرح . لكنه قال بهدوء : (( معك حق يا صديقي .
فلنشرب )) .
منتديات ليلاس
ورفع كأس العصير باتجاه هارييت فبادلته بالمثل .
فهزء إلفينو بخشونة : (( هذا لا يكفي . عانقها هيا عانقها ودع عناقك
يعبر عن عمق مشاعرك )) .
و ليوضح قوله شد ذراعه حول كتفي جينيتا وعانقها . فما كان من
ماركو إلا أن جذب هارييت ناحيته ليعانقها . رفعت يديها للحظة تبعده
عنها , فهي لم تشأ أن يعانقها بهذا الشكل إذ كانت تعلم أنه مرغم على ذلك
تهذيباً منه , وهو الذي أفهمها أنه سيتجنبها طوال الوقت .
وضع ذراعه حول عنقها بهدوء , لكن ذلك كان أكثر إثارة لأعصابها .
أمسك بيدها المرفوعة . وتمتم في أذنها : (( بادليني العناق . واجعلي المشهد يبدو
طبيعياً )) .
وفكرت بغضب أنه يريد أن يكون المشهد طبيعياً لأجل مضيفه هذا .
شدد من احتضانها وجالت يداه على كتفيها , فغمرتاها بسحر غامض جعلها
تغرق فيه . كان بإمكانها ملامسة وجهه والالتصاق به بشدة , واضعة قلبها
وروحها في ما تفعل , معتمدة على أنه لن يعلم أبداً بذلك , بل يعتقد أنها لا
تفعل كل هذا إلا مراعاة لزبونه . منتديات ليلاس
بدا ماركو مقتنعاً بدوره , مستغرقاً حالماً في عناقه , لكنها فكرت أنه
يمكن أن يخدع أي شخص , ما عداها . فتحت عينيها لترى وجهه يحوم حول
وجهها , وعينيه مسمرتين في عينيها بنوع من الذهول . وكانت أنفاسه
ترتجف .
قال إلفينو مبتهجاً : (( هكذا هو الحب . والآن حان وقت النوم أيها
العشاق )) . منتديات ليلاس
ثم حمل جينيتا وسار مجتازاً الشرفة وهو يحث ماركو ليفعل مثله .
لم يتردد ماركو لحظة واحدة , وسرعان ما وجدت هارييت نفسها محمولة
بين ذراعيه , فتعلقت به شاعرة بالدوار مشتتة الذهن وهي تفكر في الوقوف
على قدميها , وإن كانت في الحقيقة لا تريد ذلك . منتديات ليلاس
وصل إلفينو إلى قمة السلم أولاً , ثم وقف ينتظرهما .
قال مبتهجاً : (( هذه هي الطريقة المثلى للعيش , آه , أنا أعلم أن هذا ليس
ما اعتدت قوله . لكنني أكثر حكمة الآن . وهكذا أنت , يا بني . . . أليس
كذلك ؟ )) .
فتمتم ماركو بلباقة : (( أنت دوماً رجل حكيم , يا لوكي )) .
ـ تصبحان على خير .
وتلاشى صوته في الممر . لكنه سرعان ما التفت إلى الخلف ولمعت عيناه
هزلاً عندما أدارت هارييت مقبض الباب ثم أدخلها ماركو .
وفي الداخل , أنزلها على الأرض وأغلق الباب . فقالت بصوت مرتجف
هو مزيج من الضحك والإستثارة : (( الأفضل أن تقفله , لأنني لا أستبعد أن
يطل علينا ليرى إن كنا نتصرف كما يتوقع منا )) .
ـ هارييت , أرجوك . دعيني أعتذر لأجل . . . كل شيء . . . لم أكــن
أنوي قط أن أخجلك بهذا الشكل . . .
ـ أنا لست خجلى , وقد أحببه , وأنت ؟
منتديات ليلاس
ـ لم أعد أعـرف شيئاً . كنت أحترمه . لم يكن هناك من يفوقه ذكاء . أمــا
الآن . . . لا أدري ماذا حدث له .
فقالت بجفاء : (( لا , لا أظنك تدري )).
ـ لطالما كان بالغ التعقل والإتزان .
ـ حسناً , ربما يظن الآن أن للتعقل والإتزان قيمة أكثر مما يستحقان .
ماركو , إنه سعيد . ألا تدرك ذلك ؟
لكنه قال بلهجة لاذعة : (( سعيد ؟ )) .
ثم أخذ يذرع الغرفة : (( وماذا يحدث إذا خانته ؟ )) .
ـ ربما لن تفعل هذا أبداً . نعم . أنا واثقة من أنها تزوجته لأجل ثرائه ,
لكنني أظنها طيبة القلب . وهي تعامله بلطف .
ـ إنها تقوده من أنفه , جاعلة إياه عبداً لها . . .
ـ لا , بل هو يجعل من نفسه عبداً لها لأنه يحبها .
ـ هذه طريقة لتفسير الأمر ليس إلا . منتديات ليلاس
ـ أنت لا تفكر في الحب كثيراً , أليس كذلك يا ماركو ؟
فقال بعد لحظة : (( أنت لا تنصفينني . أظن للحب مكانه , لكنني لا
أحب ذلك النوع من الافتتان الذي يجعل الرجل يتصرف بحماقة )) .
ـ أو المرأة ؟
ـ آه , لا . دوماً المرأة أقوى من الرجل .
ـ هذا تحيز مثير للاشمئزاز . المرأة تــذل نفسها أمام الرجل الذي
تحب . . .
ـ أنت لم تضطري إلى ذلك قط . وهذا أحد الأسباب التي تعجبني فيك .
أنت دائمة الاتزان . حتى إن ذلك المشهد الأحمق الذي اضطررنا إلى تمثيله
هناك لم يزعجك . منتديات ليلاس
فقات بصوت خافت : (( إخرس , إخرس , إخرس )) .
إذا اضطرت إلى سماع المزيد فستجن حـتــماً .
ـ المعذرة إذا أســأت الكلام . . .
ـ وكفى اعتذاراً!
وتنفست بعمق ثم تمالكت نفسها : (( قد خرجنا عن الموضوع . لا عيب
في أن يتصرف المرء بحماقة أمام من يحب , إذا كان حبهم حقيقياً فهم لن
يهتموا لهذا . . . )) . منتديات ليلاس
فقال بعنـف : (( فليـســـاعدهم الله إذن . وليســاعـد لوكي لتصرفه
كالحمقى )) .
ـ لكنه أحمق سعيد .
توقف ماركو عن السير ورمقها بنظرة غريبة : (( هذا مجرد كلام عاطفي ,
يا هارييت . وهذا الكلام لا يعني شيئاً . فما من أحمق سعيد حقاً , لأنه
عاجلاً أو آجلاً , سيرى حماقته وسيشعر بالخزي منها . ثم يتمنى لو أنه لم
يعرف تلك الحبيبة قط )) .
فقالت بحرارة : (( أنت مخطئ بالنسبة إلى إلفينو , هو لن يأسف أبداً على
معرفته بجينيتا , لأنه , حتى ولو خسر سعادته , فستبقى تلك السعادة معه .
ولو بقي حكيماً , كما تريده , فسينتهي من دون شيء على الإطلاق )) .
بدت الكآبة على وجهه : (( من الأفضل له ألا يحصل على شيء من أن
يصاب بالمرارة )) .
منتديات ليلاس
فتنهدت : (( أيهما برأيك أفضل : الرجل الذي يثق بمن يحب , حتى لو
جعلته ثقته هذه يبدو سخيفاً بعض الشيء . أم الرجل الذي لا يثق بأي
امرأة ؟ وهو الأحمق الحقيقي هنا ؟ )) .
أطلق ضحكة قصيرة خشنة : (( أنت تعنينني , أليس كذلك ؟ كفي عن
محاولة تحليل نفسيتي يا هارييت , فأنت لا تعلمين عني ما يكفي )) .
فقالت ضارعة : (( أخبرني إذن )) . منتديات ليلاس
ـ هذا ليس مهماً . أنا كما أنا . ولا أستطيع أن أتغير الآن .
ـ هذا هو الجزء المحزن من الأمر . ليس لديك ما تعطيه سوى هذا , لا
أكثر .
شحب وجهه قليلاً : (( أنا أعطي كل ما أستطيعه )) .
ـ أعلم هذا , لكنه ليس كثيراً .
سكت لحظة طويلة , مشيحاً بوجهه إلى النافذة . وعندما عاد يواجهها
قال : (( ظنك بي سيء لأنني لم أوافق لوكي على حماقته بلهفة . حسناً , فكري
في هذا . لقد استدعاني إلى هنا لكي أساعده على تسليم نصف ثروته لصائدة
الثروات تلك )) .
ـ إنها زوجته وهي تجعله سعيداً .
منتديات ليلاس
ـ أولاده الأربعة سيخسرون نصف ميراثهم , وهم لا يعلمون بعد
ذلك . المحامون قادمون غداً . الأمر سري و يُفترض بنا التستر على هذا
العار . بالإضافة إلى أنني بإخبارك بهذا الأمر , أفشيت سر المهنة .
ـ يمكنك أن تثق بي .
ـ لم اشك في ذلك لحظة .
منتديات ليلاس
كان من حسن الحظ أنه سار عائداً إلى النافذة , وإلا لرأى نظرة الألم التي
لاحت على وجهها . خطيبها يثق بها بالنسبة إلى أسرار مهنته . وهذا مديح
بالغ من رجل له مثل مبادئه , إلا أن ما تتوق إليه هو نوع آخر من الثقة .
وقالت بحزن : (( الوقت متأخر وأنا متعبة )) .
ـ إذن فلن أتأخر أكثر من ذلك .
وفتح الباب المشترك بين غرفتهما : (( لا تنسي أن تقفلي خلفي )) .
قال ذلك محاولاً إظهار المرح . فأجابت باللهجة نفسها : (( وهل أنا
بحاجة إلى ذلك ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ لا أستبعد أن يرسل لوكي جيشاً إلى هنا ليتأكد مما نفعله . تصبحين
على خير يا هارييت .
خلعت ثيابها واستلقت في الظلام , وقد استيقظت كل ذرة في كيانها ,
متشوقة للبقاء بجانبه . إلحاح إلفينو على الحب بأي ثمن قد تركها مشتعلة
المشاعر مستعدة لما قد يحدث .
ثم تذكرت ما قالته جينيتا : (( أنتما تحبان بعضكما البعض بشكل
جنوني )) .
منتديات ليلاس
كان غريباً أن تلاحظ جينيتا التجاذب الذي تشعر هي به نحوه , وهو
نحوها . لعله لا يحبها لكنه منجذب إليها . ولو كان لديه الخيار الآن لبقي إلى
جانبها . لكنه قطع لها وعداً وهو رجل يفي بوعده . وسيقاوم ما يعتبره
ضعفــاً .
إنها تسمعه يذرع الغرفة الأخرى خلف هذا الباب ذهاباً وإياباً . هـل
يخلف بوعده ؟
توقفت خطواته , ثم عادت تستأنف السير . هل يجازف ويبــدو ضعيفاً ؟
ســاد الصمت . لقد توقفت الخطوات بجانب الباب .
منتديات ليلاس
أمسكت أنفاسها وأبقت عينيها مسمرتين على مقبض الباب الذي تحرك
ببطء شديد. وعندما انفتح الباب قليلاً صدر أزيز خفيف ثم توقف .
انتظرت أن يتحرك الباب مرة أخرى . كانت عاجزة عن التنفس وتشعر
تقريباً بذبذبات حيرة معذبة في أمر الرجل الذي في الغرفة الأخرى . ولكن
بدلاً من يفتح الباب , عاد المقبض إلى مكانه بنعومة , ثم ساد السكون .

* * *
نهاية الفصل (( الثامن )) . . .


http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:04 PM

9 ـ بين ذراعيك
 
9 ـ
بين ذراعيك
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

أمضت هارييت عدة أيام في متحف الفاتيكان روحت فيها قليلاً عن
نفسها . ظنت أن استغراقها في العالم الذي كان دوماً يمنحها القوة ,
سيساعدها على نسيان (( كورزينا )) . لكن التعويذة فشلت هذه المرة . فقد
كانت أفكارها تعود إلى ذلك الباب الذي أوشك أن يتفتح , ثم عاد فانغلق ,
الأمر الذي جرحها في الصميم . فماركو قد جرب الباب فقط ليرى إن كانت
تركته مفتوحاً لأجله , ثم رفضها . أي رسالة أوضح من هذه ! أما في رحلة
العودة , فما كان لحد أن يتبين شيئاً , إذا بدا كل شيء عادياً . ربما لم يكن
هناك شيء بالنسبة له , شعرت بمرارة . منتديات ليلاس
عادت إلى البيت في اليوم الثالث لتجد لوشيا متلهفة إلى رؤيتها : (( اتصل
أبوك وهو متشوق للغاية لرؤيتك . ونحن الثلاثة مدعوون للعشاء غداً
مساء . حاولت أن أستدعيك أنت وماركو لكن هاتفكما كان مقفلاً . ولهذا
قبلت الدعوة بإسمكما , فهل كان عملي صواباً ؟ )) .
ـ طبعاً . إنه أبي . كيف بدا صوته ؟
ـ مبتهجاً لخطبتك , وهو مشتاق إليك . بدا ودوداً جداً . آسفة يا
عزيزتي , ولكن إذا كان جيداً معك فعليك أن تسامحيه . منتديات ليلاس
جاء ماركو ليتناول معهما العشاء فسمع القصة من لوشيا :
ـ وهذا يجعل برنامجنا ضيقاً حيث أن علينا أن تستعد للسفر إلى البندقية
لحضور العرسين . ولكن عندما اقترحت إرجـاء دعوة العشاء إلى ما بعد
رجوعنا , أصر بشدة على أن تكون الدعوة غداً . من الطبيعي أن يكون متلهفاً
بهذا الشكل لكي يراك .
منتديات ليلاس
ـ إن برنامجنا أضيق مما تظنين , يا أمي . كنت أنوي أن أنام في المكتب
لأنهي أعمالي قبل السفر إلى البندقية .
ـ أظن بإمكانك أن تطلب من عمك وغويدو أن يؤجلا عرسيها .
قالت هارييت هذا لماركو بلهجة تقريع اعتادت أن تستعملها معه غالباً
فقال وقد بدا أنه يفكر في الأمر جدياً : (( هذا صحيح . لكنهما كانا غير
منطقيين بتحديد موعد عرسيهما من دون استشارتي )) .
وابتسم لها ليريها أنه يشاركها النكتة . وتساءلت هارييت عما إذا كانت
فعلاً تمزح . فهذه هي المرة الأولى التي تراه فيها منذ رحلتهما إلى (( كورزيتا )) ,
وكان قد أخبرها لتوه أنها بعد غد لن تراه مرة أخــرى لــعدة أيام . وتملكها
الذعر وهي تكتشف أنها ارتاحت لهذا , ولكي تصرف ذهنها عن ذلك ,
أخذت تفكر في أبيها فقالت للوشيا ضارعة : (( أخبريني عما قاله )) .
منتديات ليلاس
ـ مجدداً ؟ لا بأس يا حبيبتي , فأنا متفهمة . لقد سأل عنك عدة مرات .
هل أنت بخير ؟ هل أنت سعيدة بخطبتك , وهل بإمكانه أن يسلمك إلى
ماركو بضمير مرتاح ؟ كل الأسئلة التي يلقيها أي أب محب .
فقال ماركو ساخراً : (( والتي أمضى وقتاً طويلاً قبل أن يلقيها . أتســاءل
عما يكمن خلف هذا الاهتمام )) .
فهبت هارييت في وجهه : (( وهل اهتمام أبي يحتاج إلى توضيح ؟ )) .
ـ اهتمامه المفاجئ يحتاج إلى ذلك .
ـ لأنني مخطوبة , ألا يكفي هذا ؟
ـ نعم , أظن ذلك . والآن تأخر الوقت ويجب أن أذهب .
في المساء التالي , ارتدت هارييت ثوباً حريرياً أنيقاً أسود اللون محكماً
على جسمها , وملائماً تماماً مع التاج الماسي الذي أهداها إياه ماركو والذي
وضعه لها المزين على شعرها بعد أن رفعه إلى أعلى .
منتديات ليلاس
تلمست أحجار الماس بالبرودة نفسها التي حاول بها إفساد سهرتها
سلفاً , من خلال التشكيك بأبيها . قد يكون خشناً , عديم الإحساس , لكنها
شعرت بأن تعمد ذلك رغبة منه بجرح إحساسها .
توجهت هارييت ولوشيا معاً في سيارة خاصة إلى منزل عائلة دستينو ,
في حين كان على ماركو أن يوافيهما بعد عمله مباشرة , كان والد هارييت
منتديات ليلاس
يعيش في أكثر مناطق روما حداثة قرب كنيسة القديس بطرس , وعندما
وصلتا رأتا ماركو خارجاً من سيارته , فأخذ يتأمل روعة هارييت وأناقتها
ثم أومأ برأسه : (( كنت أعلم أن التاج يلائمك . لا يمكن لأي امرأة أن تلبسه
سواك )) .
وعندما اقتربوا من الباب الأمامي العريض المشرع الذي تنساب منه
الأنوار على الحدائق , ظهر أبوها فاتحاً ذراعيه وهو ينظر إليها : (( هارييت , يا
ابنتي العزيزة , مضى وقت طويل ! )) .
عانقها بحرارة للمرة الأولى منذ سنوات . وكان يضع عطراً خانقاً
فجاهدت كيلا تجفل . بدا أكبر من عمره وسميناً جداً . وأنبأها حدسها بأن
هناك شيئاً زائفاً ومبالغاً فيه في استقباله لها . لكنه أبوها وقد طال شوقها إلى
هذه اللحظة , لذا ابتسمت وحدثت نفسها عن روعة ذلك .
منتديات ليلاس
تدفقت ابتساماته للوشيا , وحيا ماركو وكأنه أخ قد فقده منذ زمن
بعيد . وكان ماركو كعادته , مهذباً دمثاً , لكن تصرفاته كانت تنقصها
الحرارة . فقد أثار اشمئزازه تذلل هذا الرجل وتزلفه , وأحست هارييت
بذلك بالرغم أن أباها لم يحس به , ولا زوجته أيضاً . رأت هارييت أن زوجة
أبيها الشريرة قد حلت مكانها امرأة نحيلة قصيرة , القامة , أصبحت فجأة
متلهفة إلى إعلان نسبها من ابنة زوجها التي كانت سابقاً تحتقرها .
وحدها أولمبيا تصرفت بشكل طبيعي . قبلت ماركو على وجنتيه وكأنها
أخته الصغرى وعانقت لوشيا وهارييت ثم راحت تساير الجميع لتخرجهم
من الشعور بالحرج .
منتديات ليلاس
عندما ابتدأ بقية الضيوف يتوافدون , راح غويزيب دستينو يرحب بهم ,
فأخذت هارييت أختها جانباً , مقاومة محاولة أولمبيا الهرب .
ـ عزيزتي . علي أن أستقبل الضيوف , أنا حقاً مشغولة جــداً .
ـ يمكنك أن تقومي بذلك بعد أن تمضي بعض الوقت معي . لماذا
يتصرف أبي وكأنه لم يعرف بخطبتي إلا الآن ؟
ـ لأن هذه هي الحقيقة . الرسالة الهاتفية التي تركتها له عند وصولك لم
تصله قط . أمي ألغتها .
ـ لكنك عرفت ذلك في حفلة مانيللي . ألم تخبريه . . ؟
منتديات ليلاس
ـ لا , لم أخبره لأنني خفت أن يزداد جنونه مني كما حدث عندما عرف
بأنني رفضت خطبة ماركو . إنه اللقب . كمـا تعلمين .
ـ لكنه ليس لقب ماركو .
ـ يا عزيزتي إنه إبن أخ (( كونت )) . أبي رجل متكبر , وأمـي أسوأ منه .
حقاً علي أن أذهب . هناك من يناديني . . .
وأسرعت مبتعدة تاركة هارييت تستوعب ما قرأت بين السطور . أراد
أبوها أن يكون ماركو في أسرته بصفته زوج أعز ابنتيه عليه , لكن أولمبيا لم
تتكرم عليه بذلك . فتذكر أن هارييت هي أيضاً ابنته . وقد تقوم بذلك بدلاً
من أولمبيا . حتى أنه رقاها إلى مركز الأبنة المفضلة الآن بعد أن أصبحت نافعة
له .
منتديات ليلاس
كانت الحفلة في أوجها . وقد قام والدها بالكثير نحوها , والأكثر نحو
ماركو . أحياناً كان يكرر السؤال نفسه عدة مرات عندما يخونه الوحي . بعد
خيبة الأمل القاسية التي مُنيت بها هارييت في البداية وجدت نفسها تشعر
بالشفقة عليه . كما أن خجلها ازداد عندما راح والدها يقدمها إلى الناس
بصفتها ابنته المخطوبة إلى ابن أخ (( الكونت كالـﭭـاني )) .
ظنت أنه لا يمكن للأمور أن تصبح أسوأ مما هي عليه لكنها مخطئة في
ذلك . فقد أخذ غويزيب يتحدث عن روعة الوقت الذي ستمضيه ابنته
الغالية في العرسين اللذين ستحضرهما في البندقية الأسبوع القادم , مكرراً
قوله إنه سيفكر فيها وعليها أن تذكره عند الكونت كالـﭭـاني ( صديقه القديم
العزيز ) . فشعرت هارييت بالخزي بعد أن خطر لها أن أباها يلمح إلى دعوته
للعرس . ولعله السبب الأساسي الذي حال دون تأجيل هذا اللقاء .
منتديات ليلاس
لم تكن تجرؤ على النظر إلى ماركو , لكنها عندما فعلت كان وجهه مجمداً
بقناع من الأدب . عند أول فرصة ممكنة اعتذر وانسحب مبتعداً . وتمنت لو
تنشق الأرض وتبتلعها .
كان خلف المنزل حديقة زجاجية فسيحة مليئة بالنباتات جلس فيها عدد
من الضيوف المسنين يتحدثون . وعندما رأى ماركو أمه , تقدم نحو المدخل
حيث سمع صوتاً أنثوياً متغطرساً : (( إنها شابة غير عادية , وإنكليزية أكثر
منها إيطالية , بالرغم من اسمها , بصراحة يا لوشيا أنا أعجب لاختيارك مثل
هذه الزوجة لابنك , هارييت ينقصها الصقل ولن تكون واحدة منا أبداً )) . منتديات ليلاس
ساد الصمت عندما ظهر ماركو هناك , وراح يتأمل البارونة ألاري ذات
الوجه النحيل والعينين الباردتين , وهي امرأة عوضت بالكبرياء والحقد ما منتديات ليلاس
ينقصها من كل شيء آخر تقريباً . اكتشافها أن ماركو قد سمعها جعلها
تسكت , ولكن من الشعور بالضيق وليس الخزي .
قال : (( أظنه لم يخطر ببالك , سيدتي , أن خطيبتي لا تحاول أن تكون
واحدة منا . إنها امرأة متفردة , شجاعة , واستثنائية ذات تفكير متميز وذكاء منتديات ليلاس
نادر . وباختصار , هي بالضبط ما أتمناها أن تكون )) . منتديات ليلاس
منذ سنوات كثيرة لم يكلم أحد البارونة بهذه الحدة , ولهذا لم تجد جواباً
فورياً ذكياً , فقالت بحدة : (( أظن من الطبيعي أن تدافع عنها , ولكن حذار
من الدفاع عنها بشكل فظ , أيها الشباب . أعتقد أن زوجــي أحد أهم
زبائنكم )) .
فقال غاضباً : (( زبائننا كلهم مهمون , وسامحيني إذا كنت لا أحبذ
الحديث عن ذلك مع أحد غير زوجك . فإذا أراد أن ينقل أعماله إلى مصرف
آخر , فهو سيعلمني بذلك دون شك . عن إذنك )) .
وعندما خرج , نهضت لوشيا وتبعته متأبطة ذراعه : (( خيراً فعلت يا
ولدي , فأنا لا أطيق تلك المرأة . إنها خاتمة سعيدة لسهرة غير سعيدة )) .
فسألها : (( هل ستغادرين السهرة الآن ؟ )) .
ـ نعم فأنا متعبة قليلاً . سيقلني السائق إلى البيت بينما تــأخذ أنت
هارييت فيما بعد . منتديات ليلاس
ـ أظنها بحاجة إلى التحدث معك فأنا واثق أنها رأت الحقيقة بالنسبة إلى
هذه الليلة .
ـ هذا أكيد . لقد أغمضت عينيها عن الحقيقة لأنها كانت تريد أن تشعر
بحنان الأب , لكنها أكثر ذكاء من أن تستمر في إغماض عينيها . رجل فظيع
متكبر ! لا أدري كيف تلد إيتا مثله , لكن الشخص الذي ستحتاج هارييت
إلى التحدث إليه هو أنت . منتديات ليلاس
ـ أمي , ماذا أستطيع أن أقول لها ؟
ـ يا ولدي , إذا كنت لا تعرف كيف تواسيها عندما تكون تعيسة , كل
ما أستطيع قوله إن الوقت حان لكي تتعلم ذلك .
ـ ســأبذل جهدي . منتديات ليلاس
فقالت بقلق : (( ماركو , كيف تسير الأمور بينك وبين هارييت ؟ )) .
فهز كتفيه : (( لست أدري ! إنها أحياناً باردة وأحياناً متحمسة . أظنها
ترفضني )) .
ـ كلام فارغ . وهل يمكنها ذلك ؟
فقال ضاحكاُ بشكل صبياني : (( هذا كلام الأم )) . منتديات ليلاس
وقبل خدها : (( تصبحين على خير يا أمي )) .
شعرت هارييت وكأن السهرة لن تنتهي أبداً . وعندما ودعتهم لوشيا
تمنت لو تذهب معها , لكن الوقت كان لا يزال مبكراً . ثم ظهر ماركو
بجانبها حاملاً فنجان قهوة كانت هي بأشد الحاجة إليه : (( إصبري , وأعدك
بأن أخرجك من هنا بأقرب وقت ممكن )) .
ـ هل تبدو قلة الصبر واضحة علي إلى هذا الحـد ؟
ـ يبدو عليك وكأنك اكتفيت .
ـ آه , أرجو ألا أكون قد جرحت أياً ممن لهم علاقات هامة معكم في
العمل .
ـ لا , بل أنا الذي فعلت ذلك , ولكن لسبب وجيه . سأخربك بالأمر
فيما بعد . منتديات ليلاس
ـ ماركو , يا ولدي العزيز !
وكان هذا أبوها يربت على كتف ماركو : (( لقد ودعت لتوي أمك . إنها
سيدة رائعة . فهمت طبعاً أنها تريد أن توفر طاقتها للسفر إلى البندقية
الأسبوع القادم , فالأعراس مرهقة للغاية , خصوصاً الفخمة .
أراهن على أنهم لا يستطيعون تذكر كل المدعوين . . . )) .
لم تعد هارييت تستطيع التحمل , فابتعدت عنهما تاركة ماركو في قبضة
أبيها . استاءت من نفسها لتصرفها هذا لكنها كانت على وشك الصراخ .
وبعد ساعة وجدت ماركو بجانبها مرة أخرى , وقال : (( لم يكن ذك لائقاً
جداً منك . لكنني لا ألومك . هيا بنا نخرج , إلا إذا أردت البقاء )) .
فقالت بلهفة : (( بل أخرجني من هنا )) .
منتديات ليلاس
استغرق التوديع ساعة أخرى , وسار أبوها معهما إلى السيارة وهو
يتحدث دون انقطاع , حتى أصبحا أخيراً في طريقهما . لاذت هارييت
بالصمت في مقعدها إلى أن خرجت السيارة من روما . وأخيراً انتصبت
جالسة : (( كنت تعلم أليس كذلك ؟ أنت علمت حالما سمعت عن الدعوة .
وهذا ما كنت تحاول أن تنبهني إليه الليلة الماضية )) .
منتديات ليلاس
ـ تكهنت بأن هناك سبباً جعله يتذكر فجأة أنه أبوك . أنا آسف . كان
ذلك منزعجاً بالنسبة لك .
بدت كلماته رقيقة لكنه لم يمسك بيدها وبقيت عيناه مركزتين على
الطريق . وعندما توقفا خارج الفيلا قال : (( لن أدخل . علي أن أعود لإنجاز
بعض الأعمال . تصبحين على خير )) .
ـ تصبح على خير .
منتديات ليلاس
قالت هذا بصوت أجش , وثم ركضت إلى البيت وصعدت السلم .
كانت تريد أن تنفرد بنفسها , وفي الوقت نفسه كانت بحاجة إلى أحد
بجانها . لكنها لم تجد مواساة من ماركو و وكلما أسرعت في التخلص منه
كلما كان ذلك أفضـل .
ألقت بحقيبة يدها جانباً وأعادت تاجها الماسي إلى علبته , ثم وقفت عند
النافذة في ضوء القمر , شاعرة بالوحدة والكآبة , لقد سلب منها هذه الليلة
شيء علمت أنها لن تستعيده أبـداً . ربما كان هذا أملاً واهياً , لكنها تشبثت
به , وقد انتهى كل شيء الآن . مر الوقت من دون أن تدرك المدة التي أمضتها
واقفة عند النافذة , وإذا بها تسمع نقراً على الباب . وفي الخارج رأت ماركو ,
وكان قد خلع سترته وفك ربطة عنقه , وهو يحمل بيده إبريقاً وفنجاناً . قال
ببساطة وهو يدخل الغرفة : (( أحضرت لك شيئاً أنت بحاجة إليه . شاي
إنكليزي )) .
منتديات ليلاس
جلس وسكب لها فنجاناً , وكان ممزوجاً بالحليب تماماً كما تحب .
ـ هذه فكرة رائعة . شكــراً .
جلست على الأريكة وجلس بجانبها . نظرت في عينيه فرأتهما قاتمتين
رقيقتين للغاية . فقالت : (( ظننتك ذهبت إلى شقتك )) . منتديات ليلاس
ـ لقد غيرت رأيي . دخلت البيت وانتظرتك أن تعودي إلى الطابق
الأسفل . فكرت في أنك ربما كنت بحاجة إلى أن تتحدثي إلي . وعندما لم
تعودي , حسناً . . . ربما ابتدأت أفهمك الآن . افترض أنك بحاجة إلى من
يصغي إليك . إنني أصلح تماماً لهذا . منتديات ليلاس
فقالت برقة : (( شكراً لحضورك . ولكن ليس هناك ما أقوله . لقد
استوثقت من شيء أظنني دوماً كنت أعرفه . وكان علي أن أواجهه منذ
سنوات , وكنت أظن أنني فعلت ذلك . لكنني كنت مخدوعة )) .
ـ أنت لن تعيري اهتماماً لما قاله أو فعله , أليس كذلك ؟ منتديات ليلاس
ـ لا , طبعاً . وعلى كل حال , كان يقول ما ينبغي أن يقوله , ويبالغ
بالاهتمام بي , تماماً كما كنت أحلم دوماً . لكن . . . لكن . . . لم أكن أنا محط
اهتمامه , وإنما أنت . إنه مدع . وحسب رأيه أنا أغريت إبن أخ كونت ,
وفجأة عدت فأصبحت ابنته مرة أخرى .
ـ هارييت , كفى . أنت امرأة ممتازة , جميلة , ذكية , وقوية . وقد بنيت
بمواهبك حياة مستقلة . فأنت لم ولن تحتاجيه أبداً .
ـ أعرف , أعرف . وهذا غباء , أليس كذلك ؟
وانهمرت الدموع من عينيها فجأة , فوضعت الفنجان من يدها بسرعة
وقد فقدت السيطرة على نفسها : (( لماذا أرى للأمر أهمية الآن ؟ لم أعد طفلة )) .
وانتهت بشهقة خشنة وإذا بذراعيه تحيطان بها , تضمانها إليه بعناق
وحنان لم تره من أبيها قط .
منتديات ليلاس
ـ أظن أن طفولتك لم تفارقك يوماً في الحقيقة . فأشباحها تسكنك طوال
حياتك .
تشبثت به , عاجزة عن التوقف عن البكاء . لقد تدفقت أحزان السنين
ولم تستطع سوى الاستسلام لها . وقالت بصوت مختنق : (( هو لم يحبني
يوماً )) .
ـ كان يحبك في البداية . أتتذكرين ما أخبرتني به ؟ كنتما تحبان بعضكما
البعض كثيراً .
منتديات ليلاس
ـ لا , لم يحبني , وإلا لما طردني .
فتنهد : (( لا أدري . بعض الناس يحبون بذلك الشكل . ويكون حينذاك
حقيقياً تماماً . . . لكنه سطحي . وآخرون يقومون بذلك بشكل مختلف )) .
وعاد يحتضنها قائلاً وقد فاجأته بنوبة بكاء أخرى : (( أنا هنا . . . أنا
هنا )) .
حاولت أن تتكلم لكنها لم تستطع أن تنطق بكلمات مترابطة . فسألها
برقة وهو يحيط وجهها بيديه ويرفعه لكي يراها بشكل أفضل : (( ما هذا ؟
أخبريني )) .
منتديات ليلاس
فقالت بصوت مختنق : (( لا شيء . أنا بخير الآن )) .
ـ لا أظن ذلك
وأخرج منديلاً نظيفاً أخذ يمسح به وجهها المبلل بالدموع . وكان
شعرها ينسدل على يديه . سألته بصوت مرتجف : (( كيف أبدو ؟ )) .
ـ كفتاة صغيرة عرفت لتوها أن أباها لا يحبها . لكنك لن تستسلمي
لليأس . أنت تعرفين العالم ما زال يحمل لك الكثير .
فقالت بصوت أجش : (( لا أدري ما الذي يحمل لي العالم لا أظنني الآن
أهتم لهذا )) .
منتديات ليلاس
فقال بهدوء : (( إياك أن تتحدثي بهذا الشكل مرة أخرى . فهذه طريقة
الضعفاء , وأنت قوية يا عزيزتي . أنت ممن يصارعون الحياة حتى يهزموها )) .
نظر إلى وجهها لحظة , ثم ضمها إلى صدره ليوقظها على حياة مفعمة
باللهفة والشوق . وأخذت يداها تتحركان على ظهره متجاوبتين لعناقه . لم
يكد يصدق ذلك , فتملكته لحظة شك كافية لأن تجعله يرفع رأسه ليلقي
عليها نظرة مضطربة . لكنها مدت ذراعيها حول عنقه لتعيده إلى أحضناها
مجدداً وقد شعرت أن هذا هو مكانه الطبيعي .
منتديات ليلاس
عاد يعانقها برقة ويهون عليها حزنها . فرحبت بعناقه وأنبأتها لمساته أنه
بحاجة إليها بقدر ما هي بحاجة إليه . فهي لم تعرف يوماً عناقاً ساراً إلى هذا
الحد . أخذت هارييت نفساً طويلاً مرتجفاً . وشعرت كأن روحها أصبحت
حرة . هو ذا الرجل الذي تريده . الرجل الذي يهز مشاعرها كالزلزال . منتديات ليلاس
ما كانت لتصدق أبداً أنه بهذه الرقة . لم يبدُ لها أنه الشخص نفسه الذي
يسيطر على عالمه , بل كان أقرب إلى الرجل الذي كانت واثقة من أنه يعيش
في داخله , وبإمكانها أن تقنع ذلك الرجل بالخروج . كانت واثقة من ذلك .
حاولت أن تتلكم , لكن ماركو وضع إصبعه على شفتيها , وذراعيه
حولها وهو يتمتم مطمئناً , وما لبث وهن بالغ أن حل بها حتى سقطت نائمة
بين ذراعيه .
منتديات ليلاس
وعندما استيقظت في الصباح الباكر , أدركت أنها نامت من شدة التعب
في الليلة السابقة وأنه وضعها في سريرها من دون أن يوقظها .

* * *
نهاية الفصل (( التاسع )) . . .


http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:07 PM

10 ـ أعراس البندقية
 

10 ـ
أعراس البندقية
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif
بعد ثلاثة أيـام , سـافر الجميع إلى البندقية . توجهت هارييت ولوشيا من
الفيلا إلى المطار حيث لاقهما ماركو .
ـ هل أنت واثقة من أنك بخير ؟ أنت شاحبة جداً , كما أنك هادئة منذ
يومين .
ـ كل ما في الأمر أنني لا أحب ركوب الطائرة . منتديات ليلاس
بدت هادئة جداً , وذلك من اللحظة التي أدركت فيها أن ماركو تركها
وحيدة وكأنه تخلص منها . لقد برأته من تهمة تعمد القسوة , فهي لن تنسى
أبداً أنه عاد إلى البيت ليواسيها . وكم أبدى من التفهم ! لقد شعر معها كما
لا يشعر بذلك سوى رجل حساس للغاية . وهي دوماً ستحبه لذلك .
لكنه , من ناحية أخرى , تركها وحدها نائمة وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة
ليرحل . منتديات ليلاس
في اليوم التالي أخبرتها لوشيا بحماسة عن مواجهة ماركو مع البارونة
ألاري وكيف أنه جازف بخسارة زبون هام دفاعاً عنها . هذا أيضاً نبه قلبها ,
لكنه عاد فهدأ عندما أدركت أنه لم يخبرها بذلك بنفسه . بإمكانها أن تفهم
الحذر الذي جعله ينكمش عن الناس وهي تشفق عليه لهذا , لكنها لا
تستطيع أن تتحمل المزيد . لذا قررت الرحيل بعد العرسين بأسرع ما يمكن .
ذلك سيحطم قلبها , لكنها سرعان ما ستتعافى . منتديات ليلاس
بعد اتخاذها هذا القرار , تجنبته إلى حين انتهاء العرسين , مصممة على
ألا تفسدهما لأجل أي شخص . في مطار روما حيت ماركو بتحفظ هادئ ,
وبابتسامة لم تكشف أكثر مما كشفت ابتسامته . إنها أول زيارة لها إلى البندقية
وهي تنوي أن تستمتع بها ومن ثم تحزن قدر ما تشاء . وصلوا إلى البندقية
قبل يومين من الزفاف الأول . كان غويدو ودولسي ينتظرانهما في زورقين
ليأخذاهم إلى البحيرة المالحة , وأحد الزورقين كان يقوده غويدو بنفسه . منتديات ليلاس
ـ أنت محظوظة أنه لا يحاول أن يأخذك في زورقه (( الغوندولا )) .
قال دلوسي هذا وضحكت مشيرة إلى بداية تعارفهما عندما ظنته سائق
الزورق وتركها هو تعتقد ذلك , ظناً منه أنه يوقعها , بهذا , في شباكه , بينما
الحقيقة هي أنها هي التي أوقعته في شباكها .
منتديات ليلاس
كان قصر آل كالـﭭـاني تحفة تراثية نفيسة للغاية . وسرعان ما شرعت
هارييت في اكتشاف نواحيه . جاء ليو في اليوم التالي , وقد بدا أقل إشراقاً مما
عهدته هارييت . كانت هي و دولسي مولعتين به . وسرعان ما تكهنتا بما
يزعجه . جلسوا معاً على أريكة كبيرة , كل منهما من جهة ثم ابتدأتا
الهجوم : (( لقد وجدتها أخيراً )) .
قالت هارييت هذا , فتصنع الغبــاء : (( وجدتها ؟ )) .
فضربته على كتفه : (( أنت تعرف من أعني . أعنيها هي )) .
وتذكرت أنه كان في أعماقه راعي أبقار , فأضافت : (( المرأة التي أوثقتك
بحبالها )) .
منتديات ليلاس
وسألته دولسي (( ما اسمها ؟ )) .
فأجاب : (( سيلينا . لقد عرفتها في تكساس . مكثنا في المزرعة نفسها بعد
أن تعرضت لحادث في عربتها )) .
وسكت . فسألتاه بنفاذ صبر : (( وبعد ذلك )) .
ـ تدربنا معاً للظهور في الحفلة الاستعراضية للفروسية التي يقيمها رعاة
البقـر .
ـ وبعد ذلك ؟
ـ سقطت عن ظهر الحصان , وكذلك أنا . لكنها سقطت أثناء التدريب
بينما سقطت أنـا أمام جمهور يعد بالآلاف . لكن كلينا سقط .
منتديات ليلاس
فقالت دولسي برزانة : (( وهكذا اشتعلت نار الحب )) .
فقال ليو : (( كان ذلك رائعاً )) .
وتنهد كرجل يتذكر أيام الهناء . لوت هارييت شفتيها وعيناها تتقابلان
مع عيني دولسي بمرح . وقالت : (( كان عليك أن تحضرها إلى هنا لنتعرف
عليها )) .
ـ هذه هي المشكلة , لا أدري أين أجدها .
منتديات ليلاس
فسألته دولسي : (( ولكن ألم تتبادلا الأسماء والعناوين ؟ )) .
ـ نعم , ولكن . . .
وأخذ يسرد المشاكل التي فصلته عن حبه الحقيقي , منهياً بقوله عباساً :
(( وقد لا أراها مرة أخرى أبداً )) .
وإذا بالرجال ينادونه , فوقف مندفعاً ليلحق بهم . لم تنظر دولسي
وهارييت إلى بعضهما البعض . لكنهما انفجرتا معاً بالضحك .
فقالت هارييت وقد أنبها ضميرها : (( آه , ما كان لنا أن نضحك )) .
فقالت دولسي بصوت مختنق : (( أعرف هذا . لكنني لم أستطع أن أمنع
نفسي . هل سمعت من قبل مثل هذه القصة الجنونية ؟)) .
فهزت هارييت رأسها : (( مسكين ليو . هذا لا يمكن أن يحدق إلا له )) . منتديات ليلاس
وفي اليوم التالي احتشد الجميع في كنيسة (( سانت مارك )) لعقد زواج
الكونت كالـﭭـاني على حبيبته ليزا . وكان أبناء أخوة الكونت الثلاثة هم
الشهود . بينما لليزا ثلاث وصيفات . بدت حفلة الاستقبال غريبة , إذ
بالرغم من مركز ليزا الجديد , كانت تقوم بدور ربة المنزل بامتياز . فأمضت
الأشهر الثلاثة الماضية في تنظيم عرس غويدو ودولسي الذي سيلي عرسها
مباشرة . وكانت هذه مناسبة اجتماعية كبرى حضرها من المدعوين ما يكفي
لملء كنيسة (( سانت مارك )) تتبعها حفلة استقبال فخمة في قصر ((كالـﭭـاني ))
أصرت هي عل الاهتمام بكل تفاصيلها .
منتديات ليلاس
تباطأت في حفلتها مدة كافية كي يشرب عريسها الحبيب نخبها , ثم
أسرعت إلى المطبخ لتلقي نظرة سريعة . وأخيراً استسلم زوجها الكونت إلى
ما لا مناص منه وتبعها . وقالت دولسي بحيرة : (( لا أظنها تقدر حظها الحسن
على الإطلاق . إنها تعامله بشكل سيء حقاً )) .
منتديات ليلاس
فقال غويدو ضاحكاً : (( ربما هذا هو السر . بعد كل تلك النساء اللواتي
عرضن أنفسهن لكي يلفتن انتباهه , المرأة التي أحبها هي التي جعلته
يكافح هو للفت انتباهها )) .
بعد ذلك تفرق المدعوون أزواجاً . أخذ غويدو ودولسي يتمشيان بعيداً ,
ليو ولوشيا جلسا معاً واستغرقا في حديث طويل في الحديقة التي يغمرها
ضوء القمر , بينما قال ماركو لهارييت فجأة : (( هل يمكننا أن نتحدث ؟ )) . منتديات ليلاس
بدت البندقية في الليل مدينة الأزقة المظلمة والأنوار الخافتة . وكانت
أنغام الموسيقى البعيدة تصل إلى آذانهما , ممزوجة بصيحات سائقي زوارق
الغندول التي كان يترجع صداها خلال الأقنية الصغيرة . سارا صامتين ,
متباعدين إلى أن قال ماركو : (( فكرت في أن علينا أن نتحدث )) .
فوافقته : (( حان الوقت لذلك )) . منتديات ليلاس
ـ رؤيتي للعرس اليوم جعلتني أفكر كثيراً . وأنت أيضاً , كما أتوقع .
فقالت متأملة : (( آه , نعم . كثيراً )) .
ـ يقولون عرس واحد يتبعه دوماً آخر . ألا تدركين كيف ينظر إلينا
الناس متوقعين منا تحديد اليوم ؟
ـ لاحظت النظرات الغريبة . منتديات ليلاس
ـ قد يكون غداً يوماً مناسباً .
فسألته بحذر : (( يوماً مناسباً لماذا . . . ؟ )).
ـ لإعلان يوم زواجنا . لقد أمضينا وقتاً كافياً لكي نقرر . أنا اتخذت
قراري . كنت حكيماً في ذهابي إلى لندن لأتعرف إليك . وأنت رومانية أصيلة
كما يمكن للجميع أن يرى , حتى إن زبائنك يزدادون على الدوام , وعندما
تنقلين عملك إلى هنا ستجدين الأساس حاضراً . سنكون ثنائياً مناسباً تماماً . منتديات ليلاس
فقالت متألمة : (( أظن الأمر صحيحاً إذا نظرنا إليه بهذا الشكل )) .
فقال باختصار : (( هل بإمكاني إذن أن أخبر أمي بأن زواجنا قد تقرر ؟ )) .
أهكذا تجري الأمور ؟ أهكذا يكون عرض الزواج في أزقة البندقية ذات
الأضواء الناعمة , بينما النجوم تتألق فوقهما ويحيط بهما هذا الجو
الشاعري ؟ ولم تعرف ما إذا كان عليها أن تضحك أم أن تبكي . وأخيراً
قالت : (( لا أظن أن علينا أن نستعجل في القرار . أنت تقول إنني مناسبة
لأنني رومانية أصيلة ولآن زبائني بدأوا يزدادون . وهذه مؤهلات لا تكفي
لزوجة . كما أن هناك أشياء لم نذكرها قط بيننا , وربما ينبغي علينا ذلك )) .
فقال : (( كنت أنتظر أن تتحدثي عنها . تلك السهرة التي أمضيناها
معاً . . . كانت مفاجأة تماماً )) .
ـ لماذا ؟
منتديات ليلاس
ـ لأنك لا تثقين بالرجال وحسبما أعرف , معظمهم يضجرك .
ـ صحيح . أكثر الرجال يسببون لي الضجر بعد فترة قصيرة , حتى
أولئك الذين ظننت أنهم أعجبوني . كما أنهم ليسوا ممن يلحون على إقناعي
بالبقاء معهم .
ـ هل تلومينهم إذا شعروا باليأس عندما يدركون أنك تقارنينهم
بالإمبراطور أوغسطس .
ـ لا أظن ذلك .
منتديات ليلاس
تابعا السير فوجدوا نفسيهما في ساحة (( سانت مارك )) التي راحت تخلو
من الناس بسرعة . خارج المقاهي كانت المقاعد مقلوبة على الطاولات وقد
سكتت الأوركسترا عن العزف , ما عدا عازف كمنجة منفرد كان ما زال
يعزف لراقصين ضائعين في بعضهما البعض .
فقال : (( إننا متلائمان بشكل جيد , ألا تظنين ذلك ؟ )) .
دفء أنفاسه على وجهها , وقربه منها , يثيرانها , والجنون الحار العميق
يتملكها . . . بدا كل ذلك رائعاً . منتديات ليلاس
وكانت المغنية تقول : ( خذني بين ذراعيك وارقص معي تحت النجوم ) ,
على وقع كمنجة منفردة .
فيما قال ماركو : (( أظن الأمور سارت بشكل جيد منذ يوم وصولك .
أفضل يوم للعرس هو أول سبت في أيلول )) .
وسكتت الكمنجة .
ـ هل عينت التاريخ من دون أن تستشيري ؟
ـ لا , لكنني كنت أفكــر في تاريخ مناسب . فلدي أعمال مهمة حالياً .
ـ كل أعمالك مهمة .
منتديات ليلاس
قالت هذا متأملة وقد أرادت أن تطيل الوقت .
ـ لكن هذه مختلفة فهي تزيد من مركزي لأنني سأكون شريكاً .
ـ وهل هذا ما تريده حقاً أكثر من أي شيء آخر في العالم .
أطلق ضحكة قصيرة مرتبكة : (( ليس هذا فقط . سأكون أصغر شريك
اتخذه المصرف . ربما هو نوع من الخيلاء , لكنه يسرني . وهذا سيستحوذ على
اهتمامي ووقتي خلال الأسابيع المقبلة . وعندما أتمكن من استعادة أنـفاسي
سيكون شهر أيلول قد حل وانتهى الصيف إلا إذا اتخذنا قرارنا الآن )) .
ـ لا . كفى يا ماركو . لا أريد العجلة .
منتديات ليلاس
ـ لكن الأمر منطقي . . .
فقالت بقنوط : (( إسمع , هل تتذكر ما قلته لي في (( بيلا فيغرا )) ؟ قلت ( إن
السيطرة هي أساس كل شيء ) لم أعرف حينذاك كم كان هذا صحيحاً . حتى
بالنسبة إلي )) .
ـ أنت تأخذين لذلك الكلام معنى أكثر مما يعنيه . على أحدنا أن يخطط لما
أمـامنا . منتديات ليلاس
ـ أنت بالغت في التخطيط لأجلي . أنـا آسفة , لكنني لست واثقة بالنسبة
إلى الزواج . منتديات ليلاس
ـ لكنك قلت لتوك . . .
ـ أحياناً يكون مجموع العلاقات غير كاف . . .
ـ حسناً , ما الذي سيكون كافياً ؟
ـ لا أدري , لا أدري ما هي خطط مستقبلي . منتديات ليلاس
راح يحدق في وجهها في الظلمة الخفيفة : (( أتعنين أنك تفكرين في
المغادرة ؟ )) .
ـ لن أغادر روما , بل منزلك فقط . هناك شقة جميلة في شارع . . .
تنفس بحدة : (( هل كنت تبحثين عن شقة ؟ )) .
ـ في الصحف فقط .
فقال بهدوء : (( لقد جهزت كل شيء , أليس كذلك ؟ هل لي أن أسألك
متى كنت ستخبرينني ؟ )) .
ـ ليس قبل رحيلنا من هنا , ثم إنني لم أقرر تماماً بعد .
ـ يفترض بي أذاً أن أنتظر صدور قرارك . ربما هذا لا يعجبني ؟
ـ وربما أنا لا يعجبني أن أقبل القرار الذي وضعته أنت . هناك رأيان
يجب أخذهما بالاعتبار يا ماركو , وليس قرارك فقط .
منتديات ليلاس
ابتعد عنها ومضى يسير ذهاباً وإياباً . وأحست هارييت بضيقة لفشل
خطته , فقالت : (( ربما الناس الذين يتشاجرون بقدرنا , يجب ألا يفكروا في
الزواج . فلندع الموضوع هذه الليلة , وإلا ساءت الأمور )) .
ـ لا بأس , فلندع الموضوع الآن . منتديات ليلاس
وعادا من خلال الأزقة التي كانت تعج بآلاف العشاق الذين يتهامسون
بأجمل كلام الحب . لكنهما قطعاها من دون نظرة إلى الخلف . وعندما وصلا
إلى المدخل الجانبي لمقر كالـﭭـاني , دخلا ثم ذهب كل في طريقه .
* * *
كانت الأضواء تنطفئ واحداً بعد الآخر على طول الـﭭنال الكبير . وفي
الحديقة نهض ليو وساعد لوشيا على الوقوف . ثم قال : (( شكراً لإصغائك إلى
حديثي المتشعب . وأخشى أن تكون دولسي وهارييت ظنتا أنني على شيء من منتديات ليلاس
التهريج )) . منتديات ليلاس
ـ حسناً . . . كانت حياتك مليئة بالتعقيدات . ولكن إذا كانت سيلينا
هي المرأة المناسبة , فستجدها مرة أخرى , رغم أنني سأظنها , إذا لم تأت
للبحث عنك , مجنونة تماماً .
فقال عابساً : (( ربما لا تريد أن تجدني )) .
فقالت لوشيا بحدة : (( يكفي تشاؤماً ! إذا ما كتب لحبك أن يبصر
النور , فسوف يبصره . والآن هناك عرس غداً , وسنستمتع جميعنا )) .
* * *
تبادل غويدو ودولسي تحية المساء أمام باب غرفتها , فهمس : (( ألا
يمكنني الدخول ؟ للحـظة فقط ؟ )) .
ـ ليس في الليلة التي تسبق الزفاف . هذا ممنوع .
ـ ممنوع ؟ دعي عنك هذا يا دولسي . لا , لا تضحكي بهذا الشكل , فهذا
يعذبني , وقد أفقد كل سيطرة على نفسي .
فقالت بحنان : (( إذهب إلى سريرك واحلم بي )) . منتديات ليلاس
ـ أنا دوماً أحلم بك . هل تحبينني ؟
ـ أكثر من الحياة . أكثر من كل الدنيا .
ـ ما من كلمات تعبر عن مدى حبي لك . ليلة سعيدة يا حبيبتي . غـداّ
ستكونين لي .
* * *
قال الكونت فرانسيسكو لزوجته الكونتيسة الجديدة عندما ألقت نظرة
أخيرة على المطبخ : (( والآن دعي العمل . حـان الوقت لكي تتوقف عروسي
عن إهمالي )) . منتديات ليلاس
فهمست : (( عروسك ؟ بعد كل ذلك الوقت الطويل ؟ )) .
ـ نعم , بعد هذا الوقت الطويل , يا حبيبتي .
وأمسك بيديها يحدق في وجهها غافلاً عن التجاعيد , متأملاً الصراحة
الرائعة التي نظرت إليه بها منذ خمسة وأربعين عاماً . منتديات ليلاس
بادلته ليزا الابتسام . وكان في نظرها أيضاً ذلك الفتى الذي أغرمت به
ذات يوم في الأيام السالفة عندما كانت طاهية في منزله , حين كان أي تفكير
في الزواج منه واهياً . ولكن خلال السنين الطويلة أحبها بثبات , وإن لم يكن
بإخلاص على الدوام , ومن يلومه على ذلك إذا كانت دائماً ترفض عرضه ؟
أراحت رأسها على صدره : (( آسفة يا حبيبي , ولكن كيف أهمل التجهيز
للغد ؟ إنه العرس الكبير )) .
فقال وهو يجذبها من المطبخ بحزم : (( آه , لا , اليوم كــان هو العرس
الكبير . . . تعالي يا معبودتي . . . )) .
* * *
كانت دولسي عروساً متألقة في الحرير الأبيض المخرم , متحلية لأول مرة
بلالىء أسرة كالـﭭـاني . بدت سعيدة للغاية , بينما بدا غويدو وكأنه , لأول مرة
في حياته , يأخذ الأمور بشكل جاد , حسب قول ماركو .
كان ماركو وليو إشبيني العريس . وكان ماركو في ملابسه الأنيقة
منتديات ليلاس
للغاية , بينما كان ليو يحل ربطة عنقه بين الحين والآخر . حفلة الليل الماضية
اقتصرت على أقرب المقربين , حسب رغبة ليزا . أما هذه فهي حفلة فخمة
متألقة , امتدت إلى معظم غرف ذلك القصر الفخم . كـانت الأنوار تشع من
النوافذ والأبواب وتتألق في مجوهرات مئات السيدات . وقد اجتمعت هنـا
نخبة المجتمع الإيطالي .
منتديات ليلاس
بالرغم مما قالته هارييت الليلة الماضية , فقد لبست خاتم خطوبتها , إذ
أنها لم تشأ جذب الانتباه إليها اليوم . وأثناء رقصها بين ذراعي ماركو , مثلت
دور الخطيبة السعيدة , وتدريجياً أدركت أن الأمر كان كما قال فقد كان
الناس يبتسمون لهما ابتسامات ذات معنى .
ارتدت ثوباً حريرياً زيتي اللون , بالغ الأناقة والبساطة . قال لها
ماركو : (( إنك تبدين رائعة ! أنا فخور بك )) .
شعرت بالموسيقى تسري في عروقها , فراحت تتمايل وكأن لا مشاكل
لديها على الإطلاق . الحمد الله أن انزعاجه الليلة الماضية لم ينتقل إلى اليوم .
كان قد أدى واجبات العرس نحو المدعوات بظرف بالغ , مبتسماً خلال
الرقصات القليلة الأولى , قبل أن يمد يده إلى هارييت بدعوة صامتة .
كانت دولسي تراقبهما , فأشارت إلى الفرقة الموسيقية بأن تعزف أغنية
شائعة تدعى ( أنظري كيف يحبك ) . وهللت الجموع ظناً منها أنها موجهة إلى
العروسين اللذين كانا يرقصان معاً محتضنين بعضهما البعض , لكن دولسي
أشارت بمكر إلى ماركو و هارييت .
منتديات ليلاس
رغم تصميمها على أن تكون متعقلة , وجدت نفسها تتجاوب مع قرب
ماركو منها وهو يحيطها بذراعيه . آخر عناق لهما معاً كان ليلة تبعها إلى
المنزل ليواسيها بعدما خيب والدها آمالها . وكان الرقص أشبه بصدى لتلك
الأمسية . . . في هذه اللحظة , كان من السهل الاعتقاد بأن لا شيء آخر يهم
إذ كان الوجه الوسيم بجانب وجهها , والعينان الداكنتان الرقيقتان اللامعتان
تخبرانها بصمت بأنه هو أيضاً يشعر بها بقوة . . .
عندما انتهى الرقص احتشدت حولهما الجموع .
منتديات ليلاس
ـ هيا , قولا لنا . . .
ـ حان الوقت لتحديد موعد . . .
ذراعه كانت ما تزال حول خصرها, فشعرت بها تشتد حولها فجأة . ثم
قال : (( لقد قررنا الموعد وهو أول سبت من شهر أيلول )) .
الشهقة التي صدرت عنها اختنقت بين صياح الفرح والتهليل . تقدم
رجال الأسرة إلى الأمام يصافحون ماركو , بينما ابتسمت لوشيا واحتضنت
دولسي هارييت وهي تهتف : (( كم أنا مسرورة , كم أنأ مسرورة )) .
منتديات ليلاس
وصاح غويدو : (( ما أعظم هذا . أنا متشوق لهذا اليوم . أظن أننا
مدعوون )) .
وذهل الجميع عندما رد ماركو عليه صائحاً : (( دولسي مدعوة فقط أما
أنت فلا )) .
تصاعد الضحك لهذه النكتة التي بدت أسبه بدعابة تصدر عن مصدر
غير متوقع . وصرخ أحدهم : (( عانقها . عانق العروس !)) .
شعرت هارييت بالأرض تميل تحت قدميها . منذ لحظة كانت سعيدة بين
ذراعيه وإذا به فجأة يغضبها إلى أقصى حد . . . شعرت وكأن حرارتها قد
انخفضت فجأة إلى درجة التجمد , وأنها أصبحت في عالم جديد , كئيب ,
حقود . تركته يعانقها . لم يكن لديها خيار أمام هذا الحشد . وما أرادت أن
تقوله يجب أن ينتظر . لكن الانتظار يعني تحمل إصرار الكونت على إقامة
العرس في البندقية في منزل الأسرة . ويعني النظر إلى لوشيا وليزا تخططان
للعرس . ولم تعرف كيف مرت عليها الساعة التالية .
منتديات ليلاس
أصعب ما واجهها هو فرح لوشيا . أبدت بوضوح أنها تحب هارييت ,
ولا شيء يسعدها أكثر من أن تراها زوجة ابنها , وحاولت هارييت أن تلمح
لها , فقالت بيأس : (( ما كان له أن يفعل هذا . أن يعلن ذلك العالم قبل أن
يخبرك , ولكن ترين أننا لم . . . )) .
ـ آه , يا عزيزتي , أنا متلهفة . لا يمكنك أن تلومي ماركو إذا كانت
مشاعره قد غلبته . ثم لقد اخبرني الليلة الماضية .
ـ أخبرك بماذا ؟
منتديات ليلاس
ـ قبل أن تخرجا معاً , قال إنه كان يفكر في يوم السبت ذاك . وسينهي
الأمر معك .
فسألتها هارييت وعيناها تلتهبان : (( وماذا قال حين عاد ؟ )) .
ـ كنت نائمة حينذاك , وطبعاً اليوم لم أجد فرصة لأخبرك فيها بمدى
سروري , والآن كلنا سنكون سعداء . وقبلتها غير واعية إلى أنها ملأت قلب
هارييت بالغضب والذعر .
بعد أن قطع قالب الحلوى , عزفت الفرقة الموسيقية المقطوعة الأخيرة
قال لها ماركو : (( يود عمي أن تلتحقي ببقية الأسرة لكي تودعي الضيوف .
إنه يعتبرك واحدة منا )) .
نظرت إليه بعينين ملتهبتين : (( لن أؤذي مشاعر عمك . ولكن علينا , أنا
وأنت , أن نتحدث )) .
منتديات ليلاس
ـ سيكون لدينا وقت لذلك فيما بعد . أنـا أعلم كيف يبدو هذا الأمر ,
ولكن إصبري فقط .
ووضع يده على ذراعها يحثها على السير معه . جعلها الكونت تقف
بجانبه , بينما وقفت زوجته إلى الجانب الآخر . وكان هذا مكان الشرف .
وعندما خرج آخر ضيف , نظرت إلى ماركو بحزم وقالت : (( والآن ! )) .
تركها تقوده إلى غرفة بجانبهما ثم قال : (( دعيني أتكلم أولاً )) .
منتديات ليلاس
ـ أنت تكلمت بما يكفي , والآن ستصغي . كيف تجرؤ على ذلك ؟ لقد
أخبرتك الليلة الماضية أنني لست جاهزة لذلك . ألم تسمعني ؟
ـ بلى سمعتك , لكن قولك لم يكن معقولاً . هارييت , أنت تعلمين كمـا
أعلم أنك في النهاية ستقولين نعم . كلانا يعلم ذلك منذ . . . حسناً , منذ
بعض الوقت , فلماذا الخوض فيه ؟ لابأس , إننا نتشاجر أحياناً , لكننا أيضاً
منسجمان معاً .
منتديات ليلاس
ـ نحن غير منسجمين , لأنني لن أستطيع أن أنسجم أبداً مع رجل لا
يعتبرني ولا يأخذ برأيي .
ـ لا بأس , أنا آسف للطريقة التي فعلت بها ذلك , ولكن ألا يمكننا أن
ننسى الأمـر ؟
ـ وبعد ذلك ماذا تفعل ؟ نتزوج ؟ ماركو , أنا أبعد عن الزواج بك الآن
مما كنت على الإطلاق . أرجـوك أن تفكر في ذلك قبل أن تقوم بأي خطة
أخرى دون أن تستشيريني .
ثم ابتعدت عنه وصعدت إلى غرفتها . لم تعرف مثل هذا الغضب في
حياتها من قبل .

* * *
نهاية الفصل (( العاشـر )) . . .
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:11 PM

11 ـ لن أعيش بدون حب !
 

11 ـ
لن أعيش بدون حب !
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif

نظرت سكرتيرة ماركو بحذر إلى المرأة الحازمة التي وقفت أمامها : (( هل
السنيور كالـﭭـاني بمفرده ؟ )) .
ـ لا أدري مـا . . .
ـ هل لديه أحـد ؟
ـ لا , ولكن لديه اجتماع مجلس إدارة عند الخامسة . . .
ـ لا تخافي , لن أتأخر إلى ذلك الحين .
قالت لها هذا من فوق كتفها وهي تفتح باب مكتبه .
كان مستغرقاً في شاشة الكمبيوتر , فرفع بصره إليها مجفلاً : (( ماذا
حدث ؟ هل حدث شيء لأمي ؟ )) .
ـ لا , جئت لأراك لأن هذا هو المكان الذي لا يمكنك أن تهرب فيه
مني . إنك تتجنبني منذ عدنا من البندقية .
ـ منذ يومين . أنت تعلمين أن لدي عملاً . . .
ـ وأنت تعرف ما أريد قوله . سـأفعل ذلك بسرعة حتى لا تتأخـر عن
اجتماعك . . .
توترت شفتاه : (( هذا ليس بالوقت . . . )) .
منتديات ليلاس
ـ كلمة وداعاً لا تستغرق الكثير من الوقت .
ـ هل يمكننا أن نتحدث عن هذا فيما بعد ؟
ـ لا . لقد خُدعت بهذه الكلمة مرة ولن أعود إليها . ثم ليس هناك ما
نتحدث عنه . الوداع ! هذا يكفي . لا أستطيع أن أتزوجك . وهـذه الخطبة
المزعومة انتهت .
فقال بنفاذ صبر : (( لا تكوني سخيفة . لقد كادت بطاقات الدعوة
تنتهي . . . )) . منتديات ليلاس
ـ وأنا أفسد الآن التنظيم . يا للجريمة الكبرى ! أنا آسفة . ولكن بعض
الأشياء أكثر أهمية من المحافظة على سير الخطة الموضوعة .
خرج ماركو من خلف مكتبه . بدا شاحباً لكنه قال بهدوء : (( إسمعي .
كنت في مزاج غريب مؤخراً , وربما لم أكن متعاطفاً تماماً , وما كان علي أن
أعلن خطبتنا بهذا الشكل . أنا آسف وسـأصلح من تصرفاتي في المستقبل )) .
فصرخت : (( إستمع إلى نفسك . إنك تتكلم كرجل يدق على مفاتيح
الكمبيوتر . الحياة لا تسير بهذا الشكل )) . منتديات ليلاس
أصدر صوتاً يدل على نفاذ صبر : (( هل هذه التفاصيل التافهة هامة ؟ )) .
ـ إنها ليست تافهة . إنها مثلك . كل شيء مرقم ومعلب . لقد أخبرتك
لتوي بأن خطبتنا انتهت . وأنت غاضب لأنني خرجت من علبتي على شكل
شخص لا تعرف كيف ترقمه . منتديات ليلاس
ـ أنا غاضب لأنني لا أفهم كلمة مما تقولين . لا شيء مما تقولينه منطقي .
ـ هل من غير المنطقي أن أتزوج من شخص يهتم بي بشكل لا تفعله
أنت ؟
تنفس بسرعة وبدا على وشك أن يقول شيئاً , لكنه راجع نفسه . وعندما
تكلم كان هادئاً : (( أظننا استطعنا أن نزداد تقارباً . . . )) .
منتديات ليلاس
ـ ليس إلى حد كافٍ . أنت متملك وتحاول أن تنظم كل خطواتي , لكن
ذلك ليس حباً .
وتنهدت : (( حسناً , ربما أنت على صواب وأنا كنت غير منطقية . كان
على أن اهتم بالحب قبل الآن بكثير . أليس كذلك ؟ منذ اليوم الذي تعارفنا
فيه . آسفة . لم أكن أعرف نفسي جيداً حينذاك . لكنني أعرفها الآن , وأرى
أن الحب مهم )) .
منتديات ليلاس
ـ الحب ؟
ـ نعم يا ماركو . تبدو وكأنك لم تسمع بهذه الكلمة قط . ليس هناك
حب بيننا , أليس كذلك ؟
جمد مكانه الآن تماماً . وتوجه إليها بكل انتباهه وقال بهدوء : (( لا يبدو
هذا . ما أغباني لأنني لم أفهم )) .
ـ إنه ذنبي , فقد ظللتك . جعلتك تظن أن بإمكاني أن أعيش بدون حب
مثلك . منتديات ليلاس
نظر إليها ساخراً : (( ومتى أصبح هذا مهماً فجــأة ؟ )) .
ـ مؤخر فقط . أتتذكر ليلة حفلة أبي ؟
فانفجر بها بشكل غير متوقع : (( وأنت ؟ )) .
ـ أتذكرها بكل وضوح . لكن هذا سيء , أليس كذلك ؟ لا يمكنك أن
تخلق ما هو غير موجود . حاولت أن أتصرف بطريقتك لكنني لا أستطيع
ذلك . منتديات ليلاس
ـ ربما أنت تستسلمين بسهولة .
ـ ظننتك تفخر بنفسك لكونك واقعياً . فأنت لست واقعياً الآن .
الأمور لن تتحسن يا ماركو . لقد فات الأوان على التغيير .
تأملت وجهه , متلهفة إلى رؤية بعض الليونة فيه . بإمكانه أن يبحث في
قلبه ويكتشف أنه لا يريد أن يفقدها . خلف شجاعتها الظاهرة , كانت تعلم
أن كلمة حب واحدة منه كفيلة بأن تلقي بها بين ذراعيه . ولكنه بقي صامتاً .
منتديات ليلاس
ووجهه جامد كوجود الموتى . حتى بشرته أصبحت غبراء قليلاً , وبدت في
عينيه نظرة غريبة ذاوية وكأن الحياة استنزفته . وأخيراً قال بلهجة متحجرة :
(( نعم . لقد فات الأوان على التغيير . كنت أظن . . . حسناً , كنت خاطئاً . لا
يمكن للإنسان أن يغير نفسه لمجرد رغبته في ذلك )) .
وفي الصمت الذي تلا ذلك , تملكها شعور غريب بأنه ضائع , وهو
شيء لم تعرفه فيه من قبل قط .
منتديات ليلاس
وأخيراً سألها : (( ما الذي سيحدث الآن ؟ )) .
ـ ســأرحل حالما أتحدث إلى أمك . وعندما أعود إلى لندن . . .
ـ لندن ؟ لكنك قلت إنك ستبقين في روما .
منتديات ليلاس
تأملته ساخرة : (( أما زلت تتذكر ذلك الحديث ؟ ظننتك تناسيته كما
تفعل دوماً إذا لم يناسبك الموضوع . كنت أنوي البقاء في روما لكنني أرى
الآن أنني لا أستطيع . علي أن أبتعد عنك حالاً . وعندما أصــل إلى وطني
سـأتدبر الأمر بحيث أعيد إليك دينك علي )) .
ـ لا داعي للعجلة , فقد وعدتك بشروط سهلة . . .
ـ لا , أريد أن أسدده كاملاً دفعة واحدة . . .
ـ لا يمكنك أن تدفعي هذا المبلغ جملة واحدة , كلانا يعرف هذا .
منتديات ليلاس
ـ سـأتدبر أمري بشكل مـا . الأفضل ألا أكون مدينة لك .
وفجأة زال الجمود عن وجهه , فالتوى بمرارة : (( أنت مستعجلة
للتخلص مني أليس كذلك ؟ )) .
ظلمها له كان كالسكين يغرز في قلبها , وجعلها تجيب بنفس مرارته
لتغطي ألمها : (( ظننتك ستكون مسروراً لرحيلي بعد أن علمت أني أرفض
عرضك . هيا دع عنك حيرتك وارتباكك ولا تضيع وقتاً على اتفاقية ميتة .
تلك هي مبادئك لكنها مفيدة لي أنا أيضــاً )) .
سمعته يأخذ نفساً سريعاً قبل أن يقول : (( يبدو أنني علمتك أكثر مما
أدري . يمكنني أن أتذكر أوقاتاً كنت فيها أكرم نفساً من أن تقولي شيئاً قاسياً
كهذا )) . منتديات ليلاس
ـ ماركو . . .
ـ أنت طبعاً على صواب , مهما كان رأيي في أهمية الحديث عن هذا
الأمر .
ـ لم يعد هناك ما يستحق التحدث عنه بيننا . لقد انتهى كل شيء . لم يعد
هناك ما يقال , والأفضل أن تسرع فلديك اجتماع .
وخرجت من مكتبه شبه راكضة , لا تدري هل تصرخ أن تقذفه بشيء .
كيف يجرؤ على إثارة الاضطراب فيها بذلك الجو من الألم المكبوت الذي يحيط منتديات ليلاس
به ؟ إنها تعرفه جيداً ولا يمكنه أن يخدعها . ليس في الأمر أكثر من أنه يحتال
عليها لكي يجعلها هي المخطئة التي تستحق اللوم . لكنها لا تستطيع مواجهة
ذلك حالياً .
* * *
أصعب ما في الأمر هو إطلاع لوشيا على ما حدث بالرغم من أن الأم
كانت متفهمة . وتنهدت لوشيا : (( لطالما شعرت بأن هناك شيئاً خاطئاً . حتى
في البندقية أحسست بذلك . لكنني افترضت أنني لا أرى سوى ما أريد منتديات ليلاس
رؤيته . ويبدو , مع الأسف , أن ماركو أخذ ذلك عني )) .
واعتصرت يد هارييت : (( ماذا حدث )) .
ـ الأمر بسيط للغاية . أنا وماركو عقدنا اتفاقية عمل , لكنني وجدت
شروطها صعبة التنفيذ . لقد تعقدت كل مشاعري . والشيء الوحيد الذي
اتفقنا عليه لن يحدث .
ـ لكنه يرغب بك كثيراً . . .
ـ نعم , هو يرغب بي . كما يرغب في كل شيء يراه مناسباً له . لكن هذا
لا يكفــي .
ـ أتقولين إنك تحبينه ؟
ـ ليس الأمر بهذه البساطة .
قالت هذا بحذر متذكرة أن لوشيا لا بد ستخبر ابنها بكل هذا : (( كيف
يمكنك أن تحبي رجلاً لا يحتاج إلى من يحبه ؟ )) .
ـ كل رجل يحتاج إلى من يحبه , وربما ماركو أكثر من غيره , لأنه ينكـر
ذلك بشدة .
ـ نعم , لكنني لا أستطيع احتمال ذلك . لا أريد أن أمضي حياتي في
الكفاح . منتديات ليلاس
ـ لا يمكنني أن أقول شيئاً يقنعك ؟
فهزت هارييت رأسها : (( أصعب شيء علي هو أن أتركك . كنت رائعة
معي )) .
فقالت لوشيا بلهفة : (( يجب ألا نخسر هذا . عديني بأنك ستستمرين
بالاتصال بي )) .
وعدتها هارييت بذلك . فعانقتها المرأة والدموع في عينيها تسألها
بحزن : (( متى سترحلين ؟ )) .
ـ ظهر الغد .
ـ سأرافقك إلى المطار . منتديات ليلاس
كانت هارييت تريد أن تترك الملابس التي اشترتها هنا , فقد بدا لها من
غير اللائق أن تأخذ شيئاً من هذه المرأة التي خيبت هي أمالها فيها . لكن
لوشيا أصرت أن تأخذ معها كل شيء دون استثناء , قائلة بجد : (( يا عزيزتي
إيتا , سامحيني لقولي هذا , لكنني لا أستطيع أن أحتمل رؤيتك تعودين إلى
المظهر الذي أتيت به عند وصولك إلى هنا )) . منتديات ليلاس
وأثناء العشاء , حاولت كل منهما أن تسلي الأخرى , من دون أن تعترفا
بأن كليهما تنتظران ماركو . نظرت لوشيا إلى الساعة عدة مرات حتى قالت
هارييت : (( لن يأتي )) .
ـ بل سيأتي . لن يدعك تذهبين من دون كلمة وداع .
ـ ليس بحاجة إلى قول كلمة الوداع . فقد سبق وانتهى مني .
ـ لا تبدأي بمثل هذا القول يا عزيزتي . رؤيته للعالم بذلك الشكل لا
تجعله سعيداً .
فتنهدت هارييت : (( لا أدري ما الذي يجعله سعيداً . ولكن ما يسعده
ليس أنا على كل حال )) .
فسألتها : (( وأنت ؟ هل كان بإمكانك أن تكوني سعيدة معه ؟ )) .
فكان جوابها : (( وهل يمكن لشخص أن يكون سعيداً مع شريك غير
سعيد ؟ )) .
وغمرها ألم قوي وكـأن حجراً أثقل صدرها . وعندما انتصف الليل ,
واجهت حقيقة أن ماركو سيتركها تذهب من دون كلمة وداع .
اتصلت لوشيا بماركو إلى شقته , ثم إلى هاتفه الخليوي , ولكن عبثاً .
فقالت هارييت متوسلة : (( لا تحاولي أكثر من ذك فهكذا أفضـل )) .
ومع ذلك , بقيت مستيقظة معظم الليل علها تستمع إلى صوت
سيارته . وعندما لم يأت , كررت لنفسها أن ذلك أفضل , فهي تعلم أنها منتديات ليلاس
ستضعف أمامه وقد تلقي بنفسها بين ذراعيه وتعده بأي شيء مقابل أن تبقى
معه فقط . وهذا سيكون كارثة , لأنها لن تشعر باحترام لنفسها إذا هي
عاشت مع رجل يعلم أنها تخلت عن كبريائها لتعيش معه , استطاعت أن تنام
ساعتين , استيقظت بعدهما والصداع يتملكها . لم تتناول فطورها , كذلك منتديات ليلاس
لوشيا , وكان عقرباً الساعة يزحفان نحو اللحظة التي تترك فيها هذه الفيلا
إلى الأبد , وتترك ماركو إلى الأبد . فقد سبق وتركته فعلاً .
وجـاء صوت سيارة من الخارج . فقالت لوشيا : (( لا بد أن السائق
أحضر السيارة لتقلنا . آه , إيتا , يا حبيبتي تذكري وعدك لي بأن تبقي على
اتصال )) . منتديات ليلاس
فقالت هارييت بصوت أجش : (( أعدك )) .
وتعانقت المرأتان , ثم شعرت بلوشيا تتصلب بين ذراعيها ثم تصرخ :
(( ماركو ! )) .
وقف عند العتبة وقد بدا شاحباً للغاية إنما متحكم في نفسه . وحبست
هارييت أنفاسها . وقالت لوشيا بفرح : (( الحمد الله أنك جئت ! )) . منتديات ليلاس
ـ طبعاً . وهل ظننتني عديم الأخلاق لكي أترك ضيفتنا ترحل من دون
أن أودعها ؟ سـآخذ هارييت إلى المطار بنفسي .
منتديات ليلاس
راح قلبها يخفق . بسرعة منذ لحظة اشتعال الأمل في نفسها , لكنها
أرغمت نفسها على الهدوء . . . انتظر ماركو في السيارة إلى حين انتهت من
وداعها للوشيا , وعندما صعدت على جانبه كانت ما تزال تغالب دموعها .
وتفحص ماركو وجهها بينما وجهه لم يكن ينبئ بشيء . ثم هبطت نظراته
إلى يدها التي كانت خالية من الخاتم , فقالت : (( لم أكن أعرف أنك قادم ,
ولهذا سلمت الخاتم إلى أمك )) .
منتديات ليلاس
فقال وهو يستدير بالسيارة : (( لقد آلم هذا أمـي كثيراً )) .
ـ أعرف هذا . لكننا تحدثنا طويلاً , وأظنها تتفهم الأمر .
ـ أكثر مني .
ـ وقد وعدتها بأن أبقى على اتصال بها .
ـ هذا حسن . إذن أرجو أن أسمع بعض أخبارك .
ـ نعم حسناً . . . سأتصل , بالنسبة إلى المال . . .
ـ سبق وأخبرتك أن لا داعي للعجلة في هذا . يمكننا أن نقسط المبلغ .
ـ لا , بل الأفضل أن أدفع المبلغ كاملاً .
شتم بصوت خافت : (( أنت امرأة صلبة عنيدة )) .
فكرت في أنها عنيدة حقاً . ولكن صلبة ؟ ربما هي تحاول أن تحيط نفسها
بجدار يقيها من الألم لفراقه . وهذا سينجح في النهاية , كما حدثت نفسها ,
خصوصاً وهو يريها منه الناحية الأقل مودة ولطفاً . وفي المطار بقي معها إلى
حين وقت التسجيل , فساعدها بأدب على التأكد من وجود التذكرة وجواز
السفر .
منتديات ليلاس
قالت : (( سـأدخل مباشرة ولا حاجة بك إلى أن تبقى معي . شكــراً
لإحضارك لي )) .
ـ ما من إزعــاج .
ـ حظــاً سعيداً في مشروع الشراكة .
ـ ماذا ؟ آه , نعم . شكراً . حسناً , لن أضيع الوقت . وداعاً وحظــاً
سعيداً . منتديات ليلاس
صافحها ثم ابتعد بخطوات واسعة من دون النظر خلفه . استقل سيارته
وأشعل المحرك , ثم عاد فأطفأه ووضع رأسه بين ذراعيه على المقود . وبقي
كذلك إلى أن دق شخص ما على زجاج النافذة ليرى إن كان بخير . منتديات ليلاس
* * *
ـ لماذا أردتني أن أحضــر إلى هنا , يا ولدي ؟
وأجالت لوشيا نظراتها في أنحاء الشقة التي كانت تبدو أكثر تحفظــاً
وتقشفاً من أي وقت مضى .
ـ لقد مضى يومان الآن , لماذا لم تأت إلى البيت وتتحدث إلي ؟
فاقل بابتسامة مرهقة : (( أنت تعرفين مدى انشغالي حالياً يا أمي . هذه
الشراكة . . . )) .
ـ لقد جعلت من ذلك عذراً لهارييت , لكنك لن تقنعني أنا .
فسكت , وذهبت هي إلى المطبخ لتحضر القهوة . وعندما عادت كان
ماركو جالساً , شابكاً أصابعه على ركبتيه وهو يحدق إلى الأرض . أخذ منها
الفنجان بابتسامة شكر خفيفة . نظرة واحدة إلى وجهه كانت كافية لإعادتها
إلى المطبخ لتعود أخيراً بطبق كبير من المعكرونة , ثم سـألته وهي تجلس
أمامه : (( متى أكلت آخر مرة ؟ )) .
فهز كتفيه : (( في وقت ما . شكراً يا أمي )) .
منتديات ليلاس
نظرت إليه بعطف : (( كنت أحمق للغاية )) .
فأجفـل : (( أنا ؟ أنا الذي أردت أن يستمر زواجنا )) .
ـ نعم , حاولت ذلك بكل مراوغة وإرغام . وماذا كانت النتيجة ؟ لقد
فقدت كنة كنت شغوفة بها بشكل خاص . هذا لن ينفع . منتديات ليلاس
ـ ماذا تتوقعين مني أن أفعل ؟ لا يمكنني أن أرغمها على الزواج بي .
ـ إذن أنت تعلمت هذا , أليس كذلك ؟
ـ من السهل أن تتكلمي يا أمي , ولكن لا يمكنك أن تتحدثي بالمنطق
إلى هارييت , إنها تعيش في عالم الأحلام . منتديات ليلاس
وشخر ساخراً : (( إنها تسمي نفسها سيدة أعمال . لكن سكان القمر
يعرفون عن التجارة أكثر منها . تظن أن إدارة عملها مسألة حب لقطعها
الأثرية والعثور لها على (( بيوت شغوفة )) )) .
فتنهدت لوشيا : (( آه , هذه هي شخصية هارييت )) . منتديات ليلاس
ـ نعم , وكذلك طريقتها في إدارة المتجر . إنها الآن تتحدث عن إعادة
المال الذي أقرضتها إياه , كله دفعة واحدة . كيف تظن بإمكانها أن تفعل
ذلك ؟ إنها ليست بتلك الخبرة التي تظنها .
ـ في الحقيقة , يا ماركو , ماذا تعرف عن مدى خبرتها ؟
قفز واقفاً وسار إلى خزنة سرية , تناول من داخلها القلادة الذهبية
الأثرية : (( أترين هذه ؟؟ أخذتها إلى لندن وأريتها لهارييت في اليوم الأول
لتعارفنا . أتذكرين كم كان أبي مزهواً بها , وكم كان يحكي الحكايات عن
الحفريات التي اكتشفت فيها ؟ أخبرتني هارييت بأنها زائفة )) .
منتديات ليلاس
ـ لكنها , يا ولدي العزيز , زائفة فعلاً .
ـ ماذا تعنين ؟ إنها أترورية حقيقية .
ـ لا . القلادة الأصلية كانت أترورية . ولكن منذ سنين , عانى أبوك من
مشاكل ماليه فباعها . وهذه هي نسخة صنعها مزيف خبير كان الأفضل في
مهنته , ومن المهارة إلى حد لم يكتشف زيفها أحد طال السنين الماضية . حتى
كشفته هارييت .
أخــذ ماركو يحدق إليها صامتاً .
* * *
رفعت هارييت القلم للمرة الثانية , ثم عادت فوضعته . وقالت بحزن :
(( الأمر يبدو منتهياً )) .
فأومـأ المحامي السيد بندري : (( البيع نهائي . ولكن سيكون من عدم
الحكمة منك أن ترفضي عرض (( ألوم وجونزي )) )) .
ـ ولكن لمن هذه الشركة ؟
ـ وهل هذا مهم ؟ لقد قبلت هذه الشركة دفع الثمن الذي طلبته من دون
نقاش . بالإضافة إلى أنهم يريدونك أن تبقي لتديري المتجر . وبهذا لا تخسرين
شيــئاً .
منتديات ليلاس
ـ ما عدا أنه لن يعود ملكي بعد الآن .
ـ حسناً , إذا كنت حقاً لا تريدين أن تبيعي , يمكنك أن تسألي السنيور
كالـﭭـاني إذا كان بإمكانك أن تدفعي له بالتقسيط . هل أتصل . . .
ـ لا , شكراً .
قالت هارييت هذا بحزم . لقد أقسمت على أن تقضي على كل ارتباط
يجمعها بماركو . فهذه هي الوسيلة الوحيدة لإخراجه من حياتها , إن لم يكن
من قلبها . وهي تفضل أن تموت على أن تطلب منه خدمة بعد الآن .
وبسرعة , وضعت توقيعها ودفعت الورقة على المكتب . منتديات ليلاس
قال السيد بندري : (( والآن , هذه هي اتفاقيتك بصفتك المديرة لستة
أشهر )) .
منتديات ليلاس
توقفت هارييت مرة أخرى : (( لا أدري . أليس الانتهاء من هذا كلياً هو
الأفضل ؟ )) .
لكن ليس هناك ما يدعى : (( الانتهاء كلياً )) . ألم تكتشف ذلك في الأيام
الموحشة والليالي المؤلمة ؟
سألها السيد بندري : (( هل لديك خيار آخر ؟ )) . منتديات ليلاس
ـ لا . لا أظن ذلك .
قالت هذا وهي تتناول القلم .
ـ أنت تستمرين في إدارة المتجر فقط , وأظن أنهم سيرسلون شخصاً
ليراك , عاجلاً أو آجـلاً .
بقيت مستيقظة طوال الليل , عالمة بأن توقيعها كان ناجماً عن ضعفها .
لم تستطع أن تواجه إفلاساً آخر بعد الإفلاس الأول بمثل هذه المدة القصيرة . منتديات ليلاس
ستنهي العقد ثم تنفصل عن متجرها شيئاً فشيئاً .
وللمرة الآلف منذ عودتها إلى لندن , أخذت تتساءل عما جعلها تتخذ
مثل هذا الموقف العنيد ضد الرجل الذي لم تكف لحظة عن حبه . والحق يُقال
إنها لطالما اعتبرت نفسها ضعيفة نوعاً ما , فما الذي جعلها تجد الأسلحة التي
في يدها ؟ منتديات ليلاس
ماركو هو الذي أراها إياها . لقد أخبرها بأنها قوية وشجاعة ومستقلة ,
وكان ذلك صحيحاً . الإهمال والوحدة اللذان دمغا حياتها علماها كيف
تكون وحدها , لكنها لم تعرف ذلك حتى كشف لها ماركو عن قوتها . لقد
أراها أن بإمكانها أن تعيش من دون أبيها الذي تحن إليه دوماً , والخطوة
التالية هي علمها أن بإمكانها أن تعيش من دون أحد .
والآن , بإمكانها أن تعيش من دون ماركو , لأنه علمها كيف تفعل منتديات ليلاس
ذلك .
* * *
وفي اليوم التالي تأخرت في النوم . وكان هذا اليوم هو عطلة مديرة المتجر
السيدة جيلكرست فأسرعت هارييت إلى المتجر , سائلة الله ألا يدع شركة
(( ألوم وجونزي )) ترسل ممثلها في هذا اليوم بالذات , وعندما وصلت وجدت
الباب الأمامي مفتوحاً , فأدركت أن الله لم يستجب لدعائها . وشعرت منتديات ليلاس
بالهزيمة . لقد تأخرت . . . تماماً مثل ذلك اليوم . بإمكانها أن تتصور
بالضبط ما كان سيقوله ماركو عن هذه المرأة .
منتديات ليلاس
وكان ذلك ما قاله بالضبط و هو يخرج من ذلك القسم الخلفي من المتجر
وهو ينظــر إليها ساخراً : (( تباً , يا هارييت ! ألا تأتين أبداً في الوقت
الصحيح ؟ )) .
* * *
نهاية الفصل (( الحادي عشر )) . . .

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:16 PM

12 ـ كلا ! لم أندم
 

12 ـ
كلا ! لم أندم
( الفصل الأخير )
http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif
ـ لا أصدق عيني !
قالت هارييت هذا وهي تضع حقيبة يدها جانباً وتواجهه : (( ماذا تفعل
هنا ؟ )) .
ـ ألم تفهمي بعد ؟
ـ (( ألوم وجونزي )) ؟ ؟
ـ شركة صغيرة سر أصحابها أن أستلم أعمالهم .
ـ حتى ولو لم يسرهم ذلك , لاستلمتها على أي حال .
منتديات ليلاس
ـ لا . كنت سأجد شركة أخرى . أنا بحاجة إلى واجهة . ما كنت لتبيعين
لو أدركت أن الشاري هو أنا .
ـ بعبارة أخرى , هذا نوع آخـر من ممارساتك للسيطرة . آسفة يا ماركو .
هذا لن ينجح . ســأغير رأيي . منتديات ليلاس
أمسك بالعقد الذي وقعته في اليوم السابق والذي يُلزمها بإدارة المتجر
لستة أشهر : (( وماذا بشأن هذا ؟ )) .
ـ إرفع دعوى ضدي . منتديات ليلاس
ـ سأفعل , إذا جعلتني اضطر إلى ذلك , لكنك لن تفعلي . فأنت امرأة
تفي بوعودك , وهذا المكان بحاجة إليك . ولا يستطيع أحد آخر أن يديره .
سنجعله مربحاً كما ينبغي أن يكون .
ضحكت هارييت غير مصدقة : (( أتريدني ؟ أنا المرأة التي لم تستطع أن
تعرف الزائف من الصحيح ؟ هذا غير ممكن )) . منتديات ليلاس
وشعرت بالشماتة وهي ترى وجهه يحمر : (( ماذا تريدينني أن أقول ؟
إنني كنت مخطئاً ؟ لا بأس , سأقولها . كانت تلك القلادة زائفة . لقد باعت
أمي القلادة الأصلية منذ سنين , وتقول إنك الوحيد التي لاحظت ذلك )) .
فأشرق وجه هارييت : (( كيف حالها ؟ )) . منتديات ليلاس
ـ لدي تعليمات صارمة بأن أرسل إليها أخبارك . وسـأفعل ذلك فيما
بعد . أما الآن , فعلينا أن نتحدث بشكل جاد .
ـ حسناً , لن أحــاول أن أدافع عن حساباتي أمامك . . .
ـ لا , لا تحتاج إلى دفاع .
ـ لأنك سبق وعرفت الأسوأ . أنت مجنون , أتعلم ذلك ؟ منتديات ليلاس
فلمعت عيناه : (( أنا لا أفعل شيئاً من دون سبب وجيه )) .
ـ ما من سبب وجيه لوجودك هنا .
منتديات ليلاس
ـ هذا أقرره أنا . لدينا اتفاقية , والقرض يُسدد بأقساط سهلة . بدلاً
من ذلك اخترت أن تحرمي نفسك من كل ما تحبينه لكي تسدديه دفعة
واحدة . وهذا يلقي علي مسؤولية معينة .
ـ ليس لديك . . .
ـ هل يمكنك أن تلزمي الهدوء أثناء حديثي؟ عندما أريد أن أسمع ما
تريدين قوله سأسألك لدي مسؤولية تجاهك وعلي أن أواجهها . سأعلمك
أن تكوني سيدة أعمال فطنة حتى ولو كان شبه مستحيل . وفي الوقت
المناسب ستجمعين ما يكفي من المال لكي تسترجعي هذا المتجر بشرائه . منتديات ليلاس
وبعد ذلك لن يكون علي أن ألوم نفسي لأنني أذيتك .
فقالت بحدة : (( هل يمكنني أن أتكلم الآن ؟ )) . منتديات ليلاس
ـ إذا كان ذلك ضرورياً .
ـ ما هذا الضمير الحي ؟
ـ الضمير الحي هو ركن العمل الجيد . والآن , أقترح أن تعدي الشاي
وسنناقش مسألة شراء بضاعتك . بعض المواقع التي زرتها على الإنترنت تبدو
مثيرة للاهتمام .
منتديات ليلاس
ـ هل اطلعت على ملفاتي , وكيف ؟
ـ اخترقت رقمك السري طبعاً .
فتمتمت : (( طبعاً ))
ـ لو وصلت في الوقت المحدد إلى عملك لكان ذلك أسهل .
قال هذا باختصار وجعلها تدرك أن هذا الرجل هو الآن رب عملها ,
ومن الآن فصاعداً , عليها أن تتذكر ذلك . لقد استقر ماركو هنا ويبدو أنه
جاء ليمضي فترة طويلة . فقد استأجر غرفة في فندق الريتز , وسيارة يصل بها
إلى المتجر مبكراً ويغادر متأخراً . أعطاها برنامجاً مكثفاً للتدرب على إدارة منتديات ليلاس
المال , من دون اعتبار لما كان قد حصل بينهما . وعندما انتهى من تمزيق
خططها العملية إرباً , راح ينتقد محاسبها : (( كان يهاب علمك الأكاديمي
لدرج أنه تركك تنجين بأخطائك الفادحة في المحاسبة )) .
منتديات ليلاس
ـ إنه رجل رائع .
ـ كان علي أن أدرك هذا . أنت لست بحاجة إلى رجل رائع , بل إلى من
يعاملك بحزم . ما هذا ؟
وكان يشير إلى أرقام غريبة . منتديات ليلاس
ـ إنها شيفرتي السرية .
فقال بحدة : (( فسريها )) .
منتديات ليلاس
ففعلت وهي تغلي غضباً . فقال : (( حسناً , هذا واضح . ولكن ما كنت
لأعلم معناها لو لم تفسريها لي )) .
ـ أنا دوماً أكتب التفاصيل فيما بعد .
ـ إفعلي ذلك الآن .
ـ لماذا تريد أن تتحكم بمن يعمل معك في كل شيء ؟
ـ أنت عالمة آثار نابغة , إلا أنك فاشلة في المعاملات التجارية .
ـ أنا أعلم هـذا !
منتديات ليلاس
ســاد الصمت , وكان ماركو يتنفس بصعوبة , وقال بحدة : (( جميل جداً !
إذن فقد اتفقنا أخيراً على شيء . وهذه بداية جيدة )) .
ـ ولماذا علينا أن نتفق على أي شيء ؟ هذا لم يحدث قط من قبل . لماذا لا
تكلف المحاسب الجديد بمراقبة الأعمال عندما تعود إلى بلادك ؟
ـ لن أعود إلى بلادي قبل أن أعلمك كيف لا تفلسين مرة أخرى .
ـ أنت تعني كيف لا أفلسك أنت ؟
تردد لحظة , ثم قال : (( نعم . . . نعم . هذا ما عنيته )) .
منتديات ليلاس
ـ ولكن ليس بإمكانك أن تبقي هنا . يجب أن تكون في روما في هذه
اللحظة , مكافحاً للحصول على تلك الشراكة .
فهز كتفيه : (( لقد حسمت أمرها قبل أن أغادر )) .
ـ إذاً , نلت ما تريد .
ـ نعم .
وكان يكتب شيئاً .
ـ أنت أصغر الشركاء . . . كما أردت بالضبط . تهاني !
فقال باختصار : (( شكراً )) .
لقد حصل على ما يريد : كل شيء منظم وتحت السيطرة . لقد نظم
مهنته , وها هو الآن يسوي مسألة ضميره الصغيرة ثم يعود إلى بلاده ويتركها
خلفه . ولكن هذا ما كانت تريده أن يفعل . لذا , ليس هناك ما تشكو منه .
وإذا كانت واثقة من شيء فهو هذا . منتديات ليلاس
* * *
سـألها ذات يوم : (( كيف تشترين القطع الأثرية ؟ لا يمكنك أن تستعملي
دوماً (( الإنترنت )) )) .
ـ نادراً ما استعمله . الأفضل هو السفر في أنحاء البلاد .
وفي اليوم التالي انطلقا إلى منزل ريفي في جنوب لندن , كان صاحبه قد
وقع في ضيق فباع البيت إلى مجلس البلدية المحلي . وكان ينقل إلى قاعة قريبة
لمزاد علني ما يستطيع نقله من محتوياته .
قالت هارييت بأسف وهي تفحص تلك المجموعة الكئيبة من القطع
الأثرية : (( لن يحصل على الكثير ثمناً لهذه . يا للرجل المسكين )) .
ونظرت بعطف إلى صاحب القطع , وهو رجل بدين أبيض الشعر
حزين الوجه .
منتديات ليلاس
سألها ماركو : (( هل وجدت أي شيء يهمنا ؟ )) .
ـ حسناً , هذا الإناء يبدو . . .
وسكتت وهي تتفحص الإناء الزجاجي . . . ورأى ماركو ومضة
اهتمام سرعان ما كبحتها , بصفتها مهنية محترفة .
سألها : (( ماذا )) .
منتديات ليلاس
فقالت بهدوء : (( إنها قطعة أصلية صنعت في البندقية في القرن الثاني
عشر . تستحق حوالي خمسين ألف دولار )) .
ـ لكن السعر الأدنى المطلوب هو ألف دولار فقط .
ـ أعلم هذا ولكن ليس لصاحبه فكرة عن قيمته .
منتديات ليلاس
ـ إذن فقد وجدت صفقة حقيقية ؟ هذا جيد .
ضرب المنادي في المزاد العلني بمطرقته : (( سيداتي سادتي , تفضلوا
بالجلوس )) .
حجز ماركو مقعدين في الصف الأمامي , ثم نظر حوله يبحث عن
هارييت . وبعد لحظة رآها تتحدث بجد إلى صاحب الإناء بحضور منادي
المزاد . وفكر ماركو في أنه لا يستطيع أن يصدق هذا . لا , لا يمكنه أن
يصدق حتى ولا منها هي . وعاد منادي المزاد العلني يقرع بمطرقته :
(( سيداتي سادتي , علي أن أعلن الآن أن القطعة رقم ( 43 ) يبلغ حدها الأدنى
المطلوب خمسين ألف دولار . . . )) . منتديات ليلاس
علم ماركو من الاحتجاج الذي انبعث من خلفه , أن الآخرين علموا
الشيء نفسه عن الإناء وبقوا هادئين . لكنهم ليسو هارييت , كما فكر
ماركو بابتسامة خفية . نادت هارييت من عند الباب , مشيرة إلى أن عليهما أن
يذهبا . وعندما انضم إليها قالت له : (( لا يهمنا شيء آخر هنا )) .
ـ كلا ؟ منتديات ليلاس
ـ لا . لسنا مهتمين .
ـ أراك أخبرته .
ـ كنت مضطرة لذلك , ذلك الرجل العجوز المسكين , كاد يبكي . قال
إن ذلك سيكون ذا فائدة بالنسبة إلى تقاعده . . . ما الذي تفعله ؟
هتفت محتجة حين رأته يدفعها بعنف . منتديات ليلاس
ـ أدفعك إلى مكان آمن قبل أن يقتلك أحدهم لفعلتك هذه .
ـ أوكنت أنت لتفعل ذلك ؟ منتديات ليلاس
لم يجب على ذلك إلا بنظرة . وعندما أصبحا في الخارج , واجهته بمزيج
من الخجل والتمرد : (( لم أستطع أن أفعل غير ذلك ألا ترى ؟ إنه بريء للغاية
فلم استطع أن آخذ المال بينما هو أشد الحاجة إليه . . . )) .
ـ لكن يا عزيزتي المجنونة هارييت , الأعمال لا تسير على هذا النحو .
ـ إذا كنت لا أحسن القيام بعملي . فالأفضل أن تطردني . منتديات ليلاس
فقال بابتسامة غريبة : (( لا , أنا مسرور بأنك أخبرته . لو فعلت أي شيء
آخــر لما كنت هارييت )) . منتديات ليلاس
* * *
عادا إلى لندن في وقت متأخر من بعد الظهر . وقال ماركو : (( والآن نحن
بحاجة إلى طعام . أظن أنه لا يمكنني أن أدعو نفسي إلى منزلك لتناول
الطعام . ما دمت أنا رئيسك فهذا قد يكون (( تحرشاً )) )) .
ـ سـأجازف بذلك . بعد أن تذوق طعامي , لن تستطيع أن تفعل شيئاً
آخـر . منتديات ليلاس
ـ سيدة ذكية . هيا أرشديني إلى الطريق .
كان بيتها عبارة عن شقة صغيرة قائمة في القسم الرخيص من المدينة .
وتساءلت هارييت كيف ستبدو لماركو الذي نشأ في رفاهية فيلا كالـﭭـاني . رأته
ينظر في أنحاء الغرف الضيقة لكنه لم يقل شيئاً .
منتديات ليلاس
حضرت هي المعكرونة , وكلفته بتحضير الصلصة . كان الحديث متفرقاً
وممتعاً .
صممت هارييت أن تكون قوية , لكن كيف يمكنها ذلك بينما هو
قريب منها ؟ رفعت بصرها ورأته ينظر إليها وإذا به يشيح عنها بوجهه من
دون كلمة , تاركاً ذكرى تلك النظرة في عينيه . لا بد أن يكون هناك وسيلة
تحمي بها نفسها من ذلك . . . ويا ليتها تعرفها ! ليس من العدل أن يزداد
حبها له أكثر من أي وقت آخر , ولا أن يرحل الآن ويتركها تغالب تعاستها .
بدت متوترة الأعصاب , تتساءل عما سيفعل ؟ وكيف ستكون ردة فعلها ؟
ولماذا هو هنا أصلاً ؟
منتديات ليلاس
وفي النهاية , قام بشيء لم تكن تتوقعه على الإطلاق . فبينما كانت تضع
الأطباق في حوض غسل الصحون , وقف خلفها ووضع يديه على كتفيها .
وبعد أن بقي لحظة دون حراك , وضع ذراعه حول عنقها وجذبها إليه , ثم
أحنى رأسه ووضعه برفق إلى جانب عنقها . شعرت بيديه تلمسان بشرتها
بخفة , لكن حركته لم تكن محمومة ولا حتى عاطفية . بدا عليه الإرهاق
ووهن العزيمة , وتذكرت فجأة ذلك اليوم , عندما وجدته نائماً في الحديقة ,
وكيف وضع ذراعيه حولها وأراح رأسه , وكأنه وجد فيها ملاذاً . منتديات ليلاس
وببطء , رفعت يدها تلمس يده , وبقيا على هذا النحو لحظة طويلة . ثم
تركها وابتعد . وعندما ذهبت تبحث عنه وجدته قرب خزانة كتبها , يقرأ
العناوين . ومن دون أن يبدو عليه التأثر . منتديات ليلاس
أعدت هارييت القهوة . وخلال شربها , تحدثا قليلاً عن العمل قبل أن
يغادر ماركو شقتها , تاركاً إياها في حيرة وارتباك .
* * *
بعد تلك السهرة في منزلها لم يعد ماركو يأتي إلى متجرها يومياً ,
وافترضت أنه يخلص بعض الأعمال العالقة في روما . ذات صباح عندما
كانت وحدها , دخلت خلف متجرها لتحضر الشاي . وعندما خرجت من
مطبخها الصغير , رأت امرأة شابة تقف هناك . كانت ترتدي ملابس ثمينة
وبدت في الثلاثين من عمرها تقريباً , داكنة الشعر والعينين , جميلة وحامل في
الشهر السادس تقريباً . وعلى وجهها ابتسامة امرأة راضية تماماً عن حياتها .
ـ هل أنت السنيوريتا دستينو ؟
منتديات ليلاس
كانت لكنتها إيطالية وتتكلم بحذر كشخص يتلمس طريقه في اللغة .
ـ نعم , أنا هارييت دستينو . كيف لي أن أساعدك ؟
ـ آه , لا . أنا لم أحضر لأشتري بل لأتحدث . عن ماركو . . .
ـ لم أفهم .
ـ إسمي هو أليساندرا . جئت لأخبرك أنه من المهم أن تتزوجيه .
حدقت هارييت إليها , والكلمات الوحيدة التي خطرت ببالها هي :
(( فلنشرب كوب شاي )) .
منتديات ليلاس
وعندما جلستا , قال هارييت : (( هل لك أن تكرري ما قلته ؟ )) .
ـ عليك أن تتزوجي ماركو , هل تظنينني مجنونة ؟
ـ لا , لا أظنك مجنونة لكنني أعجب لماذا يهمك أمر زواج ماركو ؟
ـ لماذا يجب أن أقلق على شخص عرفته في الماضي ؟ ربما أشعر بشيء من
الذنب . منذ افترقنا سارت حياتي بشكل جيد , خلافاً لحياته . قال لي
أصدقائي إنه تقوقع على نفسه , وابـتدأ يبتعد عن العالم وقد أكون أنا الملامة في
ذلك . منتديات ليلاس
ـ ليس ذنبك أنك غيرت رأيك .
ـ لا , ولكن كان علي أن أكون من الشجاعة بحيث أفسخ خطبتنا بصدق
ونزاهة . ماركو حساس جداً , لكنه الآن يتصرف بشكل مختلف . لم يعد
يشعر بشيء نحو العالم , لكن العالم لا يعرفه .
ونظرت إلى هارييت بدهاء : (( لكنني أظنك تعرفين ذلك )) . منتديات ليلاس
ـ نعم . بعد ذهابي إلى إيطاليا سرعان ما شعرت بأنه يخفي شيئاً . حتى إنه
يخفيه عن نفسه .
ـ آه , هذا سيء للغاية . وهذا أيضاً ذنبي أنا . لم يكن قبلاً يخفي شيئاً .
لقد دمرني بحبه . وتدريجياً أخذت أشعر بأنه أكثر مما أريـد . كان غيوراً ,
ومتملكاً . تملكني الضجر , ومات حبي له , أحببت رجلاً آخر لكنني لم اخبر
ماركو . خفت مما قد يفعله . ثم إن هارفي كان متزوجاً . . . منتديات ليلاس
هزت أليساندرا كتفيها , ولاذت هارييت بصمت دبلوماسي . كانت
على وشك أن تعرف المفتاح إلى قلب ماركو , ولم تشأ أن تجازف بخسارة هذه
الفرصة لكي تظهر رأيها في هذه المرأة الأنانية .
ـ بعد ذلك بدأ ماركو يخطط للزواج . جـادلته لأجل تأجيله ولكن . . .
أنت تعرفين كيف هو .
فـأومأت هارييت .
منتديات ليلاس
ـ بدا سعيداً جداً . . . حــاولت أن أخبـره بالحقيقة . . . لكنني أعترف
بأنني كنت خائفة منه , إذ بإمكانه أن يكون رجلاً مخيفاً للغاية إذا ثار غضبه .
كان إحساسه قويـاً , لكنه جاهد لإخفائه , لأن الناس إذا عرفوا بذلك
سيعتبرون هذا ضعفاً منه ويستغلونه ضده .
ـ ماذا حدث بعد ذلك ؟ منتديات ليلاس
ـ ذات يوم عاد ماركو باكراً من رحلة عمل , وجــاء إلى شقتي من دون
إنذار . دخـل مستخدماً مفتاحه الخاص . وكان هارفي معي .
وأجفلت هارييت وأغمضت عينيها : (( وماذا قال ؟ )) .
ـ لا شيء . لم يتفوه بكلمة واحدة . بدا مصعوقاً ثم خرج . وكانت هذه
آخر مرة رأيته فيها . ثم أرسل إلي ورقة يقول فيها إنه أخبر الناس أن الزفاف
أبطل بموافقتنا نحن الإثنين . وطبعاً أنا وافقت على ذلك . وحينذاك علمت
زوجة هارفي بالحقيقة فهربنا معاً إلى انكلترا ورُزقنا هناك بطفل . لا أحد في منتديات ليلاس
روما يعرف أني خنت ماركو أثناء خطوبتنا . الجميع يظن أننا فسخنا
الخطوبة بالتراضي , وأنا مسرورة لأجل ماركو . فلو عرفت الحقيقة , لسببت
الحرج لماركو . لقد قيل له إنني فتاة عابثة لكنه رفض أن يصدق . إنه رجل منتديات ليلاس
وفي مخلص .
ـ لم يعد كذلك . أظن أن كل ذلك مات , وهو الآن لا يعرف كيف
يحب .
فقالت اليساندرا : (( لا . ما من رجل يفقد قدرته على الحب , إنما يخفيها
ويحاول أن ينكرها , لكنها موجودة دائماً . ويوماً ما كان سيقع في الحب مرة
أخرى . أنا مسرورة لأنك أنت من أحب )) .
ـ أنت مخطئة . ماركو لا يحبني .
ـ كلام فارغ , إنه يحبك طبعاً . ماذا تظنينه يفعل هنا منذ أسابيع , بينما
عليه أن يكون في روما ليحصل على تلك الشراكة ؟
ـ لكنه حصل على الشراكة قبل أن يغادر . . .
قالت هارييت هذا محتجة , فرفعت أليساندرا حاجبيها ما منحها شعوراً
غريباً , فسألتها: (( أليس كذلك ؟ )) .
ـ لا . أخبرني ابن عمي الذي يعمل هناك أن الشراكة كانت من نصيب
شخص آخـر . وقد أُعلن هذا رسميـاً .
كانت هارييت تسير في المكان , لكنها جلست فجأة وسألتها : (( لماذا
جئت إلى هنا ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ لكي أريح ضميري وأصلح الضرر الذي سببته له . أنـا مدينة له
بذلك . لا تتخلى عنه يا هارييت . لن يستطيع أن يتحمل ذلك مرة أخرى .
* * *
مر يومان من دون أن يظهر لماركو أي أثر . وأثناء تلك المدة تملكتها
سلسلة من المشاعر , من السعادة إلى الأمل , إلى عدم التصديق إلى اليأس .
بعد ما أخبرتها به أليساندرا أصبحت متلهفة إلى رؤية ماركو , لكي تنظر في
عينيه وتكتشف إن كان يحبها حقــاً . منتديات ليلاس
وأخيراً سمعت وقع خطوات لا يمكن أن تخطئها , ورفعت رأسها
باسمة , لكن الابتسامة بهتت . كان هذا ماركو بشكله الرسمي الجاد للغاية ,
وقد ارتدى ملابس السفر يغطيها معطف . وبدا عليه وكأنه لم ينم طيلة
الليل . سـألته : (( هل ستسافر ؟ )) .
منتديات ليلاس
ـ أنـا عائد إلى روما .
ـ لأيام قليلة ؟
ـ بل نهائياً . لن أعود إلى هنــا .
هوى قلبها وتملكها الدوار : (( هكذا . . . ! )) .
ـ وقبل أن أرحل , يجب أن أعطيك هذا .
واخرج من حقيبة أوراقه مغلفاً , وناولها إيــاه .
فتحت المغلف وأخرجت ورقة وحاولت أن تقرأها . لكن الكلمات
تراقصت أمام عينيها . تملكتها فكرة واحدة . إنه راحل . . . وفي لحظات
قليلة ستنتهي حياتها . لا بد أن هنالك طريقة تمنعه من ذلك , لكن ذهنها
توقف عن التفكير بشكل فظيع . وبدا وكأن خفقان قلبها ملأ العالم .
قال بهدوء : (( إقرئيها )) .
حاولت أن تركز أفكارها على الورقة , وأفلحت هذه المرة في رؤية
الأرقام . كانت الورقة إيصالاً بالمبلغ الذي دفعه ثمناً للمتجر .
ـ هذه الورقة تقول إن المتجر ملكي , ولكن كيف يمكنني . . . ؟
بدت في عينيه نظرة حزن لا تحتمل : (( لقد سددت لي دينك . فقد
أعطيتني أكثر مما تتصورين . أكثر بكثير مما أستحق )) .
ونظر حوله : (( عندما أفكر كيف جئت إلى هنا لأول مرة , بـالغ الثقة
بنفسي وبما يمكنني فعله , أشعر بقشعريرة اشمئزاز إزاء ذلك الرجل الذي
كنته لقد ذهب الآن , الفضل يعود إليك . وهذا بدل قليل لذلك )) .
وأشـار إلى الورقة : (( كنت أرجو أن أعيده إليك . . . حسناً . . . في
ظروف أسعد . لكنني الآن لا أظن أن ذلك سيحدث . وأريدك أن تحصلي
عليه بأي حال )) .
ـ ولكن . . .
تلعثمت محاولة أن تجد الكلمات : (( لا يمكنك أن تترك لي المتجر ,
سيفلس مرة أخرى )) .
ـ ليس بعد كل ما علمتك إياه .
قال هذا بابتسامة باهتة , وهو يرد عن جبينه إلى الخلف خصلة متدلية
من شعره .
ـ لم أكن تلميذة ماهرة جـداً .
ـ بل كنت الأفضل بين التلميذات . تلك التي علمت معلمها أضعاف
ما علمها إياه و وسـأتذكر دروسك مدى الحياة .
فقالت بعنف : (( لكنني لن أتذكر دروسك , بل سـأنسـاها وأفلس . ومن
ناحية أخرى , مـاذا حدث لرجل الأعمال الحاد الذهن ؟ لا يمكنك أن تعطيني
كل هذا المال . فكر في الضريبة المريعة )) .
فقال باستغراب : (( الضريبة ؟ )) .
ـ أنت علمتني ذلك .
بقي لحظة من دون أن يجيب . فهم الآن أنها تتبع وسيلة جديدة من
وســائلها , وحــاول أن يفهم مــا تعنيه . ثم ســألها بهدوء : (( ماذا . . .
تقولين ؟ )) . منتديات ليلاس
ـ أنت تحدثت عن (( ظروف أسعد )) . ولا أدري لماذا أنت واثق بهذا
الشكل من أن تلك الظروف لن تحدث . ربما استعجلت النتائج . لكنني
أظن . . . بصفتها هدية الزفاف , ستكون مقبولة بشكل أفضل بكثير .
نظر إليها لحظة طويلة قبل أن يقول ببطء : (( لكن السيدة التي أحبها لن
تتزوجني , هكذا أخبرتني , وقد تكون على صواب . ليس من حقي حتى أن
أحــاول إقناعها )) .
منتديات ليلاس
لم تستطع هارييت أن تتنفس : (( ربما تغير رأيها , على الأقــل لـضمان دفع
الضرائب )) .
هز رأسه ببطء : (( هذا ليس بالسبب الصحيح )) .
ـ كنت أمزح .
ـ أعرف هذا , لكن بعض الأشياء لا تحتمل المزاح . لأنها بالغة الأهمية .
ـ العمـل ؟
منتديات ليلاس
ـ الحب . أنا أحبك يا هارييت . وإذا لم تستطيعي أن تقولي الشيء نفسه ,
دعيني أرحــل بسرعة .
ـ يمكنني أن أقول هذا ألف مرة .
قالت هذا وهي تلامس وجنته , فأمسك يدها على الفور بلهفة بالغة .
فقالت ضارعة : (( قل مجدداً إنك تحبني . أريد أن أسمعك تقولها )) .
وأحاطت وجهه بيديها : (( أحبك من كل قلبي وروحي , ولن أكف يوماً
عن حبك )) . منتديات ليلاس
وقبل أن تخرج الكلمات من فمه تماماً , كانت قد أصبحت بين ذراعيه
يسحقها بعناقه . ثم قال بصوت أجش : (( ظننتني فقدتك . طوال الوقت
الذي أمضيته في روما كنت أعلم أنني أفقدك يوماً بعد يوم من دون أن أعرف
كيف أوقف ما يحدث . أحببتك لكني لم أستطع أن أخبرك , لم أكن أملك
الشجاعة . أنا جبان وهذه هي الحقيقة وربما أن تعرفين ذلك أيضاً )) .
ـ ماركو , حبيبي , أرجوك . . . منتديات ليلاس
ـ لا , لا تمنعيني من الكلام . أريد إطلاعك على الحقيقة قبل أن . . .
فلمست شفتيه تسكته بلطف : (( أنا أعرف . تريد أن تحدثني عن
أليساندرا . لقد جــاءت لتراني )) .
ـ هل كانت هنا ؟ في هذا المتجر ؟ متى ؟ منتديات ليلاس
ـ منذ أيام قليلة . حدثتني عن الشراكة التي خسرتها أنت . مع أنك قلت
لي إنك حصلت عليها . منتديات ليلاس
ـ اضطررت لذلك . ولو أخبرتك , لخسرت فرصة وجودي معك .
كانت ستصبح أشبه بابتزازك .
ـ لكن الشراكة تعني كل شيء لك . . . منتديات ليلاس
ـ لا . أنت التي تعنين كل شيء لي . . . ستكون هناك (( شراكة )) أخرى ,
لكنني أعلم أن هذه هي آخـر فرصة لي معك . فإذا فشلت في اكتساب حبك ,
فلن تكون هناك فرصة أخرى أبداً . وهذا ما لا أستطيع احتماله .
وتردد قبل أن يقول بارتباك : (( ماذا حدثتك أليساندرا عني غير
ذلك ؟ )) .
ـ كل شيء . هـل لديك مانع ؟
فهز رأسه : (( والآن بعد أن عرفت , أنا مسرور لذلك . كنت جباناً , لم
أشأ أن أمنح امرأة أخرى الفرصة لتنال مني مرة أخرى , ظننت ذلك نوعاً من
القوة , بينما كان في الحقيقة ضعفاً . لكنك جعلت كل شيء مختلفاً . كنت
سعيداً للغاية معك , حاولت أن أطرد السعادة بالتعقل , لكنها تملكتني .
حاولت أن أخبرك فلم أستطع . ثم حاولت أن أفهمك من دون أن أتكلم
لكنني لم أستطع أن أتصرف بشكل مناسب . كنت أعلم أنني لا استطيع أن
أتركك ترحلين , لكنني ظننت أن بإمكاني أن أحصل عليك بشروطي
الخاصة . وتلك الأمسية في البندقية , عندما أخذنا نتمشى , كل كلمة قلتها
أنت , بدت وكأنها تحذير لي بالنهاية . فأنت كنت قد خططت للرحيل , منتديات ليلاس
وهكذا حاولت أن أحشرك . . . وأرغمك على الزواج مني , وبهذا خسرتك
تماماً . ولم أعرف كيف أستعيدك . كان ذلك أفضل ما استطعت التفكير فيه ,
لكنك بدوت بالغة الحذر مني . فكرت في أن أرحل وأحررك مني . وكان هـذا
هو الشيء الوحيد لإثبات حب ظننت أنك لا تريدينه )) .
ـ أريد حبك دوماً , فلا تتركني أبداً يا حبيبي . منتديات ليلاس
فقال وهو يضمها إلى صدره : (( أنت لا تعلمين ما تفعلين . ستندمين على
ذلك )) . منتديات ليلاس
ـ أبــداً !
فتمتم يقول : (( أنا لا أقبل بأنصـاف الأمور . أريدك كلك , فأنا متملك
جـداً . . . )) .
فهتفت بفرح : (( كلي لك )) .
ـ سيكون عليك أن تحاربيني . . . عديني بأن تفعلي ذلك , وإلا سـتبدأين
بكرهي وأنـا لا أستطيع أن أحتمل ذلك . منتديات ليلاس
فوعدته قائلة : (( سـأحاربك )) .
فقال بجد : (( وسأتعلم منك , فقد علمتني الكثير . داومي على تعليمي
وكوني مستشارتي . أبقيني آمنـاً )) . منتديات ليلاس
وقبل يدها فهمست : (( آمنـاً في قلبي . . . يا حبيبي إلى الأبد )) .

* * *
تمت بحمد الله وشكره

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 27-06-12 08:19 PM

تحيــتي من القلب
 

تحيتي لكل متابع أو قارئ لم ينساني من دعاءه
حفظكم الله
القــــــــــادم ( قريباً )
الجزء الثالث من سلسلة ( لوسي غوردون )
. . . . سـأبقى وحـــدي . . . .
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

زهرة منسية 28-06-12 09:54 AM

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13408698861.jpg
سلامة قلبك زووووز غاليتى
ألف مليون سلامة عليكى
ويسلموا أيديكى على الفصول
الرواية رائعة جداً جداً جداً جداً اً اً اً اً اً اً اً اً
وتضيع الحروف وتعجز الأنامل عن التعبير عن شعورى ومدى أمتنانى لمجهوداتك زوووووز
الله لا يحرمنا تواجدك المتميز غاليتى

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13408698862.gif

Rehana 28-06-12 09:57 PM

السلام عليكم

اهئ اهئ .. انا الوحيدة البطئية فيكم ..
لكن بتحمسوني لما اشوف حماسكم .. الله يعطيك العافية والصحة .. زوووز

ولا يحرمنا هذا التواجد العطر والمميز والمتألق

وبانتظار الجزء الثالث من السلسلة

http://img.over-blog.com/365x265/3/76/30/09/merci2.jpg

غرشوه 03-02-13 03:01 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
يسلموو ع الروايه الحلوه وبانتظار الجزء الثالث

جمره لم تحترق 19-02-13 07:38 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3129521)
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13408698861.jpg
سلامة قلبك زووووز غاليتى
ألف مليون سلامة عليكى
ويسلموا أيديكى على الفصول
الرواية رائعة جداً جداً جداً جداً اً اً اً اً اً اً اً اً
وتضيع الحروف وتعجز الأنامل عن التعبير عن شعورى ومدى أمتنانى لمجهوداتك زوووووز
الله لا يحرمنا تواجدك المتميز غاليتى

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13408698862.gif

رغم تأخري الطويل عن الرد إلا أن امتناني لك
لن تمثله الكلمات مهما استعجلت بها أو تأخرت
أنت أكثر قيمة عندي من أي كلمة يا صديقتي
وفقك الله في الدارين الدنيا والاخر
كل الامتنان لوجودك
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 19-02-13 07:43 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3129850)
السلام عليكم

اهئ اهئ .. انا الوحيدة البطئية فيكم ..
لكن بتحمسوني لما اشوف حماسكم .. الله يعطيك العافية والصحة .. زوووز

ولا يحرمنا هذا التواجد العطر والمميز والمتألق

وبانتظار الجزء الثالث من السلسلة

http://img.over-blog.com/365x265/3/76/30/09/merci2.jpg

أدري إن ردي تأخر كثيييييييييير لأن الجزء الثالث
صار جاهز ومنتهي من فترة
بس مايمنع إني أشكر تواجدك و اطلالاتك الرقيقة
يحفظك ربي وأكيد إنتِ و بتألقك وعطاءك الا متناهي كنت سبباً
أكيداً لاشتعال حماسنا . . . وفقك الله

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

جمره لم تحترق 19-02-13 07:46 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غرشوه (المشاركة 3268319)
يسلموو ع الروايه الحلوه وبانتظار الجزء الثالث

الله يسلمك و أعتقد إنك صرتي منتهية من السلسلة كاملة الحين
لأناه صــــارت جاهزة و شفت ردك الرقيق و المتألق في صفحات
كل جزي منها . . . ربي يسلمك يا قمر

http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif

sh3noonty 25-08-13 04:51 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
الروايه حلوه جداااااااا تسلمى على اختيارك منتظرين كل جديد :0041::0041::55::55::55:

ombilal 30-12-13 12:03 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
مشكوووووووره كتيييييير

ماهيناز 02-01-14 12:47 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
روايه رائعه وترجمة اروع شكرا لكم على مجهودكم المميز

انيا 02-01-14 10:58 PM

رد: عــن الرواية
 
اعزائي في المنتدا ليلاس لماذا لاينفتح فصول الرواية عندي ولكم مني جزيل الشكر

rebel angel 18-01-14 08:31 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
jaiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiime

زهراء الحلوة 27-01-14 06:02 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
thankxxxxxxxxxxxxxx aloooot

زهراء الحلوة 27-01-14 06:03 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
jamiiiiiiil jdannnnnnn

همس عدن 11-12-14 03:46 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه قلبي
رؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤعه قليييييييييله حبيبتي سلمتي على الرواااااااية الاكثر من راااائعه

صفا عبدالله 25-01-15 12:58 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
جميله جدا:55:

اسيل فلسطين 22-03-15 07:16 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
:rdd25hn7:

نووفه 01-04-15 11:31 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
تســـلــمـــيـن..

نور الصباح المشرق 04-04-15 02:44 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
روووووووعه يسلموا ايديك

ليالي المصري 06-04-15 02:33 PM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
شكرااااا عزيزتى

eman hamed 06-05-15 08:41 PM

eali95501@gmail.com

نسمة الجنوب 05-06-16 11:26 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
رواية رااااااااااااااااااائعة شكرا كثير الك جمرة لم تحترق :55:

سهيله فريد 21-07-16 12:01 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
تسلم الايادى مع كل تحيه و تقدير:8_4_134:

فرحــــــــــة 26-07-16 05:29 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 

غاليتى
جمره لم تحترق
سلسلة فى غاية الروعة مليئة بالاحداث
والمشاعر الجياشة وجمال الوصف والمناظر الخلابة
التى اتخيلها واراها رؤيا العين
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

روميساء على 24-09-16 05:58 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
:dancingmonkeyff8::55::dancingmonkeyff8:

كلي حب 10-03-17 03:12 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
مشكورة يعطيك العافية

ملك جاسم 30-05-17 10:05 AM

رد: 316- رجل الثلج - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثاني)
 
رائعه شكرا

Maha Sabry 28-09-18 11:44 AM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته








العـــدد : 316
المـــلـخص :
كانت هارييت غارقة في الديون , ومتجر التحف الذي تملكه
مهدد بالإقفال النهائي في كل لحظة .
في وسط هذه المحنة جاءها عرض من المليونير الإيطالي
الرائع ماركو كالفاني لإنقاذ متجرها وتسديد ديونها
مقابل أن تصبح زوجته . فهل ستقع ضحية هذا العرض
المغري حتى لو كان ضد مبدئها الأساسي . لا زواج من دون
حب ".
إذا ذهبت مع ماركو إلى روما قد تقتنع بفكرته وتنقذ
متجرها الغالي . لكن هل بإمكانها أن تنقذه هو من ماض
يأسره ويجعله بارداً كالثلج , وهل بإمكانها أن تجد تحت
برودته تلك حباً يدفئ قلبها .

عدد الـــفصول :
12
عناوين الـــفصول :
1 ـ خبيرة أم مشاكسة ؟
2 ـ أغسطس قيصر
3 ـ امرأة جديدة
4 ـ رقصة الحب
5 ـ رجل الثلج
6 ـ في عرين الأسد
7 ـ فخور أم غيور ؟
8 ـ منزل العاشقين
9 ـ بين ذراعيك
10 ـ أعراس البندقية
11 ـ لن أعيش بدون حب !
12 ـ كلا ! لم أندم [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER][/QUOTE]

hannon 21-04-23 12:23 AM

عرض مشوق أرجو انزالها

hannon 21-04-23 12:24 AM

عرض مشوق أرجو تكملتها







العـــدد : 316
المـــلـخص :
كانت هارييت غارقة في الديون , ومتجر التحف الذي تملكه
مهدد بالإقفال النهائي في كل لحظة .
في وسط هذه المحنة جاءها عرض من المليونير الإيطالي
الرائع ماركو كالفاني لإنقاذ متجرها وتسديد ديونها
مقابل أن تصبح زوجته . فهل ستقع ضحية هذا العرض
المغري حتى لو كان ضد مبدئها الأساسي . لا زواج من دون
حب ".
إذا ذهبت مع ماركو إلى روما قد تقتنع بفكرته وتنقذ
متجرها الغالي . لكن هل بإمكانها أن تنقذه هو من ماض
يأسره ويجعله بارداً كالثلج , وهل بإمكانها أن تجد تحت
برودته تلك حباً يدفئ قلبها .

عدد الـــفصول :
12
عناوين الـــفصول :
1 ـ خبيرة أم مشاكسة ؟
2 ـ أغسطس قيصر
3 ـ امرأة جديدة
4 ـ رقصة الحب
5 ـ رجل الثلج
6 ـ في عرين الأسد
7 ـ فخور أم غيور ؟
8 ـ منزل العاشقين
9 ـ بين ذراعيك
10 ـ أعراس البندقية
11 ـ لن أعيش بدون حب !
12 ـ كلا ! لم أندم [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER][/QUOTE][/QUOTE]


الساعة الآن 07:12 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية