منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f752/)
-   -   حصري 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني ) (https://www.liilas.com/vb3/t177000.html)

جمره لم تحترق 05-06-12 02:47 PM

336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 

http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:A...oBaSB-mmGjFYbK
تحية ملؤها الأعماق يعتقها عبق الياسمين ارسلها لكم
رحلة جديدة لعالم الرومانسية والخيال
مع الجزء الثاني من
سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر
ورواية
( ليل الغرباء)

الرواية كتبتها الصديقة والأخت الراقية ( زهرة منسيه )
خطتها بأناملها واجتهدت بكتابتها وأرسلتها لي
كي أقوم بإنزالها والسبب إنها عرفت إني منشغلة
ولم استطع الوفاء بوعدي بكتابة هذا الجزء من السلسلة
لذا كل الشكر والامتنان والحب لها
http://fantasyflash.ru/anime/love/image/love92.gif
كلمات الشكر لن تفيك حقك صديقتي
ولكن لك منها حتى تصابي بتخمة .

ليل الغربـــاء
( سيتم طرح فصلين كل يوم بإذن الله )

جمره لم تحترق 05-06-12 02:49 PM

عن الرواية . . .
 
خاص لشبكة ليلاس الثقافية

الجزء الثانى من سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر
http://fantasyflash.ru/grafic/line/image/line88.gif
(336) ليل الغرباء

الملخص
هل يصبح الخيال حقيقة؟
تناهى إلى مسمعى فيرغوس صوت أنثوى عذب من مكان ما قرب باب غرفة نومه .
ـ لقد جلبت لك فنجان قهوة
عبس وأبقى عينيه مطبقتين . فلا يمكن أن يكون مستيقظاً.. فى غرفته امرأة !
قال الصوت الأنثوى.
ـ هيا أيها الكسول..أجلس وأشرب قهوتك.
فتح عينيه ببطء...ثم أدار رأسه بحذر.خائفاً بعض الشئ مما قد يراه.
لا يتذكر فيرغوس شيئاً مما حدث الليلة الماضية..كل ما يعيه أنه وقع فى شباك امرأة لديها
هدف..وهى على استعداد لأستعمال كافة الوسائل لتحقيق هذا الهدف

فصول الرواية

1-
زائرة غامضة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
2-
مهما كان الزمن http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
3-
المستبدة الصغيرة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
4-
رجل من فولاذ ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
5-
جميلة,رائعة...لكن! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
6-
فاتنة.لكنها مخادعة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
7-
نصيحة تودئ إلى... ورطة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
8-
أبتسمى بحق السماء http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
9-
لن تحظى بهذه الفرصة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
10-
الخيار الصعب http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
11-
قلب فى مهب الريح http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
12-
لـــن أعـــــود http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
13-
انفجار وشيك http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
14-
لا أستطيع الانتظار http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
15-
الـــخـــاتــمـــــة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
http://fantasyflash.ru/grafic/line/image/line88.gif
لا نحل بنقل الرواية لمنتدى آخر من غير ذكر اسم منتدى ليلاس و زهرة منسيه

جمره لم تحترق 05-06-12 02:54 PM

1ـ زائرة غامضة
 

- أراك تحتفل بمفردك!ألا تود أن يشاركك أحد؟
لم يكلف فيرغوس نفسه عناء الالتفات نحو مصدر الصوت بل استمر بالنظر إلى كوب العصير أمامه.فكل ما كان ينشده هو الجلوس باسترخاء فى تلك الزاوية من المقهى,بعيداً عن صخب الموسيقى وجلبة الناس الذين يستمتعون بوقتهم من حوله.
يا لهذا السؤال السخيف ! هل يبدو عليه أنه يحتفل؟
- ألم يخبرك أحد من قبل أن على المرء أن يبحث عمن يشاركه الاحتفال؟
فكر فيرغوس فى سره : تباً!لا تزال هذه المرأة هنا . ألا تدرك أننى أنشد البقاء بمفردى؟على الأقل هذا ما كنت أنويه
- أود الانضمام إليك فهل تمانع؟
بالطبع,أنه يمانع .لكن إصرار المرأة جعله على الأقل يلتفت نحوها وهو يحاول لجم غضبه الذى راح يتزايد ليشكل ضغطاً داخل رأسه
يا إلهى..!هذه المرأة تبدو رائعة الجمال حقاً,طولها لا يتجاوز الخمسة أقدام وهى ترتدى فستاناً قصيراً أسود اللون يُظهر رشاقة جسمها ونحافة خصرها . وقد انسدل شعرها الداكن كالليل كوشاح حريرى فوق كتفيها .أما وجهها فبدا ذا جمال سماوى ساحر وبدت عيناها الزرقاوان رائعتين تحيط بهما رموش سوداء كثيفة...عينان لن يرّ فيرغوس لهما مثيلاً من قبل.
إنها جميلة حقاً!وفكر فيرغوس فى أن تلك المرأة تحاول إغراءه وهو لا ينوى التورط مع إى امرأة فى الوقت الحاضر..ولا حتى فى ما بعد!
استند إلى الوراء فى مقعده وراح ينظر إليها بغطرسة متعمدة.أخذ يراقبها من رأسها حتى أخمص قدميها متأملاً وجهها الطفولى القسمات , ثم عبس قائلاً :"هل أنت واثقة من أن سنك يسمح لك بارتياد المقاهى؟"
ضحكت المرأة بصوت مرتفع فظهرت أسنانها الصغيرة البيضاء, وقالت بصوت حاد:"أؤكد لك أننى بلغت سن الرشد منذ زمن "
لم يدرك فيرغوس لما راح يتحدث إليها . وهى..ألم تدرك أنه يرغب فى البقاء وحيداً , وأن أى شخص لديه حسن الإدراك لن يقترب منه ليجبره على التحدث إليه
أشارت المرأة إلى المقعد المقابل له وسألته مجدداً:"أود الأنضمام إليك , فهل تمانع؟"
نعم...أنه يمانع . هل هى متبلدة الإحساس كى لا تلاحظ أنه لا يود التحدث إليها؟أدرك فيرغوس بخيبة أمل أنها لم تلاحظ ذلك فى الواقع.فهى لم تنتظر جوابه بل جلست قبالته بهدوء
-إسمعى ,آنسة...
أكملت المرأة بنعومة وهى تنظر إليه مباشرة :"كلويه"
ثم وضعت مرفقيها على الطاولة وشبكت يديها مسندة بهما ذقنها وراحت تحدق إليه بعينيها الواسعتين.
تنهد فيرغوس وكرّر وراءها والقنوط بادٍ فى عينيه:"كلويه,لا أقصد أن أكون فظاً..."
-لا تكن كذلك إذاً!
فكر فيرغوس فى أن عليه أن يتصرف حقاً بفظاظة إذا أراد أن تتركه وشأنه فتنهد قائلاً:"لم يكن نهارى جيداً كلويه...."
فتمتمت قائلة :"إذاً قد يتغير حظك الآن"
لكنه لم يكن يريد تغيير حظه!
لم يكن متحمساً لحضور حفل الزفاف اليوم .إنه حفل الزفاف الثانى الذى يحضره هذا الشهر.أما الأول فكان زفاف خالته ميغ من الشيف دانييل سيمون وهو صاحب مطعم .واليوم تزوج لوغان أبن خالته من دارسى سيمون وكان هذا الحدث الأسوأ.ومع أن دارسى فتاة طيبة وهى ولوغان مغرمان ببعضهما البعض كثيراً إلا أن فيرغوس لم يكن يدرك ان هذا الزواج سيؤثر فيه بهذا الشكل.
فمنذ طفولتهم كان فيرغوس ولوغان وبيرايس وهم أبناء خالات مقربين جداً من بعضهم البعض ,إذ نشأوا معاً فى اسكتلندا ثم أنتقلوا معاً إلى جامعة أوكسفورد.
رغم أنهم عاشوا متباعدين إلى حد ما فى السنوات الأربع عشرة الماضية ,إلا أنهم كانوا يلتقون معاً فى أحيان كثيرة ليستمتعوا بعزوبتهم!ولطالما عُرفوا بأسم"المراوغين الثلاثة" أما الآن,فلم يبق سوى هو وبرايس ,ولقب "المراوغين الإثنين"لا يمكن أن يكون له الوقع نفسه على الإطلاق.
التوى فمه وقال بسخرية :"لا أعتقد أن حظى سيتغير ,كلويه .شكراً لك ولكن...."
اقترحت المرأة ببرودة :"ما رأيك بأن نرقص؟"
لم يكن واثقاً من قدرته على الوقوف ,فكيف بالرقص؟لقد تناول لتوه حبة منوم وكان يعتزم مغادرة المقهى إلى منزله ليغط فى سبات عميق لعله ينسى متاعب يومه هذا.بعد انتهاء حفل الزفاف لم يشعر فيرغوس برغبة فى العودة إلى منزله وحيداً لذاطلب من سائق السيارة الأجرة التى أقلته أن يوصله إلى هذا المكان.
أراد أن يشرب كوباً من العصير ليتناول بعدئذ حبة من ذلك الدواء المنوم الذى اشتراه وهو فى طريقه إلى هنا.والآن بات عليه المغادرة بأسرع ما يمكنه قبل أن يداهمه النعاس وهو خارج المنزل .فتنهد قائلاً :"فى الواقع , كلويه ,أريد أن....."
-لا أريد سوى كوب من المياه المعدنية
نظر إليها بغضب متسائلاً لماذا لا تسمح له بإكمال جملته حين يكلمها ؟! وسرعان ما أبتسمت له المرأة . إذا بتعابير وجهه تغدو أقل قسوة .فما ذنب هذه المرأة إذا كان مزاجه سيئاً ؟لكن آخر ما يريده الان هو التقرب من امرأة لم يرها قط من قبل فى حياته.وإذا بها تتابع قائلة بلهجة مازحة :"أنه مجرد كوب ماء لا أكثر"
لا بأس بذلك ! فهو أيضاً يمكنه شرب كوب من الماء .حسناً...كوب واحد من الماء ثم يغادر بأقصى سرعته..هذا ما وعد نفسه به.
التفت فيرغوس وأشار إلى النادل كى يحضر لهما زجاجة مياه معدنية مع كوبين فارغين .وما إن أحضر النادل طلبهما حتى أخذ فيرغوس يسكب الماء لكليهما بنفسه,أو هذا على الأقل ما كان ينوى القيام به .كان قد ملأ كوب كلويه وراح يملأ كوبه,حين لم تعد يده تسعفه وكأنه فقد تركيزه فى اللحظة الأخيرة.فارتطمت يده بالكوب وتدفق الماء على الطاولة .
ماذا دهاه بحق الله! هل هو تأثير الحبة المنومة؟
ظهر التعاطف على وجه كلويه وراحت تمسح الماء بواسطة المناديل الورقية ثم قالت:"لِمَ يبدو عليك الاستياء؟"
أجابها فيرغوس بحزن قبل أن يحتسى كوبه جرعة واحدة :"بسبب الأصدقاء الذين أبتعدوا عنّا"
مع ان لوغان سيبقى صديقه و ابن خالته دائماً لكن فيرغوس يعرف أن الأمور بينهما لن تبقى على حالها.إذ بدءاً من هذا اليوم سيتشارك لوغان حياته مع زوجته.
لقد عاش أبناء الخالات الثلاثة حتى الآن كالأخوة تماماً ,فالطالما وقفوا جانب بعضهم البعض وتبادلوا الدعم والمساندة فى الأوقات العصيبة.
والآن سيحتاج فيرغوس لبعض الوقت قبل أن يعتاد على فكرة أن دارسى أصبحت رفيقة روح لوغان وأقرب منه إليه.
نظرت كلويه إليه فقالت ممازحة:"يقال إن الأصدقاء كالماء الذى يروى الظمأ"
هز فيرغوس رأسه بتهذيب :"هذا صحيح تماماً.لقد حاولت تحذيرك بأن رفقتى غيرممتعة"
لم يبدُ عليها الأنزعاج مطلقاً لكنها قالت تشجعه بلطف :"هل تود التكلم عن الموضوع الذى يزعجك؟"
شكراً جزئلاً ! بالطبع ليس لامرأة لا يعرفها ولا يرغب حتى بالتعرف إليها .
أمالت كلويه رأسها قليلاً وهى تنظر إليه فيما راح شعرها يلتمع بلون أزرق داكن بسبب الإنارة القوية فى المقهى .وأخيراً أدركت من هو هذا الرجل ,فقالت:"أنت فيرغوس ماكلاود,أليس كذلك؟"
ظهر التصلب على وجه فيرغوس ورد بحذر :"نعم هذا صحيح"
ألهذا السبب بدت مصرة على التحدث إليه؟ إن كان الأمر كذلك فهى تضيع وقتها لأنه ليس مستعداً للنقاشات الفكرية مطلقاً.
-بالطبع ,هذا أنت.
ثم أضافت بلهجة حميمية :"لقد قرأت العديد من كتبك , ورأيت صورك على غلافاتها .انت بارع جداً"
أجابت بدون اهتمام:"شكراً لك"
ضحكت كلويه وقد لاحظت عدم اهتمامه :"لكنك لست متأثراً بكلامى على الإطلاق"
قال فيرغوس بتبلد واضح:"أنت محقة.لقد قرأت هذه الكتب أيضاً. إنها عبارة عن روايات تقليدية ,القليل من الغرابة,لمسة عنف مع كثير من مشاهد الإغراء"
-لقد نشرت ستة كتب فى السنوات الستة الماضية,وقد احتلت المرتبة الأولى فى لائحة المبيعات
ثم تابعت تصحح له كلامه بنعومة:"لا يمكن وصفها أبداً بالكتب التقليدية"
هذه المرة تأثر فيرغوس بكلامها بعمق.لكن معرفتها الكثير عنه جعلته يقتنع بإنها تنتمى إلى إحدى المجموعات الفكرية,أو...ربما أسوأ من ذلك.
هز كتفيه بل مبالاة:"هذا يؤكد أن لا أهمية للرأى العام على الإطلاق"
ردت كلويه :"يبدو أنك تشعر بالأسى على نفسك هذا المساء. أليس كذلك؟"
نعم ,أنه يشعر بذلك فعلاً ! لـِمَ لا تدعه وشأنه إذا ليتخبط فى حالته بمفرده؟
فكرت كلويه فى أن التعرف إلى هذا الرجل سيكون مهمة صعبة أكثر مما تصورت .لقد أمضت أسابيع طويلة وهى تبحث بيأس عن وسيلة تسمح لها بلقائه"صدفة"حتى ظنت فى النهاية أن الأمر مستحيل
بم أنه كاتب ناجح فمن البديهى أن يترك فيرغوس المحاماة لذا لم يعد لديه مكتب محاماة .كانت حياته الاجتماعية مشتتة والمكان الوحيد الذى أستطاعت التأكد من وجوده فيه هو حفل زفاف لوغان اليوم . فــ فيرغوس هو إشبين العريس! لكن كلويه لا تعرف أياً من العروسين لذا لم تتمكن من حضور ذلك الزفاف لرؤيته.شعورها بالإحباط بسبب هذا الوضع جعلها تقبل دعوة مجموعة من الأصدقاء لتناول العشاء ثم الذهاب إلى هذا المقهى .و لم تصدق عينيها وهى تخرج من المقهى مع أصدقائها بقصد الذهاب إلى مكان آخر ,حين رات فيرغوس يدخل إلى هناك من دون رفيق
شعرت كلويه بالاضطراب ولم تعرف ما عليها فعله .أخيراً ستتاح لها الفرصة لتتحدث إليه .إلا أنها لم تعرف من أين تبدأ...وفى النهاية أجبرت نفسها على التحلى بالهدوء لتفكر بروية.
الجواب واضح! لفقت بعض الأعذار لتقنع أصدقاءها بأنها تود العودة إلى المنزل...لكنها وبدلاً من العودة إلى منزلها عادت إلى المقهى لتلحق بـ فيرغوس وقفت على مسافة منه تراقبه وهى تفكر بالخطوة التالية التى ستقوم بها.
بدا واضحاً أنه يجلس بمفرده لكنها لم تكن واثقة من أنه لا ينتظر أحداً ,امرأة مثلاً.وبعد فترة طويلة من المراقبة كان فيرغوس قد أنهى شرب كوبين من العصير ثم شرب جرعة ماء بعد أن تناول حبة دواء .هل يؤلمه رأسه بعد يومه الشاق ذاك؟
بعد مضى ذلك الوقت الطويل تأكدت كلويه من أن لا أحد سينضم إليه .هذا ممتاز!أنها فرصتها الذهبية للتحدث إليه,إلا أنه أوضح لها منذ البداية أنه لا يود التكلم إلى أحد.
حسناً.لن تستسلم الآن
سألته مجدداً :"كيف كان حفل زفاف قريبك اليوم؟"
لم تكن قد شربت بعد أى رشفة من كوب الماء أمامها إذ كان طلبها مجرد حجة لئلا يجبرها على الرحيل.عبس فيرغوس فى وجهها فطغى عبوسه على تعابير وجهه الهادئة ومظهره الرائع .لكن وسامته لم تخف مطلقاً على كلويه,مع أنها لم تكن قد لاحظت من قبل قوته الجسدية .فهو طويل القامة قوى البنية قد بدا فى غاية الوسامة فى بذلته الرسمية .أما شعره الأسود فطويل إلى حد ما وقد بدا وجهه الأسمر منحوتاً كقطعة خشبية مصقولة بعناية.عيناه البنيتان بلون الشوكولا هما الوحيدتان اللتان كانتا تضيفان اللطف على قسمات وجهه القاسية .فكرت كلويه فى أن هذا الرجل بالغ الجاذبية .آهـ...لو أنها التقت به فى ظروف مختلفة!
تكلم فيرغوس بصعوبة:"تعرفين الكثير عن حياتى الشخصية وهذا يشعرنى بعدم الارتياح"
أدركت كلويه أنها أخطأت حين سألته عن حفل زفاف قريبة . فضحكت بنعومة لتقلل من أهمية الأمر :"لا أظن أن علاقة القربى التى تربطك بـ لوغان ماكنزى أو حتى حفل زفافه أمران سريان"
قال فيرغوس ببطء:"لا...."
أراد أن يضيف شيئاً ما لكنه تراجع فى اللحظة الأخيرة . أخذت كلويه نفساً عميقاً لتشعر بالهدوء وتستعيد السيطرة على نفسها . فى الواقع إنها ليست بارعة فى مثل هذه الأمور .تصرفاتها هذا المساء والطريقة التى تقربت بها من فيرغوس ماكلاود وانضمامها إليه بهذا الشكل لم تكن مطلقاً جزءاً من شخصيتها الحقيقية .
لو أن أحداً من أصدقائها أو من أفراد أسرتها رآها أو سمعها لأصيب بصدمة قوية حتماً.لكنها فقدت السيطرة على نفسها حين رات فيرغوس يصل إلى المقهى فجأة , لذا تصرفت بسرعة بهدف الانضمام إليه . فهو لم يكن فى مزاج يسمح له بالتقرب منها.
أكملت تقول ممازحة:"هذا الزفاف هو أهم حدث اجتماعى لهذا الشهر,فيرغوس "
كشر اشمئزازاً وقال:"حسناً , رداً على سؤالك كان على ما يرام"
ثم أضاف مستدركاً:"او بالأحرى تم بأفضل ما يمكن للزفاف الناجح أن يكون"
رفعت حاجبين داكنين وقالت:"أنت لا تحب حفلات الزفاف,أليس كذلك؟"
عبس فى وجهها مرة أخرى وقد بدأ الشك يساوره وقال:"أنت ليس صحافية,أليس كذلك؟أم اننى سأرى على صفحات الجرائد الأولى فى صباح الغد حديثاً نقل عنى وأنا فى هذه الحالة من الأرهاق والنعاس؟"
لم تكن كلويه تحب الصحفيين والمراسلين أكثر منه! لقد سبق أن دمروا حياتها مرة...
أكدت له قائلة:"لا , كل ما فى الأمر أننى مهتمة وأردت الأطمئنان عليك ليس ألا"
قال فيرغوس بجفاء :"حسناً سبق واخبرتك أن الزفاف كان جيداً والآن أعذرينى حان الوقت لأطلب سيارة أجرة وأعود إلى منزلى"
ما أن أنهى جملته حتى أخذ يستعد للوقوف .نظرت كلويه إليه بقلق , لا يمكنه الانصراف الآن! لم تتمكن من التحدث إليه بعد وأن غادر الآن فلن تتاح لها فرصة أخرى للتكلم معه مجدداً فهذا...
تأوه فيرغوس ماكلاود:"آهـ تباً....."
لقد وجد انه لا يستطيع الوقوف فجلس فى مكانه مجدداً وأغمض عينيه ثم تنفس بعمق وسأل كلويه بحذر وعيناه لا تزالان مغمضتين :"هل يمكنك ان تسدى لى خدمة؟"
سوف تفعل أى شئ مقابل ألا يتركها فى تلك اللحظة ويذهب .فأجابت كلويه مقطوعة الأنفاس :"ربما...ماذا تريد منى؟"
أخذ نفساً عميقاً واجاب وهو ينظر إليها بعينيه البنيتين الدافئتين :"أظننى لن أتمكن من الوقوف بمفردى .فى الواقع لقد تناولت حبة منوم وكان على مغادرة المقهى قبل الآن!"
سألته :"ماذا تريدنى أن أفعل ؟"
كشر منزعجاً :"هل يمكنك مساعدتى لأخرج من هنا وأركب سيارة أجرة؟"
بدا واضحاً من كلامه أنه ليس من عادته طلب المساعدة من الآخرين . فكرت كلويه أن بإمكانها استغلال هذا الموقف لمصلحتها لكنها ستحتفظ بهذه الفكرة لنفسها الآن....
- بالطبع.
وقفت بلباقة وعلقت حقيبة يدها على كتفها ثم اتجهت نحوه وقالت تشجعه:"حاول فقط أن تقف وتستند إلىّ"
لاحظ فيرغوس نحول جسدها فقال والشك واضح فى صوته :"لا أظن أن بإمكانى الأستناد إليك فقد يتسبب ذلك بوقوعنا معاً"
كانت كلويه تنتعل حذاء ذا كعبين عالين ألا أن فيرغوس بدا أطول منها بكثير كما أن وزنه يوازى ضعف وزنها على الأرجح.لكن كلويه تتمتع بقوة جسدية لا يستهان بها . فقد ساعدته على الوقوف على قدميه ليغادرا المقهى .وبعد أن قطعا مسافة من دون أن يتعثرا قال فيرغوس باشمئزاز :"يا له من موقف محرج"
التفتت كلويه إليه وقالت من دون أن يبدو عليها التعاطف:"لما شعرت بالإحراج لو كنت شيخاً مسناً"
-أشعر الآن وكأن عمرى مئة عام!
فى الواقع لم يبدُ عليه ذلك بل بدا مظهره صبيانياً لا يدل إطلاقاً على سنوات عمره الخمس وثلاثين فقد انسدل شعره الحريرى الداكن على جبهته وعلت وجهه علامات الدهشة لعدم قدرته على الحفاظ على توازنه
لم تكلف كلويه نفسها عناء إستدعاء سيارة أجرة بل أرشدته إلى سيارة رياضية خضراء اللون مركونة فى موقف السيارات المجاور
ما أن اقتربا من السيارة حتى ضغطت على زر فى تعليقة مفاتيحها لتفتح الأبواب آلياً ثم فتحت باب المقعد المجاور للسائق وساعدته على الجلوس.
- هذه ليست سيارة أجرة
أدرك فيرغوس ذلك أخيراً وهو ينظر حوله وقد أصيب بدوار . يبدو أن الهواء النقى لم يساعده أبداً على استعادة توازنه وتركيزه بعد ان جلست كلويه خلف المقود وبدأت بتشغيل المحرك أجابت:"لا,هذه سيارتى"
أراد فيرغوس أن يحتج على الوضع لكن بعد أن فكر قليلاً فى الموضوع أسند رأسه بضعف إلى الوراء واسترخى فى المقعد الجلدى ثم أغمض عينيه قائلاً :"هل أحتاج إلى إطلاعك على عنوان منزلى أم أنك تعرفينه أيضاً؟"
استدارت كلويه إليه ونظرت إليه بحدة,هل بدا أنها تعرف الكثير عنه؟حين تأخرت فى الإجابة فتح فيرغوس عينا واحدة وقال بنفاد صبر:"حسناً؟"
أحنت رأسها قليلاً وأجابت بصوت أجش :"أعرف هذا أيضاً"
أخرجت السيارة من موقف السيارات وتوجهت إلى الشارع حيث الزحمة وإذا بـ فيرغوس يتمتم :"ذكرينى أن أسألك لاحقاً عن مصدر معلوماتك . لدى شعور بأننى لن أتذكر الكثير من هذه الأمسية حين أستيقظ غداً صباحاً"
أملت كلويه بصدق أن لا يحدث ذلك أبداً....

نهاية الفصل الأول

جمره لم تحترق 05-06-12 02:57 PM

2 ـ مهما كان الزمن
 

استيقظ فيرغوس عند الصباح ببطء لكنه لم يستعيد تركيزه إلا
بعد لحظات.
أدار رأسه يميناً و يساراً ليشعر ببعض الحيوية فأدرك أنه يستلقى فى سريره فى غرفة نومه الخاصة . شعر بثقل كبير فى رأسه . كيف وصل إلى هنا ؟ تباً! ليته يتذكر .
حدق فى الساعة الموضوعة قرب السرير وإذا بها تشير إلى التاسعة ونصف .
استلقى مرة أخرى على الوسادة وأغمض عينيه مجدداً . أى يوم هو هذا اليوم ؟ بالأمس كان حفل زفاف لوغان ودراسى...إذاً فاليوم هو الأحد . لا ضرورة إذاً للنهوض باكراً فليس لديه ما يقوم به أو مكان يقصده أو شخص يلتقيه كما أن الخادمة مود لا تأتى أيام الآحاد.
يمضى فيرغوس نهار الأحد فى العمل عادة.وعندما يشعر بالجوع يتناول السندوتشات.لذا لا حاجة لوجود مود يوم الأحد .لَم يشتم رائحة القهوة إذاً؟هل يشعر بالهلوسة بسبب الدواء المنوم الذى تناوله .أم لأن القهوة هى أكثر ما يرغب بتناوله الآن؟
لكن...لا! لا شك فى ذلك . أنه يشتم فعلاً رائحة القهوة , رائحة قوية منعشة ما الأمر إذاً؟
وفجأة سمع فيرغوس صوتاً أنثوياً حاداً من مكان ما قرب باب غرفة النوم:"هيا!هيا استيقظ فيرغوس !لقد أحضرت لك فنجان قهوة "
لم يتحرك فيرغوس بل عبس وهو لا يزال مغمض العينين وقد أدرك أن رائحة القهوة أصبحت أقوى الآن لكنه لم يصدق ما تسمعه أذناه . لا يمكن أن يكون الأمر حقيقياً...هل هناك حقاً امرأة فى غرفته؟وجود امرأة فى غرفته ليس بالأمر المستغرب فالطالما أمضى ساعات مثيرة برفقة النساء .لكن ليس الليلة الماضية على الأقل.تابع صوت المرأة بمرح:"هيا أيها الكسول .أجلس لتناول قهوتك"
فتح فيرغوس عينيه بهدوء وأدار أسه خائفاً مما سيراه.إذا به يرى فتاة ذات عينين زرقاوين وشعر أسود لامع وجسد نحيل.كانت ترتدى قميصاً طويلاً وقد ظهرت من تحته ساقاها الطويلتان . هل ما يراه حقيقة أم أنه لا يزال غارقاً فى عالم الحلام؟ما الذى أتى بهذه المراة إلى غرفته؟يذكر جلياً أنه غادر حفلة الزفاف بمفرده يوم أمس
وضعت المراة أحد الفنجانين على الطاولة المجاورة له :"هذه قهوتك من دون حليب وخالية من السكر"
تماماً كما يحب القهوة لكن كيف عرفت ذلك؟نظر إليها غير مصدق وهى تجلس على السرير إلى جانبه:"ماذا تفعلين هنا؟"
رفعت كلويه حاجبيها بتعجب وابتسمت له:"هل تمانع إن جلست هنا,وشربت القهوة معك؟و...ارتديت قميصك ؟فالجو بارد فى المنزل"
وارتعشت قليلاً قبل أن تتناول رشفة من فنجان القهوة
حدق فيرغوس إليها غير واثق مما إذا كان يريدها أن تجلس معه أم لا.كانت هذه المرأة تجول فى المنزل باحثة عن الأغراض التى تحتاجها لتحضير القهوة .وهى ترتدى قميصه أيضاً!
لحسن الحظ أن مود فى إجازة اليوم فبالرغم من أن خادمته تعرف طريقته فى قضاء حياة العزوبية إلا أنه لا يرغب فى التباهى بهذه الحياة أمامها
استدار ليأخذ قهوته ورشف رشفة منها . لكنه فى الواقع أراد أن يمنح نفسه بضع لحظات إضافية ليفكر .إنه لا يذكر كيف التقى هذه المراة وكيف أتى برفقتها إلى المنزل . لكن رغم ذلك فإن الحقيقة التى لاشك فيها هى أن هذه المرأة بغض النظر عن هويتها أمضت الليلة هنا.لكنه لا يذكر شيئاً مما حدث..لا يذكر أسمها حتى...كيف حدث ذلك بحق السماء؟كل ما يذكره هو انه غادر حفل الزفاف ودخل أحد المقاهى لكنه لا يذكر شيئاً بعد ذلك.
قالت الفتاة بسخرية من خلفه:"شكراً لك كلويه"
شعر فيرغوس ببعض الأرتياح ,كلويه هذا هو أسمها إذن لكنه لا يذكر....
بل أنه يذكر. بدأ يستعيد ذكريات الأمس تدريجياً . أتت هذه المراة للتحدث إليه فى المقهى . جلست قربه مع أنه لم يشجعها أبداً.فى النهاية...رافقته إلى منزله!!
وبدا كأنه فوت جزءاً مما حدث بعد أن تناول حبة المنوم تلك . لقد استيقظ هذا الصباح ليجدها فى غرفته لكنه لا يتذكر كيف وصلا معاً إلى هنا
تنهد قائلاً:"آهـ كلويه؟"
ثم التفت بهدوء وقد استعاد تركيزه ونظر إليها بعينين فاحصتين وإذا به يصعق لجمالها الفتان.إنها صغيرة جداً وقد بدت يداها حول فنجان القهوة كيدى طفل.لاحظ فيرغوس أنها لا تضع خاتم زواج
حسناً على الأقل لم يجد نفسه فى هذا المأزق مع امرأة متزوجة ! لكن...لا شك أنه فى مأزق كبير
كيف سيتصرف بحق الله مع امرأة أمضى الليل معها وهو لا يتذكر عنها شيئاً ؟ لا شك فى أنه غرق فى نوم عميق معظم الليل لكن ما حصل قبل ذلك...لا شك أن الإعتذار ليس كافياً الآن.بدلاً من ذلك قال بلهجة لا مبالية: "إنها قهوة لذيذة"
تقبلت كلويه كلامه بدفء ووضعت فنجانها جانباً :"شكراً لك"
ثم تابعت بخجل :"لا يسعنى أن أصف لك مقدار سعادتى بلقائك بالأمس فيرغوس"
- حقاً؟
مع أنه لم يكن فى أفضل حياته بالأمس فقد كان يشعر بالإحباط...والاستياء..والنعاس...لكن تباً! لا يمكنه مناقشتها فهو لا يذكر شيئاً مما حدث بينهما ولا يمكنه إدعاء العكس.لكنه يشعر بصعوبة فى الأعتراف لها بذلك لأنه سيبدو عديم الإحساس بل سيجعلها تشعر بالإهانة
أجابها:"انا سعيد لذلك.آهـ هل قمنا....؟"
جعله رنين جرس المنزل يتوقف عن الكلام .لكنه شعر بالسخرية من نفسه! من الطارق يا ترى؟اليوم هو الأحد والساعة لاتزال العاشرة إلا ربعاً صباحاً .
ثمة طريقة واحدة لمعرفة الجواب . لكن بالطبع كلويه الجميلة لن تتمكن من فتح الباب وهى ترتدى قميصه . عليه إذن أن ينهض من السرير وينزل ليفتح الباب . لعله من الأفضل أن يتجاهل ذلك الطارق ويبقى هنا برفقتها...لكن الجرس عاد يدق مجدداً وبإصرار أكبر هذه المرة . يبدو أن الشخص الذى يقف أمام الباب لا يفكر مطلقاً بالرحيل الآن
وقفت كلويه قائلة :"ألن تجلس لتفتح الباب ؟"
بالطبع عليه أن يفعل ذلك .لكن من الطارق يا ترى؟ربما...أمه التى جاءت إلى المدينة لحضور زفاف لوغان أو ربما ...إحدى النساء اللواتى كان يخرج برفقتهن خلال الفترة الماضية . سيكون من الصعب عليه أن يعرّف كلويه إلى أى شخص كان.فهو نفسه لا يعرفها جيداً
جلس على حافة السرير ووضع قدميه على الأرض ثم قال محذراً :"أبقى هنا!"
دخل الحمام ليبدل ثيابه وعندما خرج منه طمأنها قائلاً :"لن اتأخر"
ثم غادر الغرفة . يا له من موقف محرج! من هى كلويه. ومن أين أتت؟ وكيف سيتصرف حيالها الآن؟
فتح فيرغوس الباب فرأى قريبه برايس يقف أمامه وقد بدا وجهه مشرقاً فتنفس بارتياح :"برايس!"
حياه برايس قائلاً :"فيرغوس يا لها من سيارة جميلة!"
والتفت إلى السيارة الرياضية الخضراء المركونة امام المنزل . رفع برايس حاجبيه وسأل بفضول :"هل هى امرأة أعرفها ؟"
حدق فيرغوس إلى السيارة وكأنه لم يرها من قبل . لكنه استنتج أنها سيارة كلويه.حسناً! هذا يجيب عن بعض التساؤلات التى كانت تراوده منذ الصباح حين استيقظ ليجد كلويه فى غرفته .أن امراة تملك هذه السيارة ليست من نوع النساء اللواتى يطلبن أجراً مقابل قضاء ليلة برفقة رجل.
أضاف برايس ممازحاً :"او...ربما امرأة أود التعرف إليها؟"
فكر فيرغوس فى أن برايس سيصاب بالذهول ما أن يرى جمال كلويه , تماماً كما حصل معه. فلم يشعر بالارتياح مطلقاً لهذه الفكرة .سأل قريبه بسرعة :"ماذا تريد منى برايس؟"
علت الدهشة وجه برايس:"ألا تتذكرأننا أتفقنا على لعب الغولف معاً؟ قلت لى أنك لن تعمل اليوم لذا قمت بحجز الملعب عند الساعة الثانية عشرة ظهراً"
لقد تواعد مع برايس للعب الغولف اليوم! لكن كيف يمكنه الخروج برفقته وكلويه لا تزال فى غرفة نومه؟عليه أن يبقى معها ليكتشف من هى وماذا تريد....
وقفت كلويه خلف فيرغوس تماماً وحيّت برايس قائلة:"صباح الخير"
أجفل فيرغوس .فقد أمل أن يتخلص من برايس قبل أن يعود إلى غرفة النوم للتحدث مع كلويه فيتجنب بذلك حدوث لقاء بينهما . لكن حضورها الآن ووقوفها خلفه جعلا الأمر مستحيلاً . أجابها برايس وقد علت وجهه أبتسامة:"صباح الخير لك أيضاً"
تذكر فيرغوس كم تبدو كلويه فاتنة ومثيرة وهى ترتدى قميصه . فى الواقع إن كانت لا تزال ترتديه فسيبدو جالياً أنها أمضت الليل هنا.صحيح أنه و برايس مقربان جداً,لكن ذلك لا يعنى أنه يرغب بأن يراها أبن خالته فى تلك الحالة.
استدار بهدوء متمنياً لو أن تلك اللحظات تمر بسرعة آه! لا داعى للقلق .لم تكن كلويه ترتدى القميص بل فستاناً قصيراً أسود وتنتعل فى قدميها الصغيرتين حذاءاً ذا كعبين عاليين ما أظهر جمال ساقيها .ولم يعد شعرها مشعثاً بل انسدل على كتفيها كمنديل أسود لامع .لم تكن تضع على وجهها أى مساحيق تجميل إنما اكتفت بلمسة من أحمر الشفاة على شفتيها .رغم ذلك لم يساوره أى شك فى أنها أجمل فتاة وقع نظره عليها يوماً.
أنضمت كلويه إلى الرجلين اللذين يقفان قرب الباب وهى تسير بخطوات أنيقة . نظرت إلى فيرغوس بترقب وهى تقول :"ألن تعرفنا ببعضنا البعض,فيرغوس؟"
يعرّفها على برايس؟نعم من الأفضل أن يفعل ذلك . لكنه شعر للحظات بأنه مخطوف الأنفاس بجمالها .أخذ نفساً عميقاً ثم قال بهدوء :"كلويه هذا أبن خالتى برايس ماكليستر .برايس إنها كلويه"
ثم توقف فجأة لينظر إليها بعبوس .ليس لديه أدنى فكرة عن أسم عائلتها!
انقذته كلويه فى اللحظة المناسبة وقد لاحظت ارتباكه فقالت ضاحكة :"فوكس"
ثم مدت يدها لمصافحة برايس قائلة بسخرية:"لا تلمه برايس لقد استيقظ لتوه"
ثم نقلت نظرها بين الرجلين وقالت:"أعذرانى لكننى سمعتكما تتحدثان عن لعب الغولف.وأنا لدى موعد عند الواحدة سيكون على أن أستحم وأغير ملابسى"
وأشارت بسخرية إلى فستان السهرة الذى كانت ترتديه
شعر فيرغوس بالتوتر وتساءل لمن ضربت موعداً فى الواحدة يا ترى؟لا يمكنها أن تختفى هكذا فجأة! متى سيتمكن من رؤيتها مجدداً ؟ هلى أنتهى كل شئ الآن؟
وفجأة شعر برغبة قوية فى رؤيتها مجدداً كما شعر بالإحباط لأنه لا يذكر شيئاً عن الأوقات التى أمضياها معاً بالأمس .إنه بحاجة لأن يراها مرة أخرى لكى يتسنى له على الأقل فرصة يستعيد فى ذاكرته أحداث الليلة الماضية
التفتت كلويه إليه مبتسمة قبل أن تعانقه بسرعة ثم تمتمت بهدوء :"سأتصل بك لاحقاً ,موافق؟"
عناقها السريع هذا جعله يدرك بعض ما حدث بينهما الليلة الماضية . لقد سبق أن عرف فيرغوس العديد من النساء الحسناوات المثيرات لكنه لم يشعر مرة بمثل هذا التأثير جراء عناق برئ .كلويه فوكس قنبلة موقوتة حقاً !
أجابها بتوتر :"بالطبع سأنتظر اتصالك"
هزت رأسها مخاطبة برايس:"سررت بلقائك برايس "
وسارت بهدوء إلى سيارتها
راقبها فيرغوس بإعجاب وهى تتمايل بجسدها النحيل وساقاها الممشوقتان تتحركان برشاقة نحو سيارتها الرياضية .عندما صعدت كلويه إلى السيارة لوحت لهما بيدها قبل أن تدير المحرك وتنطلق نحو الطريق العام
أطلق برايس صفيراً خافتاً ينم عن الإعجاب ثم قال لـ فيرغيوس :"إنها فائقة الجمال حقاً فيرغوس!"
وافقه فيرغوس فى سره وفكر فى أنها رائعة فعلاً لكن...ها هى قد خرجت من حياته للتو . شعر بالضيق لهذه الفكرة إنه فيرغوس ماكلاود الرجل الذى ينهى دائماً علاقاته الغرامية قبل أن تأخذ طابعاً جدياً .أتراه وقع هذه المرة فى شباك هذه المرأة الغريبة؟لقد فات الأوان الآن .قد لا تتصل به كلويه فوكس أبداً فلعلها لا تملك رقم هاتفه!
تمكنت كلويه من الحفاظ على بسمتها إلى أن وصلت إلى أول منعطف . وما إن تأكدت من ابتعادها عن منزل فيرغوس حتى بدأت ركبتاها ترتجفان ليمتد الأرتجاف بعد ذلك إلى يديها .ما جعلها تواجه صعوبة فى إبقاء السيارة فى المسار الصحيح .ادركت أن عليها التوقف قليلاً بجانب الطريق تفادياً لأى اصطدام . أغمضت عينيها وأسندت رأسها إلى الخلف وقد راح جسدها كله يرتعش .
بالأمس فرضت نفسها على فيرغوس وذلك بهدف واحد هو إيجاد فرصة للتحدث معه وأوصلته إلى منزله للغاية نفسها . لكن استسلامه بسرعة إلى النوم ما أن أوصلته إلى سريره فى غرفته التى تقع فى الطابق العلوى من منزله أفشل خطتها تماماً .أخذت تحدق إليه لدقائق وقد شعرت بالإرهاق .وأدركت أنها غادرت منزله فى تلك اللحظات ,كما طلب منها أن تفعل, فسوف ينسى كل ما يتعلق بتلك السهرة بل كل ما يتعلق بها . لكنها لم تكن مستعدة للمخاطرة بعد أن تمكنت من الوصول إليه لذا قررت البقاء فى منزله .فأمضت الليل متكورة بإنزعاج على الكرسى فى غرفته فيما غفا فيرغوس بهدوء وارتياح فى سريره الضخم
حينذاك بدت لها الفكرة جيدة أم الآن فلم تعد واثقة من ذلك . لقد تمكنت من إثارة فضوله من دون شك فقد بدت صدمته واضحة حين أستيقظ ورآها فى غرفته . كل ما أرادته هو كسب تعاطفه لكنها شعرت بأن هذا الأمر صعب المنال
ومع وصول قريبه المفاجئ فقدت كلويه أى فرصة للتحدث إليه.
أخيراً توقفت عن الأرتجاف فأخذت نفساً عميقاً وأدارت المحرك من جديد لتكمل طريقها إلى المنزل حيث تسكن مع والديها
كيف سيكون ردة فعل فيرغوس أن علم بذلك؟
لا شك أن الدلائل التى رآها ليلة أمس جعلته يظن أنها امرأة متحررة تستطيع الخروج ساعة تشاء فتلك النظرة المريعة التى تفحص بها يدها ليتأكد من عدم وجود خاتم زواج لم تفتها على الأطلاق.لكنه أخطأ بإعتقاده أنها امرأة غير مرتبطة .لحسن حظها أن والديها خرجا منذ الصباح إلى الكنيسة ولن يكتشفا دخولها خلسة إلى المنزل
ركنت سيارتها إلى جانب سيارة والدتها .بدا واضحاً أن والديها خرجا بالجيب الخاص بوالدها .تنهدت كلويه وقد شعرت بالارتياح فلو أن والديها رأياها بفستان السهرة الذى ترتديه لأكتشفا أنها أمضت الليل خارج المنزل.وآخر ما تريده هو مواجهة الأسئلة حول الليلة الماضية وما جرى فيها !
كانت تهم بصعود الدرج المؤدى إلى غرفتها محاذرة أن يراها أحد الخدم عندما فُتح الباب خلفها :"كلويه؟"
إنه دايفيد زوج أختها والمساعد الشخصى لوالدها...لا بأس ! كانت لتواجه موقفاً أسوأ من هذا!
التفتت إليه مبتسمة إنه نهار الأحد وهى تعلم أن أختها وأولادها الثلاثة ينتظرونه فى منزله فقالت ممازحة:" أليس لديك منزل خاص بك تقصده؟"
بدا دايفيد طويلاً نحيل الجسم وقد بدأ شعره الأشقر يتساقط عند قمة رأسه
دايفيد لاتام هو مساعد والدها منذ خمسة عشر عاماً ووجوده فى المنزل جعله مقرباً من العائلة.ومنذ إثنى عشر عاماً تزوج من شقيقتها الكبرى بينى مما أفرح قلب والديها المولعين بأحفادهما الثلاثة :بول وقد سمى كذلك تيمنا بجده وهو الآن فى العاشرة من عمره وديانا هى فى السابعة من عمرها وأخيراً جوش وهو أبن خمس سنوات
رفع دايفيد بعض الأوراق فى وجهها قائلاً:"جئت أعطى والدك هذه الأوراق فسيحتاج إليها فور عودته من الكنيسة .الأحرى بى أن أسألك إن كنت قد نسيت أن لديك منزلاً تعودين إليه مساء أمس "
وأشار بعينيه إلى فستانها ثم أضاف قائلاً :"من المؤكد أنك لا تفكرين بالإنضمام إلى والديك وأنت ترتدين هذا الفستان"
أجابت مكشرة:"أنت محق"
ضحك بنعومة :"لا تقلقى كلويه تعلمين أننى مررت بهذه المرحلة قبلك "
بدا واضحاً أن دايفيد استنتج انها أمضت سهرة صاخبة فتأخرت فى العودة إلى المنزل .من الأفضل أن يعتقد الجميع ذلك.مع العلم أن كلويه تعرف أن أموراً كهذه تثير الأقاويل حول مركز والدها السياسى.
ففى هذه الفترة تصبح المظاهر ذات أهمية كبرى بالنسبة لوالدها وذلك يشمل صهره ومساعده الشخصى كما يشمل ابنته الصغرى .أجابت كلويه بخفة :"إن لم تخبر والدى عنى فلن أخبره شيئاً عنك.والآن أظن أنه من الأفضل أن أصعد إلى غرفتى لأستحم وأبدل ملابسى قبل أن يرانى أحد سواك "
ابتسم دايفيد ابتسامة عريضة :"يبدو أنك لم تأخذى قسطاً وافياً من النوم الليلة الماضية"
أنه على حق !أدركت كلويه ذلك بعد دقائق معدودة حين نظرت إلى صورتها فى المرآة فى غرفتها . فقد بدا وجهها شاحباً ووجنتاها باهتتين وعيناها محاطتين بهالتين سوداوين .كانت ليلتها طويلة كما تذكر لأنها أمضت معظم الليل مستيقظة وهى تجلس على كرسى فى غرفة فيرغوس ماكلاود فيما هى تتساءل أى نوع من الرجال هو!
آه إنها تعلم الكثير عنه .لقد رحل مع والدته ليعيشا فى قصر جده فى اسكتلندا وذلك بعد طلاق والديه وبعد إنهاء دراسته أصبح محامياً لكنه ومنذ ست سنوات تخلى عن مهنة المحاماة ليتفرغ للكتابة
لكن هذا ليس ما أرادت معرفته عنه.فهى تريد أن تعرف إن كان رجلاً رحوماً طيب القلب ويؤمن بالعدالة حتى لو كانت قاسية.

.....هذا ما أرادت معرفته عن فيرغوس ماكلاود قبل أن تطلب منه ما تريد . لم تخلد كلويه إلى النوم عملاً بنصيحة دايفيد. بل تناولت الغداء لاحقاً مع والديها بعد أن أنضم إليهم دايفيد وبينى والأولاد .كما يحصل دائماً أيام الأحاد .ثم أمضت فترة بعد الظهر برفقة والدتها فقامتا بكتابة ردود على الرسائل والدعوات التى وصلتهم خلال الأسبوع المنصرم .فكانتا ترسلان رداً بالموافقة على الدعوات التى يمكنهم تلبيتها فوالدها على وشك أن يخوض مضمار السياسة من جديد والظهور فى المناسبات الأجتماعية سوف يساعد كثيراً !
لحسن الحظ أنهم تناولوا العشاء بمفردهم تلك الليلة فاستخدموا غرفة الطعام الصغيرة بالأسرة وهى أكثر حميمية .أما الغرفة الكبيرة التى تتسع لمجموعة كبيرة من الأشخاص فيستخدمونها حين يكون لديهم ضيوف على العشاء وذلك يحدث مرة فى الأسبوع على الأقل .
كان الطعام رائعاً كالمعتاد .لكن ما إن أنهت كلويه طعامها حتى شعرت بآثار الأرق الذى عانت منه الليلة الماضية فاستأذنت من والديها فيما كان يشربان قهوتهما .نظر إليها والدها باهتمام وقال:"تبدين شاحبة هذا المساء عزيزتى"
يبلغ والدها الخامسة والخمسين من عمره . وهو وسيم ذو إطلالة مميزة بشعره الداكن الذى لم يغزه الشيب إلا عند أطرافه فأضفى عليه لوناً رمادياً وقوراً .فكرت كلويه أنها تعشق والدها كثيراً وهى مستعدة للقيام بأى شئ من أجله إذا إنه يملك كافة الصفات الحسنة التى أرادت أن تبحث عنها فى فيرغوس ماكلاود.
شعرت بثقل فى صدرها ما إن فكرت بذلك الرجل .فذكرى لقائها به هى إحدى الأسباب التى دفعتها للخلود إلى النوم باكراً فى هذا المساء . فقد راحت تؤجل الأتصال به طيلة النهار لأنها شعرت ببعض القلق مما تقوم به . من جهة أخرى أملت أن يزيد ذلك من فضوله بعد أن وعدته بأن تتصل به لاحقاً . أرادت أن تثير اهتمامه لفترة إلى أن تتمكن من التعرف إليه جيداً وتجد الفرصة الفضلى للتقرب منه.
لقد بدأت بذلك فعلاً هذا الصباح!ربما كان قرارها بأن تقضى الليل فى منزله قراراً ساذجاً لكنها لم تتصور أبداً أن فيرغوس سيعتقد أنهما تشاركا الفراش سوياً . من نظرة واحدة إليه صباحاً أدركت كلويه ما يفكر فيه بالضبط.
أجابت والدها بحزن:"السبب على الأرجح أننى تأخرت فى الخلود إلى النوم ليلة أمس"
شجعتها والدتها بابتسامة دافئة فيما هى تقبلها أيضاً:"إذا فالنوم باكراً اليوم هو الحل المناسب , صغيرتى"
فى الخمسين من عمرها لا تزال والدة كلويه جميلة فملامحها رقيقة وشعرها داكن يصل حتى كتفيها ووجهها نضر خالى من التجاعيد أما يداها فناعمتان تماماً كما لو انها فى سن أبنتها كلويه وعيناها الزرقاوان دافئتان ومليئتان باللطف لاسيما عندما تنظر إلى أبنتها الصغيرة الشابة
أما أختها بينى فكانت فى العاشرة من عمرها حين ولدت كلويه . وكانت هذه الأخيرة بمثابة مفاجأة لهم جميعاً لذا يُشعرها الجميع ومنذ طفولتها بإنها كنز العائلة الثمين تماماً كما تعتبر هى أن عائلتها وسعادة هذه العائلة هما كنزها الثمين.
ابتسمت كلويه لوالديها :"أراكما غداً صباحاً!"
ما أن أدارت ظهرها حتى أختفت ابتسامتها تماماً . لم يعد بإمكانها تأجيل الأتصال بـ فيرغوس أكثر رغم رغبتها فى ذلك....!
حين أصبحت فى غرفتها أمسكت هاتفها الخلوى وطلبت الرقم قبل أن تغير رأيها .إذا فكرت بالموضوع أكثر فلن تتمكن من الأتصال أبداً !
شعرت بإنقباض فى قلبها حين أخذت الهاتف يرن و يرن...لم يخطر فى بالها أبداً أنه قد لا يكون فى المنزل حين تتصل به....ماذا...؟
وفجأة سمعت صوته:"فيرغوس ماكلاود"
حاولت كلويه أن تستعيد السيطرة على نفسها وهى ترد بثقة كبيرة تمنت لو أنها تشعر بها فعلاً فى داخلها :"هل قاطعتك عن عمل ما؟"
لن تدعه يشعر بمقدار توترها بسبب هذا الأتصال والتحدث إليه إذ لن يساعدها ذلك فى مهمتها أبداً . ساد صمت قصير بينهما بعد أن تأخر فيرغوس فى الرد ثم سألها :"كلويه؟"
بدا غير واثق من هويتها وأقل ثقة بنفسه من الليلة الماضية وهذا الصباح . هل نجحت لعبتها؟لقد أجبرته على انتظارها !
-هل كنت تتوقع شخصاً آخر؟
ثم أردفت :"أم أنه سؤال سخيف؟"
فى النهاية قد تكون فى حياة فيرغوس امرأة أو....نساء عدة ! إن التحريات التى قامت بها فى الأسبوعين الماضيين لم تكشف لها تفاصيل عن حياته الشخصية لكنها لا تعتقد أنه ذهب إلى حفل زفاف قريبه بالأمس برفقة امرأة وإلا لما قصد المقهى بمفرده
تشدق فيرغوس قائلاً :"لا,أبداً . كنت أستحم حين رن الهاتف فخرجت مسرعاً لأرد"
سألته كلويه بنبرة مثيرة :"هل تعنى أننى أخرجتك من الحمام؟"
أجاب فيرغوس بجفاء :"نعم,هذا صحيح"
ضحكت ضحكة خافتة :" آه !"
فقال فيرغوس بعدم ارتياح :"لكننى أشعر بالبرد "
أجابته كلويه بسرعة :"عليك أن تقتنى هاتفاً خلوياً"
جاء صوته مرتبكاً:"ماذا؟"
شرحت له كلويه بتمهل :"لو كنت تملك هاتفاً خلوياً لأمكنك إدخاله معك إلى الحمام"
أكد لها فيرغوس بلهجة حاسمة :"لا ما كنت لأفعل . أكره هذه العادات التافهة فهى تقتحم خصوصية الشخص"
ثم أكمل بنفور:"إن مجرد التفكير فى بأن أى شخص يمكنه مقاطعتى عند الأستحمام ساعة يشاء يشعرنى بالانزعاج أنا لا أتساهل فى بعض الأمور"
تذكرت كلويه حمامه الفخم المجاور لغرفة نومه وتذكرت بصورة خاصة ذلك المغطس المستدير الضخم الذى يكتسح المكان بلونه العاجى والذهبى .أن ذلك المغطس كبير جداً وكأنه مصنوع خصيصاً ليتشاركه شخصان!
- إنها مجرد فكرة . ليس إلا.
-هل لى أن أعرف سبب هذا الأتصال ؟
أرادت أن تصرخ فى وجهه قائلة : "إن تصرفاتك المتسرعة تهدد بتدمير والدى وعائلتى من جديد . لكنها لم تفعل بل ذكرته قائلة:"لقد وعدتك بأن أتصل بك"
غمغم فيرغوس:"وهل تنفذين دائماً ما تقولينه؟"
أجابت كلويه :"نعم.فأنا أجد ذلك أفضل"
ثم تابعت:"كيف كان لعب الغولف؟"
قال متحسراً:"لقد هزمنى برايس . ماذا فعلت بى ليلة أمس يا امرأة ؟لم تكن لدى قوة حتى لأضرب كرة الغولف !"
لم تفعل به أى شئ ! على الأقل ليس ما يعتقده . فبعد أن أوصلته إلى منزله وساعدته فى الصعود إلى غرفته أستلقى بمفرده فى السرير لينام نوماً عميقاً
ضحكت كلويه بصوت مبحوح وردت من دون تعليق :"مسكين فيرغوس!"
لقد أدركت بالضبط ما هى الأستنتاجات التى توصل إليها فيرغوس حين وجدها هذا الصباح فى منزله وتحديداً فى غرفة نومه .أما هى فبعد أن شعرت بصدمة مرعبة من تحليله الخاطئ قررت أن تستفيد من الأمر لصالحها . فهذا الأستنتاج سيجعل فيرغيوس غير واثق من الهدف الرئيسى لإصرارها على التعرف إليه.لكنها لم تكن لتخبره بتلك الكذبة بنفسها أبداً فلو فعلت ذلك لهبطت إلى مستوى أولئك الأشخاص الذين دمروا حياة والدها المهينة .ودمروا فى طريقهم حياته العائلية.
منذ ثمانى سنوات كان والد كلويه عضواً بارزاً فى الحكومة .كان مركزه السياسى قوياً ما يؤهله ليكون رئيس الحكومة القادمة . لكن هذا كله تحططيم أمام عينيه حين قامت إحدى مساعداته بالأنتحار .
سوزان ستيرلنغ امراة فى العقد الثالث من العمر غير متزوجة ولم تقم علاقة طويلة الأمد مع أى رجل حين أقدمت على الانتحار تبين أنها كانت حاملاً فى شهرها الرابع .
كتبت الصحف الكثير عن هذا الموضوع . وركزت اهتمامها على معرفة والد طفلها الذى لم يرّ النور فتوجهت أصابع التهام إلى والد كلويه.
ترددت أصداء الفضيحة لأيام لا بل لأسابيع.ومع أن والدها نفى وجود أى علاقة بينه وبين تلك المرأة إلا أن ذلك لم يردع الصحافة . طارد ذلك الكابوس أفراد عائلتها كلهم أينما ذهبوا وتحولت حياة كلويه فى المدرسة إلى حياة بائسة . لكن زواج والديها صمد فى وجه الأكاذيب كلها ,إذا لم تهتز ثقة والدتها بوالدها أبداً .أما كلويه وبينى فلم تشكا يوماً بصدق والدهما وإخلاصه .إنما وبعد مرور سنة على تلك الفضيحة جرت انتخابات جديدة ولم يرغب رئيس الوزراء بأن تسقط حكومته فطلب من والدها أن يقدم استقالته . وحين أجريت الأنتخابات العامة بعد ثمانية أشهر لم يتمكن من النجاح .لذا فقد والدها مقعده بعد أن أستغل منافسوه تلك الفضيحة
ظل والد كلويه بعيداً عن السياسية لثمانى سنوات والآن حين قرر العودة إلى الحياة السياسية تلقى تهديداً من مصدر مختلف تماماً .و سواء أكان مصدر التهديد مدركاً لما يفعله أم لا وسواء أكان مهتماً بما يقوم به أم لا فمن المؤكد أن مصدر التهديد هو شخص واحد فيرغوس ماكلاود!
وأن كان بمقدور كلويه أن تمنعه من تدمير والدها مجدداً فستقوم بما يلزم لذلك ومهما كلف الثمن!

نهاية الفصل الثاني

زهرة منسية 05-06-12 05:58 PM

هلا زووووز
كيفيك حبيبتى
نورتى المنتدى بروايتك
ما أحلى عرضك للرواية وأسلوبك الراقى فى تنزلها
ولقد أصبت بالتخمة من كتر كلامك الرقيق لدرجة أن أناملى عجزت عن الرد على ذوقك و رقيك
موفقة حبيتى
ويسعدنى أن أكون أول الضاغطي على أيقونة الشكر
بالرغم من إنها لاتفيكى حقك


جمره لم تحترق 06-06-12 05:43 PM

كل الامتنان لك
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3111968)
هلا زووووز
كيفيك حبيبتى
نورتى المنتدى بروايتك
ما أحلى عرضك للرواية وأسلوبك الراقى فى تنزلها
ولقد أصبت بالتخمة من كتر كلامك الرقيق لدرجة أن أناملى عجزت عن الرد على ذوقك و رقيك
موفقة حبيتى
ويسعدنى أن أكون أول الضاغطي على أيقونة الشكر
بالرغم من إنها لاتفيكى حقك


فديت ذوقك غلاتي أي شكر الي تتكلمين عنه
والتعب تعبك . . . اتمنى من ربي يديم المحبة والاخوه الي بيننا
سلمك ربي من كل شر . . وامتناني لتواجدك الدائم في كل جديد

جمره لم تحترق 06-06-12 05:44 PM

3 ـ المستبدة الصغيرة
 
3 ـ
المستبدة الصغيرة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png
أخيراً حثها فيرغوس حين تأخرت فى الإجابة عن سؤال:"كلويه....؟"
لا تحتاج بالطبع إلى هذا الوقت كله لتقرر إن كانت تود قبول دعوته على العشاء أم لا.على أى حال هى من أتصل به . وقد أراد فيرغوس مناقشة بعض الأمور الغريبة بشأنها حين يتناولان العشاء معاً فى وقت لاحق من هذا الأسبوع .
بدت كلويه وكأنها تتعانى من دوار أصابها :"عفواً , فيرغوس .ماذا قلت؟"
لعلها متعبة فقط فليلة الأمس لم تتمكن من النوم جيداً!
- سألتك إن كنت تقبلين دعوتى على العشاء مساء يوم الجمعة.
أراد رؤيتها قبل يوم الجمعة ليطرح عليها بعض الأسئلة إلا أن والدته ستبقى فى المدينة لبقية الأسبوع .كما أنه افترض أن كلويه لديها وظيفة ويوم الجمعة ملائم للخروج بالنسبة إليها .
قبلت كلويه دعوته مبدية حماسها :"أود ذلك بالتأكيد .أين تود أن نذهب؟"
-ما رأيك بالذهاب إلى "برناردوز"؟
"برناردوز"مطعم عصرى يقصده الشبان عادة للقاء أو للتعارف ورغم أن فيرغوس لم يكن معتاداً على ارتياد مثل هذه الأماكن إلا أنه فكر بأن كلويه لا تزال شابة صغيرة ولابد أنها معتادة على زيارة أماكن كهذه.صحيح أن فيرغوس لا يعرف كم يبلغ عمر كلويه لكنها بدت له فى بداية العشرينات.خطر له أنها صغيرة جداً بالنسبة إليه,فسخر من نفسه لأنه لم يهتم بفارق العمر بينهما ليلة الأمس.
بدت تكشيرة كلويه واضحة من خلال نبرة صوتها :"ألا يمكن أن نقصد مكاناً أقل...استعراضاً؟"
أجاب وقد شعر بالرضى :"كلويه فوكس لقد زاد تقديرى لك الآن"
ثم أضاف :"أنا أكره تلك الأماكن المتكلفة أيضاً !"
فسألته باستغراب :"لِمَ اقترحت هذا المكان إذن؟"
أجاب فيرغوس بصدق :"ظننتك تحبين تلك الأماكن"
فقالت بخفة :"شكراً . لكن لا شكراً.يمكننا الذهاب إلى مطعم "الشيف سيمون""
أجاب فيرغوس فوراً وبنبرة عنيفة:"لا!"
بالرغم من العلاقة الحميمية التى تربط فيرغوس بـ لوغان وبرايس إلا أنه أراد إبقاء أفراد الأسرة الآخرين بعيداً عن تفاصيل حياته
خالته ماغ هى زوجة دانييل سيمون وبالأمس أصبح لوغان أبن خالته زوج دارسى أبنة دانييل .آخر ما يريده فيرغوس هو الظهور فى المطعم برفقة كلويه ليستعرض حياته الخاصة أمام أنظار أفراد الأسرة كلهم.لن تسأله كلويه عن سبب اعتراضه بل قالت:"حسناً.ما رأيك بالذهاب إلى "اكزاندر" بدلاً منه. إنه..."
إنه يعرف تماماً أين يقع ذلك المطعم الفاخر فقاطعها :"أنا أعرفه , كلويه "
لم يشعر بالرضى للطريقة التى تحاول فيها تلك الفتاة الصغيرة السيطرة عليه واتخاذ القرارات عنه.فالنساء المستبدات لسن النوع المفضل لديه ,ووالدته هى خير دليل على هؤلاء النسوة المدمرات . لقد تمكن والده من تحملها عشر سنوات قبل أن يتخلى عنها وعنه معاً!
اقترحت كلويه فى محاولة لتصحيح موقفها أمامه :"هناك مكان هادئ آخر قد تفضل الذهاب إليه"
لقد تقبل فيرغوس فكرة أنها أروع وأجمل مخلوقة رآها فى حياته وأنهما قد أمضيا الليلة الماضية معاً.لكن ذلك لا يعنى أنه يثق بها تماماً إنها تعرف الكثير عنه فكيف يمكنه أن يشعر بالثقة بها؟يمكنه على الأقل أن يحدد الوقت إن لم يتمكن من تحديد المكان!
أجابها بهدوء:"لا اكزاندرمطعم جيد . سأحجز طاولة للساعة الثامنة ونصف .هل يناسبك ذلك؟"
وافقت كلويه:"حسناً,أراك يوم الجمعة إذن"
كانت على وشك أقفال الخط حين أوقفها قائلاً بجفاء :"كلويه ,يمر الرجل عادة بمنزل الفتاة لإصطحابها إلى العشاء"
قالت بقصد إزعاجه:"ظننت من الأفضل أن أذهب بسيارتى فقد تحتاج إلى من يعيدك إلى منزلك"
فقال مدافعاً عن نفسه:"لا أحتاج إلى ذلك فى الأوقات العادية"
لم يستطيع ان يغض النظر عما قصدته بكلامها عن حالته المزرية ليلة أمس ,رغم انها قالت ما قالته فى سبيل المزاح . لكن كلويه حاولت التخفيف عنه مبدية تعاطفها :"لقد أخبرتنى أنك كنت متضايقاً بسبب زواج قريبك"
لم يكن فيرغوس واثقاً مما أخبرها أو لم يخبرها به,ومما فعله أو لم يفعله ليلة أمس .لذا لم يشعر بالارتياح على الأطلاق .فهو فى العادة سيد نفسه وشديد التحكم بما يحيط به .أجاب بانزعاج :"فى الواقع , لا أدرى لما قلت ذلك بالأمس فأنا سعيد جداً من أجل لوغان ودارسى"
بعد التفكير رأى أنه سعيد فعلاً من اجلهما .فالغضب الذى شعر به فى الأمس خمد.على أى حال لن يبقى هو وبرايس ولوغان "الثلاثى المراوغ" إلى الأبد ثم تابع بنبرة حاسمة:"كما أننى أفضل أن أمر بك لاصطحابك إل المطعم نهار الجمعة"
فردت كلويه بشكل قاطع :"وأنا أفضل أن ألقاك فى المطعم"
شعر فيرغوس بخيبة أمل بسبب إصرارها على موقفها . لِـمَ لا تريده أن يمر بها يوم الجمعة؟هل لديها ما تخفيه أو ربما...شخص يخيفها؟إذا كانت لا تضع خاتم زواج فهذا لا يعنى أن ما من علاقة دائمة فى حياتها ,إذ لا يرغب الجميع بالزواج هذه الأيام .إن كان الأمر كذلك .فلابد أن شريكها ضعيف الشخصية كى يسمح لها بالمبيت خارج المنزل.لو أن فيرغوس مكانه لما كان متفهماً بهذا الشكل .
أجابها بلا مبالاة :"لك ما تريدين.والآن إذا لم يكن لديك مانع فسأعود لمتابعة الأستحمام فقد بدأت أشعر بالبرد"
أثارت هذه المحادثة سخطه فثمة ما يشعره بالانزعاج فى كلويه فوكس ولا يقتصر الأمر على إنها استبدادية فبالرغم من قضائه الأمسية برفقتها إلا أنه لا يشعر أنه يعرفها .
حسناً ! سوف يتغير الأمر كلياً يوم الجمعة.
على الأقل هذا ما كان ينويه .لكن كلويه لم تظهر بالمطعم فى الوقت المحدد . ها أن فيرغوس ينتظرها منذ خمس عشرة دقيقة وقد بلغت الساعة الآن التاسعة إلا ربعاً ولم تأت بعد.لذا بدأ يشعر بعدم الارتياح فهو يجلس إلى طاولة منعزلة حتى أنه بدأ يشعر بنظرات التعاطف التى يرمقه بها الجالسون إلى الطاولات الأخرى .وأن وصلت كلويه الآن فلن يكون فى مزاج جيد . فبالإضافة إلى طول انتظاره ,لم يتناول طعاماً بعد مع أنه عمل بجهد طيلة اليوم . وهذا ليس بالأمر المستغرب .فهو ينسى دائماً تناول الطعام ما أن يبدأ بالعمل.
فى الواقع وباستثناء الوقت القليل الذى أمضاه برفقة والدته قبل عودتها إلى اسكوتلندا كان فيرغوس يعمل بجهد طيلة الأسبوع . فهذه طريقته لصرف انتباهه عن انتظار موعد يوم الجمعة.
وبالرغم من محاولاته الكثيرة لم يتمكن فيرغوس من معرفة أى شئ عن كلويه فوكس .فقد سأل عنها بعضاً من أصدقائه ومعارفه بتحفظ وحذر فتبين له أن أحداً لم يسمع بأسمها من قبل,كما أن البحث المباشر عنها لم يساعده مطلقاً فهو لا يملك أدنى فكرة عن عنوان سكنها .أما دليل الهاتف فملئ بالأرقام لأشخاص من عائلة فوكس .مما جعل الأمر محيراً أكثر فأكثر .هل ظهرت كالسحر وهى لا تنتمى إلى أى مكان؟ فعدا أتصالها عشية نهار الأحد لم يظهر لها أثر طيلة الأسبوع .أنه....
بالرغم من اختفائها طوال الأسبوع عادت لتظهر من جديد الآن!
ومن جديد تمكنت من خطف أنفاسه ما أن ظهرت أمامه!
لقد بدات كلويه فاتنة تماماً ليلة السبت وصباح الأحد إلا أنها بدت الآن مختلفة و مميزة تماماً وادرك فيرغوس أنه ليس الوحيد الذى لاحظ جمالها الساحر.
مطعم اكزاندر من أكثر المطاعم فخامة وعراقة ومعظم زبائنه من المشاهير والأغنياء لكن حين سارت كلويه برشاقة فى الصالة المليئة بالناس عم السكوت وتوقف الجميع عن تناول الطعام الشهى ليتمكنوا من تأملها بإعجاب .
بدا فستانها القرمزى بياقته الرسمية فى غاية الأناقة وقد انسدل قماشه الحريرى على جسدها وكأنه جزء من بشرتها .كما أظهر ساقيها الطويلتين الممشوقتين.
أما شعرها فلم يكن هذه المرة منسدلاً على ظهرها بل مرفوعاً على شكل كعكة أنيقة عند قمة رأسها . لقد أظهرت أناقتها البسيطة الناعمة جمالها الفتان المميز.بدت بشرتها ناعمة كزهرة الماغنوليا أما عيناها الزرقاوان فقد أضفى عليهما الكحل سحراً خاصاً وقد وضعت على شفتيها أحمر شفاه قرمزى اللون كلون فستانها تماماً فبدت أجمل امرأة فى المطعم دون منازع
شعر فيرغوس بنوع من الرضى لأن هذه المرأة الجميلة ستكون رفيقته فى هذه السهرة .هبّ واقفاً ما إن أقتربت من الطاولة حيث يجلس :"تبدين جميلة"
تشبعت حواسه على الفور من رائحة العطر الذى تضعه ومع أن فيرغوس لم يعرف نوع العطر إلا أنه أدرك أن هذه الرائحة ستذكره دوماً بهذه المرأة الفاتنة
-شكراً لك فيرغوس
جالت ببصرها حولهما وقالت ببهجة واضحة :"ألا يبدو هذا المكان رائعاً؟"
لم يتمكن فيرغوس من إبعاد نظره عنها.إنه فى الخامسة والثلاثين من عمره وقد عرف العديد من النساء .وأقام علاقات حميمة معهن إلا أن أياً منهن لم تكن بمثل هذا السحر الذى تميز به كلويه فوكس
ابتسمت له كلويه فظهرت أسنانها الصغيرة البيضاء التى لا يزال يذكرها منذ لقائهما الأول فى نهاية الأسبوع المنصرم
-آسفة لأنى تأخرت قليلاً
لم يستطيع منع نفسه من الشعور بشئ من الغضب لأنها لم تقدم له أى تفسير لتأخرها عن الموعد المحدد.فقد مضى عليه حوالى نصف ساعة وهو يجلس بانتظارها حتى كاد يشعر أنه فى غاية الحماقة
قال بلهجة رسمية:"هل ترغبين فى كوب عصير؟"
ابتسمت بحزن وهزت رأسها نفياً .التفتت إلى النادل لتطلب منه كوباً من المياه المعدنية ثم استدارت مجدداً نحو فيرغوس برزانة :"هل أمضيت أسبوعاً جيداً؟"
فجأة تصاعد غضب فيرغوس ,أن هذه الطريقة فى الكلام سوف تخلق حاجزاً بينهما وهذا أمر غير مستحب بعد أن أمضيا ليلة السبت مع بعضهما البعض .لكنه أجاب بإختصار :"نعم , شكراً"
لقد قام خلال هذا الأسبوع بأبحاث عديدة عن موضوع كتابه الجديد وسيكون مستعداً للبدء بالكتابته قريباً
- ماذا عنك؟
هزت كلويه كتفيها :"كنت منشغلة طوال الأسبوع"
- بمَ كنت منشغلة ؟
نظرة إليه بعينيها الزرقاوين والمرح باد خلف رموشها الطويلة :"بأمور كثيرة"
نظرة المرح فى عينيها لم تخف على فيرغوس !أن هذه الفتاة الوقحة الصغيرة تعرف تماماً ما يرمى إليه سؤاله وقد قررت ألا تسهل عليه مهمته أبداً .أخذ نفساً عميقاً:"كلويه....!"
ضحكت كلويه عالياً وأمسكت بيده مطولاً وهى تعتذر :"أنا آسفة فيرغوس .ما كان على أن أضايقك هكذا أنا مصممة أزياء"
وأخيراً عرف شيئاً عنها عدا أسمها ! هذا ليس بكثير لكنها البداية فقط!
سألها باهتمام :"هل صممت هذا الفستان الذى ترتدينه الليلة بنفسك؟"
أجابت وهى تبتسم للنادل الذى جاء ليسكب لها الماء:"بالطبع"
بالطبع؟!
هذا يعنى أن تصاميمها رائعة فقد بدا الفستان مذهلاً عليها ومناسباً تماماً لجسدها النحيل والرقيق .شعر فيرغوس أن الجليد بدأ يذوب بينهما أخيراً علماً أن لا داعى لوجود هذا الحاجز الجليدى بينهما نظراً للظروف السابقة. فسألها بخفة:"لحساب من تعملين؟"
رشفت كلويه رشفة من كوبها قبل أن تجيب :"لحسابى الخاص .لكن ماذا عنك أنت,هل أنت...؟"
قاطعها فيرغوس وقد شعر بإنها تحاول تغيير الموضوع :"تقصدين أنك مصممة مستقلة؟"
لم تعلق كلويه كثيراً على الموضوع :"ليس تماماً ! هل ننظر إلى قائمة الطعام فأنا أتضور جوعاً"
تباً!لقد غيرت الموضوع مجدداً . لكنه لن يناقشها بشأن الطعام فهو يتضور جوعاً منذ فترة طويلة ويتوق لتناول أى شئ .لكن إن ظنت كلويه أنه سيتركها تتابع طريقتها الاستبدادية فى معاملته فهى مخطئة تماماً
نظرت كلويه إلى فيرغوس تراقبه خلسة من فوق لائحة الطعام .وادركت أنه يشعر بغضب شديد لتأخرها فى الوصول إلى المطعم بالرغم من محاولته إخفاء الأمر . لم يفاجئها شعوره أبداً فقد تأخرت متعمدة حوالى عشرين دقيقة .أمر واحد تمكنت من معرفته عنه الأسبوع الماضى وهو أن الابتسامة المتكلفة والمتملقة لا تثير اهتمامه لأكثر من دقيقتين .لقد تجنب هذا الرجل العديد من العلاقات ولم يفكر يوماً بالزواج خلال السنوات الخمس عشرة الماضية على الأقل .باختصار إن أى امرأة تتمكن من إثارة إعجابه للخروج برفقتها أكثر من مرتين هى امرأة مميزة وغير اعتيادية.
عندما رأت كلويه وجهه المتصلب ولمحت نظرات الغضب فى عينيه البنيتين الدافئتين خشيت أن تكون قد تمادت فى أفكارها وتصرفاتها تجاهه.آخر ما تريده هو عدم انجذاب فيرغوس إليها .لأنه أعجبها .فهو رجل مثير للاهتمام ذكى ومسل ولا يمكن تجاهل صفاته الحميدة .كما أنه يتمتع بصفات صبيانية جذابة و محببة
تذكرت كلويه كيف حاول حمايتها حين وصل برايس ورآهما معاً .إنها واثقة من أنها لو تعرفت إلى فيرغوس فى ظروف مختلة لأحبته حباً عميقاً . لكن عليها ألا تفكر فى هذا الموضوع فى الظروف الحالية
وضعت كلويه لائحة الطعام على الطاولة وابتسمت له فيما نظر فيرغوس إليها بتساءل...إنها محقة....القلق يساوره تجاهها وهى لم تخطط لحدوث ذلك أبداً فقالت له بذكاء:"فى الواقع فيرغوس...أنا أملك ماركة ثياب خاصة بى وأوزع تصاميمى على دور أزياء متعددة"
فهم فيرغوس ما تعنيه وقال:"إذن لابد أنها تصاميم استثنائية"
أكدت له:"كثيراً"
علق قائلاً:"ولا شك أنها غالية الثمن أيضاً"
ضحكت بنعومة:"بالطبع"
شعر فيرغوس بالارتياح فقد أجابت على العديد من تساؤلاته .أنه يدرك الآن كيف تمكنت من شراء سيارة رياضية فخمة وكيف تشعر بالارتياح وتتصرف بشكل طبيعى فى مثل هذا المكان المميز والراقى .لكن كلويه شعرت أن لديه المزيد من الأسئلة التى يود طرحها عليها.
سألها عرضاً وهو يضع قائمة الطعام جانباً ليوجه اهتمامه الكامل إليها :"وما أسم الماركة الخاصة بك؟"
التوت شفتيها وأجابت بمراوغة :"إنها ماركة فوكسى .أسم غريب أليس كذلك؟"
ابتسم فيرغوس ابتسامة حزينة :"ليس تماماً .لكن هل يعقل أننا لم نلتق من قبل,كلويه فوكس؟وأننى لم أسمع بأسمك من قبل؟"
قبل سنة لم تكن كلويه تعيش فى لندن فقد كانت فى مدرسة داخلية فى جنوب انجلترا لسنوات طويلة قبل أن تدخل الجامعة ثم أنتقلت إلى باريس لتمضى سنة كاملة مع أحد المصممين الكبار هناك . أما فى السنة الماضية فقد أنشغلت كثيراً فى تحسين مستوى عملها لتظهر كمصممة أزياء متمكنة .بالأضافة إلى ذلك لم تكن صادقة تماماً حين أخبرته بأسمها .هزت كلويه كتفيها وأجابت:"أنه الحظ السئ على ما أظن"
ابتسم فيرغوس ابتسامة عريضة وهو يسألها:"حظك أم حظى؟"
أجابته كلويه :"حظنا كلينا , بالطبع.من الفظاظة أن أعنى شئ آخر"
فكر فيرغوس ثم تمتم قائلاً:"أنت لا ترغبين فى أن تكونى فظة.وتحاولين دائماً تنفيذ ما تقولين"
إنه يحاول أن يجمع بياناً مفصلاً عن صفاتها ليعرفها أكثر لكن تقدّمه بطئ .
عندئذ قالت كلويه:"إذن عليك أن تعلم أيضاً أننى أفضل تناول الطعام مرتين يومين على الأقل "
ثم أضافت مؤكدة :"واليوم بالذات تناولت فطوراً سريعاً فى الصباح ولم أتناول طعام الغداء حتى...."
- وتودين الآن أن تأكلى.
هز فيرغوس رأسه كإشارة إلى النادل بأنهما جاهزان لطلب الطعام...وحين اقترب هذا الأخير ليسجل طلباتهما راحت كلويه تراقب فيرغوس بإمعان .ما من شك من مظهره الأنيق أو غناه أو سحره لكنها ذكرت نفسها بإن عليها ألا تقلل من تقدير ذكاءه أيضاً .فذكاؤه يتعدى المسائل البسيطة .إنه لا يعرف هويتها الليلة لكن لن يطول الأمر قبل أن يكتشف هوية صاحبة ماركة "فوكسى" الحقيقية.
لقد قامت بمخاطرة كبيرة حين أخبرته بذلك لكنها اضطرت لذلك بعد أن رأت موقفه الحذر منها . أرادت كلويه أن تثير اهتمامه لكنها لم تتوصل إلى ذلك إذا بقيت فى نظره امرأة غامضة .وإذا أرادت أن تصل إلى هدفها مع هذا الرجل فالطريق أمامها طويل.
وفيما هما يتناولان المقبلات قالت كلويه:"أخبرنى ,لِـمَ لم ترغب فى أن نتناول العشاء فى مطعم زوج خالتك؟"
كاد فيرغوس يختنق باللقمة التى وضعها فى فمه فنظر إليها وقد ظهر العبوس على وجهه .تأملته كلويه قبل أن تقول:"آسفة...هل قلت شيئاً خاطئاً؟"
بالطبع لا! لقد لاحظت بوضوح كم راعه اقتراحها بأن يلتقيا فى مطعم الشيف سيمون .أجابها فيرغوس ببطء :"ليست مخطئة على الإطلاق . والجواب بسيط كلويه أردت التعرف إليك أكثر من دون أن أسبب الحيرة لأقربائى"
كان بإمكانها أن تجيبه بتملق لكن رزانتها منعتها من ذلك فأجابته باختصار متكلف:"هذا لطف منك"
-هذا ما اعتقدته .كنت واثقاً من تأيدك لموقفى هذا . ثمة أمور عديدة لا نعرفها عن بعضنا البعض , أليس كذلك؟
ما يقصده هو أنه لا يزال يجهل الكثير عنها وهو يأمل بأن يتغير ذلك هذه الليلة.لكن إذا عرفت كلويه كيف تتصرف فإن الحظ لن يحالفه كثيراً.ابتسمت كلويه له:"لَم تقول هذا ؟أنه لأمر مسل أن تكتشف ما نجهله عن بعضنا البعض ,اليس كذلك؟"
أجابها فيرغوس بجفاء وقد بدا غير مقتنع على الإطلاق بما قالته:"ربما؟"
- أنا....
وفجأة سمعا صوتاً ينادى :"كلويه؟"
ثم أكمل الصوت بتردد :"أنت كلويه,أليس كذلك؟"
بغتت كلويه فالتفتت إلى مصدر الصوت بحركة سريعة خاطفة وسرعان ما تعرفت على الرجل الذى يقف بالقرب من طاولتهما ,أنه بيتر أمبروس!
لم تستغرب ألا يكون الرجل واثقاً من أنها كلويه فآخر مرة رآها فيها كانت فى الخامسة عشرة من عمرها
أبتلعت كلويه ريقها بصعوبة وتعمدت عدم النظر إلى فيرغوس .فمن نظرة جانبية صغيرة أدركت مدى ذهوله بعد أن عرف هوية الرجل . منذ ثلاث سنوات كان بيتر رئيس وزراء بريطانيا وهو لا يزال زعيم المعارضة حتى الآن . بدا واضحاً أنه يعرف كلويه جيداً ليناديها بأسمها .
لم تفكر كلويه فى أن الأمور ستصل إلى هذا الحد حين فكرت بملاحقة فيرغوس ماكلاود.

نهاية الفصل الثالث
...

جمره لم تحترق 06-06-12 05:45 PM

4 ـ رجل من فولاذ !
 

وجد فيرغوس نفسه يتساءل مجدداً من تكون كلويه فوكس .أصبح يعرف الآن أنها جميلة وذكية وتتمتع بحس دعابة بدأ هو يتعلمه منها . لكن رغم ذلك من تراها تكون هذه الفتاة ؟
راحت كلويه ترحب بـ بيتر أمبروس وقالت فيما هما يتصافحان :"بيتر أن سعيدة برؤيتك كيف حال جون و ولديك؟"
هز فيرغوس رأسه مذهولاً فـ كلويه ليس فقط المرأة التى ترتاد النوادى الليلية الراقية والتى تملك سيارة رياضية باهظة الثمن كما أنها ليست فقط مصممة أزياء تملك ماركة خاصة بها بل هى أيضاً على معرفة وثيقة برئيس الوزراء السابق و زوجته!
ابتسم لها بيتر أمبروس بإعجاب وهو يترك يدها ببطء و ببطء شديد جداً كما لاحظ فيرغوس وأشار إلى طاولة بعيدة حيث تجلس زوجته بأنتظاره :"جون برفقتى هنا"
ثم أكمل ساخراً :"أما الولدان فقد أصبح أحدهما فى العشرين والثانى فى الثانية وعشرين من العمر"
ضحكت كلويه بهدوء :"لقد مضى زمن طويل"
أكد بيتر كلامها :"وقت طويل جداً"
ثم تابع بنبرة أكثر جدية :"لا يمكننى أن أصف سعادتى بانضمام بول إلينا مجدداً"
تساءل فيرغوس فى سره : بول؟؟من هو بول؟كم يكره أن يكون جاهلاً لما يدور من حوله خصوصاً عندما يتعلق الأمر بامرأة تربطه بها ولو ظاهرياً علاقة حميمة .لكن السؤال هو:ما مدى عمق علاقتها بـ بيتر أمبروس؟
يعلم فيرغوس أن بيترأمبروس فى منتصف الخمسينات من عمره وهو متزوج من جون منذ أكثر من ثلاثين سنة .لكن بيتر لا يزال رجلاً جذاباً طويل القامة نحيف الجسم ذا شعر أشقر تتخلله بضع خصلات رمادية . فى الواقع لقد ساعده مظهره الأنيق هذا على تحقيق النجاح فى قيادة حزبه السياسى . ومن الواضح أنه و كلويه على معرفة وثيقة ببعضهما البعض .
شعر فيرغوس بعدم الارتياح مجدداً تماماً كما حصل معه فى نهاية الأسبوع الفائت حين قررت كلويه الانضمام إليه فجأة .أنه لا يريد فقط أن يعرف من هى كلويه فوكس بل يريد أن يعرف ماضيها أيضاً.
التفتت كلويه إليه بعد فترة قائلة :"آسفة فيرغوس كان يجب أن أعرفكما ببعضكما البعض منذ البداية .بيتر إنه فيرغوس ماكلاود .فيرغوس إنه..."
قاطعها فيرغوس بصوت خشن:"أنا أعرف من يكون كلويه.إنه السيد أمبروس"
ثم وقف ليسلم عليه بحرارة .كرر بيتر أسم فيرغوس مفكراً :"ماكلاود؟لَـمِ أشعر أن على أن أعرفك؟"
فأجاب فيرغوس بخفة :"لأن لدى موعد معك يوم الأربعاء"
فكر الرجل بعمق :"حقاً؟نعم بالطبع"
ثم أنفرجت قسمات وجهه ليكمل :"تذكرت الآن.أنت كاتب .أليس كذلك؟"
لم يصدق فيرغوس هذه المصادفة الجيدة إذ التقى بيتر أمبروس هذا المساء .لكن بيتر تعرّف إلى كلويه من بعيد فيما لم يكن ليميزه هو عن أى نادل يخدم إحدى الطاولات!ووجد فيرغوس أن من الغرابة أن يلتقى بيتر أمبروس صدفة اليوم ,بعد أن أنتظر أسابيع كى يتمكن من رؤيته.وذلك بالطبع بفضل كلويه فوكس ,المرأة التى فرضت صحبتها عليه ليلة السبت الماضى . من الواضح أنها تعرف أمبروس جيداً و...معرفة عميقة بالتأكيد
أكد فيرغوس بهدوء :"نعم , أنا كاتب"
هز بيتر رأسه :"أذكر أن سكرتيرتى قالت إنك بدوت غامضاً جداً فيما يتعلق بالسبب الذى يدفعك لرؤيتى"
ما من شئ سرى أو غامض . لكن فيرغوس لا يرغب فى أن خبر أياً كان عن مشاريعه.إنما الأشخاص المعنيين فقط.كلويه مثلاً ليست من هؤلاء "المعنيين" مهما كانت علاقتها بـ فيرغوس عميقة.
أرادت كلويه أن تحسم الموضوع وتنهى الحديث .فنظرت إلى الرجلين بعينيها الزرقاوين :"علينا ألا نشغلك عن زوجتك أكثر بيتر"
ظل أمبروس ينظر إلى فيرغوس لثوان قبل أن يلتفت ببطء إلى كلويه وهو يبتسم :"أنت محقة . حسناً سعدت كثيراً بلقائك كلويه "
ثم أضاف بلطف:"آمل أن أراك مجدداً فى وقت قريب"
ردت كلويه:"أتمنى ذلك أيضاً"
- أتطلع لرؤيتك مجدداً سيد ماكلاود
جلس فيرغوس ببطء على كرسيه وهو ينظر مفكراً إلى كلويه .إنها حقاً لغز غامض ! وهو ككاتب يود أن يحل هذا اللغز . أما كرجل فلم يعرف كيف يتصرف حيال الأمر .أخذ نفساً عميقاً ثم قال مجازفاً :"يبدو أن معارفك من الطبقة الراقية جداً كلويه"
عادت كلويه إلى تناول الفاكهة من صحنها وهى تحاول أن تتصرف بهدوء كامل .ألا أن هدؤها كان ظاهرياً فقط فبالرغم من محاولتها التحكم بأعصابها بعد ذلك اللقاء المفاجئ مع بيتر أمبروس إلا أن فيرغوس لاحظ أرتعاشاً خفيفاً فى يدها . قالت كلويه :"الأمر ليس كذلك. فـ بيتر لم يعد رئيس وزراء الآن"
- كلويه....؟!
ختمت كلويه الحديث :"فى الواقع أنا أعرف ولديه أكثر مما أعرفه هو وجون"
لسبب ما ساوره الشك فى صحة ما تقول. فالولدان اللذان تتحدث عنهما يبلغان العشرين والثانية والعشرين من العمر أى أنهما لم يعودا ولدين على الإطلاق
وبالرغم من جمال كلويه الذى يخطف الأنفاس وسحر جسدها الرائع وبالرغم من أنه أمضى سهرة كاملة برفقتها ألا أن فيرغوس يرفض أن يكون للكذب والخداع مكان فى حياته
نظرت كلويه إليه وهى تحاول ألا ترمش بعينيها ثم قالت لتأكيد كلامها ولئلا تنتظر إجابته :"أنت لا تصدقنى ,أليس كذلك؟"
شعر فيرغوس بالصدمة للحظات بسبب هجومها المباشر. وأخيراً أجابها بصدق :"لم أعد أعرف ما أصدق"
أعادت كلويه سكينها إلى الطاولة ونظرت إليه ببرودة :"أظنك كوّنت فكرة خاطئة عن وجود علاقة سابقة تربطنى بـ بيتر أمبروس...أم أننى مخطئة؟"
أجفل فيرغوس فقول الأمور بهذه الطريقة جعلها تبدو سخيفة . وبما أنه لم يصدق تفسيرها لهذه العلاقة .فقد خطر له أنها متورطة مع ذلك الرجل وإلا فمن أين لها أن تعرفه ؟كما بدا واضحاً أن جون لم تكن متحمسة كزوجها لإلقاء التحية على كلويه
حين تأخر بالإجابة تنهدت كلويه :"إذن . لست مخطئة فهذا ما تظنه أسمع فيرغوس قد أقوم بأشياء كثيرة لكن ما لا يمكننى تحمله أبداً هو أن أكون المرأة الثانية فى حياة أحدهم .هل تصدقنى الآن ؟"
نعم لقد صدقها فعلاً ! مع أنها أخبرته القليل عن نفسها إلا أن فيرغوس شعر فجأة بأن ما قالته للتو هو الحقيقة .كما شعر أيضاً أن علاقته بـ كلويه بغض النظر عن نوع تلك العلاقة قد خرجت عن سيطرته ولم يشعر بالارتياح لذلك أبداً.
فى ما مضى كان هو من يخطفى الأضواء .لكن كلويه وبالرغم من صغر سنها لم تفسح له مجال لذلك.أجفل فيرغوس منتبهاً وقال :"أنا أصدقك .لكننى أعلم أن هناك ما تخفينه عنى كلويه"
بدا توتر كلويه واضحاً مما أكد شكوكه .ألا أنها اعترفت وهى تبتسم :"نعم ثمة كثير من الأمور لم أخبرك بها .لكننى واثقة من أنك لن تهتم إذا عرفت كم كانت أمى ترانى جميلة ومميزة فى طفولتى وكم أصبحت تلميذة مزعجة فى المدرسة الداخلية وأننى كنت طالبة جامعية مجتهدة أو كيف أمضيت أوقاتاً رائعة فى باريس..."
ثم فكرت قليلاً قبل أن تتابع :"ألا تظن أن الأمور ستصبح مملة بيننا إذا عرفنا مسبقاً كل شئ عن بعضنا البعض؟"
- حسنا بالطبع .لكن ليس هذا ما قصدته"
أدرك فيرغوس أنه إذا ما أصر على معرفة ما يريده الآن فقد يخسر كلويه. لذا قال :"فى الواقع أمى أيضاً كانت ترانى ظريفاً ومميزاً فى طفولتى كنت أنا وبرايس ولوغان خلال طفولتنا مصدر الأذى والشقاوة فى ممتلكات جدى فى اسكتلندا أما فى الجامعة فلم أكن مجتهداً مثلك كما يبدو لكننى تدبرت أمرى بشكل جيد ثم تمتعت بحياتى خلال الأعوام التى أمضيتها كمحام , كما استمتعت أكثر فى الكتابة. لكنك محقة لسنا مضطرين لمعرفة كل شئ عن بعضنا البعض منذ اللقاء الثانى فقط"
صححت له كلوى بجفاء :"رسمياً أنه موعدنا الأول"
شعر بأن لقاءهما يكاد ينتهى بانصراف كلويه وتخليها عنه . فقد أحس فى الدقائق الأخيرة بأنها مستعدة للانصراف حالاً إذا ما أصر على عدم تصديقها . وتأكد له فجأة وبغض النظر عمن تكون هذه المرأة أو ما تكون عليه,أنه لا يريدها أن ترحل.لقد أسرته كلويه فوكس وسحرته بجمالها وهو لن يسمح لها بالخروج من حياته قبل أن يكتشف جزءاً من لغزها على الأقل.
راحت كلويه تراقب تعابير وجهه وهى تتغير بشكل سريع . بدا واضحاً أنه لا يعرف أن تعابيره تفضح الكثير من أفكاره أنه لا يصدقها بل لا يثق بها أيضاً!
لكن كيف يمكنها أن تلومه ؟ فهى تدرك أنه يشعر بالارتياب بسبب علاقتهما الغريبة المفاجئة كما أنه أصيب بالذهول حين تعرف إليها بيتر أمبروس واقترب من طاولتهما للتحدث إليها . لكن ذهوله لا يعد شيئاً أمام الرعب الذى أصابها هى حين أدركت أن بيتر قادم للتكلم معها .لكن لولا هذه المصادفة لما عرفت بموعد فيرغوس مع بيتر يوم الأربعاء القادم...
لابد أن بيتر يتساءل عن الأسباب التى تدعو فيرغوس للقائه . لربما أعتقد أن لذلك علاقة بالحملة الأنتخابية التى يقوم بها حزبه تحضيراً للأنتخابات العامة التى ستجرى فى العام المقبل . لكن كلويه فهمت أن لذلك علاقة بالموضوع كما فهمت أيضاً أن الوقت بدأ ينفد منها
سألته كلويه باهتمام فيما كان النادل يبدل لهما الصحون:"هل تفكر بالأنتقال إلى عالم السياسة فيرغوس؟"
ضحك فيرغوس بنعومة ثم هز رأسه ورد بحماسة :"بالطبع لا.لا أذكر بذلك على الأطلاق فأنا أحب أن أتمتع بخصوصيتى"
- لكنك حصلت بالتأكيد على قسط وافر من الشهرة لأنك كاتب
أكد لها فيرغوس برضى :"ليس إلى درجة مقلقة . هل تظنين أن حياتى الشخصية قادرة على مقاومة تفحص وتدقيق العامة . كما يحدث عادة مع السياسين؟"
رفعت كلويه حاجبيها الداكنين :"لا أعرف .هل تظن ذلك ممكناً؟"
ضحك فيرغوس مجدداً :"لا.أنا لم أتزوج بعد ولا شك أن الصحافة ستقول إننى منحرف . وحين يتبين أنهم مخطئون سيروجون لفكرة إحتمال زواجى من كل امرأة أنظر أليها"
ثم هز رأسه قائلاً :"لا أعتقد أننى سأتحمل ذلك"
لقد رسم فيرغوس صورة رهيبة عن أى شخص يدخل معترك السياسة . لكنه رسم الصورة الصحيحة فبالرغم من محاولات والديها لحمايتها من أثار الفضيحة فى طفولتها .إلا أنها شعرت بالكارثة التى حلت بحياتهم الشخصية . فبعد الفضيحة التى تصدرت عناوين الصحف منذ ثمانى سنوات راحو يفقدون الخصوصية بسرعة رهيبة . هزت كتفيها وقالت:"عفواً لكننى تصورت أن سبب لقائك بـ بيتر أمبروس الأسبوع المقبل..."
قاطعها فيرغوس وهو يستند إلى الوراء فى كرسيه مفسحاً المجال للنادل :"إنه جزء من الأبحاث التى أقوم بها"
فكرت كلويه فى أن تقديم الطعام جاء فى وقت غير مناسب . فى الواقع لقد أقتربا لتوهما من الموضوع الذى يهمها . لكن طعامهما حضر الآن
أنتظرت بفارغ الصبر ابتعاد النادل وحين أبتعد تاركاً إياهما بمفردهما للأستمتاع بعشائهما قال فيرغوس مبرراً:"أنا أيضاَ جائع"
حاولت كلويه العودة إلى موضوعهما فيما هى تأكل قطعة من السلمون من دون أهتمام إذ فقدت شهيتها بعد حديثهما مع بيتر أمبروس :"كنت تخبرنى عن الأبحاث التى تقوم بها من أجل كتابك الجديد...."
أنهى فيرغوس مضغ الطعام قبل أن يجيبها :"لا أعتقد أننى أخبرتك أن الأبحاث تتعلق بكتاب ما!"
عبست كلويه فى وجهه فقد أدركت أنه يحاول التملص من الإجابة . ما الذى يدفع كاتباً ما لإجراء بحث إن لم يكن من أجل كتاب جديد؟كما أنها تعلم بالضبط عما يريد البحث!
قالت بأستخفاف :"أن كنت لا تريد التحدث فى موضوع البحث فما عليك سوى أن تقول ذلك بصراحة "
فأجاب فيرغوس على الفور :"لم أقصد أن أكون فظاً . كلويه .لكننى حقاً لا أريد التكلم فى موضوع البحث "
قاطعته ممازحة:"لقد بدوت كذلك معى "
شعرت كلويه بالتوتر . لقد حاولت محاصرته من جميع الجهات لتدفعه إلى الكلام عن أنفسهم كثيراً وهى لم تلتق رجلاً مثله من قبل
تنهد فيرغوس :"فى الواقع إن عمل الكاتب غريب جداً بالنسبة إلى ّعلى الأقل.لقد أكتشفت خلال خبرتى أن من الأفضل أن أكون متكتماً فلا أناقش مواضيع كتبى مع أحد باستثناء وكيلى طبعاً"
ثم أبتسم وتابع يقول :"حتى وكيلى لا يحصل سوى على رؤوس الأقلام أى ما يسمح له فقط بإقناع الناس بأفكارى"
كانت كلويه تعلم ذلك
تابع فيرغوس :"فكرى مثلاً بآخر تصميم قمت بابتكاره أنا واثق من أنك لن تودى مشاركته مع أحد أيضاً"
- هذا لأنى أخشى أن يسرق أحدهم الفكرة....هل تعتقد أننى قد أسرق فكرة كتابك فيرغوس ؟ أؤكد لك أننى لا أعرف حتى كيف أبداً بكتابة رواية
سألها فيرغوس :"إلا تعتقدين أن فى داخل كل شخص منا كاتباً ينتظر الظروف الملائمة ليظهر؟"
فكرت كلويه : تباً له...إنه يحاول تغير الموضوع
- لقد أخبرتك للتو أننى لا أعرف كيف أبدا حتى بالكتابة . لذلك فأنا مهتمة لأنك تستطيع ذلك
ثم أضافت بصوت أبح :"لكننى أعرف أمراً واحداً . وهو أن لكتابك التالى علاقة بالسياسة
رد فيرغوس مراوغاً:"ربما . أخبرينى كلويه, هل لديك أخوة أو أخوات؟"
أجابت وقد شعرت بالاحباط :"لدى أخت أكبر منى"
إنه عنيد كالصخر ! مع أنها تعرف مسبقاً بأن ليس لديه أخوة أو أخوات إلا أنها سألته:"وأنت؟"
قال مؤكداً :"كلا . وماذا عن والديك؟ ألا يزالان على قيد الحياة؟"
أجابته بلهجة بدت وكأنها توبيخ :"أطال الله عمرهما ! فهما لا يزالان فى الخمسينات من العمر "
لا تود التحدث عن والديها ولا سيما عن والدها مع هذا الرجل بالذات . أيا تكن المعلومات التى يريدها فيرغوس عن والدها فلن يحصل عليها منها
-ماذا عن والديك أنت؟
جاء رده مقتضباً :"هما على قيد الحياة لكنهما مطلقان"
وفجأة وجه إليها نظرة حادة من عينيه البنيتين :"أخبرينى كلويه لِـمَ أنت شديدة التحفظ بشأن حياتك الخاصة؟"
شعرت كلويه بتصلب فى داخلها كرد فعل دفاعى على هذا الهجوم المفاجئ الذى يخلو من اللباقة . لكنها كانت تمكنت ظاهرياً من الحفاظ على رباطة جأشها أو....هذا ما أملته.أجابت برزانة :"لم ألاحظ ذلك"
أومأ فيرغوس وهو يحدق إليها ثم قال ممازحاً :"هل تعلمين كلويه ؟ أشعر بأنك تحاولين إخفاء أمر ما"
إلا أن نبرة صوته بدت حادة كالفولاذ
أجبرت كلويه نفسها على الحفاظ على هدوئها أمام نظرته المسمرة عليها .
وحدقت إليه بدورها بعينين لا ترمشان قائلة بسخرية :"مثل ماذا؟"
هز كتفيه ساخراً :"لعلك متزوجة أو مخطوبةأو على علاقة بأحدهم أو....ربما كنت قاتلة تبحث عن ضحية جديدة"
لم تنخدع كلويه بكلامه ولو للحظة واحدة . لقد أضاف الأحتمال الأخير لإضفاء المرح على الموضوع لكن ما يهمه فى الواقع هو الإجابة عن الأحتمالات الثلاثة الأولى...هل يظن حقاً أنها كانت لتأتى وتجلس برفقته الآن لو أن أحد هذه الاحتمالات صحيح؟وعندما لم تجد رداً مناسباً أبتسمت قائلة :"أحسنت..أنا قاتلة أبحث عن ضحية جديدة "
لكن فيرغوس لم يبادلها الأبتسام . بل نظر إليها عابساً ثم قال بهدوء :"لا أظن أن العلاقة بيننا تتقدم كلويه "
إنه على حق ! إذ أنهما لم يقيما علاقة من الأساس ليس بالمعنى الذى يقصده هو على الأقل . إلا أن كلويه علقت قائلة :"ظننت أن هذا ما تريده"
أجاب فيرغوس ببطء :"أليس من الغرابة ألا تحرز أى تقدم فى علاقتنا مع أننا أمضينا ليلة السبت الفائت معاً ؟ فى الواقع نحن نتصرف كأننا غريباً عن بعضنا تماماً "
بدا كلامه صادقاً تماماً وأدركت كلويه أنها الملامة فى هذا كله . فبسببها هى لم يتمكن من التآلف والأنسجام معها . لكن كيف يمكنها أن ترتاح معه وهى تعلم أنه يخطط لتدمير حياة والدها ؟ فهى تعرف بالضبط موضوع كتاب فيرغوس القادم .إذ ينوى استخدام تلك الفضيحة التى طالت والدها فى عمله منذ ثمانى سنوات كمحور أساسى لقصته الجديدة.
ومن المقرر أن تنزل هذه القصة إلى الأسواق قبل أسابيع فقط من ترشيح والدها فى الأنتخابات الجديدة .

نهاية الفصل الرابع
...

جمره لم تحترق 07-06-12 05:18 PM

5- جميلة , رائعة... لكن !
 

5 ـ
جميلة , رائعة... لكن ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png



قالت كلويه بابتسامة مشرقة :"أعذرنى على غموضى فيرغوس . لكنك بدورك لست كتاباً مفتوحاً"
يعلم فيرغوس ذلك جيداً فهو لم يكن يوماً شديد القرب من أى امرأة أقام معها علاقة كما لم يقع فى حب إحداهن وهو يفضل الأحتفاظ بأسراره لنفسه لذا لن يسمح بأن تصبح أى علاقة جزءاً هاماً من حياته ولطالما أُتهم بأنه متحفظ ومنعزل لكنه لم يلاحظ مثل هذه الصفات فى أى من النساء اللواتى عرفهن من قبل , كما يراها الآن فى هذه المرأة الشابة .أعترف قائلاً :"كلامك مؤثر. أتظنين أن شخصين متكتمين مثلنا قد يتمكنان يوماً من التقرب من بعضهما البعض؟"
ابتسمت كلويه :"كما قلت لك من قبل سوف نجد متعة فى المحاولة"
ربما!تمنى فيرغوس لو يتمكن من أن يتذكر ما حصل ليلة السبت الفائت .لابد أنها استمتعت بوقتها وإلا لما رغبت فى رؤيته مجدداً . وفجأة شعر أنهما أمضيا وقتاً كافياً وهما يجلسان فى هذا المطعم , يحاولان إجراء محادثة مهذبة معاً .إنه يريد أن يعرف كلويه أكثر وثمة طريقة واحدة لذلك
- هل أكتفيت من هذا؟
وأشار إلى بقايا قطع السلمون فى صحنها التى كانت كلويه تحركها بشوكتها منذ حوالى عشر دقائق من دون أن تتذوق منها شيئاً.أجفلها سؤاله فأجابت :"نعم"
فرمى الفوطة على الطاولة وأشار إلى النادل ليحضر له الفاتورة قبل ان يقف قائلاً بنفاد صبر :"هيا . لنذهب من هنا"
وقفت كلويه بدورها وهى تشعر بالارتباك:"لكن ظننت أنك تشعر بالجوع..."
ابتسم لها ابتسامة عريضة ذات معنى :"أنت على حق"
وأدرك فيرغوس أنها فهمت مغزى كلامه إذ علا الأحمرار خديها على الفور ما أضفى سحراً ورونقاً على عينيها الزرقاوين فبدت رائعة الجمال
ومع أن فيرغوس لم تكن لديه فكرة عن عمرها لكن ذلك التحفظ فى عينيها والحذر فى تصرفاتها يدلان على أن أحدهما سبب لها الأذى فى يوم من الأيام . وفكر فيرغوس فى أنه يود أن يمحو من عينيها هذا التحفظ وذاك الحذر حين يضمها بين ذراعيه .
شعرت كلويه بدوار طفيف فيما كان فيرغوس يدفع الحساب إلا أنها لوحت بيدها مودعة لـ بيتر وجون أمبروس قبل أن يدفعها فيرغوس بسرعة خارج المطعم.
لقد تعمد فيرغوس أن يحضر إلى المطعم فى سيارة أجرة هذا المساء أم سيارة كلويه فكانت مركونة على مسافة غير بعيدة ما أن فتحت هذه الأخيرة قفل السيارة المركزى حتى أندفع فيرغوس ليجلس فى المقعد المجاور إلى السائق . شعر أن المكان ضيق جداً بالمقارنة مع طوله الفارع مما أضطره لأن يطوى ركبتيه حتى كادتا تلامسان ذقنه أما رأسه فكاد يلامس سقف السيارة.
عندئذ غمغم بخشونة :"ليتنى أعلم كيف أستطعت أن أجلس فى هذا المقعد ذلك المساء!"
قالت كلويه وهى لا تزال تشعر بالذهول :"كان المقعد مدفوعاً إلى الخلف أكثر ذلك المساء . يمكنك أن تجد مفتاح التحكم به على الباب "
وخطر لـ فيرغوس فيما هو يحرك مفاتيح أن ثمة شخص آخر جلس فى هذا المقعد الأسبوع الماضى ومن الواضح أن هذا الشخص أقصر منه قامة...
أتراه رجل أم امرأة؟راح فيراغوس يتساءل ولم تعجبه فكرة أن يكون ذلك الشخص رجلاً آخر. يمكن لـ كلويه أن تفعل أى شئ لتمنعه من التعرف إليها بشكل أفضل ,ألا أنه أدرك أنه لا يحتمل فكرة وجود رجل آخر فى حياتها.
- إلى أين سنذهب؟
أجاب فيرغوس بأقتضاب :"إلى منزلك أو إلى منزلى"
كان ذهنه لا يزال مشغولاً بفكرة أن رجلاً آخر يشغل حياة كلويه
وعلى الفور اتجهت كلويه بسيارتها نحو منزله قائلة:"سنذهب إلى منزلك أنت"
تصرفها هذا جعل فيرغوس يتذكر أنه ما زال يرغب فى طرح الكثير من الأسئلة على الآنسة كلويه فوكس.أولاً كيف تمكنت من معرفة عنوان بيته يوم السبت الفائت ؟ثانياً كيف توصلت إلى معرفة رقم هاتفه لتتصل به يوم الأحد ؟أما السؤال الذى يشغله فى الوقت الحالى فهو لما لا تريده أن يعرف عنوان منزلها؟
أستدار إليها وراح يتأملها. شعر بالإعجاب لبراعتها فى القيادة وقدرتها على التحكم بتلك السيارة القوية :"هل تعيشين فى لندن وحدك؟"
استدارت كلويه لترمقه بنظرة سريعة قبل أن تعود وتحول انتباهها إلى الطريق ثم قالت:"كلا"
شعر فيرغوس بالتوتر بعد تأكيدها هذا.أنها لا تعيش بمفردها ! مع من تعيش إذن....؟
لكن كلويه ما لبثت أن طمأنته بهدوء:"أعيش مع والدىّ لذا لم أجد من الصائب أن نذهب إلى منزلى .لا أظنك ترغب فى مقابلة والدى"
اللعنة ! أنها على صواب . فهو لا يحبذ هذا الأمر مطلقاً ولا سيما مع هذه المرأة التى لم يقابلها سوى مرتين فقط و التى لا يعرفها بعد معرفة جيدة
أكد لها بجفاء :"أنت محقة فهذا يسبب لى مشكلة"
منحته شبه ابتسامة :"هذا ما ظننته"
نظر إليها فيرغوس نظرة متفحصة :"يبدو وكأنك تعرفيننى معرفة جيدة..."
نفت الأمر ضاحكة :"ابداً فيرغوس .لكننى أعتقد أن الرجال كلهم يخشون مقابلة الأهل"
هذا صحيح إلا إذا كانت نواياهم جدية وذلك ليس حال فيرغوس مع أى امرأة . لكنه راح يتساءل أى نوع من الأهل هم أهل كلويه
يبدو أن كلويه تنتمى إلى أسرة متماسكة . وهذه معلومة جديدة عليه أن يضيفها إلى معلوماته القليلة عنها . لكن كلويه على حق فهما ليسا مضطرين لأن يسأما من بعضهما البعض بسرعة .ألا أن فيرغوس بدا مقتنعاً بأن قلة من الرجال يمكنها أن تشعر بالضجر برفقة كلويه فوكس!
- من هو بول؟ آه حاذرى !
حذرها فيرغوس بسرعة بعد أن أنحرفت كلويه بالسيارة بحدة إلى اليمين وكأنما سؤاله لامس وتراً حساساً
غمغمت فيما هى تعيد السيارةإلى المسار الصحيح :"آسفة أظننى رأيت قطة على الطريق"
ولم يكن ذلك صحيحاً على الأطلاق ! تورد وجهها قليلاً وتشبثت يداها النحيلتان الجميلتان بالمقود بإحكام واضح يبدو أن سؤاله عن ذلك الرجل بول أصابها بالتوتر . يبدو أنها تحاول تجانب الإجابة عنه فقد قالت فجأة :"أنا آسفة فيرغوس لكننى بدأت أشعر بألم فى رأسى "
قال متعاطفاً مسكينة كلويه . سوف أعطيك مسكناً للآلام ما أن نصل إلى المنزل "
إلا أنها كشرت قائلة :"إن لم يكن لديك مانع أفضل أن أعود إلى منزلى"
بالطبع لديه مانع ! فهو ما زال يجهل الكثير عن هذه المرأة بإستثناء أنهما كانا وحيدين ذات ليلة فى منزله وهو يود أن يضمها بين ذراعيه ويبقيها بقربه...لكن قرارها الآن بأنهاء هذه الأمسية نسف كل خططه . ما أن أوقفت السيارة على الطريق المحاذى لمنزله حتى حثها قائلاً :"تعالى لتشربى فنجان من القهوة قبل ذهابك"
- فى الواقع لا أظن....
قاطعها فيرغوس بحزم:"لا تعجبنى فكرة قيادتك للسيارة فيما أنت مصابة بالصداع "
ثم رمقها بنظرة ساخرة بعد أن لاحظ ترددها :"أنه مجرد فنجان قهوة كلويه"
عندئذ أطفأت كلويه المحرك وأومات :"حسناً فنجان قهوة فقط "
قادها فيرغوس إلى المنزل فيما العبوس يعلو وجهه فقد لاحظ أن كلويه تشعر بالخجل لفكرة وجودهما وحيدين فى منزله . بدا له ذلك مستغرباً بما أنها أمضت الليل فى منزله فى نهاية الأسبوع الفائت.أتراها أدركت بعد أن تعرفت إليه أكثر أنها لا تشعر بالأنجذاب إليه؟
لكن فيرغوس أدرك بعد معرفته بها أكثر أنه يرغب كثيراً فى كلويه فوكس!

* * *

كيف أوقعت كلويه نفسها فى هذه الورطة ؟وكيف يمكنها أن تتخلص منها؟
أصيبت بالذهول حين قرر فيرغوس فجأة مغادرة المطعم ومنعها ذهولها من اختلاق حجة مقنعة للبقاء فى المطعم لابد أنه لاحظ أنها توقفت عن تناول الطعام منذ وقت طويل أما بالنسبة لذلك السؤال الذى وجهه إليها عن بول وهما فى السيارة...!!
إن مرافقة فيرغوس إلى منزله لم تكن ضمن خطتها لهذا المساء...كانت تنوى أن تودعه ما أن يغادرا المطعم إلا أنها لاحظت حين أصبحا فى الخارج أن الساعة لم تتجاوز العاشرة والنصف والوقت مازال باكراً كى يفترقا
دعاها فيرغوس إلى الدخول :"تعالى لندخل إلى المطبخ"
وحين رأى ترددها شجعها قائلاً :"لا تقلقى كلويه . فى هذا الوقت تكون مدبرة المنزل قد أوت إلى غرفتها"
إذا كان يقصد بذلك طمأنتها فقد فشل فشلاً ذريعاً فـ كلويه تفضل وجود شخص آخر سواهما فى المنزل لكى تشعر بالارتياح . لا شك أن ما يشغل فيرغوس الآن هو الفكرة التالية :"طالما أنهما أمضيا اليلة معاً مساء السبت الفائت فلما لا يحصل ذلك ثانية الليلة؟
لقد عاشت كلويه علاقات غرامية فى ما مضى حتى أنها فكرت فى أن تتزوج أحد الرجال الذين عرفتهم فى باريس خلال السنة الماضية .لكن أياً من هذه العلاقات لم تتطور لتغدو علاقة حقيقية . فهى بكل بساطة ليست من النساء اللواتى يتورطن بسهولة.
لكن فيرغوس يعتقد أنها أمضت الليل معه ولا شك أنه يتوقع أن يتكرر الأمر ما كان عليها أن تبدأ هذه اللعبة على الإطلاق إنه تصرف غبى بل تصرف متهور !
فى هذا الوقت كان فيرغوس قد خلع سترته الداكنة اللون ووضعها على ظهر أحد الكراسى فى المطبخ وراح يتحرك برشاقة فى أنحاء المكان ليحضر أبريقاً من القهوة. أما كلويه فنسيت أمر صداعها الذى لم يكن سوى عذر
ناولها فيرغوس حبتى دواء لتأخذهما مع كوب القهوة الذى وضعها أمامها على الطاولة . وجدت كلويه تصرفه مراعياً وأعجبها أن يتحلى بهاتين الصفتين . لكن أتراه يتحلى بصفة التضحية ؟ هل هو مستعد لأن يقوم بتضحية شخصية من أجل مصلحة شخص آخر؟
نظر إليها مقطباً :"تبدين شاحبة لندخل إلى غرفة الجلوس سوف أشعل المدفأة لكى تشعرى بالدفْ قليلاً"
إنها لا تريد أن تشعر بالدفء هذا ما حدثت نفسها به وهى تتبعه خارج المطبخ.كل ما تريده هو الخروج من هنا,ومن الأفضل أن تخرج بسرعة قبل أن يكتشف فيرغوس أنه أكتفى بالخلود إلى النوم ليلة السبت الفائت
بدت غرفة الجلوس ذات طابع ذكورى حيث يسيطر عليها اللونان البنى والذهبى . لكن رغم ذلك كان طابعها دافئاً تماماً مثل صاحبها وقد إزدادت دفئاً حين أشعل فيرغوس النار
قال فيرغوس بارتياح قبل أن يجلس قرب كلويه على الأريكة :"وهكذا أفضل!"
خطر لـ كلويه أن أختيارها الجلوس هناك أختيار سئ لكن الأريكة هى الأقرب إلى النار ومع ذلك ما كان عليها أن تجلس هناك...لا يمكنها أن تتخيل ما سيقوله فيرغوس حين يكتشف أنها عديمة الخبرة فى شئون الحب
ما أن جلس قربها حتى شعرت بالحرارة تنبعث من جسده وتنشقت الرائحة المميزة لعطر ما بعد الحلاقة الذى يستعمله . إنه شديد الجاذبية حقاً ! هذا ما أدركته كلويه بألم وهى تنظر إليه من بين رموشها
استدار فيرغوس لينظر إليها ثم سألها بصوت أجش :"هل تشعرين بتحسن؟"
شعرت كلويه أنها أسوأ حالاً وهو يجلس قربها فراحت رجلاها تهتزان ويداها ترتجفان وهما تحملان كوب القهوة كما شعرت بصعوبة فى التنفس.
أبتلعت ريقها بصعوبة وأجابت على أمل ألا لا يلاحظ فيرغوس مقدار توترها :"ليس بعد"
إزداد عبوسه :"قد تشعرين بالتحسن إذا ما تركت شعرك هكذا..."
والتفت يداه حول شعرها المرفوع وراح ينزع المشابك الأربعة التى تثبته وعلى الفور انسدل شعرها كستارة داكنة وكأنها سماء منتصف الليل
شعرت كلويه بوخز خفيف فى جلدة رأسها...ولم يكن ذلك بسبب انسدال شعرها بل بسبب لمسة فيرغوس والمشاعر الواضحة فى عينيه المسمرتين عليها
حاولت إغاظته :"لقد فعلت هذا من قبل"
هز فيرغوس رأسه:"ليس حسب ما أذكر . لكن...عندما أكون قربك أجد مشكلة حتى فى تذكر أسمى!"
وهى كذلك على الأقل ذلك الجزء من أسمها الذى اخترعته من أجله
فجأة بللت كلويه شفتيها الجافتين :"فيرغوس...."
أكد لها بخفة :"نعم أسمى فيرغوس , وأنت كلويه . جميلة رائعة و...مغرية"
همس بذلك بنعومة قبل أن يحنى رأسه ويعانقها
شعرت كلويه وكأنها تذوب من تأثير عناقه ولم تشعر بهذا الإحساس من قبل على الإطلاق !
وفجأة أجفل فيرغوس وقال:"ما هذا بحق...؟"
ونظرة بسرعة إلى الأسفل فإذا بالقهوة قد انسكبت عليهما من الكوب الذى تحمله كلويه . لقد تجاوبت مع عناقه حتى نسيت أنها تحمل فى يدها كوب من القهوة
غمغمت بإرتباك:"أنا آسفة"
لكنها شعرت ببعض الارتياح لأن القهوة التى سقطت على فستانها وعلى بنطلون فيرغوس باردة
كشر فيرغوس فيما هو يأخذ الكوب من يدها بلباقة ليضعه على الطاولة خلفهما:"حسناً هذا يثبط العزيمة...قليلاً...."
ثم وقف بسرعة ليقول قبل أن يغادر الغرفة :"سأحضر منشفة"
أغمضت كلويه عينيها ما أن أصبحت لوحدها وأسندت رأسها إلى ظهر الأريكة . شعرت بأنها مغفلة تماماً وبكل معنى الكلمة .أى غبى يمكنه أن ينسى أنه يحمل كوب من القهوة فى يده؟والأهم من ذلك أى نوع من النساء الغبيات سيظنها فيرغوس ؟
عاد فيرغوس إلى الغرفة وهو يحمل منشفة فى يده :"لا بأس سأمسح القهوة"
وراح يمسح القهوة عن فستانها حتى أصبح هذا الأخير كخرقة رطبة ملتصقة بجسمها مما جعلها تزداد أرتباكاً وتساءلت فى سرها : أيمكن أن تسوء الأمور أكثر؟
تراجع فيراغوس إلى الخلف وراح يحدق ملياً إلى فستانها الحريرى :"أخشى أن تكون القهوة قد أتلفته"
ثم أضاف بلهجة حاسمة:"من الأفضل أن تخلعيه"
نعم يمكن للأمور أن تسوء أكثر ....!
ترددت كلويه قبل أن تجيب :"سوف يجف بسرعة..."
لكن فيرغوس وقف ليمد يده نحوها ويجلعها تقف على قدميها قائلاً ببساطة:"لا تكونى سخيفة أنت بحاجة لأن تخلعى فستانك وتأخذى حماماً "
لكن كلويه لا تنوى أن تخلع فستانها لهذا السبب أو لسواه.فأكدت له فيما هى تقف :"لا حاجة لذلك حقاً . أظن أن الوقت قد حان لأغادر "
نظر إليها فيرغوس بعينين ضيقتين :"ظننت أنك ستمضين الليلة هنا"
لم تكن كلويه غافلة عما يظنه ....لكن ذلك لن يحصل أبداً.أدركت أنه مازال يراقبها بنظراته الحادة فتجنبت النظر إليه لئلاً تلتقى نظراتهما وقالت بنبرة حاسمة :"أنا أعانى فعلاً من الصداع فيرغوس "
ما زال ينظر إليها...يبدو أنه ما زال يفكر بوسيلة تمكنه من إقناعها بالبقاء لكنه يضيع وقته حقاً!
وأخيراً قال بصوت مثير للأعصاب بعد أن رأى إصرارها على الذهاب:"حسناً"
ثم أضاف :"سأراقبك إلى السيارة"
لم تكن كلويه بحاجة لأن تنظر إليه لتعلم مقدار غضبه . لقد بدا غضبه واضحاً غضب بارد مكبوت يثير الأعصاب
ردت كلويه بصوت أجش:"شكرا لك"

وتوجهت إلى المطبخ لإحضار حقيبة يدها ومفاتيحها وفيما هما يسيران بأتجاه الباب قالت :"ربما يمكننا أن نتناول الغداء معاً فى الأسبوع المقبل "
وتعمدت ألا تشير إلى إمكانية أن يلتقيا فى عطلة نهاية الأسبوع . فتناول الغداء فى منتصف الأسبوع يسمح لها بأن تتخذ العمل عذراً لتتركه وهذا أكثر أماناً من تناول العشاء معه ثانية
ردد فيرغوس من دون مبالاة :"ربما"
ووقف إلى جانب باب السيارة المفتوح فيما جلست كلويه خلف المقود . بدا من نبرة صوته أنه لم يحبذ فكرتها هذه
ربما عليها أن تبقى معه...علها تتمكن بطريقة ما من استدراجه إلى الحديث عن موضوع كتابه المقبل...لكن فيرغوس لا يبدو فى مزاج يسمح له بأن يتقبل فكرة أنها تود التعرف إليه فقط لتتحدث معه عن موضوع كتابه . فكل ما تريده هو معرفة رد فعله حين تطلب منه ألا يتعمد الفضيحة التى طالت والدها منذ ثمانى سنوات والتى أجبرته على الاستقالة من الحكومة كموضوع لكتابه . لكن للأسف لم يبق لديها الكثير من الوقت للتحرك بعد أن عرفت بموعد فيرغوس مع بيتر أمبيروس فبعدئذ سيغدو الموضوع فى متناول الجميع . على اى حال ....
قالت وهى تترقب رد فعله :"سوف أتصل بك هل يمكننى ذلك؟"
أخفض فيرغوس بصره نحوها وقد بدت تعابير وجهه واضحة بفضل النور المنبعث من الباب المفتوح خلفه بدا فمه متوتراً كخيط مشدود أما عيناه فبدتا غامضتين وأخيراً قال بمرارة :"كلويه أعلم أنك تفكرين بطريقة مختلفة...لكنى أفضل حقاً أن أتصل بك بنفسى"
نظرت إليه وعلى ثغرها شبه ابتسامة :"لكنك لا تعرف رقم هاتفى"
أعترف بإقتضاب :"كلا"
ويبدو أنه غير مهتم بالحصول عليه .أجفلتها هذه الفكرة أتراها قد أضجرته بصحبتها ؟ لابد أن الأمر كذلك....
لكن ألم يبدُ متغطرساً حين أفترض أنها ستبقى فى منزلة الليلة؟
وسواء أكان متغطرساً أم لا فقد بدا مقتنعاً بذلك ولم يبدُ سعيداً لأنها قررت أن ترحل
قالت كلويه وقد أعتمدت نبرته اللامبالية نفسها:"حسناً"
فالتأثر يمنعها من مناقشة هذا الأمر الآن ثم أضافت بنعومة :"شكراً على العشاء فيرغوس . لقد تمتعت به حقاً!"
رفع فيرغوس حاجبيه الداكنين فوق عينيه البنيتين الساخرتين وقال لافتاً نظرها :"لكنك لم تأكلى شئ تقريباً"
كان فيرغوس لا يزال واقفاً فى الباب وهو يرمقها بنظراته من الأعلى ما يعنى انها لن تتمكن من إقفال الباب والإنطلاق بسيارتها قبل أن يبتعد.لَمِ لا يتحرك ؟ ما الذى يجرى خلف تنيك العينين البنيتين المليئتين بالألغاز؟
تعلم كلويه تماماً أن لا أمل لديها فى أكتشاف ما لا يرغب فيرغوس فى إطلاعها عليه.
وأخيراً قال بصوت خشن :"ما رأيك بتناول الغداء يوم الثلاثاء عند الواحدة فى مطعم الشيف سيمون؟
أدركت كلويه أن فيرغوس ما زال مهتماً بها . وهذا يفوق حقاً ما كانت تأمل به,نظراً لهذه الظروف!كما أن اقتراحه أن يتناولا الغداء يوم الثلاثاء فى مطعم الشيف سيمون من بين كل الأماكن يعنى أنه ما زال لديها فرصة للتحدث إليه قبل موعده مع بيتر أمبروس يوم الأربعاء ربما كانت هذه فرصتها الأخيرة
كما أدركت ولو متأخرة أن فيرغوس ستتاح له أيضاً فرصة التحدث إليها قبل لقائه الرجل الآخر . قد يكون فيرغوس غاضباً منها فى هذه اللحظة لكن غضبه لم يمنعه من التفكير فى هذا الأمر.
فهى تعلم أن فيرغوس شعر بالحيرة بسبب العلاقة التى تربطها بـ بيتر أمبيروس .
لقد قرأت الكثير من التساؤلات فى عينيه حين كانت تتحدث إلى الرجل فى المطعم . شعرت كلويه بالتوتر وبانقباض فى معدتها . وقررت أن تكتشف الأمور كلها يوم الثلاثاء فلا يمكنها الاستمرار على هذا النحو مدة أطول من دون أن تسبب الأذى لـ فيرغوس
وثمة احتمال كبير أن تكون قد تسببت له بالأذى منذ الآن....!

نهاية الفصل الخامس

جمره لم تحترق 07-06-12 05:23 PM

6 ـ فاتنة لكنها مخادعة !
 
6 ـ
فاتنة لكنها مخادعة ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png


- كيف حال جميلتك كلويه؟
كان فيرغوس يجلس على المقعد المواجه للنافذة فى محترف برايس وقد بدت نظراته شاردة وكأن أمراً هاماً يشغل باله . لم يحرك ساكناً عند سماعه هذا السؤال المتعلق بـ كلويه لكن نظراته غدت باردة كالفولاذ
لاحظ برايس تلك النظرة الفولاذية فاستدرك قائلاً ببطء:"ربما,ما كان لى أن....أسألك؟"
أخذ فيرغوس نفساً حاداً وأستدار لينظر إلى قريبه الواقف أمام اللوحة التى يرسمها .
لقد مضى على وجوده عنده ساعتان وهو لا يزال جالساً على ذلك المقعد أمام النافذة مستغرقاً فى أفكاره الخاصة من دون ان ينبس بكلمة واحدة.ولا يمكن القول إنهما يتمتعان بصحبة بعضهما البعض.
أكد فيرغوس بمرارة:"ما كان عليك أن تسأل"
واستدار من جديد ليعاود النظر من النافذة المواجهة للحديقة حيث تنشر الشمس أشعتها الذهبية.
ما الذى تفعله كلويه؟
اللعنة ! لقد طرح هذا السؤال على نفسه مرات ومرات فى الساعات الأربع والعشرين الماضية . والآن لم يبقى سوى ساعة قبل موعد الغداء مع كلويه وهو لم يتمكن بعد من التوصل إلى جواب.
لن يصدق بعد الآن أن تحرشها به يوم السبت الفائت ومرافقتها له بعد ذلك إلى منزله هو مجرد صدفة .وإن لم يكونا مجرد صدفة فما هما إذن؟
راح برايس يراقب أبن خالته بعينين ضيقتين ثم حثه باهتمام :"هل تود التحدث فى الموضوع فيرغوس؟"
عم يتحدث ؟هل يمكن لـ برايس أن يتوصل إلى تفسير ما حصل الأسبوع الماضى إذا كان هو نفسه لم يصل إلى أى تفسير ؟
تعمدت كلويه أن تقترب منه يوم السبت وتعمدت أن ترافقه إلى منزله.وعلى الرغم من أنه لم يفكر بالأمر من قبل إلا أن كلويه كذبت عليه.لكن...ما هو السبب؟
كلمة واحدة تبادرت إلى ذهنه ! كلمة جعلته يشعر بالخجل من لتفكير بها...ابتزاز....
أجفل فيرغوس حين تبادرت الكلمة إلى ذهنه
تراجع برايس إلى الوراء مبتعداً عن قطعة القماش التى يرسم عليها لوحته ثم تمتم وقد بدا عليه الرضى :"رائـــع !"
نادى أبن خالته بحماسة:"تعال فيرغوس وأنظر"
وقف فيرغوس وسار بتمهل إلى حيث يقف برايس . وسره أن يُنشله برايس من أفكاره السوداء . لقد أنعكس مزاجه الكئيب اليوم بوضوح حتى فى الثياب التى يرتديها وهى عبارة عن قميص أسود وبنطلون أسود.
بدت اللوحة رائعة حقاً ! لا شك أن برايس تمكن من إظهار جمال دارسى . ولا شك أنه يملك أسلوباً متميزاً.
قال فيرغوس مؤكداً :"لابد أن لوغان سيحبها كثيراً"
رد برايس :"آمل ذلك"
ثم استدار لينظر بأهتمام إلى فيرغوس ويقول بجرأة :"هل أنا مخطئ فى اعتقادى بأن مراوغاً آخر من المراوغين الثلاثة وقع فى الفخ؟"
أجفل فيرغوس لسماعه هذا التعليق .وغدت نظرته أكثر صلابة ما أن أدرك ما يعنيه برايس بالضبط.وبالكاد تمكن من كبت غضبه حين قال :"أنت مخطئ تماماً إذا ما أعتقدت ذلك"
لم يقع فى حب كلويه فوكس...وكل ما يريده هو أن....يشنقها.
رفع برايس حاجبيه الداكنين مشككاً ثم تشدق :"حقاً؟لكن لا أظن أننى رأيتك على هذا الحال بسبب امرأة من قبل"
التمعت عينا فيرغوس بقوة :"أى حال؟"
هز أبن خالته كتفيه :"لقد مضى على وجودك هنا أربع ساعات وبالكاد تفوهت ببضع كلمات .وإذا كان مزاجك كئيباً إلى هذا الحد فلابد أن كلويه وراء ذلك"
التوى فم فيرغوس وقال نافياً بشدة :"وهل يعنى ذلك أننى وقعت فى حبها؟"
ابتسم برايس أبتسامة عريضة :"ذلك يعنى أن تأثيرها فيك يفوق تأثير أى امراة أخرى"
كلويه..إنها تؤثر فيه حقاً!لكنه كلما فكر فى الأمر أكثر كلما بات مقتنعاً بأنها خططت لذلك ولم يكن الأمر مجرد مصادفة.
لا شك أن لقاءهما فى المقهى ليلة السبت الفائت مجرد حظ فهو نفسه لم يكن يعرف مسبقاً أنه سيقصد ذاك المكان .لكن ما تلا ذلك كان بالتأكيد مخططاً له من قبل كلويه .
بعد أن شعر بالحيرة لأيام توصل إلى نتيجة مفاداها أن كلويه تهوى إقامة علاقات غرامية مع المشاهير.لكن تبين له لاحقاً أنه أخطأ فى اعتقاده هذا .أما المشكلة الحقيقية التى يواجهها الآن فهى كيف سيتعامل مع الموضوع؟
أطلق تنهيدة عميقة ثم هز رأسه :"على ان أذهب الآن برايس فأنا على موعد على الغداء مع كلويه بعد نصف ساعة"
لقد أمضى معظم فترة الصباح وهو يفكر فى ما إذا كان عليه أن يلتقى كلويه أم لا. لكنه قرر الآن أن تأخره عن موعده معها خمسة عشر دقيقة كافٍ لإفقاد كلويه بعضاً من تلك الثقة البالغة بالنفس التى تتمتع بها. لقد حان الوقت ليجعل الآنسة كلويه فوكس تشعر بالحيرة.
رمقه برايس بنظرة ذات مغزى :"أنها صغيرة جداً فى السن فيرغوس"
بل أنها كبيرة بما يكفى . وهو وحده يعلم ذلك جيداً!
ضاقت عينا فيرغوس وفكر ملياً بما قاله أبن خالته :"ماذا يفترض بذلك أن يعنى؟"
هز برايس كتفه:"يبدو واضحاً أنك غاضب منها لسبب ما"
هز رأسه باشمئزاز قائلاً بحدة:"كلمة غضب ليست كافية لوصف ما أشعر به "
أومأ برايس مرة أخرى :"هذا ما أراه"
فقال برايس متشدقاً :"لن أشنقها اليوم فى مطعم الشيف سيمون فهو مكان معروف جداً"
ابتسم برايس وقال :"سيكون من المؤسف أن يتشوه ذلك العنق الجميل"
ابتسم فيرغوس ابتسامة متكلفة ولم يفاجأ بملاحظة برايس عن جمال كلويه .فجمالها يفوق الوصف.لكن المشكلة هى أنها امرأة لعوب ومخادعة .وإذا كان بإمكانه التعامل مع الصفة الأولى إلا أن خداعها له لا يسعده.
أجاب باقتضاب قبل أن يستدير مغادراً:"سأخذ ملاحظتك فى الحسبان برايس "
وإذا بـ برايس يعلق من خلفه :"لقد أعجبتنى تلك المرأة"
اللعنة! لقد أعجبته هو أيضاً .أعجبته كثيراً .حتى انه لم يعد واثقاً من مشاعره نحوها على الأطلاق

يا إلهى ! إنها فائقة الجمال !
هذا ما خطر لـ فيرغوس حين دخل مطعم الشيف سيمون بعد نصف ساعة ورأى كلويه تجلس إلى إحدى الطاولات بانتظاره
بدت كلويه غافلة عن نظرته المنتقدة إذ كانت تنظر متأملة من النافذة . وكان وأضحاً أنها تنتظر وصوله فقد أسندت ذقنها بيدها فيما بدت عيناها زائغتين وشفتاها ملتويتين من دون ابتسام.
يبدو أنها تتوقع أن يفى فيرغوس بوعده ويأتى إلى الموعد ,يا للغرابة !إن رؤيتها تجلس بانتظاره لم تجعله يشعر بالرضى كما كان يتوقع بل شعر بكتلة باردة من الغضب تتجمع لتستقر فى صدره من دون أن تترك مكاناً لأى شعور آخر.
حتى رؤيتها وقد أشرقت أساريرها بسرور بالغ ما إن استدارت ولمحته تقترب من الطاولة , لم تتمكن من التخفيف من مقدار غضبه منها.
حياها باقتضاب:"كلويه"
وعانقها قبل أن يجلس فردت وهى تسبل أجفانها فوق عينيها الزرقاوين الحائرتين :"فيرغوس"
راقبته بحذر وهو يجلس بتوتر إلى الطاولة شاعرة أن عناقة لم يكن تلقائياً على الإطلاق.
علق على حركتها بسخرية :"ما الأمر كلويه؟هل شعرت بالتوتر لأننى عانقتك ؟ظننت أننا حبيبان ,ألسنا كذلك؟"
بدا الأرتباك على كلويه امام عدائيته الواضحة .الأرتباك!لكن ذلك لا يعد شيئاً أمام الأنفعالات القوية التى تغلى فى داخله . لم يعد يشعر برغبة فى شنقها .بل سيشعر بالرضى أكثر لو وضعها فوق ركبتيه وقام بجلدها!
أدركت كلويه بقلق أن ثمة خطب ما . لقد تأخر فيرغوس عن موعدهما خمس عشرة دقيقة . وبعد أن حضر بدا عديم الرحمة بارداً وكانه غريب تماماً عنها .
لقد أرتدى ثياباً سوداء من قمة رأسه حتى أخمص قدميه وبدت تعابيره صلبة متوترة.
كيف يمكنها أن تتحدث معه عن والدها وهو فى مزاج سئ كهذا؟
لقد أختارت ملابسها بعناية اليوم فارتدت بذلة من الحرير لونها أزرق كلون عينيها تماماً . كما تركت شعرها الحريرى منسدلاً بحرية فوق كتفيها . لكنها أدركت الآن أنها لو ارتدت كيس من الخيش لما لاحظ فيرغوس الفرق
بعد لحظات طويلة من الصمت سألته:"ما المشكلة فيرغوس ؟"
بدت عينا فيرغوس داكنتين كقطعتى فحم وهو ينظر إليها عبر الطاولة :"مشكلة؟ ولِمَ تظنين أن ثمة مشكلة ما؟"
شعرت كلويه برجفة تتسلل على طول عمودها الفقرى . فـ فيرغوس لم يكن من قبل رجلاً يسهل التحدث إليه , لكنه اليوم بدا غريب الأطوار بارداً ومتباعداً إلى أقصى الحدود . ابتلعت ريقها بصعوبة وقامت بمحاول ثانية :"إنك تبدو...مختلفاً اليوم"
التوى فمه بتكلف :"مختلف من أى ناحية؟"
قطبت كلويه وقالت باستسلام:"لست واثقة"
هز فيرغوس رأسه منكراً:"ليس لدى فكرة عما تتحدثين كلويه . كما أننى لست واثقاً منك أنا أيضاً"
أضاف هذه العبارة المهينة قبل أن يلتقط لائحة الطعام ويقترح:"هل نطلب الطعام؟"
استمرت كلويه فى النظر إليه بتفحص ولم تعجبها تلك النظرة المتحدية التى ظهرت فى عينيه حين بادلها النظر . كانت تعلم قبل أن تأتى اليوم أن هذه فرصتها الأخيرة للتحدث إلى فيرغوس
فما أن يقابل بيتر أمبروس غداً حتى يعرف بالضبط من هى . لكن كيف يمكنها أن تفاتحه بموضوع والدها وهو فى هذا المزاج السئ؟
فجأة قال فيرغوس من بين أسنانة:"ما الذى تريدينه كلويه؟"
سؤاله المفاجئ قاطع أفكارها المضطربة وجعلها تشعر وكأنها مذنبة .
وأخيراً أجابت بارتباك :"أ....أنا لم أكن أريد شيئاً"
التوى فمه مرة أخرى ثم تشدق بسخرية :"كنت أشير إلى الطعام"
ثم رفع نظره ليشير إلى النادل فيما علا الاحمرار وجه كلويه:"أوه!"
وبسرعة راحت تنظر إلى لائحة الطعام لتقول بصوت مكتوم :"سأتناول الغسباتشو مع طبق السمك المحمر وبعض السلطة"
وأعادت لائحة الطعام إلى الطاولة مطلقة زفرة خفيفة .استدار فيرغوس نحوها ما أن أصبحا وحيدين مرة أخرى :"إذن...هل كنت تعملين طيلة فترة الصباح؟"
بالكاد فعلت , فقد كانت تشعر بالقلق من موعد الغداء هذا حتى إنها وجدت صعوبة فى التركيز على تصاميمها . كما أنها تشعر بأن فيرغوس لا يهتم مثقال ذرة بما كانت تفعله هذا الصباح...
ردت باستخفاف :"ليس تماماً"
رفع حاجبيه الداكنين :"وهل قمت بنشاط مميز خلال عطلة نهاية الأسبوع؟"
هزت كلويه كتفيها وقد باتت مقتنعة أكثر فأكثر بأن فيرغوس لا يهتم البتة مهما كان جوابها . فى الواقع ساورها شعور غريب بأن مشكلة ما سوف تحصل. وأن هناك سيفاً مسلطاً فوق رأسها .حسناً! هذه اللعبة يلزمها شخصان . هزت كتفيها ثانية :"لا شئ مميز . ماذا عنك أنت؟"
بطريقة ما ولأسباب تجهلها كلويه كلياً أنقلبت الأمور رأساً على عقب
أجابها:"مازالت أجرى أبحاثاً من أجل كتابى الجديد"
أومأت كلويه:"تعنى روايتك السياسية؟"
وأخيراً سار الحديث على النحو التى ترغب فيه فأضافت من دون اهتمام :"هل بدأت بكتابتها؟"
حاولت ألا تبدى اهتماماً بجوابه . فراحت تقطع الخبز فى صحنها فيما قال فيرغوس :"ليس بعد.أفضل أن أقوم بكافة الأبحاث أولاً لكى أكون واثقاً من المعطيات اللازمة كلها"
- ألا تخشى أن يقاضيك أحدهم بتهمة تشويه سمعته؟
حاولات إغاظته بسؤالها إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً فوالدها لا يستطيع مقاضاته .إذ أن هوية والد طفل سوزان ستيرلينغ الذى لم يولد مازالت مجهولة حتى الآن
قال فيرغوس يحثها بنعومة:"أنا محام كلويه.وأعرف ما هى حدودى لكن هل تهتمين أنت بالسياسة؟"
شعرت كلويه بأن أنفاسها علقت فى حنجرتها , أنها تتنفس السياسة كالهواء فكيف تستطيع ألا تهتم بها؟
أصر فيرغوس قائلاً :"ها قد أصبح لديك مدخل إلى الموضوع "
ثم أضاف بسخرية لاذعة :"لكنى أتساءل هل لديك الجرأة للتحدث فيه!"
نظرت كلويه إليه بحدة فشعرت أن اللون اختفى من خديها حين واجهت مرة أخرى تلك النظرة المتحدية فى عينيه البنيتين المليئتين بالغموض .إنه لأمر غريب ! عندما التقته أول مرة شعرت أن عينيه دافئتان كالشوكولا الساخنة أما اليوم فهما أشبه بكرتين بنيتين من الجليد البلورى.ابتلعت ريقها بصعوبة :"ماذا تعنى؟"
أجابها ببرودة:"لا أحب ألألاعيب الملتوية كلويه ولم أحبها يوماً"
ثم أضاف :"كما أنك سحقت قطعة الخبز فى صحنك حتى غدت فتاتاً"
أبعدت كلويه يدها بسرعة ما أن لاحظت أنها حولت قطعة الخبز إلى قطع صغيرة. صغيرة جداً.لا يمكن لذلك أن يبدل عدم اهتمامها بموضوع الحديث!
كرر فيرغوس بخشونة :"سألتك إن كنت تهتمين بالسياسة كلويه"
حاولت أن تتكلم لكنها شعرت وكأن فكيها التصقا ببعضهما:"أ....."
إنه يعلم ! لا تعرف كيف توصل إلى ذلك .لكنها واثقة من أنه يعلم...
انحنى فيرغوس فوق الطاولة حتى غدا وجهه على بعد سنتيمترات قليلة من وجهها وقال من بين أسنانه :"هيا كلويه فوكس هاملتون.أجيبى عن سؤالى.عليك اللعنة!"
كلويه فوكس هاملتون .نعم إنه يعلم!
بللت كلويه شفتيها الجافتين"فيرغوس...."
قال فيرغوس بهدوء :"ليس لدى فكرة كيف توصلت إلى معرفة موضوع كتابى الجديد لكننى أؤكد لك أننى سأكتشف ذلك فى وقت قريب"
ثم أضاف بحدة :"إلا أننى أعرف أمراً واحداً آنسة فوكس هاملتون وهو أن خروجنا معاً لن يؤثر مثقال ذرة فى رغبتى فى كتابة هذه الرواية .هل هذا واضح؟"
وهكذا أنهى كلامه بإعلان بارد كالثلج
إنه واضح كالكريستال!

نهاية الفصل السادس

جمره لم تحترق 08-06-12 06:23 PM

7 ـ نصيحة تؤدى إلى ...... ورطة
 
7 ـ
نصيحة تؤدى إلى....ورطة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png



لقاؤهما ليلة السبت الفائت , عشاؤهما معاً مساء الجمعة وكل الأمور التى تعرفها كلويه عنه لم تكن سوى وسائل تستخدمها للوصول إلى نتيجة واحدة .
نعم , لم تكن سوى إحدى الوسائل للوصول إلى هدفها!
وهذه القضية شكلت طعنة لكبريائه.مما جعل فيرغوس يشعر بمزيد من الغضب,حتى إن معرفته بالأسباب لم تساعد فى تخفيف أنفعاله .
نظر فيرغوس إلى كلويه عبر الطاولة بعينين تلمعان غضباً:"أخبرينى كلويه...فأنا أتوق إلى معرفة ما الذى كنت تخططين له بالتحديد بالإضافة إلى إغوائى؟"
أجفلت كلويه:"لم أكن...."
رفع يده محتجاً :"أرجوك.ما دمت أبنة بول هاملتون فلابد أن لديك خطة ما"
تورد خداها غضباً والتمعت عيناها بلون أزرق داكن :"لا تتحدث عن والدى بهذه اللهجة"
نعم , ها هو يلاحظ التشابه بين الأب وابنته . الشعر الأسود نفسه العينان الزرقاوان نفسيهما والكثير من التشابه فى ملامح الوجه . كلويه هى ابنة الوزير السابق بول هاملتون وهذا هو سبب معرفتها بـ بيتر أمبروس ومعرفته بها . الآن وبعد أن عرف فيرغوس حقيقة هويتها لم يعد واثقاً من أن افتراضاته السابقة صحيحة.
منذ عرف هويتها الحقيقية بالأمس والقلق يتآكله فلم يذق طعم النوم أو الطعام راح يقلب فى رأسه أحداث الأحد عشر يوماً الماضية . ولم يجد فى أى من الأحداث دليلاً واحداً على أن كلويه معجبة به لشخصه.والحق يقال هذا ما جعله يشعر بالضغينة تجاهها . فهذه المرأة أعجبته حقاً بل أعجبته كثيراً
أطلق فيرغوس تنهيدة عميقة ثم سألها بأسى :"ما الذى تريدينه منى كلويه؟"
التمعت عيناها الزرقاوان الداكنتان بالدموع وهى تنظر إليه,ثم انفجرت قائلة وقد خنقتها مشاعره :"اريدك أن تدع أبى وشأنه.جد موضوعاً آخر لكتابك . ألم يعانِ بما فيه الكفاية؟"
ولئلا يضعف أمام دموعها أجبر فيرغوس نفسه على أن يتذكر أن كلويه أقحمت نفسها فى حياته وفق خطة مدبرة.
- لكن أسرة سوزان سترلينغ لا توافقك الرأى , لذا....
قالت مدافعة بضراوة :"أبى لم يكن متورطاً مع سوزان سترلينغ"
رفع فيرغوس أحد حاجبيه :"لكن الرأى العام له موقف آخر..."
قاطعته كلويه بانفعال :"لا يهمنى ما يعتقده الرأى العام . فأبى يحب امى , وهو ما زال يحبها"
فرد فيرغوس :"كل الأولاد يظنون أن والديهم متحابان"
التمعت عيناها بالغضب بدلاً من الدموع:"كيف لك أن تعلم ؟ فوالداك مطلقان...أنا آسفة"
وشهقت وهى تضع يدها على فمها بأسف :"ما كان على أن أقول ذلك"
أكد لها فيرغوس بصوت هادئ خطير :"كلا, ما كان عليك أن تقولى ذلك"
ثم تابع بنبرة أكثر تهذيباً:"أفهم انك تحبين والدك ولهذا السبب أنت تؤمنين ببراءته...."
أوضحت له كلويه بإصرار :"لا علاقة للإعجاب أو لحبى لوالدى بهذا الأمر"
إلا انها استدركت قائلة أمام تعبير فيرغوس الساخر :"من الطبيعى أن يكون لهما علاقة بالأمر. لكن الحقيقة لن تتغير فوالدى لم يكن متورطاً مع سوزان ستيرلينغ"
ونظرة مباشرة فى عينى فيرغوس كأنها تتحداه أن يخالفها الرأى مرة ثانية .
ظل فيرغوس يبادلها النظر للحظات طويلة فيما راحت تتصارع فى داخله مشاعر الشفقة عليها بسبب إيمانها بوالدها من جهة ومشاعر الغضب منها بسبب احتيالها عليه من جهة أخرى . كما شعر بالإعجاب بها ولو رغماً عنه,لاندفاعها اللامتناهى من أجل حماية والدها .وأخيراً قال فى محاولة لتلطيف الأجواء :"تناولى حساءك قبل أن يبرد"
لم تبدُ كلويه أكثر اهتماماً منه بتناول طعامها . التقطت معلقتها وراحت تحرك الحساء الذى غدا بارداً بقلب منفطر
وأخيراً أخذت نفساً ثم تمتمت بصوت أجش :"لطالما أعتقدت أن المرء فى هذا البلد يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته"
أكد فيرغوس بتثاقل :"وهو كذلك"
اللعنة! إنها تبكى يمكنه ان يرى دموعها وهى تسيل فوق خديها الشاحبين
أخذت كلويه نفساً آخر :"هل تعلم أن والدى سوف يترشح للانتخابات القادمة؟"
- نـــعــــم
رفعت كلويه رأسها ولأنها كانت تبكى فقد تجمعت الدموع فوق رموشها :" كـيـفـ...؟"
قال فيرغوس ببطء :"قابلت بيتر أمبروس يوم أمس بدلاً من يوم الأربعاء"
عندما أعلمه بيتر أمبروس من غير قصد أن كلويه هى ابنة بول هاميلتون شعر فيرغوس وكأنه تلقى ضربة فى معدته . كما فوجئ بيتر حين علم أن فيرغوس يجرى بحثاً عن الكارثة التى حلت بوالدها فى الماضى,فيما هو وكلويه صديقاً حميمان. أما فيرغوس فقد أصيب بالذهول ولم يعد يعرف كيف يتصرف إلى ان ينتهى لقاؤهما.
إنه يشعر بالغضب الشديد منذ ذلك الحين .وراح يتذكر الأمور التى حيرته فى تصرفات كلويه منذ أن عرف عنها تلك المعلومة :إلحاحها لتعرف إليه مساء السبت الفائت , معرفتها بعنوان سكنه ورقم هاتفه حتى أنها تعرف كيف يفضل القهوة...
لكن ما يريد معرفته فى الدرجة الأولى هو كيف توصلت إلى معرفة موضوع كتابه الجديد . قال ببطء شديد:"كلويه,من أخبرك أننى بصدد تأليف هذا الكتاب المميز؟"
التفتت بعيداً وقالت بخشونة:"يكفى أننى علمت"
أجاب بصرامة:"كلا"
ثم عبس باهتمام :"قلة من الناس تعرف هذا الأمر ومنهم وكيل أعمالى والناشر .حتى أنهما لا يعرفان إلا القليل من المعلومات . فكيف توصلت إلى معرفة ذلك؟"
ترددت قليلاً ثم قالت بعدائية واضحة:"حسناً, لقد علمت بالأمر وهذا يكفى"
كلا,هذا ليس حسناً على الإطلاق.فحتى يوم أمس أى موعد لقائه مع بيتر أمبروس قلة من الناس كانت تعرف هذه المعلومة,ولا يحق لهم مناقشة موضوع الكتاب . وها هى كلويه تمتنع عن الأفصاح عن مصدر معلوماتها كما أنها تتجنب عمداً النظر إليه...
وأضافت بنفاد صبر وهى تراه يرفع حاجبيه سخرية :"حتى بعد أن عرفت أن أبى ينوى ترشيح نفسه للانتخابات القادمة؟"
توتر فم فيرغوس فقد أدرك أن جوابه لن يعجب كلويه البتة.إذ إن موضوع روايته يرتكز على تلك الفضيحة.كما أنه هو نفسه من الأشخاص الذين يعتقدون أن والدها مذنب.وهذا بالتأكيد لن يعجبها أيضاً.
على أى حال ليس هذا ما تسأله كلويه
تشدق قائلاً :"هل تقصدين الآن أى بعد أن خرجنا معاً؟"
أطلقت كلويه صوتاً كالفحيح:"نحن...أنا لم...."
فقال ببرودة من بين أسنانه :"أخبرتك يا كلويه أنى لا أحب الألاعيب"
وراح ينظر إليها بتعبير ساخر .أتراها تعتقد حقاً أنه سيغير رأيه فى ما يتعلق بكتابة هذا الكتاب لمجرد إنها تورطت معه؟هز رأسه مفكراً فهو لم يكن يظن أن كلويه تفكر بهذا أبداً.
قالت كلويه وهى لا تزال محنية الرأس :"كل ما أردته هو التحدث إليك"
بالكاد كانت كلماتها مسموعة إذ بدا صوتها مشبعاً بالأنفعالات ثم أضافت وهى ترتجف:"كنت مستعدة للتوسل إليك إذا لزم الأمر كى تترك والدى وشأنه"
قال فيرغوس بنبرة حادة وعنيفة:"لِمَ لم تتبعى الطرق المألوفة لمقابلة أى شخص إذن؟كان بإمكانك أن تتصلى هاتفياً لتحديد موعد لمقابلتى"
رفعت رأسها تنظر إليه بعينين مليئتين بالدموع ثم قالت تتحداه :"وهل كنت ستوافق على رؤيتى إذا ما قلت لك إن أسمى هاملتون؟"
كلا!نعم!ربما...هذا ما أقر به أخيراً فهى فى النهاية مقربة جداً من بول هاملتون...
ما الذى يفكر فيه؟لقد أستخدمت كلويه طريقة ملتوية للوصول إليه , وهو يشعر بالغضب الشديد لأنه بدا كالمغفل .لكن لو أستخدمت الطريقة الصحيحة فذلك لا يعنى أنه كان سيتصرف كما يخيل إليها تماماً..
أكدت كلويه وكأنما قرأت أفكاره من تعابير وجهه:"ربما كنت لتوافق بسبب الفضول ليس إلا"
شعر فيرغوس بالانزعاج لأن أفكاره ومشاعره بدت واضحة على وجهه إلى هذا الحد.لا! إنه لا يحب ذلك أبداً,فسألها بنبرة قاسية:"وهكذا,قررت مقابلتى بطريقة أخرى فأعطيتنى أسماً غير دقيق تماماً ثم وضعتنى فى وضعية مشبوهة ,و...ماذا بعد ذلك كلويه؟هل تسعين إلى ابتزازى؟بالطبع سيكون موقفى محرجاً جداً إذا شاع أننى أقيم حالياً علاقة مع ابنة بول هاملتون , أليس كذلك؟
لم يبد وجه كلويه بهذا الشحوب من قبل أما عيناها فغدتا كبركة من الانفعالات المريرة ذات لون أرزق داكن.
شعر فيرغوس أنه يكاد يذوب من الداخل لمنظرها هذا وكره نفسه لأنه السبب فى ألمها ومراتها
كلا ! عليه ألا يشعر بالضعف أمامها.كلويه هى التى وضعت نفسها فى هذا الموقف عمداً.وهى لم تفكر فيه كإنسان حين وضعت خطتها للإيقاع به.إذا ما ضعفت إرادته الآن فسوف يؤدى ذلك به إلى المواقفة على كل ما تطلبه منه...بما فى ذلك التخلى عن كتاب أمضى حتى الآن الأسابيع فى البحث لتحضيره.
سألته كلويه بهدوء:"هل سبق لك أن قابلت والدى؟"
توتر فم فيرغوس:"كلا , ليس بعد"
أصرت قائلة :"ألا تنوى أن تقابله قبل الشروع فى تأليف كتابك؟"
قال مذعناً بتذمر :"هذا محتمل"
لم يكن ينوى إخبار كلويه أن لديه موعداً مع والدها يوم الجمعة. فهو مازال غاضباً منها ويرغب فى أن يتركها قليلاً بعد فى معاناتها.
أومأت كلويه:"إذن أظن إن على الإعتماد على هذا الأمر "
التوى فم فيرغوس ثم عاوده التوتر :"هل تقصدين أننى ما أن ألتقيه حتى أدرك أننى مخطئ بشأنه؟"
أرجعت رأسها إلى الوراء باعتزاز:"نعم"
هز فيرغيوس رأسه مجدداً:"أظن أنك متفائلة للغاية كلويه"
أكدت له بعناد :"وأنا أظن أن علينا الأنتظار لنرى ما سيحصل"
قال بصوت خشن مثير للأعصاب :"لقد تماديت كثيراً كلويه"
ثم تابع :"تعلمين أننى لا أذكر شيئاً عما حصل بينا تلك الليلة وإذا كنت تنوين اللجوء إلى الصحف لتدعى أن..."
شهقت كلويه غير مصدقة :"هل تعتقد حقاً أننى أنوى ابتزازك؟"
نظر إليها فيرغوس :"ماذا إذن؟"
أخذت كلويه نفساً عميقاً ولون الغضب خديها بقوة:"لمعلوماتك سيد ماكلاود...."
قاطعها بإزدراء :"ماذا ستضيفين إلى معلوماتى؟"
رفعت كلويه صوتها ليسمع كل من حولهما:"وإلى كل من يهمه الأمر أيضاً..."
وكررت ما قالته بوضوح وببطء :"لمعلوماتك سيد ماكلاود أنا لم أشاركك سريرك ليلة السبت الفائت . بل أمضيت الليلة...كل الليلة...جالسة على المقعد فى غرفة نومك"
لم يتحرك فيرغوس من مكانه وكأنه التصق بمقعده بالغراء وحدها نظراته راحت تجول بإنزعاج فى أنحاء المكان . لكن ذلك كان كافياً ليدرك أنهما اصبحا محور اهتمام الزبائن والنادلين والنادلات
وفجأة راح فيرغوس يقول ببطء:"كلويه...."
فيما تابعت كلويه تصريحها :"لم أشاركك السرير سيد ماكلاود . كما أنك كنت قد تناولت حبة منوم ولم يعد بإمكانك سوى الاستسلام للنوم.لذا لا يمكننى أتهامك بأى شئ على الأطلاق"
ثم تحدته بإحتقار:"هل أوضحت موقفى الآن؟"
لقد أوضحته جداً.وما كان من فيرغوس إلا أن قال متهكماً :"لست واثقاً من أن الذين يعملون فى المطبخ سمعوك"
أصبحا الآن محط أنظار كل من فى المطعم . وقفت كلويه بسرعة ونظرت بحدة بإتجاه المطبخ لترى دانييل سيمون وأثنين من مساعديه يقفون أمام الباب المفتوح فصاحت قائلة :"يبدو أنهم سمعوا أيضاً.وداعاً"
أومأت له بحدة قبل أن تستدير لتسير عبر المطعم برأس شامخ.
يا إلهى ! إنها ساحرة ! اعترف فيرغوس بذلك لنفسه فيما راح يراقبها . إنها ساحرة تماماً فهى تبدو كأميرة حقيقية وهى تسير بثقة وإعتزاز . كتفاها مشدودتان إلى الوراء ورأسها مرفوع إلى أعلى, فيما شعرها الأسود الطويل يتوج رأسها وينسدل متموجاً فوق ظهرها حتى يكاد يصل إلى خصرها
ما إن أغلق باب المطعم خلف كلويه حتى سمع فيرغوس صوت دانييل يقول له بتهذيب:"تعالى معى إلى المطبخ"
وقف فيرغوس وهو يشعر بالضياع تقريباً وترك الرجل الأكبر سناً يقوده من ذراعه إلى المطبخ حيث تعبق روائح الطعام الشهية.وما أن أقفل الباب خلفهما حتى هز دانييل رأسه قائلاً :"ما قصتكم مع هذا المطعم أنتم الاسكوتلنديون؟"
ثم أضاف مسلماً بسخرية :"لا بأس فلننظر إلى الجانب المشرق من الأمر . على الأقل لم تسكب تلك المرأة على رأسك طبق الغسباتشو قبل أن تغادر"
لم يكن فيرغوس منزعجاً جداً من خروج كلويه الدرامى ذاك حتى أنه لم يفطن إلى أن دانييل يشير إلى علاقة ابنته دارسى بابن خالته لوغان
قال فيرغوس للرجل الآخر بنبرة عنيفة :"إنها لم تشاركنى الفراش دانييل"
التوى فم دانييل وقال مؤكداً :"أظن أن هذا أفضل"
تمتم فيرغوس بلهجة راضية :"بالضبط"
إن إعلان كلويه ذلك وسط الحشد الموجود فى المطعم لم يجعله يشعر بالرعب كما توقع بل فى الواقع لم يشعر يوماً أنه أسعد حالاً!

* * *

ما الذى فعلته لتوها ؟
جلست كلويه فى المقعد الخلفى لسيارة الأجرة بامتنان . وكانت السيارة قد توقفت ما أن لوحت لها فور خروجها من المطعم فاندفعت إلى داخلها على عجل وطلبت من السائق أن يقلها إلى منزلها . خيل إليها أنها تشعر بأنفاس فيرغوس التى تغلى من الغضب وكأنها تلسعها فى مؤخرة عنقها.
إلا أن نظرة سريعة إلى الخلف أنبأتها أن فيرغوس لم يتبعها.وهى لن تلومه إن فعل,فقد أعلنت لتوها أمام حوالى أربعين شخصاً على الأقل أنه لم يكن ليلة السبت الفائت فى حالة تسمح له بمغازلتها!
ما الذى أصابها لتقول ما قالته؟حسناً الجواب على ذلك فى منتهى البساطة . لقد أجبرت على ذلك بعد أن أتهمها فيرغوس بأنها تنوى ابتزازه كى يتخلى عن فكرة كتابه الجديد . شعرت بالانكماش لذكرى تلك الوجوه التى علتها الصدمة حين أعلنت بصوت مرتفع أن فيرغوس اكتفى بالنوم يومها.
لقد تحول الأمر إلى ورطة .ورطة كبيرة لاحل لها . فبدلاً من كسب تعاطف فيرغوس وتفهمه فيما يتعلق بوالدها أثارت غضبه واحتقاره .والأسوأ من هذا كله أن فيرغوس بدا مصمماً أكثر من قبل على المضى قدماً فى تأليف كتابه.
أما هى فعليها...وفى وقت قريب أن تنقل الخبر إلى والديها . وهذا أمر لا تتطلع إلى القيام به بحماسة.على أى حال لن يكون لديها فرصة مناسبة فى الأيام القادمة فوالداها بعيدان حالياً عن المنزل.
حين عادا والدا كلويه إلى المنزل يوم الخميس بدا عليهما الإرهاق,حتى إن قلبها لم يطاوعها للتطرق إلى هذا الموضوع. أما يوم الجمعة فيصادف عيد زواج أختها . وقد أتفق أفراد الأسرة على الخروج للعشاء احتفالاً بالمناسبة ,ما يجعل هذا فى عطلة نهاية الأسبوع فهى تعلم أنها لا تستطيع تأجيل الأمر أكثر.إذا لم يتحدث بيتر أمبيروس مع والدها بهذا الشأن بعد فلن يطول الأمر به قبل أن يقوم بذلك .لذا من الأفضل أن تخبره بنفسها,مع انها ستجد صعوبة فى تفسير مسألة معرفتها الشخصية بـ فيرغوس .
منذ ذلك اليوم لم تسمع أى خبر عن فيرغوس فى الواقع لم تكن تتوقع ذلك بعد فشلها الذريع معه فى المطعم,لكن عندما يتعلق الأمر بـ فيرغوس بالتحديد فإن عدم سماعها أى خبر منه لا ينبئ بالخير البتة.
نزلت كلويه السلم صباح يوم الجمعة فى طريقها لشراء هدية لـ بينى & دايفيد,لتقدمها لهم ذلك المساء , وإذا بها تصاب بالذهول بعد أن التفتت من باب الفضول إلى غرفة الأنتظار فى مكتب والدها فوجدت فيرغوس جالساً فيها.
شهقت كلويه وعلا الشحوب خديها.فدخلت إلى الغرفة بسرعة وأغلقت الباب خلفها ثم صاحت به بنبرة إتهام:"ما الذى تفعله هنا؟"
وكأنها حقاً بحاجة لأن تسأل !
بدا فيرغوس فى غاية الارتياح وهو يرفع نظره إليها ,إذ قال بغير مبالاة:"أعمل وفق نصيحتك,أتيت بالطبع لمقابلة والدك"
كان يجلس فى أحد المقاعد وقد ارتدى بذلة داكنة اللون وقميص أزرق ورابطة عنق مناسبة.علا الأحمرار وجنتى كلويه حين تذكرت المناسبة التى أعطته فيها تلك النصيحة.ما الذى فعله فيرغوس ذلك اليوم بعد مغادرتها للمطعم؟أتراه تابع تناول غدائه أم قرر المغادرة هو أيضاً؟فكرت كلويه فى أنه فضل الخيار الثانى على الأرجح
لا تزال كلويه تشعر بالخجل لمجرد التفكير فى تصرفها ذلك اليوم فى المطعم.
كما أن احتمال رؤيتها لـ فيرغوس مرة أخرى بقى يقلقها.لكنها لم تتوقع بالتأكيد أن تلتقيه فى منزل والديها.
وما أن أدركت ما يرمى إليه حتى قالت ببطء:"إذن,مازالت مصمماً على متابعة العمل الذى تنوى القيام به؟"
وقف فيرغوس ببطء فملأ الغرفة بقامته الفارعة الطول.وقال مؤكداً:"أنا هنا لمقابلة والدك"
وهل توقعت كلويه أن يستجيب لما طلبته منه؟ففى لقائهماالأخير احرجته علناً أمام الناس.وأردف فيرغوس بتثاقل :"دخل مساعده دايفيد ليعلمه بوجودى"
نظرت كلويه إليه بعينين خائفتين ثم قالت تناشده:"أرجوك لا تدع عدائيتك تجاهى تؤثر على شعورك تجاه والدى"
ضاقت عينا فيرغوس البنيتان وأخفض بصره لينظر إليها وسألها مشيراً إلى السترة التى ترتديها فوق القميص القطنى والبنطلون الجينز:"هل أنت خارجة؟"
لم يخف عليها أنه يتهرب من الإجابة عن سؤالها . كما أنها لم تعد واثقة الآن أكانت ستخرج أم لا بعد مجئيه لرؤية والدها فقالت:"كنت..."
ثم صمتت ليسأله بحذر:"لماذا تسأل؟"
هز فيرغوس كتفيه من دون مبالاة قائلاً:"ما من سبب محدد.لقد فكرت فقط إن كان بإمكاننا أن نتناول الغداء سوياً حالما أنتهى من محادثة والدك"
فكر فقط!!
ردت كلويه بسرعة:"أنا أشك كثيراً فى أننا سنود ذلك!بالإضافة إلى هذا , هل تظن أنها فكرة صائبة...بعد آخر لقاء لنا؟"
ابتسم فيرغوس وقال متشدقاً:"لا أنصحك بتكرار ذلك المشهد الدرامى مرة أخرى"
وتابع معلقاً :"من الواضح أنه لم يكون هناك صحفيين فى المطعم يوم الثلاثاء الماضى,لكن قد لا تكونين محظوظة فى المرة القادمة"
لطالما ساورها القلق فى اليومين الماضيين من رؤية إحدى المقالات المثيرة التى تتحدث عما حصل فى مطعم الشيف سيمون.لكن يبدو إنها كانت محظوظة كما قال فيرغوس.
أخذت كلويه نفساً مرهقاً:"أنا حقاً آسفة لما حصل يوم الثلاثاء.أنا فقط...أنت...."
أسكتها فيرغوس بلطف:"لا داعى للكلام كلويه,يكفينى إعتذارك"
ثم رفع يده بهدوء ليمسد وجنتها الشاحبة:"لقد تصرفنا بغرابة يومها.وقد أكد لى دانييل أن ما حدث لم يؤثر مطلقاً على عمل المطعم.بل يبدو أن الناس جلسوا مطولاً بعد ذلك لتناول القهوة والعصير وهم يتحدثون عن الموضوع"
صدقت كلويه ما قاله فحديثهما بدا كعرض مسرحى! إلا أنها قالت بتردد:"أظن أنك تأخذ الأمور ببساطة كبيرة"
هز فيرغوس كتفيه مجدداً :"أظن أن سمعتى كعاشق قد تأثرت قليلاً لكن...من يهتم بذلك ؟ أنت..."
- آسف لتأخيرك سيد ماكلاود...كلويه؟
دخل والد كلويه إلى الغرفة لمقابلة فيرغوس وسرعان ما بدا عليه التعجب لرؤية كلويه مع ذلك الرجل فأضاف مستفهماً :"لم أكن أعرف أن ثمة معرفة سابقة بينكما"
نظرت كلويه إلى فيرغوس بارتباك قبل الالتفات مجدداً إلى والدها:"أنا...."
تدخل فيرغوس بحزم وهدوء واضحين مواجهًا ُنظرات الذهول التى رمقته بها:"أنا وكلويه صديقان قديمان"
ثم أضاف:"فى الواقع أردت دعوتها إلى الغداء"
ازداد ارتباك كلويه,ما الذى يخطط له فيرغوس؟هما ليسا صديقين قديمين فاسبوعان من المعرفة لا يجعلانهما كذلك أبداً!ولوكانت المواقف معكوسة, و فيرغوس هو من تصرف مثل تصرفها فى المطعم لما دعته بالتأكيد لتناول الغداء مجدداً.رمقته بعينين ضيقتين قبل أن تبتسم لوالدها وتشرح له بلباقة :"لسوء الحظ,على أن أعتذر عن قبول الدعوة إذ على أن أنزل إلى السوق للتبضع"
قبل فيرغوس عذرها وقال ببساطة :"إذن يبدو أن الدعوة ستصبح دعوة إلى العشاء"
توجهت وجنتا كلويه لشدة غضبها من غطرسته الزائدة إلا أن والدها أجابه هذه المرة ضاحكاً:"يبدو أن الحظ لن يحالفك فى هذه الدعوة أيضاً سيد ماكلاود فالليلة لدينا احتفال عائلى,أنه عيد زواج أبنتى الكبرى"
ثم تابع يقول:"لِمَ لا تنضم إلينا فتشارك ابنتى الجميلة العشاء مع بقية أفراد عائلتها,هذا...إذا لم يكن لديك مانع طبعاً.ما رأيك إذن؟"
ذهلت كلويه لفظاعة هذا الإقتراح لكن نظرة واحدة إلى فيرغوس جعلتها ترى لمحة السخرية فى عينيه وهما تلتقيان مباشرة بنظراتها القلقة فأدركت على الفور أنه سيقبل هذه الدعوة
كيف يمكنه أن يفعل ذلك؟
كـيـف يـجـرؤ ؟

* * *
نهاية الفصل السابع

جمره لم تحترق 08-06-12 06:28 PM

8 ـ أبتسمى , بحق السماء !
 
8 ـ
أبتسمـي , بحـــق السمــاء ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png


فهم فيرغوس من نظرات كلويه الغاضبة إنها توقعت منه أن يرفض دعوة والدها.لكن هذا وحده كان كافياً ليجعله يقبل الدعوة.
قال بول هاملتون بلباقة بعد أن شعر بترددهما:"ساترككما لتناقشا الموضوع"
ثم التفت إلى فيرغوس مبتسماً:"كلويه سوف ترشدك إلى مكتبى ما إن تنهيا كلامكما"
راقب فيرغوس الرجل وهو يغادر الغرفة . بدا بول هاملتون مشابهاً تماماً لتلك الصورة الفوتوغرافية التى يملكها إلا أن تلك الصورة لا تعكس نظراته الحانية والنبرة الدافئة فى صوته وهو يتكلم عن ابنته الجميلة .تلك الابنة الجميلة التى راحت تهمس لـ فيرغوس بغضب:"عليك أن ترفض الدعوة"
ثم أضافت بقرف:"لا يمكن ان تكون منافقاً إلى درجة قبولها"
فكر فيرغوس بذهن شارد بأن اللون الذى علا وجنتيها يناسبها تماماً ويزيدها جمالاً كما يعطى عمقاً لتلك الشرارة الزرقاء الغامضة فى عينيها.لم يكن واثقاً من أنه سيرى كلويه هنا اليوم لكنه أمل ذلك بالتأكيد.إذ سيوفر عليه هذا عناء التذلل والاتصال بها وسيجنبه احتمال أن ترفض التحدث إليه.كما أنه وببساطة أراد رؤيتها مجدداً.
بدت اليوم أصغر سناً ببنطلونها العملى وقميصها القطنى اللذين أبرزا بوضوح لمسات مصممة أزياء ذات ذوق رفيع . فى الواقع لقد بدت مذهلة. لكنها دائماً....
أجابها بعبوس :"لا تكونى سخيفة كلويه.أنت تعتقدين أننى قاسى القلب وغير مبالٍ فلِمَ لا تضيفين صفة المنافق إلى اللائحة؟"
شعرت برغبة فى أن تضرب الأرض بقدميها احتجاجاً لكنها تعلم أن هذا التصرف لا يليق بفتاة مهذبة.قالت بإحباط :"لأنه...لأنه لا يمكنك القيام بذلك"
ابتسم فيرغوس ورفع يديه إلى الأعلى :"بالطبع يمكننى لقد دعانى والدك للتو"
حدقت كلويه إلى وجهه:"سيندم والدى على هذه الدعوة حالما تتحدث إليه"
وافقها فيرغوس دون أن يبدى اهتماماً :"ربما.لكننى واثق من أنه أكثر تهذيباً من أن يسحب دعوته بعد أن قبلتها.وأنا أود فعلاً قبول هذه الدعوة"
- لا يمكننى تصديق ذلك!
استدارت كلويه وسارت لتحدق من النافذة.ثم هزت رأسها غير مصدقة :"أنت رجل مزيف وليس لديك مبادئ وأسوأ مما كنت أتصور"
صمت فيرغوس قليلاً ولم يتمكن من التكلم بسبب الإهانة التى تعرض لها إلا أنه ذكر نفسه بإن هذه الإهانة غير مقصودة.لابد أن كلويه تأمل أن يدفعه غضبه من الإهانة إلى رفض دعوة والدها له.وبخها بنبرة ساخرة:"أنت تتعمدين إهانتى كلويه"
فردت على الفور:"حبذا لو أستطيع القيام بأكثر من ذلك"
إنه واثق من ذلك!فقد كانت يدا كلويه مشدودتين فى قبضتين إلى جانبها وقد بدا التوتر على جسمها كله بسبب غضبها المكبوت.أما فيرغوس فشعر بأن جل ما يرغب فيه فى هذه اللحظة هو أخذها بين ذراعيه ومعانقتها.لكنه أدرك أنه لو حاول ذلك لما ترددت كلويه لحظة واحدة فى صفعه.ابتسم لها ابتسامة فاترة :"لابد أننى سأعرف المزيد من التفاصيل من والدك هذا المساء..."
قاطعته كلويه بتصميم :"فيرغوس,لا يمكننى أن أسمح لك أن تتناول العشاء مع عائلتى.سيكون على إخبار والدى...."
قال فيرغوس متحدياً:"تخبرينه بماذا؟ماذا تودين إخبار والدك بالضبط عن صداقتنا كلويه؟هل ستخبرينه أنك تعمدت أن تتقربى منى منذ أسبوعين؟"
تابع كلامه رغم محاولتها مقاطعته:"هل ستقولين له إنك أمضيت الليلة فى منزلى؟"
توقف فيرغوس عن الكلام حين لاحظ شحوب وجهها.ثم تابع متمتماً:"أنت لن تخبريه بذلك كلويه على ما أظن"
التمعت عيناها بمشاعر الكره وهى تقول:"أنا...أنا أكرهك فيرغوس!"
أجابها :"ثمة خط رفيع بين الكره والحب على حد علمى"
هذا الهياج العاطفى الذى أصاب كلويه جعله يتأثر فى أعماقه.فهو لا يريدها أن تكرهه رغم أنه غير واثق بعد مما يريده منها.لكن ليس الكراهية بالتأكيد
- أؤكد لك بأننى لن أتجاوز هذا الخيط أبداً!
تجاوزته كلويه ثم فتحت الباب قبل أن تلتفت إليه مجدداً لتحملق فى وجهه قائلة:"أنت أكثر الرجال الذين قابلتهم فى حياتى خساسة"
يا إلهى! إنها طرية العود صغيرة السن وبالغة الحساسية.حتى أن فيرغوس أراد أن يلفها بذراعيه ليبعد عنها كل ما يمكن أن يؤذيها.لكن ما منعه من القيام بذلك خشية من مواجهة بعض المشاكل حين يذهب لمقابلة والدها بعد دقائق,حيث سيضطر لشرح سبب وجود خدوش طفيفة على وجهه.وبدلاً من ذلك قال:"أراك هذا المساء كلويه"
ضاق فمها وهى تقول :"ربما أصاب بصداع يمنعنى من تناول العشاء معكم.حتى إننى أشعر بصداع منذ الآن"
رفع فيرغوس حاجبين هازئين:"صداع آخر؟لا اظنك تفعلين هذا بأختك وصهرك الليلة"
وفجأة هبطت كتفاها كآبة وبدت عيناها كبركتين كبيرتين مليئتين بالألم وخيبة الأمل . نظرت إليه بإذعان قائلة:"أنت محق.لن أفعل ذلك"
ثم أكملت بفتور :"لكننى أتمنى شيئاً واحداً فيرغوس ماكلاود...أتمنى لو أننى لم أقابلك أبداً"
هذا التعليق اللاذع أزعج فيرغوس إلا أنه تمسك بقوة إرادته للسيطرة على نفسه وعدم اللحاق بها وهى تقطع عبر الصالة متجهة إلى خارج المنزل بهدوء بعد أن أغلقت الباب خلفها بحزم
توترت عضلات فكيه وهو يراقبها فيما هى تغادر المنزل.وشعر أن خروجها من المطعم يوم الثلاثاء بتلك الصورة الدرامية لهو أفضل مما حصل اليوم.على الأقل لم تقل له يومها إنها تكرهه!
لاشك أن خروجها المفاجئ الآن تركه فى مأزق صغير فهو لا يملك أدنى فكرة عن مكان مكتب بول هاملتون وهو بالتأكيد لن يتجول فى أنحاء المنزل ليكتشف مكانه
- هل يمكننى مساعدتك تبدو ضائعاً قليلاً
التفت فيرغوس بحدة نحو الصوت النسائى الأجش.وشعر وكان أحداً سدد إليه ضربة قوية فى صدره وهو ينظر إلى امرأة تشبه كلويه تماماً بعد ثلاثين سنة,رقيقة الجسم ذات شعر داكن وتتميز بالنعومة والجمال مع بعض التجاعيد حول عينيها وفمها.لقد عرف هوية تلك المرأة,إنها ديانا والدة كلويه.
حيها فيرغوس بتهذيب:"سيدة هاملتون,يفترض بى أن أكون فى مكتب زوجك لكن أخشى أننى تهت"
لا داعى لأن يشرح لها أن كلويه خرجت وتركته ليتدبر أمره بنفسه.
ضحكت ديانا ضحكة ودودة وقالت:"من السهل أن يضيع المرء فى هذا المنزل.تعال معى"
دعته بدفء واستدارت لترشده إلى المكتب.لحق فيرغوس بها وهو يفكر فى أنه يصعب على أى رجل ألا يلبى دعوة هذه المرأة الجليلة البالغة اللطف!
وقف بول هاملتون ما إن دخل فيرغوس إلى مكتبه:"سيد ماكلاود"
ثم ابتسم لزوجته بحنان قائلاً:"عزيزتى,هل يمكنك أن تطلبى من السيدة هارمون أن ترسل لنا كوبين من القهوة؟"
أومأت ديانا بنعومة:"بالتأكيد.سررت بلقائك سيد ماكلاود"
أشار بول إلى المقعد المقابل لمكتبه الضخم المصنوع من خشب الماهوغانى:"أرجوك تفضل بالجلوس سيد ماكلاود"
ثم تابع يبتسم :"لم أقل لـ ديانا إنها قد تلتقيك مجدداً هذا المساء.فربما خططتما لأمر آخر أنت وكلويه"
هز فيرغوس كتفيه باكتئاب,لقد خطط لما يناسبه وحده بالرغم من معارضة كلويه
- أود الأنضمام إليكم...لكننى أخشى أن أبدو دخيلاً.
قال له بول هاملتون مطمئناً:"أبداً ستة أشخاص على العشاء أفضل من خمسة , أليس كذلك؟"
شعر فيرغوس بسرور بالغ لمعرفته أن عائلة كلويه تقتصر على خمسة أشخاص فبذلك يثبت على الأقل أن ما من رجل مميز فى حياة كلويه ألا أنه شعر من جهه أخرى بعدم ارتياح وبتقلص فى معدته وذلك بعد أن تعرف إلى بول هاملتون و زوجته ديانا.فقد بدأ فيرغوس يتساءل إذا كان من الممكن ألا يخلص بول لامرأة تتمتع بالجمال والدفء معاً كـ ديانا...

* * *

يا لجرأته! هذا ما خطر لـ كلويه باشمئزاز ما إن لمحت فيرغوس يدخل غرفة الجلوس مساءً كانت الأسرة متجمعة هناك قبل المغادرة إلى المطعم .
لم تكن لديها فكرة عما جرى فى مقابلة فيرغوس مع والدها فهى لم ترى والدها سوى لبضع دقائق بعد عودتها من السوق,إلا أنها لم تلاحظ عليه أى إنزعاج.أما بالنسبة إليها فلم يكن هذا حالها حين علمت أن فيرغوس سوف يحضر عند الساعة الثامنة مساءاً لمرافقتها إلى المطعم.
- بحق السماء. ابتسمى !
قل لها فيرغوس ذلك فيما هو يقف إلى جانبها حاملاً فى يده كوباً من العصير . بدا وسيماً وأنيقاً فى بذلة السهرة السوداء التى يرتديها ثم أكمل ينبهها :"سيظن أفراد أسرتك أنك لا ترغبين بوجودى هنا"
نظرت كلويه إليه بحذر من دون أن تخفى مشاعرها العدائية نحوه ثم ردت بحدة:"لكننى لا أرغب فعلاً"
ضحك فيرغوس بنعومة ثم قال بخفة:"دعينا لا نفسد هذه الأمسية على أختك وصهرك"
ثم تابع قبل أن تجفل كلويه وتبتعد عنه:"تظاهرى بأنك مسرورة لرؤيتى"
فقالت كلويه بصوت خشن:"لا تحاول أن تستغلنى بهدف التقرب من والدى أو من أسرتى"
غدت نظرته أكثر قساوة قبل أن يأخذ نفساً عميقاً ويقول :"لا أنوى القيام بذلك أبداً كلويه"
ثم التفت إلى حيث يقف بقية أفراد الأسرة:"ألا تعتقدين أن الوقت حان لتقدمينى إلى أختك وصهرك؟"
أجابته دون مبالاة:"لا"
فهى تعتقد أنه لا يجدر به أن يكون هنا من الأساس وهنا تكمن المشكلة
استدار فيرغوس ببطء ليواجهها من جديد :"كلويه إذا كنت تذكرين لقد دعوتك على العشاء هذه الليلة لكن صودف أن لديكم هذا الأحتفال العائلى.إنها محض صدفة"
ردت بإزدراء:"حقاً؟"
ردد بتثاقل:"حقاً"
ومد يده ليمسك ذراعها بقوة ثم يديرها لتواجهه:"أنا لم أخطط لحدوث ذلك كلويه سواء صدقت هذا أم لا . إنه خيارك"
كانت كلويه تشعر بالغضب الشديد حتى أصبحت عاجزة عن التفكير!لا يحق له أن تكون هناأن يتواجد مع عائلتها وكأنه صديق مقرب منها.هذا ما آلمها.بغض النظر عن ادعاءاته المغايرة
قالت ببرودة:"أنا لا أصدقك"
ثم أنحنت لتضع كوب العصير الفارغ على الطاولة المجاورة.رفع فيرغوس حاجبيه وهو يراقبها :"لقد أنهيت كوب العصير بسرعة فائقة"
ضاق فمها وقالت من دون مرح :"حقاً؟أشعر بالظمأ بصورة غريبة هذا المساء"
ثم تابعت بسخرية :"فى الواقع أظننى سأسكب كوباً آخر"
حملت الكوب مجدداً واتجهت إلى حيث وقف والدها وأختها بينى
قررت كلويه أن تتخلص من غضبها من فيرغوس فهذه أمسية بينى و دايفيد على أى حال لن تفسد الأمر عليهما:"لقد مضى أثنا عشر عاماً بينى.قريباً ستحصلين على ميدالية الخدمة الطويلة"
ضحكت بينى ومنحت زوجها ابتسامة جعلته يشعر بالتوتر وهو يتجه للتحدث إلى فيرغوس.ثم قالت:"متى سنسمع أجراس زفافك كلويه؟"
لزمها جهد كبير لتتمكن من الحفاظ على ابتسامتها.تباً لـ فيرغوس ! ألا يدرك أن وجوده بينهم الليلة سيثير شكوك عائلتها؟أم لعله لا يكترث للأمر؟
قالت كلويه وهى تهز كتفيها من دون انفعال:"لست متلهفة للزواج"
أكدت أختها بثقة:"كلنا نقول هذا قبل أن نقع فى الحب!"
فعادت كلويه لتأكد :"ليس أنا بالتأكيد!"
رأت أن الوقت حان لمقاطعة حديث فيرغوس ودايفيد ليس لأنها تتمنى قضاء مزيد من الوقت مع فيرغوس بل لأن دايفيد يمكن أن يكشف له معلومات عن العائلة من دون قصد.قالت قبل أن تسير لتنضم إلى الرجلين:"عن إذنك بينى"
ابتسم لها دايفيد قائلاً بنبرة فيها مزيج من التوبيخ والمزاح:"لم أكن أعلم أنك على معرفة بكاتب مشهور كلويه"
ردت بذكاء:"على الفتاة أن تخفى بعض الأسرار عن عائلتها"
وإذا بـ فيرغوس يتدخل قائلاً:"لكننى لم أعد سراً بعد الان"
أجفلت كلويه ما أن شعرت بذراعه تطوق كتفيها فى حركة متملكة واضحة.
إنسَ ذلك فيرغوس ماكلاود!إنه عشاء واحد وتصبح بعده خارج حياتى إلى الأبد!
أقترحت قائلة:"ألم يحن وقت الذهاب إلى المطعم؟"
واستغلت فرصة وضع الكوب على الطاولة لتتخلص من ذراع فيرغوس التى تطوق كتفيها,ثم استدرات وهى مستعدة لمواجهة التحدى فى عينيه البيتين الداكنتين . لكن عندما نظرت إليه لم تجد فيهما سوى التسلية.حقاً! لقد أنتهى وقت التحدى , فيرغوس .ردت الرسالة على الفور بنظراتها وكأنها تقول له إن كل ما بينهما سوف ينتهى مع نهاية هذه السهرة.
قال فيرغوس وقد بدا عليه الرضى بشكل واضح :"يبدو أننا سنذهب نحن الأثنان فى سيارتى فيما يذهب الآخرون فى سيارة والدك"
من الذى قرر هذا؟لا تذكر كلويه ما أن أحداً استشارها فى هذا الموضوع, فهى....
سألها دايفيد بلطف وقد شعر بتغير طفيف فى مزاجها:"هل من مشكلة فى ذلك كلويه؟"
أكدت له بإبتهاج:"لا"
فهذا سيعطيها فرصة لتخبر فيرغوس بما ستقبله منه الليلة وما لن تقبله.أما إدعاءاته الواضحة...فهى بالتأكيد من ضمن الأمور التى لا تقبلها.
حين خرج الجميع من المنزل لم تكن كلويه مستعدة لما رأته,فسيارة فيرغوس هى نسخة طبق الأصل عن سيارتها الرياضية إنما لونها رمادى غامق
قال فيرغوس وهو يضغط زر لفتح الأبواب :"أمر غريب,أليس كذلك؟"
أخفت كلويه دهشتها على الفور وهزت كتفيها من دون اهتمام وهى تصعد إلى السيارة.قالت حين صعد إلى جانبها :"ليس تماماً .هذا يثبت فقط أنك تحسن الأختيار فى بعض الأمور"
- إنما فى بعض الأمور فقط.
لم تعلق كلويه على ما قاله بل جلست صامتة إلى جانبه وهو يقود السيارة بتأن ليلحق بسيارة والدها إلى المطعم . لم يكن صمتها يعنى إنها لم تدرك ما عناه فيرغوس ,بل لقد أدركت مقصده أكثر من اللزوم..
لم هو بالذات؟أنه آخر رجل يمكنها أن تفكر فى الوقوع فى حبه!
لكنها تشعر بالانجذاب نحوه. ومعظم الغضب الذى وجهته نحوه هذه الليلة سببه إدراكها لشعورها هذا منذ اللحظة التى دخل فيها إلى غرفة الجلوس. فى تلك اللحظة شعرت أن كل عصب فيها راح يضج بالحياة فجأة , ويرنم برقة لـ فيرغوس ماكلاود.
فجأة سألها فيرغوس :"بما تفكرين؟"
شعرت كلويه بالتوتر على الفور وتساءلت إن كانت تعابير وجهها قد فضحت أفكارها المضطربة. أملت ألا يكون الأمر كذلك,ثم قالت بعذوبة:"أتساءل أى نوع من السموم يصعب اكتشافه أكثر إذا ما دس فى الطعام"
ضحك ضحكة خافتة قائلاً بإعجاب :"أظننى لم أخبرك بعد كم تبدين جميلة الليلة"
- الأطراء لن يوصلك إلى أى شئ فيرغوس.
لكنها لم تتمكن من منع نفسها من الشعور بالرضى , لأن الجهد الذى بذلته لتبدو جميلة الليلة لم يذهب سدىّ. لقد ارتدت فستاناً قصيراً يصل إلى ركبتيها ويبرز مفاتن جسدها بلونه الذى يشبه لون القهوة بالحليب.كان لون الفستان متناسباً مع السمرة التى أكتسبتها فى فصل الصيف , كما بدا شعرها الطويل شديد السواد مقارنة ببشرتها المشرقة.أما مساحيق التجميل على وجهها فقد أضفت عليه تورداً معتدلاً كما زاد أحمر الشفاه من جمال شفتيها.
قال فيرغوس متذمراً:"أنا لا أحاول الوصول إلى شئ كلويه.ألا يمكننا أن نتفق على وضع العداء جانباً هذه الليلة,لنستمتع بعشاء لطيف مع عائلتك؟ وبصراحة أن العدائية قادمة من جهتك وحدك"
لا , لا يمكنها ذلك! لن تجرؤ كلويه أبداً على أن تتخلى عن وسائلها الدفاعية طالما هى بجوار فيرغوس ماكلاود . ليس فقط لما يحاول أن يكتبه عن والدها....
بل خشيت أن تكون قد وقعت فى حب عدوّها....

* * *
نهاية الفصل الثامن

جمره لم تحترق 09-06-12 07:25 PM

9 ـ لن تحظى بهذه الفرصة !
 
9 ـ
لن تحظى بهذه الفرصة ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png


قال فيرغوس بتجهم وقد أدرك أن كلويه تنظر إليه كعدو لها:" أنا لست عدوك كلويه"
ثم تابع بحذر :"فى الواقع, أود لو تتكلم معاً لاحقاً على انفراد. فلدى عرض لكِ"
نظرت إليه وقد علت الدهشة وجهها :"لديك...ماذا؟"
ابتسم فيرغوس من دون مرح وقال موضحاً :"ليس ذلك النوع من العروض التى تفكرين فيها كلويه"
ثم تابع يفسر لها فكرته:"لنقل أنه إقتراح . فلدى فكرة قد تساعدنا كلينا"
ظهرت القسوة على ملامح كلويه :"يراودنى شعور بإننى لن أحبذ اقتراحك"
- لأنك لا تحبذين الآن كل ما يتعلق بى
قالت بسطحية وهى تنظر من النافذة متعمدة إظهار عدم تعاونها :"ليس الآن فقط فأنا لا أحب ما يخصك دوماً"
ابتسم فيرغوس لصراحتها رغم أنه أدرك بعد تفكير أنها لم تقل شيئاً مضحكاً . هل هى حقاً لا تطيقه؟فى هذه الظروف , لا يمكنه لومها لكن ذلك لا يجعل الأمر مستساغاً بالنسبة إليه فأشار قائلاً:"والدك لا يشارك كرهك لى"
سألت بحذر :"لا لِـمَ يا ترى؟"
اعترف فيرغوس بتجهم :" لأننى حين أخبرته أننى أقوم ببحث من أجل رواية سياسية ,لم أذكر موضوع سوزان ستيرلنغ"
التفتت إليه متفحصة وقد شعرت بالإرتباك واخيراً قالت:" أنا لا أفهم"
فيرغوس أيضاً لم يعد يفهم ما يحصل معه لقد تأثر قليلاً بموقف كلويه التى تثق ثقة تامة ببراءة والدها . من الطبيعى أن تكون كلويه مخلصة لوالدها فى مثل هذه الظروف , لكن بعد أن قابل بول هاملتون اليوم واستمع إليه لأكثر من ساعة أصبح واثقاً من صراحة بول فى الإجابة عن أسئلته ولم يعد قادراً على فتح موضوع الفضيحة التى أوقفت مسيرة الرجل السياسية مدة ثمانى سنوات ولا سيما وأنه بدا متحمساً جداً للعودة إلى الحياة السياسية من جديد.
وأدرك فيرغوس أن تعرفه إلى ديانا سيؤثر كثيراً فى موقفه من بول تماماً كما حصل له مع كلويه....
أوضح لها بنفاد صبر :" ربما ما زال الوقت مبكراً لإطلاق الأحكام"
إلا أنه شعر أن نظرات كلويه لا تزال مركزة عليه كأنها تحاول قراءة الحقيقة فى قسماته . لكن أنى لها ذلك؟فـ فيرغوس مارس المحاماة لخمس سنوات قبل أن يتجه إلى تأليف الروايات.وهكذا تعلم كيف يضع على وجهه قناعاً يخفى وراءه مشاعره الحقيقية.
لكنه هو نفسه لم يعد واثقاً من مشاعره فى هذه اللحظة...فهو من جهة يشعر بالغضب من نفسه لتخاذله أمام بول هاملتون خلال مقابلتهما هذا الصباح لكنه يعلم من جهة أخرى أنه لو لم يتخذ هذا القرار فى اللحظة الأخيرة لما كان هنا الليلة برفقة كلويه.
وأخيراً أخذت كلويه نفساً طويلاً وقالت بإزدراء واضح:"يا لكرم أخلاقك!"
لم يستطيع فيرغوس تمالك نفسه . فهو فى هذه اللحظة أبعد ما يكون عن الرغبة فى التحدث عن هذا الموضوع قال بجفاء :"أليس كذلك؟"
عقد حاجبيه الداكنين فيما بقيت نظراته مركزة على الطريق أمامه :"ما يهم الآن هو...هو هل أنت مستعدة للتصرف بصورة مماثلة؟"
ردت كلويه بإحتراس:"ماذا تعنى؟"
- أعنى فيما يتعلق بالعشاء طبعاً.فعائلتك تعتقد أننا صديقان.هل يمكننا أن نكون كذلك لهذه الليلة على الأقل؟
قالت بجفاء :"هذا الأمر يعتمد عليك حقاً...أليس كذلك؟"
تنهد فيرغوس بعمق :"لن أحظى على الأرجح بفرصة لكى أطرح أسئلة محرجة بوجود والدتك"
هتفت كلويه باشمئزاز:"يا لشهامتك!"
استسلم فيرغوس وكف عن الجدال معها ليركز على اللحاق بسيارة بول هاملتون إلى المطعم. فى تلك اللحظات ساوره شعور بالرضى لأن كلويه لم تتمكن من التخفيف من حماسه لمقابلة والدها مع إنها كادت تنجح فى ذلك عند الصباح .
ما أن جلس الجميع إلى المائدة وطلبوا ما يريدونه للعشاء حتى لاحظ فيرغوس أن المرء لا يلزمه وقت طويل ليرى مدى ترابط آل هاملتون , إذ يسود بينهم جو من الدفء والمرح يعكس المشاعر العائلية الصادقة.
ثمة صداقة حميمة تربط فيرغوس بإبنى خالتيه فقد ترعرعوا كلهم فى اسكتلندا بعد طلاق والديه.لكنهم لم يتشاركوا يوماً بالضحك والمزاح على مائدة الطعام كما يفعل آل هاملتون .
إن لم تنفعه هذه السهرة بشئ إلا أنها أظهرت له على الأقل الأسباب التى دفعت كلويه إلى التماس الرحمة من أجل والدها حتى وإن كان الأسلوب الذى تبعته يفتقد إلى اللياقة.
سألته السيدة هاملتون باهتمام:"أخبرنى زوجى أنك بصدد كتابة رواية سياسية سيد ماكلاود"
لم يكن فيرغوس بحاجة إلى أن ينظر إلى كلويه ليلحظ توترها ما إن سمعت ما قالته والدتها. تباً لها!ألم تصدقه حين أخبرها أنه هنا اليلة لأنه أراد تناول العشاء معها؟ وبعد رؤية ملامحها القاسية أدرك أنها لم تفعل .
التفت إلى ديانا وابتسم قائلاً بلطف :"ارجو أن تنادينى فيرغوس . هذا قول مبالغ فيه نظراً إلى أننى ما زالت أقوم بالأبحاث. فى الواقع ما زالت فى منتصف الطريق!
شعر فيرغوس بارتياح كبير وهو يتحدث إلى والدة كلويه لا شك إنها امرأة ناجحة جداً فى دورها كزوجة رجل سياسة . فهى من جهة تجعل المرء يشعر بالأرتياح كما تُظهر الأهتمام بما يقوله.
بعد مرور عشر دقائق تقريباً أنهت كلويه حديثها مع دايفيد الذى كان يجلس إلى جانبها . فهمست لـ فيرغوس وعيناها تلمعان بعمق :" بحق السماء أرادت أمى أن تكون لطيفة معك ليس إلا, ولم يكن ثمة داع لتخبرها بتفاصيل سير أبحاثك خطوة بخطوة "
نظر فيرغوس إليها متفحصاً لعدة ثوانٍ.ثم مال برأسه جانباً من دون أن يلين أمام نظراتها إلى أن لمح ذلك اللون الغريب يعلو وجنتيها . عندئذ تمتم برضى :"هكذا أفضل"
ثم تابع بسخرية وهو يدرك أن بقية أفراد الأسرة يناقشون مواضيع سياسية عميقة:"عن أى موضوع كنت تفضلين أن أتكلم مع والدتك؟"
حملق كلويه بوجهه:"كنت أفضل ألا تتكلم معها من الأساس"
رد متشدقاً:"هذا ليس حلاً عملياً فى هذه الظروف . كما أننى أستلطف والدتك ولا أريد أن أكون قاسياً معها"
وضعت كلويه شوكتها فى الصحن بعد أن فقدت رغبتها فى تناول ما فى صحنها من مقبلات ثم تمتمت بذهول:" أنا...أنت...هيا تابع تناول القرديس"
أمسك فيرغوس يدها برفق وأطبق بيده الأخرى الأخرى عليها ثم نصحها بهدوء :"أسترخى كلويه أنا لست هنا الليلة بصفتى فيرغوس ماكلاود الكاتب"
فسألته بسخرية :"بأى صفة إذاً؟"
رفع حاجبيه البنيين الداكنين قائلاً بمرح"لنقل...فيرغوس ماكلاود العاشق"
ازداد لون وجنتيها وضوحاً وشعرت بغضب شديد فأخذت نفساً عميقاً:
"سبق و أخبرتك أننا...."
قاطعها قائلاً:"أتمنى حدوث ذلك..."
ثم أضاف بصوت أجش:"أعنى فى المستقبل"
شعر فيرغوس بالرضى إذ أدرك أن كلماته تمكنت إسكتها تماماً فقد أخذت تفتح فمها وتطبقه وكأنها سمكة تسبح فى إناء زجاجى.كما جعلتها كلماته تسحب يدها من بين يديه بعنف لتخبئ كلتا يديها تحت الطاولة لكن تصرفها هذا لم يعجبه . ضحك ضحكة خافتة وهو يقول بدفء:"أنك حقاً رائعة كلويه"
أجابته بسخط :"أنت تشعرنى دوماً وكأننى فى العاشرة من عمرى"
ابتسم فيرغوس قائلاً :"أنت تتصرفين أحياناً وكأنك كذلك"
ثم أضاف على الفور لئلا يثير غضبها من جديد:"لا أقصد فى أحيانٍ كثيرة"
وتابع يقول بشكل مبهم :"اعتقد أن الأسبوعين القادمين سيكونان مليئين بالمرح"
ما الذى يقصده بهذه الملاحظة؟و...بتلك الجملة الأخرى :أتمنى حصول ذلك فى المستقبل؟ إذا ظن أنها ستستمر فى الخروج معه فيما يتابع جمع المعلومات التى تلحق العار بوالدها فعليه إذن أن يتوقع مفاجأة خطيرة!لكن...من غير المعقول أن يكون فيرغوس متبلد الأحاسيس إلى هذه الدرجة .
من الواضح أنه يشعر بالارتباك من تلك التلميحات التى يتبادلها أفراد أسرتها كما أنها صدقته حين قال إنه يستلطف والدتها .لكن ذلك لا يغير واقع أنه ينوى تأليف كتاب سوف يرمى أسرة هاملتون فى دوامة من الاضطراب من جديد . قد يكون فعلاً متبلد الأحاسيس...
كانت كلويه أيضاً تشعر ببعض الارتباك بسبب ذلك الاقتراح الذى تحدث عنه وهما طريقهما إلى المطعم .إن كان يفكر بطريقة تجعلهما يستمران فى رؤية بعضهما البعض .عليه أن ينسى الأمر إذ لا مجال على الأطلاق لأن توافق على ذلك . ليس لأنها لا ترغب بذلك...بل لأن الأحاسيس التى شعرت بها فى وقت مبكر هذا المساء حين كان فيرغوس فى منزلهم استمرت خلال السهرة . وهذه الأحاسيس جعلتها متيقظة لكل حركة من حركاته ولكل كلمة يتلفظ بها , وهى لا تشعر بوخز خفيف فى يدها منذ لمسها منذ دقائق!
نظر فيرغوس إليها نظرة متفهمة :"ظهرت عليك الجدية فجأة . بم تفكرين؟"
إنه الموضوع نفسه الذى مازالت تفكر فيه منذ أسبوعين...إنها تفكر فيه طبعاً !
نظرت كلويه إليه بقسوة :"لحسن الحظ أن أفكارى تبقى ملكاً لى وحدى"
هز فيرغوس رأسه أخذاً بعين الأعتبار ما قالته :"لم أفكر بالموضوع من قبل لكن لم يكن من السهل عليك بالتأكد أن تكونى ابنة سياسى تسلط عليه الأضواء"
تصلبت عضلاتها وشعرت بالاستياء فذكرته قائلة :"ظننتك قلت إنك لن تناقش هذا الموضوع الليلة"
تنهد فيرغوس بنفاد صبر :"أنا لم أقل إننى لن أتحدث عنكِ"
ابتسمت كلويه وقالت من دون مزاح "أنا أبنة والدى"
رد فيرغوس بابتسامة متهكمة :"بل أنت حقاً أكثر من ذلك بكثير "
عقدت كلويه حاجبيها الداكنين وسألت:"هل أنا كذلك حقاً؟"
لم تكن لم تكن واثقة من أنها كذلك على الأقل بالنسبة إليه...
ضاقت عيناه :"هل تعلمين ما الذى أود القيام به الآن؟"
نظرت كلويه إليه بحذر غير واثقة من أنها تريد الإجابة عن سؤاله هذا وقالت ببطء وبنبرة مشككة :"ربما...تود أن تضربنى بعنف"
كشر قليلاً :"لقد فكرت فى ذلك فعلاً..."
ثم تابع مفسراً :"لكن جدى قام بتربيتنا أنا و برايس ولوغان لنعامل المرأة باحترام وأظن أننا تعلمنا ذلك جيداً"
ابتسمت كلويه ابتسامة عريضة وقالت:"يبدو لى جدك رجلاً حساساً جداً"
رد فيرغوس وهو يبتسم أيضاً :"إنه شيطان عجوز لكننى لا أشك بإنه سيحبك"
ثم تابع:"لا ,فى الواقع كلويه ما أود القيام به حقاً هو معانقتك"
وأضاف بقسوة:"وأود أن اعانقك بقوة إلى أن تنسى كل ما حولك .أو على الأقل إلى أن....تصمتى"
لم تكن كلويه من أجابه هذه المرة إنما والدها الذى قال ضاحكاً :"فى بعض الأحيان تبدو هذه الوسيلة هى الوحيدة لجعل المرأة تهتم بنا"
استدارت كلويه لتدرك أن جميع أفراد العائلة ينظرون إليهما .فاحمرت وجنتاها وتساءلت منذ متى وهم يصغون إلى هذه المحادثة اللاذعة التى تدور بينها وبين فيرغوس .من الواضح أنهم لم يستمعوا إلى الحديث منذ بدايته حين كانت تكيل الأتهامات لـ فيرغوس وإلا لما كانوا يبتسمون بتسامح !
قالت بخفة محاولة التقليل من أهمية ما قاله فيرغوس :"أبى أرجوك فيرغوس مندفع بما فيه الكفاية ولا يحتاج إلى مزيد من التشجيع"
لكن مجرد التفكير فى أنه يرغب فى معانقتها إلى أن تنسى كل ما حولها أو إلى أن تصمت جعلها ترتعش بشدة
فأجاب والدها مؤكداً :"من الواضح أنه كذلك"
خلال السهرة أبدى جميع أفراد السرة استحسانهم لأحاديث فيرغوس . ولا يمكن لـ كلويه أن تلومهم فلقد كانت أحاديثه ظريفة مسلية استحوذت على اهتمام الجميع .أما نساء آل هاملتون كانت فقد وجدنه ساحراً لطيفاً وهذه صفات عر جده يزرعها فى داخله . فى الواقع بدا فيرغوس ضيفاً مثالياً على العشاء.
سألها باستغراب فى طريق العودة إلى المنزل :"ما خطبك الآن؟"
استفاقت كلويه من أفكارها واستدارت إليه مدركة أنها كانت عابسة من دون شك . ثم أجابته بتبلد :"أتريد الحقيقة؟"
أجابها ساخراً :"الحقيقة أفضل من الكذب دائماً بغض النظر عن مدى قساوتها"
تنهدت ثم قالت بصراحة :"كنت أتمنى لو أنك شخص آخر ولست فيرغوس ماكلاود"
جاء دور فيرغوس ليتكلم الآن بجدية :"ارجوك اشرحى ما تقصدينه بقولك هذا"
كيف يمكنها أن تفعل ذلك من دون أن تكشف مشاعرها الحقيقية نحوه ؟ تلك المشاعر التى نمت رغماً . بدأت تقول بحذر :"انت تعجبنى حقاً فيرغوس"
فقال بلهجة تحمل توبيخاً :"حاذرى كلويه ! ودعينا لا ننجرف وراء العواطف"
نظرت إليه بنفاد صبر مؤكدة:"لا تقلق لا أنوى القيام بذلك"
ثم تابعت كلامها بتذمر :"أنت تعجبينى وأظننى كنت سأسر برفقتك لو أن الظروف مختلفة . لكن فى..."
قاطعها فيرغوس بتهذيب :"كما قلت لك من قبل كلويه أنا لست عدوك"
شدت كلويه قبضتيها بتوتر وردت بشراسة :"ألا ترى أنك كذلك بالنسبة إلىّ؟"
صر بأسنانه واشتدت قبضتاه على المقود :"قلت لك من قبل أيضاً إننى أود التحدث إليك . فهل يمكننا التحدث على انفراد ؟"
فكرت كلويه قليلاً لا شك أن بينى و دايفيد سيرغبان بالبقاء قليلاً ما إن يصل الجميع إلى المنزل . كما أن والديها سيكونان موجودين مما يعنى أنها لا تستطيع أن تكون مع فيرغوس بمفردهما فى المنزل...لكن الذهاب مع فيرغوس إلى منزله ليس فكرة جيدة.لأنها ستكون مضطرة للاعتماد عليه كى يقلها من جديد إلى منزلها بعد أن يتحدثا معاً..
قالت ببرودة :"أوصلنى إلى المنزل وسوف أتبعك بسيارتى إلى منزلك . أظن أن بإمكاننا التحدث على إنفراد هناك , أليس كذلك؟"
أجاب فيرغوس ببطء :"يمكننا...بالطبع...مع أننى أرغب فى معانقتك إلى أن تنسى كل ما حولك كلويه إلا أننى بالطبع لن أستغل وجودك فى منزلى للقيام بذلك!"
أكدت له بثقة بالغة:"لن تحظى بفرصة لتفعل ذلك"
رماها فيرغوس بنظرة سريعة من عينيه الضيقتين قبل أن يعود فيركز انتباهه على الطريق أمامه .إلا أنه غضبه بدا واضحاً .كما أن جو الاسترخاء الذى ساد بينهما منذ قليل أختفى تماماً.
عليها أن تبقى هذا الرجل بعيداً عنها ,إذ لا أمل لديها فى أن يغدو صديقين مع إنها تتمنى ذلك فى قرارة نفسها .
عندما وصلا إلى المنزل التقطت مفاتيحها لتعود إلى الخارج فتقود سيارتها إلى منزل فيرغوس . أما هو فعاد إلى منزله ما أن نزلت كلويه من سيارته . وفهمت كلويه من الغضب الذى بدا على وجهه أن أقتراحها لم يعجبه على الإطلاق
بالرغم من ذلك فإن هذا التدبير هو أكثر ملاءمة لها فهى تدرك أن عليها أن تمسك جيداً باستقلاليتها حين يتعلق الأمر بـ فيرغوس
حين وصلت كلويه كانت الأنوار تشع من منزل فيرغوس . وما أن قرعت الجرس حتى فتح لها الباب ودعاها إلى غرفة الجلوس من دون أن يرحب بها بل أنه بدا متباعداً تماماً . كان قد سكب لنفسه كوباً من المرطبات قبل وصولها , فسألها بأدب بالغ :"هل ترغبين بكوب؟"
نظرت إليه بثبات فيما كانت تجلس على أحد المقاعد وردت :"كلا شكراً"
أخذ فيرغوس رشفة من الكوب وقطب جبينه قليلاً ليقول أخيراً :"أسمعنى أولاً؟ ولا تبدأى بالمدافعة عند أول جملة أقولها"
رفعت كلويه حاجبيها الداكنين :"هذا بالتأكيد يتعلق بما ستقوله "
راح فيرغوس يذرع الغرفة ما جعل طول قامته ووجوده يسيطران تماماً على المكان.
شعرت كلويه بتردده حيال ما سيقوله , وفكرت فى أنها لن تسمح له بإخافتها وأخيراً استدار ليواجهها فيما تجهمت تعابير وجهه كما لو أنه اتخذ قراراً خطيراً :"انا أعرف من الذى أخبرك عن موضوع كتابى كلويه"
لم تضطرب نظراتها لكنها شعرت أن اللون قد أختفى من خديها . فقالت بصوت أجش :"كيف عرفت؟"
التوى فم فيرغوس من دون مرح ثم قال مفسراً :"عن طريق الأستنتاج,فوكيل أعمالى تحدث إلى الناشر من دون أن يكشف له أى تفصيل . ما يعنى أن هذا الأخير لا يمكنه تسريب الخبر فلم يبقى سوى وكيل أعمالى نفسه . ومع أن مساوئ بارنى عديدة إلا أن التهور ليس أحدها"
ثم أضاف بجفاء :"تبقى مساعدة بارنى وسكرتيرته . وكلتاهما طموحتان مثله تماماً . ألا أن ستيلا ويتنى ليست امرأة طائشة فلم يبقى إذا سوى سكرتيرته!"
شعرت كلويه بصعوبة التنفس...كيف لا, وهى تشعروكأن قلبها عالق فى حنجرتها؟
بدا فيرغوس مقطباً :"لم يكلفنى الأمر الكثير من العناء لأكتشف أن فيكتوريا بلمان قريبتك"
ثم رفع حاجبيه وهو ينظر إليها :"أنها ابنة خالتك!"
كانت كلويه تتنفس بصعوبة وفجأة بللت شفتيها الجافتين بلسانها لقد بدت فيكتوريا فى حالة فظيعة عندما التقتها كلويه على الغداء منذ خمس أسابيع . بدا واضحاً يومها أنها تود الإفصاح عن أمر ما لكنها تعتبر هذا الأمر من ضمن الأسرار المهنية التى لا يجدر البوح بها لأى كان...لكن ولحسن حظ كلويه انتصر الوفاء الأسرى فى النهاية.
حثته قائلة بصوت أجوف:"ما الذى ستفعله الآن؟"
- وماذا تظنين ؟
علت وجه كلويه تكشيرة ما تريده منه حقاً هو أن يبدى تسامحاً إزاء تصرف قريبتها إلا أنها فى قدرته على ذلك . فقالت مدافعة :"فيكتوريا تصرفت بحسن نية"
رد فيرغوس بصوت خشن مثير للأعصاب:"لا تهمنى دوافعها"
وقفت كلويه وقد شعرت بإنها تبدو ضعيفة أمامه وهى تجلس ساكنة فى المقعد ثم قالت بتحدٍ :"إذا كنت أنت أو أحد أقاربك مكانها واكتشفت أن ثمة أمر سوف يسبب الأذى لأسرتك فما الذى تفعله؟"
اعترف بتثاقل :"ما فعلته فيكتوريا بالضبط . لكن لسوء حظها هذا لا يحل المشكلة بالنسبة لى الآن , أليس كذلك؟"
كلا! أقرت كلويه بذلك لكنها و فيكتوريا فى السن نفسه. وقد تربت الفتاتان معاً . افترقا حين أصبحتا كبيرتين لكن ذلك لم يؤثر فى علاقتهما الحميمة, ولا شك أن فيكتوريا تحب وظيفتها كسكرتيرة لـ برنارد كروسبى إلا أنها تحب أسرتها أكثر من ذلك بكثير !
أخذت كلويه نفساً مضطرباً :"أسألك مرة أخرى ما تنوى أن تفعل؟"
لقد حاولت جهدها لتبقى فيكتوريا بعيدة عن هذه الورطة وأملت لكن من غير جدوى أن تبقى فيرغوس منشغلاً فلا يهتم بمعرفة مصدر معلوماتها .
ضاقت عينا فيرغوس وهو يرى الشحوب الذى علا وجهها . والتوى فمه بقسوة وكأنما أدرك ما تفكر فيه:"أنا واثق من أنك وقريبتك قد أمضيتما الكثير من الوقت وأنتما تتحدثان عن حياتى الخاصة..."
صححت له كلويه بارتباك :"لم نكن...حسناً...ليس الأمر كما تظن"
تشدق قائلاً :"أعتقد أن معرفة تفاصيل حياتى كطريقتى فى تناول القهوة تندرج تحت عنوان "حياتى الخاصة" أليس كذلك؟"
صاحت به كلويه لتخفى عدم ارتياحها :"لا تكن سخيفاً . لا شك أن فيكتوريا قامت بإعداد القهوة لك مرات عديدة عند زيارة وكيل أعمالك؟"
أذعن فيرغوس :"هذا محتمل..لكن عنوانى و رقم هاتفى هما حتماً من الأمور الخصوصية"
أجفلت كلويه لهذا الأتهام المبرر لكنها أجابت:"أنا لم أستخدم أياً منهما إلا بعد أن التقيتك فى المقهى"
وافقها بضجر :"حسناً, هذا صحيح"
ومع ذلك لم تشعر كلويه بالارتياح لإقرارها بذلك , فقد شعرت أن فيرغوس لم ينه هجومه بعد :"منذ متى اكتشفت ذلك؟"
- منذ يومين
إلا أنه أنتظر حتى الآن كى يواجهها بالأمر . كما أنه كان ينوى دعوتها لتناول الغداء , عندما حضر هذا الصباح لمقابلة والدها.
سألته بصوت رتيب :"ماذا تريد منى فيرغوس؟"
أرجع فيرغوس رأسه إلى الوراء قائلاً:"ما الذى يجعلك تظنين أننى أريد منك شيئاً؟"
ابتسمت ابتسامة متكلفة :"هذا واضح وضوح الشمس فيرغوس"
آخر ما تريده هو أن تسبب المتاعب لـ فيكتوريا فى وظيفتها . وإذا كان فيرغوس يشعر بالوفاء لأسرته كما هى الحال فى أسرتها فسيدرك ذلك حتماً.
حثته بصعوبة :"ما هو اقتراحك فيرغوس؟"
وكانت بذلك تشير إلى الاقتراح الذى لمح إليه فى بداية السهرة وقد أصبحت الآن واثقة تماماً من أنها لن تستسيغه أبداً
قال بسطحية :"أريد منك أن تساعدينى فى الأبحاث التى أقوم بها من أجل كتابى"
حدقت كلويه إليه. لا يمكنه أن يكون جاداً فى ما يقول !
لكنها أدركت من نظراته الثابتة وفمه الصارم وفكيه المشدودين أنه كذلك.
إنه فى منتهى الجدية !

* * *
نهاية الفصل التاسع

جمره لم تحترق 09-06-12 07:28 PM

10 ـ الخيار الصعب
 
10 ـ
الخيار الصعب http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png


لاحظ فيرغوس على الفور يد كلويه التى ارتفعت لتوجه إليه صفعة لكنه كان أسرع منها فأمسك بمعصمها فى الوقت المناسب ثم حذرها قائلاً:"لن اسمح لك بهذا كلويه"
راحت كلويه تقاوم تلك القبضة التى أطبقت على يدها وقد تخضب وجهها بحمرة الغضب ثم قالت لاهثة :"أنت حقير , أنت...محتال...."
كرر كلامها غير مصدق:"محتال ؟ أنا؟"
-....تريد ابتزازى...
اشتدت قبضته على معصمها وقال بصوت خشن من بين أسنانه:"توقفى كلويه قبل أن تقولى شئ نندم عليه كلانا"
كانت كلويه تتنفس بصعوبة فرفعت بصرها نحوه:"لن أندم على ما أقول!"
اجابها فيرغوس بصوت خشن مثير للأعصاب :"لا أدرى ماذا فهمت من كلامى , لكننى أستطيع تخمين ذلك من رد فعلك هذا. أنا لا اقترح عليك صفقة كلويه , أى سكوتى عن تصرفات كلويه مقابل معلومات عن والدك و سوزان سيترلنغ"
و بدا فيرغوس ساخطاً وشديد الغضب وهو يضيف :"لو كنت من الرجال الذين يطلبون شيئاً مقابل صمتهم لطلبت منك أمراً أكثر خصوصية"
فجأة جمدت كلويه فى مكانها,ولم تعد تبدى حراكاً إلا حركة تنفسها المتوترة حيث راح صدرها يعلو ويهبط باضطراب شديد نظراً لشدة أنفعالها . وأختفى اللون من خديها لعلوهما الشحوب فبدت كما لاحظ فيرغوس فائقة الجمال!
ابتلعت ريقها بصعوبة لتعلن باشمئزاز:"أظن أن خيانتى لوالدى أمر شديد الخصوصية"
صاح به فيرغوس بنفاد صبر :"اللعنة ! أنا لا أطلب منك أن تخونى والدك"
ثم هز رأسه وقد شعر بالاحباط :"تباً كلويه أنت تصعبين الأمور علىّ"
رفعت كلويه نظرها إليه وقد غدا وجهها على بعد سنتيمترات فقط من وجهه ثم أكدت له :"ولا أنوى أن أجعلها سهلة"
أنه ليس الوقت المناسب وفيرغوس يعلم ذلك جيداً . فما يفكر فيه سوف يجعل الأمور بينهما أسوأ مما هى عليه . لكنه شعر فى تلك اللحظة أن عطرها يجتاح كيانه وقربها منه يثير حواسه فيوقظها ولم يستطيع تمالك نفسه فأنحنى رأسه وعانقها .
ظلت كلويه للحظات جامدة من دون حراك لشدة ذهولها . وما إن أرخى قبضته حتى بدت بمقاومته.
كان فيرغوس يراقبها طيلة الأمسية وهى تتحدث وتضحك مع أفراد أسرتها, متمنياً لو أنها تشعر بتلك السعادة والاسترخاء معه أيضاً . لكن ذلك بدا صعب المنال بالنسبة إليه . أما الآن...فقد تنكر كلويه أنها تجاوبت مع عناقه لكنه يدرك تماماً أن هذا غير صحيح وأنهما يبدوان معاً فى غاية الأنسجام وعليه أن يكتفى بذلك فى الوقت الحاضر .
ها هى كلويه قد توقفت عن مقاومته واستسلمت لعناقه . شعر فيرغوس بأنها تريده بقدر ما يريدها . لكن...يجدر به التوقف قبل أن يقوم بتصرف يندم عليه .
ابتعد عنها مرغماً ولعل هذا الأمر من أصعب الأمور التى قام بها فى حياته ثم قال بصوت أجش :"اريدك أن تعملى معى كلويه"
وأكمل حديثه بصرامة ليمنعها من الرد:"لا أطلب منك أن تعملى ضد مصلحة والدك بل لأجل مصلحته"
نظرت إليه ببصر زائغ وهى تطرف بعينيها ثم تمتمت بصوت خشن:"لست لأفهم"
أخذ فيرغوس نفساً قصيراً حاداً وقال يذكرها بلطف:"أخبرتك أن الوقت ما زال مبكراً لإطلاق الأحكام . أنت تعتقدين أن والدك غير متورط فى قضية سوزان سيترلنغ..."
قاطعته :"بالطبع. لا"
أكمل فيرغوس بنبرة ثابتة :"...وأنه ليس والد الطفل .لكن من الطبيعى أن يكون لذلك الطفل والد"
ثم أضاف بجفاء :"إذا تمكنا من إيجاد والد الطفل الحقيقى...."
ردت كلويه بنبرة قاسية:"نحن؟"
وفجأة تحرك فيرغوس مبتعداً عنها إذ شعر أنه لا يستطيع التفكير بشكل سليم حين يكون شديد القرب منها ثم قال بحدة:"أرغب فى عقد اتفاقية معك كلويه. إذا أكتشفنا أن ثمة رجلاً آخر,فسوف أسحب يدى من الموضوع وأعترف بأننى مخطئاً.موافقة؟"
حدقت كلويه إليه بعينين زرقاوين جامدتين كقطعتى زجاج قالت بسخرية:"وإذا لم نكتشف وجود "رجل آخر"؟"
ثم أضافت بمرارة :"لقد حققت الشرطة إثر مقتل سوزان ولم تتمكن من إكتشاف شئ على الأطلاق ,ما جعل الإشاعات تنتشر أكثر فأكثر"
كان فيرغوس يدرك هذا الأمر لكنه لم يستطيع أن يجد حلاً آخر لهذه المسألة.
إذا تمكنا من إيجاد الرجل الآخر ,فقد تتوقف كلويه عن كرهه....
ضاقت عيناه :"تلك المدعوة سوزان...هل كنت تعرفينها؟"
استدارت كلويه مبتعدة :"بالتأكيد أعرفها لقد عملت لدى والدى قبل ثمانى سنوات وكانت تمضى معظم الوقت فى منزلنا"
لِمَ لم يخطر ذلك فى باله من قبل ؟ فى الواقع ثمة أمور كثيرة تتعلق بهذه المسألة لم تخطر فى باله من قبل ! ها قد بدأ يتمنى لو أنه لم يورط نفسه أصلاً فى هذه الفضيحة التى حدثت منذ ثمانى سنوات....
نظر إلى كلويه نظرة ذات مغذى:"وما رأيك بها؟"
استدارت كلويه إليه غاضبة:"كنت فى الخامسة عشر من عمرى حينها,فماذا سيكون راى بها حسب أعتقادك؟"
قطب فيرغوس مفكراً :"فى أيامنا هذه معظم الفتيات اللواتى يبلغن الخامسة عشر يبدين...خبرة ومعرفة بالحياة والناس"
ردت كلويه من بين أسنانها :"حسناً,أنا لم أكن كذلك.على أى حال كنت معظم الوقت بعيدة عن المنزل فى المدرسة الداخلية . كانت سوزان بالنسبة إلىّ..كان عمرها فوق الثلاثين..كانت تبدو لى كبيرة فى السن!"
ابتسم فيرغوس من دون فرح.لعله يبدو كذلك أيضاً بالنسبة إلى كلويه فهو الآن فى الخامسة والثلاثين..لكنه أصر بعناد :"لكن ,من المؤكد أن لديك أنطباعاً ما عنها"
تنهدت وقد نفد صبرها والتمعت عيناها بلون أزرق داكن:"حسناً كانت سوزان جميلة...فى الواقع جميلة جداً هل هذا ما تود سماعه؟"
ليس بالتحديد . فهو يعلم أن سوزان سترلينغ كانت امرأة جميلة لكنه مهتم أكثر بمعرفة أى نوع من الأشخاص هى هذه المرأة.
قالت كلويه بصوت متوتر وهى تصر على أسنانها :"لم تجب عن سؤالى فيرغوس . ماذا سيحصل إذا لم تتمكن من اكتشاف شخصية "الرجل الآخر"؟"
هذا أمر لا يتمنى فيرغوس حدوثه .لأنه إذا ما أكتشف وجود رجل آخر فسيضطر إلى نسف كل الخطوط العريضة والأفكار التى بدأ يبنى عليها روايته الجديدة .لكنه رأى من جهة أخرى أن الأفضل له أن يمضى قدماً فى ما يسعى إليه آملاً أن تدرك كلويه أنها كانت مخطئة بالنسبة لتورط والدها بالأمر.
- سنعمل انطلاقاً من فرضية وجود رجل آخر
هزت كلويه رأسهاقائلة بنبرة قاسية :"لن يكون هناك"نحن" فيرغوس . فأنا لا أنوى مساعدتك لكى تسبب المزيد من الأذى لحياة والدى السياسية "
أجابها وقد شعر بالإحباط :"أنا لا أنوى القيام بذلك . اللعنة ! أنا أحاول مساعدة والدك لا التسبب له بالأذى"
وفى الوقت نفسه كان فيرغوس يأمل أن يقضى المزيد من الوقت مع كلويه ليجعلها تدرك أنه ليس رجلاً سيئاً كما تظن....
قالت له بنبرة باردة:"لا يمكننى مساعدتك فيرغوس"
يا لها من عنيدة ! قال فيرغوس يذكرها :"ماذا عن قريبتك فيكتوريا؟"
التوى فمها بقرف ثم تنهدت بتثاقل :"أعرف من هى فيكتوريا فيرغوس...لكن...لا أدرى فكل ما أعرفه هو أننى لا أستطيع مساعدتك"
رد فيرغوس بلهجة متوترة :"لا تستطعين أم لا تريدين؟"
وتركزت نظراته على وجهها الشاحب :"فى حالتنا هذه ثمة فرق شاسع بين الأمرين .أنت لا تثقين بى كلويه,أليس كذلك؟"
بادلته كلويه نظراته القاسية لعدة ثوانٍ وأخيراً التفتت إلى الجهة الأخرى قائلة :طلدى أسباب كثيرة تجعلنى لا أثق بك...."
قاطعها فيرغوس :"أما أنا فلدى أسباب أكثر. لكن ألا ترين أننى أحاول ذلك عن طريق هذا الاقتراح الذى أقدمه لك؟"
- بل أرى أنك تحاول إغرائى لأعمل معك فتقوم بخداع عائلتى لتجعلها تثق بك
ألتمعت عينا فيرغوس غضباً:"تباً , لا أذكر حتى أننى جئت على ذكر عائلتك"
- لست بحاجة إلى ذلك إذ كيف ستتمكن من إيجاد الحقيقة إلا بتلك الوسيلة ؟ لا فيرغوس .إذا كنت سأقوم بدور شارلوك هولمز فأنا لست بحاجة إلى مساعدتك .
قال معترضاً بسخرية :"تخطئين فى تقديرى كلويه فأنا من سيأخذ دور شارلوك هولمز"
ابتسمت كلويه بحزن:"اترى؟نحن لا نستطيع أن نتفق حتى على هذاالأمر....؟
أجابها فيرغوس بتصميم:"ليس علينا أن نتفق على كل شئ لنبحث عن الحقيقة"
غدت ابتسامتها الآن مرتجفة :"لكن بعض الحقائق يجب تصديقها بإيمان ومن دون براهين ملموسة"
ثم أضافت بصوت أجش :"تماماً مثل إيمانى ببراءة والدى"
لم يستطيغ فيرغوس أن يجادلها فإيمانها هذا بالإضافة إلى لقائه مع بول هاملتون نفسه جعلاه يعيد النظر فى قناعاته السابقة بأن هذا الرجل هو أحد أولئك السياسين المتعجرفين الذين ينتهكون القوانين الأخلاقية والحشمة
حاول فيرغوس الجوء إلى منطق مختلف من الكلام:"بما أن والدك ينوى دخول معترك السياسة من جديد ألن يكون من الأفضل له أن تتوضح هذه المسألة لتوضع جانباً وتنسى؟"
أجابته كلويه بشراسة :"بل من الأفضل أن تترك هذه القضية حيث وضعت منذ ثمانى سنوات"
أشار بهدوء:"لكنها لم تنس بعد"
قالت بحزم:"لا يزال جوابى لا فيرغوس أنا آسفة لكن هكذا يجب أن تسير الأمور"
- ليست بالضرورة . لكنك من قرر أن الأمور يجب أن تسير على هذا الشكل .
توقف فيرغوس للحظات عن الكلام ثم تابع قائلاً :"أسمعى كلويه يمكننى القيام بالبحث معك او من دونك. لكننى كنت أفضل أن تساعدينى "
اتسعت عينا كلويه :"ستمضى إذن فى أبحاثك بغض النظر عما سيحصل؟"
الكراهية التى بدت بوضوح على تعابير وجهها لم تكن وحدها التى أقلقت فيرغوس إذ أدرك أنهما تماديا كثيراً فى الحديث حتى أن التوقف لم يعد ممكناً الآن
قد يوافق معها على عدم متابعة البحث من أجل كتابه لكنه يدرك فى الوقت نفسه أنه إذا أراد الاستمرار فى رؤية كلويه فإن هذه المسأة التى لم تُحل ستبقى عائقاً فى طريقهما وسوف تلقى دوماً بظلالها على علاقتهما . كما أنه سيصر دوماً على رؤية كلويه مهما حاولت مقاومته.أعلن لها بهدوء :"ليس لدى خيار آخر كلويه"
ظهر الاشمئزاز على ملامحها وبدت عيناها الزرقاوان كقطعتى جليد وهى ترمقه بنظرة خاطفة ملؤها الازدراء:"لديك خيار فيرغوس لكنك ببساطة لا تريده .كان علىّ ان أعرف أى نوع من الرجال أنت منذ الليلة الأولى التى التقيتك فيها"
اشتدت قبضتا فيرغوس على جانبيه بسب إهانتها المتعمدة ,إلا أنه ذكر نفسه بأنها تفعل ذلك عن عمد.فهى مصممة على إبعاده عنها. لكن تصميمها هذا جعله يأمل وعلى عكس ما هو متوقع بأن المستقبل سيكون أفضل . وأن هذا المستقبل سيكون أفضل .وان هذا المستقبل يشمل كلويه أيضاً...
تمتم بهدوء:"لكنك كنت تعرفين أى نوع من الرجال أنا كلويه.فيكتوريا أخبرتك...هل تذكرين؟"
شعرت كلويه بالحرارة تغزو وجنتيها فقالت بتصلب :"أظن أن من الأفضل أن أغادر الآن فيرغوس.لا أعتقد أن هناك المزيد من الكلام بيننا"
ظل فيرغوس صامتاً فما يقلقه ليس موقفها الحالى فقط رغم أنها غاضبة ومستاءة إلى درجة تمنعها من سماع المزيد .قال بأدب :"سأرافقك إلى الباب"
قالت بتوتر فيما هى تتقدمه إلى الخارج:"كى تتأكد من أننى سأغادر المنزل هذه المرة؟"
لم يكن فيرغوس بحاجة إلى من يذكره بتلك الليلة التى أمضتها فى منزله من دون علمه...فلطالما أنب نفسه بسبب ذلك فى الأسبوعين الماضيين!
أكد لها بفظاظة :"بل أود ألا تفعلى لكننى أدرك أن هذا مستحيل "
ثم أبتسم بحزن حين وجهت له نظرة ساخرة .وقبل أن تصعد فى سيارتها منحته ابتسامة عذبة ممزوجة بالمرارة :"وداعاً فيرغوس"
ما أن أنهت جملتها حتى شعر فيرغوس أن قلبه يغوص عميقاً بين ضلوعه فقال مؤكداً :"عمت مساءً كلويه أنا واثق من أننا سوف نلتقى فى وقت قريب"
لاحظ فيرغوس أنها لم تسر بملاحظته تلك لكنه امل أن تكون لديه أخبار سارة لها حين يلتقطها فى المرة المقبلة....

* * *
- منذ متى تعرفين فيرغوس ماكلاود؟
قطبت كلويه وهى ترفع بصرها عن التصميم الذى تعمل عليه منذ ساعة لتنظر إلى دايفيد...تمهلت فى الرد عليه إذ شعرت أن عليها أن تتخذ موقفاً دفاعياً فوراً.
ذكر أسم فيرغوس أمامها:"عفواً؟"
منذ ذلك العشاء مساء الجمعة عاشت كلويه ثلاثة أيام رهيبة خشية أن يلاحقها أفراد أسرتها بالأسئلة عن علاقتها المفترضة بـ فيرغوس ,إلا أن والديها أبديا تفهماً كبيراً لهذا لموضوع.ولعلهما يشكان فى وجود قصة حب رومانسية جدية بينها وبين فيرغوس , لكنهما لم يشاءا أن يبدوا متطفلين قبل أن تقرر التحدث عن الموضوع بنفسها . أما بينى فإن كلويه لم ترّها أو تتحدث إليها منذ يوم الجمعة..
لكنها أدركت بوضوح الآن وبعد سؤال دايفيد أن أختها وصهرها ناقشا مسألة علاقتها بـ فيرغوس .
كرر دايفيد سؤاله:"سألتك منذ متى تعرفين فيرغوس ماكلاود؟"
وضعت قلمها جانباً وابتسمت لصهرها وهو يدخل إلى التغرفة التى تقع فى الطابق الأعلى من المنزل .هذه الغرفة التى تحولت إلى مشغل خاص بـ كلويه بعد أن أضيفت إليها نوافذ فى سقفها لتمنح المكان المزيد من الإنارة
قالت بنبرة سطحية:"منذ عدة أسابيع"
ثم أكملت بخفة لم تتمكن من الشعور بها فى داخلها:"لذا يمكنك إخبار بينى أن الوقت ما زال مبكراً للتحضير للزفاف"
لم تكن الأيام الثلاثة الأخيرة سهلة عليها البتة . فجزء منها يشعر بالخوف من أن يأتى أحد أفراد العائلة على ذكر فيرغوس والجزء الآخير يتساءل عما يفعله فيرغوس فى هذه الأثناء وإلى أى مدى تقدم فى أبحاثه . تساءلت كلويه إن كان قرارها صائباً حين رفضت بشدة مساعدة فيرغوس فى البحث . ربما كان من الأفضل أن تعلم بما يقوم به بدلاً من الجلوس هنا بإنتظار أن تهوى الفأس على أعناقهم.
لم يبادلها دايفيد ابتسامتها بل قال باهتمام بالغ:"تلقيت للتو أتصالاً من أحد مستشارى رئيس المعارضة يقول إن لديه معلومات قد تهم والدك . بيتر أمبروس يرى أن والدك عليه أن يأخذها بعين الأعتبار قبل أن يقوم بتحركاته فى مجال السياسة"
شعرت كلويه بتصلب فى صدرها. ولكى تعطى نفسها المزيد من الوقت للتفكير قالت:"نعم...؟"
أى ذكر لوالدها وفيرغوس وبيتر أمبروس فى حديث واحد يعنى أمراً واحداً فقط!
بدا دايفيد وقوراً وهو يقول :"لا أريد أن أجرح مشاعرك كلويه,لكن فيرغوس ماكلاود لم يكن صادقاً تماماً حين أتى لرؤية والدك الأسبوع الماضى لقد نسى أن يذكر أن الرواية السياسية التى يفكر فى كتابتها مبنية على فضيحة سوزان سترلينغ!"
أخذت كلويه نفساً عميقاً رغم أن ما قاله دايفيد لم يسبب لها الصدمة . فهى تعلم بهذا الموضوع أكثر من أى شخص آخر!
صححت له بحزم :"ما يعتقد هو أنه فضيحة نحن نعلم أن ذلك ليس صحيحاً"
أجابها دايفيد :"هل تعلم حقا!؟"
ثم أنّ بغضب :"تباً كلويه....لِمَ لم تخبرينا بما أراد فيرغوس؟ لم تركتينى تركيتنن أكتشف ذلك من مصدر آخر؟ألم تدركى أن فيرغوس ماكلاود يستخدمك للوصول إلى والدك؟"
لم يكن هذا صحيحاً . فـ كلويه تشك فى أن يكلف فيرغوس نفسه عناء التعرف إليها لو مل تفرض صحبتها عليه بنفسها .لكنها لم تخبر دايفيد بذلك فهو منزعج منها بما فيه الكفاية . وقفت بنفاد صبر وقد شعرت وكأنها فتاة صغيرة تعاقب من مدير مدرستها. فردت وعيناها تلتهبان غضباً :"ولِمَ توقفت عن رؤيته بأعتقادك؟"
فرك دايفيد حاجبه بيده :"منذ متى وانت على علم بما يسعى إليه؟يبدو أن بيتر رأك برفقته منذ فترة"
صححت له كلويه بسخط شديد:"فى الواقع كان ذلك منذ أسبوع فقط.أما متى علمت بالأمر فهذا غير مهم لأن فيرغوس مصر على تأليف هذا الكتاب"
لم تشأ كلويه أن تأتى على ذكر فيكتوريا إذ يكفى سوءاً أن فيرغوس على علم بتدخلها.
- علينا أن نتحرك بصورة قانونية,يمكننا...
قالت بكآبة:"فيرغوس محام دايفيد وهو يعلم بالضبط إلى أى حد يمكنه أن يتمادى فى ذلك الخيط الرفيع الذى يفصل بين الوقائع والخيال من دون أن يعرّض نفسه لدعوى قضائية"
هذا على الأقل ما قاله لها فيرغوس!
ثم تابعت :"المشكلة الحقيقية برأيى هى من منا سينقل هذا الخبر لوالدى؟"
وهذه مهمة أرادت كلويه أن تبقى بعيدة عنها إذ يؤلمها أن تعكر سعادة والدها لفكرة عودته إلى ممارسة السياسة . لقد برع فى عالم الأعمال خلال السنوات الثمانى الماضية,لكن ما هو بارع فيه حقاً هو عالم السياسة .؟أما الآن وبعد رسالة التحذير غير الرسمية التى أوصلها إليه بيتر أمبروس فقد لا تكتمل عودته إلى عالم السياسة.
اللعنة...كل هذا بسببك فيرغوس ماكلاود!ولم تكن هذه المرة الأولى التى تفكر فيها بهذا الشكل.
قال دايفيد بتجهم :طأنا سأخبره"
ثم تابع محذراً :"لكنه على الأرجح سيرغب فى التحدث إليك بعد ذلك"
توقعت كلويه ذلك لكنها لم تكن تعلم ما الذى ستقوله له...
سألها دايفيد بهدوء :"هل قلت إنك توقفت عن رؤية فيرغوس؟"
أكدت له:"بكل تأكيد"
علق دايفيد بعد تفكير :طهل تعتقدين إنها فكرة صائبة؟"
هزت كلويه رأسها بنفاد صبر :"حدد موقفك دايفيد...فى البداية رحت تؤنبنى لأننى على علاقة بذلك الرجل , والان تقترح...."
توقفت قليلاً لتسأله بقلق:"ما الذى تقترحه بالضبط دايفيد؟"
مرر دايفيد يده بتوتر فى خصلات شعره وقال:"لا أعلم!لا أستطيع أن أركز. ظننت أن هذه المسألة انتهت وأن الماضى مات وتم دفنه..."
أكملت كلويه بصوت أبح :"مع سوزان سترلينغ؟"
رمقها دايفيد بنظرة ملؤها الذهول :"هذا قول رهيب"
هزت كتفيها بلا مبالاة فهى لم تغفل عن نبرة التشكك فى صوته حين قالت إن الجميع يعرفون الحقيقة . وقالت مبررة:"بدا وكأنك تشك منذ البدء بتورط والدى مع سوزان .هل تعلم شئ لا نعلمه؟"
نظر دايفيد إليها بحدة:"ماذا تقصدين؟"
تنهدت كلويه وقد شعرت بتقلص فى معدتها :"ما سمعتنى أقول تماماً, لطالما كنت أنت و والدى مقربين من بعضكما البعض "
أجابها دايفيد :"كلويه والدك لم يكن أبداً...أبداً...متورطاً مع سوزان سترلينغ"
تنهدت كلويه بارتياح :"فى مطلق الأحوال يجب أن يعلم بشأن كتاب فيرغوس"
قال دايفيد :"ربما فيما بعد , أود أن أتكلم مع فيرغوس قبل أن نخبر والدك"
حذرته كلويه :"لن يستمع إليك أكثر منى"
أذعن دايفيد بحزن :"ربما , لكن رغم ذلك على أن أحاول .فوالدك سياسى بارع وقد ضحى بما فيه تلكفاية من أجل هذه المسألة "
إنها تعلم ذلك بل إن العائلة كلها تعرف مقدار تضحياته . كما شعرت بالأمتنان لـ دايفيد لمحاولته الدفاع عنه بقوة لكنها عملت فى الوقت نفسه أنه سيضيع وقته سدى مع فيرغوس.لقد عرض فيرغوس عليهم حلاً...عليها هى على الأقل . وأخيراً قالت:"هل يمكنك ترك الأمور على حالها لأيام فقط؟"
ثم تابعت تشرح له بعد أن رأت نظراته العابسة :"أود القيام بمحاولة أخيرة مع فيرغوس قبل أن يتدخل أحد سواى"
سألها دايفيد :"وما الذى سأقوله لـ بيتر أمبروس فى هذه الأثناء؟"
اقترحت وهى تأمل أن تتمكن هذه المرة من حل مسألة والدها مع فيرغوس :"أخبره أن المسألة تحت السيطرة"
إلا أنها فى الواقع كانت تخشى حدوث العكس تماماً.


نهاية الفصل
العاشر

fati_mel 10-06-12 02:13 PM

رووووووووعة
عن جد الرواية حلوة كثييييييييييييييير
تسلم اديكي زهورة على الكتابة....وتسلم ايدكي يا جمرة على التنزيل و العرض الرائع
هيك بتكون الصداقة والتعاون ربنا لا يحرمنا منكم ومن روايتكم الحلوة زيكم
وفي انتظار باقي الفصول من ايدكي الحلوة


زهرة منسية 10-06-12 03:34 PM

هلاااااا فاطومة
رجعتى تنورى المنتدى تانى بطلتك الحلوة حبيبتى
مشكورررررررة كتير على كلامك الحلوة ده
وأكيد الرواية حلوة لأنها من أختيار زووووز
والله لا يحرمنا وجودك الدائم معاًُ
وترجى تنورى المنتدى بروائعك حبيبتى

جمره لم تحترق 10-06-12 07:13 PM

شكـر من الاعماق
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fati_mel (المشاركة 3116007)
رووووووووعة
عن جد الرواية حلوة كثييييييييييييييير
تسلم اديكي زهورة على الكتابة....وتسلم ايدكي يا جمرة على التنزيل و العرض الرائع
هيك بتكون الصداقة والتعاون ربنا لا يحرمنا منكم ومن روايتكم الحلوة زيكم
وفي انتظار باقي الفصول من ايدكي الحلوة


الله يسلمك . . اللهم امين يديم التعاون والصداقة بيناتنا وبينكم
ما ننعدم من طلتك ومن ذوقك وإن شاء الله بكرة راح نسدل الستار
عن هذه الرواية وبتبدأ زهرتنا الراقية بانزال الجزء الاخير من هذه السلسلة
كوني متابعة . . ودي وعبق وردي

جمره لم تحترق 10-06-12 07:17 PM

تبعت افكر كيف اقول شكراً
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3116059)
هلاااااا فاطومة
رجعتى تنورى المنتدى تانى بطلتك الحلوة حبيبتى
مشكورررررررة كتير على كلامك الحلوة ده
وأكيد الرواية حلوة لأنها من أختيار زووووز
والله لا يحرمنا وجودك الدائم معاًُ
وترجى تنورى المنتدى بروائعك حبيبتى

اتفق معاك إنها نورت بطلتها . . . والله لا يحرمنا نوركم كلكم
زهوره جهزي نفسك عشان تبدأي تنزلي الجزء الاخير من السلسلة
موفقه في كل خطواتك غلاتي . . سلمتي

جمره لم تحترق 10-06-12 07:21 PM

11 ـ قلب فى مهب الريح
 
11 ـ
قلب فى مهب الريح http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png

شعر فيرغوس بالإنزعاج عندما سمع صوت الجرس يقرع فى منزله فيما هو يتناول العشاء بمفرده إذ لم يكن فى مزاج يسمح له باستقبال أى كان
لم تكن نهاية الأسبوع سعيدة بالنسبة إليه .فبعد وداعه لـ كلويه مساء يوم الجمعه ,ذلك الوداع المؤلم الذى لم يشعره بالرضى , بدا أن كل يوم من الأسبوع يمر أسوأ من غيره
تأوه فيرغوس حين سمع رنين الجرس من جديد وأدرك أن الطارق واثق تماماً من وجوده فى المنزل إذ ترك سيارته أمام المدخل ولم يركنها فى المرأب .
لو أن الظروف مختلفة لشعر فيرغوس بالرعشة تسرى فى جسده لرؤية كلويه واقفة على الباب.لكنها آخر شخص توقع رؤيته الآن بعد المعلومات التى وصلته! لكن ذلك لا يعنى أن كلويه لا تبدو جميلة ,بل بدت كذلك فعلاً فى الفستان الأسود المصمم ببساطة الذى يبرز جمال جسمها وشعرها الأسود الطويل وبشرتها العاجية اللون .ابتسمت كلويه له وقالت بنبرة ملؤها الأمل :"ألا تزال غاضباً منى أم أنك ستدعونى للدخول"
فتح فيرغوس الباب على أتساعه ودعاها للدخول . حتى مساء يوم الجمعة لم يكن يشعر بالغضب منها مطلقاً لكن بعد المعلومات التى عرفها لم يعد واثقاً مما سيقوله لها.حين أصبحا فى غرفة الجلوس لاحظت كلويه أنه يرتدى هو أيضاً ثياباً سوداء فقالت :"يبدو ان كلينا فى حداد!"
سألها بهدوء :"بم أساعدك كلويه؟"
بللت شفتيها بطرف لسانها وبدا بوضوح أنها ليست هادئة الأعصاب كما أرادت أن تبدو .و اقترحت بمرح:"فنجان قهوة قد يكون جيداً.هل تمانع إذا جلست؟"
- تفضلى أجلسى
راقبها وهو مستغرق فى التفكير فيما جلست واضعة إحدى ساقيها فوق الأخرى.قال لها بجفاء :"فى الواقع لم أقصد بسؤالى ماذا تودين أن تشربى لكننى سأحضر لك فنجان قهوة بكل سرور"
قرر فيرغوس بصرامة قبل أن يدخل المطبخ لإعداد القهوة أن عليها أن تغادر المنزل بعد تناولها القهوة مباشرة,فلديها الكثير من الأمور التى عليها أن ينجزها وهو بالطلع لن يتمكن من القيام بأى منها خلال وجودها هنا!
اتجه إلى المطبخ وهو يتساءل عن سبب قدوم كلويه...
قالت كلويه من خلفه وكأنها تعتذر:"يبدو أننى قاطعتك عن تناول العشاء"
وحين رأته يجفل تابعت تقول:"لم أقصد إخافتك"
ثم أشارت إلى الطعام على الطاولة:"أرجوك لا تترك طعامك يبرد"
فقال وهو يحمل صينية القهوة:"على أى حال لم أكن مستمتعاً بتناول الطعام.هيا لنعد إلى غرفة الجلوس"
ما أن عادا إلى غرفة الجلوس حتى راحت كلويه تحدق إلى وجهه متفحصة فيما هو يسكب القهوة :"هل من خطب فيرغوس؟"
نعم,كل شئ ! كل شئ سئ . تباً لذلك....
جلس قابلتها على الكرسى ورد بغموض:"ليس تماماً"
إلا أنه كان صريحاً وواضحاً حين سألها :"لم أنت هنا كلويه؟"
- حسناً يمكننى أن أقول إننى مررت لرؤيتك فقط أو أننى كنت مارة من هنا صدفة,أو...
قاطعها قائلاً :"أظننى أخبرتك من قبل أننى أفضل دوماً الحقيقة على الأكاذيب الملفقة"
ردت كلويه ببساطة :"نعم أخبرتنى ذلك.ربما كان على أن أتصل بك قبل مجيئى "
وعضت شفتها بقلق فتمنى فيرغوس لو أنها لم تقم بتلك الحركة المثيرة التى أشعلت الرغبة فى كيانه لكنه رد قائلاً :"لا بأس ها أنت هنا الآن"
وأمل ألا تعكس تعابير وجهه تلك الرغبة التى تعتمل بداخله.
أخذت كلويه نفساً عميقاً :"أتصل بيتر أمبروس بوالدى...بطريقة غير رسمية"
ثم أضافت بسرعة :"بشأن الكتاب الذى تنوى تأليفه"
ومرة أخرى تمنى فيرغوس لو أنه لم يفكر بتأليف هذا الكتاب على الأطلاق لأنه مهما فعل الآن وعلى ضوء المعلومات الجديدة التى تلقاها فسوف تشعر كلويه بالاستياء ما يعنى أن كراهيتها له سوف تزداد أكثر فأكثر . وتعجب فيرغوس لأن بيتر أمبروس انتظر كل هذا الوقت ليتصل بوالدها بعد لقائهما الأسبوع الماضى.
وضعت كلويه فنجان القهوة على الطاولة بيد مرتجفة ثم نظرت إليه بتوسل :"لم يفت الأوان على إيقاف كل ذلك فيرغوس"
- بلى لقد فات الآوان! أصبح الوقت متأخراً جداً للتوقف . لأن الأمر غدا مثل كرة الثلج التى تتدحرج ن قمة الجبل بحيث تغدو أكبر فأكبر كلما تحركت.
تحرك فى كرسيه إلى الأمام باحثاً بيأس عن كلمات مناسبة . بدأ يقول بتردد:"كلويه...ألا يمكنك التحدث إلى والدك؟قد تتمكنين من إقناعه إن العودة إلى مجال السياسة ليس بالفكرة...الصائبة"
لا فى الوقت الحاضر ولا فيما بعد إذا ما كانت المعلومات التى حصل عليها فيرغوس صحيحة!
أتسعت عيناها وسألته غير مصدقة:"لأنك مصمم على تأليف هذا الكتاب؟"
- كلا...
قاطعته بلهجة اتهامية:"ألا ترى أنك شخص أنانى ؟أنت مؤلف ولا شك أنك تملك عشرات الأفكار التى تصلح كمواضيع روايات...."
قاطعها فيرغوس :"أقدر ثقتك بقدرتى على التخيل كلويه.لكننى أخشى..."
وقفت بغضب فيما هى تكمل جملته:"أنك تريد كتابة هذه الرواية بالذات"
وأمتلأت عيناها بالدموع:"أرجوك فيرغوس سأتوسل إليك إذا لزم الأمر...أرجوك,أرجوك توقف عما تقوم به"
تمنى فيرغوس لو أنه بإمكانه ذلك لكن الأمر لم يعد بيده فلقد تلقى زيارة من أحدهم بعد ظهر هذا اليوم ما جعل تراجعه الآن أمراً مستحيلاً...!
حاول إقناعها :"كلويه , لابد من أن والدك يدرك منذ قرر العودة إلى عالم السياسة أن ما حصل فى الماضى سوف يلاحقه,بغض النظر عن الرواية التى سأكتبها أنا"
أومأت كلويه :"نعم وهو مستعد لذلك . لأنه قادر دوماً على إثبات براءته لكن ألا يمكنك أن ترى أن كتابك سوف يثير الضجة حول الموضوع من جديد؟"
ثم تابعت بصوت متخنق:"أنا مستعدة للقيام بأى شئ...أى شئ مهما يكن...شرط أن تمتنع عن تأليف هذا الكتاب!"
شعر فيرغوس بالغثيان فهو يعلم أن كلويه سوف تكرهه وتود الانتقام منه بعد أربع وعشرين ساعة أو ثمان وأربعين ساعة على الأكثر.وسوف تكرهه أكثر عندما تتذكر ما تقوله له الآن .
رمقها بنظراته ببطء من قمة رأسها إلى أسفل قدميها .متأملاً جسمها النحيل بغطرسة متعمدة مما جعل وجه كلويه يحمر تألماً.من الأفضل لها ان تتأم الآن وليس لاحقاً"
وأخيراً تشدق قائلاً:"ألا ترين أنك شديدة الثقة بنفسك عزيزتى؟"
بدا واضحاً أن الألم و الغضب يتصارعان فى داخلها وأن كلويه تجاهد للسيطرة على نفسها...وإذ بها تفشل:"أنت...."
- لا مزيد من الأهانات كلويه.
قال فيرغوس ذلك بسخرية فيما هو يهب زاقفاً وقد توصل إلى قرار, وهو ان على كلويه أن تغادر منزله على الفور.ثم تابع وهو يعقد حاجبيه :"ما من داع لمتابعة الحديث بيننا...ألا تظنين ذلك؟"
رفضه الواضح لها حجعل اللون يختفى من خديها فأنفجرت قائلة وهى تلتقط مفاتيحها عن الطاولة :"لا أدرى لما ظننت أننى أستطيع الأعتماد على الجانب الطيب من شخصيتك...من الواضح أن هذا الجانب مفقود لديك"
ثم أنهت كلامها بقرف واضح :"لا أعلم كيف يمكنك أن تنام خلال الليل"
كان فيرغوس يعانى من الأرق فعلاً فى الفترة الأخيرة...لكن أرقه ذاك لا علاقة له بالشعور بالذنب كما لمحت كلويه فى كلامها بل إن التفكير فيها كان كافياً ليحرم عينيه الرقاد.
- تعلمين أن هذا الأمر بالتحديد ليس مشكلة بالنسبة لى
قال ذلك يذكرها بتلك الليلة التى أمضيتها فى غرفته وهو مستغرق فى النوم.
تلك الليلة التى لم يتمكن من نسيانها البتة!لقد نام يوما ملء جفونه غافلاً عن كلويه التى تشاركه غرفته . وهو يدرك الآن أن ذلك لن يحدث ثانية على الأطلاق!
ألقى نظرة خاطفة على ساعة يده.ما زال لديه متسع من الوقت كما يأمل:"الآن إذا كنت لا تمانعين لدى موعد هذا المساء"
بعد زيارة كلويه التى نعثت اليأس فى نفسه فكر فيرغوس فى أنه لن يتمكن من أن يعود فيجلس هنا الآن دون ان يحرك ساكناً.إن لم يتمكن من إيقاف كرة الثلج عليه على الأقل أن يجد شخصاً آخر يمكنه القيام بذلك.
التوى فم كلويه بمرارة وسارت إلى الباب وهى تقول من بين أسنانها :"آسفة لأننى أضعت وقتك سدى"
رد موبخاً بلهجة مهذبة:"أنت من أضاع وقته سدى"
استدارت فجأة لتحدق إليع بعينين تلمعان بلون أزرق داكن:"هذا واضح جداً"
حافظ فيرغوس على مظهر اللامبالاة إلى أن خرجت كلويه من المنزل غاضبة ووصلت إلى سيارتها لتقودها مبتعدة .عندئذ انخفضت كتفاه باستسلام كأنهما كرة تم إفراغها من الهواء . هز رأسه بحزم فاليأس لن يجديه نفعاً.ثمة أمور عليه أن يقوم بها وأماكن عليه أن يزورها وشخص عليه أن يراه.لكن عليه أولاً أن يجرى مكالمة هاتفية....
لَمِ يثير فيرغوس غضبها ما أن تراه إلى حد تنسى معه نواياها الطيبة كلها وأساليب الإقناع التى تملكها ؟ ففى كل مرة تلتقيه ينتهى بها الأمر إلى ذرف الدموع بعد افتراقهما.
قادت كلويه سيارتها ودموع الإحباط والخيبة تسيل محرقة خديها,دموع لم تتمكن من السيطرة عليها.لقد فشلت مرة أخرى فى إقناع فيرغوس بالعدول عن تأليف ذلك الكتاب الذى سيسبب الأذى لأسرتها.لم يقف الأمر عند فشلها فقط بل أنها عرضت نفسها للإهانة عندما رفضها فيرغوس بمنتهى القسوة.عليها أن تخبر دايفيد غداً صباحاً أنه لم يعد لديهم أى أمل الآن , يجب أن يعلم والدها بما جرى.لأن الأمر سيغدو أكثر سوءاً إذا علم بذلك من مصد آخر
إلا أن مجرد التفكير فى العودة إلى المنزل الآن والجلوس إلى مائدة العشاء مع والديها فيما هى تشعر بالغثيان فى داخلها ليس بالفكرة السارة كما أن حديثها الأخير مع فيرغوس أفقدها شهيتها...
بدت الأنوار مرحبة فى منزل بينى و دايفيد فيما كانت كلويه تركن سيارتاه أما المدخل الأمامى للمنزل . فى مثل هذا الوقت قد يكون جوش الأبن الأصغر لـ دايفيد وبينى فى فراشه أما ديانا التى تبلغ الثامنة من عمرها وبول الذى يبلغ العاشره من عمره فلا يزالان مستيقظين.وكلويه مولعة جداً بأولاد أختها وفى هذه اللحظات بالذات ما تحتاجه هو براءة الطفولة.
رحبت بها بينى بحرارة ما إن دخلت إلى المطبخ:"أهلاً بك عزيزتى.وصلت فى الوقت المناسب لكى تساعيدينى فى حمام جوش"
عبثت بشعر أبنها الصغير وأكملت:"لقد تأخرت عليه قليلاً وقد اضطر دايفيد إلى الخروج بصورة غي متوقعة"
لا يمكن لـ كلويه أن تدعى أنها تكترث لغياب دايفيد . فالمسألة التى تعرفها كلويه يبدو أن بينى لا تعرف عنها شيئاً.ستضعها فى موقف محرج لو أن دايفيد هنا.
فكرت كلويه وهى تراقب أختها بإعجاب فى أن بيتى أم رائعة.
ما تحتاجه كلويه بالفعل بعد حديثها الأخير مع فيرغوس هو جو عائلى دافئ مفعم بالسعادة . سألتها بينى وهى تساعد جوش على خلع ملابسه :"كيف حال الوسيم فيرغوس؟"
اجابت كلويه بلهجة قاطعة :طلا أهتم لأمره"
ثم أضافت :"سواءاً أكان وسيماً أم لا"
ظهرت خيبة الأمل على وجه شقيقتهل :"ظننت أنه يعجبك"
قالت كلويه من دون اهتمام :"إنه شخص متعجرف ومستبد وهذا لا يعجبنى"
فقالت بينى مبدية تعاطفها:"هذا أمر مؤسف"
سألها جوش وهو يلعب بالفقاعات التى ظهرت فى مياه المغطس:"من هو فيرغوس؟"
قالت لأبنها الصغير :طأنه مجرد صديق لخالتك كلويه عزيزى"
كلمة صديق لا تنطبق على فيرغوس مطلقاً...ولم يكن كذلك فى أى وقت من أوقات تعارفهما!
بعد أن أنتهى حمام جوش وعاد الجميع إلى المطبخ أعلن الصغير لأخيه وأختهاللذين يكبرانه سناً:"خالتى كلويه لديها صديق وأسمه فيرغوس"
سألتها ديانا بحماس:"هل ستتزوجين خالتى كلويه؟"
تتزوج فيرغوس؟ سيكون ذلك بمثابة الدخول إلى قفص ملئبالأسود بل لعل الأسود أرحم إذ أن ضربتها قاضية وسريعة.
أجابت مخيبة آمال الصغيرة :طأخشى أن ذلك لن يصل حبيبتى"
بعد مضى ساعة على ذلك الحديث جلست المرأتان فى غرفة الجلوس الأنيقة لتتناولان الشاى فسألت بينى بالحاح :"هل ذلك صحيح كلويه؟"
لم تفهم كلويه ما تقصده أختها بسؤالها هذا فراحت بينى تضحك مذكرة إياها :"أن ذلك لن يحصل؟"
أكدت كلويه :"هذا ما أخشاه . أظن أن من الأفضل أن أهتم بمهنتى...لأن الناس غير جديرين بالثقة ولا يمكن الأعتماد عليهم "
ظهر الإنزعاج على وجه بينى ثم قالت وهى تتمطى شاعرة بالتعب :"الحمد لله أننى لم أعد عزباء تنتظر فارس الأحلام"
اقترحت كلويه بعد أن لاحظت الإرهاق الذى يبدو على شقيقتها :"لِمَ لا تستغلين فرصة غياب دايفيد ونوم الأولاد لتأخذى حماماً ساخناً ؟ أما أنا فعلى أن أغادر"
لكنها شعرت بثقل فى صدرها لمجرد التفكير فى العودة إلى المنزل .
ابتسمت بينى وقالت:"أظن أننى سأعمل بنصيحتك.بلغى حبى لماما وبابا"
قادت كلويه سيارتاه بهدوء فى طريق العودة إلى المنزل . فهى لم تكن على عجلة من أمرها للوصول. لكن وصولها متأخرة إلى المنزل يعنى أن العشاء قد فاتها.وهذا أمر جيد إذ أنها لن تضطر إلى تناول الطعام مراعأة لمشاعر والديها .
وعلى الرغم من ذلك عاد إليها توترها بقوة أكبر وشحب وجهها واشتدت قبضتاها على المقود ما أن وصلت إلى المنزل إذ رأت سيارة رياضية مألوفة رمادية اللون مركونة إلى جانب سيارة صهرها دايفيد.
ما الذى يفعله فيرغوس هنا, بحق السماء؟
ولكن...هل من حاجة لأن تسأل ؟ لقد أتضح لها الآن سبب خروج دايفيد من منزله بشكل غير متوقع وهذا ما جعلها تشعر بالقلق.أوقفت سيارتها بسرعة إلى جانب سيارة فيرغوس وأسرعت نحو المنزل.لقد تركت فيرغوس فة منزله منذ حوالى ساعة ونصف الساعة ولعل الأوان فات الآن على منعه من التصرف بشكل يسئ إلى أسرتها .
رحبت بها والدتها ما إن دخلت مسرعة إلى غرفة الجلوس ثم راحت تشرح لها الموقف بشكل تلقائى:"كنت أتساءل أين أنت.لقد تأخر موعد العشاء لهذه الليلة فوالدك لديه أجتماع عملى"
لكن كلويه تعلم تماماً من هو الشخص الذى يجتمع بوالدها الآن,لم يكن فى الغرفة سوى والدتها مما يعنى أن فيرغوس فى المكتب مع والدها ودايفيد. ما الذى يناقشونه؟هل علم والدها بكل شئ الآن؟وإذا علم بالأمر,فما الذى سيفعله؟
عليك اللعنة فيرغوس!
قاومت رغبتها بالأندفاع إلى مكتب والدها لتسأل فيرغوس ما الذى يفعله بالتحديد.وبدلاً من ذلك قالت لأمها:"هل مضى وقت طويل على وجود فيرغوس هنا؟"
تنبهت والدتها قائلة:"لابد أنك رأيت سيارته أمام المنزل...لقد أتى منذ ساعة تقريباً.ظننت فى بادئ الأمر أنه أتى لرؤيتك ولكنه طلب مقابلة والدك"
ثم تابعت تقول بمزاح لاذع:"هل تعتقدين أنه سيطلب يدك رسمياً من والدك؟"
إلا أن كلويه واثقة أن الزواج منها أو من سواها هو آخر ما يفكر فيه فيرغوس.فأجابت بسخرية :"أشك فى ذلك.أرى أن دايفيد هنا أيضاً"
أجابت والدتها:"وصل بعد دقائق من وصول فيرغوس.يبدو المر غريباً جداً"
لكنه لم يبدُ كذلك بالنسبة إى كلويه.ألا أنها لا تستطيع البوح بشئ لوالدتها إذ يكفى ما عانت منه منذ ثمانى سنوات ولا تزال تعانيه إلى الآن.
جلست المرأتان فى غرفة الجلوس تتبادلان أطراف الحديث . شعرت كلويه أن الثوانى تمر ببطء شديد بانتظار خروج الرجال الثلاثة من غرفة المكتب . بعد مرور نصف ساعة تقريباً سمعت كلويه أصوات الرجال فى القاعة الرئيسية فوقفت وأسرعت إلى الغرفة
"التجهم" لم يكن صفة كافية لوصف تعابير وجوههم وقد تقدمهم دايفيد ثن سار خلفه فيرغوس وتبعهما والدها.بدا وجه دايفيد شاحباً متوتراً أما تعابير وجه فيرغوس فقد تحولت إلى غطرسة حين رآها.لكن أكثر من يهمها هو والدها الذى بدا فجأة وكأنه أكبر بعشر سنوات فقد بدا الذبول على وجهه وأختفت منه ملامح السعادة كما أنخفضت كتفاه بإباط وهو يسير فاقد الحيوية على غير عادته.
وجهت نظرة أتهامية غاضبة إلى فيرغوس فأدرك أن هذه هى المرةالثانية خلال الأيام قليلة التى تود فيها ضربه.حذرها وهو يمسك بذراعها بقوة : "لا تتفوهى بكلمة . رافقينى إلى السيارة"
لم يكن ذلك طلباً بل أمراً . ولم يعجب كلويه أبداً أن تتلقى الأوامر بهذا الشكل من هذا الرجل بالذات,لكن محاولاتها لتحرير يدها من قبضته لم تنجح.وأضاف فيرغوس وهو يصر على أسنانه:"الآن"
رمقته كلويه بنظرات شرسة ملؤها الغضب قبل أن تستدير لتسير معه إلى المدخل فيما هو لا يزال ممسكاً بيدها.حين أصبحا خارج الباب المغلق حدقت إلى وجهه ثم قالت بسخط:"حسناً,آمل أنك تشعر بالرضى"
هز رأسه وقد ظهر فى عينيه البنيتين فتور غريب وبدا التجهم على فمه:"ليس كثيراً"
- إذن لِمَ فعلت ذلك؟
ثم تهدج صوتها بسبب مشاعرها المضطربة:"لا عليك.كلانا يعلم لماذا...ما الذى سيفعله والدى الآن؟"
هز فيرغوس كتفيه قليلاً :"أظن أن من الأفضل أن تسأليه هو,أليس كذلك؟"
قالت كلويه وهى لا تزال تشعر بالصدمة وتحاول مغالبة دموعها :"لن أسامحك أبداً فيرغوس...أبداً"
رد ببرودة:"لم أتوقع ان تفعلى"
فأضافت بنزق طفولى:"أتمنى لكتابك الفشل الذريع"
لكنها علمت فى قرارة نفسها أن ذلك لن يحصل فمجرد وجود أسم فيرغوس ماكلاود عليه سيساعده على الإنتشار والنجاح لكنها أكملت:"على الأقل هذا ما تستحقه"
ظهر الحزن على فيرغوس :"هل حصل أحد منا على ما يستحقه فعلاً؟"
قالت كلويه بكراهية :"لكنك تستحق ذلك.لا أريد أن أراك مجدداً أبداً"
كرر فيرغوس ما قاله من قبل:"لم أتوقع أن تفعلى.لكن ربما فى أحد الأيام..."
أكدت بعنف:"أبداًً!"
فتح باب السيارة وهويقول :"إذن لم يعد هناك ما يقال,أليس كذلك؟ أقترح عليك حين يخف غضبك منى وتتمكنى من السيطرة على أعصابك فى ما يتعلق بقضية والدك أن تتحدثى إليه . لست واثقاً مما إذا كان سيخبرك بكل شئ لكن تحدثى إليه على أى حال"
بالطبع سوف تتحدث إلى والدها
تمهل فيرغوس وهو يصعد إلى السيارة وقال بصوت أجش :"وداعاً كلويه"
ردت بحزم ومن دون تردد :"وداعاً فيرغوس"
باتت تشعر بالكراهية تجاهه بسبب أنانيته وأصراره على أذية والدها كما كرهته لأنه عاملها بقسوة هذا المساء .فقد أدركت بعد زيارته امفاجئة لوالدها الليلة أن جميع حججها ودفاعاتها لم تعن له شيئاً
لكن حين صعد إلى السيارة وأتجه بها نحو المدخل أدركت كلويه أنها تحمل له أحاسيس من نوع آخر . فبالرغم من كل ما حصل علمت أن حبها له لم يتغير.
شعرت كلويه بقلبها يتفتت من الألم!

نهاية الفصل الحادي عشر

* * *

جمره لم تحترق 10-06-12 07:28 PM

12 ـ لــن أعــود
 
12 ـ
لــن أعــود http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png



- أتعلم أيها الفتى؟أرى أن ثمة حلين لمشكلتك
نظر فيرغوس إلى جده بغضب وكان الرجلان يشربان العصير فى منزل فيرغوس . لقد وصل جده بالأمس إلى لندن كعادته كل شهر . وكان يستمتع بشرابه أما هو فلم يعد يستمتع بشئ منذ أسبوع وحتى الآن
عبس فيرغوس قائلاً: "مشكلتى؟"
مازال جده رجلاً وسيماً رغم أنه فى الثمانين من عمره فوجهه خال من التجاعيد وجسمه نحيف . أما الدليل الوحيد على تقدمه فى السن فهو الشيب الذى غزا شعره فضلاً عن الحكمة التى تبدو فى نظراته.
أومأ الجد قائلاً:"نعم يمكنك أن تتزوج الفتاة أو تنسى أمرها .واسمح لى أن أقول إنك لا تبدو قادراً على نسيانها"
عبس فيرغوس مجدداً فى وجه الرجل العجوز ليقول أخيراً:"أى فتاة؟"
تنهد جده :"تناولت العشاء ليلة أمس مع برايس"
فتكهن فيرغوس :"وأبن خالتى العزيز أخبرك عن كلويه؟"
سبق له أن قرر ألا يدع برايس يعرف شيئاً عن علاقاته الغراميه . لكن برايس التقى الفتاة بنفسه هذه المرة!على أى حال لقاءه السريع بكلويه لا يمكن وصفه بالعلاقة الغرامية
قال جده باهتمام :"كلويه ؟ هل هذا أسمها ؟ أنه جميل!"
ثم رفع حاجبيه متعجباً :"يبدو أسمها جميل بقدر جمالها نفسه بحسب ما وصفها برايس"
كلمة جميلة ليس كافية لوصف كلويه
قال فيرغوس بغباء:"بل هى فاتنة"
حثه جده قائلاً:"وماذا أيضاً؟"
هب فيرغوس وقال بوجه متجهم:"لا شئ .إنها فاتنة و...تملك روحاً مرحة..."
- متزوجة؟
أجاب فيرغوس بحدة وهو يحملق بسخط فى وجه جده :"بالطبع لا"
لكنها ببساطة...صعبة المنال . بالنسبة إليه على الأقل !
قال جده بنبرة لطيفة :"لكن برايس يعتقد أنها أمضت ليلة على الأقل فى منزلك!"
أخذ نفساً غاضباً ثم قال بسخرية:"لسان برايس طويل"
قال جده موبخاً بلطف:"فى الواقع إنه قلق عليك مثلى تماماً"
قد لا تكون العلاقة بين أفراد عائلة فيرغوس حميمة ودافئة كما بين أفراد عائلة كلويه لكن أبناء الخالات الثلاثة وجدهم مقربون من بعضهم البعض ويهتم كل منهم لشؤون الآخرين . وأدرك فيرغوس أنه يستحق التوبيخ مع أن جده حاول أن يبدو لطيفاً
لكنه أكد للرجل العجوز :"لا داعى لأن تشعر بالقلق"
كانت الأيام العشرة الأخيرة من أطول الأيام التى مرت على فيرغوس وذلك منذ لقائه الأخير من كلويه . فهو لم يستطيع النوم أو تناول الطعام ولم يتمكن كذلك من العمل . كل ما كان يفعله هو التساؤل عما تقوم به كلويه فى هذه الأثناء وهل تحدث والدها إليها وأخبرها سره؟وإذا ما فعل فإلى أى حد زاد كرهها له الآن؟
قال جده بحزم:"أظن أن عليك أن تدعنى أحكم بنفسى فيرغوس"
ثم اضاف بلهجة مهذبة:"أخبرنى عنها"
لوى فيرغوس فمه بسخرية:"ظننت أننى أخبرتك للتو"
هز الجد رأسه بنفاد صبر:" من تكون كلويه ؟ ماذا تفعل؟ولِمَ هى صعبة المنال؟"
عرف فيرغوس أن السؤال الأخير هو أكثر ما يثير اهتمام جده لذا أختار أن يجيب على السؤالين الأولين.فقال باختصار :"أسمها كلويه فوكس هاملتون وهى مصممة أزياء"
ردد جده:" فوكس هاملتون..." ضاقت عيناه وهو يمعن التفكير:
"هل تربطها قرابة ما برجل السياسة؟"
صحح له فيرغوس بسرعة:"رجل السياسة السابق"
ثم أضاف موضحاً وهو يدرك أن جده على علم بتلك الفضيحة التى طالت والدها منذ ثمانى سنوات :"إنها ابنته"
تمتم جده:"لم يتمكن من الاستمرار"
ما أكد لـ فيرغوس أنه يتذكر الحادثة ثم تابع بمرح واهتمام :"إذن إنها حفيدة ويللى فوكس هاملتون؟"
نظر فيرغوس إليه وقد فوجئ بكلامه :"أنت تعرف جد كلويه؟
أكد جده قائلاً :"وأعرف والدها أيضاً . لكننى لم أره فى السنوات الأخيرة"
ثم أبتسم عندما رأى تعابير الدهشة على وجه فيرغوس:"أعرفه منذ كان صبياً صغيراً.كان بول يرافق والده فى رحلات الصيد"
وراح يتذكر والعبوس باد على وجهه:"قبل أن تولد أنت على الأرجح, أتذكر أن بول تخلى عن أسمه الأوسط حين دخل مضمار السياسة"
التمعت عيناه الزرقاوان ببريق الاهتمام ثم ردد مجدداً:"نعم حفيدة ويللى فوكس هاملتون.إذا كانت الفتاة كجدها فلا يفاجئنى أن تواجه مشاكل معها"
لم يكن فيرغوس يواجه مشاكل معها لكنه جرحها بعمق حتى أنها لم تعد ترغب فى رؤيته مجدداً
- أنـا....
توقف فيرغوس عما أراد قوله للدفاع عن كلويه حين دخلت مود الغرفة والتفت إليها بتساؤل . فقالت مدبرة المنزل بتهذيب :"الآنسة فوكس هاملتون هنا , وهى تود رؤيتك سيد فيرغوس"
منذ بداية الأسبوع أعطى فيرغوس تعليماته إلى مدبرة المنزل بأن تبلغه على الفور إذا ما اتصلت كلويه أو أتت لرؤيته.مع أنه لم يكن يتوقع أن تفعل...
علق جده بجفاء وهو ينظر إليه متعجباً:"صعبة المنال أيها الصبى!!"
شعر فيرغوس بالحرارة تغزو وجنتيه:"أنا...."
ومع أن مود اعلمته بوصول كلويه إلا أنه لم يدعها بعد للدخول . لكن يبدو أنها لم تتنظر دعوته فقاطعته:"ارجوك,لا تتعب نفسك بإدعاء أنك لست موجوداً!"
إل أن عينيها أتسعتا عندما أدركت أن فيرغوس لم يكن وحده :"آمل ألا أكون قد قاطعتكما"
رد جد فيرغوس على الفور:"على الأطلاق أيتها الشابة"
جاء رده مناسباً لأن فيرغوس لم يتمكن من التفوه بكلمة بسبب الصدمة التى سببتها له زيارتها المفاجئة.كان فيرغوس يأخذ رشفة من كوب العصير حين دخلت كلويه وما أن رآها حتى ضاقت عيناه وتوترت شفتاه فقد لاحظ أن الأيام العشرة الأخيرة لم تكن سهلة عليها أيضاً . لطالما بدت كلويه نحيفة القوام لكنها تبدو أكثر نحولاً.
أما وجهها وبالرغم من أنه مازال جميلاً إلا أن الكأبة بدت واضحة عليه,فوجنتاها باهتتان وقد ظهرت تحت عينيها الزرقاون الداكنتين ظلال سوداء داكنة اللون.
علا الشحوب وجه فيرغوس حين أدرك أنه ساهم بما أصابها.
حاول جده كسر الصمت الذى ساد مجدداً :"بما أن حفيدى نسى أصول اللياقة...."
وقطع كلامه ليمد يده لـ كلويه مصافحاً ثم عرفها بنفسه:"هيوغ ماكدونالد"
صافحته كلويه وهى تردد بعده من دون ارتياح:"حفيدك؟"
ثم كشرت قليلاً وهى تلتفت إلى فيرغوس وقالت بنبرة ملؤها الكراهية :"ربما على العودة فى وقت آخر"
أخيراً تمكن فيرغوس من استعادة صوته وقد شعر بالذعر لفكرة أن ترحل من جديد من دون أن يعلم على الأقل سبب زيارتها فقال:"لا ! آه....لا"
تابع :"أنا واثق من أن جدى لن يمانع إذا أجلنا غداءنا قليلاً كى نتمكن أنا وأنت من الذهاب إلى مكتبى والتحدث على انفراد"
قال الرجل العجوز بخفة وهو يبتسم لـ كلويه:"لا أمانع على الإطلاق إلا إذا كانت الآنسة فوكس هاملتون تود الأنضمام إلينا على الغداء"
رفضت كلويه دعوته تلك وقالت وقد تغير لون وجنتيها :"آه لا شكراً أردت فقط التحدث قليلاً إلى فيرغوس وأنا...على أن اذهب حقاً"
بدا كلامها نذير سوء لـ فيرغوس وحين التفت جده إليه ورأى فيرغوس تعابير البراءة المتكلفة على وجهه أدرك أن جده يقدر تماماً جدية الموقف
قال الجد بنبرة دافئة :"أنا سعيد بلقائك كلويه"
ردت وهى تعبس فى وجه فيرغوس :"وأنا سعيدة بلقائك أيضاً سيد ماكدونالد"
قال العجوز ساخراً من تهذيبها المبالغ فيه :"لا أدرى لِمَا أشك فى ذلك"
ثم تابع قائلاً:"أبلغى سلامى لوالدك"
أغمض فيرغوس عينيه للحظة حين رأى النظرات الأتهامية فى عينى كلويه,هل كان من الضرورى أن يقول جده ذلك؟بدا واضحاً من الغضب الذى أشتعل فى وجنتى كلويه إنها شعرت بنوع من التهكم المخفى فى كلمات جده.مد فيرغوس يده إليها ليهدئ من غضبها:"كلويه....!"
رفعت رأسها بفخر وهى توجه كلامها بقسوة إليه:"يبدو أن المعلومات أصبحت فى متناول الجميع.حسناً ! بما أنك أخبرت الجميع عما تنوى فعله بعائلتى بسبب نشر كتابك اللعين فلم يعد هناك داعِ لكى نتحدث فى مكتبك على انفراد"
أخذت نفساً عميقاً فيما ازداد تجهم وجهها :"عرفت الكثير من صفاتك السيئة فيرغوس لكننى لم أكن أعتقد أن الحقد أحدها"
ضاق فمه بسبب إهانتها له:"أنا لم..."
قاطعته بقسوة :"لست حقوداً؟ لقد قرر والدى أن يعتزل الحياة السياسية نهائياً وينتقل مع والدتى إلى مايوركا.وما أن يباع المنزل حتى لا يبقى لى مكان أقيم فيه فى لندن لذا قررت الأنتقال إلى باريس"
بالرغم من غضبها الشديد بدا وجهها غاية فى الجمال!
ردد فيرغوس بذهول:"إلى باريس؟متى؟"
- كلما أسرعت كلما كان أفضل ! فكرت فقط فى أنك قد تود أن تعلم ذلك
تابعت بإزدراء فيما ظل فيرغوس ينظر إليها بذهول:"لا أقصد بشأنى أنا بل بشأن عائلتى وبالتحديد والدى"
ثم أضافت بلهجة ملؤها الكراهية :"لقد أنتصرت فيرغوس"
كلويه ستغادر لندن وتذهب للعيش فى باريس ! هز فيرغوس رأسه وقال بإرهاق :"لم تكن تلك معركة كلويه"
أجابت بسخرية:"بالطبع كانت كذلك, فيرغوس ماكلاود الشهير ينتصر على بول هاملتون المسكين"
- هل تحدثت إلى والدك كما طلبت منك؟
هزت كلويه رأسها نفياً:"رفض التكلم فى هذا الموضوع معى...وحتى مع أمى"
ظهر عليها التأثر لكنها حاولت استعادة ملامح القسوة فور إدراكها لتغير مشاعرها فأضافت :"لقد أتخذ قراره وهكذا تسير الأمور"
فكر فيرغوس بذهول فى أن الأمور يجب ألا تسير على هذا النحو . لكن ما الذى يمكنه فعله؟ماذا أستطاع أن يفعل منذ عشر أيام حين عرف الحقيقة التى يمكنها أن تعيد الأمور إلى نصابها؟حتى لو أخبر كلويه بالحقيقة فإن بول لن يتراجع عن عناده.أما عائلة كلويه فيكيفها ما عانته فى الماضى ولا جدوى من جعلها تعانى من جديد .
نظرت إليه كلويه بابتسامة متكلفة :"لذا فيرغوس لقد أخبرتك بما كنت متشوقاً لمعرفته.لذا يمكننى الأنصراف الآن"
استدارت بسرعة وغادرت كما قالت تماماً. قال له جده :"لا تقف هكذا كالمغفل .هيا أتبعها"
لِمَ يفعل ذلك؟وماذا سيقول لها ؟لقد أتفق منذ عشرة أيام مع بول هاملتون على ألا يبوح لـ كلويه بأى شئ من دون إذن والدها وذلك الرجل يرفض بشدة إعطاءه الأذن بذلك
عبر هيوغ عن تقديره لـ كلويه قائلاً:"إنها حقاً حفيدة ويللى فوكس هاملتون! وبرايس محق تماماً بقوله إنها جميلة . لو كنت أصغر بأربعين عاماً لهرعت خلفها بنفسى"
بدا أن فيرغوس يعيش صراعاً داخلياً مع نفسه فأجابه بسخط:"حسناً أنت ليس كذلك"
لقد اراد بالطبع أن يتبع كلويه لكنه يعلم أنه لن يتمكن من تغير أى شئ فمن الواضح أن بول هاملتون قد أتخذ قراره حين أختار الأنتقال إلى مايوركا.
نظر هيوغ إلى فيرغوس بخيبة أمل وغدت لهجته الاسكتلندية أكثر وضوحاً حين لاحظ تردده :"هل أنت رجل أم فأر صغير؟أو أنك ما وصفتك به الفتاة للتو؟"
التمعت عينا فيرغوس وهو ينظر إلى جده وقال ببرودة :"جدى لا تتدخل فى مسألة لا تعرف عنها شئ مطلقاً"
برقت عينا جده عاكسة مشاعر الغضب نفسها وقال متحدياً :"أقر بأننى لا أملك أدنى فكرة عما حصل لكن ما أعرفه هو أننى لا أسمح لفتاة مثل كلويه بالخروج من منزلى ومن حياتى كما فعلت لتو"
لم تخرج كلويه من منزله وحياته فقط بل ستغادر إنجلترا كلها.ستذهب للعيش فى باريس عاصمة الموضة وسوف تستقر هناك
كانت كلويه ترتجف بقوة حين خرجت من المنزل . حتى أنها لم تملك القوة الكافية لتقطع المسافة القصيرة لتصل إلى السيارة .استندت إلى حائط المنزل آمله أن تكف الأرض عن الدوران حولها بهذه السرعة .
شعرت أنها بحاجة لأن ترى فيرغوس للمرة الأخيرة.حاجة...من يبالى لما كانت بحاجة إلى رؤيته ! ربما كان مجيئها إلى هنا غلطة كبرى بل أحد تلك الأخطاء التى ارتكبتها منذ تعرفت إلى فيرغوس.وفجأة سمعت صوته وهو يقف إلى جانبها يمسك بذراعها بقوة يتوسل إليها بإلحاح :"كلويه...! أرجوك لا تبكى كلويه!"
مسحت دموعها على الفور ولم تكن قد أدركت من قبل أنها تبكى .ثم تحججت بضعف:"أنا لا أبكى . عيناى تدمعان بسبب الغبار"
لم تفعل شيئاً فى الأيام العشرة الماضية سوى البكاء فمشاعرها تجأه فيرغوس كانت تتارجح بين الغضب واليأس فمن جهه غضبت منه وأرادت أن تكرهه.ومن جهه أخرى أغرمت به إلى درجة جعلتها ترغب فى أن ترمى بنفسها بين ذراعيه وتتوسل إليه أن يعيد كل شئ كما كان من قبل أن تعرف بموضوع الكتاب . فما يهمها هو ان تحتفظ بـ فيرغوس فى حياتها
تمتم بتجهم:"تعالى لنتمشى قليلاً"
أدارها نحو بوابة الحديقة وأدركت كلويه أنهما لم يتمكنا من العودة إلى المنزل فجده لا يزال هناك . ما الذى سيظنه هيوغ ماكدونالد إذا ما رأى أنفعالها العاطفى.
حين وصلا إلى مقعد مواجه للبركة فى الحديقة اقترح فيرغوس :"دعينا نجلس هنا"
جلست كلويه وقد شعرت بالارتياح لإحساسها بصلابة المقعد الذى أسند جسمها الضعيف قليلاً كما شعرت بأن ارتجاف ساقيها قد خف تقريباً . لا تذكر متى تناولت الطعام آخر مرة أو متى ذاقت طعم النوم آخر مرة .لذا من الطبيعى أن تشعر بالضعف .شعرت كلويه بالسلام لجلوسها هناك وقد خففت الأشجار والنباتات المحيطة بالحديقة من ضجة الشارع المزعجة.
أمر لايصدق ! لن تكون محاطة بهذا الجو الطبيعى الرائع فيما عالمها الخاص ينهار أمام عينيها.
جلس فيرغوس إلى جانبها بوجه متجهم وقد أنحنى قليلاً إلى الأمام على المقعد..راقبته كلويه خفية من تحت رموشها المنخفضة .بدا لها فى غاية الوسامة طويل القامة قوى الجسم واثقاً من نفسه إنه...فيرغوس المميز.
هز فيرغوس رأسه قائلاً:"لا أعلم ماذا أقول لك كلويه"
لوت فمها وردت ببلاهة :"لا أرى أن ثمة الكثير ليقال بيننا"
استدار فيرغوس ونظر إليها موضحاً بغضب :"لا .أقصد أننى لا أعرف ما يمكننى أن أقوله.ثمة الكثير من الأمور التى أود أخبرك عنها . لكن...لا يمكنى ذلك"
تنهدت كلويه بقوة :"لا تقلق بهذا الشأن فيرغوس"
شبك فيرغوس أصابع يديه ببعضها وشد قبضتيه معاً ثم رد بصوت متقطع:"بالطبع على أن أقلق بهذا الشأن"
ثم تابع يقول بإحباط:"تبدين بحالة سيئة جداً"
- شكراً لك،
أكمل قائلاً :"أنا أقول ما أراه كلويه.ألم يلاحظ والداك تأثير هذا الوضع عليك؟"
- أظن أن أموراً كثيرة أخرى تشغل بالهما
فوالدها يُحضر لتسليم أعماله لـ دايفيد كما عرض المنزل للبيع استعداداً للإنتقال إلى مايوركا.أما والدتها فتحاول الأحتفاظ بروحها المرحة لتتمكن من توفير الدعم له بهدوئها.بدا كل ذلك الكابوس بالنسبة إلى كلويه!
هز فيرغوس رأسه:"لم أقصد أن أوذى أحداً وأنت تعلمين ذلك"
ثم تابع موضحاً:"كنت أقصد عائلتك. لم أقصد أذيتها أبداً"
تنهدت كلويه :"لطالما كان هذا الموضوع قنبلة موقوتة قد تنفج فى أى لحظة"
لقد تقبلت كلويه هذا الموضوع أيضاً فقضية سوزان ظلت معلقة ما يعنى أن أى تحرك لوالدها فى المجال السياسى سيفسح المجال للجدال . أما انتقال والديها إلى مايوركا وتشتت أفراد الأسرة فقد يكون أمراً محتوماً لكن تم تأجيله . هذا هو الأستنتاج الذى توصلت إليه كلويه فى الأيام العشرة الأخيرة . استدار فيرغوس إليها موجهاً إليها نظرات حادة:"حين وصفتنى بالحقود حاولت أن أخبرك أننى قررت عدم نشر الرواية"
أتسعت عينا كلويه:"ولَمِ لا؟"
أبعد فيرغوس نظراته عن نظرات كلويه ولوى فمه بسخرية :"أنا...لم أعد متحمساً للأمر.كما أننى كاتب ولدى الكثير من الأفكار الأخرى التى يمكننى استخدامها لكتابة الروايات من دون التسبب بالأذى لأحد"
الآن قرر عدم كتابة الرواية؟الآن!بعد أن أصبح الأمر سيان .لقد وقع المحظور ولن تعود الأمور كما كانت بالنسبة لـ كلويه وأسرتها.
- أنا سعيدة فيرغوس
شدت ذراعه وكأنها تشكره على قراره لكنها سرعان ما أبعدت يدها حين شعرت بقوة عضلاته تحت أصابعها وتلك الحاجة المؤلمة...لا ! لقد أنتهى كل شئ الآن
- هل يمكنك أبلاغ جدك اعتذارى لتصرفى السئ منذ قليل؟لا شك أنه يعتقد أننى قاسية القلب
منحها فيرغوس ابتسامة صغيرة:"فى الواقع آخر تعليق سمعته منه هو أنه لو كان أصغر بأربعين سنة للحق بك بنفسه"
ابتسمت كلويه مع أن ابتسامتها كان يشوبها الحزن فهى تعلم أن فيرغوس لن يلاحقها بعد ذلك:"أحقاً قال ذلك؟"
أجابها فيرغوس:"نعم لقد فعل .هل ستنتقلين حقاً للعيش فى باريس؟"
أكدت له بإستخفاف :"نعم.حين أقمت هناك أصبح لدى الكثير من المعارف كما أصبح لدى الآن ماركة ثياب خاصة بى وقد عُرض على أن أقدم مجموعة تصاميم للربيع المقبل"
ثم أضافت بيأس :"يبدو لى أن الوقت مناسب لقبول هذا العرض"
لم يكن هذا قراراً سهلاً . لكن كلويه قررت أن الوقت أصبح ملائماً لتبدأ حياتها باستقلالية.كما أن رحيلها إلى باريس واهتمامها سيساعدانها على انتزاع فيرغوس من تفكيرها!
سألها فيرغوس بصوت أجش:"كم من الوقت ستبقين هناك؟"
لا تملك كلويه أدنى فكرة عن ذلك فكل ما يهمها الآن هو الأبتعاد عن إنجلترا...أو بالأحرى عن فيرغوس . فأجابت:"قد أستقر هناك"
ردد بعدها بشك:"تستقرين هناك؟"
- أخبرتك أنه لن يبقى لى منزل هنا لأعود إليه.لكننى لا شك سأتى من وقت لآخر لرؤية بينى ودايفيد والأولاد . ما من سبب آخر يجعلنى أعود إلى هنا
لا سبب آخر على الإطلاق ! إلا أن الرجل الذى تحبه سيبقى فى لندن...
لم تستطيع كلويه أن تتخيل أنها لن ترى فيرغوس مجدداً , فتابعت الكلام:"لِمَ لا تزورنى إذا ذهبت إلى باريس يوماً ما؟ستجد رقم هاتفى فى دليل التليفون"
سألها بصوت أجش:"تحت أسم فوكس أم هاملتون؟"
ابتسمت بخجل بسبب تلميحه إلى حيلتها الأولى حين عرفت عن نفسها بأسم كلويه فوكس.منذ متى حصل ذلك؟ ثلاثة أسابيع...أم أربعة؟بدا لها منذ زمن بعيد
أجابت بحزم :"كلاهما . ولا تنسى الثياب التى تحمل ماركة فوكس أيضاً فأنا أنوى أن أجعلها إحدى الماركات المعروفة جداً فى عالم أزياء المرأة"
نظر إليها نظرة ذات معنى :"أنا واثق من أنك ستتمكنين من ذلك"
وقفت بسرعة وقالت بلهجة حاسمة:"أتمنى ذلك.والآن أعتقد أننى أبعدتك عن جدك بما فيه الكفاية كما أخرتكما عن غدائكما"
وقف فيرغوس ببطء:"لا أصدق أن والدك سيستسلم هكذا بسهولة"
أنقلب هدوء كلويه فجأة إلى غضب وقالت مدافعة عن والدها :"لم يستسلم لكن أحدهما وجه مسدساً إلى رأسه وهو يحاول الابتعاد قبل أن يضغط على الزناد"
قال فيرغوس متسائلاً:"تقصدين أنا؟"
أجابت بنفاد صبر:"بالطبع ومن غيرك إذن؟"
أعلن لها بوضوح مشدداً على كل كلمة يقولها:"ولكننى لن أكتب هذه الرواية"
التقت عيناها بعينيه بنظرات ثابتة :"ليس الآن!"
تجهمت قسماته:"ولا فى أى وقت آخر"
هزت كلويه كتفيها بلا مبالاة :"عليك أن تخبر والدى بذلك مع أننى أشك فى أن يكون لذلك أى تأثير لأنه أتخذ قراراً حاسماً"
قال فيرغوس من بين أسنانه :"إذن يجب ألا ينفذ قراره"
قالت كلويه بصوت أجش :"لقد فات الأوان فيرغوس"
أرادت أن ترى فيرغوس للمرة الأخيرة ليس لأنها تأمل فى تصحيح الأمور بل لأنها شعرت بالحاجة إلى رؤيته.أرادت أن تشبع من رؤية وجهه وسماع كلامه ومن طريقة مشيه ولو من أجل الذكرى فقط
قال فيرغوس بتجهم : "سنرى"
أمسكت كلويه بذراعه بتوسل :"دع الأمور على حالها فيرغوس قبل أن يتأذى أشخاص آخرون"
رمقها بنظرة متفحصة حادة قبل أن يبعد نظره بسرعة من جديد:"سأتصل بك عندما تذهبين إلى باريس"
نظرت إليه لدقائق وهى تدرك أن هذا هو الوداع الأخير.لطالما قالت إنها لا تود أن تراه أما الآن فهو الذى يودعها.
أخيراً قالت :"أرجوك لا تفعل"
واستدارت مبتعدة ببطء فيما الألم يعتصر قلبها

* * *
نهاية الفصل الثاني عشر

* * *

زهرة منسية 10-06-12 11:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمره لم تحترق (المشاركة 3116168)
اتفق معاك إنها نورت بطلتها . . . والله لا يحرمنا نوركم كلكم
زهوره جهزي نفسك عشان تبدأي تنزلي الجزء الاخير من السلسلة
موفقه في كل خطواتك غلاتي . . سلمتي

الله يعطيكى الف عافية على أختيارك أولاً وعلى أسلوبك الرائع والمميز لـ جمرة لم تحترق لكن تلهب مشاعرنا فى تنزيل الرواية ثانية
إنشالله يدوم الود والتعاون بين كل عضوات ليلاس فى سبيل إزدياد تالق منتدانا
أنا جهزة ومتحمسة حبيبتى

جمره لم تحترق 11-06-12 01:10 AM

فديتك فديتك فديتك
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3116377)
الله يعطيكى الف عافية على أختيارك أولاً وعلى أسلوبك الرائع والمميز لـ جمرة لم تحترق لكن تلهب مشاعرنا فى تنزيل الرواية ثانية
إنشالله يدوم الود والتعاون بين كل عضوات ليلاس فى سبيل إزدياد تالق منتدانا
أنا جهزة ومتحمسة حبيبتى

يا ربي على هذا الذوق والكلام الراقي يسعدك ربي
ما بقيتي شيء فديتك . . . طبعاً اللهم امين يديم الاخوه والصداقة والاحترام
بين كل الاعضاء وبيننا . . يحفظك ربي زهورة وموفقه في التنزيل
ومره ثانية تسلم يديك

جمره لم تحترق 11-06-12 07:07 PM

13 ـ أنفجار وشيك !
 

13ـ
أنفجار وشيك ! http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png

- حسناً بنى يبدو لى أنك أوقعت نفسك فى ورطة كبيرة لكنها ورطة لطيفة.
كان الرجلان يشربان القهوة بعد الغداء ذلك الغداء الذى لم يستمتع به فيرغوس ولم يتذوقه حتى.
أجاب فيرغوس بفتور:"أؤكد لك أن اللطف بعيداً تماماً عن هذا الأمر"
كان فيرغوس قد عادا أخيراً إلى المنزل ليس لأنه يرغب فى العودة بل إكراماً لجده. وخلال الغداء كان قد أنتزع القصة كلها بأكملها منه.لن ينكر فيرغوس أنه شعر بالسرور لمشاركة شخص آخر ما يدور فى تفكيره لكنه لم يكن بحاجة لملامة جده لتزيد من شعوره بالذنب
بدا جده جدى الملامح :"أتقول أن كلويه ليس لديها فكرة عن الحقيقة؟"
أكد له فيرغوس بتثاقل :"أبداً وليس لدى النيه فى إخبارها أيضاً!"
ثم نظر إلى جده بعينين لا ترمشان:"قطعت وعداً لـ بول هاملتون بأن تبقى تلك الحقيقة ضمن جدران مكتبه الأربع"
ذكره جده بجفاء :"لقد أخبرتنى بذلك للتو"
اعترف فيرغوس :"نعم,لأننى أستطيع أن أثق بك"
لطالما اعتاد فيرغوس وابنا خالتيه على مصارحة جدهم بالأمور التى لا يستطيعون البوح به لأى شخص آخر وخصوصاً أهلهم واثقين أنه سيحفظ أسرارهم ولن يبوح بها لأى كان.
قال جده بنفاد صبر :"إذن أنت تنوى الحفاظ على وعدك لـ بول هاملتون .
أسمع بنى ,أعلم جيداً أننى ربيتكم جميعاً على مبادئ ماكدونالد لكى يصبح كل منكم رجلاً يحترم كلامه . لكن هذا المبدأ لا يصلح لكل زمان ومكان...وأنا أرى أن هذا الزمان والمكان ليسا مناسبين لذلك"
هز فيرغوس رأسه :"لا أوافقك الرأى...بل أظن أن الزمان والمكان مناسبان تماماً ليحترم الرجل منا كلمته"
بالرغم من علمه أنه قد يخسر كلويه للأبد.لكن...هل كانت له يوماً ليخسرها الآن ؟
إنما لولا هذه الورطة لولا رغبته فى تأليف تلك الرواية ولولا والدها ومشكلته,ولولا...لكن كلويه لم تكن له من قبل ولن تكون له أبداً...
ألح جده قائلاً :"وماذا عن كلويه؟"
أخذ فيرغوس جرعة كبيرة من القهوة من كوبه قبل أن يتمتم قائلاً :"لقد سمعتها يا جدى مثلى تماماً.سوف تذهب لتعيش فى باريس"
قال جده متسائلاً:"وسوف تدعها تفعل ذلك؟"
أكد فيرغوس :"سوف أدعها تفعل ذلك"
تنهد جده بإحباط:"أعترف بأننى ربيتكم لتكونوا رجالاً محترمين يفون بوعودهم . لكن لا أظن بأننى ربيت أحدكم ليكون مغفلاً "
ابتسم فيرغوس بفتور :"لن تشكرنى كلويه إذا أخبرتها الحقيقة"
من المؤكد أنها لن تسارع إلى الأرتماء فى أحضانه إذا ما أخبرها الحقيقة
يُقال أن قول الحقيقة يحرر المرء لكن قول الحقيقة فى حالة فيرغوس سيقيده أكثر فأكثر.
سأله جده :"ألا تعتقد أن عليها أن تحكم على هذا الأمر بنفسها؟"
وافقه فيرغوس :"نعم ,على الأرجح .لكننى لا أملك الحق فى أن أخبرها"
قاطعه جده قائلاً:"بحسب رأيى لديك كامل الحق"
رفع فيرغوس حاجبيه الداكنين :"كيف استنتجت ذلك يا جدى؟"
قال العجوز :"لأنك تحبها"
أسند فيرغوس ظهره إلى الوراء وراح يحدق إلى وجه جده غير مصدق .هل يحب كلويه حقاً؟ ! ذلك الألم الذى يشعر به فى صدره وذلك الفراغ الذى ظهر فجأة فى حياته لمجرد التفكير بإنها ستغادر إلى باريس يؤكدان ذلك...
وقف فجأة وسار إلى النافذة محدقاً إلى الخارج بجدية.إنه يحب كلويه..هل يحبها حقاً؟ نعم أنه يحبها ! منذ متى وهو مغرم بها؟ لا يعرف .لكنها يعرف أنه يحبها , يحب كل ما فيها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها حتى ذلك الغضب الذى تبديه من وقت إلى آخر . لكن أكثر ما يحبه فيها هو الأخلاص الذى أظهرته منذ البداية لوالدها وخصوصاً فى الأسابيع الأخيرة . إن الجهود الجبارة التى بذلتها كى تتأكد من أن الرواية التى قد تؤثر فى مستقبل والدها لن ترى النور, لهى أكبر دليل على ذلك.حتى الطريقة التى حاولت بها تبرئة والدها حين رفض هذا الأخير أن يدافع عن نفسه تؤكد أيضاً إخلاصها الكبير له . إنه يضحى بأى شئ لكى تحبه كلويه وتثق به كما تحب والدها وتثق به
تكلم جده بهدوء:"حسنا فيرغوس!"
أخذ فيرغوس نفساً عميقاً قبل أن تلتفت إليه ويتكلم بهدوء:"ماذا؟ هذه ليست قصة خيالية جدى.إنها واقعية وفى الحياة ليس من الضرورى أن يتزوج الأمير الأميرة!"
وقف جده وقال باشمئزاز:"نعم , لن يحصل ذلك إذا الأمير عنيداً أيها المغفل . أرى أن لاداعى للنقاش معك لذا أرجو أن تعذرنى فقد وعدت دارسى ولوغان أن أزورهما بعد الظهر "
شعر فيرغوس بالسرور لمغادرة جده إذ سيتيح له ذلك الفرصة للتركيز لا سيما أن الموضوع يتعلق بحبه لـ كلويه
يا للغرابة ! لم يظن أنه قد يغرم يوماً .ليس لأنه تعمد ألا يقع فى الحب . بل لأنه عرف فى حياته العديد من العلاقات القصيرة . التى لم تكن مبنية على الحب لذا ظن انه لن يقع فى الحب أبداً.لكن ذلك حصل الآن ومع كلويه هاملتون من بين كل النساء . تلك المرأة التى لديها الكثير من الأسباب لتكرهه.
لم يكن فيرغوس يخدع نفسه حين لم يوافقها على قولها إنه صوب مسدساً إلى رأس والدها . فما قام به لم يكن سوى حافزاً جعل الأمور تتحرك بسرعة فى الأسابيع الأخيرة . لكنه لم يدرك أن كلويه لن تسامحه على ذلك أبداً . ربما مع مرور الوقت؟لا ! لن يتمكن الوقت من تخفيف الدمار الذى سببه لها ولأسرتها من غير قصد.
لكن كيف ستكون حياته وهو يحب كلويه ويدرك فى الوقت نفسه أنها لن تكون له أبداً ؟ عليه أن يحاول للمرة الأخيرة . يجب أن يتكلم مع بول هاملتون ليقنعه بالكفاح مجدداً فى سبيل هدفه.عليه ان يفعل ذلك! لا يستطيع قضاء بقية حياته وهو يحب كلويه من دون أن يتمكن من إخبارها بذلك...
ردت السيدة هاملتون على أتصاله فـ فيرغوس يمكنه أن يميز هذا الصوت المهذب أينما سمعه . إنه يشبه صوت كلويه لكنه أكثر نضجاً . عرف عن نفسه وطلب التحدث إلى بول هاملتون لكن ديانا أعتذرت منه:"أخشى ان لديه اجتماع عمل سيد ماكلاود"
ثم أضافت بسرعة :"انتظر قليلاً سيد ماكلاود أظننى أسمع صوته قادماً الآن"
ثم ساد الصمت على الجهة الأخرى من الهاتف
راح فيرغوس يطرق بأطراف أصابعه على الطاولة بنفاد صبر فيما هو ينتظر رد ديانا.ربما كان عليه أن يذهب إلى منزلهم مباشرة بدلاً من الإتصال الهاتفى , فمن المحتمل أن يرفض بول هاملتون استقباله لكن إذا وصل إلى منزلهم فجأة من دون ان يتوقعوا قدومه فقد يلتقى كلويه صدفة ويسبب لها صدمة. بعد أن تناول غداءه وفكر فى الموضوع لم يعد واثقاً أن أياً منهما مستعد للقاء مفاجئ كهذا.
عادت ديانا لتكلمه:"آسفة على التأخير سيد ماكلاود.لكن زوجى يتساءل أن كنت تهتم بالانضمام إلينا على العشاء هذا المساء؟"
شعر فيرغوس بالصدمة لهذه الدعوة.لم يفترق هو وبول هاملتون على خلاف,لكنه لم يتوقع أن يرغب بول بدعوته لتناول العشاء ثانية . ظل صامتاً فتابعت ديانا:"إنه بمثابة عشاء وداع فأنا وبول سنغادر إلى مايوركا فى الشهر المقبل "
إنه يعلم ذلك.لكن بدا واضحاً من نبرة صوتها الدافئة أن ديانا لم تكن تعلم أنه جزء من الأسباب التى دفعت زوجها للسفر إلى مايوركا .
حين فكر فى الأتصال بـ بول هاملتون لم يخطر فى باله عشاء الوداع.لكن من حسنات هذا العشاء أنه سيتمكن من رؤية كلويه. ربما..ربما يساعدها ذلك أن ترى أن والديها لا يحقدان عليه . لذا قبل دعوة ديانا قائلاً:"أود ذلك كثيراً شكراً لك."
وضع فيرغوس السماعة ببطء غير واثق من رد فعل كلويه حين تعرف أنه ضيف والديها على العشاء.لقد ودعا بعضهما اليوم وما من أى سبب يجعله يشعر بأنها ستسر برؤيته كضيف لوالديها . لكن....لعله يشعر بالقلق من دون مبرر.
رأت كلويه أن هذا العشاء غير ضرورى أصلاً.لقد أدركت أن والديها بحاجة إلى توديع الأصدقاء قبل سفرهم الطويل لكن ألم يكن من الأفضل لهما أن يقيما حفلة وداع واحدة بدلاً من مجموعة من حفلات عشاء صغيرة؟لكن كلويه قررت أن تدعمهما لذا ستحضر العشاء ن أجلهما بالرغم من عدم رغبتها فى ذلك.
أبدى دايفيد وبينى الوفاء نفسه للعائلة . كان ينتظران فى غرفة الجلوس عندما وصلت كلويه ودخلت الغرفة قبل الساعة الثامنة بقليل . بدت بينى شاحبة لكن يبدو أنها قررت هى أيضاً أن تحضر من أجل والديها,تماماً كما فعلت كلويه.
فوجئت كلويه قليلاً حين وصل أول ضيفين وذلك بعد الثامنة بقليل إنهما بيتر و جين أمبروس.كانت تعرف مسبقاً أن ثمانية أشخاص سيحضرون للعشاء لكنها لا تملك أدنى فكرة عن هويتهم.
يبدو أن هذا العشاء سيكون أسوأ مما تخيلت فوالدها لم يبلغ رئيس المعارضة بقراره ومن المؤكد أنه سيفعل ذلك الليلة
غمزت كلويه شقيقتها فردت عليها بينى بهزة من رأسها قبل أن تلتفت مجدداً نحو الضيفين.
بدا والدهما وسيماً فى بذلة السهرة السوداء أما والدتهما فقد بدت فى غاية الأناقة فى فستان من تصميم كلويه يليق عليها كثيراً بلونه الأزرق الذى يشبه عينيها.
بعد دقائق أعلن الخادم وصول السيد ماكلاود.
شهقت كلويه شهقة خافتة وشدت بيدها على كوب الماء الذى تحمله وراح وجهها يتلون بألون مختلفة وهى ترى فيرغوس يدخل الغرفة , إنه كما عرفته منذ الليلة الأولى تماماً.متعالٍ واثق من نفسه طويل القامة ووسيم جداً فى ثياب السهرة.
ما الذى يفعله هنا؟ لم يذكر فى الصباح أنه سيتناول العشاء مع والديها. ما الأمر إذن؟
وقبل أن تتاح لـ كلويه فرصة أن تستفيق من صدمتها الأولى أعلن الخادم من جديد :" والسيد ماكدونالد"
انتقلت نظراتها بحدة من فيرغوس إلى الباب خلفه لترى هيوغ ماكدونالد جد فيرغوس واقفاً هناك بطلته المميزة مرتدياً بذلة سهرة سوداء وقميصاً ناصع البياض .
ألا يكفى سوءاً أن فيرغوس هنا الليلة فما الذى أتى بجده أيضاً؟
من الواضح أن جده يقيم عنده هذه الأيام ولعل هذا هو السبب الذى جعل والداها يدعوانه أيضاً.اما بالنسبة لـ فيرغوس فهى واثقة من أنه لن يجد صعوبة فى إيجاد امرأة ترافقه إذا ما رغب بذلك!
وجهت نظرة اتهام إلى فيرغوس لتجد أنه ينظر مصدوماً إلى جده وكأنه فوجئ بظهوره مثلها تماماً يبدو أنه لم يكن مسروراً برؤيته!
سارت كلويه بتمهل إلى حيث وقف الرجلان بعد أن سلما على والديها .
بدا لها واضحاً أنهما يتبادلان حديثاً حامياً . كان فيرغوس يقول بلهجة غاضبة :"ظننت أنك ستزور دارسى و لوغان الليلة جدى.على أى حال من الأفضل أن تنسى الحديث الذى دار بيننا بعد الظهر"
لم يبدِ هيوغ ماكدونالد أى انزعاج من حديث حفيده الذى لا يتسم بالترحيب البتة.بل استدار ليبتسم لـ كلويه ما أن أقتربت منهما قائلاً بإعجاب:"تبدين رائعة عزيزتى"
ثم أضاف وعيناه تومضان ببريق عابث:"لقد أخبرتك أننى أعرف والدك"
شكرته كلويه على مجاملته قائلة له:"شكراً لك، نعم لقد أخبرتنى بذلك"
كانت ترتدى فستاناً من دون كمين وقبته محفورة لتظهر جمال عنقها العاجى اللون.أما الفستان فلونه ذهبى باهت يصل إلى ما فوق ركبتيها . ردت له مجاملته بمودة لم تشعر بها فى الحقيقة:"أنت أيضاً تبدو فى غاية الوسامة"
ما الذى يفعله فيرغوس وجده هنا؟أعطاها هيوغ ماكدونالد اليوم إنطباعاً بإنه يعرف والدها جيداً بالرغم من أنها لا تذكر أنها التقته من قبل.أما بالنسبة إلى فيرغوس....! فقد كانت تعتقد أنه آخر شخص قد يرغب والدها برؤيته الآن.
نظر الرجل المسن إليها بخبث وهو يبتسم ابتسامة عريضة ثم نظر مشيراً إلى فيرغوس:"إن رجال ماكدونالد يحتفظون بوسامتهم حتى عندما يشيخون مسنين"
لم يكن فيرغوس قد وجه إليه أى كلمة حتى الآن إلا أن التجهم الذى يعلو وجهه يغنى عن أى كلام!
استدارت لتنظر بتحد إلى فيرغوس قائلة بعذوبة بالغة:"لكن فيرغوس ليس ماكدونالد"
أخيراً نظر فيرغوس إليها والسخرية بادية فى تنيك العينين البنيتين :"كما يحلو لجدى ان يقول دوماً أنا من أسرة ماكلاود بالأسم فقط"
بالرغم من الحديث الحاد الذى دار بينهما منذ دقائق بدا واضحاً أن علاقة عاطفية تجمع الرجلين
شبكت كلويه ذراعها بذراع هيوغ ماكدونالد مقترحة بلطف :"تعال لأعرفك بأختى و زوجها"
ثم أشارت إلى فيرغوس :"وأنت أيضاً فيرغوس إذا شئت"
لكن هذا الأخير رفض قائلاً:"سبق وان تعرفت إليهما ,شكراً لك,أظننى سأذهب لأجدد معرفتى بـ بيتر أمبروس بدلاً من ذلك"
ثم استدار بحدة على عقبيه ومشى عبر القاعة لينضم إلى بيتر أمبروس و زوجته.
أطلق هيوغ ماكدونالد ضحكة خافتة فيما هو يسير إلى جانبها وهز رأسه الذى يعلو الشيب بخفة :"أرجو أن تعذرى فيرغوس يا عزيزتى"
ثم أضاف بعد ذلك بغموض:"فهو لا يحب أن يشاركه أحد فيما يخصه"
بدا كلامه لغز لـ كلويه فهى لا تملك أدنى فكرة عما يقوله هيوغ ماكدونالد لكنها لاحظت أن فيرغوس يتصرف بقسوة بالغة هذا المساء أكثر مما يفعل عادة!
قالت للعجوز من جديد :"تعال لتلقى التحية على بينى ودايفيد"
وبعد لحظات قدمته إلى صهرها وأختها وشعرت بالارتياح عندما استلم دايفيد زمام الحديث مع العجوز
هذه الاستراحة أعطت كلويه الفرصة لتنظر خفية إلى حيث يقف فيرغوس كان هذا الأخير يتبادل أطراف الحديث مع بيتر وجين أمبروس و والديها من دون أن تبدو عليه ملامح القسوة التى رأتها عليه منذ دقائق خلت
إنها لا تملك الفرصة لتعرف ما الذى يدور فى رأس فيرغوس ماكلاود ! فقريباً ستنتقل إلى باريس . حسناً من يعلم إلى أين...بل إلى من سينتقل فيرغوس؟
ظنت كلويه أن أحداً لن يلاحظ أنها تنظر مطولاً إلى فيرغوس إلا أن هيوغ ماكدونالد كان يراقبها فيما هو يتابع حديثها بلباقة مع دايفيد أشاحت كلويه بنظرها بعيداً عن نظراته المتفحصة فيما أحمرت وجنتيها بسبب الارتباك. لم تكن حالها أفضل على العشاء فلأسباب تجهلها أجلستها أمها بين فيرغوس وجده. بدا هيوغ ماكدونالد فى غاية اللطف أما فيرغوس فبالكاد وجه إليها الكلام.
فى الواقع بدا الجالسون إلى المائدة مشدودى الأعصاب كـ كلويه تماماً باستثناء العجوز الاسكوتلندى الذى جعل الحديث سلساً . بعد قليل سأل رئيس المعارضة بنبرة تلقائية :"كيف ستسير الانتخابات برأيك خلال السنة المقبلة؟"
- أنا....
توقف بيتر فجأة عن الكلام لينظر إلى بينى التى أوقعت السكين من يدها فى تلك اللحظة.
نظرت كلويه إلى أختها متعاطفة فلا شك أن التوتر الذى يسود هذه الأمسية أصابها هى أيضاً.وهذا ليس مفاجئاً فـ بينى تدرك أن والدهما لم يبلغ رئيس المعارضة بقراره التخلى عن السياسة....
حثه هيوغ ماكدونالد :"ما الذى كنت تقوله؟"
لكن فيرغوس قاطعه بحدة وقد شعرت كلويه أن عينيه الداكنتين تطلقان تحذيراً بإتجاه الرجل العجوز:"منذ متى تهتم بالشؤون السياسية يا جدى؟"
صر هيوغ بقوة على أسنانه وأجاب مشاكساً :"منذ قرر الإنجليز أن يتركونا لتدبير شؤوننا بأنفسنا"
ضحك بيتر أمبروس ضحكة خافتة :"كلام رجل اسكتلندى أصيل"
أكد هيوغ ماكدونالد :"اسكوتلندا هى أجمل مكان على هذه الأرض . حسناً ما هى توقعاتك بالنسبة للانتخابات المقبلة؟"
ابتسم بيتر :"سوف نربحها بالتأكيد"
ثم نظر بإعجاب إلى والد كلويه:"وأى حقيبة تنوى إسنادها إلى صديقنا هذا؟"
فوجئ بيتر أمبروس بهذا السؤال المباشر.فبحسب علمه قلة من الناس تعلم أن والد كلويه يفكر بالعودة إلى الحياة السياسية . أما من يعلمون بإنه ينوى اعتزالها نهائياً فهم أقل بكثير.وجهت كلويه نظرة قاسية إلى هيوغ ماكدونالد . ما الذى يعرفه هذا الرجل بالتحديد؟على أى حال لاحاجة للسؤال عمن أفضى إليه بهذه المعلومات !
وجهت نظرة اتهام إلى فيرغوس لكن هذا الأخر هز كتفيه باستسلام ما أنبأها أنه عاجز مثلها عن إلهاء جده ومنعه من المضى فى حديثه الذى قد يسبب الإحراج .
قالت له بصوت مخنوق:"أفعل شيئاً"
أجابها بغضب:"هل تريدنى ان أقيده و أكمّ فمه؟"
التمعت عيناها بلون أزرق داكن وتمتمت:"يكفى أن تكمّ فمه"
تنهد فيرغوس بنفاد صبر :"أنا..."
تساءل جده محاولاً إغاظته:"ما الأمر الحميم الذى تتهامسان بشأنه يا طيرا الحب؟"
عبس فيرغوس فى وجه جده :"بالكاد يمكن ان تسمينا طيرى الحب جدى"
ثم تابع ببرودة قاسية :"لعل هذا الحديث الممل عن السياسة أضجرنا!"
شهقت كلويه شهقة خفيفة لهذا التعليق .فقد أدركت أن فيرغوس بمحاولته إلهاء جده عن حديثه المتعلق بالسياسة ,أساء إلى معظم الأشخاص اللذين يجلسون إلى المائدة معهم من دون ان يقصد!
ارتفع حاجبا هيوغ الفضيان فوق عينيه الزرقاوين الحادتين ثم أجابه:"لا أصدق أن كلويه توافقك الرأى . فأنا واثق من أنها متحمسة جداً شأننا جميعاً لعودة والدها إلى مكانته السياسية التى تليق به"
ابتسم بيتر أمبروس مبدياً استحسانه لملاحظة هيوغ ماكدونالد :"أرايت بول؟ لقد قلت لك إنك تبالغ فى القلق مما سيقوله الناس بشأن عودتك إلى مضمار السياسة فالناس ينسون بسرعة"
بدا وجه والد كلويه شديد البياض بسبب التوتر :"ثمة أمور لا يمكن نسيانها وفى ما يتعلق بهذا الأمر...."
- لا , أبى . لا يمكننى أن أدعك تقوم بذلك!
نظرت كلويه إلى بينى بذهول وقد فوجئت بهذا الأنفجار المفاجئ فعلى غير عادتها بدت أختها مشدودة الأعصاب خلال هذه السهرة . أما الآن فكانت فى حالة سيئة جداً إذ شحب وجهها واغرقت عيناها الدموع فيما هى تقف لتواجههم جميعاً .
وجهت بينى كلامها مباشرة إلى والدها :"لقد حافظت على هدوئى حتى الآن.حاولت أن أحترم القرار الذى أتخذته منذ ثمانى سنوات لكننى لم أسمح لك بتقديم المزيد من التضحيات من أجلى "
مدت أمها يدها إليها لتهدئ من روعها :"بينى عزيزتى..."
هزت بينى رأسها بحزم لتقول بلهجة بدت محيرة بالنسبة لـ كلويه :"وأنت أيضاً ماما كذلك كلويه"
ثم أخذت نفساً مرتعشاً قبل أن تقول:"إنه الوقت المناسب لكشف الحقيقة"
لم تكن كلويه تملك أدنى فكرة عما يدور حولها . لكن ما أن جالت ببصرها على الموجودين حتى لاحظت أن تعابيرهم جميعاً تنم عن التعاطف مع بينى,على عكس تعابيرها المذهولة المليئة بالحيرة . أدركت أنها الوحيدة التى تجهل ما يحصل...
ولللمرة الأولى لاحظت ان فيرغوس أخذ إحدى يديها ليضمها بشدة بين يديه !

* * *
نهاية الفصل الثالث عشر

جمره لم تحترق 11-06-12 07:10 PM

14 ـ لا أستطيع الأنتظار
 
14 ـ
لا أستطيع الأنتظار http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png


أحكم فيرغوس شد قبضته على يد كلويه حين شعر أنها تحاول انتزاعها.
لقد تطورت الأمور بسرعة وخرجت عن سيطرته.إن لم يستطع أن يفعل شيئاً لـ كلويه فعليه على الأقل أن يكون إلى جانبها حتى لو لم تشأ ذلك!
كانت تعابير وجه بينى مليئة بالحنان لكنها بدت مستلمة . وما لبثت أن ألحت على زوجها:"دايفيد؟"
تمنى فيرغوس لو أن الأمور لم تصل إلى هذا الحد.نظر إلى جده مؤنباً فهو يعلم أنه من أثار هذا الموضوع.من الواضح أن هذا الأخير قرر التدخل فى هذه المسألة منذ حديثهما بعد ظهر هذا اليوم . لطالما أحب فيرغوس جده وهو يكن له تقديراً كبيراً لكن فى هذه اللحظات بالذات رغب بأن يخنقه.
وقف بول هاملتون وتوجه إلى ابنته الكبرى :"لا أريدك أن تفعلى بينى"
ثم أخذها بين ذراعيه مؤكداً لها :"لا داعى لذلك عزيزتى ,صدقينى"
نظرت بينى إليه من دون خوف وقالت بلطف:"ناقشنا أنا و دايفيد الموضوع قبل مجيئنا إلى هنا الليلة . وقررنا أن من الأفضل توضيح الأمور جيداً وذلك لمصلحة الجميع"
ثم نظرت إلى بقية الجالسين :"ربما أن المعنيين بهذه المسألة موجودون هنا الليلة..."
قاطعها فيرغوس :"لا أظن أننى وجدى من ضمن هؤلاء الأشخاص"
لاحظ أن كلويه لا تزال مذهولة مما يجرى. لكنها بعد دقائق ستشعر بالصدمة فهو نفسه صُدم حين عرف الحقيقة.ابتسمت له بينى بكآبة وقالت:""أعتقد أنك معنى فيرغوس.أما بالنسبة إلى جدك فهو الشخص الذى ساعدنى على إدراك الأمور بصورتها الصحيحة.حين أتى لرؤيتى بعد الظهر , جعلنى أفهم أن على هذا الجنون ان يتوقف وأن الحقيقة مهما كانت مؤلمة يجب أن تقال"
تهدج صوت بينى وهى تتلفظ بكلماتها الأخيرة .
فوقف دايفيد على الفور واقترب من زوجته ثم قال بصوت أجش :"بينى...أرجوك لا تفعلى ذلك بنفسك . أنا الملام فى ذلك"
قالت بينى بقوة :"تفاهات . لو لم اكن منشغلة عنك...."
من المفاجئ أن جد فيرغوس هو من قاطعها هذه المرة :"بينى,زوجك على حق.ليس عليك أن تفعلى ذلك"
ثم التفت إلى كلويه والابتسامة تعلو وجهه:"الجميع هنا باستثناء كلويه على علم بما حدث منذ ثمانى سنوات ولا داعى لأن تتابعى تعذيب نفسك . لقد مررتما أنت ودايفيد يومها ببعض المشاكل وقد أدت تلك المشاكل لسوء الحظ إلى ابتعاد والدك عن مضمار السياسة وذلك بموافقة بيتر"
وتابع مؤكداً لها بحزم :"وهذا الجزء الأخير هو المهم الآن فقط"
شعر فيرغوس بازدياد توتر كلويه فقد أصبحت الآن تشد على يده.كان واثقاً من أنها لا تدرك مدى القوة التى تضغط بها التى تضغط بها على يده فهى لن تقبل لو أنها بكامل وعيها أن تظهر لأى شخص مدى الرعب الذى أصابها حين سمعت الحقيقة. دايفيد زوج بينى وصهر كلويه كان عشيق سوزان سترلينغ منذ ثمانى سنوات
لقد أصيب فيرغوس بالذهول أيضاً حين أتى دايفيد لرؤيته منذ عشر أيام وأخبره الحقيقة.ثم أضاف أنه سيلجأ إلى الصحافة ليعلن للجميع ما حدث مهما كانت العواقب ويضع بذلك حداً لكل ما قيل عن بول منذ ثمانى سنوات .
لقد عرف بول ما حدث منذ ثمانى سنوات وناقش الموضوع مع ابنته الكبرى وقرر تحمل اللوم ليخفف من عذابها . لقد مر زواج بينى ودايفيد منذ ثمانى سنوات بأزمة. حين اعترفت بينى لـ دايفيد بأنها تورطت بغباء فى علاقة مع رجل آخر أقام هو أيضاً علاقة مع امرأة أخرى.
فكر فيرغوس فى أنه كان ليفعل الشئ نفسه.لكن علاقة دايفيد القصيرة بـ سوزان سترلينغ جعلت تلك المرأة مهوسة به حتى بعد أن قطع علاقته بها,فأصبحت تلاحقه أينما ذهب وتتصل به فى المنزل وتهدده بإخبار بينى.ولكى يمنع دايفيد تلك المرأة من إخبار بينى قال لها إنه لا يريد أى علاقة بها وإنه من المستحيل أن يترك زوجته التى يحبها.عندئذ أخبرته سوزان أنها تنتظر مولوداً منه
التفتت كلويه إلى فيرغوس معاتبة:"كنت على علم بذلك؟"
ابتلع ريقه بصعوبة وقد ادرك أنها ستغضب منه لكن ما الذى كان بإمكانه أن يفعله منذ عشر أيام سوى احترام ثقة دايفيد به ؟ بعد أن فكر ملياً باعتراف دايفيد,وبعد زيارة كلويه له فى اليوم نفسه قرر أن يمنع الرجل من التوجه إلى الصحافة لإطلاعها على الحقيقة.فجاء لزيارة بول وأخبره بما ينوى دايفيد فعله يومها قطع وعداً بألا يخبر أحد بالأمر حتى كلويه . أجاب بهدوء :"نعم, كنت أعلم "
قالت بسخط :"كل هذا الوقت"
عشرة أيام لست بالوقت الطويل.لكن هذه الأيام بدت لـ فيرغوس كالحياة بأكملها فقد أخفى الحقيقة عن كلويه. وادرك من اللوم الذى بدا بوضوح فى تعابير وجهها أن هذه الأيام كانت طويلة عليها أيضاً.نظر إليها متفحصاً :"لقد تصرف والدك منذ ثمانى سنوات بإيمان كبير وفعل كل ما فى وسعه لحماية ابنته و زوجها وأبنائهما من الصحافة . فهل تتوقعين منى أن أقوم بأقل من ذلك؟"
سحبت كلويه يدها بقوة من بين يديه ووقفت لتقول لأختها بكل تهذيب فيما هى تسير نحوها :"كان عليك أن تخبرينى بذلك فأنا لم أعد طفلة"
أمسكت بينى بيدها قائلة :"لكنك كنت كذلك منذ ثمانى سنوات . كما كان على أن أحترم رغبة أبى فقد فعل كل ذلك من أجلنا"
ونظرت بينى إلى والدها المحب الذى ضحى بنفسه من أجلها منذ ثمانى سنوات . فأكد لها بول بصوت أجش:"وقد أفعل ذلك ثانية...."
قاطع جد فيرغوس الحديث بنفاد صبر :"لكن ألا ترى يا رجل أن لا داعى لتقديم المزيد من التضحيات ؟ ما حصل منذ ثمانى سنوات يخص ستة أشخاص فى هذه الغرفة فقط"
ونظر بإعتذار إلى فيرغوس مضيفاً:"وأنا أستثنى فيرغوس ونفسى حتى الآن"
أذعن فيرغوس لنظرات جده ورد بهزة خفيفة من رأسه .ألتفت هيوغ إلى زعيم المعارضة و زوجته :"خمس منكم كانوا على علم بالحقيقة وهذا لا يشكل عائقاً أمام عودة بول إلى الحياة السياسية.ما أحاول قوله هو...."
لم يتمكن فيرغوس من منع نفسه من أن يقول بجفاء:"وهو فى العادة يأخذ وقته ليقول ما يريد"
رمقه جده بنظرة قاسية :"يبدو لى أيها الفتى أن مشروع كتابك هو الذى وصل الأمور إلى هذا الحد.ولو كنت مكانك لجلست صامتاً"
ابتسم فيرغوس موافقاً على ما قاله جده.لاشك فى أن موضوع كتابه هو ما جعل كرة الثلج تتدحرج.ثم وقف وهو يقول بنفاد صبر :"للمرة الأخيرة أقول إننى لن أقوم بتأليف هذه الرواية اللعينة"
أكد هيوغ برضى:"بالضبط"
ثم تابع وهو يشعر بالأنتصار:"لذا لن تتكرر تلك الحملة الإعلامية التى تعرض لها بول منذ ثمانى سنوات. وبالتالى ما من سبب يمنعه من العودة إلى الحياة السياسية. كما لم يحصل ما يجعله يغير قراراً أتخذه منذ عدة أشهر"
لم يكن فيرغوس واثقاً من أنه يوافق جده على جملته الأخيرة. فشعور كلويه نحوه تغير بالتأكيد . إنه يعلم أنها لم تكن متيمة بحبه من قبل لكنها الآن لم تعد تطيقه فمنذ قليل كانت تنظر إليه باشمئزاز
تابع هيوغ قائلاً :"لطالما عرف بيتر الحقيقة وهو يريدك فى حكومته. زوجتك وأبنتك الكبرى و زوجها يعرفون الحقيقة أيضاً. وحدها كلويه عليها أن تغير طريقة تفكيرها"
ووجه كلامه بلطف :"أليس كذلك صغيرتى؟"
نظر فيرغوس أيضاً إلى كلويه وقلبه يتقطع لرؤية شحوب وجهها والحزن الواضح فى عينيها.
تغير طريقة تفكيرها....؟
فى تلك اللحظة لم تكن قادرة على التفكير أصلاً.شعرت وكأن أحدهم ضربها بالمطرقة على رأسها.لطالما عرفت أن والدها ليس مذنباً ولم تشك به يوماً.لكن رغم أن هذه الأمور تحصل أحياناً فى الزواج فالناس يرتكبون الأخطاء.
أمر واحد بدا واضحاً بالنسبة إليها :"السيد ماكدونالد على حق أبى..."
قال الرجل الاسكوتلندى بلطف :"هيوغ"
منحته ابتسامة امتنان وصححت قائلة :"هيوغ محق يا أبى.ما من سبب يجعلك تنتقل إلى مايوركا.وتبديل رأيك بالنسبة للعودة إلى البرلمان حجة غير مقبولة"
قال بيتر أمبروس بحدة:"بالتأكيد ليس سبباً مقنعاً وأنا لن أقبل قراراً مماثلاً"
وأضاف بحزم :"أنا أحتاجك بول"
شعر والدها بالثقة بسبب كلمات الثقة هذه :"لا أريد أن اكون عائقاً"
أكد له بيتر بثقة :"لن تكون كذلك"
ومنح بيتر الرجل العجوز ابتسامة صغيرة:"أن هيوغ محق تماماً.وأنا أفكر بمكان مميز لك فى حكومتى المقبلة"
وتابع :"وقد يتطلب منك ذلك تغيير سكنك"
- حسناً بما أن الأمور توضحت أظن أن الوقت حان لـ فيرغوس وكلويه...
حملق فيرغوس فى وجه جده وقاطعه قائلاً:"جدى ألا تظن أنك تدخلت بما فيه الكفاية اليوم؟"
لم تجعله نظرات فيرغوس يضطرب أبداً بل قال بغموض:"على العكس ولعلمك لم أتدخل إلا من أجلك"
استمعت كلويه إلى الحديث المتبادل بين الرجلين وهى مشوشة كلياً.إنها توافق هيوغ الرأى فى ما يتعلق بوالدها. لكن ما علاقتها هى و فيرغوس بالأمر؟
ولتكون أكثر دقة ما من شئ أسمه كلوي وفيرغوس معاً!
قال فيرغوس بغضب :"أجد ذلك صعب التصديق.ولو سألتنى اولاً لربما.."
رد هيوغ عليه من دون ندم:"لقد فعلت .لكن لدى أمنية قبل أن أموت وهى أن أرى أولاد أحفادى,لا أن تأتى بصحبتهم لزيارة قبرى بعد موتى"
شعرت كلويه بضياع كامل. كانت لا تزال مذهولة مما أكتشفته الليلة ولم تعد تستطيع التفكير بشكل متزن فكيف ستتمكن من فهم محادثة فيرغوس و جده.
ثمة أمور قليلة لاشك لديها فيها .فقصة دايفيد مثلاً يجب أن تبقى سراً كما بقيت لثمانى سنوات كما أن والدها يجب أن يتابع مشاريعه ويعود إلى الحياة السياسية.أما هى فستنتقل للعيش فى باريس فى الأسبوع المقبل....
- جدى, أنت حقاً عجوز فضولى...
قاطع هيوغ فيرغوس :"تذكر إيها الفتى أننا لسنا وحدنا الآن"
وأضاف معاتباً :"أن لم تسألها أنت فسأسلها أنا"
ثم استدار إلى والد كلويه بتوتر :"بول هل من حديقة يمكن لـ فيرغوس وابنتك أن يتمشا فيها قليلاً؟"
بدا والدها مذهولاً مثلها تماماً.بالطبع لديهم حديقة لكن كلويه لا ترغب بأن تتمشى فيها الآن ولا تظن ان فيرغوس يرغب بذلك أيضاً.
ردت والدتها بدفء :"بالطبع لدينا حديقة"
ثم أشارت بحزم غير معتاد :"بينى عزيزتى أرشدى فيرغوس إلى الحديقة وأنت كلويه أذهبى معه"
هذه اللهجة الحازمة التى لم تتعود عليها من أمها جعلت كلويه تنصاع لأمرها وتسير إلى الحديقة. أو على الأقل هذا ما أقنعت نفسها به...
من جهته لم يجد فيرغوس عذراً إلا أنه تبع وبينى إلى الخارج أيضاً.
استدارت بينى ثم عانقت كلويه قائلة:"أنا حقاً آسفة.لأن هذه المسألة جعلت الأمور صعبة عليكما"
ثم قالت لـ كلويه بإنفعال :"لم أكن أظن أن الأمر بينكما جدى إلى أن أخبرنى هيوغ بذلك.ولا أظن أن ماما وبابا أدركا ذلك أيضاً,حتى جاء هيوغ بعد الظهر لرؤيتهما.لم يكن أبى ليسمح بأن تصل الأمور إلى هذا الحد لو علم,فهو يحبك كما يحبنى تماماً"
وجدت كلويه نفسها فى منتصف الطريق إلى الحديقة برفقة فيرغوس من دون أن تعرف ما عليها أن تفعله.فهى تشعر بالارتباك فى هذه اللحظات أولاً بسبب ما قاله جد فيرغوس والآن بسبب ما قالته بينى.حتى إنها لم تتمكن من النظر إلى فيرغوس
قال فيرغوس بصوت اجش فيما هو يسير إلى جانبها :"ربما بدى جدى فضولياً لكن قلبه آمن فى صدره أما قلبى أنا...."
وتوقف عن الكلام قليلاً ليتابع :"إن قلبى بين يديك أنت كلويه فوكس هاملتون!"
رفعت كلويه بصرها إليه وقد اتسعت عيناها . شعت بأن اللون اختفى من خديها ليعود بعد ذلك بقوة أكبر كما شعرت بصعوبة فى التنفس فقد كان فيرغوس يرمقها بنظرات ملؤها الحب . أمسك بذراعها برفق قائلاً بصوت أجش : "دعينا نخرج"
أرشدته كلويه إلى الخارج وهى تمشى كالرجل الآلى . هل قال فيرغوس حقاً إن قلبه معها؟
بدت رائحة الأزهار فى الخارج زكية و قوية بما يكفى لتجعلها تصاب بدوار. لكنها مصابة بدوار أصلاً...فيرغوس مغرم بها ! وجدت هذه الفكرة صعبة التصديق فى الواقع لم تتمكن من تصديقها مطلقاً.
راح فيرغوس ينظر إليها على ضوء القمر وقال مشككاً:"كلويه؟"
بللت شفتيها الجافتين فجأة وقالت:"لم أكن لطيفة فى الأسبوعين الآخيرين"
ضحك فيرغوس بهدوء ثم قال بنبرة كئيبة :"لم تكونى لطيفة معى يوماً,لكننى لم أفقد الأمل"
ابتلعت ريقها بصعوبة :"هل هذا صحيح؟"
عبس فيرغوس قائلاً :"تقصدين بخصوص دايفيد؟ نعم لكن يجب ألا تلوميه لأنه لم يكشف هوية عشيق سوزان ستيرلنغ فوالدك لم يسمح له بذلك.ويمكن لوالدك أن يكون رجلاً عنيداً جداً..."
صححت له كلويه قائلة:"لا.لم أكن أسأل عن دايفيد لكنى...أنا...أنا أسأل أن كان صحيح أنك....أننى أنا..."
انهى فيرغوس جملتها بلطف:"أننى أحبك؟ نعم, كلويه هذا صحيح تماماً"
شعرت كلويه أن أنفاسها علقت فى حنجرتها فقد كان فيرغوس ينظر إليها وتعابيره تعكس حبه الكبير لها,ما لم يترك مجالاً للشك بأنه يكن لها مشاعر حقيقية.
هل هذا معقول؟ أيعقل بعد الأسابيع الماضية المليئة بالألم وسوء التفاهم أن تنتهى الأمور على افضل ما يرام؟
قال فيرغوس:"حاولت تصحيح الأمور من أجلك. لكن كل ما نجحت فيه هو التسبب لك بالمزيد من الألم.لكننى حاولت حقاً صدقينى كلويه أرجوك"
إنها تصدقه ولم تكن بحاجة لأن يخبرها بالمزيد :لقد أنتهى الماضى وما يهم الآن هو المستقبل. مستقبلها مع فيرغوس...
قالت بأنفاس مقطوعة:"فيرغوس, أنا أحبك"
نظر فيرغوس إليها بذهول كما فعلت هى تماماً منذ دقائق حين أخبرها أن قلبه بين يديها ثم قال:"هل تحبينى حقاً؟"
ضحكت بنعومة والسعادة تطل من عينيها :"نعم, أحبك"
- بما يكفى لكى تقبلى الزواج بى؟"
- إذا كنت واثقاً من هذا ما تريده حقاً.
ردت كلويه عليه بذلك,مع إنها كانت واثقة من مشاعره نحوها وقد بدا ذلك واضحاً على وجهها. لكن أن يحبها هو امر وأن يتزوجها أمر مختلف تماماً.
فأكد لها:"إن كنت تحبينى حقاً فلن أخطط لأى شئ آخر"
شعرت كلويه أن قلبها يكاد يقفز من صدرها :"أنا حقاً أحبك !"
عانقها قبل أن يقول:"إذن كلويه فوكس هاملتون هل تمنحيننى شرف أن تصبحى زوجتى؟"
ارتمت بين ذراعيه مما جعلها تسمع دقات قلبه المتسارعة وهو ينتظر فأجابته بعطف:"يسرنى ذلك فيرغوس"
حملها فيرغوس بين ذراعيه وسار بها إلى زاوية الحديقة حيث المقعد الخشبى . أجلسها على المقعد عانقها عناقاً حاراً.
كل الألم وسوء التفاهم والحزن التى شعرت بها فى الأسابيع الماضية تبددت مع هذا العناق الصادق . وعندما افترقا لينظر كل منهما بشغف نحو الآخر بدا وجهاهما متوهجين وعيونهما تلتمعان ببريق الحب.
رفع فيرغوس يده ليلامس خدها المتورد وهمس بصوت أجش :"أكاد لا أصدق أنك ستصبحين زوجتى"
ابتسمت كلويه بشئ من الخجل وهى لا تزال مبهورة بالحب الذى جمعهما :"منذ أسابيع كان الزواج آخر ما تفكر فيه"
لقد حصل كل شئ بسرعة . مشاعر الحب فاجأتهما . أما الآن وقد عرفا أنهما يحبان بعضهما بعضاً بدت كلويه واثقة من أنها لا تريد أن تعيش من دون فيرغوس وتمنت ان يساوره الشعور نفسه.
عانقها فيرغوس بقوة قائلاً:"سأكون صادقاً معك وأنا أنوى أن أبقى كذلك فى المستقبل . أظن أن فكرة الزواج بدأت تراودنى منذ أستيقظت يوم الأحد ورأيتك تقفين بجانب سريرى . كما أننى لم أتعمد أبداً تجنب الزواج.لكنى لم أكن قد التقيت بعد المرأة المناسبة..المرأة التى أشعر أننى لا أستطيع العيش من دونها"
تأوهت كلويه بلهفة وهى تضع رأسها على كتفه الدافئ وقالت:"آه فيرغوس...هذا بالضبط ما أردت سماعه!"
ضمها فيرغوس إليه قائلاً :"أنا أحبك كثيراً وأنوى إخبارك بذلك كل يوم من حياتنا معاً"
لم تكن كلويه تعرف أن هذا المقدار من السعادة موجود على الأرض حتى هذه اللحظة.ففى هذه اللحظة أدركت لما كافح والداها وبينى و دايفيد بقوة للحفاظ على زواجهم فالتخلى عن شخص يحبك بهذه القوة ليس أمراً سهلاً.
نظر إليها فيرغوس وقال يغيظها :"متى تودين أن ننتقل إلى باريس؟"
اتسعت عيناها للمفاجأة:"نحن؟لكن..."
رفع جاجبيه الداكنين :"لن أتركك تذهبين من دونى ألا تعلمين ذلك؟"
ثم هز رأسه بحزم:"كل أولئك الباريسين الرومانسين سيحاولون التودد إليك...لا لن أدعك وحدك.كما أنى كاتب,يمكننى أن أكتب رواياتى أينما كنت.و باريس تبدو لى مكاناً مناسباً"
لم تصدق كلويه أنه سيفعل ذلك من أجلها:"سأسافر على الأرجح لبضعة شهور فقط"
أوما فيرغوس برضى:"سوف نجعله شهر عسل طويل. لا أستطيع الأنتظار!"
ثم أضاف ممازحاً :"بعد الجهود الجبارة التى بذلها جدى يبدو لى أننا يجب أن نسمى طفلنا الأول على أسمه"
وعبس قائلاً:"هيوغ ماكلاود"
راحت كلويه تقهقه بسعادة:"فلنأمل أن تكون فتاة"
لا تبالى ما سيكون أسم طفلهما الأول يكفيها أن هذا الطفل ثمرة حبهما الكبير.
استعاد فيرغوس ملامحه الجدية ليقول:"أريد أن نتزوج قريباً"
وألح قائلاً بصوت أجش:"قريباً جداً"
أجابته بلهفة:"نعم, أرجوك"
ابتسم لها ابتسامة دافئة وقال مداعباً:"ألا تظنين أن علينا أن نعود الآن إلى الداخل ونضع حداً للتعاسة التى يشعر با الآخرون؟"
قالت باختصار :"أظن أنهم شعروا بما يكفى من التعاسة فى الأسابيع الماضية"
قرر فيرغوس بلهجة حاسمة :"حان الوقت لإقامة احتفال "
ووقف كلاهما فيما ظل فيرغوس ممسكاً بيدها معلناً برضى :"لندخل ونجعلهم يشاركوننا الاحتفال بالمناسبة...سوف ندعوهم جميعاً إلى زفافنا"
وافقته كلويه والسعادة تغمرها.

* * *

نهاية الفصل الرابع عشر

جمره لم تحترق 11-06-12 07:13 PM

الخــاتمة
 
الخــاتمة http://img20.dreamies.de/img/33/b/f0ipc2wofb6.png

- فيرغوس . أليس ذلك رائعاً؟
أعلنت كلويه هذا بسعادة وهى تقف إلى جانبه ثم أضافت بانفعال :"أنا سعيدة إلى درجة تجعلنى أرغب فى البكاء"
أجابها فيرغوس بتساهل:"إنه تأثير الهورمونات عزيزتى"
فهو يعلم أن كلويه أصبحت شديدة التأثر خلال فترة حملها . وها قد مضى شهران على حملها . لكن هذا اليوم بالذات هو يوم مميز لهم جميعاً ولا سيما بالنسبة إلى والد كلويه.فبالأمس حقق حزبه السياسى فوزاً كاسحاً فى الانتخابات العامة واليوم كلفه بيتر أمبروس بمهما وزير العلاقات الخارجية.
لقد بدأت الأحتفالت فى منزل والدى كلويه منذ ساعتين ويبدو أنها ستستمر طوال الليل. أفراد الأسرة كلهم مجتمعون بمن فيهم فيرغوس وغيره نم رجال السياسة والأعمال.
مضى على زواج فيرغوس وكلويه ستة أشهر وقد عادا من باريس الشهر الماضى بعد أن قدمت كلويه عرضاً ناجحاً للأزياء هناك.
كانت هذه الأشهر الستة أكثر الأشهر سعادة فى حياتهما وقد تأكدا صباح اليوم من أن كلويه حامل فغمرتهما السعادة أكثر فأكثر.
قال فيرغوس بصوت أجش:"أحبك ,كلويه"
ردت عليه بنبرة ملؤها العاطفة:"وأنا أحبك أيضاً"
هذا كل ما يريده فيرغوس , بل كل ما أراده طيلة حياته.
نظرت كلويه بحماس إلى زوجها :"متى نزف إليهم هذا الخبر السعيد؟"
حبست أنفاسها فى صدرها وهى تشعر بالسعادة لوجوده إلى جانبها . أجابها فيرغوس بتسامح :"حين تشائين.من جهتى أود أن أصرخ بصوت عال معلناً هذا الخبر للعالم أجمع!"
هذا ما تشعر به كلويه تماماً . لم تنس بعد ذهولها وسعادتها لأن هذا الرجل الرائع يحبها بعمق كما تحبه هى .نظرت بلهفة إلى لوغان ودارسى وهما يناغيان طفلهما الصغير دانيال هيوغ وهمست بصوت خفيض :"لم نعد مضطرين لأن ندعوه هيوغ"
رد فيرغوس محاولاً إغاظتها :"قد تكون بنتاً وليس صبياً,لكنى أعرف ماذا تقصدين"
هذا الأنسجام والتفاهم بينهما رائع. وكأن كل منهما متناغم تماماً مع مشاعر الآخر وأفكاره.
نظرت كلويه من جديد عبر الغرفة وإذا بها ترى برايس يقف وحيداً قرب إحدى النوافذ وهو يراقب الأحتفالات بعينين خضراوين شاردتين فهمست :"مسكين برايس"
ثم تابعت تقول :"أنه يحتاج إلى امرأة تملأ حياته أيضاً"
ضحك فيرغوس ضحكة خافتة وهز رأسه هازئاً :"برايس قادراً تماماً على إيجاد المرأة المناسبة بنفسه إذا ما رغب فى ذلك"
بررت كلامها قائلة :"لعله لا يعرف أنه بحاجة إلى امرأة"
ضحك فيرغوس برقة وضمها بين ذراعيه قائلاً :"لا تشغلى بالك بما يحتاجه برايس ,بل أخبرينى متى يمكننا ان نغادر هذا المكان؟"
والتمعت عيناه :"أشعر بحاجة ملحة للانفراد بزوجتى"
كانت كلويه تشعر بالرغبة نفسها نحوه فبعد ستة أشهر من الزواج لا توال الرغبة تتأجج بينهما وهى تعلم أنها وفيرغوس لن يكفا عن حب بعضهما البعض أبداً.

تمت بحمد الله

جمره لم تحترق 11-06-12 07:17 PM

تـنـويـــه :
 
في النهاية كل الشكر لـ زهرة منسية على مجهودها في كتابة الرواية
لك مني جزيل الامتنان . . . وبانتظار الجزء الاخير من السلسلة منك
تحيتي لك ولكل المتابعين
ولا تنسوا قراءة الجزء الأخير
بعنوان
لماذا تهربين ؟

زهرة منسية 11-06-12 11:23 PM

غـالـيـتــى
زووووووووووز
الموضوع أبسط من الشكر ده كله اللى غرقتينى فى أمواجه
أنت كانت ظروفك ما تسمحش أنك تكتبيها وانا كنت فاض

زهرة منسية 11-06-12 11:30 PM

ية يعنى العملية ما تستهلش
بتهيلى اللى هيقروأ الرواية هيزهقوا من كتر ما بندلل بعض
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13394500201.gif
على أختيارك للرواية وعلى أنك فكرتى فيا علشان أقدم الجزء الثالث
مووووووووواه

جمره لم تحترق 12-06-12 12:24 AM

هههههههههههههههـ ضحكتيني فديتك
خلاص طيب ما راح ادللك ثاني . . بصراحة باحاول إني ما ادللك

Rehana 12-06-12 02:06 AM

السلام عليكم

مابعرف احس اني مقصرة معاكم
انا سعيدة بيكم .. فريق مميز .. بساعد بعضه في الازمات
الله يعطيكم الف الف عافية لجهودكم المميزة
القسم راح يكتمل بجهودكم المميزة
لكم كل الودد والتقدير


http://www.irasperipheralvisions.com...u-cards-14.jpg
موفقين لكل خير

جمره لم تحترق 13-06-12 03:18 AM

ألف شكراً
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3117479)
السلام عليكم

مابعرف احس اني مقصرة معاكم
انا سعيدة بيكم .. فريق مميز .. بساعد بعضه في الازمات
الله يعطيكم الف الف عافية لجهودكم المميزة
القسم راح يكتمل بجهودكم المميزة
لكم كل الودد والتقدير


http://www.irasperipheralvisions.com...u-cards-14.jpg
موفقين لكل خير

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
شهادتك نعتز بيها ريحانه والفـــريق مميز
أكيد بسبب القائد المميز إلي هو أنتِ . .
وحشاك غلاتي من القصور . . فلك ألف تحيه

http://sl.glitter-graphics.net/pub/9...p3muabd52m.gif

ندى ندى 10-11-12 10:52 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
قمة الروعه والتميز والجمال

foufastar 18-12-12 10:39 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

همس ورده 23-01-13 07:13 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
مشكوروه الله يعطيك العافية

غرشوه 29-01-13 06:57 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
نااايس ثانكس ع الروايه الحلوه

سماري كول 16-02-13 04:00 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
تسلمين ع الروايه الحلوه

جمره لم تحترق 19-02-13 07:33 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
ندى ندى

foufastar

همس ورده

غرشوه

سماري كول



تحية يضخها القلب لكل كلمة سجلت هنا بسببكن
إني ممتنه
جزيل الشكر يا رائعاااااااااااااااات
ودي وعبق وردي

http://sl.glitter-graphics.net/pub/9...p3muabd52m.gif

مسك مالك 11-09-14 11:26 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
كل شيء ممميز من المنتدى وزهره منسيه وتمارا احبكم

لست ملاكا 23-11-14 06:18 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
niiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiice

لبني سرالختم 11-04-15 02:06 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
اكثر من رائعه

yassra 17-09-15 02:39 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
:55::55::rdd12zp1:

prue 23-09-15 07:14 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
شكرااااااااااااااااااااااااااااا شكرااااااااااااااااااااااااااااا جدااااااااااا

رحلة النسيان 26-09-15 02:49 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
جزيل الشكر

ظبي الجزيرة 12-02-16 11:28 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
رواية مشوقة سلمت يمنالك

نجمة ساطعة 21-02-16 11:48 AM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍

فرحــــــــــة 13-07-16 04:23 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
الغوالى
جمره لم تحترق
زهرة منسيه
سلمت يداكم على الرواية الرائعة
لكم منى كل الشكر والتقدير
دمتم بكل الخير
فيض ودى

خدوجتي 11-08-16 11:18 PM

كترة الفيروسات ف الصفحة

توووووم 25-08-16 07:34 PM

رد: 336 ـ ليل الغرباء ـ سلسلة الكاتبة كارول مورتيمر ( الجزء الثاني )
 
تسلم يديك على كتابتها وتسلمى على اختيارات المميزة دائم .
:55::55:


الساعة الآن 10:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية