منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 213 - لم أعد طفلة - بيني جوردان ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t175549.html)

جمره لم تحترق 04-05-12 09:29 PM

3 ـ كيف يعامل الرجـل المــرأة
 

3 ـ كيف يعامل الرجـل المــرأة ؟
http://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.png

ســألت روزي غارد , وهي تنهض وتسير لتقف عند نافذة المكتبة .
ـ هل من المفروض أن يكون احتفالاً كنسياً ؟
كانت قد فوجئت بحضوره منذ نصف ساعة . ذلك أن الساعة
التاسعة من صباح يوم السبت ليست وقتاً معتاداً لاستقبال الزائرين .
ـ زائرين ؟
قال غارد ذلك بلهجة مطاطة عندما أخبرته بذلك . وبسرعة ,
تخللت شعرها الجعد بأصابع إحدى يديها , بينما حاولت خلسة أن
تلعق ما سال على أصابع اليد الثانية من المربى .
في حياة جدها , كانت وجبة الفطور , خصوصاً أثناء عطلة نهاية
الأسبوع , أمراً شبه رسمي , يقدم في غرفة الطعام . ولكن , منذ أن
أصبحت وحدها , تعودت أن تأكل في المطبخ الواسع . كما أصبحت
السيدة (( فرينتنون )) تأتي مرة واحدة في الأسبوع بدلاً من الحضور
يومياً للتنظيف و المطبخ . ذلك أن روزي أخذت تشعر بالذنب
لاستخدامها امرأة في أعمال الطبخ والتنظيف بينما تستطيع أن تفعل
ذلك بنفسهـــا .
ـ عزيزتي روزي , نحن على وشك الزواج , والمفترض في نظر
الناس أننا غارقان في الحب . ليس الغريب زيارتي الباكرة , بل عدم
قضائي الليل بطوله هنـــا .
تملك روزي الضيق عندما شعرت بحمرة الخجل تصبغ وجهها .
قــال :
ـ برنامجي مليء بالعمل , وهناك أمور معينة علينا أن نناقشها قبل
أن يعلم سائر الناس خبرنا .
سألته غاضبة وهو يتبعها إلى غرفة المكتبة :
ـ ولماذا على الآخرين أن يهتموا بما نفعل ؟ أم أنك تعني بسائر
الناس صديقاتك العزيزات ؟
لكن النظرة التي رمقها بها سرعان ما أسكتتها .
كان غارد , مثلها يرتدي ثياباً عادية . لكن مشيته كان لها تأثير
مغناطيسي غريب . شعرت بالارتياح عندما جلس أخيراً على إحدى
كراسي المكتبة .
أجابها الآن عن سؤالها الأســاسي :
ـ نعم , هذا يهمُّهنَّ ! ما هو اعتراضك ؟ .
ـ حسناً ذلك فقط . . .
وهزت كتفيها بضيق , لا تريد أن تعرض نفسها للمزيد من
سخريته . فهي تشعر على نحو ما بأن من الخطـــأ , إجراء الزواج في
الكنسية , بينما يعلمان تماماً أن زواجهما هو مجرد مصلحة . قال يلح
عليها :
ـ ذلك فقط مــاذا ؟
ـ إنه فقط . . . أن العرس في الكنسيــة مربك , بــالغ الضوضـــاء
والتعقيد و . . .
احمر وجههــا أمام نظرته الباردة . في وضوح هذا النهار الصــافي
المــشــمــس , بدا مستحيلاً أن تكون هاتان العينان الباردتان هما نفس
العينين اللتين رأتهما الليلة الماضية تتحرقان رغبة وشوقاً . حولت
عينيها عنه بسرعة . كانت حدثت نفسها الليلة الماضية , بعد ذهابه ,
بأن مـا حدث بينهما من عناق لن يتكرر , غارد فعل ذلك بسبب
إدوارد , وبإمكانها أن تشكره على عمله . . . لكنه أمر لا ينبغي أن
يتكرر على الإطلاق .
ـ كفى مراوغة يا روزي . إنك لا تريدين الزواج في الكنسية لأنه
زواج غير حقيقي . هذه هي شخصيتك ومفاهيمك المشوشة عن
الحياة . حاولي أن تفكري في الأمور بمنطق , أنا وأنت , على اختلاف
طبعينا , لدينا مكانة معينة في المجتمع , سواء أحببت ذلك أم لا .
إدوارد لن يكون مسروراً لما ستقوم به , ونحن نعلم ذلك , ولا فائدة
من زيادة شكوكه . تفضلين احتفالاً صغيراً بسيطاً , ولا ضـــرورة لأن
يكون كنسياً , أليس كذلك ؟ أما بالنسبة للضوضاء والتعقيدات , دعي
ذلك لي . من الأفضل أن تطلبي من السيدة فرينتون أن تأتي إلى هنا
للعمل في البيت طوال النهار .
ـ لماذا ؟ إنني لا أستعمل سوى بضع غرف و . . .
ـ هذا صحيح . ولكن بعد الزواج علينا القيام بواجبات الضيافة .
لدي شركاء في العمل يريدون أن يتعرفوا إلى عروسي . فإذا لم تكوني
مستعدة لترك عملك في الملجأ لتبقي في المنزل طوال النهار . . .
تترك عملها في الملجأ ؟ وقالت بعنف :
ـ لا ! بكــل تأكيد ! .
ـ اتصلي إذن بالسيدة فرينتون أخبريها بأننا سنتزوج وبأنني
ســأنتقل إلى هنا واطلبي منها أن . . .
ـ تنتقل إلى هنا ؟
فقال ســاخراً :
ـ من الطبيعي بالنسبة إلى زوجين أن يعيشا تحت سقف واحد .
إلا إذا كنت تريدين الانتقال إلى شقتي . بالرغم من . . .
شقته ؟ أخذت روزي تحدق فيه . عندما عرض عليها بيتر في
البداية فكرة الزواج من غارد لم يخطر ببالها سوى ذاك الحرج من
مفاتحته في الأمـــر .
قالت بذعر :
ـ لكننا لا يمكن أن نعيش معاً !.
ـ لا يمكننا ماذا ؟ آه , هيا , يا روزي , كم تبلغين من العمر ؟ لا
يمكنك أن تكوني بهذه السذاجة ! لا يمكنك أن تقنعي الناس بأن هذا
زواج حقيقي إذا كنا نعيش في منزلين منفصلين . كوني عاقلة !
قالت بضعف وهي تسمع نبرة السخط في صوته :
ـ لم يذهب تفكيري , في الواقع , إلى ذلك الحد . أردت فقط
أن . . .
قاطعها بلهجة لاذعة :
ـ أرادت فقط إنقاذ البيت من إدوارد . أعلم هذا . إنك في الثانية
والعشرين من عمرك تقريباً , يا روزي . ألم يحن الوقت بعد لكي
تكبــــري ؟
أجابت ساخطة :
ـ إنني كبيرة . وأنا راشدة الآن , يا غارد و . . .
ســألها بنعومة :
ـ و . . . ماذا ؟ امرأة ؟ .
ـ نعم !
قالت ذلك بعنف وهي تنظر إليه يروح ويجيء في الغرفة , ثم
يرمقها بنظرة آمــرة :
ـ استديري وانظري إلى نفسك في تلك المرآة , ثم أخبريني بما
ترين .
منتديات ليلاس
فكرت في أن ترفض , لكنها عندما تذكرت مبلغ السرعة
والسهولة التي قهرها بها الليلة الماضية , امتنعت عن ذلك . وهكذا
اضطرت للقيام بما طلبه منا , وأخذت تحدق , ليس في صورتها في
تلك المرآة الضخمة , بل فيه هو .
كم هو طويل بالنسبة إلى قصر قامتها ! ومــا أقوى عضلاته
الواضحة من تحت قميصه الصوفي الرقيق ! أما هي فكان قميصها
فضفاضاً وفتحة عنقه واسعة , ما كشف بوضوح عن رقة عظامها
الهشة . أبرز القماش الصوفي الأسود الناعم , بشكل ما , بياض
بشرتها الشفاف , واستدارة صدرها .
قال ســاخراً :
ـ امرأة ! إنك تبدين فتاة صغيرة ! قد تصبحين امرأة بعد سنوات ,
يا روزي , لكنك ما زلت مختبئة خلف طفلة بمظهرها وسلوكها .
( ومد يده محاولاً ملامسة فمها , لكنها أمسكت بمعصمه تبعد يده
عنها , وقد أظلمت عيناها غضباً وذهولاً ) . لا أحمر شفاه , ولا أي
نوع من مواد التجميل .
أجابت باحتجاج :
ـ إنه صباح السبت .
أما ما لم تخبره به , أو ما لم تستطع أن تخبره به , فهو أنها
غادرت سريرها للتو , وأنها لم تستطع النوم في الليلة الماضية . . .
لأنها . . وأحست بأثر لمسته تحرق شفتها , فعضتها بحركة غريزية .
تابع غارد يقول بقســوة :
ـ لا زينة على الوجه ! وتتعمدين بملابسك هذه إخفاء معالم
الأنوثة . هل سبق لرجل أن لمســك ؟
ـ ليس علي أن أعتذر لك أو لأي شخص آخر لعدم رغبتي في
إطلاق العنان لنفسي في علاقات عابرة . وهذا لا يعني أنني غير
ناضجة , أو أنني أقل من امرأة .
ـ هذا صحيح . لكن احمرار وجهك , وهربك مني , وجهلك
الواضح بالجنس الآخر . . . كل هذا يقول إنك لست امرأة , يا
روزي . وسيقولون بالتأكيد إنك غير متزوجة .
قالت بحدة وهي تشيح بوجهها لئلا يرى احمرار وجهها أو الألم
الذي خلفته كلماته :
ـ حسناً , لا يمكنني فعل شيء بالنسبة لهذا الأمر . أليس كذلك ؟
إلا إذا اقترحت علي أن أخرج وأفتش عن مغادرة طائشة كي لا
أحرجك بنقص . . أنوثتي وخبرتي ! .
ـ يا إلهي ! لو رأيتك . . .
شهقت وهي تراه يمسك بها يهزها بعنف , ثم يتركها فجأة . لم
تجد وقتاً لتفتح فمها احتجاجاً على خشونته هذه , وهو يقول غاضباً :
ـ إننا لا نقوم بلعبة , يا روزي ! بل هي حقيقة . . . وحقيقة خطرة
للغاية ! هل فكرت في ما قد يحدث لي ولك إذا ما أقام علينا إدوارد
دعوى احتيال ؟
ـ إنه لن يفعل . . . لا يستطيع أن يفعل هذا .
ـ لقد رأيت مظهر وجهه , كما رأيته أنا عندما علم بأنه لن يرث
المنزل . أي تلميح إلى أن هذا الزواج زائف , يجعله يسرع إلى إرسال
محاميه إلينا . . .
قالت وهي ترتجف :
ـ لكنه لن يستطع أن يعلم . لا يمكنه إثبات شــيء .
ـ نعم , هذا صحيح إذا تمسكنا بالحذر , وطالما تتذكرين أننا
أصبحنا تقريباً زوجين , وغارقين في حب بعضنا البعض .
ابتلعت روزي ريقها متوترة . إن لديها مخيلة جيدة . . . مخيلة
جيدة جداً . . . لكن أن تحاول تخيل نفسها غارقة في حب غارد . . .
ثم تحاول أن تتصوره يبادلها نفس ذلك الحب !
ـ هل ثمة انتقادات أخرى ؟
قالت روزي ذلك بتحدٍ , مقاومة اليأس الذي أخذ يتملكها . ألقى
عليها غارد نظرة هبط لها قلبها , وهو يقول محذراً :
ـ لست في موقف أحسد عليه .
وفجأة , شعرت روزي بأنها نالت ما يكفي . فقالت :
ـ لا يتوجب عليك القيــام بــذلك , كمــــا تعـــلم . ليس هناك من
يرغمك على الزواج بي , كما أنني أنا أيضاً لا أريد الزواج بك .
إسمع , لماذا لا تنسى كل شيء , يا غارد ؟ لم لا . . . ؟
فقاطعها بعنف :
ـ لماذا لا تحاولين التفكير قبل أن تفتحي فمك الصغير الحلو
هذا ؟
ولسبب ما , بدا أكثر غضباً من ذي قبل , كما لاحظت روزي ,
بينما تابع يقول :
ـ هل نسيت شيئاً ؟ إدوارد يعلم جيداً أننا سنتزوج .
ـ ماذا في ذلك ؟ يمكننا الادعاء بأنه شجار بين عاشقين . وهذا
يحدث كثيراً . وكان عليك أن تعلم ذلك .
من الغريب أن تأثير تهكمها هذا عليه كان أقل من كلامهــا السابق
عن عدم الزواج . قال بجفاء :
ـ العاشقون يعودون فيتصالحون , على الأقل حتى ينفصلوا نهائياً
عن بعضهم البعض . كلا يا روزي , إننا ملتزمان الآن . فات وقت
تغيير الرأي .
ـ كان بيتر على صواب في شيء واحد على الأقل . وهو أنك
تريد هذا المنزل بأي ثمن , وهذا ما يجعلك تقدم على هذا الأمر في
سبيله .
وهزت كتفيها مقهورة وهي تدير له ظهرها , محاولة تجاهل
خيبتها عندما لم تفكر في مستقبلها المباشر . سمعته يقول برزانة :
ـ نعم , هذا صحيح ! وبالمناسبة , تحدثت مع الكاهن , واتفقنا
على أن احتفالاً بسيطاً وسط الأسبـــوع هو الأفضل .
ـ لماذا فعلت ! ولكن . . .
ـ أنت التي عرضت علي الزواج .
كــبحت روزي صرخة أوشكت أن تفلت منها . مهما قالت أو
فعلت , بإمكان غارد أن يتغلب عليها حيلة وخداعاً . حسناً , يوماً
ما . . . يوماً ما ستكون هي التي تتغلب عليه . تعهدت لنفسها بذلك .
ســألته بتهكم لاذع :
ـ هل عينتما يوماً , أنت والكاهن ؟ أم أنه مســموح لــي برأي في
ذلك ؟
قال متجاهلاً تهكمهــا :
ـ نعم , يوم الأربعاء الذي يتلو الأربعاء القادم .
ـ بهذه السرعة ؟ ولكن . . .
ابتلعت روزي احتجاجها وكبحت إحساساَ ثوياً بالخشية
والارتياب .
ـ لا فائدة من تأخير الأمور . ليس أمامنا سوى شهرين نحقق
فيهما شروط وصية جدك , وأمامي عدة رحلات عمل . وفي الواقع ,
علي أن أعود إلى بروكسل في اليوم التالي للزفاف , ما يعني أننا ,
لسوء الحظ , لن نتمكن من القيام برحلة شهر العسل التقليدية .
وعندما رأى ما ارتسم على وجه روزي , ضحك ساخراً وقال :
ـ نعم , فكرت في أن هذا قد يعجبك . كوننا سنتزوج بسرعة ,
يعني أننا لسنا بحاجة إلى دعوة أناس كثيرين , وليس منا من له أسرة
كبيرة . أما حفلة الاستقبال فسنقيمها في ما بعد . وكما قلت لك ,
يمكنك ترك كل الترتيبات لي , عدا شيئاً واحداً . . ثوب زفافك . .
نظرت إليه بارتياب , متكهنة بما هو آت :
ـ ثوبي ؟ إنني لن أضيع نقودي على ثوب زفاف .
ـ ماذا ستلبسين إذن ؟ لا أظنك سترتدين هذا الذي عليك الآن ؟
حملقت فيه تقول :
ـ لا تكن سخيفاً . سوف . . .
ـ اسمعي يا روزي . لن أضيع وقتي في الجدل معك . كــــان
لأسرتك , ولا يزال , مكانة جيدة في المجتمع , هي تعني الكثير جداً
بالنسبة لجدك . يعجبني فيك أنك فتاة عصرية تنفقين ثروتك الموروثة
في سبيل مبادئك . ولكن علينا أحياناً أن نصل إلى حل وسط بين
مبادئنا ومتطلبات الآخرين .
ـ أتعني أنك تريدني أن أرتدي ثوب الزفاف التقليدي كيلا أسبب
لك الخجــل ؟
ـ لا . ليس هذا ما أعنيه .
جعلها غضب صوته تنظر إليه مباشرة . رأت أنها أغاظته حقاً .
كان وجهه مكفهراً وشفتاه متوترتين تنذران بالشر . وحتى اقترابه منها
كشف عن نفـــاذ صبره .
ـ لا أهتم مثقال ذرة إذ أنت وقفت في الكنيسة مرتدية كيس
خيش , إذ يبدو واضحاً تماماً أن هذا ما تريدين . ما بك يا روزي ؟ هـــل
تخشين أن بعض الناس , شخصاً ما , لن يفهم تماماً الدافع وراء هذا
الزواج ؟ وأن ذلك الشخص قد لا يدرك التضحية الكبرى التي تقومين
بها ؟ حسناً , دعيني أحذرك الآن , يا روزي , حتى إذا أنت فكرت فــي
أن تخبري رالف ساوثرن بالسبب الحقيقي لهذا الزواج . . .
رالف ؟ ما هذا الذي يتحدث عنه غارد ؟ ولماذا تخبر هــــي رالف
بشــيء من هذا القبيل ؟ إنها تعرف مسبقاً ردة فعله إذا هي فعلت .
والازدراء الذي سيشعر به نحو رغبتها في حماية وحفظ المنزل . . .
تابع غارد يقول متجهماً :
ـ إذا ظننت أنــني . . .

منتديات ليلاس
هزت روزي رأسها وقد تبددت من نفسها كل رغبة في القتال :
ـ لا بأس , يا غارد . ســـأرتدي ثوب زفاف حقيقي .
قالت ذلك بجفاء . كانت تعلم أن عينيها امتلآتا بالدموع , ورغـــم
محاولتها لإشاحة وجهها , إلا أن غارد لاحظ دموعها . سمعته يشتم
بصوت خــافت ثم يقول بخشونة :
ـ لا بأس ! آســف إذا كنت سببت لك ألمــاً بــشيء قلته . إنما عليك
أن تدركــي أن . . .
قالت بغضب وهي تغالب دموعها :
ـ لا , إنه ليس . . . ليس بسبب شيء قلته . أنا أعلم مسبقاً رأيك
بي يا غارد . المسألة هي أنني كنت دائماً أتصور .
ورفعت رأسها غير مدركة مبلغ الضعف البادي عليها والتردد فــي
صوتهــا .
ـ أتصور أنني عندما أتزوج . . . عندمـــا أختار ثوب زفافي . . .
سيكون ذلك . . . ( وغصت بالدمع ) سيكون لرجل يحبني . . . لرجل
أحبــه .
رأت وجه غادر يتوتر . لعله ليس كما كانت تظن وتتصور . . .
ربما هو أيضاً , في أعماقه , تصور ذات يوم أنه سيتزوج لأجل الحب .
وعادت تقول , محاولة التظاهر بعدم الانفعال :
ـ ومع ذلك , أظن بإمكاني أن أفعل فــي . . .
أكمل غارد كلامها بخشونة :
ـ في المرة القادمة .
لم تعرف روزي ما الذي قالته فأغضبه بهذا الشكل الواضح .
انفجرت فيه تقول متحدية , متجاهلة الغريزة التي أوحت إليها بأن ما
تفعله هو شيء خطير :
ـ ربما تظنني غبية مثالية للغاية وشاعرية ساذجة . نعم أنا كذلك
حقاً , يا غارد ! ربما عندما أصبح في مثل سنك , سأشاركك الرأي بأن
الحب المتبادل ليس مهماً , وأنه شيء يثير السخرية . . . لكنني لا
أستطيع الآن منع نفسي من هذه المشاعر . ولأنك لا تشعر بالشــيء
نفـســه . . .
قاطعها بلهجــة لاذعة :
ـ أنت لا تعلمين شيئاً عـــن مشاعري الحالية , وعما سبق أن
شعرت به واختبرته . . .
أحست بحرارة تحرق جلدها وهي تلمس الحقيقة في ما يقول
وما لم يقل . كان غارد رجلاً بالغ الخبرة والجاذبية ومحترم المشاعر ,
ولا بد أن هناك نساء . . أو امرأة . . . في حياته , جذبته روحاً
وجســـداً . وبشــكل مــــا , نبههـــــا تجاوبه هذا , إلى هذه الحقيقة .
طوال مدة معرفتها به , كانت تشعر بأنهــــا مرغمة على محــــاربته
ومقاومة رغبته في السيطرة , لكنها الآن تراه مختلفاً . وبدلاً من أن
تسأله لماذا , بعد خبرته بتلك المشاعر , لا يزال عازباً , كبحت تلك
الرغبة في التحدي . سمعته يقول بعد أن أشاحت بوجهها عنه :
ـ دعيني أحذرك , يا روزي ! لا أريدك أن تبحثي عن الحب
الشاعري المثالي أثناء زواجك بي ! عليك أن تؤجلي هذا , مع
الأســف .
نظرت إليه غير واثقة . هذا النوع من الكلام كان يقوله عــادة
بسخرية لاذعة . إنما الآن لم يكن ثمة أثر للهزل أو السخرية في
عينيه . نادراً ما كانت تراه رزيناً إلى حد التجهم , كما هو الآن , ما
جعلها تتمسك بالحذر
ـ لاستمرار هذا الزواج , أمام الآخرين , أنا عاشقك وحبيبك بكل
ما في هاتين الكلمتين من معنى .
إن فتور صوته وبرودته سلبا كلماته كل إحساس . ومـــع ذلك ,
شعرت روزي بجلدها يلتهب , وتحركت مخيلتها , عدوتها اللدودة
عندما تصل إلى غارد , تستعيد الكلمات التي استعملها . . . العاشق ,
الحبيب . ارتجفت فجأة , محاولة أن تنبذ تلك الصور التي خلقتها
مخيلتها البالغة النشاط , صور شخصين , عاشقين , متعانقين بلهفة
بالغــة .
نبذت روزي تلك الصور من ذهنها بسرعة , وقالت غاضبة :
ـ لا حاجة بك للقلق . لن أعمل شيئاً يشوه صورتك المعروفة في
مجتمعك . أليس كذلك , يا غارد ؟ العاشق الأسطوري الشهير يتزوج
امرأة لا تريده . . .
رد عليها متجهمــاً :
ـ ليس صورتي , كمــا تسمينها , هي ما يهمني , وإنما سمعتي
المهنية وكذلك سمعتك . أنت تدركين أن ما نقوم به , أنا وأنت , جل
عملية غش واحتيال , أليس كذلك ؟ أما بالنسبة إلى زواجي من امرأة
لا تريدني كما تقولين . . . فأنت لست امرأة , يا روزي , بل طفلة ,
وأشك في أنني سأجد صعوبة في العثور على سلوى في مكان آخر ,
أليس كذلك ؟
لم يكن يضاهيه أحد في الغطرسة , كما أدركت ثائرة وهي تبتعد
عنها ويمـد يده إلى جيب سرته الداخلــي . قال بلهجة واقعية وهو
يناولها علبة مجوهرات صغيرة .
ـ ستكونين بحاجة إلى هذا .
فتحتها روزي بأصابع مرتجفة , وإذا بشهقة صغيرة تفلت من بين
شفتيها وهي ترى الخاتمين داخلها . خاتم الزواج كان عادياً بسيطاً من
الذهب . أما خاتم الخطوبة الذي يتلاءم معه . . وأخذت تحدق فــــي
حجر الياقوت الأزرق المحاط بأحجــار مربعة متألقة من الماس ! قالت
بدهشـــة :
ـ إنها . . . رائعــة .
كان حجر الياقوت كثيفاً داكن الزرقة , بنفس لن عينيها مـــا
أدهشها وهي تتأمله , قالت بتردد :
ـ لا أستطيع لبسه , يا غارد . . . إنه . . . إنه باهظ الثمـــن .
أجــاب بحـــزم :
ـ بل يجب عليك ذلك . إن هــذا ما يتوقعه الناس . . . ويتطلعون
إليه .
أخــذت تتساءل عمــا إذا كان اختيار لون الياقوت متعمداً , أم أنه
قرار عشوائي توصل إليه بسرعة وضيق دون أن ينتبه إلى الشبه بين لونه
ولون عينيها .
ـ أعطيــني يدك .
فعلت ذلك كــارهة , وهو يدخل الخاتم في إصبعها بحزم , ثم
قالت بأدب :
ـ إنه . . . إنه رائع جــداً . شكــراً لك .
ـ هل هذا أحسن ما بإمكانك صنعه ؟ صوتك أشبه بصوت صبي
يشكــر رجلاً يمنحه مزيداً من مصروف الجيب . من المتعارف عليه أن
تشكـر الخطيبة خطيبها على مثل هذه الهدية بطريقة أكثر حرارة .
كان ينظر إلى شفتيها وهو يتكلم . شعرت بالضيق للخجل الذي
تملكها . كان يتعمد ذلك , طبعاً . حسناً , إنها ستريه . رفعت رأسها
إليه مذعنة وهي تشد على أسنانها مغمضة العينين , ثم انتظرت . .
وانتظـــرت .
عندما لم يحدث شيء , فتحت عينيها وحملــقت فيه بغــــضب .
فقال ســاخراً :
ـ إذا كان هذا غاية ما يمكنك عمله , فالأفضــل إخفاء زواجنا عن
الأنظار . لمعلوماتك الخاصة يا عزيزتي روزي , المرأة المخطوبة
حديثاً , والمفروض أنها غارقة في نشوة الحب , لا ترفع وجهها
وتنتظر قبلة خطيبها وكأنها مرغمة على تناول ملعقة دواء .
قالت غاضبة :
ـ لكننا لسنا غارقين في الحب .
ـ ولكل الأسباب التي تحدثنا عنها , كم من المهم جــداً ألا يعلم
أحد بهذا الوضع . إدوارد ليس أحمق , يا روزي ! إذا اكتشف أن لديه
فرصــة , مهمــــا كانت ضئيلة , لمنازعتك حقك في هذا المكان , لن
يتردد في انتهازهـــــا .
فقالت بحدة :
ـ ماذا علي أن أفعــل إذن ؟ آخــذ دروساً فــي كيفية عناق رجـــل
وكأنني أحبه بينما لست كذلك ؟ كلا , شكراً , لست بحاجة ذك .
ـ لا , ليس هذه ما أريد ! عناق بين عاشقين ملتزمين لا يشبه
بشيء تصرفك العشوائي المرتبك !.
حملقت روزي فيه بمزيج من الغضب والارتباك . أرادت أن
تخبره بأنها تعرف تماماً ما هو الشعور الذي يرافق عناقاً مع رجل
تريده , لكنها كانت تعلم أن هذا غير صحيح . ذك أن الرجال الذين
عرفتهم حتى الآن , لم يحركوا فيها أي عاطفة . قالت له بدلاً من
ذلك :
ـ أنا لست ممثلة , يا غارد! لا أستطيع إظهــار عواطف محمومة
عند الطلب . . .
قال بنعومة :
ـ ربما حان وقت تعلمك هذا .
كان ما يزال ممسكاً بيدها . . . وقريباً منها بحيث أن كل ما عليه ,
لكي يملأ الفراغ الذي بينهما , هو التقدم خطوة واحدة . أجفلت روزي
متوقعة أن يأخذها بين ذراعيه , عالمة بأنه من القوة بحيث لا يمكنها
تحرير نفسها منه . لكنه لم يفعل سوى أن رفع يده ببطء وأخذ يزيح
شعرها عن وجهها برقة وهو يقول بهدوء :
ـ هكذا يعامل الرجل العاشق المرأة التي يريد الزواج بها , يا
روزي, إنها تبدو له من الضعف والهشاشة والرقة بحيث يخاف تقريباً
من لمسها . يخاف تقريباً من أن مجرد لمسها سيشعل فيه من العاطفة
ما لا يستطيع السيطرة عليه . إنه يريدها من كـــل قلبه وبشكــل طاغٍ ,
لكنه في نفس الوقت يريد أن يسير معها ببطء بالغ . . إنه مــوزع بين
هاتين الرغبتين , لهفته إلى امتلاكهـا , و رغبته في . . أن يمنحها كل مـا
يمكنه من بهجـة . . . وهكذا يلمس بشرتها برقة وربما بيـد غير ثابتة .
وأثناء ذك , ينظر في عينيها , يريد أن يرى فيهما أن عواطفه , رغبته ,
حبه , كل ذلك متبادل بينهما . يريدها أن تعلم وتفهم مبلغ الجهــد
الذي يبذله للسيطرة على نفسه .
بدت كالمنومة مغناطيسياً حتى إنها لم تطرف بعينيها عندما رفع
غارد يدها اليسرى إلى ذقنه . تحررت لحظة من مغناطيسية عينيه حين
لامست أناملها خشونة ذقنه الــخفيفة .
شعرت بحرارة أنفاسه تلفح وجهها . وانفتحت شفتاها قليلاً
لحاجتها إلى المزيد من الهواء . أذهلها ما شعرت به من فارق بين
خبرته وخبرتها .
كان عناقه من الخفة , كأنه غير موجود , وكان ينبغي له مثل
هذا التأثير عليها . . . ثم فجأة ازداد ضغط ذراعيه بقوة كادت تشلها .
هكذا يعانق الرجل إذن ؟ أخذت روزي تفكر في ذلك ورأسها
يدور . . .
كانت صدمتها أشبه بألم جســدي سرى في كيانها جاعلاً عينيها
تغرورقان بالدمع .
. . . ابتدأت ترتجف عندما غمرت كيانها المشاعر . . . تملكها
الحرج وهي تحاول أن تفهم السبب في أن عناق غارد له القدرة على
خداع حواسها . . . فاندفعت إلى الخلف مبتعدة عنه بذعر . لم ترَ من
قبل عيني غارد بهذا الشكــل . . . ثم بصوت ممزق :
ـ لا .
وما لبثت أن تنفست بارتياح عندما حررها ووقف بعيداً عنها . بيد
أنها ما زالت تشعر بالاحمرار يصبغ وجهها رغم جهودها في كبح
ذلك . حــاولت أن تقول شيئاً . . أية ملاحظة عابرة . . . لكن عقلها
رفض أن يفكــر .
حين ابتعد متجهاً نحو الباب , وجت نفسها تتساءل بصمت كم
من النساء مررن في حياته ليبعثن فيه حقيقة هذه المشاعر العنيفة التي
لمستها لديه . ولما وصل إلى الباب , استدار نحوها محذراً :
ـ لقد فات أوان تغيير الرأي الآن , يا روزي !
http://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.png
نهاية الفصل الثالث

زهرة منسية 04-05-12 11:00 PM

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13361643631.gif
غاليتى زووووووز مش همل من كتر تكرار الشكر والأمتنان لأن كل أيقونة الشكر ما بتكفى لتقدير لمجهودك غاليتى
تسلم أيديكى وعنيكى الحلوين حبيبتى

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13361643632.gif

جمره لم تحترق 05-05-12 08:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3088033)
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13361643631.gif
غاليتى زووووووز مش همل من كتر تكرار الشكر والأمتنان لأن كل أيقونة الشكر ما بتكفى لتقدير لمجهودك غاليتى
تسلم أيديكى وعنيكى الحلوين حبيبتى

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13361643632.gif

يا قلبي والله العظيم ما عندي كلام يعبر عن
امتناني وشكري العميق لك
بس كل الي راح اقوله يحفظك ربي

جمره لم تحترق 05-05-12 08:06 PM

4 ـ الوجه الآخــر للزواج
 

4 ـ الوجه الآخــر للزواج
http://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.png


ـ ماذا ستفعلين ؟
شعرت روزي بالتعاسة وهي تلاحظ الذهول والغضب في صوت
رالف .
مضى أكثر من أسبوع قبل أن تستطيع حمـل نفسها على إخباره
بزواجها . ليس لأنها كانت تتوقع منه ردة الفعل هذه , بل لأنها خافت
من أن يتكهن بالحقيقة .
كان بيتر ,مثل غارد , قد حذرها من الوضع الخطر الذي ستضع
نفسها فيه إذا ما تملكت الناس الشكوك في أن زواجها ما هو إلا حيلة
لترث المنزل , قائلاً :
ـ ربما نعلم , أنا و أنت , مبلغ ما تتضمنه دوافعك من إيثار وحب
للغير , ولكن الآخرين قد لا يعلمون ذلك .
ـ قال غارد إن إدوارد ربما يرفع دعوى احتيال ضدنا . هل هذا
صحيح ؟
قال بيتر حينذاك , بحــذر :
ـ هذا محتمل , ولكن عليه أن يقدم دليلاً كافياً يثبت زيف
الزواج . وأن يتمكن مثلاً من إثبات استحالة إنجاب طفل من هذا
الزواج . . .
ـ لكنك تعلم أن هذا صحيح .
ـ أنا أعلم وأنت تعلمين , وكذلك غارد , لكن غيرنا لا يعلم
بذلك , ولا يجب أن يعلم .
تجنبت روزي إخبار رالف عن الزواج , خوفاً من أن لا تستطيع
تمثيل دور الزوجة الغارقة في الحب . ولكن , في النهاية , لم يكن
حبها لغارد ما سألها رالف عنه , وإنما حب غارد لها .
ـ بالله عليك يا روزي , ألا ترين مــاذا يهدف إليه ؟ إنه يريد الشيء
الذي يعلم أن أمواله لا يمكنها شراؤه .
ـ أتعني أنــا ؟
فقال متجهمــاً :
ـ كلا , بل أعني منزل (( مرج الملكة )) . رغبته الدائمة في ذلك
المنزل ليست سراً , وقد رفض جدك أن يبعه إياه .
قاطعته حينذاك , متشاغلة بتسوية ثنيات ثوبها :
ـ أنا وغارد نحب بعضنا بعضاً , يا رالف .
ـ آه يا روزي . . . ألا يمكنك أن تري ؟ رجل مثل غارد لا يقع
في الغرام . .
سكت فجأة واحمر وجهه قليلاً .
ـ اسمعي , لا أريد أن أسبب لك ألمـاً , يا روزي . إنك فتاة
جذابة . . . فتاة بالغة الجاذبية . . . أمـا بالنسبة للخبرة . . . فأنت
وغارد كأنكمـا , تقريباً , من كوكبين مختلفين . لقد رأيت بنفسك , هنا
في الملجأ , ما يمكن أن تسببه العلاقات غير المتوازنة من تعاسة .
الألم الناشئ عن زواج غير متكافئ . هل ترين حقاً أنكمـا متماثلان
في كــل شيء ؟ أنك وهو . . . ؟
أخذت تكرر قولها :
ـ إننا مغرمان ببعضنا , و . .
فقاطعها قائلاً :
ـ وهو سيعلمك كل ما تجهلينه من أمر العلاقة العاطفية , كلام
فارغ! إذا كنت تعتقدين ذلك حقاً , أنت إذن لست الشخص الذي
أعرفه . إنه سيستمتع بالعبث معك عدة أسابيع , بكل تأكيد , ومن
الممكن , عدة أشهر . . . ولكن بعد ذلك . . . لا تقدمي على هذا
الزواج, يا روزي! لستِ بحاجة للزواج به , أنت . . .
ـ بل أنا بحاجة إلى ذلك .
نطقت بهذا الاعتراف الهادئ الحزين قبل أن تتمكن من منع
نفسها . خرجت هذه الكلمات رقيقة خافتة لدرجة أن رالف لم يتمكن
من سماعها .
رفعت بصرها إلى باب المكتب الذي انفتح فجأة واندفعت منه
امرأة مصحوبة بولدين صغيرين , طالبة التحدث إلى رالف . كانت
(( ليز فيليبس )) إحدى زبائن الملجأ المنتظمات . إنها غالباً ما تهجر
زوجها القاسي العنيف , معلنة بأن لا قوة على الأرض تجعلها تعود
إليه , لتعود إليه بعد أسابيع من تركه .
كانت روزي ترى ببراءة , وذلك في بداية عملها في الملجأ , أن
هذه المرأة تحب زوجها , ولذلك تعود إليه بعد كل خلاف . وكان
رالف يجيبها :
ـ نعم , كمـا يحب مدمن الكحول شرابه , ومدمن المخدرات
جرعــاته .
إنها مدمنة عليه . . على عنف علاقتهما , جزء منها يحتاج
ويشتاق إلى ما تراه إثارة في علاقتهما . ولكن مقابل كل (( ليز فيليبس ))
هنا , هناك مئة امرأة يرغبن بصدق في إنهاء علاقاتهن والبدء من
جديد , وهن بحاجة إلى مساعدتنا .
سألته ذات مرة بحيرة :
ـ وكيف تميز الفرق ؟
ـ بالخبرة . ككـل شيء آخــر .
ذلك الحين , ظنت أن رالف قاسٍ بغير حق . لكنها الآن أصبحت
أكثر حكمة . وها هي للمرة الأولى , تفكر في مشاكلها الخاصة أكثر
ممـا تفكر في الملجأ ونزلاته .
لم يبد السرور على غارد حين أخبرته بأنها ستدعو رالف إلى
حفلة زفافهما . لكن روزي أصرت على الأمر .
كان بيتر هو الذي سيحتل مكان ولي أمرها في الكنيسة , كما أن
غارد أرسل خبراً للنشر في الصحف عن زواجهما . ولم يكن
المدعوون إلى الاحتفال يتجاوزون بضعة أشخاص .
بقي على موعد الزواج يومان , وبعد ذلك يصبحان زوجاً
وزوجة . كان هذا وضعاً لم تستطع مخيلتها استيعابه . هي وغارد . . .
زوج و زوجة . . . وهي وغارد مشتركان في حيلة إذا ما اكتشفها
أحــد . . .
هل كل العرائس يتملكهن مثل هذا الشعور ؟ أم برودة يـديها
وجمود ذهنها هما فقط بسبب ظروف زواجها غير العادية ؟ هكذا
أخذت روزي تتساءل بتوتر حين وقفت السيارة أمام الكنيسة وخرج
منها بيتر .
هذا الصباح , وهي ترتدي ثوب الزفاف وتقف أمام المرآة , بينما
السيدة فرينتون تساعدها وتعتني بها , تملكها من الغم والكرب
والشعور بالذنب ما أوشكت معه أن تمزق الثوب وتهرب . لكن بيتر
كان قد وصل حينذاك حاملاً الأزهـار التي أرسلها غارد إليها , ومـا
لبثت أن تطورت الأحداث على نحو تصعب مقاومته .
منتديات ليلاس
وها هي ذي الآن , تدخل الكنسية الشامخة , مارة بالنافذة الأثرية
الملونة , التي كانت هدية من أحد أسلافها , بثوب زفافها الساتان
العاجي اللون الذي كان لأمها من قبلها . ومع ذلك , كان عليها أن
تعصر نفسها , بالرغم مما فقدته من وزن في الأسبوع الأخير . . . فقد
كان خصر أمها بالغ النحافة . وما زال بين ثنياته أثر من عطر تذكرت
روزي أن أمها كانت تستعمله , وعندما تعطرت به شعرت وكأنها
تحمل جزءاً من أمها .
دفعت هذه الذكريات دموعاً حارة إلى عينيها أخذت تغالبها
بعنف .
كان خمارها أبيض , في ما مضى , لكنه بمرور الزمن , أصبــح
عاجي اللون , وقد ورثته عن جدتها . ارتداؤها لهذه الملابس التي
سبق وارتديت بحب كبير , جعلها تشعر بنوع من التعويض عن نقص
مشاعرها الحالية .
زواج ؟ لم يكن هذا زواجاً وإنما اتفاقية عمل , وهذا كل شــيء .
إنه عقد . . .
شعرت بجو الكنيسة بارداً . برودة البلاط تحت قدميها تخللت
نعل حذائها الرقيق . كانت الكنيسة خالية بشكل كئيب . لم يكن سوى
الصفين الأولين من المقاعد مشغولاً . شخص مـا , لا بد أنه غارد ,
زين المكان بباقات ضخمة من الأزهار البيضاء والعاجية اللون , ما
أسبغ دفئاً خفف من عتمة المكان وصرامته .
عندما وقع نظرها على غارد , اضطربت خطواتها قليلاً . ومع أنها
كبحت آهة الضيق فلم يسمعها , إلا أنه التفت إليها . بدا شارد الذهن .
كان من الصعب التصور أنها على وشك الزواج به . ارتجفت , وسرها
أن الخمار أخفى ما ارتسم على ملامحها . قال بيتر لها محذراً :
ـ إدوارد يراقبك , ابتسمي .
إدوارد ! لم تكن روزي لاحظت وجوده في الكنيسة . لكنه رأته
الآن مصحوباً بزوجته وولديه . . . نسختين شاحبتين مقهورتين عن
أمهما . الشعر مسرح إلى الخلف , ويلبسان زيهما المدرسي ,
امتعضت روزي قليلاً وحولت عينيها عن أطول الولدين .
إنها تحرمه , بزواجها من غارد , من وراثة (( مرج الملكة )) .
ولكن , إذا ورثه إدوارد , فلن يكون هناك (( مرج الملكة )) كي يرثه هذا
الولد !
تعلقت بهذه الفكرة تلتمس فيها العزاء حين وصلت أخيراً إلى
جانب غارد .
أهـي جلجلة أجراس الكنيسة المبتهجة التي تشعرها بالغثيان , أم
لعلها صدمة تلك اللحظة عندما رفع غارد خمارها ونظر في أعماق
عينيها , بعد أن أعلنهما الكاهن زوجاً و زوجة ؟ أوشكت , لجزء من
الثانية , أن تنخدع بتلك المشاعر الرقيقة التي نطقت بها عيناه وهو
ينظر في عينيها , ظناً منها أنها حقيقة !
كانت هناك مجموعة من الناس تدور حولها . من أين جـاؤوا ؟
ميزت بينهم مجموعة من النساء قدمت من الملجأ , أناساً كانوا
يعرفون أباها وجدها . كلهم باسمون ضاحكون , يلقون بالتعليقات
المازحة عن فجائية هذا الزواج . كلهم ما عدا إدوارد .
توجست روزي خيفة وهي ترى الحقد في عينيه . كانت تعلم
دائماً أنه لا يحبها . لكن ذلك لم يكن يقلقها قط , فهي لم تكن تحبه
أيضاً , لكنها الآن تدرك أن كراهيته لها مختلفة . إنها الآن تقف بينه
وبين ما يتوق إليه ويعتبره حقاً له , وتملكتها قشعريرة .
ـ ما هذا ؟ مـاذا حدث ؟
أجفلت دهشة لسؤال غارد . لم تكن تتوقع منه أن يلاحظ
قشعريرة التوجس الصغيرة التي تملكتها . إذ كان يبدو مستغرقاً في
حديث مع بيتر بحيث لا يدع له مجالاً للانتباه إليها .
ـ لا شــيء !.
أجابته بذلك , مدركـة أن إدوارد ما زال يراقبها , بل يراقبهما معاً .
قال لها أحدهم :
ـ ثوبك جميل جداً !.
أجابت شاردة الذهن :
ـ شكراً , إنه ثوب أمـي !.
ـ هذا ما توقعته ! .
كان هذا غارد! إلتفتت إليه بدهشة فعاد يقول :
ـ كان أبوك يضع صورتها على مكتبه وهي ترتديه , إنه يلائمك ,
ولونه ينسجم مع لون بشرتك . إن له نفس اللون الدافئ . .
قال ذلك وهو يلامس عنقها بأصابعه . نبهته بصوت خافت
مختنق :
ـ إدوارد يراقبنا !
ـ نعم أعرف هذا .
سـألته باضطراب :
ـ أتظنه يشك فـي شيء ؟
ـ إذا كان الأمر كذلك , فهذه ستوقفه عند حده .
ـ هذه . . . ؟
ورفعت بصرها إليه مستفهمة , ثم جمدت في مكانها وهي تراه
يأخذها بين ذراعيه ويعانقها بطريقة تظهر للمشاهدين رجلاً بالغ
الشغف بعروسه إلى حد لم تمنعه نظرات المتحفظين المستنكرة من
إظهـار شعوره .
وعلى غير توقع منها , ومن خلف جفنيها المغمضين , شعرت
بالدمع يحرق عينيها .
ليس هذا الوقت مناسباً للانفعالات العاطفية ! ليس وقتاً لمقارنة
مشاعر أمها , حين ارتدت هذا الثوب , بمشاعرها هي الآن . .
عندما ترك غارد روزي , تنهدت زوجة إدوارد بحسد , قائلة :
ـ آه ! يا لشاعرية هذا المشهد ! . . . يا ليت أبوك . . .
سمعت روزي غارد يقول بهدوء :
ـ كان جون يعلم بشعوري نحو روزي .
منتديات ليلاس
أقرت روزي في نفسها بصحة قوله , ولكن ليس بهذا المعنى
تماماً . إنها تتذكر ما قاله أبوها مرة بشيء من الحسد , عن أن بإمكان
غارد أن يحصل على المرأة التي يريد .
كانت روزي في السابعة عشرة حينذاك , فتصرفت تبعاً لذلك إذ
قالت لأبيها متحدية :
ـ إنه لا يستطيع الحصول علي ! .
ضحك أبوها , قائلاً :
ـ أنت لم تصبحي امرأة بعد , يا حلوتي . وأنا أشك كثيراً في أن
غارد سيرغب فيك , على كل حال , لأنه يعرف جيداً أي صغيرة
سليطة اللسان أنت أحياناً . . .
سمعت روزي إدوارد يسألها :
ـ أين ستذهبان في شهر العسل ؟ أم غير مسموح لنا بالسؤال ؟
أجاب غارد عنها :
ـ لسانا ذاهبين إلى أي مكان , ليس حالياً على الأقل . لدي اجتماع
في بروكسل بعد يومين لم أستطع التملص منه . سنذهب , أنا
و روزي , إلى هناك غداً صباحاً .
يذهبان إلى هناك ؟! نظرت روزي إليه , لكنه كان ينظر في اتجاه
آخـر يجيب زوجة الكاهن عن بعض الأسئلة . وهكذا كان عليها أن
تنتظر إلى أن يصبحا وحدهما في سيارة الزفاف , لتسأله بضيق :
ـ لماذا أخبرت إدوارد أننا سنذهب معاً إلى بروكسل ؟ سيشك فـي
الأمر عندما يكشف أنني لم أذهب معك .
همست بهذا السؤال رغم أن الزجاج بينهما وبين السائق كان
مغلقاً , وهي تفكر بتعاسة في عواقب الخداع . . إذ يبقى الشخص
حريصاً . . . حذراً . . . شاعراً بالذنب . . .
ـ لن يكون هناك ما يدعوه إلى الشك , لأنني عنيت ما قلته .
سألته ساخطة :
ـ أتعني أنك تتوقع مني مرافقتك إلى بروكسل حتى دون
استشارتي ؟ لكنني لن أستطيع ذلك . . . المفروض أنني سأكون في
عملي في الملجأ . . .
ـ لا تكوني سخيفة , يا روزي ! رغم أن رالف يكرس نفسه لعمل
الخير , إلا أنه لن يتوقع عودتك إلى العمل بهذه السرعة .
قالت بتحد :
ـ لكنني أنا أريد ذلك .
فقال محذراً :
ـ إذا فعلت ذلك , ستعرضيننا للخطر , الزواج يتطلب أكثر من
مجرد طقوس كنسية .
أشاحت بوجهها عنه بغضب . إنها تعرف جيداً ما هي متطلبات
إتمام الزواج . لكن زواجهما لن يتضمن ذلك الجزء المعين , وغارد
يعلم هذا . تابع غارد بهدوء :
ـ إنه يتطلب درجة معينة من العلاقة الحميمة يقوم بها الأزواج .
لكن علينا , أنا وأنت , أن نعثر على طريقة أخرى , إننا بحاجة إلى
قضاء بعض الوقت بمفردنا لنثبت نفسنا في دورنا الجديد , يا روزي .
وعندما لم تجب , قال متصلباً :
ـ أنت التي أردت هذا الزواج , يا روزي ! . . .
قاطعته بغضب :
ـ لإنقاذ المنزل , وليس لأن . . .
في أعماقها , كانت تشعر أن غارد على حق , لكن آخر ما كانت
تريده هو أن تمضي معه وقتاً بمفردهما . إن هذا , في نظرها , يعقد
المشكلة بدلاً من أن يحلها . قالت بلهجة تنذر بالخطر :
ـ لا أريد أن أذهب معك , يا غارد! لا أريد أن أعود لأرى الناس
ينظرون إلينا . . . متفحصين . . . متخيلين . . . معتقدين . . .
قال رافعاً حاجبيه متحدياً :
ـ ماذا ؟
تمتمت متجنبة النظر إليه مباشرة :
ـ أنت تعلم ! .
ـ يظنون أننا كنا معاً في السرير ؟ وأن رحلة العمل ما هي إلا قصة
خيالية ؟
رأت من زاوية عينها كيف كان يطيل النظر إلى صدرها , فاحمر
وجهها على الفور . قال ساخراً :
ـ يا لهذا الخجل ! سوف تختبئين إذن لو أخبرتك كيف أريد أن
تتصرف معي زوجتي التي أحب !
فقاطعته :
ـ أنا أعرف كيف تحب أن تهزأ مني , يا غارد ! نعم , أنا أخجل
عندما تتحدث عن مثل . . . مثل هذه الأشياء الخاص جداً . صحيح ,
أن خبرتي لا يمكن مقارنتها بخبرتك , ولكنني أفضل أن أكون دائماً
كما أنا .
و عندما لم يحاول مقاطعتها أو السخرية منها , أضافت بشيء من
الثقـة .
ـ أفضل ألا أفعل .
ـ سؤال صغير فقط , يا روزي . لماذا لا تريدين أن تفعلي هذا ؟
أجابت بصوت متهدج :
ـ أنت تعلم السبب .
قال ساخراً :
ـ لأنك تدخرين نفسك لرجل أحلامك ؟ وماذا يحدث إذا لم
تعثري عليه , يا روزي ؟ ألم يسبق أن سألت نفسك هذا السؤال ؟
ألقى غارد عليها هذا السؤال بعنف بالغ غير متوقع , ما جعلها
ترتجف .
http://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.pnghttp://img21.dreamies.de/img/336/b/4tprxhto5fa.png
نهاية الفصل الرابـــع

جمره لم تحترق 05-05-12 08:08 PM

ارجو المعذرة كــان ودي أنزل اليوم أكثر من فصل
لكن عندي سهرة اليوم فراح اخليها لبكره إن شاء الله
قراءة ممتعة . . . محبتي للجميع
http://img17.dreamies.de/img/790/b/uyf5yfelsk8.gif


الساعة الآن 10:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية