منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   (رواية) أرواح متعانقة (https://www.liilas.com/vb3/t174693.html)

سميتكم غلآي 01-04-12 10:44 PM

أرواح متعانقة
 






..
..

المعانقة الثانيه
http://www.liilas.com/vb3/t174693-2.html

المعانقه الثالثه
http://www.liilas.com/vb3/t174693-4.html

المعانقه الرابعه + الخامسه + السادسه + السابعه
http://www.liilas.com/vb3/t174693-6.html

المعانقه الثامنه
http://www.liilas.com/vb3/t174693-9.html

المعانقه التاسعه
http://www.liilas.com/vb3/t174693-10.html

المعانقه العاشره
http://www.liilas.com/vb3/t174693-11.html

المعانقه الحادية عشر
http://www.liilas.com/vb3/t174693-12.html

المعانقه الثانية عشر
http://www.liilas.com/vb3/t174693-13.html

المعانقه الثالثه عشر
http://www.liilas.com/vb3/t174693-14.html

المعانقه الرابعه عشر
http://www.liilas.com/vb3/t174693-18.html

المعانقه الخامسه عشر
http://www.liilas.com/vb3/t174693-19.html


..
..








المقدمة




ترجل من سيارته , ساحباً مسدسهُ من تحت سترته السوداء ببراعة .. تحرك إلى الآمام بحذر .. ألتفت إلى الرجال الذين خلفه وأشار بيده وهو يحثهم على التحرك


تحرك إلى داخل مبنى قديم على وشك الأنهيار , ذا رائحة نتنة , قذرة



أصواتُ ضحكاتٍ عاليه وصراخاتٍ أحتلت المبنى



آخيرآ !! قالها في داخله .. آخيرآ بعد معاناة أشهر سوف يلقون القبض على عصابة المخدارت هذه


تعالت أصوات الطلقات النارية من داخل المبنى ..فأسرع بخطواته إلى داخله...رآى عدداً من الرجال ملقون على الآرض و" مضجرين بدمائهم " تنفس بعمق وهو ينقل نظراته فيما بينهم بتوجس



ليسرع بخطواته ويصعد إلى الطابق العلوي ..رأى بعضاً من رجال الشرطة محاصرين بعض الرجال الذين كانوا يلعبون " القمار" رفع مسدسه وهو يتحركُ بسرعة إلى الأمام فاتحاً غرفة.. غرفه في ذلك الطابق .. حتى وصل إلي أحدى الغرف ... فأشهر مسدسهُ ووضع أصبعهُ على الزناد عند سماعه لهمساتٍ وحركات ... مما جعلهُ يركل الباب بكل قوته.. كانت غرفة مكتب تعومُ بالفوضى ... مجرد ثواني ليخرج رجل بيدين مرفوعتين إلى الآعلى ... أحتلت تقاسيم وجهه الخوف وقد تصلب جسده برعب.. حرك ذياب ذراعه يحثه على المشي لمنتصف الغرفة لكي يكبل يديه بألآصفاد ..ولكن الرجل بحركة سريعةٍ نظر إلى الآسفل وانحنى وكأنه يريد أخراج شيئاً ما من تحت الطاولة مهاجماً ذياب به




وبلحظة تسرع وتهور ضغط ذياب على الزناد ... وبضربة على الرآس سقط الرجل صريعاً على الآرض



أرتجفت آوصاله , وتوقف قلبهُ عن النبض بل أعتصر لحد الآلم ...ألم أزهق روحه .. وجمد الدم في عروقه


تسمرت عيناه على الطفلة التي خرجت من تحت الطاولة التي كانت تحتضنها ..تحركت الطفله لترتمي في أحضان ذلك المضطجر بدمائه منادية له بـ : بابا بابا .. أخذت بالبكاء والصراخ لمنظر آبيها ..لم يستطع أبعاد عينيه عنها وهو يرى دموعها المنهمرة على خداها بغزارة ..أحس بالأختناق ... وكأن الآكسجين قد نفذ فجأة .. لم يصدق عينيه ... ما الذي فعله ؟؟ لماذا تسرع ؟؟ غرقت عيناه بالدموع وسقطت





سميتكم غلآي 01-04-12 10:57 PM

المعانقة الأولى

بعد مرور عشر سنوات


أرخت جسدها على مقعدها الدراسي بعيون حالمه تنظر إلى الخارج , وبفكر مشغول
أغمضت عينيها بزفره والضيق يكاد يخنق رئتيها , لقد ضجرت من شرح المعلمة الملل جداً والذي يبعث على الآكتئاب ..
تريد العوده إلى المنزل سريعاً , وإرخاء جسدها المتعب على السرير ومن ثم النوم بعمقٍ عليه
إلى حين عودة ذياب من سفره
الذي طال لمدة أسبوع فهي قد أشتاقت له بشكل لايصدق
لقد مر هذا الأسبوع ببطءٍ شديد
و ظلت هي حبيست جدران تلك الفله الكبيره مع والدتها " أم ذياب"
إلى جانب أنها لم تحظى بشي ممتع " فهي المدللـة المترفة "
فذياب صديق والدها الذي أحتضنها منذُ أن كانت في السابعة من عمرها
رعاها وعوضها عن فقدانها لوالدها و رؤيته مقتولاً أمام عينيها بدماء بللت جسده
فرؤية والدها يصارع أنفاسه الهاربة بروحاً قد فارقت جسده أمام عينيها
قد أدمي قلبها وجعل الكوابيس المرعبة تراودها منذ صغرها
بقلب غرس به الحقد والكره لذلك القاتل الذي لم ترَ وجهه
أنها تكرهه وتبغضه وتريد أزهاق روحه بيديها , فالحقد قد مد جذوره في روحها , فكم كانت تتمنى لو أنها رأت وجهه وكشفت عن ذلك القناع الملطخ بدماء والدها قبل أن يغمى عليها
فكيف وهو من سلبها والدها وحرمها العيش كفتاة طبيعية مع أسرتها
ولكن ذياب عوضها منذ أن كان في مقتبل العشرين من عمره , أحتواها في عالمه ودللها وجعلها تعيش حياة هادئه في هذا العالم القاسي
فهو قد أصبح بالنسبه لها كوالدها وأخيها وصديقها وكل شيئٍ في هذا العالم
أرتعشت بخوفٍ , عندما أنتشلها صوت المعلمة من عالمها الذي كانت فيه
وقفت وهي تنظر إلى المعلمه التي تحدق إليها بعيون يتصاعد فيها الغضب
ضربت المعلمة بكفيها على الطاولة قائلة : "ترفه" إلى أين سرح عقلكِ في أثناء الدرس؟؟
رفعت حاجبيها في أزدراء فهي تقبطو تلك المعلمة المسماه "بعلياء" والتي تحاول الانغاص عليها والاستهزاء بها ...
صرخت المعلمة وهي تقول: هيا!! أخرجي من النص أستعارة ؟
أحتلت الأبتسامه شفتا ترفه وهي تجول بنظراتها في الكتاب لتخرج منه عددا من الأستعارات التي جعلت وجه المعلمة علياء يتلون إحراجاً ~

***

تجلس أمام النافذه متكئة بركبتيها على المنضده
وفي كل ثانيةً تسترق النظرات إلى خارجها بوجه عابس وعيون ترقب الذي أشتاق قلبها له
أتسعت عينيها وأحتلت شفتيها إبتسامة غير مصدقة لتطلق صرخة قوية وهي تقفز قائلة: وصل , وصل!!
أطلقت العنان لساقيها لتركض بكل سرعتها نحو تلك السياره البيضاء التي دخلت من البوابه ...
أوقف سيارته وهو يخلع نظراته الشمسيه عن عينيه مترجلاً من سيارته بشبح ابتسامة أعتلت شفتيه
فاتحاً ذراعيه منتظراً فتاته المدلـله
قفزت إلى أحضانه بكل قوتها , تريح قلبها المتألم لفراقه, تعانقه طماعة بحنانه الذي أفتقدته
أبتعدت عنهُ قليلاً لتعانق عيناه المظلمة كظلمت سماء بلا نجوم عينيها اللوزيتان بلمعان غمر بالشوق
تراكضت نبضات قلبه لنظرات عينيها الغارقة بالبراءه
أرتفع الألم إلى حنجرته بقسوة ,وقد تموجت عينيه بمرارة ذكرى طوتها السنين لرؤيتها بعد فترةً طويلة
عيناه تبحران في بحرٍ من المشاعر المتصارعه , حزن , ألم , أرهاق .. يحاول إخفائهن بكل صعوبه
إزدرد ريقه وهو يحاول رسم إبتسامة حقيقية على شفتيه
أحاطت خصره بذراعيها أكثر فأكثر وهي تحاول منع تلك المشاعر من الوضوح " مشاعر غلفت بطبقة من الشوق "
أبتعدت فجأة عنه بينما وضعت ذراعيها خلف ظهرها بإبتسامة تشبعت بالسعادة , هتفت بصوتٍ حمل الفرح : "الحمدالله على سلامتك ذياب !!"
أقتربت منه بسرعة وهي تزم شفتيها بعبوس , إلى بجانب رفعها ليدها اللتان سرعان ما حطتا على خدها
تلألأت عينيه بإبتسامة رسمة السعادة الحقيقيه لرؤيتها , وهو يقترب منها طابعاً قبلة سريعة على خدها الأيمن ..
أضاقت عينيها بوجه حمل العبوس , وهي تهز رآسها مقتربة من وجهه إلى أن وضعت أنفها على أنفه هامسة :" ليست من سمات العرب هذه القبله إنما هذه !!"
قهقهة وهي تبتعد عنه , فتبسمت شفتيه بعينين طافت بهما الأحزان
طوقت ذراعيه وهي تحث الخطى معه بإتجاه الفله
حررت ذراعه بعد رؤيتها لآم ذياب التي تحدق بها بنظرات أخترقتها
فهي دائما ماتوبخها لتلك التصرفات الطفوليه , تعنفها لأنها ليست بصغيره بعد الآن
بتعلقها بذياب بهذه الطريقة
عينيها طليت بالشوق وهي تفكر به , على الآكيد أنه قد أحضر لها شيئاً من سفره هذا
صرخت وهي تراه يأخذ أحدى الحقائب اللواتي أحضرتهن الخادمة ويقوم بفتحها
حدق بها وقد جفل وجهه من صراخها لتداعب شفتيه إبتسامة مستمتعه , وضعت كفيها على شفتيها وهي تقترب منه قاضمة لشفتيها جالسة على السجاد أمامه مبتسمة بمكر ... حرك حاجبيه الكثيفين وهو يخرج قلادة طليت بالذهب الاحمر ماداً يديه بها نحو ترفه
كانت تشبه الحلزون بسيطة وجميلة بنفس الوقت , شعرت ترفه بالفرحة وبدأت دموعها تغزو عينيها
لتقفز إلى ذياب طابعه قبلة طويلة على خده وهي تقول: " شكرا لك انها رائعة بحق , شكرا لك ذياب!! "
ضمتها إلى صدرها وهي تقفز من السعادة مسرعة بخطواتها إلى غرفتها

نظرت أم ذياب إلى أبنها بعبوس وهي تنقل بصرها بينه وبين تلك الطفلة الصارخة التي رحلت منذ دقائق ..أمتعص وجهها وهي تحدق بإبنها وبصوت كسته الصرامه قالت : " يابني ما الذي تفعله ! عليك أن لا تدلل الفتاة بهذا الشكل لكي لاتتخطى حدودها معك اكثر,يابني أنها ليست بصغيره الآن إنما هي فتاة ناضجة وهي محرمة عليك"
تشتت بصره وهو ينظر إلى والدته ذات الوجه الغاضب , بعينين تلونتا بالحزن .. أنهُ لايستطيع أن يفعل ماتقوله والدته ... حرك شفتاه بألم:" يا أمي ولكنها يتيمه , فقدت والدها بطريقة قاسية كيف لي أن أتركها في هذه العالم تعيش بلا مأوى , أنتِ تعرفين أنه لايوجد لديها أقارب ... كيف لي أن أدعها بعدما أخذتها لدي "
تشربت تقاسيم الحزن وجه أم ذياب وهي تقول بصوت مرتجف :" قلبي يتقطع عليها
قبح الله وجه ذلك القاتل فكم أتمنى له حياة كالجحيم وفي نار جهنم بإذن الله "

****

فتح عيناه والعرق يتصفد من على جبينه
رفع يده المرتعشه إلى الاعلى مدخلاً أصباعه بين خصلات شعره الآسود
نقل بصره في أركان غرفة المكتب التي يقبع بها, بأنفاس لآهثة
أسند جسدهُ على ظهر المقعد وهو يحاول تنظيم انفاسه التي تكاد تخنقه
عقد حاجبيه بألم وهو يضع كفيه على جبينه ويضغط عليه بقوة من كلا الجانبين
الآحلام هي نفسها منذُ عشرةِ سنين وهي تتردد عليه
منظرها وهي تبكي صارخة منادية بوالداها
ولكن هذه المره كانت مغطاة بالدماء
دماء تسيل من رأسها منجرفة على وجهها مارة بجسدها متساقطة إلى الأرض
أرتعش جسده وهو يتذكرها , أغمض عينيه بشدة بدموع توشك على الانحدار
أبتلع الآهات المخالجه لصدره والتي تريد الخروج منه
رافعا كفه إلى الأعلى مدخلاً أنامله بين خصلات شعره الناعمة
بات يكرهه نفسه
وبدأ الأرهاق يحطمه
تقاسيم وجهها الصغير الناعم , عينيها اللتان تحدقان به أصبحت تعذبه أكثر
أستحالت دموعه تسقط في الظلمه لتصبح عادة
بات يخفي ظلام وبؤس يحاول إفناءه وبعثرته
يريد تعويضها !!
ولكن كيف لهُ أن يعوضها !! من المستحيل أن يعوضها , فهو قد أراق روحها قبل روحه
إلى جانب أنه لم يستطع مسامحة نفسه بعد كل تلك السنين التي مضت
ومع ذلك!
فهو لايستطيع تحمل عدم تواجدها في حياته
فهي أصبحت كالمسكر يتخبط بدونها , حتى وهو في سفره أحس بالضياع والتوهان بعدم وجودها حوله فعدم رؤيتها والأطمأن عليه يجعله يفقد عقله
حرك جسده ليقف متحركاً بخطوات بطيئة .. خارجاً من غرفته
رفع يده إلى مقبض باب غرفتها فاتحاً إياهُ
سكنت عينيه برؤيتها وكست تقاسيم وجهه الراحة... كانت مضطجعة على سريرها وبجامتها الصفراء مرتفعة إلى نصف ساقها كاشفة لها وشعرها القصير متناثر على وجهها بطريقة عابثة
تنفس بعمق وعينيه تغمضان وقد نقشت على تقاسيم وجهه ألألام .. أغلق الباب وهو يخطو نحو غرفته

***

فتحت عينيها بأنفاس لاهثة وقد تغطى وجهها بالرعب
جلست مسلوبة الحواس , ودقات قلبها تكاد تخترق صدرها
ضمت جسدها بذراعيها وهي ترتعش
الكابوس هو نفسه !
والداها وقاتلهُ , طيف ظله الطويل كان يغطي الغرفة كسحابة راعدة في ليل أسود
خانقاً لأنفاسها
مدمياً لقلبها
حبست شهقاتها المتواصله بسيلان دموعها على وجنتيها
أنطلقت الآهات من صدرها , وهي تمتمت بصوت مرتعش :" بابا , بابا .."
مدت يدها نحو الدرج الملاصق لسريرها مخرجة منه محفظتها الصغيره القابعة هناك
فاضت الدموع من عينيها بغزارة وهي تفتحها مخرجة صورة حملت جسد والدها وتقاسيم وجهه وهو يحتضنها بشدة عندما كانت صغيرة
عانقت الصورة عينيها بألم طوق قلبها وأوجع روحها
من المستحيل أن تنسى وجه والدها حتى لو فقدت الصورة
أصطبغت ملامح وجهها بالكره والحقد والبغض وتعطشت روحها للأنتقام, ضغطت على الصورة بشدة وألصقتها بصدرها وكأنها تريد إدخالها به.. وبصوت خرج من بين شفتها بنغمة غاضبة :" بابا سوف انتقم لك بأية وسيله , حتى لو عنى ذلك فنائي "
ولكن كيف لها أن نتنقم!! فهي لاتستطيع !! ليست لديها المقدره !!!
سحبت جسدها من على السرير وهي تضم صورة والدها , لتخطو بخطوات سريعة إلى خارج غرفتها
حتى وصلت إلى باب غرفته فتحتها بصوت خافت وهي تنقل بصرها بين زوايا الغرفة
رأته ... كان نائماً على احدى الآرائك ووجهه متجهه إلى ظهرها
اقتربت منه بخطوات تسابق بعضها إلى أن حطت بجانبه مرخية ركبتيها على الآرضية الباردة
ورآسها يقترب من جسده ليهوي بجانبه وعلى جزءا صغيرا من الاريكه
أنهمرت دموعها على وجنتيها بشهقات شقت صدرها بأنفاس مقطوعة .. مرهقة
مدت ذراعها لتحيط ذراعه القريبة منها مطوقة إياه بأصابع تشبثت بها
وهي تكتم عبراتها وشهقاتها ودموعها المزهقة على خديها المتوردين
أنها مرتعبة و خائفة من الحلم الذي راودها منذ لحظات
تريد أن تشعر بالآمان , والآمان الوحيد الذي تشعر به هو بجانب ذياب
أقتربت منه أكثر ليلاصق رآسها جسده , وهي تهمس بصوت مخنوق التفت حوله الألام : " ذياب , ذياب!!"
أهتز صوتها وهي تضيف :" ذياب أنا أثق بك , أنت أملي الوحيد , أنت كل شيئاً بالنسبة لي"
همست بصرخة مكتومة :" ذياب !!"
صرخة أدمت قلبه
شعر أنه يتمزق , يتقطع , بطعناتٍ تخترق صدره
فتح عينيه بأنفاسٍ لاهثةٍ وهو يحاول كتمهن بصعوبة .... همساتها تهزه , تزلزل اتزانه
همست بصوتٍ طعنهُ أكثر : "ذياب !!"
أرجوك خذ بالثأر من""
" قاتل أبي "
" قاتل أبي"
أرتعد جسده وكأن صاعقة من التيارات الكهربائية صعقتهُ بقسوة , بأنفاس تخرج بلفحة حارقة , ملتهبة
أتسعت عينيه أكثر وهو يسمعها تردف بصوت كسته الجروح :" انا أثق بكِ "
"أنك سوف تقبض على قاتل أبي "
" قاتل أبي يجب عليه ان يلقى عقابه , قاتل أبي يجب أن تباح دمائه "
" يجب أن يقتل مثلما قتل أبي "
" قاتل أبي حرمني من العيش كأي أنسان طبيعي "
" قاتل أبي جعلني يتيمه بدون أب "
علا صوت همساتها وهي تمسح دموعها التي بللت خديها وبألم يتصاعد إلى حنجرتها كاتماً لآنفاسها صاحت : " انا أثق أنك سوف تقبض عليه , انا واثقه بك وأثق بأنك سوف تقوم بهذا مثلما ربيتني وأحتويتني بدون مقابل "
شعر بروحه تنزع , تسحق , وقد تغطى العالم بالسواد
يشعر وكأن سكاكين تخترق صدره طاعنه إياه .... أنفاسهُ أنعدمت , وأطرافهُ تجمدت
يريد الصراخ عليها !
توقفي
توقفي
لا تكملي.. فأنتِ لا تعرفين ما الذي تفعلينه بي !!
تريدين من دموعي الانحدار وأنتِ تطعنين قلبي بخناجر مدميه ,عقلي يريد التناسي
يريد نسيان ذلك الماضي بكل حذافيره
ويريد العيش بسلام لمرة واحدة فقط
ولكن الحياه أنتهت منذ عشرة سنين وانتهى كل شيء بالنسبة لي الآ أنتِ
فقدت الراحه
فقدت السعادة
والالم بات يمزق صدري
الروح قد خرجت من جسدي ولن تعود أبداً
انحدرت الدموع على خديه وهو يستمع لزفير أنفاسها وهمساتها المناجية له
أغمض عينيه وهو يكاد يتمزق من الآلم الذي يجثم على صدره
بات جسده يرتجف أكثر من لمسة يدها الحارقة لجسده


نهاية المعانقة الأولى




صباالجنووب 02-04-12 02:01 AM

روووووووووووووووووووووووووووووعه:55::55::55::55::55:

بــــــــــس

تكفيـــــــــــــــن

نبــــــــــــــي التكمله

....اتوقع ان قاتل ابووهاهوذيااب نفسه ...في انتظــــــــــــــــــــــــــارررك

بياض الصبح 02-04-12 03:33 PM

السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

مساء الخير و الرضا من الرحمن

غلاي . يا هلا و مربا فيج من جديد بــ ليلاس إن شاء الله

هالروايه يكون لها متابعين أكثر من اختها لأنه حضينا فيها من البدايه

و تلاقين كل التفاعل و التشجيع اللي تستحقينه يارب


رد ترحيبي و لي باك بعد ما أقرأ البارت


..
..
..

اثرني احبه 02-04-12 04:22 PM

مرحبا ملايين ولا يسدن

بريحة اهل الامااارااات



نورتينا من جديد يا قلبي ..


والله انا للحين ما كملت البارت بس اعتبريني من المتابعين لش


لاني واااثقه منش ..

تعليقي عن مطلع الروايه ..


اتوقع بيربيها وبيحبها اذا كبرت ..

بس اتوقعها حمااس واكشناااات وااااجد ...



موووفقه يا الغلاااااا
وكلنا نتريااااج خخخخخخخ <<فيسي الاماراتي

سميتكم غلآي 02-04-12 09:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صباالجنووب (المشاركة 3051523)
روووووووووووووووووووووووووووووعه:55::55::55::55::55:

بــــــــــس

تكفيـــــــــــــــن

نبــــــــــــــي التكمله

....اتوقع ان قاتل ابووهاهوذيااب نفسه ...في انتظــــــــــــــــــــــــــارررك

أهلا وسهلاً بصبا الجنووب
أن شاء الله أرد على الردود وبعدين أحط البارت الثاني
بس ترا اقول من الحين أنا البارت احطه من اسبوع لين اسبوعين وحسب الظروف
...
قاتل ابوها هو ذياب مثل مابينت في المقدمة والبارت الاول وهو أكيد أميه بالميه القاتل

شكرا على تواجدكِ عزيزتي

سميتكم غلآي 02-04-12 09:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بياض الصبح (المشاركة 3051874)
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

مساء الخير و الرضا من الرحمن

غلاي . يا هلا و مربا فيج من جديد بــ ليلاس إن شاء الله

هالروايه يكون لها متابعين أكثر من اختها لأنه حضينا فيها من البدايه

و تلاقين كل التفاعل و التشجيع اللي تستحقينه يارب


رد ترحيبي و لي باك بعد ما أقرأ البارت


..
..
..

أهلا وسهلاً ببياض الصبح

شكرا لج على الترحيب وانتظر ردج بفارق الصبر

أن شاء الله أتمنى والله القى عندكم تشجيع وردود لهذي أكثر من هذيج

وشكرا على تواجدكِ

سميتكم غلآي 02-04-12 09:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اثرني احبه (المشاركة 3051991)
مرحبا ملايين ولا يسدن

بريحة اهل الامااارااات



نورتينا من جديد يا قلبي ..


والله انا للحين ما كملت البارت بس اعتبريني من المتابعين لش


لاني واااثقه منش ..

تعليقي عن مطلع الروايه ..


اتوقع بيربيها وبيحبها اذا كبرت ..

بس اتوقعها حمااس واكشناااات وااااجد ...



موووفقه يا الغلاااااا
وكلنا نتريااااج خخخخخخخ <<فيسي الاماراتي


مرحبا الساع

وهلا فيج زوود

النور نورج غناتي

مشكوره على الثقة فديتج وأنتظرج تكملينه

أن شاء الاحداث اليايه بتوضح

طبعا أكشن من نوع ثاني بكون هنيه

أسعدني تواجدكِ عزيزتي

سميتكم غلآي 02-04-12 09:31 PM


المعانقة الثانيه ~

فتح عينيه بتعب وأستحال النوم أن يغزو مقليه
لم يغمض له جفن طوال الليل
كيف له أن ينعم بالنوم , وقد بات النوم مجرد كوابيس تذكره بها
كيف تريد منه أن ينتقم من نفسه !!
ياليتهُ يستطيع الأنتقام من نفسه , لكي يريحها ويريح نفسه من هذا الجحيم
تحرك بخطواتٍ بطيئة نحو دورة المياه وهو يدخل أصباعه بين خصلات شعره الآسود ويشدهُ من الآلم الذي بدأ يفتك بخلايا رآسه ...
زفر بعمق وهو يرخي عينيه اللتان أحتلهما الأرهاق وألآلم والحزن بكل وضوح
رفع رأسه إلى الأعلى لتنهمر قطرات المياه الباردة من الدش مبللة لجسدهُ , أغمض عينيه بشدة وهو يتذكر همساتها المخترقة لطبلة أذنه
يشعر أنه في كل يوم يمر عليه يزيد من عمره أضعافاً مضاعفةً , والألم بأت يجثم على صدره كأطنانٍ من الحديد..
حتى أن الشيب قد بدأ يغزو شعر رأسه وهو مايزال في بداية الثلاثين من عمره
حرك ذراعيه بسرعة لترتطم بالجدار الساكن أمامه بقوة ألمت كفيه كلسعة نارٍ متأججه
يتمنى الموت , لكي يريح قلبه من هذا العذاب ... ولكن إن مات هي ما مصيرها؟
يجب أن لا يخبرها بشيء أبداً
هذا السر يجب أن يتبعه إلى قبره
فهو لا يريد إدماء قلبها وتعذيب روحها , أنهُ لايقوى على رؤيتها تتألم فذلك يحطمهُ أكثر
عامت على شفتيه إبتسامة سكنتها الأوجاع والألام وهو ينفض شعره المبلل بالمياه
******
وضعت رجلاً فوق الأخرى وهي تنقل بصرها في ساحة المدرسة المكتظة بالطالبات
صديقاتها مجنونات جداً
لا يكففن عن الضحك والتعليق على الماره من المعلمات والطالبات
رفعت " مروى " أحدى صديقاتها حاجبها الأيمن وهي تهمس لترفه :" أنظري إلى خطيبة ذياب إنها هناك !! "
تصاعد الغضب لحنجرةِ ترفه وأكفهر وجهها وهي تنظر إلى المعلمة علياء بمقت ضاغطة على أسنانها : "ليس هنالك شيء رسمي فذياب لن يتزوج من هذه المرأة أبداً "
رفعت مروى يديها كعلامة أستفهام وهي تغيض ترفه قائلة :" وما أدراكِ فهي جميلة جداً إلى جانب أن أم ذياب تحبها "
شهقت ترفه بغضب وهي تنزع حذائها المدرسي مما جعل مروى تقفز واقفة وهاربة من لهب البركان الذي بدأ يتفجر في وجهها وهي تصرخ : "هذه هي الحقيقة يجب عليكِ تقبل تلك السحلية المتعطشة للدماء ذات الوجه الغاضب الجميل "
وقفت ترفه ومروى تبتعد عنها راكضة ...أمسكت بحذائها مهرولة وراء مروى وهي تصرخ :" إيتها البقرة الحلوب لن تفلتي من يدي سوف أمزقكِ إرباً إربا وأجعلك عبرة لمن يعتبر "
*****
أسرعت الخطى بقلب وجل وأنفاس متلاحقة نحو الأسطبل الذي يقبع في الفناء الخلفي من الفلة
بأنفاس متضاربة, تعلقت بالحواجز التي تفصل بين الأسطبل وحديقة الفلة مدخلة جسدها فيما بينهن
لتطلق العنان لسايقها نحو فرسها " دانه " التي كانت على وشك الولادة
دموعها متشبثة , متعلقة بين فنايه أهدابها وهي تراها تحدق بها بألم أرتسم على تقاسيم وجه تلك الفرس البيضاء الجميلة
التي رافقتها منذ أن كانت في التاسعة من عمرها
رفعت كفيها لتحط بها على أنفها بنعومة وهي تبتسم بعيون تتبعثر بها النظرات لتهمس مخاطبة لها :
"لا تخافي فأنا معكِ والطيبب مروان هنا فأنتِ في أيداي أمانه"
سمعت قهقةً مجلجلة قادمة من خلفها , ألتفت بجسدها إلى الخلف وحملقت به بوجها حمل العبوس والمقت لذلك الذي يقف خلفها متسنداً بجذعه إلى الحائط الخشبي بهندامه الأبيض وتقاسيم وجه الدقيقه وإبتسامه جذابه ترتسم على شفتيه الدقيقتين
ضبطت حجابها على راسها , وهي تنخفض إلى الأسفل مكورة يديها بمجموعةً من الحشائش التي تقبع هناك رامية بهن على مروان بينما هي تصرخ : "تبا لك , لقد أخفتني "
حرك حاجبيه وهو يبتعد عنها ويهز رأسه إستخفافاً بها ومقلداً لها :" لاتخافي فأنا معكِ "
وأكمل بصوته :" يا إلهي أنتِ ما الذي سوف تفعلينه" .. حرك يديه إلى الأعلى بأستخفاف أكثر: " إلا الصراخ والقفز من مكان إلى أخر وكأنك كنغر "

تحرك نحو الفرس وهو يحسر عن ساعديه ويردف: "أبتعدي فأنا الطبيب هنا , ودعيني أهتم بعملي مع طاقمي"
حركت ترفه يديها بوجه غاضب تقلد حركات مروان من ورائه وهي تقول : "تبا , أنت دائما تغيضني"
إبتسم مروان بسخرية وهو يضيف :"لانه من الممتع رؤية وجهكِ الغاضب "
صرخت هي بغضبٍ يتصاعد أكثر : "سخيف دع هذه النكتة الغبية لك "
أخذت تحدق بمروان الذي يعد المعدات , وينضمهن فولادة فرسها العزيزه عسيره لأنها تخطت شهرها الحادي عشر وهي الأن في عبورٍ للشهر الثاني عشر....
مروان طيبيب بيطري وهو بنفس الوقت أبن عم ذياب وأخ المعلمة علياء التي تمقتها ترفه ولكن مروان يختلف عنها تماماً فهو مرح يحب أن يداعب ويغضب ترفه دائماً عندما يلتقيان
لم تمر الا دقائق معدودة ليدخل فيها أثنان ويقوما بمساعدة مروان في عملية الولادة
مرت برهة من الزمن ليرشقها مروان بنظرات لاذعة مخيفة وهو يقول:" ألن تخرجي ؟؟"
هتفت وهي ترفع يديها وتكورهن على شكل قبضةٍ :" لا !! لن أخرج أبداً "
بدأ العرق يتصفد من على جبينها وأكفهر وجهها بتعلق بصرها بهم
لأول مره ترى هذا المنظر المخيف والمرعب في حياتهاأستحال وجهها أبيضاً .... ودقات قلبها تكاد تخترق صدرها .... أنطلقت السيالات العصبية الكهربائية لتحتل جسدها بأكملها نافضة إياه , رفعت كفها إلي شفتيها من هول المنظر بصرخة كادت تخرج من جوفها بشدة ...
صرخ مروان والعرق يتصبب من صدغه:" أخرجي "
هتفت :" لا "
زمجر بقسوة : "الا ترين وجهكِ أخرجي ولا ندمتي "
قاومت كل ذلك ولم تصغي إلى مروان إنما أخذت بالدوران حولهم وجسدها يرتعد بعنف ويديها متشبثتان ببعضهما بينما أنتهت الولادة العسيره التي تألمت فيها دانه كثيراً
وخرجت مهرة صغيرة الحجم بقدمين مرتجفتين وعينين زائغتين
أقتربت منها ترفه وإبتسامة غير مصدقه إرتسمت على شفتيها لذلك الكائن الذي يقف هناك
قفزت إليها مقتربة , أخذت تقفز أمامها وهي تقول صارخة : "إنها جمميلة جممميلة جدا جدا "
وضعت كفيها على خديها وهي تحملق بها بعينين تبرقان بوميضٍ من السعادة :" يا إلهي أكاد أجن أنها ككائن خرافي رائع "
خطت بخطوات سريعة لتقترب من دانه رافعة يديها إلى رقبتها ضامتة إياها بلطفاً وهي تقهمس :" لقد أنجبتي فتاة جميلة مثلي"
فغر مروان فاه وهو يقول:" وما دخلك أنتِ ؟؟"
حركت كتفيها بدلال :" أنت لا دخل لك , فلقد أنتهى عملك هيا أذهب "
حرك شفتيه بإبتسامة تلوحت بالخبث وهو يقول:" أيكون أنتِ الوالد وأنا لا أعلم؟؟؟"
ضغطت بقوةً على أسنانها وهي تنخفضُ إلى الأسفل ملتطقة لحذائها الذي تنتعله وتهم برميه عليه
رفع يداه إلى وجهه وهو يقول: "إيتها المجنونة ما الذي تنوين فعله ؟؟"
رمته بالحذاء وهي تقول:" سوف أشكيك إلى ذياب "
نفخ مروان على يداه التي ضربها الحذاء وهو يبتسم رافعاً حاجبه الأيمن : "هيا!! إيتها المدللـه أذهبي وأخبريه "
****
لم تغادر الأسطبل فقلبها تعلق بتلك المهرة الصغيره , حتى أنها تفكر بالنوم بجانبها
لا يهم هي لن تذهب غداً إلى المدرسه فلتذهب المدرسة إلى الجحيم
أو من الأحسن أن ترمى عليها قنبلة موقومة وتدمرها
ضحكت مداعبةٍ تلك المهرة الصغيره التي تنظر إليه
بنظراتٍ خائفة
إلى أن أستسلمت لها بأعياء وتهالكت على الآرض شاعرة بالنعاس
أرخت ترفه جسدها بجانب دانه وأبنتها وهي تفكر بأسمٍ لتلك المهرة الصغيره
***
أرتخت أهدابه وهو يراها مضطجعة بجانب فرستها الغالية دانه و تداعب صغيرتها بين الفنية والأخر
مرت برهة من الزمن وهو يتأملها بصمت إلى أن شعر بحركتها تسكن وعينيها تغمضان
أحتلت شفتيه إبتسامه شفقة, رأفة بتلك اليتيمة الصغيرة البريئة
أقترب منها ليجثو على ركبتيه بجانبها وهو يتأمل تقاسيم وجهها الأبيض الذي يحوي على أنف صغير وشفاه صغيرة كالحبة التوت , ارتخت عينيه وهو يرسم شبح إبتسامة على شفتيه
دنى منها أكثر رافعاً يده نحوها وبخفة هز كتفها وهمس : " ترفه "
" صغيرتي أستيقظي "
" هيا "
فتحت عينيها خائفة , مرتجفة , وأسندت جسدها بذراعيها وهي تنهض جالسةٍ
تجول بعينيها حول المكان بأستغراب ومن ثم تعقد حاجباها بعبوس وعينيها تحطان عليه
رفعتٍ يديها إلى حجابها وهي تضعه على رأسها متمتة ببضع كلماتٍ غير مفهومة ٍ
همس لها : "عزيزتي يجب عليك النوم في غرفتك"
أغمضت عينيها وهي جالسة .. مما أرغمهُ على الإبتسام لمنظرها
فجأة
تجهم وجهه وأقشعر جسده وهو يشعر بألم حاد يخترق صدره ويمزق أوردة فؤاده
منظرها يقحم طيف الذكريات القاسيةٍ والمؤلمةٍ التي يحاول تناسيها
نشفت الدماء من على وجهه وهو يتذكر ذلك الحلم
فلقد راودهُ كابوس أخر منذ فترة قريبه وهي تهز والداها بهذا الوجه الذي هي عليه الأن
وليست تلك الطفله الصغيرة
وكم كان الكابوس مفزع , مميت , مفجع وهي تصرخ عليه وعينيها تفيضان بسيلٍ من الدموع قائلة : " لقد كذبت عليه , لقد أوهمتني , خدعتني أيها القاتل الجبان القاسي المتوحش "
خرجت أنفاسه متحشرجةٍ ببعضها ومتصارعة فيما بينها , وأرتفعت الصارخات المكتومة إلى حنجرته
أزدرد ريقه وهو يحاول ضبط أنفاسه الأهثة ومنع نفسه من الخضوغ إلى تلك الأهتزازات الجسدية العنيفة التي تريد أجتياحه
لمس ذراعها بكفٍ مرتجفة وهو يحاول أيقاظها .. فتحت عينيها بسرعة وكأنها أنتشلت من الغرق
أنفاسها أضطربت وهي تنظر إليه بعيونّ يغشاها النعاس : "ذياب "
وهمت بالنهوض وهي تحدق به بإبتسامه خجوله وخداها تتوهجان بالحمرة من جراءٍ نومها
أخفض ذياب بصره إلى الأسفل وهو يسحب أنفاسه المضطربه , ويقف متحركاً بخطواتٍ سريعة إلى الخارج
مسحت العرق المتصفد على جبينها متحركة بسرعة خلفه بدوار يكادُ يُفقد جسدها توزانه
ولحقت به إلى المنزل
****
" الجمعة"
تهالكت على المقعد متمتة بسيل من الشتائم , أنها تكره علياء ووالدتها اللتين تأتيان في كل جمعة لزيارة أم ذياب
والدة علياء دائما ما تنظر إليها بنظراتٍ مقيتة, وقحة , وكأنها مشمئزةٍ منها مستصغرة لها
مما يفقدها توازنها بموجاتٍ من الغضب العارم ...
إنها إنسانة طبيعية , إنها بنسب وحسب , لديها جواز سفر يحمل أسمها وأسم والداها بالكامل
صحيح أنها متبناه ولكنها ليست بلقيطة أو متشردة
حدقت بعلياء بغضب يتفجر كبركان ثائر
نظرات علياء لاتختلف عن والدتها أبداً ...
ضغطت تَرفه على شفتها السفلية حتى كادت الدماء تسيل منها
وهي ترى علياء تحدق بذياب بخجل يخالج عينيها
يا إلهي !!
كم تريد الآن القفز وضرب وتقطيع تلك العلياء التي تثير إشمئزازها
أحست بالغثيان يتصاعد إلى حنجرتها , لتصرفات علياء مع ذياب
تبا لها !!
إنها غير مناسبة لذياب أبداً
فالمعلمة علياء صحيح أنها جميلة جداً ولكن خبيثة , كريهة وتصرفاتها وقحة
دائماً ماكانت تلمح إلى أن تَرفه عاله وطفلة يتيمة غير مستساغه وفرد خاطىء في العائلة ... تذمها وتحاول بكل الطرق أبعادها عن ذياب
وتهزئها أمام رفيقات دراستها بشكل سيء
كيف لها أن تحتمل زواجها من ذياب أو وجودها في نفس المنزل
فذلك يجعلها تفقد كل ذرة من التعقل , سوف تجن إن أصبحت معها على سقف واحد
وتأخذ ذياب عنها بكل سهولة
فهي لن تسمح لها بذلك حتى ولو كان ذلك على جثتها
****
نظراتهما أخذت بالتشابك
تَرفه تحاول التدخل بين محداثتهم بكل الطرق , تتكلم مع ذياب الذي حضر منذ أقل من نصف ساعة
تبتسم , تتمايل بغنج كالطفله
ترمي علياء بنظراتٍ غاضبة , مستحقرة
لتردها علياء بنظراتٍ أوقح
إلى أن ذهب ذياب وكلا المرأتين المسنتين إلى الصلاة
وقفت علياء تعدل من عباءتها وصوت حذائها ذا الكعب العالي يصدر ضجيجاً ضاخباً وهي تتميل بمشيتها مقتربة من تَرفه
وقفت أمامها وهي ترشقها بنظرات كريهةٍ, متعاليةٍ ...
صلبت تَرفه جسدها وهي ترفع رآسها إلى الأعلى وإلى تلك الطويلة التي تمقتها
حركت علياء شفتيها بتعالي وهي ترمق تَرفه من أعلى رآسها إلى أخمص قدميها قائلةٍ بصوتها الحاد: "تلك النظرات لا أريد رؤيتها من فأرةٍ مثلك "
أحست بالآهانة وأتسعت حدقتا عينيها بأنفاس تكاد تتضارب فيما بينها ... فخرج صوتها غاضباً :
" من تظنين نفسكِ لتقولي لي فأره , ألزمي حدودكِ يا زرافه "
صرخت علياء بصوتٍ حاداً غاضب : " أحترمي الآكبر سناً منكِ يا لقيطة "
أمتقع وجهها بحمرة فاحمةٍ , أهتزت شفتيها بدموع تحاول حبسها , تشابكت أنفاسها بداخل رئتيها مانعة تنفسها ...
صرخت بصوتٍ متألم , غاضب : " لست لقيطة "
"بلى أنتِ لقيطة"
" لدي جواز سفر وصورة لآبي "
" من يعلم من الممكن أنه ليس بوالدك الحقيقي ومجرد كذبة اختلقتها"
جفلت ثم صرخت وصرخت
لم تحتمل تلك الكلمات الطاعنة والمخترقة لصدرها الممزقة لقلبها
تحركت يدها لتضرب علياء بكفٍ على وجهها تردد صداه
أستحال وجه علياء أبيضاً وهي ترفع كفها إلى خدها
أنفتحت عيناها على إتساعهما ونظراتها أصبحت مرتعبة بأنفاساً مختنقة
أنهالت علياء عليها بضرباتٍ على الوجه إلى أن احتدم الشجار فيما بينهما بجنون
تعالت الصيحات والصراخات وأشتدت القبضات على الشعر
سقطت تَرفه على الأرض وهي تبكي بحرقة وتتوعد علياء صارخة " سأخبر ذياب "
" سأخبره بكل شيءً عنك "
"سأجعله ينتقم منكِ"
"سأقول له أنكِ نعتني باللقيطة "
" ذياب يحبني وسوف لن يصمت لإهانتك لي "
وقفت أمامها وعينيها حمروتان من الدموع وهي تحاول منعهن من السقوط أكثر
تَرفه تغيضها
ذياب لن يكون الا لها هي
وتلك الطفلة اللقيطة لن تحصل عليه وسوف تبعدها عنه بشتى الطرق
تصاعد الغضب إلى حنجرتها وهي تصرخ
" ذياب سيتزوجني رغماً عنك"
" ما أنتِ الا لقيطة سيتخلص منها قريباً "
وضعت تَرفه كفيها على شفتيها في محاولةٍ لكتم شهقاتها والألم الذي بات يمزق وجهها وخلايا شعري رأسها
صرخت بهسترية عند سماعها لكلمات علياء الأخيره
" لن يتزوجكِ أبداً "
" لن أدعه يتزوج من أمرأةٍ مثلك"
" أنتِ لا تستحقين ذياب "
***
أضطجعت على فرشها وهي تصارع دموعها المنسكبة على وجنتيها
تشعر وكأن شيءً جاثماً على صدرها
تريد الصراخ والصراخ
تريد أن ترتمي في أحضان من يستطيع تخفيف أوجاع روحها
أنقلبت على الوسادة وهي تدعس وجهها بها وتجهش ببكاءً مرير
حتى أنهكها البكاء وجفت حنجرتها
مسحت مقليها بكفيها وهي تصارع آهاتها المنطلقة من صدرها عند سماعها لصوت باب غرفتها يدق
أمسكت بغطاء الرآس ولفته على رآسها
تحركت بخطوات تسابق بعضها عند سماعها لصوتِ ذياب المنادي لها
فتحت الباب وعينيها الحمروتان تحدقان به بحزن ملئ تقاسيم وجهها
تشتت نظره وهو يحملق بها
و ينقل بصره بين وجهها الحزين وعينيها الغرقتان بالدموع
حبس أنفاسه وهو يشعر بالخوف لمنظرها الذي هز جسده
بدأت الدموع تتجمع في عينيها منذرة بالهطول
لم تستطيع الصمود أكثر
أنطلقت لترتمي في أحضانه , غائصة في أعماقه كمحيط بلا قاع
لتبتل ملابسه بدموعها المنسكبة بأهات
مسح على رآسها وقلبه يكاد ينفطر من الآلم
رفعت وجهها ناحيته وهي تبتعد عنه
فهمس
" مابكِ؟ لماذا تبكين ؟"
" ولماذا رفضتي الغداء"
قوست شفتيها إلى الآسفل وهي تكتم شهقاتها ودموعها التي تهددها بالانهمار لمرةٍ أخرى
هزت رآسها وهي تقول
" لا أشتهي الطعام "
وترددت قبل أن تقول
" شعرتُ بالوحدة لهذا بكيت"
تمسكت بملابسه وهي تقوي من قبضتها عليها هامسةً
" لاتتركني أبداً "
" لا أستطيع تخيل حياتي من دونكِ"
أضطربت أنفاسه وهو يحدق بها بوجعٍ أرتسم على ملامح وجهه
أشاح بصره عنها وهو يربت على كتفها قائلاً " حسناً "
حدقت به وهي تحاول منع دموعها من الفيضان
" أرجوك ذياب "
"لا ..لآ تت ... تتزوج من علياء "
سلط أنظاره نحوها بأستغراب , ما الذي تقوله ؟
نقل بصره في ملامح وجهها الحزين , وعينيها تنظران إليه برجاء
" ومن قال أنني سأتزوج ؟"
اعتلت شفتيها إبتسامة أنارا وجهها بها , وهي ترفع كفيها ماسحة دموع المبللتِ لوجهها
أمسكت بيده وإبتسامتها تزدادُ أتساعاً : " أريد الذهاب إلى المطعم "
فتح عينيه وهو يحدق بها مستغرباً من تغير حالها المفاجأ , مما جعله يبتسم هو الأخر: "حسناً "
***
أرخت جسدها على مقعد السيارة , وهي حدق إلى خارج النافذة منتظرة ذياب الذي ذهب إلى بقالة محطة الوقود
أمدت كفها لتفتح الخزانة التي تقبع أمامها بينما أخذت أصابعها بنبش الأوراق التي تحتويها ... ليقع بصرها على سير ذاتيه ... نظرت عن كثب وإلى واحد تلوى الأخرى... أنهن لمجرمين ...
وضعت كفها على شفتيها بذعراً وهي تقرأ عن المجرمين المطلوبين للعداله
وقع نظرها على رجل ... يتراءى لها أنها تعرفه أو أنها قد رآته من قبل
أنها متأكدة انها قد رآته من قبل !!
حدقت عبر النافذة بسرعة , وهي تسمع صوت قفل السيارة يفتح وبسرعةٍ وضعت الورقه في حقيبتها وأعادة الأخريات إلى داخل الخزانة وأقفلتها بسرعة
خرجت أنفاسها مضطربة عند دخوله , نظرت إليه بإبتسامه وهو يعطيها قارورة المياه
*****
أختارت انواعاً شتىء من المأكولات وأخذت بأكل ملعقة ملعقه من كل واحده منهن مستمتعةً بوجبتها
بعد إنتهائهما من الطعام , أخذا بالسير في المجمع الكبير
هتفت ترفه " أريد الدخول إلى ذلك المحل وشراء بعض الملابس "
" حسناً أذهبي , ولا تخرجي منه لآنني سأذهب قليلاً وأعود إليك
تحركت تجول بنظرها بداخل المحل , تخطو بخطوات بطيئة من بين الملابس متأملة لكل واحدة منهن
أختارت لها فستانٍ باللون الفستقي
وضعت أصباعها على شفتيها متذكره ذياب , هي تريد شراء هدية ٍ له
مشت إلى قسم الرجال وأخذت بالنظر إلى الملابس التي هناك وإلى الأحذية والساعات
توقفت فجأة
لتعقد حاجبيها .... ذلك الرجل ؟؟
كان هناك رجل يقف على مقربةٍ منها , يقوم بتجربة أحد القمصان
أختنقت أنفاسها بجوفها وهي تهم بفتح حقيبتها وأخراج تلك الورقة التي تحملها
بالاضافة إلى محفظتها
بوجهاً خطف لونه .... عضت على شفتيها
غرقت عينيها بالدموع وهي تحدق به
عينيها أصبحت تتبعه إلى أن خرج من المحل ... بخطواتٍ سريعةٍ لحقت به
أمسكت حقيبتها أكثر والورقة التي باتت تعتصرها بين أناملها
دخلوا إلى زقاقاً مظلماً , ضيقٍ مابين المباني , أزدردت ريقها وازدادت ضربات قلبها جرياً
سوف تتبعه , مع أن ذلك خطير
ولكنه من الممكن أن يكون هو !!!
وقفت فجأة وقد فقدت أثره وأختفى عن نظرها كأنه لم يكن
شحب وجهها وأحتلهُ الرعب وبدأ جسدها يرتعد بعنف
صاحت بكل قوتها وهي تشعر بركلةٍ قويةٍ تلطمها من الخلف
سقطت على الأرض حتى كادت عظامها تتحطم
رفعت عينيها مذعورة وتخانقت أنفاسها بصدرهاا
أنقض عليها بعنف وأمسكها من عنقها حتى كادت تفقد أنفاسها
أنفتحت عينيها على اتساعهما وأكفهر وجهها بينما زمجر هو بغضب شديد
" من أنتِ , ولماذا تتبعينني؟؟"

نهاية المعانقة الثانية





بياض الصبح 03-04-12 02:29 PM


السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

صباح الخير و الرضا من الرحمن

ما شاء الله الاسلوب روعه .. يمكن اللغه الفصحى شوي غريبه على روايه

احداثها في الامارات بس اكيد روعه الاسلوب تسد عنها .. واصلي يا الغلا

.....................................

" ترفه "

اليتم صعب و خصوصأ انها شافت موت ابوها بعيونها هالشيء اكيد انطبع

بذاكرتها و لا يمكن تنساه و الاحساس اللي عاشته ولد عندها فكره الانتقام

.. بس هل بتستمر هالفكره لو عرفت ان ذياب هو القاتل ...¿ اتوقع هالشيء

بيكون عندها صدمه كبيره جدا مع تعلقها الغير مرحب فيه بذياب لانه مافي

اي رابط يجمعهم مع بعض .. لوله تصورت يكون ذياب متزوجها بس مع رفض

امه لوجودها غيرت رايي ... غيرتها من عليا احساس طبيعي لانه تحس بالتملك

لذياب أما فكره انه ابوها فاتوقع هالشيء كان بالصغر أما بسنها هذا فتفكيرها

أكيد اختلف ...

الشخص اللي لحقته في السوق معقولة يكون له صلة بموت ابوها أو كان

صديقه زمان .. و لا هي وين شافته إلا أنه صورته مطبوعه بذاكرتها .. الله

يستر عليها تهور كبير اللي سوته و يمكن هالشخص يعرف انه ذياب هو

القاتل و يعلمها ؟؟

.....................................
" ذياب"

عقده الذنب محتلته و تفكيره انه السبب الرئيسي في يتم ترفه مخليه يتقاضى

عن اشياء كثيره منها وجودها عندهم في البيت و تعلقها فيه بشكل كبير و خطر

عليها و خصوصا مع عمرها الصغير اللي ممكن يصور لها اشياء كثيره ...

..........

سلمتي يارب

..
..
..

صباالجنووب 03-04-12 10:48 PM

روعه مررره :55::55:تررفه مرره تحزن ..بجد...ذياااب احسن شي انه قررمايعترف لهابآنه هواللي قتل آبوها...

في انتظاارك....................................

شهدعبدالعزيز 05-04-12 09:45 PM

الروايه رائع بحق


ترفه ،،
امرها غريب ..! يحتاج الى تفسيرات كثيره واعتقد ان بعض التفسيرات معقده



علياء
شخصيه لم احبها ابدا



بانتظارك باكمالها فالروايه تستحق التكمله

سميتكم غلآي 22-04-12 04:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بياض الصبح (المشاركة 3053066)

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

صباح الخير و الرضا من الرحمن

ما شاء الله الاسلوب روعه .. يمكن اللغه الفصحى شوي غريبه على روايه

احداثها في الامارات بس اكيد روعه الاسلوب تسد عنها .. واصلي يا الغلا

.....................................

" ترفه "

اليتم صعب و خصوصأ انها شافت موت ابوها بعيونها هالشيء اكيد انطبع

بذاكرتها و لا يمكن تنساه و الاحساس اللي عاشته ولد عندها فكره الانتقام

.. بس هل بتستمر هالفكره لو عرفت ان ذياب هو القاتل ...¿ اتوقع هالشيء

بيكون عندها صدمه كبيره جدا مع تعلقها الغير مرحب فيه بذياب لانه مافي

اي رابط يجمعهم مع بعض .. لوله تصورت يكون ذياب متزوجها بس مع رفض

امه لوجودها غيرت رايي ... غيرتها من عليا احساس طبيعي لانه تحس بالتملك

لذياب أما فكره انه ابوها فاتوقع هالشيء كان بالصغر أما بسنها هذا فتفكيرها

أكيد اختلف ...

الشخص اللي لحقته في السوق معقولة يكون له صلة بموت ابوها أو كان

صديقه زمان .. و لا هي وين شافته إلا أنه صورته مطبوعه بذاكرتها .. الله

يستر عليها تهور كبير اللي سوته و يمكن هالشخص يعرف انه ذياب هو

القاتل و يعلمها ؟؟

.....................................
" ذياب"

عقده الذنب محتلته و تفكيره انه السبب الرئيسي في يتم ترفه مخليه يتقاضى

عن اشياء كثيره منها وجودها عندهم في البيت و تعلقها فيه بشكل كبير و خطر

عليها و خصوصا مع عمرها الصغير اللي ممكن يصور لها اشياء كثيره ...

..........

سلمتي يارب

..
..
..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكِ عزيزتي
اللغه الفصحى غريبة على الآمارات
أتدرين أنني أعشق الفصحى لحد الثماله منذ فكرت بالكتابة كنت أكتب بالفصحى
الفصحى لها طعم لذيذ أعشقه
أمممم
هل الاحداث في الامارات أولا
لن أقول لا ولن أقول أجل
فأنا أعيش هنا الا مكان الا زمان
اعيش عالمي بين حروفي فانا أعشق ذلك

بأسماء إماراتيه بحته ... فـــ ترفه أسم بدوي إماراتي ...
....
ذياب مربي ترفه
فتعلقها به امر طبيعي جدا بالنسبه لها فهو عالمها الوحيد والمتبقي لها , هو الملجأ هو الحنان الحب
هو العوض بعد فقدها لولدها فكيف لاتتعلق بمن أحتضنها وهي يتيمه ووحيده ليس لها ملجأ وهو أيضاً جعلها معتمده عليه وحده
عندما ينكشف الستار عن الحقيقة كيف سيكون الوضع , أكيد أنهيار لحد الموت
ألم لحد الطعن
ذلك الرجل سنعرفه في المعانقة الثالثه بأذن الله
.....
وجودها في بيته أمر طبيعي لشخص بمثل ذياب فكيف سيدعها بعد يتامها ,, فانا أعرف أناس أيتام أو غيرهم يعيشون في بيوت ناس أحتضنوهم ...
نعم فعقدة الذنب جعلته يتقاضى عن أمور كثيره جدا
ولكن ليس هنالك سبيل أخر لتكفير الذنب الآ هذا

عزيزتي أسعدني تواجدكِ

سميتكم غلآي 22-04-12 04:54 PM

لقد عدت إلى مقاعد الدراسة
ودراستي بحق صعبه جدا , لم أكن أعرف أن سأعود بسرعة وأنا أكتب أرواح متعانقة كنت أظن على السنه القادمه ولكن الله قدر ذلك .... فأسفه أن كنت ستأخر كثيرا في الفصول القادمه فاعذروني ... ولكنني سأضع الثالث قريبا

سميتكم غلآي 27-04-12 07:33 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صباالجنووب (المشاركة 3053514)
روعه مررره :55::55:تررفه مرره تحزن ..بجد...ذياااب احسن شي انه قررمايعترف لهابآنه هواللي قتل آبوها...

في انتظاارك....................................

أهلا وسهلا بك أختي العزيزه
وشكرا على تواجدكِ


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شهدعبدالعزيز (المشاركة 3056050)
الروايه رائع بحق


ترفه ،،
امرها غريب ..! يحتاج الى تفسيرات كثيره واعتقد ان بعض التفسيرات معقده



علياء
شخصيه لم احبها ابدا



بانتظارك باكمالها فالروايه تستحق التكمله

أهلا وسهلا بأختي شهد عبد العزيز

أن شاء الله بعض الاشياء ستتضح قريباً

ساكملها بأذن الله

أسعدني تواجدكِ أختي وشكرا لك

سميتكم غلآي 27-04-12 07:39 AM

المعانقة الثالثة



ضغط على عنقها بشدةٍ وهو يضرب بها على الجدار بكل قوته..
خرجت من جوفها صرخةً مذعورة
جسدها يتمزق، ينزف وهو يرص بقبضته عليها ويركلها برجله
أختنقت أنفاسها وأستحال وجهها أبيضاً وغارت عينيها بدموع تنهمر
تريد الصراخ , الإستنجاد
ولكنها لا تستطيع... فهي تشعر وكأن حنجرتها جفت وأحبالها الصوتيه تمزقت
طرحها أرضاً وهو ينهالُ عليها بركلاتٍ عنيفةٍ, و يزمجر صارخاً عليها بشتى الشتائم
أنخفض إلى الأسفل وأمسك بحقيبتها بينما هو يقوم بقلبها إلى الأسفل
سقطت محتوياتها أرضاً , متناثرةٍ مصدرةٍ صوتاً ضاخباً
بدأت أوصالها ترتعد خوفاً , وهي تنظر إلى الورقة التي خبأتها منذ لحظات بين طيات حقيبتها
أسترعت إنتباهه ورقة متشابكةٍ ببعضها , ليثني جذعه إلى الأسفل ملتقطاً إياها
ففتحها ونظر إلى مايحتويها بنظرات غاضبةٍ, ثائرةٍ
أتسعت حدقتا عينيه وهو ينظر إليها , صورةٍ له , معلومات عنه , خطاب للقبض عليه
أشتعل الغضب بلهيب في عينيه
ليركلها بكل قوته حتى صرخت بصوتٍ تمزقت بها حنجرتها , أحتضنت جسدها بوجعٍ يكاد يقطعها إلى أشلاء
أصبحت ترفس بشدةٍ من الآلم الذي يعتصرها ... دموعها تنزف, تشق سيلاً من الأمطار على خداها
جمع محتويات الحقيبةِ وإنخفض إلى الأسفل ومن ثم أمسكها من ياقتي عباءتها وهو يجرها بكل قوته لتقف
أنحبست أنفاسها برعب وقد جفت الدموع على وجنتيها
بينما زمجر هو بغضبِ تفجر كالقنبلةٍ الموقوتةٍ : لماذا لديكِ هذه الورقة ؟؟ من أرسلك لتتبعيني؟؟
رص على أسنانه بشدةٍ وهو يلطمها على وجهها حتى كاد فكها يتحطم ...
سقطت بعنفٍ على الأرض
جسدها يتمزق بضرباتٍ أهلكتها , لاتستطيع الحراك , حتى دموعها جفت وتشبثت في مقلتيها
أنفاسها تلاطمت ببعضها منحشرة في رئتيها , فتحت فاهها تنظر إليه وعينيها الصغيرتان تكادن تخرجان من محجرهما من شدة الرعب
***
فتحت عينيها لتجول بهما حول المكان الذي تقطن فيه بجسد يرتعد
مصابيح صغيرة تضيء زوايا حقيره
غرفة قديمة متصدية الجدران
تنتشر بين أنحائها الفوضى العارمة والقذارة
بالآضافة إلى الغبار والأتربه وبيوت العناكب المعششه
رائحة الدخان تنبثق من الرجل القابع في الزواية متكئ على أحد المقاعد
نفث من فمه أكواماً من الأدخنة المنبعثة من السيجارة المضغوطة بين أنامله
بينما هو يمد يده ليلتقط الحقيبة التي تقطن بجانبه , أخذ بنبشها ليقع نظره على محفظةٍ صغيرةٍ
ففتحها بعدم مبلاه
أنخطفت أنفاسه وتسارعت دقات قلبه , عندما وقع نظره على صورةٍ
أخرجها بسرعةٍ من المحفظة لتتلوها أخرى ألتقطها قبل أن تسقط , نظر إليهن عن كثب
فبدأ تركيزه يحتد ويشتد
صورة للزعيم " والده" مع أخته الطفلة المفقودة , والأخرى تحمل صورة الطفلة الصغيرة مع ذلك الرجل الذي قتل والده وسبب له عاهةٍ عقيمةٍ جعلتهُ أعرجاً
أتسعت حدقتا عينيه , لا يمكن آن تكون هي؟!
النار أشتعلت في جوفه وتأججت متفجرةٍ بداخله
وهو يلتفت لتلك الفتاة القابعة في الزواية والمكبلةٍ بالحبال ووجهها مملوء بالكدمات
ولكنها هي , فهي تشبهها !!
أيمكن أن تكون أخته ترفه ؟
أرتفعت أصابعه لتحل على صدغه ومن ثم لترتفع إلى شعره وأنامله تتخلله وبعنفٍ شد عليه
هو ليس بمصدق ؟!
يال الآقدار.... أيمكن أن تكون أخته ؟ ولكن مادخل ذلك الرجل ... إيمكن أنهُ ؟!
وقف وتحرك بخطواتٍ بطيئة بإتجاهها إلى أن وصل بجانبها , أخد يتأملها قبل أن ينخفض إلى الأسفل
ويهمس : تَـرفه!!
رفعت رآسها نحوه بسرعةٍ , أنخطفت أنفاسها وشفتيها باتتا ترتعشان بشدةٍ وهي تهمس بأعياء: أرجوك لا تضربني .
صمتت وهي تستعيد أنفاسها المسروقه وعينيها تتلألأ بدموع لتكمل بصوتٍ مرتعدٍ : أنه يؤلم !
أقترب منها ليحيط جسدها بذارعيه مضيفاً : يا أختاه !! أنتِ أختي ترفه , أهذا صحيح ؟؟ أخيراً وجدتكِ.
حدقت به مذهوله , فزعه , مذعوره ~
أبتعد عنها فيما همّ بإخراجِ شيئاً ما من محفظته , متقطع , متشابك ... ماداً يده به إلى ترفه
أحتلت الدهشة وجهها وهي تنظر إلى الصورة التي تلاشت معالمها تقريبا , كانت تحمل صورة رجل في منتصف العمر يحمل في أحضانه طفلة صغيرةٍ متمسكةٍ به, مع شاب مراهق مبتسم ملاصق لهم
أختقنت أنفاسها , وأكتست وجهها موجةٍ عارمةٍ من الدهشة ألجمتها عن النبس ببنت شفه
تجمدت الدموع في عينيها وهي تلتقط أنفاسها , وتنظر إلى الصورة ومابين ذلك الرجل القابع بجانبها
هازاً رآسه يأكد حقيقية ماتراه
سبحت الدموع في مقلتيها لتنحدر فائضةٍ, شاقةٍ على وجنتيها شلالاً من الدموع الحارقة
*****
تشابكت التعرجات على جبهته وتجهم وجهه والغضب بات يتفجر بداخل صدره وهو يحملق بوجهها وأنفها الصغير الذي أستحال كالشعلةٍ من الأحمرار , وعينيها اللتان لم تكفان عن ذرف الدموع
مسحت دموعها التي أغرقت وجهها بكفيها وهي تنقل نظراتها بين ملامح وجهه المشابه لوالدها
لم تصدق أنه هو حتى الأن !!
وأنها ترى أخيها الأن أمام عينيها
أترها حقيقة أم خيال ؟!
أرتسمت على شفتيها إبتسامه مختلطة بدموعها التي تأبى عن التوقف , فهتفت بصوتٍ أختنق مع أنفاسها : " علي , كيف عشت طوال تلك السنوات التي مضت ؟"
تعلق بصره بها وهو مكفهر الوجه, مقطب الحاجبين , متورم الاوردة
نطق بعد برهة من الزمن بصوتٍ راعد: " عشت متشرداً , عشت حياة الضايع , مفلس , ملاحق وكأنني مجرم "
صمت لثواني وزمجر بعدها بغاضباً تفجر كالبركان : " تباً , لمخربين حياتنا"
رص على أسنانه وهو يبحر في دهاليز أفكار لانهائيه
أحتقنت الدماء في وجهها وهي تنظر إليه وقد أنحشرت بداخل صدرها تيارات من المشاعر المتفجرة, الحاقده.. لتذكر ذلك المجرم الذي شتت عائلتها
زفرت ثم نطقت من بين أسنانها : " سحقاً له, سوف ننتقم منه في يوماً ما "
تشتت بصره بين فناية وجهها , وأفكاره تتصاعد ... أحقاً!! أنها لا تعرف !!
بغضبٍ عنيفٍ تسلل لخلايا جسده , مد يده بالصورة التي تحمل صورتها مع ذياب نحوها وقد بات يعتصرها بيده من قوة غضبه ...
صرخ بصوتٍ يشتد والغضب يتطاير من عينيه : " أنظري إليه , أنه ذلك القاتل , الحقير , المجرم "
أتسعت حدقتا عينيها وهالها ما تراه وتسمعه
تفجرت الدماء في عروقها , وتصلب جسدها بعينين جاحضتا , تحركت شفتيها بذهول: "أنت تكذب "
حركت رآسها تنفي قوله بإبتسامه خرجت من بين دموعها : " هذه صورة ذياب الذي رباني وعوضني , أنت مخطئ !!"
أزدردت ريقها مفكره
لماذا يفتري على ذياب !!
أكيد, أن الأمر أختلط عليه وأنه أخطأ بينه وبين شخصاً اخر
تحرك بسرعة ليدخل أصابعه في جلد كتفها ضاغطاً عليه بكل قوةٍ مزمجراً بغضبٍ شديد: "أنه هو , صدقتي أم أبيتي التصديق , هو قاتل والدنا , هو المجرم "
أنحفر الذعر على وجهها
حركت راسها بذهولٍ من تلك الجملة المجلجلة و تلاطمت أنفاسها بداخل رئتيها بتياراتٍ هوائيةٍ لآهثة
أنه يكذب , أنها لا تصدقه !!
تهالكت على الأرض بدموع تهوي على وجنتيها
لم يحرك منظرها بنفسه الأ مشاعر الخبث والحقد والكرهه
بينما هو يرص بقبضته على كتفها أضاف:
" نعم, أخذكِ ليربيكِ ويعتني بكِ, لكي يسهل عليه القبض عليه وقتلي مثلما قتل أبي , أستغلك من أجل قتلي وقتلكِ, فهو مجرم , ليس له قلب لا يهتم لآيٍ كان"
حرقت الدموع وجنتيها بصفعاتٍ متتالية على الوجه
مما أرغمها على تحريك جسدها إلى الخلف, وهي تحدق بأخيها بشفتين ترتعشان
كذب , كذب هي لن تصدق ما يقوله !!
وقفت وهي تصرخ بصوتٍ يرتعدُ بعنفاً: " كذب "
ألتقطت أنفاسها مضيفةٍ " ذياب لن يفعل شيئاً كهذا , أنت مخطئ !! من المستحيل أن يكون القاتل , ذياب سوف يقوم بمساعدتنا بالقبض على قاتل أبي "
زلزل الأرض من تحتها صارخاً بغضباً أفقده صوابه:" لقد أوهمكِ وخدعكِ , أنا رآيته بأمي عيني يقتل أبي برصاصة على رآسه , وكنتي أنتِ تبكين متشبثةٍ به, حينما كنت أنا أنزف بسبب الرصاصة التي أطلقها نحوي فيما كنت أهم بأنتشالك من بين يديه "

أتسعت حدقتا عيني بذهول حتى أستحال الكون يدور من حولي
ترآت أمام ناظري, ذكرياتٍ غابرةٍ غير واضحه, وكأن ذلك المشهد يعادُ مراراً وتكراراً
الدماء , الونين , الصراخ و الصراع ...
وضعت كفاي على أذناي وبت أصرخ
وأصرخ : لا اااا, لا اااااااا
أريده أن يصمت , لا أريد سماع المزيد
قلبي يتمزق , وروحي تكاد تنتزع , وعقلي يكاد يفقد رشده
أنه يكذب
يكذب
نعم يكذب
لن أصدقه , لن أصدقه أبداً
خررت على الأرض بشدةٍ حتى كدت أحطم عظامي
دموعي تهوي على وجنتي كجمرةٍ متقدةٍ , ونحيبي بدأ يرتفع لدرجة الآختناق
لا أريد أستعادة تلك الذكريات الموجعةِ
ولا أريد تخيل مايقوله
لآنه يهوي بي إلى القاع
يا إلهي أرجوك
أتمنى أن يكون مجرد كابوس , مثل كوابيسي الماضية
أستيقظ منه الأن
***

فتشتُ المتجر شبراً شبر , ولكنني لم أعثر على أثراً لها, إلى جانب أنها لا ترد على هاتفها النقال
أعتصر قلبي ألماً والآفكار تكادُ تحطم خلايا رآسي
إلى أين يمكن أن تذهب ؟! ولماذا لا ترد على هاتفها؟
أين أنتِ يا صغيرتي!! وإلى أين ذهبتي؟
لا تؤلمي قلبي , أني أكاد أموت عليكِ من شدة الرعب.
أنا السبب لماذا تركتها لوحدها
أيمكن أنه قد حصل لها أمر سيء ؟
أرجوك يا إلهي أرجع لي صغيرتي سالمه
أخذت بالسؤال عنها في كل المتاجر كالمجنون , وتكاد تتشققُ الآرض من تحتي لشدة رعبي
أحاول حبس دموعي التي تأبى الآ أن تكسر كل القواعد وتجري إلى مقر فنائها
عاوتُ الأتصال بهاتفها لمرةٍ ومرتين وثلاث
أنحبست أنفاسي لسماع زفير أنفاسها
أرخيت جسدي على أول مقعداً وقع نظري عليه , مغمضاً عيني بأنفاساً لاهثةٍ
نطقت وأنا ألتهم الهواء أتهاماً : "ترفه"
ردت بعد برهةً من الزمن " نعم"
قلتُ بصوتٍ يكاد يختنق من الخوف: " عزيزتي أين أنتِ ؟ وإلى أين ذهبتي ؟ لقد أخفتني فلقد بت أبحث عنك حتى فقدت الآمل بإيجادك"
أنصتُ لحشرجة أنفاسها المضطربة والمتلاطمةٍ
أزدردت ريقي , أنني أشعر أنه هنالك خطباً ما !!
وقفت مفزوعاً صارخاً :" ترفه ما بك؟ "
ردت بصوتٍ مرتجف : " لا شيء "
أني أعرفها جيداً , حتى بت أحفظ نغمة حنجرتها
أتسعت حدقتا عيني وخرج صوتي مرتعشاً : "مابكِ هل أصابكِ مكروه ؟وإلى أين ذهبتي ؟؟ أنطقي أرجوكِ لا تتركيني هكذا ؟؟"
" أني بخير ,لقــ دد ألتقيت بصديقتي مروى والآن أنا معــ ـها "
أرتجاف صوتها وبحيحه ؛ شنج جسدي ~
أختلاط الآصوات , وصراخ مزامير السيارات جعلني أسمعها تنطق بصوتٍ باكياً " ذياب "
كانت وكأنها تصرخ, تبكي, تتألم , تستنجد بي
" أني مع مروى لا تقلق علي " قالتها بسرعةٍ بينما تلاشى صدى صوتها
الهاتف لا يزال معلقاً على أذني , بينما لاذ الكون بالصمت الأ من فحيح أنفاسي المنحشرة في جوفي
وكأن الهواء قد توقف عن الوصل إلى رئتاي , بت محدقاً بالفراغ الذي يحوم حولي
مابه صوتها , أكانت تبكي ؟ هل حصل لها شيء عند صديقتها ؟
وكيف التقت بها ولم تخبرني ؟
تهالكتُ وأسندت ُجسدي على المقعد مغمضاً عيني
وزخات العرق تبلل جسدي
تعبت , مرضت , كدت أفقد عقلي من الخوف عليها
*****

أسندت مرفقي على رجلي ووجهي إلى راحتي لتتغلب الدموع على الجفون ولتنحدر وتنجرف على الخداين
أريد تكذيبه وفي نفس الوقت أكاد أصدقه !!
وها أنا الأن معتكفةٍ في غرفتي الخرساء منذ ما يقارب الساعتين
طأطأت رأسي بغصاتٍ أليمة تكاد تمزق قلبي
أريد الصراخ والبكاء حتى يجف حلقي
أشعر أنني سأنفجر من الآهات المكبوتة في صدري
أني فزعة ,مرتعدة وأكاد أصاب بالجنون من حقيقة أن يكون القاتل
يجب عليه أن أستفسر منه, يجب عليه أن أعرف الحقيقة الآن!!
تحركت كفاي لتمسح الدموع التي بللت وجهي وخطت مساراً قاني حتى ذقني
أرتسمت على شفتي إبتسامةٍ باهتةٍ, أني موقنةً أنه ليس بالقاتل
وأن "علي " قد أختلط الآمر عليه, أو أنه قد يكذب!!
ولكن لماذا كان يكذب عليه بهذا الشكل ؟
أرتفعت أناملي إلى خصلات شعري حتى بت أجره , يا إلهي لا أستطيع التحمل أكثر.
وقفت منتصبة , وخطوت بخطواتٍ بطيئة نحو الباب لآفتحه وأخرج مهروله
ذراة الهواء تصطدم بوجهي بصفعاتٍ خادشةٍ , موجعةٍ
الجدران تكاد ترتطم بي وتطرحني أرضاً
ركضت حتى وصلت إلى الطابق السفلي وإلى غرفة المكتب وفتحتها على مصرعيها
وقفت وأنا ألتهم الهواء التهاماً بتياراتٍ هوائيةٍ لآهثةً
أحدق به وعيني تقيد عيناه
وقف وقد إضمحلت إبتسامته المرتسمه على شفتيه
هوت نظراتي أرضاً وأنا أقاوم تلك المشاعر التي طفت وأجتاحت الذاكره
دموعي تكاد تقفز من مقلتاي سابحةٍ على وجنتي
سحبتُ أنفاسي لآرفع نظري إليه , حزينه , متألمة , موجوعه
أنحفر الذعر على وجهه وهو يسبح بين فناية وجهي
أحتقنت الدماء في وجهي حتى بت أكتم أناتِ المتلاحقة
نطق وقد أكتست وجهه تقطيبة خوف : " ترفه , ما هذا الذي على وجهك ؟ وما هذه الكدمات ؟"
حبس أنفاسه وهو يكمل صارخاً "من الذي فعل بكِ هذا ؟؟؟ "
أتسعت حدقتا عينيه وهو يضيف : "أن وجهكِ متورد ومضروب ,وأنفكِ يرشح والدماء ملتصقة به ؟ "
رفع يديه إلى شعره وهو يشده بأنامله بتوتر: "يا إلهي !! "
وضعت كفي على فمي في محاولة لكتم العطسة التي أجتاحتني , ومسح أنفي الذي ينزف .
أكاد أفقد توازني الآن , هل أنا مريضة ؟ لم أشعر بذلك !!
خرجت أنفاسه لآهثة وهو يصرخ : " من فعل بك هذا ؟؟ ترفه أكاد أصاب بالجنون ما الذي حصل لك؟"
أبتلعت الآهات المنبثقة من صدري بعيون دامعةٍ, وجسداً مرتجف
أغرقت عيني بالدموع وسقطت تحرق مسارها
أنفاسي تحشرجت في جوفي وأنا أهمس : " ذياب "
صرخت بصوتٍ باكي " ذياااب"
"من"
"هو "
"قاتل أبي"
*****

تجمدت أطرافي, وتوقف الدم عن الوصول إلى أوردة فؤادي
تسارعت نبضات قلبي حتى بت أختنق من تصارع أنفاسي
حدقت بي مثيرة بنظراتها تنهدات الآسى في أعماق صدري
مستقطرة دموع الآلم و المرارة من أجفاني
لم أستطع النطق , ماذا اقول لها ؟؟ أأقول لها أنه أنا , من المستحيل أن يحصل هذا!!
أرجوك يا طفلتي الحبيبية أرحمني , أرفقي بحالي !!
أستحال وجهها أبيضاً حتى ترنحت وكادت تقع أرضاً الأ أنها تشبثت بالجدار الذي يسكن خلفها
أقتربت منها مسرعاً
ولكنها صرخت وصرخت
جفلتُ
وألجمت المفأجأة لساني حتى بت محدقاً بها, بذهول !!
هوت أرضاً وأجهشت ببكاءٍ مرير حتى بح صوتها
هالني منظرها وسرت بجسدي تيارات كهربائية صادمه, فصرخت :" ترفه "
طفت على عينيها سحابة من الدموع وهي تهمس
" أنت قاتل أبي "


صباالجنووب 27-04-12 10:50 PM

مــــــــــــــــــبدعه ..............



يااااااااااااااااااااااااااه من وين خرررررررررررج علي لها دحييييييييييييييين ومن اعطاها الوورقه .......

غمووووووووووووووووض في البارت .........كيف راح يتصررررررررررررف ذياااااااااااااااااااااااب



في انتظااااااااااااااااااااارك

سميتكم غلآي 29-04-12 04:04 PM

صبا الجنوب شكرا على مرورك العذب يا عزيزتي
وشكرا لك على كلماتكِ

سميتكم غلآي 29-04-12 04:16 PM

كالعادة لا أرى الردود هنا
بحق شيء محبط
في الماضيه التي انهيتها منذ فتره لسيت بطويله
بحق كانت الردود بمنتهى الاحباط
وها هي هذي الآن تسير على خطى صديقتها
لا تجعلوني أندم
بحق فكل مرة أشعر بالندم
لماذا أضعها ولا ألقى أي أهتمام
هل أنا وضعتها لنفسي
وكأنني أكتب مجرد خرابيش لا تثير الاهتمام
بل تزيدني احباطاً عند مروري على ليلاس
نعم كنت واثقه أن ليلاس سيعطني الاهتمام
بعد الآولى التي وضعتها والتي بتدأ بالجحـيـــ
كنت قد قررت أن اكملها واضعها هنا بعد هذه لانها لقت أهتمام
ولكن الآن أظن انها ستأخذ نفس المنوال
فالآفضل أن لا أتعب نفسي
أستنزف أيامي وطاقتي ولا أكذب عليكم فدراستي من المجالات الطبيه وصعبه جدا
أعذروني فلقد تعبت من الكبت والصمت
أن استمر الوضع هاكذا ماذا افعل بحق
وشكرا

بياض الصبح 29-04-12 07:22 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مساء الخير و الرضا من الرحمن

غلاي .. اعلمي ان الاستسلام اول خطوات الفشل المحتم .. قﻵتي الكتابه لانج هاويه تخطت مراحل الخربشات بكثير

ﻷابداع و اتقان فن الحرف و رسم مساره .. اذن استمري للنهايه .. لنفسج اولا .. لاثبات انها تسكن في جسد كاتبة

مبدعه .. اما القراء .. كوني على ثقه ان راوا احباط الكاتب اذن لماذا يخطفوا من اوقاتهم للمرور على الارواح المتعانقه

استمري ﻷنهايه من اجل سميتكم غلاي و من اجل المشاهدين و من اجل القراء ...

.........................
"ترفه"

تلقت صدمه كبيره بمعرفتها انه ذياب هو القاتل اتوقع انها مازال بين التصديق و التكذيب

لو انها تميل للتكذيب اكثر .. لان هالشيء يعتبر ضربه قاسيه لها حيل .. و لكن فضولها

و استعجالها هو اللي كشف لها الحقيقه .يمكن وجه علي مو غريب عليها عشان جذي

القته ... طبعا هالموقف جدا قاسي عليها و خصوصا و هي معتبره ذياب كل حياتها و

متامله انه هو اللي بيكشف قاتل ابوها ...

...........................
"علي"

سبحان الله ما ارتحت له احسه خليث و مجرم .يعني هذا الشبل من ذاك الاسد و اتوقع

انه ماشي على درب ابوه في الاجرام .. مدري معقوله يكون اخوها و لا مجرد لعبه و

الصور مزيفه او مفبركه ...

.............................
"ذياب"

موقف صعب انه يكون تحت وقع انكشاف الحقيقه و الاصعب هو الجرم و السر اللي

انكشف .. اتوقع راح يتصرف و ينفي هالتهمه عن نفسه عشان ترفه بس .. حتى ما يصير

فيها شيء ...

...................
سلمتي يارب

بالتوفيق

..
..
..

Rayma 29-04-12 07:41 PM

سميتكم غلاي يعطيك العافيه عروايتك الروعه والله انا معك من خلف الكواليس انتظر بارتاتك على أحر من الجمر بس الظروف وتابعتك في روايتك السابقه فلا تيأسي يالغاليه فنحن معك على الدوام

انتظر البارت على نار بعرف ردة فعل ذياب لما قالت ترفه انت قاتل ابي , وعندي توقع صغنن ان تروفه تتزوج ذياب ويحاول يعوضها عن قتل والدها وشكرا

سميتكم غلآي 06-05-12 03:15 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعذروني أحبتي

فبسبب دراستي أصبح الوضع صعباً جدا جدا

بت غير قادرة على التركيز على الكتابة أو على الدراسة

فأصبحت مشتت والضغط النفسي بدأ يفتك بي

اليوم جئت أخبركم انني سأتوقف عن طرح الفصول إلى عدت أشهر

فالحقيقة سوف أنهي الفصل الدراسي على أخر شهر سبعة ...

أو أعود بعد كتابة فصل جديد ولكن قد أتأخر

وسأعود بعدها أن شاء الله وسأنتظم بأذن الله في أنازل الفصول

أن أطال الله في عمري إلى ذلك الوقت ...

وشكرا لكم


بياض الصبح 06-05-12 03:49 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مساء الخير و الرضا من الرحمن


تغلق الروايه بطلب من الكاتبة

بالتوفيق غلاي و ترجعين على خير يارب


..
..
..

عذرا ياقلب 18-07-12 08:56 AM

تفتح بطلب من الكاتبه نورتينا

سميتكم غلآي 18-07-12 10:28 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسفة على تأخري الكثير عليكم الحمدالله انهيت الكورس وأن شاء الله تكون النتيجة مرضية ^_^

لن اتأخر اليوم سأضع المعانقة الرابعة بأذن الله

سميتكم غلآي 18-07-12 10:47 AM

المعانقة الرابعة

" أنت قاتل أبي "

جفل فؤادي وأرتعدت أوصالي
أنحبست أنفاسي بداخل صدري وأنا أحدق بها
بت غير قادراً على الحراك , وأكاد أسقط
في شفيرة هاوية مظلمة موحشة ليس لها قاع
دموعها , أنينها , نحيبها , أختناق أنفاسها
جمد الدم في أوردتي
وأفقَدَ جسدي إتزانه
هويتُ أرضاً
من هول المفاجأة
ومن هول الحقيقة
بُهِتُ وصُعِقتُ وقيدتْ الحقيقة قلبي بسلاسل من لهب
صمتت,محدقةً بي وأجفانها مكتنفة بغلافٍ من الدموع
وهي تراني جاثماً بجانبها أحاول حبس دموعي المراقه
عضت شفتها السفلية حتى تمزقت ونزفت بالدماء
قفصها الصدري يتصاعد ومن ثم يهبط سريعاً
لا يسمع منه الا هدير أنفاسها المتلاطمةِ
رفعت كفيها هائجةً لتهبط بهما على الأرض مزلزلةً ماتحتها
صارخةً , ناحبةً
هزت الآوجاع جسدي حتى بات يرتعش بغصاتٍ موجعه
تركزت عيناي عليها بضباب يكسوها وبمرور تموجاتٍ هوائية منقبضةٍ من رئتي
صمت
حتى بات الصمت أصعب من الكلام
عتَقَ لساني فتكلمت :
" إنــــي"
" أســــف"
تحشرجت أنفاسي بجوفي حتى بت أختنق بها
أرتفعت أناملي إلى خصلات شعري وبحت لها بصوتٍ مبحوح
" تَــرفه "
" سامحيني أرجوكِ"
" لقد كان خطأً غير مقصود , لم أكن لأقتله إن أتبع أوامري "
أبتلعتُ أنفاسي المرتعشة مضيفاً :" كان من الممكن أن أُقتل "
أمام سكوتها المفاجئ وإتساع حدقي عينيها اللتان تفيضان بالدموع
نظرت إليها بعيون تقطر حزناً , ألماً , مرارة
أضفتُ فيما حركت كفيّ إلى الأعلى
" سأفعل أي شيء تريدينهُ "
أهتز صوتي بموجاتٍ عنيفة
فيما طعنات الخناجر المسمومة تكاد تخترق صدري
" أعرف أن الذي فعلته لا يغتفر "
" ولكنني أسف"
" أسف , أسف "
"أرجوكِ أغفري لي "
همست بهمساتٍ أخترقت طبلة أذني وأوجعت روحي
" لماذا!!"
" لماذا!! "
وضعت كفيها على أذنيها وباتت تصرخ
" كــذب, كــــــذب"
أهتز جسدها الصغير مع نزول كفيها إلى الأرض
وكأنها تحاول التشبث بالأرض التي تقطن تحتها ملتجأةً إليها
وعينيها تجرف دمعة تلو الأخرى
تابعت تمتماتها بأنفاسٍ مختنقةٍ وكفيها ترتطمان بقبضة على الأرض
" لماذا!! لماذاا"
صارخةً تارةً , بايكةً أخرى
ملتقطةً لأنفاسها الهاربة المتبخرة
حتى إستحال وجهها زرقةً قامته
أنهارت أرضاً مختقنةً ودموعها تبصم وجهها بخطوطٍ قانيةٍ متعوجة
أنقطعت أنفاسي من شدة الرعب فهويتُ بجانبها صارخاً بجنون
ممسكاً بجسدها النحيل الخامد وكأن روحها إتنزعت منه هاربةً من الأوجاع
" ترفه , مابكِ ؟ ترفه أستيقظي أرجوكِ"
أستحال الكون أسوداً من حولي
أنجرفت دمعةً تجر ورائها سيلاً من الدموع
حارقةٍ لقلبي , لاكمةً لوجهي
غطت عيني ستائر الظلام وانقطعت التيارات الهوائية عن الوصل إلى أوردة فؤادي
فأصبحت خالي الجوف منزوع الروح
وياليتني أكون مدفوناً تحت أطباق الثرى
صحتُ حتى تقطعت حنجرتي, مناجياً بأسمها
وكفاي ترتطمان بوجنتيها بصفعاتٍ متتاليةٍ
لماذا !!
لماذا , علمت بالحقيقة المدفونة
لماذا يحدث هذا !!
يا إلهي أرجوك أرحمني
أنتشلني صوتٍ خافت مرتعب من عالمٍ تكاد فيه الأرض تتشقق مبتلعةً إياي
ترآت صورة أمي أمام أشعة ضوء المصباح المنبعث من باب الغرفة المفتوح
بتجاعيد تشق وجهها بإنحائات متعوجةٍ منثنيةٍ
صاحت أمي " مابها الفتاة؟ "
بكيتُ مذعوراً " لا أعرف يا أمي "
" لا أعرف"
صرخت ودموعي تتساقط إلى وجهها الخالي من الحياة
"تـرفه أستيقطي أرجوكِ , لا تذهبي عني "


***

جو من الكآبة يحل على ذلك المكان العفن والمتراكم بالغبار
صورة ذياب المبتسم الناظر إليه وهو يقف أمام الباب متكىء عليه
أبي المرتعش والدماء تقطر منه
والذي يهمس بفحيحاً حاراً حارق : "أنه هو !!"
" القاتل"
هززت رأسي , في محاولة لتكذيب مايقوله أبي
محدقةً في ذياب
أنحفر الذعر على وجهي وأنا أراه يصوب بالمسدس نحوي
أزدادت ضربات قلبي جرياً ,حتى بت أرتعش فزعةً , مرتعبةً
لم يكن ذياب إنما شخص أخر مكشر عن إبتسامة مرعبةٍ , سوداء , مظلمة تحاول أفتراسي
هويتُ أرضًا وصحتُ حتى تقطعت أحبالي الصوتية
فصوتي أبى أن يخرج
وكأنني أصبحت خرساء, بكماء , صماء
بات السكون أشبه بصراخ القبور
أهتزت أوتار حنجرتي من شدة الصراخ الصامت
أستيقظت مذعورة , مرتجفةً وزخات العرق تبلل جسدي
أرتفعت كفاي لتحطان على وجهي ماسحة إياه
لأجهش ببكاءٍ مرير
أنه مجرد كابوس , ما بي!!
ولكن !!
" علي"
يا إلهي أرجوك
صوتُ أنفاسٍ خافتةٍ متراكضةٍ وصلت إلى مسامعي
رفعت بصري إلى أرجاء الغرفة
كانت الغرفة شبه ما تكون غارقة في الظلام والسكون
همست :" أمــي "
كانت أم ذياب مضطجعةً على المقعد القاطن بجانب سريري
ورآسها يتأرجح كأرجوحةٍ تحركها الرياح بكل أريحيه
أصواتُ أنفاسها تزداد ثم تنخفض بنخيراً صامت
أتسعتا حدقتا عيني هولاً
لتذكري " تلك الفاجعة "
أنطلقت من جوفي صرخة مخنوقة , وغزت الدموع جفني
رفعت كفي إلى شفتي في محاولة لكتم صيحات حنجرتي وضجيج روحي
" لا أريد التصديق ولا الإستيعاب "
لماذا , يكون هو
ما الذي سأفعلة الآن

صوت أمي الخافت المنادي لي , زاد من أنحدار وفيضان وشق دموعي لوجنتي وإنحباس شهقاتي التي تأبى إلا أن تخنق رئتيّ وتقتل روحي
جاني صوتها الخائف المهتز بتردادت تكاد تخترق طبلة أذني مفجرةً إياها
" أبنتي أأنتِ بخير "
هززت رأسي ململةً رماد روحي المحروقة
أختنقت أنفاسي وتقلص جوفي مع خروجها من غرفتي
أنهرت على فراشي صائحةٍ , باكيةٍ
حتى كادت تتشقق وتتقطع عيني وتنزف قطرات الدم وتنجرف إلى قعر بحيرة دموية موحلة
" لماذا يكون هو "
يالتني مت قبل أن أعرف هذا
يايلتني لم أكتشف هذه الحقيقة ولم ألتقي بعلي
غطت أجفاني مقلتاي وطيف ذكرياتٍ ضبابية أجتاحت خلايا العصبية مرسلة تذبذات كهربائية إلى عقلي
أقسمت إلى أبي طوال سنيني الماضية أن أقتل قاتله أو أن أنتقم منه
أن أثأر لهُ بأية طريقة
أرتفعت كفاي لتحتضن جسدي وكلمات علي تتشاجر في ذهني بضجيج يكاد يرمني أرضاً
" أقتليه , أنتقمي لأبي منه "
زحفت كفي إلى مايقع في خزانة سريري , ففتحتها مخرجة
ذلك الخنجر الذي أعطاني إياه علي قبل أن يوصلني إلى المنزل
يريدني أن أطعن ذياب به وأرديه صريعاً , وأهرب فيما بعد إليه لنعيش بسعادة
ولكن كيف لي أن أقتل ذياب! من أين لي بالسعادة ! لو كان غيره لما ترددت لثانية واحدة
ولكنه ذياب " ذياب الذي أحبه "
نعم أحبه " لأنه حياتي , لأنها لاتوجد حياة من دونه "
أرتفعت أصابعي إلى خصلات شعري وأنا أهزه رأسي بحركةٍ متواصلةٍ , لا!!
أنه قاتل أبي , ولقد أستغلني, يجب عليه قتله مثلما قال علي
لآنه عدونا وقاتل أبي
قاتل أبي
أرتفع هدير أنفاسي مع أختناقها بداخل صدري
تدفقت دموعي ممطرةٍ على وجنتي شلالاً من الدموع المتمردة
هوى رأسي على وسادتي لأبكي بتهيج , بكآبةٍ , بتعاسة
****
مرت الأيام طامسة بأقدامها رسوم تلك الأعوام , ناثرةً رماد أغصان تلك الذكريات
أرتفع رآسي عن الوسادة بعد نومي المتقطع الذي بت أعيش عليه
جلست على سريري محتضنة جسدي وعيني تتجولان في الغرفة العابسة ,المظلمة ,الكئيبة
أستحالت الحياة كحبس في زنزانة ضيقةٍ تكسوها خيوط العناكب ولا يسمع من جوانبها إلا دبيب الحشرات
وكأن هذه الزنزانة مع مرور الأيام تزداد ضيقاً وتنكمش على بعضها , مشققةً جدرانها المتصدية حابسةً أنفاس حياة القاطنين ..
أصبحت غير قادرة على بلع لقمةٍ واحدة لأيامٍ عديدة, حتى أستحال وجهي أصفراً وتهالك جسدي بعظام تكاد تشقق مايغطي سطحها ..
تحركتُ بخطواتٍ تكاد ترميني أرضاً, وخرجت من غرفتي ومن المنزل في ليل يغطيه ضوء القمر
متخطيةٍ ذلك الحاجز الذي يفصلني عن الأسطبل ... أرتميت إليها بايكةً ودموعي تفيض بحرقة جارفةٍ أفراحي وأمالي الزائفة , وإبتسامتي التي طمرت بين الأقدام ... تشبثتُ بها مناديه :" دانه أني متعبة,
دانه أني خائفة , أكاد أموت , أكاد أدهس بين العجلات, لماذا يكون ذياب!! .. أتمنى أن يكون مجرد حلم أستيقظ منه الأن , إن كانت حقيقة فأنا لا أريد أن أعيشها, دانه... أرجوكِ أسعفيني "
أحاطت ذراعي برقبتها حتى بت أعتصرها آملة أن أدخلها إلى جسدي , أن أشعر بالحنان ,أن أروي عطش روحي المراقة , بحنجرةٍ تنتحب وتكادُ تتشقق من شح المياة ...
رميت جسدي بجانب المهرة الصغيرة النائمة وأخرجت الخنجر من بين ملابسي نظرت إليه بعينين تجرفان الدموع ... أأقتله... لكي أريح أبي في قبره ... وأزهق روح قلبي ...
أسندت جسدي على الجدار الخشبي ودموعي تنحدر من مقلتي مبللةً كتفي بحرارة لاسعةٍ
لا أستطيع........ كيف لي أن أقتله !!!
همست نفسي " أقتليه أنه قاتل والدك , مزهق روحه بدون ذنب, أنه مجرم , قاتل , لايحمل ضميراً "
أرتفعت كفي إلى وجهي ماسحة دموعي الساخنة البذخة ... تقوست شفتي إلى الأسفل وأنا أحدق بدانه هامسة : قلبي يؤلمني !!
أنحبست أنفاسي بداخل صدري عند رؤيته يقف أمام الباب, فعانقة عيني عينيه غامرة قلبي بأوجاعاً وبغصاتٍ تعلقت في حنجرتي ..
حركت جسدي إلى الخلف إلى أن إلتصقتُ بالجدار , أرتعشت شفتي المقوستان إلى الأسفل بدموع تكاد تفيض من مقلتي ... لمعت عيناه متشحةً بضباب الزوال وظلمة الليل ... وقد أصطبغ الجلد الذي يقع تحت عينيه بلونٍ داكن .. ذلك الوجه الوسيم الحنون بدا شاحباً متألماً..
نطق بإسمي بسكينة الدجى وصفائح الغم والهم تكسوى وجهه:" تـرفه "
أغمضت عيني بتصادم أنفاسي الأهثة بجوفي الزوال
وصرخت : " لااا "
رفعت وجهي إليه بعينين دامعتان وأنطلقت من جوفي سيول من الكلمات المخنوقة : " أرجوك أصمت لا أريد سماع المزيد ... أجل أنت قاتل أبي لقد قلتها لي "... أزدادت حدة صوتي : "ولا أريد سماعها لمرة أخرى أبدا "
أنحفر الذعر على وجهه وهو يحدق بي بعيون متلألأة
أبتلعت أنفاسي صارخة بشدة حتى تقطعت أحبالي الصوتية : " أيها القاتل لا أريد رؤية وجهك أبداً "
أخفضت رأسي إلى الأسفل لتفيض الدموع من مقلتي ثم تنحدر غامرة وجنتي بسيولٍ من الدموع الساخنة .
جائتني همساته الحانية , المتعبة والمتألمة : " تـرفه , ما الذي يجب عليه فعله ؟! أعرف أنه ليس هنالك حل ولكن أرجوكِ لاتفعلي بنفسكِ هاكذا , لا تزهقي روحكِ , لا تؤلمي قلبكِ, لا تتعبي جسدكِ , أرجوكِ لاتعذبني بتعذيب روحك , سأفعل كل الذي تريدنه ولكن كفي عن هذا !!"
أرتفعت كفاي إلى شعر رأسي المكشوف والمنتشر حول وجهي , إني متعبة , وأكاد أموت من الطعنات التي تخترق صدري ...أمسكت بالخنجر ونهضت رافعةً إياهُ أمام وجهي ...
أتسعت حدقتا عيني وتطاير الغضب منهما
صرخت بجنون " سأقتلك نعم سأقتلك أنتقاماً لأبي "


نهاية المعانقة الرابعة

سميتكم غلآي 19-07-12 11:49 AM

أتمنــى رؤية ردودكم !!!

سميتكم غلآي 22-07-12 02:29 AM

المعانقة الخامسة


أعتصر قلبي مرارة , لرؤيتها تقترب مني ودموعها تترقرق في مقليها
وكفها ممسكةٌ بالخنجر الحاد رافعةً إياه أمام وجهها
لم أبرح مكاني , تشبثت قدماي بالأرض منتظرة مصير روحي
أقتربت منى حتى توقفت قبالتي , بخيال إبتسامة وروح موجعة
أرتعشت شفتيها المتشقّتان بشدة وفاضة الدموع منزلقة على وجنتيها المتوردتين
وتراخت كفها بالخنجر إلى أن بدأت ذراعها ترتجف
تنحى الخنجر عن كفها ليقع على الأرض مرتجاً مصدراً ضوضاء ً
سقطت ذراعيها بجانبها محملقة بي بتعاسةٍ تكسوى وجهها
زفرت نفساً عابقاً بحرارة أنفاسي المتلهبة بداخل صدري
أنسكبت الدموع من مقليها وهي تقترب مني لترتمي في أحضاني ناحبة متشبثةً بي
بإرتجاف جسدها وعويل حنجرتها .. لترتفع كفيها نحو صدري ضاربة إياه
بقيت ذراعي بجانبي .. أستمع إلي صيحاتها وزفراتها المنطلقة من قعر صدرها
إلى أن هدأت
رفعت وجهها عن صدري محدقة بي
بدموعاً تترقرق في عينيها كقطرات الندى المتشبثة على أسطح أورق الريحان
أزدرت ريقها مبتعدة عني مستنشقة عبير أنفاسها اللاهثة
عانقت ذراعيها جسدها وهمست بصوتاً تلاطم مع أنفاسها المرهقة : " أرجوك دعني وحدي لا أريد رؤيتك"
عيناي تحدقان بها , وليست لدي المقدرة على إحتوائها
تخفيف ألمها ... ترجي قلبها على مسامحتي
لم يكن مني الا أن أعطيتها ظهري خارجاً , مشيتُ وأنا أجر قدميّ جراً
أنظر أمامي بحاجبين منعقدين وعينين تغطيهما الحمره
تصادمت أسناني بداخل فمي
ليس هنالك أي حل!! أنا أعرف هذا !! كنتُ أعرف أنها إذا علمت بالحقيقة فسوف تنهار
وستصبح هكذا !
يا إلهي ,أرجوك أنني لا أقوى على رؤيتها بهذا الحال !!
دخلت إلى غرفة مكتبي والضيق يكاد يخنق ذراة الهواء حولي
رميت بجسدي المرهق على المعقد
أنحشرت أناملي بين خصلات شعري حتى بت أعتصرها بتوترٍ هز جسدي
أشعر بأن روحي قد فاضت بإنسحاق قلبي
وبرغبةِ في الحياة قد أنمحت
عينيّ تحدقان في جدران غرفة المكتب المتجهمةِ بوجه أريقت دمائه
تحركت كفيّ لتلامس الطاولة القابعةَ أمامي بأنامل تضغط عليها
خطر ببالي " مروان " ذلك القريب والصديق الحنون المقرب من القلب
الذي يطبطب على كتفي متى حزنت
ملجئي عند المصائب
مسكني عند الضياع
يداوي القلب من الجروح
أخرجت الهاتف النقال من جيبي باحثاً عن أسمه ضاغطاً على زر الأتصال به
مجرد ثواني قليله
لأسمع بعدها ذلك الصوت المرح المعانق للروح وهو يهتف " مرحبا "
زفرتُ نفساً متزاحماً بذرات ثاني أكسيد الكربون
تجعد جبيني فهمست بعينين حبستا الدموع " مـروان "
أكتست نبرة صوت مروان الخوف وهو يقول " ذياب ما بك!! "
تنهدت وأنا أشعر بالأختناق وهدير أنفاسي المتعبة تخيط على صدري أنوالاً متشابكةِ
أرتفعت كفي اليسرى إلى أزرار ثوبي محررت عنقي
خرج صوتي مبحوحاً تحيطهُ موجات ألالأم " لقد علمت بالحقيقة "
أبتعلت ذراة الهواء " مروان أكاد أهلك "
حركت جسدي إلى الخلف مرتطماً بالمقعد فيما أنغرزت أظفاري في جلده فصحت بصوت متألم : " أكاد أفقد عقلي , لا أستطيع العيش بعد اليوم ورؤيتها هكذا , إن كان غليل روحها هو موتي "

ألتهمتُ ذرات الهواء بصعوبة فيما زادة نبرة صوتي شدة " إن كان هو سأموت من أجلها , لستُ أبالي بنفسي إن كانت ستعيش بسعادة فأنا سأموت من أجلها "


***
عقد ذراعيه أمام صدره ناظراً إلى الحاسوب بعينين تلتهما تلك الأحراف
تجعد جبينه وتورمت أوردته بإنعقاد حاجباه الطويلان
وبمرور شبه إبتسامة على شفتيه الرفيعتين
تجهم ذلك الوجه الوسيم خاطف الأنفاس
بعينين متسعتين صافيتين كلالؤلؤ بسواد ليل حاك يغطي وسطها
صاح بصوت أهتزت بها أجساد طلاب الطب الذين يقعون تحت أمرته : ما هذاااا!!!!
قاسي , متقلب المزاج , مغرور , متعجرف
وقف " عامر " يحدق بالطلاب بعينين تقدحان شراً
رافعاً كفيه إلى الأعلى صافقاً الطاولة بكل عنف مزمجراً بغضباً شديد: " نيام , مهملين , إعطاء جرعات زائده, غباء لا نهائي"

تحرك بجسد رشيق متنقلاً من بين المقاعد التي يجلس عليها ستة طلاب ذو وجوه هلعه وجله

****

بشرة قمحية اللون ووجهه مستدير يحمل ملامح أنوثيه ناضجة
تستند على أذنيها نظارة طيبة خرقاء مغطيه عينين بلون البندق
يقع تحتها أنف صغير حاد ويليه شفتين ممتلئتين عابستين
جفل فؤادها عند مروره بجانبها صافقاً طاولتها بكل عنف ملتقطاً كومة الأوراق التي تقطن عليها
أستند بذراعه على طاولتها محدقاً إلى كومة الأوراق التي تقع بين يديه
أرتفع أحدى طرفي شفتيه إلى الاعلى محدقاً بــ " أمل" القاضمة لشفتيها
رفع حاجبيه بإستخفاف
هو يقوم بعصر كتلة الأوراق الواقعةِ بين يديه بكل عنفاً
وبسرعة رفع يده إلى الأعلى رامياً إياهن إلى الأعلى لتتناثر الأوراق على الأرض
صاحت بصوتٍ مذعور وأرتفعت أناملها إلى شفتيها بشهقة أنبثقت من أعماق صدرها

تبا لهُ !!
اللعنة عليه
حثالة المجتمع
سال جسدي على المقعد حتى كدت أغوص إلى أعماق محيطه , بحثي الذي تعبت عليه !! والذي قضيت عليه أيام عديدة.. يقوم برميه بكل سهولة .. وكأنه مجرد قمامه
تصاعد الغضب إلى حنجرتي حتى أشتعل في جوفي
حدقت بذلك الوجه الوسيم المتعجرف بوجه يملئهُ العبوس والأشمئزاز
قفزت من على مقعدي
ووقفت بجانبه وكتفي تقارب كتفة في الطول والغضب يتطاير من عيني
حملق بي من وراء تلك الأهداب الطويلة والجميلة , بعينين لم أرى لهما مثيلاً من قبل
أندفع جسدي إلى الخلف بتسارع أنفاسي حتى كاد قلبي يهبط أرضاً
يا إلهي !!
أنه وسيم جداً , ويكاد يفقدني صوابي ..
تبا له !!
حركت بؤبؤ عيني إلى جهة اليمين في محاولة لضبط ذلك الأضطراب الذي بدأ يرسله لي النظر إلى المخلوقات الجميلة ..
يجب علي أن أتمالك نفسي !! وإلا وقعتُ في فخٍ تبتلعني شباكه ..
إحتلت وجهه إبتسامة مقيته , مغرورة
نظر إلي من أعلى رأسي حتى أخمص قدامي بإستنكار
أبتلعت أنفاسي بتشتت بصري عليه حتى تلاشت الكلمات التي كانت تريد الخروج من حنجرتي وكأنها لم تكن !
غبيه , حمقاء , ضعيفة .. هذا الذي أخذت بترددة على نفسي المتخاذلة , لا لن يقوم بالتغلب علي ذلك " عامر " القصير الوسيم , لن يقوم بالأستهزاء بي أبداً, لن أسمح له !!

***

صدمت رأسي بطاولة الطعام التي تقع أمامي
عاودت الكرة لمرة ومرتين وعشرةٍ ," تباً له!!"
لقد خرجت من القاعة مهزومة, وكدت أحصل على لكمةٍ
الجنون أخذني إلى مأزق جعل عامر يضعني في رأسه ويلقنّي درساً
بعد أن نطقتُ بعدة أحرف أنتابتني موجةً من ضحك !!
بسبب الحلوى التي أكلتها قبل دخولي للقاعة
أكلت الكثير مع تلك المعتوهات اللتي لا يكفن عن الثرثرة و ألتهام الحلويات وأحضار الطعام إلى المشفى
لم يكن من عامر الإ أن قام برميّ سيلاً من الكلمات على وجهي وطردي من القاعة
وها أنا الأن أجر خلفي أذيال العار والخيبةِ
صدمت رأسي بالطاولة للمرة المئة مقهقةٍ بصوتٍ خافت
أكاد أصاب بالجنون لحالة الهسترية التي بدأت تسيطر علي بشكلاً كامل
حركت رأسي إلى الأعلى محدقة إلى تلك الفتاة البيضاء ذات القوام النحيل و القصير ساندت أصابعها النحيلة على طرف وجهها بعينين تحملقان بي بمتململ
أغمضت عيني كاتمةٍ قهقات حنجرتي , وضجيج صوتي
فتحت مقلتي وتصاعد الغضب إلى صدري فصحت : " تبا له , ذلك القصير الذي لا يتجاوز كتفي ,من يظن نفسه لكي يستهزأ بي , عامر القصير الغبي ذا اللسان السليط وكأنه لسان ضفدع "

" يصيد الحشرات المؤذيه والغير مرغوبة "

هتفتُ مقهقةً : " نعم هذا هو الضفدع الإخضر, النتن, المقزز , كم أبغضه !! كم أتمنى لو أقوم بوضعه تحت عجلات سيارتي ودهسه إلي أن يصبح إلى قطع حقيرة ثم أقوم بشويه وأكله "

رفعت كفيّ إلي الإعلى مبتسمة متخيلة ذلك الأنجاز العظيم الذي سأقوم به

أسندتُ ظهري إلى المقعد ورفعت رجلاي إلى حد الطاولة واضعة أصابع قدمي المكشوفة عليهن

أرتفعت أرجل المقعد الأمامية عن الأرض
جاني صوتً صارم غاضب " أصبح الأحترام في هذا الزمان شحيحاً, يتكلمون من وراء ظهورننا ويشتموننا بلا أخلاق , أين ذهبت التربية , أين ذهب الأحترام , الجيل الحالي حقاً مهمل لا يحمل أي أدب أو أخلاق , يريدون التربية من أول وجديد "

شهقتُ شهقةٍ وراء الأخرى لصوته الذي أبتلعتهُ أذني كالسم
أرتفعت أرجل المقعد بعدم أتزان ضاربة ظهره بذراة الهواء المتزاحمة حولي
أتسعت مقلتاي فصرخت بشدة وأنا أهوي بجسد أرتطم بالأرض
أرتفع هدير أنفاسي بخروجها من جوفي وسالت الدموع من عيني متألمة من أوجاعِ جسدي
هويت برأسي إلى الخلف أحاول ألتقاط أنفاسي
بات الذين من حولي محدقين بي
تحركت صديقتي سلوى نحوي بسرعة منحنيةً بعينين خائفتان " أمل هل أنتِ بخير!! "
رفعت جسدي متستندة بذراعي
عضتُّ شفتي لألام جسدي الموجعةً
رفعت عيني نحوه بوجهٍ متألم عابس
إبتسامة جانبية كانت مرتسمه على شفتيه الجذابتين وحاجباه مرتفعان إلى الأعلى
تأوهت بصدراً تلقى الطعنات
تأوهت بمشاعر أجتاحت قلبي وكأنه أرسل إليه مشاعر قلبتني رأساً على عقب .

***

اضطجعتُ على الكنبةٍ المقابلة للتلفاز
أنتقل من محطة إلى أخرى بعقل مشتت
بقوة ضغطتُ على زر الأغلاق ونهضت شابكةِ أصابعي ببعضها
حررت أصابعي ضاربةٍ كفاي ببعضهما إلى أن رفعتهما إلى رأسي ممسكةٍ بشعري المتناثر حول وجهي
شدّتهُ بشدة وأنا أهرولُ في غرفتي كالمجنونة

تباً لي !!

ما الذي جعلني أتفوه بتلك السخافات والتحدث عن عامر
سحقاً لي , يالي من غبية!!
عامر مخيف متوحش
لا يحمل ضميراً غير محبوب من قبل الأطباء والأخصائين والمقيمين في المشفى

مع أنه قاسي ومتقلب المزاج
ولكن كل نساء المشفى واقعات في حبه حتى الثمالة بسبب جماله الخارق

تهالكتُ على المقعد بأسى
دائماً ما أوقع نفسي في حفرةٍ عميقةٍ لا أستطيع الخروج منها بسهولة

****

بكيتُ وبكيت إلى أن جفت الدموع وأحمرت المقل
لقد خدعت من قبلهُ !!
لماذا عشت في تلك الدوامة الكاذبة ومع قاتل أبي , سافك دمائه هادر روحه
ذيــاب !!
مال تلك الروح الحنونه التي ظننتها ملجئي تخدعني طوال تلك الأيام والأعوام

كنتُ أعيش في سراب وأحلام مع مربي روحي وحامي جسدي
والأن قد فاضت الروح من جسدي بلا وداع .
يأتني في كل يوماً طارقاً لبابي هامساً بكلماتٍ حنونة, حزينة , تخالجها تمتمات وأهات فترتطم بطبلة أذني مرتدة إلي قلبي
أتمالك نفسي بقسوة لكي لا يرق قلبي
كيف لي أن أسامح من سعيت للأنتقام منه فهو قد أدمى قلبي وأنزف روحي
تمنيتُ أن يكون حلم ولكنها حقيقية تأبى الرحيل عني
علي
يتصلُ بي في كل يوماً منذ ذلك الوقت يتسائل عن حالي وعن ذياب
وفي كل مرةٍ يحثني على سفك دمه
يسقي روحي بكلماتٍ بذيئة ولعناتِ خادشة
وكأنه يروي روحي الضمئة ولكنهُ يعطشها أكثر في كل مرة يحاول فيها سقيها
عانقت ذراعاي جسدي وعيناي تتأملان جدران غرفتي ذات اللون الباهت
صوتُ رنين خافت طرق طبلة أذني فتحركت كفي نحو الهاتف النقال الذي يسكن بجواري
إلتقطته بمقلتين مرهقتين أحدق به
أنه " علي "
يا إلهي لست أريد محادثةُ الأن
ضغط أصبعي على رز الإغلاق وأنا أرمي بالهاتف بعيداً عني
تبا له, وتبا لذياب, وتبا لكل العالم !!
لم يتوقف إنما أخذ يتصل مراراً وتكراراً بلا هواد
رفعت كفاي إلى أذنيّ ضاغطة عليهن بشدة بصرخاتٍ أنبثقت من أعماق قلبي
كفى فأنا لا أريد التحدث مع أيً كان أو رؤية أحداً ما.
بعد برهة من الزمن
دخلت الخادمة إلى غرفتي بعد طرقاً خفيفاً على الباب
كنتُ مضطجعةً على المقعد الذي يقطن تحت النافذة أحدقُ بالسقف الأبيض
تحركت أهدابي بتحركِ أجفاني إلى الأسفل وأنحرف بؤبؤي إلى الخادمة بعينين متعبتان
كانت تقفُ على مرقبةٍ مني ,تحركت شفتيها بصوتٍ أنثوي منخفض :" أنستي , هنالك رجلاً يدعى علي يريدك في الخارج !!!"
دقت نواقيس الخوف في قلبي فأتسعت مقلتي وأنا أهب جالسة
صارخةٍ بصوتٍ مرتعد: "علـي !!! "
أنحشرت التيارات الهوائية في جوفي
وأنا أحدق بها بعينين ابتلعً الدموع
أرتعشت شفتي وأنا أصيح بصوتٍ مزق حنجرتي :" ما الذي أحضره إلى هنا!!"
حركت الخادمة رأسها بعدم معرفة
توجس قلبي خفيةً وكفاي تنتقلا إلى شفتي , لا!!
أيمكن أنه قد جاء لكي يقتل ذياب بدلاً عني
لأنني لم أقتله بيدي جاء ليقتله هو بنفسه
أو أنه قد.. قد جاء للإطمئانّ علي !!
أنغرزت أظافري في المقعد فيما ضربات قلبي ترتطم بصدري
هببتُ واقفة بينما أنتقلت كفاي إلى أطراف جسدي غارزة أصابعي به
محدقةً في باب الغرفة المفتوح
وقد شحب وجهي بهروب الدم منه
أنطلقتُ مهرولة إلى الخارج أِصارعُ أنفاسي المرهقة أِحاربُ قدامي المتخاذلتان
بدموعً تهطل من مقليّ
ركضت على السلالم وقدامي ترتطما بالأرض بشدة
ألتو كاحلي الأيمن عند عتبات السلم
فوقعت ساقطة بقسوة على وجهي وجسدي يتدحرج على الأرض
خرج أنين متألم من جوفي, فاضت الدموع من عيني لالآم جسدي المبرحه
أستندتُ على ذراعي بطاقة مبعثرة لأقف
وقفت وقدميّ تكادان تطرحنّي أرضاً
هرعت إلى الباب الرئيسي لأفتحه بأنفاساً تستعر في صدري
ركضت بقدميّن حافيتين تنزلقان على الأرض بشدة مختلطتين بذراة الغبار
وقفتُ بجسد أرتد إلى الخلف بعدم إتزان
بوجه خطف لونه حدقتُ بعلي الواقف بسيجارةٍ ملتهبةٍ مضغوطةٍ بين شفيته
نظر إلي والدخان يتصاعد من أنفه
صرختُ بشعر قفر إلى الأمام من شدة الرعب مناديتةً بأسمه : " عــلي "
ألتقطتُ أنفاسي فيما خرج صوتي مهتزاً : " ما الذي جاء بك إلى هـنا! "
حدقت بي عينين بلون العسل تحيط بهما هالةُ من السواد
تحركت أصابعهُ ضاغظة على السيجارة حتى كادت تهشمها ومن ثم رطم بها الجدار بكل قوته
إرتفع ذقنه إلى الأعلى بإرتفاع وجهه وعلو إبتسامه على شفتيه.
أحتلت قلبي أشباح الخوف عند رؤيته يقترب مني بوجهاً أختفت ملامحه وراء رداءِ السواد
فألتفت الدموع حول الأجفان وتشبثت بين الأهداب
أمسكني من ياقتي ثوبي وهزني حتى كاد جسدي ينطرحُ أرضاً
بتصارع أنفاسي بداخل صدري
تساقطت دموعي منحدرة على وجنتي وخيوط الأمل التي خالجت روحي قد تبدّت
كنتُ أآمل أن يكون ما أفكر به خاطىء
وأن يكون قد جاء للأطمأنّ عليه
ولكن كانت تلك مجرد أوهام !!
أكفهر وجهه بإنحفار التجاعيد حول عينيه
أنحبست الدماء في وجهه وهو يصيح بي : " لماذا, لا تردين على الهاتف "
لم يكف عن هز جسدي إنما قام بلطم وجهي بشدة
حتى شعرت وكأنه تمزق وسالت الدماء منهُ
ألصقني على الجدار بلطمةٍ خدشت ظهري وهو يقسم :" أقسم بالله أنني سأقتلك أنتِ وهو !!"
أسود وجه بإرتجاف شفتيه الداكنتان وهو يقترب من وجهي الملطخِ بالدموع بفحيح رائحة السجائر القابعة في رئيته : " تغلقين الهاتف في وجهي "
أرتفع أنفه الصغير إلى الأعلى هو يحدق بوجهي المتكنف بالكدمات : " تخلفين بوعدكِ , تسكنين بين جدارن قاتل والدك"
أحتلت شفتيه إبتسامة مرعبة:" أتحسبين أنني سأغفر لك , أنتِ مجرد فرد لا قيمة له أردت أن أجعلك إنسانة حية , لها مشاعر حب ووفاء , أردكِ أن تنتقمي لقاتل والدكِ ولكن لم تفعلي أي شي, أنتِ مجرد جبانه, أبنة لا تحمل أي أخلاص "
جرني بكل عنفاً لاطماً وجهي بيديه غير أبه بي
تقسى ذراعاه على جسدي الناحب المتألم المتمسك به الذي يحاول إنقاذ نفسه من الضربات الموجهة بإتجاهه
أنحشرت ذرات الهواء في صدري بأنات متلاحقة وبدموعاً تفيض من مقلي
أمسكني بقسوةٍ وهو يزجى بي في السيارة
أنطرحتُ بداخلها بإنفاساً لأهثةٍ مرهقةٍ متصادمة ببعضها
جلستُ بشهقاتً لم تتوقف وبدموع تستقطر من ملقيّ حرارة ومرارة
أحتضنت جسدي وأنا أشعر به يجلس بجانبي صادماً الباب بكل قوته ضغطاً على الفرامل بشدةٍ منطلقاً بكل سرعته
أرتفعت أناملي إلى شفتي كاتمةٍ شهقات روحي
وأنا أحدق بوجه المتجهم الذي تلتف حوله ندبُ الإثام
أشحت بوجهي عنه أحدق بكفيّ المتعانقتين بحضني بدموع تتســاقط عليهما راسمةٍ بقعً شفافةً تتسع وتتسع بلا توقف .



****
تنتشر كومة من الأوراق على مكتبي
العمل على هذه الأوراق وطلاسم القضايا بغيضةٍ وتكادُ تقتلُ عقلي
أزحم نفسي بالعمل في محاولة لنسيان الحياة بدفن نفسي في أحشاء العمل
وبإرهاق جسدي حتى النهم بالتحقيق في الجرائم ونبش أوحالها
حطت أنامي على صدغي في محاولة لفك شفرة إحدى قضايا القتل
رنين الهاتف النقال الخاص بي لم يتوقف بل بات يزعجني فلقد مرت خمسة عشر دقيقة
وهو لايكف عن الرنين
نزعت النظارة الطيبة المختبئة وراء أذنيّ , ملتقطاً الهاتف الذي سكن منذ ثواني من أحد جيوب الجاكيت المرمي على أحدى الأرائك
جلست بوجهاً أحتقنت الدماء فيه وتبلل بزخاتِ العرق
نظرت بدقة نحوه كان رقماً غير معروف يحتل الشاشة وقد أتصل بحاولي الستة مرات
أنعقد حاجبيّ وكفيّ تمسح ذراة العرق المتكتلةِ على جبيني برنين الهاتف لمرة أخرى
ضغط على زر الرد بإنفاساً ضيقةٍ وبصوتٍ تكسوه عدم المبلاه قلت: " مرحبا "
فأضفت مسرعاً : " نعم ! من المتصل "
تطاير الأجهاد الساكنُ في جسدي
بإرتعد روحي وإجفال فؤادي رعباً عند سماعِ ذلك الصوت الخشن المداعب لأوتار طبلتي : " إنها لدي "
إبتلعتُ ريقي وهببتُ واقفاً وكأن صاعقة من السيالات الكهربائية صعقتني
تنفستُ بنبضات قلب تسارعت بعنف
كفي تنتقل إلى خصلات شعري فرددتُ عليه بصوتٍ يكاد يتهالك : " من أنت !! ومن هي التي لديك "
قهقات مجلجلة كريهة
أنبثقت منه وترددت على مسامعي ليقول بعدها بصوتٍ غمره الخبث والحقد وإلأستخفاف وكستهُ الدعابةُ : " تـَرفه , الفتاة التي أخذتها برعيتك عندما كانت صغيره "
علا صوته وهو يصرخ : " أختــي تـَرفه يا قاتل "



نهاية المعانقة الخامسة

سميتكم غلآي 23-08-12 09:29 PM

المعانقة السـادسة

ضغطُ على الفرامل بكل قوة مسرعاً من بين الحشد من السيارت منحرفاً في مسارات ضيقة تمتلئ بها الطرقات
عيني تحدقان إلى الأمام بعقلاً قد فقد رشده ويكاد يصل إلى حافة الجنون
أشتدت قبضتي على المقود الذي يكاد ينفلتُ من بين يدي من شدة السرعة
ويتصدم بالسيارات المنطلقة من حولي
جسدي يرتعش , يتصببُ منه العرق كالسيل ويختفي في ثواني ليعيد الكرة لمرة أخرى
أنفاسي تتلاطم في جوفي خانقةٍ تنفسي بصوتٍ علا في صدري
أوقفتُ السيارة بكل ما أوتيتُ من قوة وعنف في منتصف الطريق ليرتد جسدي إلى الخلف بروحاً تكادُ تقتل أنصب نظري نحو مبنى قديم متصدع البناء تملئهُ العتمة والسكينةُ
قفزت من السيارة مهرولاً غير قادر على إلتقاط أنفاسي المتصارعة في جوفي
ركضتُ بأقصى سرعتي كالهارب من الموت والملاحق للحياة
أنعقد حاجبيّ وأنا أنظر إلى المبنى المتهالك القاطن أمامي
اكفهر وجهي وبدأت أوصالي ترتعدُ رهبةً
فهذا المبنى ..الذي شهد حادثة القتل التي حدثت منذ أكثر من عشر سنوات
وها أنا أقف الأن أمام ذلك المكان المفعم بالذكريات المطلخة بالأوساخ والعقد
تكورت كفي بقضبة أشعلت الحرارة بصدري وخطواتي تتسع في كل خطوة
"علي" الحقير !!
سأقتله أن أذاها.. أن لمس منها شعره.. فسوف أجعلهُ جسد بلا روح
سأقتله حتى لو زججت في السجن وتعفنت فيه وشنقت
ركضتُ بأنفاساً تكاد تلتهم بعضها وأنا أقوم بفتح غرفة غرفه
وأهرع من طابقاً إلى أخر بنبضات قلب تكاد تتلاشى
فلم يكن هنالك إلا العفن والغبار المتراكم
بحثتُ في كل شبر من هذا المبنى حتى كدت أنطرحُ على الأرض من شدة الأعياء
أثنيتُ جذعي إلى الأسفل في محاولة لإلتقاط أنفاسي المستعرة في جوفي
بمقلين تحدقان في جدارن المبنى المتصدية
فلقد أستحال وجهي أبيضا
وتأكلا قلبي من شدة الخوف والرعب بجسداً يرتعش بإرهاق
صرختُ بصوتٍ أهتزت به أوتار حنجرتي
صحتُ بإسمها وبإسمه بفزع أحتل وجهي وحفر عليه إيماءات الرعب
وأنا أتفوه بالشتائم والتهديدات أن حاول لمس شعرة واحدة منها
أن حاول إيذاء روح قلبي ترفه
حبيبتي ترفه
طفلتي ترفه التي أعشقها ولا أستطيع العيش بدونها
ركعتُ على الأرض صادماً بركبتاي عليها وكفاي تحطان بجانبي
رفعت كفاي إلى الأعلى ومن ثم ضربة بهما الأرض بكل قوتي فتطايرات ذرات الغبار من حولي
حبستُ دموعي لأنني لا أريد لأي دمعة أن تراق
لا أريد فقدان ذلك الأمل بإيجادها على قيد الحياة
لا أستطيع تخيل أنه قد أصابها مكروه !!
تجمعت الدموع في العينين وأنسكبت على الخدين متساقطة إلى الأرض بملوحة راسمة بقعً على الأتربة المتكومة على السطح
بكيتُ بذعراً
بألم يخالج صدري
صوتُ طلقة نارية شقت سكون الليل المعتم وجففت الدموع من عيني
تصلب جسدي وأنا أقفز واقفاً أنقل بصري بين حجيرات المبنى السفلية
تحركتُ بخطواتٍ تلتهم المسافة الفاصلة بيني وبين البوابة التي تؤدي إلى الطرف الخارجي الخلفي من المبنى
صوت الطلقة النارية قد جاءت من الخارج ومن المستحيل أن تكون من الداخل !
أسرعتُ الخطئ إلى أن وصلتُ للباب وفتحتهُ على مصرعيه
قهقهات صاخبة ممزوجة بأصوات عالية تتفاقم في الأجواء
جعلتني أركض بقدمين تتسابقان إلى مصدر الصوت
وقفتُ لاهثاً وأكاد أفقد أنفاسي المنحبسة في صدري
أتسعت حدقتي وأنا أحدق بالرجال المنتشرين في المنطقة
إلتفتوا إلي بنظراتٍ أرتدت الأقنعة وتغطت بالسواد
أكتست الوجوه الخبث وتقلبت المقل بالحقد وتلثمة الشفاه بالشر
أصبحت خطواتهم تقترب مني حتى توقفوا بجانبي
صلبتُ جذعي بمقلتين محترستين غاضبتين وأنا أنقل بصري فيما بينهم بتوجس
أقتربوا منى حتى طوقوني بدائرة بوجوهن بشعة تمتلىء بالأثام وعيونّ تحتلها الرذائل
أنبثقت يد أحدهم من الأسفل بلكمة لطمتني على بطني
حتى كادت تهشم أحشائي
قوستُ ظهري إلى الأسفل ضاغطاً على أسناني لموجة الألم التي أجتاحتني
تحملت الأوجاع وذراعي تشتد بإنغراز أظافري في راحتي
ورجوعها إلى الخلف متأهبةِ لخوض المعركة
أخذت ألطم هذا وذاك بذراعاً وقدم
أشتدت الضربات والصراعات حتى سقطُ أرضاً
هذا يركلني وذاك يلطمني والأخر يخطو على جسدي ووجهي بقدمه النجسة
حتى شعرت بإن روحي قد فاضت وانسحقت عظامي تحت وطئت أقدامهم
ونزف جسدي حتى أخر رمق
أبتعدوا عني يتضاحكون ويتهامسون
حركت ذراعي ضاغطاً على الأرض في محاولة لرفع جسدي
أنقاذ نفسي من قسوة هؤلاء المتجبرين المجرمين
رفعت جسدي على ذراعاً واحدة وأنا أكادُ أنطرح على الأرض من شدة الأعياء وألآلام
تطايرت الأذرع وأشتد الخناق ولطمت الوجوه وأريقت الدماء حتى سقطُ على الأرض برأساً هوى عليها وتلطخ بالدماء
دوت صرخة مجلجلة شديدة الغلض جعلتهم يسكنون
حاولتُ رفع رأسي الهالك عن الأرض
أمسكوني من ذراعيّ وأخذوا يجرونني على الآرض وجسدي يرتطم بالأرضية الخشنة المليئة بالأحجار
أردت رأسي إلى الخلف بأنفاس منزوعة القوى
أحاول إلتقاطها وكأنها الأخيرة
وكأنني أسحب بها إلى حبل المشنقة
رموني أرضاً ..أنطرحتُ تحت الأقدام
ضغطت قدماً على رأسي ووجهي إلى الأسفل حتى أنخدش بالأحجار المتناثرة من حوله
أتسعت أجفاني بجحوظ مقلي
لم أقوى على الصراخ من شدة الألم
أكاد أهلك لا أستطيع التنفس وكأن أحداً يعصر رئتي
يخنق روحي
رفسني بقوةٍ على رأسي
ومن ثم بصق على وجهي وهو يبتعد عني رامياً إياي بوابلاً من الشتائم
رفعتُ رأسي الخائر بوجهٍ توشح بالكدمات وتغطى بالدماء
بعينين لاتقويان على رفع الأجفان وشفتين تنزفان الدماء
أتسعت حدقتي وارتفعت أجفاني رعباً عند رؤية علي الواقف بمسافة عشر خطوات منى
وتبتعد عنه بمسافة ليست بقصيرة ترفه متورمة الأجفان وتتكتل الدماء على شفتيها المجروحتين
حدقت بي بعيوناً تتقاطر منها الدموع وشفتيها مقوستان إلى الأسفل
أِمسكت ذراعاي بشدة من قبل رجلان ضخمان الجثة
ورفاعني إلى الأعلى بأذرع تكاد تمزق مفاصلي
حدقت بها وقد هرب الدم من وجهي وتلاطمت أنفاسي بجوفي
صحت بها بصوتٍ شحن بألألام وخدش بالرماح :" تـَــرفه ! "
فاضت الدموع من عينيها وارتجفت شفتيها
وهي ترفع ذراعيها المرتعشتين إلى الأعلى حاملة المسدس بكلاتا يديها صارخة بأعلى صوتها :" لا تقل شيئاً !"
هزت رأسها بقوة حتى كاد ينخلع .. وهي تصيح بصوتاً أمتلىء بالبكاء : " سأقتلك , نعم سأقتلك ! لأنك خدعتني "
أرتعش صوتها الحزين بإنهمار قطرات الدموع الماطرة على وجنتيها كالشلال
وأخترق قلبي بنصولاً حادة : "أنت جعلتني أعيش معك دوامة من الأكاذيب "
نزف أنفها وأحمرت وجنتيها الصغيرتين وهي تضيف:" لماذا فعلت بي هذا , لماذا قتلت قلبي ! لماذا أفقدتني كل شيء أولاً أبي والأن أنت! "
أنجرفت الدموع على خداي وأنا أحدق بوجهها الباكي الهزيل
وبشهقاتها التي لم تتوقف من شدة البكاء
أحتل وجهها الغضب.. وهي تصرخ بصوتٍ هز الأرض من تحتها : " سأقتلك !!! "
أغمضت عينيها فأغمضت عيني
ألتقطُ أنفاسي وكأنني أشعر بأنفاسها اللاهثة المرهقة تلفح بشرة وجهي وقطرات دموعها تلطخُ وجهي , صرخة قوية إنبثقت وشقت السكون : " أقتليه !! "
رفعت أجفاني بقوةٍ أنظر إلى جسدها الواقف بمسافة قصيرة مني
وهو يرتجف برجلان تكادان تسقطان أرضاً
دوت صرخة أخرى أمتزج بها الغضب :" أرميه بالرصاصة , هيـا أقتليه ! "
أرتعشت شفتيها وهي تهتف بصوتٍ متهالكاً يكاد ينهار: " لااا !! "
أرتخت كفيها إلى أن توقفت قبالتي بطنها وهي تحدق إليه بروحاً يكاد يغشى عليها
تصاعدت غصاتٍ أليمة إلى صدري بدموعاً أحاول حبسها
قيدت عينيها عيني بأوجاعاً أحتلت وجهينا
صوت طلقةٍ نارية أنطلقت في حين غرة مني وأرتطمت بجسدي ممزقة أحشاء صدري
***
جحضت عينيه وانفتح فمه بخروج الدم منه
وهو يحاول ألتقاط أنفاسه المتزاحمة والتي تحاول الفرار منه بصعوبة
سقط بإنفلات الأيادي عنه وجسده يهوي على الأرض بقسوة
صرخة مدوية خرجت من حنجرتها ورأسها يرتدوا إلى الخلف بإتساع مقليها المفزوعة
عند رؤيته يسقط على الأرض بأجتياح رصاصة "علي" صدره
تدلت دموعها على وجنتيها بسخونة وهي تضغط بكل قوتها على الزناد
لتنطلق رصاصة أستعر الهواء بتردداتها
أنبثقت بسرعة هائلة لتصطدم بالواقف بجانبي "علي"
تعرث علي وسقط أرضاً بقدمين مرتعشتين وعينين متسعتين وهو يحملق بها بذهول
أما الأخر فخر صريعاً على الأرض
أستحال وجهها أبيضاً وهي تتهالكُ أرضاً بنحيباً أخترق الأذان
رفع ذياب رأسه لصوت نحيبها الذي أرتطم بطبلة أذنه بعرقاً يتصببُ من على جبينه
وقد أختلطت به قطرات الدماء المبللةٍ لوجهه
رمت المسدس لاطمة أردافها بقبضتيها وهي ترتجفُ بقسوة
تصاعدت صرخاتٍ عنيفة من جوفها
وهي ترفع كفيها ممسكة بخصلات شعرها المنتشرة حول وجهها ممزقة إياها
تصرخ وتصرخ بنواحاً حاد ووجهها ينخفض إلى الأسفل بعينين تكادان تخرجان من محجرهما
تشبثت ذراعيها بالأرض بصيحاتٍ لم تتوقف إنما أخذت بالأزياد
أسترد أنفاسه وهو ينظر إلى فرد عصابته المضطجع بدمائه النازفة من ذراعه
أنحرف نظره إلى ترفه المنهاره بهلع
أرتعش جسده من الغضب
كادت أن تقتله لولا رؤيته لها , كيف لها أن تتجرأ !!
حاول الوقوف ولكن قدميه أبت ذلك
حاول لمرة ومرتين وهو يصرخ ويشتم
أخيراً وقف بغضباً أشتعل في جوفه
ترددت أصوات رنين أنذار أجهزة سيارات الشرطة في الأنحاء
أحتل الرعب وجهه وهو يحدق حوله بوجل
رفع ذراعه إلى الأعلى وهو يصرخ : " هـــــيا أهربوا قبل أن يلقى القبض علينا ونرمى بالزنزانة "
وأشار بيده على ترفه وهو يصيح بغضب :" أحملوها "
أنتشرت الأجساد تهرول متشتته وتكاد تتلاطم ببعضها
أثنان منهم حملوا ترفه المتهالكة على الأرض بموجات بكاءً عنيفة
حتى تلاشو من حول المكان بسرعة البرق ليصعدوا سيارة ضخمة
رفع وجهه الملطخ بالدماء عن الأرض ساحباً أنفاسه المختنقة من صدره والتي تكاد تهرب منه
وذراعه ترتفع إلى الأعلى بأناملاً تناجيهم
وكأنه يريد منهم التوقف ,عدم أخذها , عدم إيذائها , أرجاعها له !!
تحررت زخات العرق المتصفده من على جبينه
وشقت طريقها على وجهه بسيلان
وبجفنين غطيان عينيه خر رأسه على الأرض

***
: أمــي, لاااا !
طق طق , حدقت بالهاتف النقال القاطن بكفي بوجهٍ يملئهُ العبوس
لا يمكن أن يحصل هذا!!
للمرة المليون والتسعة مئة تقوم أمي بإغلاق الهاتف على وجهي وشتمي
أبنة عاقة !
لا تمتلك أية ذرة من التعقل !
عانس, عانس !!
يا إلهي أنني الأن في الخامسة والعشرون
و منذ أن كنت في العشرين من عمري وهي تقول عني عانس وأنني لن أتزوج ابداً
بسبب مهنتي هذه إلى جانب أنها ذات مرة قد أختارت لي عريساً وتريد تزوجي به بالرغم مني
ولكنني رفضته بسبب أنه لايحمل إلا الشهادة الثانوية فكيف لي أن أتزوج ممن هو أقل مني
والأن أمي في طريقها إلي وقد أحضرت معها " الخبيص , وحساء العدس بالأضافة إلى الهريس "
أنني لا أحب هذه الأصناف من الطعام بالأضافة إلى أنني لا أعرف ماذا أفعل بهن هذه المرة
بعدما كانت خادمة السكن تقوم بأخذهن واليوم هي قد رحلت لزيارة عائلتها
حسناً !
ليس لي إلا أن قوم برميهن من النافذة والتخلص من كل شي عندما تذهب
نظرتُ حولي وكفي تحلُ على خدي الأيمن
يا إلهي!!
أن الفوضة تعوم بالشقة فمنذُ أسبوعين أو أكثر لم أقم بتنظيفها
حسرت عن ساعدي أجول ببصري حولي يجب عليه أن أقوم بتنظيف كل هذه الفوضى في أقل من خمسة عشر دقيقة
وإلا أصبحت وجبة دسمة لأبقار أمي
لم يكن مني إلا أن وضعت كومة الملابس المتكدسة في غرفتي في أحدى الخزانات الفارغة
صفقت كفاي ببعضهما سروراً
أنني عبقرية جداً , يا إلهي !!
رفعت ذراعيّ عالياً ورؤس أصابع قدمي تتحرك برشاقه برقصة تناغمت مع أنغام أغنية أدندن بها
تبا!!
هبطت ذراعيّ إلى الأسفل وتوقفت عن الرقص
وأنا أعاود النظر حولي يوجد من الأوساخ ما يخدر عقلي إلى جانب الفوضة العارمة التي تجتاح المطبخ الوحل
أنني أحقد على تلك الأوساخ المتراكمة حولي ! لماذا تتراكم هنا ! من سمح لها !
بنشاطاً لا أعرف من أين جاء أخذتُ بجمع الأوساخ وترتيب الشقة
مجرد رمي النفايات في سلة المهملات وجمع الأوساخ الأخرى تحت الأرائك
وبهذا أنتهيتُ بسرعة فائقة وفي أقل من خمسة عشر دقيقة
بخطوات متكاسلة خطيتُ على رخام المطبخ البارد
أنني أكره المطبخ العفن هذا ولن أقوم بتنظيفه مع أنه العنصر الأساسي الذي ستتوجه أمي إليه
وكأنه هنالك يوجد سرها الذي رمته والدتها منذ الأزل
أرخيتُ جسدي على أحد المقاعد وأنا أضع كفي على وجنتي في مقاومة لموجة النعاس التي أجتاحتني
لم يكن هنالك أي طرق على الباب أو حتى أنذار
فقط مجرد أعصار اكتسح شقتي حتى كاد يحطمها
أرتعشتُ برعباً وقد رحل النعاس عني
أنفتح الباب بكل شدة
حتى الأبواب لا ترحم أمام أمي
ووقعُ صدى خطوات حذائها كادت تزلزل الأرض من تحتي
صرخاتها وصيحاتها ماهي إلا للترحيب بها
وقفت في محاولة لرسم إبتسامة مغتصبة على شفتي وموجات البكاء تكاد تتصارع بداخلي
أمي أرجوكِ حتى الجيران قد سمعوكِ
أظن أنهم قد أصبحوا يحقدون عليه وكم يتمنون قتلي بالشنق أو بالذبح !!!
ركضت إليها معانقة
ولكن ما زاد ذلك إلا مصيبة
كادت تحطمني بين شحومها المتراكمة
وهي تطبطب على كتفي بموجاتٍ صوتية كادت تفجر طبلة أذني: " عزيزتي البائسة , أأنتِ بخير !! كيف لكِ أن تعيشي في هذا الشقة وحيدة أما آن لكِ أن تعودي إلينا إيتها العاقه "
أعرف جيداً أن أمي تحبني ولهذا تقوم بشتمي في كل حين وأخر
وتنعتني بأشنع الأوصاف القبيحة
قوست شفتي وأنا أحتضنها بشدة
أبتعدت عني بقسوة حتى كدت أقعُ أرضاً من جرائي تركها لي
وضعت مابيدها أرضاً وهي تقول : " لأول مرة أرى شقتك الوسخة على مايرام "
أستنشقت بعضاً من الهواء بصعوبة وعيني تنحرفان إلى جهة اليمين, يا إلهي!
لو أنها تعرف مايوجد تحت الأرائك وما يغوص به المطبخ
لكنتُ الأن أمام حبل المشنقة
سأحاول أشغالها حتى لا تقوم بمناوراتها الشهرية
أحتلت وجهي إبتسامة تحمل بين طياتها الكذب والخبث تلك الأبتسامة التي تعرفها أمي جيداً
فأنا فاشلة في الكذب لآقصى درجة
وقفت أمام أمي التي تصل إلى كتفي في الطول أحدق بعينيها الصغيرتين اللتان تحملان لوناً كالعسل وأنفاً صغيراً حاد يقع تحتهُ شفتين صغيرتين متكورتين أمام وجنتيها المتنفخة
شبكت أصابعي ببعضهما بأهداباً تتحركُ بعذوبة
وبإبتسامة حلوه تكسوى شفتي قلت :" أمي ما رأيك بالجلوس على هذا المقعد "
أشرت على زواية قريبة مني وأنا أحاول استدراجها إلى غرفة المعيشة : " سوف أحضر لكِ يا أمي الحبيبة بعضاً من القهوة المره وكعك الشكولاته الذي تحبينهُ جداً , حقاً سيكون لذيذاً "
كل محاولاتي ذهبت هباءً منثورا
فكف أمي لطمة كتفي بقوة وهي تكمل خطواتها الصاخبة في أرجاء شقتي البائسة
رفعت ذراعيّ إلى الأعلى مدخلة أناملي في ظفائري المجعده بأسناناً تتصادم ببعضها وبصرخات أنطلقت من حنجرتي وأنا أقفز إلى الأعلى
لولا أنها أمي لكنتُ قد قتلتها منذُ زمن سحيق
صرخاتٍ فصيحاتٍ تداخلت ببعضها وصدمة جسدي
ليس لي إلا بالهروب الأن والفرار بجلدي قبل أن يسلخ
قبل أن تقودني قدماي إلى مفر هربي
أشتد ذراعين قاسيتين حول خصلات شعري حتى كادت تمزقه
والشتائم تقذف من حولي كرصاصة تخترق أذنيّ قبل جسدي
***
بعيون تشبث بين أهدابها الدموع وركبتين تنزلقان على أرضية شقتي
وكفين ممسكتان منشفة بيضاء تنتشر بها بقع بنية اللون
ساعتين من العمل الشاق المتواصل في المطبخ بتساقط قطرات العرق المبللة لجسدي
ولم ننتهي إلى الأن !!
تهالكتُ على الأرض بأنفاساً متحشرجة مختنقة
ضربت كفاي بالأرض وأنا أصرخ : " أمي لقد أنتهينا أرجوكِ "
ركلتني أمي بقدمها وهي تقول : " أصمتِ لا أريد سماع المزيد, وأعملي في صمت وإلا جعلتكِ تنسين الحليب الذي شربته "
التهديد إلى جانب الأبتزاز هذه أمي !
خررت على الأرض صادمة جسدي بالأرضية الصلبة الباردة والتعب قد أهلك جسدي
حملقتُ إلى الساعة القاطنة على الجدار أمامي بأنين مكبوت في صدري
الساعة تشير إلى التاسعة مساءً وقد أنتهيتُ أخيراً من العمل
رفعت كفي إلى الأعلى أنظر إلى أصابعي المنفصلة عن بعضها
سحقاً!!
لقد عملت لمدة خمس ساعات متواصلة وكأنها سنين لا تكاد تنقضي
أحتلت شفتي إبتسامة كادت تحلق عالياً
وأنا أحدق بأمي الحاملة لحقيبتها , أمي سوف تذهب أخيراً!!
همتتُ واقفة بجانبها فأنطلقت من حنجرتها شتائم أخرى
وككل مرة تدخل من أذن وتخرج من الأخرى
خرجنا إلى خارج السكن في خطواتٍ سريعة وثرثرة لا تكاد تنتهي
فأمي تحاول أعطائي النصائح بقولها : " أمل يجب عليك أن تعملي على تنظيم حياتكِ فأنتِ لست صغيرة لتبقي على هذا الحال , ففي القريب العاجل سيكون هنالك لكِ منزل يضمكِ وزوج وأطفال يحتاجون لراعيتك وأحتوائكِ لهم ,يا أبنتي يجب عليك من الأن أن تحسني من حياتك وأن تجعليها أفضل "
أرخيتُ أجفاني أحدق بأمي الواقفة قبالتي
ذلك الوجة الحنون في آن والقاسي في آن أخر
أمي ذات الطباع الصارم التي تأبى ترك اطفالها يتيهون في دوامة الحياة
ومنذ صغري وهي تحاول تهذيبي ولكن بدون فائدة ترجى
صحيح أنه في وقتً مضى كانت حياتي جميلة منظمة
ولكن منذ أن انتقلتُ إلى السكن القريب من المشفى انقلبت حياتي رأساً على عقب وتبعثر وقتي
شقت شفتي إبتسامة تسكنها المحبة , وأنا أرفع كفي إلى الأعلى مودعة أمي التي صعدت إلى سيارتها منطلقة مخلفة ورائها كومة من أتربة الغبار .. بدون أن تنظر خلفها
يا إلهي, فحقاً هذه أمي التي أعرفها !
أرتفعت كفي إلى فمي المفتوح الذي صدرت منهُ موجات النعاس والتعب
وقفتُ متصلبة وقد توقفت رئتي عن ألتقاط الأكسجين وتمريره إلى أوردتي
وذراعي تحطان إلى جانبي
أتسعت مقليّ لصوت الأنين المكبوت المنبعث من الجسد الملقى على حافة الطريق
لم أستطع الحراك .. فقط وقفت انظر إليه بفزع أحتل وجهي
أرتجف الجسد وهو يتقلب ويعتصر جسده ببكاء متألم يخترق سكون الليل
صوت أنينها وتمتماتها وصلت إلي , أنها فتاة !!
وكأن شيئاَ انتشلني من الرعب الملتف حولي
أسرعتُ الخطئ نحوها جاثية على ركبتاي بجانبها
وجهٍ صغير دائري ملطخ بكدماتٍ زرقاء اللون إلى جانب الجروح المغطية لوجهها
والدماء المتخثره حول شفتيها الصغيرتين الباكيتين
أمسكتها بسرعة ووضعتها في حجري
ودموعها تنكسب على وجنتيها المتوردتين وأنفها الصغير يرشح من طول البكاء
فتحت عينيها الداميتين ذوات الأهداب الكثيفه تنظر إليه بروحاً تكاد تزهق
تشبثت في ملابسي ممكسة بي بقوة وهي تتمتم بصوتاً أكتساهُ الألم :" قتلوه قتلووووووه !!"
أمسكتها من ذراعيها برعباً سكن قلبي وبألمً لمنظرها الذي مزق صدري
لم أستطع منع دموعي من الأنحدار على خداي وأنا أصيح بها : " من الذي قتل!! "
أشارت لقلبها بأعياء وهي تضربه بقبضة وبصوت خافت همست :" هو! "
غطت أجفانها مقليها وسقط رأسها على ذراعي
صحتُ بخوفاً وأنا اقوم بضرب وجهها بكفي : " ما بكِ!!! أستيقظي!!"
طرحتها أرضاً بذراعان ترتجفان لأقوم بفحص نبضها وتنفسها
تنفست بعمق وأنا أقوم بفتح عينيها
الحمدالله, أنه مجرد اغماء !!
أدخلت ذراعي اليمنى تحت ذراعيها متعلقة بجسدها المتهالك بكل قوتي
وأوقفتها محركة جسدها بحث قدميها المتخدرتا على المشي بصعوبة
وهي مستندة على كتفي إلى أن وصلت لداخل السكن
ضغطتُ على المصعد وأنتظرته إلى وصل وصعدت إليه ساندة الفتاة إلى جسدي
فتحت باب شقتي التي لم أقفلها وطرحتها على أحد المقاعد




أقتربت منها ولمست جبينها فلسعتني الحرارة المنبعثة من جسدها

هرعت إلى عدتي الطبية حاملة إياها لأخرج منها مقياس الحرارة الترمومتر

واضعة إياه تحت لسان الفتاة

ممسكة بجسدها المتعب على كتفي بأنين مبكوت خرج من بين شفيتها المتشققتين
كتمتُ أنفاسي بعد ظهور النتيجة

حرارتها مرتفعة جداً إلى جانب احمرار وجهها

أزحتها عن كتفي بحذر وأنا أمد يدي نحو حقيبتي مخرجة

محلولاً خاصا بالحمى مع الحقنة

حقنة وريدها بالمصل ساندةٍ جسدي بجانبها مغمضة عيني من الأرهاق الذي أمتص كل طاقتي . "





أستيقظت بجسداً تشنجت عضلاته
مددت ذراعي نحو الأعلى بأوجاعاً تجمعت فيهن
حركت رقبتي وأنا أقف بصعوبة , ويدي تدلكان أكتافي
سقط بصري على الفتاة ذات الثوب الأصفر الملطخ بالدماء والممزق النائمة على الأريكة
تحركت يدي نحوها وحطت على جبينها , حرارتها أنخفضت !! الحمدالله
نظرت إلى نفسي يا إلهي!!
لم أنزع العباة عني
انفتح فمي بموجاتٍ من الهواء خرجت من رئتي وأنصب نظري بإتجاه الساعة المعلقة على الجدار
ها ها التاسعة إلا عشر دقائق
لالالالا ستأخر عن العمل
نزعت العباة رامية إياها على الأرضية راكضة نحو غرفتي
أستحمّتُ في ثواني معدودة
لأرتدي بعدها ملابسي وعباءتي إلى جانب اللباس الخاص بالمشفى
إلتقطتُ أحد الأثواب المعلقة في خزانتي وبعضاً من الملابس النظيفه
وعدت أدراجي إلى غرفة المعيشة واضعة إياهن على الأريكه
رافعة قدمي إلى الأعلى في محاولة لأنتعال حذائي
أدرتُ جسدي نحو الأريكه المحتضنة للفتاة رأيتها مستيقظه تجلس بعينين متسعتين تحدقان بي
رفعت كفي إلى الأعلى قائلة : " يافتاة أني مستعجلة جداً جداً , لاتخافي أستريحي هنا أو في غرفتي وارتدي هذه الملابس "
رفعت أصبعي السبابة بإتجاة غرفتي وإلى الملابس
وأنا أضع قدمي أسفلاً ناقلة أصبعي الممتد نحو المطبخ المقابل لي : " هنالك حساء محضر إلى جانب البراد فهو مليئ بالطعام إذا شعرتِ بالجوع كلي ولا تخجلي "
ركضت نحو الباب لأفتحه خارجة مهرولة من على السلالم ..
***
دقيقتين
دقيقة
تشبثت أصابعي في الأوراق التي تقبع تحت ذراعي اليمنى وانا أركض نحو القاعة
سأقتل !! سأدفن حية !
فتحت الباب حتى أهتز خشبه
ترفرفت أهدابي برهبة ملئت قلبي
تعلقت المقل بي وانفتحت الأفواه مصعوقة
تلون وجهي لرؤية عامر المبهوت والذي أنتكس وجهه بغضبا تطاير من عينيه
يال العار !! يال الخزي , عضّتُ شفتي بعينين تلألأتا بالدموع ..
كالعادة أحتقار عامر لي إلى جانب تهديداته التي لا تجدي نفعاً معي
عقدت جبيني بدماء أحتقنت في وجهي وشفاه تكورت بحقد
بت أكرهه هذا القصير أكثر عن ذي قبل وأحقد عليه ..أريد قتله ..
وإلتهام عينيه الجميلاتين
عقد حاجباه محدقاً بي هو يكمل إلقاء المحاضرة
مما جعلني أزيد من تقطيب جبيني والعبوس بعينين ترسلان عبارات الشتم
تشابكت نظراتي بنظراته وما زاد ذلك وجهي إلا عبوساً وكأنني أنوي خدش وجهه بأظافري !!
أرتفع حاجباه إلى الأعلى بوجهٍ متسائلاً تغطى بالبراءة
لااا!! ما هذه الإيماءات
وكأنني سكبت وانزلقتُ في الهواء مرتطمة بالكرسي ساقطة على الأرض كقطرات الماء
وضعت يدي على قلبي!!
أنه لأحساساً يشابه الجنون !!
هززت رأسي في محاولة لمنع تلك المشاعر من أجتياح روحي والوصول إلى نقطة ضيقة تسكن قلبي
***
عدتُ إلى الشقة بعد يوماً شاق فلقد عملتُ على عمليتين جراحيتين متتاليتين
ضغطتُ على الأرقام السرية لفتح باب شقتي
وكأن ذاكرتي أسترجعت ذكريات الليلة الماضية فصحت بصوت هامس "الفتاة لقد نسيتها تماماً"
بخطواتٍ تسابق الأخرى رمية الحقيبة من ذراعي وأنا أغلق الباب ورائي
رأيتها مستلقية على الأريكة كما كانت وبنفس ملابسها المتسخة بالدماء
كانت تحتضن جسدها المرتجف
أحتل الرعب وجهي وأنا أقترب منها حتى توقفت قبالتها
أزدريتُ ريقي جاثية على ركبتاي بجانبها
أنفتح فمي بإرتفاع أناملي إلى شفتي بشهقة قوية أنبثقت من صدري
لصوت بكائها المهتز بإرتعاش جسدها
أستعدتُ أنفاسي بتقوس شفتي إلى الأسفل وتغلف وجهي بالحزن
تحركت ذراعي بإتجاهها مطوقةٍ جسدها من الخلف بهمساً أشتعل فيه الخوف : " مابكِ لماذا تبكين هاكذا! "
تشنج جسدها الصغير وهي تحاول ادخال جسدها بالأريكة
محاولة إزاحة ذراعيّ عنها , أشتد بكائها وهي تهم بالجلوس
حدقت بي بعينين تقطر دمعً حارقٍ وشفتين مرتجفتين
تشتت بصري عليها
يا إلهي أن حالتها مزرية جداً
ولكن ما الذي حدث معها !!
هززت رأسي في محاولة أن أجعلها تشعر بالأمان
برسم إبتسامة حنونة على ثغري وأنا أهمس : " أقسم بالله أنني لن أؤذيكِ.. ولن أخبر أحداً عنكِ .. ولكن أخبرني من فعل بكِ هذا!! وما الذي حصل لكِ !! "
طأطأت رأسها بشهقات إبتلعتها بصعوبة ورى الأخرى وبدموع تهطل بغزارة من مقليها
تجمعت الدموع في عيني وأنا لا أعرف ماذا أفعل !!
أو كيف أزيح بعضاً مما يعتريها
لم يكن الصمت إلا الحل الأنسب




نهاية المعانقة السادسة







سميتكم غلآي 24-08-12 12:49 AM

المعانقة السابعة


بعد مرور شهرين



أغلقت باب الفرن بعدما قمت بإخراج الكعك الذي صنعتهُ
حقاً أنه بغاية القبح , قبيح جداً
لا يهم! فالمحتوى يغني عن الشكل
بطبع سيكون لذيذاً فأنا هي من صنعتهُ
وضعت أصابعي على شفتي بضحكة مصطنعة مجنونة
ومددت أصابعي نحو قطعة منه وقضمة واحدة
لا أعرف كيف بلعتُ القطعة
أرتعش جسدي وأنا أشعر بالغثيان
أنه محروق إلى جانب طعمه الحلو جداً
أخذت بتقليب الأخريات فبعضهن محروق قليلاً والبعض الأخر على مايرام
يا إلهي لا أعرف لما فشلت !! حسناً .. لا يهم فهو على الأقل جيد للأكل ..
وضعت الكعك في وعاء من الألمنيوم وسكبتُ عليه خليطاً من الشوكولاته من صنع يدي
وأغلقتهُ لأحمله معي إلى المشفى وأبقيتُ القليل لترفه
لقد أكملت الشهرين وهي معي في الشقة
لا أعرف حقاً من أين جاءت أو ما الذي حدث معها
بالرغم من أنني أحاول في كل يوم التحدث إليها
ولكنها إلى الأن في طي الكتمانّ وتحمل الكثير من الغموض
ولكن هنالك تحسن فلقد بدأت بالتحدث معي ومساعدتي في الشقة حتى أنها أصبحت تبتسم قليلاً
ولكنها كثيرة البكاء فعندما أعود للشقة أراها تلملم شتات نفسها وتحاول منع دموعها من الفيضان من مقليها المرهقتين
أرتديتُ عباءتي على عجل حاملة حقيبتي على كتفي مسرعة إلى الكيس المحتضن لقطع الكعك المحروقة نعم محترقة , محروقة !!
لا يهم سيتذوقنهُ اليوم ومن ثم فليحمدن الله على جلبي أحدى أبداعات يدي
لم يكن المشفى ببعيد إنما بقريباً جداً من مقر سكني
أسرعتُ الخطى نحوه وأنا أنظر إلى ساعة معصمي
****
أرخيتُ جسدي على الجدار القابع خلفي وأنا أقهقهُ بشدة وذراعيّ ممسكةٍ ببطني
فلقد ذهب عقلي بإلتهامي الشرس للحلويات
إلى أن بدأت أتفوهه بالحماقات وأثرثر بما لا يفقهُ عقلي
صحت بهن : " كفى أصمتاً "
وقفت وأنا أترنح كالمجنونة وصعدت أزحف متعلقة بالطاولة إلى أن وقفتُ فوقها
ورأسي يتوهه يميناً وشمالاً بعينين شبه ماتكونان مغلقتين
جاءني صوت أحداهن وهي تقول : " أمل قلدي نفسكِ عندما سقطتي تلك المره وأنتِ تشتمين الطبيب عامر "
ضربت رأسي بكفي وأنا أحملق برفيقاتي الخمس الجالسات على الأرضية الملتهمات للطعام
هتفت سلوى : " لا يضحكني إلا وجهها عندما قال لها تلك الكلمات, الغبية لا تعرف أنهُ كان يجاريها عندما كانت تشتمه "
عبستُ وأنا أنظر إليهن بحقد دُفن في أعماق قلبي
ضربت الطاولة بقدمي وصحت : " تباً لكن أيتها المشعوذات , سوف أقتلكن واحدة تلوى الأخرى واقطعكن إلى قطع صغيرة ثم أقوم بقليكن وأكلكن "
رفعت أحداهن ذراعيها إلى الأعلى قائلة : " لقد أصبحت هذه التهديدات القديمة غير مجدية"
أرتفع أحدى حاجبي إلى الأعلى وأنا أنخفض إلى الأسفل جالسة على الطاولة زافرة نفساً حاراً أنطلق من قعر صدري
أحتلت شفتي إبتسامة حمقاء وأنا أحدقُ بهن ببريقاً لمع في عيني
تحركت شفتي وكفاي تصفقان الطاولة : " سوف أعطيه القليل من الكعك الذي صنعته وسأقضي عليه الليلة"
قهقهات صاخبة أنطلقت من أفواههن
فهتفت احداهن : "بل هو الذي سيصنعك الليلة للعشاء "
حركت رأسي وذراعيّ تطوقان جسدي : " لن يحدث ذلك !"
****
أدخلتُ كفي تحت الحجاب الملتف حول شعري غارسة أظافري في فروة رأسي
أرتعش جسدي وأنا أحاول أستعادة وعيّ فتأثير "سكر" الحلويات لم يخبو
توقفت قدماي عن المسير لرؤية عامر الواقف بأذرع تعانق بعضها
وهو يتحدث إلى الطبيب البيطري مروان ذا الطول الفارع والتقاسيم الساحره " مروان الوسيم الودود " فمروان صديق الطبيب عامر ويحضر في زيارات دورية إلى المشفى
مروان شخصية مناقضه لعامر القصير الشرير
روحه مرحه, معاملته حسنه, خدوم, طيب ففي ذات مرة قام بتقديم مساعدة لي عندما وقعتُ أرضاً لقد كان موقفاً محرجاً جداً لا أحسد عليه ,ولكنه رجلاً رائع بعكس "عامر الحثاله"
حدقتُ بهم بشفاه رسم عليها الخبث , وأعين تلألأت بالمرح
أقتربت منهم بخطواتٍ سريعة إلى وقفت قبالتهم
أرتفعت المقل نحوي وتغلفت بالأستغراب
مددت كفيّ الحاملة لطبق الكعك نحو عامر
أتسعت مقليه وهو يمقل إليه
أحتلت شفتي ابتسامة مصطنعة وأنا أضعهُ في كفه الممتدة نحوي بتردد
حاولت مقاومة موجة الضحك التي كادت تفر من حنجرتي بشدة
وقلتُ بصوتٍ اكتستهُ البرودة : " الكل تذوق كعكي اللذيذ ولم يبقى إلا أنت , أرجوا أن يعجبك "
وأخفضت صوتي : " جعلُ سمً في معدتك "
أعطيتهم ظهري مسرعة بخطواتي
لا أستطيع التحمل أكثر
دخلت إلى دورة المياة بسرعة مغلقة الباب خلفي مقهقة بصوتٍ أخترق الجدران
سحقا!!
يالي من مجنونة
لطمةُ الجدار الساكن أمامي بقبضة في محاولة لكتم ضحكاتي المخبوله
سوف يموت!!
ستألمه معدته طوال الليل
فهو غير قادر على إحتمال أصناف الطعام الغريبة
فهذا ما قاله لي الشيف الخاص بلأطباء
أخيراً يا أمل سوف تحققين أحدى انتصاراتك التاريخية وستقضين على عامر
أنطلقت شهقة قوية من جوفي بهروب الدم من وجهي
فصرختُ ضاربة جبيني بكل ما أوتية من قوة
كيف لي أن أتجرأ وأفعل هذا !!
أعطاء عامر طبق الكعك بدون أي رادع , بدون خجل !
ما الذي سيحصل لي بعد هذا
أقل شيئاً هو الربط على أحد أعمدة المشفى أو القتل !!
***
حدق بها وهي تبتعد ليختفي ظل جسدها الطويل بين ممرات المشفى
أعاد بصره إلى مروان وهو يزم شفتيه ضاغطاً على أسنانه بتوتر: " للأسف لم تصل لنا هذه الحالة " أضاق عينيه وهو يضيف : " ولكنني سأبحث عنها جيداً في سجلات الطواري لعلي أجدُ شيئاً "
حملت وعاء الكعك المغلف بعد توديعي لمروان متحركاً نحو مكتبي
عقدت جبيني وأنا أنظر إلى قطع الكعك المغطاه بالشوكولاته بشفاه رسمت عليها نصف إبتسامة
كيف لها أن تعرف !! هل يعقل أن تكون مجرد صدفة !!
دخلتُ المكتب واضعاً الوعاء على الطاولة مرخياً جسدي على المقعد المقابل لجهاز الحاسوب المحمول القابع على الطاولة أمامي
أرتطمت أصابعي بلوحة المفاتيح
وأنا أطبع الأحرف لأكمل بحثي الذي أقوم عليه منذ أشهر طويلة بتركيزاً شديد
بعد برهة من الزمن رفعت كفاي عن لوحة المفاتيح شابكاً أصابعي المرهقة ببعضهما بأرتفاع حاجبيّ
فكّتُ أصابعي عن بعضها لترتفع يدي نحو ذقني المتعبثرة عليه بضعُ شعيرات صغيرة بحكة أجتاحتني
طرقاً على الباب أيقظ عقلي الذي تلوح فيه الأفكار وحواسي المثبتة على شاشة الحاسوب
زفرتُ نفساً ملئ بالغضب
وأنا أصوب نظري نحو الباب قائلاً : " تفضل"
أنفتح الباب لتدخل أحدى موظفات المشفى مخاطبة لي : " مرحباً, أستاذ عامر هنالك ضيف يريدك في الأستقبال "
وقفتُ بجسداً أرتعشت أطرافه
وعيني تنتقلان بين المرأة والطفلة بتفاصيل وجهها الأبيض الصغير الدائري ذو العينين المتسعتين اللتان تغلب فيهما السواد على البياض
ووجنتين زهريتين بأحتلال منتصف وجهها أنف حاد
وشعر أسود استرسل على كتفها بفستان أبيض غطى جسدها الصغير ودمية عانقة صدرها
" أنها تشبهها كثيراً وتشبهني !!"
سلطتُ بصري نحو المرأة القصيرة ذات الجسد الضئيل
والوجه الشاحب الجميل
التي حدقت بي بتلك المقل التي رسم عليها الزمن خطوطاً رفيعة بتساقط أمطاراً من الدموع سُقيت بالشوق
وأتسعت الشفاه المغموسة بإبتسامة نقش عليها الفرح ألوانه
غص صدري بألالام وإتشحت عيني بالغضب
وأنا انظر إليهما بصدمة أزهقت روحي
حاولت أستعادة رابطة جأشي والوقوف بقسوة أمامهما
تنفستُ بعمقاً وأنا أشيح بوجهي مولياً ظهري عنهما
توقفتُ عن المسير بعد سماعي لصوتها
الذي هيج مسرح النفس وأعاد سنيور الأيام القديمة : " عــامر عزيزي "
أهتز صوتها الأنثوي الرقيق وهي تردف : " كيف حالك يا بني؟ "
رصّتُ على قبضتي بألم طوق روحي وأبكى قلبي وأنا أكمل خطواتِ المتسابقة بدون أن ألقي لهم بال
صعدتُ إلى سيارتي ضارباً الباب بكل قوتي
واضعاً كفاي على المقود لاطماً رأسي به
لماذا عادت بعد كل تلك السنّين تبحث عني !!
ما الذي تريدهُ مني!!
إلا يكفي الذي مضى
لقد أنتهى ما كان بيننا
لقد أنهيتُ علاقتي بها بعد تركها لي وهجرها لأبي
وزواجها من رجلاً أخر بعد وفاته !!
لن أغفر لها أبداً , فلقد تركتني صغيراً وأنا في حالة يرثى لها !!
لن أبكي من أجلها .. فأنا قد نسيتها كما نسيتني منذُ سبعة عشر سنه
تصادم فكاي ببعضهما وأنا أبتعدُ عن المقود ضاغطاً على زر التشغيل منطلقاً بأقصى سرعتي
لم أعرف كيف وصلتُ إلى البحر فألم صدري قد تفاقم
أشعر وكأن أحداً ما يخنقني
يمنع تنفسي يطعن صدري بأشواكاً حادة
ترجلتُ من سيارتي ساقطاً على الرمال المتناثرة من حولي
أحتقنت الدماء في وجهي وأنا أحاولُ ألتقاط أنفاسي المسروقة
لا أستطيع التنفس فصدري يوجعني
فلقد مرة على هذه الحالة المرضية أكثر عن نصف سنه وأنا غير مبالي بها و مهملاً لنفسي
قد تكون مجرد حموضة في المعدة تضغط على صدري أو شداً في عضلات صدري
لم يهمني الأمر مادامت بخير
ارتفعت كفي نحو قارورة المياة مرتشفاً بضع قطرات منها
محاولاً أعادة أنفاسي المراقة إلى صدري
بعد فترة وجيزة بتساقط قطرات المياة المعدنية المنبعثة من القارورة على وجهي
هممت جالساً على الرمال محدقاً إلى البحر الساطع بأشعة الشمس الزاغتِ المتكاسله
أفكاري تتصارع بين أشباح ذكرى أمي التي أحاول طمسها وسحقها من عقلي
ومابين عملي الذي بات يشغل تفكيري في الأونة الأخيرة
فأنا أريد الأرتقاء والوصل إلى مرحلة أكبر بعد حصولي على الزماله والبورد
ولآنه لم يبقى لي إلا القليل لكي أصبح بروفيسور في جراحة القلب
ولكنهُ صعب قليلاً
بأن أصبح بروفيسور في هذا العام
لوجود منافسين أقوياء
وأقوام ذو طبقات راقية يقفون في وجهي ولكن هنالك طريقة .
فالبحث الذي أقوم عليه بالقليل من التطوير قد ينجح
أرتفع طرف شفتي بغرور وتعلقت عيني بالبحر
فتحطيم كل من يقف في طريقي "بالتحايل والخدع "
وأغراء الأغبياء بما في يدي
هو الحل الأنسب لسحقي الحمقى
***
أضطجع على أحد الأرائك أشاهد التلفاز بذهن شارد
تقوست شفتي في محاولة لكتم غصات روحي المتعبة بدموعاً تأبى التوقف عن الجريان
لقد مر شهر على مكوثي عند أمل بعد رمي علي لي في الشارع ومحاولته للتخلص مني
أشعر وكأنني بت حملاً ثقيلاً على أمل فهي تقوم بالصرف عليه وإيوائي في شقتها الصغيرة
إلى جانب أنني بت أكرهه العيش هاكذا وكأنني عاله
أمل طيبة ودائماً ما تحذرني في التفكير بهذا الأمر فهي مرحبة بي كرفيقة سكن لها وأخت
حركت جسدي إلى أن نمت على جنبي الأيمن
وأرتفعت أناملي إلى شفتي فعضّتها بقسوة ودموعي تتساقط على خداي
" ذياب "
هل حقا مت !!
هل حقاً تركتني وحيدة في هذا العالم !
هل فقدتك إلى الأبد !
أرتفعت صرخات حنجرتي بنحيباً حاد , وبشهقاتٍ شقت صدري
الحياة تبدلت وباتت مختلفة
لأنني فقدت ذياب إلى الأبد
يجب عليه أن أحاول العيش بدون أعانة أحداً لي
سأحصل على عمل وسأعيش وحدي
فلقد فقدت أبي من قبل والأن ذياب فهو كان كل عائلتي
فمن لي الأن إلا الله ونفسي فــ علي مجرد شخص منزوع الأنسانية وسافك للدماء
أنا وهو وذياب أصبحنا متعادلين فنحن مجرد قتله !!
مسحت الدموع التي بللت وجهي وحركت جسدي عن الأريكة
وهمّت واقفة متوجهة إلى غرفة أمل
ملتقطة العباة المخصصة لي مرتدية إياها
خطوتُ بخطوات متثاقلة خارجة من باب الشقة نزولاً بالسلالم المؤدية إلى خارج السكن
مشيت نحو المقهى الذي لا يبعد عنا إلا بمسافة بسيطة
جلستُ على أحد المقاعد ساندة جسدي عليه محدقةٍ نحو خارج النافذة المطلة على الشارع القابع أمامي بدهاليز أفكار لا نهاية لها
لا أعرف متى جاءت ولكن جلست قبالتي فتاة بشعر أشقر باهت مصبوغ
ووجه مستدير أبيض تكسوه الحمره بشفاه زهرية ممتلة بارزه
تحركت تلك الشفاه :" مرحباً ياجميلة "
أعتدلت في جلستِ بإنزعاج وكأنها أيقظتني من غفوة لذيذة
لم أحب أزعاجها لي إلى جانب أنني لا أهوى التحدث مع الغرباء
امتعص وجهي وتورمت أوردتي غضباً
نظرت نحو النافذة منهية أي حديث قد يبدأ بيننا
صوبت نظري لنعكاس زجاج النافذة لجسدها النحيل ووجهها الشاحب رأيتها ترفع كفها مشيرة للنادل بصوتا تغنى بالغنج : " لو سمحت أريد موكا حاره "
ووضعت كفيها على وجنتيها وهي تنظر نحوي , شعرت بالإرتباك فزاغ بصري لخارج النافذة
جاءني صوتها الرقيق وهي تقول :" يا أنسه "
أغمضت عيني بتوتر وفتحتهما وقد حركت رأسي موجهة نظري نحوها
وبصوتا لا يكاد يسمع قلت " نعم "
تحركت يديها لتعبث بمحتويات حقيبتها مخرجة ورقة منها
عقدت حاجبي وأنا أراها تضع ورقة على الطاولة أمامها بأصابع تحركها نحوي
وتقول بإبتسامة متغنجة يزينها المرح : " أنا أعمل في مقهى كبير وجديد ونحن نحتاج لعاملات من النساء هنالك براتب مغري جداً في اليوم الواحد "
بللتُ شفتي والأفكار تتشابك في رأسي , عمل هو ما أحتاجه الأن !!
ولكن توجس قلبي خفية فأنا لا أعرفها جيداً!!
ولا أستطيع الوثوق بها
حركتُ شفتي هامسة : " وكم الراتب! "
إبتسمت وأصابعها تعانق بعضها وعينيها تبرق بوميضاً من المكر : " في اليوم الواحد300 درهم "
فغرت فاهي أنه لراتباً جيداً جداً .. بل غير معقولاً أبداً.. لليوم الواحد أحصل على ثلاثمائة درهم
كيف لي أن أفوت مثل هذه الفرصة
لم أفكر ولن أفكر فانا أحتاج للعمل..
ولا أستطيع الأعتماد على أمل طوال الوقت أو إلى مدة أطول من هذه
أعطيتها الموقفة بسرعة مسجلة رقم هاتفها النقال على ورقة
أنها لطيفه وودوده ولكن هنالك شعوراً بالحذر يراودني إلى الجانب الخوف
وقفت وهي تقول : " إذن لنلتقي يوم الخميس بعد أربعة أيام لاتنسي , بما أنه ليس لديك هاتف نقال فإرجوا أن تتصلي بي لأنني أتعب كثيراً في العثور على عاملات وأنتي سوف تخسرين وظيفة الحصول عليها في هذا الزمن بات صعباً "
هززت رأسي مؤكدة لها: " أعدك أن أتصل "
رفعت كفها إلى الأعلى مودعة وهي تقول: " حسنا أذن إلى اللقاء "
تسارعت خطواتها بين صفوف الطاولات بجسداً رشيق ..فاتن.. طويل.. يكادُ يتعرى من الملابس
طوقت جسدي بذراعي أفكر , هل الذي فعلتهُ صحيح !!
ولكن أنا من لي لكي أخاطب نفسي وأسألها عن الصحيح والخاطئ ... هذه حياتي التي يجب عليه خوضها لوحدي بدون مساندة أحد
ها قد وجدتُ عملاً بكل سهولة أأتركه هاكذا !!.... لا وأبداً ....
عدت إلى الشقة بعد وقتٍ طويل من الجلوس في المقهى وقد شارفت الشمس على الغوص إلى وجهتها الأخرى
فتحت باب الشقة بأصواتٍ ملئتها على غير العادة
تقدمتُ أحث الخطى لداخل لأقف مندهشة لرؤية أمرأة قصيرة القامة وبدينه تمسك بأذن أمل الصارخة
تصادمت كفيّ أمل مترجية المرأة وهي تقول : " أمي, أمي أرجوكِ "
اتسعت أجفان أمل وهي تراني بإنفتاح فمها صرخاً : " تــرفه "
أفلتت والدة أمل أذن ابنتها محدقة بي بحاجبان رُسم بينما التجاعيد
أسرعت أمل لتقف روائي ممسكة بكتفي
تجعد جبيني وأنا أحملق بها برأساً أرتفع إلى الأعلى لتبتسم هي قائلة : " أمي هذه صديقتي تــرفه التي حدثتك عنها والتي تعمل معي في المشفى مع أنها بنفس سني ولكن "
صمتت وهي تنظر إلي رافعة ذراعيها إلى الأعلى مفخمة صوتها : " ولكن من ينظر إليه يظنها في الرابعة عشر من عمرها "
أنفتح فاي فحركت هي كفيها مستهزئة : " إلى جانب طولها المخجل جداً "
ووضعت كفها على صدغها ممثلة الأشمئزاز
يا إلهي !! أنها تسخر من طولي وأيضاً تكذب !!
تحرك جسد والدتها بسرعة ليصل إليها ضارباً كتفها
تحركت شفاة والدتها الغاضبة : " وأظن أنها ليست مثلك "الطول طول نخله والعقل عقل صخله"
أتسعت مقلي أمل بشهقة أطلقتها بصرخةٍ وهي تضع كفيها على شفتيها قائلة: " أمــي يا إلهي ماهذه الأهانة "
أمسكت المرأة بكتفي وهي تقودني إلى غرفة المعيشة
وأمل تصرخ من خلفنا : " من قال أن عقلي مثل عقل الماعز إذن كيف لي أن أدخل المجال الطبي في تخصص جارحة القلب وايضاً لماذا أعمل في المشفى الأن لو كان عقلي مثل حبة الفول لكنت فضحتك يا أمي لكنتُ الأن أمسح بلاط عش أبقارك "
خلعتُ العباة عن جسدي جالسة على الأريكة بجانب والدة أمل
نظرت إليه عن كثب مدققة في تفاصيل وجهي وجسدي
أخيراً إبتسمت وهي تقول : "من أي مدينة أنتِ ؟ "
حدقتُ إلى الأرض وألتحف وجهي بالخجل
وأنا أخبرها عن مكان سكني في الماضي بتردداً وبخوفاً أحتل قلبي
لتزيد من جرعة اسإلتها : " ومن أمك وأبيك ومن أي قبيلة أنتِ ؟"
تقوست شفتي بدموعاً حبست في مقلي وبأجفان نعست بألم إستكانها
فأسإلتها تعيد شريط الذكريات الذي طلي بطبقة من الغشاء مغطية بالأوجاع
أزدريتُ ريقي لأقول : "أنا يتيمة "
أتسعت عينيها بأسف وهي تقول : " يا إلهي صبرك الله يا صغيرتي, ولكن عند من تقيمين ؟"
طأطأت رأسي مفكرة وخائفة من قول الحقيقة
من المستحيل أن أقولها... فلقد أستحالت ماضياً يجب الكتمان عليه
ولن أخبر أحد به ..
حاولت إبتسامة حزينة أعتلاء شفتي بشقف وأنا أقول : " عند خالتي "
فأم ذياب خالتي كأي أمرأة كبيرة يجب أحترامها ومنادتها, ولكن كنتُ اناديها بأمي
ترجيتُ قلبي أن لا ينزف فتدمع عيني للذكرى التي طوقت روحي
لم أستطع إلا الأنصات لأسئلتها التي لم تنتهي أبداً
بعد فترة من الزمن قامت والدة أمل بالطوفان في الشقة فتحركت نحو أمل التي تقوم بصنع القهوة
أقتربت بإتجاهها إلى أن توقفت قبالتها... حركت حاجباها وهي تهمس لي : " أسفة فأمي شديدة الفضول , تسأل وكأنها تنوي خطبتك"
قهقهة بصوتٍ خافت وهي تضيف : " احتمليها قليلاً "
علت شفتيها إبتسامة حلوه وهي تردف : شكراً لكِ يا تـرفه فبفضلك باتت شقتي مرتبة "
بادلتها الأبتسامة, أمل دائما ما تبعثر أغراضها وتعوث في الشقة فساداً
ولكنني لا أستطيع رؤية كومة الجنون الذي تخلفهُ ورائها وأجلسُ صامتة
على الأقل هذا أقل ما أفعله جراء مكوثي لديها وأحتوائها لي
****
حل الخميس.. لأتصل بوداد التي تعرفت على أسمها من خلال مكالمتنا الأولى
الحديث معها شيق إلى جانب تحدثها النهم عن العمل بحلاوة أمتعت فضولي وبثت الشوق إلى نفسي
بصدق أشعر بالراحة القليلة معها فهي ودوده واجتماعية تجعلك مستمتع بالتحدث معها
فمنذُ ذلك اليوم الذي ألتقيت بها أتصلت بها عبر نقال أمل التي لم تمانع أبداً
حقيقة أشعر بالقليل من تأنيب الضمير لأنني لم أخبر أمل عن العمل الذي حصلت عليه
لأنني خائفة من رفضها وجرح مشاعرها
فقط أخبرتها أنني صادقتُ فتاة ألتقيتُ بها في المقهى
فقضمتُ شفتي عند رؤية الدهشة التي أعتلت وجهها
أعرف أنني كنتُ منطوية منذ فترة طويلة ولكنني الأن وضعتُ أهدافاً في طريقي
وأسعى إلى تحقيقها بعزم وبنزع قناع الأحزان الماضية وبركل ودعس الماضي وطويه إلى أن يتكدس بيدي ثم أقوم بتمزيقه ورميه في محيط من الذكريات المنسية
أغلقت الهاتف بعد مكالمة قصيرة مع وداد بعد مواعدتها على أن نلتقي في السادسة مساءً
صحيح أن الوقت متأخر, ولكن هي قالت أنها فقط مجرد مقابلة إلى جانب التعريف على مكان العمل وكيف هي ساعات العمل
لم أمانع ولكن انتابني القليل من تأنيب الضمير بالأضافة إلى الخوف من الخروج في الليل
لأنني لم أفعله من قبل!
أرتديتُ عباءتي خارجة من غرفة أمل إلى غرفة المعيشة
أضقتُ أجفاني عند رؤية أمل الجالسة على الأريكة ببجامة وردية وبشعر تغطي جسدها به
وهي تلتهم قطع البطاطس الهشه مشاهدة أحد الأفلام
أحتلت شفتيها إبتسامة كبيرة لتختفي في ثواني بظهور علامات الأستفهام على وجهها
تقدمت نحوها وشعور بالخجل طوق نفسي وأثقل لساني عن البوح بالحقيقة
هوت نظراتي أرضاً وأنا أحاول النطق بالعبارات المحشوة في جوفي
فكذبت بكل بساطة قائلة : " أمل أني ذاهبة لرؤية صديقتي وداد في المقهى المجاور هل يمكنني ذلك! "
نظرت أمل إلى الساعة القاطنة على الجدار وقد قطبت جبينها ومن ثم صوبت أنظارها بإتجاهي بمقلتين أحتوتا نزاعاً سطع فيهما وهي تزم شفتيها قائلة : " الوقت ليس بمتأخر إلا قليلاً ولكن أذهبي "
ثم رسمت إبتسامة تنم على عدم الأقتناع
زفرتُ نفساً سجن بداخلي وأنا أعبر بوابة العمارة
أعرف أنني مخطئة وأشعر بالخجل من أمل فأنا أحبها وأحترمها كثيراً
ولكن هذا من أجل مصلحتي أنا !!
أنتظرت وداد لدقائق قليلة لتأتي في الموعد المحدد
طافت بشفتي إبتسامة تلوحت بالخوف وعانقة الوجس
لما أشعر بهذه الأحاسيس المرعبة !!
فعقلي يزجرني يمنعني من السير إلى طريق مجهول مع غرباء أجهلهم
أما نفسي فتقودني بلا رادعاً نحوهم
لما الخوف فأنا قد تعرفت عليها جيداً ..وللولهة الأولى كانت تبدو طيبة وخلوقة معي
لما تخاذل العزيمة فأنا لست بالمترددة ولا الخائفة
ولكنني الأن أصبحت حذرةٍ عن ذي قبل وبعد كل الذي حدث معي .
قوية من عزيمتي بتبادل الأحاديث مع وداد
إلى أن وصلنا إلى مبنى فخم راقي من الخارج تسكنه مصبايح تشع كألعاب نارية تلألأت في السماء
أمسكت وداد بكفي تقودني إلى الأمام , فدخلنا إلى الداخل
أتسعت حدقتي بإنبهار بالبذخ والترف الذي من حولي
أزدريتُ ريقي وأنا أتقدم بخطواتٍ بطيئة مع وداد بتشتت بصري حولي
وإنعقاد حاجبيّ لرؤية قاعة خافتة الأضواء في وسطها توجد طاولة طويلة مائلة تحمل على أطرافها صفوفاً من المقاعد يلتف حوالها بضع أشخاص إلى جانب النُدُلٌ من الجهة الأخرى
دقت نواقيس الخوف في قلبي برأساً ألتفت إلى وداد بعينين أرتدت الأستغراب
فتسألت بوجل : " أين نحن !"
نظرت إليه بشفاه حملت إبتسامة توحشت بضباب الرياء وهي تقول : " لا تقلقي العمل ليس هنا "
تنفست بخنق أيمكن أنني أتخيل أم ماذا!! لا يمكن أن يكون مقهى !!
حاولت طرد مايجول برأسي وأنا أتتبعُ وداد التي تشبثتُ بها أكثر
أرتعش جسدي رعباً .. بأعين تغطت بالذهول
ملابس فاصخة متعرية تكاد تتمزق من شدة ألتصاقها بالأجساد
إلى جانب حزمة الأجساد المقززة التي تكاد تلتصق ببعضها وتفوح بروائح العطر الممزوجة برئحةٍ نتنةٍ
يا إلهي !!
شهقت بشهقة كادت تقتلع روحي معها... بعينين جحضتا بهلع
.. خــمر ...
مسكر يترنحُ في الكؤؤس ويتساقط متبعثراً على الأرض
ماهذا المكان !!
ولما أحضرتني إلى هنا, وهي تقول مقهى!!
صعدنا على السلالم متجهين إلى الأعلى
وبكل خطوة أخطيها صعوداً تتهالك قدماي وأكاد أهوي أرضاً من الرهبةٍ
يحاول عقلي إعادة ما رآى.. محاولاً استواعبه..
وقفت أحدق حولي بشفتين مرتعشتين وجسد مرتعب
إلتحمت قدميّ بالأرض بإرتفاع رأسي إلى وداد الواقفة أمامي بدرجة واحدة مكورة قبضتي الملتصقة بها
شدّة ذراعي بقوة عنها نازعةٍ أناملي المتشابكة بكفها بغضباً إشتعل في صدري
مما جعلها تفقد توازنها متشبثة بسور السلم.. بوجهٍ أتسعت مقليه
أحتقنت الدماء في وجهي فصحتُ بدموعاً جفت من مقليّ : " إلى أين تأخذنني !! ولماذا أحضرتني إلى هنا!!"
نزلتُ درجة واحدة من السلم وأنا أحدق بها بأسناناً تلاطمت وأعتصرت ببعضها
أبتعلتُ أنفاسي الغاضبة وأنا أضيف: " أنه ليس بمقهى , من المستحيل أن يكون مقهى مثل الذي في حيّ!!"
تهيج صوتي لأردف: " سأعود إلى المنزل فلست راغبة بالعمل في مكاناً كهذا"
تلثمة عينيها بالقسوة وهي تلتهم المسافة الفاصلة بيننا بثانية حافرة أظافرها في رسغي
ساحبة ذراعي بشدة تجرني إلى الأعلى
ترسخت قدميّ على الأرض في محاولة لمقاومة سحبها لي
حدقت بها بمقل غاضبة وصرخت عليها بصوتٍ شق صدري:" دعيني !!!!!!
" لن أتحرك , قلت لكِ أنني سأعود إلى المنزل"
أقتربت مني أكثر ممسكة بي بأصابعاً حطت على أكتافي وبصوتٍ نسج بالبراءة قالت : " ما الذي حل بكِ , لما تصرخين !!"
أرتفعت كفيّ بشراسة نحو ذراعيها في محاولة لنزعها عني وأنا أقول : " دعيني !! "
غمرة روحي موجاتٍ من الرعب.. وبهت من تبدل ملامح وجهها الذي أصبح يسبح ببحراً من السواد بعينين خبيثتين ماكرتين
جرتني بشدة وهي تصرخ لتلتف حولي أربعة فتيات بوجوهٍ أحتست بلأثام
قرعت نبضاتُ قلبي صدري بفزع
وأنا أحاولُ إفلات ذراعيّ منهن
طوقن جسدي بأصابع اخترقت طبقة جلدي
وسحبنّي حتى زجّنّي بداخل غرفة مظلمة إوصدت أبوابها
لطمتُ الباب بقبضتي وأنا أصرخ بسحابة من الدموع غشيت عيني
وهطلت بالأمطار بصدراً يكاد يضيق بذرات الهواء
لماذا صدقتها بهذه السهولة !!
لما أذعنتُ لنفسي وغفلتُ عن توجس عقلي !
لن يفيدني شيئاً الأن... فلقد وقع الفأس بالرأس وأنتهيتُ
فالقادم مجهول ولا أعرف ما الذي سوف يفعلونه بي !!
تهالكتُ على الأرض لأجهش ببكاءً مرير
أرتعد فؤادي وأنا أرى الباب يفتح أمامي لتظهر منه وداد بذراعين تطوقان جسدها
وعينين تكادان تفترساني
تحركت شفتيها المطلية بالحمرة:" لو بقيتِ صامتة لما إستخدمنا العنف معكِ"
إرتجفت شفتي وأنا أحدق بها بدموعاً تعلقت بين الأهداب وفاضت من العينين
أبتلعتُ أنفاسي قائلة بشفتين لا تكفان عن الأرتعاش : " كيف لكِ أن تخدعني بقولك أنه مقهى "
حركت وداد شعرها إلى الوراء بإبتسامة تلونة بالشر
علا صوتي بسقوط وشاح رأسي أرضاً وتناثر ظفائري على وجهي:" أنها حانه أنني أعرف ذلك "
صمت لدقائق مضيفة بعدها بصوتٍ خافت :" أعرف, أعرف أنــ هـ ا ا.. أنها مستنقع للرذائل "
أحتلت وجهها تقطيبة حملت الأحتقار
انفرجت شفتي هامسة بأنفاساً تتعارك فيما بينها وأنا أهز رأسي بعينين متسعتين :" تباً لكِ من كاذبة "
تجهم وجهها الجميل بعينين سطع بهما الحقد وهي تقول : " دعيني أخبرك إياهُ بلطف فأنتِ الغبية الساذجة التي تصدق الغرباء وتثق بهم بكل بلاهة "
أرتفع طرف شفتها العلويه بإشمئزاز لتضيف:" أما أن تطاوعني وتحصلين من جراءِ ذلك على راتب رائع بالأضافة إلى أخلاء سبيلك وجعلكِ تتمتعين بملاذات الحياة.. أ أ أما إذا رفضتِ فستحبسين كالسبيه في هذه الغرفة إلى أن تموتين وتتعفنين, وبدون مقابل نأخذ منكِ ما نريد "
أنحفر الذعر على وجهي لأطلق شهقة قوية تتلوها صيحة مرتعبة
أرتجف جسدي لأقف بقدميّن لا تكادان تحملانني
بدموعاً تجمعت في مقلي هتفت : " لن تفعلي هذا بي!! لأنكِ ستخلين من سبيلي حالاً "
تقدمت نحوي حتى توقفت قبالتي بإرتفع كفها صافقة وجهي حتى أنحفرت أصابعها على خدي وتلونت وجنتي بالحمرة
أتسعت حدقتي بدموعاً أنجرفت ببذاخة على وجهي
صرخت في وجهي بوجهٍ أستّر بالظلام :" أصمتِ يا ***** ولا ترسمي الأحلام فأنت بتِ عبدة لنا ولا يحق لكِ التحدث "
أرتفعت كفي إلى وجهي لامسة بصمة أصابعها الحارقة الملتهبة
جررت قدماً إلى الخلف وتتلوها الأخرى حتى هويتُ أرضاً بدموعاً تتدلى من مقلي
كيف بتُ عبدة لهم !!
كيف للحرة أن أتصبح عبدة لشياطين الأنس !!
ماذنبي لتصديق الناس بكل سهولة
ماذنب نفسي البريئة وقلبي العفيف الذي لم يجرب قسوة الحياة
هل سوف أسلب , هل سوف أُلطخ بالأوساخ !!
أتنتهي حياتي إلى هذا القاع الوحل !
حل الصمت بصفق وداد للباب
تقوست شفتي وأنا أضم جسدي المرتعش بذراعيّ وأبكي بصراخ روحي ونزف قلبي
أبكى بضعف جسدي وصغري !
تلطخ وجهي بالدموع المالحة بسقوط روحي في قعر التعاسة والوحشة الخرساء وقد تكنفت بزوال الأحلام
نهضةُ متقدمة إلى الباب صارخة بكل قوتي في محاولة لتحطيمهُ وفتحه بقبضتي
لكن لم يجدي ذلك نفعاً !
جن جنوني فهرعت إلى النافذة القابعة في زاوية من الغرفة وفتحتها
أرتعشت شفتي بترقرق الدموع في عيني وسقوطها بشهقاتٍ حبست أنفاسي
..حدقتُ إلى الأسفل ..
تبحر حفرة من السواد في الفضاء بسقوطها إلى الأسفل بهبوب نسماتٍ باردة من الهواء ولوحان أناراةٍ خافتة لسيارات وكشكات قادمة من الأسفل
أرتد جسدي إلى الخلف برعباً ألتصق به
صدر صوت تمزق لأسقط على الأرض وعباءتي تكشف عن ساقيّ الملتحفة بالجينز
تقوست شفتي وأنا أهم جالسة محاولة تغطيت الشق الذي رسم على أسفل عباءتي وأمتد إلى ركبتاي
صوت إدخال المفتاح وانفتاح مقبض الباب وصل إلى مسامعي
التفت إلى جهة الباب بوجهٍ إستحال أبيضاً بهروب الدم منه
صدرت مني أهات تتلوها شهقة انبثقت من جوفي
بإرتفاع أصابعي إلى شفتي عند رؤية وداد ومعها رجلاً ما
رشقتني وداد بأعين سكنها التهديد
لتعوم على شفتيها إبتسامة حيكة بالخبث : " جميلة , وصغيره, وخجولة إلى جانب أنهُ ليس لديها خبرات سابقة , تحتاج فقد للقليل من المهارات في التعامل معها... فهي شرسة جداً "
جفل فؤادي و إنحشرت أنفاسي بصدري وتقاتلة مريقةٍ أخر رمق منها
حدق بي حتى عـراني من الملابس
بأعين خدشت روحي بالنصول وهتكت عفاف جسدي
سحبت رجلاي المرتجفتين حتى أثنيتهما تحت جسدي بملقتين جفتا من الدموع
جاء صوته اللعوب يترنحُ بسكراً : " فريسة لذيذة يا وداد , لاتقلقي فأنا قادر على ترويض اللبوة الشرسة بطريقة تجعلها تسقط بين ذراعيّ مخمورة "
أرتعدت أوصالي لأهب واقفة وقد سكن الهلعُ جسدي
وقدماي تتحركان إلى الخلف وكأنني أسحب ورائي سلاسل من حديد إلى أن ألتصق ظهري بالنافذة القابعة خلفي
أصطبغت مقليّ بالذعر
وأنا أرى وداد تنسحبُ مغلقة الباب ورائها
والرجل يقترب مني بوجهٍ كسته الرغبة الأثيمة
أرتجف جسدي برعب وأنا أجر قدمي إلى الخلف
تعلقت كفيّ في مقدمة النافذة لأجلس رافعة جسدي إلى الأعلى
وقد سقط حذائي عن قدمي وأنا أقف عليها
حدقتُ بوجههِ الذي تكنف بالفزع وهو يصرخ : " أأنت مجنونة !! ما الذي تفعلينه !"
هززت رأسي بأعين رسم بهما التحدي
وشفتين مقوستين إلى الأسفل بدموعاً تسيلُ على خداي
أدرتُ رأسي إلى خارج النافذة المفتوحة مستنشقة ذرات الهواء الممزوجة بالغبار
و بعزيمة تكاد تخر
بدموعاً تحرق وجنتي
نظرت إلى الأسفل وأصابع قدمي تلامس الهواء

الموت

ولااا " العار !! "



نهاية المعانقة السابعة


نجلاء الريم 02-09-12 11:25 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي سميتكم غلاي........

هل سمعتي من قبل بالجمال المهجور هذااا ما يطلق على روااايتك

روايه رائعه حتى الوجع معها تحسين بالم لذيذ لا تشعرين بالوجع من شدة الجمال

أحرفك فخمه نسجت جمال لا يضااهى. اهنيك. على لغتك وبراعتك ....

المشكله بالنسبه لي. انني تشبعت من الفصحى وابحث عن فسحه من التسليه ألقصيده البعيده عن التعقيد

ولم اكتشف كنزك الا قريباااا اعتذر. بشده فالعيب. فينا وفي وقتها وكثرة الروايات الحاليه ......

اما أنا من اليوم ساكون من متابعيك. فهل ساااجد ترحيب ويقبل عذري

فانا في لهفه لمعرفة مصير ترفه. ولا اااصدق بموت او اختفاء ذياااب

ننتظر اجابات لاسئلتنا *

شبيهة القمر 03-09-12 12:45 AM

السلام عليكم

هلا فييج غلاااي حيااج ربي ..>>فيس توه ينتبه للقصه هههه
ماعليه يقول ان تأتي متأخرا خيرا من ان لاتأتي ابداااا

تدرين غلاااي لي كم يوووم وانا ادور على قصه اماراتيه >>فيس مشتاااااق

بس للاسف مالقيت شي يعجبني .. واليوم من اعلان هنووو بالشريط طحت على قصتج

قرأت البارت الاول بس خساااره ليييه ماكانت الحوارات باللهجه الاماراتيه ..؟؟؟؟

كاان بتصييير القصه من أروووووع القصص ..

بس هذا مايعني ان قصتج سيئه بالعكس وااايد حلووه وان شاءالله لو بلاقي وقت بكملها ويااكم

عموماا اتمنى لج التوفييق ولقصتج بالاكتمااال ..

بسااتين من الورد لقلبج ياغلاااي ...

.

.

.

.


فيس النوري رايح يدور عن قصه باللهجه الاماراتيه خخخخ

عذرا ياقلب 03-09-12 01:08 AM

هههههههههههههههههههههههههه يافديتني وانا متشعبطه واعلن عن ماهو جميل


قموووووووووووووووره يالبى الا جت تركض <قلوب تنبض

صادقه الروايه جميله وجدا وان شاء الله تلقى اقبال وردود اكثر



نجوووووووووووووول منوره منوره بطلتك
الا ان شاء الله ذياب مامات فالتس ماقبلناه

بنت المطــر 04-09-12 02:12 PM

مساء الخيير
لفت نظري اعلان هتونه. وضغطت عليه. ووصلني. للجمال اللي هنا
ترفه موقفها صعب من بداية ما اخذها ذياب ورباها. الىمعرفتها بوجود اخوها علي
لوقت ماعرفت بحقيقة ذياب ومحاولة قتل علي له. وبعدها سكنها مع امل واخررها مع. الكلبه وداد حسبي الله اليها
ذياب معانااه. تربي بنت اللي قتلته ومعاناه. معرفتها. وانك تطلب العفو منها.
اعتقد انك موجود واصبت بس ما مت.
امل حبييييت هالمجنونه. دمها عسل. بس. لازم.تمتنع عن السكر. لانها. تسويالمصايب اذا. حلت
عامر. بشويش على عمرك. الا امل. ترى اخرتها. بتركظ وراها. يا. دكتور


سميتكم غلاي. واصلي المسيره. مهما كانت الردود. وبالتوفيق. يا عسل.

سميتكم غلآي 04-09-12 02:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3170475)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي سميتكم غلاي........

هل سمعتي من قبل بالجمال المهجور هذااا ما يطلق على روااايتك

روايه رائعه حتى الوجع معها تحسين بالم لذيذ لا تشعرين بالوجع من شدة الجمال

أحرفك فخمه نسجت جمال لا يضااهى. اهنيك. على لغتك وبراعتك ....

المشكله بالنسبه لي. انني تشبعت من الفصحى وابحث عن فسحه من التسليه ألقصيده البعيده عن التعقيد

ولم اكتشف كنزك الا قريباااا اعتذر. بشده فالعيب. فينا وفي وقتها وكثرة الروايات الحاليه ......

اما أنا من اليوم ساكون من متابعيك. فهل ساااجد ترحيب ويقبل عذري

فانا في لهفه لمعرفة مصير ترفه. ولا اااصدق بموت او اختفاء ذياااب

ننتظر اجابات لاسئلتنا *

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لقد قرأت ردك لعشرة مرات أو أكثر "بصدق" ...

لا أدري أي مشاعر كانت تخالجني عندما قرأته لأول مره .... فلقد سعدة جدا قولي لم اصدق ...

كم انتابنتي نوبات الأحباط وهي مؤلمة جدا , أفقد الامل تراه ولكن أستعيد ثقتي بنفسي تراة أخرى
قاومة وقاومة ... حتى اتعبت نفسي ... ولكن تشجيع صديقاتي أشعرني قليلا بالراحة

صمت فأنا لن أعنف أحد فالشخص حر بنفسه ... ولست أجبر أحدا على الرد عليه ...

كلماتكِ بحق اسعدتني بصورة لستي تتوقعينها ... عندما فقدت الأمل بوجود متابعين لي هنا

أعذرك عزيزتي فانتِ لم تكوني تعرفينها لا داعي للأعتذار فعذرك معك

قبلاتي الحاره لكِ ولمتابعتكِ لي ومربحة بك من كل أعماق قلبي

ومن أجل المعانقة الثامنة سأحاول أنهائها في أسرع وقت ممكن بأذن الله

من الممكن أن نعرف في المعانقة الثامنة ما الذي حصل لذياب أو لا ! ترفه سنعرف مصيرها ..

وطبعا هنالك أحداث كثيره توجد في المعانقة الثامنه ...

ياجميلة شكرا تواجدكِ

نجلاء الريم 04-09-12 03:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سميتكم غلاي (المشاركة 3171205)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت ردك لعشرة مرات أو أكثر "بصدق" ...
لا أدري أي مشاعر كانت تخالجني عندما قرأته لأول مره .... فلقد سعدة جدا قولي لم اصدق ...
كم انتابنتي نوبات الأحباط وهي مؤلمة جدا , أفقد الامل تراه ولكن أستعيد ثقتي بنفسي تراة أخرى
قاومة وقاومة ... حتى اتعبت نفسي ... ولكن تشجيع صديقاتي أشعرني قليلا بالراحة
صمت فأنا لن أعنف أحد فالشخص حر بنفسه ... ولست أجبر أحدا على الرد عليه ...
كلماتكِ بحق اسعدتني بصورة لستي تتوقعينها ... عندما فقدت الأمل بوجود متابعين لي هنا
أعذرك عزيزتي فانتِ لم تكوني تعرفينها لا داعي للأعتذار فعذرك معك
قبلاتي الحاره لكِ ولمتابعتكِ لي ومربحة بك من كل أعماق قلبي
ومن أجل المعانقة الثامنة سأحاول أنهائها في أسرع وقت ممكن بأذن الله
من الممكن أن نعرف في المعانقة الثامنة ما الذي حصل لذياب أو لا ! ترفه سنعرف مصيرها ..
وطبعا هنالك أحداث كثيره توجد في المعانقة الثامنه ...
ياجميلة شكرا تواجدكِ

اشكرك. على هذااا الرد. الرااقي.
مما زادني. يقينااااا أني امام. موهبه شابه تخطو. بثبات
لكن. اااهم شئ. الثقه والالتزاااام
اسوااا الكتاااب المزاااجيين
وااارباا بك عنهم
أعجبتني. شخوص. الروااايه وأهنئك على تصوير. انفعلا تهم وخاصة. ترفه بعد. مااا عرفت
بهوية ذيااب
متلهفه للمعاانقه الثااامنه. وبالذات ترفه وكيف ستتخلص من مصيبتها

بالتوفيق. وننتظرك

سميتكم غلآي 06-09-12 10:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3170490)
السلام عليكم

هلا فييج غلاااي حيااج ربي ..>>فيس توه ينتبه للقصه هههه
ماعليه يقول ان تأتي متأخرا خيرا من ان لاتأتي ابداااا

تدرين غلاااي لي كم يوووم وانا ادور على قصه اماراتيه >>فيس مشتاااااق

بس للاسف مالقيت شي يعجبني .. واليوم من اعلان هنووو بالشريط طحت على قصتج

قرأت البارت الاول بس خساااره ليييه ماكانت الحوارات باللهجه الاماراتيه ..؟؟؟؟

كاان بتصييير القصه من أروووووع القصص ..

بس هذا مايعني ان قصتج سيئه بالعكس وااايد حلووه وان شاءالله لو بلاقي وقت بكملها ويااكم

عموماا اتمنى لج التوفييق ولقصتج بالاكتمااال ..

بسااتين من الورد لقلبج ياغلاااي ...

.

.

.

.


فيس النوري رايح يدور عن قصه باللهجه الاماراتيه خخخخ


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا بك أكثر يا جميلة

أرواح متعانقة ... إماراتيه ... البيئه التي فيها إلى جانب الأسماء وكل شيء بالنسبة لي إماراتيه ..

ولكن بلغة القرأن .. الفصحى ...

لا أدري ما اقول .... ولكن خساره .. تلك الكلمات أوقفتني بحق .... واشعرتني باحاسيس كثيره

هل عدم تواجد العامي بين أنحائها تعني خساره ؟؟؟؟؟ ولن تكون بتلك الروعه ؟؟؟

الفصحى أقوى بالمفردات حتى مع الحوار .. ولا تضاهي العامي ...

الأن العالم الألكتروني ممتلئ بالروايات التي تحتوي الفصحى بحوار عامي ...

أتعلمين أنا من اشد المعارضين لأختلاطهما ... نعم ... أشد المعارضين ... فحلاوة الفصحى تكمن بالفصحى الكاملة ... لا أعلم ولكنني لا اقرأ الا الفصحى التي لا يخالجها العامي ... لانني أشعر باللذة ... لذه لا تضاهى ...

اتمنى بحق أن يتغير رأيك .... أتمنى أن تكون أرواح شيئاً جميلاً ...

أتمنى أن تعودي وتكمليها معنا

ياجميلة شكراً على كلامتك وردك العطر الذي لم تبخلي به لي ....

لكِ جزيل الشكر يا نقيه ...

وبحفظ الرحمن

سميتكم غلآي 06-09-12 10:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عذرا ياقلب (المشاركة 3170499)
هههههههههههههههههههههههههه يافديتني وانا متشعبطه واعلن عن ماهو جميل


قموووووووووووووووره يالبى الا جت تركض <قلوب تنبض

صادقه الروايه جميله وجدا وان شاء الله تلقى اقبال وردود اكثر



نجوووووووووووووول منوره منوره بطلتك
الا ان شاء الله ذياب مامات فالتس ماقبلناه

اهلا وسهلا بك يا عذرا ياقلب

شكرا لك ياحلوه على أعلانك .... لك مني جزيل الشكر

سنعرف إذا ذياب مات أو لا <<< فيس خبيث

ياجميلة أسعدني تواجدك

سميتكم غلآي 06-09-12 10:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت المطــر (المشاركة 3171202)
مساء الخيير
لفت نظري اعلان هتونه. وضغطت عليه. ووصلني. للجمال اللي هنا
ترفه موقفها صعب من بداية ما اخذها ذياب ورباها. الىمعرفتها بوجود اخوها علي
لوقت ماعرفت بحقيقة ذياب ومحاولة قتل علي له. وبعدها سكنها مع امل واخررها مع. الكلبه وداد حسبي الله اليها
ذياب معانااه. تربي بنت اللي قتلته ومعاناه. معرفتها. وانك تطلب العفو منها.
اعتقد انك موجود واصبت بس ما مت.
امل حبييييت هالمجنونه. دمها عسل. بس. لازم.تمتنع عن السكر. لانها. تسويالمصايب اذا. حلت
عامر. بشويش على عمرك. الا امل. ترى اخرتها. بتركظ وراها. يا. دكتور


سميتكم غلاي. واصلي المسيره. مهما كانت الردود. وبالتوفيق. يا عسل.

مساء النور والسرور

ياحلوه ... شكرا لكلماتك التي بثت الفرحة لقلبي وعلى تواجدك العطر بين صفحات أرواح متعانقة

حقا فاني أتلذذ بردودكم ..

سأواصل بأذن الله مع تشجيعكم لي بحق تشجيعكم أعطاني القوة ...

شكرا على تواجدك ياجميلة أنني ممتنة لكِ

وحفظك ربي

سميتكم غلآي 06-09-12 02:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3171233)
اشكرك. على هذااا الرد. الرااقي.
مما زادني. يقينااااا أني امام. موهبه شابه تخطو. بثبات
لكن. اااهم شئ. الثقه والالتزاااام
اسوااا الكتاااب المزاااجيين
وااارباا بك عنهم
أعجبتني. شخوص. الروااايه وأهنئك على تصوير. انفعلا تهم وخاصة. ترفه بعد. مااا عرفت
بهوية ذيااب
متلهفه للمعاانقه الثااامنه. وبالذات ترفه وكيف ستتخلص من مصيبتها

بالتوفيق. وننتظرك



نجلاء الريم

عزيزتي أني سعيده بوجودك بين صفحات أرواح متعانقة ... وسعيدة جدا بوجود متابعة مثلك

أن لقيتُ التشجيع فان عزيمتي سوف ترتفع ... وسأتحمس أكثر

سأحاول الألتزم أن استطعت بأذن الله

بعد أسبوعين سأعود إلى مقاعد الدراسة

ولكن ساستمر في الكتابه ولكن في بادء الأمر أخاف ان أتأخر إلى ان أتعود على جو الدراسه لا أعرف بحق

في الفترة الماضيه أرهقت وأتمنى أن لا يحدث هذه المره وبأذن الله ساكملها معكم

هنالك معانقة اليوم .. بحق كتبتها بكل عزيمة ... ^_^

نجلاء الريم ... شكرا لروحك الجميله ...

وبحفظ الله


سميتكم غلآي 06-09-12 04:22 PM

المعانقة الثامنة


(1)


لاح وميض ضوء أصفر وشق ذرات الهواء كاشفاً عن الظلام العابث في الأجواء
أرتفعت كفي إلى وجهي بأعين ضاقت من الأشعة المخترقة لها
تحركت قدماي إلى الخلف قليلاً .. بأنفاساً لاهثةٍ وتشبثت أصابعي في الجدار الساكن خلفي بإرتجاف
للضوء الذي أنبعث من سقف المبنى المقابل كاشفاً محيط المنطقة من حولي
أستعر الرعب في صدري وأنا أدير رأسي ناحية الرجل أحدق به بأجفان ضيقه
رأيته يضع كفه على وجهه وهو يقترب مني بخطواتٍ تكاد تتعثر
أتسعت حدقتي وأنا أنظر إلى الجهة اليمنى من النافذة وإلى الأسفل
وقد سطع الضوء متراقصاً بين ذرات الهواء
إرتعشت قدماي لعمق المسافة الفاصلة بيني وبين الأرض
ومابين صغر المسافة التي تمثل حبل نجاتي .. بجانب أقتراب الرجل مني
أدرتُ جسدي إلى الجهة اليمنى
وقبل ان تمس أصابعه الممتدة نحوي طرف عباءتي
قفزت وأحتضنت الجدار القابع أمامي بذراعين مرتجفين أنخدشا بخشونة سطح الجدار
و بقدمين تحاولان التشبث بكومة البناء القاطن تحتها
أستردت أنفاسي المراقة بدموعٍ تسيل على خداي
وأنا أحاول إنقاذ نفسي من السقوط إلى فوهة السواد القاطنة أسفلي
سحبتُ قدماي بفزع وتكاد أجفاني تغمضان من شدة الرعب بإصطكاك أسناني
إلى أن وصلت إلى الجهة الأخرى وإلى شقة سكنها الظلام
قفزت ساقطة على ركبتاي بإجتياح ذرات الغبار لرئتيّ
بأصابع ملتصقة بالأرضية الخشنة وكأنها خائفة من عدم تواجدها أسفلها , مرتعبة من أن تسقطها في محيط من العتمة
حاولت عطسة ملئها الغبار العبور إلى خارج رئتيّ
فكتمتُ أنفاسي حابسة ضجيج صوتي بدموع إنجرفت على وجنتي
بقدمين مرتجفتين مرعوبتين من تفككِ مفاصلهما
وقفت بخوف شل حواسي بإرتعاش خلايا جسدي
جررتُ قدميّ إلى الباب المقابل لي مقتربة منه بأصابع تصارع ذرات الهواء في محاولة لملامسة الظلام
أصطدمت به بكفان رسمتا عليه زخارف من البصمات
رفعت قبضتي وضربت الباب الزجاجي المنتصب أمامي بشدة
لتبحث أناملي عن مقبضه ممسكة به في محاولة لفتحه
تلاطمت أنفاسي وحبست بداخلي ومقلي تفيضان بالدموع الحارقة المرة وأنا ألطم الباب بجسدي
لم يفتح وكأن أطنانّ من الأتربة تعشعش بداخله
ضغطتُ عليه بجسدي بقوى تكاد تنفذ
إلى أن فتح بشق الأنفس
تعلقتُ بالمقبض ورجلاي تتعثران وتكادان تنفصلان عن جسدي
بقسوة أهلكت جسدي حاولت الوقوف
و دخلت إلى داخل شقة تملئها البرودة بأنواراً خافتة
تحركتُ لاهثة باحثة عن الباب المؤدي إلى الخارج
أفتح هذا وذاك بأنفاس مثقلة بالهواء
جفل فؤادي عند سماعِ صوت إنهمار المياة من داخل الحمام
وقفت وقد تصلبت أطرافي فأنا أقف على مقربة من تلك القطرات التي تتساقط بأنغام مزعجة
أرتدى جسدي الرعب وأنا أحاول حث الخطى
قبل أن يخرج الشخص القابع تحت الدش
عضتتُ شفتي وبصري يتشتت حولي إلى أن توقفت نظرات على باب ترسخ أمامي
بأنفاسٍ مختنقة حدقت به.. كان باب قد حمل لوحة كتب عليها رقم الغرفة
هرعت إليه بجنون لتعانق كفاي مقبضه
وبأنات متلاحقة حاولت فتحه مرة ومرتين وثلاث ولم أستطع !!
شدّته بطاقة يكاد مخزونها ينتهي
سحبتهُ بأنفاساً تكاد تختنق وبجسداً يحتضن الرعب
وقد أنزوت الأمال وسقطتُ في حفرة ساحقة الخروج منها بات عقيماً
تجمعت الدموع ثم فاضت ثم أنجرفت تجر معها سيلا من الدموع الحارقة الممتلئةِ بالحسرات وألألام
لما لا يفتح !! لماذا , لمااااذا !!!! يا إلهي أنقذني
لطمتهُ مرة ومرتين وعشرة وأنا أصرخ لعلهُ يفتح
لعلي أنقذ نفسي من الغرق في هذا الكابوس المرعب
تشبث جسدي بالباب في محاولة لفتحه بصيحاتٍ خرجت من حنجرتي وقبضتي تكاد تنزلق منه
تعلقت أصابعي بالمقبض
وأنا أتهالكُ أرضاً وأبكي !
أبكي بصوتٍ مبحوح يتعثر بالأهات وجسد يرتعش بروح تكادُ تزهق
الموت أسمى من الأنغماس في بئر النجاسة
قتل نفسي لهو خير لي من دنس هذه الحياة
أأرثي نفسي إلى ما ألت إليه !! أأعنفها بعد الذي حصل !
أنغرست تعاسة في روحي ومدت جذورها حتى النخاع
جثيتُ على الأرض وقبضتي معلقة بالمقبض بدموعً غطت عيني بالضباب وبأنفاس مقيدة تأبى الفرار
تحررت قبضتي عن الباب وجسدي يهوي أرضاً
طُلي وجهي بالخوف بإتساع حدقتي وأنا أرصد حركت الباب الذي بدأت فتحته تتسع وتتسع
ليظهر نور غطى مساحة صغيرة من الغرفة
شقت شفتاي إبتسامة عانقة الأمل بترقرق الدموع في مقلي
وأنا أغرس أصابعي في الأرض رافعة جسدي متقدمة نحو الباب
تعلقت أصابعي في خشبه وأنا أجره وأركض إلى الخارج لاطمة الجسد المنتصب أمامي
خادشة جسده بأظافري بأبعاده عن طريقي
هرعت في ممر أبيض طويل تغطيه التحف وأرضية من السجاد الأحمر
وقدماي الحافيتين تدقان الأرض
الجدران تكاد تتلاطم من حولي والأرض تكادُ تتشقق من تحتي بلسعان ذرات الهواء الباردة لبشرتي بصقيع غشى طبقة الدموع في عيني
أرتعشت شفتي وأنا أعبر السلالم المؤدية إلى الأسفل بأرضاً تهتز من تحتي
أتسعت حدقتي لرؤية الأضواء الخافتة بصخب أصوات الناس
ألتصقتُ بالجدار حتى كدتُ ألتحم به
بوجهٍ تغلف بالهلع حدقت حولي أرى الذاهب والأيب
أمتلىء قلبي رهبةٍ لرؤية وداد الواقفة على بعد خطوات مني
نشف الدم من وجهي وتشبثت أصابعي في الجدار حتى كادت تحفره
وأنا أحاول حث قدماي على المسير دافعة بجسدي إلى الهرب قبل أن يرتد طرفها وتراني
قبل أن تحوم شباكهم حولي وتقيدني إلى سجن أبدي ضيق
دفعتُ بجسدي إلى الأمام وأنا أمشي بخطى وجله تعتريها العثرات
وعيني تحدقان حولي بفزع خنق أنفاسي
أنطلقت شهقة من صدري بإرتعاش جسدي
وأنا اصطدم برجل أمسك بكلا يداي قبل أن أسقط
محدقاً بي بعينين طُبعتا الأستنكار
حرر ذراعاي عنهُ... وهو يحملق بي بحاجبين منعدقين
بطاقة منتهية, بقدمين غير قادرتين على حملي ركضت مزيحة الرجل عن طريقي
لاطمة هذا وذاك مصارعة الأجساد المتدفقة من حولي
ركضت بدموعاً جافة
وكأن أحد ما يطاردني وكأن هنالك أجساد تلاحقني بإيداي تحاول أمساك اطرافي
وحفر أصابعها في جسدي
إلى أن وصلت إلى البوابة ضاربة جسدي بها
مهرولة إلى الخارج بقدمين حافتين أنخدشتا بالحجارة وتغلفتا بالغبار
****

رفعت جسدي عن الأريكة وأنا أنظر بالساعة المتشبثة بمعصمي
لا يعقل فساعة قد شارفت على العاشرة مساءً وهي لم تحضر إلى الأن !!
أهو جنون, لماذا تأخرت !
أيكون قد أصابها شيء!!
المصيبة أنهُ ليس لديها هاتف نقال
تحركت مرتدية عباءتي فوق بجامتي القطنيه ... ذاهبة إلى خزانة الأحذيه
أرتفع طرف شفتي العلويه وأنا أحدقُ إلى الأحذيه المختلطة ببعضها
يا إلهي !
لقد كان في الصباح الباكر في حالة جيدة جداً
وفي ذلك الوقت فقط بحثتُ عن حذائي الرياضي وأفتعلتُ كل هذا الفوضى!
بعثرتُ الأحذيه باحثة عن حذاء جيد
أرتديت حذاء ذا كعب صغير الحجم " لانني في الحقيقة لا اريد البحث أكثر "
وأسرعتُ الخطى نحو حقيبتي ملتقطة إياها إلى جانب هاتفي النقال
وخرجت من السكن متوجهة إلى المقهى
أضواء خافتةٍ تبحر في هذا الليل المعتم .. بنسماتٍ باردة تفح بشرة وجهي
عبستُ وأنا أمشي نحو المقهى القريب مني
حدقت من نافذة المقهى الزجاجيه الشفافه لعلي ألمح طيفها المختبئ وراء أحدى الطاولات
حتى ألتصق وجهي بالزجاج وأنا أنقل بصري إلى الداخل بأعين مدققة باحثه
عضضتُ شفتي السفلية عاقدة حاجباي مفكرة مستنتجة , لا يمكن الا تكون هنا!!
تسارعت نبضاتُ قلبي ببريقاً خاطف مر بدهاليز عقلي لفكرة .. أنها ليست هنا !!
أين يمكن أن تذهب ؟؟
ضغطُ على فكاي وأنا أرى الناس تحدق بي من الداخل والخارج
أظهرت لساني وقدماي تقوداني إلى داخل المقهى
دخلت المقهى بتشتت بصري المنقب عنها
تقدمتُ نحو الأستقبال , أعتلت شفتي إبتسامة ألتف حولها الخوف
وأنا أرى النادل الواقف خلف الطاولة منتظراً حديثي
قلت بصوت قلق : " مرحبا سيد سالم ,إذا سمحت أريد محادثك عن شيئاً ما , أيمكن ذلك "
شقت شفتيه إبتسامة تلوحت بالمرح وهو يقول : " مرحبا بك دكتوره أمل , بالطبع أنا في خدمتكِ! "
بللتُ شفتي وأنا أحدق حولي لأصوب نظراتي نحوه قائلة لوجهه الذي اكتساه الأستغراب : " أريد سؤالك عن ترفه الفتاة التي كانت تحضر معي دائماً هنا وفي بعضاً من المرات لوحدها "
تشبث حاجباه الكثيفان في جبينه مفكراً بعينين ضاقتا وهز رأسه : " لقد رأيتها منذ ساعات قليلة في الخارج برفقة فتاة "
رفع يده مشيراً إلى الخلف وهو يقول : " أنتظري قليلاً "
ضغطُ على أسناني من التوتر بخروج : " حسناً " من بين شفتي
سار النادل داخلاً إلى غرفة تقطن في الخلف
أمتلئ فؤادي رعباً
يا إلهي أرجوك أن تكون ترفه بخير
أرجوا أن لا يحصل لها شيء!!
أرتفع كفاي إلى وجهي لأمسح زخات العرق المتصفدة على جبيني
خرجت انفاسي متزاحمة وأنا أرفع بصري نحو النادلة التي جاءت بدل النادل وحيتني : " مرحباً أمل "
أرتجفت شفتي وأنا أرد تحيتها : " أهلاً أماني "
لمعت عيني وأنا أضيف بخوفاً هز صوتي : " أماني هل رأيتي ترفه ؟؟ هل أتعرفين أين ذهبت ! "
امتعص وجهها بمقلتين تغلفتا بالإستياء وهي تهمس : " أمل تعالي إلى هناك "
واشارت إلى زاوية تقع على يمين المقهى
هززت رأسي وأنا اسرعى الخطى نحو الزاوية
حدقت بوجهها العابس بوجهٍ تكنف بالخوف وأنا اقول : " أماني "
امسكت بكتفي وهي تهمس بشفتين عزفتا التوتر :" الحقيقة رأيتها تتحدث مع فتاة ذات سمعة سيئة " صمتت لثواني محدقة بوجهي الذي أعتلاهُ الجزع , لتزفر بعدها مردفة : " الفتاة ذات السمعة السيئة في الصباح قبل أن تلتقي بترفه حاولت أغراء فتاة بمبلغ من المال جرائي عملها في ال***** , الفتاة أكتشفتها لأنها كانت تعرف ذلك المكان الذي تعمل به تلك الفاسقه "
أبتلعتُ أنفاسي بعينين تلونتا بالفزع
أمسكت ذراعها مدخلة أناملي في مرفقها وبصوت مذعور قلت :" ماااااذا !!!"
حطت أصابعي على رأسي ممسكة بحجابي الذي يكاد يقع من على رأسي , وصرخت بها : " أماني , أرجوكِ أتعرفين أين هو ذلك المكان !! أرجوووكِ أخبرني أرجووووكِ "
تجمعت الدموع في عيني وأنا أضيف بشفتين مرتجفتين : " تــرفه المسكينه , أرجوك يا إلهي , أجوك "
تأوهت بألم وأناملي تحل على شفتي
أني مرتعبة للذي قد يحصل لترفه !
خائفة أن كانت حقاً قد ذهبت مع تلك السيئه وخدعتها !
أخذتُ العنوان من أماني لان الفتاة التي ابلغت عن الحانه قد أخبرت المقهى والشرطه عنها
الشارع مظلم تموج به مصابيح خافتة موحشة
ركضتُ وأصابعي ممسكة بعباءتي التي أكادُ أتعثر بها
وقفت وأنا أرى الماره بوجهٍ تشرب الخوف
بخطواتِ تكاد تتخبط ببعضها ومقل تائهة تحدق حولها باحثة عن الحانه
زفرت نفساً أنحشرت به ذرات الهواء وأسناني تضغط على أناملي
أين يمكن أن تكون !!
انها في هذا الشارع كما وصفته أماني
أحتضنت ذراعاي جسدي وأنا احدق حولي لعلي أجده
دقات نقر خطواتِ تلاحقني
إلى جانب همساتٍ أخترقت السكون الحائم من حولي
وانبعثت من خلفي عبارات تغنت بالغزل :" ياحلوه , يال جمال تمايل جسدك الطويل , يا إلهي لم أرى فتاة في حياتي بهذا الطول الفاتن , وهذا الجسد المنحوت الممتلئ "
" مغرية جداً "
" ياليتني فقط "
أصطدم فكاي ببعضهما وأنا ألتفتُ إلى الخلف بقدمين ضربا الأرض
وقف الشاب المتسكع بوجهٍ جميل أسمر أحتلته تقاسيم لوعوبه
ليصمت لثانية ناظراً إليه عن كثب هامساً بعدها بإيتسامة داعبت شفتيه :" وأيضاً جميلة "
أتسعت حدقتي وأنا أحملق به
يا إلهي حتى أنني لست متعرية من الملابس
أني ألبس العباه بالأضافة إلى الحجاب ومحتشمة
ولست بائعة هوى تحاول إجتذاب الذباب حولها
أستنشقت ذرات الهواء وأنا أصرخ بقنابل ملقومه أنطلقت من جوفي : " ايها المختل , الوقح ,المعتوه, الفاسق , قليل الأحترام والأدب "
ألتهمت الهواء وشفتي تعوم بإبتسامة متوحشة غاضبة :" ما الذي تريده!! لماذا تلاحقني؟ "
تعلقت قبضتي في الهواء لتضيق أجفاني وأنا أحدق بوجهه المذهول بخروج العبارات بضحكة أختزنت الجنون : " أتريد أن أقتلك, أتريد الموت الليلة ! "
ارتد جسده إلى الوراء بحاجبين التصقى ببعضهما لتتغير ملامح وجهه وقد تغطت بالأعجاب
تقوست شفتيه بإبتسامة حبست الأستمتاع ليقول : " أيضاً شرسه "
تنهد بعمق مصطنع ليردف: " رائعه جداً , ولكن لما أنتِ غاضبة ! أنا لم افعل شيء فقط كنت أتغنى بالجمال الذي أمامي "
آآآه يا رقبتي!!
تفجر الدم في عروقي حتى كاد يمزق أوردتي من الغضب
تقدمت خطوة منه لأصيح بصوتٍ أمتزج بالغضب : " الا زلت تتغزل بي , أي عقل تحمل الا تفهم !! " أنفتح فمي بإشمئزاز لأضيف : " لستُ في مزاج يسمح لي باللعب معك الأن , ابتعد عن طريقي ولا تتبعني والا حصل لك ما لا يحمد عقباه "
أتسعت شفتيه عن إبتسامة تزينت بالهزل وهو يحدق بي
هممتُ بإدارتي جسدي إلى الخلف مكملة طريقي
ألتصقت أصابع خشنة بمرفقي
غصت أنفاسي بصدري وانا اقف بقدمين متخدرتين
نفضت ذراعي عنهُ ..ولكن ذلك لم يجدي نفعاً إنما زاد من إلتصاق قبضته بي
أقترب مني حتى لامست حرارة أنفاسه طبقة جلدي وجهي
وهمس بفحيح حارق بكلمات بذئية, خادشة
ضغطتُ على أسناني وأنا انخفض إلى الأسفل منتزعة حذائي عن قدمي
لآنهال عليه بضربات قوية على كتفة مزيحة جسده عني
ابتعد عني وهو يترنح من الضحك بوجهٍ سكنتهُ الدهشه
أقتربت منه بجنون بذراعين تتسابقان نحوه وحذائي يلاطم ذرات الهواء
بصرخاتٍ حادة خرجت من بين أسناني صحت: " تباً لك , إيها الطفل العابث , أقسم بالله أن أقتربت مني سأقتلك "
حرك أكتافه إلى الأعلى هامساً بشفتين رسمتا الأستهزاء : " مجنونة "
أشتعلت الحرارة بصدري بغضباً اعمى بصيرتي
رفعتُ حذائي إلى الأعلى مصوبة أياه على الشاب
تعثر بخطواته وهو يمشي إلى الخلف بوجهٍ أرتدى الرعب
وبقوة أرتدت ذراعي إلى الخلف رامية الحذاء على الشاب
ارتطمت مؤخرة الحذاء " الكعب " بوجهه فاستحال أبيضاً وجسده يهوي على الأرض
بصيحات شديدة الألم خرجت من حنجرته
أتسعت مقلي مصعوقة بفم مفتوح مرعوب , ما الذي فعلتهُ!!
أختنقت انفاسي وتراكضت أصابعي نحو وجهي
وانا أقفز كالمجنونه بعد الذي فعلته للشاب المتهالك على الأرض
يجب عليه أن, أن !!
ألتفتُ حولي ملتقطة حذائي منتزعة الأخر عن قدمي هاربة بقدمين حافيتين كالسارقة
مهرولة كالمخبوله أسترق النظرات خلفي في كل ثانية
توقفت للحظه بعد أن أبتعدت بمسافة قصيرة عن مكان الشاب وبصري يرقب جسده
أرتفعت كفاي بإتجاه وجهي ... وأحذيتي معلقة بأصابعي
سحقاً !
يال حظي الجميل , أيمكن انه قد مات !!
يموت فقط من ضربة على الرأس ؟
حملقتُ بالحذاء وقد غمرة شفتي إبتسامة غبية لرؤية الحذاء المدبب من الخلف
لو أنه أصطدم بالزجاج لكان قد حطمهُ بالفعل
رسمت شفتي إبتسامة لتتلوها قهقهة أنبثقت من أعماق صدري
يال الشاب المسكين لقد مات في أول شبابه على يدي
رفعت كفاي بسرعة إلى السماء هاتفة بصوتٍ مترجي : " يا إلهي أرجوك, أنقذه ولا تجعله يموت بسببي "
لا أريد الدخول للسجن , ولا الموت شنقاً بسببه !
عبست بوجهي وأنا أعيد بصري نحوه
انطلقت صيحة من حنجرتي بحاجبين تشبثا في جبيني عند رؤية الشاب الذي هم جالساً
وكفه تدعك جبينه
اختلطت خطواتي برعب متراجعة إلى الخلف
بمرور شبح جسداً أعرفه من أمامي يركض بملابس ممزقة , تـــرفه !!!
أعترتني رجفة خفيفة .. لألتفت نحوها أحملق بجسدها متضارب الخطى بأنفاسٍ لا تكاد تستطيع جمعها
وبسرعة انتقل بصري لمصدر صوتٍ هز أوتاري السمعية من شدته
لقد كان الشاب يقف متقدماً الخطى نحوي مشيراً بإتجاهي بسبابته بشتائم ولعنات بذيئة
أرتجف جسدي بصرخة قوية أنبثقت من حنجرتي وتردد صداها حولي
لآركض حاملة لحذائي فاقدة لعقلي بصياحاً حاد
أهرول في الشارع المظلم الخالي كالمجنونة
إلى جانب ترفـه التي تصرخ برعب في محاولة لإجتيازي ومضاهاة سرعتي
إلى أن وصلنا إلى بوابة السكن
تهالكتُ متشبثة بالجدار الساكن خلفي أصارع أنفاسي المرهقة التي تخالطها موجات من الضحك
خرت ترفه على الأرض صادمة بركبتيها عليها
أرتفع رأسها إلى الأعلى بتساقط خصلات شعرها القصيرة إلى الوراء بتقوس شفتيها المكتنزة وبكائها كالأطفال
توقف ضحكي لأعقد حاجباي بإستنكار .. لما تبكي هذه الفتاة الآن !!
فانا لم ابكي بعد , ما الذي حصل لها !! أهو لم يحصل شيء بالأساس ؟
تجهم وجهي فخرج صوتي متهكماً : " ما بكِ الأن , لما تبكين! "
أطلقت آهاتٍ من صدرها مسقطةٍ رأسها بين قدميها بموجات عنيفة من البكاء بإرتعاش جسدها الصغير
أقتربت منها زاحفة على ركبتاي بقلق ملئ قلبي
لتهز كفي كتفها بخوف
ولكنني لم أرى منها أية ردة فعل الا ازدياد نحيب حنجرتها
فهتفتُ بصوتٍ متوتر, قلق " ترفه لا تخفيني , ما بكِ ! "
تجمدت تقاسيم وجهي وأنا أنصت لصوتها الذي اخذ بالأرتفاع , هاهاها ..
ترفرفت أهدابي بسرعة لصوت ضحكاتها المكتومة التي تحاول أخفائها , تضحك!!
أجنت الفتاة , أو أنها قد فقدت عقلها !!
اقتربت منها في محاولة لإيزاحت ذراعيها عن وجهها بالقوة
فسقطت على الأرض مستندة بذراعيها تداري دمعاتها المنسكبة على وجنتيها بأحمرار وجهها من شدة الضحك
غصت ضحكاتي بجوفي وتفجرت من حنجرتي فقهقهةُ معها كالمخبوله !
****
رفعت قدمي الملطخة بالخدوش بإتجاه ترفه الجالسة قبالتي لمدوات جروحي
آآه أنه مؤلم جداً
عضضتُ شفتي وقلت بصوت متألم : " أنه مؤلم لا تضغطي عليه "
عبست ترفه بوجهها وهي تزيح بكفها قدمي عنها قائلة : " أبعدي قدمك عني"
رفعت قدمي لمرة أخرى مزعجة إيها في محاولة لوضعها على وجهها مستمتعة بإغضابها
ضربتني بيديها وهي تهم واقفة
صحت بها وأنا منطرحة على الأرض أخرج موجاتِ من الهواء على الجروح التي غطت قدماي " أنتظري ألن تعالجي جروح وجهك وقدميك "
توقف جسدها وهي تستدير إليه بوجه تلون بالألم
بخطواتٍ تسحب الأخرى ورائها اتجهت نحوي وجلست قبالتي بشفتين مقوستين إلى الأسفل
أخرجتُ نفساً تزاحمت به التيارات الهوائية مضيفة : " دعيني أعالج جروحك "
أقتربت من وجهها وأنا أضع الدواء على خدوش صغيره أحتلت خديها بالأضافة إلى اللاصقة الطبية
ليسقط بصري إلى الأسفل
تأوهت وأنا أجر ذراعها اليمنى بعنف محدقة بخدوش الأظافر المشوهة ليدها البيضاء
رفعت بصري نحوها بعينين سكبتا الغضب : " من فعل بك هذا "
تجمعت الدموع في عينيها وسكبت العبر
ما كنت أظنها الا أضغاث أحلام
ما كنت أصدق ماتقوله وماهو الا بكابوس حقيقي , كانت ستموت !!!
ستقتل نفسها من أجل الجناة من الدنس
شحنة جسدي بالقوة وأحتويت جسدها الصغير الباكي بعد تدفق هذا الكم الهائل من العبارات المخالج لصدرها
أحاول التخفيف عنها .. فما مرت به منذ دقائق كان بقمة الرعب والجنون !!
قبح الله أفعال هؤلاء الشياطين المتشكلين على هئية البشر
فما هروبها هذا الا عناية من الله لها وانقاذها من شرور هؤلاء المتجردين من الضمير ..


بنت المطــر 06-09-12 04:59 PM

شديتي انفاسي على الاخييير ابدعتي بوصف الاحداث
الحمد لله انه ترفه سلمت من الخبيثه وداد ووقدرت تهرب
اما. العسل. الدكتوره امل. بعد ربي فكها واحسنت. بظربها للمتهجم بالحذااااااء هذا. قدررره
بانتظار. تفاصيل واحداث جديده ولا تنسين طمنينا عن. ذيااب

سميتكم غلآي 06-09-12 05:12 PM

هناك جزء من المعانقة الثامنة بعده ماحطيته أدققه وأحطه بأذن الله

سميتكم غلآي 06-09-12 05:58 PM

(2)








جلستُ واضعاً قدماً على الأخرى في مكتبي... بمقل تحدقان بكتاب طبي
تحركت أصابعي لتغلق الكتاب منتقلة إلى سطح الطاولة بأعين تركزت على مساحة خالية من غرفة المكتب التي اقبع بها
تشابكت أفكاري وتاهه بها عقلي
بعد ساعة من الأن يجب عليه أن أذهب لملاقاة البروفيسور خالد لمناقشة بحثي
الذي يتحدث عن " مرض اعتلال عضلة القلب "
أسقطُ جسدي على ظهر المقعد وأنا أتنهد بعمق
*******
وقفت أمام باب غرفة البروفيسور بأعين عانقة الغرور
رافعاً يدي إلى الأعلى بأصابع تكاد تلامس خشبه , قبل أن تلامسه..
أنفتح الباب ليظهر جسد ضخم الجثه ووجه استقراطي
أزحت جسدي عن الباب وأنا مكفهر الوجه متورم الأورده أحتقر الشخص الذي أمامي
حدق " راشد " بي بملامحه العادية السمراء بوجه حمل الأستهزاء والتعالي بشفتين مغرورتين
بادلته النظره باحتقار غمر تقاسيم وجهي وأنا أهم بدخول الغرفة موشحاً بوجهي عنه
حاولتُ رسم إبتسامة مزيفة على شفتي لرؤية البروفيسور خالد ذو الوجه الشاحب الذي غطته لحية خفيفة تخللتها شعيرات بيضاء
وقف خالد بوجهٍ أرتدى البرود مرحبا بي :" أهلا دكتور عامر "
مددت يدي إلى يده الممدودة نحوي لأجلس على المقعد المقابل له قائلا: " أهلا بك "
تحركت كفي نحو حقيبتي ففتحتها مخرجاً منها ملف حوى رزمة من الأوراق مقدماً إياها له
بأصابع تشبثت بها
رفعت بصري نحوه أحدق بتقاسيم وجهه التي تعكرت بالتوتر وتغلفت بشبح إبتسامة
مد كفه لتمسك أصابعه بالطرف الأخر من الملف وهو يقوس شفتيه بإبتسامة توشحت بالرياء ومقلتين تراقصتا بالأصطناع
أنغرست أناملي في الملف مانعة البروفيسور من انتزاعه
خرجت من بين شفتي كلمات ماكرة ماجت بالغرور : " لقد أنتهيت من الباقي تقريباً , مع الزيادة في المعلومات والبحوث والأكتشافات والتجارب التي قمت بهن "
رصدتُ ملامح وجهه المتقلبه بحيرة طوقت نفسي
أن ذلك لا يفوتني أبداً .. فأنا لست أحمق أو تنطوي عليه الحيل
أشعر بالخيانة تدب في تقاسيم ذلك الرجل المقابل لي
قهقه ليقول وقد أستوطنة روحه دعابة كريهة : " ممتاز , أنك مدهش... لقد أنهيتها بسرعة قياسية "
رفع حاجبيه وهو يزم شفتيه بطريقة مشمئزة
ضاقت عيني وأنا أترقب أكمال مايريد قوله
أنفرجت شفتيه عن إبتسامة أحتضنت القبح وهو يردف : " ولكن !"
أختفت إبتسامته وقد أنتحلت تقاسيم وجهه الحيرة والحزن : " لقد اكتشتف أن الطبيب راشد قد قام بالعمل على نفس بحثك , وقد تشابة أبحاثكم كثيراً ما رأيك بضم بحثك على بحثه "
تصاعد القهر في صدري بعينين اكتنزتا الغضب, أيحسبني غبي أو أبله ... تباً له !
يخونني بكل سهولة... بضم بحثي مع بحث راشد البغيض المغرور أحد أقرباء رئيس المشفى
أنه بغاية الغباء والأستغلال ايحسب أنه سوف يقوم باستغفالي من أجل تحقيق مآربه الشخصية
لن يحصل هذا ابداً !
تهور الأستعجال على شفتي البروفيسور خالد وهو يضيف : " إلى جانب انني قد أعطيتُ بحثك السابق قبل التعديل للطبيب راشد "
أتسعت مقلي بذهول ... وتشرب جسدي الغضب ...
ارتفعت أناملي إلى شعري في محاولة لآيقاف الرعشة التي أعتلت جسدي ...
حملقت به كاتماً لغضبي وأنا أقول بأسنانّ أصطكت ببعضها : " من سمح لك بهذا ! "
حدق بي البروفيسور خالد وهو يضع أرْسَاغٌهُ على الطاولة امامه مستنداً عليها
حامت إبتسامة تكنفت بالبراءة على شفتيه وهو يضيف : " لم أكن أظن أنك تمانع على الرغم من ذلك فأسمك سوف يوضع بالقائمين بالبحث.. لا تقلق .. فأنت تعرف أن راشد سوف يأخذ لقب البروفيسور لهذا العام , ونحن يجب علينا أن نقف بجانبه "
ضربت قبضتي على الطاولة بكل قوتي بغاضب تطاير من عيني , أنه الجنون بعينه!
أأفقد عقله !!
أأتعب أنا وأشقى لشهور طويلة وأياماً لا تحصى لا أذوق فيها طعماً للنوم من أجل العمل على البحث ويقوم راشد بأخذه بسهولة مني حتى بدون بذلاً للجهد
لن أسمح بذلك !
ضغطت أناملي على الملف وأنا أنتزعه بقسوة من بين أصابع خالد
واضعه بداخل الحقيبة
أبعدت بصري عنه حابساً لانفاسي ووقفتُ حاملاً لحقيبة أجر خطواتِ جراً إلى الباب
أوقفني صوته المتذمر وهو يقول : " طبيب عامر لماذا تاخذهُ معك ؟؟ دعه لديه وأنا سأعتني بالباقي "
أغمضت عيني وأنا أزفر بعمق بتصفد زخات العرق على جبيني
رفعتُ ذراعي اليسرى إلى الأعلى بيداً تلوح له
ناطقاً بكلمات خرجت بصعوبة من بين شفتي : " يحتاج لبعض التعديل ليكون متكامل "
وأسرعت الخطى نحو الباب فاتحاً إياهُ
أسندتُ جسدي على الحائط الساكن خلفي بعيداً عن غرفة البروفيسور وبعيداً عن أعين الناس
بأصابع تكاد تخترق طبقة جلد وجهي
بأعين أصطبغت بالهلع وجسد يرتعش
أبعدت كفاي عن وجهي وأنا أنظر إليهن برعب
رجفة شديدة أعتلت يداي ... توتر أجتاح كياني ..
تخبط أنفاسي في صدري وضيقها ..... يكاد يقتلني ...
ضربت ذراعاي بالجدار أمامي ... وأنا احاول أستعادة رشدي ...
أبعاد هذا المرض الشنيع عن جسدي ...يا إلهي أرجوك !! ... أني بخير ! أني بخير !
أخذت بتردديها على نفسي لعلي أستريح
لعلي أزيح موجات التوتر والغضب
ضربت ظهري بالجدار برأساً أرتفع إلى الأعلى وأناملي تتخلل خصلات شعري الأسود المبلل بالعرق
غمر الأصرار روحي
وأنا أحدق بالسقف بأعين توشحت برداءِ الحقد
لن أسمح بهذا الأستغلال أبداً
لن يحصل راشد على شيئاً مني , ولن يسرق جهدي.
***
بجنونّ دخلتُ إلى غرفة المكتب المشتركة بيننا بعد سرقتي لمفتاح خزانة راشد الذي أعرف جيداً
أن يضعه فمكانه سهل جداً وبقمة الغباء فهو يقع بين حزمة أقلام مكتبه
لم أشغل الا اضاءت طفيفه
وأنا ألتهم المسافة الفاصلة بين مكتبه والخزانة
أخذت بنبش الأوراق لعلي أجدو غايتي
سقطت بين يداي رزمة أوراق بحثي إلى جانب بحث راشد المطبوع على الورق
تنقل بصري بين عباراتها وأنا أضمها بشدة بين يداي
بتموج شفتي بإبتسامة ارتشفت الخبث وتشبعت بنشوة الأنتصار
سوف يرون ما الذي سوف افعله !
أيظنون أنهم أهل لمجارتي وزحزحتِ , أبداً ولن يحدث ذلك !
لأنني سأفعل لهم شيئاً يعضون به أصابعهم ندماً على تحديّ
أتسعت حدقتي وأنا أدير جسدي إلى الخلف لصخب الأصوات الأتية من الخارج برؤية خيالات أجساد أختبئت وراء ستائر الخشب
بوجهٍ خطف لونه وجسدا متوتر
أسرعت الخطى نحو دولاب الملابس فاتحاً بابه مدخلا جسدي به
مطبقاً الباب عليه بأصابع تثبتهُ ...
***

قبل عشر دقائق
أرتشفتُ قطراتٍ من القهوة المرة بأصابع طوقت كوباً من الورق الصلب
وضعت الكوب بجانبي بعد الأنتهاء منه
وأنا أفكر بعمق قاضمة قطعة من الشوكولاته
هناك شيئ مختبئ بين دهاليز عقلي , ويتوه يميناً وشمالاً ... ما الذي فعلته !
هنالك شيء فعلته فعقلي يتذكر معظم التفاصيل بسهولة , سهولة جداً
عقدتُ جبيني وأنا أبعثر مابداخل حقيبتي
باحثة عن العلكة فسلوى ابت اعطائي واحدة من عندها
البخيله تحاول اغاضتي
لم أجد علكة بين أحشاء حقيبة فأسقطها بجانبي عابسة الوجه
أدرتُ رأسي قليلاً أحدق بسلوى المكورتي لشفتيها وهي تضع أحمر شفاه قاني عليها
حملقت بي وهي ترفرفُ بأهدابها بعينين عسلتين متسعتين ووجنتين متوردتين وشفاه ترسل قبلاتِ تجلب الأشمئزاز ... كريهه!
تعلق حاجباي على جبيني
وأنا أقفز واقفة بجنون , لا يمكن !! لا يمكن أن يحدث هذا !!
أمسكت بحقيبتي قالبة إياها رأساً على عقب مبعثرة أغراضي وكتبي على الأرض
باصابع تعبث بكومة الكتب بين حزمة أوراقها بوجهٍ تغلف بالرعب
أرتفعت أناملي إلى وجهي وأنا أصرخ راكضة بين رفيقاتي ومابين أطباق الطعام وأنا أجر أظفائري
ما الذي فعلته , تبا لي !
صحت وأنا ألطم كل واحدة منهن وأخطو بجانب أجسادهن بقدماً تركل وكف تضرب
إلى أن أصبحن يصرخن عليه ويشتمنّي ويتزحزحن عن طريقي
حتى توقفتُ قبالتي سلوى وأمسكتها من ياقتي عباءتها وارتجل الكلام من بين شفتي : " اللعنة عليك , أنتِ السبب "
أبعدت أصابعي عن ثوبها وأنا أدفعها عني
ووقفت في زاوية من الغرفة أصيح فيها معنفة لنفسي للمصيبة التي أوقعت نفسي بها
قد يظنها له !! لا يمكن أن يحصل ذلك أبداً!!
لقد وضعت منديلاً يحوي قبلة رسمت بشفتي من أحمر شفاه قاني وكلمات حب وغزل مزخرفه عليها
في دفتر الملاحظات الخاص بمحاضرات الدكتور عامر
ومن قبل ساعات قليلة هو أخذهُ مني من أجل تصحيح أحد الواجبات التي طلبها منا
ومن شدة غبائي وسوء حظي
أنني قد وضعت المنديل في دفتره وأنا أحدث نفسي أنني سأخرجه فيما بعد ولقد نسيتهُ تماماً
رفعت رأسي إلى الأعلى وأنا أصرخ قافزة
أصطدم فكاي ببعضها وأنا أفكر , انه يجب عليه أن أذهب
نعم الذهاب وأستعادة المنديل , من الممكن أنه لم يرى الدفتر حتى الأن !
يجب أن أنقذ نفسي قبل فوات الأوان
لم أصغي إلى رفيقاتي اللتي أطلقن صيحات الأستغراب والأستنكار
إنما قمت بطوي حجابي على رأسي والركض نحو الباب والخروج منه صافقة إياه بضجيج خلفتهُ ورائي
أمسكت المقبض وبقوة انزلتهُ إلى الأسفل لينفتح
أبتلعتُ انفاسي المرهقة وأنا أدخل إلى غرفة غاص بها الظلام
تلفتُ حولي وإلى الخارج أنظر إذا كان يوجد أحدا ما ... الحمدالله لا يوجد بشري ..
أغلقتُ الباب ورائي وأنا أضيئ الطريق بأشعة ضوئية أنبعثت من هاتفي النقال
و أقفز بخطواتي إلى أن وصلت لمكتب عامر
أصدرتُ جلبة وأنا أقوم بنبش مايوجد على سطح مكتبه وبين كتبه المتكومة على بعضها
شقت شفتي إبتسامة تلوحت بالأمل وأنا اعبث بالدفاتر الموجوده على مكتبه لعلي أجدُ ضالتي
وجدته بعد عناء لأفتحهُ بسرعة مستخرجة المنديل من أول صفحة فيه
يال الجنون !
كم هو مخجل لو أنهُ رآها
أطلقتُ صيحة خافتة وأنا أحدق إلى الظل الواقف عند الباب بالألتفاتات جسده القصيرة
وهو يهم بفتح الباب
عضتت أصابعي وأنا أركض في محاولة للبحث عن مكانّ أختبئ فيه
انصب بصري على دولاب الملابس القابع أمامي ففتحتهُ مدخلة جسدي فيه
مرت دقائق عديدة وأنا أتصببُ فيها من العرق
ملتصقة بحائط الدولاب متشبثة به من الرعب
أتمنى أن يخرج الذي دخل بسرعة !
لا أستطيع التحمل أكثر, سأموت من الخوف
أتسعت مقلي لرؤية الباب يفتح بقسوة وبجسد رجولي ينزوي إلى الداخل محشوراً معي مغلقاً الباب ورائه ضاغطاً على مزلاج الباب
غرستُ أصابعي في الحائط بجسداً مرتجف ووجه مبهوت
وأنا أشهق بصوتٍ مرتعب عند رؤية وجهه الواضح من الأشعة المنبعثة من فتحة الباب الضئيلة
تلاصق حاجباه الرفيعان بتجاعيد نُقشت على جوانب عينيه اللتان تلونتا بالصدمة
وأرتفع أنفه المعقوف راسماً الأستنكار
أصدرتُ صرخة مكتومة وكفي تحل على شفتي
تجهم وجهه الوسيم وهو يصر بأسنانه ويرمقني بعينين تقدحان شراً زاجراً أياي أن نطقتُ بحرف واحد
أشدة الحرارة بتزاحم جسدي وجسده بالدولاب
وتكتل زخات العرق على جسدي
حبستُ أنفاسي اللاهثة وأنا اشعر بجسده يكاد يلاصق جسدي
وهو يضع ذراعه اليسرى على الحائط بجانب كتفي الأيمن بأنفاساً ضيقة , لاهثة, متدهورة
بقطرات عرق تسيل من على وجهه
حفر أسنانه العلوية على شفتهِ السفلى
وهو يخبط الأخرى بالقرب من وجهي ووجههُ يقترب مني
هرولت نبضات قلبي وأنا ألتحم بالحائط خلفي
هوى برأسه على كتفي بأنفاساً حارة رطبة لسعت بشرتي وشعره يسبح بنهراً من العرق
حبستُ انفاسي بمقلتين سكنتهما الصدمة ووجه إلتحف بالذعر
ألتهم أنفاسه بشراهة
وهو يبعد جسده عني ويضرب به إلى الخلف ممسكاً بمزلاج الباب فاتحاً إياه بعنف
خرج يتخبطُ بخطواته
وأنا خلفه أحاول أستعادة أنفاسي المرهقة والمتعبة الخارجة من معركة شرسة
وقفت أحاول تنظيم أنفاسي بأذرع تحتضن جسدي
محدقة بجسده المتناسق الواقف عند الباب بأنامل تبعثر خصلات شعره السوداء القصيره
بانخفاض كفيه إلى كتفيه لتدعكهما أنامله
وهو يزفر بتوتر أحتل جسده المرتعش , لا أدري ما به !
الجنون الذي أحدثهُ منذُ ثواني كان بغاية الرعب
أجتاحت جسدي رعشت خفيفة وانا أعيد تذكر ما حصل منذ دقائق !
هززت رأسي وانا لا اريد تذكر ماحصل ابداً
تصلب جسدي وأنا أراه يفتح الباب ملتفةٍ بإتجاهي مشيراً بأصبعه السبابة نحوي
بوجها قد أستعاد توازنه وتلثمة تقاسيمه بالصارمة
قضمت شفتي السفليه وقد طوق الخجل روحي
تقدمت نحوه وسار هو متقدما , ووقف في الخارج
أغلقت الباب خلفي بأعين سكنها القلق محدقة به
أرتفع بصره نحوي لدقائق لينخفض بسرعة وقد علاهُ التوتر
عانقة ذراعيه جسده وهو يرفع بصره نحوي ثانيةٍ
برأساً أرتد إلى الخلف بغرور طبع على ملامح وجهه الوسيم
حرك شفتيه بإبتسامة رسمت القسوة : " ما الذي تفعلينه هنا! "
بإرتباك وجنون رفعت المنديل إلى الأعلى... أريه اياه...واضعة اياهُ على شفتي
عقد حاجبيه بإستنكار طبع على تقاسيم وجهه وهو يحملق بي وبالمنديل الموضوع على شفتي
اطلقتُ شهقة قوية وأنا أبعد كفي الحاملة للمنديل وأخفيها وراء ظهري
بنظراته المتكبرة أنهال عليه بسيل من التثريب العنيف , كسوله , مهمله, مفتعلة للمشاكل
كلماته بغيضه أنها تغيضني جداً وتحرك الغضب بداخلي , إذن لِمَ كان هو يختبئ في الدولاب؟
ولِمَ يصب جم غضبه عليه الأن
كتمتُ ثوران غضبي وأنا أعبس بوجهي
فتحرك جسده مسرع الخطى في ممر أبيض تعطر بروائح المعقمات والأدوية
توقف جسده للحظات وهو يدريهُ بإتجاهي
بتقاسيم وجه أحتوت ليونة مفاجأة
جعلت قلبي يغوص في أعماق صدري
وبشفاه ماجت بشبح إبتسامة قال : " الكعك , لقد كان لذيذاً "
ورحل جسده بخطى ثابته إلى الأمام مختفياً عن أنظاري
أرتجف جسدي بنبضاتٍ قلب تكاد تعبر قفصي الصدري خارجة منه
تأوهت بانفاساً تكاد تتوقف.. تتلاشى ...
وأنا أشعر أني أتخبط بمشاعر .. لم أألفها من قبل !!!
أزدريتُ ريقي بعيونّ تلألأت بالدموع وأمتلأت بتوهان روحي في جسدي ...
أنه الجنون ... لا يمكن أن يحصل ذلك !!


نهاية المعانقة الثامنة


نجلاء الريم 06-09-12 06:22 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركااته

ابداااع الى مالا نهاااية سميتكم سفيرة الحرف

معانقه عانقت شغاااف قلبي فترفه وامااال

روايه.. تحاكي الخيال امتزجت بالواقع

روايه.. منسوجه بالحب بخيوط العشق
روايه.. بعروقها يجري معنى الحياه وبين ضلوعها معنى الإحساس

ترفه وضحكها الممزوج بالخوف والفرح والامل تدااخلت المشاعر لتفقد

التعبير الصحيح

امااال هل الشاب سيكون له دور في حيااتها ام مجرد عااابر سبيل ..........


شكراااا لهذه المعاانقه التي منحتناا لذه اسكرتنا

ننتظر معانقااتك سفيرة الحرف

سميتكم غلآي 08-09-12 02:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت المطــر (المشاركة 3172612)
شديتي انفاسي على الاخييير ابدعتي بوصف الاحداث
الحمد لله انه ترفه سلمت من الخبيثه وداد ووقدرت تهرب
اما. العسل. الدكتوره امل. بعد ربي فكها واحسنت. بظربها للمتهجم بالحذااااااء هذا. قدررره
بانتظار. تفاصيل واحداث جديده ولا تنسين طمنينا عن. ذيااب


أهلا وسهلا بكِ بنت المطر

فما ترفه الا طفله لا تعرف الوجه الأخر للحياة
عاشت في كنف ذياب مدللـه ..وهو أحتضنها ..
حماها مانعاً خدش أصبع منها ...
لم يقسو عليها أبدا ... " هذا سنعرفه في الفصول القادمة بأذن الله اكثر "

أما عن ذياب ...في المعانقة التاسعة سيكون هنالك أخبار عنه

بنت المطر

شكراً لك بعمق على تواجدك هنا ... فكلماتكِ تقويني


حفظك ربي

سميتكم غلآي 08-09-12 03:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3172634)
السلام عليكم ورحمة الله وبركااته

ابداااع الى مالا نهاااية سميتكم سفيرة الحرف

معانقه عانقت شغاااف قلبي فترفه وامااال

روايه.. تحاكي الخيال امتزجت بالواقع

روايه.. منسوجه بالحب بخيوط العشق
روايه.. بعروقها يجري معنى الحياه وبين ضلوعها معنى الإحساس

ترفه وضحكها الممزوج بالخوف والفرح والامل تدااخلت المشاعر لتفقد

التعبير الصحيح

امااال هل الشاب سيكون له دور في حيااتها ام مجرد عااابر سبيل ..........


شكراااا لهذه المعاانقه التي منحتناا لذه اسكرتنا

ننتظر معانقااتك سفيرة الحرف



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


آقف هنا وأنا لا أستطيع التعبير عما يخالج روحي

لا استطيع الا اعادة القراءة لمرة وثلاث وعشر

شعور لا أستطيع وصفه

فرحة عارمة تدقدق قلبي

" سفيرة الحرف"

آآآآآآآآآآه كم لهذا الاسم من وقعاً على قلبي

أضحك في آن وأريد البكى في آن أخر

هل حق أنا أستحق هذا اللقب " ســفيرة الحرف "

سأحاول وسأحاول تطوير لغتي إلى أن أصل إليه وإلى القمة باذن الله

ساكتب وأكتب وساجعل أرواح متعانقة .... شيئاً جميلاً بأذن الله ...

نجلاء الريم

يا اختااااااااااااااااااااااه

شكرا على كلماتكِ ... تعرفين كيف تنتشلني كلماتك ... تنتشلني بقوة ... تنتشلني من الغرق

تجعلني إبتسم لدرجة البكاء ... تمنحني شعور يجعلني أتوه به ...

تجعلني أقوى

فمالي ولدي من يعطني دواء يشفي أحباط يختبئ في ثنايا روحي في بعضاً من المرات

سأحاول الكتابة " مع أنني اكتشفت من الأمس فقط أن الغد هو أول يوم لعودتي إلى الدراسه "

ولكن لا يهم ولدي العزيمة

يا ذات الروح النقيه شكراً لتواجدك ولعطرك الفواح في أرواح

شكراً لكِ

سميتكم غلآي 17-09-12 04:56 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


في فصل اليوم بس بعده يباله مراجعة مره ثانية ... بتاخر لــ ساعات

....

رديت للدراسة من أسبوعين والوضع يتأزم بس الله المستعان

يمكن أتاخر في الفصول القادمة بس بحاول أني ما أتاخر وبستمر في الكتابة

وشكرا واسفه على التأخير

سميتكم غلآي 17-09-12 07:56 PM

المعانقة التاسعة


بعد مرور عام


تخبطُ بقدميها على الأرض
بجسداً قصير القامة تطويه عباءة مزخرفة الألوان
بتقاسيم وجه نقشت التعب حاملة لحقيبتها " الماركه "
تنهدت بعمق وهي ترميها أرضاً
لطمت بخطواتها الدرجة الأولى من السلالم صارخة باعلى صوتها على الخادمة : " جودي تعالي إلى هنا واحملي الحقيبة , انني متعبة "
توقفت قدميها وأبت عن مسيرها عند عتبات السلم
أتسعت مقليها بوجه تغلف بالدهشة
أبتلعت أنفاسها لرؤية مروان الواقف أمامها بثوب أبيض غطى جسده الضخم
أحتضنت عينيها العسليتين المصطبغتين بالونّ كالزيتون
وجههُ ذو البشرة البرونزية بعينين داكنتين واسعتين وأنف رفيع وشفتين غلظيتين جذابتين
توتر بصرها وتسارعت نبضات قلبها عند رؤية عينيه تحدقان بها
فشقت شفتيها إبتسامة تلوحت بالسعادة
مروان هنا!! فمنذ فترة طويلة لم تراه ... منذ أسابيع على ما تظن !
كم اشتاقت لرؤيته
كم أشتاقت لنبضات قلبها الراكضتِ لأجله
أشاح ببصره عنها وهو يغلق أزرار ثوبه
ويصد نظراتها المطبقة عليه قائلاً بصوتٍ كسته الدعابه : " مرحبا سو سو "

عبستُ بوجهي وقد تشكلت على أنفي عقد غاضبة
لقد كبرت.. لقد بتُ فتاةٍ ناضجةٍ وها أنا الأن في أول سنة لي في الجامعة
لماذا هو وحده إلى الأن يدعوني بهذا الأسم .. ويجعلني أبدو كطفلة صغيرة أمامه
فمنذ أن خرجتُ إلى هذه الحياة
والكل ينادونّي " بــسوسو " " سوسو تعالي " " سوسو أذهبي "
بسبب كوني طفلتهم المدللـه
إلى جانب أن أمي لم تنجب أحداً من بعدي
فمرت رسوم أعوام طويلة كبرت فيها
فتوقف الجميع عن مناداتي بسوسو الا هو .. فأنا لا أعرف ماعلته مع هذا اللقب!!
ولماذا يشعرنّي أنني مجرد طفلة لا أعني لهُ شيئاً
صحيح أن مشاعري له ساطعة وتكاد تعبر ذرات جسدي منبثقة إليه
حتى أن أمي وأخي يعرفون مايخالج صدري ناحيتهُ بالأضافة إلى عمتي أم مروان
وكل أهل المنزل والعجوز الشمطاء جدة مروان التي تسكن معنا فأنا اكرهها وهي تكرهني
فمعاملتها لي سيئة جداً في أغلب الأوقات
ولكن لن يحصل الذي تريده أبداً.. فأنا لن أسمح به!
فمروان لي أنا.. منذ أن بدأت الأنوثة تتفجر بين خلايا جسدي
لقد احببته منذ أن كنت في الثالثة عشر أو منذ طفولتي
فهو أول من حملني عندما خرجت إلى بطن الحياة
كان يدللني وكأنني فتاة الوحيدة القابعة في هذه الحياة, كأنني أميرتهُ
أسر روحي قبل آسره لقلبي
ولكن بعد أن بلغتُ وكبرت وتعلقت به ورأيتهُ الرجل المناسب لي.. الذي سوف اتزوجه
بدأتُ بالأهتمام به
ومحاولة أظهار مشاعري نحوه ونحو كل من حولي
فجاء خبر خطبته الرسمية من ابنة عمه هدى العانس كالصاعقة على رأسي
فختلقتُ ضوضاء قالبة المنزل رأساً على عقب
وأفتعلتُ المشاكل.. وبكيت وصرخت حتى أنني واجهته
ورفضت زواجه منها بدون أن أخبره أنني أكاد افقد رشدي بسببه
أكاد أموت لرؤيته يتزوج من امراة أخرى
أنهُ حب نبتُ عليه منذ صغري
وحبى بداخلي إلى أن تفرع وتثبتّ جذوره بداخلي
كيف لي أن اتخلى عنه بعد أن وضعت عليه أمال كثيرة وحلمت به كثيراً
ولكنهُ صدني وصمت.. مما أرغمني على مواجهة العجوز التي زجرتني ووبختني
لأن هدى كانت نتنظرهُ منذ اعوام طويلة وقد جعلوها تعزف عن الزواج بسببه
لم يرضخ لي أحد وهو بات يبتعد عني ويعاملني بجفاء في أغلب الأوقات
أصبح ذلك يحطم فؤادي الذي يعشقه ويريده له مهما كانت العواقب

ترجل من الدرج أمامي راحلاً
ادرتُ وجهي إليه بلهفة
وبسرعة هرعت بإتجاهه ووقفتُ أمامه بشفاه أرتشفت الفرحه
توقف جسده قبل الأصطدام بي وهو عاقد الحاجبين
فهتفت :" مروان أتريد أن أحضر لك الغداء ؟ "
زم شفتيه وهو يحملق بوجهي لثانية واحدة وقد كست تقاسيم وجهه تعابير لم أفهمها
زفر وهو يقول : " لا, شكراً لقد أكلت "
قوستُ شفتي إلى الأسفل بعيون احتلتها الأحزان
لأضيف بصوت مترجي : " إذن .. الشاي , أو القهوه"
تموجت شفتيه بخيال إبتسامة وعينيه تنتقلان بين حنايا وجهي
هز رأسه بأجفان ضيقه مضيفاً : " قهوه "
صدرت مني صرخة غمرتها البهجة وانا اقفز منطلقة إلى المطبخ
وضعتُ القهوة أمامه وقد أنتصب جسدي أسترق النظرات إليه
وأناملي تعبث بظفائري المنزلقة على وجهي
لمعت عيني لرؤية عينيه المتسعتين تحدقان بي
من بين ذرات البخار المتصاعده من فنجان القهوة أضاق أجفانهُ
بحاجبين التصقى في جبينه قال: " شعرك ظاهر "
أدخلتُ شعري تحت حجابي بوجه تلون بالخجل
شرب قهوته وأصابعه تعبث بهاتفه النقال
وقفتُ أمامه بدون التفوه بكلمة واحدة وأنا أحدق بتقاسيم وجهه
فنهض من غير أن ينظر إليه ...راحلاً إلى الخارج
***
أحملق بوجهٍ حمل المفاجأه
بالعجوز الواقفة أمامي بملابس زرقاء قاتمة اللون تمتلئ بالتعرجات بعصا تستند عليها
أعتلت وجهها الأسمر المكسو بالتجاعيد تقاسيم غاضبة متكبرة
رافعة شفاهها بقطرسة أكرهها
تجعد جبيني وأنا أفتح فمي ومن بين شفتي خرج صوتي غاضباً : " لماذا أذهب ماما ؟؟ "
تقدمت أمي ناحية.. بجسداً طويل رشيق .. ضيق الثياب
بإبتسامة فاضت بالتوتر ووجهه أبيض طُليّ بالمساحيق التجميلة بكثافه بالغة لتنطق بشفتين هامستين : " "حسناء " أذهبي مع خالتي , هي تريدك ان ترافقيها لغرض تريد شرائه ! "
رفعت كفيّ إلى الأعلى مستفهمة.. فصحتُ بصوتٍ متذمر : " وما دخلي أنا ! "
أقتربت أمي مني أكثر مطوقة جسدي بذراعيها
داسة في يدي مبلغاً كبيراً من المال : " خذي هذا.. وأذهبي لشراء ماتريدنه , ولكن أرجوك ياعزيزتي لا تجعلي الجدة غاضبة , أذهبي معها ولا تزيدي المشاكل "
زفرتُ بملامح حملت الضيق وانا أحرك رأسي : " ولكنني لا اطيق هذه العجوز "
ضغطت أمي على أسنانها وهي تزجرني : " أخفضي من صوتك"
أرتفع طرف شفتي العلوية وأنا اعبس بوجهي ضاغطة بالاموال في راحتي وبصوت تغطى بالضجر قلت: " حسنا "
وبسرعة أضفتُ بخبث التمع في عيني : " ولكن , يجب عليكِ عدم نسيان موضوع السيارة الجديدة ... قومي بالزن على راس أبي "
هزت أمي رأسها مبتسمة منذعنة لي
بواسطة أمي سأحصل على سيارة جديدة من أبي المتوحش الذي لا أجروء على الحديث معه أو مناقشته بسبب رسوبي الأخير
أريد سيارة جديدة لأن سيارتي السابقة قد خدشت وتكسرت القاعدة الامامية لها بسبب حادث حصل لي منذُ فترة قريبة.. كيف لي أن اقودها بعد الأن
لست بقادرة ... الفتيات سيرون ذلك .. وكرامتي ستصبح في القاع
أحتضنت ذراعيّ جسدي مسندة ظهري على مقعد السيارة
أحدق بالعجوز الجالسة بقربي والمسباح بين يديها وصوت تسبيحها يخر في أذنيّ
تحركت أناملي لتدخل ظفائري الخارجة من الحجاب .. تبا لها من عجوز
أن الحيرة تقيدني
لأنني لا ارجوا منها خيرا فهي تكرهني
فوجهها المنغمس بنفخات الغضب يثبتُ ذلك
ما الذي تريدهُ مني بالضبط!!
بالرغم من كرهها لي فهذه المرة الاولى في حياتي التي أذهب فيها معها لوحدنا
وهذا غريب جدا .. وأنا في قمة شكوكي الأن ناحيتها
ترجلنا من السيارة أمام متجراً للذهب
تعلق بصري به بحاجبين منعقدين وقد رسم التعجب إيماءاتهُ على وجهي.. لتواجدنا هنا
أعدتُ بصري بإتجاهها محدقة بجسدها النحيل الملتحف بعباة سوداء لامعة برياح تلاعبها
وهي تجر خطواتها الثقيلة
مشيتُ خلفها بتململاً أحتل روحي
دخلنا إلى متجراً بذخ الملامح
حبستُ أنفاسي بداخل صدري... بتلألأ زخارف الذهب الأحمر من حولي
" رائع جدا "
أخذتُ أطوف حولهن بأعين طبعت الدهشة
أمرر اناملي على الخواتم بعقل منبهر .. ونفس تتوق للأغتناء
أعدتُ بصري نحو العجوز بوجه ملؤه التساؤل !!
ما الذي تريده مني بإحضاري إلى هنا!!
تقدمت نحوها بتمايل جسدي على كعب ذو نغمة رنانة
ووقفتُ بجانب جسدها المتكئ على زجاج الطاولة
وأناملي متشابكة وراء ظهري أحدق أمامي بأعين غرقت بالحيرة
اختارت العجوز طقماً كاملاً من الذهب الأحمر
يتكون من خاتم وعقد إلى جانب الاسوار والحلق بالأضافة إلى أنه فخم جداً
حركت أصابعها المجعدة عليه متلمسة إياهُ بين يديها
وعينيها تدققان في تفاصيلهُ
بإبتسامة خبيثة عامت على شفتيها
أسندت رسغها على الزجاج وهي تلتفتُ بإتجاهي
محدقة بوجهي المقابل لوجهها بتقاسيم وجه ماكره.. حاقده
وباعين غاص بها التكبر قالت : " ما رايك به ؟"
أنتحل وجهي اللطف فقلت: " جيد "
تشبث حاجبها الأيمن في جبينها وهي تصد بوجهها عني محدقة بالطقم
بشفاه متجعدة لاحت بالخبث قالت: " بل جميل جداً , أنها هدية لهدى لعقد قرانها بمروان "
أتسعت حدقتي لوطء كلماتها التي حلت كدلو مياة باردة سكب على رأسي وأغرقني
وأنا أشهق بصوت كسته الدهشة وبصوت مرتعب همست : " لا! , كذب "
رصت على شفتيها وهي تجمع طرفيّ عباءتها السواد بين أصابعها معلقة إياه على مسند عصاها
محدقة بوجهي المتكنف بالرعب بوجه حمل الحقد قالت : " ما الذي تتوقعينه إذن ! أن يتزوج طفلة مثلك "
قهقهة بإستهزاء وهي تضع رسغها الأيمن على الطاولة المقابلة لها مستندة إليها
لتضيف وهي تحدق بوجهي المصعوق : " الفرق بينكما عشرين سنه ياغبيه, إلى جانب أن هدى أبنة عمه ..هي أحق منك به وأقرب لهُ بالعمر عن طفلة مدللـة لم تربى جيداً ولا تفقه شيء من هذه الحياة الا اللعب "
رفعت عصاها وهي تدق بها على بطني بضربة أوجعتني
تراجعت قدمي اليسرى إلى الخلف بركعباً يكاد يرمني أرضاً
ارتعشت شفتي وتجمعت الدموع في مقليّ منذرة بالهطول عند رؤية وجهها المستهزئ بي
ضغطتُ على أسناني بأعين ضاقت وتلونت بالغضب وأنا أنصت لصوتها الهادر في طبلة أذنيّ : " هدى جميلة بعكسك فالجمال لا يعرفك.. فأنتِ مجرد قبيحة أمامها... فهي ذات شهادة عاليه... بالمقارنة بكِ فانتِ كنتِ فاشلة طوال سنوات دراستكِ وإلى الأن .. لو كنتي أبنة أبني لكنتُ قد ربيتك من أول وجديد وجعلتكِ عبدة تحت قدميّ "
فاضت الدموع من عيني لقساوة عباراتها الخالية من الرحمة
من هي لتقول لي هذا؟ أو لتتجرأ عليه ! ليس لها الحق بذلك !
صحت بوجهها بغضب عارم هز جسدي
وأنا أقترب منها بعينين تقذفان بركانّ من الحمم الملتهبة
فخرج صوت من بين أسناني صاخباً : " توقفي , توووقفي , ايتها العجوز ليس لك الحق في طعني بكلماتك الكاذبة , مروان أبن عمتي وسيتزوجني أنا.. مهما كان فارق السن أو أي شيئاً أخر "
أقتربت مني حتى توقفت قبالتي ومسباحها الصلب يقفز ليلطم وجهي بصفعة شديدة القسوة
حتى شعرت به كجمرة من اللهب تحرق وجنتي
صاحت وعينيها تلوحان بإنفعالات شديدة الغضب : " ياقليلة الأدب لاترفعي صوتكِ عليّ "
لم أستطع تمالك اعصابي التي تكاد تتمزق من شدة الغضب
جن جنوني وخطواتي تتسابق نحوها صارخة في وجهها بكل قوتي: " ايتها الشمطاء .. تبا لك !
أنني أكرهكِ "
اتسعت أجفاني بجنون وأصابعي تصفع صدرها ممسكة بمقدمة عباءتها
اهزُ جسدها حتى أنطرحت عصاها أرضاً
وهي متشبثة بي .. غارسة أصابعها في أعلى كفيّ بأعين جاحظه وحنجرة صارخة
صحت بها وأنا أضرب جسدها بذرات الهواء : " متى ستموتين لكي نرتاح ..موووووووتي مووووووتي , اتمنى أن يقبض الله روحك الأن , الأن"
رميتها بقوة عن ذراعيّ
بصياحٍ وصراخٍ أندلع من خلفي بتدخل أحدى العاملات التي ألتقطت العجوز بسرعة قبل أن تسقط أرضاً
تراجعتُ إلى الخلف وأنا أسحب خطواتي سحباً محدقة بالعجوز المنطرحة على الأرض بيدي العامله
سقطت دموعي على وجنتي وأنا أصرخ بهستيرية طوقت روحي
جنون لا أستطيع إيقافه , سأموت !!
أني غاضبة جداً جداً
ضربتُ قدماي بالأرض بسقوط بصري على تحفة فنية تلمستها أصابع يدي اليمنى
فجرت كفاي بإتجاهها حاملةٍ إياه رامية بها بكل قوتي
على الزجاج القابع أمامي.. المختبئة وراءهُ قطع الذهب
محطمة إياهُ إلى قطع صغيرة بسقوط قطع الذهب إلى الأسفل
أخذت ألطم كل مايقف في طريقي منطلقة نحو العجوز في محاولة لخنق عنقها
طوقوني العمال وشلُ حركتي بتثبيتِ ذراعيّ خلف ظهري
لطمت قدماي الهواء وانا أصرخُ بشتائم أقذفها كرصاصة: " اللعنة عليكم !! دعوني أقتل هذه الشمطاء , ساقتلها اليوم بيدي , دعوووووووني "
****

أسندتُ جذعي على بابٍ من الحديد
أحدق به بأعين طبعت بالأعجاب .. أنه وسيم جداً
ويكاد يغرقني في قاع محيطه
تقاسيم وجهه الساحره إلى جسده الرشيق الرجولي بالأضافة إلى شخصيته البغيضة والقاسية أصبحت كالمسكر
فهي كالمخدارت أتخبط بدونها
هززت رأسي في محاولة لطرد هذه المشاعر اللعينة
لا أعرف ما الذي حل بي فلقد فقدتُ رشدي منذ مدة طويلة وبتُ أتلصص عليه
و أسترق النظرات إليه
أبدو كالمراهقة المغفلة ..فلقد علقتُ وعلق قلبي معه
وضعتُ أناملي على خداي وهززتُ رأسي كالمجنونة
وأنا أرهُ ينخفض ملتقطاً كوباً من القهوة من ثلاجة المشروبات الحارة
أبعدتُ كفي عن وجهي لأضعها على كتفي سلوى قائلة برنة تغطت بالمشاعر المرهفة:" وسيم , رائع .. قلبي الصغير لا يتحمل "
انبثقت شهقة قوية منها
وهي تصفع كتفي بشدة قائلة بصوتٍ صارخ : " لقد سحرك , آأنني أجزم أنه قد وضع لك سحرا , أنه السحر اللعين ليس غيره .. "
كورتُ شفتي مدخلة كعب حذائي في مقدمة قدمها ضاغطة عليها بقوة
قائلة من بين أسناني : " أخفضي صوتك "
عضت على شفتها السفلى صائحة وهي تبتعد عني ضاربة صدري بكفيها
أتسعت شفتيها عن إبتسامة ابتلعت الدعابة المستهزئه : " لقد رمى السحر بعد سحرك به في المحيط الهندي.. لكي لا يستطيع احداً ما فكه عنكِ... وأيضاً لكي تصبحي مجنونة وعبدة له......بالأضافة إلى أنه يريد أستغلالك في خططه الهوجاء للأستيلاء على المشفى "
سحرني ؟ هل من الممكن أن يفعل ذلك ؟؟
ياليت!!
بالطبع لا !!
فهو لا يتقاعس عن تنفيس غضبه واستيائه مني
وكأنني مجرد كائن يتلذذ بتعذيبه وتحطيمه
فكيف يفكر بسحر فتاة خرقاء مثلي , تبا لهُ!
حركت كفيّ امام وجه سلوى بتعابير ضاحكه : " سيقوم بسحر بقرة وليس أنا "
حركت سلوى شفتها السفلى إلى الأسفل بوجه تذوق الغضب : " أسمعي يا أمل , لا تنسي أبدا من أنتِ ومن هو عامر .. عامر من طبقة تختلف عن طبقتك فلا تجعلي قلبك يركض خلفهُ .. إلى جانب أنه رجل قاسي يحمل الكثير من الغموض "
قوستُ شفتي إلى الأسفل بوجه غاص بالعبوس
أعرف أن عامر رجل قاسي... متكبر
ولكن لا أنكر أنه رجل خارق الذكاء ومجنون بعمله
بالرغم من ذلك فالكل يحمل له الضغينة
بسبب مزاجه الحاد وجلافة طبعه وصراخه الذي لايتوقف ومعاملته القاسية إلى جانب انعزاله
***
تشبثت راحتي على خدي بموجة من النعاس
لتسدل ستائر أجفاني غطائها على مقليّ بأحلام يقظة تتسكع في رأسي
تزلزلت الطاولة من تحت مرفقيّ بصدمة أطاحت بوجهي عن كفاي
ليصطدم ذقني بالسطح الخشبي
قفزت الأنات إلى حنجرتي وأنا أصيح بصوت متألم .. باكي
وبشدة ضربت أصابعً نحيلة خشنة خشب الطاولة لمرة ومرتين وثلاث
إلى أن أصبحت قبضة لطمتها بقوة
رصصتُ أجفاني قاضمة لشفتي باسناني
رافعة رأسي نحو الجسد الضخم إلى أن وصلت لوجهه المكفهر الذي يبعد عني بمسافة قدماً واحدة
أزدريتُ ريقي أحدق به بعينين امتصى الدموع
اعتلت شفتيه إبتسامة تشربت الغضب وهو يقول بإستخفاف: " هل كان الحلم جميلاً؟ "
أبتلعتُ ريقي بأكتافاً أرتفعت إلى الأعلى
وبصري يهوي على سطح الطاولة خجلاً .. يا إلهي !
لماذا سهرت بالأمس ! ولم أنم باكراً !.. تباً !!
أنتهت المحاضرة وخرج الجميع
ألتقطتُ حقيبتي رافعة جسدي على الكرسي
جاءني صوته الغليظ ليصر في أذنيّ :" أستاذه أمل.. أبقي مكانك ولا تخرجي "
رفعت بصري نحوه بوجه كستهُ الدهشة
لآقول بصوتٍ منخفض حمل نبرت الأستغراب :" لماذا؟"
أحتضنت ذراعيه صدرهُ العريض بحاجبين تعلقا في جبينه
وبعينين ارتشفتا الهزل ..مشى متبختراً بمشيته .. بهندام أبيض وبنطال أسود ألتحفت به ساقيه الرشقتين
توقفت نبضات قلبي عن الجري وانعدم احساسي بانفاساً متسارعة.. متسابقة
لرؤيته واقفاً بجانبي ... ليجلس برشاقة على الطاولة القاطنة على جانبي الأيمن... واضعاً ساقاً فوق الأخرى
حركتُ أكتافي بإتجاهه أحملق به باعين رسمت التوتر
بنهيار مشاعري في صدري وتفجرها مخلفة ورائها خراباً عبث باحاسيسي
تموجت شفتيه بإبتسامة ملتوية ليقول : " النوم إلى جانب الأهمال , الكلام الزائد .. الأزعاج ... عمل مايريده عقلك فقط إلى جانب عدم الأستماع إلي "
ضغط على أسنانه بأجفانّ ضيقة مضيفاً : " ما الذي تريدين أن افعلهُ معكِ ؟ ما الحل ؟؟ بحثكِ لم تعريضه إلى الأن بالرغم من مضي أيام عديدة على موعد الألقاء "
زفرتُ نفساً حار ملتهباً حرق صدري وأنضجهُ
الغضب بالأضافة إلى الأنهيار النفسي على الخوف والتردد بجانب الأهمال وتراكمه على ظهري
الذي يكاد يوصلني إلى الهاوية
تشكلت عقد رفيعة بين حاجبي لآقول: " لستُ كسولة ولا مهملة .. فقط "
توقفت حنجرتي عن ضخ الكلمات عبر حبالها الصوتية
ونظراتي معلقة بنظراته المتخرقة لحدقتي وكأنها تقرأ وترى مايحدث بداخلي من حروب دموية
هز رأسه وقال من بين شفاه أرتدت القسوة :" فقط... ماذا؟؟ يا دكتوره لا تبرري لنفسك "
رفع جذعه عن الطاولة لاطماً بخطواته الصاخبة الأرض متوجهاً نحو مكتبه في أول القاعة
رفعتُ أناملي المرتجفة إلى وجهي ماسحة زخات العرق التي بللت جبيني
بتدهور اعصابي التي تكاد تنفلت من شدة الشد عليها
أدار بجسده نحوي وهو يشير بأصبعه السبابة بإتجاهي قائلاً : " أريد ان أرى شرحك لبحثك بعد نصف ساعة من الأن , أبقي هنا وحضريه إلى أن أعود "
وبسرعة حثى الخطى للخارج ..وخرج
ولم يعد !
أتمنى بحق أن يخرج ولا يعود.. إلى أن تنتهي هذه السنة على خير وينتهي عذابي معه
أنه مجرد خطأ ... فلقد أخطأت فانا لا احبه أبدا
أنا أكرهه , أبغضه.. وأريد قتله بيدي.. أنه كريهه جدا
فما هذه المشاعر الا مشاعر !!
تاهت أفكاري بعقلي في دوامة من الدهاليز
بحق فانا لا أعرف ماحقيقة مشاعري المجنونة هذه
والغبية التي تجعلني غير قادرة على توقيف نبضات قلبي الوتيرة عند رؤيته
فشخصيتهُ اللعينة تجذبني كالحمقاء نحوها
إلى جانب جماله فهو مهلك ويكاد يقضي عليه
أرتفعت اناملي إلى حجابي باظافر أنغرست في قماشه
لا يعقل كل شي فيه جنون
لا استطيع تمالك أعصابي وهو بجانبي ويكاد يغشى عليه بسبب الكم الهائل من الدمار الذي يخلفه جوده في نفسي
مضى الوقت بمكوثي أمام الحاسوب اتنقل بين عبارات تقريري العتيق
فما تخاذل نفسي عن شرحه ما هو الا خوفي من الوقوع في الأخطاء بسببه
فهو قد بات يوترني ويعكر صفو مشاعري
لا أحب هذه المشاعر المزعجة , اللعنة عليها
اخرجتُ قطعة كبيرة من الحلوى الصلبة " المصاص" من حقيبتي
ووضعتها في فمي أُسلي نفسي بها وأنا أعمل على كيفية شرحي لبحثي
لم أكمل ثانية واحدة منذ أن وضعتها في فمي الا والباب يفتح وجسدهُ الرشيق يمر من امامي
أتسعت حدقتي لرؤيته يجلس وراء مكتبه ممشطاً شعرهُ بأنامله وقد أرتدى نظارته الطبية
لأبتلع قطعة الحلوى الدائرية
أختنقت أنفاسي وتلون وجهي بالحمرة
وأنا أحاول التنفس في محاولة لدحرجت القطعة العالقة في حنجرتي إلى معدتي
ولكن لم أستطع لكبر حجمها وضيق بلعومي .. يا إلهي !
حاولت التنفس بشهيقاً وزفير
ألتقاط أنفاسي التي باتت تشد الخنق عليه
انسكبت دموعي على وجنتي لألام تقطع حنجرتي بقطعة الحلوى
تصبب العرق من على جسدي بأنفاساً مرهقة
بكيت بصمت بدموع تحرق خداي
إلى أن خرج صوتي وتحرك جسدي ينادي بالنجدة


تركزت عيناه عليها بألتصقى حاجباه الرفيعان
وهو يرمي مابيده مهرولاً بإتجاهها
وقف جسده أمامها بعينين أصطبغتا بالذعر
أرتفعت كفيه نحو جسدها لتمسكاه
ولكنهما توقفتا في الهواء مستوعبتا حرمته
اضاق عينيه وهو يصيح بها : " مابكِ ؟؟"
تحركت كفيها إلى حنجرتها ممسكة بها ضاغطة عليها
بعينين أختزنتا الحمرة وبدموعً تتساقط على وجنتيها بغزارة
انفتحت شفتيها وأرتعشت بشهقاتٍ متتالية
إلتبس وجهه المعرفة..وقد حرز بما تعانيه
بتوتر حلت كفيه على ذراعيها النحيلتين المغطيتين بالبياض
ممسكة إياها بقسوة
وهو يدير ظهرها ناحية صدره
طوقت ذراعيه خصرها من الخلف مثنياً بجذعها قليلاً إلى الأمام
واضعاً ذراعيه تحت صدرها إلى جانب وضعه لكفه الايمن عند أعلى السره ليضع الأخرى عليها ضاغطاً بكل بقوته لداخل بطنها وإلى الأعلى
في محاولة لاخراج القطعة العالقة في حنجرتها
جرى الهواء في حنجرتها لتندفع القطعة راكضة إلى الأعلى خارجة من فمها
ساقطة إلى الأسفل مصدرة ضوضاءٍ
بأنفاساً لاهثة مقطوعة وبجسداً فقد قواه انطرحت على صدره تعيد أنفاسها المراقه
تحرر جسدها من نوبة الهلع التي خالجتها
تصادمت أسنانه ببعضها
بنبضات قلب متسارعة .. وهو يثبت جسدها عليه بشدة مانعاً إياهُ من الأنزلاق والسقوط أرضاً
بجسداً حمل التوتر.... ارتعش
وارتفعت الحرارة بين خلاياه حتى كادت تحرقها
ألتهم الهواء بصعوبة
بمشاعراً صفعت وجهه وهو يدفع بجسدها عنه
في محاولة لإعادة أحاسيسه المجنونة إلى موطنها الصحيح
تحركت بجسدها بقدمين متعثرتين إلى الأمام
وأناملها تتشبثُ في الطاولة المقابلة لها بجانب جسدها الذي حط عليها في محاولة لأستعادة توزانها بأنفاساً.. مرهقة.. متعبة
تجهم وجهه وهو يطوق جسده بذراعيه موشحاً بوجهه عنها
بخطى متوتره اتجهّ إلى مكتبه مختبئاً ورائه
ارتفعت أنامله إلى خصلات شعره وغاصت فيه
مبعثرة إياها مبعدة الموجات السالبة عن جسده
تقوست شفتيها بأسنانّ حفرة على شفتها السفلى بأعين متسعة غمرت بالتوتر والخجل
نبضات قلبه التي أصطدمت بظهرها منذ لحظات أربكتها
وأفاقتها من صدمة ماحدث منذُ دقائق ... جاعلة جسدها ينكمش ..
****

ارتفعت كفاي نحو وجهي صافعة إياه وأنا أشتم نفسي
كيف لي أن أريه وجهي بعد الأن!!
كدتُ أبكي وقدماي ترتجفان وأنا ألقي تقريري عليه
وهو يحدق بي بأصابع تشبثت على خده
وبنظارةٍ طبية تعلقت على أعين الحور
شعر بإرتباكي المنبعث من حبالي الصوتية
ولكنه أستمر في صمته ناظراً إليه بنظراته المتعالية منتظراً تكملت ما بدأتهُ
لم استطع فصوتي أبى الخروج بتقاسيم وجه سكنها التوتر
ضربت كفيه الطاولة بعنف وهو يهم واقفاً قائلاً بصوت تغلف بالضجر : " ليس لدي ما اقوله "
ورحل لاطماً الباب وراءهُ
أرتفعت أصابعي في الهواء ضاربة ذراتهُ لتنخفض كقبضة إلى الأسفل ضاربة الطاولة البنية القابعة تحتها
صدرت من ترفه الجالسة قبالتي صيحة مرتعبة وهي تقول: " مابكِ؟؟"
تحركت أصابعي إلى وجهي وأحتضنته مدخلة اظافري فيه .. هززتُ رأسي محملقة في ترفه
صرخت وقدماي تضربان الأرض : " هو المعتوه , البغيض, الوحش , حثالة المجتمع .. لقد لق..د "
صمتُ باعين سكنها اللمعان
وعقل يعيد شريط ماحدث منذ ساعات
حركت ترفه كفها أمام وجهها
وهي تعيد نظراتها إلى كأسها مرتشفة منه قهوتها الحلوة قائلة بصوت يكسوه الضجر : " للمرة المليون إعدتها , كدت تموتين وهو أنقذك يال البطل المغوار , إلى جانب أنه يصرخ عليك طوال الوقت "
صمتت بشفاه أرتفعت إلى الأعلى راسمة السخرية وأضافت بصوتٍ ساخر :" تحبينهُ , اعرف ذلك .. من لا يعرف حبيبك الحثاله هذا "
ضربت كفي اليمنى كتف ترفه وأنا أعبس بوجهي قائلة:" الحثاله انتِ "
أشرت بيدي يميناً وشمالا موقفة الحديث في هذه الموضوع : " غيري وجهة الحديث "
ألتهمتُ الحلويات إلى جانب الأسكريم والكعك إلى أن شعرت بالتخمة
إلى أن جن عقلي ووصلتُ إلى مرحلة الهلوسة
وضعت ترفه كفيها على رأسها بوجه تلون بالغضب وهي تكاد تصل إلى حافة الجنون
وكأن مصيبة حلت على رأسها لضحكي المتواصل بكفين تخبطان على الطاولة أمام حشد الناس المتواجد في المقهى
وضعتُ رأسي على الطاولة ألطمهُ بها في محاولة لأستعادة رشدي
والتوقف عن الضحك وقول الشتائم
أرتفعت كفاي ترفه إلى الأعلى وهي تمسك بذراعيّ قائلة من بين أسنانها : " تبا لكِ .. لقد وضعتي رؤؤسنا بالتراب ..كنتُ ازجركِ عن أكل الحلويات ولكنك لم تستمعي إلي , والأن ما العمل؟؟ يا إلهي!! الناس ينظرون إلينا "
غرست اصابعها في معصمي وهي ترفع جسدي خائر القوى عن الكرسي
صرت أرجل الكرسي ورائي وأنطرح أرضاً
هتفت بصوتٍ ضاحك : " دعيني سأمشي لوحدي "
ألتفت وجهها نحوي بغضب تموجت به عينيها وصرخت حنجرتها بشدة : " لا لن ادعكِ لآنك ستفتعلين مصيبة أخرى .. لقد فضحتينا بما فيه الكفاية حتى الأن "
جرتني ورائها وهي مسرعة الخطى فمشيتُ خلفها بقدمين متعثرتين بقهقهة ضجت بها حنجرتي وخروج كلمات لايفقها عقلي
أسندتُ جسدي على مقعد السيارة بدموع ترقرقت في عيني من الضحك
وترفه تأخذ أنفاسها بصعوبة من شدة القهر
أغمضت عينيها وهو تزفر بغضب.. بذراعين تحركهما من الأسفل وإلى الأعلى بحركة دورية
وهي تقول من بين شفتين غاضبتين : " هيا! خذي أنفاسكِ بشهيق وزفير "
حاولتُ تنظيم أنفاسي مع أنفاسها الغاضبة
إلى أن هدأت في فترة زمنية قصيرة
ضمت شفتيها بوجه هطل بالتساؤل وهي تهزه قائلة : " كيف أنتِ الأن؟؟"
حركتُ رأسي مبتسمة وأنا أرخي جسدي على المقعد إلى أن غرقتُ فيه :" جيد, استعدتُ وعيّ قليلاً "
رفعت كفيها مثبتة الحجاب على راسها وهي تقول : "أذن, هيا دعينا نعود إلى الشقة "
وضعت رجلي على الفرامل وأصبعي على زر تشغيل السيارة .. فأشغلتها منطلقة ...
حاولت التركز وأنا اشعر أنني لستُ بوعيّ
ولكن عقلي معي قليلاً
وقفت أمام المشفى لأرتجل من السيارة ذاهبة لأخذ بعض الأوراق المهمة..
*****
وضعت ذراعاً فوق الأخرى معانقة لجسدي الذي بدأت البرودة بتسلل إليه
بأعين تجوب المنطقة المحيطة بي
شارع مظلم تلوحه مصابيح تعبر ذارت الهواء راسمة أقواس من الأضواء الضبابيه
خيالات أشخاص تطوف يمنة ويسرة وكأنهم سراب
خرجت أنفاسي لتنقش على زجاج النافذة بقعة ضبابية من البخار
تحركت أناملي نحوها لتمسحها مخلفة ورائها بصمات أصابعي
أمسكتُ مقبض الباب لأفتحه خارجة من السيارة
الأجواء باردة والهواء يلفح بشرة وجهي إلى جانب الطرقات المليئة بمستنقعات مياة الأمطار
مشيتُ على الأعشاب بعيداً عن بحيرات الأمطار الصغيرة
ووقفت بعيداً عن بوابة المشفى الرئيسية
أنتظرُ خروج أمل مع صخب الداخلين والخارجين
مشيتُ قليلاً ووقفت تحت انارات مصابيح منتزه المشفى ونظراتي تتبع البشر
اتسعت حدقتي بوجه تغلف بالصدمة
وأنا احدق بالرجلان اللذان يبعدان عني بمسافة قصيرة بأصواتٍ خافتة يتناقشون
سقطت عيني على عينيه
لتتوقف شفاهه عن الحديث بتجمد تقاسيم وجهه التي تكنفت بالصدمة
تعلقت أنفاسي في صدري وتوقفت رئتي عن تزويد صماماتي بالهواء
وأصابعي تلتصق بشفتي بشهقة صدرت من حنجرتي


نهاية المعانقة التاسعة

نجلاء الريم 18-09-12 09:08 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاااته

سلمت يميتك سميتكم غلاي

سااسميهااا المعانقه الغااامضه
يداااية روايه
ام لمحااات سهوت عنهااا
ام جموح تلبسك فاااطلقت عنااان فكرك فاتحفتينااا

"حسناء حولها الحب الى حمقاء
طغى الحب على العقل
وعجوز تنفخ جمر الغيره
فتحولت الى نااار احرقت ماااحولهااا وهي اولااا
اين ذيااااب
اين اختفى او اين اخفيتيه نحن نريده مع ترف
صيغي لنا لقاء له مع ترف فأنت سفيرة الحرف
ننتظرك يااامبدعه

سميتكم غلآي 29-09-12 08:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3178806)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاااته

سلمت يميتك سميتكم غلاي

سااسميهااا المعانقه الغااامضه
يداااية روايه
ام لمحااات سهوت عنهااا
ام جموح تلبسك فاااطلقت عنااان فكرك فاتحفتينااا

"حسناء حولها الحب الى حمقاء
طغى الحب على العقل
وعجوز تنفخ جمر الغيره
فتحولت الى نااار احرقت ماااحولهااا وهي اولااا
اين ذيااااب
اين اختفى او اين اخفيتيه نحن نريده مع ترف
صيغي لنا لقاء له مع ترف فأنت سفيرة الحرف
ننتظرك يااامبدعه


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

سلمك الله


المعانقة التاسعة اسميتها حقبة جديدة لحياة الابطال .. لانها بداية جديدة لكل شخصية من الشخصيات الست
أيضا مغامرة في زيادة الشخصيتين...
فما زيادة الشخصيات الا لأهداف وضعتها في طريقي ولتخدمني في توصيل بعض العبر
حسناء .. سنكتشف الكثير عنها مستقبلاً .. والعجوز أيضاً
ذياب
أعرف أنه بات مختفياً من مدة طويلة... ولا نعرف عنه شيئاً إلى الأن ...ولكن أعدك ان هنالك جرعات فائضة عنه قادمة وستروي عطش أختفائه

سيكون هنالك لقاء ... يغير كل شيء ... بأذن الله

أخفيته كما قلتي ...ولكن اعدك أنه سيظهر قريبا جداً

" يا إلهي

فعندما تقولين سفيرة الحرف يقفز قلبي طرباً بلا توقف ... يرتعش وينتعش "


ياجميلة كم أنا سعيدة لتواجدك

وكم أنا فرحة بمتابعة مثلك وفخوره جداً بتواجدكِ

شكرا لك بعمق قاع البحر

شكرا لك بعمق

أعتذر

وأعتذر منك خصوصا على تأخري أعتذر بشدة ... فما تأخري هذا الا لوضعي الدراسي وقلتي وقتي وشحه

أحاول التعود على هذه الاجواء الجديدة التي نسيتها لاقف ثانية

وأستطيع الكتابة بهدوء وتركيز وساعود قريبا بأذن الله بالمعانقة العاشرة

وبحفظ الرحمن

نجلاء الريم 29-09-12 08:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سميتكم غلاي (المشاركة 3184950)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

سلمك الله


المعانقة التاسعة اسميتها حقبة جديدة لحياة الابطال .. لانها بداية جديدة لكل شخصية من الشخصيات الست
أيضا مغامرة في زيادة الشخصيتين...
فما زيادة الشخصيات الا لأهداف وضعتها في طريقي ولتخدمني في توصيل بعض العبر
حسناء .. سنكتشف الكثير عنها مستقبلاً .. والعجوز أيضاً
ذياب
أعرف أنه بات مختفياً من مدة طويلة... ولا نعرف عنه شيئاً إلى الأن ...ولكن أعدك ان هنالك جرعات فائضة عنه قادمة وستروي عطش أختفائه

سيكون هنالك لقاء ... يغير كل شيء ... بأذن الله
أخفيته كما قلتي ...ولكن اعدك أنه سيظهر قريبا جدال
" يا إلهي

فعندما تقولين سفيرة الحرف يقفز قلبي طرباً بلا توقف ... يرتعش وينتعش "


ياجميلة كم أنا سعيدة لتواجدك

وكم أنا فرحة بمتابعة مثلك وفخوره جداً بتواجدكِ

شكرا لك بعمق قاع البحر

شكرا لك بعمق

أعتذر

وأعتذر منك خصوصا على تأخري أعتذر بشدة ... فما تأخري هذا الا لوضعي الدراسي وقلتي وقتي وشحه

أحاول التعود على هذه الاجواء الجديدة التي نسيتها لاقف ثانية

وأستطيع الكتابة بهدوء وتركيز وساعود قريبا بأذن الله بالمعانقة العاشرة

وبحفظ الرحمن



وعليكم السلام غلاي

فعلاااا اشتقنا. لذياب

وحسناء هل نست أيامها

وننتظر معانقتك العاشرة بلهفه شديده

ولا.تطغى روايتك على دراستك

سميتكم غلآي 12-10-12 05:47 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة العاشرة

1)


تشبثت قدماي بالأرض وانا أجرهن إلى الخلف , بدموعٍ ترقرقت في عيني
أرتفعت أصابعه منادية لي , وشفتيه تهتفان بأسمي
قوست شفتاي المرتعشة وأنا أشيح بوجهي عنه
وأركض في ظلمت الطرقات المنغمسة ببحيرات مياه الأمطار , بإتجاه مواقف السيارات
أنزويتُ بجسدي هناك
وأختبئت خلف ايطار أحدى السيارات
اداري جسدي بها, أو أختفي عن انظاره
هويتُ على أرضاً رطبة تغطت بالأغبرة , بركبتين ضربتا الأرض
مسقطةً راسي في حجري
أختنقت أنفاسي , وانحبست العبرات في صدري
أنهُ مروان !!
لماذا أراءهُ الأن ! بعدما حاولت نسيان الماضي وحرقه !
بعدما حاولت طمس ذكرياته المؤلمة , الحلوة , الغابرة, التي تغطت بالرماد الملتهب
انبعث صوته ببحة غلفتها الدهشه : " تــرفه ؟ أنتِ ترفـه.. هذا صحيح !!"
أرتعش جسدي, برأس أرتفع إلى مصدر الصوت , بتصاعد بصري على جسده الضخم الواقف أمامي
أنصب بصري عليه , وتعثر جسدي بسقوط كفاي على الأرض, وتشبثهما بها
تجمعت الدموع في مقلتي , وأنا أحدق بوجهه الحامل للبسمة المختلطة بالفرحة
مد يدهُ نحوي بصوت أحتضن القلق : " ترفـه هل أنتِ بخير؟ "
لوحتُ برأسي يمنة ويسرة
لا أريد سماع المزيد , فقط أريد الهروب !
و لا أريد أستعادة تلك الذكريات, ولا أريد معرفة حقيقة وفات ذياب
أريد فقط العيش بعيداً عن كل شيء, ونسيانهم إلى الأبد.
أغمضت أجفاني, بدموع تعلقت بين الأهداب , وأنا أهم برفع جسدي عن الأرض .
وقفت قبالتهُ, بوجه تلون بالحمرة , وغمر بالأوجاع
ارتعشت شفتي , وخرجت العبارات من بينهن بإهتزازت صوتية باكية: " أني بخير! "
أضفت فيما كانت عيناي المبحرتان في الدموع
تقيدان عيناه المصوبة نحوي والتي تفتش في خبايا وجهي : " عذراً , أني ذاهبة "
أمسكت أصابع يده الخشنة بقماش كمي
مانعة إياي من الذهاب, هاتفاً بصوت تغطى بالفرحة : " أخيراً وجدناك , أين كنتي ؟؟ فلقد فقدنا الأمل بإيجادك , أن ذيـ... "
قاطعتهُ رافعة ذراعي إلى الأعلى, في محاولة لأزاحت أصابعه عني
صائحة بصوت متعب : " أتركني ! "
تركتني اصابعه
فهرولتُ على الشارع الغائص في أواحل مياه الامطار
بقدمين تضربان المياه الباردة بإيقاع رنان , بقطرات تقفز عن مكانها مبللة لملابسي
قوستُ شفتاي بعينين توشحتا بالضباب
وبكيتُ بتبلل وجنتي بالدموع , وتطايرها في الهواء.
أريد الهروب , والأختفى !
الأبتعاد عن كل شيء , والأختلاء بنفسي .
أنه يذكرني بذياب , أنه يعيد شريط الماضي الذي حاولتُ قبرهُ !
يعيد ذكرى ذياب, موجع قلبي!
الذي أحاول دفنهُ في قلبي, ونسيانه لأنه مات ولم يعد حي!
ايكون لحياتي بذكراهم معنى بدون ذياب !
فما رؤيتهم ووجودهم, الا لألام واوجاع لا علاج لها
فهي لا تزيد قلبي الا سقما ومرضا !
سرتُ مسافة طويلة, بوجه تجمد من لفحات الهواء الباردة
إلى أن وصلت إلى الشارع , متجهة بإتجاه سيارة أمل
فتحتُ باباها, بجسداً أنحشر بداخلها .
موصدة أبوابها, باكية بصوتٍ عالي , باصابع ارتطمت بخداي , وغرست بداخلهما .
***

تصفحت أناملي الأوراق التي امامي , احتاج لهذا وهذه لآجل الدراسه !
حلت أناملي على أوراق بحثي
فاخذتُ نفساً عميقاً, وأنا أسترجع ذكرى ما حدث منذُ ساعات .. يا إلهي !
ما الذي يجب عليه فعله!!!
فعامر على الأكيد سيجعلني أرسب !
وسيكتبُ عني أشياءً فضيعة !
لانني فشلت في الألقاء أمامه, ولانني مهملة , وكسولة !
زفرتُ نفساً أختنق في صدري, وأرتجف جسدي لذكراه !
سأذهب إليه, وسأحاول أن اجعله يوافق على إعادة إلقائي لمرة أخرى.
ساحاول مهما كان الثمن , فشعور الفشل كريهه , ولا أريد أختباره لمرة أخرى !
ذهبت إلى الأستقبال أطلعُ على المتواجدين في الدوام الليلي
أنه موجود!
فكرت لثواني قبل أن تتحرك قدماي , أن أحاول ضبط نبضات قلبي المتسارعة
محو مشاعري الشخصية ونسيانها
أستعادة توازني وربط أعصابي بشدة
فانا اشعر أنني لست بخير, وأكاد أفقد تعقلي!
مع هذا التوتر الذي ينتشر بين خلايا جسدي الأن
مشيتُ أبحث عنهُ, بأعين عطشى تنقب عنهُ ليرويها
توقفت قدماي, وأنا أراهُ يقف مستنداً على الحائط
بصدر التحف بقميص أبيض خاص بالأطباء
يبعد عني بمسافة عشرة أقدام, يتحدث عبر هاتفه النقال , بوجه احتلته تقاسيم غاضبة
تحررت سماعة النقال عن أذنيه, وهو يدعس بها في جيب بنطال أسود غطى ساقيه النحيلتين
مخرجاً من جيبه الأخر جهازاً صغيراً , محدقاً به بحاجبين ملتصقين
تحرك جسده إلى الأمام بأكتاف ارتفعت إلى الأعلى
ألتقطت انفاسي المتصارعة, والتي تحاول الفرار من رئتي..
في محاولة لتهدئة مشاعري المجنونة لرؤيته , المرتعشة للأنغماس في بئر حبه
فكم باتت مشاعري متضاربة
بين نفي حبه من قلبي , وطرده
أو الرضوخ لذلك الحب الغير مستساغ
فما حبي لمثل هذا الشخص الكاره, والمستحقر لي
والذي لا يراني, الا كائن مفتعل للمشاكل وغير مرغوب به
فقط بمجرد كلمة واحدة صدرت منه
أوقعتني في شباك نسجتها مشاعري
مجرد ثناءه على كعكي البشع !
جعل مشاعري تنقلب رأساً على عقب في قلبي
فتتطور, وتتفاقم إلى مفاهيم, لا أعرف إلى أين ستقودني !
أسرعتُ بخطواتي , لأقف أمامه بعينين أرتشفتا التصميم, بطردي لكل شيء من قلبي
ولكن ما أن غرقت عيني في بحر عينيه السوداوتين المندهشتين
أنسكب كل شيء , وتبخر , وأهتزت مشاعري المقيدة وتحررت من قيودها الوهمية.
أرتعش قلبي وارتجف جسدي معه
رمشت أهدابي, وأطبق على صدري طن من الأثقال ضاغطاً عليه
في محاولة لخنق انفاسي المتوترة
حاولتُ تثبيت قدماي على الأرض, والنظر إلى وجهه المتجهم ..مقطب الحاجبين ..
بقوة أفقدتني طاقة جسدي وعقلي
انسكبت الكلمات من بين شفتي بجهد, وأنا أرفع كفي المرتجفة الحاملة لبحثي : " دكتور , أعطني فرصة ثانية, وأجعلني أعيد الالقاء "
ضاقت عينيه, بغضب غاص به وجهه
وهو يرفع رأسه إلى الأعلى , رافضاً لكلماتي , غير آبه بها .
تحرك فتحركتُ معه مانعة إياهُ من التقدم , بقوة تكاد تتلاشى , وبنفس محبطة خائفة من الخسارة
أوقف جسده قبل الأصطدام بي, بتكون عقد على جبينه
ضغط على أسنانه بخروج عبارات غاضبة من بين شفتيه : " أستاذه أمل , إذا سمحتي أبتعدي عن طريقي "
أخفضتُ بصري أرضاً , وسحبتُ نفسا عميقا , مبتلعة ريقي
مترددة .. كارهة لنفسي
رفعت عيناي العائمة بالدموع , المحتزنة للآلام
أحدق بعينيه الغاضبتين
تجمدت تقاسيم وجهه, وهو يحملق بي باعين طبعت الأستغراب
نطقتُ بشفتين مرتجفتين , مقاومتين لحشرجة البكاء الواقفة في بلعومي :" أرجوك , أعــ.. أعده لي, لهذه المرة فقط, أعدك أنني سأتغير "
أهناك شيء أفظع , وأشنع من هذا التوسل الذي أبتلعهُ صوتي
وأطلقته حنجرتي بترددات صوتية باكية
ببصر هوى أرضاً, قوستُ شفتي بقسوة مانعة نفسي من الخضوع لموجة البكاء
عامر بات يودي بي إلى الهاوية!
تبا لهُ , من متبلد المشاعر !
تبا له , من قاس!
أنني أكرههُ
لثواني فقط وقفت ألتقطُ أنفاسي المتعبة , المنهاره
فوصل صوته المتزن , المنخفض , المختلف عن كل مرة إلى أذنيّ : " حسنــاً "
أرتفع رأسي إلى الأعلى بسرعة
محدقة به بعينين ابتلعتا الدموع , وتلألأتا بالدهشة
تركزت عينيه على عيناي
فتوتر جسدي , وتسارعت نبضات قلبي حتى كادت تتوقف, لرؤية عينيه المثبتة بعيناي
رفع حاجبه الأيسر وهو مايزال يقيد عيني
ليقول بصوت حمل الصرامة : " ولكن .. هذه فرصتكِ الأخيرة .. صدقني يا أمل فأنا لن أتهاون عن عقابك إن أستمر الوضع على ماهو عليه الآن , وسأجعلكِ تندمين وتقومين بإعادة كل شيء لمرة أخرى بالإضافة إلى أنني لن أتقاعس عن طردك بأية وسيلة كانت "
انزلقت عيناي إلى الأرض
وأنا أحدق بسطحها المغطى بالبياض
كاتمة لغضبي, وتعبي وتدهور مشاعري بداخل صدري
أنه يهددني!!
إلى جانب أنني متأكدة, أنهُ عند وعده وسيقوم بتحطيمي لأي خطأً أرتكبهُ
رفعت بصري لأنظر إليه من تحت حاجبيّ, برأس لوح بإيماءات الموافقة
أتسعت مقلتيه محدقا بي بوجه أستحالت ملامحه إلى وجوم
غصت انفاسي بصدري بإرتعاش جسدي .. توتر طغى على مشاعري
جنون ارتفع إلى دوامة عقلي المتعثر بالأفكار , والهائج بالثماله
لاحت في عقلي خزعبلات غبية, مجنونه
وهي أنني الأن سانقضّ على عامر وسأطرحهُ أرضا وسأقوم بضربه مهشمة لجسده
وسأصرخ مفرغة شتائم أستعمرت صدري منذ أمد طويل, وسأضحك إلى أن تفقع مرارتي
تقوست شفتيّ إلى أن تفجرت من بينهما قهقهات صاخبة , غير متوازنه , معتوهّ
تضحك من غبائها , ولمجرد أخفاء تخبطها وتوهانها
يا إلهي !
لا !!! أنهُ ليس بالوقت المناسب لنوبات الجنون , ومفعول ما أكلته مسبقا!
ارتجلت الكلمات من حنجرتي, وأنا أحاول ايقاف سكر عقلي
ومنع ضحكاتي من صخبها المتجلجل
بأصابع تسابقت ضاربة جزيئات الهواء الساخنة من حولي , مزيحة توتر ذراتها
بوجه تشرب الحمرة رفعتهُ إلى الأعلى, وهتفت بصوت تغنى بالتهتهة : " أنــ .. أنـا .. لا .. لا شي.. فـ فــقط .."
هززتُ رأسي في محاولة لأستعادة وعيّ
والتوقف عن التفوه بالمزيد من الكلمات التي قد توصلني إلى تفريغ مخزون ذاكرة, قد يؤدي إلى هلاكي
بقدمين تراجعا إلى الخلف ترنح جسدي بإلتواء كاحل قدمي الأيمن
تعلقت أصابعي في الهواء بأعين امتلأت بالخوف, وأنا أكاد أهوي أرضاً
أنقضت أصابعه على أصابعي الممتدة, متشبثة بها بقسوة
ساحبة جسدي إلى الأمام حتى كاد يرتطم به
توقف وجهي متسع العينين
قبالت وجهه رافع الحاجبين , وأنفاسي تخرج بلفحة حارة مختلطة بذرات الهواء الحائمة بيننا
ضجت نبضات قلبي بصخبها
إلى أن عبرت طبلة اذنيّ وأخترقت أنفاسي اللاهثة
من وراء وجه غمر بهذيان روحي, حدقتُ بوجهه المبهوت, المتوتر, الغائص في تقاسيم وجهي
هاجت وماجت أنفاسي
وتوترت مشاعري وانا أحدق بوجهه المقابل لي
فنطقتُ بأول كلمة خطرت في عقلي بعشوائية
غير قادرة على كتمان تسكعها الغير عقلاني: " قصـــير "
خرجت متعثرة من بين شفتي
أنحفرت أسناني في شفتي السفلى
لرؤية وجهه المصعوق, الذي أشتعل بنار بركانية متأججة
تأوهت !
وأنا ألتقطُ أنفاسي , مانعة نفسي من التفوه بالمزيد من الحماقات
تبا لي, ما الذي قلتهُ!!
سأموت اليوم , وسأدفن حية !
ضغطت أصابعهُ على أصابعي وهو يبعدها بعنف عنهُ
أكفهر وجهه بعينين التمعتا بالغضب
وهو يحملق بي , كاتماً لثورة غضبه
بأنامل أنغرست في كفها شادة حبالها شدا
وبأجفانّ غطت ظلمت السواد المتضارب بداخلها
ضرب بأسنانه ضرباً
وهو يفتح بؤرة السواد, محدقاً بي بشراسة توشحت بها
قال من بين أسنان صرت بصرير نخر أذنيّ: " تستمرين في أغضابي , وعدم أحترامي , بتخطي حدودكِ معي , انك تلعبين بالنار ! "
جفل فؤادي , وأرتجفت أوصالي
أرتدت قدماي إلى الوراء ملتصقة بالجدار خلفي
بجسد ضخم التقاسيم, تحرك نحوي بسرعة حتى كاد يصطدم بي
التحم جسدي بالجدار محملقة به, بأعين تموجت بالخوف
شهقتُ برعب عبث بقلبي , وأوقعهُ في بطني
ويداه تلطمان الحائط خلفي
بأصابع حفرتهُ , وطوقت ذراعيه جسدي بدائرة
إبتسم ليرتفع طرف شفته العلوية, بخبث وحقد تكنف به وجهه
نطق بعباراتٍ أحتضنت التهديد إلى جانب الأحتقار : " لن أسامحكِ ابداً على عدم أحترامكِ لي , سأتربص بكِ وسأسحقكِ بيدي , فواحدة مثلك تستحق الجلوس في المنزل على العمل في مهنة كهذه"
غزت الدموع عيني وانحبست في أجفاني
وأنا أستمع إلى سياط عباراته المنخفضة.. المستحقرة, والمستهزئة بي
ليبلل شفتيه مردفاً بأعين رسمت الأستخفاف :" لا أدري من أنجحك ؟ كيف تصلين إلى هنا, وأنتِ بهذا الكسل, والأهمال, والغباء ... أنتِ مجرد فرد خاطئ متواجد هنا "
قضمتُ شفتي, وأنا أنصت لفحيح كلماته الطاعنة , المخترقة لفؤادي
في مقاومة لمنع سحابة من الدموع سبحت في مقلتي من الهطول
أنه قاسي , ولا يحمل قلباً !
كيف لهُ أن يرمي جمر كلماته القاسية على وجهي هكذا , لِمَ يفعل هذا ؟
صحيح أنني المخطئة , ولكن أنه مؤلم جدا!
ارتعشت شفتي محدقة به من وراء وجه تلون بالحمرة , وانزوى عن صمت مشاعره
بإنقبضات سريعة أصابة وهيجت الحجاب الحاجز خرج من حنجرتي صوت ليس بوقته
بـما يسمى بــ"الحازوقة أو الفواق " جرى في مجرى بلعومي خارجاً منه
أرتفعت أصابعي ملتصقة بفمي
بنظرات مذهولة تعلقت بوجه عامر, الذي تحولت ملامحه إلى الدهشة بحاجبين تشبثا في جبينه
أغمضت عيناي بخجل سكن صدري
كاتمة لأنفاسي في محاولة لمنع سيولاً أخرى من التدفق
وصلت إلى أذنيّ جلبة صوت تحاول كتم ضحكاتها
فإرتفعت ستائر أجفاني عن مقلتيه ببصراً تعلق به
فنفض نفسهُ مزيحا غبار ما أحدثه منذُ ثواني
ليزم شفتيه وينفث عطر أنفاسه على وجهي
مبتعداً عني ضارباً بخطواته في الممر الأبيض, بكفين دعسهما في جيوب جاكيته
أستعدتُ أنفاسي, محدقة إلى ظل جسده الصلب , المتقلص في كل خطوة يخطيها نحو اللا نهاية
أغمضت أجفاني مرتطمةٍ بالجدار خلفي
متهالكة على البلاط البارد أرضاً
أحاول تنظيم أنفاسي اللاهثة
المتدهورة بسببه
ازاحت الحرارة التي أعتلت جسدي, وأحرقت وجهي
ارتفعت اناملي إلى حجابي متشبثة به , لقد أرعبني !
كادت أن تصبني سكتة قلبية بسببه
أنزلقت كفي إلى مقر قلبي متلمسة إياه
أنه يركض بسرعة .. ولا أستطيع توقيف جريانه ..
أنه يؤلم جداً !
سامحك الله يا عامر , لماذا تفعل بي هذا ؟
لماذا تحرك مشاعري بهذه البساطه
وتوصلني إلى حافة الأنهيار بأفعالك .

سميتكم غلآي 12-10-12 11:06 PM

رد: أرواح متعانقة
 
2)

صعدتُ إلى سيارتي مشغلة مفتاحها
بروح متعبة , ونفس تتوق لتنفيس غضبها على أي كان
ضغطُ على الفرامل بدون أن ألقي نظرة على ترفه, المسندت برأسها على زجاج النافذة
المتشح بالضباب بوجه تغطى بطرف وشاحها الأسود الملتف حول رأسها
تمسكت اصابعي بالمقود, منطلقة في طرقات أكتظت بضجيج السيارات
وقفت أمام أشارة المرور منتظرة تغير لونها إلى الأخضر
انزلت زجاج النافذة , لأدخال المزيد من ذرات الأكسجين إلى رئتي
صخب صوت مزامير آتت من سيارة سكنت بجانبي الأيسر
جعلتني أرفع بصري بإتجاهها, بوجه حمل الغضب
حدقتُ بها .. لأرى شابين امتطيا سيارة فارهة , رياضية , سوداءة اللون
يهمسان بكلمات منخفضة متغزلة, تتغنى بأرقام هواتفهما
تبا لهما من عابثين!
ليس لديهما الا الركض وراء أعراض الناس بدون أي رادع أو خوف
رفعتُ النافذة بتلون أشارة المرور باللون الأخضر
منطلقة بأقصى سرعتي في شارع خلا من أزدحام السيارات
نُقشت عُقد رفيعة بين حاجبيّ
وأنا أحدق بالمرآة الجانبية القاطنة على جانبي الأيسر, ورؤية السيارة الرياضية السوداء تلاحقني
مقتربة مني بسرعتها القصوى , حتى كادت ترتطم بمؤخرة سيارتي
ولكنها أنحرفت عن مسارها , متجهة إلى جانبي الأيسر حتى باتت تقترب مني
أشتد تركيزي بتوتر أجتاح أعصابي , لست في مزاج للعب معهم
يا إلهي !
كيف سأستطيع التخلص منهم الأن , فالتخلص من هؤلاء الحثالة.. لهُو صعب جداً !
خففتُ من سرعتي في محاولة لكتم غضبي
واسكات تهوري الأحمق
الذي يحاول الأنتقام منهم لتعكيرهم المضاعف لمزاجي الحارق لأعصابي
صرخاتهم وسخريتهم مني, لجذب انتباهي زادت من فيضان الجنون بعقلي
فزدتُ من سرعتي بتهور
أستيقظت ترفه من سباتها, بكلمات شقت الصمت الساكن في الأجواء : " ما الذي يحدث؟ "
رصّتُ على أسناني
وبقبضة التحمت بالمقود, شددتُ عليه.
تشبثت ترفه في المقعد بجانبي, بأنفاس مرعوبة
وهي تقول بصوتٍ تغلف بالخوف : " أمل دعكِ منهم , أنهم مجرد شبان طائشين "
صرختُ وتركيزي يحتد أمامي , وجسدي يرتعش من الحرارة الصاهرةِ لخلاياي : " لا أستطيع , فلقد علقتُ "
لا أستطيع التنازل الأن, أو التوقف فهم يلعبون بالنار من حولي
وقد يحدث ما لا يحمد عقباه , يجب عليْ أن أغير مساري عند اول مفترق للطرق أجدهُ
أخفضتُ من سرعتي , عند رؤيتي لأكتضاض سياراتٍ أمامي
أقتربت مني السياره, حتى كادت تلتصق بسيارتي
أخرج شاب بشعر اسود, طويل, أشعث رأسه من النافذة
راطما بقبضته زجاج نافذتي بقوة
اللعنة عليه !
أستمر في ايماءات وجهه الساخرة مني
بجانب يديه الراسمة أنواعً من الأشارات الحركية التي تفتقر للأدب
قفز الغضب إلى صدري, وإزدادت حدته
بيد واحدة تركت المقود , وبقدم أخفضت سرعة السياره
فتحت النافذة
بكف راكضة نحو زجاجة العصير الممتلئة بسائل برتغالي اللون
أمسكتها أصابعي بشدة, ضاربة جزيئات الهواء مصوبة بها لخارج النافذة وعلى وجه الشاب
سكبتُ سائل العصير ليغرق وجهه المبهوت به
علت صرخةٍ من جانب ترفه , بالأضافة إلى عويل الشاب المذهول
بتراخي سرعة سيارتهما, زدتُ من سرعتي هاربة منهم , بقهقات ضجت بها حنجرتي
وبكفين تضربان المقود
انبعث صوت تــرفه بصيحة كساها الذعر : " أمل ما الذي فعلته , يا إلهي ! أنهُ جنون "
لتتفجّر من بين شفتيها ضحكات مكتومة
حدقتُ أمامي بضجيج لم يتوقف, ومن بين ضحكاتي هتفت : " انه يستحق ذلك لعلهُ يتأدب "
اشتد ضحكي لتذكر وجهه المصعوق
توقفتُ عن الضحك بعينين تعلقتا على انعكاس السيارة السوداء على مرآتي الجانبية
رحماك يا ربي !
أنني موقنة بأنهم لن يتركوني أبداً, بعد المصيبة التي أفتعلتها !
اجتازت السيارة سيارتي
غيرتُ مساري إلى جانب الطريق , مقتربة من الرصيف أتحرك بسرعة متوسطة
تنفستُ باضطراب , بدخول جزيئات الهواء إلى رئتاي
وبهتاف ترفـه الخائف المخترق لطبلة أذني
سارت السيارة امامي بسرعتها القصوى, لتّوقف فجأه في منتصف الطريق!
أختنقت أنفاسي بنبضات قلب متضاربه , تبعثر بصري وتشتت تركيزي
لأضغط على الفرامل في محاولة لتخفيف سرعتي بالتدريج, قبل الأصطدام بالسيارة أمامي
أوقفتُ سيارتي ببضع أشبار قليلة عنها, بجسدا يرتعش من الرعب , متشبثة بالمقود
ابتلعتُ أنفاسي بروح يكادُ يغشى عليها
أحدق من بين فرغات المقود, بشفتين مرتجفتين , ووجه تكنف بالرعب
ارتفعت كفي لتحل على موطن قلبي في محاولة لتهدئة نبضاته الوتيرة
طمأنت نفسي بأني بخير !
وأنني لم أصطدم بالسيارة , وأنه لم يقع أي حادث لنا
ركلة قويةٍ ,عنيفةٍ ارتطمت بغطاء سيارتي الأمامي
ارتفع وجهي عن المقود أحدق إلى خارج السيارة
بوجه تلوح بالرعب, لرؤية الشاب نفسه يبتسم بشفاه أنتحلت الشر
هويت بجسدي على ظهر المقعد, وأصابع ترفه المرتجفة تحتضن ذراعي بشدة
أطلقتُ الأهات المرتعشة , بمقلتين أنحرفتا بإتجاه ترفه المغمضة لعينيها
فخرجت من بين شفتي كلماتٍ مهتزه : " نحن بخير ! "
فتحت ترفه عينيها مبعدة جسدها عني , محدقة إلي بعينين متسعتين , وشهقت قائلة: " الحمدالله لقد نجونا "
طرقاً شديداً على النافذة جعلنا نرفع أبصرنا نحوه
الشابين يقفان امام نافذة ترفه
بوجوه تلونت بالغضب, أندلعت أصواتُ صرخاتهم من الخارج مخترقة الزجاج
بشفاه مزمومه ضغطتُ لمرة, وثلاث على زر انزال النافذة
انفتحت قليلاً, لتتسابق أصوات الشتائم إلى اذنيّ : " فتحتي النافذة ايتها الحقيرة "
" تبا لكِ "
" ترجلي الآن .. وإلا سأكسر السيارة على رأسك "
ضاقت أجفان ترفه , وهي تنظر إلى وجهي المتشح بالغضب الممزوج بالخوف
هامسة بصوتٍ مذعور : " أمل دعينا نهرب, النقاش مع هؤلاء الطائشين , لهُ عقيم "
حركتُ رأسي موافقة لكلمات ترفه
حدقنا بهما بخوف , وهما يحاولان أستفزازنا بشتائم تسيل بقذارة من أفواههما
انبثقت يد احدهما إلى داخل فتحت النافذة الصغيرة , المقابلة لترفه في محاولة للمس مابداخلها
صاحت ترفه بهلع, فصحتُ أنا بفزع
انقضت أنامل ترفه على الزر, رافعة زجاج النافذة
التي قضمت أصابع الشاب التي تحاول الهروب منها
صرخ بشدة و بألم مزق طبقة جلده وعض لحمه
بأعين لاحت بالرعب أنزلت ترفه النافذة عن يده
التي هرولت عنها مسرعة, لتطوق يده الأخرى أصابعه الملتهبة , بعويل شق سكون الليل
أغلقت ترفه النافذة بأنفاس هدرت من رئتيها, وبوجه تغطى بالذهول حدقت بي
لآطلق أنا ضحكة مجنونة غير مصدقة لما حدث !
صرخت ترفه وهي تضع رأسها بين ذراعيها, وجسدها يرتعش بهلع : " يا إلهي, لقد قضي علينا "
رفعت رأسها نحوي قائلة بدموع تجمعت حول أجفانها : " أمل أرجوك دعينا نهرب , انهما لن يتركوننا بعد الذي فعلناه "
حاولتُ أستعادة اتزاني, بجسداً مرتجف , وقلبي يجري بلا توقف
يجب علينا الهروب من هؤلاء المجانين, قبل أن نصبح جسدا بلا روح
فلقد أوقعتُ نفسي في مأزق بات الخروج منه صعباً
أشغلتُ سيارتي بسرعة, ضاغطة على الفرامل
مرتدة إلى الخلف , مغيرة مسار طريقي إلى جهة اليسار
ركض احداهما أمامي , وأنا أضغط على الفرامل
لاااااا !
ضربت كفاي المقود بشدة منحرفة به بإتجاه اليمين
وبأصطدام عنيف لطمتُ حديداً صلب وقف أمامي
وأوقع جسدي على مقود السيارة
صادماً جسدي به, ضارباً وجهي بكتلة الاكياس التي عامت
واغرقتني فيها, بتناثر شظايا الزجاج
***

بللتُ شفتاي في محاولة لتخفيف ألم الضربة, التي جرحت وانزفت الدماء من شفتي
بيد قيدت الأخرى في حجري , حدقتُ بأمل الواقفة بوجه سبح بالأزعاج, والألم
وقد لمع جرح طفيف على وجنتها المتوردة , بدماء تخثرت عليها
عضت شفتها, صائحة بصوتٍ مدافع : " يا سيدي هو من بدأ , هما من حاولا التحرش بنا أولاً "
أنتصب جسد الشاب واقفاً
وبصدراً رفع هامته , أشار بأصابعه على أمل , قائلاً بصوت غاضب :" كاذبة ! هي من صدمت سيارتي بمحض إرادتها , فقط لمجرد انني أوقفتُ سيارتي على جانب الطريق "
صمت ليرص على أسنانه , وهو يضيف : " أنني موقن يا سيدي الشرطي, أنها من طرف أحدى العصابات المنتشرة في العاصمة "
هبت أمل متقدمة بخطوة منه , وقد ضربت الأرض بقدميها
بغضب غزا وجهها, الفاحم بحرارة الدماء المحتقنة فيه
صرخت وهي تضرب بكلا كفيها على جانبي جسدها : " تبا لك , ايها الكاذب , النجس , المفتقر للأدب والأخلاق , المراهق "
أشتعل وجهه بالحمرة, وهو يقترب من أمل بغضب اكتسح جسده رافعاً ذراعه إلى الأعلى
بكف كاد يرميها على أمل
ولكن أمسكت يده, قبل أن تسقط على خدي أمل من قبل أحد رجال الشرطة..
قفزتُ إلى أمل, واقفة قبالتها بوجه انغمس بالغضب
وقلت وعيناي تنظران إلى رجل الشرطة الجالس وراء مكتبه
والذي يحدق بنا بعدم أهتمام : " أنهُ كاذب يا سيدي , هو من اراد بنا شراً , هو من كان يلاحقنا "
وقف الأخر ليقذف من فمه سيلا من الكلمات
التي لا تتقاعس عن أحتواء شتائم بذيئة , لتردها أمل بأقوى عنها
صرخ الشرطي القاطن وراء مكتبه
وهو يضرب حزمة من الأوراق على الطاولة
لتخر أمل جالسة برعب , وأنا ورائها
زفر بتهيج وجهه الغاضب الداكن, وهو يفح بفحيح نار كلماته العصيبة : " أصمتوا!!! , أين تحسبون أنفسكم ؟ لا أريد سماع المزيد , والا رميتُ بكم في الزنزانة "
وضع ذراعاً فوق الأخرى, معانقاً لصدره
وهو يحدق بنا بحاجب تشبث على جبينه
عبثت اصابعه بالأوراق التي أمامه, بأعين تحدقُ تارة إلى الأوراق وأخرى إلى الحاسوب الذي أمامه
لتنتقل عينيه إلى أمل , وهو يقول بصوت صارم : " لقد صدمتِ السيارة عن عمد , كما هو مصور هنا وكما ظهرت في التحقيقات من ضربة سيارتك لسيارته "
صاحت أمل بذعر رنة به حنجرتها : " صدقني يا سيدي لم يكن عن عمد أني أقسم بالله "
ضغط الشاب الأسمر ذو الشعر الطويل على اسنانه , وخرجت الكلمات من بينهما بغلظة :" كاذبة ! "
ضرب الشرطي قبضته على الطاولة بصارخ : " أخرس أنت! , فكل شيء مصور في ألالات التصوير المتنشرة في الشارع , فحركاتك المتهورة وملاحقتك للفتيات مكشوفة "
أحتقن وجه الشاب بالدماء الغاضبة
وخرج من بين اسنانه صرير صوت خافت: " أنا متأكد من رؤية هذا الوجه المتوحش من قبل, انها امرأة مجرمة "
قفزت امل من المقعد , بأعين متسعة رسمت الصدمة المختلطة بالمفاجأه
مشيرة باصبعها على وجه الشاب , بشفاه أنفتحت بدهشة
وبكلمات ارتجلت منها بصياح حاد : " نــعم !!! أنهُ الملاحق , المتحرش , ذو الألفاظ البذيئة الذي رميته بالحذاء وكدتُ أقتلهُ "
تسارعت كفيها إلى شفتيها مطبقة عليها
صرخت حنجرة الشاب بأعين تغلفت بالصدمة : " سحقاً لكِ "
تهته لسانه بالكلمات , وهو يكمل بجسداً مرتعش "أنتِ المجنونة التي رمتني بالحذاء وسبّبت عاهة لي "
اخفض رأسه نحو أمل يُريها ما احدثتهُ له
فرتد جسد أمل إلى الخلف, بذعر اختنق به وجهها
رفع رأسه مقترباً منها , بوجه كساهُ الغضب والحقد مخرجً كلماتٍ مكتومة, غاضبة : " ايتها الوقحه, فتاة العصابات , أخيراً وجدتك وسألقنك درساً لن تنسيه أبداً "
انطلقت قذائف العبارات من حنجرة الشابين , بفوضى غاص بها مركز الشرطة
أرتفع لهيب الغضب في أحشائنا لرد قنابلهم الملغومة
ليشتد ويحتد قذف الشابين للكلمات على أمل
برمي وابل من الشتائم عليها في محاولة لدحض اي كلمة, قد تنزلق من حبالها الصوتية
صراخ رجال الشرطة ومحاولة إيقاف الجنون الذي عبث من حولنا بهدوء , لم يزد الموقف الا خراباً !
و لم يوقف الهجوم المنبعث من كلي الجانبين
فأمل وأنا ثرنا وهاجت مشاعرنا , لأن الشتائم وصلت لقذف والدة أمل !
ضج صراخ غليظ زلزل الأرض من تحتنا
سكنت جلبة الأصوات
محدقين بالشرطي القاطن وراء مكتبه
وهو يصيح بنا
ويهم بالوقوف ضاربً الأرض من تحته, بوجه تكنف بالغضب, وتفجر بالعصيبة : " أرموهم بالزنزانة "
وضعتُ أصابعي على شفتاي لهول ماقاله , لا يمكن أن يكون ما قالهُ صحيحاً !!
نرمى في الزنزانة؟؟؟
هوى بصري المفزوع على أمل , التي تغلف وجهها بالذهول وهي تقول بترجي : " لا يمكن أن يحدث هذا , أرجوك يا سيدي, نحن لم نفعل شيء "
صاح الشابين منفعلان بعدم رضا , فما زاد ذلك الشرطي الا غضبً واصراراً
وهو ينصت للشتائم التي بدأت تّدفق من جديد
فصرخ بصرامة أستوطنت صوته : " هيا , خذوهم حالاً "
اندلعت صيحات وصرخات من ورائنا
كانت لفتاة تنفث حمم غضبها على من حولها
تشتم وتصرخ بانفعال مبالغ فيه, إلى جانب أنها تبكي دموعً دون صوت
أضقتُ عيني في تركيز وكأنني أعرف هذه الفتاه !
أستنشقتُ ذرات الهواء بصعوبة لتذكري لها
أنها حسناء " أبنة خالة ذياب "
حسناء المدللـه , والبغيضة
التي لم تكن تربطني بها الا علاقة سطحية, تنم على عدم الأتفاق, والضغينة المتبادلة
لتسكعها الدائم مع المعلمة علياء وعلاقتها المتينة بها
سترتُ وجهي بوشاحي مخفية إياهُ عنها , لكي لا تقع نظراتها عليْ فتعرفني !
لم تكف عن شتم السيدة التي معها
إنما زادت في مصارعتها للشرطيان , اللذان قيدا ذراعيها وراء ظهرها
فصرخت من بين دموعها : " انها كاذبه , أنها تعرفني, وأنا لم اضربها لتلك الدرجة "
ضربت الأرض من تحتها ملتقطة لأنفاسها الهاربة
وهي تقول بصياح :" دعوني , تبا لكم ! الا تعرفون من أنا , أقسم ان ابي سيقاضيكم قانونيا , دعوووني "
تحركت شفتي المرأة الطاعنة في السن التي معها
وهي تقول بصوت حمل الغضب : " أرموها في السجن , أنني لا أعرف هذه الفتاة البشعة , وأرجوا أن تتخلصو منها بأي وسيلة كانت , فهي مجرمة تابعة لأحدى العصابات المخربة "
صرخت حسناء بهستيرية
ونحن نجر بين يدي رجال الشرطة بشدة وبرفض منا
وصوت صرخاتها تتفجر في المكان : " تبا لكِ , ايتها الشمطاء , ساقتلك في يوما ما , سحقاً !!!, دعووووووووووني أقتلها "
****
انزويت وراء أعمدة الحديد
في غرفة لاحت بضوء أصفر
يتدلى من أعلى , على مصباح صغير حملهُ خيط من الأسلاك
بغرفة معتمة , تتجرد من كل شي الا من أعشاش العناكب والغبار المتراكم على مر السنين
أنطرح جسدي على الأرض, أحدق إلى ما وراء الحديد
وإلى صخب الأصوات الأتية من الخارج
بعد أن قاوموا باستجوابي بلا نتيجة ترجى , لأجل الأتصال بالوصي .. فما كان مني الا الصمت
أخذوا أمل التي عادت بعد دقائق بوجه استحال ابيضاً, وأكتسى بالخوف
دخلت لتخر بجسدها على الأرض , برأس هوى في حجرها
فصرخت وهي تضرب برجليها في الهواء , قائلة : " يا إلهي!!! لقد أصبحنا في الحضيض "
اقتربتُ منها حتى تشبثتُ بذراعها اليمنى
قائلة بصوتٍ هامس مبحوح : " ما الذي سيحدث لنا ؟ "
أطلقت الأهات من قعر صدرها , وهي تضرب ظهرها على جدار الزنزانة الملطخ بالسواد
ورأسها يلتفتُ نحوي , أغمضت عينيها وهو تبوح لي : " أتصلتُ بعمي وسيحضر بعد دقائق , وستحل المشكلة بسرعة قصوى, بدون معرفة أمي أو أبي أو آي أحداً أخر "
قوست شفتي بحزن , وخوف وقد لمعت عيني بالدموع , فقلت بصوت مرتعش : " وأنا !!! "
أنا ... ما الذي سوف يحدث لي !!
كيف لهم أن يطلقوا سراحي , بدون معرفة هويتي !!
بدون معرفة من أنا !
فأنا ... لا أحمل أي شيء قد يثبتُ من أكون !
فتحت أمل عينيها بضيق , وهي تضرب بأصابعها جزيئات الهواء من حولها, قائلة : " لا تقلقي , عمي سينقذنا, فهم لن يطالبوك بهويتك ولا حتى شيئً أخر "
ضجيج زوبعة حسناء التي ادخلت على حين غرة منا إلى الزنزانة, جعلتنا نخرس محدقين بها
حاولتُ أخفاء وجهي عنها , بالأختباء وراء كتف أمل
لا أريدها أن تراني !
فقط , أريد الخروج من هنا في أسرع وقت ممكن بدون أن تتعرف عليْ !
لم تكف عن الصراخ
انما قامت بلطم حديد الزنزانة بكفيها في محاولة لكسره أو لفتحه!
لا أعرف بصدق كيف تفكر هذه الحمقاء !
تصرخ تارة وتهدد أخرى
وكأنها أميرة على عرشها
تأبى الجلوس على الأرض , وهي تنظر إلينا بقرف حام على وجهها , وتقيأت به عينيها
حشرت جسدها في زاوية قريبة من حديد الزنزانة , محتضنة لجسدها النحيل
دافنة رأسها في حجرها, ليخرج صوت بكائها المرتعش , المخنوق
والذي تحاول كتمانهُ بصعوبة ... ولكنها لم تستطيع ذلك !
تجمعت الدموع في عيني لرؤيتها هكذا وبهذا الضعف
لتجري دموعي على خداي بألم
ما الذي سوف يحدث لنا !
فأنا لستُ مطمئنة أبدا , أني خائفة !
فالمأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه قد بات يشد الخنق عليْ!
وبات الهروب منه صعباً !
فكيف وأنا وحيدة في هذه الحياة, وليس لدي من يحميني !
كيف سأخرج منه بدون سند أتكئ عليه !
فأمل لديها , ولكن أنا من لدي !
أغمضت عيناي في محاولة لإيقاف دموعي المنحدرة
مستنشقة ذرات الهواء بصعوبة , مانعة أنفي من النزف
لآ أريد البكاء الأن!
فأنا قد توقفت عنه منذُ زمان طويل !
طوقت ذراعي أمل الدافئة جسدي , قائلة بصوت حمل الطمأنينة : " لماذا تبكين!! ترفه لا تبكي أرجوكِ, لقد قلت لكِ أن راشد سوف يأتي في الحال , وسيقوم بإخراجنا بسهولة "
أرتفعت أناملي إلى عيناي لتمسح دموعها, وتوقف جريانها المتدفق
مسحت دموعي المتشبثة بين أهدابي بأصابع مرتجفة
بإبتسامة كاذبة أعتلت شفتيَ المرتعشة , التي تريد التقوس إلى الأسفل بوجع
أخذت أستمع إلى ثرثرت أمل التي تأبى عن التوقف
وبجنون أحتل عقلها في محاولة لتغير تعكر الأجواء من حولنا
أعرف أن الوقت غير مناسب , ولكن أمل لم تكن في وعيها !
انما اخذت بالضحك , والانطراح أرضاً في كل ثانية من شدة الهستيرية التي أصابتها
أضحكتني معها بمواقف ماضيه كدتُ انساها
إلى أن تحول مجرى الحديث إلى تخبط أمل , وقبطها من الحال الذي وصلنا له !
وأنها ستحدث مصبية أن علم أبويها بذلك
وستصبح هي بصمة سوداء في تاريخ عائلتها العريق
ولكن على حد قولها أن عمها راشد هو من سيتستر علينا
وسينقذنا من تشويه السمعة بدخلونا إلى السجن
نفختُ, جلبة صراخ قوي أنبثقت من جانب حسناء الباكية
جعلتنا نسكن بغضب : " اللعنة عليكم!!! اصمتن يا مجرمات , يا إلهي! كيف لهم أن يزجوني مع قذارات بشرية ومن فصائل المتوحشات والسفاحات , ذوات الصفحات الملطخة بالرذائل "
قفز جسد أمل عن الأرض
حفرت أصابعي في الغبار المتراكم على الأرض
حسناء التي تتفوه بالعبارات من غير تثمين , هي نفسها لم تتغير !!
كم هي مفلته للأعصاب , بغيضه و كريهه
رفعتُ جسدي عن الأرض
وأنا أرى أمل المتقدمة نحوها
بكلمات تحررت من حنجرتها بغضب لاح في صوتها : " أحترمي نفسكِ يا طفلة , ولا ترمي الكلمات سهواً فتقعي فيما لا يحمد عقباه , فنحن قد نكون أطهر منكِ "
أشتعل الغضب في وجه حسناء الجميل
التي وقفت هي الأخرى بجسد قصير القامة , أمام أمل ذات القوام الطويل
تراجعتُ خطوة إلى الخلف فانا لا أريد أن تعرفني حسناء !
فتتفاقم المشكلة , وتصبح مصيبة يصعب الخروج منها !
تلون وجه حسناء بالغرور , وارتفعت عينيها الكحيلة بأهداب طويلة إلى وجه أمل
بحقد دفن بداخلها, صاحت بغضب : " لا تهددني واعرفي مقامك جيداً , قالت أطهر ! وما أدراك من هي الأطهر من بيننا , فتواجدك في السجن هو بحد ذاته طهارة واضحه "
قهقهة أمل باستهزاء , وهي تتقدم من حسناء خطوة واحدة
لتفح في وجهها بكلمات غاضبة مستحقرة : " لا تنسي تواجدكِ هنا يا طاهره , فما تواجدنا هنا الا بسوء فهم وليس لآمر أخر مثلك "
أحتقن وجه حسناء بالدم , وهي تضغطُ على أسنانها بغاضب عارم
وبكلمات تطايرت من صوتها الباكي المهتز, قالت : " وما ادراك لِمَ دخلت ! لست مثلك لانني بريئة ولم افعل شيئً, وأنتِ فعلتِ ذلك على الأكيد "
صرخت أمل في وجهها: " أصمتي فلقد سمعت بحقيقة دخولك يا مخربه"
تقدمت انا باختناق ذرات الكربون في صدري, لرؤية ثورة الحرب المندلعة بينهما بهلع
أطلقت حسناء شرارات غضبها على وجه أمل بصفعة لطمت وجهها
صاحت أمل بشهقة عالية, وهي تضع كفها على خدها
سقطت دموع حسناء بغزارة , وهي تصيح من بين شهقاتٍ باكيةٍ : " أنتِ من بدأتي , أنتِ السبب ! "
أطلقت أمل جماح غضبها , وأشتدت الضربات بينهما بجنون
هالني ما أرى وكفاي تهويان على رأسي , لِمَ وصل الأمر إلى الضرب!
حاولت حل النزاع بينهما
ولكن ما ان فعلت ذلك حتى تلقيتُ ضرباً مبرحاً أدمى شفتي وخدش وجهي
فصحتُ أطلب النجدة في محاولة لايقاف المعركة الطاحنة بين هاتان الفتاتان المجنونتان
دخل رجل الشرطه وقد رُسم على وجهه الأستنكار
فصرخ عليهن بشدة, فتوقفت الأيداي عن العبث ببعضها
والتحفت أمل بحجابها الساقط على كتفها, بارتجاف سكن جسدها
إلى جانب حسناء الباكية الهائجة بعنف
جر الشرطي حسناء إلى خارج الزنزانة
مهددا كل واحدة منا على عدم ألتزامنا
وخلقنا للمشاكل في مركز الشرطة , بدون مراعاة لآي آداب
تهالكتُ أرضاً .... أبكي....
وأمل أسندت جسدها على الجدار خلفها , تحدق إلى السقف بوجه متألم , نُقش بالخدوش
هوى رأسي في حضني
وأنا أحاول كتم بكائي
فما هذه الفوضى الا زيادة في تأزم حل المشكلة الواقعة فوق رؤوسنا
يا إلهي !!
وكأنني أعيش كابوساً , لا أستطيع الا الأنغماس فيه برعب
لم تمر الا دقائق معدودة , لتفتح فيها بوابة الزنزانة مطالبينّا بالخروج منها
أحتلت قلبي سكرتُ الفرح
سنخرج!
أجاء الفرج أخيراً !
هتفت أمل محدقة بي, بتبدل ملامح وجهها المنزعجة إلى المسرورة : " الحمدالله "
مشينا إلى أن خرجنا من الممر, ليؤدي بنا إلى مكاتب رجال الشرطة
وقفتُ بجانب أمل أنظر إلى رجل ضخم الجثة, أسمر البشره
يقف قبالتنا يحدق بنا , بوجه متعكر الملامح
تكلمت أمل معهُ بصوت خافت لم اسمعهُ جيداً !
وبعد ذلك التفتّ نحوي قائلة : " تــرفه أيمكنك الجلوس هناك! "
واشارت إلى منطقة تكتظ بالمقاعد المخصصة للجلوس
واضافت بسرعة : " هناك أمر عالق سأحله وساعود لنخرج بهدوء من هنا "
هززتُ رأسي مذعنة لها
وسحبتُ خطواتي سحباً بإتجاه المقاعد, بحزن غطى تقاسيم وجهي
أيكون السبب مني!
يا إلهي!
أرجوك أنقذني
فأنا لا أريد التسبب بالمتاعب لأمل وقريبها .
فاضت دموعي من أجفاني, وأنزلقت على وجنتي بحرارة لاسعة
وأنا اجلس على أحد المقاعد
بأصابع مرتعشة أنطرحت في حجري , تعبث بأظافرها بتوتر وقلق .
مرت دقائق وكأنها دهر , رفعتُ فيها بصري بأصابع أرتفعت إلى اطراف المقعد
تصاعد بصري على جسد رجل ذو ثوب أبيض, يقف أمامي بمسافة عدت أقدام
توقف بصري عند وجهه ذو البشرة الصفراء
بعينين مظلمتين متسعتين تحدقان بي وقد ابتلعتا المفاجأة
حفرت أناملي اظافرها على حواف المقعد
أحتضنت عيناي الدامعتين اللتان التفتا حولهما سيول الأمطار , وجهه الذي لم أنساهُ أبدا !
وجهه الذي يزورني في أحلامي البائسة
وجهه الذي يصرخ قلبي به في كل ليلة
أتكون رؤيته الأن أمام عيني وهو على قيد الحياة مجرد أوهام أحلام وبعثرتُ أماني .
أنهارت روحي وأنهار جسدي معها
تاهت روحي في جسدي لرؤيته بعد رسوم تلك الأيام العابره
وقد كانت نفسي تغوص في أشباح أحزانها
مصدقة بحقيقة موته وأن جسده قد دفن تحت أطباق الثرى
وروحه قد فارقت جسده إلى الأبد إلى عالم الأموات
تشبثتُ بالمقعد وقد سكنت ذرات الهواء وتبخرت في الأجواء
وأختفى ضخب أصوات البشر من حولي
لم يكن الا هو امامي !
ذياب الشاحب كشحوب الأموات
ذياب شبح أحلامي , معانق روحي
ذياب الذي لم استطع كرهه
ذياب الذي فقدتُ رغبتي في الحياة وبالعيش كأي كائن حي من بعده
أنه ذياب !!
ذياب حي يرزق
قوست شفتي المرتعشة إلى الأسفل محدقة به بدموع سالت على خداي
أنها دموع السعادة لرؤيته
دموع تختلط بألالام وتتفجر بالشوق
رفعت جسدي المتهالك عن المقعد من هول الصدمة
رفعت خلاياه المتخبطة لرؤيته
بقدمين مرتجفتين تكادان تهويان أرضاً
وقفتُ ملتهمةٍ ذرات الهواء ألتهاماً
مخرجة حرارة أنفاسي المختنقة في صدري
بدموع بللت وجهي جررتُ قدماً تلو الأخرى
مهرولة إلى جسده الضخم المتقدم نحوي
إلى وجهه الملتحف بالسعادة لرؤيتي
وشفتيه المبتسمتين الناطقتين بحروف أسمي
ارتميتُ في بحر ذراعيه المتلهفة لي
صادمة بمحيط صدره الشاسع
غارقة في قاع أحضانه الدافئة
خرج صوت بكائي المتهدج بنحيب غمر الأرجاء
ألتصقتُ بصدره , متشبثة بملابسه
مستنشقة رحيق عطره المسكر
ألطم رأسي به
وأبكي بضجيج قلبي وعويل روحي
****


تصادمت نظراتي بنظراته الحادة المذهولة لما تسمعه
والمحدقة بي والمخترقة لعدستي
كانت تقاسيم وجهه تسكنها الغضب
وهو يسند جسد جدته على كتفه وينظر إلي بحاجبين ملتصقين
عندما أمرني رجل الشرطة أن أتصل بولي أمري
أتصلتُ بذياب ولم أتصل به هو!
ولكنه جاء فجأة بعد ذياب
مع رجل لا اعرفه وأظن ان العجوز قد اتصلت به
تكلم مع الشرطة وذياب الذي أختفى فجأة من أمام عيناي
وقد كنت أرجوا من ذياب التواجد للأختباء وراءه والأحتماء به
عن اعين مروان التي تكاد تلتهمني من غضبها بعد معرفته لحقيقة مافعلته !
لقد كنتُ خائفة من الاتصال به
كنت لا أريده أن يعرف!
لآنه سيغضب بشدة , وسيكرهني
كنت أعرف انهُ سيعرف
وفكلا الحالتين سأقع في وكر ما نصبتهُ العجوز لي
ولن استطيع أنقاذ نفسي منه , بعد الذي حدث
لوحان بركان الغضب المتفجر في عينيه المقيدة لعيني
جعلني أرتجف بذعر مترجية إياهُ أن يهدأ , بأجفان أمتلأت بالدموع
لا يمكن أن يحدث هذا!
يجب عليْ أن أثبت له , أنني لم أكن المخطئة انما هي !
هي التي تجردت من الرحمة , ومزقت رزم أعصابي بكلماتها , وأفعالها المدسوسة بالسموم
قوست شفتي إلى الأسفل
وأنا اراهُ يعانق العجوز ويضعها على أحد المقاعد مطبطباً على كتفها , مبتسماً لها
تبا لها !
أني أكره كذبها , ونفاقها هذا وهي تمثل دور البريئة المتعبة والصدومة أمامه
رفع جذعه منتصب الجسد
وبخطواتٍ تسابق الأخرى أتجه نحوي ملتهماً المسافة الفاصلة بيننا
ليستقيم أمامي بجسده الضخم
رفعتُ بصري إلى الأعلى , محدقة به من وراء أعين أرتدت الخوف وأحتضنت الدموع
أنقضت أصابعه على كفي بقسوة , وهو يقودني وراءه إلى الخارج
خرجنا من بوابة مركز الشرطة
ونور المصابيح ينسل من بين ظلام الليل المتوشح برذاذ الضباب
خرجت أنفاسي الحارة على هيئة بخار يكاد يتجمد
لم تكن البرودة تجتاح جسدي إنما الحرارة لتواجده
التي تعبث بخلايا جسدي وأنا اقف أمام بوجل
رمى يدي في الهواء بغضب غلف وجهه
وحدق بي بأنفاسً حارة , وصلتني وعبرت بشرة وجهي
ازدريت ريقي برعب سكن جسدي, لرؤية وجهه المحتقن بالدماء
ووجهه الفاحم , والغضب الذي أراهُ لآول مرة
صاح كالرعد على وجهي : " من تحسبين نفسكِ لكي تضرب امرأة كبيرة في السن , ألأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها فعلت ذلك "
نفخ من حرارة أنفاسه , وقد تراخى غضب ملامح وجهه
سقطت دموعي على وجنتي لوقع كلماته القاسية على قلبي " أ.. أ.. "
لم أستطع النطق فحنجرتي قد غصت بحروفها
أبتلع أنفاسه اللاهثة , وهو يضرب فكي ببعضهما قائلاً :" لا أصدق هذا , فحسناء التي أعرفها ليست صغيرة العقل هكذا, أو لهذه الدرجة الحقيرة , وليست عنيفة أبدا , لقد كسرتي ماكنت أتخيله عنكِ لقد صدمتني بشدة "
لم أستطع تحمل زحزحة ثقته بي
نعم !! فلقد صُدم بي!!
شهقتُ بدموع تتساقط على وجنتي بغزارة
رفعتُ رأسي إلى الأعلى أهزهُ بشدة
لنفي كلماته
للدفاع عن نفسي, التي اتهمت بإدانة كاذبة
لا أريده أن يكرهني !
أني أحبه ولست بقادرة على تخيل ذلك
أن لم يكن يبادلني مشاعر الحب فلا ضير منها
ولكن أن يكرهني فذلك وحده يقتلني
لا , لا , لن أصمت أبداً
أمطرتُ عليه عبارات تبللت برداء البكاء : " أنها كاذبه هي من بدأت , هي من قذفتني بسمومها أولاً , هي من قامت باخذي من المنزل واثارت غضبي , وضربي "
ألتقطت أنفاسي المتسارعة
وانا أضيف بسرعة محدقة بوجهه الذي أتسعت مقليه : " كانت تقول أنها ستزوجك هدى قريباً , كانت تغيضني , حتى أنها شتمتني , وضربتني على وجهي حتى أدمته , وايضا هي من أدخلني السجن, صدقني.. أقسم بالله.. أنني لم أضربها فقط أمسكتُ بها من عباءتها , صدقني أنها تكذب "
طارت كفه ضاربة ذرات الهواء لتسقط على وجهي بلسعة شديدة الحرارة
بهت وصعقت
وأختنق الأكسجين في صدري
وأختفى من الغلاف الجوي
لم استطع التنفس من هول ماحصل !
وكأنني غرقت في مياه ضحلة
أختنقت, وغرقت فيها
فقط دموعي ... هي الشيء الوحيد الذي يعمل على جسدي
فهي تدّفق كالسيول
زفرتُ وشهقت في محاولة لإعادة انفاسي المسروقة
وقدماي تجران جسدي إلى الخلف , حتى هويت في بركة من وحل الأمطار
خرج صوت بكائي المرتعد, وأنا أصيح من بين شهقاتي : " أني أسفه , أني أسفه "



نهاية المعانقة العاشرة

alaa7 15-10-12 08:57 PM

رد: أرواح متعانقة
 
مسا الفل يا قمر

روايه رائعه بجد حبيتها كتير اسلوبك سلس خلاني اندمج بالمشاهد اللي احيانا بتكون حزينه وبتبكي واحيان اخرى كوميديه خلتني اضحك من قلبي

ذياب شاب رائع بس الظروف كانت اقوى منه واخطا ودفع ثمن خطاه قلبه

ترفه اللي فقدت كل عزيز عليها حتى اخوها الحقير تخلى عنها بس امل عوضتها باهتمامها ورغم هيك بقي الحزن داخلها وما نسيت ذياب

امل دكتوره بس كل الحركات اللي بتعملها بتبينها بنت صغيره مش مسؤوله عن تصرفاتها معه حق عامر يتصرف معها هيك لانها بتغيظه بتصرفاتها وهو كل ما حاول يتناسى بترجع بتغلط بحقه وهو مش ناقصه بيكفي الماضي اللي بيحاول يهرب منه ويتناساه

مروان حسيته بيحب حسناء بس ما بعرف يمكن الجده هي السبب ببعده عنها وهي كمان ما قدرت تسايرها شوي

وكان اللقاء بين ذياب وترفه عدم التصديق من الطرفين والصدفه جمعتهن يا ترى شو رح تكون نهاية الاحداث ناطره الاجزاء القادمه حبيبتي اسوم موفقه يا رب مواااااااااااااااااااااااااه

الساحره الصغيره 17-10-12 02:06 AM

رد: أرواح متعانقة
 
روووووووووووووووووووووووعة يا اسوم بحد بجد روعة عجبتني جداااااااااااااااااا

انت حقا متميزه ( اول حاجه كنت مستغربه الللغه العربية في الحوار في وحي الاعضاء ) ودي النقطه اللي خلتني اكتب حوار قصتي بالعامي .... بس بعد مقريت قصتك هنا شدني للغه اكتر واتعودت عليها )

تاني حاجه كنت بدءه القصة صدمات صدمات ورا بعض وبعدين عادي اتعودت برضوا

تالت حاجه واللي زادت اعجابي للقصة شرحك الدقيق لمشاعر الابطال وصفك للمشهد بطريقة جميلة جداااا

رابع نقطة بدايه القصة كانت حلوة قوي وكانت قويه قوي

بجد حبيت القصة جدااااااااااا ومستنيه الباقي

نيجي للابطال بقى

( ترفة )

واه من ترفة تلك الفتاة التي كتب عليها اليتم بالخطأ تلك الفتاه الي ترعرعت في منزل قاتل والدها ليكون لها الاب والاخ والصديق والحبيب وكل شيء
تلك الفتاة التي كانت تعيش فوق السحاب لستيقظ ذات يوم وتجد ان كل شيء تحول لسراب
تلك الفتاة التي وجدت نفسها وحيده بعد ان تخلى عنها اخيها او الذي يدعى اخيها وحيده بعد ان اعتقدت ان ذياب قد قتل
تلك التي وجدت ذياب اخيرا حي يرزق ولا اعلم لما تجاهلته لما حاولت ان تخفي نفسها
هذه هي ترفه حتي الان الضعيفة اليتيمة الوحيده المختبئه ولا اعلم ماذا تحتوي بجعبتك لها الى الان


ذياب

قاتل وليس بقاتل ... يعيش في حجيم لمده عشر سنوات ولا ادري الى نتي سيعيش فيه
الاب والاخ والحبيب ذياب الذي قتل بالخطاء ليقتل مع سبق الاصرار والترصد من يد علي
اخفيتيه لمده عام هل سيعود هل سيحارب من اجل فتاته هل سينتصر الخير ام ان لك رأي اخر في معركة الخير والشر
ومازال لذياب بقيه

امل

اكثر الشخصياب التي اعجبت بها وربما تكون هي الوحيده التي احببتها مرحه وهبوله ومستقله
( في اول ظهور لها كنت على يقين انها ستحب عامر ولكن متى هذا تركته لكي لتصبح توقعاتي حقيقة في الفصل التاسع تقريبا )
الحب اضعفها جعلها حمقاء الى متى ستنوين جعلها حمقاء لا ادري ولكن عما قريب سيتضح كل شي
اكثر المشاهد المضحكة يجب ان تكون امل جزء منها

عامر

لم احب هذه الشخصيه وفي نفس الوقت لم اكرها لن اتحدث عنها كثيرا فانا شبه متأكده ان هذه الشخصيه ستكون من اهم الشخصيات بالنسبة لي ( لا تخافي ساتحدث عنها قريبا )

مروان وحسناء

مروان الاخ والصديق لم تضح شخصيته بعد ربما في الحلقات المقبله
وحسناء حولها الحب الي كائن متوحش الى قطة تشعر ان ابنائها في خطر ( ولكن انا على يقين انا هناك تحول جزري لها )

مبعة عزيزتي وصديقتي في فعل الخيرههههههههه ورئيسه حزب السلعوات هههههه

قرة عين امي 21-10-12 06:31 PM

رد: أرواح متعانقة
 
ارواح متعانقة .... اسم يعانق شغاف القلب وفيعلقنا بما تحويه من معاني وكلمات
اسلوب قمة في التميز له لمسات فريدة وجميلة يجتذب القاري ليغوص في اعماقة منشدة الراحة والمتعة والفائدة في ذات الوقت
اسوم كتبتي فابدعتي من البداية الى ان توقفت بنا المعانقات وننتظر الباقي بشغف لنكمل المسير معك
ترفة
احببت شخصيتها الهشة التى كانت تحت حماية ذياب مما جعلها صافية بريئة ساذجة احياناً كتب لها ان تتعرف باخيها المجرم الذي استعملها طعم لصطياد ذياب ثم رماها في مهب الريح ولكن الله جعلها في طريق امل التي احتوتها بحبها وسعة قلبها
ذياب
ارغمه عمله على الاقدام على شيء دفع عشر سنين من عمره ولازال يدفع ليكفر عن هذا الذنب اطلق عليه النار ولكن رحمة الله شملته ولم يمت كان لقائه بترفة لقاء عانقة فيه الارواح قبل الاجساد ادمع عيني وبكى له قلبي
امل
ملح الرواية في اشد المواقف توتر تاتيها نوبات الضحك فاضحك معها من كل قلبي بس ياليت تعقل شوية وتبطل تحرش بالدكتور عامر
عامر
شخصية غامضة قليل بالنسبة لي ... قاسي ولكن مامر به في طفولة كفيل بان يجعل منه صخر يمشي على وجه الارض في بعض المواقف اشعر بانه يميل لامل ولكن سرعان مايتلاشى هذا الشعور امام قسوته وعنفه معها
حسناء
لم احبها مطلقاً ابتداء بشخصيتها المغرورة ونتهاء بعقلها الصغير
مروان
شخصية رزينه هادئة احببت رجولتة وحنيته على جدته
عليا
اكرهها كيف لمثلها ان تكون قدوة حسنه لمن هم اصغر منها سناً ... من تظن نفسها لتنفش ريشها وتتبجح بان ذياب سيتزوجها هي لا عيرها امقتها بشدة ربما اكثر مما تمقتها ترفة نفسها
الجدة
ياعيب الشوم عليك استحي على كبر سنك بدل ماانتي تماطرين في الاسواق وتجرين الضعيفة لمخافر الشرطة كان جلستي في بيتك وعلى سجادتك تذكرين ربك وتستغفره
علي
شخص اقل مايمكني وصفه به هو الحقارة والنذالة والخسة والدنائة اجارنا الله منه ومن امثاله

نجلاء الريم 23-10-12 11:50 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاااته

تسلم أنامل خطت ورسمت إبداع. يداعب ويلامس جنبات انفسناااا فيفتح ويشرع أبواب همست قلوبنا

واخيراااااا اسومه ......رضيتي عن ذياااب وبان بعد ان اخفيتيه في البارت السابق وماقبله

امل متهورة....... لسانها وتصرفاتها تسبق تفكيرهاااا !!!!!!لم ترتدع او تتعظ من مواقفها السابقة

لقاء ترفه وذياااااب وصف رااااائع. ونطمع بالأكثر من سفيرة الحرف ..........

حسناء وآمل قطتان التقتا في الزمان والمكان الخطأ والنتيجة. متوقعه

ننتظرك اسومه لنبحر بإبداعك ........

سميتكم غلآي 27-10-12 08:27 PM

رد: أرواح متعانقة
 
مساء تلون بالفرح

كل عام وانتم بخير



فاتن
أهلا وسهلا بك يا فاتن متابعة لي
أني سعيدة بتواجدكِ في أرواح كثيراً
عن أمل فصديقتي ذات مره عندما قرأت أحدى المعانقة قالت لي : أنا أبدا لن اذهب
للعلاج عندها فأني خائفة من قتلها لي " كما أن هذا الكلام يردد علي هههههههههههه يقولون انني سأقتل الناس بعملي كممرضة "
أمل مستهتره قليلاً , مجنونه كثيراً وهي عنصر الكوميديه في أرواح
ولكن ستأخذ مسار أخر قريبا
وعن مروان سينكشف أن كان يكن لحسناء شيء أو لا
فاتن شكرا لتواجدك ياجميلة



الساحرة الصغيرة
أهلا بصديقة العزيزه ومعاونتي في الارهاب ههههههه
شكرا لكلماتك هنا في أوراح
استغربتي الفصحى في أول الأمر أنا من عشاق الفصحى ولا أقرأ الا الفصحى الكاملة
بدايتي هنا بالفصحى في أرواح وسأستمر في المستقبل لان الفصحى جعلتني أشعر بلذة لم
أشعر بها من قبل
شكرا لك بعمق يا ذات الروح النقية
أمل قد تكون قريبة من حالات الجنون التي تصيبنا هههههههه
أما عامر هذا الوسيم الذي يهذي قلبي به
فأنا أعشق عامر اسلتذ بالكتابة عنه لانه من صنفي المفضل " يمكن لان شري مزروع فيه "
ستتضح شخصية مروان اكثر في القادم
أعجبني تشبيهك لحسناء جدا
صديقتي الجميلة والشريره في فعل الخير ههههه
أني سعيدة بتواجدكِ



قرة عين أمي " أسماء "
كم قرأت ردكِ وتلذذتُ به
شكرا على ردك العذب عليْ فأنا سعيدة به بشكل لاتتصورينه
وهل ستكف أمل عن تحرشها بعامر أم هناك شي قد يقلب الأمور رأسا على عقب
عامر قد لا يظهر الأن ولكن قريبا سوف يظهر وقد يظهر ماعاناه بالفعل فأنا لم أخبركم الا
القليل
ايضا حسناء قد تنقلب زامام الأمور معها
المعلمة علياء مع أنها معلمة ولكن يوجد الكثير منها
أسماء أني سعيدة بتواجدكِ شكرا لك



نجلاء الريم

أهلا وسهلا بكِ
نجلاء أني لأعشق ردودك المنعشة
أخيرا رضيت عن ذياب وسيظهر وسأزيد الجرعات باذن الله
امل قد يستيقظ عقلها وتكف عن جنونها أو قد لايحدث هذا أبدا
نجلاء الريم شكرا على تواجدكِ فأنا سعيدة به


سميتكم غلآي 27-10-12 08:41 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة الحادية عشر



ازدريتُ ريقي محدقة بذياب الواقف بجانب مروان وراشد
المرتب لأوراق خروجي من مركز الشرطة .. لأنه الوصي عليْ
طأطأتُ رأسي احدق بأناملي المتعانقة
أنصت لفوضى مشاعري بادخل عقلي , وضجيجها في قلبي
ما الذي فعلته !
هل نسيتُ كل شيء !
كيف لي أن أنساه, فقط لمجرد رؤية ذياب حي !
لا أعرف ولكني خائفة .. مرتعدة
فالحياة صعبة .. وتواجده الأن أصعب
فانا لا أريد العودة إليه
ولكن قلبي يرغب في ذلك بشدة , فلقد أشتاق إليه !
ولكن هل حياتي معه صائبة بعد كل الذي حدث
هل قد تكون كالتي مضت قبل معرفتي بالحقيقة !
ايقظني من سباتي المتجمد بمشاعري , والمتخبط بعتمة أفكاري
المتجرد من مايحدث حوله
صوته المحرك لخلايا جسدي
رفعتُ بصري المتوتر إليه
أحدق بعيناه المتلألئة تحت وطئ نور مصابيح المركز
وحاجبيه الكثيفين ملتصقين في جبينه
بإبتسامة أضاءة وجهه الوسيم
تقوست شفتاي باوجاع عامت في دهاليز عقلي ... لطفو ذكرى موت أبي !
ذكرى معرفة أنه قاتله !
وأنه قد خدعني !
استراجع ذاكرتي لكل تلك المآسي والآلام المقبرة في صدري, أيقظت أوجاع قلبي
أغمضتُ عيناي اوقف تدفق أفكاري المظلمة
أمنع انسكاب دمعاتي العالقة في أجفاني
لن أعود إليه!
تسرب صوته إلى طبلة أذنيّ , ودقدقها ببحة صوت لم انساها : " تـرفه ! "
صوته جعلني أرفع رأسي بإتجاهه, أحدق به بدموع أمتلأت بها عيناي
زادت إبتسامة شفتيه أتساعاً وهو يضيف : " لقد انتهى كل شيء "
توقف لثواني بوجه تشرب التوتر , وتشبع بالقلق
اخذ أنفاسه بصعوبة وبنظرات قيدت عيناي, قال : " هيا بنا نذهب! "
ارتعشت اطرافي , وارتجفت خلاياي لقوله
لا !
كيف لي أن اعود معه , لن يحصل ذلك !
وقفتُ بتقوس شفتي بدموع علقت في أجفاني , وتشبثت بين أهدابي
انفتحت شفتاي لتخرج الكلمات منها مهتزة : " لا ! "
لأضيف بصوت باكي منخفض : " لن .. لن "
اتسعت عيناه الامعة بالآلام ليقول بصوت غلفهُ الحنان : " ترفـه , سنتناقش في ذلك لاحقاً , هيا بنا الآن "
هززت رأسي غير منصتة له
رافضة الذهاب معه
أني أريد العودة إلى أمل , الحياة لدى أمل مريحة
الحياة معها تجعلني أطوي صفحة الماضي وأرميها في بئر من النسيان
ولكن مع ذياب فالوضع مرعب , قبل أن يكون شوق عارم يجتاح مشاعري له
أبتلعت أنفاسي أحدق بوجه المتكنف بالإصرار لأخذي معه
تقدم خطوة مني
فقفزتُ متراً إلى الوراء رامية بجسدي إلى أبعد نقطة عنه
عقدت حاجباي زاجرة اياه من الأقتراب
مهددة إياه من لمسي , وأنني لن أعود معه !
ضربت اصابعه الممتدة نحوي جزيئات الهواء بتردد
وغصت قصبته الهوائية بالأوكسجين
ارتخت أجفانه بألم , وكأنهُ شعر بنفوري منه
كره موقفي منهُ !
من لوحان بريق التعاسة والكآبة في عينيه
شحب وجهه , وقد فقد لمعان عينيه الأمل بعودتي إليه , وبعودة علاقتنا كما كانت !
اعتلت شفتيه إبتسامة صغيرة تحاول طمأنتي واستدراجي إليه
رفضتُ طلب عينيه المترجية لي
رفضتُ كفه الممتدة نحوي
بجسد أبتعد عنه , بتبعثر نظرات عيناي المنقبة عن أمل
رباه , أرجوك أنقذني أني أكاد أجن
أمل أين أنتِ ! أمل أنقذني !
أمل أني خائفة من العودة إليه !
أمل أني لا اعرف الطريق الصحيح أنني أريده ولا أريده
اختنقت أنفاسي في صدري
وبحيرة عيناي لم تكف عن إيراق دموعها
بكيتُ حتى هدر صدري بحشرجة بكائي
كتمت شهقاتي بموجة من الهواء
واصابعي تمسح دموعي البذخة
وعيناي تحدقان بوجهه المتألم, متسع العينين
أقترب مني اكثر إلى أن وقف أمامي
وقد تجمدت قدماي على الأرض , وأنا أنظر إليه بعينين سبحتا بالدموع
شعرت أن طاقتي استنزفت , وبأن الخدر بدأ يسري في جسدي
لم تحتمل قدماي الوقوف أمامه , فارتعشت بدوار عبث برأسي
رباه!
مال روحي تريد العودة إلى أسيرها , ونفسي تأبى الرضوخ لسجينها !
ذياب أني لا استطيع تحمل ذلك
أن روحي متعبة , وجسدي مرهق !
كن بعيدا عني جسديا , ولكن أبقى حياً معي روحيا , أرجوك!
من أجلي ! من أجلي أنا !
فقد جسدي اتزانه وكاد يهوي ارضا
الا أن ذراعاه أمسكتا بجسدي قبل أن يقع في حفرة من السواد رسمها عقلي
بخوف توشح به وجهه المفزوع لرؤيتي بهذه الحالة
احتوتني ذراعاه بدفئ مد كنفه إلي
دفنت رأسي بين المسافة الفاصلة بيننا
بشحوب غمر وجهي
أغمضت عيناي بتساقط قطرات الدموع منها
ببقع شفافة ترتطم بجزيئات الهواء مصدمة بالأرض مكونة بقع داكنة اللون على ارضية تغطت باللون الرمادي
شهقتُ ملتهمة صيحات البكاء المتعلقة في حنجرتي
وصلني صوته الخافت بنبرة كستها الاوجاع : " ترفه يا صغيرتي , لاتبكي ! أرجوكِ , فانا لا احتمل ذلك "
انطرحت ذراعاي وضربت صدره بشدة , ورأسي يرتطم به
لطمته بقوة لمرة ومرتين وثلاث إلى أن انهكت من شدة البكاء
احتواني محتملا نوبات صدمتي وجنوني
بكيتُ إلى أن هدأت نفسي
دافنة رأسي في صدره
ضغطُ على أسناني رافعة رأسي ... مبتعدة عنه
مستوعبة الواقع المرير
عليّ أن ابتعد عنه قبل أن تخضع روحي له !
علىّ أن أهرب منه قبل ان يرق قلبي له !
سحبت قدماي إلى الوراء هاربة منه , باحثة عن أمل
وعند رؤيتها واقفة بمسافة قصيرة عنا
هرعت إليها منطرحة في أحضانها
محتمية بها منه
مختبئة وراءها منه
غرستُ أصابعي في عباءة أمل المتجمدة أمامي, والمندهشة مني
همست بخفوت , وأناملها تتشبثُ بكفاي المحتضنة لها :" ما بكِ ترفه , ومن هذا ! "
اخفيتُ رأسي , داعسة وجهي في ظهرها المغطى بالسواد
قائلة بصوت مرتعش : " لا أعرف , لا أعرف ! "
ادخلت موجة من الهواء إلى رئتاي في محاولة للنطق بالكلمات الصحيحة
أخراج مكنونات قلبي
البوح لها عن أنني أعرفه وليس أنني لا أعرفه !
نطقت بصوت حمل تموجات باكية أهتز بها جسدي : " انه .. انه .."
لأصيح بصوت باكي : " أمل أرجوك أنني لا أريد العودة إليه , أمل أني خائفة ابعديني عنه , خذني معكِ ولا تتركني "
رصت كفاي أمل على اصابعي
وهي تطوق كتفي بذراعيها
تحركت قدماي بتقدم أمل وعمها راشد الذي خرج فجأة
لم أسمع نقاشهم
فالترددات الصوتية اختفت من عالمي
بت لا أعي ما يقال
وصلت إلى حالة الأغماء
وكدت أترنح ساقطة ارضا, من تشتت عقلي
و خوفي من القادم
لا أعرف ماذا افعل , وكيف اعيش !
فانا قد بت تائهة في عالم كالاحلام اتعلق به كالسراب
بعد مناقشات لم أفقه منها شيء
وافق ذياب على تركي مع أمل
لم أعلم بذلك , الا وأنا أقاد مع أمل إلى السيارة التي أوصلنا ضجيجها إلى الشقة
دخلت إلى الشقة رامية بجسدي على المقعد نحيب متواصل
نحيب لم يتوقف انما ازداد شدة
أرغب في تفريق الكم الهائل من الأوجاع الجاثمة على صدري
أرغب بالبكاء على ذياب وعلى رفضي العودة معه , لِمَ فعلت هذا بذياب!
فذياب من منحني كل شيء ولم يبخل علي أبداً
احاط جسدي بحمايته, احتضنني في عالم تخلّى عني الكل , ولكن !
أهذه حقيقة أم انها مجرد أكاذيب يحيكها عقلي لتصديق براءة ذياب
فذياب مجرم , قاتل .. فهو قتل أبي قبل أن يقتل روحي
لا أعرف لِمَ أخذني معه , ولكن هو من قتل أبي !
فما الذي سوف يجنيه من تربيته لي ! أهناك سر !
أدخلت رأسي في قماش المقعد
أمنع دموعي من الانهمار أكثر , ولتوقيف أفكار عقلي الممطرة , التائهة
شعرت بأمل تجلس بجانبي
مطبطبة على كتفي قائلة بصوت تلحن بالحنان :" ترفه يا عزيزتي , مابكِ ! أخبرني ولا تحملي نفسكِ مالا طاقة لكِ به "
رفعتُ رأسي عن كومة القطن المتكدس تحتي
حدقتُ بها بدموعي المنهمرة , قوستُ شفتاي بألم أوجع فؤادي
ماذا أقول لها !
أأقول لها عن كل شيء , أأنبش محتويات حياتي العقيمة !
أأخبرها عن حقيقة أب تاجر مخدرات
وأخ قاتل , ومجرم
ووصي مخادع , وسافك للدماء !
هذا هو عرقي المشؤوم والموحل بالعتمة والأكاذيب
أيستحق أن أخبر أحدا ما عنه !
لا يمكن ذلك !
فأنا لم أتعود على فتح صندوق أسرار حياتي لآي أحدا كان
ولن افعل ذلك ابداً !
نطقت شفتاي المقوستين المختزلتين للأحزان : " الرجل... انه الوصي عليْ "
أكتفيتُ بهذا فانا لا أريد البوح بالمزيد
ولا اريد مناقشة أحد بحياتي
أمل اني أسفة , لأنني لا أستطيع أدخالك إلى معمعة حياتي البائسة والمخيفة
****


ضاقت عيناي لرؤيتها مطأطأة الرأس بدموع تجري على وجنتيها المتوردتين
ارتفعت أصابعي تريد احتضانها , لمسها قبل أن تذهب عني !
ولكنها ذهبت دون أن يرتد طرفها إللي
ترفه !
أرجوكِ , لاتفعلي هذا بي
بعد أن وجدتك , بعد أن فقدت الأمل بوجودك في هذا العالم
بعد الجحيم الذي عشته خلال السنة الفائتة لإيجادكِ
بعد اصابتي بطلق " علي " الناري نقلت إلى المستشفى وتم انقاذي بصعوبة
ولأن الرصاصة لم تصل إلى القلب
وإنما مزقت بعض انسجة الرئة نجوت بمعجزة
تعافيةُ من الإصابة بعد شهرين من الحادثة
استعدت وعيّ بهذيان أبحث عنها
ما الذي أصابها وأين هي!
لم أكن أفقه أن ما حدث حقيقة
بقيت فترة على هذا الحال إلى أن تعافية بالكامل
بعد ذلك أخذت أبحث عنها , ولكن بلا جدوى
بعد ان فقدت الأمل بإيجادها وكنت اظنها ميتة
وانها رحلت عن هذه الحياة بوحشية علي اللعين
وجدتها أخيراً اليوم
أمام عيناي بمحض الصدفة كانت تجلس على أحد المقاعد
رأيتها هناك تجلس بهالة الأحزان , وعينيها غارقتين ببحر من الأوجاع
لم اصدق عيناي عند رؤيتها , وتصادم نظراتي بنظرات عينيها المتفاجأة لرؤيتي
أبى عقلي تصديق ذلك
فرؤيتها حية .. قد انعش روحي ومد أوصال السعادة فيها
لم استطع ايقاف نفسي من التقدم إليها
واحتواء جسدها الصغير بعانق يروي حرارة الفراق
احتضان روح من اشتاق قلبي لها , حبيبتي ترفه , ترفه أنفاس جسدي
رفضها للعودة معي فاقم أوجاع صدري
وترجيها لي أن أدعها وشأنها مزق أوردة فؤادي
فكيف لي أن أدعها بعد ان وجدتها , كيف لي أن أتخلى عن نصفي المفقود
رضخت لها بعد محاولات عديدة من صديقتها لبقائها معها لعدة أيام
إلى تهدئ وتستعيد صحتها فهي تبدو مرهقة , ومتعبة !
رميت جسدي على اريكة سوداءة اللون تسكن في شقة مروان برأس رسى بين كفاي
أعلم أنه صعب !
اعلم أنه موجع !
فكيف لها أن تعود إلي بعد كل ماحدث
لن تكون الحياة مثلما كانت !
أني أعرف انها ستعاني أكثر مني , تتألم وتتوجع أطنانٍ
ولكني لن اتخلى عنها سأستعيدها مهما كلفني الثمن
سأتجرع المرارة والآلام من أجلها
سأبذل الغالي والنفيس من اجل حمايتها من علي ومن الحياة نفسها
فكيف لي أن أدع صغيرتي لوحدها في هذا العالم بعد أن وجدتها
أغمضت عيناي في محاولة لتخفيف ألم الصداع المتربع على عرش خلايا دماغي
عليْ أن أفكر بطريقة تجعلني لا أخسرها
رفعتُ كفاي إلى رأسي ممسداً خصلات شعري المبعثرة
في محاولة لتخفيف نبض خلاياي
توسط المقعد امامي جسد ضخم الجثه
واضعاً كوب من القهوة امامي ليرفع الكوب الأخرى مرتشفاً منه سائل حار
بأصابع تمسك أطراف الكوب أنزله إلى الطاولة
وحدق بعيناي المدحقتين إلى الفراغ الحائم حولنا
اسند جسده إلى ظهر المقعد بذراعين أحتضنا صدره
تنهد مروان بعمق , وقال بصوت حمل الانزعاج : " ما بك ! "
عقدتُ حاجباي وأصابعي تدعكان صدغي بعنف
زفرتُ وأسندت مرفقيّ إلى رجلي صاغطاً عليهن بقوة: " أنها لا تريد العودة معي ! ولكني لن أدعها لدى الغرباء , كيف لي أن اتخلى عنها , سأعيدها إلى المنزل "
مسحتُ وجهي بكفاي وانا أضيف بحنق : " ولكن كيف ! وهي لا تريد , كيف لي أن أنسيها الذي حدث ! محو ذاكرتها من قذارة أنني قاتل والدها , من بؤس أنني الذي يتمها , من تعاسة أنني من جعلها بلا مأوى "
كادت دموعي ان تراق
كدت أبكي خوفاً من فقدان ترفه بعد أن وجدتها
كدتُ أبكي أمام مروان , لولا قوة تحمّلِ وصبري
وضع مروان مرفقيه على رجليه وهو يضيق اجفانه
قائلا بصوت تغلف بالأسرار : " ذياب , أتريد الحل ! "
بلهفة غرق بها وجهي حدقت به
تعلق حاجباه على جبينه وهو يهمس : " تزوجها "
توقف قلبي عن النبض , بجسد انطرح على المقعد من هول ماسمعه
صعقت من قوله
أجن الرجل !
كيف له ان يقول لي أن أتزوجها ! أآتزوجها!
وهل الزواج بهذه البساطة !
سقطتُ في فوهة حفرها عقلي في دهاليْزه
وأفكاري تغوص في محيط من الدهشة
قفزتُ واقفاً , بعينين غير قادرتين على استيعاب ماقاله مروان اغلقتهما باستنكار
التهمتُ الهواء بنهم , قائلا من بين شفتين متوترتين : " جنون ! أتزوج ترفه , لا يمكن ان يحدث ذلك "
حركت رأسي بالنفي
بعينين متسعتين تحملقان بمروان الجالس بوجه متعكر التقاسيم مضيفاً : " مروان , أنظر إلى الواقع , الزواج لهو جنون بيني و بينها , أن زواج لهو شيء مختلف تماماً عن طريقة تفكيري بها "
ارتفعت أصابع مروان إلى شعره وهو يحكه بطريقة عبرت عن تعكر مزاجه وغضبه الذي يطلق شراراته في فضاءٍ من الصمت
قال من بين اسنانٍ غاضبة , وهو يحدق بوجهي القلق : " ذياب , أية واقعية تتحدث عنها ؟
ضع مشاعرك جانباً , أنظر إلى المجتمع المسلم العربي والخليجي خاصة , أهو رضا لله سبحانه وتعالى وعباده تواجدك مع امرأة أجنبية ليست لديها صلة قرابة بك , أهو صحيح بقاؤك معها وحيدا تحت سقف واحد بعد وفات والدتك رحمة الله عليها , ذياب الوضع ليس كالماضي , انه الحل الوحيد لك ولها , لك لضمان أنها لن تذهب عنك إلى أحدا أخر , فجنونك بها واضح فانت لن تستطيع التخلي عنها , ولها لضمان أمنها واستقرارها "
بعثرت بصري المتوتر حولي , مبتلعاً ريقي
بأنفاس أختنقت في صدري
تلمست أصابعي صدغي المبلل بزخات العرق
ما قالهُ مروان صحيح !
بل هو أكثر واقعية , ولكن !
لمح على وجهي إيماءات التيه والضيعان
فضرب كفيه على الطاولة أمامي مفجراً سيالات غضبه على وجهي : " أحمق!!! إذا كنت سوف تدعها تذهب ببساطة منك "
ووقف ضارباً الأرض بخطواته نحو الخارج , لاطماً الباب وراءه بشدة
يا إلهي !
يبدو أنه لم يهدأ من فيضان غضبه من حسناء !
انخفضت أسفلا وأنا ألطم جسدي على البلاط البارد أرضاً
انزلقت قدماي لتمد أوصالها على برودة سطح الأرض
رفعت رأسي أحدق بالسقف بأصابع تتلمس وجهي ماسحة قطرات العرق المتصفدة على جبيني
أغمضت عيناي بأسنان ضربت بعضها بشدة , وشفاه تقوست بقسوة
لن اسمح لها أن تذهب عني
ولكن
هل الزواج ممكن بيننا
وهل نستطيع تقبلهُ , أنا ...... وهيّ !
فليس هناك حل غيره في عالم كهذا !
زواج ورقي يحبسها في قفصي , ويرغمها على عدم الابتعاد عني

********


اغلقت باب غرفتي بعد أن قدت ترفه إلى داخلها لتنام
بعد فوضى مشاعرها , وغزارة دموعها المراقة والتي لم تجف حتى الان
اسندت جسدي على بابٍ من الخشب
لقد كان اليوم كارثة لم يسبق لها الحدوث !
جحيم لم أكن أظن أني سأزجّ فيه
من عامر إلى المتحرشين وينتهي إلى مركز الشرطة
ضربت جسدي على الخشب
وأنا اسحبه إلى الأسفل , بتعلق قماش ملابسي عليه
خررت على الارض بإنهيار خدر أوصالي
تساقطت قطرات دموعي الحارة المحبوسة منذ مدة طويلة
وشقت طريقها على وجنتاي بسيلان
أكادُ أفقد وعيّ وأصل إلى مرحلة الجنون !
مرحلة فقدي لسيطرتي على عواطفي
من توبيخ راشد المعنف لي, إلى نظرات عامر المحتقرة لي في مركز الشرطة
لقد رأني في ذلك الموقف الحقير والرذيل !
ولا أعلم لِمَ تواجد هناك في ذلك الوقت !
أني لا استطيع نسيان نظرات الدهشة والأستحقار المنغمسة في عينيه الداكنتين
فلقد وصلتني سموم أفكاره عني , ودنسة براءة صفحتي !
رباه
أني منهارة !
أني تعبة من هذا اليوم التعيس
فما تلطيخ سمعتي بقمامة السجن لهُو الوحل نفسه
تستر راشد عليْ لهُو حبلي الوحيد للنجاة أن لم يخبر امي بذلك
ولكن رؤية عامر لي , لهي مصيبة تعد كارثة !
ألا يكفي احتقاره لي
ألا يكفي أخطائي وعثراتي لتضاف هذه إلى لائحتي السوداء
أغمضت أجفاني مانعة دموعي من السقوط أكثر
لقد انتهى حبي له
ويجب عليْ نسيانه , ومحوه من عقلي
ورمي مشاعري في مستنقع من الوحل يبتلعه الطين من دون أن تصل أناملي له
***
تصاعدت كفاي لتحل على وجهي
وتلمس شفاهي المتشققة العطشى
حركت جسدي الذي تصلبت أعصابه من خشونة سطح الأرض
أنسل ضوء الشمس عبر زجاج النافذة
ليداعب أجفاني المغمضة , لإفتحها ببطئ شديد
ملتهمة أنفاسي المتعبة , بشهقة عبرت قصبتي الهوائية
رفعت كفي اليسرى انظر إلى ساعة معصمي
خرجت شهقة تتلوها أخرى
وأنا انتصب واقفة بجسد مريض الأعصاب
صحتُ .. وأنا انطلق بعقل قد فقد تعقله ... أجري من مكان لآخر
لقد تأخرت !!
ولم يبقَ إلا خمسة دقائق على بداية العمل
ارتديت عباءتي وفوقها ردائي الطبي ملتقطة لحقيبتي منطلقة إلى خارج شقتي
وطأت قدماي أرضية بوابة المستشفى فهرعت إلى داخله
جريتُ في ممرات طليت باللون الأبيض
بتعطر هوائها بالمعقمات الغارقة في انفاس رائحة الدواء
دخلتُ إلى قاعة أشبه ما تكون خالية
حلت أناملي على مقر قلبي في محاولة لتخفيف نبضاته المتقاتلة
جلست في مقعد يخفيني عن مرأى الطبيب في زاوية أعتمة بظلال السواد
تحبس فيه خيال جسدي المرتعش
والمرتعب لرؤية جسد ذلك الكائن المفترس الذي يأبى الخروج من قوقعة قلبي
دخل بحضوره الخصب
بقسوة حرارة الأشعاعات المنطلقة من جسده
يفترس بنظراته طلابه الوجلين
مدت سيالاتي العصيبة لهيبها في جسدي المتصلب بنبضات قلبي المرتعبة منه
توقف بصره عليْ
فتوقفت نبضات قلبي عن الركض , بارتفاع أنفاس صدري اللاهثة
أشاح ببصره عني ليبدأ في محاضرته
لم أكن معهُ إلا جسد بلا روح
فروحي قد خلعت من جسدي بلا استئذان
ارهقت من توتر كياني , الذي يغوص في فوضى أفتعلتها مشاعري
متى سأتخلص من كل هذا , متى سأرتاح !
فأنا الغبيه الوحيدة هنا... فأنا مجرد حمقاء أمامه , تبا لي من غبيه !
انتهت المحاضرة القصيرة
بقيامنا معه إلى أقسام المستشفى وإلى قسم جراحة القلب
انقسمنا على الحجرات هناك
دخلت معه مع ثلاثة طلاب إلى حجرة اكتظت بأسرة المرضى
وزعنا على المرضى , لاحصل أنا على مرضى يعانون من "متلازمة وولف"
كانوا أثنين واحد منهما سمين والأخر نحيف
امسكت بملف المريض السمين لانتقل إلى النحيف
حفرة كفاي أناملها في الملفات من وقع خطوات عامر المتجهة نحوي
والمتوقفة عند مرضاي , ليلقي نظرة خاطفة عليّ
أحسست بها اخترقت جسدي , واشعلت نار مشاعري في صدري
توقفي يا أمل , و لا تقعي في بئر مشاعرك المجنونة نحوه
أنه لا يهتم بكِ !
أنتِ مجرد خريجة سجون بالنسبة له
أنتِ مجرد حثالة , بعدما ان كان هو حثالتك انتِ !
لم ألقي له بال ظاهر
اختزنت مشاعري في صدري
فعبثت في عقلي , وأوقعتني في صحرائها القاحلة فبتُ ضائعة فيها
فخدر عقلي تماماً
حاولتُ قرأت بيانات المريضين فهما يحملان نفس الأسم الاول ولكن يختلفان في الأسم الثاني
لم يدخل عقلي من بياناتهما , إلا جرعة دواء يجب إعطائها الان للمرضى
مددت كفاي الحاملة للملفات إلى الممرضة , قائلة وأنا اعطيها أحد الملفين بدون دقة : " خذي هذا لمحمد جاسم وأعطيه 2 غرام من دواء " ميتوبرولول " "
ومددت لها الأخرى الحاملة للملف الأخير مضيفة " إما محمد حسن , فأعطيه غرام ونصف من نفس الدواء "
طوقت صدري بذراعاي , مبتعدة بخطوات قليلة عن أسرة المرضى
في محاولة لابعاد لفحة البرودة عنه
لتسريب الحرارة إلى جسدي
وتدفئته.. فلقد بات يتجمد تارة ويتبخر تارة أخرى
مرت دقائق قليلة .... لينطلق صوت صفير شهيقٍ عنيف
انبعث من جهة أحد المرضى بصعوبة خروج أنفاسه المرهقة
جعل أجفاني تتسع برعب
بتحرك جسد المريض النحيف بنوبات صرع حركت أوصاله
وارعشت جسده النحيل بقسوة
هرعت نحوه بنبضات قلب.. اعدمت على حبل المشنقة
ارتجفت كفاي , وأنا انظر إلى جهاز نبضات قلبه المرتفعة جدا .. إلى ما فوق المئة
شهقة في محاولة لاستعادة توازني , وانقاذ الموقف
صرخة على الممرضة الواقفة على الجانب الأخر من السرير , بوجه اصطبغ بالهلع :" ما الذي حدث ! "
ارتجفت وارتعشت الممرضه بهروب الدم من وجهها
برعب رسم ايماءاتهُ على وجهها , قالت بتهتة : " لا أعرف !! "
لطمت ذراع جاءت من خلفي كتفي بقسوة , وهي تقوم بإزاحتي عن طريقها
تعثرت خطواتي مرتدة إلى الخلف .. بوجه استحال أبيضا
ضربت الجدار خلفي بشدة , بشفاه انغرست فيها اسناني
وأنا أحدق بعامر القافز بخطواته نحو المريض
فاحصا علته , بفتح عينيه ورؤية أجزاء جسده العلوية
صرخ على الممرضة ليجعلها تهرع إلى احضار أدوية مهدئة يحتاجها للمريض
ليحقنها هو به بسرعة
للتخفف من نوبات صرعه , وتدهور حالة جسده
هدأ المريض
لالتحم أنا بالحائط خلفي أجر غيوم رعبي ورائي... متهالكة على الأرض
لتتلاشى غيومها وأنا اغمض عيناي , قائلة من بين شفتين مرتجفتين : " الحمدالله "
هوى رأسي بين ذراعيّ من هول الموقف
تجرعت سائل ريقي ...مستعيدة انفاسي الهاربة في محاولة لتخفيف حدتها
ضوضاء عامر بغلظ صوته المعنف للممرضة , جعل رأسي يهب من مكانه محدقا بهما
رأيتها تمد كفيها بملف المريض إليه
ليلتقطه هو منها بقسوة .. ويقوم بفتحه بعنف
اتسعت بؤرة السواد الملتهبة في عينيه
لتشتعل بنار ايقظت سبات وجهه المحتقن بالدماء الداكنة
بحدة نظراته النارية حدق بي
وتقوست شفتيه القاسيتين .. ليخرج منهما صرير صوت غاضب : " دكتوره أمل ! "
ارتفعت الحرارة في جسدي, وأنا أقفز بصعقة كهربائية التهمت جسدي
اتسعت أجفاني , وقد امتصت الحرارة دموع عيناي لتجفّف ما تعلق ببياضها
حملقت به بتوتر اجتاح كياني , وأطاح قلبي من بين أضلاعي
لأسمع فحيح كلماته الغاضبة ببركان ثائر وعلى وشك الانفجار : " أين ذهب عقلك ؟
كيف لكِ أن تخطأي هذا الخطأ الفاتح , وتبدلي ملفات المرضى , وتعطي جرعة زائدة لهذا المريض , كدتِ تقتلينه لو لا عناية الله ثم أنقاذي له , كدت تودين به إلى الهاوية وتسببين له أزمة قلبية , كيف لكِ أن ترتكبي مثل هذا الخطأ الشنيع , لقد تغاضيت عن أهمالك لتعليماتي , إلى جانب اهمالك لدروسك ولكن أن يأتي ذلك بالعبث بحياة المرضى فهذا وحده كارثة لا يجب التكتم عليها "
ضغط على شفتيه , بأسنانٍ كادت تحطم بعضها
وبوجه غمر بنفخات الغضب وهو يرمي الملف عليّ
تقوست شفتي إلى الأسفل , بتشتت بصري أحدق بمن حولي وبالملف
بوجع طعنات حادة تنغرس في قلبي
انحبست دموعي في عيناي , وأنا أحدق بوجه المتوشح بالغضب
والصارخ عليْ من تحت لثام العصيبة
صر على اسنانه , وهو يضيف بقسوة ارجفت جسدي: " سيكون لنا هناك حساب , سيكون لك هناك عقاب , يجعلكِ نادمة طوال العمر , ولن تخرجي منه هذه المرة , فأنا لن أصمت, و لقد اكتفيت منكِ "
وقع حطام نفسي مرتطما بالأرض وتكسر إلى اشلاء
وأصابعي تلتصق بشفتاي , بشلال من الدموع تتدفق من عيناي
لا ! لااا ! أنه خطأ غير مقصود ! لم أتعمد ذلك !
ناديت جسده الراحل عني
ناديته بترجي غرق به صوتي , وشيعت به روحي
صاح بي بغضب غلف صوته , عندما اقتربت منه مهرولة
وكدتُ اصطدم بجسده ضخم العضلات: " يكفي , وتعالي ورائي "
جررت ورائي أذيال الذل , والعار
وأنا اتعثر بخطواتي خلفه في محاولة لحبس دموعي في عيناي
فأنا لا أريدها أن تنزف أكثر أمامه !
خطأ غير مقصود قد يتسبب في طردي من المستشفى أن انتشر خبره
خطأ مثل هذا قد ينهي حياتي العملية والعلمية ببساطة أن لم يتم التستر عليّ
ولكني قد إنتهيتُ بالفعل على يدي عامر !
سيضيع كل جهدي بإهمالي هذا !
سأفقد كل ما جنيته لأعوام طويلة , لمجرد شرودي الأحمق !
اللعنة على الشيطان !
جلس على مقعده خلف طاولة مكتبه , بوجه عاقد الحاجبين , متورم الأوردة
يضرب بكفيه رزم كتب مكتبه بشدة
توقفتُ في منتصف الغرفة , بوجه تشرب الرعب , وجسد ابتلع الرعشة
خيم السكون بين جزيئات الهواء المشحونة حوله
ليسقط جسده على ظهر مقعده, باصابع عانقت بعضها
ووجه تبدلت ملامحه إلى الهدوء والخبث , بعينين أتسعتا فيهما بؤرة السواد متقلبة على البياض
رفع حاجبه الايمن , لتخترق نظرات عينيه بندق عيناي
توتر جسدي لنظراته المصوبة اتجاهي
أشار لي بأن اتقدم نحوه , وأجلس على المقعد المقابل لمكتبه
سحبتُ خطواتي سحباً , بانفاس مختنقة , مقيدة
وجلست بإنهاك على المقعد, بتشبث أناملي فوق حوافه
بتصاعد بصري الذي استقر على وجهه القاسي , متحجر المشاعر
اعتلت شفتيه الصلبة , ابتسامة خشنة تموجت بالشر
فتح شفتيه الملتحفة بالقسوة , ليقول :" طردكِ من عملكِ لهو هدفي , فأنتِ تستحقين أكثر من ذلك "
احتقن وجهي بالدم , بعبوس تغطت به ملامحي
ارتجفت شفتي .. لتنتحر الكلمات في فوهة حنجرتي وتموت قبل خروجها , تبا له ! سحقا له !
فاسوداد عالمي في الدقائق القليلة الماضية
جعلني أنفر منه , حتى بتُ أبغضه في أخر ثانية مضت
من شدة حقارة كلماته التي يرميها عليّ , والتي هي كالسموم المميتة
أتكأ بمرفقيه على خشب الطاولة , مخرجا من بين شفتيه عبارات امتطت صهوة الخبث والحقاره :" ولكن ! "
فرت ذرات الهواء من رئتاي , بغضب امتزج ببكاء غص في حنجرتي
ليكمل هو : " تعرفين أنني لا أحب الكسالى , ولا حتى المتقاعسين عن أعمالهم أمثالك "
تقدم بوجهه المتغلف بالثقة الفائضة إلى الأمام , نحو جسدي الذي يكاد يغوص في حفرة مقعده
بشفاه ازدادت ابتسامتها اتساعا أضاف :" ان عرف من في المستشفى والمسؤلين ستكون تلك نهاية مسيرتكِ العملية , ستكون القبضة الساحقة للتخلص منك, فاقرابك العظماء لن يستطيعوا إنتشالكِ, لكن هناك طريقة أستطيع فيها الأبحار في صمت ينقذك , ولن يعرف أحدا ما عن هذه الحادثة بمجرد تنفيذ ما أرغب به ! "
اتسعت حدقتي بهلع
وأنا أحدق به من وراء وجه غرق في الذهول
ارتطمتُ في قاع مقعدي , في محاولة لاستيعاب ما يقوله لترتيب كلماته العابرة لطبلة أذنيّ
هناك طريقة !
هو الآن يهددني ! هو الآن يحاول إستغلالي من أجل مآربه الخسيسة !
تبا له من وغد !
تبا له من حقير !
لم استطع منع سحابة دموعي من الغوص في عيناي
لم استطع ايقاف ارتعاش جسدي المتواصل
اردتُ الصراخ عليه
قذف عبارات الشتائم الملعونة على وجهه
ضربه إلى أن يشفى غليلي منه
ولكن لم أستطع !
لست بقادرة على فعل شيء
فأنا الآن في أشد حالاتي تعقلا
عقلي معي , وقلبي يرتطم بصدري بارتفاع نبضاته المريضة
فكيف لي ان احتج , وأنا اكاد أقع في رمال زاحفة قد تبتلعني في اية لحظة !
فأنا قد بتُ أسيرة لجريمة اقترفتها يداي وهو من صادني متلبسة بالجرم
نظرت إليه بحزن ابتلعته عيناي
لم يزد ذلك وجهه الا قسوة , وشفتيه صلابة
ليضيف بصوتٍ احتسى الجفوة : " الآن يجب عليكِ تنفيذ ما أريده بحذافيره "
*****

قبل ساعات

شددتُ ذراعاي حول جسدي الملتحف بالسواد , محتضنة إياه في زاوية تقطن بجانب سريري
لترتفع أناملي ماسحة تسرب احدى دمعاتي من عيناي
بعد صفعة مروان , هربت منه نحو الشارع المكتظ بالسيارات , والمارة
تحولت الأشارة المرورية إلى اللون الأخضر , لتنطلق السيارات حاجبة رؤيته عني
لم يلحق بي , إنما جعلني أتجرع مرارة ما فعلته , واندم عليه !
تركني أبكي وحدي بين الحشد من المارة
وبعد تغير اشارة المرور , وتوقف السيارات عن السير
اختفى من مكانه , وكأنه لم يكن هناك !
تركني وحيدة في بحر من الغربة
مروان رماني , وتخلى عني !
انهرت في الشارع أبكي بلا توقف
أبكي ظلم هشم روحي وأزهقها
لم أكن أعي سكون الليل المحيط بي
الا بعد ابتعادي عن إضاءة الشوارع
كنتُ امشي متخبطة في ظلام الليل الموحش
متعثرة بقمامات زقاقات المدينة الغائصة بالعتمة
وقفت أحدق حولي بحدقتين متسعتين , بأسنان اصطكت ببعضها
صرخ الرعب في روحي
ارتعش جسدي بالهلع
صرختُ وأنا ألطم رأسي بحجاب نزع عنه
صرختُ أطلب النجدة قبل الموت في سراديب الظلمة
لينقذني أحد أرجوكم !
ركضتُ في طرقات معتمة غمرة بالوحل , بصرخات جن بها عقلي
لا أريد الظلمة , انها مخيفة جدا , ومرعبة !
تشبثت كفاي على ركبتاي , وأنا ألهثُ من شدة الجري
ابتسمتُ بدموع اختزنت بحرها في عيناي , ورسمت خطوطها على خداي
وأنا أرى أضواء مصابيح الشارع
مددت ذراعي أمام سيارات الأجره , لتأخذني واحدة إلى المنزل
دخلت إلى المنزل بخطوات تسرق بعضها
في محاولة لعدم كشف أحدا ما تسربي هذا !
دخلتُ غرفتي , وأغلقتها عليْ
ناشدة حمايتها لي , من بطش ووحشية أبي
أن عرف بما حدث مع العجوز !
أن عرف بالمصيبة التي حدثت بالأضافة إلى تلطيخي لسمعة عائلتي , بدخلولي إلى السجن
سيضربني إلى أن يقتلني !
ارتجف جسدي , لإنخفاض مزلاج باب غرفتي إلى الأسفل
فجأة !
خيمة ظلال السواد على غرفتي
انطفأ سراج النور منها
غرق جسدي بسيل من العرق , حتى التهمني الرعب , وأنا اصيح بفزع
بكيت بدموع تنجرف بغزارة
مشيتُ بقدمين متعثرة الخطى في الظلام
ضاربة أناملي بالعتمة العابثة من حولي
متشبثة بحبل يقودني إلى نور ارتمي في أحضانه
وصلتُ إلى مزلاج الباب بأصابع انقضت عليه , فاتحة إياهُ على مصراعيه
انطرحتُ على أرضية تغطت بالخشب , بتسلل الأشعة الضوئية إلى عينيّ المذعورتين
اعتدلتُ مخبأة قدميّ تحت جسدي بأنفاس لاهثة
حافرة أناملي على خشب عكس لونه الداكن برودة سطحه
استنشقت جزيئات الهواء المثقلة من حولي , معيدة أنفاسي المستنزفة إلى صدري
ضربتُ أناملي التي تحولت لقبضة الأرض , بأجفان غرقت ببحر من الدموع
تبا لها ! انها هي !
لا يوجد أحد غيرها يفعل هذا بي !
إرعابي منذُ مطلع نور عينيّ
سحقي , وتحطيمي لسبب أجهله !
ابتلعتُ الهواء , وأنا أهم واقفة بجسد أسند ضلعهُ الأعوج على الحائط
توقف بصري على جسده الواقف على بعد خطوات مني
محدقا بي , بوجه غاص بتقاسيم مندهشة
عقد حاجبيه وهو ينقل بصره بين وجهي وما بين ملابسي المتوسخة بقذارة الشوارع
حملق بي بعينين رسمتا الذهول من انفجار حنجرتي بالبكاء
وأنا أحاول التماسك , وعدم الانهيار امامه
كتمتُ صيحات حنجرتي وأنا أمسحُ دموعي بأصابعي , وأهرع إليه بخطى مسرعة
وقفت أمام جسده الضخم الذي جعلني قزمة امامه
وعيناه الأسرتِ لعينيّ تحدقان بي باستغراب
تقوست شفتاي لرؤية وجهه الذي أكفهر بغضب استرجع مرارة ما حدث
أشاح بوجهه عني , رافضا اية اعذار قد ارميها إليه
وتقدم رحالا عني , امتلأت عيناي بالدموع وأنا أناديه: " مروان ! مرووووان , توقف "
ضربتُ الأرض بقدميّ , راكضة نحوه بانفاس متعبة , تخرج بصعوبة
ووقفت امامه رافعة ذراعاي معلقة إياهن في الهواء
مانعة إياهُ من التقدم , والرحيل بدون سماعي
بدون طبطبة جروح فؤادي النازفة بسببه وبسبب ماحدث
أدخلتُ موجة من الهواء إلى رئتيّ
وانا أقول بدموع نزفت من عيناي : " مروان أرجوك إسمعني , مروان لِمَ تعاملني هكذا ! "
صحت بعزف صوتي للبكاء : " لِمَ تغيرت علي , ألم أكن طفلتك المدللة , مروان لا تغضب علي, أرجوك فانا لا أحتمل ذلك , أقسم أنني لم أفعل لها شيء , هي من بدأت بقذف سمومها عليّ , هي من آذتني مرارا وتكرارا "
صمتُ ملتطقة لأنفاسي
سأريه ما فعلته بي ! سأنبش وحلها النجس الذي غمستني فيه منذ الصغر !
لم يصدق أحد قولي عنها
كذبوني وهي مثلت البراءة واتهمت طفلة بالخباثة والأفتراء
إلى ان أصمتّني هي بوحشية !
تركتني حبيسة جدراني العابسة المظلمة , بسياط ملتهبة لوثت جسدي
خرس عقلي بذكراها المرعبة , وارتعش جسدي بفزع
لا أريد استعادة أيام قد مضت بلا عودة
فأنا من يرغب في ابعادها عني , ونفيها من حياتي
فهي بؤس يحوم حول روحي
أمسكت أصابع الهواء جسدي
لاصدر شهقة اختبأت بين ثنايا روحي
فأنا لست بقادرة على نزع رداء العفاف , وكشف وشم بصمتها في ذلك المكان الذي قد يكشف الكثير ويحمل على عاتقي أثم عظيم
هززت رأسي بوجه استفرغ سقم ذكرياته
رمى نظراته الغاضبة على وجهي , لتتعثر الكلمات من بين شفتي : " انها .. انها "
" إخرسي "
صياحه الحاد ألجم لساني , ونزع روحي عن جسدي
لأحدق به من وراء أعين تغطت بالذهول , وروح تكفنت بالأوجاع
رسم الغضب حرارة دمائه على وجهه , ليقول: " " إخرسي !!!! " فأنا لا أرغب بسماع حرف أخر , واحترمي جدتي قبل أن تحترمني , احترمي كبر سنها وقدسيته , وأغربي عن وجهي "
تحررت دموعي من مقلتاي
وهو يلطم كتفي مبعدا جسدي عن طريقه
اتسعت أجفاني رعباً , وأنا أشعر بأن قدمي قد زلت عن الأرض
تعلقت أصابعي في الهواء , بأعين أمتصت دموعها
بجسد حلق مرتطماً بجزيئات الهواء منجرفا بفعل الجاذبية الأرضية
جرت اصابع خشنة سميكة اناملي , لتضرب عاصفة الهواء البارد بشرتي
لاصطدم بجسده ضخم الجثة ساقطة في حجره
احتوتني ذراعاه بشدة محيطة بجسدي من كل الجهات
أصطدمنا بالسطح بقسوة ضربة جسده الحامي لجسدي
تدحرجنا بشدة إلى الأسفل والاختناق يشد حنقه علي , والذعر قد التهم روحي
بانحباس ذرات الهواء في رئتيّ , مانعة إياي من التنفس
فوقعت في عتمة غطت عالمي

نهاية المعانقة الحادية عشر


قرة عين امي 30-10-12 01:41 PM

رد: أرواح متعانقة
 
سلمت الايادي اسوم
ترفة
مشاعر متضاربة مثقلة بالهموم والاحزان غارقة في بحر من الالام تريده ولا تريده في ذات الوقت لا تعلم اتتبع قلبها وتعود الى كنفه ام تتبع عقلها وتبتعد عنه لتغرق في دهاليز الزمان فامامها خيارين احلاهما مر كيف ستكون رد فعلها ان طلب منها الزواج في اعتقادي انها سترفض الموضوع برمته ولا تخضع عقلها لتفكير به ولكن الوقت سيرغمها على الخضوع لطلب ذياب الذي لن يتنازل عنه ولن يتركها بعيده عن حياته
امل
غبيه .... وتافهه كيف لها ان تستسلم لمشاعرها المتخلفة حتى كادت ان تؤدي بحياة شخص لا حول له ولا قوة رماه قجره تحت يديها المستهتره .... ارضاني الخوف والرعب الذي عاشة به جراء اخطاءها وان كانت غير مقصودة لكني اشفق عليها من عامر وقسوتة ومما يخبه لها القدر الان ماهي صور الاستغلال التي ستقع بها الان
ذياب
واااااااااااه منه .... مثقل بالحزن بالالم بالتخبط حيران لا يعرف له طريق تجرع الاوجاع واحدة تلوا الاخرى راضياً مستحملاً ولكن تاتي الرياح بما لاتشتهي السفن فبعد ان وجدها وكان حياته عادة اليه رفضة بقلب بارد ومشاعر متجمدة اججت فيه مشاعر التملك والاحقيه لن يستسلم ولن يرضخ حتى تعود حبيبته الى احضانه .... كانت فكرة مروان في محلها وتسم بالعقلانية والواقعية صحيح انه صدمة ذياب فهو يرى ان علاقته بترفة ارقى واسمى من كل العلاقات المادية الاجتماعية لكنها لا بد لها ان تتخذ صورة من صور الاعلاقات التعارف عليه بين اي رجل وامراة فلا بد من الزواج بينهما وهذا ماسيسعى لتحقيقه حتى لو كلفه الكثير
عامر
مالذي ينوي فعلة وقد كشر انيابه عن شر دفين سيستعمل امل بتنفيذه كرهت شخصيته الاستغلالية وتبجحة الظالم اما ان يغفر لها زلتها وتصبح لعبة بين يديه يحركها كيفما اراد وحسب مخططاته الشيطانية واما ان يفضحها وينهي حياتها العملية اي اجرام هذا الذي يتستر عليه في دهاليز نفسه المريضة
مروان وحسناء
يبدوا ان حسناء تخفي الكثير من الاسرار والظلم الواقع عليها والظاهر انها تجرعت الاوجاع بقلب راضي ونفس كتومه ولمن لابد ان ياتي يوم وتنفجر وتخرج كل اسرارها التي ستفضح الجدة التعيسة والمتصابية ..... لكن مروان كان قاسي وعنيف معها لم يقبل ان يسمع لها تبريراتها وان تبين له حقيقة الامر من منظورها هي حتى وان كانت مخطه في نظره يجب ان يسمع من الطرفين حتى لا يقع في الظلم ولا يكون شريك في جرائم الجدة التي تحيكها في الظلام لحسناء

ترى هذا ثاني مره اكتب رد الاول كتبته ونسقته وعملت له اضافه وانقطع النت وراح تعبي كله على الفاضي والان كتبت رد اخر بس ماحسيته بقوة الاول ان شاء الله يعجبك
ودمتي بالف خير
المحبة اسماء

سميتكم غلآي 20-11-12 10:38 AM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3203443)
سلمت الايادي اسوم
ترفة
مشاعر متضاربة مثقلة بالهموم والاحزان غارقة في بحر من الالام تريده ولا تريده في ذات الوقت لا تعلم اتتبع قلبها وتعود الى كنفه ام تتبع عقلها وتبتعد عنه لتغرق في دهاليز الزمان فامامها خيارين احلاهما مر كيف ستكون رد فعلها ان طلب منها الزواج في اعتقادي انها سترفض الموضوع برمته ولا تخضع عقلها لتفكير به ولكن الوقت سيرغمها على الخضوع لطلب ذياب الذي لن يتنازل عنه ولن يتركها بعيده عن حياته
امل
غبيه .... وتافهه كيف لها ان تستسلم لمشاعرها المتخلفة حتى كادت ان تؤدي بحياة شخص لا حول له ولا قوة رماه قجره تحت يديها المستهتره .... ارضاني الخوف والرعب الذي عاشة به جراء اخطاءها وان كانت غير مقصودة لكني اشفق عليها من عامر وقسوتة ومما يخبه لها القدر الان ماهي صور الاستغلال التي ستقع بها الان
ذياب
واااااااااااه منه .... مثقل بالحزن بالالم بالتخبط حيران لا يعرف له طريق تجرع الاوجاع واحدة تلوا الاخرى راضياً مستحملاً ولكن تاتي الرياح بما لاتشتهي السفن فبعد ان وجدها وكان حياته عادة اليه رفضة بقلب بارد ومشاعر متجمدة اججت فيه مشاعر التملك والاحقيه لن يستسلم ولن يرضخ حتى تعود حبيبته الى احضانه .... كانت فكرة مروان في محلها وتسم بالعقلانية والواقعية صحيح انه صدمة ذياب فهو يرى ان علاقته بترفة ارقى واسمى من كل العلاقات المادية الاجتماعية لكنها لا بد لها ان تتخذ صورة من صور الاعلاقات التعارف عليه بين اي رجل وامراة فلا بد من الزواج بينهما وهذا ماسيسعى لتحقيقه حتى لو كلفه الكثير
عامر
مالذي ينوي فعلة وقد كشر انيابه عن شر دفين سيستعمل امل بتنفيذه كرهت شخصيته الاستغلالية وتبجحة الظالم اما ان يغفر لها زلتها وتصبح لعبة بين يديه يحركها كيفما اراد وحسب مخططاته الشيطانية واما ان يفضحها وينهي حياتها العملية اي اجرام هذا الذي يتستر عليه في دهاليز نفسه المريضة
مروان وحسناء
يبدوا ان حسناء تخفي الكثير من الاسرار والظلم الواقع عليها والظاهر انها تجرعت الاوجاع بقلب راضي ونفس كتومه ولمن لابد ان ياتي يوم وتنفجر وتخرج كل اسرارها التي ستفضح الجدة التعيسة والمتصابية ..... لكن مروان كان قاسي وعنيف معها لم يقبل ان يسمع لها تبريراتها وان تبين له حقيقة الامر من منظورها هي حتى وان كانت مخطه في نظره يجب ان يسمع من الطرفين حتى لا يقع في الظلم ولا يكون شريك في جرائم الجدة التي تحيكها في الظلام لحسناء

ترى هذا ثاني مره اكتب رد الاول كتبته ونسقته وعملت له اضافه وانقطع النت وراح تعبي كله على الفاضي والان كتبت رد اخر بس ماحسيته بقوة الاول ان شاء الله يعجبك
ودمتي بالف خير
المحبة اسماء


مساء مفعم بالسعادة

شكرا لكِ أنتِ على ردك الراقي المبهج للنفس يا أسماء

فلقد أسعدني كثير لتطفو ابتسامتي على وجهي من السعادة

لا ضير يا عزيزتي فهذا جميل جدا ... يا إلهي فأنني اعرف ذلك الشعور الكريهه عندما تقوم بـ شيء لوقت طويل وفجأه يذهب في ثانية واحدة فقط والله أنه لشعور كريهه جدا

أعجبني تصوريك لمشاعر ذياب تجاه ترفه

فأنت من فهمتها بالطريقة الصحيحة فالبعض يقول لِمَ يتردد بالزواج منها
فهم لم يفهموا طبيعة علاقتهما

فعلاقة بينهما لا ترتبط بالعلاقات التي ترتبط بأهواء الدنيا كما قلتِ فهو يحبها ولكن حبه روحي نقي

أسماء الجميلة شكرا على تواجدك العطر فهو مبهج للنفس ولقد استمتعت وانا اقراهُ مرارا وتكرارا

شكرا لكِ

سميتكم غلآي 28-11-12 07:52 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة الثانية عشر


صفعات كف مروان الخفيفة على وجهي الفاقد لإحساسه, وروحي التائهة في عالم الهذيان
جعلتني استفيق من تخبط عقلي في أحلامه
ضجت نبضات قلبي في صدري بأجفان التصقت ببعضها
لم استطع فتح عيناي من أجهاد تكفنت به أوصالي وخدر به جسدي
ارتعش جسدي بغثيان عبث بمعدتي
أضقتُ أجفاني المغمضة بألم من وجع جسدي
تحركت أهدابي لتكشف لي عن وجه أصطبغ بالخوف , وشفتان تهتفان بأسمي
حطت كفاي اناملها على برودة السطح ساندة جسدي عليه
وأنا اهم برفع جسدي الغارق بالكدمات الموجعة
أتوه في عالم لا يستطيع إعادة ماحدث و استيعابه, تأوهت بألم وأنا أحدق به بدهشة
اتسعت أجفاني.. وأنا أهب عن جسده المحتضن لجسدي
ووجهه المُحملِق بي المنقب عن جروح جسدي بعد السقوط العنيف
شعرت بالدوار ليترنح جسدي
أسندت أصابعه التي امتدت ملتقطة لأصابعي جسدي المتهالك
لتسقط ركبتاي على السطح الصلب بجانب جسده الجالس على الأرض
بألم غطى تقاسيم وجهه المُتعبةِ
تحركت شفتاي المرتعشتين لأقول بخوف توشح به صوتي : " مروان , أأنت بخير ! "
هز رأسه وهو يتكأ على الجدار خلفه بوجه قفزت أوجاع جسده إليه
ولكنه ابتسم وكأن شيء لم يكن
يخْبئ ألمهُ متحملا أصابته لأنه رجل
عضضْتُ شفتي السفلى حابسة دموع عيناي في أجفاني , أنه ليس بخير أني متأكدة من هذا !
فالذي حدث منذ دقائق كان بغاية العنف
مع أنني كنت تحت حماية جسده, ولكنيّ أشعر بالألم يتناثر على جسدي
اذاً.. فكيف هو ؟ كيف يكون ألمهُ هو !
يا إلهي... أرجوا أن لا يكون قد أصيب بكسور أو أصاباتٍ بليغة
وقف جسده الضخم أمامي لِيمد كفه إلي بأصابع طوقت اناملي وهو يقول بصوت احتواء حنان قلبه : " أتشعرين بالألم في أي مكان ؟ "
هززت رأسي بلا... وأنا أهَمَّ بالوقوف
ضغط جسدي المتألم من الكدمات على قدمي اليمنى
لتتصلب أعصابي وترسل ذبذباتها إلى عقلي منبهة إياهُ على وجود خلل ما في حزم عضلاتي
اطلقت صيحة متوجّعة استوطنت صوتي من تمزق عضلة قدمي بجسد كاد يسقط
أمسكني مروان بقوة مانعا جسدي من السقوط مثبتا قدميّ على الأرض , مسندا ضلعي على ذراعه
بكيتُ دُمُوعا عكست مقدار ألمي
بشفاه ارتعشت وبصرخة انبعثت من حنجرتي بـ : " مؤلم , آه... قدمي تؤلمني , مروان قدمي توجع جدا جدا , لقد كسرت آآآآآه "
تأوهت وأنا الطخ ذراعه المسندة لجسدي بدموعي
انسحبت قدماي عن البلاط ضاربة جزيئات الهواء بجسد أرتفع عن سطح الأرض
ليهوي جسدي بين ذراعيه حاملا إياي
اتسعت اجفاني الممتلئة بالدموع محدقة به , هتفتُ بصوت أطلق اندهاشي : " مروان ما الذي تفعله!! انزلني أنيّ استطيع المشي "
لم يصغي إلي.. إنما حملني بين ذراعيه صاعدا بي نحو الأعلى بإنفاس لاهثةٍ هدرت من صدره
أمطر وجهه سيلا من العرق باحمرار كسا وجهه الأسمر
وهو يوصلني إلى غرفتي طارحاً جسدي على مُلاَءَةُ السرير
مصدرا صوتٍ صارما : " لا تتحركي ! "
وهو يرحل تاركا جسدي فوق كومة قماش سريري
خرج من الباب وأختفى عن ناظري
حركت أصابعي التي انخفضت إلى كاحلي لتلمس تضخم احشائه
أصدرت صوت حمل الألم , وأنا أرفع جسدي وألصق قدماي بالأرض
رفعت بصري نحو الباب أرقب عودته إلي
عاد بسرعة.. لأعقد حاجبيّ عند رؤية أنه قد احضر عدته الطبية معه
جلس على الأرض فاحصا قدمي باحثا عن إصابتها
برفع بنطالي عن قدمي والذي كشف القليل من ساقي
توردت وجنتي بحمرة الخجل , وارتفعت الحرارة في باطن جسدي
حتى بت مرخية الرأس مبعدة انظاري عنه
رش كاحلي بالدواء بالأضافة إلى أنه مسح عليها وربطها بقماش أبيض اللون
رفعت بصري نحوه بعد أن ترك قدمي, أنقل بصري بينه وبين قدمي بتوتر اختزنته مشاعري
زفر نفسا عميقا وهو يهم بالوقوف قائلا بإرهاق رن به صوته : " مجرد تمزق بسيط وتشفين بسرعة"
اعتلت شفتيه ابتسامة طفيفة , وهو يدير جسده عني راحلا بخطواتٍ متثاقلة
خرج واغلق الباب وراءهُ
غاص جسدي في دفئ مُلاَءَةُ سريري ..لأحتضنها بقوة بأصابع تشبثت بالقماش
بأفكار أسكرت عقلي وايقظت لهيب مشاعري نحوه , مروان عالج اصابتي , مروان ابتسم لي !
مروان لم يكن غاضبا , إنما كان خائفا عليّ
خبأتُ رأسي تحت الملأءة.. لأطلق أهات تتلوها ضحكة فرح أرعشت قلبي
جفاني النوم بأحلام يقظة, حلقت بقلبي إلى عالم الأوهام
فما لي بالنوم وقد ألتمست منه القليل من الاهتمام الذي فقدتهُ منذ زمنٍ بعيد
بعد فقداني لسطوته في حياتي, بعد إبتعاده عني وشح تواجده فيها !
علقني بأمل طفيف , أمل يجعلني اصدق أنه سيكون لي في يوم ما
****
إحساس جميل يتلاعب بي اليوم
مشاعر تقودني إلى طريق سعادة أود الغوص فيها
بعيد عن معكرات قد توقعني في وكر انسجتها المشؤومة
لا أريد تذكر ماحدث في السجن وبعده
التكتم إلى الآن على الحادثه, جعلني استكين وقد تبددت مخاوفي من أكتشاف أبي لما حدث
فإن أكتشف ذلك ستحل مصيبة تحول حياتي إلى جحيم
فغضب أبي دائما ما كنت اتحاشهُ
صحيح أنني ابنتهُ المدللة في الصغر .. اما الآن فقد أختلف الأمر وبات مؤلماً
فأبي تغير كثيرا وبات حريصا على ما أفعله
و بعد المصائب التي بدأت أفتعلّها في الماضي بتهوري الغبي , وإهمالي
وتدليل أمي المفرط لي , بإعطائي كل شي وإهمالي حد الإشباع في أعوامي المنصرمة
جعلني أعبث واتمادى إلى أن بدأت أهمل دراستي وافرط في الإنفاق
مما جعل أبي يثور علي وعلى أمي التي هي كالحاجز لي وأبي كالسيل الجارف
إذا أخطأت حرمني من كل شيء , وعنفني بشدة
ولكن أنا أريد فقط القليل لأعيش , اللعب , والإستلذاذ بمتع الحياة
الذهاب والإياب بلا قيود
فما أن أنجرف واكسر أوامره حتى أحصل على أشد العقاب , بحبس في المنزل أو حرمان من كل شيء
حتى بت أخاف مخالفته , إنما أفعل ما أريده بالتخفي وراء قناع البراءة والطاعة بمساندة أمي
عقدتُ حاجباي وأنا أستمع إلى ثرثرة الفتيات وبعض الصديقات المتكئات من حولي
ثائرة معهن بحديث لا يكاد ينتهي , مقهقاتٍ بصخب أزال حشمة المكان
غير آبهات بمن حولنا من البشر
مجرد استمتاع بشهوة الثرثرة
طعن يأتي من قبل واحدة فتزداد حدته ويتفاقم بين الأخريات
لم أكن إلا مستمعة بينهن لما يدور حولي من أحوال وأخبار
وجرعات خبيثة تغطت بها بعض القلوب المريضة من أحقاد وأثام
لتصل إلى واحدة تغيضني وتقتلني سقم ومرض
بنظرات تبعثها إلي فهي قد خانت العشرة منذ زمن غابر قد مضى بلا عودة
فهي قد لطخت صفحتها لديّ, ودنستها برائحة الخيانة
فكم بت أكرهها وأكره تواجدها , أحتقن وجهي بالدم لتخرج شفتيّ عبارات غير مثمنة لحروفها
مطلقة كلماتها بموجة من الغضب : " لا تعلمن إلى أين قد تذهب في كل يوم متسربة من الجامعة بدون علم أحد , قد تعبث هنا وهناك بلا رادع , فما هي إلا سافلة تظن أننا غافلِين عنها "
صمت كاتمة الغيظ , فما تفوهي بهذا إلا من قهر سكن قلبي
ألم طعنات اخترقت صدري بسببها
فما كانت صداقتي لها الا عار ندمت عليه وأرجو أن لا يتكرر
ساعات مضت كالضوء في هذا اليوم الغريب الذي تعارك فيه قلبي مع عقلي بغرابة استوطنت روحي
عقل يعيش حلم , روح تغوص في مياه تتنفس
صفاء يعبث بمشاعري , لا أعلم مابي ولكن أشعر انني كالمخدرتي
وكأن فرحتي هذه سيقضى عليها
وهذا ما حدث بعد عودتي إلى المنزل , استقبلني أبي بوجه أسود
يفح جمر غضبه على من حوله
ارتعش جسدي لرؤية وجهه الرامي بحمم غضبه لتتفجر بركانيه عند رؤيته لي
لم أعيّ إلا بفوج سيل جسده الهائج المنطلق نحوي بلطمة صفعت وجهي حتى كادت تخلع فكاي
انهرتُ ارضا بصاعقة شقت رأسي إلى نصفين , وبعينين غشتهما طبقة من الدموع
أنهال يسقنّي بضرب من " عقاله " الذي سلطه على جسدي بلا رحمة
لأول مرة في حياته , يضربني بشدة الهبت جسدي
وبصمته بحرارتها الواشمة , أبي يضربني !
أبي الذي لم يمد يده علي في حياته
ابي الذي لم يناقشني في شيء, إنّما يقوم بحرماني بدون أذى جسدي
أبي الذي ألتمس حنانه في مرات نادرة وأفرح به
أبيّ الآن كالوحش الكاسر يفترس فريسته , ينهش لحمها بدم بارد
لم استطيع حتى الصراخ من الأوجاع الملتهمة لجسدي
فحبالي الصوتية قد جفت وتقطعت من هول صدمتي , من هول ما وصل إليه الأمر!
حفرت أناملي أظافرها بالأرض
بعينين زائغتين تبحثان عن من ينقذني
فتحت شفتاي عند رؤية أمي وأخي حسن المتقدم بإتجاهنّا وهمست بصوت متوجع بـ : " لاا "
في محاولة للتشبث بحبالهم المنقذة لي فأمي كانت مختبئة وراء حسن
بوجه زرع فيه الخوف جذوره , لتقف غير قادرة على تغيير شيء
وأبي في ألَجَّ غضبه.. صحت وأنا انقل بصري حولي لعلي أجد منقذ , أنصب بصري على العجوز الجالسة بإبتسامة حبستها شفتيها تحدّق بي بعينين رسمتا الفرح لما يحصل لي , تبا لها ! أنها بسببها !!
آآآه لقد تخلوا أمي وأخي عني في موقف كهذا
احتضنت الأرض مطالبة بحمايتها لي من مخالب سياطه
بذراعين تحاولان عناقها , والهروب من ألوان العذاب المبرح المسلط عليّ
يشد ضربه عليّ وهو يصيح بإنفعال زلزل صوته : " أتكون عاقبة التربية هكذا , عدم أحترام خالتي إلى جانب أن أبنتي, أبنتي أنا "
توقف عن الصياح وهو يركل جسدي بقدمه بقسوة عبرت عن غضب اختزنه جسده
لأطلق أنا أنات تلاحقت بأوجاع
رص على أسنانه وهو يضيف بشراسة : " تدخل السجن , تشوهّ سمعتي أنا , تلطخ سجل عرضي "
****
اسندت جسدي على جدار تلون بالبياض مرخية راسي عليه
بحشرجة بكاء أحاول كتمانها بصعوبة
سحبت قدماي إليّ , وإلى تحت شعاع الضوء الساطع على جسدي المرتعش
وقد بدأت قطرات المطر بالإنهمار ناقرة سطح الأرض بموسيقى خافتة مخلفة ندوبها عليها
بصعوبة هربت من بطش أبي , وهرعتُ إلى خارج المنزل في هذا اليوم الشتوي المثلج
بمساعدة حسن الذي حاول امساك أبي عن قتل روحي , وتمزيق جسدي
وها أنا الآن أختبأ بين زوايا المنزل الموحلة ألملم شتات نفسي المبعثرة
استعيد انفاس روحي المرهقة , بجسد ينتحب من ألآلامه
ما الذي يجب عليّ فعله الآن !
فأبي لن يهدئ , أبي سيقتلني هذا المره !
زاد فيضان تساقط الأمطار لتغوص مياهّ في الركن المنطرح عليه جسدي
انكمشت ملتصقة بالجدار خلفي لحماية جسدي من البرودة التي بدأت تلتهمه والمياه التي أغرقته بغزارة
نزف أنفي قطرات شفافة لتتليها عطسة قوية ايقظت وجع بلعومي الملتهب
مسحت وجهي الغارق بأسقامه وأغمضت عيناي بألم
فانا لا استطيع الدخول إلى المنزل فالأبواب قد أوصدت عني
فكيف لي أن ادخل وإُري أبي وجهي بعد الذي حدث ! لا أستطيع ذلك !
دعست وجهي بين ذراعيّ , أبكي بحرقة اللهبت وجهي
****
كسراب تقترب مني لتصبح حقيقة مرسومة أمام عيناي
تمشي بملابس حمراء اللون , و بشعر يتدلى من أعلى رأسها ويصل إلى أردافها
كان يشع بلون الدم , تقترب مني بسرعة ليتلاشى وشاح الضباب عنها
ويكشف عن وجهه شاحب قبيح المنظر
مظلم التقاسيم , بعينين غائرتين تحدقان بي
اتسعت عيناي بهلع وأنا أجر خطواتي إلى الوراء مبتعدة عنها بفزع أحتل روحي
اريدها أن تبتعد عني .. ولكنها تستمر بالاقتراب مني برعب نهش جسدي
صحت بها حتى كادت تتقطع حبالي الصوتية
صمتُ بمحاجر زائغة بعبور رائحة نتنة في مجرى أنفي , رائحة أسكرت رئتاي بأنفاس الموت
هويتُ أرضا أبكي بلا دموع , أزحف على الأرض في محاولةً للهروب منها
ولكن كل شيء تحول إلى ظلام
ليحتل السواد ثنايا روحي قبل أن يحيط بي حتى بات يلتهم جسدي
صرخت برعب
وبجسد يرتجف يصارع أنفاسه المختنقة , استيقظت متشبثة بمُلاَءَة سريري
بأنامل انقضت على شعري تجره بشدة
وبدموع تشق سيلا من الأمطار على وجنتي من الرعب , ضج صدري بصوت بكائي
لأبكي بتهيج وأنا اتمتم بعباراتٍ غير مفهومة بحروف تتخبط ببعضها
وتتعثر في مجرى حنجرتي , لقد كان كابوس مرعب , بل جحيم مميت !
عقدت حاجبيّ بعينين مرتعبتين تحدقان حولي , أنيّ !
مددت كفي إلى المصباح القاطن بجانبي لأشعله بسرعة , و أشعل سراج النور المنقذ لي
أحتضنت ذراعاي جسدي المبلل بزخات العرق بخوف تكفن به
يا إلهي ! من أحضرني إلى غرفتي فلقد كنتُ في الخارج !
قوست شفتيّ إلى الأسفل ببكاء لم يكف قلبي عن زفه إلى مقلتاي
رباه !
أني خائفة من كل شيء ! أنني اشعر بالوحدة الموحشة !
تدثرتُ بمِلاءاتِي الدافئة مغطية جسدي بأكمله
مغمضة عيناي لعلى روحي تهدئ من رهبتها
جفا النوم عيناي ورحل تاركا روحي متخبطة في جسدي , بمشاعر لا تتقاعس عن تحطيم ثنايا نفسي
في الصباح الباكر وعند الساعة السادسة رفعت نقالي لإتصل بصديقتي المقربة مني سلمى
شددت على الهاتف بأصابع مرتعشة, وأنا أنصت إلى صوتها الغارق في النوم
و القادم من الجهة الأخرى : " أووه حسناء , لِمَ تتصلين بي في هذا الوقت المبكر , لقد ازعجتني من نومي "
ابتلعت انفاسي المتعبة والمتضاربة في محاولة لصف الكلمات وإخراج العبارات
ولكن لم استطع فلقد غصت في حلقي وتساقطت في قعر جوفي
تسربت دموعي من عيناي وسالت على خداي
بارتفع أناملي المرتعشة ماسحة دموعي المتساقطة
وأنا استنشق الأكسجين لإعادة الحياة إلى صوتي
تعثرت حنجري بعباراتها وأخرجتها بصعوبة : " سلمى أيمكنك المرور عليّ اليوم لأخذي إلى الجامعة "
أغلقت الهاتف بعد أن حاولت الضحك والمزاح معها بصوتٍ ضاعت عبراته
فكيف لي أن أجلس في البيت منتظرة مصير روحي
فأبي في أشد حالاته غضبا , وأنا تائهة في دوامة من الرهبة
و لا أعلم ما ستكون العاقبة بعد الذي حدث , ماعلي إلا الهرب قبل وقعها !
وقبل أن اسحق تحت ركام غضب أبي !
ارتديت ملابسي وخرجتُ على رؤوس أصابعي , متسللة كاللصوص التفتُ يمنة ويسرة
لم يكن هناك إلا الهدوء واضاءة خفيفة غرق بها المكان , فالوقت الآن بعد شروق الشمس بدقائق وأظن أن أبي قد ذهب إلى العمل
فأنا أرجوا ذلك ! وجل فؤادي عند تسلل أصوات خافتة إلى مسامعي
تجمد جسدي , وهبت شعيراته واقفة من الرعب
التصقت أصابعي حافرة أظافرها على جوانب شفتيّ
مانعة أنفاسي من الخروج , مسكتة ضجيج صوتي المنتحب
اختبأت في زاوية اعتمة بظلال الظلام
بيد تمسك فمي والأخرى تحتضن جسدي مخففة من أرتجافه
تحررت دموعي ... وأنا انصت لصوت الخدامات الذي افزعني
اخرجت شهقة من جوفي بطمأنينة احتلت روحي
خرجتُ متعثرة الخطى مسرعة إلى اقرب باب يؤدي بي إلى الخارج
هاربة من سجن احكمت سلاسلهُ عليّ
تقدمت بقدمين التحفتا بحذاء من الجلد , ورسمتا خطواتهما على أرض تغطت بالأعشاب
خارجة منه إلى أرض صلبة إسمنتيه متجهة إلى جدار تلون بلون العسل
اسندت ظهري إليه مطوقة جسدي المرتجف بذراعاي
غطى وشاح الضباب الرؤية عني برذاذ نثر زخاته على وجهي
مر الوقت وأنا انتظر سلمى
مبعثرة بصري الزائغ حولي خوفا من رؤية أحدا ما لي , دقائق طويل وجاءت بسيارتها
قفزتُ إليها بشرود سرق عقلي , وانطلقنا بثرثرة سلمى التي لا تكفى عن إسهابها في الشتائم
لم انطق بحرف واحد.. فأنا كالمنصتة لسكينة كآبتي والمُثرثرة مع أشباح نفسي التعسية
ضربتني سلمى وهي توقف سيارتها عند مواقف سيارات الطالبات في الجامعة
قائلة باستغراب امتزج بالغضب : " ما بكِ اليوم ! "
أضقتُ عيناي , وأنا اقف باجتياح دواراً عنيف لجسدي حتى كاد يسقطه
لم استطع التنفس من تكتلات الزكام المتراكم في معبر أنفي , بجانب أنني أشعر بالمرض
فالحرارة تحرق جسدي من الداخل
بالإضافة إلى عدم قدرتي على الإتزان
حاولت السير بخطى متهالكة تعتريها العثرات
حاولت فتح أجفاني بصعوبة
وقلت لها من بين شفتين متشققتين وأنا مطأطأت الرأس : " أشعر بالمرض ! "
قالت بأسف : " سلامتك ياعزيزتي ! "
مشينا إلى أن وصلنا إلى داخل الجامعة
جلستُ مع سلمى على أحد المقاعد الموجودة في مقهى الجامعة , ننتظر قدوم الرفيقات الاخريات
خطف لون وجهي ... واجتاحت جسدي موجة من السيالات العصبية
وأنا أحملق أمامي بذهول اخترق صدري
وأمسكت به أيديّ خفية تعصره بعنف لرؤية شبح حلمي
أنه نفسه ! الشعر الأحمر , الجسد .. العباءة السوداء الكاشفة عن لباس أحمر اللون , كريهه !
أنها واقع جسدت ذلك الكابوس المريع
ادخلت موجة من الهواء إلى رئتاي في محاولة لمنع ارتعاش جسدي
ولكن الوجه لا يشبهها ! فهذا وجه شما أحدى صديقاتي المقربات لهذه السنه
فكيف يكون ذلك الوحش شما , يا إلهي ! أهو جنون ! لا ! إنما هي أضغاث أحلام !
هجرتني راحتي , وأنا في غياهب صمت عزلتي التي شدت رحالها إلى عالم الكوابيس
فلقد بت جزعة مما حولي
خائفة من صديقاتي اللواتي شعرت بانهن يرتدن أقنعة من فوق وجوه تصنعة الطيبة
خاصة شما فلقد بتُ مرتعبة منها فهي ككابوس حقيقي يحوم حولي
وكأن تلك المتوحشة التبست جسدها
شيعت جنازة البؤس روحي , وأنا انسلُّ من بينهن خفية
فنفسي تغوص في كربة خرساء
ترغب بالهروب قبل افتراس ثناياها المتوجعة
لم يشعروا بي
فهربت أتخبط بقدمين لا تستطيعان الإتَّزان
لتمتزج الألوان ببعضها وتتضارب الزوايا ويغشى عينيّ الضباب
ركضة باختناق انفاسي في رئتاي
وأنا أشعر بأنني ارغب في التقيؤ بشدة
تعثرت خطواتي.. وأنا ادلف إلى دورة المياة
استفرغتُ ما في معدتي وأنا ابكي
" آآه سأموت ! " هذا ما صرخت به وأنا أتألم
اشعر بجسدي يغلي من الحرارة, والعرق يبلل ملابسي بجانب الصقيع المتجمد الملتف حولي
لم أكف عن الأستفراغ لمرة واحدة فانا اشعر بالتعب من جراء التوقف عنه
تقيأتُ حتى خلت معدتي الجرداء من مائها
تهالكتُ على البلاط المتجمد وأنا أنتحب
بدموع تسيل على وجنتي بحرقة , وماء انفي يرشح بغزارة
أني متعبة جدا !
ومرهقة من المرض , والكابوس الذي يحدث لي
***

غاص جسدي في حوض أمتلأ بالمياه الساخنة
تعلقت أصابعي على حواف الحوض
ليتدفق الدم إليها بحمرة تلونت بها
زفرة نفسا حبس في رئتاي
وأنا أغرق وجهي في المياه الدافئة
أغمضت عيناي بشفاه تقوست بمرارة
لقد وقعتُ في فخ نصبه هو
وبت حبيسة لزنزانة المنيعة , يريد مني الخيانة !
يريد إستغلالي بعد معرفته أن راشد هو عمي بالإضافة إلى أن عمي سيف هو رئيس المستشفى
فتلك هي حقيقتي المخفية عن الكل تقريبا
سرقت أعمامي وسرقة مجهود عمي راشد والتلصص عليه بكل عمل يقوم به
ومراقبته لهُو أقوى مما تحتملهُ نفسي
لهي خيانة عظمى ترتكبها روحي في حق أقرابي
فهو يريدني أن افعل ذلك, وإلا لقيت حتفي بين يديه أن اكتشف أحدا ما هذا أو ان لم أنفذه
ستكون نهايتي , فأنا لم أنسى تهديده لي بأنيّ لن أهرب منه
حتى لو رفضت فهو سيجعلني أتجرع مرارة كل ما فعلته
وكأنني أرتكبت جريمة بشعة, وها أنا الآن أجر لجريمة أشنع قد تزهق روحي
خيانة عائلتي من أجل عملي وعامر ,عامر الحقير !
لن أنسى ما فعلته لي أبداً !
لقد وصمتني بالعار فأنا بت عارا على نفسي بسببك
فأنا مجرد غبية .. لآنني أحببت شخص كحثالتك
حثاله , أحمق , مجنون , كريه , أنني أكرهك !
فتحتُ عيني لتتموج جزئيات الماء أمام عيناي بفقعات أنفاسي الراسمة دوائر تتراقص حولي
وخصلات شعري تتأرجح امام عيني بزخارف سوداء أكتسحت شفافية المياه
سيأتي اليوم الذي سأنتقم منه
سيأتي يوم يعض فيه أصابعه ندما على إستغلالي
صحيح أنني الآن ضعيفة ولا أملك حول ولا قوة
وهو رمى شباكه علي بدون مراعاة آية أخلاق, من دون ذرة انسانيه
من دون الخوف من عقاب رب العباد !
امتصت رئتاي أخر هوائها مني لتطالب بالمزيد وتصل إلى ذروة فقدانها للأكسجين
فصرخة تطالب بالمزيد
أختنقت بدخول الماء إلى فمي لتلاطم أصابعي جزيئات المياه هاربة من أفتراسها لها
تشبثت أصابعي على الحواف ليخرج جسدي بقوة من آسر المياه له
أخرجتُ رأسي بأنفاس مختنقة تحتاج لتزويد رئتاي بالأكسجين
برأس ارتد إلى الخلف مستعيدا لانفاسه المراقة
أغمضت عيناي, اريح أنفاسي
أزيح هموم عقلي , وجنون نبضات قلبي
نطقت شفتاي بدموع تسربت من عينيّ
ونقشت إحمرارها على البياض :
أسفه عمي , أسفه أبي , أسفه نفسي
****
صباح عقيم كحياتي التي بتُ أعيشها منذ أيام قليلة
فلقد استحالت أيامي إلى جحيم لا يطاق كطقوس أجبر عليها بلا رحمة
كسلخ جلدي عن لحمي , جرائم أرتكبها كالحمقاء من دون البنس ببنت شفة
فلقد بت بلهاء أنصت بلا عقل , أسير بلا إرادة
أقاد كالبهائم , فلقد أيقنت من خلو قلبه من الرحمة وانعدام الإحساس بالإنسانية تجاهي
فهو فقط يأمرني بفعل ما يريده ويرضخني على الصمت الأبدي
جررت خطواتي جرا نحو مكتب راشد في صباح تعطّرت فيه اروقة المستشفى برائحة المرضى
وسقم مرضي وعبودية روحي له
راقبة مقلتاي ظلال أشباح البشر التي تكادُ تختفي من ممرات المشفى
فالشمس لم تشرق بعد بالإضافة إلى السكون المستنشق للصمت في هذه الجهة
الذي اسعف مكر اجرام تعويذة عامر على عقلي
لنبش مايخفي راشد في جعبته , للعبث بأغراضه وسرقة تعب أيام قضاها في العمل
أغلقت باب من الحديد ورائي مسندة جسدي عليه في غرفة غرقت في السكون والظلمة
تسللتُ خلسة, بأقدام لا تكاد تطأ الأرض
فتحت ادراجه انبش محتويات رزم أوراقه بعد تحايلي عليه بالتقرب منه أكثر والجلوس معه
لمعرفة ما يدور حولي من أمور تخدمني لمصلحة عامر
لأنتقل إلى الحاسوب اعبث به , فلقد كان بغاية البساطة نهب كلمة مروره بطلب استخدامي للحاسوب نفسه من أجل العمل
فما ذلك إلا بقبح أفعالي المدسوسة بالخبث المغموس بعتمة إجحاف عامر وتهديداته لي
وضعت " الفلاش " بداخل الحاسوب لأقوم بنسخ ما يخزنه راشد في ملفات حاسوبه
سال العرق على جسدي , بنبضات قلب ترتطم بصدري وتكاد تفقد توازنها
جفت الدموع من عينيّ , وأنا احاول الإسراع بما أفعله
نزعت أداة التخزين لأغلق الحاسوب بسرعة حاثة خطى قدماي المتعثرتين في الظلمة
متجهة نحو الباب وقبل أن تمس أصابعي مزلاجه
ارتفع صخب أصواتٍ غليظة من الخارج
ارتجف جسدي وانحبست انفاسي
تجمدت أطرافي وقد امتصت عيناي دموعها , لا ! لا!
تحرك جسدي بقوة لم أعيّ من اين جاءت
واختبأت وراء حديد الباب بظلمة غطت عينيّ على ظلمة الغرفة
حطت اناملي على شفتي غارسة أظافرها على جوانبها بشدة كاتمة ضجيج حنجرتي
خانقة لأنفاسي , حاولت مقاومة موجات بكائي وارتجافي
خرستُ وخرس عقلي معي , تاهت روحي عابرة لجسدي , مخدرة لحواسي
بت أسيرة طوق الرعب مختنقة بجنون عقلي , وانا اقف وراء الباب
انصت إلى ضوضاءهم من ورائه , أرقب دخولهم بفزع طفح على وجهي
أحسست بالحرارة تمضغ جلدي
شعرت أنه سوف يقضى عليّ عندما تلألأت أضواء الغرفة , بإزدحام الاصوات فيها
وبجسدي يدعس على الجدر وكأني انوي لحمه به
أخرجوا ! اخرجوا أرجوكم ! سأموت أن اكتشفت بهذه الطريقة ! يا إلهي انقذني أرجوك
رفعت بصري الذي يسبح في ضباب دموعه , أحدق في حديد الباب بدموع انهارت على خداي
اغمضت عيناي وأنا اكتم انفاسي
بشفاه احتضنت أصابعي التي خففت من حدة انغراسها في لحمي
كشفتُ عن اسناني وانقضضتُ على أصابعي المحيطة بشفاهي
اضغط عليها في محاولة لمنع صرخاتي , وانهيار روحي , وتهالك جسدي
التهمت انفاسي عند خروج من كانوا في الغرفة واغلاقهم للباب من ورائهم بعد اطفاء النور
ارتفعت اناملي لتمسح الدموع التي بللت وجهي
مسحت وجهي بأكمله وأنا اخرج من مخبئي بخطى متعثرة, متهالكة
غصت انفاسي في صدري وأنا اخرج شهقة متوجعة
تبا لك .. يا عامر !
أأنت سعيد الآن لتوقعني في شرك مؤامراتك الخسيسه
ليس لك الحق في ذلك لتستغلني بهذه الطريقة البشعة والتي تكاد تودي بي إلى الهاوية
أصدرت صيحة كتمتها بصدري
وانا اقف قبالة الباب في محاولة لإستعادة انفاسي , ابعاد موجة الرعب عن نفسي , التخلص من ارتجاف جسدي
ياليتني تخليت عن كل شيء , ولم أتبع خطوات عامر النجسة
ياليتني لم التقي به , ولم أعرفه !
انفتح الباب بغتة وأنا في سطوت أفكاري الغارقة في هذيانها وصمت عزلتي الكئيبة
دخل الغرفة بجسده الضخم لاطما حديد الباب ورائهُ واضعا أصابعه مانعا انغلاقهُ
حدق بي من وراء وجهه اصطبغ بحمرة الفزع
قال بسرعة خطفت انفاسي : " ما الذي حدث , هل اكتشفوك , لِمَ لم تكوني حذرة أكثر "
داهمني غثيان تواجده , وارتجف جسدي متذمرا من كلماته ..نافثا غبار غضبه , قوست شفتي كاتمة فوج صيحات البكاء الجاثية على صدري , وقلت بحنق وأنا ابعد انظاري عنه محدقة بطرفي الايمن :" لم يحدث شيء "
احتد صوتي ببكاء تأرجح في جنباته : " لم يكتشفني أحد "
توتر وجهه المحدق بي ليقول بعصيبة التهمت صوته : " ألا تستطيعين تفقد ماحولك أولا قبل الانصياع
لأوامري , ماذا لو كشفتي ! أترغبين الأنزلاق في المصائب , يجب عليك اختيار الوقت المناسب إلى جانب استخدام عقلك قبل كل شيء , لو كنتِ اخطأت خطأً واحدا لضاعت خطتنا وباتت هباءً منثوراً "
صرَّتُ على أسناني صرا
بحقد تغلغل في أعماق نفسي المتهورة
كرهت كلماته التي تهوي على قلبي كالجمر المتقد
رفعت وجهي بمرض وجوده أمامي
" سافل ! "
صحت بها بصوت حاد شق حنجرتي , وأنا ألهث مخرجة أنفاسي الثائرة , الغاضبة
غبي , أحمق , كلمات غبية ينفثها على وجهي
كم أود الآن قتله والتخلص منه , أبادته من هذه الحياة وتخليص البشرية منه
فانا لست قادرة على كتم سخط غضبي عليه, انه يكاد يوصلني إلى حافة الجنون !
تعلق حاجباه على جبينه من هول ماقلته حنجرتي وتوهج وجهه بحمرة الغضب والاندهاش
ابتعدت عنه بخطوات سريعة هاربة من بركان غضبه الذي اندلع في عينيه
اضاق عينيه ملتهما المسافة الفاصلة بيننا قافزا بخطواته على البلاط الابيض
واقفا ببضع خطوات مني بوجه تشرب غضبه
تعثرت خطواتي , بانفاس غصت في صدري ووجه توشح بالخوف
حدق بي بوجه غاصت تقاسيمه في هدوء
طافت في عينيه نظرات لم أفهم لها مضمونً
إنما ارعشتني وصلبت اعصاب جسدي
وجعلتني اخفض بصري عنه كارهة رؤية وجهه الذي بات كالكابوس بالنسبة إلي
ابتعد بخطواته إلى أن وصل بجانب الباب وتوقف بذراعين أسرتا صدره , قائلا :
" ابلعي لسانك , واحترامي تواجدي وإلا لقيتي ما لا يسرك "
*******
رؤيته يتحدث إلي من تحت أنفه بأزدراء , وكأنني مجرد عبدة له ,جعلني اثور غضبا
ممسكة بقبضتي في محاولة لكتم جنون عقلي بقتله الآن !
فما قتله الآن إلا هي غايتي المستميتة للتخلص من كل شيء يحصل لي
كعادته الجامدة وجحد قلبه الأسود
عاملني كأداة لا تساوي ثمن وهو يأخذ مني كل ما جلبته ببرود تغلفت به مشاعره
بالإضافة إلى تعنيفه لي من أجل أنني لم اجلب له كل شيء
وأنه لا يعلم متى سيكون عقلي معي , ومتى سأنصت إلى تعليماته واطبقها بحذافيرها وأترك الشتائم
جعلني أستمع لثرثرته البغضية وانا في الج غصبي
اللعنة عليه من فظ
ضربتُ اسناني ببعضها بقوة كادت تكسر فكيّ
وأنا أكتم رغبة في ضربه على ظهره المقابل لي الآن
أمل اضربيه فما هو إلا حثالة , لقنيه درسا لن ينساه مدى العمر
اقضميه باسنانك , حطميه كما هو يحطمك الآن !
اخرجت آهات تتلوها أخرى ..
كيف لي أن افعل هذا فالوضع سيزداد تعقيداً
التفت إلي عاقدا لحاجبيه الطويلين وعينيه الجميلتين تحدقان بي باستهجان !
تبا لي.. ماذا !
جميلتين أعقلي الآن في وعيه أم انه أصيب بهلوساته المعهودة
جاءتني رغبة مجنونة بوضع أصابعي في عينيه والتخلص منهما !
اسكت تلك الرغبة وأنا أشعر بالتوتر من نظراته المخترقة لحدقتيّ
زم شفتيه وهو ينطلق إلى مكتبه بجسد تغطى بزي الاطباء
غرق هاجسي المجنون بضربه في غياهب الظلام , واحاطت بروحي الوحشة واندبت فيها ندوب الواقع
المرير , من أين لي بالقدرة على الانتقام منه !
فهو قد سحبني إلى هاوية قد علق فيها حبل اعدامي
جلس وراء مكتبه يعبث بما اعطيته إياهُ
يعقد حاجبيه تارة وتتهلَّل اساريره تارة اخرى وكأنه يستمتع بإنجازات أوساخ يديّ
كنت في ألج غرقي في احلام يقظتي الخرقاء والغبية
كان عقلي قد سهى في دوامة من الحزن يتصارع مع ضميري المؤنب لي
كنت اخوض معركة دموية في داخلي المتهدج بأوجاع فؤادي
جاءني صوته بغتة .. واخرجني من جحري المختبئة به
قال لي بصوته المزلزل لكياني : " ألا يمكنكِ الجلوس للحظة ! "
فتحت فاهي لأصدر بغباء : " هــا " خرجت مني بصوتٍ عالي اخرق
غصت انفاسي في صدري مانعة الهواء من العبور مسببة لي ألما كشرقة بالماء
ابتلعتُ انفاسي بوجع وانا دنو منه محدقة بوجهه المتجمد الساطع عليه نور شاشة حاسوبه
تهاويتُ على المقعد ألملم شتات نفسي المبعثرة
احبس فوضى مشاعري بين اضلعي
ترك حاسوبه وهو يمط شفتيه مادا يده نحو الاوراق منقبا عن غايته
وضع الأوراق من يديه وبصره يتصاعد نحوي
تفرّسني بنظراته وأوقعني في حقبة من التوتر والقلق
تشبثت أناملي ببعضها مانعة جسدي من الارتجاف
شتّتُ نظراتي حولي , لأنني لا اريدها أن تقع عليه وترسلني إلى عالم يمرض فيه قلبي
اخذ انفاسه بصوتٍ مسموع وهو يحك ذقنه
حدقت عينيه في عيناي المتوترتين بغموض لف خيوطه عليه, قال : " الآن أريدك في مهمة أكبر من التلصص "
رصصت على اسناني بحقد تشربته نفسي وحقن هو مصلهُ السام في وريدي
بفظاظة حرك شفتيه لتطفو الكلمات عليها : " اريدك أن تتقربي منه أكثر , معرفة مايفكر فيه بعد ما اصبح بروفيسور مغرور ! "
طفح الكيل عند أخر عبارة تفوه بها هذا المعتوه, وأشتد غيظي عليه
وثبت من مقعدي صارخة, راعدة عليه : " ثمن عباراتك وأحترمه لأنه عمي "
اكفهر وجهه , ونظر إليّ باستحقار
وبشفاه صلبة اشتدت بقسوة قال : " أولا انت من يجب عليه أن يختار ألفاظه "
صاح عليَّ بصوته الناخر لطبلة أذني , بغضب افحم وجهه ذو البشرة المائلة إلى البياض
ارتعب جسدي وأنا أنصت إلى عباراته القاسية : " أنني لا أريد سماع صوتك ولا شتائمك التي اصمت عنها كثيراً , ولا تصرخي عليّ فلست أحد اطفالك , فأنا أقول ما ارغب به اتفهمين !! "
تقوست شفتاي واضقت عيناي الدامعتين بغضب
صحت عليه, وأنا أقاوم حشرجة بكاء حنجرتي :" ألا هذا فأنا لن اصمت عن شتمك لعمي ,فأنه يكفي مايحصل الآن "
لم يتردد لساني من طرح تعاسته الغاصة في صدري : " يكفي استغلالك البغيض لي , فأنا بت لا احتمل ذلك , تبا لك , فلتذهب إلى الجحيم "
انخرط في بكاء لم استوعبه
فدموعي صنعة غشائها على عيناي قبل ان تتساقط على خداي بلا توقف
تسابقت اصابعي إلى خداي, لعلها تكفكف دموعي المتساقطة
لم استطيع ألا اصدار عدت شهقات وانا ابكي , تبا , كيف لي ان ابكي امامه هكذا !
فأنا لست بالهشة والضعيفة , ادرتُ جسدي المنغمس في ارتجافه
وحثثت الخطى بإتجاه الباب مسرعة إلى الخارج
خرجت ضاربة الباب بكل قوتي محيطة جسدي بذراعيّ
رافعة رأسي إلى الأعلى لعلي اكف عن بكائي الأحمق , لماذا أبكي , لِمَ بكيتُ , لِمَ بكيتُ أمامه!


نهاية المعانقة الثانية عشر


قراءة ممتعة ونلتقي يوم الجمعة بإذن الله

الساحره الصغيره 28-11-12 09:57 PM

رد: أرواح متعانقة
 
لولولولولولوولوللولولوللوي مبروك الفصل:lol::lol: << واخيرا كفاره يا راجل هههههههه <<

بجد سلوبك ماش اء الله عليه << اللي يشوفه ميصدقش انك عضوه في الساحرات الطيبات ههههه <<

بجد فصل روعة وهبلني بقيت بقرا كل مشهد مرتين عشان افهم <<< والحمد لله فهمت :lol::dancingmonkeyff8:

حسناء انا مش فاهمه يعني جدتها بتكرهها بجد ولا ده مجرد شعور << وبعدين انا اصلا محبتش جدتها دي
واضربت ضرب مخدهوش حرامي في مولد ههههههههه

امل ... يعني عامر عايزها تسرق عمها <<< بالرغم ان عامر طلع <***** < الا ان مش قادره اكره
ولما بكت قدامه انا كمان زعلتلها سلف هههه كله ولا انها تعيط قدام عامر << مش اسلوب شغل ده ههههه <<

ما شاء الله يا اسوم بجد اللغه بتعتك حلوه جداااااااااا
في انتظارك يوم الجمعة مع اني اشك ان هقدر ادخل <<< بس لو قدرت اكيد هقراه

سميتكم غلآي 30-11-12 05:16 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الساحره الصغيره (المشاركة 3223476)
لولولولولولوولوللولولوللوي مبروك الفصل:lol::lol: << واخيرا كفاره يا راجل هههههههه <<

بجد سلوبك ماش اء الله عليه << اللي يشوفه ميصدقش انك عضوه في الساحرات الطيبات ههههه <<

بجد فصل روعة وهبلني بقيت بقرا كل مشهد مرتين عشان افهم <<< والحمد لله فهمت :lol::dancingmonkeyff8:

حسناء انا مش فاهمه يعني جدتها بتكرهها بجد ولا ده مجرد شعور << وبعدين انا اصلا محبتش جدتها دي
واضربت ضرب مخدهوش حرامي في مولد ههههههههه

امل ... يعني عامر عايزها تسرق عمها <<< بالرغم ان عامر طلع <***** < الا ان مش قادره اكره
ولما بكت قدامه انا كمان زعلتلها سلف هههه كله ولا انها تعيط قدام عامر << مش اسلوب شغل ده ههههه <<

ما شاء الله يا اسوم بجد اللغه بتعتك حلوه جداااااااااا
في انتظارك يوم الجمعة مع اني اشك ان هقدر ادخل <<< بس لو قدرت اكيد هقراه


مساء الخير
أهلا وسهلا يا سحوره
شكرا شكرا ... لآنني من فريق الساحرات الطيبات فانا هكذا هههه
كلماتكِ جدا اسعدتني يا صديقتي فالشكر لك
أولا بخصوص حسناء
الجدة لا تمد لها بصله وليست جدتها إنما هي جدة مروان جدته من الأب وحسناء هي ابنة خال مروان " كثير من العائلات قد تحتوي هذي الاندماج والعيش مع بعضهم في أوقات كثيره
هههههههههه عامر وامل بعدها مغامرة
شكرا حبيتي على الأطراء
أتمنى اشوفج متواجده واشوف تعليقاتج الحلوه
شكرا على تواجدك فأنا سعيده جدا به

سميتكم غلآي 30-11-12 05:39 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة الثالثة عشر

لطمتُ الحاسوب المحمول بيدي لأغلق جزءه العلوي بقسوة
سيطرة موجة من الغضب عليّ
فوضعتُ كفي اليمنى على جبيني أغرس أناملي فيها , سحقا ! ما الذي يحصل لي !
ليس هذا ماخططتُ له
مَالَ تلك المشاعر تنتاتبني في كل مرة أراها فيها
وتجعلني انفس عن غضبي عليها
وأحاول استغلالها , بجبروت وإجبارها على الانصياع لي بأي وسيلة كانت
مع أنني فاقمة المشكلة بمبالغة مني
من أجل أن أجعلها تستفيق من غبائها , وإهدارها لحياتها
أن أجعلها ترى الأمور على حقيقتها , وتبذل جهدها لتحقيق حياة أفضل لها
بدل إستهتارها في مهنتها
عندما التَمَستُ منها الخوف , خطر لي أن أستغلها بعد معرفتي القصيرة بأنها ابنة أخ راشد
بعد رؤيتي لهم في مركز الشرطة , الذي ذهبت إليه مع مروان لمعرفة مجريات ما يحدث لجدته هناك !
لقد دهشت لرؤيتها هناك , وقد تبين لاحقاً .. أنها قضية حادث سير حدثت لها
إكتشافي لحقيقة علاقتها براشد زاد من بغضي له , وغضبي عليها
فما إستغلالها الآن... إلا لتحطيم راشد ومن معه
بكائها الآن... جعل جسدي يقشعر بالإضافة إلى حمى تواجدها تعاودني ثانية
حمى تلتهمني
فما تأثيرها عليّ في الآونة الأخيرة , إلا لإحساس الذنب المنطوي في أعماق نفسي البشرية
ولكن كيف لي أن لا استغلها... فأقربائها من حطموني واستغلوني بوسيلة قذرة
سرقة كل شيء مني
والإستهزاء بتعب أيام قضيتها معتكفاً لأصل إلى مبتغاي بجهد استنزفت معهُ طاقتي
فمنذ سنة مضت... تم إختيار راشد فيها بروفيسور بدلا مني
تبا لهم !
فأنا من يستحقه بجدارة أكثر من ذلك الحشره الغّبي
الذي لم يتعب نفسه في إختراع مضمون يوصله إلى أعلى المراتب
لم يقم بالدراسة في ليالي طويلة, فهو ليس بالعبقري فقد كان بصعوبة ينجح في أيام الدراسة
فبفضل أخيه استطاع أن يصبح بروفيسور ... وهو ليس جدير بذلك!
بعد أن سرقت بحثه واطلعتُ عليه كان مهترئ المحتوى , ولا يناقش مضمونً جيدا
اشتدّ غيْظي للأنتقام منهم , والتقلب على نجاسة افعالهم
وقمت بنشر بحثيّ في المجلة الأسبوعية الخاصة بالمستشفى
ولكن ذلك لم يجدي نفعاً
فإنتقامي منهم بجعل الكل يرى بحثي وجهدي, لم يردعهم من وضع راشد في القائمة الرئيسية ومحاولة سحقي من قبل البروفيسور خالد بعد اكتشاف مافعلتهُ ..
انتهى عملي عند الثامنة مساءً .... خرجت حينها راغبا في استنشاق بعض الهواء النقي
فضيق صدري قد زاد اضعافا
أشعر بالإرهاق بعد هذا اليوم الحافل بعمليات تتوالى عليّ بشكل متواصل
بخطوات تضرب بلاط من الأحجار مشيت خارجا من المشفى
دَسَسْتُ يديّ في جيوب جاكيتي الجلدي.. ناشدا إغاثته لي و حمايتي من لسعةِ برودة شهر شباط
تسللت أَضَواء مصابيح الشوارع .. لتعكس خطوات خيال أجساد المارة في ظلال الليل
المباني تعوم بصخبها الليلي بأضواء تراقصت على أوجهها
توقفت قدماي على بعد خطوات من جسد طويل القامة , نحيل , يحيط بوجهه حجاب تلون بالسواد
ويكشف عن نصف وجهه أعرفه جيداً .. أنها " أمــل "
أعين تغطت بأهداب كثيفة , ووجه حمل لون مميز لامع
نمت على ثغرها ابتسامة صغيرة اظهرت غمّارةٍ زينت خدها
تقوست شفتيها إلى الاسفل , وهي تطرق برأسها هاربة من النظر إلى واجهة المحل
مسحت أناملها النحيلة دمعة خانتة انسلت من عينيها
وهي تدير ظهرها وتتحرك بخطواتٍ عكست مدى تعبها
حبست أنفاسي للّوحتها التي تلاشت عن مرأى عينيّ
تجرد عالمي من أحاسيسه.. لمنظرها الذي حرّك مشاعري
تاهت روحي في جسدي ... وأنا أمشي وراء شبح جسدها المنهمك بـأفكاره
ضاقت عيناي بذنب اختزنتها نفسي ... وأنا افكر بها , كم بكت اليوم !
أظن أنها بكت الكثير ! بسببي أنا !
بين وشاح الضباب , وظلام الليل تبعتها بالخفاء
انصت لضوضاء صمتها , لأحاديثها المتقطعة والغير مفهومة وهي تمشي
اراقب حركات رأسها الذي يرتفع في كل مرة إلى الأعلى .. لأرفعه أنا الأخر
أنظر إلى ما تنظر إليه.. فلا أرَ غير زخارف النجوم المنقوشة على سماء اجتاحها ظلام الليل
وفي آن اخر أرَ رؤوس المباني العالية
ارتخت عضلات صدري المشدودة , ورحل عني التوتر الجاثم على صدري
مد الدفء حرارته في جسدي
ونبتت ابتسامة واهنة على شفتيّ , وعيناي ترقبان ذلك الجسد الذي انزوى واختفى إلى داخل المبنى
اتسعت عيناي عند أختفاء طيفها من أمامي , بأفكار طفت في دماغي
ما الذي أفعله !
كيف لي أن ألاحق الفتاة إلى هنا ! كيف لي أن أتجرد من الأدب !
لأتبعها إلى هنا ! ألاحقها كالمراهق الأبله , الأحمق , وكأنني من هذا الصنف القذر !
صحيح أنني أستغلها بطريقة مستفزة من أجل تحقيق ما اصبو إليه
للإنتقام من أقرابها الذي يحاولون زحزحتي , ولكن أن افعل هذا !
ان انزع رداء مبادئي وأخلاقيّ , أن أحاول إيذاءها بأي طّريقة كانت
فأنا لم افكر بذلك ... ولا أسعى إليها
ولكنني أشعر أنني قد بدأت في الانحدار إلى هاوية طموحي للرقي لأعلى المناصب واثبات نفسي بكل قوة
ومعاملتها على نحو قاسي جدا يوصلها لحد البكاء , ايقظت مشاعري ... بكائها جعلني ....!
وكأنني تلقيت صفعة ألهبت وجهي , ونفضت جسدِي
لا يمكن أن يحدث هذا ... أنهُ جنون !
كيف لي أن أفكر في امرأة
امرأة تقودها مشاعرها , تفكر بنفسها وتتخلَّى بكل سهولة عن من يحتاجونها
ولا تتقاعس عن رمي أطفالها والتخلي عنهم في أرذل الظروف وأسخفها
كيف لي أن أدخل واحدة إلى حياتي, فجحيم من تسمى التي انجبتي يكفي
يكفي وجودها الكريهه في حياتي , يكفي رميها لي وأنا في أشد حاجتي إليها
لتجعلني أعيش تشرد يراودني ككوابيس إلى الآن!
فأنا لن أدخل بما يسمى بالمرأة إلى حياتي
فحياتي لن تهدر بالتفكير فيها حتى
تخدر جسدي... وأنا أمشي بقدمين تلطمان بساط الأرض بشدة
أختفى كل ما كنت أشعر به منذ دقائق
فذلك الشعور المخادع الذي يحاول ربطي بأنواله الشائكة قد تلاشى الآن تماما
بإنهاك رميت جسدي في زاوية اقحمت بالسواد واستنشقت الغبار
رميت رأسي بين يديّ بغضب تفجر بصدري , يالِ من غبي , أحمق لكي تلعب مشاعري بي !
فما هي إلا استغلال مؤقت وارميه بعد ذلك بلا ضرر قد يقع عليه , بلا جرف يهْوي بي إلى قاعه
لأنها امرأة من نصف أكرههُ ولا تجذبني بشكالتها المستهترة , والمتهورة , وكأنها كتلة من الحمق
ضربت ظهري على الجدار... وأنا أرفع بصري إلى الأمام أحدق بالمارة
تجهم وجهي لرؤية امرأة شابة تقود طفلها معانقة اصابعه بأصابعها كان الصبي الصغير يبتسم وباليد الأخرى يحمل الحلوى بها, قائلاً : " ماما أريد هذا , أشتريه لي ! "
اخفضت بصري أحدق بالحجارة الرمادية المصفوفة والمتراصة تحتي
تبا !
لِمَ هذا الموقف يتجسدُ الآن امامي!
ويعيد شريط جحيم حياتي البائسة !
اغمضت عيناي ... مرت ذكرى تسكنها الكآبة ومزقت بها رزمة أيام تكنزت أوجاع ماضي مضى بحقبة سنين انحدرة لتكسر حاضر رسم آمال زائفة ..
كنت في العاشرة من عمري , أجلس على أرضية تغطت بأحجار حُفر غطائها بالندوب وزخرفتها التشققات
كنت مدثرا بمُلاَءَةُ نقشت بالأوساخ البنية
لقد كنا نعاني شظف العيش , نعيش في بيت يكاد سقفه ينهار على رؤوسنا
فكم كنت أنام بالعراء في ليالي شتوية قارصة
بجسد يرتعش من برودة طقس غشىَ ليله فحيح هواء لا يرحم
عويلهما و صراعهما لم يكن يكف عن ضجيجه ابداً
أبي يبرح جسد أمي بالضرب , وهو سكير ويرميها بكلمات قبيحة المعنى
ضمت ذراعيّ جسدي النحيل بكتاب احتضنه حجري بلهيب شمعة تراقصة راسمة ظِلَالها على جسدي
رسمتُ هلالاً عليها بكفي لعلي أحميها من الإنطفاء
ومن تساقط حبات الندى عليها
حاولت قرأت كتابي المدرسي بوضع سدادة من القماش بداخل أذنيّ
ولكن ذلك لم يجدي نفعاً , فصخب أصواتهم أقوى مما تحتملهُ هذه الخيوط
فجأه ... هب حفيف هواء بارد وأطفاء نار الشمعة
انكمشت ملامحي برعب لاح به وجهي
لرؤيتهما يخرجان معا في صراع عنيف
ضربت قدماي الأرض والهواء معاً وأنا أحاول ابعاد جسدي والإختفاء عن مرائهم
اصطدم جسدي بالحائط الخشبي والتصقت به , بذعر اعتلته روحي
ضربت يديّ أمي صدر أبي وهي تصرخ بشدة عليه , وتشتمه , وتندبُ حظها الذي رماها عليه
فحياتها كانت جميلة قبل زواجها منه وانجابي , فما نحن إلا ظلمة قبر كفنتها الأيام في صدري سنين حياتها المراقة بسببنا, فشبابها قد ضاع هباءً معنا
صرخت عليه بصوت شق سكون الليل : " تبا لك.. فما أنت إلا أرذل خلق الله, لا تعرف عن الحياة الا
الخمر , أتمنى أن يعجل الله بموتك ونرتاح منك , يارب انتقم منه , وخلصنا منه "
قالتها وهي ترفع كفيها متضرعة إلى السماء
جاءتها لطمة قوية من جانب أبي ليسقطها طريحة على الأرض تنتحب بشدة.. تبكي دموع من دم
تقدم بإتجاهي فرميتُ الكتاب من بين يديّ
وأنا أحدق به بأعين طبعت الرعب
شددتُ ذراعيّ حول جسدي في محاولة لحماية نفسي من وسوم سياط ضربه المبرح
وهو في سبات سكره ركلني إلى أن انفتكت جُروح جسدي القديمة
ضربني حتى أدمى جسدي , وطلاءهُ بالكدمات
صحت متوسلاً.. ببكاء قطع حنجرتي بيدين تلتصقان ببعضهما وتطلبان الرحمة تترجيان
روح قد زرع الشيطان بذوره فيها , وقلب قد نزعت الرحمة منه
يشتمني بجسد لا يعي أين موطنهُ
بصق علي.. وهو يمشي مترنحاً بمشيته , راحلا إلى الخارج
رفعت أمي جسدها المنَّكْوب , والمنطوي على الأرض بضجيج نحيبها
صاحت لاعنة حياتها العقيمة , والبائسة معه
حدقت بها من بين دموع أغرقت وجهي
ضربت جسدها وهي تغرز اظافرها في شعرها المتقصف الطويل
وتتقدم نحوي صارخة بي : " إلى ما تنظر , و ماذا تفعل ! سحقا لك ولوالدك "
انطلقت نحوي تجر خطواتها لتنكب على جسدي صافعة إياهُ
ممُسْكة بي من ملابسي الوسخة , والممزقة تشتمني , وتلعنني
وهي تبكي باِلْتِصاق الغبار على وجهها الأبيض الشاب, الجميل
رمتني على الأرض وهي تمسك الكتاب الذي احتضنته أصابعي منذ ثواني
وتقوم بتمزيقه بغضب رامية اوراقه على الأرض
امتصت عيناي دموعها بوجع , وأنا أحملق بكتابي الممزق الممري على الأحجار المختلطة بالمياه والأتربة , اثنيتُ جذعي منكبا على ركبتاي متحركا بسرعة نحو كتابي مجمَّعا لأوراقه
تدفقت الدموع من عينيّ , وأنا أبكي صائحاً : " أمي لِمَ مزقته , لِمَ فعلتِ ذلك , سيضربني الأستاذ ! "
لم تأبه بي إنما صرخت عليّ
اندسستُ في زاوية معتمة بالظلام , محتضناً اوراقي باكيا بصوت مخنوق
منذُ أن ولدت.. لم أكن احظي باهتمامها !
لم أكن إلا مصدر بؤس وازعاج لها, فهي كانت تتمنى عدم وجودي!
تتمنى إختفائي من هذا العالم , وكم وَدِدْتُ أنا ذلك !
طردت ذكراها المأرقة عن ملامح روحي التي استحضرت ذكرى انطوت خلف ستار النسيان
سحبت جسدي لأقف منتصب القامة
بقسوة كست تقاسيم وجهي , ضربةُ الجدار القاطن أمامي لمرة , وعشر
في محاولة لتنفيس غضب اخترنه جسدي في جعبته
مسحت تكتلات العرق المتصبب من جبيني , وأنا أمشي عائدا إلى المشفى
تمزقت انسجتهُ ونزفت بالدماء لتلتحف أصابعه باللون الأحمر
مشى بخطواتٍ نطقتَ الحقد المشبع بالرثاء
تساقطت قطرات الدم لترسم لونها على طريق حوى بصمات ماضي تركهُ ورائه
***


اضطجعتُ على سريري , معانقة ملأءته الملتفة حول جسدي
قاضمة قماشه بعقل تاهّ في دهاليْزه
أنه اليوم الثالث من بعد التقإي بذياب
اقضي وقتي متدثرة بملاءتي
أفكر وأفكر بلا توقف
فلقد جفت دموعي من كثرة البكاء , وأرهق عقلي من التفكير
ما الذي يجب علي فعلهُ !
لِمَ طيفه يسيطر عليْ , ويأتني في أحلامي
لِمَ أشعر بإن عقلي يخوض حربا طاحنة مع نفسي
يا روحي انْتَشِلني من غياهب أفكاري المرهقة !
فأنا متعبة جدا , بجانب اني بت تائهة في عالم لا أعرف أين أقع فيه
أين مكاني أنا !
هل هو عند أمل , وهل من الممكن أن اقضيه معها
بطبع , لا !
كيف لي أن أفعل ذلك... فـ أمل في يوما ما ستستقل ..
وستتزوج .. وستعيش حياتها فما أنا إلا معكر لها ان بقيت لديها
تقوست شفتي في محاولة لمنع إنسكاب دموعي أكثر
النوم هو ملاذي الوحيد للتخلص من كل هذه الفوضى التي تعتمل حياتي
لنسيان حاضر يحيك خيوطه الشائكة عليّ
استيقظت على صوت أمل المنخفض , لأفتح عيناي على اتساعهما
ابتسمت أمل وهي ترسم وجها قلقاً, خجلاً , قائلة : " أسفه لإيقاظك هكذا , ولكن هيا استيقظي لأنني قمت بإعداد عشاء لذيذ واريدك أن تأكلي منه "
رفعت جسدي مستندة على كفاي
أحدق بها من وراء وجه استعاد حاضرهُ , وانتهى من عالم أحلامه, وطوى صفحة كان يغرق في محيطها
هززت رأسي بالرفض , فأنا لا ارغب في أكل آي شي
أريد النوم فقط , أريد النوم إلى أن ينتهي كل شيء !
واستيقظ بعدها ليكون كل ما حدث مجرد كابوس لا حقيقة له !
ابتسم الواقع لي .. هادما لاذات أحلامي البائسة , المستحيلة
جرتني أمل من ذراعي مجبرة إيايّ على النهوض من عشي
مشيتُ متخبطة بخطواتي إلى أن وصلت إلى المطبخ
لتجلسني على المقعد.. وأمامي على الطاولة " صحن باستا بالكريمه " حاولتُ الأكل فطعمها لذيذ ..
ولكن شهيتي كانت معدومة , ومعدتي تطالبني بالتوقف عن الالتهام
أكلتُ ملعقتين مجبرة نفسي على الأكل من أجل أمل
كيف لا آراعيها وهي من تحاول إخارجي بأية وسيلة كانت , من وكر تعاستي السحيقة , والمظلمة
مر الوقت .. وأمل تحاول الحديث معي إلى أن تأقلمت قليلا مع طباعها المرحة
كانت الساعة تشير للتاسعة مساءً عندما جاء لأمل إتصال
ووقفت تتحدث وهي تمشي بعيدا عني
عدتُ إلى كآبتي الخرساء , عدت إلى هواجسي المتوجعة
وكأنني مرمية على قارعة طريق, وقد هجرتني الحياة , لتحيط بي هالة من السوداويه بجسد تذروه الرياح
فروحي تتألم عند اختلائها بنفسها فأمل منذ دقائق قد انستني بدعابتها شيء من الحقيقة
فكم أتوق لنسيان يطمر حقيقة الحاضر ليعود بي إلى ماضي تقبر فيه الحقائق بلا نبش يوقظها
رفعتُ رأسي عند سماع همس أمل المُنادى لي
حدقت بها بدموع غلفت غشاء عيناي
لتتحرك شفتاي بهمس : " نعم "
أقتربت مني ووجهها يغوص في القلق
حاولتُ رسم ابتسامة ناقضت حقيقة توترها لتزفر هواءً حبستهُ رئتيها
لتقول بشفاه احتوت قلقاً : " الرجل "
أغمضت عينيها .. وهي تضيف بسرعة : " أقصد ذياب ... أنــ أنهُ يريد رؤيتك الآن , أنه في الخارج مع عمي راشد "
اتسعت أجفاني دهشة... ليتلوها خفقان ضج به صدري
ذياب... يريد رؤيتي الآن !
وقفت من على المقعد لينطرح على الأرض مصدرا ضجيجا صاخباً
ارتعشت أوصالي.. لتدّفق الدموع من عينيّ
وأنا أهمس , وقد تجرد صوتي من الحياه : " ما الذي يريده ! "
حرّكت أمل كتِفيْها بعدم معرفة
قوست شفتاي متألمة , فكيف لي أن أراهُ الآن ! من المستحيل أن أفعل ذلك !
لهُو صعب على نفسي الهائجة في أمراضها النفسية
قد انهار إذا رأيته لمرة أخرى
واسحق نفسي أمامه أكثر لضعف تحملي لحقيقته
فالقوة التي احتوتها نفسي من قبل قد شيعتها جنازة أسقام الواقع المرير
نطقت شفتاي المرتجفتين بــ : " لا "
وانا أشيح بوجهي عنها و احثى الخطى نحو الغرفة
صارخة من بين دموعي بصوت غمره البكاء : " لا أرغب برؤيته أخبريه بذلك , أخبريه أن لا يأتي لمرة أخر ليراني , أخبريه انني لا اعرفه , أخبريه أنني أكــــــــــــرهه , أخبريه أنني مت "
اِنْخَرَطْتُ في البكاء ..وأنا أركض إلى غرفة أمل لاطمة الباب ورائي
مشيتُ وأنا اتخبط بخطواتي , بدموع أغرقت وجهي واختنقت بها أنفاسي
هويتُ في منتصف الغرفة على الأرض الصلبة , انتحَبَ ورأسي يضرب البلاط البارد من تحتي
وقبضتيّ تضربانها بشدة , لِمَ يحدث معي هذا !
أنني متعبة , أني أكاد أصل إلى حافة الجنون !
كم أتمنى الموت ! لماذا يريد رؤيتي الآن !!! لِمَ لا أريد رؤيته !!
أشتدَّ ضربي لقبضتيّ وأنا أصرخ
جاءتني أمل راكضة وأنا في قمة انهياري النفسي والجسدي
أحتضنتيِ بقوة وهي تحاول تهدئتي , لم استطع ذلك !
إلا بعد أن ربتت بذراعيها على ظهري
وهي تعانقني متمتة بعبارات المواساة
وأنني بخير.. ويجب علي أن أهدأ , لأنها بجانبي , ولن تتخلى عني مهما حصل
فهي تحبني كثيرا
شعرت بالراحة , وصوتي يهتز بأنين خافت تخلل بين دموعي المنهمرة على كتفها
صمتت شهقاتي عن ضجيجها , وهدأت نفسي عن صخبها المتلعثم بعويل روحي
عناق أمل أراحني قليلاً , وجعلني أخرج مكنونات قلبي لها : " أمل ما الذي يجب عليّ فعله ! كيف لي أن أعود إليه بعد الذي فعله ! أمل أني تائهة ومتعبة وأكادُ أصابُ بالجنون! "
لم تكف عيناي عن ذرف دموعها , وأنا أتشبثُ بها أكثر
همست أمل في أذني برقّة رنة بالحنان : " لِمَ تشعرين بهذا , وما الذي فعلهُ لتكوني هكذا ! تَرفه ياحبيبتي أني بئرك , وصديقتكِ وساعطيك النصائح , سأبذل جهدي من اجلكِ ! "
تقوست شفتاي.. بأصابع غَرَستُها في ظهر أمل
لقد اكتفيتُ من الكتمان , وأكتفيت من كبت تعاسة حياتي
أرغب في إشراك أحد ما في أشباح أحزاني ليخفف عني
ليعانق روحي , وينصت إلى ضوضاء نفسي المبعثرة
فلقد بت أجزع من الوقوع في قعر تعاستي المؤديةٍ إلى الانتحار
صحت من بين دموع حملت الألم : " أنــه أنــ .. أنه من قتل أبي ! "
تصلبت أطراف أمل , وأنا دفنتُ رأسي في كتفها أكثر , ببكاء اشّدّة حدّتهُ
لم تنطق بحرف فهي بقيت ساكنة, متجمدة الأطراف لمدة دقائق طويلة
كيف لها أن تصدق الأمر.. فهو إلى الآن بالنسبة إلي غير قابل للتصديق !
ابتعدتُ عنها ... بقدمين اختبأَتا تحت جسدي
احتضنت كفاي بعضها , وأنا أحدق بأناملي المرتعشة التي تنقرها قطرات دموعي
رفعتُ بصري نحوها... لأرَ وجههَا المبهوت والمصعوق المحملق بي
ارتفعت كفها اليمنى لتحل على وجههَا , بشفاه انفتحت ناطقة بدهشة : " ماذا ! "
لطمت أصابعها خدها , وهي تضيف بهلع رسم غمائم الرعب على وجههَا : " ما الذي تقولينهُ ! ما هذا الجنون الذي تهذين به "
اتسعت عينيها بفزع احتلهما , وهي تضرب بكفيها على الأرض
قائلة بصوتٍ كساهُ الذهول : " تَرفه , كيف هذا ! لم أفهم ماتقولينه ! كيف يحصل هذا , يا إلهي ! "
طرحتُ غطاء الكتمان, وأسرار الأيام
ونبشت وحل سنين أثقلت كاهلي
أسررت لها بماضيّ من وراء تعاسة خبأتها ثنايا روحي المرتعشة
تجردتُ من مخبأي المتجمد بجفاء حياة ارهقت نفسي
انهمكت أسرد لها كل شيء
فـربتت أصابع الرثاء على أكتفّي مكفكفة مسرح أحزان نفسي , وقد أزاحت ثقل سنين كفنت ثنايا روحي الثكلى
الذهول غطى تقاسيم وجهها
تجرعت مياه ريقها لمرات عديدة , بخرس ألجم لسانها عن البنس
صمتت تستمع إلي من وراء وجه حمل الألم
و أمسكت أناملها أناملي لتعتصرها مخففة من أعصار إرتجافها
ارتعشت ابتسامتها .. وهي تحدق بي ببحيرة من الدموع طفت في عينيها الواسعتين
استعدت انفاسي المرتجفة
وانا أحاول كتم صيحة بكاء حُبست في صدري , وعامت اوجاعها على وجهي
طليتُ شفتاي بابتسامة كاذبة , عكست صورتها على حدقتيها اللامعة
ابتسامتي لم تكن بإبتسامة , إنما هي إرتعاشة شفاه
فمالِ بتُ لا ابتسم منذ رؤيتي لهُ
فلقد باتت الآن الابتسامة مجرد خيال أحلم به
حتى اني نسيتُ طعمها كيف يكون , فتواجده ايقظ سكون روحي , وازعج نوم ذكرياتي
حتى استيقظ من سباته المتدثر بظلمة القبر
****
مرت الأيام.... كغربة روحي التي نزعت عن جسدها رداء الحياة , بصد كل محاولاته المستميتة لرؤيتي
لن أذعن له !
فجروح قلبي لم تندمل ولن تندمل أبدا
بجانب أن أمل تقف بجانبي في صمتها المنعزل
لم تتفوه بشيء ... منذ أن اسررت لها بالحقيقة
فقط ماتقوم به هو تخفيف جروح قلبي النازفة
الطبطبة على ظهري , تحتضن جسدي , ترويني بحنانها
***
في صباح يوم شتوي خرجتُ من غرفة أمل برداء نومي الابيض
أخطو بخطواتي البطيئة نحو المطبخ , لأصنع لي كوباً من القهوة
جلستُ أحتسي قهوتي بهدوء ناقض صخب الصباح
طال التفكير , وسهى عقلي في دوامة أحزانه
ما الذي يجب عليّ فعله !
فهو لا يكف عن الإلحاح , ولا يتقاعس عن حضوره اليومي من أجل التحدث معي
ذياب !
لاتؤلم قلبي أكثر , أتوسل إليك ابتعد عني , وأرحل عن حياتي لتصبح هادئة فما تواجدك فيها إلا موجع
ويخلّف في نفسي ندوب يصعب شفائها
امتلأت عيناي بسحابة من الدموع , لتهطل قطراتها على وجنتي
رفعت أناملي المرتجفة , وكفكتُ دموعي ولملمت شظايا روحي
كفى ....يا دموعي !
ما لكِ تزهقين أمطارك ببذخ وترف
وتمرضين قلبي معك !
صاح عقلي عليّ :" هو لا يستحق ذلك, لا تنسي أنه قاتل والدك ! أنه مجرم ! وغد ! يجب أن لا يرق قلبك له "
تأوه قلبي : " لا , لا استطيع القسوة عليه.. انه من أعطاني الحنان واحتضنني, فسنين حياتي كانت جميلة معه !"
هززت رأسي في محاولة لطرد صارعي المتكرر العازف على أوتار روحي المنهكة باوجاعها
هب رأسي لزوبعة هرولت أمل الخارجة من غرفتها
وبيدها هاتفها النقال الذي يتأرجح بين أناملها النحيلة
وقفت أمامي وهي تلهث, وقالت بصياح ساخط : " سحقاً أنها الخامسة مساءً , كيف نمت إلى هذا الوقت "
صرخت عليّ وهي تقفز, فارتد وجهي إلى الخلف بخوف توشح به : سأقتل ! لا , بل سيبلعني عامر اليوم كحبة الدواء , سيحولني إلى فأر تجارب , لا ... بل سيقوم بصنع عجينة من لحمي "
أمسكت شعرها المجعد وهي لا تعي ماتفعل
تطوف حول نفسها كالمجنونة , تصرخ لاعنة غبائها ...
لحظه !
حدقتُ إلى ساعة الحائط بحاجبان تعلقان في جبيني, أنها العاشرة صباحاً
ما الذي تهذي به أمل !
وضعت أناملي على وجنتي , وقلت من بين شفاه داعبتها ابتسامة صغيرة غير واعية : " أمــل , أنها العاشره صباحا "
صرَّت مابين عينيها وهي تحدق بساعة الحائط
تجسد الذهول على وجهها ,وهي تحط بأناملها على شفتيها بشهقة صارخة : " تبــا "
نقلت بصرها إلى ساعة هاتفها النقال لتقول وقد غشِيَ صوتها القهر : " هاتفي اللعين "
تأوهت مضيفة : " لقد نسيت أن ساعته اصيبت بالخلل , وأنني لم أصلحها "
ضربت بقدميها الأرض, وهي تتقدم نحوي رامية بالهاتف على طاولة المطبخ المقابلة لها
مطت شفتيها .. وهي تجلس على المقعد المقابل لي فارشة ذراعيها على الطاولة
متثاوبة برأس هوى عليها
وهي تهمس بعباراتٍ مقتضبةٍ : " كادت تصيبني سكتة قلبية من الخوف , تبا له من هاتف فما رنينه في الوقت الغير مناسب قد أرق مضجعي وسلبني الراحة "
رفعت الهاتف المتكوم على وجهه بجانبها, وبشفاه حائره .. قالت : " أووه اتصال من راشد , ما الذي يريده مني في هذا الوقت "
عاودت الاتصال به مجددا وهي مسندة بذقنها على الطاولة
حركت شفتيها وهي ترد عليه : " السلام عليكم , بخير.. كيف حالك ؟ نعم ! "
فتحت شفتيها محدقة بي بعينين اخفيتا توتراً
رمت بنظراتها بعيدا عني , وهي تهم بالوقوف مدخلة اصابعها في شعرها
و تكمل حديثها على الهاتف : " نعم ... حسناً ... سأحاول ... ولكن لا أعدك بشيء ... نعم سأتصل .. حسنا .. إلى اللقاء "
وسوس قلبي بمضمون ماتحتويه هذه المكالمة , وحامت الشكوك حولي , ذياب , على الأكيد انه هو !
انكمشت ملامح وجهي , وقد رحل الهدوء عن نفسي بحرارة الدم الذي بدأ يطرق رأسي
أطرقت برأسي أحدق بسطح الطاولة امنع ضجيج نفسي المكروبة
جاءني همس أمل : " تَرفه "
رفعت رأسي بإتجاهها بوجهٍ تعاركة مشاعره به
حاولت اخفاء هشاشة مشاعري , وثوران أحاسيسي المهمومة
بللت أمل شفتيها بحزن ابتلعته عينيها
عضت شفتيها .. بكفين تقتربان مني لتمسكان أناملي المرتجفة المنطرحة على الطاولة
عانقة أناملها أناملي وهي تشد عليها , وقالت بإبتسامة حزينة : " ترفه أيمكنك سماعي ! "
اغمضت عيناي , وأنا أهز رأسي مشيرة إليها باكمال حديثها ..
أردفت أمل بصوتٍ متوتر شابته الجدية : " أنظري إلي "
فتحتُ عيناي الدامعتين محدقة بها , لتضيف هي : " لن أكذب عليك فلقد فكرتُ بالأمر طيلة الأيام التي
مضت , لم يرفّ لي جفن منذ ذلك اليوم , لم أكن بطبيعتي أبداً , فروحي قد اختزنت حزناً , صحيح أنه
بالنسبة لكِ ليس كما اشعر به أنا , فأنا لن أشعر بما تشعرينه أبداً , ولكن يا ترفه , انظري إلي .. وإسمعيني جيداً, كم سنة قضيتها معه , اظنك قلتِ أنها أكثر من 10 سنوات ؟ "

تقوست شفتاي لكلماتها , ولذكرى رسوم تلك الأيام الراحلة
التي غابت سطوتها عن حياتي , وباتت مغطاة بالضباب
كبحتُ تساقط دموعي , وأنا أنصت إليها
زادت ابتسامتها حزنا على حزن لتكمل : " ترفه ... هذه سنوات طويلة صحيح !
هو فيها احتضنك ,ودللك و لم يحرمك من شيء , فأنتِ قلتِ انه كان يعاملك كمعاملة الأب والاخ .
وكان كل شيء بالنسبة إليك
ولكنه أخفى عنك تلك الحقيقة.. ولكن عندما سقط غطائها.. توسل إليك لتسامحيه , لانه قتله بالخطأ
ودفاعاً عن النفس كما قال لك .. وكاد يقتل من أجل انقاذك , وعرض نفسه للخطر من أجلك أنتِ ! فهو
من حماك من العالم وأنتِ وحيدة يتيمة, هو من أخذك بسبب عقدة الذنب ليربيك ويكفر عن خطيئته ,
وضحى بالكثير من أجلك.. يا ترفه هذا تفسير كل ماقلتيه لي !
إلا يمكنكِ أن تسمعيه لهذه المرة فقط ..
ولكن أنا لا اقول لكِ أن تسامحيه , إنما لا تسامحيه فلأمر راجع إليكِ , ولكن أنظري لما يريده منك !
لمرة واحدة فقط استقبلي إلحاحه , أجعليه يتحدث إليكِ, أجعليه يطرح مافي جعبته وقد يكون ذلك لفائدة لكِ "
اطبق ستار الصمت علينا, وقد تعلقتا عيناي الممتصتين للدموع بعينين أمل
صحيح أنه قد فعل لي كل هذا.. ولكن أبي .... لا !
لا أستطيع ذلك , محادثته , ورؤيته قد يهشم جدار قوتي ..
انبثقت مني شهقة وقد انتهكتُ ستار الصمت...... وانتحبت
رفعت كفاي إلى وجهي أمنع انسكاب دمعاتي , ألملم تشتت قوتي المزعومة
همست أمل بترجي : " لا تبـكي تَرفه , ولكن فكري فيه "
هزمني قلبي
استعدتُ هوسي به
طفت مشاعري على عتبات قلبي وأنزلقت لتذكرني بلذة لقائه
بشوقي لرؤية وجهه , هاجت احاسيسي والتهفت للقياه
قرعت نبضات قلبي صدري , وأنا أقول لأمل: " حسنا قولي له أن يحضر "
انطفاء لهيب مشاعري , عندما أغلقت أمل الهاتف بعد مكالمة قصيرة
تهدج صدري بنبضات قلبي الخائفة من قراري المتسرع للقياه
أحل الجنون على عقلي... لأنسى ماحدث, لمجرد هوسِ قلبي به
انسلت التعاسة إلى روحي نازعة عني فرحتي, طامسة بها إلى قاعها الموحل
فعقلي لم يتوانى عن ازعاجي بحمق ارتكابي لجريمة التفكير للقياه
فأنا الغبية التي تنسى كل شي من اجل قلبها , فلقد تقلبت مشاعري على عقلي
من أجل رؤية ذياب فقط !
لم استطع مقاومة مشاعري الهائجة
ليست لدي المقدرة..
فلقد اشتقت إليه , فروحي عطشى لرؤيته تريد ان ترتوي من بحر عينيه
ارتعش جسدي رهبة ..
عند خروج أمل من الشقة منذ ثواني, ودخوله هو إليها بعد طرقا خفيفا على الباب
دخل بجسده الضخم
واغلق الباب ورائه رفعا رأسه نحوي
بشعر أسود لم يغطيه لحاف, ووجه لوحته أشعة الشمس , وذقن تناثرت عليه الشعيرات الخفيفة
حدق بي بحاجبان تعلقا في جبينه , وبعينين تلألأتا بالفرح المتموج فيهما
طفت ابتسامة دافئة على شفتيه الصلبة
إزدادت ابتسامته اتساعا , وقد طفح على وجهه الحنان الذي اطلق اشعاعاته نحو روحي
حثى خطواته بإتجاهي ببشاشة غطت ملامحه
هوى بصري يحدق بالأرض تحتي.. لقوة حضوره الذي زحزح قيود مشاعري
اختفت الإبتسامة التي اعتلت شفتاي منذ لحظات, ما الذي أفعله الآن !
أأشعر بالسعادة لرؤيته , كيف لي أن افعل ذلك !
رفعت بصري بقوة إليه , بدموع حبستها عيناي
قوة تسلّلت إلي ببرودة الصقيع المتجمد, لتذكري أنه قاتل أبي !
لإستعادتي شريط تلك الذكريات الموحشة والعابسة
تشربت تقاسيم وجهي الكرهه , وابتلعت الآلام
حدقت به بشفاه تقوست إلى الأسفل , فأنا لا استطيع الغفران له !
لا استطيع العودة إليه والعيش معه .. لا استطيع نسيان أنه قاتل أبي
منعت دموعي من الاستسلام لأوجاع قلبي المتضاربة بسببه , أني خائفة !
ولا استطيع الوثوق به ! لأنني جزعة من العاقبة !
مرتعبة من ما قد يحصل مستقبلاً !
تسربت إلى جسدي رجفة عنيفة ... لرؤيته وهو يحدق بي بحزن لمع في عينيه السوداوتين
التفت ذراعاي حول جسدي , وانغرست أظافري في زندي في محاولة لمنع أرتعاش جسدي وتدّفق دموعي
إرتجفت شفتاي , وأنا أقول بصوتٍ حمل الصارمة واهتز بموجة البكاء : " ما الذي تريده ! ولِمَ جئت ! "
قيدت عيناه عيناي السابحتا في صارعهما الهادم لجدار مشاعري
تأوهت مخفية بلْبلة مشاعري , وكأنه شعر بتخبطي في دوامة هواجسي المضطربة
فقال مغيرا دفة الموضوع : " صغيرتي, كيف حالك ؟ "
قالها بنبرة دافئة تموجت بالمشاعر المرهفة
أسكرتني , وافقدتني توازني , وترنحت معها مشاعري الملتهبة
استنشقتُ جزئيات الهواء بصعوبة , وأنا اهمس بسكون ألجم عقلي عن السيطرة على مشاعري المجنونة به : " بخير ! "
ابتسم برقة ارسلت الدفء إلى جسدي , واشبعتهُ بحرارة شوقه إليّ
ضغطت أصابعي أكثر حافرة لحمي , وأنا أحدق بوجهه المبتسم
تقدم مني أكثر ليجلس على الأريكة المقابلة لي
تراكضة نبضات قلبي بتوتر كسا جسدي المرتجف
وأنا اخفض بصري بكف عانقت اناملها بعضها
" ترفه "
نطق بأسمي بغتة .. فقفزتُ خائفة فاغرة الفاه , أحدق به
وأنا في الج هرج مشاعري المضطربة من جراء نداءه لي
قال بهدوء كهدوء الأجواء من حولنا : " أجلسي "
ارتفعت اصابعي نحو حجابي تعبث فيه بتوتر
تقدمت منه خطوة , ووقفت غير قادرة على الجلوس
متعبة من تدهور أنفاس صدري
توسلت عيناه لي , وأرسلت لهفتها إلي .. بأحتضاني , وتخفيف أحزاني
هجمة على وجهي تعابير متوجعة تاهت في أشجان قلبي
جلست مرتعشة متوترة , قلقة من تواجده
لاح وميض الألم في وجهه المحدق بي , ليقول بصوت حمل الوجع : " ترفه ... هل أنتِ بخير , كيف عشتي طيلة العام المنصرم , وما الذي فعله علي لكِ فلقد خفت عليك كثيرا , وأرهقت من البحث عنك حتى داهمني الخوف من حصول مكروهً لكِ "
زفر بعمق مخرجا بركان التعب المتربع على صدره
حاول رسم ابتسامة مطمئنة لي , ولكنها غرقت في بحرا من الأوجاع
جعلت دموعي تسبح في عينيّ , وتنذرني بالهطول
نطقتُ بشفتين عزفتا الألم : " بخير , لقد عشت حياة كريمة و... "
صمت متهتهة , فلقد بترت حنجرتيّ كلماتها , وابتلعتها
فرّتْ نظراتي بعيدا عنه, ورحلت إلى دهاليْز عقلي وارطمت بهواجسي وغمستني في بئرها الحزين
ذياب.... لِمَ تسأل !
فلقد عشتُ جحيما ادمنه عقلي , وعشقه جسدي
صراع ركل جسدي , وطعن قلبي
فقط لمجرد تصدقي انك قد مت.. ورحلت عني
فلقد باتت حياتي قاحلة من بعدك , ومن بعد معرفة حقيقتك !
فيا ليتك تعود ذياب الخالي من الأخطاء
ذياب الطيب , الحنون , الذي لم يؤذي احدا في حياته
إنما أفنى حياته من أجل راحتي , أخذني ليس لأنه قاتل أبي !
اجهشت روحي بعويلها الصامت
وانا امنع انفي من السيل وكشف ضعفي , ولكن دموعي سقطت عنوة !
وتوقفت عند سماعي لعباراته , لهمسه الجاد : " ترفه ... عودي إلي ... عودي للعيش معي فأنا لا استطيع ترككِ لوحدكِ أو العيش بدونكِ "
إِرتدى وجهي رداء الرفض , والصمت.. وضج صدري بخفقان قلبي المتواصل
لم انظر إليه إنما عبس وجهي بلوعة وحسرة , وأنا اقول : " لا ! "
شعرت بوقوفه المفاجئ , فرفعت بصري إليه ...
كان وجهه يشع بالتوتر , وهو يحدق بي بعينين حملاتا لوائح القلق والهم
قال لي بغتة , وقد ثقبت نظراته حدقتي وهي تقفز بقوة مفاجأة: " ترفــه .... تزوجيني "
فغرت فاهي , واتسعت أجفاني دهشة
وثبت من مقعدي محدقة به بهلع نخر رأسي , أخرسني ما قاله !
إنما كذبتُ أذنيّ , فصرخت : " ماااذاا !! " غير واعية به ليعيد كلماته عليّ لعلي اتوهم ما قاله
تموجت عينيه باللطف
وطبعت شفتيه شبح إبتسامة , ليقول بصوتٍ ثابت : " تزوجيني تـَرفه "
كاد يغشى عليّ ... من وقع كلماته على عقلي
فلست قادرة على استيعابها في هذه اللحظة !
يتزوجني ! يتزوجني أنا ! ذياب يعرض الزواج عليّ ! كيف يحدث هذا !
أهو جنون ... أو هي احدى هلوسات عقلي الفاقدة لحقيقة واقعها
التهمت الهواء بشهقة عبرت حويصلاتي الهوائية
وصحت بذهول ... وأنا اقفز إلى الوراء : " ما الذي تقوله ... لا يمكن ! "
اجتاحت الحرارة جسدي , وهاجت نبضات قلبي بعنفا في صدري
وانا استكين في مكاني , بعقل قد جن من تشتت أفكاره
أقترب مني خطوة .. بأصابع أرتفعت إليّ في محاولة لتهدئةِ صخب مشاعري
توقف للحظات.. وطرح يده بجانبه , ووجهه يغوص في إبتسامةِ شفتيه التي طوقتني بمشاعره الجياشة
اللامعة في عينيه : " صغيرتي , أنه الحل المناسب لي ولكِ ... فكيف لنا أن نعيش هكذا..فالبعد قد
أرهقني وسلبني راحتي , ترفه أنت بالنسبة لي كالجوهرة الثمينة إذا اذاها شيء تأذيتٌ أنا معها
ترفه أنا أريدك أنتِ كما أنتِ , ترفه نفسها ..روحها .. إبتسامتها .. طيفها .. شبحها المبتهج في منزلي
.. ترفه القافزة من مكان لأخر ... ترفه مدللتي .. التي لا تكف عن بذخ تدللها عليّ ... أريدك أمام
عينيّ محروسة..أريد حمايتك من كل شيء... أريدك أنتِ ولا أريد أي شي منك ... خذي كلّي لك .. خذي
روحي لكِ فأنها مرخصة لكِ "


نهاية المعانقة الثالثة عشر


نجلاء الريم

قرة عين أمي

الساحرة الصغيرة

أنها لكم


نجلاء الريم 30-11-12 07:53 PM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم

غلاااااي وأخيرا ظهر ذياااب

يعطيك ألف ألف عافيه

القلم الموهوب يظل محتفظ بررونقه وروعته شكراااااا سميتكم على المتعه

برد عااامي.الفصحى يبيله رواااق

تررررفه صح أني مقهورة ومحروقه من ذياب. بس طالعي الجانب الثاني

سبب قتله لابوك. حقيقة أعمال والدك. معاملة ذياب لك في السابق.
عشر سنوات وانتي برعايته الكامله. سنه كامله وهو يبحث عنك
اصرارة على رؤيتك. طلب الزواج منك

قارني بين سيئات وحسنات ذياب. بتطغى الحسنات

بعدين في النهاية ما فكرتي بمصيرك من غير ذياب

احيااانا تعاكسنا الظروف فنقابل بأمور لا نريدهااااا

نصيحه ترفه حاولي ان تتقبلي ذياب فلن تجدي من يحبك ويهتم بك مثله......

اااااامل تخبط وتخبط

النهااايه لا اعلم ؟؟؟؟؟؟؟؟



شكرااااا سميتكم غلاي

ننتظرك بكل الود

شبيه الريح85 02-12-12 02:14 PM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم

تسلم ايديكي ابداع رائع فعلا اليوم الصبح بلشت بالروايه وهلا خلصتها فعلا رائعه بتخلي الواحد يعيش مع ابطالها واحاسيسهم الرائعه

ترفه يا الله شو حالتها موجعه بين حب ذياب والشعور بالامان معه وبين كرهها اله لقتله والدها فعلا ممزقه والحياه صعبه ولكن هنالك امل دائما بان ينتصر الحب

امل يا ربي هالبنت موتتني ضحك عليه قصص مو طبيعيه ايدها والكندره ما عندها تفاهم بس جد قد حالها والدكتور عامر طالع من خرجها يعني رح ايجننها فوق ما هي مجنونه الله ايعنه عليها


حسناء يا الاهي البنت قصتها قصه وشو نهايه هالحب وشو قصة هالجده معها في غموض بالموضوع

ذياب ان شاءالله يقدر يرجع ترفه اله

حبيبتي جد ابداع واعتبريني من المتابعين الك ويديم عليك ابداعك

تَركِيـبَةْ ! 02-12-12 09:06 PM

رد: أرواح متعانقة
 
مسساء الفخآمة ..()
مسسآء الجمآل المتجسد بمآ تبوحين ..()


,,,,,

بكل هدوء ضغطت على الروآيه , لأرى الروآية التي شدني أسمهآ ,,
فتحت عليهآ الرابعة عصراً , ولم أغلقهآ إلى سآعتي هذه ..
أسلووب عجيب , جمييل ,, صدقيني ..
أقرأ وأنآ أردد بدآخلي ,, مآشآءالله ,, مآشآءالله ..
الكثير من العبآرآت المترفة أووقفتني لدقآئق ,, وربمآ لأني أحب التفآصيل ..
وأعشق الغموض ,,
صدقيني يآآجميلتي تملكيين زخم من الحروف التعجيزية المبهره ,,
لاتتوقفي ,, حتى وإن أصبحتي تكتبين لنفسسك ..
,,,,
جمآل الحرف , وغموض الحكآية , وسلس السرد , وكتابة المشآعر بـ إسهآب ..
لاتجتمع غآلباً جميعهآ إلا عند من يملك مخيلة فذه ,,
متآبعة لك , رغم أني أكتب حآلياً ,,
ولكن أسمحي لي أن أتكوني أستآذتي ,, لأستفيد من حرووفك المبهره ..()


أختك تركيبه!

captive dark 03-12-12 06:41 PM

رد: أرواح متعانقة
 
صباح /مساء راحة تغمر صدوركم


سميتكم غلاي // عزيزتي الرواية جدا جدا جدا آسرة فمن ترف كلماتك الى تصوير المشهد بشكل ممتع شهي جداً
حروفي لن تجاري القليل من نزفك الشامخ سلمت اناملك غاليتي .

الاحداث //

ذياب / فعلا ان انتظار العقوبة اشد لذعاً من العقوبة نفسها ؛؛ فتانيب الضمير الذي بات ملازما له منذ اكثر من عشر سنوات قاسي كسواط يلسع بشدة فيمزق الروح قبل الجسد ؛؛ آمل ان يستطيع ان يعيد تلك المدللة اليه ............


ترفه / لكم هو موجع خذلان من نحب لنا فما حد معها لا يحتمله قلب انثى ناضجة فما بال تلك الطفلة الكبيرة ,,, فبعد كل عقد من الامان تصدم بصدمة العمر :::::: و لكن السؤال هل ستقبل العرض المدهش ذاك ؟؟



***********


عامر / فعلا لا يجب الحكم على الانسان من مظهرة و تصرفاته فلكل انسان جانب مظلم يلاصق الجانب المنير و لكل شخص حرية الاختيار بينهما ...... هو طفل فقد حنان الوالدين فكيف يري العالم بانه صلب , جلمود لا بالتكبر متجاهلا انه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر // الطفل البائس بداخله جعله يشعر بجمال شيء قد يقال بانه كعك .. فمجرد انها اهتمت به زرع ذلك في قلبه بعض الورود اللينة. آمل ان تسطي عامل ان تغير تفكيره عن جنس حواء فكما يقول المثل > موكل اصابع يدك سوا <


أمل / يال حب سكن قلبك الصغير من كلمة لشخص قاسي خرجة عفوية ,,,,,,, استمتع عندما اقرا موجات الضحك التي تعتريها من مجرد اكلها للحلوى فلكم هو شيء مرح //////// في النهاية هل ستتخلص امل من حب جعل ناقوس الخطر يدق منذرا ايها بالابتعاد .


**********
مروان / امل ان تكون تلك الطائشة من نصيبه فانا اشعر بكره اتجاه تلك الـ هدى


حسناء / طائشة متهور و متسرعة و حمقاء ان صح التعبير ... فلكل شيء حدود لا ينبغي لاحد مهما كان ان يتعداها / يا ترى ماهو السر وراء كره العجوز الشمطاء كما تنعتها هي لها ؟؟ و وما قد يلمح له ذلك الحلم ؟؟؟
في النهاية انا احبها



عزيزتي سكت الكلام في عز الكلام انتظرك بكل لهفة .
و لو سمحت متى موعد البارتات ؟؟



دمتي بود ..
Captive dark

سميتكم غلآي 03-12-12 10:52 PM

رد: أرواح متعانقة
 


مساء تتعانق فيه الأرواح

مساء مفعم بالسعادة والفرح

مساء استنشقتُ فيه ردودكم واسكرتني

صدقا ... وحقا .... فردودكم قد انعشت روحي ... وارجفت جسدي ... وخنقت عبرتي...

شكرا لكن , شكرا بعمق , شكرا لكم بعمق قاع البحر ... سأرد على ردودكم في وقت لاحق .,,

سأحاول الكتابة من أجلكم أيضاً .... ولكن في وقتي الراهن اجد صعوبة لعدم تواجدي في المنزل وهذا صعب جدا عليّ ...

ولكن سأحاول تنظيم وقتي للكتابة بعد العودة إلى المنزل ... وسأعود في أسرع وقت ممكن بالفصل القادم بإذن الله سأحاول

أعذروني لو تأخرت لظروفي ... فأنا سعيدة بتواجد متابعات جديدات , سعيدة جدا ...

وبحفظ الرحمن

alaa7 03-12-12 11:49 PM

رد: أرواح متعانقة
 
حبيبتي اسماء تسلم ايدك روعه المعانقه التي لامست مشاعرنا تعاطفا مع اصرار ذياب ومحاولاته المتكرره لرؤية ترفه التي وبمساعده من امل قبلت رؤيته رغم خوفها من ضعفها فور رؤيتها له ويا لها من صدمه عرض زواج لم تحلم به ولم تستطع الاجابه بل وقفت تستمع كان الكلام موجه لاخرى هل ستقبل عرض ذياب ؟؟؟؟ بتمنى تقبل لان ذياب بيحبها عن جد ومش ذنبه موت ابوها هو كان بيعمل وموت ابوها كان صدفه بس اللي بيشفعله حبه الها وخوفه عليها بتكون مجنونه اذا ما بتقبل

وامل وعامر انا حاسه انهن رح يكونوا من نصيب بعض مع ان عامر معقد من طفولته بس تعلقه بامل رح يكون لصالحه


ناطره التكمله حبيبتي يعطيكي الف عافيه حبيبتي موفقه يا رب مواااااااااه

radiant star 04-12-12 03:35 PM

رد: أرواح متعانقة
 
مُبهرة حبيبتي سميتكم غلآي ^^

مآ تتخيلي قد آيش آستمتعت وآنآ أقرأ القصة <3 وصفك الدقيق لحآلآت الشخصيآت ومشآعرهم بآسلوبك الخيآآلي يحسسني آني جآلسة آشوفهم ب أنمي مو جآلسة آقرأ عنهم ^^


ترفة جداً جداً صعب موقفهآ قآتل آبوهآ اللي ظلت تتمنى تنتقم منه طول عمرهآ طلع آمآنهآ وسندهآ ذيآب بجد
حآلتهآ يرثى لهآ ،، آحسهآ مع حنآن ذيآب وآصرآره على الآرتبآط فيهآ من جهته ومن جهتهآ حبهآ له ومعرفتهآ
بعدم تعمده لقتل آبوهآ إنمآ آصآبته للدفآع عن النفس فقط رح تخفف موقفهآ آتجآهه ورح ترضخ لإصرآره
لآنو ف النهآية مآ بتلقى آحد حريص عليهآ زي ذيآب اللي مآ يئس من البحث عنهآ و مقآبلتهآ بآلرغم من صدهآ له

آمل شخصيتي المجنونة المفضلة <3 <3 بجد فوضويتهآ وكسلهآ رغم ذكآئهآ كأنهآ أنآ > خفي عليهم بس خخخ

حبهآ للحلويآت وآثرهآ عليهآ وتفكيرهآ الشآطح بعيد عن الدرآسة يضحكني بجدد آحسهآ ملح القصة ^^
وبجد آبدعتي بوصف آلمهآ من آستغلآل عآمر لهآ وآحسآسهآ بخيآنة عمهآ عورني قلبي عليهآ ><

وعآمر خلآص غرق بحبهآ وهذآ آهم شي ،، يغيضه هآلشي لآنه عآش تجربة مؤلمة مع آمه لكن رح تغيره آمول > على فكرة فطست ضحكت عليهم يوم آندسوآ بآلدولآب سوآ هههههههههههه بجد موقف مجنوون :lol:

حسنآء الدلوعة وآضح تعآني بشدة من جدة مروآن آيش تبغى منهآ هالعجوز اللي وآآضح إنهآ إنسآنة خبيثة ومآتحترم شيبآتهآ :V8Q04529:
وذحين طلعت لهآ شمآ اللي آكيد ورآهآ بلوى وغير غضب آبوهآ عليهآ وضربه لهآ جد تعآني المسكينة تلقآهآ من مين وآلآ مين =|

وآخيرآ الله يعطيك العآفية على هالإبدآع وننتظر المعآنقة القآدمة بكل شوق ^^

الساحره الصغيره 04-12-12 05:13 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اسوم حببتي روووووووووووووووعة رووووووووووووووووعة والله بجد من غير مجاملة روعة تحفة فنية

عارفه انب اتاخرت في الرد بس بجد النت كان فاصل انا قراتها بدري وقلت عبقى اعلق بعد شويه قمت ورجعت لقيت النت فصل هو لسه مرجعش بس بعلق من عند اختي ههههه شوفتي انا شاطرة ازاي هههههه

رئيسة حزب الساحرات الطيبات ابدعتي ابدعتي ابدعتي

انا مش عارفه اعلق لانك تفوقتي على نفسك الصراحة يمكن شخصين بس اللي اكلموا بس تحفه فنيه

( عامر )

كنت عارفه ومتكده انه هيكون بطلي المفضل وصفك لمشارعة ولاسبابه ولطفولته كان يفق الوصف وصفك للصراع اللي كان عليش فيه كان روعة بجد قدرتي توصلي احساسه بكل سهولة ما شاء الله عليكي

{امرأة تقودها مشاعرها , تفكر بنفسها وتتخلَّى بكل سهولة عن من يحتاجونها
ولا تتقاعس عن رمي أطفالها والتخلي عنهم في أرذل الظروف وأسخفها
كيف لي أن أدخل واحدة إلى حياتي

بجد جملة ملمه بمشاعره كلها والمشهد كله تحفه عجبتني برضوا وهو بيأنب نفسه لما مشي ورا امل شخصيه مميزه وامل هتغيرهها تماما

ترفة

لسه محتاره مش عارفه تعمل ايه بتفكر في دياب اكتر من نفسها بجد حاله صعبة
وصفك لمشاعرها بدقه شديده عجبتني
جمل كتير لفتت انتهباهي لا حصر لها فلو فضلت انقل الجمل يبقى هنقل الفصل كله ههههههه
احساسها وتوصيلك ليه كان اكتر من رائع

بجد اي تعليق هكتبه مش هيديكي حقئك

( ترفة ممكن تجوزيني ) لا مكنتش متوقعه الجواز دلوقتي بجد يا عم دياب خف ع البت شويه هي اصلا مش عارفه تختار وانت بتطلب ايدها ده كتير عليها ههههه
هو انا معنديش مانه دياب يتقدملي هههههههه يعني لو عايز رقم تلفوني قولي بلاش نقطع على بعض ههههههه


ابدعتي حببتي تقبلي مروري المتاخر والسريع ده << وانت طيبة واحنا اصحاب اعملي نفسك مش وخده بالك واني جيت بدري ههههههه ابدعتي مرة اخرى

في انتظار البارت القادم

قرة عين امي 05-12-12 12:51 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العزيزة الغالية اسوم
ابدعتي .... ابدعتي .... ابدعتي
كعادتي دائماً استمتع واتلذذ بقراءت مفرداتك الزاخرة بالمعاني الكبيرة
حسناء
ابدعتي في رسم مشاعرها تخبطها وفرحها في الوقت ذاته لقرب مروان وعودت حنيته عليها وكان بفعله معها ازاح كل اللامها واحزانها واعاد البهجة الي قلبها الغض الذي يعشق تفاصيله كلها .... اكثر ماابغض في حياتي هو تستر بعض الامهات على اخطاء ابنائهم حتى تتفاقم المشكلة وهذا مافعلته ام حسناء بتسترها على حسناء بعذر الرحمة والحب لها وهي ربما تضرها اكثر مما تنفعها بعملها هذا....كل يوم نكتشف عدوا لها تكتم جرحها منه اولاً الجدة والان صديقة الغفلة مالذي تخبيه من الآلم وجراح خلف شخصيتك المغرورة التي اتخذتها ستار لك .... وجعني قلبي عليها كثير وهي تعاني تحت سياط ابيها الملهبة بوحشية باردة .... تحفه وصفك الدقيق لصدمتها من مد يده عليها ... الله لابارك فيها ولابعمرها عجوز النار راس المشاكل الله يقطع عمرها ويخلصنا منها ... كان وصفك للحلم قمة الروعة والوضوح وابدعتي اكثر في اظهاره حقيقة ماثلة امام عينها بصديقتها شما ياتري مالذي تخفيه الان تحت قناع الطيبة حتى انا صرت خائفة منها ... يالله كنت ماسكه نفسي معها وبالاخر يطلعوا الخدامات اااااه الحمدلله .... يارب يشفيها ويرسل لها مروان ليعرف حقيقة مال اليه امرها جراء وساوس جدتة الشريرة لعله يعود الي رشده ويحبها ويعوضها عن ما قاست في حياتها
امل
احساس قاسي ... صعب ... مؤلم ... الذي تعيشه الان بسبب ظلم عامر واستغلاله لها ... تحفه فنيه رائعة طريقة وصفك ل تخبطها ... توترها ... غيضها من عامر وافعاله ... احببت موقفها القوي ضد عامر وإعجبني دفاعها المستميت عن عمها مع انها خربت قوتها الزائفة بنفجارها ببكاء مرير اظهر مقدار الالمها من استغلاله البغيض وضعفها امامه
عامر
قسوته وجبروته على امل ماهو الا ستار يخفي خلفه انجذابه وبداية شرارات حب لها ... صحيح انه يرد لراشد الصاع صاعين ولكن ماذنب امل بينهم فالاحساس مؤلم انت تتعب وتبذل قصار جهدك وغيرك ياخذها منك على طبق من ذهب دون ان يكلف نفسه ادنى مشقة ... قلبه من جعله يتبعها دون وعي منه ونشر الطمانينة والدفى في ارجاء كيانه انه بداية الحب كما اخبرتك عامر لاتنكر ذلك ... ابدهتي في رسم مشاعره تجاه مايفعله معها وخوفه من دخولها حياته بعد ان ذاق الامرين على يد امه القاسية التي تجردت من امومتها ورمته في اول مشكلة واجهتها ... تصدقين اسوم رحمته كثير وهو يتذكر الماضي المؤلم والذي يلاحقه ككابوس في احلك الليالي ظلمة
ترفة
مازالت تتخبط في الحيرة والخوف من المجهول ... افكارها مشتتة ومشوشة غير واضحة المعالم خياراتها معدومه فلا تجد امامها الا ذياب فقط لكن عقلها يابى الخضوع والعوده اليه ... واكبر صدماتها التي تلقتها هي عرضه الزواج منها أين تهرب من تتدفق افكارها الصاخبة اين تختفي من الالمها واوجاعها النازفة لروحها كيف لها ان تنسي انه قاتل ابيها وتعود الي كنفه تنعم باراحه والامان الذي افتقدتهما في غيابه عنها
ذياب
ااااااااااااااه من الوجع والحزن اشعر به وبخوفه من فقد محبوبته التي بات لا يستسيغ الحياة بعيد عنها ولا يعرف لقلبه وعقله راحه الا بقربها مما جعله لا يكف عن المحاوله " كثر الدق يفك اللحام " وهذا ما عمل به حتى رائها وهداء قلبه وسعدت نفسه لكن كان لابد له من ان يصدم نفسه قبلها بطلب الزواج منها فهذا هو المخرج الصحيح لهما ليته يستطيع محو ذاكرتها وانسائها انه قتل والدها بدافع الدفاع عن النفس يتمنا ان يحتضن اوجاعها بدل منها ولكن كيف له ذلك وعقلها يقف حاجز بينه وبينها
شكراً لك بحجم السماء واكثر للهداء ولك مني كل الود والمحبه
تقبلي عذري في تأخير الرد عليك فلقد سافرت ولم استطع الرد في حينها
المحبة لك اسماء

سميتكم غلآي 12-12-12 05:59 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3225781)
السلام عليكم

غلاااااي وأخيرا ظهر ذياااب

يعطيك ألف ألف عافيه

القلم الموهوب يظل محتفظ بررونقه وروعته شكراااااا سميتكم على المتعه

برد عااامي.الفصحى يبيله رواااق

تررررفه صح أني مقهورة ومحروقه من ذياب. بس طالعي الجانب الثاني

سبب قتله لابوك. حقيقة أعمال والدك. معاملة ذياب لك في السابق.
عشر سنوات وانتي برعايته الكامله. سنه كامله وهو يبحث عنك
اصرارة على رؤيتك. طلب الزواج منك

قارني بين سيئات وحسنات ذياب. بتطغى الحسنات

بعدين في النهاية ما فكرتي بمصيرك من غير ذياب

احيااانا تعاكسنا الظروف فنقابل بأمور لا نريدهااااا

نصيحه ترفه حاولي ان تتقبلي ذياب فلن تجدي من يحبك ويهتم بك مثله......

اااااامل تخبط وتخبط

النهااايه لا اعلم ؟؟؟؟؟؟؟؟



شكرااااا سميتكم غلاي

ننتظرك بكل الود

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نجلاء الريم

شكرا لكلماتك فهي دائما كالبلسم لي

تروي عطشي .. شكرا لك بعمق

سيظهر في يوما ما .. فترفه لم تشفى جراحها بعد
فهي تحبه ... فكيف لها ان تكرهه
ولكن الحقيقة تؤلم .. الخداع موجع
فهي أيضا طفلة ... قد لاتستوعب الآن ولكن لاحقا
قد ترى هذه الحقائق ... وان حسناته لا تقارن بسيئاته

نجلاء الريم شكرا لتواجدك فأنا سعيدة به

سميتكم غلآي 20-12-12 08:57 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعتذر بشدة على تأخري ... صادفتني ظروف تمنعني من الكتابة وإلى الآن أتمنى أن تعذروني ..

فالفترة الحالية لا استطيع ان اعدكم بأي فصل قريب ولكن بإذن الله سأحاول الكتابة متى اعتدلت ظروفي والرجوع في اسرع وقت ممكن

أسفة جدا

وشكرا


نجلاء الريم 30-04-13 07:56 AM

رد: أرواح متعانقة
 
تفتح بطلب من الكاتبه

واخر الغيبات ان شاء الله

سميتكم غلآي 02-05-13 10:44 AM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيه الريح85 (المشاركة 3226689)
السلام عليكم

تسلم ايديكي ابداع رائع فعلا اليوم الصبح بلشت بالروايه وهلا خلصتها فعلا رائعه بتخلي الواحد يعيش مع ابطالها واحاسيسهم الرائعه

ترفه يا الله شو حالتها موجعه بين حب ذياب والشعور بالامان معه وبين كرهها اله لقتله والدها فعلا ممزقه والحياه صعبه ولكن هنالك امل دائما بان ينتصر الحب

امل يا ربي هالبنت موتتني ضحك عليه قصص مو طبيعيه ايدها والكندره ما عندها تفاهم بس جد قد حالها والدكتور عامر طالع من خرجها يعني رح ايجننها فوق ما هي مجنونه الله ايعنه عليها


حسناء يا الاهي البنت قصتها قصه وشو نهايه هالحب وشو قصة هالجده معها في غموض بالموضوع

ذياب ان شاءالله يقدر يرجع ترفه اله

حبيبتي جد ابداع واعتبريني من المتابعين الك ويديم عليك ابداعك


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


أنا سعيدة جدا بردكِ , وسعيدة بتواجد متابعة جديدة مثلكِ

ترفه حالها صعب ولكن ستتغير الأمور لا ندري من الممكن إلى الأسوء أو الاحسن

هناك الكثير من الغموض في قصة حسناء ... غموض سينجلي مع تقدمنا ....

شكرا لكِ يا عزيزتي على كلماتك فأنا قد سعدت بها كثيرا وأعدتها لمرات عديدة

شكرا لك بعمق


سميتكم غلآي 02-05-13 10:53 AM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تَركِيـبَةْ ! (المشاركة 3226831)
مسساء الفخآمة ..()
مسسآء الجمآل المتجسد بمآ تبوحين ..()


,,,,,

بكل هدوء ضغطت على الروآيه , لأرى الروآية التي شدني أسمهآ ,,
فتحت عليهآ الرابعة عصراً , ولم أغلقهآ إلى سآعتي هذه ..
أسلووب عجيب , جمييل ,, صدقيني ..
أقرأ وأنآ أردد بدآخلي ,, مآشآءالله ,, مآشآءالله ..
الكثير من العبآرآت المترفة أووقفتني لدقآئق ,, وربمآ لأني أحب التفآصيل ..
وأعشق الغموض ,,
صدقيني يآآجميلتي تملكيين زخم من الحروف التعجيزية المبهره ,,
لاتتوقفي ,, حتى وإن أصبحتي تكتبين لنفسسك ..
,,,,
جمآل الحرف , وغموض الحكآية , وسلس السرد , وكتابة المشآعر بـ إسهآب ..
لاتجتمع غآلباً جميعهآ إلا عند من يملك مخيلة فذه ,,
متآبعة لك , رغم أني أكتب حآلياً ,,
ولكن أسمحي لي أن أتكوني أستآذتي ,, لأستفيد من حرووفك المبهره ..()


أختك تركيبه!

مساء السعادة والراحه لكِ

أتعرفين الفرحة واختناق العبره, وعدم التصديق ... مشاعر كثيره خالجتني في ذلك الوقت

كثيره ... ولا أقدر على وصفها .... هي فقط سعادة وفرحة لا توصف

ان يكون اعجاب شخص بحرفي لهذه الدرجة وانا مجرد مبتدئه في الفصحى .... أخطو أول خطواتي فيها ولم اصل إلى مبتغاي فيها

هو شكر عميق أقدمه لكِ على اعطائي لمثل هذه المعنويات التي جعلتني احلق عاليا

امتنان هو شكري لكِ ... هو فخر بتواجدكِ ....

شكرا لكِ بعمق ... شكري لا يكفي لك فقولكِ لي ان أكون استاذة لك لهو فخر كبير لي ... فخر اشكركِ عليه

شكرا لكِ يا أختي تركبيه ..... شكرا لكِ بحجم السماء واتساعها

سميتكم غلآي 02-05-13 01:10 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة captive dark (المشاركة 3227147)
صباح /مساء راحة تغمر صدوركم


سميتكم غلاي // عزيزتي الرواية جدا جدا جدا آسرة فمن ترف كلماتك الى تصوير المشهد بشكل ممتع شهي جداً
حروفي لن تجاري القليل من نزفك الشامخ سلمت اناملك غاليتي .

الاحداث //

ذياب / فعلا ان انتظار العقوبة اشد لذعاً من العقوبة نفسها ؛؛ فتانيب الضمير الذي بات ملازما له منذ اكثر من عشر سنوات قاسي كسواط يلسع بشدة فيمزق الروح قبل الجسد ؛؛ آمل ان يستطيع ان يعيد تلك المدللة اليه ............


ترفه / لكم هو موجع خذلان من نحب لنا فما حد معها لا يحتمله قلب انثى ناضجة فما بال تلك الطفلة الكبيرة ,,, فبعد كل عقد من الامان تصدم بصدمة العمر :::::: و لكن السؤال هل ستقبل العرض المدهش ذاك ؟؟



***********


عامر / فعلا لا يجب الحكم على الانسان من مظهرة و تصرفاته فلكل انسان جانب مظلم يلاصق الجانب المنير و لكل شخص حرية الاختيار بينهما ...... هو طفل فقد حنان الوالدين فكيف يري العالم بانه صلب , جلمود لا بالتكبر متجاهلا انه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر // الطفل البائس بداخله جعله يشعر بجمال شيء قد يقال بانه كعك .. فمجرد انها اهتمت به زرع ذلك في قلبه بعض الورود اللينة. آمل ان تسطي عامل ان تغير تفكيره عن جنس حواء فكما يقول المثل > موكل اصابع يدك سوا <


أمل / يال حب سكن قلبك الصغير من كلمة لشخص قاسي خرجة عفوية ,,,,,,, استمتع عندما اقرا موجات الضحك التي تعتريها من مجرد اكلها للحلوى فلكم هو شيء مرح //////// في النهاية هل ستتخلص امل من حب جعل ناقوس الخطر يدق منذرا ايها بالابتعاد .


**********
مروان / امل ان تكون تلك الطائشة من نصيبه فانا اشعر بكره اتجاه تلك الـ هدى


حسناء / طائشة متهور و متسرعة و حمقاء ان صح التعبير ... فلكل شيء حدود لا ينبغي لاحد مهما كان ان يتعداها / يا ترى ماهو السر وراء كره العجوز الشمطاء كما تنعتها هي لها ؟؟ و وما قد يلمح له ذلك الحلم ؟؟؟
في النهاية انا احبها



عزيزتي سكت الكلام في عز الكلام انتظرك بكل لهفة .
و لو سمحت متى موعد البارتات ؟؟



دمتي بود ..
Captive dark



مساء الورد والسرور لكِ

واني سعيدة ان الرواية قد حازت على إعجابكِ يا صديقتي

اتعرفين إن تحليلكِ للشخصيات رائع جدا , وأعجبني بشدة واعدت قراءته لمرات عديدة وكأنه يرسم النزعات في داخل كل شخصية

عزيزتي أنتِ بخاصة لكِ كل الود على ردكِ هذا , واشكرك عليه جزيل شكر

بحق استمتع بقراءة ماكتبته ... لا أدري ولكن ممتعه تلك التحليلات التي وضعتها ممتعه جدا

شكرا على متابعتكِ وتواجدكِ وانه لشرف متابعتكِ لي يا عزتزي شرف كبير لي


سميتكم غلآي 02-05-13 02:13 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alaa7 (المشاركة 3227370)
حبيبتي اسماء تسلم ايدك روعه المعانقه التي لامست مشاعرنا تعاطفا مع اصرار ذياب ومحاولاته المتكرره لرؤية ترفه التي وبمساعده من امل قبلت رؤيته رغم خوفها من ضعفها فور رؤيتها له ويا لها من صدمه عرض زواج لم تحلم به ولم تستطع الاجابه بل وقفت تستمع كان الكلام موجه لاخرى هل ستقبل عرض ذياب ؟؟؟؟ بتمنى تقبل لان ذياب بيحبها عن جد ومش ذنبه موت ابوها هو كان بيعمل وموت ابوها كان صدفه بس اللي بيشفعله حبه الها وخوفه عليها بتكون مجنونه اذا ما بتقبل

وامل وعامر انا حاسه انهن رح يكونوا من نصيب بعض مع ان عامر معقد من طفولته بس تعلقه بامل رح يكون لصالحه


ناطره التكمله حبيبتي يعطيكي الف عافيه حبيبتي موفقه يا رب مواااااااااه

فاتن يا عزيزتي

ان لردك حلاوة ومتعه .. وانتِ تسلمين أكثر على ردكِ علي

عرض ذياب على ترفه الزواج هو شيء لم تتخيله حتى ولم تفكر فيه المسكينه ... أما أمل وعامر فهناك قصة قادمه بينهما

شكرا لكِ يا فاتن على ردكِ المبهج للنفس وانا ممتنه بتواجد متابعة مثلك ممتنه جدا ... قبلاتي لكِ ...

سميتكم غلآي 02-05-13 02:33 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة radiant star (المشاركة 3227675)
مُبهرة حبيبتي سميتكم غلآي ^^

مآ تتخيلي قد آيش آستمتعت وآنآ أقرأ القصة <3 وصفك الدقيق لحآلآت الشخصيآت ومشآعرهم بآسلوبك الخيآآلي يحسسني آني جآلسة آشوفهم ب أنمي مو جآلسة آقرأ عنهم ^^


ترفة جداً جداً صعب موقفهآ قآتل آبوهآ اللي ظلت تتمنى تنتقم منه طول عمرهآ طلع آمآنهآ وسندهآ ذيآب بجد
حآلتهآ يرثى لهآ ،، آحسهآ مع حنآن ذيآب وآصرآره على الآرتبآط فيهآ من جهته ومن جهتهآ حبهآ له ومعرفتهآ
بعدم تعمده لقتل آبوهآ إنمآ آصآبته للدفآع عن النفس فقط رح تخفف موقفهآ آتجآهه ورح ترضخ لإصرآره
لآنو ف النهآية مآ بتلقى آحد حريص عليهآ زي ذيآب اللي مآ يئس من البحث عنهآ و مقآبلتهآ بآلرغم من صدهآ له

آمل شخصيتي المجنونة المفضلة <3 <3 بجد فوضويتهآ وكسلهآ رغم ذكآئهآ كأنهآ أنآ > خفي عليهم بس خخخ

حبهآ للحلويآت وآثرهآ عليهآ وتفكيرهآ الشآطح بعيد عن الدرآسة يضحكني بجدد آحسهآ ملح القصة ^^
وبجد آبدعتي بوصف آلمهآ من آستغلآل عآمر لهآ وآحسآسهآ بخيآنة عمهآ عورني قلبي عليهآ ><

وعآمر خلآص غرق بحبهآ وهذآ آهم شي ،، يغيضه هآلشي لآنه عآش تجربة مؤلمة مع آمه لكن رح تغيره آمول > على فكرة فطست ضحكت عليهم يوم آندسوآ بآلدولآب سوآ هههههههههههه بجد موقف مجنوون :lol:

حسنآء الدلوعة وآضح تعآني بشدة من جدة مروآن آيش تبغى منهآ هالعجوز اللي وآآضح إنهآ إنسآنة خبيثة ومآتحترم شيبآتهآ :V8Q04529:
وذحين طلعت لهآ شمآ اللي آكيد ورآهآ بلوى وغير غضب آبوهآ عليهآ وضربه لهآ جد تعآني المسكينة تلقآهآ من مين وآلآ مين =|

وآخيرآ الله يعطيك العآفية على هالإبدآع وننتظر المعآنقة القآدمة بكل شوق ^^


مساء الورد لكِ يا عزيزتي

سعيدة انها اعجبتك سعيدة جدا بذلك , وقولك أنك وكأنك ترين انمي .....

ترفه وذياب المشوار طويل بينهما ....

أمل الشخصية الكوميديه .... ستظل كوميديه أو لا ... لانعرف حقا ...

العجوز مثلها كثيرات ....

وسنعرف ما قصة شما في الفصول القادمة بإذن الله

يا جميلة شكرا على ردكِ وتحليلكِ لشخصياتي وألمهم ...

فهو مفرح جدا لي , وسعيده أيضاً بتواجد بمتابعة مثلك يا عزيزتي ...

لها رد ينعش الروح ويبهجها ... شكرا لك بعمق


سميتكم غلآي 02-05-13 03:11 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الساحره الصغيره (المشاركة 3227734)
اسوم حببتي روووووووووووووووعة رووووووووووووووووعة والله بجد من غير مجاملة روعة تحفة فنية

عارفه انب اتاخرت في الرد بس بجد النت كان فاصل انا قراتها بدري وقلت عبقى اعلق بعد شويه قمت ورجعت لقيت النت فصل هو لسه مرجعش بس بعلق من عند اختي ههههه شوفتي انا شاطرة ازاي هههههه

رئيسة حزب الساحرات الطيبات ابدعتي ابدعتي ابدعتي

انا مش عارفه اعلق لانك تفوقتي على نفسك الصراحة يمكن شخصين بس اللي اكلموا بس تحفه فنيه

( عامر )

كنت عارفه ومتكده انه هيكون بطلي المفضل وصفك لمشارعة ولاسبابه ولطفولته كان يفق الوصف وصفك للصراع اللي كان عليش فيه كان روعة بجد قدرتي توصلي احساسه بكل سهولة ما شاء الله عليكي

{امرأة تقودها مشاعرها , تفكر بنفسها وتتخلَّى بكل سهولة عن من يحتاجونها
ولا تتقاعس عن رمي أطفالها والتخلي عنهم في أرذل الظروف وأسخفها
كيف لي أن أدخل واحدة إلى حياتي

بجد جملة ملمه بمشاعره كلها والمشهد كله تحفه عجبتني برضوا وهو بيأنب نفسه لما مشي ورا امل شخصيه مميزه وامل هتغيرهها تماما

ترفة

لسه محتاره مش عارفه تعمل ايه بتفكر في دياب اكتر من نفسها بجد حاله صعبة
وصفك لمشاعرها بدقه شديده عجبتني
جمل كتير لفتت انتهباهي لا حصر لها فلو فضلت انقل الجمل يبقى هنقل الفصل كله ههههههه
احساسها وتوصيلك ليه كان اكتر من رائع

بجد اي تعليق هكتبه مش هيديكي حقئك

( ترفة ممكن تجوزيني ) لا مكنتش متوقعه الجواز دلوقتي بجد يا عم دياب خف ع البت شويه هي اصلا مش عارفه تختار وانت بتطلب ايدها ده كتير عليها ههههه
هو انا معنديش مانه دياب يتقدملي هههههههه يعني لو عايز رقم تلفوني قولي بلاش نقطع على بعض ههههههه


ابدعتي حببتي تقبلي مروري المتاخر والسريع ده << وانت طيبة واحنا اصحاب اعملي نفسك مش وخده بالك واني جيت بدري ههههههه ابدعتي مرة اخرى

في انتظار البارت القادم


عزيزتي وصديقتي وحليفتي الساحره .. سحورة قلبي التي تسحر قلبي دائما بتواجدها " الكل يشهد بهذا حتى عقلي يطير "

أنتِ التحفه الفنيه ... ردكِ كاد يبكني فرحة ... فرحة اختلطت بكل انواع المشاعر ... هي مشاعر لا اقدر حتى على البوح بها

عادي لو تأخرتي لا يهم فأنتِ وضعتيه وابهجتي قلبي به

صدديقتي انا وانتِ عامر وذياب ههههههههههه شكلنا حناخذ الرجال كلهم هههههههههه

موتني ضحك على رقم التلفون خليه اول يتقدم لج ... لا هو تقدم لي قبلج وخلااااص راحت عليج هههههههه ذياب لي نياهاهاهاهاهاهاه

ايتها الساحره الجميلة المتوحشه هع ..... ماذا أقول عن ردكِ ... جميل جدا جدا جدا ... لا اقدر على الوصف

شككككككرا لكِ بعمق يا صديقتي شكككككراااااااااااااااا لكِ

سميتكم غلآي 02-05-13 03:18 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3228084)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العزيزة الغالية اسوم
ابدعتي .... ابدعتي .... ابدعتي
كعادتي دائماً استمتع واتلذذ بقراءت مفرداتك الزاخرة بالمعاني الكبيرة
حسناء
ابدعتي في رسم مشاعرها تخبطها وفرحها في الوقت ذاته لقرب مروان وعودت حنيته عليها وكان بفعله معها ازاح كل اللامها واحزانها واعاد البهجة الي قلبها الغض الذي يعشق تفاصيله كلها .... اكثر ماابغض في حياتي هو تستر بعض الامهات على اخطاء ابنائهم حتى تتفاقم المشكلة وهذا مافعلته ام حسناء بتسترها على حسناء بعذر الرحمة والحب لها وهي ربما تضرها اكثر مما تنفعها بعملها هذا....كل يوم نكتشف عدوا لها تكتم جرحها منه اولاً الجدة والان صديقة الغفلة مالذي تخبيه من الآلم وجراح خلف شخصيتك المغرورة التي اتخذتها ستار لك .... وجعني قلبي عليها كثير وهي تعاني تحت سياط ابيها الملهبة بوحشية باردة .... تحفه وصفك الدقيق لصدمتها من مد يده عليها ... الله لابارك فيها ولابعمرها عجوز النار راس المشاكل الله يقطع عمرها ويخلصنا منها ... كان وصفك للحلم قمة الروعة والوضوح وابدعتي اكثر في اظهاره حقيقة ماثلة امام عينها بصديقتها شما ياتري مالذي تخفيه الان تحت قناع الطيبة حتى انا صرت خائفة منها ... يالله كنت ماسكه نفسي معها وبالاخر يطلعوا الخدامات اااااه الحمدلله .... يارب يشفيها ويرسل لها مروان ليعرف حقيقة مال اليه امرها جراء وساوس جدتة الشريرة لعله يعود الي رشده ويحبها ويعوضها عن ما قاست في حياتها
امل
احساس قاسي ... صعب ... مؤلم ... الذي تعيشه الان بسبب ظلم عامر واستغلاله لها ... تحفه فنيه رائعة طريقة وصفك ل تخبطها ... توترها ... غيضها من عامر وافعاله ... احببت موقفها القوي ضد عامر وإعجبني دفاعها المستميت عن عمها مع انها خربت قوتها الزائفة بنفجارها ببكاء مرير اظهر مقدار الالمها من استغلاله البغيض وضعفها امامه
عامر
قسوته وجبروته على امل ماهو الا ستار يخفي خلفه انجذابه وبداية شرارات حب لها ... صحيح انه يرد لراشد الصاع صاعين ولكن ماذنب امل بينهم فالاحساس مؤلم انت تتعب وتبذل قصار جهدك وغيرك ياخذها منك على طبق من ذهب دون ان يكلف نفسه ادنى مشقة ... قلبه من جعله يتبعها دون وعي منه ونشر الطمانينة والدفى في ارجاء كيانه انه بداية الحب كما اخبرتك عامر لاتنكر ذلك ... ابدهتي في رسم مشاعره تجاه مايفعله معها وخوفه من دخولها حياته بعد ان ذاق الامرين على يد امه القاسية التي تجردت من امومتها ورمته في اول مشكلة واجهتها ... تصدقين اسوم رحمته كثير وهو يتذكر الماضي المؤلم والذي يلاحقه ككابوس في احلك الليالي ظلمة
ترفة
مازالت تتخبط في الحيرة والخوف من المجهول ... افكارها مشتتة ومشوشة غير واضحة المعالم خياراتها معدومه فلا تجد امامها الا ذياب فقط لكن عقلها يابى الخضوع والعوده اليه ... واكبر صدماتها التي تلقتها هي عرضه الزواج منها أين تهرب من تتدفق افكارها الصاخبة اين تختفي من الالمها واوجاعها النازفة لروحها كيف لها ان تنسي انه قاتل ابيها وتعود الي كنفه تنعم باراحه والامان الذي افتقدتهما في غيابه عنها
ذياب
ااااااااااااااه من الوجع والحزن اشعر به وبخوفه من فقد محبوبته التي بات لا يستسيغ الحياة بعيد عنها ولا يعرف لقلبه وعقله راحه الا بقربها مما جعله لا يكف عن المحاوله " كثر الدق يفك اللحام " وهذا ما عمل به حتى رائها وهداء قلبه وسعدت نفسه لكن كان لابد له من ان يصدم نفسه قبلها بطلب الزواج منها فهذا هو المخرج الصحيح لهما ليته يستطيع محو ذاكرتها وانسائها انه قتل والدها بدافع الدفاع عن النفس يتمنا ان يحتضن اوجاعها بدل منها ولكن كيف له ذلك وعقلها يقف حاجز بينه وبينها
شكراً لك بحجم السماء واكثر للهداء ولك مني كل الود والمحبه
تقبلي عذري في تأخير الرد عليك فلقد سافرت ولم استطع الرد في حينها
المحبة لك اسماء


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أسماء شكرا لكِ على هذا الكم الهائل من الكلمات التشجيعه

وايضا شكرا بعمق على تحليلكِ المميز هذا

آآآآآآآه دائما ما تخترفين افئدت ابطالنا وتتكلمين بدلا عنهم بما يجول في صدورهم .... تحليلك دائما يعجبني وهو الأفضل

تشعريني بمشاعر ذياب تجاه ترفه ... وأنتِ تفهمينه حق فهم

أسماء شكرا على تواجدكِ وشكرا على إعطائي هذا الكم من الفرح ... شكرا بعمق فأنا استمتع به كثيرا


سميتكم غلآي 02-05-13 03:27 PM

رد: أرواح متعانقة
 

المعانقة الرابعة عشر


ارتعاش يلف مشاعري
تخبط يغرق به عقلي
وعويل روحي لم يكف عن زف مراسيمه إلى جسدي
أني متعبة جدا
فحشر جسدي في غرفتي طيلة الأيام الماضية , خوفا من اعدام ابي لروحي
غيابي عن الجامعة لمرضي المزمن الذي اهلك جسدي
فمرضي قد شفع لي عند أمي
ولكن أبي قد نبذني
فلا يزال غاضبا عليّ , ولا يرغب برؤيتي
وإنه قد بات يكرهني ويزدريني أكثر عن ذي قبل
أبي قد بات قاسيا جدا
واخي حسن ايضا , لم يحدثني منذ ذلك اليوم
ولم ألتقي به , لأنني خائفة من غضبه عليّ , وانه قد اصبح يكرهني مثل ابي فيتخلى عني ويتركني وحيدة
ابتلعت رئتاي موجة هواء لتقذفها خارجا , وتغرقني في ضيقت صدري , وحرارة دموعي السائلة على وجنتيّ
أني متعبة من وجع صدهم لي
و الحزن قد بدأ يمزقني
فكيف لي أن احتمل غضبهم عليّ , فأنا لستُ قادرة على ذلك
رباه .. مالِ غيرك ألجأ إليه , فخفف عني أحزاني , وأرحمني ..
فعيشي متخبطة بجانب عزلتِ الكئيبة
وسرحان عقلي الغافل عن مايدور حوله , قد أرق نفسي واتعب صدري
هممت بالجلوس بدخول أمي إلى غرفتي
أسرعت أمي الحنونة إليّ , بعد رضاها عني بسبب ماعنيته من مرض ورضوض ..
فأنا مدللتها , ابنتها التي تريدها الأجمل والأفضل في كل شيء
فهي لا تخالفني في شيء خوفا من ضياعي
خوفا من قبح قد يصدر مني فيقع اللوم عليها
وها أنا قد فعلته مرة , وهي لا تريده أن يتكرر
فالمظاهر هي لائحة تسرد عليها مخطوطات حياتها الإجتماعية
صحيح انها الآن تدقدقني بحنانها, لعلها بذلك تمحي ماضي خلفتهُ ورائها بإهمالها لي
كانت مجرد أم كتب اسمها على شهادة ميلاد
تهيم في محيط من رفاهية الحياة , بعيدا عن ضجيج طفلة في المهد تلاعب دمية من قطن
متخبطة بين خادمات مختلفات الجنسية .
فلولا أبي في الطفولة لكنتُ قد افتقدتُ حنان الوالدين واحضان ارتمي في بحرها
تقوست شفتيّ , وانا اخبئ رأسي في حجر أمي الممسدة لشعري
ارتعش جسدي , وغصت عبراتي
أبي اني لأشتاق إلى تواجدك , و الارتماء في احضانك
أرغب في إلتهام حنانك والبكاء على صدرك كما في الطفولة
فبعد صراعه الدائم مع أمي , وتمردي الأحمق الذي زادتهُ أمي التي بدأت اهتمامها فيّ في مراهقتي
غيّرت أبي وجعلتهُ بعيدا عني, جعلته وحشا لا يكف عن زئيره عليّ
غاضبا على تصرفاتِ الرعناء الصادرة مني
وتعلقي المجنون بمروان والذي تشجعني أمي عليه وهو يرفضه
أبي لا يعرف بهيامي به , ولكنه يكره تعلقي الزائد عن حده به
ولكن حسن كان الوحيد الذي يقف في صفي , فلقد كان موجهي
مخفف أحزاني في حبس وغضب أبي عليّ
كان هو الذي يقودني من بداية مراهقتي , وإلى الآن ويدقدقني بحنان لم احصل عليه منهما عندما كبرت
همست أمي نازعة عقلي من دوامة هواجسه : " عزيزتي , لا تحزني فهي فترة قصيرة , ويعود والدك كما كان "
حدقتُ بها بشفاها مقوسة تهتز بحزن
هي تهون كل شيء , هي لا تشعر بما اشعر
اني أتألم , أني متخطبة , لا أعرف أي طريق أسلك
فغضب ابي يجعلني كالمجنونة
وصراع مشاعري بداخلي يسلب نفسي راحتها , ويزعزع إتزانها
***
عدتُ إلى الجامعة
ولكنيّ كنت أفضل الاختلاء بنفسي بعيدا عن ضجيج ثرثرة الفتيات
بعيدا عن معكر يزيد من تخبط عقلي
اصطدم به , ويرميني في واديه القاحل
شعرن صديقاتي بسكوتِ الذي بات عادة انتحلتهُ تقاسيم وجهي , ووباء انتشر في روحي المثرثرة مع نفسها
تقدمت مني شما لتحيط ذراعها بكتفي
شما الفتاة المتغنجة , الأكثر تبرجا من رفيقاتِ , ثرثارة , تضحك بداعي أو بلا داعي
فلسانها يقطر عسلاً , فهي تغرق محدثها بأطيب عبارات المدح والثناء
حاولتُ رسم ابتسامة كاذبة على شفتاي , فعكست مدى تصنعي الهزيل
لقد نسيت الكابوس , فهو مجرد كابوس لا حقيقة له , مجرد حلم
فمالِ أتأثر بحلم قد صنعه عقلي
أنها طيبة , ولم تؤذيني
لِمَ ألحق أحدى هواجسي ومخوافي بها
وادنس بياض صفحتها لدي , اعكر صفو علاقتي بها
جرت بيننا احاديث قصيرة , ولكنني لم اتفاعل معها
لم أكن منصتة إلا لضجيج صوتها العالي والمتحمس
هتفت فجأة بعد أن ملت نفسها من صمت حنجرتي : " حسناء مابكِ , لم تغيرتي فجأة هكذا "
أطرقت برأسي متضايقة من دقة ملاحظتها
يال الغباء !
فتغيري واضح للعيان
حاولتُ رسم إبتسامة صغيرة
فما أن خبئت تحت وطئِ صقيع مشاعري وأنا اهز راسي بلا
قائلة بصوتٍ مبحوح , وعقل سارح : " لستُ أعاني من شيء فقط هي مجرد بعض الظروف العائلية المزمنة إلى جانب تأثير المرض الذي لم يخبو حتى الآن "
لمعت عينيها بلا تصديق , وقد تغلفت شفتيها بإبتسامة مصطنعة , كاذبة , مخيفة , هذا ماخيل لي .
إنها ابتسامة مخادعة , وكأن هالة من السواد لفت جسدها واشتعل وجهها بها , سواد , قبح وحقد ..
يا إلهي ! ما هذا الشعور المقيت
لا !! انني أتخيل ! لا يمكن أن يحصل هذا !
خفق قلبي حد الرعب , وارتعش جسدي من الخوف
وهي تشد بأصابعها على زندي , هامسة لي : " لدينا حفلة بعد غد , أتودين الحضور "
حدقت بها , وقد تعطلت حواسي عن اصدار التحذيرات لي
وانطفأ جنون تخيلات عقلي المخيفة , صررتُ مابين عينيّ
بعقل غرق في التفكير , التغير مهم جدا لنفسيتي في هذه الأيام
لعل بذهابي إلى الحفلة قد يغير من حزن نفسي وإنطوائها العقيم
هتفتُ بحماس أستعدتُ معه شبح شخصيتي القديمة : " وأنني لمحتاجة لحفلة مثل هذه أو للتغير في هذه الأيام , شكرا يا شما على دعوتي "
كنتُ أشعر بنغزات دبوس تتوغل في صدري
خوف لا أعرف مصدره
ضيق يكاد يوقف تنفسي
جلستُ مع سلمى في أخر اليوم لوحدنا
هي الوحيدة التي أرتاح لها , واسر إليها ما بنفسي
فهي طيبه جدا , والمحجبه من بين صديقاتي السافرات
قلت لها بينما أنا أرسم إبتسامة على شفتاي , وأحاول أبعاد الضنك عن نفسي : " سأذهب بعد ايام قليلة مع شما إلى أحدى الحفلات لعلي أغير بها جوي الكئيب"
أتسعت عينيها بحدة , وأرتفع طرف شفتها بإستنكار
وانحنى جسدها نحوي , وهي تضرب الطاولة من تحتها بكفيها و تهتف : " أجننتي ! "
صمتت ولوائح الأندهاش والاستنكار تكسو تقاسيم وجهها
أعرف أنها لا تحب شما
فهي دائما ما تقاوم الصراخ على وجهها , فهما دائمتا الشجار
جلُوسِنا مع بعضنا البعض يجبرهن على الإلتقاء , فنحن نخفف من حدة الصراع بينهما
أخرجت أنفاسها بغضب , وهي تنظر إليّ بحنق , وتقول بترجي : " حسناء , انتبهي لنفسكِ , أأنتِ مجنونة لتذهبي معها , ألا تعرفين حفلاتها الصاخبة والمختلطة , أنها لا تخاف الله , وما أخفى أعظم , لا تذهبي معها "
حاولت استيعاب ماقلته , وشهقتُ قائلة بعقل تعثر بأفكاره : " ماذاا !! "
هزت رأسها.. وراحت تحكي لي عن الشائعات والوقائع الحائمة حول شما
والجنون الذي لا تخفيه
تعلن عن المعصية متجاوزة كل شيء
لم أكن أعلم هذا عنها , فما أنا إلا صديقة شهور
صداقةٌ على هامش اللقاءات اليومية في الجامعة
وثقتُ بكلام سلمى , لانها صديقتي منذُ عهود
ولأنها أقربُ صديقة لي فهي دائما ما تحذرني , وترشدني إلى طريق بصير
أرتعش جسدي من هول معرفة حقيقتها
هي كانت تريد أن ترميني في الرذيلة
هي لاتهتم بي إنما تريد إيقاعي في شرك المعصية
تبا لها من قذرة
الحمدالله اني عرفت حقيقتها قبل أن اقع في مصيبة تعرقل حياتي إن عرف أهلي بها
****
مضت الأيام وأنا أُحاول الأنعزال في غرفتي
عدم رؤية أبي ولا حتى حسن , فرؤية حسن قد تكون مؤلمة
لأنني أظن أنه غاضب عليّ ,غاضب لحد الألم
حسن أني خجلة منك ومن تصرفاتِي الخرقاء الاخيرة
وإني لأسفة جدا, فبإقترافي لهذا الذنب أشعر أنني قد هدمت جدار ثقتك فيّ
هدمت قلاع حبي لك يا أخي , ولكن أنت تعرف تلك العجوز , ومافعلته بي وبك
تعرفها جيدا ..
في الصباح الباكر خرجتُ متأخرة من غرفتي
لأنني لا أريد أن أُصادف أحدا منهم
خائفة من مواجهة حسن أو أبي
ولكن أن أصادف مروان الذي يغيب عن المنزل لأياما طويلة هو أشد إلما
وقفتُ أُحدق به , وهو يتناول كوبا من القهوة السوداء
وهو شارد الذهن ينظر إلى اللانهاية التي أوصلتها إليه أفكاره
وقفتُ مكاني في عتمة ظلال المنزل المعتمة
والتي لم تطأها أشعة الشمس إلى الآن
لمع الحزن في عينيّ لرؤيته
فاليتك يا مروان تشعر بي
ياليتك يا مروان زوجا لي
فأنا متاكدة بأنني سأكون محظوظة مع رجلا مثلك
أنت كريم , طيب , رحيم , عطوف , مثقف , رجل ليس لهُ مثيل
فتعلقي بك ليس هباءا
حزين هو ما يحصل الآن وهي رؤيتك جافا معي
وزواجك القريب من هدى يجعل جبال آمالي تتحطم , لاعيد ترميمها مرة أخرى عندما تعطيني انت أملاً
سرتُ مقيدة بهيامي به , وجلست على المقعد المقابل لهُ
اسدلت ستائر حزني همومها, وكشفت عن غمائم مشاعري
نزعتُ رداء خجلي مني , و حدقت به متيمة
حدقت به أترجى قلبه لتعلق بقلبي
انتشالي من فجوة قسوة عيشة أهلي وجفائهم
لم ينظر إليّ
تنفستُ بعمق ورميتهُ بنظراتي المتوترة واللاهثة لمن ترتوي من بئره
ونطقت بأسمه بصوت خافت رقيق رنان : " مروان "
وكأنني انتشلته من غرق أفكاره , نظر إلي بعينيه الناعستين
وابتسم كعادته القديمة , واعاد ذكرياتي الحلوة إلي
وكأن روحي أعيدت إلي
أحتلني الخجل منه , وتشرب وجهي الحمرة لنظراته المطلعة عليّ
أحس بكومة مشاعري الثائرة له
فقطب جبينه , والتصق حاجباه بحنق
مروان صريح منذ الطفولة , مروان مشابه لأخي حسن في اهتمامه بي واكثر
حتى أخطائي وعثراتي كان يعنفني عليها
طرح مابيده على الطاولة , أهمل الدنيا ومافيها وصوب أنظاره نحوي
حدق بي بعيون سكنتها عاصفة الغضب
وكأنه ينوي نفي من هذا العالم , رميّ بعيدا عن أنظاره
احتلت الحسرات صدري لرؤيته غاضبا هكذا
لرؤيته نظراته الغريبة لي
قال بصوته الغليظ , وإتزانه الذي لا يفقده صوته : " حسناء إلى متى سوف يستمر الوضع إلى هذا الحال ؟ أخبرني ! "
رميتُ بنظراتِ إلى سطح الطاولة في حزن وغضب
أقاوم صراعات نفسي بإنكارها لأخطائي المتراكمة
أكمل كلماته بإرتفاع بصري نحوه في محاولة لردعه عن إكمال حديثه الذي قد يسفر عن خدوش مؤلمة لقلبي المتعلق به : " المشاكل التي تحدثينها بتهور لكل أفراد العائلة , إغضاب والديك والتحرش بجدتي , والتهور الغير متعقل , أنتِ لستِ صغيرة , أنتِ الآن لست مراهقةٍ أيضاً , ففي فترة المراهقة كنتُ أعذر طيشك وتعلقك بي , ولكن الآن الوضع قد تغير, أنتِ لستِ إلا طفلة تصغرني بأميال طويلة والكل يعرف هذا وأنا أولهم , أنتِ بالنسبة إليّ كأختي الصغرى , وزوجتي التي سأقاسمها حياتي والتي هي مناسبة لي هي هدى , أفهمي هذا جيدا ولا تدخلي نفسك وتدخلني معك في معمعة يصعب الخروج منها "
أنهى كلماته بتكشيرة رسمت الوجع على وجهه ونهض راحلا عني
رحل بعد أن طعن قلبي
وكسر ضلعي الأعوج , وفجر نوافير دموعي الحبيسه
أجهش صدري بنحيبه , وأنا أكتم أنفاسي وأنظر إلى طيفه الذي أختفى معه
مروان ..... لمَ رميتني برماح عباراتك هكذا
لمَ جرحتني بعمق , وجعلتني أكره نفسي لأنني طفلة بالنسبة إليك
ولست إلا أخت ومفتعله للمشاكل
لمَ فعلت ذلك !
لمَ تحاول كسري !
لمَ هي قبيحة تلك المعاني التي في كلماتك وواضحة لحد الألم .


*****
في سماء سوداء اكتسحها نور القمر خرجت استنشق بعض الهواء
أروي عطش روحي الظمأَه
ألملم فوضى حواسي
انظم نبضات قلبي الوتيرة
خر جسدي على كرسي انتصف في طريقي المظلم الملون بأضواء مصابيح الشارع
وكلماته تعيد انغامها الصاخبة على مسامعي
موسيقى صوته تبعثر نبضات قلبي
تتلاعب بمشاعري الهائجة
وعباراته تضخ دمي في عروقي إلى الآن , ومع مرور الأيام عليها
تشبثت اناملي على خشب الكرسي , واسترخى جسدي على ظهره
برودة الأجواء ارسلت القشعريرة إلى جسدي
ونفضته ... لتعيد تواجد ذياب أمامي
كيف لي أن اخفت نار مشاعري المشتعلة التي حركها هو
كيف لي أن استعيد اتزاني بعد ان قام هو بتشتيتي
كلمات ذياب , مشاعره نحوي أسرة قلبي وقلبتني رأسا على عقب
وما أنا بالنسبة له
محت أحافير الوجع المنحتوتِ في قلبي
بخمر اسكر عقلي , وانساني سنين حياتي المتوجعة
أنه يريدني أنا ! كما أنا !
يريدني لكي يحميني , يريدني لكي يسقيني دلالا ويروني من بئر حنانه القديم
أنه لا يتزحزح ابدا عن طلبي له
أنه يقول أنه لا يستطيع العيش من دوني , يريدني لهُ , له وحده ..
يا إلهي !
ما الذي يحدث لي , فأنا أكاد افقد رشدي , واشتاق إليه وأريد احضانه التي افتقدتها منذ زمن طويل
رفعت وجهي إلى السماء بنبضات قلب لاتكف عن ازعاجي
وبعبير أنسام شرودي المحصور به ...
لطمت أصابع الهواء وجهي ورشت السماء لمساتها الباردة على بشرتي
لتجعلني استيقظ من سبات مشاعري المتعثرة لتجابه حقيقة واقعي
ومرض عالمي , وزوال حقيقة سعادتي
ارتعش نوره ليستحيل إلى ظلمة قاتمة ويختفي كالسراب
أنا ... يا من أمني نفسي بسعادة واهمة
متخيلة أنني قد اعيشها معه , موهمة نفسي أنني قد انسى سنين حياتي معه
وأمحو صفحات قد مزقها زيف ماضيّ
أريد العودة إليه
ولكنهُ صعب !
فحقيقته صعبة التقبل , ومؤلمة التعايش
أيكون لي مستقبل معه بماضي مظلم
فكيف يحصل الزواج بيننا , كيف لهُ أن يكون زوجي !
قاتل أبي يصبح زوجي
الذي خدعني طوال حياتي بزيف قناع أرتداهُ وجهه , وخبأت نفسه حقيقة قتله لأبي
خبأ مرض نفسه عني , كذب عليّ
كيف لي أن أصدقه بعد الآن , أو أن أؤمن بصدقه معي
أنه كاذب , قاتل
ولا أعلم إن كان يخبئ المزيد لي في جعبته
و أن يكون هو زوجي في أخر المطاف
لا , لا يمكن أن يحصل ذلك
مع أنني كنت قد تمنيت من قبل أن تكون حياتي كلها معه ولكن الآن لا
لأن الماضي الذي عشته معه كان مصنوع من زيف وخداع
ذياب !!
كفانا عذابا فأنا لا أريد أن أمني نفسي بحياة سعيدة معك
كنتُ أريد النسيان , ولكن أنت تقتحم حياتي بمفاجأة تزحزح مخزون قوتي
كذب نفسي على روحي البائسة يوجع, فأنا أكاد أهيم على وجهي بسببك
أكاد أسقط في مصيدة حفرتها أنت لي
بإنقاذك لي من شرور علي , من بذل الغالي والنفيس من أجلي
يجعلني مترددة في قراراتي نحوك
ذياب
فمالِ ومالَ تلك الأوهام , فأنا لا أريدها أوهام تختفي كالأحلام
ليس لها طعم , نلمسها ولكن هي كالخيال
نحاول أكلها فتتيه في أجوافنا بلا شبع , لا تشبع روح ولا جسد
ازداد هطول دموع السماء , فرفعتُ جسدي عن المقعد
أمشي ممشطة بقدماي طريقي الرمادي الذي نقرتهُ قطرات الأمطار
تساقطت قطرات المطر , وبللت أكتفيّ ورشّت لمساتها الباردة على بشرتي
مشيتُ مترنحة بمشاعري , تائهة في دوامة أفكاري المتعبة
إلى أن وصلت إلى جهة العمارة السكنية التي أقطن فيها
ووقفتُ تحت سقف واجهتها أحتضن جسدي المبلل بذراعيّ
أرتعش من البرودة , وقد تجمدة أصابع يديّ
رفعت كفاي إلى شفتاي لأنفخ عليهما من حرارة رئتاي لعلي أمد جسدي بالدفء
امتلأت أجفاني بالدموع بسعادة رؤية المطر , وارتعشت شفتاي المقوستان مرسلة الألم إلى قلبي
أني مضطربة وخائفة جدا
لا يجب أن يرق قلبي له
يجب عليّ أن أحارب نفسي ولا اعود إليه
اني لا أستطيع نسيان أنه من قتل أبي
ولا أستطيع الغفران له
لأنه صعب ومؤلم
مؤلم هو نبذه ونسيانه , مؤلم نسيان مافعله لي ولكن أبي
أنه من قتل أبي وكذب عليّ ...
صعدتُ إلى الشقة ودخلت إليها راسمة خيال ابتسامة طفت عليها غصات أليمة طفحت على وجهي
شجعتُ نفسي المنهارة أنني بخير
وان المسئلة ستحل , وإن الله معي
تجمد جسدي وتوجع قلبي بمرارة رؤية والدة أمل
ففي هذه الفترة ازدادة زياراتها ليحتلني الاضطراب والخوف منها
لأنها بدأت بقذف عباراتها السامة المغلفة بالبراءة والساذجة
تقولها بدم بارد , بابتسامة تثير القشعريرة في جسدي
لا أعرف ما أفعلهُ , أو كيف لي أن لا أجرح منها
أشعر أنها لا تتقصدُها ولكن في آن أخر أشعر أنها تتقصدُها
وكأن تواجدي غير مرغوب لديها لدى إبنتها
وأنني مزعجة , انسانه غير مستساغة ..
وككل مرة ترميني بكلماتها " ألا تذهبين في زيارات إلى أهلك , ألا تفكرين بالسكن لديهم وانه أفضل للفتاة "
أنه موجع
من لي غير أمل , فبعد خناجر والدة أمل تأتي أمل لتخفف من حبلها المربوطةِ على عنقي لتعلقني في بصيص نور أرتمي إليه ..
فأمل تقول أنها سعيدة بتواجدي معها
واني كأختٌ لها , وهي لا تستطيع الاستغناء عني
فيزيدني ذلك تعلقا وسعادة أنني بجوار أمل ومعها
ولكن هذه المرة لم تكن أمل متواجده
نقشت التجاعيد خطوطها على وجه والدة أمل ليرسم الغضب إيماءاته على وجهها
لقد كانت غاضبة على غير العادة , كانت تنظر إلي بإنزعاج
وما أنا إلا حساسةٌ في هذه الفترة
خائفة من حدوث أمر يقلب كل شيء عليّ , يجعلني انهار
صاحت عليّ ... وكأنها لم تشعر بصيحها ولا بغضبها العائم على وجهها : " لِمَ البراد خالي , لِمَ الغبار متناثر هنا وهناك , لِمَ هذه الأوساخ هنا "
أكملت وقد تفجر الاشمئزاز على وجهها : " وأنتِ "
ابتلعتُ جرعة من الهواء , وقد التهمت عظامي دمي وبانت عروقي على وجهي المذهول الذي زاد شحوبه المرعوب من فوج غضبها المسلط عليّ
زفرة وهي موشحة الوجه تنظف اطباق الغداء المبعثرة في المطبخ
واضافت وهي تغرز سكاكينها في صدري وترديني بها صرعية الألم : " ألا تفكرين في الانتقال , إلى متى ستقطنّين لدى أبنتي , مع انني فرحت بتواجد أحد ما لديها ولكن هناك من رجال العائلة من يسكن في هذه العماره والزيارة دائما ماتكون متواصلة بين الأهل لدى ابنتي , وأظن انه ليس جيد لفتاة غريبة "
غرزت كلماتها الوجع في قلبي , وأردتني بها مكسورة الخاطر
أصارع أوجاعي , ونزف قلبي الذي أخذ يضخ دمي بسرعة هائلة إلى أجزاء جسدي
قاومة تقوس شفتيّ , وبكاء عيناي لقسوة كلماتها
لم انبس لها ببنت شفة إنما صمت
فقط مافعلته هو هز رأسي
إبتلاع ريقي الناشف والذي امتصه حزني
صمتت لصمتي , ألقتني في جرف هاوية ألمي
واهتزاز جسدي المتعب والمتوجع من عالمه
وقفت متصلبة لا أقوى على التحدث أو الحراك
أرغب بمن يقوم بإنتشالي من تجمد حواسي , ومن ضجيج قلبي المتألم
صحيح ! هو صحيح !
أنا غريبة وما تواجدي لدى أمل لهذه المدة إلا أمر غير مقبول
فمالِ ألتجأ إليها وكأنها منفذي من عراقيل الحياة ... وهي غريبة عني
أختبأ في غرفتها لدى زيارات أقربائها الرجال
مندسة فيها إلى أن يذهبوا
وكأنني خجلة من تواجدي لديها
فوالدتها ايقظتني من كذب نفسي على عقلي ومن تقلب الأحلام على الحقيقة في حياتي
فمالِ أبني أوهاما على أوهام
فمالِ إلا قاتل أبي
ذلك الذي لن اشعر معه بأنني عالة
ذلك الذي كنت معه ملكة على عرشها , ذلك الذي كان عالمي
الذي كان كل شيء بالنسبة لي قبل أن يتحطم عالمي معه
فمالِ إلا هو , أعيش معه من دون أن أكون منقض ومخرب لحياة الأخرين , إنما مخرب له
لعلي بعيشي معه استطيع الأنتقام منه , والتخلص من كل شيء
والتعويض عن الألم الذي عشته
فأنا شخص وحيد مقطوع الجذور , لا يملك عائلة غيره
لا يملك لا حول ولا قوة
وهو ملجأي الوحيد في هذه الدنيا
غرقت في بحر أفكاري المتلاطمة , أصارع مشاعري المتحطمةِ
واقفة في مكاني غير قادرة على الخروج من سكون جسدي
أحدق إلى اللانهاية التي أوصلتني إليها أفكاري
صنعت والدة أمل الطعام لإبنتها وقالت انها ستأخذه معها إلى المستشفى
لم أكن أُنصت لثرثراتها الأخرى , ولا أعرف ما الذي قالته بعد حقنها لجسدي بحُقْنَةٌ مُهَدِّئَة قامت بعملها العكسي على قلبي وعقلي
تحركتُ أمشي الهُوَيْنَى بعد خروجها
ودخلتُ إلى غرفتي الظَّلْمَةِ
مشيتُ إلى أن وصلتُ إلى هاتفي النقال القاطن على المنضدة
أمتدت أصابعي لتحتضن برودته وعتمته
ضغطُ عليه بإصابعي , وضرب إبهامي أزراره ليشتغل
غطى نوره وجهي , وأسر عينيّ
وابتسمت ملامحي بإلم , وأصبعي يتجول بين الأسامي
ضغط بقوة جسدي التي تحولت لاصبعي على رقم الاتصال بذياب الذي سجلتُ رقمه لدي سابقا خوفا من ضياعه مني عندما اعطاني إياه في الورقة عند أخر زيارة له لي
عضضت شفتي السفلى وأنا أتهالك على الأرض الباردة
ضربت ركبتاي الآرض الصلبة من تحتي , وأنا أخبئ قدميّ تحت جسدي وتحت عباءتي السوداء
انسلت دموعي من عيناي , وخلع وجهي صمته و بكاء ...
وأنا انصت لرنين الهاتف من الجهة الأخرى
وأندب حظي
أزجر نفسي الخائنة , لإخلافها بوعد أبي
عدم قتل قاتله و العودة إليه
العودة إلى ذياب , أنه الحل الوحيد
فأنا لا أريد التشرد , لا أريد الألم
فلقد تشرب قلبي مايكفي منه
أريد الراحة فقط , لانني تعبت من الضغوطات النفسية
ولكن هل هو صحيح ما أقوم به الآن
الراحة معه , كيف تكون معه ..فمالِ أكذب قلبي بتعلقه به
اني أعرف أن راحتي معه هو !!
ولكني خائفة .. من أن تكون خديعة طواها قلبي على عقلي
دام رنين الهاتف لثواني قليلة حتى انقطع رنينه وأتى صوت آسري
إنقبضت عضلة قلبي , وتوقفت رئتاي عن تلقي الأكسجين
وانا انصت لفحيح صوته الأتي من الجهة الأخرى وهو يقول : " مرحبا "
صمتُ غير قادرة على النطق
أرتعش من وقع نبرة صوته على نفسي
زحف إرتجاف جسدي حتى إعتلى صوتي , وخنق عبرتي
اهتزت شفتيّ لتذكري بما أنوي القيام به
حاولت النطق ولكن لم أستطع ذلك
سمعت صوته الحانق , والمنزعج يقول : " عذرا .. من المتصل ! "
أخرجتُ موجة من الهواء المختنق في صدري
وحاولت بث الحياة في صوتي الميت , وقلت بصوتٍ مهتز : " أنا "
حدقت بالظلام المخيم من حولي
أبحث عن منفذ ضوئي ينقذني من توتري هذا
يمدني بقوة يفتقدها جسدي
صمت هو لصمتي
وكأنه يعيد نغمة صوتي في عقله , أو يستوعب من أكون ..
أو أنه يتخيل أن لا تكون أنا
هتف بإسمي بصوتٍ أطلق إنداهشه : " ترفه "
أرتفعت أكتفيّ عاكسة مدى توتري
وإنطوت قدماي تحت جسدي المرتجف
وأخذت كفي تلاعب أصابعها المرتعشه في حجري
وأنا أستعيد قوتي المزهقة , مُتعب هو الحديث معه
مرهق التواصل معه بهذه المشاعر الجياشة
مؤلم الاجبار الذي أعيشه , واتخاذي لقراري المصيري
التصقت أجفاني ببعضها , وأنا أقول بصوتي الباكي المتألم
بإرتجاف حبالي الصوتية , بصراخ عقلي المؤنب لقلبي : " ذياب إني موافقة على طلبك "


****
كنتُ أقود سيارتي في وسط زحام الشارع عندما جاءني أتصال من رقما غريب
لم أكن أنوي الرد عليه لانشغال عقلي
وقلة وقتي الذي يجبرني على الأسراع إلى مركز الشرطة
توقف نور إشارة المرور على اللون الأحمر لأوقف أنا سيارتي
عقدتُ حاجباي , وأنا التقطُ السماعة وأدسها في أذنيّ
زفرة نفسا عميقا وأنا أضغط على زر الرد
لم أسمع ردا بعد قولي لمرحبا
تضايقتُ من الاتصال الغريب ولم أسمع لهُ ردا لمرة أخرى
كنت على أهبت الاغلاق على وجه هذا المتصل الصامت والمجهول
إلا اني توقفتُ للحظات متجمدا , لعبور طبلة أذنيّ صوت انفاس مضطربة خافتةٍ
اشعلت فتيلة التوتر في صدري , وايقظت ضجيج قلبي
أنفاسها سعرت لبي
ألتهمت هي أنفاسها بصعوبة, فاستنشقتُ أنا معه عطر أنفاس متصلتي
تخدر جسدي الذي غرق في وسادة معقدي الدافئ
نظرتُ أمامي مضطربا , هي ! انها هي , اتمنى أن تكون هي !
في لحظات ظننتُ أنني أتخيل أنها هي !
ولكن قلبي يقول أنها هي !
هل من الممكن أن تكون صغيرتي على الطرف الأخر من الهاتف
هل من الممكن أنها حقيقه
جاني صوتها ليطرح إضطراب روحي وتكذيب عقلي لاحساس قلبي
رنينُ صوتها هز نبضات قلبي وبث الحياة فيّ
حتى أني تركتُ كل شيء , ونسيت فيه عالمي
نطقت بصوتٍ تشرب دهشتي وفرحتي بها : " ترفه "
ابتسمت شفتاي لحقيقة أنها من أتصل بي
وانقشع اضطرابي المتربع على صدري ليحل محله فرحي بها
فضحكت شفتاي لسامع صوتها الذي افتقدهُ من ذلك اليوم
والذي أشتقت إليه منذ زمن طويل
اشتقت لكِ يا طفلتي , أشتقت لرؤيتك بين جناحيّ
لرؤية ابتسامتكِ البريئة
إشتقت لتذوق دلالكِ وشقاوتكِ وأفراحكِ
أرجوكِ عودي إليّ يا طفلتي , فأنا أكاد اغص بأنفاسي دونكِ , أكادُ أختنق بحياتي ..
وصلني صوت انفاسها المضطربةِ والمتلاحقةِ والتي تحاول بها لملمت قوتها
كانت وكأنها تكتم بكائها حتى انها شهقت عدت شهقات أوجعت قلبي بها
ونمت بها حسرات ماضيّ الذي تلطخ بدماء والدها
صحيح أنه مجرم قاتل , سافك للدماء , مخرب , هادم للأجيال
مع افعاله هذه فهو والدها الذي قتلته أنا أمام عينيها هي
وقتلتُ حياتها وروحها معها
تبا لي ياترفه .. تبا لي..
لانني جعلتكِ تقاسين هذا كله
ياليت الحقيقة اختبأت واندثرت في غياهب الصمت ولم تكشف
لكي لا يكون حزنكِ وألمكِ موجع لهذا الحد
ياليتني أنا من بقيت أتألم بعزلتي الخرساء حتى أموت وأجعلكِ تعيشين براحة
ولا تعيشين مع من أجرم بحقكِ وقتل والدكِ
في لجة سكون حنجرتي , وفي صخب صراع نفسي المتألمة والمنفعلة مع عقلي
قالت شاقت السكون , رامية عليّ كلماتها : " ذياب إني موافقة على طلبك "
اتسعت حدقتيّ دهشة , وازداد خفقان قلبي اضطرابا
وأنا في غرق صدمتي بكلماتها , تائها في بحر من الأمواج الهائجة
انطلق صوت ابواق السيارات منتشلا عقلي من غيبوبته , معيدا وعيّ إلى عالمه
ولم يبقى من صوتها إلا الصدى وصوت طنين إغلاق الهاتف ...
ترنحت السماعة من أذنيّ , وسقطت في حجري
وتغير لون إشارة المرور أمرا إياي على المضي قدما
تراقصت أنفاسي في صدري , وخفق قلبي حد الألم
هي موافقة , لقد وافقت عليّ
هي تريد العودة إلي كما أريدها أنا بجانبي
شددت أصابعي على المقود منطلقا بأقصى سرعتي
أضحك لحد الجنون
ولا ينقر خلايا رأسي الآن إلا هي
فكيف لي أن أستكين
فحلمي المستحيل بقبولها لطلبي قد تحقق
والذي كنت مؤقنا برفضها له
ولكنها وافقت أخيرا بعد تعب أنتظار دام ايام قضيتها في أرق
وفوضى ألمت بحياتي وشتت إتزان تفكيري
***
بعد ساعات طويلة حاولت فيها التركيز على العمل , وعدم التفكير في شيء يشتت أفكاري قبل إنهائي ما بيدي
الوضع السياسي في تدهور بسبب الانتشار الهائل للعصابات
وعمليات السطو والرمي التي تحدث بين فترة وأخرى تجعل من العمل مؤرقا حد التخمة
خطط الإيقاع والقبض على المجرمين يتم دراستها طوال أوقات العمل
البحث والتنقيب عن مفتعلين الجرائم والمخربين لا يزال مستمراً فلم يتم القبض إلا على قلة قليلة
تركتُ مابيدي من أوراق وملفات
ووقفت ملتقطا معطفي الأسود مرتديا إياه فوق بدلة الشرطة الزرقاء
خرجتُ من المركز داساً كفاي في جيب بنطالي الأزرق
أمشي ملتهما بقدميّ مسافات شاسعة من اسفلت الشارع متجها نحو سيارتي , بدوامة من الأفكار المتصارعة في رأسي ...
أفكر في إجراءات الزواج , التعديلات التي يجب عليه القيام بها في المنزل
القيام بزفاف كبير مفرح لترفه
ارتطمت نبضات قلبي بصدري بفرحة وغسلت هموم قلبي وارهاق روحي
رفعت مفتاح السيارة لفتح أبوابها
فرن صوت الهاتف معلناً عن وصول رسالة نصية
رميتُ القبعة عن رأسي , وأنا أفتح الباب وألتقطُ هاتفي النقال من جيب بنطالي
وقفتُ ممسكا بباب سيارتي , وأصابعي ترتطم بأزرار الهاتف لتفتح الرسالة
عقدت حاجباي بتعجب استحال لدهشةٍ , ليتحول إلى إستنكار
فأعدتُ قرأت محتوياتها لمرة أخرى بتركيز محتد " ألا زلت حياً , تبدو كقط ذو سبع أرواح , تبا لك , سأجعلك تندم على بقائك حياً , فالأيام أماماً يا صاح "
تلاحقت انفاسي ودب الرعب في جسدي , وانا أعيد قرأتها مرارا وتكرارا
ما هذا , وما هذه التهديدات !!!
انطلق جرس الهاتف يعلن عن أتصال مفاجئ من نفس رقم المرسل
عقلي لم يعطني خيارا , وخوفي لم يلهمني الصبر
فضغطُ على زر الرد بسرعة , رافعا الهاتف بسرعة إلى أذنيّ خالعا سماعته عنه لتسقط على الأرض
اتسعت عيناي لسامع صوت قهقهاتٍ مجلجلةٍ صاخبةٍ
وكأن المتصل مهلوس مجنون , يضحك بلا توقف
صحتُ به بغضبا شديد : " من المتصل !! "
توقف عن الضحك وهو يقول صارخا من الجهة الأخرى : " سأقتلها قبلك تلك الحقيرة , وسأقتلك بعدها , وسأجعلك تتجرع مرارة الندم والبؤس , سأجعلك تندم على البقاء حياً "
أختنقت أنفاسي , واتسعت حدقتيّ هلعاً , وانتفض جسدي من هول ما قاله ...
تبعثرت الكلمات لفهمي لمّا يرمي إليه
ولاحساسي الداخلي بأنه ذلك المجرم الحقير
افترسني الغضب حتى أكل جسدي لقمة واحدة
وثارت دمائي كالبراكين فقط لسماعي أنه يهددني بقتلها
انطلقت من حنجرتي صرخة وعيد , صرخة غضب شديد , غيظ , جنون يقضم عقلي " إن لمستها سأقتلك , جرب ذلك سأاااااقتلك "
صرخت بها حتى تشربت حنجرتي مائها , وجفت لتصبح قاحلة , ميتة
فضحك وهو يقول : " سنرى "
واغلق الهاتف على وجهي , ورنين ضحكاته يتصاعد في عقلي
ضربتُ أسناني بغضب احتل جسدي , وجن به عقلي
وانا أرمي بالهاتف من يدي بكل قوة
حتى تحطم وتناثر على الأرض
أجتاحت جسدي موجة من الهستيرية , وانا اصفع باب سيارتي بيدي , واركله بقدمي
و اتوعد ذلك الحثالة القذر بقتله , تبا له !
لن يستطيع لمس شعرة منها وأنا حي
فأنا سأقتله قبل أن يصل إليها
أيظن أنني لن اقدر عليه
حتى لو كان تحت الأرض سأنبش الثرى , واخرجه وأقتله واسفك دمائه بيدي ..
و سأحميها هي حتى لو مت , لا لن أموت , سأقتله وأموت
فهو لن يمس ترفه مادمتُ حيا
فترفه هي حياتي ! روحي ! كل شيء بالنسبة لي !


***
كان عقلي قد غرق في دوامة من التفكير بأيامي السابقة
باستغلال عامر لي , وتعذيب نفسي المستمر لي
وصراخ عقلي الرافض لضعفي الحقير
الذي عُدت إليه , واختبأت في قوقعته
وكأن شتائمي وأخر كلماتي لم يكن لها وجود
أو أنها كانت أحدى أحلامي المريضة والتي لا تمد الواقع بصلة
ابتعدت عن أفكاري الصاخبة
ابتعدت عن جنون عقلي , وانهيار جسدي
عندما جلست ترفه تقلب أصابعها المرتعشة قبالتي على الأريكة
قالت بوجه لم أرى تعابيره من اختناقي في أفكاري الحزينة , ومؤنبة ضميري لي : " أمل أريد محادثتكِ في موضوع مهم ! "
وكأني خرجتُ من فقاعتي الهشة التي تحطمت جدرانها بسهولة
لاستيقظ من ظلمةِ أفكاري وأرى ترفه
حاولت رسم إبتسامتِي المبتذلة والكاذبة
فأنا لا أود أن أدخل ترفه في معمعة عالمي الذي بات متعثرا ووعرا من خداع ونصب , وسرقة صلة دمي
من حقارة ما أفعله , وحقارة مستغلي الخالي من الضمير
فهموم ترفه تكفيها
و موجة سرحانها فائضة هذه الأيام
أرتعاشها وتوترها ..... يكفي !!
فأنا لا أُريد زيادة أحزانها وهمومها
اتسعت ابتسامتي المرحة والتي تكاد تخنق صدري من قوتها التي لا تحتملها نفسي
إلا الشحوب يا أمل أمام ترفه
لا تفعلي ذلك , لا تجعليها تشعر بكِ !
لو كانت غير مهمومة , لو كانت لا تبكي !
لكنتُ قد قلت لها لعلها تضمني إلى صدرها , وتكفكف دمعي
ولكن هي الآن متعبة , وأنا لا أريد زيادة أثقال همومها
وكأن الحقيقة صفعتني , وأرعشت فرائضي
أنني كاذبة !!
أنني أكذب على نفسي ...
أكذب لأنني خائفة من تأنيب أحدا ما لي , وقولهم الحقيقة لي
و أنني الملامة على رضوخي لعامر , وانني صمت عنه
ولم أردعه , لم أرفض جشاعة أطماعه
وكأنني مجرد ضعيفة وساذجة
تبا لي من غبية وحمقاء
ولكن أن أخسر وظيفتي وسمعتي
لهو صعب على نفسي الضعيفة
فأنا قد بذلت الكثير , وسعيت حتى الارهاق
حركتُ شفتاي الخائرتين والمضمومتين اللتين عجزتا عن أخفاء حزنهما : " تحدثي يا عزيزتي فأنا لك أذان منصتة "
حركت عينيها المحمرتين والذابلتين إلى الأسفل , لتغطيها أهدابها وقد تلونت وجنتيها بالحمرة لتضيف لوناً صاخباً على وجهها الشاحب , كان الحزن قد نُقش على وجهها واتعبه
تقوست شفتيها الذابلتين من البكاء وقالت : " لقد قررتُ الموافقة على طلبه , والزواج به "
تنفست رئتاي هوائها , وبدهشة كست وجهي همست : " حقا !!! "
لم أكن أظن أنها قد توافق
فلقد كانت مضطربة , وتبكي عندما أخبرتني بما قاله ذياب لها
كانت وكأنها ترفض كل ذلك
وتقول أنه كيف يظن انها سوف تعود إليه
وأنها ستتزوج منه , كيف ستتزوج منه هو
أنسى أنه من قتل والدها
حتى أنها استمرت في البكاء لايام طويلة
ولكن أن توافق عليه بهذه السهولة والبساطة
لم أكن لأتخيل ذلك!
ولكن أهذا بسبب ذكرياتها معه , وألحاح ذياب عليها بالعودة إليه , جعل قلبها يرق له !
تحركت أناملي لتقبض على أصابعها المحمرة بلهفة , وهتفتُ بدهشة لم تخفت نارها : " واقفتِ على الزواج منه , أحقا ماتقولينه يا ترفه "
إلتقطت أنفاسها , وكأنها تعيد موجة من البكاء إلى داخل صدرها , وقالت وبصرها يتصاعد نحوي , وازداد أحمرار وجنتيها بأعين غزتهما الدموع : " نعم وبأسرع وقت ممكن , لقد أخبرته في رسائلا نصية بأنني لا أريد زفافا ولا أرغب في شيئا أخر, أريد فقط العودة إلى المنزل ولكنه "
صمتت وقد لمع الحزن في عينيها الدامعتين , لتضيف وقد شرب صوتها من البكاء حد التخمة : " رفض , قال أنه يريد فعل كل شيء لي , وانه يريد أن أحصل بكل ما ارغب به , يريد أن يعطني كل شيء لديه , يريد أن يجعلني ملكة , ويريد إسعادي ولو على حساب نفسه , حتى انه اتصل بي لمرات عديدة ولكنني رفضت الرد عليه , وأصررتُ على رأيي وأنني لا أريد اي شيء منه , فقط أريد العودة إلى المنزل والعيش هناك , وتحت إلحاحي الشديد رضخ لي بعد جهد طويل "
عبس وجهي بحزن لكلماتها , وانها تريد الذهاب عني بسرعة
تغير رأيها , أأحست بشيء !
أهو تقصير مني ! أأزعجتها بشيء !
لم هي تريد الذهاب عني بسرعة والخروج من حياتي
فأنا لا أحتمل مفارقتها
تأوه قلبي بألم, فوضعتُ أصابعي على صدري أضغط عليه من ألما ألمً به
هي رفيقتي التي اعتدت العيش معها
هي صديقتي التي لا استطيع العيش بدونها
هي صديقة روحي , هي نفسي الثانية
هي صديقتي التي احبها بعمق , ولا أتخيل حياتي من دونها
هي ونيسي عند وحدتي , هي صديقتي التي ارتشفت معها معنى المحبة والوفاء
ففي أيامي الفائتة كنتُ ألجأ إليها بصمت وسكون
ألجأ إليها لنخفف عن بعضنا بالضحك واللهو لعلنا ننسى أحزاننا
ولكن بدونها فالوضع قد يكون خانقا حد الموت
صمتُ وجسدي يرتعش معي
عضضتُ شفتي السفلى أمنع نفسي من البكاء
أحتمل ألم مفارقتها
فهذه حياتها
انسيت أننا قد نفترق في يوما ما , وكل واحدة منا سوف تبني حياتها الخاصة لوحدها
هززتُ رأسي الذي ثقل عليّ
لم أستطع البنس بحرف, فالغصة قد علقت في حلقي وقذفت عينيّ دموعها
رأيتها تحدق بي وهي تمنع نفسها من البكاء , بيدان تمنعان تساقط دموعها على وجنتيها
لم أحتمل الأمر , وهي لم تحتمل ذلك
أجهشنا ببكاءا حارا , حتى تعانقنا فيه وكل واحدة متعلقة بالأخرى
نبكي دموعا تنطق خوفاً من الفراق
اصيح عليها بعبارات قد مزقها ألم حزني وإنهياري في هذه اللحظة
وأنني سأشتاق إليها و سأفتقدها , غرست أصابعها في ظهري وهي تقول : " أمل أني سأفتقدتك جدا , أمل أنني لا أريد الرحيل عنكِ , ولكن هذه هي الحياة , فمكاني الصحيح عند ذياب , يجب عليّ أن أعود إليه , فكفاني ثقلا عليكِ "
هززتُ رأسي وأنا أهب من حضنها , وأقول وقد نشرت دموعي مائها على وجنتيّ : " لا أنتِ لم تثقلي عليّ يوما , أنتِ كنتِ مصدر سعادة لي بتواجدكِ معي , يا رفيقتي الطيبة والرقيقة , ترفه أني أحبكِ كثيرا ولن احب صديقة مثلكِ أبدا "
إرتعشت شفتيها وهي تهز رأسها بنعم , وتقول بصوت حزين :" أنا ايضا أحبك ولن أجد إنسانة مثلكِ , أمل انتِ من انقذني , أنتِ من أعطاني المأوى والراحة , لقد صارعتُ نفسي كثيرا قبل الرضوخ لقراري هذا , لقد كنتُ سعيدة بتواجدي معكِ , فحياتي كانت جميلة معكِ "
صمتت وقد تغلف وجهها بالمرارة الواضحة و تغطت تقاسيمها بالوجع لتكمل بصوت مرتعش : " العودة إلى ذياب قرار نهائي لا رجعة منه , قراري الذي اتخذتهُ بكل قواي العقلية , سامحني يا أمل فأنتِ لم تقصري في حقي أبدا وأنا ممتنة لتواجد صديقة مثلكِ , ولكن الحياة تمضي دائما بخلاف أهوائنا "
لم أبح بالمزيد
فمالِ أريدها لديّ بأنانية ... فالحقيقة أنني خائفة من العودة إلى الوحدة الخرساء
خائفة من الغوص في الأحزان
خائفة من ضميري وضعفي , وخطواتي المتساقطة
ولكن هي تتخذ قرارتها بنفسها وحياتها ملك لها لوحدها
وذياب رجل صالح , رجل ليس لهُ مثيل , ونادر
حتى أنا اعجبت به , وبرجولته وحبه لترفه
فهو يرمي العالم ورائه من أجل محبوبته
وهو صادق ونبيل
وهي الآن تحتاجه لتتخلص من الماضي لعلها بذلك تنسى جروح ماضيها وخدوشه
طفت إبتسامتي الحزينة والمتألمة على شفتيّ , لتبتلع حنجرتي آهاتها
ولأقول بصوت خافت : " عزيزتي أنه قرارا صائباً "
مسحت دموعي المغرقة لوجهي وزدت من إبتسامتي بسعادتي لها , وحبي لها
فهتفتُ وأنا على وشك الغرق في بكائي الذي أقاوم أمواجه المتلاطمة في صدري : " ترفه إني أحترم قراركِ وسعيدة من أجلكِ , ومتأكدة أن ذياب هو الشخص المناسب لكِ , لأنه يحبكِ ويريدكِ , يكفي تضحيتهُ لكِ وانه نادما على الماضي "
بللتُ شفتاي الناشفتان , وابتسمت وأنا أحدق إلى وجهها الذي خلا من التعابير وشرب الشحوب منه حتى ابتلعهُ
مرت الأيام تتراكض وتتسابق وكأنها تودعني
كنّا نتسلى كثيراً بالخروج للتنزه بعد عودتي من العمل
كنّا نسهر مع بعضنا في أوقات العطلات حد التعب
كنّا نتشاجر لأسباب تافهة كما في الماضي , ونضحك بعدها على سخفنا
وكأن الأيام قد ملّت منا لتهرب منا وتسلبنا اللحظات وتبقي على الذكريات
هي ساعات , هي دقائق وتذهب فيها ترفه عني
كانت تقاوم دموعها التي تخفت وراء إبتسامتها
كانت تتكلم وكأنها تود البكاء
كانت متوترة الجسد , وصاخبة المشاعر
فيديها ترتعشان , وجسدها يفقد إتزانه بين فترة وأخرى
هي خائفة فوجهها قد كشف الكثير من الأوجاع وراءه
فهي شفافة جدا
أخافتني حد الرعب فشحوبها مروع وقد بدأ المرض يرسم علاماته عليها
حاولتُ ثنيها عن قرار ذهابها معه , حاولت اقناعها بتأجيل عقد قرانها به إلى أن تستعيد قوتها وصحتها.
ولكنها رفضت رفضاً قاطعاً , وأصرت على الذهاب معه الليلة وإتمام كل شيء
ذهبت ترفه عني بعد وداعا حار استمر لدقائق طويلة
احتضن جنباته عناق حار شهق بدموعنا
حثثتُ خطاي المتعبة بعد يومي الحافل بالتوتر والدموع إلى أريكة تحتضن جسدي واوجاعه المتفشية فيه
تدثرتُ بوشاح الاختناق , أختبأت تحت فراش حزني
هي رحلت عني الآن وتركتني وحيدة أثرثر مع أشباحي المكتئبة
أسقي ريقي من ماء مالح
أنام قريرة العين لا ينازع أحدا وحدتي , ولا يعبث بفراشي أحد
ألتحف بغشاء دموعي , أصارع ذكرياتي المريرة
وارتطم بواقعي المليء بالحفر
كنت بالأمس معها , وها أنا الآن أعيد صفحات فصولي القبيحة التي كنتُ أتناساها
كنتُ بالأمس معها أنسى عثراتي , وقبح أيامي الماضية
ولكن الآن سيعاد شريطها على أنغام مسرح دماغي
ستباح جرائمه على الطريق , سأستنشق أنا غبار طلع ما نفذتهُ نفسي
سأنخرط في لوعة فقدانها وأحزاني
وسترفرف أنفاسي حولي لتطلب مني الرحيل
وتجعلني في وحدتي الجرداء , وحيدة كسابق عهدي , وحيدة بين جدراني الصماء .


نهاية المعانقة الرابعة عشر



قرة عين امي 02-05-13 09:47 PM

رد: أرواح متعانقة
 
ياهلا ويامرحبا باسوم ... نورتينا بطلتك المحببة الى قلبي
حسناء
يالها من فتاة تتخبط دون ان تعرف طريقها الصحيح جفاء والدها لها وبعد اخيها حسن وقساوة مروان شكل منها فتلة مرتبكة وخايفة وغير متزنة ... المني قلبي عليها كثيراً وادمي من شد وقع كلمات مروان القاسية عليها لقد حطم اخر امالها ورمى بها في مستنقع الاحزان تندب حظها العاثر الذي ابعدها عن مروان .... صنعت سلمي خيراً بتحذيرها واخبارها حقيقة شما التي تعمده نسيان الحلم المتعلق بها وماهو الا انذار للبتعاد عنها

ترفة
قرار سديد رغم انها مازالت في شد وجذب بين قلبها المحب وعقلها الرافض لوجود ذياب بقربها ولكن نغزات والدت امل لها جعلها تفكر بحقيقة وجودها لدى امل دون ان تربطهم اواصل الدم والقرابه فلا مكان لها الا مع ذياب

ذياب
اخيراً ستعود الى كنفك وتحت عينيك وبين يديك لكن الخطر يتربص بكما فكيف سيكون حالكما

امل
متشتتة ... مرتبكة ... تانيب الضمير يقتلها ... لكنها تشعر انها عاجزة عن ايقاف عامر عند حده والتوقف عن تنفيذ طلباته الجائرة بحق اقاربها لابد لها من وقفة جادة مع نفسها اولاً ثم مع عامر لتتوقف عن تنفيذ مايمليئه عليها عقله المريض المتشرب بالحقد والعقد الا نهايئة ... ستشعر بالوحده والحزن والتخبط الان اكصر من ذي قبل وهي تعيش بمفردها وتعيد التفكير بما يثقل كاهلها من تصرفات عامر المرغمة على مجاراتها اخشي ان يصيبها وضعها بالجنون فليس بينها وبينه الا شعرة
لو سمحتي كبري حجم الخط لانه يتعبني الخط الصغير
في انتظارك دوماً وتقبلي خالص تحياتي ..... اسماء

captive dark 03-05-13 03:51 PM

رد: أرواح متعانقة
 
صباح / مساء دموع السماء الباكية ...

اسوم .. عدتي .. وعاد الانذار بالخطر المتربص الذي يحدق بالابطال ... سواءً كان عاطفي او جسدي ..

معانقة .. الخيبات .. الضياع .. الاوجاع .. و الخدوش و الندوبات الواشمة ..

............................................................ ..................................

ذياب و ترفه /

تخبط بين ميثاق قد عقد منذ عَقد و بين العقد الذي عاشت فيه مترفه وهانئة مع ذلك القاتل ..
قرار صائب بالعودة الى " الوطن " ذياب .. .. ترفه يغلب عليها حاليا قلبها .. فلو فكرت ولو قليلا بعقلها لرجحت كفة ذياب .. فوالدها قاتل ايضا .. فكم هتك من عقول ونفوس ...
كيف سكون الحياة بين ترفه وذياب .. بعد ان اصبحا زوجين عوضاً عن اخ و اب ...
ذياب .. كيف سيتعامل مع التهديد ؟

............................................................ ..................................

عامر و امل /

امل .. والعذاب النفسي .. وضميرها الحي الذي يلسعها بقباحة افكارها ... فهي وترفه كانتا تلتهيان عن التفكير ببعضهما .. اما الان كل منهما يجب ان تواجه مصيرها وحيدة ..
عامر .. هل سيكف عن ابتزاز امل .. ام انها هي من سيردعه عن ذلك ..

............................................................ ..................................

مروان و حسناء /

حسناء ... يجب ان تستيقظ من غفلتها وسذاجتها .. و مروان كان هو الموقظ بصفعة الكلمات الجارحة على خدها الناعم ... على قلبها المحب ... حمدا لله على حماية حسناء من شما .. فلو ذهبت ماذا كان سيحصل ....
مروان ... لا اتمنى له تلك الـ هدى .. هل سيحدث شيء ما يلغي هذا الزواج ..

............................................................ ..................................

اسوم .. ننتظرك بفارغ الصبر .. لا تطيلي غاليتي فنحن نحترق شوقا ..
هل سيكون هناك موعد محدد للقاء .. ام انه متى انتهيتي من الكتابة نزلت معانقة ..

اختك في الله ..

captive dark

سميتكم غلآي 08-05-13 02:41 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3315848)
ياهلا ويامرحبا باسوم ... نورتينا بطلتك المحببة الى قلبي
حسناء
يالها من فتاة تتخبط دون ان تعرف طريقها الصحيح جفاء والدها لها وبعد اخيها حسن وقساوة مروان شكل منها فتلة مرتبكة وخايفة وغير متزنة ... المني قلبي عليها كثيراً وادمي من شد وقع كلمات مروان القاسية عليها لقد حطم اخر امالها ورمى بها في مستنقع الاحزان تندب حظها العاثر الذي ابعدها عن مروان .... صنعت سلمي خيراً بتحذيرها واخبارها حقيقة شما التي تعمده نسيان الحلم المتعلق بها وماهو الا انذار للبتعاد عنها

ترفة
قرار سديد رغم انها مازالت في شد وجذب بين قلبها المحب وعقلها الرافض لوجود ذياب بقربها ولكن نغزات والدت امل لها جعلها تفكر بحقيقة وجودها لدى امل دون ان تربطهم اواصل الدم والقرابه فلا مكان لها الا مع ذياب

ذياب
اخيراً ستعود الى كنفك وتحت عينيك وبين يديك لكن الخطر يتربص بكما فكيف سيكون حالكما

امل
متشتتة ... مرتبكة ... تانيب الضمير يقتلها ... لكنها تشعر انها عاجزة عن ايقاف عامر عند حده والتوقف عن تنفيذ طلباته الجائرة بحق اقاربها لابد لها من وقفة جادة مع نفسها اولاً ثم مع عامر لتتوقف عن تنفيذ مايمليئه عليها عقله المريض المتشرب بالحقد والعقد الا نهايئة ... ستشعر بالوحده والحزن والتخبط الان اكصر من ذي قبل وهي تعيش بمفردها وتعيد التفكير بما يثقل كاهلها من تصرفات عامر المرغمة على مجاراتها اخشي ان يصيبها وضعها بالجنون فليس بينها وبينه الا شعرة
لو سمحتي كبري حجم الخط لانه يتعبني الخط الصغير
في انتظارك دوماً وتقبلي خالص تحياتي ..... اسماء


ويا أهلا وسهلا بمن يحبها قلبي ويسعد بتواجدها

وانتِ انرتِ بتواجدكِ أرواح ...

هل حسناء حقا فقدت أملها بعد كلمات مروان ... اتفقد املها بعدم امساكها لقلبه بعد كل سنين الحب هذه .... وإلى اين سيقودها تخبطها هذا ..... اهو تخبط يحطم حسناء

تواجد ترفه لدى أمل .... ترفه عرفت انها مجرد غريبة عليهم اخيرا ... وان مكانها الصحيح لدى ذياب ... امكانها صحيح لدى ذياب ام انها مجرد فرد مقطوع الجذور كما تقول هي

أمل لم تكن ضعيفة في يوم ما ... ولكن هي الآن لا تفكر بعقلها ... هي الآن تفتعل الضعف تجبر نفسها على الضعف.... ولكن اهناك من سيحطم ذلك الضعف ... أمل قوية ...


نسيت أن اكبر حجم الخط ... واسفه جدا على ذلك وان شاء الله لن اغفل لمرة أخرى عن هذا الشيء

أسماء شكرا لحلاوة ردكِ ... شكرا جزيلا لكِ فأنا ممتنة جدا لكِ وفرحة بردك هذا الذي ادخل البهجة إلى نفسي واسعدني بشكل لاتتصورينه

شكرا لكِ يا صديقتي أسماء

سميتكم غلآي 09-05-13 07:53 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة captive dark (المشاركة 3316017)
صباح / مساء دموع السماء الباكية ...

اسوم .. عدتي .. وعاد الانذار بالخطر المتربص الذي يحدق بالابطال ... سواءً كان عاطفي او جسدي ..

معانقة .. الخيبات .. الضياع .. الاوجاع .. و الخدوش و الندوبات الواشمة ..

............................................................ ..................................

ذياب و ترفه /

تخبط بين ميثاق قد عقد منذ عَقد و بين العقد الذي عاشت فيه مترفه وهانئة مع ذلك القاتل ..
قرار صائب بالعودة الى " الوطن " ذياب .. .. ترفه يغلب عليها حاليا قلبها .. فلو فكرت ولو قليلا بعقلها لرجحت كفة ذياب .. فوالدها قاتل ايضا .. فكم هتك من عقول ونفوس ...
كيف سكون الحياة بين ترفه وذياب .. بعد ان اصبحا زوجين عوضاً عن اخ و اب ...
ذياب .. كيف سيتعامل مع التهديد ؟

............................................................ ..................................

عامر و امل /

امل .. والعذاب النفسي .. وضميرها الحي الذي يلسعها بقباحة افكارها ... فهي وترفه كانتا تلتهيان عن التفكير ببعضهما .. اما الان كل منهما يجب ان تواجه مصيرها وحيدة ..
عامر .. هل سيكف عن ابتزاز امل .. ام انها هي من سيردعه عن ذلك ..

............................................................ ..................................

مروان و حسناء /

حسناء ... يجب ان تستيقظ من غفلتها وسذاجتها .. و مروان كان هو الموقظ بصفعة الكلمات الجارحة على خدها الناعم ... على قلبها المحب ... حمدا لله على حماية حسناء من شما .. فلو ذهبت ماذا كان سيحصل ....
مروان ... لا اتمنى له تلك الـ هدى .. هل سيحدث شيء ما يلغي هذا الزواج ..

............................................................ ..................................

اسوم .. ننتظرك بفارغ الصبر .. لا تطيلي غاليتي فنحن نحترق شوقا ..
هل سيكون هناك موعد محدد للقاء .. ام انه متى انتهيتي من الكتابة نزلت معانقة ..

اختك في الله ..

captive dark


مساء الورد والسرور لكِ

مسائك ورد فواح دائم

مساء كلماتكِ التي تبث في نفسي الحماس

عزيزتي شكرا على لكِ على كمية الفرح الموجودة لي في هذا الرد
فأنا ممتنة لكِ

ترفه تتخبط بين مشاعرها وعقلها مشاعر حب وأوهام كرهه
على الأكيد ستكون الحياة مختلفه بين رجل وإمراة بدل طفلة واب

أمل مجرد تائهه تصطنع الضعف , تتغابى وتخفي قوتها وشجاعتها

حسناء هل حقا كف مروان لها صفعه تقيظها ام انها ستزيد من تخبطها


عزيزتي شكرا جزيلا على كلماتكِ وعلى كل حرف كتبته لي واسعدني

وبحفظ الرحمن

سميتكم غلآي 09-05-13 08:07 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة الخامسة عشر


أمتزج اللون الأبيض بالأسود بإرتعاش دموعي في عينيّ
ماسحا صورة الورقة من أمامي , هادما زيف قوتي
أطاحت كفي القلم من بين أصابعها
كنتُ في فوهة جحيم عندما أطلقت حنجرتي المبحوحة من البكاء موافقةِ من سجنها
كنتُ انتحَبَ تحت خماري المغطي وجهي , اهتز فتسقط غصاتِ تلو الأخرى
فاليت هناك من ينقذني مما أنا فيه , ومن تخبطي
ياليت هناك من يشدني إلى أحضانه , وينسيني كل شيء
لم يكن إلا هو من كان يقف بجانبي بعد موافقتي وتوقيع عقدي به
فلقد بت الآن في أسره
بعد أن خطت أناملي موافقةِ الكتابية عليه
أيقنت أن لا خلاص منه , ولا عودت إلا إليه
كيف لي أن أذعن لهُ ! كيف له أن يخدعني بهذه السهولة !
وأن أعود إليه وكأن لا مهرب إلا إليه , وكأنه ملجأي الوحيد !
لم أنزع خمار وجهي عنه
لم أتحرك فلقد تجمدت حواسي في حبسا أحكم أطباقهُ عليّ , وتغلف هوائه بالأختناق
واعادة ذاكرتي ذكراها التعيسة
كل شيء تهدم الآن , إشتياقي لهُ , حبي لهُ , قد بات الآن رماد تذروه الرياح
وبقي معي وعدي بالأنتقام منه , كرهي له , وأبي الذي افجعني موته أمامي
سأنتقم منه, سأجعله يذهب إلى الجحيم
فها أنا الآن اقترب منه بسمومي , لأذيقه ماذقته , لأجعله يتجرع الندم أكثر
حتى لو كان في ما ماضى نادما , متعذبا
ولكني لا استطيع الغفران له
لأنه خدعني , لأنه أخفى كل الحقيقة
وهو الآن يجبرني على الأقتراب منه
وكأن غمائم من السواد أحيكت حولي , وأنا كالصم البكم لا أحرك ساكنا ولا أستكين
تجبرني أجفاني على إغلاق عيناي , والخروج من عالم الأحياء والشرود من أسر ذياب ومن معه .
فأنا لم أكف عن الندم , ولا عن الارتعاش
أنني خائفة من كل شيء , و غير مقتنعة بقرارتي
لم أنبس بحرف واحد , إنما تحركتُ وكأنني أود الهروب
وكأنني أود لو أن أحد ما يصرخ علي الآن من بعد فعلتي وموافقتي عليه
جررتُ خطواتي الغائصة في ثقلها إلى سيارته بعد توديعي الأخير لحياتي الماضية
في محاولة لردع موجة بكائي الخائنة لنفسي
جلستُ بثقل ندمي على مقعد سيارته , واصابعي متشبثة على أطراف شفتي المنتحبة
تباً لي , لِمَ أبكي الآن ! لِمَ أنا ضعيفة هكذا !
تـَرفه , أرجوكِ لا تجعليه يشعر بضعفكِ الآن
لا تريه أوجاع صدرك , ولا حتى مشاعركِ المتضاربة بداخلك
مشاعركِ المرتعشة أمامه , واحتياجك الشديد لشخص يقف بجانبك
ذياااب , ضلعي الأعوج بحاجة إلى أضلع يستند إليها لكي يعيد توازنه إليه ..
ولكن ليس أنت !
فأنا لا أستطيع التشبث بك كما في الماضي, فأنت لست ذياب القديم ولا أنا طفلتك المدللة
عندما صعد إلى جانبي كنتُ غارقة في دموعي أحدق بالنافذة , مختنقة بندمي
ولا أريد رؤيته ولا التحدث معه
لم أنطق ولم ينطق هو
أبحر الصمت بيننا ليغرقنا في أمواجه المتلاطمة
وصلنا إلى المنزل فترجلتُ غير آبهة به
هاربة من رؤيته والضعف أمامه , وانهزامي أمام من عكر صفو حياتي
البرود أجتاح جسدي المرتعش , وأنا أدخل إلى ذلك المنزل الذي عانق روحي
عانق ذكريات الماضي , احتضنني في الطفولة , أشربني من ماء الحلو
ابتلعتُ رائحته القديمة
حدقت بي عيون الماضي لتعيد ذكرياتي إليّ , همساتي , ضحكاتي المتصاعدة
مرتع طفولتي البريئة , خطواتي الصاخبة المنطلقة لحضن ذياب
شريط ذكريات الماضي البعيد , ماضيّ الذي لن يعود
بيتي القديم , لقد عدتُ إلى مكان يحوي ذكرياتٍ سعيدة وسيئة
عدتُ إلى ضحكاتي ودموعي
هنا كنتُ سعيدة , هنا كنتُ أبكي محطمة بعد إكتشافي للحقيقة
هنا سيكون بؤسي القادم
ضاق بي الكون على وسعه , وأنا أقف في منتصف غرفة المعيشة
أشعر بأن جوفه يريد استفراغي من أحشائه بعد رحيلي عنه
يريد قذفي بعيدا , ونفي إنتمائي إليه
فلقد عدتُ إليه مقيدة
بعد أن بصمةُ حياتي مع قاتل أبي
اعادني لون منزلي القديم , وضجيج صوت ذياب إلى واقعي ومرضه
ذياب الواقف عند الباب بثوبه الأبيض ليكسر سواد شعره حدة لونه
ابتسم بوجهه البشوش المحب ليقرب المسافة البعيدة , ويلتهم رخام المنزل الأبيض بخطواته
قال وهو يردد اسمي لمرة أخرى بعينين كبيرتان لامعتان , ساكبا فرحته في مجرى دمي : " ترفه , صغيرتي , أنتِ الآن في منزلكِ , منزل طفولتكِ , لقد عدتِ إليه أخيرا "
تجولت عيناي عليه وعلى منزلي القديم لتشهق أنفاسي , ويزيد ضيق صدري أضعافا علي
لأرتعش لكلماته , لرؤية وجهه بهذا القرب , لشوقي لذلك الوجه
ولكن الآن قد تشوه ذلك الوجه الذي كنتُ أحبه , ولم تبقى له أية محبة
ارتفعت أناملي إلى وشاح رأسي لتنزعه من مكانه وترميه على الأرض
إني أختنق , وأموت من الأختناق
ويتصببُ العرق مني حد البلل
رفعت أصابعي المرتعشة إلى وجنتيّ لازيل أثر دموعي
هززت رأسي وأنا ابتلع ريقي الذي امتصهُ ألمي
أقتربت مني خطواته حتى طوقتني رائحة أنفاسه القريبة مني
إبتسم بحزن لرؤية هم وجهي وأوجعه
تراجعت خطواتي إلى الوراء , وأنا أحاول الأبتعاد عنه بوجه رسم الكرهه والألم له
غرستُ أناملي في بطن يدي , وأنا أصرخ عليه : " لا تقترب مني يا قاتل "
وكأن كلماتي صبت نارها الحامية عليه
خطف لون وجهه وطوت تعابيره الأحزان
نظر إلي بعينين متسعتين دامعتين , وبشفاه صلبة تقوست بمرارة إلى الأسفل
زادت من وجع قلبي في صدري
حاول الاقتراب مني وهو يمد ذراعيه نحوي في محاولة لاحتضاني
زجرته من الاقتراب مني , معنفةً إياه , راميةً بكلماتي القاسية على وجهه : " لا تظن أنني قد غفرت لك , لا !! أنني لم أغفر لك ولن أغفر لك أبداً , أنني أريد الأنتقام منك , أنني أكرهك أتعرف ذلك , أكرهك "
تجمعت دموعي الخائنة في عيناي , وأنا أرتجف من شدة الألم والحزن
حدقتُ بوجهه الذي زاد شحوبه , وكأن كلماتي له مرض ليس له شفاء
وكأني أزيل أماله الزائفة بقبولي له على أنه غفران وحب له
أكملتُ وأنا أصد نظراته التي تكاد تحطمني وتوجعني أكثر
نظراته الحزينة, الألم المرتسم على تعابيره المتوجعة جعلتني أقذف عليه سمومي لعلي أمحو بها وجع سنيني الماضية التي خلفت ندوبها في ذاكرتي : " أنت قاتل أبي وأنا لن أنسى ذلك أبدا .... أبدا "
اعدتها بإرهاق شديد وكأني أحارب معها أنفاسي من الهروب مني
نظرت إليه وأنا أشهق , في محاولة لردع موجة بكائي الهاربة مني
تقوست شفتاي , وأنفجر صدري بعويله ليقذفه إلى خارج فمي
أنطرحت شهقاتي تبكي , وتنتحب معها عبراتي
لا .... لا أريد البكاءالآن !
صبت أحزاني صيحاتها في صدري فسقطتُ أبكي , وكأني لم أبكي دهرا
أبكي بصوت حاد متوجع , أمسح وجهي وعيناي لعلي أكف عن بكائي الأليم
لعلي أصمت عن نحيبي الصاخب
عانقني جسده وشد ذراعيه حولي مطوقاً جسدي بحرارته , داعساً وجهي في صدره , شادا عليّ
هامسا بكلمات الأسف , متوسلا إليّ أن أكف عن بكائي الموجع له
وأنهُ نادم , ولا يعرف مايفعل , يهمس لي في أذني : " صغيرتي لكِ الحق في كرهي , اكرهني وأفعلي ما تشائين بي , اضربني , اقتلني , انتقمي مني ولكن حاولي العيش براحة ونسيان الماضي , عيشي حياتك مدللة وأنا تحت أمرك وسأفعل لكِ ماتأمرين به "
انزلقت أصابعي المغروسة في صدره لتتشبث في ثوبه
وأنا أحاول إبعاده عني والخلاص من طوقه المقيد لجسدي وروحي
ضمني إليه بقوة لعلهُ يخفف من حدة بكائي
ضربت رأسي بصدره الضخم , وأنا أبكي بحرقة لتخبطي العقيم , وحزني الشديد
خبطُ رأسي على صدره لمرة أخرى , وكأنني أمسد أوجاع قلبي عليه
أبحث عن رائحة الراحة فيه , هدأت نفسي وأنا متعلقة به وكأنه صدر الأمان والحنان
أرتعش بسكون روحي بين أنفاس حبه لي, أتنفس تحت بئر حنان جسده وعناقه الحار لي
رص بذراعيه حولي بشدة , وهو يتنفس رائحة عنقي ويقول لي من بين أنفاس مخنوقة : " أقسم أنني أحبكِ يا صغيرتي , حب ليس له مثيل , بل اعشقكِ وكأنكِ هوائي, ولا أقوى على رؤيتكِ هكذا, وأنا أسف , أسف جدا على كل مافعلته لكِ , ولا أعلم مايجب علي فعله لتعويضكِ "
بكاء صوته الناطق بكلمات الأسف والحب لي
أذاب قلبي بين أضلعي , وجعلني أترنح بين أمواج مشاعري العاتية
أعرف أن ذياب كان جزءاً جميلا من الماضي
بل هو الأجمل , هو كان حياة نعيم
وكنتُ أحبه حتى الخدر
ولكن الآن... أنا متعبة جدا , ولا أقوى على التفكير في شيء , ولا أستطيع الغفران له أبدا
نفخت من لهيب أنفاسي المتضاربة تحت وطأة خدر جسدي المريض
تشبثت أصابعي به أكثر وأنا أحاول أبعاده عني بكل قوة
إبعاد سطوة جاذبيتهُ عني , وجنون عقلي بالغفران له والعودة إلى سابق عهدنا , ونسيان ماضينا القبيح
شعرتُ بأن جسدي يغلي نارا , يتقلب على جمر المرض
يكاد يسقط إلى هاوية ليس لها قاع
صرخت به وأنا ابكي راجية إياه بإبتعاد عني , إراحتي من نِزاعي العازف على أشجان صدري
تراجع عني وارخى ذراعيه عني حتى تركت أصابعه أطراف عباءتي
مسحتُ دموعي .. وأنا أدفع بجسده الملتحف بالبياض عني وأمشي مترنحة المشية
أمشي حافية القدمين متذوقة برودة الأرضية
وأنا أكادُ أتقيأ ما في معدتي , وأسقط على الأرض من دوار رأسي القاضم لخلاياي
أشعر أن جسدي ينتزع قوتي , وانفاسي تختنق
والمرض يمزج ألوان الكون ببعضها ويعدم رؤيتي
شرب مني المرض حد الابتلاع
وأنا أحاول البحث عن منفذ أرتمي إليه , حضن أسقط عليه
وينقذني من بؤرة السواد التي تكاد تلتهمني
نفذت قواي , تهالكت عظامي , تخدر جسدي حتى فقد حواسه , أسدلت أجفاني ستائرها لتغرقني في الظلام .
***

جسدها الضئيل المتغطي بالسواد , مشيتها الغارقة في أحزانها
أيقظت صيحات الندم والحسرة في صدري على ماضيّ
واطاحت جمر دموعي من عيناي على حزنها وألمها الشديد
هي تكرهُني الآن !
هي باتت لا تطيق رؤيتي , فلقد بتُ كريهه بالنسبة إليها بعد أن كنتُ حياتها القديمة
كنتُ أقرب إليها من أنفاسها , كنتُ عالما بكل صغيرة وكبيرة عنها
وها أنا الآن كالغريب , كعابر سبيل
كالذي أضاع حياته الثمينة
يا ترفه ياليت حياتي تكون ثمناً لكِ لأعطيكِ إياها
ياليتني قادرا على محي ذكرياتنا الدميمة
أمام ناظري كانت تمشي تنتحب بصوتها الشجي
تبكي ضامة أناملها الصغيرة على شفتيها
والرجفة تعبر جسدها لترعشه وترعده
تشهق شهقات متتالية تنتزع معها الاوردة من قلبي
تتعلق أناملها النحيلة بأطراف الدرج , وتصعد سلالمه البيضاء مترنحة , باكية
تلهث أنفاسي معها متدهورة لحالها
وتقترب خطواتي منها وأنا مشقوق الصدر منزوع القلب أحدق بها وكأني منكوب
لم تصعد إلا درجة واحدة حتى تهاوى جسدها النحيل وأُغشي عليه
بقلب هوى عن مكانه , تسابقت خطوات قدماي
أسرعت نحوها لا إرادية ملتقطاً جسدها بذراعيّ محتضناً برودة أطرافها
سقطت بسوادها الذي بقي طيفه معلقا في الهواء على ذراعيّ
أغمضت عينيها الصغيرتين أجفانها , وبقيت دموعها معلقة بأهدابها
وتلون وجهها الأبيض بالحمرة والأرهاق , وتبعثرت خصلات شعرها الأسود لتتموج حوله
وتقوست شفتيها المتكنزتين لترسما مرارة الحزن
تشبثتُ بها وكأني خائفا من ضياعها مني , خائفا من إختفائها من بين يديّ
أضغط على أسناني من شدة الحزن عليها
أحتضنتها بكل قوتي مستنشقا عبير عطرها
مريحا أنفاسي الثائرة في صدري , حتى أسكرتُ من خوفي عليها
لمست أصابعي المتجمدة وجنتيها المشعتين والذابلتين وأنا أحاول إيقاظها
والإطمئنان عليها
ارتعبت من شحوب وجهها
فصرخت عليها لعلها تفيق من سباتها الذي يشابه سبات الأموات
رصت عينيها وهي تخرج أنفاسها المريضه , وتمتمت بعباراتٍ غير مفهومة
كانت تتصببُ عرقا , كانت ترتعش بين يديّ من حمى المرض
كنتُ خائفا مرتعبا من حال صغيرتي
قدتها بذراعان تمسكان جسدها بإحكام إلى أريكة قريبة منا
أجلستها عليها .. وأنا أمسك بأناملها واسند رأسها على صدري
تلمست كفي جبينها الحار
إنها تشتعل بحرارة الحمى
اقترب وجهي من وجه صغيرتي المتلون بالحمرة
كانت أنفاسها كلهيب الجمر وليس لها رائحة, كانت تخرجها وتبتلعها لقمة واحدة
مسدت أصابعي شعرها , وحط خدي على خدها وأنا أهمس في أذنها : " صغيرتي "
لم أسمع منها إلا تنهيدة مهزومة
شددتُ على ذراعيها بلطف وأنا أحاول النهوض بها , وقلت بخوفا تجلى في صوتي وحبس صدري حزني عليها : " هيا يا صغيرتي استيقظي لكي نذهب إلى المشفى "
فتحت عينيها وهي عابسة , اتسعت عينيها المرضتين بحمرة التعب وهي تحدق إلى عينيّ
هي لحظات دموع , هي لحظات وجع نقشت تفاصيلها على ذلك الوجه الصغير المريض
بكت عيناها .. وهي تضع أناملها على صدري في محاولة لإبعادي عنها
حاولتُ ملاطفتها , ومداعبتها لعلها تكفّ عن بكائها
لعلها تكفّ عن قتل نفسها بسبب شخص حقير مثلي
أنا حقير لأنني جعلتها هكذا
تباً لي يا ترفه , فأنا شخص لا يستحق أن تضحي بشهقاتكِ ودموعكِ من أجله
لأنني شخص قد دمر طفل وشوهه ذكرياته ليحولها إلى نيران تشتعل ليل نهار بلا إنطفاء
أسف يا صغيرتي
أسف لأنني أفقدكِ والدك
فأنا إنسان أعلم ماهو فقد الأب وكم هو قاسي
فأنا شخص ولدتُ بلا أب
فأبي قد مات قبل أن أولد
تربيتُ يتيما بين أسقف بيت كبير حملني أنا وأمي فقط
عشت حياة خالية , حياة تخلو من سند , من روح تسمى أب
وكنتُ أحن إليه واتمنى وجودهُ
لم تقبل رجائي , لم تقبل كلمات الاعتذار والحب
وكأنها تلعن روحي برفضها , وتسقيني سموم الموت
حاولت ُبإلحاحا شديد أن أحملها بين ذراعيّ
فأنا لن أرضخ لرفضها
لن أجعلها تقاسي شقاء المرض
حملتها بين ذراعيّ متفاديا ضرباتها
غير منصة لصرخاتها الرافضة لي
طار كفها وضربت وجهي وهي تقول بصوتٍ باكي ووجهه ينتحب بوجع : " أنزلني , إيها القاتل , الكاذب , الجبان , أتركني فأنا لا أريدك "
زادت من ضرب وجهي وهي تزيد من شتائمها عليّ
وترميني بعلقم الحقيقة
تزرع أشواكها الحادة في صدري
تنتزع شهقات روحي مني
فرت من بين يديّ هاربة من براثني
ووقفت أمامي بوجه توشح بالمرض, وأرهق من إلتقاط أنفاسه
صاحت عليّ بكرهه أظهره وجهها البائس , صاحت عليّ وهي تشد على أحرفها المهتزتِ : " لن أذهب معك , سوف أموت لوحدي هنا , وأنت هو قاتلي يا قاتل "
كانت تقف على أرض مهتزة , كانت ترتعش وتأن
وتضرب بقدميها الأرضية الرخامية
كانت تهز رأسها وكأنها تعدم شهقات بكائها قبل أن تخرج
كلماتها المقذوفة وكأنها حمم بركانية تخترق فؤادي
وكأنها صفعات لا ترتد عن صفعي
ابتعدت عني وهي تظهر تكشيرة وجع
وترمي يديها على جرة من الرخام
ضربتها بقوة وهي تطرحها على الأرض لتتكسر وتصدر صوتٍ مزعجا
وتقول لي بوجه فاحم يوشك على الإنهيار : " لا تتدخل فيني , فلقد أخذتُ منك ما يكفي من الأوجاع , أبتعد عني ولا تقترب مني "
سحبت خطواتها الثقيلة لتهرول إلى الأعلى
صعدت السلالم الطويلة وجسدها يشد رحاله إلى الأعلى
شددتُ على قبضتي
وأنا أزحم تيارات الهواء إلى صدري , وألعن الشيطان
إني أكاد أفقد رشدي وأصل إلى حافة الجنون
سأجن من عدم قدرتي على السيطرة عليها
سأموت من الألم الذي سببتهُ لها
هو شق ينزف من صدري
هو مرض ليس له علاج , فمرضي هو هي !
فمتى شفيت هي سأشفى أنا
يجب عليّ أن أجعلها على الأقل مطمئنة
يجب عليّ شفاء خدوشها السطحية لأصل إلى الأعمق
رصصتُ عيناي بحاجبان التصقا ببعضهما
هي الآن مريضة ومتعبة , كيف لي أن أتركها هكذا لوحدها
سأحاول معها لمرة أخرى لعلها ترضخ لي , لعلى قلبها يحن لي
صعدت متجها إلى غرفتها , كانت مشرعة الأبواب
وكانت هي جالسة على الأرضية وعباءتها مرمية تحتها وجسدها يرتدي بنطال أسود اللون وقميص أصفر عاري الذراعين بينما رأسها منطرح على فراش سريرها
أنينها وأنفاسها الصاخبة , جعلتني أكرهه نفسي أكثر
وجعلت وجهي يعبس لوعة وحسرة
ويتمنى فراش التراب , وانعدام الأنفاس
تقدمت خطواتي إلى داخل غرفتها التي لم تتغير
غرفتها التي جمعتني بطفولتها , جمعت رائحتها وأنفاسها
الغرفة التي احتضنت تلك الطفلة البريئة التي باتت الآن محطمة بسببي
الطفلة التي نزعتُ أنا عنها رداء البراءة والطفولة وسحقتُ ضحكاتها تحت ركام الحقيقة
غرفتها التي نمت أنا فيها لأياما طويلة بعد اختفائها عني
حتى كرهتُ نفسي واحتقرتها
وتمنيت لو أنها اقتصت مني قبل أن تسرق مني , قبل أن يأخذها ذلك الحقير ويعذبها
توقفتُ وهي تحتي , توقفتُ أحدق بها وأنين خافت يصدر من صدري
انه الندم المتفشي في جسدي وروحي , والذي لن أتخلص منه أبدا
لانني أشفق واعشق هذه الطفلة التي تربت بين يديّ
ربيتها لأقع أنا في شرك فعلتي المتسرعة وابغض حياتي بسببها
وها أنا الآن أعيدها إليّ بطريقة لم اتخيلها أبدا , وهل هي صائبة أم لا .. فأنا لا أعرف حقا ما الذي افعله غير هذا
ولكن سأحاول معها حتى تعود كسابق عهدها وبعد ذلك ساطلق سراحها
تجمد دمي في عروقي , واقشعر جسدي لفكرت ترك ترفه أو ذهابها عني
فأنا أشعر وكأنها ملك لي ولا استطيع التخلي عنها أبدا
فكيف يحصل هذا إذا تزوجت هي غيري !
أبعدت تُـرَّهَات عقلي وجنون افكاري عني
ما بي !
هو تعلق أب بإبنته لا غير
فأنا لا أريد أن يصيبها مكروه , ولا اريد فقدانها ابدا
أريدها فقط سعيدة ومحمية من كل سوء
انخفض جسدي إلى أن قارب انخفاضها
تلمست أصابعي طرف كتفها وأنا أقول : " ترفه لا تفعلي هذا بنفسك , أرجوكِ هيا إنهضي "
رفعت رأسها ببطء عن أغطية السرير , والتفت نحوي محدقة بي بغضب امتزج بالأرهاق
رصت على ملامح وجهها , نفثت من غبار غضبها على وجهي وقالت بصوت غاضب مرتعش : " ألا تفهم , ألا تفقه ما أقوله , هل أنت أصمخ , ابتعد عني ولا تقترب , أخرج " علا صوتها المريض وهي تصرخ بكل قوتها : " أخررررررج "
استمرت تصرخ عليّ آمرةً إياي بالخروج والأختفاء
وعدم الأقتراب منها
تصيح عليّ بصوت مجهد وتبكي أنفاسها ألما
لم أبرح مكاني , لم انصت لعباراتها التي تأمرني بالخروج من غرفتها
إنما تقدمت منها واحتجزتُها بين ذراعيّ لعلي أجعلها تهدأ وتستكين , وتكفّ عن مقاومة مرضها
يا تـَرفه ! إني أشعر بكِ !
أشعر بمدى حقارة ما فعلته لكِ
أشعر بمشاعركِ نحوي , وبكرهكِ لي
أعلم أن جراحكِ لم تشفى إلى الآن , ولم تنسي ماحدث
ولكن أتظنين أن ذياب
ذياب الذي يحبكِ ويعشق ظلكِ ويريد بذل الغالي والنفيس من أجلكِ يتراجع بهذه السهولة
لا و أبدا
فأنا لن أكف عن الربت على جروحكِ إلى أن تلتئم خدوشها
تلتئم ويتوقف نزيفها
ويرتوي قلبكِ من ماء الحياة
وتستعيدين حيويتك من جديد حتى لو أن الماضي مريض , وقاسي ولا ينسى
ولكن ! لكن , ماذا ! فأنا لا أعرف أجابته الطويلة التي سطرت على منهج حياتي
لا أعلم ما سيكون عليه المستقبل فالله وحده يعلم بذلك
ولكني سأحاول من أجلكِ
سأفعل المستحيل من أجل أن تريحي أجنحتكِ بين كتفاي
امسكتها برقة لكي لا اؤذيها وطرحتها في حضني
طرحتها وأنا أُقاوم رفضها
قبلتها على جبينها مرارا وتكرارا
ومسحت على شعرها وضممتها إلى صدري قائلا : " حسنا لا تذهبي ولكن دعيني اعتني بكِ كما في الصغر "
كانت في مرضها لا تنام في غرفتها إنما تنام في حجري , وتندس بين يداي لعلي اخفف من ألم مرضها وكأني أمانها وأمنها
كانت طفلة صغيرة بايكة تخاف من الظلمة والوحدة
فهي مدللة منذُ أن جئتُ بها إليّ
وفي كل ليلة كانت تشق الظلام بأنينها المرتعب وبصراخها
صراخها الذي تسللت إليه كوابيس موت والدها
كانت تلتجأ إلي , تحتمي بي من شرور الدنيا
تختبئ في فراشي وتنام فيه لعلها تنعم بنوم هانئ بعيدا عن صخب أحلامها المزعجة
هي طفلة مسكينة ووحيدة تظنني مسكن لها
شخص طيب , محب وصالح
أخذها لأنها يتيمة رأفة بها ليجعلها ابنته
ولكن لم يكن ذلك صحيحا !
فأنا كنت أبتلع الشقاء
واتكأ على عصا العجز
واصارع حرب الندم
واذبح كما تذبح الشاه في كل ليلة
فأنا كاذب , منافق , يصطنع إبتسامته
يختلي بنفسه ليلا ليتجرع مرارة مافعله
ليبكي ندما ولتراوده أسرار الموت , وأشباح الماضي .
تلاشت مقاومتها لي , وانصاعت لعناقي
تدثرت بحضني , وتعلقت بي كالطفل
تنفستُ بعمق وأنا أحتضنها أكثر وأحتضن حرارتها
هدأت مستكينة , نائمة بين ذراعيّ وقد خفت أنفاسها من لهاثها
مدت أصابعي لمساتها إلى شعرها , وأنا اطيل النظر إليها
وأحاول النهوض بها ووضعها في السرير ومتابعة درجة حرارتها ومرضها , وإقتناء الدواء لها
ولكن لم أستطع فتواجدها بين ذراعيّ
وتعلقها بي بهذا الشكل
جعلني لا أود مفارقتها , لا أود زحزحتها من احضاني
فقط أريد إبقائها لأطول مدة ممكنة هنا بين ذراعيّ , وقريبا من قلبي
لتعانق روحي روحها, لأرتشف من ريق بعدها عني في الماضي
ولكن أن يتحول ذلك المزيج من المشاعر إلى مشاعر عميقة
مشاعر لم أشعر بها من قبل نحوها
مشاعر تحمل معها سياط من نار
مشاعر ترضخني على التهور
مشاعر تتسلل إلى قلبي وترجفه
وتريني إمرأة وليس طفلة
لديها ما لدى الأنثى الناضجه
الرائحة والنعومه والاغراء تلك الاشياء التي تثير أي رجل طبيعي
إنها مشاعر تقلب في لمح البصر حقيقة حبي لترفه لتحوله إلى حب أخر
حب اشعر به وكأنه يحاول سلب قدرتي على التحمل
يسلبني تعقلي ويجعلني مجنونا شغفا إليها
متلهفا إلى عناق أعمق ومزيج مسكر من الأحاسيس
ابعدتها عن حجري , ابعدتها خوفا من نفسي عليها
ووضعتها على سريرها بسرعة
وخرجتُ من غرفتها كالمصروع الهارب من أفكار الشيطان
حاولتُ استرجاع رشدي , الإبقاء على أخر ذرة من التعقل فيني
تبا لي !
ما الذي كنتُ أنوي فعله معها , أو التفكير به
أحل الجنون على عقلي !
أنسيت أنها الطفلة التي ربِيتها أنا منذُ أن كانت في السابعة من عمرها
ولكنها الآن ليست طفلة
إنما هي أنثى كاملة
أنثى تحرك مشاعري وتفقدني الأتزان
تبا !!! تبا لجنون عقلي
تبا لوصولي إلى هذه الدرجة
إنها ترفه يا ذياب , تذكر ذلك !
ترفه صغيرتك , لا تؤذيها أكثر فلقد أخذت مايكفي منك
أخذت الكثير ولا تريد المزيد
تنفست بعمق وكأنني ازيح سطوة مشاعري الثائرة عني
وامحيها لكي لا أبقي على أثر لها
أغطيها برمال الحقيقة
أرميها لكي لا يعقبها ندم أعض أصابعي عليه
حثثتُ خطاي متوجها نحو الخارج , لأحضر دواءً خافضا للحرارة لها
واتخلص من أفكاري السلبية التي قد تسفر عن كوارث مدمرة تؤذي ترفه وتؤذيني .

****

ذلك الجسد الذي يمشي بلا روح , والشفاه المبتسمة بلا داعي
والمرح الكاذب الملون بأهازيج السعادة
كم بتُ أتقن ارتدائه في هذه الأيام
فأنا قد بتُ لا أعي ما أفعله , وما لا افعله
حتى ان أخطائي قد زادت , والآلامي قد باتت لا تطاق
وهو لا يرتد عن قتل روحي بنظراته , وتصرفاته المتناقضة
كريهه هو تواجده الآن في المستشفى
مؤلم الأذلال الذي اصبحت أقاسيه معه
فهو لا يكفّ عن تبجحه معي وافعاله السيئة
ذهاب ترفه عني جعلني اتخبط في وحشتي وهمومي
كانت هي الأقرب وما زالت
فليس هناك من هو قريبُاً لحد نبش أحشاء صدري وتقليب قلبي بين كفيه إلا هي فلقد بت وحيدة من بعدها
فأنا أخفي تعاستي التي غرسها عامر في صدري بعيدا عن الأنظار خشية اكتشافهم لي
وكم هو مؤلم ذلك
اصطناع أني سعيدة , أني على ما يرام
الكذب الذي تقاسيه روحي مع نفسي
إيماءات وجهي التي تكاد تختنق من الهموم
ففي داخلي تتفجر براكين من الأوجاع
أنا تلك المرحة , مبتسمة الوجه اصبحتُ الآن انتحل ملامح السعادة , وتقاسيم الأتزان
اني أرتجف , أرتجف بشدة عند رؤيته
عند سماع اسمه قبل صوته
خائفة من استغلاله لي
خائفة من مصيدته التي تحبسني في سجنه
خائفة من تماديه معي أكثر فأنا قد بتُ لا أطيق قيوده التي ربطها حولي
كنتُ أمشي في ممرات المستشفى أحمل معي أوراقي , وهمومي الحائمة حولي
قادتني قدميّ بعقلي التائه إلى الأستقبال
وقفت مستندة على حائط طاولة من الخشب
انبشُ أوراقي بأنفاس ضيقة , وعقل غير واعي لمّا حوله
تجمدت اصابعي الممسكة بأوراقي , وألتبس جسدي القشعريرة
عند رؤيته يقف أمامي بمسافة قصيرة يتناقش مع مقيم شاب
كان جامدا وقاسيا كما كان
هو حقير , ولا استطيع فهمه أبدا
فهو يصرخ دائما ويكون صامتا ساكنا ليناً نادرا
كيف يكون هذا الانسان القاسي , أهو يملك أحساسا أم أنه مجرد حجر متحرك
أأستغلال الناس واللعب بهم لا يشعره بالذنب , أإذلاله لغيره متعة
أسرقت غيره حسنة عنده
قاومة تدهور مشاعري
وانهيار شجاعتي , فلقد بت أمثل الشجاعة ببراعة فائقة أمامه حتى أستحالت شجاعتي إلى جمود
جمود طغى على أحاسيسي ومشاعري
قد يكون كره عميق أو بغض أعمق
رفع رأسه كعادته ونظر إلي بنظراته المبهمة التي بت أكرهها واحقد عليها منه
هناك عملية جراحية نقوم بها معا بعد بضعة ساعات
مرّت الساعات بسرعة خاطفة وكأنها تقربني من لسعة مستغلي الكريهه
دخلتُ إلى غرفة العمليات ولكن كان هناك خطب فالرجل كان ينعش تحت وطئ أجهزة الصدمات الكهربائية
ولكنها لم تسعفه لحالته التي تدهورت فجأة , ووافته المنية قبل أن نبدأ بالعملية الجراحية لقلبه
صرحت حنجرة عامر بوقت وفاته ودونهُ المدونون , كنتُ أقف بجانبه , أعمل على بعض الاجراءات عندما قال بصوته الغليظ والبارد موجها أحرفه إليّ : " أخرجي وأخبري أهل المريض عن وفاته "
ابتلعتُ ريقي ولم يرتد طرفي إليه
لاهتزاز جسدي لنبرة صوته الخانقة , لكرهي سماع صوته , لبغضي لهُ
نفذتُ أوامره مع صعوبة الأمر
فأخبار أهل المريض عن وفاته لهو صعب عليهم , وعليّ فردات أفعالهم غير متوقعة
فأنا أتمنى أن يمر الأمر بسهولة وتقبل , ولا أن يتم بقذف الشتائم والصراخ
خرجت من غرفة العمليات لأواجه رجلا في العقد الرابع من العمر , وإمراة مسنة تبدو في سن الرجل المتوفي
وقفتُ في محاولة لرسم تعابير مبتسمة
أو لتغير تعابيري المتوترة والعابسة إلى الهادئة
لكي لا أفقد توازني وقوتي التي جمعتها لحد الآن
بأنفاس مبعثرة , بصوت لحنته بالهدوء , قلت : " عظم الله أجركم في فقيدكم "
أكملت ونظري يهتز من جراء أبصارهم الشاخصة وشحوب الأوجه المذهولة من الخبر : " لقد مات قبل العملية ولم نستطع إسعافه من سكتته القلبية حاولنا انعاشه ولكنه كان بلا أمل يرجى "
لم أعي إلا بصياح المرأة المسنة وانهيارها أرضا ضاربة بذراعيها الرخام البارد بنحيب ملأ الأرجاء
وبنطلاق الشتائم والخطوات نحوي من الرجل الشاب
لكمةٍ خدرتني , واذهلتني اصابة كتفي منه وطرحت بخطواتي المتعثرة إلى الخلف
وهو يصرخ عليّ بأبغض الشتائم
ويتهمني بقتل والده بصوتٍ صائح , غاضب , غير واعي : " كاذبة !!! فوجهكِ العابس يقول خلاف ذلك لأنكِ أنتِ من قتلتي والدي , فوالدي لم يكن يعاني من خطب ما , فلقد كان في اتم الصحة عندما أدخل لديكم, سحقا لكم من قتله "
زاغ قلبي , وألجمتني صدمتُ التهجم عليّ , وتعلقت الأبصار بنا
تجمد جسدي مكانه , وشل لساني فلم استطع الدفاع عن نفسي
وهو لم يتوانى عن التقدم نحوي متقدما كل من حوله بإصرار عنيف
وهو يضيف بفحيح حار و بغضب طوى وجهه الأسمر : " أنتم الأطباء مجرد حثاله مخادعين تقتلون مرضاكم لتقول بعدها أنه مات لوحده , تختبئون وراء زيكم الأبيض وتدعون الطهاره وأنتم أنجاس "
جمعت أذرعيّ حول صدري في محاولة لصد أي هجمة مباغثة قد تنطلق نحوي منه
صحت عليه , وصحت بالنجدة من الذين حولي لعل أحدا منهم يسمعني فيسعفني من تهجم هذا الرجل عليّ : " أهْدأ و و توقف "
هذا ما خرج مني , وأنا اخذ انفاسي المتنازعة وأرتجف بعنف من هول الموقف
للحظات فقط وتجمع الرجال ممسكين بالرجل الثائر من أذرعه مقيدين حركته
وقف أمامي جسد وكأنه يحمني من تهجم أخر منه , وقال : " استعدوا الأمن حالا "
ارتعشت شفتاي , واختنقت عبراتي في صدري
مخيف هو مايحدث الآن
وهو أن أضرب وأن يلمسني هذا الرجل بكل عنفا وأمام هذا الحشد من الناس
كأنني الجانية , وكأنني المجرمة
قيدوا رجال الأمن الرجل وهو يصيح متوعدا إياي بالأنتقام
وانني سوف أندم على ذلك أشد ندم
نظرتُ إليه نظرة أخيرة مفزوعة مختنقة
ما الذي فعلته أنا لكي يقوم بالأنتقام مني لموت أبيه
هذا قضاء وقدر
حاولت طمأنت نفسي أنه في حالة غضب , وأن الجميع هكذا ففي غضبهم ينسون من هم ويرمون العبارات بلا رقيب وبعد ذلك يتراجعون عنها ويتقبلون الأمر مع مرور الوقت
اصطكت اسناني , وتيبست ركبتاي من الخوف
مالي خائفة هكذا
يا إلهي أهو وقت انهياري الآن
فمالي أحبس انهيار مشاعري بداخلي
فأنا لم أبكي منذ أمد طويل ومنذ رحيل ترفه عني
لم أرق دموعي المخنوقة , والتي تكادُ تمزق صدري من الهموم
رفعت نظراتي الدامعة أمامي وعلى وطئ صوت طاعني
وكأنه الطاعون نفسه , وكأنه المرض المتفشي في جسدي
هو من كان امامي
بقصره الذي يضاهي طولي
بجسده الأضخم عن جسدي, بجماله الأخاذ
بنظراته المتعالية , بلوعة معدتي, بكرهي وبغضي له ..
انتابتني القشعريرة عند رؤيته يقف أمامي وهو يسأل ببرود انغم صوته : " هل أنتِ بخير ! "
اشتد غضبي عليه بفعل كلماته التي باتت تنفلت أعصابي لها
أأنا بخير يا عامر !!
لستُ بخير فأنت والجميع تتهجمون عليّ وتحاولون سحقي لسبب مجهول
فالعالم كله يقف ضدي لهدمي
لم أعطيه خيار التفكير أأنا بخير أم لا
جررتُ خطوات التي تكاد تبتلعها الأرض إلى الأمام
اقضم الأرض من تحتي بحذائي
أحاول نبشها وسحقها تحت أقدام بؤسي , وقلة حيلتي , وعظم موقفي
مررت بجانبه وكأنني لا أراه وما يقيني به إلا أنه أزداد غيظا مني
سحقا لك !
فاليتك تشعر بما أشعر
ياليت يديّ تقدر على الأنتقام منك حالاً , والخلاص من جحيم تواجدك في حياتي
وكأنه يلاحقني بعفاريته , و لكنتهُ الباردة تقتلني
وقف أمامي ليعيد سؤاله , وطنينهُ في أذنيّ : " هل أنتِ بخير , هل أذاكِ الرجل ! "
لم أكن لأحتمل تواجده أمامي , ولا خرير صوته
فلقد تمزقت أعصابي من الشد عليها
وأكل صدري الغضب حتى ابتلعه لقمة واحدة
بإنعقاد حاجباي , بفوران مشاعري , بإهتزاز صدري الحاوي لقلبي المرتجف قلت بصوت هامس يكسوه الارتجاف : " ما الذي تريده مني , حتى لو ضربني ومت مادخلك أنت بي "
تغيرت تعابير وجهه للهجةِ المزدرية له
اصطك فكيه من قلة أدبي معه
اشتعل وجهه الذي لاح عليه الاسمرار أحمرارا
وكأنني ايقظت طفلتي الساكنة في غياهب صدري
وانتزعت ضعفي الغبي , بحالة غضب اجتاحت كل ذرة مني
انستني كل شيء , اتسعت عيناي , وانا افتح شفتاي بقهر و جنون
وأهمس بصوت قارب إلى الصراخ : " هيا!!! أرمي بي إلى الخارج ,وأفعل بي ماتريده , هيا !! أطردني ولطخ سمعتي فلست الوحيدة من فعلت هذا الفعل , ولكن أنا قد ضقت ذراعا منك , ولن أفعل لك شيئا بعد الآن , لن أقوم بخيانة أهلي من أجل حثالة مثلك , أني أكرهك "
ضرب بأسنانه بقوة وهو يقاطع نوبة انفجاري الصاخبة , والمهتزتِ بحشرجة بكاء تكاد تخنق حلقي , قائلا بصوت غاصبا مندهش يتقلب على جمر القهر : " أصمتي "
قاطعتهُ وأنا أرفع كفي أمام وجهه الشاحب الذي امتص الذهول ألوانه
وابتلع موجة من الهواء البارد لعلها تساعدني على الصراخ عليه أكثر واخراج مكنونات قلبي على وجهه وكرهي وحقدي عليه : " لن أصمت , إني أكرهك فأنت أبغض المخلوقات إلي , كريهه قاسي , متحجر القلب , لا تملك قلبا , فأنا أكره رؤيتك , اكره تواجدك في حياتي , أكره تواجد طبيبا مثلك , غير نزيه , لا يخاف الله في الناس "
وكأن كل قوتي أمتصتها الأتربة كالأمطار
حتى أنفاسي اختنقت واختفت
اهتززت بإهتزاز دموع عيناي
حاولتُ تثبيت قدماي على الأرض حتى لا اقع
وانطلقتُ مهرولة بعيدا عنه
ابعد انفاسه عني , ابعد كل كريها عني
وأنا أشد على شفتاي ناهرة نفسي عن الضعف والبكاء
تبا لي ان كنت سأبكي لمرة ثانية عليه كما في مرتِ الأخيرة
فأنا لا أحبه
بل اصبحتُ أبغضه وأكرهه
ولا اطيق رؤيته لانه قد هدم الأحترام والسمعة الطيبة التي كانت بيننا
قد هدم جبال صورته لدي , فلقد تشوهت صورته وتخللتها خيوط سوداء
لا يعيدها الماضي ولا يرممها المستقبل
مر المساء يتلوه ساعات الصباح الباكر لتتوقف الساعة عند موعد إنتهاء عملي
مرت لحظاتي السابقة وكأنها فراغ كأيامي البائسة التي مضت أو أشد وطءاً منها
وقد التحفت كل ذرة مني بالجمود حتى التصق بوجهي قبل روحي
لم اضحك , لم ابتسم فلست بحاجة لمثل هذا التمثيل بعد الآن
فهو قد ازيح تماما من صدري
الكذب الذي ألتحفت به نفسي قد بات الآن سرابا ولفظه عقلي مظهرا حقيقتي المختبئة وراء روحي
سحب خطواتي الثقيلة بعد عملي اليومي الذي بات صعب على جسدي الذي اصبح لا يحتمل ما يضاف إلى ظهره من أطنان الهموم
أمشي في ليل قارب صباحه على الإنبلاق
تضرب قدماي أسفلت الشارع الغارق بوحل الأمطار التي باتت لا تتوقف أبدا
يمتلئ المكان برائحة غبار الأمطار متغطيا بظلام الليل
ويلتحف الهواء بالبرودة
ارتفعت ذراعي ليضغط إبهامي على زر فتح السيارة
صعد جسدي إلى داخل السيارة حاميا نفسه من وحشة الليل وصقيع البرودة
رويت اصابعي المتجمدة من حرارة هواء رئتاي
لتنخفض اصابعي المرتعشة إلى صدري ضاغطة عليه
ما بالي أرتعش هكذا , ويضيق صدري عليّ
مابال قلبي يتألم ويحتدُ ألمه
مال قلبي يرق عليه الآن نادما على جنون نوبة صراخي عليه
لِمَ لا أكسر حاجز تحكمه بي اكثر , وأكسره هو إلى أن يختفي
أم أن استغلاله لي , وقلة حيلتي , وحبي المبتذل له الذي قد تغطى بالأوبئة قد أكل ذلك واضعفني وسلبني قوتي
تحركت أصابعي واستقرت على مقود سيارتي
وأنا اضغط على زر التشغيل
شهقتُ أبعد الاختناق عن صدري
ولكن دموعي المتجمدةِ , دموعي التي ملّت من حبسها
استفاقت تحت وطءِ ألمي وبؤسي
وانطلقت من حبسها الحار وسالت على وجنتيّ بحرقة
أرتطم رأسي بالمقود لأبكي بحرقة مخرجة كل نقطة ألم من صدري
انتحب بصوتٍ حاد
أجر معي سيول همومي
انادي بأسم أمي وابي وترفه
أتمنى لو أن احدا ما الآن يقف بجانبي
يوقفني إلى هذا الحد
يزجرني يعنفي على فعلتي
يزجر قلبي على تعنيفه لي الآن على جرحي لهُ , واعترافي بكرهي لهُ
ولكن هل عليّ أن أصمت عن عامر الذي يستغلني بأبشع الطرق
أما آن الآوان لي للوقوف في وجهه
الصراخ عليه وتوقيف رغباته من التسكع حولي وقضمي
نعم ... فأنا لستُ ضعيفة فما فعلته هو الصحيح
صحيح فأنا قد بت لا اطيق ما يفعله بي , وعليّ أن أحطمهُ إن أستمر بذلك بأخبار من هم أكبر مني مثل عمي سيف
نعم فهو من سيمحي عامر من الوجود إن علم بذلك
سأدمره مثلما يحاول تدميري
هو الجاني وأنا الضحية
وهو من نبش رماد الجمر بيديه
هو من رماني بمطرقته وحاول تحطيمي
تحركت سيارتي في الطرقات تقودني عبر مسلك مسكني
وأنا أكفكف دموعي عن النزول أكثر , وأزجر نفسي عن ضعفها
غبية أنا لو أن البكاء ذو فائدة لي
يجب عليّ أن أتماسك لردعه عن جرائمه
الأنتقام منه هو هدفي الآن
جعله في الحضيض مثلما يحاول فعله بي
وأنا في لجة غرقي بأنغام صخب مشاعري المتعثرة
انطلق صوت تخبط سيارتي على الشارع حتى كادت الأرض تجرفني إلى جوفها
أشرئب قلبي الرعب
وتوقف عقلي عن التفكير , وبسرعة قصوى ادرت دفة المقود إلى يمين الشارع لأتوقف وقد شرب مني الجزع حتى الثمل
تمايلت سيارتي على جانبها الأيسر , وهي تقف بصعوبة بالغة بعد عراكا كاد يودي بحياتي بين أرصفة الشارع الخالية
يا إلهي !
ما الذي يحصل لي اليوم ! مابها سيارتي !
عصرت عيناي دموعها حتى الجفاف
وضغطت أصابعي على المقود حتى احمرت أطرافها من الفزع
وامتدت بإرتعاش إلى المقبض لتقبضه وتعتصره فاتحة إياهُ
خرجتُ من سيارتي أدثر جسدي بمعطفي المحتضن لجسدي فوق عباءتي
وارتعش تحت لفحة الخوف , شحب وجهي لرؤية العجله الخلفية للسيارة عاطبة
مشيت بخطواتٍ تجر بعضها , وجسد انخفض إلى الأسفل ليلمس الشرخ الغريب والمرعب لعجلة سيارتي
وكأنها قطعت بالسكين
طردتُ أفكار عقلي المرعبة عني
فكيف يحدث هذا فما حصل اني قد دستُ على شيئاً حاد لم ألحظه في سيري
رحل نظري وأنا أخطو نحو باب سيارتي المفتوح إلى جهة المستشفى الذي يبعد عني بمسافة قصيرة وإلى مكان إقامتي
السكن لا يبعد بمسافة طويلة عن المستشفى , ولكن في هذا الوقت من الليل أنا لا افضل الذهاب سيرا على الأقدام فالذهاب بالسيارة هو أكثر أماننا
أدخلتُ رأسي إلى داخل السيارة لتحمل ذراعي حقيبتي وحاجياتي
امتطت حقيبتي كتفي , وأنا اقفل السيارة بالمفتاح
ادخلتُ مفتاحي بحقيبتي , واصابعي اسرعت إلى الاختباء في جيوب معطفي
سقطت قطرة باردة على وجهي
زادت من برودة وارتعاش جسدي المتعب
تساقط البياض أمام عيناي , قطن ابيض يسقط من الأعلى
ارتفع بصري إلى الأعلى يحدق إلى السماء الداكنة , وتحت ضوء المصابيح اخذ البياض يتساقط بغزارة
نبتت إبتسامة تموجت بالارتعاش على شفتاي المنفرجتان
أنه الثلج , الثلج يتساقط
فمنذُ أعوام طويلة لم يتساقط
وها هو الآن يتساقط أمامي ببرودته
يتساقط ليعيد ذكرياته معه
يعيدها بخيطه الرفيع , يقلبها بين جنبات الذاكره
مشيتُ في طريقي الملون بالمصابيح بحذر شديد
فالبلاد ليست أمنة والطرقات المظلمة أشدُ خطرا
فيارب أحميني من مصائب الدنيا , وجنبني قبح النفوس
فالبلاد تعوث فسادا من العصابات والقتله , فانتشارهم أصبح هائلا في السنوات الاخيرة الماضية
بالرغم من ذلك فأمن الدولة يقوم بواجبه في القبض عليهم , واتخاذ الأجراءات اللازمة بفرض العقوبات وتطبيق الأحكام , وإغلاق أماكن الشبهات والفساد
ولكن قد يكون صعبا عليهم معرفة كل الأماكن وخاصة في الوقت الراهن للمشاكل الحاصلة في العاصمة
فالأمن قد عزز قواته هناك بسبب الاطلاق الناري الشنيع وقتل الأبرياء
فبالرغم من ذلك فأنهم يقومون بما في وسعهم من أجل حماية المواطنين والأبرياء
افكاري تدور على محاور كثيره
تدور وتدور على خط واحد , لا مفر منه
خطط كثيره , ومرح قد بدأ يعود إلى جنبات روحي
حتى أنني نسيت مراقبة طريقي بسببه
عاد وعيّ لطريقي الرمادي الملطخ بالبياض الذي بدأ ينشر سطوته أمامي
ظهر أمامي رجلان يمشيان بخطوات ثقيلة أثقلت أنفاسي معها
وينظران إلي بنظراتٍ تثقب الآذان
يا إلهي ..
فالحق معهما أية فتاة عاقلة قد تمشي في هذا الليل في طرقات خالية مظلمة
ولكن ما الذي عليّ فعله , لم يكن لدي إلا هذا الخيار , وليس هناك غيره !
وضعتُ أصابع كفاي على وجهي لعلي أخفي خوفي وخجلي عن الأنظار, وأنا أتمتم في داخلي , أحميني واحفظني ياإلهي فأنني قد أتكلتُ عليك
أسرعتُ بخطواتي لرعبي الذي بدأ يزحف إلى قلبي ممن يمشون في الطريق أمامي
ولأصوات أنغام الأقدام من خلفي
اسرعتُ وكأنني أود الهرولة والبكاء من هلع قلبي لمّا يحصل لي
أهناك أقدام متوحشة كهذه لأشعر بها وكأنها تود الدوس عليّ
أهناك ارعب من ليل تغطى بالظلام والصقيع
أهناك أرواح تطلق موجات حسية تلامسني وكأنني وجبتها الدسمة
لمَ أنا خائفة هكذا , وكأنني على وشك الموت !
تبدل البكاء إلى الضحك في حنجرتي الجافة..
أيجدر بي الضحك الآن
البكاء حتى الضحك فنوبات البكاء تتحول إلى قهقهاات لدي
أخذتُ جرعة كبيرة من الهواء وأنا اخف من هرولت قدماي , تبا لي !
فأنا لستُ خائفة
إنني قادرة على حماية نفسي , ولا يستطيع أحدا ما أذيتي أبدا فأنا قوية
همس دماغي " قويةً على نفسك "
عندما ارتطمت نبضاتي بصدري , واهتز قلبي النابض بعنف
عندما تلمس يدا خبيثة جسد عفيف
جسد يبغض تلك اللمسات
يحقد عليها ويزدريها , يتجرعها كالسموم
لمساتٌ مسرعة ألتهمت وجهي بأصابع خشنة تقطعت بفعل البرد وتعفنت تحت غبار القذارة
لالالالالالا
صرخ داخلي , وشهق قلبي من الهول
اختناق الهواء , حرارة النيران اندلعت متفجرة في جسدي
يغشى عيناي الضباب , والخوف تحول إلى حقيقة
حقيقة لم أتخيلها
لم استوعبها ... حاولت إبعاد وساخة من مد يديه علي
حاولتُ الافلات ممن يحاول الأمساك بي في هذا الليل, وإعدام حياتي
لم أستطع لعظم مصيبتي
كانت ترهات أفكاري في الماضي قد أُزيلت من عقلي
حديث لسان
فكيف لإمرأة تملك عظام رقيقة , وقوة جسد قليلة أن تصد لطمات ضخام الجثة من المتجبرين قوين الأجساد
كيف لها أن تتحمل لكمة واحدة منهم
سحبني بقهقهاته المتناهية إلى مسامعي
وكأنه قد حصل على فريسته المشبعة لجوعه
لم يكن حولي إلا الظلام والضباب والجليد
أدخلني إلى فوهة حوت العتمة , ورائحة الخمر
وطرح وجهي على أرض تغطت بثوب الثلج
تقيأتُ أنفاسي , وطرحتُ شهقاتي خارجا وأنا أتكأ على مرفقاي من الهلع , وأرتعش رافعة رأسي إلى السفاح الذي امسك بفريسته
اتسعت عيناي وزاد هلع جسدي عند رؤية وجه المجرم
انه نفسه ذلك الرجل !
الرجل الذي تهجم عليّ بعد موت أبيه في المشفى
هو من وعدني بالانتقام مني , هو من هدد بقتلي !
وها هو الآن ينفذ وعده
كان يترنحُ كالسكارى , كانت عيناه حمراوتين
كان يغط بعفن أنفاسه ,وقذارة نفسه
ويضحك بأنفاس عفنة , ويقول لخطوات أصابعي المغروزةِ في الماء والاتربةِ المتراجعةِ إلى الخلف : " لن تستطيعي الهرب مني , فأنا أعرف كل شيء عنكِ , ولقد تبعتكِ إلى هنا لكي انفذ انتقامي منكِ , سأسجي جسدكِ القذر على هذا الوحل سألطخ يديّ بدمائكِ , سأجعلكِ تندمين على الماضي والحاضر , سأفعل مالا يخطر ببالكِ وسأقتلكِ بعدها "
صاح عقلي , وتوقف قلبي عن النبض
انتشلتني أخر قوتي عن الأرض
رفعت جسدي خائر القوى عنها
رفعته لأسقط ثانية على أرضا موحلة تنزلق قدميّ عليها
تجرعت عيناي دموعها وقذفتها لتبلل وجنتي , وأنا أقف مصارعة رهبةِ ورعبي منه
صرخت عليه , وأنا ادفع بجسدي بعيدا عن نجاسته : " لن تمسني لأنني سأجعلك تندم , لن تقدر عليّ فالله معي , لن تستطيع فعل أي شيء بي "
ضحك بوحشيةِ صوته البغيض والكريهه
وتقدم نحوي
حاولتُ ركله بقدماي , إبعاده عني , إظهار انياب قوتي , إيقاف تهجمه الهجمي
كف تضرب , وقدم متهالكة تركل بلا جدوى
هو أقوى مني , وما أنا إلا ضعيفة ولا أملك قوة بعد يومي الشاق
حفرتُ أظافري في ذراعه التي تود المساس بما لا يحق لها مسه
بكل قوةٍ بشدتِ جسدي الضعيف غرزت أنيابي في ذراعه المقتربتِ مني
ولم أسمع منه إلا صراخه وشتائمه المقذوفة نحوي
ويده الأخرى التي تحول مجرى سيرها إلى رأسي لتطرح حجابه عنه وتمزق خصلاته المختبئة وراءه
ارتخت عضلات فكاي , ويده تسقط على وجهي بلكماتٍ شديدة القوة
هو أشد من الألم
هو شعور لم أختبره من قبل
هو يشبه سكرات الموت
هو الموت لا محال
انهارت قواي , وانهار جسدي أرضاً
وتشبثت أصابع انفاسي في رئتاي , وأنا أحاول انتزاع الكربون بقوة منها
ارحمني يا إلهي
أنقذني يا أقدام حياتي
وأطفئي شريط كابوسي المرعب هذا
أجعليه كالبخار
مجرد كذبة , وليست حقيقة
ولكن الأنفاس , والنزعات , والضربات , كلها حقيقة ألتمسها
أشعر بها كالخناجر تطعن جسدي وروحي
الضباب يخنق رؤية عيناي , والدموع تحرق وجهي
والأيديّ العابثة تحاول انتزاع ملابسي مني
شهقتُ بهرولة أنفاسي
شهقتُ منتزعة عيناي من محجريهما
إلا هذا , إلا حصول هذا الكابوس
وئدتني الحياة
وأنا أحاول انتزاع أيادي الرذيلة عني
وكأن عاصفة لطمت صدر الهواء لتحوّله إلى زوبعة متعاركة حولي
ابعدتهُ عني , وخلصتني سكرات موتي

نهاية المعانقة الخامسة عشر

نجلاء الريم 09-05-13 09:34 PM

رد: أرواح متعانقة
 
جزء رائع رائع اسماء

مواجهة ترف وذيااب حزينه واحزنتناا معها

ترف متذبذبه بين قلبها وعقلها
يتنازعها برها وواجبها نحو والدهاا

وبين ذياب الذي احتواها صغيره واآآسرها كبيره

مبدعه مبدعه سفيرة الحرف
لاتوجد كلمات تصف روعة حرفك
ننتظر البارت القادم

بكل الشوق

captive dark 10-05-13 03:52 PM

رد: أرواح متعانقة
 
صباح / مساء الرياحين العطرة ...

اسوم ... اي وجع تخطه اناملك لنا .. الم ترفة الممزق .. ام حسرة وندم ذياب " المحب " ...
و خوف .. و رهبة .. و ضياع .. و تخبط .. و قد تكون نهاية امل .. ام الغامض .. الطفل الحزين عامر ..
كلا تجتاح الروح الما منهم و عليهم ولهم ...
فمتى الاستقرار ؟

ترفه /

نزاع بين القلب و العقل .. فمن الفائز فيهم يا ترى ...
اكرهك .. بمعنى احبك .. بمعنى .. احتاجك .. واريدك .. و اشتاقك ..
هي تحتاج ذياب الاب و الاخ الحنون ...
مهما حاولت ادعاء الكره الا انها ترعرعت و نمت في كنف الـ ذياب ..
فهل سيظهر الحب المطمور تحت كومة التخبط ..


ذياب /

تخبط بين حب الاب ذياب و بين حب ذياب الرجل ...
مهما حاول ذياب و حاول على اخفاء حب ذياب الرجل و اخفاءه بذياب الاب
سيفشل ان لم يكن امام ترفه فهو مع نفسه ..
سيقاسي ذياب الامرين حتى تعود ترفه الى عهدها السابق ..


امل /

كفاها الله شر ذلك الرجل البغيض ... يبدو وان والده اصيب بجلطة جراء عراك مع هذا الابن .. السكّير العاق ..
فاراد القاء اللوم على احدهم وكان الـ احدهم هو امل ...
امل يبدو انها تفقد الوعي و هذا ما لا اتمناه .. فهو سيكلفها الكثير .. و الكثير .. و الكثير ايضاً ..
فهل من الممكن ان احد المارة سينقذها ؟


عامر /

توبيخ امل له اعاده الى صوابه ... قد يكون لحق بها ليعتذر فينقذها او ما شابه ...

............................................................ ...........

اسوم ابداع يتجلى و يتضاعف مع كل حرف مكتوب .. لا اعتقد ان الكلمات تفيك حقك غاليتي ...
انتظرك بكل شوق و ود ..

Captive dark

ترانيم الصبا 11-05-13 02:39 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم

حي الله اسومه وأن شاءالله اخر الغيبات ابدعتي تميزتي تألقتي

بارت جميل مؤلم محزن اثر فيني كثير وفوق ما تتصورين واكذب عليك لو أقول مانزلت دموعي عاد لاحد يستهزئون فيني نجيل وأسوره ادري أني ام دميعه من دهر بس ماتدرين قد ايش اسومه اوجعتيني فيهم اثنينهم ترفه وذياب

اسومه ويحك يافتاة ماإنت صانعة بهم وبقلوبهم << هخهخه متعوب عليها ويحك

عاد اسومه انا ما اميل للفصحى بقوه لانه وبصراحة أحسها تستنزف من القارئة المسكينة مثلي ومن الكاتبة مشاعر كثير فعشان كذا فضلاً لا أمراً ترفقين فينا وفيهم
وترحمينهم من تخبطهم وذياب يكسر الخاطر ارحمو عزيز قوم ذل بعدين ليش ما يقول لها ان ابوك مجرم بعد خايف على مشاعرها
والله الرجال بينقلب حاله اكثر منها وبتتعب نفسيتها اكثر اتنمى أهي تتنازل وترحمه ماحب أشوف كسرة الرجال أبد


ترفه منذ ان كبرت أصبحت تكن لذياب مشاعر خاصة ليست مشاعر اب تعيش بين أحضانه وتريد حنانه بل مشاعر أنثى لرجل وبعد اكتشافها لحقيقة من هو ذياب عاشت في تخبط وصراع بين التشرد والحرمان وبين العيش بين أحضان حبيب قاتل
فضلت العودة اليه مرغمة وليست مخيره فليس لها ملجأ إلا بين أحضانه ولكن هل ستنتقم لأبيها ام حبها من سينتصر؟؟؟؟؟؟
هل ستسمح لتخبطات عقلها ان تفرض على قلبها نزع بذور الحب التي لم ترى النور بعد ؟؟؟؟؟

عاد ترفه الكذابه لو تردد من الحين لسنه الجايه انها تكرهه ماصدقناها وهي متشربطه بثوب الرجال وماتبيه يبعد عنها حتى دوء ما قدر يروح يجيبه
بس ليتك تكملينها ياترفه وتهوذين بحبه << هخهخهخه وحده مستعجله


متحمسه لحياتهم ومصيرهم وحنا في انتظار إبداعك

قرة عين امي 12-05-13 06:22 PM

رد: أرواح متعانقة
 
شكراً لك اسومه على البارت الممزق للمشاعر والخانق للاوردة والنازف للدموع
اتعبتني المواجهة العنيفة بين ترفة وذياب وتخبط ترفة والمها وحزنها من واقعها الذي لا تملك له تغيير وليس بيدها الا الرضوخ له وهي في محاولة مستميتة في اشعار ذياب قدر المها وخوفها من المستقبل معه وتحت كنفه وهي في ذات الوقت تصارع قلبها المرفرف فرحاً بعودتها الى وطنها وحاميها وذكرياتها السعيدة المتشبعة برائحة ذياب وافعاله واحزنني موقف ذياب وتأنيب ضميره الموجع وتحميل نفسه حال ترفة الموجع لقلبه الذائب في حب تفاصيلها قربها منه وهي ليست طفلته التى يعرف اشعلت فيه مشاعر الرجل الذي يحاول كسرها وتنحيتها فهو لا يعترف حت لنفسه انه ممكن ان يكن لترفة مشاعر غير مشاعر الابوة فقط فعلاقتهم اسمى من اي علاقة قد تدنس طهر مايربطهم في نظره

امل وماادراك ماأمل اوجعني قلبي بشدة عليها وعلى تخبطها وغرقها في وحل عامر القاتم واحببت مواجهتها العنيفة معه فقد بت اكرهها واكره عنجهيته وتصرفاته الغير مسؤلة مع امل ... ياللهي مالذي اصاب سيارتها هل هي بفعل عامر ام بفعل ذلك المتوحش ليتسنى له الاتقام منها لقد غاص قلبي بين جنباتي خوفاً وتوقفة انفاسي رعباً وانا ارى مااصاب امل اتمنى ان تكون العاصفه التى شعرت بها تبعد المتوحش عنها هو عامر رغم بغضي له ومعرفتي انه سيستغل مساعدته لها ولكن يكون ارحم من وقوعها في براثن ذلك السكير وانها حياتها اذا كان ماشعرت به هو غيبوبة افقدتها الوعي بما حولها
سأكون في انتظارك غاليتي اسوم
مع تحياتي وحبي ..... اسماء

سميتكم غلآي 25-06-13 07:56 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الريم (المشاركة 3318156)
جزء رائع رائع اسماء

مواجهة ترف وذيااب حزينه واحزنتناا معها

ترف متذبذبه بين قلبها وعقلها
يتنازعها برها وواجبها نحو والدهاا

وبين ذياب الذي احتواها صغيره واآآسرها كبيره

مبدعه مبدعه سفيرة الحرف
لاتوجد كلمات تصف روعة حرفك
ننتظر البارت القادم

بكل الشوق


مساء الورد

نجلاء هو سعادة ردكِ

وفرح ينبثُ إلى قلبي

شكرا لكِ على كلماتكِ التي ابهجتني كثيرا

شكرا جزيلا

سميتكم غلآي 28-06-13 01:08 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة captive dark (المشاركة 3318329)
صباح / مساء الرياحين العطرة ...

اسوم ... اي وجع تخطه اناملك لنا .. الم ترفة الممزق .. ام حسرة وندم ذياب " المحب " ...
و خوف .. و رهبة .. و ضياع .. و تخبط .. و قد تكون نهاية امل .. ام الغامض .. الطفل الحزين عامر ..
كلا تجتاح الروح الما منهم و عليهم ولهم ...
فمتى الاستقرار ؟

ترفه /

نزاع بين القلب و العقل .. فمن الفائز فيهم يا ترى ...
اكرهك .. بمعنى احبك .. بمعنى .. احتاجك .. واريدك .. و اشتاقك ..
هي تحتاج ذياب الاب و الاخ الحنون ...
مهما حاولت ادعاء الكره الا انها ترعرعت و نمت في كنف الـ ذياب ..
فهل سيظهر الحب المطمور تحت كومة التخبط ..


ذياب /

تخبط بين حب الاب ذياب و بين حب ذياب الرجل ...
مهما حاول ذياب و حاول على اخفاء حب ذياب الرجل و اخفاءه بذياب الاب
سيفشل ان لم يكن امام ترفه فهو مع نفسه ..
سيقاسي ذياب الامرين حتى تعود ترفه الى عهدها السابق ..


امل /

كفاها الله شر ذلك الرجل البغيض ... يبدو وان والده اصيب بجلطة جراء عراك مع هذا الابن .. السكّير العاق ..
فاراد القاء اللوم على احدهم وكان الـ احدهم هو امل ...
امل يبدو انها تفقد الوعي و هذا ما لا اتمناه .. فهو سيكلفها الكثير .. و الكثير .. و الكثير ايضاً ..
فهل من الممكن ان احد المارة سينقذها ؟


عامر /

توبيخ امل له اعاده الى صوابه ... قد يكون لحق بها ليعتذر فينقذها او ما شابه ...

............................................................ ...........

اسوم ابداع يتجلى و يتضاعف مع كل حرف مكتوب .. لا اعتقد ان الكلمات تفيك حقك غاليتي ...
انتظرك بكل شوق و ود ..

Captive dark

صباح / مساء سعادة واشراق


صباحك / مسائك ينطق فرحا

فأهلا بك هنا وأهلا بردكِ الرائع والمفرح لقلبي


صعب ان تتقبل ترفه حقيقة ذياب , صعب ماتعانيه من صراع ... سيتقلب القوي في النهاية

ولكن ليس بسهولة



" هههههههههه عاد اصيب بجلطه من ولده ضحكتني الله يفرحج يارب "

ذلك الرجل ماهو الا شخص بغيض قذر

وأمل فتاة لا تستطيع الدفاع عن نفسها , ضعيفة وفي موقف فضيع

ولكن القادم قد يحمل مفاجأة كبيرة جدا

ستكلف الكثير وتعني الدمار

عامر

شخص لا يهتم إلا بنفسه , ولا أظنه شخصا يعرف الاعتذار وقد يكون صعبا عليه لانه لم يتعود على الاعتذار والاهتمام بشخص ... لانه هو شخصيا لم يهتم به أحد , ولكن قد يكون ضميره ... ضميره مستيقظ


يا جميلة

كم هو مفرح تواجدكِ بين صفحاتي

وردك الرائع والذي انتظره دائما بشغف

شكرا لكِ بحجم السماء على ماتهدينه لي من استمتاع وأنا أقرأ ماتكتبينه لي

شكرا جزيلا لكِ

سميتكم غلآي 03-07-13 06:01 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ترانيم الصبا (المشاركة 3318563)
السلام عليكم

حي الله اسومه وأن شاءالله اخر الغيبات ابدعتي تميزتي تألقتي

بارت جميل مؤلم محزن اثر فيني كثير وفوق ما تتصورين واكذب عليك لو أقول مانزلت دموعي عاد لاحد يستهزئون فيني نجيل وأسوره ادري أني ام دميعه من دهر بس ماتدرين قد ايش اسومه اوجعتيني فيهم اثنينهم ترفه وذياب

اسومه ويحك يافتاة ماإنت صانعة بهم وبقلوبهم << هخهخه متعوب عليها ويحك

عاد اسومه انا ما اميل للفصحى بقوه لانه وبصراحة أحسها تستنزف من القارئة المسكينة مثلي ومن الكاتبة مشاعر كثير فعشان كذا فضلاً لا أمراً ترفقين فينا وفيهم
وترحمينهم من تخبطهم وذياب يكسر الخاطر ارحمو عزيز قوم ذل بعدين ليش ما يقول لها ان ابوك مجرم بعد خايف على مشاعرها
والله الرجال بينقلب حاله اكثر منها وبتتعب نفسيتها اكثر اتنمى أهي تتنازل وترحمه ماحب أشوف كسرة الرجال أبد


ترفه منذ ان كبرت أصبحت تكن لذياب مشاعر خاصة ليست مشاعر اب تعيش بين أحضانه وتريد حنانه بل مشاعر أنثى لرجل وبعد اكتشافها لحقيقة من هو ذياب عاشت في تخبط وصراع بين التشرد والحرمان وبين العيش بين أحضان حبيب قاتل
فضلت العودة اليه مرغمة وليست مخيره فليس لها ملجأ إلا بين أحضانه ولكن هل ستنتقم لأبيها ام حبها من سينتصر؟؟؟؟؟؟
هل ستسمح لتخبطات عقلها ان تفرض على قلبها نزع بذور الحب التي لم ترى النور بعد ؟؟؟؟؟

عاد ترفه الكذابه لو تردد من الحين لسنه الجايه انها تكرهه ماصدقناها وهي متشربطه بثوب الرجال وماتبيه يبعد عنها حتى دوء ما قدر يروح يجيبه
بس ليتك تكملينها ياترفه وتهوذين بحبه << هخهخهخه وحده مستعجله


متحمسه لحياتهم ومصيرهم وحنا في انتظار إبداعك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الله يحيج غناتي طبعا مانقدر نقاوم الغيبات بسبب الدراسه والظروف

شكرا يا عزيزتي على كلماتكِ ... يا إلهي أحقا اثر بكِ إلى هذه الدرجة

بالنسبة للفصحى ... بصراحه واقولها كتابتي بالعامية لم تعطني العمق ولا الأثر العظيم التي أحسست به وأنا أكتب بالفصحى ... هي متعبة صحيح ولكن لذيذه ولها طعم ليس له مثيل ... عندما تذوقت طعمها ادمنته واصبحت لا استغني عنه ولا ابدله

اريد الترفق بهم ولكن نفسي المسكينه :ekS05142: قصدي التي تتلذذ بالتعذيب

في يوما من الايام ستعرف ترفه وستعترف بمشاعرها ....وانها حبل لا ينقطع من ذياب

يجب علينا ان نعذر ترفه لان اي شخص يفقد ثقة عظيمة كانت لديه اتجاه شخص يحبه وكان كل شيء بالنسبة له
يفقدها وكأنها لم تكن وتكون الحقيقة صدمة عنيفة ... وان ذلك شخص كان مجرد مخادع كاذب ولم يقل الحقيقة من البداية ... انما جعلها تعيش على أمل الاقتصاص من قاتل والدها وهو هو


ههههههههههههههه

عاد شو نسوي فيها الكاذبة , الكاذبة تحبه بس تسوي فلم هندي

الله يفرحج ضحكتني هههههههههههه

عزيزتي شكرا لهذا الرد الرائع والمبهج

والذي افرحني كثيرا , وأعطاني مشاعر كثيره

شكرا لتواجدكِ وقراءتكِ وردكِ عليّ

واتشرف بقارئة مثلكِ

شكرا جزيلا لكِ

سميتكم غلآي 03-07-13 06:12 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3319225)
شكراً لك اسومه على البارت الممزق للمشاعر والخانق للاوردة والنازف للدموع
اتعبتني المواجهة العنيفة بين ترفة وذياب وتخبط ترفة والمها وحزنها من واقعها الذي لا تملك له تغيير وليس بيدها الا الرضوخ له وهي في محاولة مستميتة في اشعار ذياب قدر المها وخوفها من المستقبل معه وتحت كنفه وهي في ذات الوقت تصارع قلبها المرفرف فرحاً بعودتها الى وطنها وحاميها وذكرياتها السعيدة المتشبعة برائحة ذياب وافعاله واحزنني موقف ذياب وتأنيب ضميره الموجع وتحميل نفسه حال ترفة الموجع لقلبه الذائب في حب تفاصيلها قربها منه وهي ليست طفلته التى يعرف اشعلت فيه مشاعر الرجل الذي يحاول كسرها وتنحيتها فهو لا يعترف حت لنفسه انه ممكن ان يكن لترفة مشاعر غير مشاعر الابوة فقط فعلاقتهم اسمى من اي علاقة قد تدنس طهر مايربطهم في نظره

امل وماادراك ماأمل اوجعني قلبي بشدة عليها وعلى تخبطها وغرقها في وحل عامر القاتم واحببت مواجهتها العنيفة معه فقد بت اكرهها واكره عنجهيته وتصرفاته الغير مسؤلة مع امل ... ياللهي مالذي اصاب سيارتها هل هي بفعل عامر ام بفعل ذلك المتوحش ليتسنى له الاتقام منها لقد غاص قلبي بين جنباتي خوفاً وتوقفة انفاسي رعباً وانا ارى مااصاب امل اتمنى ان تكون العاصفه التى شعرت بها تبعد المتوحش عنها هو عامر رغم بغضي له ومعرفتي انه سيستغل مساعدته لها ولكن يكون ارحم من وقوعها في براثن ذلك السكير وانها حياتها اذا كان ماشعرت به هو غيبوبة افقدتها الوعي بما حولها
سأكون في انتظارك غاليتي اسوم
مع تحياتي وحبي ..... اسماء

مسائكِ ورد يا أسماء

أتدرين أن لردكِ حلاوة ... أحبه كثيراً فهل يحمل الكثير من المشاعر

هو عسل في حلاوته بل اشد حلاوة منه

مبهج ... ومفرح ... يعطني سعادة لا توصف


أمل من الممكن أن يحدث لها شيء لا يحمد عقباه ... لانها لم تفكر بعقلها قبل ان تتخذ تلك الخطوة في لذلك الصباح الباكر

ترفه متمزقة بين مشاعرها فهناك نزاع مؤلم قائم بين الغفران واللاغفران ....


أسماء ليست لدي الكثير من الكلمات لأعطائك حقكِ في ردكِ هذا

ليس لدي إلا الشكر

شكر جزيلا لكِ .... شكرا لكِ على إسعادي

سميتكم غلآي 03-07-13 06:18 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة السادسة عشر
خرجتُ من المستشفى من بعد رؤيتي لها
ورؤية وجهها الحزين والمهموم
وبعد كل ما حدث بيننا اليوم
اعترافها الصريح ببغضها وكرهها لي
لها الحق في الصراخ عليّ
لها الحق في الأنتقام مني بعباراتها تلك
لها الحق في سحق نبض قلبي الذي يخونني عند رؤيتها , ويتألم من تلك الكلمات التي رمتها عليّ
خرجتُ أمشي ورائها , وأنا أتتبع خطواتها الراحلة
ركبت سيارتها وانطلقت ماحية طيفها من أمامي
توقفت خطواتي وأنا اغمض عيناي لعلي أعيد وعيّ إليّ
أنا حقير لأنني استمر في ملاحقتها كالمجنون , واستغلها بكل جحود
حتى اصبحتُ لا اطيق ما افعله بها
رؤية انني قد حولتُ تلك الفتاة المبتهجة والضاحكة والمجنونة إلى فتاةٍ حزينةٍ تمشي وكأنها تحمل على ظهرها جبلا من الهموم
يجعلني أحتقر نفسي , وأغضب منها
أغضب منها لأنها انصاعت لي , ولم تمنعني من التمادي
لم توقفني عندما استغللتها بخبث من أجل تحطيم عائلتها والأنتقام منهم
لم تحطم غروري قبل ان يتضاعف , وتصبح هي لعبة بين يديّ ألعب بها متى أشاء حتى وخز الندم ضميري
على مسافة ليست ببعيدة توقفت سيارتها عن السير , وراحت تتمايل على جانبها الأيسر لتتوقف بجانب الرصيف
عقدت حاجباي استغرابا لمّا حدث , أحدث لسيارتها عطل , أم أنه قد اصابها مكروه
أسرعتُ بخطواتي نحوها , وأنا أدعس يداي في جيوب بنطالي
أسرعتُ متخطيا الشارع الفارغ إلا من أنوار المصابيح ولفحة برودة الهواء
وتوقفت عند زاوية مظلمة وقريبة منها
توقفت أحدق بها ونصف من وجهي قد سرقه ضوء مصابيح الشارع ليكشفه بوضوح لم تنتبه هي لهُ
خرجت من سيارتها وهي تنقب عن الخلل
جلست ضامة ذراعيها بإعياء كاد يوقعها أرضا , وهي تغمض عينيها بشدة وتفتحهما وكأنها تستوعب ما حدث لسيارتها
لتقف وتسير نحو باب سيارتها وتخرج منها حقيبتها واغراضها وتحملهم راحلة
تقدمت ماشيا إلى الأمام عندما شاهدتها تبتعد
وتقدمت من سيارتها لأرى ما الذي حدث , يا إلهي ما هذا !! من الذي مزقهُ هكذا !!
أرتفع نظري إلى شبح جسدها وهي تكاد تختفي عن ناظري
ويرحل خيال جسدها بعيدا عني
تحركت خلفها أزيد من سرعة سير قدماي لعلي ألحق بها قبل أن تختفي عني
راحت تمشي في الطرقات وأنا خلفها والمسافة الفاصلة بيننا طويلة
رحت اتتبع خطاها المجنونة
انصت لصمت الليل الذي يتخللهُ ضجيج أنفاسي
أرعبني جنون تفكيرها بالسير وحيدة في هذا الصباح الباكر
وانه من غير المعقول ان تكمل مسيرها مشيا هكذا بلا خوفا من المعتدين المنتشرين , والمجرمين , وأفراد العصابات
انتابتني موجة من الغضب منها
هي لا تفكر بعقلها قبل إتخاذ الخطوة الأولى
هي متسرعة دائما بفعل ما تريده وما لا تريده , هي غبية ومجنونة
ولا تعي بين الصواب والخطأ , ومابين الواقع والخيال
تظن أن الدنيا أمان
جاءني صوت رنين صوت الهاتف ليخرجني عن مراقبتها
أنهُ رقم لا أعرفه !
رفعت نظري إليه وإلى أمل بسرعة , وضغطت بأصبعي على الرد
انقطع رنينه ليأتي الهدوء بعده وأنا أقول : " مرحبا "
لم يجبني المتصل إلا بحشرجة بكاء حزينة
عبس وجهي , وأنا أسمع صوتها الانثوي والمترجي : " عامر حبيبي أيمكنني أن أحـاـد "
تملكني الغضب , وتمكنت مني الرجفة
حتى بترتُ أخر حروف كلماتها , واهتزت كفي وهي تغلق على وجهها
انفتحت عيناي عن كره عميق , وعن غضب لذلك الصوت والأنفاس
تنفستُ هواء القهر , واختنقت بغصة الأشمئزاز
لمَ هي تلاحقني بعد هذه الأعوام
هي لا تخجل من الأتصال بي في أي وقت تشاء
فهي لا تكف عن الجري ورائي بحجة طلب المغفرة
التذلل عند بوابة القلب لعلهُ يغفر لها
ذلك التذلل الحقير النادم الحامل بين كفيه عذرا اقبح من ذنب
سحقا فأنا لا أريد رؤيتها , ولا تذكرها
ولا أريد أي ذكرى ماضية أو حاضرة مع من تخلت عني
ورمتني بلا مأوى من بعد موت أبي
تركتني ولم تسأل عني , أو تتذكر أن لها ولد
عاشت في ترف وبذخ ولم تهتم بشقاء حياتي
تساقطت قطع البياض الهشة أمامي ليمر شريط ذكرياتي المرمي في زاوية مظلمة من عقلي
شريط ملون بالسواد والشقاء
دواخله تصرخ عليّ , وتمسكني بأياديه الخفية
ضغطُ على اسناني بشدة , وأنا أشعر بضيق يحتل صدري
لمّا تعود تلك الذكريات إليّ في كل حين لتذكرني بمرارة ماعشته
فأنا لن أعيشها لمرة أخرى ولن أسقط فوق جليدها القارص أعاني شح العيش
ومرض التشرد , أعض أصابعي لعلها تسقني ماءً وتطعمني
ولن اترجى قساة القلوب من أجل لقمة عيشي
ولن اعيش بين القمامة والشارع
فأنا اليوم شخص أخر , وليس شخص لا يملك شيء
أنا أملك كل شيء المال , والحياة الرغيدة , وأملك نفسي العظيمة
وسيطرتي على حياتي , وعلى كل من حولي
فأنا لست ذلك الصبي المشرد القذر والمنبوذ , لست هو ولن يعود إليّ يوما
رميتُ هاتفي بجيبي , وأنا أبعد ماضيّ عني
أركل كل العراقيل عن طريقي
وابعد أيّ رياحٍ عاصفة قد تحاول هزي
اعادني عقلي إلى أمل
فأرتفع بصري يبحث عن شبح جسدها
ولكنه اختفى , وانمحى اثره ليخلف وراءه بقايا أثاره
مشيتُ أكمل طريقي لعلي أرى طيفها أمامي
لعلي ازيل أخر انفعالات حدثت لي بسبب تلك المرأة
ولكن هناك صوت , صوت صراخ ممزوج ببكاء مكتوم
اجتاحت جسدي موجة من الرعب
ووقفت أستمع إليه لعلي أحدد مصدر الصوت , أو من أين يأتي !
كان هناك بناء حجري قديم يقف أمامي ويرتدي ثوب الثلج
لم اتردد بالدخول , دخلت أضع ذراعي أمام جسدي اصد بها أي هجوم قادم
ذهول قفز إلى وجهي , وتنفست تقاسيمي هواء الجزع
وأنا أرى شخص يعارك أخر يقطن تحته , ويحاول انتزاع ماعليه
علقت صدمة المفاجأه في حلقي وأنا أراها , أراها هي !
أرى رفساتها وانفاسها المنزوعة والمخنوقة من الصراخ
لم أفكر ولم أجد الوقت للتفكير
انقضضت عليه , غارزا أصابعي في شعره الأشعث لأجره بكل قوة إلى الخلف وأرميه بعيدا عنها
رميته ليقع على الأرض وتحت قدماي
جن جنوني للتفكير بأنه قد لمسها وضربها وكان يود أن ...
رفسته بقدمي بكل ماأوتيت من قوة وهو طريح الأرض الوحلة الغارقة بالمياة
رفسته لمرة وثلاث وعشر حتى توقفتُ , وأنا ألهث واقذفه بالشتائم , وأقسم أنه سيموت على يديّ الليلة
كيف لهذا السكير أن يتجرأ عليها ويلمسها , يضربها ويلطخها بالدماء
وقف بجسد غير واعي , ولا يحمل اتزاناً
وقف وهو يمسح مكان ضرباتي المؤلمة , ويرمني بقذارة فمه ويتكلم بلا عقل : " تباً لك من حثالة أتجرؤ على ضربي , سأقتلك معها "
تقدم نحوي وهو يترنح , تقدم كالمهلوس المجنون بسبب السكر
ضرب الهواء في محاولة لضربي بلكمة على وجهي ولكنهُ لم يفلح
أبعدتهُ عني , وأنا أركله بقدمي مبعدا نجاسته عني كاتما غيظ نفسي الثائرة
ركلة قدمي القوية على بطنه أفقدته إتزانه , وجعلته ينزلق ساقطا على الأرض بشدة
وقفت أحدق به وغضب عارم يشتعل في صدري , ويقلب حرارة دمي
أنفاسي تتسابق
الدماء تطرق خلايا رأسي
تشد طرقها على نوافذ عقلي
تنوح وتنتحبُ وتقذف حممها إلى جسدي
بدماء أستحالت إلى جليد تحول إلى صخر
الأرض لا تكف عن الدوران , تدور ليتحطم لونها المشرق ويحل السواد عليها
أهتز بدني وأنا أرى الدماء تنهمر وتسيل بشكل مرعب من تحت رأس الرجل المستلقي لتختلط بقطع الثلج القاطنة تحته
جحظت عيناه وأسود وجهه البشع
ليتقيأ مافي معدته ويرتعش بعنف
كان يتنفس وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة
كان يفتح فمه ويغلقه ويأخذ شهيقا وزفيرا متواصلا مخيفاً
بذهول سقطُ على ركبتاي بجانبه
ورميتُ بيداي على رقبته اتحسسُ نبضه الضعيف , وابعد الصخرة التي وقع عليها عن رأسه
سبحتُ في بحر دمائه المنهمرة , وتلوثت أصابعي بقطراتها
فاضت منه الدماء لتلوث ملابسي وتغرقني
شهقة برهبة , والرعشة تعبر جسدي لتنفضه وتصعقه وأنا أرهُ يخر جثة هامدة
انطرحتُ عليه أطرق صدره لعلي أعيد نبضات قلبه إليه , وباليد الأخرى أمنع تدفق الدماء
أخذت ابتلع شهقات رئتاي , وانفي حقيقة ماحدث , وأحاول إعادة روح الحياة إلى جسده
توقفتُ خائر القوى ووضعتُ أصابعي الملطخة بالدماء على وجهي وغرستهن فيه بعنف
وأنا أفقد الأمل بإعادته إلى الحياة , وانقاذ نفسي قبل انقاذه
انتابتني هستيرية عنيفة وأنا انهار بجانبه
وابلع صوت بكاء حنجرتي الصاعد بعينين مفتوحتين قد تشربتا لون الدم .
***
عينين قد نسيتا الانغلاق
أعصاب متيبسة تنتصب في كل حين
جسد يرتعش ويأن ويستند على صدر الهواء ويقف عند جثة قد فقدت أنفاس الحياة
وأفكار تدور وتتحطم معها الأماني والأحلام
تتبعثر الصفحات لتصبح فارغة بلا ألوان
يختفي كل شيء ويبقى اللون الرمادي يحتل الصدارة
تتلاعب بي الصيحات , وتقذفني على صخور الواقع
وتحرق معها خريف أوراق حياتي
خفقان قلبي لايتباطأ
أعض على أسناني لعلي أمنع به ارتعاش جسدي , واجتياح المرض لنفسي
وألم صدري الذي يتضاعف أضعافا ليرمني في نوبة من الهستيرية من المصيبة التي وقعت فيها
كارثة ستقلب حياتي رأسا على عقب
فلقد تحطمت حياتي وتحولت إلى ركام , لا يعاد بنائه
فأنا اصبحتُ مجرما قتل ضحيته عن طريق الخطأ
قتل نفسا بشرية , طبيب قتل نفسا
إذاً سيكون مصيره الفناء
الطرد , وسحب رخصته الطبية
صرخة داخلية عنيفة ارعشة بدني
وانهمرت معها سيول دموعي , تساقطت كما لم تتساقط من قبل
تجر معها أحلام رجل , ومصير مستقبل
مستقبل يعني الدمار , مستقبل يعني لا شي
إلا من لقب مجرم , خريج سجون , وطبيب سابق .
****

انقضى أسبوعين منذو عودتي إلى ذياب
عودتي إلى هذا المنزل المليء بأكوام الذكريات القديمة
لقد مرضت لأيام طويلة , وتشافيت منه منذو أيام قصيرة
تشافيتُ من مرضي الذي حل علي فجأة ورحل فجأة ليتركني في واقعي أجابه حياتي مع ذياب
أخوض معركتي معه لعلها تسفر عن نتائج مُرضية لي
ولكن لم يكن مُرضي ما وصلت إليه
لم يكن مرض حياتي الماضية قد انخشع ضبابه عني
فأنا أشعر اني مستوحدة
محبوسة في قفص من حديد
ومن حبسني فهو عقلي
حبسني وحذرني من الأقتراب من ذياب
حذرني من الحذو حذوه
يجب عليّ أن لا أقابله الآن
يجب عليّ أن أُحكِّم عقلي , واغلق أبواب قلبي , واخطط قبل الأقتراب منه ومواجهته
فأنا أرفض أي تعامل معه , أرفض أي اقتراب منه ...
فهو يحاول منذو أن شفيت أن يدخل إلى غرفتي في محاولة لمعرفة أخباري , والأطمئنان عليّ
ولكنني قد أغلقت الأبواب عليّ , وأوصدتها بالمفاتيح لكي لا يدخل إلى مملكتي وينتهك خصوصيتي التي وضعتها أنا لردعه عن اقتحام أسواري وهدمها
وضعتها لصد أي تودد منه لي , أو مناورات مباغتة تحثني على الغفران له
حتى انني أطرد الخادمة إذ أتت إليّ ودقت الباب , وأرفض ماتقدمه لي
أزجرها على قدومها , وأعنفها إذا حضرت لمرة أخرى
ولكن معه هو فلقد هجرتُ الكلام , وامتنعت عن الزاد
يحل عليّ السكون عند سماع صوته المنادي لي
صوته البائس المتغني بالألم
هو يحاول إطاحت جدار الحديد القائم بيننا
يحاول العودة إلى ذياب القديم
ولكن في الحقيقة انه في كل مرة عندما يطرق فيها الباب عليّ ينتفض قلبي معلناً إشتياقه وحنينه إليه
ولكن عقلي يستيقظ
يستيقظ ليصفعني على وجهي ويعدني إلى عالمي
ويذكرني بأنه قاتل أبي , وأن قلبي يحاول خلق الألعيب عليّ ليجعلني أعود إليه
متناسيا كل مابيننا
جلستُ في ليلة أشتد بردها وذابت ثلوجها المغطية لشوارعها
جلست أرص على بطني من جوعي , يا إلهي !!
إني اكاد أهلك من قلة أكلي ويشتد جوعي عليّ كلما تحركتُ
حتى أن معدتي أخذت تصدر أصواتٍ غربية ومزعجة , وتصيح علي إن أطعمني
جوعي الشديد جعلني أتجرأ للخروج من غرفتي رغما عني
تحركتُ بعد أن طويتُ جسدي بجلباب الصلاة
أخرجتُ رأسي من فتحت الباب وأنا أتفقد طريقي , الأنوار خافتة
والمنزل شبه غارق في الظلام , والهدوء يسكن جدرانه
خرجتُ حافية القدمين أمشي على أطراف اصابعي ألتفت يمنة ويسرة خائفة من خروج أحدا ما ورؤيتي
خائفة من القبض عليّ بجرم التسلل ليلاً
اسرعتُ الخطى نحو المطبخ
وصلت إليه واغلقت الباب خلفي قبل أن أنظر إلى داخلهُ
أجلت بنظري في المطبخ , كان يشع بأنواره الخفيفة وكان قد تغير عن ذي قبل ومنذو زمن طفولتي
انصب نظري على طبق غلف بطبقة من الألمنيوم
تقدمت إليه , وأمدت أصابعي لتلمس حرارته
كان دافئاً وكأنه حضر منذو وقت قصير
فتحته وألقيت نظرت على مابداخله
كان يحوي الطبق على العديد من قطع التوست المحشوة بالجبن والخضروات
تملكني الجوع , لم يكن يهمني هو لمن أو من الذي حضره
لم يكن ينقر خلايا رأسي ويعصر معدتي الآن إلا الجوع
امسكتُ قطعة والتهمتها
وأسرعتُ ألتهم واحدة وراء الأخرى
انفتح الباب وأنا محصورة الفكر على طعامي الذي أمامي أحاول الأكل بسرعة قبل أن يداهمني أحد ويكتشف جريمتي اللصوصية
غصت لقمتي في حلقي , وانا أُدير رأسي وجسدي بسرعة خاطفة نحو مكتشفي الغير سار
سقطت نظراتي عليه , وأنا اشهق من الخوف لا , لا, لمَ هو من اكتشفني .. لمَ !!
طرحتُ مابيدي وأنا أحاول إبتلاع مابداخل فمي واخفاء صدمتي وخوفي
ولكن لقمتي توقفت في مكانها وخنقت تنفسي
ابتلعتُ ريقي في محاولة لبلع اللقمة , وعبستُ بوجهي المحمر من الأختناق
وابتعدت بخطواتي عن مكاني القريب منه
كان يبتسم وكأنه يريد الضحك
كان يستند على الباب وهو يحدق بي
كانت نظراته لامعة عطوفة تتودد إليّ
لانت نظراته وهو يرى إمْتعاضي وإرتجاف جسدي
أحتلت تقاسيمه الأوجاع وهو يقول لي بصوت خافت مخنوق : " صغيرتي, أرجوك لا تنظري إليّ هكذا , أقسم لكِ أنني لن أوذيكِ , ولا تفكري بأنني قد أوذيكِ أو حتى أجرح اصبعا فيكِ "
أقتربت خطواته مني وأنا واقفة في مكاني
أجمع أنفاسي واسكتُ ارتعاش جسدي
ذياب , ذياب أرجوك لا تقترب مني
ذياب لا تهدم قوتي التي جمعتها في أيامي السابقة
لا تكسر حاجز أوهام كرهي لك
لا تجعلني أبكي مسلوبة الإرادة أمامك , وانهزم بكل سهولة
لانني فقط لا استطيع مسامحتك , ولا استطيع الثقة فيك .
بتُ لا أثق فيك يا ذياب
نعم أنني لا اثق فيه
رنة في دماغي , واخرست خفقان قلبي المضطرب
كل شيء مختلف الآن حتى أنت يا ذياب بتُ مختلف عن ذي قبل
فأنت شخص لا استطيع محي أي ذكرياتٍ معه
لا استطيع مسح أي سيئة أو حسنة لك
لانها فقط ذكرى انغرست بلا إقتلاع
أغمضت عيناي الدامعتان واللتين اختنقتا مع أنفاسي , وأنا أصد نظراته المتوسلة عني
فتحتُ فمي واخرجتُ دفعة من الهواء لعلي اتخلص من القطعة اللاصقة في بلعومي
فتحته لخامس مرة ولكن بلا جدوى
بكت عيناي وأنا اقاوم ألمي , لا أستطيع المقاومة أكثر
سأختنق إن استمريتُ هكذا
بألم الأختناق , وتعب الأنفاس
كحة حنجرتي بقوة لعلها تخلصني من اختناقي
ما أعي إلا بضربةٍ خفيفة على ظهري , ونفخت هواء صدرت من فم ذياب الواقف أمامي والماسك بذراعيّ على وجهي
أغمضت عيناي بقوة وأنا أرمي بوجهي على صدره وأسترجع أنفاسي
واستشعر قربه الهادم لقوتي , قربه الذي يشهق قلبي له
فحنيني إليه يقفز إلى أحضان قلبي
يريد ذياب , يريد ذياب القديم وأحضانه , يريد قلبي القرب منه وليس البعد
ولكن عقلي لهُ رأي أخر
ابتعدتُ عنه , وأقتربت مني يده الحاملة لكأس زجاجي من الماء
مده إليّ لكي أشرب منه وازيح اختناق أنفاسي
ولكن كنتُ في صراعي
كنت أحارب قلبي , اتنفس أوجاع صدري
أقاوم صراخ دموعي المُتشبّثة في أجفاني
رفعتُ يدي إلى الأعلى , رفعتها وأنا اشهق وأمامي الكأس
وضربته بقوة على يده
ابعدهُ عني , أريده ان يبتعد عني لأن حربا طاحنة مجنونة تحدث في داخلي عندما يكون هو بقربي
حرب تحاول تدميري واضعافي
ضربتُ يده واطحت مابها على الأرض بقوة
حتى تكسر الزجاج وتناثر تحتنا
اجتاح قلبي الألم , وأنا أرفع نظراتي الدامعة إليه وانظر إلى وجهه المدهوش والحزين
ضغط على اسنانه بوضوح , وابتسم بوجه حمل الوجع
ابتعدت عنه , وأنا عابسة الوجه , مهتزة المشاعر أخطو بخطواتٍ تقسو على أقدامها
رباااه ... لمَ أشعر أن الأرض تدور ويهتز ما حولي
لمَ أشعر أن الأرض لا تحمل إتزاناً
أأنا دائخة ,أم أني مريضة
اتسعت عيناي وأنا أرى أن كل شيء يهتز من حولي , وجسدي يفقد اتزانه
لا ...لالالا أنه زلزال ...
صرختُ من الذعر لقوته العنيفة التي خيّل إليّ بأن السقف سيسقط عليّ
فالأرض تهتز من تحتي
والجدران تكاد تتحرك وتسقط عليّ
والأشياء من حولي تمشي وكأنها تود الأصطدام ببعضها
أمسكت ذراعيه بي , وهو يهمس من خلفي بقوة : " اهدئي ترفه "
اسكت همسه صراخي وزاد من خفقان قلبي المرتعب
سحبني بشدة وغطى جسدي بجسده
ضاما عظامي الرقيقة إليه , ضمني بقوة وكأنه يحمني من كل مكروه
يحمني من الوقوع والأصابة
تشبثتُ به من الخوف , وأنا أمشي معه مغمضة العينين , حابسة للأنفاس
مجرد ثواني فقط ليختفي كل شيء وكأنه لم يكن
فتحت عيناي على ظلام الليل وعتمة الأجواء
الأنوار مطفأة , وكل شيء يبحر في السواد
لقد انطفأت الكهرباء حتى لم يبقى لها أي أثر
عقدتُ حاجباي وأنا أرفع نظراتي الغائصة في السواد إلى الأعلى أبحث عن شبحي الممسك بي , لم أرى منه إلا خياله الأسود
وأشعر بلمساته الدافئة على بشرتي
إبتعد عني هو قبل أن أبتعد عنهُ أنا
شعرت به وكأنه يبحث عن شيء ما , وكأنه التقطه أخيرا ... وأشعلهُ
اشتعل ضوء الهاتف النقال لتسطع أشعته على عيناي وتعمي رؤيتي
اغمضت عيناي وأنا اضع كفي على وجهي
ابتعد هو عني بسرعة هامسا بكلماتٍ لم تصل إلى مسامعي
ابعدتُ اصابعي عن وجهي , وأنا أحدق بظل جسده الواقف أمامي
احدق به وكأنني خائفة من ابتعاده عني في هذه الظلمة
خائفة من تركه لي لوحدي بعد الذي حدث منذ قليل
حاربة شعور خوفي ورهبتي من الظلام , وأنا أقفز بخطواتي المتعثرة خلف خطواته المسرعةِ أمامي
خرجنا إلى الباحة الخارجية من المنزل
سطعت أشعة الهاتف النقال في الظلام وكشفته لي
كان يتقدمني , كان واقفا بطوله الفارع أمامي
كان اللون الأبيض والأسود يرسم ملامح جسده النحيل والطويل في الظلام
كان شعره الأسود القصير يتراقص بين أصابعه بقلق
تكلم على الهاتف طالباً هيئة الكهرباء والمياة
تكلم معهم لدقائق قصيرة بقيتُ أنا فيها واقفة بجانبه أحدق به
منصتة إلى كلماته , محتمية به ومختبئة تحت ذراعيه
خائفة من الذي حصل , وخائفة من أن يعاد لمرة أخرى
فرت من بين شفتيه زفرة غضب
فتنفستُ أنا غضبه ليتحول إلى خوف
ابتلعت أنفاسي وأنا أنصت إلى صوته الهادر بإتزان وهو يتكلم على الهاتف
رعدت السماء بغيومها , لتنذرنا بهطول أمطارها الغزيرة
تساقطت قطرات الأمطار على الأحجار الأرضية ليتحول لونها الرمادي إلى اللون السواد
رفعتُ وجهي إلى الأعلى أحدق إلى السماء التي أكتسحها السواد
وقطرات المطر الباردة تنقر وجهي ببطء شديد
أشتد تساقط الأمطار علينا , فانطلقنا مختبئين بداخل المنزل
انزويت على أريكة أحتلت زاوية قريبة من الباب سطعت عليها أشعة طفيفة عبرت النافذة
أنهى مكالمته الهاتفيه التي لم أفهم منها إلا بضع كلمات
وكانت كلها عبارة عن اسئلة عن سبب انطفاء الكهرباء وسبب كل ماحدث !
وبعض الكلمات التي أطلقها معبرا عن فهمه للطرف الأخر
نادى بأسمي بين أزقة الظلام المحيطة بنا
صمت ولم أجبه فورا
إنما أخذت أجول بنظري حولي , وأنا أحاول تعويد عيناي على الظلام , وإخفاء رعبي الساكن بين ثنايا نفسي
اقترب مني وأنا أراه يلتفتُ يمنة ويسرة ويهمس بأسمي باحثا عن طيف جسدي المختفي عن ناظريه
توقف عن مناداة أسمي , وهو يقول بصوت ضاحك : " ها أنتِ هنا يا صغيرتي "
اقترب مني أكثر وأشعل مصباحا يدوياً كان في يده
أشعله وهو يبعده عن شبح جسدي الملتوي على بعضه
يبعده عن عيناي المحدقتين به بغضب امتزج بنواح قلبي
فما أن يهدأ قلبي وتتناسى نفسي حقيقة ذياب حتى يطرق عقلي الأبواب
ويقتحم مخيّلتي ليعيد صورته إلى دماغي
يعيد كل الحقيقة على شريط دموي
دماء سائلة لا تنكف عن النزف , وأبواب تنفتح بلا إغلاق , وعويل جروح لا تندمل أبدا
شاهد حقدي وجنون عقلي الرافض لكل شيء في عيناي المحدقيتن به
قلبي يرتطم بصدري وعقلي يصرخ عليه بأن يكف عن سخافته
نظرت إليه من وراء حاجبين معقودين غاضبين يريدان قتل من ينظران إليه
توقف في مكانه وكأنه أحس بكمية التوتر الحاصلة في نفسي المتعاركة مع عقلي
توقف وهو يحدق بي بوجه تخلت عنه تعابيره , وقد انطفاء لهيب شوقه الذي كان مرسوم منذو لحظات على ملامح وجهه الوسيم
لتعيدهُ نظراتي إلى حقيقة مابيننا من حوائط
الحقيقة التي تسطع بوضوح الشمس
حقيقة أن لا شيء يعاد بعد اكتشاف الحقيقة
لا شيء يعود صالحا بعد كسره
أدار جسده عني وذهب تاركا وراءهُ المصباح مشعلا ينير زوايا حقيرة من الغرفة
رحل وأنا أحدق به , وفراغ قاتل اجتاح جسدي ونفضه
لم أرى إلا السواد والضنك من بعد إختفاء طيفه الحامي عني
اختنقتُ بندمي , غصتتُ بأحزان روحي
سقطت دموعي رغما عني فحاولتُ إخفائهن ورمي ضعفي بعيدا .

عاد بعد لحظات حاملا معه شمعة كبيرة الحجم
ووضعها على الطاولة أمامي وجلس على الأرض ومن ثم أشعلها
اشتعلت لتنير وجهه وتنير وجهي وجسدي الغارق في صخبه
انكمشت ملامحي , وانطوى جسدي تحت وسائد الهم والغم
الصعوبة هي أن أُحدق به وكأنني أحدق إلى ذياب القديم
أو أن أشعر وأنا معهُ بشعور الراحة كما في الماضي
مؤلم ما يحدث لي من تهيج للمشاعر , ومن فيضان وانزلاق الأحاسيس من قلبي
فقط لأنه أمامي !
فقط لأن هذا الرجل الذي كنتُ أثق به ثقة عمياء بتُ الآن معه خرقة بالية سوداء تعوم بحبر أسود ولا تجدُ وسيلة لتخرج من مستنقعه
فالثقة تحول لونها إلى اللون الرمادي , اللون الذي لا يمد للحياة بصلة
اللون البارد الباهة الذي خُلع عنه رداء الأحساس
ثقتي به أصبحت في الحضيض , ولا أظنها عائدة إلي يوما ما
حمدت الله على أنه لم ينظر إليّ , ولم يرى ضعفي في تلك اللحظة
من انكسار مشاعر قلبي أمام عقلي
من ذرف عيناي للدموع
مسحت دموعي بسرعة قبل أن يباغتني في لحظة ويرى دموعي المنهمرة
يرى ضعفي وإحتياجي الشديد لصدر حاني , صدر يحتوي أوجاع قلبي وألآلامه
فأنا لن أجعله يشعر بأنني احتاجه أو أنني أريد قربه
فيجب عليّ أن اصمد أمام جنون نبضات قلبي
يجب عليّ أن اتغلب على مشاعري المتأرجحة بين كفاي أضلعي
قال ليطوي صفحات خرس الأجواء من حولنا , ويجعلها شاهقة تبتلعها رئتاي بقوة : " لقد حدثت هزة أرضية بقوة خمسة ريختر , وبسبب الأجواء الماطره والعاصفة التي اجتاحت المناطق البعيدة عنا قطعوا الكهرباء لأنها سوف تصل إلينا قريبا "
امسكت أصابعي أطرافي فرفعتُ قدماي إلى الأعلى وضممت جسدي إليّ
وأنا انصت إلى حديثه المنطلق نحوي
ذياب يتحدث إليّ , ويسر إليّ بما في نفسه
ذياب يتحدث بصوت موجوع , صوت يعبر عن حزن وآسى
هو لا ينظر إليّ , ولكن يتحدث إليّ وكأنه يتحدث مع نفسه
توقفت كلماته على ذكرياته , ذكريات الماضي القريب
ماضي الخواء الذي كان يعيشه في هذا المنزل عندما يكون خالي إلا منه فيصبح موحشا كئيبا كريه المعيشة
فالخادمات ممنوعات من الدخول من بعد الساعة السابعة مساءً إلى داخل المنزل
فيصبح هو وحيدا في جوفه
هربت مني شهقة قصيرة وأنا أتذكر أمي ! أين أمي !!
كيف لي أن انساها , كيف لي أن أغفل عن عدم تواجدها
أمي هي من ربتني مع ذياب , هي كانت بمثابة أمٍ حنونة لي
أمي التي لا استطيع رد القليل مما فعلته من أجلي خلال فترة معيشتي معهم
فهي مأدبتي ومعلمتي
ارتعشتُ وأنا أنظر حولي أبحث عن صوتٍ لها , همس يقودني إليها
هي سوف تستيقظ الآن من نومها , و تأتي إلينا لتتذمر من ما حصل
فكيف هو ردُ فعلها على زواجنا
فأنا لم أعرف ردها , ولم أراها منذُ أن عدت إلى المنزل
من المستحيل أن تفعل هي ذلك
هي دائما ما كانت تمر عليّ لتتفقدني في الليل بخطواتها الثقيلة
هي لا تهجرني هكذا , إلا إذا كانت غاضبة مني !
هي غاضبة منا
هي على الأكيد لن تقبل بهذا الزواج الغير معقول , والذي ليس مصدقا بالنسبة إليّ إلى الآن
بلغت الغصة بلعومي , ونطقتُ رغما عني : " أين أمي !! "
وكأنني انتشلتُ غريقا من غرقه
اهتز بدن ذياب الصامت
وتصلبت عضلاته المرتخية
وكأني باغته بكلماتي , وايقظت شيئا موجعا مخبئاً عني
قلت بصوت أهتز بموجات التنقيب والبحث عنها : " أين هي !! "
حدقتُ به , أنظر إليه بنظراتٍ متوترة خائفة من الحقيقة
خائفة مما قد يقال , خائفة من نغزات قلبي
قيدت عيناه عيناي الشاهقتين الباحثتين عن رموز الحقيقة
نظر إليّ بعينين ناعستين توشك الأهداب أن تغطيهما
ماتت إبتسامته الشاحبه وهو يقول وقد اثقل الحزن ملامحه الغائصة في بحرٍ من الأحزان : " رحمها الله فلقد توفها الله منذو أشهر طويلة "
غصت كلماته في حلقه , غصت لتبتلعها موجات الوجع المنقوشة على وجهه
فرت صيحة صدمة وبكاء من بين شفتيّ
واتسعت عيناي عن فيضان من الدموع
سقطت سيول دموعي , سقطت مفجوعة تكذب حقيقة مايقال !!
وضعتُ أصابعي على شفتاي , وأنا أحدق بوجه ذياب وأبكي
اِمْتَعَضت ملامحه , واحمرت عيناه وامتلأت بدموع الذكرى والفراق
أمسكت أصابع يده أصابعي المرتعشة , وكأنه بهذا يمنع نفسه من البكاء
يمنع دموعه المتجمعة في عينيه من الفرار وكشف حزنه الشديد
هززتُ رأسي بعنف وأنا أنفي حقيقة موتها , أمي ماتت , لا أمي لم تمت !!! أمي حية ترزق !!
***
رفضتُ الذهاب معها بكل جرأة ووقاحة
فأنا لم أتعلم اللباقة في الكلام
أو المحافظة على مشاعر الطرف الأخر
الصراحة أفضل من الكذب على أمثالها
رمي الحقيقة عليها هو أفضل صفعة على وجهها
قلتُ لها بأنني لا أريد الذهاب معها إلى الحفلة لأن شبهة فيها
وانني لا أحب هذا الأختلاط السافر والغبي
تلون وجهها الأبيض بالحمرة والغضب
وانذرت تقاسيمها المشتعلة بالحقد عن كره عميق خبأ في ذلك الصدر
إبتسمت بتصنع زهيد كشفه وجهها المتجرع للقهر
نظرت حولها وهي تعقد حاجبها الرفيعين
وبعدها رفعت كفها بسرعة ولطمة خدي بصفعة قوية
انقطع تنفسي .. وغطى الذهول ملامحي , وأنا أحدق بها وحرارة صفعتها على وجهي تلهب خدي
كنتُ أنا من أود إعطاءها صفعة فأعطتني هي صفعة مفجعة أمام الذاهب والأيب
صفعتني بكل وقاحة تلك المنتحلة لطيبة والمحبة
وابتسمت إلى أن ضحكت بقوة , وقالت وهي تضع أصابعها على خدها الأيمن : " أووه إنني أمزح "
أي مزاح هذا , أي حقارة هذه
صدمة عنيفة أطاحت بعقلي الغير مستوعب لمّا حدث
رصصتُ على اسناني بغضب شديد , وأنا أتقدم نحوها صارخة : " يا بائسه ما الذي فعلته , كيف تتجرأين على صفعي "
ضحكت مستهزئة بي , محتقرة إياي وقالت : " أتعلمين أنكِ كرهية ولا تحتملين , غبية , تظنين بأنكِ الأفضل لأنكِ تملكين الأموال والجمال المزيف , وكل شيء ... وأنكِ طاهرة ... "
قالتها بإستهزاء عبر شفتيها المحتقرتين لي , وموج غضبي وذهولي يزدادان جنونا
رفعتُ كفي إلى الأعلى , واطحت بها عليها
ضربتها بقوة غير أبهة بها لعلي اشفي غليلي وأرد جرأتها عليّ
ضربتها ممسكة بثيابها العارية التي تخلت عنها عباءتها
تشابكت الأيدي وتصارعت الألسن والأجساد واشتد الصراخ فيما بيننا
دفعتها عني وأنا أفقد قوتي, وأهتز باكية متوعدة إياها بالموت
دفعتها لتسقط على الأرض
عبست ملامحها الغاضبة وارتفعت يديها إلى وجهها الذي خدش بأظافري وصرخت وهي تتوعدني بصوت غاضب مهتز : " سحقا لكِ , حسناً , سأريكِ كيف تكون الطهاره على أُصولها وكيف يكون الأخذ بالثأر "
تصنعت الأرتجاف
انتحلت ملامح البراءة ورمت بجسدها على الأرض باكية , صارخة , لاعنة إياي , تلعني , تشتمني
تذهل عقلي , وتخفق قلبي من الرعب
تسرق مني صحة جسدي
تقول وهي تطيح دموعها الكاذبة من عينيها الناحبتين : " لقد سرقت خطيبي مني , لقد سرقته عني , وضربتني وهي الآن تعلن أمامي عن علاقتها به , وانها قد فعلت معه ما لا يستوعبه العقل "
يزداد بكائها وهي تكمل بأنفاس شاهقة تحت وطئ صدمتي , وموجات الهلع التي بدأت تنهش جسدي وترجفه : " كيف لصديقتي أن تفعل هذا بي , لماذا فعلتِ بي هذا , لمَ , لــــــــمَ !!!!! أجيبيني!!!!!!!! "
تجمع جمعا هائلا من الطالبات حولنا
تجمعن يحدقن بنا بنظرات ارتشفت الصدمة والذهول
تحولت نظرات الأحتقار نحوي وهي تشربت منهن نظرات الشفقة
هززت رأسي وأنا أصرخ عليها غير مصدقة ما تهذي به هذه الشيطانه : " أصمتِ يا كاذبة , انها تكذب , انهااااااا تكذب "
هي تزيد من موجات بكائها بترددات تجعلني افقد صوبي وأريد توقيفها عن رياء تصرفاتها
توقفي ولا تجمعي الناس حولنا
ولا تجعلني أدخل إلى حقبة من السواد والرعب
وكأنها ألقت شيطانيها عليّ , وأسرتني في شباك نفسيتها المريضة
تجمعن الطالبات من حولنا , وبكائها المفتعل جعلني اختنق وأفقد صوبي و يكون ما بين الجنون والصواب شعرة
شعرة تكاد تتمزق ويحل الجنون عليّ
صرختُ أبكي , أبكي وأشهق من هول ما يحصل لي
وهي كالمجنونة تنهق كما ينهق الحمير وتقحم موجاتها السلبية إلى جسدي
وكأن الكل يشير إليّ بأصبع الأتهام , ويهمس كأفعى تفح على فريستها
ويرجمني بحجارة الأحتقار
ارتفعت كفي نحوها وأصابعي تحاول الوصول إليها وإسكاتها
انتقلت أصابعي الناحبة معي إلى رأسي لتقبض شعري المختبئ وراء حجابي وتحاول نزعه وأنا أبكي كالمجنونة
لا أعلم ما الذي يحصل لي
وما الذي حل بي من جراء هستيريتها المجنونة
الهرب نعم الهرب
هرولة مسرعة إلى اللإمكان
أهرع إلى من ينقذني من جنون مايحصل لي
دخلت إلى دورة المياة وأنا أبكي وأصرخ
واغلقتُ الباب خلفي بقوة
جلستُ على كرسي المرحاض ضامة قدماي إليّ ورأسي بينهما
أصرخ من البكاء والهستيرية التي أصابتني
أهذا الجنون , أم أنها الهستيرية
هي هستيرية بكاء صاخبة
تجعلني أبكي كالمجنونة وأصرخ لاطمة رأسي على ركبتاي
هدأت نفسي الناحبة وقد خف بكائي الجنوني
ولكن شهقاتي لم تصمت عن عويلها
رششتُ على وجهي من صنبور الماء لعلي افيق من إشعاعاتها السلبية
وأستفيق من نوبة الهستيرية
مسحت دموعي المبللة لوجهي , وأنا اضغط على شفتي السفلى بأسناني
تبا لها , ما الذي فعلته بي !
يا إلهي أحسستُ وكأنني مجنونة
كيف لها أن تفعل هذا بي , كيف لها أن ترميني وتتهمني زورا
وتلفق الأكاذيب عني
وأنا لم أفعل لها شيئاً غير رفضي للذهاب معها
وضربها كما ضربتني
هي من بدأت ولستُ أنا وعليها أن تتحمل عاقبة أفعالها
عبس وجهي بغضب
سأجعل تلك الحقيرة تندم , سأجعل الكل يندم على مايفعله بي
سألقنها درسا لن تنساه , اتحسب أنها أهل لي
وأنت يا مروان وجدتك الشمطاء وحتى هدى
لن أجعلكم تظفرون بما تريدونه
مروان أنت لي مهما قالوا ومهما قلت أنت
مهما قلت من كلمات تحاول بها إنتزاع أصابع حبك من قلبي
مهما حاولت إبعادي من أجل جدتك وتلك المرأة فأنا لن أرضخ لك
مروان أنا لا استطيع العيش من دونك
مروان أنت اثمن ماعندي
أنت أغلى من أبي وأمي
أنت رجل الأحلام المستحيلة
رجل أعشق أحضانه وحنانه
رجل هو أمل حياة أعيشها من أجله
سأحاول بأي وسيلة كانت ان احصل عليك, فستكون أنت لي وحدي .

تبللت المحارم الورقية البيضاء برشح أنفي ودموع عيناي الغائصتين في ألوان مساحيق التجميل و الغاضبتين والمنفستين عن غضبهما
البكاء هو خير وسيلة لي لتنفيس عن غضبي وقهري ممن يسكنون الجدران من حولي
ممن يحاولون إطاحت حصون قوتي
رفعتُ قماش عباءتي عن يداي وحدقت إلى الخدوش العميقة التي شوهت رسغي الأبيض
تبا لها من حقيرة
لن تفلت من عقابي
سأرد لها الصاع صاعين
رفعتُ أصابعي إلى مقبض الباب
بعد مسحي لأخر دموعي وترتيب الخراب الذي حل بوجهي بفعل البكاء , واستعادة قوتي وإبتسامتي الغائصة في ملامح وجهي المتجرع للمرارة
همسات دغدغت طبلة أذني
تفوهات مستهزئة مستحقرة تطلق جماح لعناتها وسبابها عليّ
وكأن الكائنات القاطنات أمامي وخلف حائط الخشب
يتحدثن عني بأبشع العبارات , ويطعن في عرضي
سكنت يدي لبرهة من الزمن , وأنا أحاول التنصت على حديثهن علّي انفي حديثهن عني
لعلي أتوهم ذكر أسمي بالكامل من بين تلك الشفاه المثرثرة بلا توقف
خرج صوت مال للخشونة ليقول : " إنها حسناء إبنة التاجر الكبير أحمد الــ , تلك ال***** التي سرقت خطيب صديقتها واظن انها تواعد غيره أيضا "
ألتقطُ أنفاسي الغاضبة , وقد اتسعت عيناي دهشة
فهتفت أخرى بصوت يعبر عن حماس جشع : " ايضا ... لقد قامت بعدة عمليات تجميل لتحسن من شكل وجهها وجسدها , يقولون أنها كانت بشعة في الماضي "
ضحكت واحدة أخرى بصوت يعبر عن الحسد والكرهه : " عزيزاتي ان الأموال تفعل العجائب "
صرخت بأعلى صوتي عن غضب افحم صدري ... كذذذذب ...
قبضت اكرة الباب بقوة وأنا افتحها بشدة , وأكمل بصوت متهيج يرفض حقيقة مايقال عنه : " كاذبات , لم افعل أيِ مما قلتنه عني فأنا طاهرة وطبيعية نعم طبيعية "
أقتربت خطواتي الهائجة منهن , وواجهة أوجوههن الزائغة والتي هربت ألوانها منها
لأكمل وأنا ابتلع شهقات نفي وجنوني في هذه اللحظة , وأشير إليهن بأصبع الالتهام وابرئ نفسي من أقاويلهن المدنسة لعرضي : " كيف لكن أن تلفقن الأكاذيب عني , ومن أين جئتن بكل هذه التهم التي لا مصدر لها , هل رأيتني بعين الحقيقة أم أنه محض إفتراء "
***
أيام تمضي وكأنني غريبة في مجتمعي الجامعي
وحيدة بين حوائط الضجيج , محاطة بأشواك تؤذي
الكل ينظر إليّ بأفواه لا تصمت , أفواه تحاول أكلي والتهام لحمي
الكل يزدرني ويخدشني بلا توقف , ما الذي يحدث !!
لمَ الكل أنقلب ضدي بمجرد كذب , أقاويل ملفقة , أكاذيب خبيثة أُشيعت عني
حتى صديقاتي قد رحلن عني لمجرد خبث ومكر شما
تلك الخبيثة التي استطاعت قلب الكل ضدي
أو هل انتهت مصلحة الصديقات الآن عندما أيقن ان الكل بدأ يتكلم عني , ويطعن في عرضي وينفر مني
وأصبحت أنا وصمة عار إن أقترب مني أحد احترق
أصبحت الأيام كالكوابيس , والساعات أستحالت زمنا لا ينقضي
نظرات الأعين تقضمني , وأنا أمشي وحيدة رافعة رأسي أحدق حولي بأشمئزاز أخفى خوفا
أهرول نحو مكان يحتضن عزلتي , ويبعدني عن المعارك والشتائم
لقد كانت سلمى تجالسني قليلا في الأيام الفائتة ولكنها الآن قد قللت من مكوثها معي
أصبحتُ غريبة وحيدة بين أناس كانوا في ماماضى قريبين محبين لي
تبا لهم فما أنا إلا محطة مصلحات
كنت لهم صديقة يفتخرون بها , ويحومون حولها كالفراشات
أزداد كرهي للجامعة بسبب ما حدث
وبسبب غيوم الحقد والازدراء الحائمة حولي , الكل بات يكرهني ويمقتني
اعتزلتها واعتزلت العالم كله وكرهت مايحصل لي وحقدت على العالم بأسره
سحبتُ أرواقي منها بكل سهولة , فمن يحتمل الأهانات والقذف , وصديقات حقيرات خائنات غير وفيات
ولكنني سأعود إليها رافعة للرأس في يوم من الأيام وأريهم من أنا , هي فترة وسأعود للأنتقام منهم جميعا
انتابتني الأمراض النفسية وحبستني في قفص من الحديد
اختبأت بداخل المنزل مبتعدة عن قاطنيه
غير مبررة إنسحابي من الجامعة
حتى أبي لم يقل شيئا , لم يضربني ويعيدني إليها رغما عني
إنما صمت وكأنني لا أعنيه
فأنا لست أبنته بعد الآن فهو قد تبرأ مني ولا يريد رؤيتي من بعد ذلك اليوم
قضيتي أيامي أجالس علياء أخت مروان والتي أخذت إجازة مرضية من المدرسة
وكان السبب زواج ذياب من ترفه
فعلياء اصبحت كالمجنونة تريد تحطيم ماحولها
وغرس انيابها في لحم ترفه
فهي تكره ترفه وتعشق ذياب منذو الطفولة
فكيف يتزوج تلك اللقيطة ويترك أبنة عمه الجميلة والتي تنتظره منذو أعوام طويلة
وجهها لا يكف عن العبوس
وأذيال الخيبة والقهر لا تنطفئ عن تقاسيمها المحترقة
كانت اليوم باردة المشاعر على غير العادة
ضمت ذراعيها إلى صدرها وشدت عليهما
اتسعت عينيها عن تفكير عميق
واحتلت شفتيها الرفعتين إبتسامة خبيثة
رفعت نظراتها بعينين تغظيهما الأهداب بكثافة
وقالت بصوتها الرقيق : " حسناء , أنتِ تحبين مروان وتريدين الزواج منه ! "
خرجت تنهيدة خيبة أمل وألم من صدري المتصدع بالأوجاع وأنا أقول بصوت متألم : " نعم يا علياء فأنتِ أكثر واحدة تعرف بعشقي الجنوني لمروان "
رفعت حاجبها الأيمن , واتسعت شفتيها عن ابتسامة ماكرة , وقالت بكل خبث لحنه صوتها : " أتريدين أن أجعلهُ يعشقكِ ويريدكِ ولا يرى غيركِ ويرمي بتلك الهدى إلى أقرب حاوية قمامة "
اتسعت عيناي دهشة , وخفق قلبي وأنا أقفز مذهولة غير مصدقة ما تقول : " حقاااا !! أسوف تساعدني وتجعلينه لي , أنتِ قادرة على ذلك يا علياء "
علياء شديدة المكر والدهاء , خبيثة حتى النخاع
كانت في ماماضى خطيبة لذياب ولكن وبسبب العادات والتقاليد التي جعلت علاقتها بذياب مقيدة لم تستطع الوصول إليه, وعدم استماع ذياب لخالتي بعد وفاة أمه , إنما الصمت والصمت وكأنه راضي عن كل شيء
جعل علياء تظن انها قد حققت انجازا بلا تعب , واصبح بيديها
ولكن زواجه من ترفه جعل كل شيء يتحطم
وكل الخطط تبخرت وكأنها لم تكن
رجوتها بصوت حمل الحماس واليأس معا : " أرجوكِ ساعدني فأنا أريده زوجا لي لأنني أحبه وليس لي غيره "
قالت وهي تغلق عينيها وتكور شفتيها : " ولكن بشرط "
هتفتُ بسرعة : " وماهو !! فأنا سأفعل لكِ كل ماتريدنه , كل شيء من أجل أن أحصل عليه "
انفرجت شفتيها عن ابتسامة احتوت شرا
وتشربت عينيها المتسعتين الكره
وقذف لسانها الحقد واشتعل وجهها بالخبث , وسلخت عن نفسها رداء الإنسانية وهي تقول : " عليكِ أن تساعدني في إبعاد تلك اللقيطة ترفه عن ذياب حتى لو عنى ذلك قتلها ونفيها من العالم "

نهاية المعانقة السادسة عشر



اذكرو الله 03-07-13 10:23 PM

رد: أرواح متعانقة
 
يالله مسكين عامر ماله ذنب كان يدافع عن البنيه نسيت الاسم

ححرام عليك ترفه خفي على ذياب عاد بتجي عليا تخرب الدنيا

لازم تعطي ذياب فرصه لانه ماغلط هو يادي واجبه متى تفهم

لا يا حسناء لايعميك الحب لمروان علشان تنفذين مخططات علياء الله يقطع الحب الي يذلهااا

ننتظرك لاتبطين علينا

قرة عين امي 04-07-13 11:04 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا اسوم الحلوة ليس بردي ولكن بجمال ماتخطه يمناك من ابداع وتألق لا استطيع مجاراته بالكلمات البسيطة التي اكتبها جراء انفعالي وتأثري بما كتبته انتي غاليتي

عامر
وماادراك ماعامر لاول مرة منذ فجر رؤايتك ارى فيه جانبه الانساني بوضوح واكتشف انه يحمل مشاعر استحسان وربما حب تجاه امل لكنه لا يعترف بها ولا حتى لخياله تتبعه لها بعث في نفسي الاطمنان والامان لكن نهاية ماحدث ماسأوي بدرجة لم اتصورها ولا بأسؤ افكاري لماذا جعلته يموت ذلك الحقير السكير هل يستحق عامر بعد كل مافعله لاجل امل ان يفقد حياته بهذه الطريقة المؤلمة الا يكفيه ماعانا في طفولته من مأسي واذلال ليتشكل بهذا الشكل القاسي ظاهرين

ترفة وذياب
الى متى التخبط والتيه في ما يريدان ولا يريدان الى متى ستستمر الحرب الباردة بين العقل والقلب وبين والواقع والماضي بين الواجب والضمير .... ياليت ترفة تعطي قلبها وذياب فرصة لتعيد الى نفسها الثقة بمن رباها وسهر على راحتها لتعيد لقلبها الحياة بقرب من ينبض باسمه فما حذث بالماضي لا يمكن محوه من الواقع ولا يمكن ارجاع الموتى فلما العذاب النفسي الذي تعيشه ويعيش به ذياب جراء رفضها السلام لقلبها وروحها وله معها

حسناء
ياللهي مالذي فعلته الشما الحقيرة هذه هل كانت تحمل حقداً عظيم في قلبها وحانت الفرصة للفراج عنه لتقذفها بابشع التهم وتجعل منها مادة دسمة لتلفيق الاشاعات والتهم الحقيرة في شرفها وعفتها والتظاول عليها من دون خوف او تستر مالذي سلطك عليها اسوم الا يكفيها ماتعانيه في حياتها الاسرية من اذيت جدتها ونفور ابيها وتجاهل مروان رباه ان ماتمر به قاسي جداً ....لالالالالالا مالذي تنوي فعله عليا هذه لتكوني حمقى حسناء وتتبعين نصاحها العقيمة كانت ستستعمل ذكائها في الايقاع بذياب اذا كان منها فائدة ستفيد نفسها قبل غيرها لا تتبعي عقلك فتفقدين احترامك لنفسك واحترام من حولك يكفي ماحصل لكي من شما ... ثم مالذي ستجنيه انتي من ابعاد ترفة من طريق عليا انها تستغلك صدقيني ولن تستفيد شيء من ابعاد ترفة لنها قد سكنت قلب ذياب ولم تترك لاحد مجال في منافستها

سلمت يمناك حبيبتي اسوم على ابداعك الا متناهي .. استمتع كثيراً بما تكتبين ... واحلق بعيداً مع ابطالك ومايعيشونه واشعر اني اتقمص واقع حياتهم ... سأكون في انتظار رحيق كلماتك فلا تتأخرين علينا
تحياتي ........... المحبه اسماء

سميتكم غلآي 10-08-13 01:29 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اذكرو الله (المشاركة 3341614)
يالله مسكين عامر ماله ذنب كان يدافع عن البنيه نسيت الاسم

ححرام عليك ترفه خفي على ذياب عاد بتجي عليا تخرب الدنيا

لازم تعطي ذياب فرصه لانه ماغلط هو يادي واجبه متى تفهم

لا يا حسناء لايعميك الحب لمروان علشان تنفذين مخططات علياء الله يقطع الحب الي يذلهااا

ننتظرك لاتبطين علينا

أهلا وسهلا بكِ ياجميلة

هو دافع عن النفس , ولكن الرجل سقط ومات !!!

بالنسبة لذياب وترفه سيكون هناك تطور على الأكيد

حسناء ... اهي الانانية ام الحب الذي يقودها ؟؟؟

شكرا ياعزيزتي على ردكِ وتواجدكِ هنا

فلقد اسعدني كثيرا

شكرا لكِ

سميتكم غلآي 12-08-13 03:17 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3341793)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا اسوم الحلوة ليس بردي ولكن بجمال ماتخطه يمناك من ابداع وتألق لا استطيع مجاراته بالكلمات البسيطة التي اكتبها جراء انفعالي وتأثري بما كتبته انتي غاليتي

عامر
وماادراك ماعامر لاول مرة منذ فجر رؤايتك ارى فيه جانبه الانساني بوضوح واكتشف انه يحمل مشاعر استحسان وربما حب تجاه امل لكنه لا يعترف بها ولا حتى لخياله تتبعه لها بعث في نفسي الاطمنان والامان لكن نهاية ماحدث ماسأوي بدرجة لم اتصورها ولا بأسؤ افكاري لماذا جعلته يموت ذلك الحقير السكير هل يستحق عامر بعد كل مافعله لاجل امل ان يفقد حياته بهذه الطريقة المؤلمة الا يكفيه ماعانا في طفولته من مأسي واذلال ليتشكل بهذا الشكل القاسي ظاهرين

ترفة وذياب
الى متى التخبط والتيه في ما يريدان ولا يريدان الى متى ستستمر الحرب الباردة بين العقل والقلب وبين والواقع والماضي بين الواجب والضمير .... ياليت ترفة تعطي قلبها وذياب فرصة لتعيد الى نفسها الثقة بمن رباها وسهر على راحتها لتعيد لقلبها الحياة بقرب من ينبض باسمه فما حذث بالماضي لا يمكن محوه من الواقع ولا يمكن ارجاع الموتى فلما العذاب النفسي الذي تعيشه ويعيش به ذياب جراء رفضها السلام لقلبها وروحها وله معها

حسناء
ياللهي مالذي فعلته الشما الحقيرة هذه هل كانت تحمل حقداً عظيم في قلبها وحانت الفرصة للفراج عنه لتقذفها بابشع التهم وتجعل منها مادة دسمة لتلفيق الاشاعات والتهم الحقيرة في شرفها وعفتها والتظاول عليها من دون خوف او تستر مالذي سلطك عليها اسوم الا يكفيها ماتعانيه في حياتها الاسرية من اذيت جدتها ونفور ابيها وتجاهل مروان رباه ان ماتمر به قاسي جداً ....لالالالالالا مالذي تنوي فعله عليا هذه لتكوني حمقى حسناء وتتبعين نصاحها العقيمة كانت ستستعمل ذكائها في الايقاع بذياب اذا كان منها فائدة ستفيد نفسها قبل غيرها لا تتبعي عقلك فتفقدين احترامك لنفسك واحترام من حولك يكفي ماحصل لكي من شما ... ثم مالذي ستجنيه انتي من ابعاد ترفة من طريق عليا انها تستغلك صدقيني ولن تستفيد شيء من ابعاد ترفة لنها قد سكنت قلب ذياب ولم تترك لاحد مجال في منافستها

سلمت يمناك حبيبتي اسوم على ابداعك الا متناهي .. استمتع كثيراً بما تكتبين ... واحلق بعيداً مع ابطالك ومايعيشونه واشعر اني اتقمص واقع حياتهم ... سأكون في انتظار رحيق كلماتك فلا تتأخرين علينا
تحياتي ........... المحبه اسماء

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أسماء العزيزة والغالية .... فما تواجدكِ إلا جمال , الجمال أنتِ والفرحة أنتِ والنبض أنتِ

عامر شخصية معقدة , متعبة .... لا تعرف طعم الفرح الا بالانتصار وبأخذ كل شيء ... هو جامد .. صلب

الحياة جعلته هكذا ... جعلته يشعر ويحس أكثر من غيره ويخاف الافصاح ... يخاف من اكتشاف احدا ما لهذا الضعف ...

قصة حسناء بالضبط حدثت لواحدة أعرفها ... هي نفسها ... فأمثال شما شيطاين انسيه مروعون

صدقتي هههههههههه علياء مجرد الله يعلم هههههههه :ekS05142:


أسماء شكرا على عطر تواجدكِ ... شكرا لكِ على ماتعطني إياهُ من طاقة في كل رد تضعينه لي

هو منعش ولذيذ واحب قراءته لعدة مرات

شكرا لكِ بعمق ياصديقتي

سميتكم غلآي 12-08-13 03:20 PM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة السابعة عشر


أجلس على أريكة تحمل اللون الأبيض , أجلس عليها أرتدي اللون الأسود
اضغط بأصابع قدماي على لونها الابيض ليتسخ بالطين والدم
ألتقط أنفاسي , وأنا أعيد مشاهد ماحدث معي فيجهش صدري في بكاءً مرير
أبكي مرعوبة عندما تجتاحني ذكرى الدقائق الماضية الأخيرة فتلوح في ذاكرتي الضبابية أصوات الأنفاس والصرخات , ولون الدم الذي سبح ليكون بركة دموية بجانبي
أضغط على رأسي لعلي أمحي ذكراها
وأنسى سقوط ذلك الرجل وموته أمامي
وعامر الذي إنهار بجانبه , حتى إستحال جثة هربت منها أنفاسها
كان أبيض اللون , مشدود الملامح , حزين المحيّا عندما حدق بي
لم يحدثني إلا عندما استعاد وعيه , وعصرت عيناه مائها
صرخ عليّ بأن أذهب , أرحل إلى الشقة ركضا
ولا أذكر لأحدا ماحدث , وان يبقى الامر سراً فيما بيننا
لم استطع الحراك , بقيتُ في مكاني وقد أخرس لساني الذهول حتى رماني هو بحجر صغير أيقظني من سبات فوضى ماحصل , انفتحت عيناي الناشفتين عن عروق حمراء مروعة , وأنا أنصت لكلماته الغاضبة والمرتعشة ووجهه الفاحم الحزين : " اذهبي من هنا حالا , أتريدين حدوث فضيحة لكِ !!! إن عرف أحد ماحدث هنا سيكون مصيري ومصيرك هو الموت , أذهبي بسرعة قبل أن أركلك خارجا وأمزق جلدك ضربا , أغربي عن وجهي "
صرخ بها وافزعني , فقفزتُ مهرولة إلى الخارج أجمع أشلاء جسدي المبعثرة ورائي , واغطي ماكشف منها
اختفي في الظلام , وامشي بخطى متعثرة تكاد تسقط قبل ان تمس الأرض
وصلت إلى الشقة غير وعية لوصولي إليها , ورميت بجسمي المنهك على بابها
يا إلهي , ما الذي سيحدث لنا الآن !!
ماذا سيكون مصيري , ومصيره !
ضربت رأسي على ركبتاي , وأنا أذكر نفسي بأن شيئا لم يحدث , وانني بخير!!
كيف أكون بخير وقد قُتل الرجل أمامي
لا ... لم يقتله عامر إنما انزلقت قدم الرجل من تلقائي نفسها
لم يكن القاتل عامر , لم يكن هو بالطبع فهو من دافع عني , وانقذني من وحل ذلك العفن, فذلك القذر يستحق الموت فأمثاله يجب التخلص منهم ورميهم خارج هذا العالم
إني بخير !
نعم بخير , ولم يحصل شيء !
لم اتحرك من اريكتي الملطخة بقذارة ماحدث
ولم أنم في ذلك الصباح , إنما قضيته في أرق مميت
دقائقه تميت قلبي في كل ثانية
الرعب أحتل كل ركن من أركان شقتي الخرساء
وانقطعت الحياة من أوصال روحي
فبت أعد الانفاس والنقرات
وارتعش في كل مرة أسمع فيها صوتا
خائفة من دخول أحدا لشقتي للقبض عليّ واتهامي
خائفة من أهتزاز جدراني الصامتةِ وادانتي بما حدث وانني مشتركة في الجرم
يعيد المشهد أحداثه على انغام صاخبة مرعبة , فكل شيء يدور بلا توقف
ويستيقظ ذلك الرجل ويختفي عامر ليهاجمني هو
ويحاول فعل ماكان يريد فعله
فأصرخ وأصرخ مستنجدة بأحد
متمنية أن موته حقيقة وليست مجرد كابوس
لماذا عاد وأنا أظنه قد مات
استيقظت تحت ضوء أشعة الشمس الحارقة , استيقظت وأنا مبللة بالكامل , استيقظت باكية صارخة
مسحتُ وجهي بإرتعاش , وأنا مفزوعة من الكابوس الذي راودني
طافت حقيقة ما حدث بالأمس وكأنها أمامي
لا .. أنه حلم , نعم حلم ... وليست حقيقة
وقفتُ مرتجفة الأقدام أنظر إلى ملابسي المتسخة من الأعلى , والدماء التي نشرت لونها الداكن عليّ
وقفزت مهرولة إلى دورة المياة لعلي أنفي كل هذه الترهات , لعلي أكذب عيناي على رؤيتها الخادعة
انها خدعت صورها عقلي لي !
نظرتُ إلى صورتي في المرآة
وجه أصفر شاحب ملون بالكدمات , وعيناي متسعتين ذابلتين حمراوان من الدموع
حطت أصابعي على وجهي , وأنا أنظر إلى خيال وجهي الحزين وشفتاي المتشققتين والمتغلفتين بالدماء , واشعر بتصاعد صرخات الألم إلى أنحاء جسدي
شهقتُ بصدمة وانهيار , والدموع تتساقط من عيناي
وأنا أحاول إزالة أثر الدماء المتجمدة على شفتاي, واثار ماحدث لي في تلك الليلة
انفيها من عقلي , أرميها خارج عالمي الهش
ياإلهي !!
أصحيح ماحصل صباح اليوم , هل هو حقيقي !!
انني لا اصدق ذلك , لا أصدقه أبدا
إنطويت على نفسي , وعدت إلى عالمي المهلوس الحزين والذي لا يكف عن ملامة نفسه وندب حظه
اتصلت على المستشفى لأخذ إجازة لمدة ثلاثة أيام
فلست قادرة على مواجهة أي شخص ولستُ في مزاج يسمح لي بالعمل , كيف لي أن أعمل وأنا ارتعش ودموعي تتساقط وكأنها شلال لا يتوقف
انتابتني موجة من الرعب للتفكير بان الشرطة ستأتي الآن وتجرني معها إلى مركز الشرطة ليتم استجوابي من أجل الشهادة
من أجل نبش ماحدث بداخل ذلك المكان الخالي من الحياة والبارد , وان الرجل قد حاول الاعتداء عليّ !
هرب الدم من وجهي , واغمق لوني الشاحب لتهتز الرؤية أمامي
وتنتفض كل خلية فيني رعبا , ويخيّل إليّ أن الابواب تدق , والخطوات تزيد من سرعتها في الخارج
كفى !!!
كفااااااك يا عقلي تعذيبا لنفسي
كفاك يا قلبي ارتجافا في صدري
كفاكِ يا أفكاري دورانا
ما الذي عليه فعله !
أأخرج الآن من عزلتي وأهرب من العالم بأسره
أم أودع حياتي , وأقتل نفسي !
أم أذهب وأبكي وأضم يديّ لعامر , لأتهم ذلك الحقير
ولكن أنا لا استطيع فعل ذلك , والاعتراف بما حدث
فإن عرف أحدا ما عما حدث سيكون مصيري فضيحة تهز جدران عائلتي , ستسود وجوههم وسأكون عارا عليهم
على الأكيد أن عامر قد اعترف بذنبه الآن , وانه لم يقصد قتله إنما سقط الرجل لوحده
**
مرت الأيام ببطءٍ شديد
ببطء أكل صحة جسدي , وامتص حياة وجهي
فكك أعصابي وأرعش بدني الضعيف , واصابني بحمى المرض
لم أكن أود الظهور من مخبأي التعيس , والذي أصابني بالسقم
لم أكن استطيع مواجهة العالم بعد رعب تلك الليلة
الخوف يدب كدبيب النمل في جسدي , وأنا أخرج من شقتي لأوقف سيارة أجرة وأركبها
فلم أتذكر سيارتي إلا في هذا الصباح , تذكرتُ انها مرمية منذُ أيام على قارعة الطريق بدون حراك
ترجلتُ من سيارة الاجرة بعد دفعي للثمن
خرجتُ منها أجر خطواتي وتقبض اصابعي حزام حقيبتي بقوة , وأنا أحدق حولي بوجل وكأنني أشعر بأن الناس كلها تنظر إليّ
تعرف حقيقة ماوقع في ذلك الصباح
وانني مصدر إشاعات متناقلة لا تكف عن الهمز واللمز
لم يكن ذلك إلا محض خيال , فعقلي يخلق لي أوهام
ويجعلني أعيش كابوسا لا حقيقة له
ابتدأ عملي بلا أي نظرات أو همسات إنما سؤال عن حال وحمدا على سلامتي
إرتاحت نفسي المرتعشة , وسكنت حركة أنفاسي , وضاع شعوري المرتجف
ولكنه عاد إليّ وأنا أره , أراهُ كعادته وكأن شيئا لم يحدث
عامر بحركته الدائمة , بتكشيرته التي لا تفارق وجهه , مع جماله فهو يبدو شديد العبوس و جامد كالصخر .
إنهدمت كل جدراني , وإرتعشت ذاتي
وارتخت كل عضلة في جسدي , وأنا اسمع مايقال
عامر حاول إنقاذ رجل مصاب , وركض به إلى المستشفى في عاصفة الثلج تلك ولكن الرجل قد مات قبل ذلك
عامر البطل المغوار الشهم
البطل الطبيب والماهر , والعبقري الذي لا يخطئ
ابتلعتُ أنفاسي بصدمة ودهشة سقطت على رأسي , وعيناي تحدقان إلى الفراغ
كتمةُ صرخة ذهول كادت تفر من حنجرتي
وأنا اسرع بخطواتي بعيدا عن ضجة الاصوات الهامسة لي عن ماحدث
انهم لا يعرفون الحقيقة المرعبة
ولماذا أسمع هذه الكذبات المتداولة , والتي لا تمد للواقع بصلة
وعامر , انه هنا في المستشفى !! لا يعقل هذا !!
كالمجنونة التي فقدت عقلها رحت ابحث عنه في أروقة المستشفى
أبحث عنهُ , وكأنني في ظلام لا أرى شيئا
أرتعش وأأن بصوت يحبسه صدري الخافق
دخلتُ عليه في عيادته , دخلتُ مقتحمة عزلته , بلا دقا للأبواب
شهقت أنفاسي , وأنا أرى تعقيدت حاجباه وتغير لون وجهه عند رؤيتي
وقف كالمصعوق المتوتر , وخَلاَ وجهه من التعابير
إبتلع ريقه بوضوح وهو يبعد وجهه عني
تركتني قوتي التي كانت معي لوحدي
خانت الكلمات حنجرتي , وودعني صوتي , واصعب البوح عليّ
اغمض عيناه , وهو يقول بصوت منزعج : " نعم.... أهناك شيء ! "
ضغطُ على اسناني في محاولة يائسة لإنتزاع الكلمات من أحبالي الصوتية وبثهن خارجا , قلت بعد جهد انهكني : " ما الذي ليس هناك !!.... أخبرني "
إمتلأ وجهه غضبا , وهو يقول بصوت صارم هامس : " إخرسي ! .... وانسي ما حدث وكأنهُ لم يحدث , وامحيه من ذاكرتكِ , ولا تهمسي به أبدا "
تشبثت صدمتي في حلقي , وامتص رعبي الذهول لأقول : " كيف هذا !! "
عبس في وجهي ووقف مهددا إياي
اقتربت خطواته القاسية مني
ووجهه الذي سطع عليه الضوء كشر عن انياب اللا الرحمة
وقال راصا على اسنانه : " إياكِ , إياكِ ان تضعني وتضعي نفسكِ في سجن الأموات , أغلقي فمكِ واحفظي لسانكِ , فأنا قد اتخذت الاجراءات اللازمة وانتهى الامر , وحفظت سر وجودكِ وأنكِ سبب كل ماحدث "
صرخ وجهه الغاضب عليّ , صرخ وهو يتهمني بكل ماحصل راميا غضبه الساحق عليّ , مثيرا أوجاع صدري وتأنيب ضميري
امسك يديه عني , وهو يهدد ويتوعد مبتعدا عني : " صدقني ان حاولتي تدميري سأدمركِ أشد تدمير , أن همستي سأقتلكِ , لانني جعلت تلك الحادثة مجرد طبيب حاول انقاذ مريضه "
اهتزت نبرة صوته الغاضبة , لترتجف وتأن وهو يكمل : " لقد كانت مجرد حادثة وجدتُ فيها رجلا سكيرٍ نازفا يحارب انفاسه في طريق عودتي إلى المنزل لحسن الحظ كان طريق عودتي , وحاولتُ انقاذه وعندما لم أفلح ركضت به إلى المشفى , ولحسن حظي ايضا ان عاصفة اجتاحتنا في ذلك الوقت وخربت ذلك المكان حتى اختفت البصمات منه, ولم يكتشف أحدا ماحصل هناك "
انهى كلماته ضاحكاً , وهو يصوب بصره ناحيتي
مرتجفة أنا ابتلع جرعات الصمت , واهتز من فرط الذهول
وأنصت إلى هدير صوته الحاقد عليّ
ضحك بكل كره وغضب , ونفث غضبه في وجهي مضيفا بعبوس شديد : " ومات ذلك الرجل وأنا من قتلته اتعرفين ما يعني ذلك , يعني دماري , يعني اني اصبحتُ مجرما "
اضاف مستهزئا مستحقرا : " ولكن ان اصبح مجرما من أجل امرأة تحمل نصف عقل , لاااا ....لن يحدث ذلك أبدا , فأنا لن أخسر حياتي من أجل امرأة غبية حمقاء "
اصابتني كلماته بالسقم واذهلتني
مريضة هي , خالية من المشاعر تتهمني في خلقتي كأنثى
اهتز جسدي غضبا وقهرا
كيف لهُ ان يكون خاليا من الضمير هكذا
كيف له ان يلفق الاكاذيب على الشرطة , لمَ هو لا يخاف الله !
لقد مات الرجل وهو احد اسبابه
ولكن أنا هي الضحية , والتي حاول المقتول ان يعتدي عليها
نعم ... فأنا مذنبه أيضا بعدم حذري وجرائتي الحقيرة
إدخال نفسي في المصائب بدون تفكير
ولكن كتمان انك قد اقترفت ذنبا عظيما
ذنبا تحمله معك اينما حللت , ذنبا يأرق مضجعك
صرختُ عليه وكأن حياتي باتت لاتهمني , إنما الخوف من الله
الخوف من تأنيب الضمير الذي لا يقادرني والذي يطعنني في كل ثانية
صرختُ عليه بغيظ التهمهُ صدري , وجراءة من داخلي الغاضب والمقهور : " كيف لك أن تفعل هذا, ألا تشعر !! يجب عليك الاعتراف على الاقل ولا اظن أنه قد يؤثر عليك كثيرا , وأنا سأعترف أيضاً وانقذك معي "
ازدادت ضحكته استهزائا بي , وهو ينظر إليّ بوجه أحمر محتقر لي
انتفض وجهه غضبا , وهو يكتم غيظه وبصوت هامس قذف سمومه على وجهي المذعور : " اصمتي ...... ألم أقل لكِ ان تصمتي , غبية أنتِ كيف أنجو أنا , وأنا الذي تسببتُ لهُ بالحادث وليس هناك شهود على ماحدث , لقد كنتُ طرفا في موته !! أخبرني كيف , أنتي فضيحة تمضغها الالسن وأنا سجن وسحب رخصتي وانتهاء عالمي هنا , بعد ان انجزت الكثير تأتين أنتِ لتحطمني بكل سهولة ... لا لن يحصل ذلك أبدا , سأسلخ جلدكِ قبل فعلكِ هذا "
يا إلهي !
أيّ وحشا هذا الذي يقف أمامي الآن
أيّ شرا وقلبا يحمل هذا الإنسان المتبلد , والمتجرد من الاحاسيس
انكمشت ملامحي قهرا , وتحول إرتجافي إلى غضب
ابتسمت ضاحكة مثله , أضحك من فرط الجنون الذي يحدث
وقلت بعينين تقدحان غضبا : " لا أنا لست من هذا النوع , لن اعيش ككاذبة حقيرة ..."
خرستُ مرتجفة
وكأن السماء انفتحت وصبت مائها على رأسي
وبللتني لتعيد وعيّ إلي
وأنا اسمعه يقاطعني بصوت بارد : " إذاً أخبرني ما الذي كنت تفعلينه في ذلك الليل هناك , هيا! ... أخبرني ما الذي كان يحاول ان يفعله لكِ ذلك الرجل , وما الذي قد فعله لكِ ان كان لم يفعل ومن سيصدقكِ ؟؟ ... أن أحدا اكتشف هذا مـ .."
قاطعةٌ جلافة صدره
قاطعةٌ صوته القاسي الخالي من المشاعر, وأنا مرتجفة مخنوقة : " لا "
كلماته كانت مفخخة بالسموم
مليئة بحقارة نفسه
أعادت عقلي وصوابي إليّ
اعادتها بصفعة على الوجه , صفعة كشفت حقيقة الكوارث التي ستحدث ان أُكتشف الأمر .

صمتُ , مجبرة على إخفاء الحقيقة
من أجل التستر على نفسي , وعدم فضح أهلي
ولكن كيف لي أن اعيش بعد الآن كانسانة تشعر
كيف سأتحمل إخافي لهذا الجرم !!
لكن
احتملتُ الأمر
وحاولتُ التناسي
حاولت تناسي مايقرص القلب من ندم ولوعة
مرت الأيام , مرت وأنا أُحاول العيش
وفي كل صباح , وقبل ذهابي إلى عملي كنتُ أنظر إلى خيالي في المرآة وابتسم
ابتسم لوجهي الذابل
وأقول بصوت فرح مبتهج , إنني بخير , أنا بخير !!
أنا إنسانة أخرى , ولا أحمل أيّ ذكرياتٍ في حقيبة عقلي
وانني لم أفعل شيء
أنا أمل المبتهجة صاحبة الحس الفكاهي , التي لا تعرف عامر
ولم تعش معه أي ذكريات , إنما أمل الجديدة , أمل الأخرى ...
ومن ثم أتوضأ بعد ذلك , لعلي ازيح همومي العالقة فيني وأنساها ...
ويال العجب فمفعول ذلك يشعرني بالتحسن
وينسني صخب ايامي الماضية , ويجعلني انسى صور ماحدث
فمنذو أيام قليلة أخبرونا أن هناك مؤتمرا طبيا في العاصمة
ويجب علينا الذهاب هناك , والجلوس لعدة أيام
حملتُ حقيبتي وأنا أنزل من شقتي مودعة ظلمتها وكآبتها
أغمضت عيناي مرتجفة كارهة ذهابي إلى هناك برفقة بعض الأطباء وعامر
بت الآن لا أتجادل معه
ولا أسهب في الحديث معه كما في الماضي
إنما هو الصمت الذي يحتل الأنفس إذ ما التقينا , أو قام هو بعمله اليومي معنا
وبعدما أن اصبح منذو فترة قصيرة بروفيسور
أصبح أكثر قسوة وتكبرا عن ذي قبل
وأخيرا حقق ذلك الرجل حلمه المستحيل من بعد استغلاله الكريه لي
وكم أمقت وصوله وحصوله على ذلك المنصب
انه لا يستحقه أبدا , ولكن ...صرخ داخلي ..
انسيه ... أنسي كل مايتعلق به
أنسي كل قذارتكِ معه
تخلصي منها واحرقيها
واطمسي ذكرياتكِ القبيحة
توقفت قدماي على عتبات الطريق
توقفت قبل ان أسقط إلى منحدر أفكاري
ابتسمتُ مغمضة أعين أفكاري , مغلقة بابها بمفاتح النسيان .


*****
طويتُ صفحاتي المبعثرة , وصعدت إلى عرشي القديم
ورميت الزمن الماضي بعيدا , انتحلت القسوة , ابتسمت للحاضر بعيون الثأر
استعدت شخصيتي القديمة المبذرة والمدللة
نفسها التي تتجرع الانتقام , وروحها التي تهوى رجل حياتها
أصبحت الأمرة والناهية , والخالية من المشاعر , الغاضبة دوما , والمحتقرة لكل شيء
والطامسة لوجود ذياب , فذياب بات لا وجود له في حياتي فهو مجرد رجل غريب , وقاتل واريد الاقتصاص منه وتعذيبه
وكم هو مقيت زيارة كلتا الحقيرتان علياء وحسناء إلى منزلي
حسناء نظراتها لم تتغير , انها لا تحمل مشاعر حب لي , اعرف انها لا تُطيقني وأنا بالمثل
ولكن علياء المنافقة والكريهة
تبدو بشكل غريب ومخيف , مبتسمة وودودة , وحنونة جدا على غير العادة القديمة
كلماتها كالعسل تنساب من لسانها
تبدو كالقمر في تغنجها , وأسلوبها الجميل
تتكلم وكأنه ملكة الطيبة والمحبة
جلسن في غرفة المعيشة مع ذياب , وأنا واقفةٌ خارج الغرفة أنظر إليهن غير مرحبة بقدومهن
اصطكت اسناني قهرا
وانطلقت الحرارة إلى جسدي لتصهره , وتقلب إتزان مشاعري
وأنا أراها تتحدث مع ذياب
تتحدث وكأنها مهتمة بي وبه , وتخبره بأننا أهل ولم يحدث شيء فيما بيننا
وانني فتاة مسكينة , وانها تحبني كثيرا مثل اختها وهو مثل أخيها , وان احتجنا شيئا فهي بالخدمة ولن تبخل أبدا علينا بعطائها الكبير
الحقيرة ... انها افعى متجسده
لقد جعلت ذياب مستمتع بالحديث معها
فلقد دخلت معه في مواضيع عده تتكلم عن الطفولة وعن مروان وأمها
تحاول الاستماع إليه بكل دقة , تسقط من لسانها كلمات لا تعرف الزلة
كلمات تحوي عطف وحب كبيران
علقت الغصة في بلعومي , علقت وأنا أحاول كتم غضبي وقهري
لا استطيع الوقوف أكثر , ولا استطيع الصمت دون ردة فعل
البائسة تحاول خطفه , تحاول سرقت ذياب مني , لا لن يحصل ذلك !
لن تحصل عليه تلك الزرافه
هرولة خطواتي نحوهم , ونحو جسده الجالس بعيدا عنهم وحل جسدي بجانبه , ألتصقت به , تشبثت به ... فقفز الذهول إلى الأوجه
تصلب وجه علياء المقابل لي , وانطلقت نظرات الإحتقار من عينا حسناء
أما ذياب , فهتز معي , وتصلب ناظرا إليه بدهشة
ابتلعتُ نظراته , وابتسمتُ إبتسامة مرتجفة عرفت طريقها بسهولة إلى شفتاي
مثلتُ الثقة والحب له
أدخلت نفسي في مواجهة لتلك الحقيرة , فأنا لن أجعلها تسلبهُ مني
ولن أجعلهُ هو يحلم بالحصول على واحدة غيري , أو إوهام نفسه بأنه قد خرج مما دخل فيه
لم يحررني منه إنما صمت عني وعن مقاطعتي لهم , وعن حقيقةِ ملامحي الطاردةِ لهم
لم يكن وجهي يخفي بغضي وكرهي لهما , وحتى مراقبة أي حركة صادرة من تلك الزرافه
إنها طويلة وجميلة وتحاول جذب ذياب إليها , وهذا ما يجعلني أود إخراجها من منزلي
طردها بعيد , وعدم رؤيتها لمرة أخرى
الحقيرة وقفت وطلبت مني إيصالها إلى غرفة لتصلي فيها , لم يكن لديّ خيار فنظراتها تتوسل إلى ذياب , وترمي بي خارجا
سرت بها وأنا أعد عدد خطواتي الساخطة , غير مرحبة بتوصيلها
وقفت هي أمام غرفتي قبل ان تكمل الطريق
فتوقفتُ أنا , مديرة جسدي مقابلة وجهها المبتسم والمنتصر
فقالت بإبتسامة خالية من المشاعر : " أهذه غرفتكِ ! "
ارتجفت يديّ , وأنا أرفعها لتبعد خصلات شعري القصير عن وجهي
وازدريت ريقي بصعوبة مفكرة بمقصدها , متأكدة من حقارة أفكارها
تبا لها , فهي تريد نبش أحشاء العلاقات في هذا المنزل
وبالأخص علاقتي أنا وذياب
أجبتها وأنا أحاول إطاحت كُل شكا لديها بما أقوله : " نعم إنها غرفتي القديمة "
امتعاص خفي غطى ملامحها
إنما كذبت حقيقة ما قلت , وانطلقت خطواتها نحو غرفتي وفتحتها أصابعها دون أمرا مني
غضبت , ثرت وانطلقتُ واقفةً في طريقها , قائلةً بصوتٍ مقهور : " ما الذي تفعلينه ! "
ادرات بصرها في أرجاء غرفتي المضاءة , كانت غرفتي زاهية الألوان تضج بالحياة
فرائحتها تدل على ذلك
خرجت من بين شفتيها ضحكة خافتة , إنما هي ضحكةٌ تزدري لعبي بالكلمات
علياء من المستحيل ان تتغير في فترة قصيرة , فلقد استمرت لسنين طويلة في إذلالي
انها ذات قلب أسود بل أشد إسودادا من السواد نفسه
قالت بعد صمت قصير : " وأنا أظن انها غرفتك القديمة , والحالية أيضاً "
كتمتُ غضبي المشتعل في صدري , لكي لا أعطيها مجالا لكشف مايحدث بيني وبين ذياب, وماينقصني إلا علياء لتزيد مصائبنا
إزحتها عن أمامي فتراجع جسدها بإنفعال إلى الخلف , وأمسكت أصابعي أكرة الباب وأنا أضرب بابي بقوة لينغلق
حدقت بها بنظراتٍ محتقرةٍ , وأنا اشير إليها لتذهب إلى غرفة تقطن في أخر الممر الأبيض
لم تكن غاضبة , انما انشرحت أساريرها
وإبتسمت بزهو وفخر , وقالت هامسة وهي توليني ظهرها : " الحقيقة انكِ مجرد طفلة , ولستِ إمرأة , مجرد طفلة يراعها , ولن تؤثر فيه أو قد ينظر إليها "
انتابتني موجة من الغضب , لو لي القدرة فقط على ركلها أو طرحها خارج هذا المنزل لفعلت ذلك حالا
ضغطُ على اسناني ممكسة نفسي عنها
أمسكت زمام مشاعري الثائرة , والتي قد تخونني في أي لحظة وتلقن تلك الحقيرة درسا
لا.... لن أفعل ذلك !
ترفه إهدئي فأنتِ قد تعلمتي الكثير
وتلقيتي صدمات بشعة , أو أشد بشاعة
كيف لكِ ان تتأثري من بضع كلمات ليست دقيقة أو حقيقة
ذياب يحبني أنا , هو يقول انه يحبني ويريد فعل كل شيء من أجلي أنا
هو لن ينظر إليها لانه يحبني أنا , ولا يحبها هي
الغضب لا يهدأ في صدري , انما يتصاعد في كل خطوة انزلها
اتوقف خائفة من أوهام مشاعر قلبي
انني مجرد فتاة يتيمة أخذها هو لأنه قاتل والدها
وانا أريد الانتقام منه فقط
ولا أريد لأيّ مشاعر أخرى ان تتلاعب بي
ولا أريد ان أستمر في التعلق به كما في الماضي
ولكنني لا استطيع طرد أفكاري الغاضبة منه عني
افكاري التي تغضب من تواجد علياء , من حديثه معها , من نظرات علياء لهُ
لا .. لن أجعلها تحقق احلامها الحقيرة معه
رأيته يجلس وفي يده بعض الأوراق يفعل كما يفعل في الأيام السابقة
صحيح أنني لا أحادثه أو اعطيه أهتماما مهما حدثني , وابداء اهتمامه بي
كنتُ افتعل المشاكل , وأصرخ على الخادمات وألعن تواجدي في هذا المنزل
غاضبة حقيرة أصبحتُ أنا
غير محترمة لتواجده , رافعة صوتي على من هم أكبر مني
من أجله فقط , من أجل ان اثير غضبه وانتقم منه
ولكن هو بارد كالحجر على غضبي , وحنون لين في تعاملة معي
فنظراته وكلماته تثير مشاعري , وتطرحها خارج بوابة قلبي
فأصمت هاربة بعيدا عنه
أقتربتُ منه مترددة أريد اخباره بأنني منزعجة وغاضبة , وانني تائهة
واريد إخراج علياء من عالمي وإيقافها عند حدها , وإخراجه هو أيضا
فأنا لا أريد هذا الصراع العازف على أوتار مشاعري المرهقة
المرهقة من نفسي الغير متزنة بسببه
قبل ان أصل إليه , وقف وكأنه يريد الخروج
وبلحظة قررت التوقف , مستعيدة إتزاني الذي بدأ غير متعقل
لقد كنتُ أريد الإفصاح عن مشاعري الغبية , والتي قد تظهرني بمظهر الغافرة له
والتي رمتُ كل شيء رواء ظهرها , ونست حقيقة غرزه لسكين الواقع في صدرها
ونست الماضي القريب والبعيد
وقفت مصطدمة بطرف طاولة من الخشب اوقعت ماعليها
التفت إليّ بسرعة , وحدق بي بوجه رسم الخوف
ارتجف جسدي , وانا أحاول إستعادة اتزاني , وعدم اعطاء الذي سقط أي إكتراث
لم يتحرك ... إنما حدق بي مطمئن أن لا شيء حدث لي
كنا لوحدنا , كان الصمت يحيط بنا والمشاعر تملئنا
فقط هي نظرات العيون التي تتحدث عنا
النظرات تشيع القلوب , النبضات تصم الآذان وتهيج الأحاسيس
ابعدت عيناي عن عيناه منهيةً مشاعره التي يبعثها نحوي
مخفية خوفي من مشاعري الجديدة له
نعم ..... أنني أحمل مشاعر لا أجد إجابة لها
لم تكن فيّ إلا من قريب
مشاعر غريبة تطفو على قلبي , وتبعثر كياني
تجري نحوه بلا أمرا مني , فقلبي يلين ويذوب به
يرقص فرحا برؤية حبه واهتمامه
فقلبي يرفض الإنصات إلى عقلي , وأنا بين هذا وهذا , مبعثرة بينهما
ابتسم وجهه واطاح مشاعر قلبي
فأدرت جسدي هاربة منه كالعادة
ولكنني توقفتُ عندما رأيتها أمامي تنزل من الدرج , رامية بحجابها على كتفيها
شهقت واصابعي على تحل شفتاي , وبصري يعيد نظره إلى ذياب
الحمدالله ... ذياب كان لقد ولى ظهره , ويمشي ببطء
ابتسمت لي وحاجبيها يرتفعان إلى الأعلى , وكأنها تسخر مني وتشير إلى ذياب
انتابتني موجة من البكاء في تلك اللحظة
وددت خنقها , الصراخ عليها ورميها بأي شيئ تحل يديّ عليه
كيف لها أن تتجرأ وتصل إلى هذه المرحلة
كيف لها ان تكون حقيرة ونجسة هكذا
انكمشت ملامحي قهرا
وبصعوبة بالغة ابتلعتُ غضبي وبكائي , وأنا أدير جسدي مبتعدة عنها راكضة بخطواتي نحوه
بخطواتٍ تائهةٍ غير مقتنعة بما تفعله مترددة في قرارها
وقفتُ أمامه .. وامسكت يدي اليمنى بأصابع يده اليسرى
أمسكته بقوة وكأني أمنع نفسي من الهروب منه , أمنع نفسي من التخاذل أمام علياء
توقف جسده عن المُضي , واتسعت ظلمة عيناه الواسعتين
واحتلت الدهشة ملامح وجهه
أغمضت عيناي , وأصابعي المرتعشة تلاعب أصابعه الباردة
ابتلع جسدي الحرارة , وخرجت انفاسي سريعة مسعورة
حاولتُ إوهام نفسي انني كنتُ أفعل ذلك من قبل
كنتُ أفعل أكثر من ذلك بكثير
وكان ذلك طبيعياً , ولا يخلف في نفسي أيّ فوضى
لمَ الآن أنا هكذا !
لمَ أنا مرتجفة خائفة أرتعش بشدة , وكل مافي ينبض بعنف
ارتفعتُ على اصابع قدماي , وأرتفع جسدي نحوه حتى أصل إليه
وأنا أنازع رغبتي في الهروب منه , وعدم فعل ذلك
ولكن يجب عليّ إنهاء أفكار علياء , وإطاحت أي أملا لها به
طبعةُ قبلة سريعة على خده
وعدتُ إلى مكاني مُتسعة العينين , متدهورة الأنفاس والمشاعر أحدق به وكأن وعيّ قد عاد إليّ للتو
هي لحظات تعانقت فيها أرواحنا
وشهقت أنفاسنا , وتعلقت الأبصار ببعضها
ملامحه مندهشة , ونظراته معلقة بي
نبضاتي ترتفع وتيرتها وتصم آذنيّ , وعقلي يصرخ عليّ بذهول غير مصدق لمّا فعلته
وهو لا يكف عن إرسال توتره إليّ عبر عيناه الذائبتين في بحر صراعهما
يحدق بي وكأنه لأول مرة يراني
يحدق بي بمشاعر جياشة
مشاعر تود إحتضاني بشدة
حب يجتاح كياني المتيم به , يرجفني ويخجلني
وعقلي يزجرني , وقلبي يخفق به وإليه .
***
بكائي الماضي , لحظات ضعفي في الزمن الذي انقضى
كل شيء قد تخلى عني الآن
وتركني أصب جام غضبي بالصراخ ولعن مافعلته
لمَ تحركني عواطفي ومشاعري !!
لمَ فعلت ذلك !
سقطُ على أرض غرفتي التي هربتُ إليها منهُ مشمئزة من ذاتي , كارهة ما فعلته
مذكرة نفسي أنني أريد الانتقام منه فقط
وليس الوقوع في حبه !
غبية أنا لأستثير مشاعري القديمة , وأجعلها أقوى عن ذي قبل
وأقع في شبكة حبال حبه لي , وهو من أوقعني فيها !
يا إلهي .... مالي أكتشف هذه الحقيقة المفجعة الآن , وحقيقة أن حبي له لم ينتزع من أدراج قلبي
انما هو مركون في ركن خفي بعيدا عن الاوبئة التي اجتاحتني , والتي مازالت تفعل ذلك !
تخلصي من تعلقكِ به يا غبية
أرمي به في قمامة قلبكِ
أنسي حقيقة حبكِ له
ولكن لا استطيع فحبه ينهش جسدي , ويبعثر مشاعري الهائمة .
***
عدتُ إلى ذاتي المتنازعة
ذاتي المضطربة التي تختلجها مشاعر متضادة فلقد بت أحقد وأكره , وابغض وأحب أيضاً
واولهم علياء التي أكرهه وبعدها الكل , وأخرهم ذياب التي أنا بين حبه وكرهه مشتتة
وبين محوه وخدشه بأظافر عقلي.
***
اليوم .. هو يوم كئيب هاجر للحياة
هوائه خانق لا يريح النفس , لا مستقبل فيه ولا أمل
شعور بغيض يجتاحني , وكأن نفسي المعذبة في سنين حياتي الماضية قد ظهرت
وكشّرت عن أنيابها
اظهرت تراكم العقد النفسية , والصدمات المتوالية
لتخنق صدري وتجعلني رثة المشاعر , ضعيفة الأعصاب
فلقد بت لا أشم الهواء , ولا أستريح
مختنقة , متعبة أنا
وأريد الخروج من قوقعتي , والهروب من عالمي
فلقد حبستُ نفسي طيلة أيامي الفائتة في المنزل
فخروجي بات نادرا , وجسدي قد فقد لذة عيشه منذو زمن طويل
ضربت أقدامي , انتزعتُ صراعي النفسي
وجررتُ ترددي إلى ذلك الحابس نفسه كما أحبس نفسي أنا
كشرت ملامحي عن ضيقي
وطويتُ شفتاي تحت اسناني , واقتحمتُ غرفة مكتبه
أغمضت عينا مشاعري , وايقظت أمواج غضبي عليه
رددتُ على قلبي بأنني لا أحبه , وأنني يجب عليّ أن انسى حبه
انفاسي تتسارع
خطواتي تضيق والمسافة تقصر
وهو يرفع رأسه المغطى بالسواد , ويبعد النظارة عن عينيه الواسعتين محدق بي بملامح شاردةً فيّ
وقفتُ قريبة منه , أتنفس رائحته المسكرة
هي مميزة بحق ومثيرة ..... وكم أعشقها
تبا تبا أصمت يا قلبي
يا ويح قلبي فلقد بات يهيم به
نظرتُ إلى عينيه مباشرةً , فهوى قلبي مضطربا خجلا منه
ولكن.... لا !
يجب عليّ أن لا أضعف , يجب عليّ أن أحطم كل مايقف في طريقي
يجب عليّ أن لا أجعل حبه يضعفني
فأصبح أنا الضعيفة وهو القوي
نظراتي متوترة مركزة عليه
أحتضنت جسدي , وأخرج لساني ألفاظا قوية لاذعة : " أريد الخروج من هذا السجن العفن , من قذارة صاحب هذا المنزل , كما تعرف فهو من أكبر الكذابين والمنافقين , وأنا أكرهه هذا النوع من البشر .... أكرههُ جداً "
لم تتغير ملامحه , فهو قد إعتاد على لساني السليط
لساني الذي لا يكف عن إتهامه , ورمي غضبي عليه
إبتسم كعادته , وتراقصت عيناه لي
باعثة موادتها إليّ , قابضة عضلات قلبي الخافقة له
وددت الاختباء تحت الطاولة لكي لا يرى اضطرابي واحمراري الشديد
وقفتُ مكاني غير قادرة على تحريك جسدي المتجمد
جسدي الذي يكاد يهوي بي
وهو وقف تاركاً كل شيء من يديه
تحركت خطواته الصامتة , تحركت بهدوء على الأرض الباردة
تحركت لتمر من جانبي , وتسبقها نظراتي
اقترب من النافذة المغلقة مزيحا ستائرها , ناظرا إلى خارجها قائلا بهدوء : " الطقس غريب اليوم والهواء حار , ولكن يمكننا الذهاب إلى أي مكان تريده صغيرتي الجميلة "
اضطراب غلف مشاعر قلبي
وصمت شل لساني , فلم استطع أخراج أي حروف قبيحة أخرى
فصمتُ ساكنة مُتبعثرة .


نهاية المعانقة السابعة عشر

قرة عين امي 16-08-13 12:45 AM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
اخبارك حبيبتي اسوم
بارت جميل ولكن قصير

امل وعامر
اثنان متنافران مختلفان في الطباع والحياة لكن القدر يجمعهم دوماً في اكثر من موقف ومكان وما حصل لهم اكبر دليل على جمع القدر لهم
امل بطبيعتها الغير راضخه وبضميرها الحي لم تقبل بالتستر والاخفاء عما حدث وهي من لم تقبل لنفسها الراحه والاطمنان طيله الثلاثة ايام لتتفاجاء بصوره البطل المزيفة التي ظهر بها الوحش عامر معادله معقدة ومتشابكة ووقف عامر في ووجهها بصورته الغاضبة وبالفاضه القاسية وبالحقيقة التي تنتظرها ان هي افصحت عما حدث في تلك الليلة المشؤمه الجمها عن البوح بما يورق عقلها وتفكيرها ويقتلع جذور الامان والراحة داخل نفسها موقف صعب وليس بيدها حل سواء التستر والسكوت خوف من فضيحتها وانتشار الشائعات والهمسات عليها

ترفة
ظهور عليا بينها وبين ذياب اشعل المراءة المختفية داخلها وغيرتها جعلتها تتصرف بما يملي عليها قلبها بعيد عن عقلها الذي اتعبها بتانيبه لمخالفتها ماتفقاء عليه سابقاً من اتنقامها من ذياب وبهذا اظهرت حبها الخفي لذياب مما جعله يستريح الي ان ماتمر به الان سحابه صيف لابد ان تنقشع وان طال بقائها وانه سياتي يوم ينعم بالهدواء والاستقرار معها
ومشاعرهما الان التي يختبرانها لاول مره هي مشاعر الحب الذي بداء يتغلغل بينهما الحب الذي يكون بين الرجل وزوجته وليس ماكان بينهما سابقاً

اسفة لركاكت ردي ولكني على عجل من امري
ساكون في انتظار ماتحمله جعبتك من اعاجيب الحياة فلا تتأخري علينا
المحبه لك اسمـــــــــــــــــــــــــاء

سميتكم غلآي 24-12-13 12:17 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3359619)
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
اخبارك حبيبتي اسوم
بارت جميل ولكن قصير

امل وعامر
اثنان متنافران مختلفان في الطباع والحياة لكن القدر يجمعهم دوماً في اكثر من موقف ومكان وما حصل لهم اكبر دليل على جمع القدر لهم
امل بطبيعتها الغير راضخه وبضميرها الحي لم تقبل بالتستر والاخفاء عما حدث وهي من لم تقبل لنفسها الراحه والاطمنان طيله الثلاثة ايام لتتفاجاء بصوره البطل المزيفة التي ظهر بها الوحش عامر معادله معقدة ومتشابكة ووقف عامر في ووجهها بصورته الغاضبة وبالفاضه القاسية وبالحقيقة التي تنتظرها ان هي افصحت عما حدث في تلك الليلة المشؤمه الجمها عن البوح بما يورق عقلها وتفكيرها ويقتلع جذور الامان والراحة داخل نفسها موقف صعب وليس بيدها حل سواء التستر والسكوت خوف من فضيحتها وانتشار الشائعات والهمسات عليها

ترفة
ظهور عليا بينها وبين ذياب اشعل المراءة المختفية داخلها وغيرتها جعلتها تتصرف بما يملي عليها قلبها بعيد عن عقلها الذي اتعبها بتانيبه لمخالفتها ماتفقاء عليه سابقاً من اتنقامها من ذياب وبهذا اظهرت حبها الخفي لذياب مما جعله يستريح الي ان ماتمر به الان سحابه صيف لابد ان تنقشع وان طال بقائها وانه سياتي يوم ينعم بالهدواء والاستقرار معها
ومشاعرهما الان التي يختبرانها لاول مره هي مشاعر الحب الذي بداء يتغلغل بينهما الحب الذي يكون بين الرجل وزوجته وليس ماكان بينهما سابقاً

اسفة لركاكت ردي ولكني على عجل من امري
ساكون في انتظار ماتحمله جعبتك من اعاجيب الحياة فلا تتأخري علينا
المحبه لك اسمـــــــــــــــــــــــــاء

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمدالله انا بخير يا أسماء , وكيف حالك أنتِ اتمنى ان تكوني بصحة وعافية !


أمل وعامر شخصان كما قلتي عنهما مختلفان في كل شيء حتى في العالم الذي يعيشان فيه
عامر لم يفعل ذلك الا لمصلحة امل وان لم يفعل ذلك فسيكون المتضرر الاكثر هو أمل ....


عزيزتي أسماء لم تكن لركاكة من مكان في ردكِ

فهو مفعم بالجمال , واعطاني الكثير من الفرحة

شكرا لكِ يا اسماء على ردكِ الجميل هذا

سميتكم غلآي 26-12-13 09:15 PM

رد: أرواح متعانقة
 


المعانقة الثامنة عشر

يُدق الباب عليّ , فأنهض من على سريري , وارتدي حجابي وافتحه بعد معرفة القادم.
تتسع ابتسامتي لرؤيته , يملئني الفرح وتُسكرني النظرات.
وكعادته الأزليتِ يضم كتفي إليه , ويقبل خدي وجبهتي ويقول بصوته الحنون : " صباح الخير لأجمل أخت في العالم ".
تخنقي العبرات , فأحبس دموعي لكي لا يراها .
ومايزيدني شده على كتفي إلا سعادة , سعادة لتواجده في هذا الوقت , الوقت الذي احتاج فيه لمن يفهم نظرات عيناي , لمن يبعدني عن التفكير في ماضيّ القريب , لمن يرويني بحنانه وحبه.
حب ليس كأي حب , إنما حب أخوي , حب يضم أضلعي , ويعانق روحي.
ابتسامه منه فقط تنسيني أحزاني , وتريح نفسي المتهاويه.
هو أخي أبن أمي وأبي , أخي المختلف كليا عن كل البشر , هو نبع الحنان , هو المتفهم والمحب.
هو رجل ليس لهُ أشباه , هو أخي هاني.
نظراته مبتسمة , لهُ وجه يحمل الراحة , مسح على خداي وقال : " مابال هذا الوجه الناعس ! "
اغمضت عيناي مفكرة , في الحقيقة أنا لم أنم مطلقاً , لم استطع النوم أبدا فالأرق قد أصبح رفيقي , والأفكار قد باتت لاتكف عن الدوران , ولا بات الضمير يرتاح
ابتسمتُ ابتسامة كسولة وقلت : " في الحقيقة لم استطع النوم "
تبسم وجهه المرح لي , وهو يأخذني إلى داخل الغرفة , ويقول ممازحا : " وهل هذا بسبب الجوع , أم أنها أحلام اليقظة "
ضحكتُ لينجلي توتري ,وتحل على نفسي السكينة.
أحبه كما لم أحب أحدا من قبل , أحب المشاعر التي يبعثها إليّ , أحبه لانه الرجل الوحيد الذي يُنصف النساء في عائلتنا , الرجل الوحيد الذي يضم عظامنا الرقيقة تحت جناحيه أمام قسوة الاهل , أمام الاجبار الذي لا نجد منه أي انصاف , أمام التميّز الذي يحدث في محيطنا الاُسري .
أخي هاني يقطن في العاصمة بسبب عمله , وعند مجيئي إلى هنا من أجل المؤتمر أصر على مكوثي في شقته الصغيرة
أجلسني على سريري , وهو جلس على الكرسي أمامي.
اختلفت ملامحه المسترخية , وحل عليها بعض الألم , وجهه شفاف , يظهر مشاعره بسرعة , هو مثلي تماما, يشبهني شكلا وقالبا , قال لي بعد هدوء قصير : " أمل إني أراكِ مختلفة عن ذي قبل, فأنتِ لستِ أمل القديمة , فأنا أرى أمل الحالية حزينة , مضطربة وخائفة , أمل ان وجهكِ يكشف الكثير لمن يعرفه جيدا "
هزت كلماته مشاعري , وذكرتني بما احاول نسيانه.
فأنا أعترف انني قد تغيرت , تغيرتُ كثيرا , تغيرتُ للأسوء وكرهت هذا التغير الغبي.
كرهت ما افعله والذي بتُ أجبر نفسي عليه , أجبر نفسي عن التغاضي عن كل ماحدث معي .
اكتم غيظي وغضبي , امسك انفاسي عن الخروج , أصمت واصمت وكأن تمسكي بالحياة الزائلة والوهمية هو كل ماأريده.
فأنا لا أريد هدمها ولا سحقها , لأن هذه الحياة هي التي خلقتها أنا بنفسي ويجب عليّ ان احتملها , يجب عليّ ان احتمل ماجنته يداي.
هززت رأسي وكانني أنفي كلماته , أخرجها من عقلي وقلبي قبل ان تستعمرهُما.
ابتسم بعينين تحملان التفهم , بوجه محب وودود , بوجه حمل ملامحي وعيناي.
وقال بصوت خزنته ذاكرتي , بصوت له رنة تريح قلبي , وتنزل إلى أعماق أعماقي : " أمل ... أنتِ تعرفين انكِ أحب شقيقاتي إليّ , لانكِ الأقوى , لأنكِ أمل الحنونة والرائعة , والتي تحتضن الكل بعطفها وحنانها , أمل التي تستطيع فعل الكثير وتحمل قوة الصبر , أمل أنا أثق انكِ قادرة على التقلب على كل مايقف أمام طريقكِ , لانكِ قوية وتعرفين الصحيح من الخطأ , أمل يجب عليكِ ان تضعي النقاط على الحروف وتحاربين مالا يعجبكِ وترفعين الاذى عن نفسك ,و تدبيرين أمور حياتك , ان كانت في العمل أو في أي شيئا اخر , فكري فيها وضعي كل شيء في ورقة وأكتبي مايرهقكِ وحاولي التقلب عليه ,فكري بأنك أنسانه عظيمة , واني أحبكِ وان الكل يحبكِ وانك فخر لعائلتك ومصدر سعادة , ودعي كل ماهو حزين واصنعي سعادتكِ ولا تجعلي لآيّ أحدا كان ان يتلاعب بمزاجكِ أو يضعفكِ لسبب تافهه "
***
لم يأتني النوم من بعد خروجه القصير عني , بعد ان ودعني وقبلني على رأسي.
فكلماته أثارت ضميري , وطرحتني في دوامة من التفكير , جعلتني افكر وافكر بلا توقف.
جعلتني افكر بالخروج مما أنا فيه , جعلتني مشتتة.
صعب !!! انهُ صعب كصعوبة تنفسي الآن.
الخروج مما أنا فيه صعب !
فكيف اخرج , وهذا الأمر لا يستهان به.
خرجت من أغطيتي المغطيةِ لجسدي , خرجت منها وأنا عازمة على الخلاص من فوضى حياتي.
اتجهتُ نحو باب النافذة وفتحتها , وجلست عند بابها.
ليس باليد حيلة وليس هناك خلاص مما وقعت فيه , ولا حل !
ولكن نفسي , فنفسي أصبحت تتغير للأسوء , وقد بدأت بالأنهيار إلى منحدر التشاؤم.
تشاؤم انني اتعس المخلوقات , وان لا حد يحمل أكثر مما أحمل أنا.
مع انني موقنة ان هناك من هو اسوء مني , فأنا لا أحمل الكثير .
إنما بت اصطنع التعاسة , احبس نفسي في سجن وهمي , أحمل على عاتقي جبلا من الأحزان , وادور في حلقة فارغة ولا أجد فيها بابا يقودني إلى مخرجا منها.
هو ذنب عامر , وليس ذنبي أنا بإخفائه للحقيقةِ, والتستر على نفسه .
فعلته هو وعليه ان يعاقب عليها , وسيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقيقة عاجلا أم أجلا , لأن الله يمهل ولا يهمل.
ولكن لمَ أنا اتعس نفسي من أجل لا شيء , هو لا يشعر !! لمَ أنا أشعر أكثر منه , وارهق نفسي واهدم كل مابنيته خلال سنيني الماضية.
لا ... لا أريد لنفسي ان تتغير , فأنا لا أريد فقدان ثقتي في نفسي وحياتي , في حلي لكل مشاكلي والوصول إلى ما اريده , فأنا قد تحديتُ عقلية أهلي في أمور عده واثبت لهم انني الأقوى واني قادرة على تخطي العراقيل مع فشلي الماضي والمتكرر , استطعت انجاز الكثير فقط لانني فعلت هذا لنفسي , لآنني أردت الافضل لنفسي وحياتي , اردت التغير لان لديّ حياة اريد بنائها وإعمارها من أجل ان اعيشها بسعادة واحقق أحلامي فيها .
بصري يجول ويمور في الانحاء , وأفكاري لا تكف عن التصارع , ومشاعري تتأثر وتضيع.
ضباب عيناي كثيف , والرؤية ترنو إلى البعيد.
أمواج قاتمه , أرض لا يرى ما وراها , أسلط بصري إلى البعيد والبعيد.
أرى ماهو غريب !
لمَ البحر البعيد لونه غريب !
لمَ لا أرى لون السماء عليه !
لمَ هو ضبابي !
هو شعور مخيف يبعثر الاحاسيس , ويقلب الاحشاء.
وقفتُ ممسكة بطرف نافذتي الطويلة , لافتحها بأكملها.
اجر قدماي, وتحل أصابعي على سورها , واشد عليه شدا.
تبتلعني الرجفات , تتسع عيناي , تتسع بلا نهاية .. لا يمكن حدوث ذلك !!
ما هذا السيل الهائج القادم نحونا !
هو رمادي أو أسود اللون , ضخم يأكل مابطريقة , يبتلع و ينقض على كل من أمامه.
الاجواء هادئة خانقة تضج بعنف مخيف.
انفاسي تنفلت بقوة من رئتاي , واصابعي تشد أطراف شفتاي , ويجف الدمع من عيناي.
الصراخ يأتي من بعيد , والرعب يطوف ويلتصق بالجدران الصارخة
وتنطلق أصوات صفارات الانذار بصخب يهز الأرض
اتراجع إلى الخلف , واسرع كالمجنونة مغلقة باب نافذتي.
أعدو في غرفتي ذهاباً وإياباً, أقضم أظافري باسناني , ترتعد فرائضي , يمسني الخوف وانفاسي تنقبض , والمشهد يعبر عقلي فيرفض عقلي مايراه.
واعود لالصق وجهي على زجاج نافذتي , يرتفع طول الأمواج أمامي , وتزيد سرعة اجتياحه , يكاد يصل إليّ
أنه الطوفان !
أمواج عاتية تجتاح المدينة , تأكل ما تحتها وتبتلع كل مايقف أمامها وتمحي معالم المدينة , سريعة مخيفة هي , أراها أمامي من البعيد أراها سوداءً قاتمة.
ما هذا !
لمَ لم يكن هنالك أيّ انذار !
ولمَ لم تبث الاخبار عن هذا شيئا في الايام المنصرمة !
ترتطم أفكاري بحبلها وتتبعثر , ما الذي عليّ فعله !!
أأختبأ وابقى في غرفتي , ولكن إن كانت الامواج أكبر منا , إن كانت أقوى منا , أقوى من الحياة نفسها
أهناك أمل في البقاء بينها !!!
هي تقترب , وتقصر المسافة.
ابعثر ملابسي , والقيها واضع حجابي ومايسترني عليّ.
وأنا اشعر بمسافة الصفر تقترب , تقترب وترتطم بي.
الأرض تهتز , والدموع تغشى العينان.
أركض إلى خارج غرفتي بلا عقل , أهرب من ظلمتها التي حلت عليّ فجأة.
أضغط على زر المصعد , وأنا أضربه مرارا وتكرارا راجية إياه بفتح ابوابه لي وانقاذي.
يأتي خاليا إليّ , وأهرول إلى داخله , وأقف في وسطه خائفة حائرة أحدق إلى الفراغ الابيض الذي أمامي وبسرعة لمس اصبعي زر اغلاقه ...
انغلق المصعد وانا واقفة في مكاني يأكلني رعبي , فأفكاري لاتعرف طريقا إلى الصواب , ولا أعرف إلا أفكار الهروب والنجاة , انقاذ روحي من الغرق والموت بأبشع الصور.
أنطفأ كل شيء فجأة , حل الهدوء وغطاني الظلام , والحفني برداءه الاسود , وكأنهُ مرض الحمى , بدوائره السوداء المرعبة , التي تتفاقم وتنبض بعنف , الشياطين.... انها شياطين الحمى !!!!!!!!!!!!!!
لااااااااااااا .. لا أريدها , أريد الضوء , ولكنها تجتاحني وتفتتني , تخترقني وتميت الحياة فيني.
فأصرخ كالمجنونة : " لا ...أنقذوني أرجوكم أنقذوني , سأمووت أرجوكم "
انه الموت لا محال , أصرخ وأصرخ والامواج تعيد منظرها أمامي , والارض تغرق والهدوء يصرخ.
أركل بابهُ , أحاول تحطيمهُ , أضربه بيديّ , أبكي سيولا من الدموع
وانهار على أرض المصعد أبكي بهستيرية فاقدة للامل , وأنا أضغط على أزراره فتعود الحياة إليه , وتشرق الشمس , وتختفي الحمى , ابتسم فرحة ودموعي تتساقط , والباب ينفتح وتعود صورة ذلك الفارغ أمامي , اضغطُ كالممسوسة على رقم أعلى طابق , لا أطيق الصبر ولا الصبر يطقني , احتمل ثوانيه المرعبة , أذكر نفسي بانني سأحيا ولن أموت , اتعلق بأمل النجاة , ينفتح باب المصعد فأنطلق إلى خارجه وإلى باب السطح , أفتحهُ مندفعة , تتسع عيناي واطراف حجابي الاسود تتطاير بفعل الهواء ...
لا أحد .. ولكن فجأة تندفع الصرخات من الخلفي , وتضربني الايادي دافعة جسدي إلى الارض ,حتى كادت تسحق وجهي على الأرض لولا ذراعاي .
ثواني فقط , وتدفق جمع أخر من الناس منهم من غرقت ملابسه بالمياة , والبعض الأخر مهلوع مجنون , ومنهم الباكي والناحب .
امسكتني أصابع الرجفة , وانا أجري إلى حدود السطح , وأنظر إلى أسفل المبنى.
الأمواج الرمادية عالية وعاتية تجتاح ماتحتها , تحمل معها السيارات والأشجار وأجساد الأحياء , تتلاعب السيول بالجثث , تلعب بها كخرقة بالية , ترميها وتضربها على الجدران , لا تعرف معنى الرحمة.
صور مروعة تلتقطها عدسة عيناي , والخوف يدب في أنحاء جسدي , واصابعي تتجمد ويحل الرعب على قلبي.
أنظر حولي , نظراتي تتشتت , ابحث وانقب , أمشي واضرب هذا وهذاك.
أصرخ , تتبعثر شهقاتي ويعلق الدمع في عيناي ولا ينشف , وتجف حنجرتي.
أخي !!
أخي هاني , لا يمكن أن لا يكون هنا !!
هو يقطن معي !
ابحث عنه من بين الرجال الهلعين الذين أمامي ولا أجدهُ , ولا أجد عامر ايضا والاطباء الاخرين.
فقط هنالك طبيب واحد مقيم مثلي
أصرخ عليه من البعيد
ألوح له
فيأتي مسرعا إليّ , انشده اغاثتي وانا أحدق به , أريده أن يخبرني بان أخي بخير , وانه هنا وأنهُ رأهُ , أصرخ بصوت عالي , لعله يسمعني من بين الضجيج , صوتي باكي مخنوق المشاعر : " سالم , أين البقيه , ألم ترَ أخي هاني والاطباء "
ملامحه تحمل الخوف والرعب كالبقية , ينفي بهزة من رأسه , ويقول : " لا أحد لقد كانوا في الخارج فأنا بصعوبة هربت إلى ان وصلتُ هنا "
أهلع , ترتجف قدماي , وانا أحدق حولي ولا أرى إلا الألوان الباهتة.
أبحث بعيناي لعلي أرَ بصيص أمل بوجوده , ولكن لا أحد فليس هنالك نفس أو صوت لهُ.
الطيارات المسعفة تحلق في السماء , والسماء داكنة عابسة.
وأصوات صفارات الانذار تطن في أذنايّ
الضجيج يحمل معه ألوان الخراب.
منسوب الطوفان يزداد , ويغرق البيوت الصغيرة.
النواح يزداد , والطيارات تنقذ أرواح الاحياء.
يلتف الناس حول بعضهم فمنهم الصغير والكبير والمسن , والجراحى والمرضى.
ينادون على الأطباء , ان كان لهم وجود , لا اسمعهم فليس لديّ ادراك أو عقل يستوعب.
يعيدون النداء فأقفز إليهم للنجدة , أعرق وأتوتر وأحاول اسعاف من ينزف , واطبطب على جراح الجرحى.
المناظر تدمي القلب.
الحالات في تزايد مستمر.
الدماء تنزف .
والأجساد تنطرح على السقف الذي بات مخنوق.
يمر الوقت طويلا مريضا
وبصري لا يكف عن البحث , أبحث في كل مرة تنزل فيها الطائرات بين المنكوبين عن أخي والاطباء.
أقف على الأرض وبصري يسافر إلى البعيد
تعمني وتلهثني المناظر , الوضع مزري والقلب يذويه الألم , والدمع لا يكف عن الهطول.
يزداد علو الموجة الرمادية لتأتي أخرى أكبر منها , ولكنها لاتصل علو المبنى.
الأجسام تحمي بعضها , والأيادي تحل فوق الرؤوس.
نرتعب من حدوث صدمة مفاجأة , إنكسار أو إنهدام , أو وصول الطوفان إلينا.
يختفي الضجيج , وتسحب المياة الهائجة كل شيئا معها .
يطفو الكثير على سطح المياة.
يخف عويلها , أرَ قربها منا وارتفاع منسوبها , وقوة اجتياحها ولكن قوتها تقل تدريجياً , وتنتهي مخلفة ورائها خرابا ودمارا شاسعا .
دمارا يحول مدينة في قمة حضارتها , وإزدهارها إلى حطام بلون رمادي.
فلقد باتت المدينة لا تحمل أي ملامح من ملامح الحضارة أو الحياة.
تهدأ العقول , ويزيد خفقان القلوب.
أنظر إلى المياة الجارفة , ومن بين الحطام والاجساد الخاوية أشجار تطفو.
شجرة يتمسكُ بها جسد امرأة تلبس ثياب سوداء ممزقة , والدماء الحمراء تنزف منها , تنزف وتختفي مع المياة وكأنها لم تكن.
ينكمش وجهي فزعا , وأصرخ على الجميع أن أنقذوها.
تنفتح عيناي , وادقق نظري إلى ما أراه.
أراها تحمل بين ذراعيها طفل محشو بين أقمشة بيضاء مبللة
طفل يأن ويبكي بصوت صاخب.
تنتابني موجة من البكاء فأبكي بهستيرية , وأنادي بصرخة على النجداء.
أناديهم وقد اخذني الجنون من المنظر.
فينزل أحدهم إليهما.
ومن بين الأمواج المتلاطمة , واللون الترابي
تحاول المياه الجارفة ابتلاع كل شيء , وعدم الابقاء على الأحياء.
وبعد مصارعة عنيفة أخذت أنفاسنا منا
وانتزعت كل ذرة من الصبر فينا , ورمتنا في غيبوبة اللا وعي.
استطاع الرجل الشجاع انتزاع الاجسام من الحرب القائمة تحتنا.
انتزع الطفل والأم بكل قوته , ورفعوهم إلينا , واسجو الاجسام على السطح.
اشرأبت الاعناق الحناجر , وشل الصمت الاجواء.
الأم لم تكن تملك جزئها السفلي , كانت ممزقت الجسد, وكان لحمها يبدو ليناً مشوها تتقاطر منه الدماء.
الأرض جمدتنا
والأبصار لاتزال شاخصة
لم نكن نملك أي وسيلة للنجاة لها
لم نكن نملك أيّ أمل لها بالحياة
كنّا مجرد أجساد تشيع الأرواح
تشيعها وتتمنى لها موت السلام
أمسكت الاصابع بي , أصابع الأم الغارقة في سكرات موتها , عينيها تفيض من الدمع , وتغرق وجهها النحيل الشاحب , وشهقاتها تعلو وتنخفض , تنظر إليه بألم , وتحاول النطق من بين شفاه مرتجفة : " طفلي , طفلي الرضيع "
عضضت شفتاي , ودموعي تسيل بحرقة وغزارة , وأنا أحمل بين ذراعيّ طفلها , واقربه إليها وأضعةً إياهُ على صدرها .
لم أملك حق حبس دموعي , لم أستطع منع ألم تأثري بهذا المشهد المفجع , والوضع الموجع والمهشم للقلوب , انهرت ابكي بجانبها وقلبي يتقطع إلما لما حصل لها وعلى طفلها الرضيع الذي لم يصب بأي أذى .
طفلها الذي حمته بجسدها ,هي لن تستطيع النجاة , هي شبة ميته , هي ستموت وتترك هذا الطفل الرضيع والذي لم يكمل شهره الأول لوحده .
ألقت نظراتها الحزينة على طفلها وكأنها تودعهُ , تستنشق رائحته قبيل رحيلها , تتأسف على تركه وحيدا في هذه الدنيا.
اصبحت تلقي نظراتها تارة عليّ وتارة أخرى عليه.
شخص بصرها في مشهد مخيف , ورمت بأنفاسها وروحها خارج جسدها وماتت.
شهقتُ باكية , شهقتُ متوجعة عليها وعلى طفلها.
صرخ الرضيع مع خروج روحها , فألتقطهُ ضامة جسده الصغير إليّ.
معانقة حزنه على فقدان أمه .
حملوا جثتها مع دموعنا المنهمرة , ومع بكاء صغيرها الذي شعر برحيلها .
ووضعوها في زاوية مظلمة مغطين جسدها بقماش أبيض .
وضعت الرضيع في حجري , و دموعي تتساقط على وجهه الصغير , وجه أبيض فاحم من البكاء , وينادي بأمه , يصرخ عليها بأن ترضعه وتسقيه من حليبها الدافئ .
هو يريد احضانها الدافئة وحنانها , هو لا يريد فقدانها , هو يريد أمه الحنونة , أمه التي أخذها الموت عنهُ .
شددت ذراعيه عليه , واخذتُ أهزه وأنا امنع نفسي من البكاء واستغفر ربي وادعوا لها بالمغفرةِ والرحمة .
أخذتُ أضمه تارة وأقبلهُ تارة أخرى.
أحاول تهدئته , وتهدئتِ نفسي الباكية والتي تكاد تنهار من الصدمات المتوالية.
أحمل الرضيع متمسكة به , خائفة من اصابته بأي أذى , متذكرة نظرات أمه لي والتي لا تغادرني إنما تحوم حولي وتبكني .
أناشد الجميع بعيناي .
أرفض مساعدة احد لي .
وأقول لهم بانني سأعتني به .
وهو لا يكف عن البكاء !
تحمله عني أحدى النساء وتقوم بإرضاعه , يرفض ويرفض ويبكي , تحاول إرغامه , نحاول معها حتى رضخ لحليبها , وشرب منها حتى الارتواء .
فأحمله أنا عنها وكأنه جزء مني , واجلس بعيدا عنهم .
نظراتي حائرة حزينة , وانفاسي تلهث من التعب .
عيناي متعبتان تحملان جفون ثقيلة , وجسمي يرتجف .
وكل مافيني يرتعش بشدة , أرَ بوضح أقدامي المرتجفة , ويداي اللتان تحاولان ضم الرضيع بقوة .
كنتُ أجلس على الأرض الباردة , وألتحف بلحاف غليظ يقني ويقي الطفل من البرد .
كنتُ أحدق إلى الضجيج من حولي , وجسدي خائر القوى .
رأيتهم ومن بين ضباب عيناي .
رأيت عامر يقف بمسافة قريبة مني , ومعه بعض الرجال.
رأيت جسد نازف ملطخ بالجروح يطرح على الأرض , ويجلس بجواره عامر ويحاول اسعافه.
جسد قد شرب من لون المياة البنية , وسُقي بلون الدم .
أختلطت الالون ببعضها لتكون لون سوداوي .
انجلى ضباب عيناي , وانا أدقق النظر إليه , واشهق من هول المنظر .
كانت هناك كتلة من الحديد مغروسة في خصره , كتلة كبيرة الحجم مخيفة تشق جسده .
عبس وجهي من لوعة المشهد , وتصلبت أعصابي وجعا وألماً عليه .
كانت الاقدام تحجب وجهه .
الاقدام المرتدية للون الاسود, والملطخة بالطين .
تركض بعشوائية حوله .
تسد الرؤية , وتمنحها الضبابيه .
ينكشف القليل , ويختفي لمرة أخرى .
أدقق النظر , وقلبي يهوي رويداً رويدا .
ويمزق مجرى سيره .
يقشعر بدني , وتصبني الحمى .
ارتعش , وانا في قمة ذهولي وانهياري .
أريد الصراخ على الذين من حوله .
الصراخ عليهم بأعلى صوتي .
بان يبتعدو عنه , لكي أنفي حقيقة ما أراهُ !
وانه ليس حقيقي انما هو من خيالي وشبه الاربعين .
تختفي الاقدام ...... ويظل عامر والقليل من حوله .
تخنقني الغصات , وتعمني الدموع .
تتشنج ملامحي.
ويرتفع النشيج إلى حنجرتي.
يعتصرني الألم , ويظهر على وجهي جليا .
تفر صيحاتي , وتتبعها صرخات الفاجعة .

****
كانت هذه المرة الثانية التي أخرج فيها معه من المنزل
ففي المرة السابقة كنتُ فيها صامتة يختلجني بعض الخجل
فمعهُ أتحول إلى جرو لطيف قد انتُزعت عنه شراسة القطة الغاضبة
جرو أحمق خجول يلهث , وينظر إلى صاحبه بحب
يا إلهي , كم كرهت تلك اللحظات واحببتها
أعرف انني اصبحتُ متناقضة , فهو قد جعلني غير طبيعية بتاتا .
فهو قد نزع عني رداء التمرد والقسوة , وألبسني لباس الحب والخجل .
ذياب... يكاد يوصلني إلى الجنون !
حتى أن أفعالهُ , وحبي لهُ يرضخني على البكاء في منتصف الليل , بسبب خيانتي لوعد أبي .
يجعلني غاضبة من نفسي .
صحيح كل شيء !!!
هو صحيح !!
أنه قد فعل الكثير من أجلي , وإلى الآن هو يفعل ذلك !
ولكن زمن طفولتي من سن الصفر إلى السابعة هو سن تشكلي .
سن عشتُ فيه مع أبي
لن أقول أنني لا أذكره !
لا بل أنا أذكره , صحيح ان ذكرياتي ضبابية , ذكريات ليس لها معالم
ولكن عندما تعيش حياة تمتد لسبعة عشر سنة , ترى فيها شخصا كاملا , شخص هو قدوة لك , شخص تحبه حبا عميقا , شخص خالي من الاخطاء في نظرك .
أبي كان هكذا في نظري !
فكيف لي أن اتخلص من هذا كله , وأن أُصدق أن أبي كان مجرما حقيرا
لا أستطيع ذلك لأنهُ أبي , أبي بالنسبة لي هو المحب والطاهر.
وأيضا ذياب , ولانه كذب عليّ , ولم يخبرني بالحقيقة فانا هكذا الآن
أمتد بصري إلى الفضاء , وإلى السماء , إلى حيث أبعث إليه صراعي .
النوافذ مفتوحة في هذا الصباح , والجو خانق .
يشغل ذياب زر التكيف في السيارة , وينطق مخرجا عقلي من سرحانه : " أتودين أن اغلق النافذة ونتحرك "
لم ابتسم , ولم التفت إليه إنما قلت بجمود كسا صوتي : " لا "
في الحقيقة الأجواء غير مريحة , لا أعرف ماهو الغير مريح بالضبط !
ولكن عندما يتحرك ذياب أو يصدر صوتٍ , تتشنج أعصابي معه .
يا إلهي !!! مابي !!
حتى انني اصبحتُ اتصببُ عرقا .
أشعر بان السيارة تضيق علينا , وتكاد تقربني منه , وأنا لا أريد التقرب منه , لأنني خائفة من مشاعري المجنونة به , والتي لا تكف عن التلاعب بنبضات قلبي .
خرجنا لِتمشي , لانه قال لي انه يريد تناول الأفطار معي في هذا الصباح الجميل
وأنا أراهُ على العكس , وانه لصباح يحمل هواء الشؤم .
هو فقط يريد الخروج معي والتقرب مني , وانتزاعي من حفرة الحقد والكره القابعة فيها
يحدثني بهدوء ويحثني على قول كل ماأرغب به , والتدلل عليه
والخروج إلى حيث أريد , وان نعود كما في الماضي.
أمشي وهو بجواري , أنقل بصري إلى المتاجر التي فُتحت للتو وإلى الشارع المغبر , هنالك القليل من المارة , والملابس ربيعية ملونه بأجمل الألوان , والسماء مغبرة مثل الأرض .
وقفت فجأة وقد انتابتني القشعريرة , وانا أرى أُناس تأتي من الشرق راكضة مصروعة , وملامحها مفزوعة هلعة .
انطلقت أصوات صفارات الانذار في الأجواء , وارتفع بصري إلى الأعلى وإلى المباني المتراصة من حولي.
لم أستوعب الأمر , لمَ هذه الاصوات الغريبة !
ولمَ الناس بدأت تركض وتصرخ !
طوفان الناس يزداد و يتعاظم , الكبير يحمل الصغير والكل يهرول , والأرض تهتز , والصراخ يزدادُ حدة .
كل شيء مر بسرعة البرق , و مع أصوات الصفارات أتى صوت أحد الرجال , وهو يصرخ بفزع : " الطووفان , أنه الطوفان , الرجاء الصعود إلى المباني المرتفعة لانقاذ أرواحكم "
تقبض أصابع ذياب على جسدي , يقبضني وهو ينتشل جسدي من الأرض ويركض.
يركض بي وأنا لا أكاد اطأ الأرض , الألوان تختلط ببعضها , والسرعة تطمس المعالم.
والأرض تدور وتدور , وفجأة تتعثر الملامح ليؤدي ذلك إلى سقوطها وسقوطنا.
نسقط أنا وذياب , ونرتطم بالأرض بشدة وعنف.
يضربني سطحها الحجري الخشن , لأتدحرج عليها مرة تلو الأخرى , وفي كل مرة يُخدشُ فيها جلدي ويتمزق لحمي , وترتطم عظامي بالسطح الحجري , اشعر بأن الحياة قد انتهت , وانني ألفظ أنفاسي وانني ميتة لا محال.
توقف جسدي عن التدحرج , توقف وأنا مشلولة الجسد , منزوعة الانفاس , لا أقوى على الحراك أو البكاء من الالم والذهول.
هي ثواني فقط وسقط عليّ الالم بالمرصاد , ألم شنيع اخرس حنجرتي عن الصراخ , انما جعلني اتخشب من الالم.
ضغطُ على اسفلت الشارع بيدين مرتجفتين تتقاطر منهما الدماء.
وانا أشعر بأن كل جزء مني قد تمزق , وتكسرت عظامي معه.
أنفاسي مقبوضة لا استطيع اخراجها من صدري , وجسدي لا يملك إلا طاقة الصراخ من الألم.
خرج صوت من حنجرتي بما يشبه البكاء , لأبكي كالمجنونة من الوجع الذي بدأ يقتلع جذور العافية مني.
لم يهدأ الألم انما ازداد قسوة.
وأنا لا أزال أبكي بعيون مفتوحة قد افجعتها الفاجعة , حطت يديّ ذياب على جسمي, وهو يناديني بصوت لاهث متعب : " ترفه حبيبتي , يا إلهي , يا إلهي ارحمنا , أسف أسف ".
من بين انقاض جسدي المجروح , ومشاعري المنهارة ومن بين أصابعي المرتعشة , وتحت وجهي تماما رأيت المياه تجري , مياه وحلة تحمل معها غبار حياة الأرض , تجري بسرعة خاطفة مرعبة لتغير لون الاسفلت إلى اللون الاسود.
انتشلني ذياب من بين المياة المتدفقة , وقد نسيت في تلك الثواني كل أوجاع جسدي.
وركض بي كالمجنون , كُنّا كالمجانين نركض ونقفز إلى الأمام , ولا نعرف إلى أين المهرب أو إلى أين المفر من هجوم هذه الأمواج العاتية والقادمة نحونا.
هاجمتنا الامواج , وغطست أجسامنا فيها , وكادت ان تحملنا معها , وترمينا إلى جحيم غضبها.
ذياب ممسك بي وأنا كالجثة الهامدة أتأرجح بين يديه, وبيده الاخرى يمسك عامود الكهرباء , والذي يكاد يقطع ذراعه من شدة قوة الامواج المهاجمة لنا.
صوت ذياب يأتي إليّ بشدة لهاث انفاسه وانفاسي وهو يقول : " تمسكي بي جيدا , واصعدي على ظهري وقومي بعدها بتسلق العامود وإلى تلك النافذة أقفزي , هياااا ".
ذياب يدفعني بذراعاه , يدفعني بكل قوة جسده إلى الأعلى , وأنا أبكي وارتعش من الرعب.
لم أكن أشعر بحواسي , ولا حتى جروح جسدي.
حاولت التسلق وأنا أشعر أنني سانهار , فقوتي تفقد طاقتها في كل حركة أصدرها.
تشبثتُ في ذياب وصعدت على اكتافه , والتصقت بحديد العامود , وغرزت كل قوتي فيه.
والأمواج تضربني بحمولة بقايا الخراب.
والاصوات ترعشني وترهبني.
أتمسك جيدا لكي لا أسقط , أظافري تتكسر, ولحمي يخدش والصعود يصبح صعبا.
وذياب يدفع قدماي إلى الأعلى حتى وصلت إلى حافة النافذة.
فقفزت إليها بلا أيّ خوف أو تردد.
وتعلقتُ بطرفها الخشن إلى أن حملت جسدي على الصعود إليها.
صعدتُ قافزة من فوق حاجز أعمدة الحديد , ووقعتُ على السطح وعلى وجهي.
أنطرحتُ على السطح وأنا لاهثة الانفاس , منهارة الجسم , انطرحت أصرخ من شدة ألم الجروح النازفة.
بقدم تزحف ويد تحاول سحب جسدها عدت إلى الحافة , وأرجحتُ ذراعيّ إلى أسفلها , وأنا اصرخ وأبكي على ذياب : " ذياب هاك يديّ تمسك بي "
ذياب كان يحاول الصعود , وفي كل مرة يحاول فيها الصعود , ينزلق ليسقط بين الامواج لتضربه الاخشاب وجثث الاموات , والناس الذين تجرفهم الأمواج وتطمس أجسامهم.
يحاولون الصراخ والهرب من الطوفان , ولكنه يقوم بإبتلاعهم وأكلهم بلا رحمة.
ذراعاي لا تزالان تنتظران ذياب , وعيناي تنزفان أمطارا من الدموع.
وجسدي يرتعش من الرعب , وعقلي يطن ويطن , أفكاري تتداخل ببعضها وتموت.
الكون يدور , والضجيج يصم الآذان.
وصراخ البشر مرهب وعظيم.
أنادي على ذياب من بين الاهوال , انادي عليه لعلهُ يسمعني ويمسك بيدي , وأن لا يموت ويتركني , فأنا لا استطيع العيش من دونه.
رأسي يدخل من بين أعمدة الحديد , وأنا أبحث عن ذياب الذي طُمست ملامحه , وغاص به كل شيء.
واحاول التنفس بصعوبة , واعيد النداء عليه بصياح استنزف صوتي : " أرجوك تمسك بي ولا تذهب عني , أرجوك " .
يصعد ذياب اخيرا هاربا من غضب الامواج , يصعد بصعوبة إلى الأعلى , وينكسر العامود قبل وصوله إلي ولكِنهُ يقفز متعلقا في النافذة.
تتسع عيناي وتلجمني الرهبة , أشعر بجسدي ينطوي ويلتوى على بعضه , كل شيء يتجمد
و تجف عيناي , وحنجرتي تتيبس.
العامود يسقط لتسقط الاسلاك النحاسيه في المياة البنية , وتمر تموجات الموجات الكهربائية في الأمواج , وتمس الاحياء والاموات , تُجحظ العيون , وتفتت الاجساد , وتصرخ الحناجر بصخب عميق ومفزع.
الايادي تطالب بالنجدة وتعوم بين المياة , والوجوه تحمل ملامح الجحيم , تقفز الاجساد من بين الامواج مصعوقة, والجثث تبدأ في الطفو على السطح.
يقفز ذياب إليه, وينتشلني من حفرة هستيرية الهلع التي اقبع بها , ومن هلع البكاء والصراخ.
يضمني بذراعيه, ويضع اصابعه على وجهي ليعمي بصري.
أسقط بين ذراعيه جثة فاقدة للوعي و لا تستطيع استوعاب الامر , أو إبتلاع حقيقة مايحدث.
تجلدني المناظر وهي تعيد احداثها في مخيلتي , ويلهثني ماحدث , وتُخيّل إليّ فأتقيأ وأتقيأ.
لا أعلم ما الذي يحدث ولكنني أشعر بانني اربط , ويتقاذفني الهواء بين يديه وما بين يدي ذياب .
ولا أرى إلا الظلام أمامي , يضمني ذياب إليه , وأنا اشعر بأننا نصعدُ إلى السماء
وليس هنالك إلا الرياح والصراخ من حولي , وانفاس ذياب المتعبة, وكلماته التي لا يستوعبها عقلي.
أشعر بأن الوقت يمر ببطء , يداهمني النوم , ولكن الاصوات تجعلني أشعر بأنني معهم.
ينزلوننا من الطائرة التي حملتنا , وأنا لا أستطيع فتح عيناي أو استعادة نصف وعيّ الغائب.
يحملني ذياب ويضع جسمي على الأرض.
حمى وألم جسدي لا يقادرنني.
اتقلب يمنة ويسرة من المرض , وألم الجروح.
وفي كل دقيقة اسمع صوت ذياب بجانبي , يمسح على جبيني , وينشدني عن حالي ويسقني ماءً .
أغمض عيناي وأغطس في سبات , سبات دقائقه مغرقة , هو مرض ورعب , ويعاد جحيم ماحدث ولكن في هذا الجحيم يسقط ذياب في الأمواج , وينادي مستنجدا بي , وتصقعه الكهرباء فيطفو ويصبح مثل الجثث الأخرى .
أستيقظ مذعورة مجنونة , استيقظ وأنا أبكي واصرخ , وأزيحُ اللحاف عني وارميه بعيدا عني , واحاول الوقوف والذهاب إلى تلك الزاوية التي كنت فيها لكي انقذ ذياب, ولكن جسدي يهوي, وانفاسي تكتم والدنيا تدور .


***
كنتُ اقف مع الرجال بعدما ان امتصت الأرض المياة , وبخرت اشعة الشمس البقايا.
كنتُ اقف على تلك الارض التي نلقنا إليها , ارض طينيه لزجة وسخه.
ارض تضم ملجأ صغيرا يحوي خياما خضراء رديئة متراصة تحتضن الكثير من العائلات.
كانت أمامي حفرة كبيرة قد حفرناها نحنُ الرجال.
حفرناها لرمي تلك الجثث التي لعب بها الطوفان , وحللها , حتى لم يبقي منها إلا الرفات.
تُمسك الايادي المرتجفة الاطراف , وبحزن تقذف الاجساد إلى تلك الحفرة العميقة.
ترمى الواحدة تلو الاخرى.
تتناثر الجثث على بعضها , والالوان تصبح باهته ضبابية.
الدموع تملأ أعين الفاقدين , والقلوب ترتجف في الصدور.
النواح لا يكف , الكل يبكي , والضجة لاتختفي , والحزن يملأ الوجوه ولا يقادرها .
البعض من عُرف هويته والبعض الاخر لا , ولم يكن لنا إلا هذا الخيار بسبب تعفن الجثث , وكثرتها في منطقتنا.
تمشي الاقدام مودعة من غاب عن الحياة , من غاب عنها بأبشع الصور , وتلوح لهُ برايات الاحزان.
وتعود الحياة في الجزء الاخر مابين صراخ وبكاء , ومرارة العيش الذي بتنا نعانيه.
فالطوفان قد سلبنا الحياة الرغيدة , سلبنا كُل حضارتنا , سلبنا العش والمأوى , سلبنا انفاس الاحبة , ,أمرضهم واماتهم , وحول كل شيء إلى حطام , بتنا مجرد أجساد خاوية تمشي وتقاوم حد الهالك لكي تحيا , كل شيء مدمر والقليل مايصل إلينا , والارض تغطيها المياة من كل الجوانب .
عدت إلى صغيرتي الراقدة على تلك الارض اليابسة , صغيرتي المريضة والمجروحة والتي باتت طريحة الفراش بسبب الرضوض والجروح التي اصابتها , وبسبب ذلك اليوم المشؤوم.
عصرني الألم , خنقتني أحداث ذلك اليوم , وأخذ التعب مني مأخذه , فأخذت أوبخ نفسي التي لم أكف عن توبيخِها على تسببِ لها بكل هذا الألم.
ياحبيبتي... ياليتني أخدتُ كُل الألم , ولم تأخذي أنتِ منه شيئا , فأنا السبب في اصابتكِ بهذه الجروح, فأنا لم احميكِ جيداً.
اقتربتُ منها , وطرحتُ جسمي بجانب جسمها المستلقي , والمنكمش على بعضه.
طرحتهُ لعله يغفو لثواني , يغفو بجانبها , وينسى همومه , هموم الارواح ,والمستقبل والحياة.
جفاني النوم , ورحلت نظراتي إليها , إلى صغيرتي المقابلة لي , وإلى وجهها الشاحب المغطى بالكدمات وإلى انفاسها المتعبة وهمهماتها.
التواجد معها ورؤيتها عن قرب يجعلني بخير , رؤيتها حية بعد كل ماحدث يمنحني السعادة.
في نفسي حاجة لضمها , ضمها إلى داخلي وإحتوائها بين أضلعي , لكي أحميها وأمنحها كل الحب والعطف, ولا اجعلها تعاني بعد اليوم.
صغيرتي قد تغيرت , وقبل الطوفان اصبحت لا تبكي ولا تصرخ بحزن ومرض , إنما باتت تدعي الغضب والعصبية.
وتحاول إثارتي بتصرفاتها , وتحاول إيقاعي في شباكها , تجلدني تحت سياط نظراتها , وتفطر قلبي من الحب , وتجعلني أريدها بكل مافيها , مشاعري كرجل تطغى عليّ يوما بعد يوم , وحبي لها يقاسمني انفاسي , ويجعلني متيما بها حد الهوس , حتى انني لا اريد مفارقتها لدقيقة واحدة .
رحلت الأيام , ورحلت معها الراحة , ليل بارد طويل يسبقه نهار لا ينتهي , أرض جرداء يطويها الطين , وتتساقط في انحائها أشكال الخراب , المياة شحيحة , والزاد قليل , والناقلات قد قلة وازدحام الناس لا ينتهي, ولا احد يعرف نفس الراحة.
لم يكن للأمان من مكان , جاءتنا أخبار عن انتشار العصابات واستغلالها للوضع من أجل السطو والتخريب والقتل حتى عاثوا في الارض فسادا , ولم يكن هذا فقط , انما اندلعت الحروب الاهلية بين الناس , ولم تبقى من المدن إلا العاصمة من هي في امان , اما مدينتا الساحلية فهي أكثر المدن ضررا من ناحية الطوفان , واكثر مدينة تحتاج إلى مساعدة .
الايام كما هي , ولكنها باتت دافئة نهارا وباردة ليلا , حتى رائحتها اختلفت , وتجمعت المياة حولنا لتكون مستنقعات وبحيرات كثيرة , كنتُ أتابع حال الملجأ الذي نحنُ فيه فتنظيم مايأتي إلينا , ومراقبة اللاجئين هي من احدى المهام التي كلفتُ نفسي بها بما اني رجل شرطة , مع انني من شُرطة التحري , ولكن الواجب الانساني يحتم عليّ هذا.
علمت من الطبيب الوحيد الذي لدينا أن المرضى قد ازدادُ , وأن هنالك عددا قليلا من المرضى من هم يعانون من أعراض غريبة لم يشهد لها الطبيب مثيلا, إستفراغ , وبقع في الجسم وحمى ترتفع في كل يوم , حتى ماتا اثنين اليوم , ماتا بعد ان انتابتهما نوبة تشنج عنيفة .
حل علينا الليل , حل برداءه الأسود ليغمسنا بثوب البرد , لقد مر أسبوع على مكوثنا في هذا الملجأ , مكوثنا بين انقاض الحياة وشدة العيش , رأيتها جالسة بقرب النار التي رسمت نورها على ملامحها التي بدأت تستعيد عافيتها , كانت تغطي جسدها برداء أبيض ثقيل يقيها البرد , إلا يديها اللتان عبرتا القماش لتتوقفا بقرب النار , كانتا أمام جسدها , كانت تنظر إليهما بسرحان , ووجهها الشاحب لا يحمل إلا تعابير الصمت.
اقتربتُ منها , وجلستُ قبالتها والنار بيننا , عندما احست بتواجدي , أدارت وجهها إليّ , ولمعت عينيها وقد عكست عدستيهما لهيب النار .
رسمت شبه ابتسامة على شفتيها لرؤيتي , وضجت الحياة في تقاسيمها المتعبة , اتسعت ابتسامتي وأنا احدثها بتودد : " عزيزتي كيف هي صحتكِ ؟ "
هزت رأسها .. وكأنها تعبر عن حالتها الحسنه.
اخفضت رأسها عني واعادة عينيها تحدقيهما إلى النار.
هي لحظات سكننا فيها الصمت , هي لحظات سكينة للانفس وطمئنة للقلوب.
الجو عليل والرائحة زكية , والانفاس تخرج بهدوء مسترخية مطمئنة.
أحب هذه الراحة التي بدأت تسكن جدراننا.
أشعر أنني لم أعش مثل هذه اللحظات من قبل , لحظات رميتُ فيها كل الالام والاحزان.
رميت ثقل هموم صدري التي لازمتني أكثر من عشر سنوات , سنوات أخذت مني نصف عمري.
بعد انكشاف كل شيء
بعد كل ماحصل
وبعد عودتها إلي
أشعر بأن الحياة قد فتحت اجنحتها لي من جديد , وابتسمت لينخشع ظلامها الملامس لصدري .
مر الوقت سريعا , خاطفا تلك اللحظات الحميمة.
في الصباح الباكر , كانت الاجواء تحمل هواء الاختناق , وتضج برياح التوتر.
استيقظتُ لأفاجأ بوجوه حملت ملامح الرعب , فالدنيا تعوم بالفوضى , والناس تسير بلا هدى , والخراب ازداد خرابا.
فلقد وقع الحجر الصحي , و اكتشف ان المرضى الذين اصيبوا بالاعراض المرضيه الغريبة , وماتوا مابهم إلا وباء فتاك , وباء انتشر لدينا ولدى المناطق المجاوره الاخرى .
الصدمة شلت جسمي
والتشتت أحتل عقلي
والموت أخذ يطرق أبواب الحياة .
والخوف رسم عباراته على الطريق , طريق طويل يسبح بنهر من الاوساخ.
ويرفع بين كفيه راية الموت.
هرعت إلى تلك الخيمة الكبيرة , والتي اُعدت للمرضى .
ودخلت إليها
كانت تغوص بالإسرة الحديدة المتراصة , وتغرق برائحة المرض.
كانت حارة خانقة .
كان هناك القليل من المرضى فيها , ولكن انينهم كان مرض مرعب.
تقدمت خطواتي إلى الطبيب غير أبهة بما حولها , اتخطى الاسرة للوصول إليه.
واكتم انفاسي مبعدا رائحة المرض الكريهة عني.
حييّة الطبيب , وسألته وأنا أرفض تصديق حقيقة مايحدث : " ما الذي يحدث , وهل حقا ماسمعته ! "
كانت ملامح الطبيب من وراء الكمامة مقتضبة ومتعبة , رفع يده واعطاني كمامة وقال منزعجا : " ألبس هذه مع انني اشك في فعاليتها , الامر حدث بسرعة ولا نعرف للامر حلا , إلا علاج مرضى مصيرهم المحتوم هو الموت بلا شك "
أكمل الطبيب حديثه بلا مبلاة : " لا نعرف طريقة عدو المرض , ولكنه يبدو انه ينتقل عبر الهواء"
لم أضع الكمامة على فمي , انما بقيتُ باهت الملامح , جاحظ العينين , أحاول استيعاب حديثه المروع , قاطعته متهتهً , أأكُلُ كلماتي قبل خروجها : " وهل يمكن ان نصاب به نحن !!!!"
قال الطبيب بابتسامة , وبوجه لا يحمل إلا ملامح الجد : " من الممكن ان نكون حاملين للمرض , فقط هي ايام ونسقط مثلهم "
شحب وجهي , واعترتني الرجفة.
وانا أسمع ضجيج الناس , وصخبهم.
وانفاس الهواء البارد يلمس جلد وجهي.
دخل رجل إلى داخل الخيمة , واسرع إلينا وبين يديه جثة طفل لانعرف أهي حية أو ميتة.
هرع الطبيب إليه, ووضعو الطفل على السرير , وحقنوه بالمغذي.
تقدمت خطواتي من الطبيب وامسكت ذراعه أشده , امسكتُهُ صاغطا بأصابعي عليه.
كنتُ مشدود الاعصاب , مريض الجسد , منهك التفكير , غير قادر على السيطرة على نفسي المرتجفة .
فقلتُ لهُ بلهجة بائسة , تريد الفرار , وعدم تخيل ماقد يحدث , وأن هناك أمل بالحياة , وانقاذ الانفس من هذا الوباء المميت : " أيمكننا الفرار والنجاة !!"
استقرت نظرات الطبيب الغاضبة على تهجمي هذا , وعلى لهجتي الرعناء , فقال بغضب : " أحل الجنون على عقلك يا ذياب , أتريد مخالفة قوانين البلاد وقبلها الدين , فليس هناك من مفر بعد وقع هذا البلاء والابتلاء "
ضحكة هستيرية خرجت من حنجرتي , ضحكة تحمل صرخة عنيفة , تبلد صخري استقر في صدري , حتى بات الواقع مجرد وهم , مجرد حلم عابر أريد الخلاص منه .
ضربت اسناني , وحاولتُ كتم غضبي , ولكنني انفجرت عليه , وفجرتُ كُل غضبي , كُل صبري , كُل مرض شب عليه صدري : " اذاً أ نبقى هنا !! , وننتظر مصير الموت فقط !! نجونا من ذلك الجحيم لنموت في جحيم أخر , نمووووووووت فيه , انموووووووووت بهذه البساطة "
كشرت ملامحي عن غضبي , وازداد سخطي على مصائبنا التي حلت فوق الرؤوس.
فأمسكتُ الطبيب من ياقةِ ملابسه , كرهتُ برودتهُ , تبلده واستخفافه لما يحدث.
فقابلني وجهه المندهش ,رفعته عن الارض حتى كدتُ اخنقه , لولا الايادي التي طوقتني وزجرتني , لم اتزحزح , إنما صرخت على وجهه , صرخت عليه متمسكا بوهم البقاء , وعدم اختفاء من احبهم : " لا تستهن بأمر الحياة , ابعد الحصول على الاشياء نفقدها ببساطة , وهل الموت بالنسبة لك كشرب الماء "
ازداد ضحكي , وقل تماسك نفسي , امسيتُ شخصي القديم , امسيتُ نفسي الضعيفة , نفسي التي هجرتها دهورا , نفسي التي تخشى الفقدان , وترتعب من حصول الفجائع , اكملتُ وموجة من الالم تخنق صدري : " فأنا جربته مرارا وتكرارا , عشته اياما وسنينا , اصبحت وامسيت عليه , تذوقته حتى الزقوم منه "
حررتُ أصابعي عنه فسقط وانهارت طاقتي معهُ , طاقتي التي اِختزنتها كل ذلك الوقت , تخلت عني ونفذت,
أنني لا أريد فقدان احدا بعد الآن !
لا أريد إعادة شريط تلك الايام التعيسة
لا اريد الموت وأنا حي
أريد السعادة ولو لمرة واحدة , أريد العيش معها فقط .


نهاية المعانقة الثامنة عشر

ريم السعودية 27-12-13 09:55 PM

رد: أرواح متعانقة
 
نور المنتدى بك ياعزيزتي اسماء
بارت اكثر من رائع باتنظار بالقادم

قرة عين امي 08-01-14 01:21 PM

رد: أرواح متعانقة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يالهي اي كارثة جلبتها معك يااسماء
عندما قراءت مايحدث بلسان امل ظننت انه تهياة وهلوسات بسبب ارقها وقلقها وتوترها لم اكن اصدق انه طوفان حقيقي ولكن عندما شاهدته بعيني ترفة توقفت نبضات قلبي من هول المشهد واصابني الالم من عظم البلاء الذي اصابهم
ابدعتي فوق الابداع جعلتني اشعر بأني اشاهد بام عيني مشهد لتوسنامي حدث في الواقع بالفعل
لكن ماهذا الوباء الذي حل عليهم ارجوك لا ترينا في من نحب مكروه فيكفي ماقد ارعبتنا واخفتنا فيه اثناء الطوفان ونحن نمسك ايادينا على قلبنا نربت عليه ليهدى من هول ماشعر به ومن خوفه من ان يبتلع الطوفان احبتاً لنا
سلمت يمينك على هذا البارت رجاء لا تاخرين علينا فقد اشتقنا لجمال حرفك
المحبة اسماء

سميتكم غلآي 04-12-14 09:07 AM

رد: أرواح متعانقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريم السعودية (المشاركة 3402708)
نور المنتدى بك ياعزيزتي اسماء
بارت اكثر من رائع باتنظار بالقادم

صباح الخير

النور نورج
وشكرا لكِ وعذرا على تأخري


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3407607)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يالهي اي كارثة جلبتها معك يااسماء
عندما قراءت مايحدث بلسان امل ظننت انه تهياة وهلوسات بسبب ارقها وقلقها وتوترها لم اكن اصدق انه طوفان حقيقي ولكن عندما شاهدته بعيني ترفة توقفت نبضات قلبي من هول المشهد واصابني الالم من عظم البلاء الذي اصابهم
ابدعتي فوق الابداع جعلتني اشعر بأني اشاهد بام عيني مشهد لتوسنامي حدث في الواقع بالفعل
لكن ماهذا الوباء الذي حل عليهم ارجوك لا ترينا في من نحب مكروه فيكفي ماقد ارعبتنا واخفتنا فيه اثناء الطوفان ونحن نمسك ايادينا على قلبنا نربت عليه ليهدى من هول ماشعر به ومن خوفه من ان يبتلع الطوفان احبتاً لنا
سلمت يمينك على هذا البارت رجاء لا تاخرين علينا فقد اشتقنا لجمال حرفك
المحبة اسماء

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أسماء ياعزيزتي

طبعا اعتذر عن هذه الكوارث وايضا عن تأخري لظروفي

وايضا لعدم استطاعتي في تجميع افكاري والرد عليكِ برد يليق بمقامكِ الكريم

تأخرت وتأخرت وما كان في وسعي إلا التأخر ... واخشى ان يكون التأخر له النصيب الاكبر في حياتي في الايام القادمة , ولكن سأحاول قدر استطاعتي

شكرا لكِ يا صديقتي أسماء وارجوا ان تكوني بصحة وعافية

سميتكم غلآي 04-12-14 09:28 AM

رد: أرواح متعانقة
 
المعانقة التاسعة عشر



تمر الدقائق طويلة ثقيلة تثقل أنفاسي معها , وانا بجانبه ولا افارقه إلا بعد اصرار قوي خارج عن ارادتي
يوما بعد يوم وانا على هذا الحال
أشعر ان قلبي يتقلص وينكمش
و دموعي تتساقط , وصدري يضيق عليّ ويشد
عند كل همسة, عند كل نفس أتنفسه
تأتني ذكريات الأمس البعيد
تأتي لتمزق الأحلام وتطرحني على أرض واقعي , وتصفعني على وجهي بلا أي رحمة
تيقظني من غفوتي القصيرةِ , وتذكرني بكابوسي الحقيقي
أنه ليس كأي كابوس ضبابي
انما هو واقع ألمسه , أستنشقه , يحرقني وينطوي عليّ ليخنقني
انه عذاب أليم بل أشدُ
أبكي بكاء عالي يحرق قلبي في خلوتي , ابكي حسرة على أخي , أبكي رعبا من فقدانه في أي لحظة !
هم يمنعونني من فعل أي شيء لهُ إلا الجلوس بصمت بجانبه
و يسمحون لي بلمس يده , وتقبيل أصابعه , واستنشاق عطر كفه
اضع اصابعي في فمي لأكتم كُل الالم , وكُل الدموع والحسرات
ففجيعتي أقوى من ان يحتملها قلبي
كشبح لا يرى إلا ما ظهر منه , كشخص قد ترك الحياة وراءه أمشي
أمشي بين هذا وذاك , أرى الحياة في عينا الصغير وأرى الموت في جثة أخي
فأحاول الهروب والخروج من المستشفى , واخرج إلى مكان منعزل لأنتحب , واضرب صدري من الالم
يقولون ان لا وجود للأمل معه , وان الجرح قد تسمم بسبب التأخر في اسعافه بالأجهزة الحديثة.
***
صوت طنين مرتفع جعلني استفيق من كوابيسي المخيفة
فتحتُ عيناي على ضوء المصباح واللون الابيض يحيط بي من كل الجوانب , تجولت نظراتي الضبابية إلى كل شيء يقع امام ناظري إلى الستائر التي تحجب رؤيتي وإلى يدي الشاحبة والتي تملؤها العروق , وقد تعلقت بها ابرة المغذي وإلى ذلك الجهاز الذي يصدر الصوت المزعج وإلى كل الاشياء البيضاء المحيطة بي , اغمضت عينيّ بتثاقل , للحظات فقط تذكرت هاني والطفل , واين أنا !
جلست وانا اشعر بالإرهاق يمتص كل طاقتي , تنفست بعمق للمرض الذي اشعر به , وامسكت بكلتا يديّ طرفيّ الغطاء وابعدته عني , وانتزعت ابرة المغذي من يديّ بلا اهتمام
ونهضت ابحث عن غطاء اغطي به شعري ووجدت حجابي على المقعد بجانبي , وخرجت من الغرفة أمشي بلا نعال
مشيت مسافة قصيرة وتوقفت أنظر إلى الارضية البيضاء , وانا ارى قطرات الدماء تتساقط عليها , ابعدت نظراتي عن الارض ونظرت إلى الوراء وتحت الانوار رأيتُ القطرات على طول طريقي قد خطت خطاُ , رفعت يديّ قليلاً لأرى جرح الابرة ينزف , رفعت قماش حجابي وضغط عليه , وانا أُعاودُ المشي إلى وجهتي .
وصلت إلى حيث أريد , واخذت أحدق إلى ما وراء النافذة وانظر إلى داخل الحضانة , فأرى جميلي الصغير والذي قد تعلق به قلبي وهام , نائم بعمق , كانت لديه جروح لم نلاحظها فأدخل المشفى على اثرها , ولكن حالته الآن افضل من قبل.
تنزل دمعاتي فأمسحهن بسرعة , ارثي حاله وحالي وامشي ببؤس أكبر إلى العناية , فابكي اضلعي المعتصرة لقلبي المجروح , أبكي قلة حيلتي وعظم مصيبتي , فأي مصيبة هي التي وقعت بها الآن , فليس لدي قوة أو صبر اكثر من هذا , إذا حدث لهاني شيء سأموت أنا قبله , أريد الموت قبل أن افقده , فأنا لا أريد اختبار المزيد , لا أريد فجيعة أخرى
فأنا لدي امل بشفائه إلى الآن , امل انه سيقوم إلى الحياة وسيموت بعدي !
الحزن يملئني ويثقل جسدي , انظر إليه من البعيد , ونظراتي ضبابية , هو في الداخل وتحيط به الاجهزة من كل الجوانب , أي ألم يحتمله الآن !! يا ليتني كنتُ مكانه !!!
نطقت بها بصوت مخنوق : " يا ليتني اخذت كل ألمك "
صرخ وجعي الداخلي , واجهش صدري بالبكاء : " يا ليتني كنت مكانك , يا ليت هذا لم يحدث "
وهل القدر يرد , وهل الاعتراض هو الحل !
دموعي لا تجف , انما تتساقط بغزارة , رؤيته تجعلني أكثر بؤسا , اكثر ألما واختناقا
أرمي ثقلي على المقعد بجانبي , واضع اصابعي المرتعشة على وجهي , واتنفس وانا مخنوقة
الاصوات تأتي وتختفي , والاجسام تركض بعشوائية , وانا لا أزالُ في مكاني يأتي إليّ النوم ويرحل
اغفو لدقائق فتهتز كتفي , وأجفل من نومي القصير على صوت صديقتي
انظر إليها من بين ضباب عيناي , فتتضح الرؤية
كانت صديقتي سلوى
وكان وجهها شاحب حزين
وقفت هلعة وقد تسارع نبض قلبي , وانتابني الرعب من حدوث شيء له
خفت من انهيار عالمي مجددا
ومن كابوس أخر يعاودني
هرولت نحو النافذة إلى تلك الزاوية التي خلت انها ابعد مكان عني , ونظرت إلى الداخل وانا متعلقة بها فرأيته كما هو
يرقد كما تركته منذ دقائق بوجهه الذي رحلت عنه الصحة وصاحبه المرض , كان يغطس في نومه المشؤم , ولا يتنفس إلا سقم ما حوله من اجهزة
تخدرت قدماي فجلست عليهما
وانا امسح على وجهي , واحاول استعادة انفاسي
لم تكن صديقتي فقط الموجودة انما بعض الاطباء
رأيتهم ينظرون إليّ بشفقة بوجههم المختلفة بألوانها واشكالها , واعينهم تحاول تعزيتي
كانت شفقتهم تثير الكثير من المشاعر بداخلي
الكثير من الاختناق تراكم على صدري
واوجعني في موقفي هذا , فأنا أرى وجوههم تتحدث بشيء ونظراتهم المترددة تظهر مقدار حجم المصيبة التي يخفونها , انهم يخفون عني شيئا , حدقت إليهم بربية وانا أقف , ونطقت وقد اوجلني الأمر : " اهناك شيء تخفونه عني , احدث لهاني شيء , تحددددثوووا "
انهرت على الارض , والارتعاش يسكنني وبكيت مترجية اياهم بقول ما هو سار , وليس الوجع !
فأنا لا أريد أوجاع أخرى
تشبثت فيّ صديقتي سلوى وذراعها تطوقاني بشدة , واخذت تبكي وتقول : " قولي انا لله وإنا إليه راجعون , فهذا قضاء وقدر "
كتمتُ انفاسي منهارة , ومن بين شهقاتي وبؤسي وجنون تفكيري قلت بصوت مترجى : " لالالاااااااا لم يمت هاني "
احتضنتني اكثر , وقالت من بين بكائها : " لا لم يحدث شيئا لهاني , إنما اهلك , أهلك لا نعرف اهم احياء أم أموات , انما هم من المفقودين الذين انقطعت اخبارهم عنا , لقد حاولنا الاتصال بهم ومعرفة اخبارهم ولكننا لم نفلح "
تبلد عنيف سقط على جسمي , وتجمدت اطرافي , حتى احتلني البرد وامتص بقايا الحرارة
اهتزت الرؤية وسقط عالمي من حولي , واصبحت الالوان من حولي باهته وضبابية
اتسعت عيناي , وزاغت نظراتي المذهولة التي حدقت بهم واحدا واحد وهم يرحلون
وقلبي يطرق صدري , يطرقه بعنف شديد , غير قادرة على تصديق ترهاتهم , من الممكن ان سمعي مخطئ , صحيح , لا يمكن ان تحدث هذه المصائب دفعة واحدة !
هززت رأسي انفي ما يقال
اخفف من شدة وقعها عليّ , فإعادتها لمرة أخرى
صرخت عليها وقد اشتد هلعي , وجنون تكذبي لها
" أرجوكِ , لا تقولي كلاما قاسيا كهذا
لا ترميه كالقنبلة الموقوتة , لا تحطمني أكثر , لمَ الاحساس لديكِ منعدم , أهكذا ترمى مثل هذه الكلمات" .
****
في هذه اللحظات
تمنيت الموت بشدة , تمنيت لو انني لم اخلق !
تمنيت الموت بأي طريقة
أمسكت عنقي من تحت حجابي , وغرزت اظافري في لحمي , غرزتهن بقوة
بكل ما أملك من قوة بؤس ويأس , وددت الموت والتلاشي
وددت اختفاء كل هذا الالم الذي اشعر به في صدري , والذي يتضاعف و يمزقني
وددت لو ان كل ما عشته حتى الآن كان مجرد حلم عابر , حلم لا حقيقة لهُ !
انعدام الاحساس, وضياع شعوري هو ما اغرق فيه الآن
ضغط بقوة , حتى احسست بأصابعي تحاول اختراق جلدي
ولكن شعوري الخالي , احساسي الفارغ , ارخى من عزيمتي تلك
فانهارت دموعي تسابق انفاسي المختنقة
هل للحياة معنى من بعد اليتم , وفقدان الاحبة دفعة واحدة !
اللحاق بهم هو الحل الامثل !
تتحرك أصابعه وانا بجواره , تلك الاصابع التي لا افارقها
تتحرك لتقبض على أصابعي التي امسكت به في لحظة انهيار
تتشتت نظراتي الغارقة في دموعي على وجهه الشاحب الخالي من الحياة , والذي تحيط به الاجهزة
أرى عيناه تغمضان , تتجعدان , تتساقط منهما بعض الدموع , وفمه الابيض يحاول الابتسام والتحرك بصعوبة
ينبض في صدري صدى الحياة
تتلاحق نبضاتي
تهل دموعي , وتزف شفتاي ابتسامة صغيرة
فأمسك اصابعه بكلتا يداي
اشد عليه , ابكي فرحة لرؤيته يفتح عيناه المريضتين , وتتحرك بؤرتا لتنظرا إليّ
اناديه وانا اجهش في البكاء : " هاني "
تزيد قبضة هاني على اصابعي
وتتساقط الدموع من عيناه واحدة تلو الاخرى , يهز رأسه وهو يبتلع انفاسه بصعوبة
اهز رأسي نفيا , واقول بصوت هامس : " لا تتعب نفسك , ارجوك , الحمد لله , الحمد لله "

هل أزهرت أزهار الحياة في قلبه أخيرا !
هل اختفى كل ذلك الالم , وهجرنا بلا عودة !
ورحل الموت بعيدا عنه !
هل للخوف من مكان بعد ان استيقظ !
ورأيتُ عيناه تشرق ببريق الحياة !
انتابت قلبي تلك الفرحة التي تسع الكون
تسع مساحة قلبي الفراغة من بعد التوجع بخناجر الواقع
جلست امسح على وجهه وكفاه, وانا أحاول لملمت قوتي الخائرة
وتقوية نفسي المرتجفة
كتمان صيحة البكاء
التحمل اكثر , ولكن دموعي تتساقط عنوة , وابتسامتي تتسع
وفي كل مرة يأتني بها نشيج البكاء
ابتلع انفاسي , واعض لساني , لكي لا أريه مقدار الالم الذي يقطعني , ومقدار الارتجاف الذي يهز أوصالي , وخوفي العظيم من القادم والمجهول.
أرى المرض يمتص حياة وجهه , وهو يذبل رويداً رويدا
وأرى ملامح الاطباء لا تتغير
اعرف حقيقة الأمر, أعرف ما يدور حولي , أعرف حالته , ولكني أكذبها واطردها من عقلي
طوال تلك الفترة التي قضيتها معه, كنت لا أبالي بمن يدخل ويخرج
ولكنني كنت أكره تواجد عامر عند أخي , وتفقده الدائم لي وله
فأنا انظر إليه بنظرات تحمل حقد كبير , أريد طرده , تمزيقه , الصراخ عليه
وهذا ما فعلته , لقد طلبه هاني والذي يكاد يلفظ انفاس حياته من الألم
وترجاني بعيناه ان أخرج
خرجتُ مقيدة بحزني عليه, وعقلي لا يفارقه
واتكأت على حائط قريب مني , عقلي يغرق وانفاسي تتزاحم
لا أعرف طريقة للنجاة , لأبعاد كل هذه الفوضى عني
فالألم اصبح ونيسي , والكتمان رفيقي
وسائل الاتصال لا تجدي نفعا , والاخبار شحيحة وتثبت أن الكل من المفقودين الذين لا أمل بنجاتهم
ولكن انا لدي أمل انهم لا زالوا على قيد الحياة , وان الاخبار ليست صحيحة وانما هو انقطاع
لان المدينة الساحلية هي أكثر المدن تضررا , وممنوع الدخول إليها أو الخروج منها .
هي دقائق طويلة قضاها عامر مع هاني , وخرج بعدها
كان شاحب الوجه , غريب الملامح , يرفع نظراته إليّ ثم يخفضها
نظر إلى شرودي الذي لا يراهُ, نظر إلي بنظراته تلك
كانت كفيلة لتيقظني من غفوة سرحاني الأفكاري
أكرههُ , وأكره ما حولي من أمور
فأنا لا أملك إلا عقل مشوش , وافكار غريبة وتعيسة !
عقلي المتخبط ارادني ان ارمي عليه قنبلة صبري وألمي , فأخرج لساني كلماتي المتعثرة : " لمَ أنت هنا , ولمَ دعاك هاني ؟؟"
نظراته لم تتغير , انما ازدادت تعاسة فوق تعاسه
تعاسة لحالي الرديء , لصوتي المتحشرج , لصوتي الذي انطقه بعد جهد كبير
كم كنت اتمنى في تلك اللحظات لو كنت أملك الحق بضربه
حق رمي كل هذه الاشياء عليه ليشعر هو بما اشعر انا به
تغير ذلك التعبير
وانتهت ملامح وجهه المعروفة
تلك الملامح التي اعتدت عليها اختفت لتظهر لي عن وجه جديد
وجه شاحب غريب لا أعرفه , ملامحه مسترخية , عينان تلمعان تحملان كُل مشاعره , كُل اللطف والحنان اجتمع في وجهه الغريب , وكانت الشفقة تنبعث من نظراته
لا !!
أنني لا أريد أي شفقة منه !
تدهور حالي المتدهور أكثر , وتخبط شعوري , وانا اسمعه يقول بنبرة متماسكة : " تمالكِ نفسكِ يا أمل "
كلماته ايقظت غضبي , لتنتابني نوبة بكاء أخرى
بكاء جعلني ضعيفة أمامه , ولكني غيرت ذلك الضعف إلى تنفيس غضب : " وما دخلك أنت فيّ ! ان اتمالك نفسي او لا فهو شيئا خاص بي وليس بك "
اخذت جرعة من الهواء لأكمل ونظراتي تنظران إلى ذلك الوجه الغريب , وقد اخذت الدموع تنساب من عيناي : " أنني لا أريد أي شفقة منك خاصة , أنت تعرف ذلك يا بروفيسور , تعرف مقدار ما بيننا "
ابعدتُ ارتجافي عني , ووجهي عنه إلى الاسفل تارة وتارة أخرى إلى اليمين أو الشمال , واسكتُ بكائي التعيس وعندما تسقط دمعة من عيناي كنت امسحها بسرعة وكأنني لا أبالي بها , وأغرق في كلماتي المتقطعة : " وتعرف ايضا انك في مكان خاطئ , فأنت مجرد شخص تزيد من اثقال الهموم "
الصمت كان عنوان ذلك الهدوء
لم ينطق ولم يتغير ذلك التعبير انما احتلهُ حزن عميق , وازداد لوعة , زادني لوعة وانا انظر إليه لأخر مرة
وقال لي وهو يرحل بنظراته التي لم تكن تنظر إليّ حقيقة : " هاني يريدكِ "
بلا أية مشاعر , أو قوة , حملت جسمي إلى أخي
جررتهُ ببؤس ولوعه إلى ذلك الباب الرمادي
وودعتُ لحظاتي تلك
دخلت عليه ونبض قلبي يسابقني
فالخوف لا يقادرني ولا الراحة تعرفني
ذهبت إليه , وجلست قبالته وامسكت به قبل ان يتلاشى من فراشه الابيض, وتخنقنه تلك الاسلاك التي حوله
وقبل ان يعاودني اي كابوس أخر بشأنه
وابتسامتي لا تقادرني , تلك الابتسامة التعيسة والبغيضة , المصطنعة الكريهة والتي بت احقد عليها وازدريها
هو أرداء حالا , وقد اسقمه السقم , همس لي بصوت متعب , ووجه ذابل قد امتصه المرض : " أمل "
هززت رأسي مطمئنة إياهُ انني بكل حواسي معه , وانني اتمسك به قبل ان يتمسك هو بي
قاومت كل ما يعترني في تلك اللحظات , واستمعت إلى كلماته
كلماته التي جرت في مجرى دمي كالسم
سمت عقلي قبل جسدي
خدرتني وقلبت حالي إلى هلع وانهيار
كان يحدثني بكلمات وداع وترجي
كلمات تشعل في صدري لهيب من النار
يحاول الابتسام لي , وهو يحدثني ولكن ابتسامته تنهار مع تعبه
يغمص عينيه الحزنتين , وهو يتنفس وكأنه يغرق
هو لا يستطيع الاكمال , ولكنه يحاول !
في تلك اللحظات غيبني قلبي عن العالم , قلبي المتمزق من الألم
وانهدمت جدران أمالي المتبقية
وانا اسمعه يتحدث بصوت مخنوق ومن بين كلمة واخرى يأخذ نفس عميق : " أمـ ـل , اعرف كل ما حدث لعائلتنا , أعرف كل ما حدث ولستُ اصدقه , أمـل انا لا أريد ترككِ وحيدة قبل ان نعرف كيف هم , أمل أنني لا أريد الذهاب عنكِ , ولكن "
وقفت " ولكن " في حلقه لثواني
لننخرط بعدها في البكاء
بكاء مر مرير
بكاء يذهب ألوان الحياة
يحطم تلك الآمال التي كانت منذ لحظات تغطي قلبي
وتغطني بالكامل
بكيت بكاء كمن لم أبكيه من قبل
بكاء أشد حرقة من النار
احرقني واشعرني بألم لم أشعر به من قبل
لأنني كنت أكذب حقيقة كل ما يحدث
ولكن الآن , ومع رؤيتي له بهذه الحالة , واحساسي العميق باقتراب أجله
باقتراب ساعة الرحيل , وتصديقي أنني اصبحت وحيدة , وإيقاني انني فقدت الكثير بل فقدت كل شيء .
ترجاني و ترجتني كل كلماته المتوجعة
وشفتاه قبلتني وطمأنتني
وعيناه عانقت قلبي بشدة
بدن يرتجف وفؤاد يرتعش , والدنيا تدور
والحياة قطعت انفاسها عني , وشنقتني قبل ان أكمل طريقي فيها
أأوافق , أهناك حل غير هذا , لأجله فقط , لكي اُرضيه , لأجعلهُ يطمئن , لكي لا اُحمِله أكثر مما هو عليه الآن
أطرقت برأسي وعقلي ليس معي
ووافقت , لأنه ليس هنالك مسار محدد احدده لنفسي بعد الآن
وليس للحياة معنى بعد فقدان المصدر
وليس مهم ما يحدث , اصبحت الحياة غير مهمة
وافضل قضائها بلا هدف , ولا أريد أمال أو أحلام بعد الآن .
****
صدمني اقتراح هاني , بل أذهلني ما قاله
لم اكن أتوقع هذا , لم أظن ان هذا سيحصل في يوما ما !
فبعد رؤيتي لهما بهذه الحالة , وعدم تقديمي لهما لأي مساعدة كانت مادية أو معنوية
جعل مني هذا شخص ضعيف , شخص بارد خالي من المشاعر
فانا شخص جاف لا يعرف التعبير
ولا يعرف كيف هي المواساة
ولكن ان يقترح مني الزواج من أمل , لهُو أمر أصابني بالدهشة واخرس لساني
صحيح ان هاني صديقي منذ سنين , وعلاقتنا أقرب إلى السطحية
ولكن ان يزوجني اخته لهو أمر لم اتوقعه منه , وهو بهذه الحالة !
صمت بذهول وسكون انصت إليه : " عامر , اعذرني ولكن انا لن اجد شخصا جيدا مثلك , عامر انا اشيد بأخلاقك فانت كنتُ نعم الصديق لي في تلك السنين الماضية , و صدقني انا لن اجد رجل افضل منك لأمل , أنا أريدك لأختي لأنني أثق بك , وموقن بانها ستكون في ايادي امنية تحميها وتعتني بها "
اذهلتني كلماته , وهزت كياني
وجمدت الدم في عروقي
لأول مرة في حياتي اسمع مثل هذه الكلمات
اسمع كلمات مناقضة لي
وأن احد يرى جانب أخر مني ويثق بي
جانب لا أراهُ أنا
جانب خادع لتلك العيون التي تظن انني شخص جيد
فانا مجرد شخص مخادع حقير , شخص يغطي نفسه بالعديد من الاقنعة
ويغرق في نهر من التعقيدات
فهو لا يعرف لمن يقدم اخته , اخته التي عانت الويل مني , اخته التي عذبتها واستغليتها مراراً
ولكن اعرف ان هاني يريد تزوجيها لي لأنه لا يعرف ان كان أحدا قد بقي لها
فكيف له ان يترك أخته وحيدة من بعده .
الصمت كان رفيقي , والافكار تدور في عقلي وقلبي يحثني على الموافقة , نعم انها فرصة العمر بالنسبة لي , ولا اريد ركلها بعيدا عني , فأنا اريد استغلال هذه الفرصة , ولكن لماذا !! لماذا أريدها بشدة !!!
ليس هنالك اي جواب إلا الحرارة التي تصهر جسمي , ونبضاتي التي تهز صدري.
طرحتُ موافقتي بدافع الشفقة , بدافع انني رجل شهم , شخص يرى صديقة على فراش الموت وينفذ له وصيته الاخيرة , يالخباثة نفسي في مثل هذه المواقف.
خرجت من عنده, وافكاري تحاصرني , وضميري يأنبني , لا أعرف لمَ أنا هكذا ! ولمَ أشعر انني فارغ الجوف !
عند رؤيتي لها , رؤيتها بتلك الحالة , بذلك الحجاب الاسود المتجعد المحيط بوجهها الشاحب الملون بالحزن , وتلك العينان اللتان فقدتا بريقهما القديم
احتلتني احاسيسي المخفية , وحاصرتني هواجسي , وظهرت لي نفسي المخبأة فيني , تلك التي تظهر لي في خلوتي , ظهرت لها بشفافية .
تقدمت خطواتي المهتزة منها , تقدمتٌ أرثي حالها , احزن شفقة عليها , إلى ان اقتربت منها , نظراتها الغاضبة التي صوبتها نحوي جعلتني ابعد نظري عنها , واكتم حزني عليها .
رمتني بكلماتها التي نشبت مخالبها في لحمي , ولكي اخفف عنها نطقت , وانا أنظر بعيدا عنها : " تمالكِ نفسكِ يا أمل "
وهل تعرف نفسي غير لكنتها تلك !
وجفافها الخالي من المشاعر !
انفجرت عليّ , وفجرت كل غضبها وبؤسها عليّ , فقاطعة غضبها ب : " هاني يريدك "
غير قادر على تغير تلك اللحظات ولا تهدئتها إلا بهذا
رحلت مخلفة ضجيجها ورائها , لا.. انهُ ليس بضجيجها انما ضجيجي انا
نفسي المختنقة , عقلي المتشتت و الغير واعي , قلبي المغيب عن عقلي .
***
مرت ايامنا تلك , بطيئة ثقيلة , تحمل معها أكواما من الهموم والأحزان , والرعب من حدوث أمر جليل .
تزوجت منها على ورق , وكأنه انكتب لي عمر جديد معها
خوف عارم احتلني , وعادة نفسي إلى صوابها , أجننت لفعل هذا , أين ذهب عقلي لأتزوجها , كيف لي ان افعل هذا !!
انسيت ماضينا العميق والمشروخ !!
وماضي أنا بالذات , لقد خططتُ لسنين طويلة , إن اردت أن اتزوج أن اختار مجرد امرأة تنجب لي الابناء فقط , ولا تربطني بها أية مشاعر .
وجاء ذلك اليوم بسرعة , يوم وفاة هاني , جاء بهدوء ليقتلع جذور الاوجاع من صدورنا , ليمزقنا ويرمينا على أرض الواقع
احسست بألم شديد في صدري , وحزن عميق , لانتهاء تلك الفترة على غير خير , انتهائها إلى ما لا نتمنى , مع اننا كنا على يقين من حدوث هذا , وكنا نمتى تأخره إلى أجل غير مسمى , ولكنه حدث وفي وقت قصير .
أمل ... لم تبكي انما تشبثت بقوتها وارتدت رداء التبلد أمامنا , كنتُ اتتبعها بعد أن رحل هاني وودع تحت الثرى
تمشي في ممرات المشفى إلى ان وصلت إلى الحضانة , دخلت إلى الداخل ونقلت نظراتها بين الاسرة , وسألت الممرضة المسؤولة هناك بصوت مجهد : " أين طفلي ! "
عرفتها الممرضة في الحال وقالت : " لقد نقل إلى الملجأ "
انكمشت ملامح وجهها بغضب , وصاحت عليها : " كيف هذا ؟ ومن أخذه , ولماذا أخذتموه إلى هناك ! "
تلعثمت الممرضة من أسلوب امل المهاجم لها , أكملت امل وقد بدأ صوتها يتهيج ويبكي : " لمَ لم يخبرني احدا بهذا , فأنا ولية أمره , فأمه أودعتني اياهُ , كيف لكم ان تفعلوا هذا به , أرجعوه إلي , أرجعوه لي لكي أعيش معه فليس لي غيره "
ارتعش جسمها أمام ناظري , وانهارت عليهم بغضبها الذي اشتعل فجأة وتفجر , وانطلقت تركض بين أسرة الاطفال بعشوائية , تبحث عن الطفل , تنقب عنه لعلها تجده , والممرضة تحاول سحبها إلى الخارج , وتحاول منعها من فعل هذا وافتعال الضجة .
دخلت إلى داخل الحضانة واقتربت منها بسرعة , وامسكتُ بها من كتفها وطبطبت عليها بلطف وقلت : " على رسلك يا أمل"
هي لحظات نظرت فيها إليّ , عينيها كانتا متعبتان مثقلتان بالأحزان , رمت بذراعيها على صدري وقالت بعنف : " اتركني "
زدت من قوة قبضتي عليها , والتفت إلى الممرضة , وقلت : " اعذرينا "
سحبتها معي إلى الخارج , كانت تقاوم بشدة , وتلعنني , تحاول الافلات مني بأي وسيلة والرجوع إلى الداخل
ولكن شيئا فشئيا خفت من مقاومتها لي وسكنت عن حركتها العنيفة , ارخيتُ يديّ عنها وحدقت بها , كانت تنظر بتجاه الغرفة , كانت عينيها المتسعتين الغارقتين في الحمرة فارغتين سارحتين في اللا شيء , ووجهها شاحب وحزين .
لأول مرة ينتابني هذا الاحساس , أحساس انني ضعيف جدا امامها , ضعيف عن اخفاء مشاعري نحوها , وغير قادر على احتوائها وتخفيف احزانها , وهل لي القدرة على فعل شيئا لها !
فقط نطقت بصوت غارق فيها : " سأرجعه إليكِ "
ارتعشت بين ذراعي رعشة خفيفة , ولم تنظر إليّ انما انتزعت نفسها مني وذهبت .
***
حملت الطفل بين ذراعاها بعد اجراءات سريعة في كفالته
مع انني كنت اظن ان الاجراءات ستكون عسيرة ولكن بسبب اوضاع البلاد رموه علينا , وكأنهم يتخلصون منه .
كنا مع بعضنا نمشي والصمت رفيقنا , وقفت أمل على طرف الشارع ورفعت يديها لتوقف سيارة أجره
توقفت سيارة الأجرة وركبتها بسرعة وركبت انا في الجانب الاخر , عند احتلالي للمقعد بجانبها .
رفعت رأسها نحوي وجهها يحمل تعابير منزعجة , وقالت : " لماذا تتبعنا ! "
احتلتني الدهشة , وصدرت من حنجرتي نخرة فيها تعجب وغضب , فقلت : " إلى أين تحسبين نفسك ذاهبة بدوني ؟ فأنتِ الآن تحت مسؤوليتي وستكونين معي إلى أين أذهب "
ضمت الطفل النائم إلى صدرها , وشدة بذراعيها عليه, وقالت من غير ان تبعد عينيها المتسعتين من التعب عن وجهي :" لستُ مسؤوليتك فأنا مسؤولة عن نفسي , وذلك العقد على ورق فقط انسيت ذلك, فدعنا وشأننا "
ضغط على اسناني بشدة وتصاعد غضبي مرة واحدة , وانفجرت عليها : " ليس لكِ الحق بفعل هذا ما دمتي اصبحتِ زوجتي , وستفعلين ما أريده فقط "
انكمشت ملامحها المتعبة , حتى وضح الاسى عليها , اختنقت عينيها بالدمع وهي تقول : " وهل ستجبرني على كل شيء أيضا , إلا يكفي الإجبار الذي عانيته من قبل , أرجوك اتركني وشأني "
اسقطت بصرها إلى حجرها وإلى طفلها التي شدت عليه أكثر , صمتُ وقد هرب غضبي مني , وتلاشى وكأنه لم يكن , فقد حل الوجع مكانه , ليؤنبني ضميري , ويرق قلبي عليها .
وصلنا إلى مكان سكننا وإلى ذلك المبنى الذي تركناه منذ الحادثة , ذلك المكان الذي سكنه الخراب والدمار , ذلك المكان الذي يعود بذكرياتنا إلى الوراء ويوجعنا , مشينا من بين الحطام وظلام الليل ولا يحيط بنا إلا الانوار الخفيفة التي تناثرت في الشوارع والمباني .
كانت تمشي متعثرة الخطى , تترنح بين فنية وأخرى , تمتد أصابعي إليها في كل مرة تفقد فيها توازنها , ولكنني أتراجع عندما اراها تقف بقوة وثبات وتسرع خطاها , وصلنا إلى المبنى ودخلناه فناديتها قبل ان تركب السلالم : " أمل "
تحت ضوء المصباح الاصفر وقبل أول درجة من السلم توقفت , ولكنها لم تلتفت إليّ , تقدمت خطواتي إليها واكملت : " أعطني الطفل "
رصت أصابعها النحيلة على الاقمشة المحيطة بالطفل , وكأنها خائفة من اختفائه من بين يديها , وهزت رأسها بلا
اقتربت منها إلى ان اختفت المسافة الفاصلة بيننا , وقلت برقة : " أمل أعرف انكِ متعبة , لا تقسي على نفسكِ هكذا , واعطني احمله عنكِ قليلا "
ظلت على نفس حالتها مديرة ظهرها إليّ ولا أرى من تعابيرها شيئا , وكأنها ترفض ما قوله ولا تريده , ضغط على كلماتي وانا احاول حمل الطفل عنها : " انها وصية هاني لي ان اعتني بكِ واحميكِ , هاني قد اوصاني بكِ , وانا لست بناكث لها "
ارتخت اصابعها عن جسد الطفل فحملته عنها إلى ان وصلنا إلى شقتي .
***
لم يكف الطفل عن البكاء , بل واصل بكائهُ طوال الليل
كنت احاول النوم على الأريكة , ولكن هيهات ان يأتني النوم , فكيف لي ان أنام وانا اسمع ذلك الصوت الذي يختفي ويظهر فجأة في كل مرة أحاول فيها اغماض عيناي .
جلست وانا اشعر بأن الصداع بدأ يشن هجومه على رأسي بسبب هذا الازعاج المفاجئ
كيف لها ان تحتمل ذلك !
على الاكيد انها سوف تتخلص منه قريبا !
فهو ليس طفلها !
ولماذا تقوم بتربية طفل غريب ! أمل ستفعل ذلك على الاكيد !
كنتُ اتمنى في اعماقي ان لا يحصل هذا , اتمنى ان تكون مختلفة , نعم أشعر انها مختلفة
لا انها ليست كذلك انما هي تشبه ذلك الصنف من النساء , ولكن لمَ أخذته !! لم تبنت الطفل !!
لم كانت تريده لهذه الدرجة !
بلا شعور , مشيت إلى غرفتي التي اصبحت سكنا لها ولهُ
ودققتُ الباب , انتظرتُ ثواني قليلة حتى فتحت الباب لي
اعترتني الدهشة , وتحولت دهشتي إلى رعب عند رؤيتها , كانت الدموع تتقاطر من عينيها وهي تسند الطفل على كتفها, ووجهها أصفر ذابل قد تلطخ بالألم والحزن , وحجابها المهمل يظهر بعض الخصلات المتموجة , تحركت شفتيها بتعب شديد : " لا أعرف ما به"
اقتربت منها وحملته عنها وادخلته إلى داخل الغرفة , واخذت اتفحصه على السرير , كانت معدته منتفخة وكأنه يعاني من الغازات
جلست بجانبي واخذت تحكي لي عن تفاصيل ما حصل معها طوال الليل , وفجأة انخرطت في البكاء , افزعني بكائها ذلك , فتركت الطفل من بين يديّ والتفت إليها , وقلت بخوف : " ما يبكيكِ يا أمل !! انه طفل صغير وعلى الاكيد أنه غير معتاد على هذا العالم وعلينا , و قد يعاني من بعض الغازات بسبب الحليب "
هزت رأسها نفيا وهي غير قادرة على ايقاف بكائها , وقالت : " لقد اخافني بشدة حتى خفتُ من فقدانه , لم أعرف ما افعله , فلقد فقدت قدرتي على التفكير أو التصرف عندما رأيته هكذا "
وانخرطت في بكاءً مرير , حل محل فزعي ذلك الحزن على حالها , بل طوق صدري وألمني
وجعلني اقترب منها واطوقها بذراعيّ , لعلي أمنحها أماناً , وأبعد كل هذا عنها , أطمئنها ان كل شيئا بخير !
في تلك اللحظات الناعمة
الحارة والباردة على حد سواء
المليئة بتلك الاحاسيس العميقة , احاسيسي لها
وددت لو انني اشد عليها أكثر , لأريح نفسي المتتوقة لها قبل أن أريحها هي
شعرت في تلك اللحظات انني اختنق وأغرق في ذلك الدفء الغريب , في ذلك الامان العجيب , في تلك المشاعر المثيرة والرائعة .
شددت عليها أكثر فأكثر , أبحرت في ذلك العمق من المشاعر
أريد حضنها الجميل , وحرارتها الناعمة
انها تزيح كل تعبا فيني وتمنحني دفء الراحة , تنسيني كل نفس اتنفس , تغطس بي في محيط العشق
هي ثواني فقدتُ فيها عقلي , ورميته بعيدا عني وابدلته بمشاعري المخفية
لأستعيده بسرعة على صوت بكاء الطفل
استعدتهُ وانا مذهول من تصرفي , وأفكاري هذي
ابتعدت عنها بعنف , عنف لم اقصده !
عنف بدر من شخصيتي التي لم تتغير
وكشر وجهي عن ملامحي القديمة
كانت ملامحها تحمل من التوتر الكثير , ولكن سرعان ما تحولت إلى صدمة
احتلتها الصدمة وهي تحدق بي بعينين مفتوحتين وقد امتزج الغضب والحزن فيهما
حاولت ارخاء ملامحي تلك ولكني لم استطع , لان وجهي قد اعتاد على هذا العبوس
لم يكن موقفي من هذا كله , إلا ان وقفت وقررتُ الهروب
الهروب من تلك الاعين التي تلومني اشد لوم , وتعنفني على أخر لحظة
قلت لها من غير ان افقه حديثي حتى : " سأحضر له شاي الاعشاب "
خرجت من الغرفة , ومن الشقة بأسرها , وإلى الخارج ذهبت , امشي وذهني ليس معي
فتصرفي العنيف كان غبياً وبغيضا , وغير مبرر و الحمد لله انني لم اصبها بأي أذى
بدلا من ان اُخفف من شدة الامور زدتها تعقيدا
يا إلهي !!!
ما بي ... أفقدت عقلي
ما بي أصبحت هكذا معها
فلقد اصبحت شخصا حساسا , تجره عواطفه , فاقد لاتزانه , غير ذلك الشخص القديم
أنسيت كل تلك الامور , انسيت انها كومة من الفوضى , وانها من تسبب في تدمير حياتي
فهي شخص لا يجب ان اجري وراءه أو أحبه , نعم ..فليس للحب من مكان في قلبي لامرأة مثل أمل.


***
في كل يوم يزدادُ الوضع سوءا وسقما
العيش بين تلك الفوضى , وبين الوضع الحالي الصحي والمادي اذهب صبرنا وقوتنا
وجعلنا يائسين قانطين , فلقد اصبحنا نعيش في مجاعة حقيقية , ما نعيش عليه فقط خبز ورز قليل وماءً شحيح
لم أكن اظن انني سوف أخوض مثل هذا الاختبار !
ولم أظن انني بعد عيش الرغد سأصبح اكتم جوعي الشديد , واتذوق مرارته وقسوته
لا أحد يستشعر مصيبة إلا إذا وقع بها
لستُ أبالي بنفسي فأنا رجل بالغ , استطيع التحمل والصبر والرضاء بالقليل
ولكن الاطفال والنساء من هم اصحاء من الوباء, فلقد بدأت عظامهم بالبروز , وبدأ يشتد عليهم الجوع , وبدأ الفرار يستعمر افئدة الكثيرين , حتى بدأ الكثير منهم بالتسلل ليلا فرارا بجلودهم , مما سبب لنا هذا مشاكل عديدة , فالمخيم الذي يحيطه الحجر الصحي اضمن لهم , فهو يعطينا القليل من الامل للبقاء على قيد الحياة !
أيّ أمل ذلك الذي اهذي به, فالوضع كالجحيم !
اجبرت نفسي على البقاء هناك , وحمايتها ايضا فانا أخشى عليها من خدش بسيط , أحاول مراقبتها ومنعها من الاقتراب من كل مشبوه , فهناك الكثير من المرضى و اخاف من اصابتها , بل اموت جزعا
تتذمر من رفضي , تحاول إغاظتي , فترفه عادت كما هي , ترفه نفسها , صغيرتي الجميلة
اخذتها مرة إلى أعلى تل رملي , فقط لأختلي بها قليلا , واجعلها حرة طليقة بعيدة عن ذلك الصخب
كُنتُ واقفا بمسافة قريبة منها , وكانت هي تقف على القمة و تنظر إلى البعيد وعينيها تتسعان راحة , قلت لها بهمس : " اطرحي حجابكِ عنكِ , واستمتعي بهذه الاجواء "
التقت أعيُننا للحظة , ابتسمت لها , وارسلت لها حبي وودي
ابعدت عينيها بسرعة عني , ولم تقم بنزعه , اقتربت منها إلى ان وصلت إليها , رفعت أصابعي إلى ربطة حجابها , وبدأت انزعه , اضطربت ترفه بوضوح جعلني ازيد من ابتسامتي
وامسكت اصابعها الدافئة بيدي الباردة , كانت دافئة وناعمة جدا , كنعومة مشاعري نحوها , وهيجانها في صدري , وتخلخلها في كل ذرة فيني
فترفه تحتل كل مراكز الاحساس فيني , فمعها اشعر انني اغمر تحت الاعماق , واتقلب بين اضلع الفرح , فألتهف إليها , واتمنى لو ان لحظاتنا هذه لا تنتهي أبدا , فالحرارة تشتعل في جسمي وتغمر صدري عندما اكون بجانبها , فأنا أحاول إخفاء كل تلك المشاعر التي اظنها قد تؤذيها , اخفائها في قفص صدري , لكي لا اجعلها تتفاقم , ولكي تكون هي فقط ترفه طفلتي التي ربيتها , وصغيرتي التي لا اتمنى إيذاءها أبدا .
الساعات تجري , والايام تمضي وتطول , لا نعرف سبيلا للنجاة ولا للحياة
امسح العرق عن جبيني , وتحت أشعة الشمس احاول كسر المزيد من الاخشاب , اليوم اشعر بالمرض والتعب وبطاقتي قد نفذت مني
أشرب من قِربة الماء بجرعات قليلا محاولا عدم اسقاط قطرة واحدة منها , وانا لاهث متعب , واجلس على أحد الاخشاب وكفي تظل وجهي
لو كنت في غير هذا المكان , لو كنت اعيش مثل الماضي الذي بات بعيدا لما شربت من هذا الماء الملوث
يالتلك النفس التي تعالت على حياة الشقاء !
وظنت ان ترف الحياة باقي , وانقلابها مُحال !
كيف للحياة ان تنقلب على بني أدم بهذه الطريقة !
وان يكون شعور الجوع والفقر مجزع بهذه الطريقة !
أحمل الاخشاب على ظهري , واسير بخطى متعبة نحو خيمة المرضى وارميها في مكانها المخصص
يعتصر الجوع معدتي , وينتابني الدوار , وانا انقب بعيناي واحاول شم رائحة طعام يغني جوعي
فلا أجد امامي شيئا ولا اشعر الا بألسنة الشمس الحارقة تحرقني
فلقد مرت سبع ساعات منذ استيقاظي ولم اذق غير الماء , الماء الذي احمد الله على وجوده
امشي إلى خيمتي الخضراء الصغيرة والتي لا تبعد كثيرا عني , افتح بابها القماشي وابحث عن ترفه هناك , فلا أجدها انما اجد الظلام والهدوء والفرش المرتبة على الجوانب
اسرع خطاي نحو الخيم المجاورة والمتراصة , أرى بعض النسوة المنشغلات في احاديثهن , ابعد نظراتي عنهن وأسأل من بعيد : " أأرئى أحدكم ترفه !! "
فتخبرني احدهن انها في مكان تجمع الاطفال , امشي إلى هناك وانا تعب البدن منهك الفكر , واعصابي مرهقة مشدودة , اراها جالسة مع بعض الفتيات الاصغر سنا منها , والاطفال بجوارهن منهم من يقفز ويصرخ ومنهم من يلعب بالتراب
اناديها من بعيد , فلتفت إليّ , تتعكر ملامحها في تردد بينما عينانا تلتقيان , فتبعدها عني وتتحدث مع رفيقاتها بصوت هامس مستأذنة منهن
تقف بجسمها الضئيل المتغطي بملابس بيضاء فضفاضه و تمشي بخطى بطيئة نحوي على الرمال , وعند وصولها بالقرب مني , وعلى بعد عدت خطوات مني تقول بهمس ووجهها تكسيه بعض الحمرة من الشمس : " نعم "
العرق يتصبب مني وانا اقترب منها , واحاول ابعاد الارهاق والتعب عني والابتسام لها , وفقتُ أمامها ومددتُ اصابعي نحو خدها أتلمسه , واقول : " صغيرتي رجاءً لا تختلطي بالناس هنا , ولا تقتربي من المرضى , فأنا خائف عليكِ , الجلوس في خيمتك افضل من تحمل اللسنة اللهب هذي فوجهكِ يبد عليه الارهاق "
احمر وجهها الشاحب على احمراره ذلك , واتسعت عينيها البنيتين المحدقتان بي , ضمت ذراعيها المتغطيتان بالبياض إلى صدرها , و تراجعت خطواتها عني , وكشرت بغضب وهي تقول : " ذياب ألست تبالغ في هذا ؟ "
همست بانزعاج , وهي تقترب مني وعينيها تلمعان : " اتريد قتلي بحبسي في تلك الخيمة الرديئة "
تغيرت تعابيرها الغاضبة وامتزجت بالقهر, لم تسمح لي بالحديث بل أكملت وهي ترص على اسنانها : " لقد اصبحت لا تطاق , انت فقط تعطني الأوامر , وتشد الخنق عليّ , لا تذهبي لا تتكلمي لا تأكلي , انت فقط تقول لي موتي ببطء وحدكِ , وانت حتى لا تجلس طوال اليوم لثانية واحدة "
وجهها الغاضب , تعابيرها الكارهة لي , كلماتها الغير مستوعبة لحقيقة خوفي وجزعي عليها , هي لن تفهم , ولن تفهم ما الذي سيحصل ان اصابها شيء , تعبي جعلني افقد سيطرتي على نفسي , واقول بصوت غاضب : " انه لمصلحتكِ يا ترفه أطيعيني ولا تعصيني "
لأول مرة في حياتي اظهر هذه التعابير الوحشية لها
انقلبت تعابيرها الغاضبة إلى المتفاجئة والمذهولة وهي تحدق بي
وليتها ظهري , ومشيت والغضب الانزعاج يعتريني , تبخر غضبي وزحف الندم إلى قلبي
أنا في الحقيقة اطوق ترفه من كل الجوانب , خوفا عليها وحماية لها
وفكرت ان يصيبها مكروه تجعلني أفضل الموت على ذلك !
استدرت عائدا , أبحث عنها كالمجنون , فأنا لم أصدق اننا قد عدنا كسابق عهدنا , وانها اخيرا طوت تلك الصفحات الممزقة ورمتها بعيدا عنا , وانها تظاهرت بعدم وجودها , فنحن لم نتناقش أو نفتح تلك الجروح منذ ان حدث كل هذا
رأيتها جالسة بداخل الخيمة على فراشها البني الرفيع والظلام يحيط بها
كانت تضع كوعيها على فخديها, وكفيها تمسكان وجهها المحمر الحزين
كانت تنظر إلى أحدى الزوايا المظلمة بفكر سارح , منغمسة في عالمها
أحزنني حالها هذا , فأنا لم اصدق رؤية ابتسامتها , واستعادتها لحيويتها القديمة
لا أحب التعاسة التي ارسمها عليها !
اقتربت منها وانخفضت إلى ان جلست أمامها
ابتسمتُ لرؤية عينيها اللتان اتسعتا مفاجأة لرؤيتي , وانتعشت روحي برؤية وجهها الجميل امامي , وباستنشاق رائحتها التي ضمت صدري وخدرتني بالكامل
فأي سعادة هي رؤية صغيرتي بصحة وعافية , وأي حياة جميلة تتواجد فيها هي معي , واي غضب غبي يجعلني احزنها و لو قليلا
غيرت نظراتها إلى غضب وعقدت حاجبيها وهي تشيح بوجهها عني
وقد بدأ عليها الغضب والحزن معا , بصوت منخفض مترجى قلت, وانا اتلمس طرف ملابسها : " ترفه أنا اسف على صراخي عليكِ "
وضعت كفاي على رأسي احمله قبل ان يسقط من الصداع والضغط الذي بي , وقلت بتعب : " انا مرهق بشدة , لقد كانت تلك لحظة غضب مررت بها للحظات , فأنا خائف عليكِ حد الموت , انتِ تعرفين انه ان اصابكِ مكروه فأنا لن استطيع مسامحة نفسي أبدا "
انكمش وجهها وقد بدأت عينيها تنذران بهطول الدموع , كانت لا تزال لا تنظر إليّ , انما تنظر إلى زاوية بعيدة وإلى خارج الخيمة ، قالت بعد تردد وصوتها يختنق : " كالعادة , ذياب انت دائما ما تعيد علىّ هذه الكلمات , وفي كل يوم بل في كل دقيقة , ارجوك لا تبرر لنفسك أكثر فأنا لن اسامحك , اقسم انني قد ضقت ذرعا منك "
بعد هذه الكلمات المتقطعة الباكية , بكت صغيرتي وهي تضع كفيها على وجهها وتكمل : " لماذا صرخت عليّ بهذه الطريقة وامام الجميع !! "
لم يكن لديّ أي اعذار , انما تبخرت كلماتي من تعبي وندمي الشديد , ولم أقدر على فعل شيء إلا انني تقدمت منها ووضعت رأسي على كتفيها وضممتها إليّ , لعلي اخفف عنها وعن نفسي , وهمست : " اعتذر يا صغيرتي , أعتذر منكِ على قسوتي تلك , ولن اعيدها مرة اخرى أعدكِ بذلك , أرجوكِ سامحيني ".
مر يومين حتى انتشر خبر ان الطبيب قد اصابته العدوة , ذهبت إليه وإلى تلك الحبال التي ربطة حول الخيمة الرمادية التي قد ذهب لونها , ودخلت إلى حيث هو , كانت الاسرة الحديدة المتراصة كما هي تحوي الكثير من المرضى , والكثير من الاوجاع والأنين , والرائحة كما هي عفنة , الظلام ينتشر في بعض الزوايا بينما الزوايا الاخرى تعج بالأنوار الخافتة.
في زاوية بعيدة , وتحت أحد المصابيح وعلى أحد الاطراف كان يستلقي على سريره الحديدي
يحاول الجلوس تارة ولكنه في التارة الاخرى يسقط على سريره
اقتربت منه وأنا احاول الاسراع إليه , والابتعاد عن تلك الوجوه الشاحبة , والعيون الغائرة والافواه المتشققة المفتوحة والتي تطالب بالنجدة , وترفع أيديها لعل أحدا يخفف من مرضها وينقذها.
وصلت إليه وكل الخوف قد انحشر بداخلي , وتدفق الدم إلى وجهي , واهتز بدني لرؤية وجهه التي بانت عظامه فيه , والتصق جلده به , كان كمن شاب قبل أوانه
نظرات عينيه الحمراوين وبدنه المرتعش كانت كفيلة لإرعابي , تراجعت خطواتي إلى الخلف , ونظراتي لم تفارقه , حاول الابتسام والتمسك بحد السرير الحديدي والوقوف وهو يقول : " علينا الاعتناء بالمرضى لعلنا ننقذهم من الموت , فلقد شفي أحد الاطفال بأعجوبة "
جسده النحيل الفاقد لقوته ترنح وكاد يفقد توازنه , كدت أقترب منه و اساعده , ولكن خروج ذلك الشلال المرعب من المياه من جوفه جعلني اتجمد , تدفق بلا توقف وكأنه يمتص كل مياه جسده ليخرجها منه , ويخرج دمه معه , وفي كل مرة يحاول الاستفراغ فيها , يشهق ويمسك رأسه ويتلوى ألما
بعد توقف ذلك التدفق وتشكل بحيرة شفافة ذات رائحة كريهة يخالطها الصفار تحته , توقف وهو يشهق ,و كل الالوان تشكلت في ذلك الوجه الشاحب المريض , وهو يستلقي على أقرب مكان على طرف سريره
عينيه الجاحظتين تدوران , ولا تستطيعان الاغماض , فمه مفتوح على أخره والشقوق والحبوب تملئه , وانفاسه تلهث وتنقطع , وجسده تجمد وقد توقف عن الارتعاش
انحرفت عينيه المتسعتين لتنظران إليّ في اصفرار مخيف , لم يستطع اغلاق فمه ولا التنفس بسهولة , انما كانت انفاسه حبيسة صدره , كان على حافة الموت وهو يحاول النطق , ولكن انتزعتُ روحه قبل ان يصدر ان ردت فعل أخرى
وامام تلك الاعين المفتوحة والوجه الهزيل الابيض , والموقف الرهيب , فقدت حاسة الاحساس , وتقدمت منه وكل التبلد يسكنني , ورفعت احد الشراشف البيضاء وغطيت جسده به , ونقلت نظراتي بين الجالس والمستلقي والصارخ والمتألم وبين جميع المرضى الذين يحيطون بي , فلم أجد غير الفراغ , وغير الأسى , وجو من التعاسة .
بعد وفاة الطبيب , انتشر التشتت فيما بيننا, وعثَا الخراب الارض , حتى بدأ الكل يهاجر ويحاول الفرار من ذلك السجن فليس هناك من طبيب او حتى من ينقذنا من جحيم هذه الحياة , حتى ان الحكومة لم تعطنا بالاً وشددت حصارها على مديتنا , لكي لا ينتشر الوباء إلى المدن الاخرى , ولم يبقى اي طعام او اهتمام في ذلك الحجر , بل بات مهجورا لا يسكنه إلا الخراب والمرض , حتى الشرطة الذين كانوا معنا قد تخلو عن مهنتهم وفروا .
لم احمل اي شيء معي غير ترفه ومتاعها الزهيد , مشينا على شارع من الاسفلت , شارع مظلم كئيب خالي من البشر وتحيط به الصحراء من كل الجوانب
كان الليل قد حل ونشر ظلامه , وبدأ قمر ليلة أربعة عشر يتوسد كبد السماء
ترفه التي كانت تمشي بجانبي في سكوتها الطويل , نطقت بصوت هامس مجهد : " ذياب انا متعبة ! "
نطقها لاسمي ونبرة الارهاق فيه جعلني استفيق من أفكاري , واتوقف لثانية والتفت إليها وانظر إلى ملامحها تحت ضوء القمر
ملامحها التي سيطر التعب عليها , وذراعيها اللتان طوقتا جسمها , جعلت ذراعي تقترب منها وتشدها إليّ , وتضغط على كتفيها
مشينا بجانب بعضنا مشيا بطيئاً
نظرت إلى البعيد , وإلى ابعد نقطة يصل بصري إليها لعلي أصل إلى اي نور يرشدني إلى مكان يضمنا
ولكنني لم أجد إلا الخواء يحيط بنا , فقلت وأنا اشد عليها : " دعيني نمشي قليلا لعلنا نجد مكاننا نقضي فيه ليلتنا "
رفعت رأسها ونظراتها إلى وجهي , وهي تقول : " اني متعبة و لا استطيع الاكمال , ان البرد قارص "
اخفضتُ نظراتي إليها , وتوقفنا للحظات وانا ارى طيف الدموع في عينيها واسمع انفاسها اللاهثة , من شدة تعبي وارهاقي لم ألحظ اننا مشينا لساعات طويلة , وان الجو قد بدأ يبرد اكثر فأكثر
حقا انا غير مبالي , فأنا نسيت انها صغيرة على هذه المشاق , فتكفي معاناتها في المخيم ليأتيها المزيد
وانا ابعد نظراتي عنها , لمحت نورا يشق الظلام , يتقدم ببطء نحونا ليتسع ويتسع , وكأنه سبيل النجاة , وشعاع الامل , هتفت وابتسامتي تملأ وجهي : " الحمد لله , انها سيارة "
ابعدت ترفه عني وامسكت بيدها اشدها , ربت عليها بلطف وانا اتقدم معها إلى الشارع , توقفت السيارة , وكانت شاحنة يجلس فيها سائق في العقد الرابع من العمر يخيط الشيب اول خيوطه عليه , تحدثت إليه : " أيمكنك ايصالنا إلى أقرب محطة وقود أو فندق أو اي شيئا حي بالقرب من هنا "
لم يستغرب السائق حالنا انما رحبا بنا بمقابل مبلغ مالي كبير نوعا ما
هكذا اصبح حال البلاد واصبح المشردين كثر والناس تحاول استغلال كل شيء حتى ولو كان زهيدا
كان لدي بعض الاموال التي لم أصرفها منذ الحادثة , واظنها تكفيه وتكفينا لعدت أيام إلى ان اجد حلا أو أعود إلى منطقتي وأهلي
لقد كانت هنالك محطة وقود تبعد حوالي النصف ساعة عنا , اوصلنا السائق إليها
كانت ترفه متشبثة بذراعي اليمنى بشدة وكأنها خائفة من انفتاح الباب الذي بجانبها أو اختفائي عنها , عندما وصلنا نزلت ترفه أولا ونزلت بعدها , كانت المحطة تضج بالبشر , وكانت مليئة بالأوساخ , وكأنها مكب للنفايات, ذهبنا إلى المطعم اولا لنسد جوعنا ونروي ظمئنا , وبعدها إلى الشقق السكنية فلقد ارهقنا طول المسير .
" ألا توجد غير هذه الغرفة "
اجابني العامل الذي أرشدنا إلى الغرفة بـ : " لا.... اعذرنا فالمكان مزدحم جدا "
كانت غرفة كبيرة في الاتساع , ولكنها رديئة في الشكل , فأرضيتها تظن من منظرها انها من الطين , وفراشها من القماش القديم الذي عثا عليه الزمان , وسريرها حديدي ردئي عليه فراش قد تغير لونه من كثرة الاستعمال , سألته : " حسنا , ولكن ألديكم المزيد من الاغطية المغسولة أو الجديدة "
اجاب الرجل : " نعم هناك المغسولة "
وذهب لإحضارهم , تقدمت نحو السرير وهو الشي الوحيد الذي يُجلس عليه وجلست
واشرت لترفه التي بقيت في مكانها ان تأتي إليّ , كانت وكأنها تضغط على اسنانها من شكل فمها المزموم , ووجهها متعكر محمر , قالت وهي في نفس مكانها : " كيف ننام هنا! المكان فضيع , بل قذر جدا "
لو اقول الحقيقة ان الخيمة التي كانت منزلا لنا في المخيم كانت أجمل من هذا المكان بألاف المرات , زفرت بعمق وقلت : " ليس هنالك حل يا صغيرتي , فلا توجد غير هذه الغرفة , ولو وجد غيرها فأظن انها ستكون مثلها او اشد قذارة "
وهمست اطمئنها وانا احثها على التقدم : " فقط لهذه الليلة "
اقتربت إلى ان جلست بقربي , وانا طرحت جسمي على السرير الخشن , واغمضت عيناي قبل ان يأتي الرجل بالأغطية , هي دقائق طوانا فيها الهدوء , واسترخت اعصابي فيها وطردت منها اي فكرة قد تقض علىّ مضجعي
دقائق قصيرة هي حتى جاء , نهضت وانا متململ ومتعب , اخذتها منه وعدت إلى الداخل , رأيت ترفه تحدق بي ووجهها قد طبع الحيرة والارهاق , وقفت واقتربت مني وهي تشير إلى السرير وتقول : " كيف سننام ... "
وصمتت وقد بدأ عليها التلعثم والاحراج
يا إلهي ! لقد غاب عني هذا الشيء بل لم افكر فيه إطلاقا , وهل لي عقل للتفكير بشيء كهذا ؟
فكيف ننام هنا وعلى سرير واحد ؟
نظرت إلى الارض واستصعبت الفكرة , بل لم استسغها ولم أحبذها
ولكن فلا حول ولا قوة لي غير هذا , فأنا لا اريد ازعاج ترفه بالنوم معها على هذا السرير
اخذت احدى الوسادات , وغطاء واحد خفيف وتركت الاخر لترفه , ووضعتهم على الارض بالقرب من السرير وقلت لترفه الساكنة مكانها :" صغيرتي انتِ نامي على السرير وانا سأنام على الارض "
اندفع الاستنكار إلى وجهها , واتسعت عينيها دهشة , واقتربت مني حتى وصلت بالقرب مني , وقالت وصوتها غير مقتنع : " لا , كيف لك ان تنام على هذه الارضية ؟ "
هززت رأسي بالرفض وانا أحاول الابتسام لها , وطمأنتها ان هذا الوضع افضل لنا , وانني سأحتمل ذلك , قلت : " لا عليكِ فانا متأقلم مع هذا الوضع , ولا اظنهُ مزعج لتلك الدرجة "
وضحكت... ويالتلك الضحكة التي اطلقتها فلقد كانت تنافي ما أشعر به , بل تقصم ظهري , وتجعلني افكر بالآلام التي سوف اقاسيها من بعد النوم فوق هذه الارض
ولكن لا يهم , فلا اظنها تختلف عما عانيته سابقا
ان ترقد على أرض مليئة بالأحجار , وتدق العظام دقا , تكاد تتخلخل إلى انسجة لحمك
هذا ما عانيتُ منه , وتقلبت عليه فقط لبضع دقائق
أخذت الافكار تدور في رأسي وانا غير مرتاح بتاتا , ما الذي سنفعله !
وإلى ما سيؤول إليه أمرنا ؟
وكيف هي أوضاع البلاد , فالرعب ينهش القلوب ويدميها , مع وجود المرض وانتشاره انتشارا واسعا في مديتنا فهناك العصابات التي تزعزع الامن , الخوف منهم , وقد نصادفهم في أي وقت اذ لم نأخذ حذرنا !
جلست وقد قفزت فكرة إلى رأسي , يا إلهي ! لقد نسيتُ مروان , يجب عليّ ان اتصل بهِ لعلي اصل إليه
فهو حبل نجاه قد نقدر على التعلق به , وقفت ولبست حذائي على عجل , أتاني صوت ترفه المنتبه لي : " ذيــاب "
التفت إليها , كانت تجلس على السرير وقد طوت اللحاف على جسدها ومازال رأسها يحيطه حجاب ابيض اللون , وبعجلة قلت : " عزيزتي سأذهب لمهاتفة مروان لعله يرد علىّ "
قفزت ترفه من فراشها وقالت هاتفه : " أريد الذهاب معك , لا تتركني لوحدي هنا "
وصلت إلىّ في ثواني , وتعلقت بي , كما يتعلق الطفل بأمه , كان الالحاح يملأ عينيها والخوف يحتل ذلك الكيان الصغير , فكيف لي ان اتركها واذهب بهذه البساطة
فصغيرتي من بعد كل تلك الحوادث التي حصلت لنا اصبحت شخصا يخاف من ظله , ويلتصق بي إلى اينما ذهبت , حثثنا الخطى إلى غرفة الاستقبال , وإلى الهاتف ذهبت وترفه تمسك بقميصي ولا تتركني , اتصلت برقم مروان , وكان مغلقا , واعدتُ الاتصال لمرتين وعشر حتى فقدت الأمل
فقدت الامل بوجود من ينتشلنا مما نحن فيه
وفقدت الامل ببقائهم على قيد الحياة
وهل مروان حي ! وهل خالتي والعائلة بخير !
فأنا لا أعرف أيّ شيئا عنهم , لا أعرف ان كان قد بقي لي أهل أو انني اصبحتُ مقطوع الافرع !
اعتراني الالم في تلك اللحظات وفطر قلبي الحزن , واصابني القنوط , القنوط من نجاتهم ومن رؤيتهم لمرة أخرى
مشيت محملا بأثقال همي , امشي وترفه متشبثة فيني وتعيد كلماتها علىّ : " ذياب ما بك ! ألم يرد مروان عليك "
اهز رأسي واقول وكلماتي تقفز من حلقي الجاف بصعوبة : " لا أحد يرد "
" لماذا "
أرد عليها بتعب : " لا أعلم "
لا أعلم , فما علمي إلا معدوم بما حصل لهم
ونرجع إلى تلك الغرفة
واضطجع على فراشي الخشن , اتقلب عليه واكتم ما بصدري
اكتمه واشد عليه لكي لا يصرخ توجعا , واجلس وقد حاصرتني أفكاري ونشرت الارق في كل أجزائي
وفي الطرف الاخر , وعند النور الخفيف تجلس ترفه على فراشها , وقد خلعت حجابها وطوق شعرها الداكن الذي طول كثيرا وجهها
ترحل نظراتي إليها , وإلى عينيها المعلقتان بي , وتطوقانها فأسألها : " ما بكِ لمَ لم تنامي يا صغيرتي " خرج صوتي ضعيفا واهناً , تخفض ترفه نظراتها إلى حجرها و تشد الغطاء عليها , وتقول بهمس : " انني اشعر بالبرد و لا استطيع النوم "
أزحتُ كُل اثقال العالم التي حملتُها على كاهلي منذ لحظات
من أجلها
فكل شيئاً ينسى , إلا ترفه لا تُنسى !
يا إلهي !.. اني أغلي من الحرارة بسبب دوامة أفكاري , وهي تقاسي برودة الجو , وتحتمله في صمت
نهضت وانا ارفع اللحاف الساقط بجانبي واعطيها اياهُ , عندما اسقطتهُ بجانبها همست وعينيها تتسعان , وقد رسم وجهها تعابير الرفض : " وانت ! "
قلت : " لا أريده فانا لا أشعر بالبرد , احتفظي به لك يا صغيرتي لعله يسد حاجتكِ من الدفء "
واسترخيت على تلك الوسادة , وجسمي يلامس الارضية الخشنة , يحتك فيها باحثا عن الراحة ,فلا يجدها , إنما يجد ما يناقضها وأسوء !
ما زلت اتقلب محاولا بشتى الطرق النوم , ولكن هيهات ان يأتني , والبرد بدأ يقرصني بشدة
انطويت على نفسي , وبدأت أحك اجزائي ببعضها عسا ان احصل على مبتغاي من الدفء
سمعت صوت حركة أتية من اتجاه ترفه , فالتفت إليها , كانت جالسة كما رايتها منذ دقائق وكانت تشد عليها الغطاء , همست بهدوء : " أ تشعرين بالبرد !!"
هزت رأسها بنعم , وقالت : " أنت أيضا.... صحيح "
وقفت وهممت بالخروج للبحث عن أغطية إضافية , واستوقفني صوت ترفه : " إلى أين ستذهب ؟"
وكادت تقفز من السرير , وتسرع إليّ , إلا انني قلت : " ثواني لن اتأخر يا ترفه سأذهب لأحاضر بعض الأغطية وأعود , أنتِ اقفلي الباب بالمفتاح... حسنا "
ابتسمت لها بحنان فردت لي بهزة من الرأس واسرعت نحو الباب لتنفذ طلبي وانا ذهبت إلى الاسفل
ويالسوء الحظ , لا يوجد لديهم اغطيه اضافية فلقد اخذها النزلاء جميعها
لم يكن باليد حيلة إلا العودة إلى الغرفة واحتمال قرص البرد , مع هذه الملابس التي لا تغنى من جوع
عدت ودققت الباب , فتحت ترفه الباب ووجهها متهلل مسرور , ولكن سرعان ما طوتها الحيرة وهي تنظر إلى يداي الفارغتين وتقول : " أين الاغطية؟؟ "
دخلت إلى الداخل وقلت بأسف : " ليس هناك المزيد منها للأسف "
وعدت إلى مكاني , ألتحف برداء البرد , فنفسي لا تهمني , انما ترفه المسكينة , التي تنشدني الاغاثة , كنتُ أشعر بضراوة البرد على جسمي وخيّل إليّ انها قد تعاني الامر نفسهُ , وتشعر به كما أشعر أنا به الآن !
لم أحتمل الموقف , فصغيرتي أولا بحرارتي من نفسي , ذهبت إليها إلى ان جلست على السرير , واسترخيتُ عليه نائما بجانبها محيطا ذراعي بجسدها من فوق اللحاف
تحركت قليلا فهمست لها بخفوت ولطف : " نامي يا عزيزتي , عسا ان تدفئكِ حرارة جسمي "
قد اكون محتالا الآن بنظر الكل , محتالا كبيرا ايضا , لاستغل فرصة كهذه , من أجل الاقتراب منها والطبطبةِ عليها, والتخفيف عنها وعني لعلنا ننسى ما مررنا به
فصغيرتي معتادة على عناقي والنوم في حجري عندما كانت صغيرة , حتى كبرت قليلا وازداد طولها فمنعتها أمي (رحمها الله) من النوم عندي , ووبختني انا على اخذ الامور ببساطه واستسهالها , فانا كنتُ لا استطيع النوم حتى اٌقرأ لها قصة وامطرها بقبلاتي, وامسح على شعرها الناعم , حتى انني كنت اجدل لها شعرها عندما طول قليلا , فطفلتي هذه شديدة التدلل عليّ , ولا استطيع رفض طلباتها حتى لو كانت مبالغة , وظلت ترفه تتدلل عليّ حتى عندما كبرت , صحيح انني وضعت بعض الحواجز احتراما لشعائر الله , ولكن ظللتُ ادللـها واعتني بها .
شددت عليها أكثر , احبسها في قفص صدري لعودتها إلى أحضاني , اعطيها كل ما لدي واخذ بالمقابل , ويالتلك الراحة والدفء الذي شعرت به في تلك اللحظات , فلقد اسقطتني بين يديّ النوم , وجعلتني ابحر في اعماق الراحة , وابحث عنها من اوسع ابوابها .
***


حاولت النوم , ولكن لم استطع !
فكيف لي أن أنام وذياب يطوقني , ويحتجزني بين ذراعيه !
عندما ارخى ذراعيه عني قليلا , وغرق في نومه
حاولت ابعاده عني ولمست ذراعه , كانت باردة كالثلج خشنة كالحجر
رق قلبي عليه , فذياب قد تحمل الكثير وفعل العديد , وحمل على اكتافه كل المشاق التي ممرنا بها دون تذمر , داوني في مرضي , واعطاني كل الحب والحنان , وقف معنا كالصخرة التي لا تُخدش وكالفأس الذي لا يجزع , وبذل ما بوسعه عندما هرب الرجال وتخلوا عن مسؤوليتهم تجاه اهلهم ووطنهم .
بتردد وضعت كفي عليه وبدأت أمسح على ذراعه وكأنني امنحه دفئِ , امسد جلده وابعد عنه كُل الاوجاع وارسل مشاعري إليه , اعطيه كل ما لدي من امتنان وشكر.
حاولت ازاحت الغطاء واعطائه ولو القليل منه لكي ينعم بالنوم الهناء
ولم يمانع , لقد كان في حاجة لهذا الدفء
اختبأ معي تحت الغطاء , اختبأتُ في أحضانه , استثرت مشاعر طفولتي , واعادتني ذكرياتي إلى زمننا القديم , إلى ماضيّ معه إلى احضانه ودفئه وحبه وحنانه
الشوق اخذ يحن ويأنّ تحت هذا التلامس الرقيق , وطوقتني حرارته واسرتني رائحته التي نسيتها , رائحته التي ذكرتني بمقدار شوقي له ومقدار طول الايام التي فرقتنا
وبدون تردد وكأنني معتادة على كل هذا , طوقته واغمضت عيناي بسلام
لم يكن هنالك شيء أكثر إغراءً من النوم في احضان ذياب
كان إغراءً بمنتهى الروعة
فذياب الرجل الذي أحب
يا إلهي ... ما ان اتذكر هذه الحقيقة حتى ارتعش , واخجل على الفور
وتنتابني تلك المشاعر التي تمدني بالسعادة , تمدني بإحساس التملك , وبانه ملكي أنا , ورجلي أنا
هي لحظات غطست فيها في اعماق حرارته , وتسلل النوم إليّ خلسة , وجرني إلى محيط السكينة
فهي راحة لم اشعر بها منذ فترة بعيدة
هي راحة تحتضن كل ذراتي
تؤيني بين ذراعيّ الأمان
تسوقني إليه سوقا
تجعلني أرمي كل دِفعاتي بعيدا
أرميها كما ارمي حجرا في بركة
كنتُ بين اليقظة والحلم
كنتُ لأزال أبحر بين تلك الاحاسيس الرائعة
عندما أحسست به يبتعد عني بلطف مبالغ فيه , لا أعلم ان كان لطف او العكس !
ولكن لمساته اعطتني احساسا جميلا , وجعلتني احاول الامساك به اكثر
كنتُ لا علم حقيقة بحقيقة ما حدث
فلقد كان محجوبا بالضباب
استيقظت من النوم في الصباح
فتحت عيناي نصف فتحه لضوء الشمس المنبعث من الستارة المهترئة , والتي كانت لا تحجب اشعة الشمس إطلاقا
حركت كفي ذهابا وايابا بجانبي وبمكان نوم ذياب , ابحث عنه , وكأنني كنتُ امني نفسي بان اجده ساكنا بجواري كما كان , وانه ليس حلم كما كنت اتخيله !! لم يكن ذلك حلما بالتأكيد !
فرائحته لا تزال عالقة في ذلك المكان , تنفست بعمق لدفء أشعة الشمس المتسللة , ولهذا الصبح المتنفس والنفس المرتاحة
وبدأت في محاولة تذكر ما حدث ... لم ينم ذياب إلا قليلا , لقد انتشل نفسه من بين ذراعاي وخرج إلى الخارج مقفلا الباب وراءه بالمفتاح , لقد احسست بذلك وكأنني كنتُ اتتبعهُ , اسمع صوت انفاسه وكل حركة كان يصدرها.
تذكرتُ شيئا واستيقظت منزعجة وانطلقت نحو دورة المياه التي هي اشد نتانة من الغرفة نفسها
وبعد مدة من الزمن كنت جالسه على السرير ارتدي حجابي , اعصابي مشدودة متعبة تتنظر عودة ذياب بفارق الصبر , وتأنيب ضميري ساطع في عيناي
انفتح الباب الخشبي الذي اختفى لونه واهترئ شكله ودخل ذياب بهدوئه المعتاد , كان وجهه شاحب اللون تعب الملامح , يطويه الارهاق من كل الجوانب , وايضا... اللون الداكن تحت عينيه انه نفسه الذي كنت اراه سابقا , والذي كان قد اختفى تقريبا , الآن هو يحتل مكانه الاصلي !
ابتسم ابتسامته تلك , التي تجعل من قلبي يلهث من شدة النبض , الجنون بعينه ان تأثر فيّ ابتسامته وتجعلني افقد موجة غضبي تلك , بل وتتلف كل عصب فيني , وتقربني من حالة الاغماء بسبب تأثري المبالغ به !
قلت وانا اخفي توتري عنه , واحاول ادخل جسمي بداخل اغطية السرير لعلي أخفي كل جزء مني عنهُ : " لمَ لم توقظني لصلاة الفجر ؟ "
كانت لهجتي أقرب للصراخ من الهدوء , لم أكن إلا فظة عدائية عندما احادثه
تعكرت ملامح وجهه , وانطفأت ابتسامته وانطفأ معها كل غضبي عليه , بل صببته على نفسي صبا مؤنبة نفسي, موبخة لساني على اسلوبه الفظ الغليظ , رأيته و قد حزن حزنا شديدا وبدأ عليه الاسف جليا , وقال بلهجة متعذرة وهو يمشي ناحيتي على تلك الارضية الرمادية التي وضعتُ نظراتي عليها : " أسف يا صغيرتي , لقد نسيت ذلك تماما "
رفعت نظراتي إليه بندم , كان الارهاق يتكأ عليه , كان يبدو في حالة فضيعة من التعب , سكنت ورحل عني توتري عندما رأيته يضع طعام الإفطار على الارض , ويدعوني بوجهه البشوش .
بعد انتهائنا من الطعام , ذهبت للاستحمام قبل ان نغادر , فذياب اخبرني اننا سوف نستقل الحافلة للذهاب إلى أقرب سكة حديدة والتي لا تبعد عنا إلا مسافة نصف ساعة من الزمن بالحافلة
ارتديت ثوب ازرق اللون مع حجاب ابيض , كان الثوب قبيحا بشكل لا يصدق , لا يناسب ذوقي في الملابس ابدا , فهو قد اعطي لي عندما كنا في الملجأ لأننا لم نكن نملك أي الملابس في ذلك الوقت
طردت الذكرى عني , فيالبؤس تلك الايام , فتخيلها تعود إلينا يجعلني أتيبس من الرعب , كانت أشد رعبا من تشردنا هذا , كان خوف الاصابة بالمرض رعبا يطوف بالجدران ويلتصق بنا , كنتُ اشدُ رعبا من ذياب بأن يصاب احدنا به , كنت خائفة من فقدانه, خائفة من رؤية ذلك الوجه الصلب الحنون يذبل أو يختفي , وكم كنت اتمنى لو انني اموت قبل ان يصيبه أي مكروه .
خرجنا من ذلك المكان الذي لا اتمنى العودة إليه
وجلسنا ننتظر وصول الحافلة ويبد انها ستتأخر قليلا على حد قول احد الرجال المنتظرين معنا
كانت الشمس في كبد السماء , وكانت حرارتها تحرق , لم يكن الطقس حار بل كان ناعما وهادئا مع وجود صخب الناس من حولنا والارض الصحراوية القاحلة
كان هناك مجموعة من النساء متجمعات تحت اشعة الشمس في مكان قريب منا , كُنا يلبسن الالوان الداكنة ومنهن الجالسات والواقفات
كنتُ اقف بالقرب من ذياب وملتصقة به , التفت إليّ وامسك بيدي يشد عليها
في هذه المرة كانت يدي هي الباردة ويده هي الحارة , لسعتني حرارته , حتى احسست انني اريد المطالبة بالكثير من الدفء منه
التقت الاعين ببعضها , ابتسم ذياب ابتسامته التي تذيب الجليد بداخلي , وتجعلني اتخدر من الخجل , ابتسامته التي ترفعني إلى عالم يتواجد فيه هو فقط
حاولت رد ابتسامته تلك والتجاوب معه على غير العادة , اخباره انني بخير وأنني لا اشعر بالخوف , وانا معه وانني اريد التشبث فيه إلى الابد , حرك شفتيه بهمس اسمعه انا فقط : " عزيزتي أيمكنك الوقوف مع هؤلاء النسوةِ , سأذهب قليلا واعود "
وأشار بعينيه إلى تلك الجهة الصاخبة بأصواتهن
قطبت جبيني , واعدت نظراتي التي حولتها إلى ذلك المكان إليه , شددتُ على اصابعه المتعلقة بأصابعي تأكيدا على رفضي القاطع بقبول ذهابه
عيناه السوداويتين كانتا تحاولان بإلحاح لطيف طمئنتِ , ومعانقتي واشعاري انه لن يتأخر كثيرا
قوست شفتيّ غير راضية عن ذلك .... ولكن قد يكون شيء مهم , ما بالي هكذا لا أريده ان يتركني لثانية واحدة , يا إلهي حقا اني سخيفة , وخوفي ما هو إلا مبالغة , اعدتُ شفتاي إلى وضعهما الطبيعي وهززت رأسي قبولا .
جلستُ بالقرب من التجمع النسائي , على الرصيف , وقدماي على طرف الشارع ملتصقتان ببعضهما , وذراعيّ تطوقانني
الوجوه بألوانها واشكالها , بعيونها الواسعة والضيقة , بتواضعها وتسلطها كانت تحدق بي وتحدق ببعضها
وفي كل مرة أرفع فيها نظراتي إلى الاعلى تلتقي بأحدها , فاخفضها إلى الاسفل انزعاجا منها
لم أكن اجتماعية قط , ولم أكن أحب النظرات التي يسترقها البعض لي
فنظرات النساء لا تختلف بتاتاُ عن نظرات الرجال في هذه اللحظة , فكلها تبعث عن الفضول
ولم يكن منظر الناس يروق لي , أشعر وكأنني في مكان غير مكاني , واشعر بعدم الامان والغربة الشديدة
والكره العميق لهذا الحال الرديء , والاصوات العالية البغيضة , والأناس القذرين الذين يمشون سيرا وذهابا بهندامهم الغير مرتب والبعض منهم تغطيه القذارة بشكل ملفت.
كل شيء في تلك اللحظة أشعرني بالسقم والفوضى
رفعت بصري للحظة فتلاقت عيناي بعينا سيدة كبيرة في السن تلبس عباءة سوداء لا يظهر منها إلا يديها المتجعدتين ووجهها الاسمر الذي خط عليه الزمن خطوطه , كانت تحمل عيون سوداء كبيرة تحيط بهما التجاعيد من كل الجوانب وفم صغير مزموم
كانت تنظر إلي بتفحص
لم تكن نظراتها رقيقة مطمئنة
كانت كريهة تشعر المرء وكأنه تحت ضغط شديد
ابعدت نظراتي عنها بقلق وتوتر
نفضت ملابسي من الغبار الذي علق بها , وانا أقف لأمشي وابتعد عن ذلك المكان الخانق
أمشي على الاسفلت المغبر والذي تملئه الحفر , وعيناي تتبعان خطواتي
وارفع نظراتي من حين إلى أخر , لأتفقد طريقي وأحاول عدم الابتعاد كثيرا عن مكان النسوة
مشيت إلى ان وصلت بالقرب من بعض البقالات , كانت البقالات قديمة متكسرة ومهترئة بسبب ما جاءها من الطوفان , ورائحتها العفنة تشم من بعد ميل
لم تكن تسمع تلك الاصوات الصاخبة في تلك الجهة التي وصلت إليها , ابتعدت قليلا عن البقالات وانزويت في مكان ارى فيه الناس ولكنني لا أرى منه
وجلست ويديّ تحتضنان وجهي وعيناي سارحتان في اللا شيء , انما تنظران بعيدا إلى عمق غير مرئي .
تعكرت الاجواء فجأة , وانطلقت الصيحات الصاخبة الهلعة , عند سماع صوت طلقات نارية متتالية , تيبستُ مذعورة في مكاني , وازدادت حرارة الجو حتى وصلت حد الاختناق
نظراتي تتسارع كأنفاسي في النظر بتوجس حولي فلا يوجد حولي إلا الرمال والابنية المتصدعة , والغبار المستنشق للهواء وصخب الناس المنطلق
وقفتُ .. وبللُ العرق يلتصق بي , وأنا أرى على مد البصر على مسافة قريبة مني الحافلة التي انحشر فيها فوج من النساء والرجال من غير مراعاة , يتدافعون ويسقط بعضهم فوق بعض ويضرب الواحد منهم الاخر , وصراخهم وضجيجهم يعبر عن رعبهم الشديد فالكل يريد الفرار بنفسه
التيبس لا يزال يحشرني بين زواياه , والرعب يوصل صخب دقات قلبي المتسارعة إلى حنجرتي
حاولتُ التحرك واللحاق بالناس وفعل ما يفعلونهُ وركوب ذلك الباص الابيض القديم والذي فقد بعض اجزاء نوافذه
ولكن اوقفني انغلاق الباب وقد ابتلع جزء كبيرا منهم واطاح بالجزء الاخر إلى خارجه , واسرع منطلقاُ , سرعته كانت بطيئة بسبب ثقل ما يحمله , انحرف قليلا وهو يهتز تحت بعض الاحجار والرمال الخفيفة و يتوجه نحو الشارع الرئيسي , ولكن وفي حين غرة منه وبسرعة كالصاروخ , اختطفتهُ شاحنة حمراء تحمل اطنان من الحديد فوقها , لتقلبه أمامها وتنقلب معه في حركات سريعة خاطفة , ويرتفع الغبار والدخان , ويصرخ الضجيج , وتتطاير الشظايا وتتبعثر الاشلاء وتتساقط الحمولة وتهتز الارض من تحتها.



نهاية المعانقة التاسعة عشر




غلا الذهب 14-12-14 06:01 PM

رد: أرواح متعانقة
 
اللهم صل على محمد صلى الله عليه وسلم

ارنوبة 17-02-15 12:06 AM

رد: أرواح متعانقة
 
اللهم صل وسلم على نبينا محمد...... ماشاء الله رواية رائعة

bluemay 11-08-15 06:21 PM

رد: أرواح متعانقة
 
تغلق إلى حين عودة الكاتبة


الساعة الآن 06:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية