منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t173929.html)

نيو فراولة 13-03-12 05:41 PM

3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
3- زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة

الملخص


ماذا تفعلين هنا بحق السماء ... اليانور ؟ على ما تفتشين يا امرأة ؟ لماذا تطوفين بالقبو خلسة ؟ما هذا العمل الجنوني ؟ هل انت مجروحة ؟ساعدها على الوقوف وهي متراخية كليا ، أدوار ارجوك لا تصرخ بي رأسي يؤلمني ! يجب ان يؤلمك هناك كدمة بحجم البيضة فوق جبهتك .
حملها بين ذراعيه ، استطيع ان أمشي ، قالت بوهن وهي تلقي برأسها الى كتفه وتشعر بالدوخة تغلبها وبعد قليل أحست بتحسن واضح وهي مستلقية اعلى الاريكة ، لم تنتبه اليه يتصل هاتفيا بالطبيب ، أقبل اليها يضع على جبهتها منشفة صغيرة مبللة بالماء البارد ، شعرت بسعادة فائقة وهو يهتم بها وبقيت دون حراك ، نزل ادوار بعد ذلك الى المحل ليحكم إغلاقه وحين عاد سألته قائلة : لم اتوقع عودتك هذا المساء ، لحسن حظك أنني انهيت عملي بسرعة وعدت هذا المساء وإلا لبقيت على سلالم القبو دون مساعدة ، لا كان بإمكاني النهوض لقد إنزلقت عدة درجات قط ربما تعثرت بشيء ما..

عطني روحي سيدي 14-03-12 04:32 AM

وااصلي ياامبدعه بين عليها حلووه

نيو فراولة 15-03-12 11:23 AM

1-يقول توماس كارو عن الهروب قبل فوات الأوان : ( إن الذين يقهرون الحب هم الذين ينجحون بالفرار منه قبل الوقوع فيه ) لكن أليانور فارس لم تتخلص كليا من صدمتها عندما وقع الذي أحبته في هوى اختها... والزواج على الأبواب !

اخرج سائق التاكسي الحقائب من مؤخرة السيارة بينما كانت اليانور روز فارس تجيل طرفها في ارجاء البيت امامها وقد إزداد حماسها ، غادرت منزل والديها هذا الصباح بعد ان هيأتها والدتها وشرحت لها شرحا وافيا تفاصيل المنزل المدعو بريوري لودج وجماله ، القسم القديم منه مبني على الطراز الأليزابيتي فوق مساحة شاسعة تمتد حوالي الخمسة آلاف متر في بقعة منعزلة من منطقة ساري وها هي الآن أمام البيت الذي ستمضي فيه عطلة غير متوقعة...
سعل السائق بلطف يحاول أن ينبهها إنه لا يزال ينتظر اجرته ليرحل ، أدخلت اليانور يدها في حقيبتها المعلقة بكتفها ونقدته الأجرة وراقبته يعود ببطء الى الطريق العام.
بدات أليانور تتفحص المكان برمته ، الحديقة المليئة بالأزهار المتفتحة والعشب الأخضر المنسّق والأشجار الباسقة التي تحيط بالسور الخشبي ، تركت أليانور حقائبها أمام المدخل الرئيسي للبيت ومشت الى طرف السور ومالت تنظر خلف الجدران التي ظللتها الأشجار ، إنه شهر أيلول / سبتمبر لكن الحرارة شديدة كأن فصل الصيف في منتصفه ، خلعت أليانور سترتها ورفعت أكمام قميصها القطني وأمسكت بقبعتها الكبيرة ولوّحت بها قرب وجهها كأنها مروحة ، إقترب من السور حصانان كانا يسرحان بأمان قرب الأسطبل المخصص لتربيتهما في الطرف الآخر من الحديقة الكبيرة المحيطة بالمنزل.
منتديات ليلاس
وضعت أليانور يدها تحت ذقنها وهي تفكر بما تركت وراءها من مشاكل في منزل والديها .... ستتزوج شقيقتها كاتي بعد سبعة أشهر وستكون هي الإشبينة في حفلة الزفاف ، لكن الزمن كفيل بتضميد جراح قلبها ، فمع الوقت ستعتاد لفكرة زواج شقيقتها من غاي سلايد ، تذكرت أليانور أول مرة إلتقت غاي وكيف إنجذبت اليه على الفور كما أحست انه إنجذب اليها ، وإضطرب قلبها وهي تتذكر شعورها اللذيذ الدافىء .... طلبت عندئذ من غاي مرافقتها الى حيث تعيش مع عائلتها في بيت والدها رجل الدين ، لكن حين وقع نظره على شقيقتها وقع في غرامها ، كان حبا من أول نظرة.... شاهدت اليانور الحصانين يقتربان منها أكثر وهي واقفة قرب سور الحديقة.
شعورها الحقيقي نحو غاي لم يخف على والديها كما تمنت لأنهما شكّا في الأمر وإقترحا عليها القيام برحلة الإستجمام هذه.... تذكرت كلمات غاي وهو يودعها في محطة يورك قبل أن يتحرك القطار وهو يقول أرجو ان لا تنسينا ).... الم تكن غاية رحلتها نسيانه ...لم تعرف إذا كان عليها ان تضحك او تبكي ، لو صممت أليانور أن تبتعد عن طريق الحب في المستقبل ولن تسمح لنفسها بتكرار ماساتها مرة ثانية ، فهي شديدة الحساسية وجرحها اليم.
صعدت درجة فوق خشبة السور ومدت يدها وربتت على رأسي الحصانين... ولما لم يجدا في كفها ما يؤكل نفخا بإستياء ظاهر.
" لا بأس ، عندما احصل على ما يؤكل سأطعمكما...".
مشت عائدة ببطء الى المدخل الرئيسي وقد حملت سترتها فوق كتفها ثم نظرت الى الجرس فوق الباب الخشبي الكبير وضغطت باصبعها عليه ، نبح كلب من الداخل وسمعت صوتا بعيدا لجرافة مخصصة لقطع الاعشاب ونعق غراب كبير أسود وهو يطير من داخل شجرة اللب الكبيرة القريبة من المدخل ، عاودت قرع الجرس من جديد ولكن أحدا لم يسمع رنينه كي يفتح لها.
" اللعنة ! ربما هم في المحطة لإستقبالي".
تذكرت أليانور ان عجلة سيارة غاي قد ثقبت وهو في طريقه لإيصالها الى محطة القطار ما تسبب في تاخرها عن موعد سفرها حوالي الساعتين ، لم تعرف اليانور ماذا ستفعل الان ، ترددت قليلا وهي تدور حول المنزل من الباب الخلفي ، إقتربت من شجيرات الأوركيديا ووقفت تستمتع بجمالها ونسيت أنها تفتش عن شخص يفتح لها الباب .... نظرت عبر النافذة وتفحصت الأناقة الداخلية للمنزل الفخم ، تذكرت أن احد أفراد آل مانسل يعمل في تجارة الأثريات ورأت من النافذة مكتبا فخما من خشب الورد وخلفه شاهدت مقعدا جلديا وثيرا وعلى الرفوف فوق الحائط الكتب والمجلدات ، تراجعت أليانور وهي ترى صورتها تنعكس في زجاج النافذة وقد بدا شعرها البني الطويل دون ترتيب ... إجتازت مئتي ميل في القطار وهي عطشى وتحتاج لبعض الشراب او فنجانا من الشاي...
تابعت سيرها ووصلت الى حديقة صغيرة قرب المطبخ حيث وفي الطرف الجانبي بيت زجاجي معد لتربية الخضار ، السور الخشبي يرتفع حوالي الستة اقدام ، نظرت اليانور فوقها الى شجرة التفاح وقد تدلى من بعض أغصانها ثمر التفاح الشهي كأنه يدعوها للأكل ، صعدت السور بسهولة وتسلقت بعد ذلك اغصان الشجرة ثم إستقر على غصن من أغصانها وقطفت تفاحة شهية ومسحتها بثيابها وقضمت منها قضمتها الأولى قبل ان تنزل... نظرت من فوق الشجرة ورأت أن شرفة صيفية تقع تحتها مباشرة وقد رصت فوقها بعض الكراسي الحديدية والطاولات الصغيرة المخصصة للشرفات ، طارت دويبة صغيرة لها في مؤخرتها ما يشبه المقص قرب أذنها مما أزعجها كثيرا ، ضربتها بطرف أصابعها تحاول إبعادها وبدأت تستعد للنزول ولكنها تسمرت في مكانها وهي تشاهد كلبا كبيرا يدخل الشرفة ، نبح الكلب نباحا حادا وإذا بها تسمع صوت رجل يناديه وينهره:
" إصمت يا سايكس".
إقترب وقع الأقدام من الشرفة وكوّرت أليانور نفسها بداخل الشجرة وإختبأت بين أوراقها وقد بدا قلبها يضرب بقوة ، اغمضت عينيها كأنها تقول في نفسها : ( إذا كنت لا أراهم فهم يروني!).

نيو فراولة 15-03-12 11:24 AM

سمعت إسمها في المحادثة... كان صوت انثوي حانق يقول:
" اف ، لم نوفق بلقاء اليانور فارس ، لماذا؟".
قال صوت الشاب الضجر:
" انت لم تتأكدي من موعد القطار يا شقيقتي الصغيرة ".
" أدوار! لا بد أنها قريبة من هنا وإلا كيف تفسر وجود حقائبها أمام البيت ؟ لقد ضقت ذرعا بالفتاة حتى قبل ان أراها ، لماذا تدعو والدتي بعض المشردين والضالين وعليّ إحتمال وجودهم ؟ ربما هي فتاة جلفة وشنيعة ، وصلبة وتتكلم حتما بلهجة أبناء الشمال الكريهة.
" كم أنت متعجرفة يا فانيسا ، أذكر أن والدتي قالت أن السيد هيلاري فارس إلتقى زوجته وهما في جامعة اكسفورد فربما لا تكون لهجته شمالية كما تتوقعين وكذلك لهجة إبنته ... ثم بعض الأشخاص يتكلمن بلهجة شمالية محببة".
" أنا واثقة بأنك تملك خبرة وفيرة في هذا المضمار ، انت دائما تتهرب من ترتيبات والدتنا بلباقة ، ( نظرت اليه بإهتمام ) ولكن ما الذي عاد بك الى هنا في عطلة هذا الأسبوع؟ هل حضرت لرؤية صديقتك الآنسة موفات؟".
" أنت لا تعتقدين أن الضيفة الجديدة ربما تثيرني؟".
" لا أعرف ، ربما تسليك بعض الوقت ، أنت تغير فتياتك بسرعة فائقة وربما تخاف ان تعلق بإحداهن ... إعط الفتاة فرصة فربما تتذكر فترة بقائها بيننا... بعض الذكريات الجميلة ... هذا إذا وجدناها ، إنها تغيير محبب لما إعتدته من فتياتك السابقات ، هي ولا شك بريئة ومهذبة وقليلة الخبرة أو متخلفة ورجعية أو ما شابه ! ".
" لا أعرف ، قلت لك سابقا : أبقي أنفك بعيدا عن حياتي الخاصة وغرامياتي ".
" عزيزي سأفعل ذلك لو إستطعت ، فانت محبوبة بين الفتيات وجميعهن متحمسات ليتعرفن الى شقيقي الأسمر الوسيم الطويل الأنيق .... ثم الا تستطيع أن تستعمل كلمة اخرى بدلا من غرامياتك؟".
" مهلك يا شقيقتي قبل ان أدير الحراب الى نحرك ... فانت تخرجين في هذه الأيام مع فيليب نولان".
" وماذا في ذلك ؟ إنه شاب ممتع ومهذب ويساعدني في بعض شؤوني ".
" ولكنه أكبر سنا من معظم اصدقائك .. أتمنى أن تكوني عارفة جيدا تصرفاتك ".
" ادوار ، هل أنت تهتم بأمري لأنني شقيقتك فقط؟".
" لا ، ولكنني أشك بان والدينا يوافقان عل تصرفاتك ، فيليب يكبرك بعشر سنين ويشتهر بالسرعة الفائقة في قيادة سيارته وتبديل فتياته".
" كم يلذ الحديث معك !؟".
" نحن نتكلم الان بصددك ، إن همست بكلمة واحدة في أذن والدتي فستعمد الى الحد من تصرفاتك الخرقاء ، ولكن كلانا يعرف مدى إنشغالها في الأعمال الخيرية واللجان الأخرى.... فإذا إكتشفت أن الأمر بهذه الأهمية ستوقف كل نشاطاتها ... لا تحرقي اصابعك يا فانيسا فأنت تلعبين بالنار!".
" آه لو تفهم أنني لم أعد طفلة صغيرة ( وقعت تفاحة قربها لكنها أكملت ) أنظر يا أدوار سأعقد معك إتفاقا : لا أتدخل بشؤونك وكذلك انت ".
" ها ! ها ! ".
" ألا تسمع ؟ قلت نعقد إتفاقا ...".
" لا إتفاق بيننا ..... ( سمع جرس الهاتف يرن وهتف ) لماذا لا تجيب ديفي على الهاتف؟".
" لقد رافقها سام الى طبيب الأسنان لأنها تشكو من وجع ضرسها ، ربما هي الزائرة على الهاتف تنتظر من ينجدها".
دخلا الى المنزل وبقيت اليانور في مكانها بضع ثوان وهي تفكر بما سمعت ، كانت لا تريد الحضور الى ساري ولكنها لم تكن تعرف أن مضيفيها لا يرغبون في وجودها ايضا ... الشعور بينهما متبادل ... صحيح أنها إبنة رجل دين محافظ وربما بريئة ولكنها ليست متخلفة وجامدة...
نزلت بسرعة عن الشجرة فرحة لأنهما لم يكتشفا أمرها ، امسكت بحقيبة يدها وملف الرسم من قرب السور وركضت بإتجاه المدخل الرئيسي للمنزل ، وحين وصلت وجدت أن حقائبها إختفت وقد بدت سيارة حمراء من نوع سيتفاير وأخرى فضية رمادية من نوع جنسن أمام الباب.
اخرجت اليانور نظارتها الشمسية ولبستها ووضعت قبعتها على رأسها بعد ان أدخلت شعرها تحتها ، اعادت ترتيب حمرة شفاهها من جديد وإصطنعت إبتسامة كبيرة قبل أنتقرع الجرس بثقة وإطمئنان.
فتحت لها الباب فتاة جميلة ترتدي بنطلونا رماديا انيقا ، مدت لها اليانور يدها تصافحها قائلة :
" أنا اليانور فارس وأنت بالتأكيد فانيسا ، كيف حالك ؟ لم نلتق في المحطة؟".
" اوه ، نعم ... أهلا وسهلا".
إضطربت فانيسا وهي تصافحها ، فلم تكن تنتظرها على هذا الشكل .
" لقد تأخرت عن موعد وصولي.... إنني سعيدة بلقائك".
" ارجوك ، إدخلي ، نحن نجلس على الشرفة ، الطقس لا يزال دافئا ...".
بقيت اليانور تثرثر وهي في طريقها الى الشرفة ، كانت تجيل بصرها في الأثاث الفخم واللوحات الزيتية الجميلة والسجاد الوثير والأواني الصينية اللامعة... قالت فانيسا:
" آسفة لحضورك في تاكسي الى هنا".
" لا لزوم لإزعاجكم ، من السها إيجاد تاكسي".
سمعت أليانور وقع اقدام بإتجاه الشرفة وقالت فانيسا في نفسها : لا بد انه الدون جوان ... الضجر ، قالت فانيسا:
" أدوار؟ هذا انت ؟ الآنسة فارس أقدم لك شقيقي أدوار".
قالت اليانور :
" تشرفنا ، أرجوكما ان تنادياني بإسمي : أليانور".
مدت يدها لتصافحه ، كان يرتدي ثيابا باهظة الثمن وربطة عنق من اللون الرمادي لكن أدوار ابقى يدها فترة أكثر من المعتاد بين يديه وهو يصافحها ثم قال:
" أنا سعيد لأننا أخيرا إلتقيناك ، سمعتك تشرحين لشقيقتي عما كابدت من إنزعاج بعدما ثقبت عجلة السيارة على الطريق".


نيو فراولة 15-03-12 11:26 AM

لقد إختفى ضجره فجأة ربما شكلها شل حركته ، وضع يده تحت إبطها وقادها الى الشرفة حيث ساعدها على الجلوس ، قالت اليانور:
" بينما كان خطيب شقيقتي كاتي يوصلني الى المحطة في يورك ثقبت عجلة سيارته مما تسبب في تاخير موعد وصولي...".
" هذا صحيح ، إجلسي وأرتاحي قليلا يا آنسة فارس وستحضر لنا فانيسا الشاي ، إنك تعبة بعد هذه الرحلة الطويلة الشاقة ( نظر الى شقيقته وامرها ) هيّا يا فانيسا ( خرجت فانيسا مطيعة وعلى الفور إلتفت اليها وسالها ) ماذا فعلت يا آنسة فارس بعائلتك التي كانت ترافقك؟".
" كيف؟ لقد حضرت وحدي".
" هذا غير صحيح ! كيف تخليت بسرعة عن طفلك الصغير والآخر الذي كنت تمسكين بيده...".
انزلت اليانور نظارتها قليلا وحدقت في عينيه الزرقاوين : إنه الرجل الطيب – جابر عثرات الكرام الذي إلتقته في محطة القطار.
سالته أليانور:
" هل جئت الى المحطة لإستقبالي؟".
" طبعا ، إنتظرنا كل قطار وعندما لم تحضري في القطار الموعود ، لم نر فتاة مسافرة بمفردها عادت الى البيت".
" آسفة ، لقد سافرت برفقة عائلة ، وبينما كانت الوالدة تجمع حقائبها ساعدتها وحملت لها أطفالها...".
تذكرت أليانور نفسها تمشي على رصيف المحطة تحمل طفلا بين ذراعيها وتمسك بالصغير الاخر بيدها ، كادت تسقط وهي تجر الولد بيدها لو لم يساعدها الشاب ذو العينين الزرقاوين الناعستين ويمسك بها بقوة قبل ان تسقط ، بقيت بين قبضتيه فترة وجيزة وهي تحدق بعينيه... ثم قال :
" إسمحي لي " وحمل عنها الصبي الصغير ... نظرت اليه أليانور وشكرته بكلمات مبتسمة لعينيه الزرقاوين وكان يقف أمامها مسرورا للقيام بواجبه في مساعدتها.... ثم رفع طرف قبعتها قبل ان تسقط عن رأسها .... وشعرت أليانور بحمرة تكسو وجهها لا تعرف لها سببا واضحا ، بدت كالبلهاء وهي تراه يبتسم للولدين قبل ان يتركها عل الرصيف، نظرت الآن الى العينين الزرقاوين المتسائلتين وتذكرت إحمرار وجنتيها خجلا وتمنت لو كانت تستطيع ان تنهض من مجلسها أمامه وتخرج هاربة ولا تعود... سألها:
" هل تحبين التمثيل على الناس دائما؟ هل انت ممثلة فاشلة؟".
" يا الهي، كلا، هذا ليس صحيحا".
" ولكنك تمكنت من تضليلي ...هل يروقك إزعاج الآخرين ؟".
" طبعا لا ".
نظر ادوار قربه الى التفاحة الملقاة ارضا ورفسها بحذائه فإنقلبت وبان له نصفها المقضوم ... ففهم على الفور ونظر اليها غاضبا وقال :
" كنت تجلسين في شجرة التفاح وتنصتين الى حديثنا : أنا وشقيقتي ...".
" صدقني انني إستمعت الى حديثكما دون قصد... ولو كان لي الخيار لفضّلت ألا اسمع كلمة... فهمت اشياء كانت غامضة بالنسبة اليّ".
" يبدو أن حديثنا أزعجك كثيرا".
حدقت اليانور فيه بإنزعاج وهي تفكر لنفسها : حين رأته في المحطة بدا وسيما جذابا ولم يزعجها وجوده قربها ، كان طويلا نحيلا يمشي بإتزان وهيبة وهو يرتدي الثياب الأنيقة ، صوته دافىء حنون وعيناه الزرقاوان الناعستان لا يفوتهما فهم أي شيء ، واثق من نفسه ومن تصرفاته الارستقراطية المتحضرة ، قالت أليانور بعصبية:
" أنا لا أظنك يا سيدي شخصا بسيطا وقليل التفكير والحيلة ويسرني ألا تعتقدني كذلك فهل أذكرك بحديثكما : فتاة متخلفة، متزمتة ، متشردة وضالة ولكنها بريئة ومهذبة...".
" أنت حساسة للغاية !".
سكنها مع عائلتها المحافظة جعلها حساسة للغاية أتجاه ما يتوقعه الناس من تصرفاتها الحسنة والبريئة ، إعتادت نظرة الناس لها على هذا الأساس ، وهي هاربة من بيتها تنشد الراحة في منزل بريوري لتنسى ماساتها ولتكشف الان أن الراحة المنشودة سراب في هذا المنزل ، كيف يمكنها ان تأمن جانب هذا الرجل ، ادوار ، أوتثق به؟
مشى أدوار ببطء نحوها وأزاح نظاراتها الشمسية عن عينيها وأمسك قبعتها بيده ورفعها عن راسها قبل أن تعترض اوتتفوه بكلمة وقال :
" اعتقد أننا نستطيع أن نرى بعضنا افضل بدون النظارات والقبعة ( إنسدل شعرها البني الطويل على كتفيها وأكمل حديثه ) لسوء لحظ أنك سمعت ما دار بيننا ، فانيسا تقول أشياء كثيرة لا تعنيها ( نظر اليها نظرة فاحصة وتابع ) شكلك الان أفضل بكثير".
وأزاح بيده خصلات الشعر التي لامست خديها.
" أرفض أن تسخر مني يا سيد مانسل ، ربما أكون بريئة ومتحفظة كما تعتقد ، لكنني لا اريد أن اتطور على يديك كما إقترحت عليك شقيقتك ...".
" شكرا لإعلامي بما تنتظرين مني".
شعرت اليانور بالدماء الحارة تجري مسرعة تكسو وجهها وهو يمعن النظر فيها من أخمصي قدميها لقمة رأسها ثم قال :
" شعوري بالشفقة نحوك تبخّر كليا .... لا يمكنك أن تتكهني ببعض الأمور على هواك ، وأنا مرتاح لأنني لا أستضيف ملاكا ... ولا اريد ان أقع في التجربة".
فكرت اليانور بقساوة كلماته الجارحة... لقد ذكّرها الان بأنها ضيفة.... وأنها تكلمت أكثر مما يجب ، صمتت تفكر بوضعها ، وإنقطع حبل الصمت بدخول فانيسا وهي تحمل صينية الشاي للجميع ، قدمت لها فنجانا وشكرتها اليانور بتهذيب ، قالت فانيسا:
" هل تتناول معنا الشاي يا أدوار؟".
" يسرني ذلك ( دهشت اليانور لإستكانته السريعة لطلبها بينما غضبت اليانور لبقائه وتمنت لو إعتذر ، أكمل أدوار كلامه ) فانيسا ، لقد خلعت ضيفتنا القناع عن وجهها ، رغبت أن تخدعنا لتجعلنا نعتقد أنها فتاة قروية خجولة .... وبعد ان خلعت نظاراتها وقبعتها بانت على حقيقتها ، لها رنة صوت موسيقية جميلة وهي ترطن بلهجة أهل الشمال ( قال ساخرا ) وعندما تسمع الموسيقى يختفي كل شر ! ".
قالت أليانور لفانيسا :
" شقيقك هو الذي يحاول أن يخدعك يا آنسة بكلامك هذا....".

نيو فراولة 15-03-12 11:27 AM

لم تفقه فانيسا الحوار الذي دار بينهما ، شربت أليانور الشاي ببطء وهي تحاول التعرف على كل ما يدور حولها ، وجدت من الصعوبة ان تصدق علاقة والدتها بآل مانسل ، والدتها الزوجة المكافحة والمدبرة والتي تبذل جهدها لتجعل من مدخول زوجها المتواضع ما يكفي العائلة الكبيرة ، كونستانس فارس وإيف مانسل كانتا صديقتين حميمتين ولم تنقطعا عن المراسلة لسنين عديدة ، أبقتا على صداقتهما منذ عهد الشباب وحتى الآن بالرغم من إختلاف طبقتيهما الإجتماعية... كانت إيف تدعو الفتيات الثلاث لزيارتها في بريوري ولكنهن لم يلبين دعوتها ابدا ، وفي رسالتها الأخيرة الى زميلة الطفولة كتبت إيف مجددا لكونستانس تجدد دعوتها وتمسكت أليانور بهذه الدعوة كما يتمسك الغريق بطوق النجاة ، كانت فرصة مؤاتية للهروب من مشكلة لا حل لها ، بدأت تحضر نفسها لتلبية هذه الدعوة وتنتظر موعد السفر بفارغ الصبر ... وها هي الآن ضيفة في منزل بريوري تشرب الشاي في الشرفة مع ولدي إيف مانسيل ... وكانت بداية سيئة للغاية.
" هل تريدين فنجانا آخر من الشاي؟".
" لا ، شكرا".
" حسنا ، سأحمل الصينية الى المطبخ ثم أعود لأريك غرفتك يا آنسة فارس ، تعتذر والدتي لعدم تمكنها من الترحيب بك لأنها مرتبطة بإجتماع لا يمكن تأجيله".
وبعد أن خرجت فانيسا الى المطبخ ، نظرت أليانور الى أدوار وقالت تعتذر:
" آسفة لما بدر مني !".
" انت لست آسفة ابدا ، لقد عشت لا تعرفين إلا التصرفات الحميدة ولا يمكنك أن تتصرفي خلاف ذلك ابدا ، أنت تخافين أن يوسوس لي الشيطان فأنقض عليك في عتمة الليل......".
ضحكت اليانور من كلماته الخفيفة وقد وجدت نفسها تحن اليه وتغفر له بدلا من ان تكرهه ، أبعدت نظراتها عنه وحاولت أن تغير مجرى الحديث وقالت :
" ما أجمل هذا البيت ، وما اجمل حديقته ، المناظر المحيطة بالمنزل خلابة......".
ثم أضافت بتوتر ظاهر:
" مهما كان تفكيرنا في بعضنا ...".
" نعم ، يسرني أن أسمع رأيك بي بعد معرفتنا القصيرة ... ربما لن تطلعيني على رايك الصريح الان ، ولكن لا بأس ، لدي شعور بانك ستخبريني رأيك مع الوقت....".
" أنت فاسد تماما!".
" نعم ، أنت على حق ! هيا إنك تتمتعين بروح مرحة ولا يمكنك أن تبقي جامدة ومتكلفة لفترة طويلة ، لقد لمحت إبتسامتك وهذا ما شجعني على التمادي في الحديث( وقف أمامها وأكمل كلامه) هل نتفق على نسيان هذه البداية الخاطئة ؟ اعتقد انك تحتاجين للراحة قليلا وغدا تعتادين علينا وربما ترين الأمور على حقيقتها وتتناسين ما حصل".
" هل تفرض نفسك دائما على الفتيات يا سيد مانسل؟".
" تقريبا ، ربما هنا يكمن الخطأ... وفانيسا شابة طائشة ولكنها ليست خبيثة ، ربما ستجدين فيها صديقة ممتعة لو حاولت كسب صداقتها ، إنها تدعوك الآن لتريك غرفتك... بالمناسبة إسمي ادوار وعليك ان تخاطبيني به وتتركي الشكليات جانبا ، لن تجدي صعوبة في ترديده.".
" لا ! إنه أسم سهل ( قالت ببراءة) لدي ضفدع صغير أربيه وإسمه ادوار( وإبتسمت له إبتسامة صادقة ووقفت لتذهب الى داخل المنزل )".
" لحسن حظي أنني لم اكن حية.....".
ديفي هي الطباخة ومدبرة المنزل منذ سنوات عديدة في خدمة آل مانسل ، كانت تتالم من وجع ضرسها يوم حضرت اليانور ، أحبتها ووجدت في دفء قلبها وحنانها تعويضا عن حنان والدتها الذي إفتقدته منذ غادرت البيت ، وقد بادلتها ديفي شعورها الحنون وشجعتها على زيارة المطبخ كلما رغبت ، اما زوجها سام فهو يقوم على خدمة الحديقة والمزروعات والإهتمام بالحصانين ويستطيع التنبؤ باحوال الطقس ببراعة ودقة.
وجدت اليانور في المكتبة المرصوصة بالكتب العديدة أكبر سلوى لها فترة بقائها في منزل بريوري ، كانت تمضي الساعات جالسة في الكرسي الجلدي الكبير وهي تطالع روائع الكتب وتطرد عن نفسها الشعور بالممل أو الوحدة ، وعندما كان الطقس يسمح بالخروج كانت تتسلى أليانور بالرسم ، ومن المؤسف أنها لم تتوصل لصداقة فانيسا ... كيف يمكنها أن تقرب منها بعد ان سمعت رايها الصريح يوم وصل : إنها ضيفة مضجرة ... كانت فانيسا تعامل أليانور بإحترام وإستعلاء وبالتالي عزة نفس اليانور منعتها من إستجداء رفقتها بالرغم من أنهما في عمر واحد – تكبر اليانور فانيسا بستة أشهر فقط وربما كان من السهل وجود بعض القواسم المشتركة بينهما...
جيمس مانسيل هو رب العائلة ومؤسس شركة طيران مانسل للنقل الجوي ، اشيب مهذب وصادق ومحترم، تقليدي في تصرفاته وقد وجدته اليانور لطيف المعشر وشهما يشبه في شكله صورة الفنان أدوار الغار المعلقة على الحائط في قاعتهم في يورك.
إيف مانسل ربة المنزل سيدة محترمة تعيش حياتها من اجل الآخرين ، إنها معطاء في أعمال الخير والجمعيات الإجتماعية ، تركض ذهابا وإيابا ثم تحضر في أوقات الطعام لتلتقي بقية أفراد العائلة ، ورحبت بوجود اليانور مهتمة بأحوال ضيفتها كي توفر لها المتعة أثناء إقامتها بينهم ،كلما التقتها تذكرها بأنها تشبه والدتها كونستانس كثيرا وتظهر لها كل محبة والفة.
فانيسا شابة نشيطة كلها حيوية ، جذابة فاتنة ، شعرها بني قصير يحيط بوجهها المستدير بشكل لطيف ، أصدقاؤها وصديقاتها كثيرون وشديدة الأناقة في ملبسها وتصرفاتها ، وتجيد إنتقاء الثياب لكل مناسبة ، جسمها نحيل وصغير ومتناسق مما يساعدها في اناقتها ... ومع كل ذلك كانت اليانور تشعر بأن فانيسا ليست سعيدة ...ربما لأنها تحب فيليب نولان وهو لا يبادلها شعورها ... ربما حالها مع فيليب يشبه حال أليانور مع غاي سلايد...

نيو فراولة 15-03-12 11:28 AM

أدوار الحاضر الغائب ، ياتي الى المنزل ويغيب عنه دون سابق إنذار ، لم تره منذ اليوم الأول ، فأعماله كثيرة في المدينة ، يدير شركة طيران مانسل للنقل الجوي ولديه محل لبيع الأثريات تشاطره شقيقته ووالدته الإهتمام به ، حياته الخاصة بعد الإنتهاء من عمله اليومي شأنه الخاص ولا أحد يتدخل بها ، من وقت لآخر تظهر صوره في المجلات الأسبوعية في صفحة الإجتماعيات بصحبة فتيات جميلات مما يؤكد انه ليس ناسكا عفيفا ، نظرتها الأولى اليه جعلتها تشعر كأنها طفلة صغيرة فهو صارم ومتعجرف وودت أليانور لو تبتعد عن طريقه قدر المستطاع لن قربه يزعجها كثيرا ووجوده في المنزل يربك تصرفاتها ، حين يحضر يشعر الجميع بوجوده لكنها لا تشعر براحة معه ولا ترتاح لصداقته ، حاجباه كثيفان وسوداوان ومتباعدان ولا يطمئنان ، إسمه ضمن لوائح الدعوات لمعظم المدينة فهو أعزب وفي الثلاثين من عمره ، متزن ووقور ومحترم وفاحش الثراء.. إنه حلم كل فتاة في سن الزواج!
كانت اليانور ترسل رسالة الى أهلها كل اسبوع تخبرهم بأحوالها وتطمئنهم عن أخبارها ، والدتها كونستانس تجيب دائما على رسائلها وتخبرها ثرثرات العائلة والقرية وتشرح لها الترتيبات لزواج شقيقتها ، رسائل والدتها محببة ومليئة بالعاطفة الحقيقية التي تحتاجها في غربتها.
بعد ثلاثة اسابيع من وصول أليانور الى منزل بريوري ، مساء يوم الجمعة ، حملت رسالتها لتضعها في مركز البريد الذي يبعد قليلا عن البيت ، إرتدت أليانور معطفها ووضعت الرسالة في جيبها ومشت تحث الخطى ... وفي طريق العودة وقفت فوق الجسر الصغير تحدق في ضفة النهر الأخرى وتتأمل الحياة على الجهة المقابلة في ضوء القمر ، تذكرت اليانور النهر في قريتها وسرحت بذكرياتها وشعرت بحنين لمنزلها واهلها ، فتشت في جيوبها عن منديل تمسح به دموعها ، تذكرت المكالمة الهاتفية مع والدتها منذ قليل ، تذكرت حنان امها ، تذكرت بعد ذلك شقيقتها كاتي وهي تكلمها بحماس عن زفافها وتشرح لها بالتفصيل ثوب الأشبينة .... ثوبها هي...
كانت لا تزال سارحة في أفكارها حتى أنها لم تلاحظ وصول سيارة مسرعة كادت أن تدهسها.... وتوقفت السيارة فجأة بعد أن مرت بها ... خرج شاب طويل اسمر من السيارة... وحين عرفته خافت من نظراته القاسية ، إنه أدوار ، حاولت أن تعتذر لوقوفها فوق الجسر الضيق ولكنه لم يترك لها المجال لتتكلم بل قال:
" هذا الجسر غير مناسب لتقفي وتحلمي فوقه".
" آسفة لم يكن هناك خطر حقيقي... أليس كذلك؟".
أخذ أدوار نفسا مسموعا كمن ضاق صدره ونفد صبره وقال :
" انا أعرف الطريق جيدا ولكن الجسر ضيق ومخفي تقريا ... ماذا كنت تفعلين؟".
" أناجي الطبيعة.
" يمكنك مناجاة الطبيعة في مكان أكثر أمنا في المرة المقبلة".
" لم أكن أعلم انك ستحضر في عطلة الأسبوع".
" أنا لا أعلن عن تنقلاتي عادة".
مشى ادوار أمامها الى السيارة وفتح لها باب المقعد الأمامي وقال:
"إدخلي الآن ، آسف لأن المقعد الخلفي مليء بالأغراض".
" أوه ، لا بأس ولكنني اريد أن أمشي".
" كما تشائين ، سيرافقك هيو الى البيت فالوقت متأخر لتتمشي منفردة ، في المرة المقبلة يمكنك إصطحاب احد الكلاب ( ونظر الى صديقه يعرفها اليه وقال ) هيو هذه ضيفتنا أليانور فارس وهي تحب مناجاة الطبيعة....".
" لا شك أن ذلك ممتع للغاية ( خرج هيو من السيارة ليمشي معها)".
قالت أليانور بإرتباك:
" لا حاجة.... أؤكد لك".
أمسك هيو بيدها برقة وقال في لهجة ودية:
" عندما يأمر أدوار نطيع يا آنسة فارس... كيف حالك هنا؟ انا هيو لاتيمر وأستطيع ان اتمتم الحقيقة في أذنك : أنا مسرور جدا لأمشي برفقتك بقية الطريق".
ضحكت اليانور بسهولة ووجدت الحديث مع هيو ممتعا وقالت:
" اشكرك ( إبتسمت له ثم أمسكت بذراعه وتابعت كلامها) هل ستمضي العطلة الأسبوعية معنا في منزل بريوري؟".
" بل سامضي أسبوعا كاملا في الراحة والإستجمام ، أستطيع هنا ان أنسى مشاكل المكتب والعمل واسترخي في هذه الأجواء الممتعة وأنا محظوظ لوجود صديق يستضيفني عنده مثل ادوار...".
" هل أنتما صديقان منذ زمن طويل يا سيد لاتمير؟".
" منذ سنوات الدراسة الثانوية... وبما أننا ضيفان في هذا المنزل فإسمحي لي ان أناديك بإسمك وأنت تناديني بإسمي دون رسميات".
" حسنا".
لم يكن هيو شابا طويلا ولكنه يزيدها بقليل ويلبس نظارات طبية ، أملس الشعر وسهل المعشر ولطيفا ، سالها:
" اين إنتهيت في تفكيرك؟".
" هل بدا علي التفكير الجدي؟ حقا كنت افكر كم انتما مختلفان : اعني انت وادوار، مع أنني لا أعرف ايا منكما معرفة جيدة...".
" تعنين أنه الشاب المصقول القاسي النظرات والأنيق الثياب وانا الشاب السهل المعشر والبسيط... إنه تجاذب الأضداد ( نظر اليها متسائلا وقال ) بماذا كنت تفكرين وأنت تناجين الطبيعة.......؟".
" إشتقت لأهلي .... تمنيت لو كنت فوق الجسر في قريتي يورك ...".
" انا اعرف المنطقة معرفة جيدة".
" هل تعرف راي دايل".
وشرعا في الحديث حول قريتها وعائلتها بسهولة وبساطة ، قالت:
" والدي هو رجل دين يهتم بشؤون أربع قرى بالإضافة لقريتنا ".
" تعيشين في بيت عائلي سعيد يصعب الإبتعاد عنه ... ولكن على الإنسان أن يفتش عن شخصيته الحقيقية بعيدا عن العائلة وأن يفكر في مستقبله وإستقلاله ... وأنت تعيشين مع عائلة مؤلفة من ثلاث فتيات...".
" نعم ، مسكين والدي ، عددنا كبير ، مسؤوليتنا كبيرة ، انا أكبر اخواتي ، كاتي في الثامنة عشرة من عمرها بينما دوروثي في الرابعة عشرة".

نيو فراولة 15-03-12 11:30 AM

وصلا الى الباب الخارجي لمنزل بريوري ونظرت اليه أليانور فزعة وقالت:
" لماذا تركتني اتكلم طوال الوقت ، إحتكرت الحديث وحدي ولم اترك لك فرصة لتتكلم عن عائلتك ( فتح هيو لها الباب وإنتظرها لتدخل ، إبتسمت له شاكرة )".
"هناك القليل يقال عن عائلتي ، آل لاتيمير هم قلة في الوجود ، هناك جدتي التي تعيش في ديفون ، ولهذا السبب تراني متعلقا بهذا البيت الكبير ".
" العائلة تفترق بعد حين وهذا لا يمكن تفاديه فالأمور تتغير ، شقيقتي كاتي ستتزوج قريبا وستغادر المنزل العائلي وأنا افكر في البحث عن عمل...".
" ولكن الرابطة العائلية لا تنفصم بسهولة ... ماذا ستعملين؟".
" لا اعرف ، أنا لست مدربة على عمل معين أتقنه... وهذه هي مشكلتي ، إلتحقت بكلية الفنون سنة واحدة وإضطررت للتوقف عن دراستي بعد أن المّ مرض بوالدتي ، عدت الى البيت لأشارك في أعباء المسؤولية ، لم تكن تضحية من جانبي بل رغبت في مشاركة العائلة آلامها... شقيقاتي يصغرنني سنا وكن لا يزلن في المدرسة الإعدادية ، أيقنت أن بقائي بعيدة عن البيت لن يفيد في متابعة دراستي لشدة قلقي على والدتي وإنشغال بالي على سلامتها".
" وكيف صحتها الآن ؟".
" الحمد لله ، إستعادت كامل صحتها ، منحوني فترة إستراحة طويلة كي أتخذ القرار الصحيح لما أريده لمستقبلي".
" ألا يمكنك متابعة دروس الرسم في كلية الفنون؟ هل لديك موهبة في الرسم؟".
" ربما لدي بعض الموهبة ولكنها تحتاج للصقل لم أهمل دراستي ابدا ، كنت ارسم دائما بناء على توصية أحد اساتذتي في الكلية ، الذي أصر على رؤية رسومي بإستمرار إنني احترم رايه فقد شجعني على المتابعة ، وكما قلت لك ربما لدي موهبة ولكنها غير كافية في ميدان الفن حيث المنافسة على أشدها... إكتشفت أنني لا أريد العودة الى الكلية من جديد ، ولقد تغيرت عما كنت منذ سنتين...".
" لا تستعجلي قرارك بعد ، خذي الوقت الكافي للتفكير ( وقف أمام الكلب قليلا وقال ) علينا ان نترك المجال لسايكس كي يتعرف الينا ويقبلنا كصديقين له ، انا شخصيا أفضل القطط وأظن أن سايكس يشعر بذلك ".
" إنه كلب ضخم أليس كذلك ؟ ولكنه متعجرف ولديه نظرة أرستقراطية وأنا أجده مرعبا".
" صحيح ، هناك شخص يؤثر علي بالطريقة نفسها".
" لدينا في بيتنا كلب صغير ويحب الدلال ، سايكس لا يقبل بأي تدليل".
" أنا أفضل الكلاب المدجنة ... الحياة صعبة بما فيه الكفاية فلماذا نزيد على أنفسنا ضغطا جديدا ... أحتاج لبعض المرطبات واتمنى ان يكون مضيفنا قد حضر لنا بعض المشروبات المنعشة ، إنه مضياف ويحسن التصرف دائما ، ( دخلا غرفة الجلوس يضحكان ) إستقبلتهما إيف مانسل مرحبة بشوشة وقالت :
" اهلا بك يا هيو ( عانقته بحرارة ثم نظرت اليه تتفحص شكله وأكملت ) يبدوعليك بعض الشحوب.... لماذا لم تزرنا في فصل الصيف الدافىء ، لماذا أهملتنا تماما؟".
قبّلها هيو على وجنتيها وقال:
" تبدين فاتنة يا عزيزتي إيف كالعادة ، كنت اثرثر مع اليانور منذ قليل وتذكرت زيارتي لهذا البيت لأول مرة ... كنت صبيا نحيلا خجولا ... وعندما وقع نظري عليك دهشت لجمالك الأخاذ ( إبتسم يخاطب اليانور) أنها لا تزال فاتنة ... كما رأيتها أول مرة".
" احب هيو...إنه يرفع من معنوياتي ويساعدني على تحمل شيخوختي برضى ( وضعت إيف يدها حول كتف أليانور تخاطبها) لقد تقابلتما ... على ما يبدو".
فتح باب القاعة ودخلت فانيسا قائلة:
" هيو ، سمعت صوتك وحضرت لأراك ، لم يخبرني ادوار بأنك ستحضر لزيارتنا ... تعال لأريك ماذا جلبت لك...".
تبعها أدوار الى الغرفة وقال بقسوة:
" اعط الشاب المسكين وقتا قليلا ليشرب شيئا منعشا يا فانيسا ".
قالت فانيسا :
" ماما ، ارجو ان لا تكوني قد أخبرته".
قالت إيف:
" لم أجد الوقت لذلك بعد ي عزيزتي ، إجلس يا عزيزي هيو وإسترح وإترك أمر هذه الفتاة العابثة ... ( نظرت الى إبنتها وأكملت ) فانيسا إذا كان صبرك قد نغد فيمكنك إحضارها الى هنا... ولكن إنتبهي فإنها سريعة العطب".
" أعرف ذلك ، إذا حملتها الى هنا ربما تفسد يا أماه ، لقد بذلت جهدا كي أضعها فوق الطاولة بأمان".
قال هيو:
" هيا لنراها هنا".
سكبت له فانيسا كأسا من عصير الفاكهة وقالت وهي تناوله إياه:
" تفضل ، ربما تعجبك فتشتريها ( وضعت فانيسا يدها داخل ذراعه ودخلت معه)".
قالت إيف بعد أن غادرا الغرفة:
" فانيسا متطلبة في بعض الأحيان ترى ما راي هيو في تصرفاتها الخرقاء".
وجدت اليانور انها لا تستطيع أن تجيب عن سؤالها ، وكذلك أدوار حمل الجريدة وبدأ يتلهى بالقراءة دون أن يعلق ، قالت إيف:
" ولكنه يعرفها حق المعرفة ويفهم تصرفاتها .... عليّ ان أجهز له غرفته ، أعطني يا أليانور معطفك وإستريحي ، ادوار : ساعد أليانور لتتناول شرابا منعشا ( وإبتسمت لهما وغادرت الغرفة )".
" آسف ، ماذا تشربين ؟ هل تفضلين عصير البرتقال الطازج؟".
" نعم ، وأشكرك ( فتحت كتابها لتشير الى أنها لا تحتاج لمن يسليها بالحديث، ولكن أدوار تجاهل حركتها حين جلس في مقعده وطوى جريدته وسالها)":
" ماذا تقراين؟".
" كتاب (منتصف آذار ) إنه نسختك ، انا آسفة ، كان عليّ ان أستأذنك قبل أن أستعيره من المكتبة".
" يا فتاتي العزيزة ، يمكنك أن تقراي ما تشائين ، انا واثق بان كتبي ستلقى منك أفضل إحترام وأحسن معاملة ( شرب قليلا من كاسه ثم أكمل ) هل إستقريت هنا يا اليانور؟".
" نعم ، شكرا يا أدوار".

نيو فراولة 15-03-12 11:31 AM

" سعيدة؟".
"نعم ، أشكرك".
" اليس الوقت متأخرا كي تتمشي وحدك؟".
" ذهبت لأضع رسالة لأهلي في صندوق البريد".
" لقد تفاهمت مع هيو بسهولة كما يبدو".
" نعم ، إنه سهل المعشر والحديث ... ( ران صمت ثقيل .... كأنها تقول له على عكس الحديث معك ، حاول ان تغير الموضوع ) سألته ): هل لي أن أسالك ماذا تريد ان تريه فانيسا؟".
عبس أدوار قليلا كأنه يفكر ثم قال :
" أعتقد انك كنت برفقتها عندما إشترت ... الم تذهبي معها الى مزاد هاكسند الثلاثاء الماضي؟".
" لا.... ربما كنت مشغولة بشيء آخر".
" فهمت ، هيو يجمع علب العطوس ( مواد تنشق في الأنف كالدخان ) ربما وجدت فانيسا علبة أثرية فإشترتها وهي الآن فخرة بعملها ".
إبتسمت أليانور وقالت:
" أتخيل صديقك هيو محاطا بعلبه العديدة؟".
تخيلت أليانور ادوار الوسيم العازب محاطا بفتياته الجميلات العابثات يطلبن وده بدلال ، سرحت بافكارها بعيدا وتنبهت فجأة اليه يحدق بها بشكل غير طبيعي:
" آسفة ، هل كنت تخاطبني؟".
" نعم ، سالتك إذا كنت تهتمين بالأثريات أو التاريخ؟".
" إهتمام عادي.... الجميع يعطون الفترة الرومانسية في التاريخ اهمية كبيرة في تقييمها ألا تعتقد ذلك ؟ اما انا فمسرورة لأنني أعيش في هذا العصر الحديث".
" لم أنتظر منك جوابا عمليا كهذا ، هناك جمال خفي لكل حقبة زمنية ، أنا اتعامل في مهنة الأثريات ، بعض الأشياء القديمة تذكرني بالجهد والعرق البشري الممزوج بالدم والدموع ، الحياة مزيج من هذه الأمور والمجنون فقط هو الذي ينتظر من الحياة ان تكون عادلة مع الإنسان".
" هل علب العطوس نادرة الوجود؟".
" بالمقارنة مع بعض الأشياء الأخرى استطيع ان أقول نعم ( قدم لها سيكارة ولكنها إعتذرت شاكرة ، أشعل لنفسه واحدة وجلس ينفخها بسهولة وقد مد رجليه ليستريح ) قيمتها المادية تتوقف على نوع صناعتها ومن أي مادة مصنوعة ، العلب المصنوعة من الذهب أو الفضة والمحلاة بالأحجار الكريمة لها قيمة كبيرة ، العلب الصنوعة من العاج أو الأصداف أو البورسلان قيمتها معقولة ، والعلب الصنوعة من الخشب أوالمعادن المختلفة كالقصدير أو النحاس فهي ليست نادرة لأنها تعيش فترة زمنية طويلة ولذلك قيمتها متدنية نسبيا ، العلبة التي إسترتها فانيسا مصنوعة م العاج ومزينة بعض النقوش الذهبية وهي سريعة العطب ونادرة...( صمت قليلا ثم أكمل حديثه) إذن أنت سعيدة هنا ... ولماذا إذن كنت تبكين هذا المساء ؟( بدا قاسيا جدا في تعابير وجهه ، نظرت اليه اليانور فزعة وقد فوجئت بسؤاله فأكمل ) لا يستحق أي رجل دموعك".
نهضت من مقعدها وقد إحمرت وجنتاها ووضعت كأس الشراب بتأن وقالت:
" لماذا تعتقد ذلك؟".
" يا فتاتي العزيزة ، هذه هي الحقيقة الأكيدة ... عندما نجد شابة تبكي في ضوء القمر فلا بد أن الرجل هو السبب.... ولا يوجد رجل يستحق دموعك وكذلك لا توجد أمرأة تستحق دموع الرجل بالمقابل".
" لا بد وأنك تتكلم عن خبرة ... أشكرك على نصيحتك وساتذكرها ( مشت خارجة )".
" لماذا تهربين يا أليانور؟".
" لا أريد أن ابحث في هذا الموضوع".
" إذن نغير الموضوع".
وقف ومشى الى الطاولة حيث كانت قد تركت ملف الرسم ، فزعت أليانور وهي تراه يفتح الملف ويمعن النظر في رسوماتها المختلفة.
" هذا الملف لي.....".
" أعرف ذلك...... أرجو ألا يضايقك ذلك ولكنني ألقيت نظرة عليه قبل وصولك هذا المساء ( عاد يقلب الرسومات وهو يتمعن ويعلق قائلا) هذه جيدة ، إنك تجيدين رسم الأزهار البرية كثيرا ، هل ترسمين فقط الزهور البرية؟".
" لا.... ولكن رسمها يجلب لي السعادة ( مشت لتأخذ الملف منه ، لقد وصل الى قسم بالفحم ) أنا لا أجيد رسم الوجوه".
" لا تقولي ذلك ( أمسك بصورة دافي الطباخة ) إنها معبرة وتشبه الرسم الكاريكاتوري ولقد إستطعت أن تظهري تعبير وجهها الحقيقية ، وهذه؟ ( حبست أليانور نفسها فزعة ، لماذا لم تمزق تلك الصورة الملعونة ، كان أدوار يدرسها بإهتمام بالغ ) إنها الشيطان... إذن هكذا ترين صورتي يا اليانور ! ".
" أدوار ... أنا...".
" هل حقا حاجباي بهذه الكثافة ....؟".
" طبعا لا .... الم تقل بنفسك أنها رسوم كاريكاتورية ، هنا كل شيء يبالغ فيه...( إحمرت وجنتاها من الخجل والإرتباك )".
" هذا صحيح بالنسبة للمبالغة ولكن ماذا بشأن القرنين فوق راسي ؟".
" أوه ، أعطني الصورة ارجوك ( وبدات تحاول أن تسترجع الصورة من بين يديه ولكنها لشدة إرتباكها أوقعت الملف بأكمله على الأرض وجثت على ركبتيها تجمع الصور المبعثرة .... احست بصمت مفاجىء ...نظرت اليه توقف قلبها عن الضرب وهي ترى صورة غاي بين يديه ، قال :
" هذه صورة جميلة معبرة ... إنها ليست كاريكاتورية ايضا..".
" أعطني رسومي أرجوك".
منتديات ليلاس
مدت يدها بتصميم وبدا الغضب واضحا في تعبير وجهها مما جعل أدوار يذعن لمشيئتها ويناولها الصور.
" أنا آسفة لصورتك...كانت وقاحة سافرة مني".
" لا تعتذري ، أرى الآن كيف ترينني بوضوح ، نظرتك لي نظرة سوداء بينما نظرتك الى الشاب الآخر .... ( مشى نحو الباب ثم أكمل ) هل هو الشاب الذي أبكاك؟".
لم تجبه أليانور ، تركت الغرفة وهي تشعر بنظراته القاسية ترافقها وعندما دخلت غرفتها أخذت صورة غاي من الملف وقطعتها إربا إربا بعصبية....

hnew 16-03-12 01:49 PM

القصة باين عليها حلوة يعطيك العاقية بليز كمليها بسرعة :55:

نيو فراولة 17-03-12 08:23 PM

في التغيير راحة من نوع معين يقول واشنطن إيرفينغ .... إلا أن ايليانور فتشت عن الراحة في تغيير نمط أيامها وجدت نفسها وحيدة مجروحة الساق على مفترق طرق... مع ذلك فإن فانيسا بدأت تغير اسلوبها معها ، وهنا بعض الخير!

صباح اليوم التالي نزلت أليانور من غرفتها لتتناول فطورها فإلتقت هيو على السلالم ، توقفت قليلا وإبتسمت له تحييه ورد لها تحيتها قائلا :
" صباح الخير يا أليانور ، لقد إختفيت بسرعة مساء أمس ولم أتمكن من أن أريك الكنز الجديد الذي إشتريته ، تعالي الآن لأريك العلبة....".
" شكرا يا هيو".
مشيا معا الى القاعة المؤدية الى المكتب فقالت اليانور :
" إذن قررت شراءها".
" لا شك عندي أبدا".
" وماذا تحب أن تفعل بالإضافة الى تجميع علب العطوس؟".
" لا شيء غير عادي... عادة ارتاد المسارح والحفلات الموسيقية وأحب القراءة وأستمتع بوجبة طعام جيدة مع الناس الذين أحبهم... أتابع المباريات الرياضية...".
" وتشتري العلب النادرة ، نعم يا هيو ، إنها جميلة ( إنحنت الطاولة تتأمل العلبة المعروضة امامها ، كانت صغيرة الحجم ، وأصغر مما توقعت ومزدانة برسم لفتيات جسيمات وهن يضطجعن فوق السحاب كأنهن يسبحن في الفضاء ) إنها فعلا علبة جميلة ( حضر أدوار الى الغرفة بينما كانت اليانور تبتسم بود الى هيو)".
" ها قد وجدتكما اخيرا ، صباح الخير يا أليانور ، هل نمت نوما هادئا ؟".
نهضت اليانور من مكانها وشكرته على إهتمامه ، إلتفت أدوار الى هيو وقال :
" لدي مهمة في ويلز وعليّ الذهاب الى هناك لرى حصانا ... وقد إقترحت فانيسا أن نذهب جميعا ونمضي النهار هناك".
قال هيو على الفور:
" فكرة صائبة أنت وفانيسا تتفحصان الحصان بينما انا وأليانور نتسلى بامور أخرى".
قال أدوار :
" عال ! هيا بنا الآن لنتناول الفطور ونبدأ رحلتنا".
مرّت الأيام التالية سريعة ، البرنامج إحتوى الأربعة .
ووجدت اليانور نفسها يوم الأربعاء بشكل عفوي طبيعي وحيدة في برنامجها اليومي ، فشعرت بخيبة امل لأنها لن تشاركهم تمضية يومهم كما إعتادت ، كان على أدوار متابعة بعض الأعمال الضرورية ، وبعد ذهابه سمعت أليانور فانيسا وهي تبحث عن هيو وتعلن انها ستزور برفقته بعض الأصدقاء في آستر ، فهمت أليانور أن سيارتها الصغيرة لا تتسع لأكثر من راكبين ......
الطقس دافىء واشعة الشمس خفيفة بعض الشيء وتستطيع ان تجد مكانا ظليلا تمارس فيه الرسم في الطبيعة الخلابة ، لكن ما من وسيلة نقل.... تذكرت انها شاهدت دراجة هوائية في البناء القديم من البيت ، خرجت أليانور تبحث عن سام لتطلب مساعدته ، لكنه لم يتحمس كثيرا للفكرة وقال :
" لا يمكنك يا آنسة اليانور إستعمال هذه الدراجة القديمة فهي غير صالحة للإستعمال ولا آمن عليك من ركوبها ".
" لكنني أعتقد أنها سليمة واستطيع إستعمالها بأمان ، إنها فقط مليئة بالعناكب والغبار ".
" هذه العجلة للآنسة فانيسا وهي لم تركبها منذ أكثر من سنتين ، دعيني اتفحص المكابح قبل إستعمالها .... ومع ذلك فأنا لا اعتقد أن السيد أدوار سيروقه عملك ".
" لا تخبره بالأمر".
منتديات ليلاس
أخرج سام قطعة قماش بالية وبدأ ينظف العجلة بها ثم هزّ راسه غير موافق وقال :
" الكابح جيد ولكن المقعد منخفض لقياسك ، سأرفعه لك ، لماذا لا تطعمين الحصانين بينما أصلح لك الدراجة قدر المستطاع ، إنهما بإنتظارك كل صباح كالعادة...".
حملت اليانور بعض قطع التفاح من جيوبها ومشت وهي تضحك قائلة:
" لا يفوتك يا سام مراقبة أي شيء أليس كذلك؟".
إقتربت من السور وإقترب الحصانان منها ، مدت يدها بقطع التفاح لهما وأطعمتهما كل بدوره ، ضحكت وهي تراهما يمرغان أنفيهما بكفها برقة شاكرين عطفها وإهتمامها .... عادت بعد ذلك الى سام ووجدته يحشو غليونه ببعض التبغ ، سالها:
" هل أنت معتادة على الخيل؟".
"ليس بالتحديد ، لي صديق فلاح يسمح لي بإمتطاء حصانه بعض الأحيان ، ولكن حصانه لا يقارن بهذين الحصانين الجميلين ، راقبت أدوار وهو يمر بهما صباح كل يوم من نافذة غرفة نومي... إنه يجيد ركوب الخيل ".
" إليك الدراجة ، أصلحت ما امكنني في هذه الفترة القصيرة ، وضعت قليلا من الزيت ونفخت لك العجلات لكنني إكتشفت أن الجرس معطل...".
" لا تهتم لهذا الأمر ، سأصرخ عندما ارى شخصا يعترض طريقي ".
وضعت ملف الرسم خلفها على المقعد وثبتته جيدا.
" من الأفضل أن لا تبتعدي كثيرا يا آنسة اليانور".
" حسنا ، لن أبتعد ، لا تقلق بشأني لقد تربيت منذ صغري على ركوب الدراجات ".
النسيم خفيف والطقس مناسب لركوب الدراجة ، كانت اليانور متفائلة للغاية وإبتعدت أكثر مما يجب ، وحين وصلت الى مكان ظليل توقفت وحملت ملف الرسم وبدأت ترسم ، أحضرت معها سندويشات اعدتها لها ديفي
تناولتها في فترة الغداء ثم وجدت عليقة من الكرزالبري لم تستطع مقاومة إغرائها فراحت تقطف ثمرها وتستمتع بطعمه اللذيذ ، نسيت نفسها وتاخرت في العودة حتى إكتشفت ان الشمس قد مالت نحو المغيب.
اقفلت أليانور معطفها وهي تشعر ببعض البرودة وإعتقدت أنها ستدفأ بعد ان تدور الدراجة قليلا ، وما أن سارت في طريق العودة حوالي ربع ساعة حتى سمعت صوت عجلة الدراجة يفرقع بصوت مرعب.
" اللعنة ! إنني بعيدة عن منزل بريوري ولا مفر من السير وأنا أدفع الدراجة أمامي".

نيو فراولة 17-03-12 08:25 PM

سارت فترة طويلة قبل أن تحس الماء في كعب رجلها اليمنى ، وكانت قد إقتربت من إلتقاء الشارع الفرعي بالشارع العام ، تابعت سيرها حتى وصلت الى المفارق ، وضعت دراجتها قرب إشارة الطريق وجلست على العشب وخلعت جوربها وحذاءها لترى ما حلّ بكعب رجلها المتالمة ، وجدت جرحا كبيرا ، فأخرجت منديلها وربطت به رجلها قدر المستطاع ثم لبست جوربها وحذاءها من جديد.... كانت لا تزال في مجلسها حين وقفت سيارة خاصة قربها ، رفعت نظرها لترى أدوار يخرج من سيارته وهو يمشي نحوها ، وقال :
" ماذا تفعلين هنا بحق الشيطان ؟ إعتقدت انك برفقة فانيسا وهيو ...".
" لم اذهب معهما !".
" ارى ذلك ، ألم تخبرك فانيسا ببرنامج هذا اليوم؟".
" سمعتها ولكنني فضّلت ان اقوم برحلة أتمتع بها وحدي على سبيل التغيير ".
" انت تستمتعين كثيرا الان ... من أين أحضرت هذه الالة الغريبة الشكل؟".
" وجدتها في البناء القديم وقد ساعدني سام......".
" كان عليه ألا يسمح لك بركوبها !".
" لم يكن بيده حيلة ، لا تتحامل عليه ، الغلطة ليست غلطته ، أراد أن يستأذنك ولكنني طلبت منه أن لا يفعل ، لقد نبهني كي لا أبتعد كثيرا من اجل العجلات ولكنني....".
" لن الوم المسكين سام بل اشفق عليه ربما لم يستطع أن يرفض طلباتك وأنت تنظرين اليه نظراتك الفاتنة تلك ( نظر الى ساعته) لا وقت لدي لأعود بك الى الى المنزل وعليك ان ترافقيني".
" لا تهتم لأمري يا أدوار ، استطيع العودة بسهولة ، كان من الممكن أن لا تراني.....".
" ولكنني رايتك وإنتهى الأمر".
حمل الدراجة ورمى بها في السهل".
" ماذا فعلت ؟ إنها دراجة ممتازة....".
أمسك بها أدوار وساعدها على الوقوف ثم قادها بحزم الى داخل السيارة.
" ربما يسرقها أحد!".
" يا فتاتي العزيزة ، لا احد بكامل قواه العقلية يمكن أن يسرقها ولكنني سأرتب امر نقلها الى المنزل ، إدخلي الان...".
دخلت وقد حملت ملف الرسم بيدها ، أخذه أدوار من يدها بلطف ثم وضعه في المقعد الخلفي وأدار محرك السيارة وأكمل سيره مسرعا.
" آسفة لإزعاجك ( مرة مرة ثانية الى ساعته) كنت سانتظر مرور شاحنة وأطلب من السائق أن ينقلني بطريقه".
" ولماذا لم تتركي الدراجة – بالطبع في مكان أمين لئلا يسرقها أحد – وتركبين الباص عائدة للبيت؟".
" لأنني لا أحمل .... فلو...".
" فلوس ؟ كم أنت فتاة غريبة الأطوار؟".
" في قريتنا ، لم أكن لأهتم لهذه الأمور ... دائما كنت أجد من يعرفني ويساعدني في العودة الى البيت ، في حالة مماثلة".
" ولكنك لست في بيتك الآن !".
" هذا صحيح غير انك جئت لمساعدتي.....".
" إذن ، افهم أن فانيسا لم تطلب منك مرافقتها؟".
" لم يكن الأمر هكذا...ثم لا يوجد مكان لي في سيارتها الصغيرة".
" هراء! سيارة والدتي في الكاراج..".
" ولكنها تعرف أن لدي مشاريعي الخاصة لهذا اليوم".
" هل جلبت معك زهرة برية لرسمها؟".
" انت لا تستطيع أن تقلع النباتات البرية دون إذن خاص من المالك ، بعض الأجناس يمنع القانون قطعها لأنها في طريق الإنقراض".
" لم أكن أعلم ان الأمور بهذه الأهمية!".
" دائما يتخذون القرارات الضرورية بعد أن يتفاقم الوضع وتصبح معالجته من الأمور الصعبة... ال أين سنذهب، ارى أننا دخلنا مطارا خاصا".
" نعم ( فتح النافذة ليتكلم مع شخص يرتدي ثيابا بيضاء) آسف لتأخري ".
" إعتقدت أن الأمر قد إتهى سيد مانسيل ، هل هذه الرزمة لي؟ ( أشار الى المقعد الخلفي والرزمة الموجودة فوقه)".
" نعم ، سأوقف السيارة الآن وأفسح لك المجال لتحملها ( نظر الى اليانور وقال ) لن أتأخر ، هناك شخص ينتظرني ( حمل الرزمة وناولها للرجل ثم فتح لها باب السيارة لتخرج)".
"هل سنعود الى البيت؟".
" بعدأن اجتمع مع شخص رتبت لقاءه هنا في النادي ، سنرتاح قليلا ".
" انا لا ألبس ما يليق بالنادي وأستطيع أن أنتظرك في السيارة".
" لا تكوني سخيفة ، لن يلتفت احد لما نلبس".
مشت معه وهي مرتبكة وحاولت أن تتكلم معه بأي شيء ، قالت :
" اعتقد أنك تستطيع أن تقود طائرة أيضا".
" نعم ، سأصحبك معي يوما برحلة جوية".
" أوو ... ربما....".
" سأخبرك يا اليانور فارس أنني اقود الطائرات منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري وأنا أؤكد لك سلامتك إن ركبت طائرتي ( الشيروكي) أكثر بكثير من سلامتك وأنت تقودين الدراجة.....".
" حسنا ، اقبل دعوتك لئلا يقال أنني أخاف ركوب الطائرة".
" احيانا اعتقد انك لمتعاقبي في طفولتك بما فيه الكفاية".
كان أدوار ساخرا وهو يطلب لها شرابا منعشا بعد ان أجلسها على طاولة جانبية في طرف القاعة وبعد قليل راى شخصا في المدخل فإعتذر منها وذهب.
كانت أليانور تفكر في نفسها قائلة : لا شك أنه قائد طائرة ماهر كما وانه يجيد ركوب الخيل وقيادة السيارة بسرعة مخيفة ، كان أدوار شخصا يرتاح الإنسان برفقته ويشعر بالإطمئنان ، وبعد فترة لحظت فتاة تدخل النادي وتسير بإتجاه أدوار ، إتجه هو أيضا من مكانه لملاقاتها ، لم تدهش اليانور بقدر ما خاب أملها ، ولكن ذلك منتظر ... أجمل فتاة في النادي لا بد وانها صديقته ، قالت في نفسها : كان عليه أن ينذرني بأنه سيلقى فتاته .... ربما كنت بقيت أنتظر في السيارة ... تكلم معها أدوار للفترة وجيزة ثم جلبها معه الى الطاولة حيث تجلس ، لم ينفع قول والدها الماثور : إن الطيور ذات الريش الأملس ليست طيورا جيدة بالتحديد .... هذه فلسفة ليست مقبولة الآن ، فالفتاة جذابة ، انيقة ومعناج وهي تتيه بجمالها ، راقبت اليانور إقترابها بقلب موجع وحسرة ظاهرة ، قال ادوار :
" اليانور أقدم لك صديقتي فيليستي مادوك ، فيليستي هذه أليانور فارس ضيفتنا من يورك".

نيو فراولة 17-03-12 08:26 PM

افسح أدوار لها كرسيا وجلست عليه برشاقة ، كانت فيلستي أجمل بكثير عن كثب ، شعرها أشقر لماع ولها عينان خضراوان نفاذتان ورنة صوتها دافئة محببة قالت فيلستي:
" يورك؟".
رددت الكلمة كأنها إسم لمدينة في المريخ ، بدت أليانور مدهوشة من طريقة فيليستي بالكلام ولم يتحسن شعورها وهي تراها تبتسم لها وتقول:
" هل تقنعين ادوار بالبقاء هذا المساء يا آنسة فارس ( نظرت بعد ذلك الى أدوار قائلة ) لقد وعدتني يا حبيبي....".
إبتسم ادوار إبتسامة باهتة وهز رأسه غير موافق وقال :
" قلت......ربما........".
" ولكنك هنا.....وانا متأكدة من أن الآنسة فارس ستستمتع بوقت طيب....".
" لا نستطيع أن نبقى ولكنني سأصلح خطئي بقضاء أمسية معك الأسبوع المقبل يا فيلستي".
" هذا وعد أكيد منك يا حبيبي...".
" نعم ( نظر الى اليانور وسألها) هل أنت جاهزة؟".
كانت اليانور أكثر من مستعدة ووقفت للحال.
قالت فيلستي:
" هل تعتقد أن الحصان جيد؟".
" إنه مناسب ( نظر الى اليانور يشاركها بالحديث) نتكلم عن الحصان الذي عايناه في ويلز هذا الأسبوع".
" هل تجيدين ركوب الخيل يا آنسة فارس؟".
"نعم".
كانت تكذب ... وإحمرت وجنتاها عل الفور ومشت نحو الباب مسرعة ، نظر اليها أدوار نظرة قاسية وهو يفتح باب السيارة ولكن الصمت بقي مخيما ... وأخيرا تكلمت اليانور:
" أنا آسفة ، لقد أفسدت عليك أمسيتك".
" هذا غير صحيح".
نظرت الى وجهه لترى تأثير كلماتها عليه ، بدا هادئا متوازنا كعادته .... كان شيئا لم يكن.
" لو تؤنبني .... وتعترف بأنني افسدت عليك أمسيتك لكان ذلك يريحني".
" آسف ، ليس في نيتي تأنيبك... لأنني لا أشعر بأي شيء من هذا القبيل... ماذا يزعجك الآن ؟ ماذا يدور في رأسك يا أليانور؟".
" لو كنت اعلم انك على موعد مع الآنسة مادوك لما جئت معك باي حال... كان بإستطاعتك أن تضعني في الباص لأعود...".
" ولكن لم يكن في نيتي البقاء هنا هذا المساء ، لا تحزني وتلومي نفسك ".
هناك سيارة مسرعة خلفهما ، كانت السائقة تطفىء النور ثم تضيئه ولوحت بيدها وكذلك فعل أدوار ، أطفأ النور ولوّح لها بيده مودعا ، إختفت السيارة بعد ذلك".
" الظاهر ايضا أن الانسة مادوك غادرت النادي".
" هذا واضح".
ران صمت بينهما ثم تكلم أدوار بعد ذلك قائلا:
" لماذا لم تخبريني أن بإستطاعتك ركوب الخيل؟".
" لم تسالني".
" وكذلك لم اسالك إذا كنت تركبين الدراجة ام لا وهذا للم يمنعك من ركوبها".
" هذا يختلف".
" لماذا لم تطلبي ركوب الخيل؟".
" لأنني لا اجيد ركوبها كما إدعيت ، كان ضربا من الحماقة أن أدّعي معرفة ركوب الخيل ، ربما صحيح قولي انني أعرف ركوب الخيل ولكنني فعلا لا أجيده .... وكنت لا أريد أن أبدو جاهلة في نظر الانسة مادوك....".
" افهم مرادك .... فيليستي تجيد ركوب الخيل وتعتبر ذلك فخرا وإمتيازا طبقيا معينا ".
وصلا في السيارة الى مدخل البيت ، أوقف أدوار سيارته أمام الكاراج ، قالت اليانور:
" ربما تستطيع فيليستي أن تقود طائرة ايضا !".
لم يكن هناك نور يضيء المدخل ، امسك أدوار بذراعها وقادها الى البيت وهو يقول:
" نعم ، إنها فعلا تقود الطائرة".
" وهل تستطيع قيادة كل شيء؟".
" ربما لا تعرف قيادة الدراجة؟".
كان ادوار يمزح ، بدا كلامه هزليا للغاية ، ضحكت أليانور وتمتمت قائلة :
" أشكرك يا ادوار لأنقاذي إياي ،لا استطيع ان أشكرك بما فيه الكفاية.....".
قال بصوت ساخر وهو يمسك بيدها قائلا:
" سأقبل شكرك إذا أجبتني ما الذي صبغ أصابعك هكذا ؟".
نظرت أليانور الى اصابعها بإستغراب ... كانت تستعمل الأقلام الملونة في رسومها ولكن هذا اللون ليس من الأقلام ... تذكرت الكرز البري وضحكت كثيرا وهي تقول:
" كنت آكل بعض الكرز البري........".
لامس أدوار ذقنها بيده ورفع راسها وقال:
" أنت حقا إبنة الطبيعة .... أليس كذلك؟".
لدقيقة إعتقدت أليانور أنه سيعانقها... حبست أنفاسها بعد أن تسمرت عيناها في عينيه.... ثم قال أخيرا:
" هيا الى المطبخ وتناولي بعض الطعام ، لا تستطيعين العيش على الكرز البري طويلا".
هرعت اليانور الى داخل المنزل مسرعة.... وبعد ان تناولت بعض الطعام صعدت الى غرفتها وآوت الى فراشها باكرا.
في صباح اليوم التالي دخلت فانيسا غرفة أليانور في زيارة ودية غير منتظرة.
قالت:
" اشكرك لأنك أخفيت حقيقة ما حصل عن أدوار".
مشت الى النافذة وهي تشاهد المطر المنهمر بغزارة وأضافت:
" لم أكن لألومك لو ثرثرت معه عني ، أنا أعلم أنني لم أتصرف كما يجب ، منذ حضورك الى هنا وأنا عاملك معاملة سيئة ، انا آسفة لذلك ".
" لقد فرضت عليك فرضا منذ البداية".
كانت أليانور ترشف فنجان الشاي الذي حملته لها فانيسا .
" صحيح ولكن كان بإستطاعتي أن اتصرف بطريقة أكثر لباقة وتهذيبا ، شقيقي ينعتني بالأنانية وهو محق في قوله ، انت تصرفت دائما بتهذيب وأخلاق حميدة ، لم أحاول أن اقدم لك صداقتي ، سامحيني .... يعتقد أدوار أنك صديقة ممتازة لي.......".
" أرفض ان أكون كالدواء الشافي ... هل كان أدوار فظا معك؟ لا أريده غاضبا".
" كان بإمكانه أن يجرحني ... ولكنه عادل في حكمه ، وأنا لا أتذمر ن تصرفاته معي ، إنه شقيق عطوف وهو دائما بجانبي... لقد علمني قيادة السيارة بصبر فائق.....".
" لقد إلتقاني البارحة صدفة...".
" كان يعرف مسبقا ما الذي سيحصل ولكنه تمنى ان أحسن التصرف وأكون متعلقة وأحس بمسؤوليتي ...".


نيو فراولة 17-03-12 08:27 PM

" هل أنزعج لأنني افسدت عليه أمسيته الليلة الماضية".
" أوه.... وكيف؟".
" كانت الفتاة الشقراء الفاتنة ، فيليستي مادوك ، قد رتبت أمرها للقائه ، كانت تتمنى لو تتخلص من وجودي بطريقة سحرية...".
" صحيح ( ضحكت فانيسا ) إنها من أكثر المعجبات حماسا بادوار ، هي تلاحقه بإلحاح ، لقد علمها قيادة الطائرة ، بإعتقادها أنها تملكه...هل سمعت بمصانع آل مادوك ، إنها الحفيدة... ووالدتي تتمنى أن يتم الزواج ، انا لا أعتقد ذلك ، أدوار كالحصان الأسود وهي واحدة من صديقاته الكثيرات ، مسكينة والدتي فهي دائما تشعر بخيبة أمل كلما رغبت في زواجه... يا الهي كدت أنسى ( اخرجت رسالة من جيبها وقالت ) هذه رسالة لك ... سيلعب هيو مع أدوار الغولف طوال النهار واعتقد أننا نستطيع الذهاب في نزهة بالسيارة ، سنطلب من ديفي ان تحضر لنا بعض الساندويشات لنحملها معنا".
نظرت اليها اليانور معترضة:
" ولكن الطقس ماطرا !".
" لن يبقى ماطرا ، لقد قال سام ان المطر سيتوقف بعد نصف ساعة فقط وهو عارف بهذه الأمور ".
أنهت أليانور فنجان الشاي ثم فتحت الرسالة وقرأتها ، وبعد نصف ساعة كانتا تتمشيان بإتجاه السيارة ، قالت فانيسا :
" سام دائما على صواب في أمور الطقس".
" هل أنت أكيدة يا فانيسا من رغبتك في هذه النزهة؟".
" عادة انا لا افعل أي شيء إلا لمصلحتي... إضحكي ! ولكن هذه هي الحقيقة ، في كل حال لا يقع اللوم علي وحدي ... لقد تربيت على هذه الطريقة ، انا لا أتذمر ، ولكنني منذ صغري احكم رأيي في كل شيء اريده ... قيل لي أنني وشقيقي متكبران متعجرفان ... ربما هناك صحة لهذا القول... أنا لا أختلق الأعذار لتصرفاتي السيئة معك ... أنت هنيئة المعشر طيبة القلب وأنا اريد ان أتعلم منك الطبيعة الطيبة ، آل مانسل لم يعتادوا المواربة أو التخاذل وإعتدت أنا ان أحصل على كل رغباتي بلمح البصر ، هل تفهمين قصدي؟".
" طبعا ، لا لزوم للشرح ".
" أدوار كان على حق حين قال أنني أستطيع أن أتعلم منك الكثير لو سمحت لي بصداقتك ، ولكنني لا أرى ما ستكسبين أنت من صداقتي بالمقابل؟".
" أوه لا اعرف ( قالت مازحة ) ربما سأحصل على سائق يقودني في حلي وترحالي ".
شعرت اليانور أن القلوب بدأت تتقارب وكل منهما أفسحت مجالا للكشف عن حقيقة شعورها ، وجدت أليانور أن فانيسا ليست عنيدة أو قاسية كما يعتقدها الآخرون ، إنها صادقة وصريحة ولو كان في ذلك مساس بمصلحتها ، قالت أليانور:
" بالمناسبة ( كانت الرسالة من شقيقتي التي ستتزوج في نيسان / أبريل المقبل ( أخرجت اليانور الرسالة وقرأت ) ستحضر الى لندن ليومين مع خطيبها من أجل تصريف بعض اعماله ، وقد وجدت انها فرصة سانحة لترى لندن ، حسب رسالتها ، لقد وصلت البارحة ، وهي تقول أن بإستطاعتي رؤيتها بعد ظهر الغد فخطيبها سيكون مشغولا في إجتماع عمل وتقترح علي زيارتها ".
" فكرة جيدة ، لدي عمل محدد في المحل لليومين التاليين ، لماذا لا تحضرين معي ، ربما نرتب أمسية للسهرة معهما ، ربما نتاول عشاء ونشاهد مسرحية ، سنطلب من هيو وأدوار مرافقتنا ، سيكون ذلك ممتعا".
" ربما لن يناسبهما".
" سنطلب منهما مرافقتنا وإذا إعتذرا سنذهب بدونهما .... ستكون نهاية اسبوع ممتعة من أجل هيو ، سنذهب الأن الى رأس الخليج حيث نتناول غداءنا ونشاهد الطوافات".
أمضتا يوما سعيدا ، جذور الصداقة بينهما بدات تتعمق ، وحين وصلتا الى البيت كانت سيارة أدوار قد سبقتهما الى المدخل ، خلال العشاء تناولت فانيسا موضوع السهرة بطريقة عفوية ، سألت إيف:
" تقولين ان خطيبها من آل سلايد ! غاي سلايد! لم تكتب لي كونستانس عن خطوبة كاتي ، إنها شابة صغيرة في الثامنة عشرة من عمرها ".
" لقد تمت الخطوبة بسرعة وقبل ايام من حضوري الى هنا".
قالت إيف:
" نحن نعرف آل سلايد يا أدوار ، هل هي العائلة نفسها؟".
" لو اعرف اين أتصل بالصهر العزيز لأرتب الأمر معه وادعوه لقضاء السهرة ".
قال هيو :
" ما أكثر معارفنا... نستطيع ان نتدبر الأمر ونهيء أمسية لائقة ".
قالت أليانور :
" سهرة بسيطة تكفي".
قال هيو :
" ستكون سهرة ممتعة".
قالت إيف:
" اتذكر يا ادوار غاي سلايد ذلك الصبي الأشقر الوسيم ، لديه سحر لا يخفى ، هل أنا على حق؟".
نظرت الى اليانور تسألها ، شعرت أليانور بإهتمام أدوار وهو ينتظر جوابها ، قالت أليانور:
" نعم ، إنه شاب أشقر ووسيم".
شعرت بحمرة الخجل تكسو وجهها رغما عنها ، قالت إيف:
" لم يعد صبيا إنه الان في الخامسة والعشرين من عمره ، اليس من غريب الصدف معرفتنا له ، وجود فرح في العائلة شيء ممتع".
تنهدت وهي تنظر الى إبنها وإبنتها وتتمنى لو يدخلا الفرح الى منزلها في أقرب فرصة ، قالت فانيسا:
" ارج وان لا نخيب ظنك... ربما سنفاجئك يوما ما ونتزوج معا !".
قال والدها:
" أرجو إعلامي يا عزيزتي كي استطيع أن أتقدم بقرض من البنك لأنني اعرف طريقة والدتك في البذخ والمصروف".
ضحك الجميع وفي صباح اليوم التالي نزلت فانيسا واليانور الى لندن حيث يقع محلها في القسم الشمالي ، قالت فانيسا:
" يحب أدوار أن يعيش بعيدا عن العائلة فهو يقطن في الطابق العلوي فوق المحل ، ونحن نسكن في وسط المدينة".
" أين؟".
" يقع المنزل بالقرب من سلون سكوار ،وهومكان فسيح ، يعيش السيد والسيدة هكمان في الطابق السفلي ويقومان بالإهتمام بالبيت ، لدينا ايضا شخصان يعملان بعض الوقت في المحل".
اوقفت فانيسا سيارتها وقالت:
" لقد وصلنا الى المحل إنه في كامدن ميوز ، سندخل من المؤخرة لأن المدخل الرئيسي مخصص للمشاة ، يعيش أدوار في الطابق العلوي ، ساريك المكان فهو لن يمانع أبدا".
إعتبرت أليانور الدعوة مفاجأة سارة لها ، كانت تريد أن تتعرف الى سكن أدوار الذي ربما يعكس صورته الحقيقية.... لا الصورة التي يريد أن يظهر بها للناس ، الغرفة الكبيرة الواسعة نظيفة واثاثها انيق ولكنها متزمتة وصارمة لشقة عازب يعيش منفردا ، نزلت السلالم وهي تفكر في نفسها : إنه يعيش عيشة صارمة ، المحل غير عادي في أثاثه وموجوداته ، غرفة كبيرة واسعة فيها كنوز كثيرة من الأثريات المرتبة بطريقة جذابة تزيد من قيمتها .
قرات فانيسا لائحة التعليمات التي تركها أدوار ثم صنعت بعض القهوة وباشرت بمساعدة اليانور في تلميع الأثريات ومسح الغبار عنها ، زبائن المحل في معظمهم من السياح ، كانت أليانور ترافقهم في التفرج عل المعروضات بكل تان وصبر ،معظم المحلات المجاورة اثريات أو مكتبات ، وحين وجدت أليانور بعض الفراغ دارت في الشارع تتفرج على المحلات المجاورة ، تناولت غداءها بصحبة فانيسا داخل المحل في المطبخ الصغير ، قالت أليانور :
" هل أستطيع الإتصال هاتفيا بشقيقتي الآن...؟".
إتصلت وسمعت شقيقتها تقول :
" أليانور ؟ هل يمكنك موافاتي الآن ؟".
" نتقابل في حوالي الثانية بعد الظهر، إذا تأخرت إنتظريني".
" سأنتظرك ، لقد إشتقت اليك كثيرا".
سالت فانيسا :
" هل هناك اية مشكلة؟".
" بدا صوت كاتي غريبا علي ، شعرت كأنها تعاني بعض المشاكل".
" أليانور .... بعد لقائك بشقيقتك عليك أن تعودي الى البيت في لندن ، سأبقى بإنتظارك ، هل شقيقتك كاتي تشبهك؟".
" لا ( ضحكت ) كاتي جميلة فاتنة .... شعرها أشقر بلون سنابل الذرة الصفراء الناضجة، عيناها زرقاوان وجسمها متناسق ، لم استغرب ان يقع غاي بحبها من أول نظرة!".
" أتمنى أن يكون حبه لها يتعدى الشكل الحسن ، فالشكل ليس كل شيء".
" أعرف ذلك وأنا واثقة بأن لديها مزايا عديدة أخرى ، كاتي شابة يافعة ولكنني متاكدة بأنها ستكون زوجة وفية لغاي".
" شقيقتك تمتلك مزايا ممتازة ولكنك أيضا تملكين عينين عسليتين وشعرا كثيفا لامعا واسنانك جذابة متناسقة ولديك سحرك !".
" كأنك تقولين دعاية تلفزيونية !".
مشت اليانور بإتجاه محطة النفق وهي تفكر بالأمسية.... والسهرة المرتقبة ، تحمست كاتي كثيرا لقضاء السهرة برفقتهم ومشاهدة المسرحية... رتب أدوار مع غاي أن ياتي الجميع في الثامنة مساء ، يشاهدون المسرحية أولا ثم ينتقلون بعد ذلك الى المطعم ليتناولوا وجبة العشاء.
تنهدت أليانور وهي تنزل من القطار المكتظ بالناس ، بعد قليل ستقابل غاي وجها لوجه.... كانت تتمنى لو أنها ستقابله في مكان آخر .... ليس في مكان عام ، ومع الآخرين.... وخصوصا أدوار ، لقد عرف أدوار شعورها نحو غاي ، عيناه الزرقاوان لا يخفاهما شيء....
ستكون هذه الأمسية من أصعب الليالي في حياتها...

زهرة منسية 17-03-12 11:22 PM

برافوووووووو فراولايا أنا كنت ناويه اتابع ابدعاتك بصمت وأكتفى بايقونة الشكر لإن ما بقا فى كلام يوفيكى حقك بس و الله ما قدرت الصمت كل اللى أقدر أقوله"يعطيكى الف عافية حبيبتى"

ابتهال محمد 19-03-12 01:03 AM

السلام عليكم(ممكن اعرف امتى تكملة الرواية) وشكرااااااااااااااااا.

نيو فراولة 20-03-12 08:06 PM

3-(محال أن يقع الإنسان في الحب ويبقى عاقلا) يقول فرنسيس بايمون ... مع ذلك ها هي أليانور تحاول وتكاد أن تفقد السيطرة نهائيا على نفسها ، ذات مساء!

نزلت أليانور من القطار وفتشت هنا وهناك عن شقيقتها كاتي ، وأخيرا وقع نظرها عليها وجدتها وتأكد لها صحة حدسها من أنها في مأزق ، الطقس بارد برغم الشمس المشرقة ، فلسفة هواء بارد تلفح وجهها وتجعلها تقلب ياقة معطفها الشتوي وتربط زنارها وتشده الى خصرها بحزم وتمشي مسرعة نحو كاتي.
تعانقتا بشدة وأحست أليانور بقوة عناق كاتي لها أكثر من أي وقت مضى ، مشتا في الشارع المزدحم المؤدي الى بابسواثر ثم شارع حدائق كينسنغثون ويداهما متشابكة ثم إنعطفتا الى رواند بوند ، كانت أليانور تستفسر عن العائلة فردا فردا وكاتي تجيبها بهدوء ووضوح.
" هل هناك ما يشغل بالك يا كاتي؟".
وما كادت تسأل حتى شرعت كاتي بالبكاء على الفور ، وضعت اليانور يدها حول كتفها بحنان وكررت سؤالها بلهفة ظاهرة:
" ما الأمر؟ هل هو غاري؟ هل هناك ما يكدر علاقتك به؟".
هزت كاتي راسها نفيا ولم تستطع الكلام ، فتشت عن منديلها لتمسح به دموعها بينما تابعت اليانور أسئلتها من جديد.
" ما الأمر؟ إجلسي على هذا المقعد وأخبريني....".
إنتظرت أليانور حتى هدأت شقيقتها من نوبة البكاء الهستيرية التي إنتابتها .... وبعد فترة قصيرة تمالكت فيها كاتي نفسها وبدأت تتكلم بصوت منخفض وببطء شديد وهي تتعثر بشهقاتها وتأوهاتها ودموعها ، قالت:
" ربما بدوت غبية للغاية يا اليانور ، لن تصدقي ... وأنا لا استطيع طلب المساعدة من والدي ولا أعرف كيف أتصرف ... إنها غلطتي دون شك... تصرفت بغباء ولا أصدق انني فعلت ذلك... لا أستطيع أن أخبر غاي .... لا استطيع ، أحبه كثيرا ... وهو يعتقد أنني فتاة كاملة واحسن التصرف ، لن اغفر لنفسي لو علمت والدته بالأمر ... ماذا ستقول عني هي لم توافق على خطوبتنا منذ البداية...".
"كفي عن الكلام يا كاتي وعن لوم نفسك ، إهدئي أولا ثم أفصحي اكثر عن الأمر لأنني لم افهم بعد القصة ... انا قربك وساساعدك بكل تأكيد ولكن علي أن أفهم الأمر.... ماذا تخافين أن تعرف والدته ؟".
بلعت كاتي ريقها بصعوبة وبدأت تلف منديلها حول أصابعها بعصبية ظاهرة وقالت :
" فرحت جدا بهذه الفرصة التي سنحت لي للحضور الى لندن برفقة غاي... أرسلت السيدة والدة غاي في طلبي وقالت لي أن بإستطاعتي ان اشتري لوازم الجهاز من الثياب واسجل المبلغ على حسابها وتعتبره هدية منها بمناسبة الزواج ، تقطن في لندن إبنة عم غاي ، مارغو وقد إتصلت بها السيدة سلايد ورتبت معها الأمر وطلبت منها مرافقتي لأنتقاء الثياب اللازمة ، لم توافق والدتي على هذا التدبير ولكنني أقنعتها برغبتي في ذلك ورضخت للأمر الواقع وبأنني لن أتضايق من صحبة مارغو الى السوق رغم انني لا اعرفها ابدا ، مارغو تكبرنا ، هي في السادسة والعشرين من عمرها ، شابة جذابة وشديدة الأناقة في لباسها وقد أحببتها عل الفور بعد أن تعرفت اليها هنا .... لقد ضحكت كثيرا لكوني أزور لندن للمرة الأولى في حياتي ... وفي النهاية تمتعت كثيرا برفقتها وسررت بمساعدتها لي في إنتقاء ما يلزمني....".
" هي... أكملي ، وماذا بعد يا كاتي؟".
منتديات ليلاس
" اخبرتك من قبل ان ثيابها أنيقة وباهظة الثمن ، إصطحبتني الى محلات هارود وإنتقيت كل طلباتي من هناك.... والظاهر أنني فقدت السيطرة على توازني .... وجدت نفسي أتصرف كأنني معتادة على هذا البذخ .... وجودها معي وهي تساعدني أحرجني ... كنت فرحة مسرورة وأنا أشتري أجمل الأثواب ... ثم تردد مارغو: غاي سيحب هذا الثوب عليك حتما ، نظرت لنفسي في المرآة وشعرت كأنني اصبحت فتاة أخرى غير التي اعرفها ... تحمست وجاريتها وإشتريت دون وعي ، بدأت الرزم تتكدس قربي وشعرت بعد فوات الأوان ان المجموع الذي وصفته يفوق الميزانية المحددة لي ، حاولت ان اخبر مارغو أنني تماديت في الصرف .... ولكنها ضحكت ضحكة عالية وأجابت : كلنا نفعل ذلك يا عزيزتي ... أليس غاي سببا وجيها لتصرفي لأجله ؟ شعرت بالغثيان ورغبت بالعودة الى الفندق ، وهناك حسبت ما صرفت و....".
" كم صرفت؟".
" أكثر من ثمانين جنيها استرلينيا ، أوه يا أليانور .... ماذا سافعل ؟ أنا لا أستطيع ان أطلب مساعدة والدي ، زواجي سيكلفه مبلغا كبيرا .... ثم لن يعجبه تصرفي وسيشعر بخيبة أمل فهو لن يخبرني بذلك ولكنني واثقة... أنه يعتقد أنني غير ناضجة بما فيه الكفاية لأقدم على الزواج وقد حاول إقناعي بذلك ، كان دائما يقول أن الغرور رديء والجمال الخارجي لا يغني عن جمال الروح... وها أنا أتصرف بغباء.....".
إستمتعت اليانور الى شقيقتها وهي مشدوهة ... ثمانون جنيها ... أفكارها مضطربة ومشوّشة ، حاولت جاهدة أن تحافظ على رباطة جأشها وتوازنها قبل أن تتكلم:
" هل نستطيع أن نعيد بعض هذه الثياب الى المحل؟".
هزت كاتي رأسها نفيا وقالت آسفة:
" فكرت بذلك ولكن الأمر سيبدو غريبا ، مارغو تعرف ما إشتريت .... ولقد سجلنا كل المشتريات بإسم السيدة سلايد".
" هل انت أكيدة من أننا لا نستطيع ان نطلب مساعدة والدي ؟ إنه ليس غولا يأكلنا وهو متفهم للغاية".
" أنا أكيدة أنه سيفهم المشكلة ولكن همومه المادية تكفيه ، مرض والدتي أثقل كاهله ونحن ثلاث فتيات وتدبير امورنا عمل شاق ، ثم لا تنسي دوروثي شقيقتنا الصغرى فهي تحتاج المال لدخول الجامعة ، إنها ذكية ومن المؤسف ألا تتابع دراستها الجامعية".
بدأت دموعها تنهمر على خديها دون توقف.

نيو فراولة 20-03-12 08:10 PM

" وماذا بشأن غاي ؟ ألا يحبك يا كاتي؟".
" أنه يحبني كثيرا ... ولكنني لا أستطيع ان أطلب منه مالا قبل الزواج ، وأنا لا أريد أن أثير شكوك عائلته حولي ، إنهم لم يوافقوا على زواجه مني.... ولا أريد ان ابدأ حياتي الزوجية بصفحة سوداء.... اريد أن ابدأ حياتي بصفحة نظيفة ، هل تفهمين قصدي؟".
" نعم ، أفهمك جيدا".
" هل لديك بعض الحلول؟".
" فكرة أو إثنتين ولكن علي التفكير قبل أن أتكلم .... جففي دموعك الان يا كاتي...... لا اريدك أن تعودي الى خطيبك وأنت على هذا الشكل".
" اشعر انني افضل بكثير بعد أن أخبرتك مشكلتي، أنت افضل شقيقة في الوجود ، لقد أخبرت مارغوعنك الكثير وهي تنتظر مقابلتك هذا المساء ( إبتسمت ونظرت اليها نظرة تعجب ) عندما إتصل ادوار مانسل بغاي الليلة الماضية ليدعونا الى السهرة إكتشف أنه يعرف آل سلايد ، اليس ذلك مفرحا ؟ قال أدوار انه يعرف مارغو وأن بعض الروابط العائلية تجمعنا ".
" قالت السيدة مانسل أنها تعرف آل سلايد... علينا أن نرتدي أجمل الثياب هذه الليلة ، علينا أن نظهر فتنة وجمال فتيات يورك وأننا نستطيع أن ننافس جمال وأناقة فتيات لندن".
" سألتني مارغو عن علاقتك بأدوار مانسل... أعتقد أنها تميل اليه ( نظرت نظرة سريعة الى شقيقتها قبل أن تكمل ) اخبرتها أنك على معرفة وثيقة به...".
" لماذا فعلت ذلك يا كاتي؟".
" طريقة مارغو في التهكم علينا ، كأننا نعيش في الأرياف .... متخلفين ... او كأننا أبناء عمها الفلاحين.... تفهمين؟".
" نعم افهم ... وماذا أيضا؟".
" لا تغضبي مني يا أليانور ! قلت أنك تعرفين آل مانسيل من سنوات عديدة ، أليس ذلك حقيقة ؟ إن والدتنا تعرفهم منذ كانت شابة وقبل أن تتزوج وأنت عشت معهم الآن أسابيع... الست صديقة؟".
" سلمت جدلا....".
" أقصد.... ألا يمكنك ان تقولي أن أدوار صديقك؟".
" نحن لسنا عدوين ؟".
" إذن نحن متفقان .... أخبريني قليلا عن أدوار وفانيسا ؟".
رأت اليانور أن تسري بعض الشيء عن شقيقتها المهمومة وتبعد افكارها عن الثمانين جنيها ومشكلتها ، قالت:
" فانيسا شابة صغيرة فاتنة وجذابة ، صغيرة الجسم شعرها قصير مجعد ، إنها لطيفة وكلها نشاط وحيوية ، يخيل اليك لأول وهلة بأنها سطحية التفكير ولكنها ليست كذلك ، أنا أحبها كثيرا".
" أوه ، إنها تخيفني ... وماذا عن أدوار؟".
" إنه شاب منكمش على نفسه ، يتمتع بثقة كبيرة بنفسه ، أعتقد أنه قاس ولا يحس بآلام الآخرين ".
" ربما هو غير الشخص الذي تعرفه مارغو... هي تقول انه وسيم وانيق ويرتدي افخر الثياب ، شديد الناقة ويعرف ماذا يريد وغالبا ما يحصل عليه".
ضحكت اليانور كثيرا وقالت تؤكد لها:
" نحن نعرف الشخص نفسه ، إنه ادوار مانسيل بعينه".
" في الثلاثين من عمره ، عازب ! ".
" ليس الزواج أمرا هاما في حياة كل إنسان ... ولا تنقص أدوار صحبة النساء".
" نعم ، هو كذلك ، وأنا لا أريد أن أقع في شباكه ... مع أنه جذاب ورفقته ممتعة".
" أتمنى ذلك... من سيحضر معنا الى الحفلة ايضا؟".
" هيو هو صديق أدوار ، إنه ليس طويلا ولا وسيما ولكنه طيب المعشر ولطيف".
" هل آل مانسل لطفاء؟".
" ليس تماما ، ولكنهم ليسوا بسطاء ايضا ".
" أتمنى لو أنني لم اسال عنهم... إنني خائفة من لقائهم".
ضحكت أليانور وهزت كتفيها غير مبالية وقالت:
" أشعر ببعض البرد ، هيا بنا".
شبكتا أيديهما وركضتا الى حيث إفترقتا أخيرا كل في سبيلها.
منزل آل مانسل في المدينة مؤلف من ثلاث طبقات فوقها قرميد ، فتح الباب السيد هاكمان الذي كان بإنتظارها ، تبعته اليانور الى أعلى وكان يخبرها أن فانيسا إتصلت بها هاتفيا ، قادها الى غرفة نومها حيث وجدت حقيبتها قرب النافذة ، قال:
" لقد حمل لك الحقيبة السيد أدوار وقال أن السيد هيو سيمر لإصطحابك ففي السابعة والنصف ، الآنسة فانيسا ستذهب الى المسرح بعد أن تنتهي من عملها في المحل ، أقترح عليك يا آنسة فارس بعض الشاي لأن العشاء سيتأخر".
" أشكرك".
أحضر لها السيد هيكمان بعض الحلوى والشاي ، لم تكن فكرة الطعام تروق لها ، ولكنها أجبرت نفسها على تناول بعض الحلوى مع الشاي الساخن... كانت لا تزال تفكر بالثمانين جنيها... نظرت الى وجهها الشاحب في المرآة وقالت لنفسها : يجب أن أنسى المشكلة لهذه الأمسية لئلا تفسد سهرتي برمتها ، لم تستطع اليانور أن تبعد المشكلة عن رأسها ، فكلما امعنت في التفكير تبين لها جليا أن على شقيقتها إخبار خطيبها غاي بالأمر وهو سيتصرف ... ولكن كاتي أكدت لها أنها لن تخبره وليس بإستطاعتها أن تجبرها.
قالت اليانور في نفسها : لو كنت مكان شقيقتي كاتي ، هل كان بإمكاني أن أخبر خطيبي بمشكلتي ؟ هل ساتصرف مثلها ؟ تنهدت... لا ! اريد ان أعتقد ان بإمكاني فتح قلبي للرجل الذي أحب واخبره بكل شيء ، ليس من المعقول ان أمضي عمري مع رجل أخفي عنه أي شيء...
تمددت فوق السرير ترتاح قليلا قبل موعد الإستعداد للسهرة، وبعد قليل شرعت تستعد للسهرة ، طلت وجهها بطبقة خفيفة من المساحيق في محاولة لإخفاء شحوبها وقلقها ، إبتسمت لنفسها إبتسامة راضية وهي تنظر الى المرآة .... ستخفي كل متاعبها الآن .... ثوبها الرقيق الناعم المحلى ببعض الكشاكش فوق الأكتاف لونه برونزي غامق مما أضفى على شعرها بعض اللمعان ، سرّحته بفرشاة قاسية وتركته ينسدل حول وجهها كالهالة المستديرة ، شكلها الخارجي مرضي وهذا ما سيساعدها كثيرا للتغلب على مشاكلها الداخلية المقلقة.

نيو فراولة 20-03-12 08:11 PM

وصلت أليانور برفقة هيو الى المسرح مرّ لقاؤها بغاي بسلام ، تعارف الجميع وتبادلوا الكلمات المعتادة ، بدت مارغو سلايد جذابة وبراقة تخطف البصار ولكن أليانور وجدت نفسها تكرهها منذ النظرة الأولى ، كان بصحبة مارغو شابا يكبرها سنا ولم تجد أليانور فرصة خلال السهرة لتتكلم معه ، مشت كاتي خلف اليانور وهي تصعد السلالم وتمتمت في أذنها:
" اليس المسرح فخما ؟ سمعت عن دروري لاين ولكنني لم أتخيّله بتلك الضخامة ، لقد تساءل غاي : كيف أستطاعوا الحصول على تذاكر للمسرحية؟ المفروض أن التذاكر نفدت من السوق منذ ايام ( إبتسمت وأكملت) ولكن نظرة واحدة الى أدوار تشرح كل شيء .... ( كان ادوار يتقدم الجميع صعودا الى المسرح ، نظرت اليه كاتي ثم أكملت حديثها متمتمة في أذن شقيقتها ) يلزمك نظارات .... يا شقيقتي.... إنه رائع".
" هل أخبرت غاي عن...".
" لا ، قلت لك أنني لا أستطيع".
" كان من الأفضل لو فعلت ".
نظرت اليها كاتي حزينة يائسة فأكملت أليانور:
" إنسي الموضوع الآن وإستمتعي بسهرتك".
قال غاي:
" كفاية ثرثرة ، لا أسمح لأي سر بينكما....".
قالت مارغو:
" هراء ، تدابير الزفاف كلها اسرار يا عزيزي غاي ، أنا وكاتي لدينا اسرار أيضا ، أليس كذلك؟ أسرار عن الجهاز الأنيق .... عروسك جميلة يا غاي ، لقد أحسنت الإختيار ، اتمنى لكما التوفيق".
وضع غاي يده حول كاتي وإبتسم لها إبتسامة عريضة وقال مفاخرا :
" إنها فاتنة".
قال أدوار يخاطب اليانور :
" إليك برنامج المسرحية يا اليانور".
نظرت اليه بقامته المديدة وشعره الأسود اللماع وهو يقودها الى مقعدها ، شكرته بنظرة سريعة وجلست ، بعد أن إتهت المسرحية صفقت اليانور كثيرا وتمتمت بكلمات الإعجاب والمديح المتداولة في مثل تلك الظروف ، بعد مرور يومين نسيت أليانور كل شيء ، لم تعد تذكر إلا وجود ثلاثة أشخاص معها ، أدوار ومارغو وغاي : أدوار شاب مهذب ويحسن مراقبة الأمور حوله ولا يفوته فهم أي شيء ، ومارغو سلايد تتدخل في أمور لا تعنيها ابدا وتتلصص لتسرق الأخبار من حولها وتجري تحقيقا هنا وهناك من كثرة أسئلتها ، أما غاي فكان يثرثر بسعادة واضحة ، شخصيته المنفتحة يسهل التعامل معها في كل مناسبة.... كم كانت تخشى أليانور هذا اللقاء معه... ولكن قصة الجهاز فاجاتها وأربكتها ، بدت وهي تلقاه مشدوهة ومشوشة الأفكار.
وجبة الطعام كانت عملية تجريبية بالنسبة اليها ، حاولت جاهدة أن تبدو طبيعية وهي تتناولها ، كانت فوق تصورها وما إعتادت عليه في حياتها السابقة ، الطعام لذيذ ورائحته شهية ، وأجبرت نفسها على إبتلاعه مع الأحاديث المختلطة حولها .... بدت الأمسية كأن لا نهاية لها... فتمنت لو تنتهي وتنتهي هي من آلامها العديدة.
إنفض الإجتماع في ساعة متأخرة جدا من الليل ، وفي آخر لحظة وجدت اليانور نفسها تواجه ترتيبات العودة.... بقيت برفقة أدوار ليعود بها في سيارته الى البيت ، سألت وهي شاردة:
" اين فانيسا؟".
بقي ادوار صامتا يركز كل إنتباهه على قيادة السيارة ....وبعد فترة صمت طويلة قال:
" تنتظر وصول بضاعة في الصباح الباكر ، ستنامين في الشقة معي ، ظننت أنها أخبرتك ، ارجو أن لا يزعجك البقاء في المنزل دونها ، السيد والسيدة هيكمان في الطابق الأول".
" لا ، لا مانع عندي".
رمقته بنظرة فاحصة ، أحست ان هناك شيئا يزعجه بل يغضبه ، أصبح شخصا لا يحتمل ، وسرّت لأنها ليست سبب غضبه ، أغلقت عينيها لترتاح وتفكر في مشاكلها الخاصة وكان مزاجه العكر يناسبها وكذلك صمته ، تمنت اليانور أن يخف صداعها أو تصمت أفكارها .... بدأت تراجع الأحداث لنفسها... رؤية غاي .... بدا كأن وجودها لا يعنيه ابدا ، طوال السهرة وهو يتحدث كعادته .... شعرت أنه صهر المستقبل ..... إنزعجت من نفسها ، كيف يمكنها ان تقع في الحب وتخرج منه بهذه السهولة والسرعة ، هل هي شابة سطحية تافهة .... هل جذبها بوسامته وجمال تفاصيل وجهه ؟ هل اسات فهم نظرته التي رماها بها أول ما رآها ؟ هل فسرتها على انها إعجاب .... بها...؟ لقد خرج غاي كليا من فكرها وقلبها وعقلها.
والسؤال عن الثمانين جنيها عاودها ، ودت لو تصرخ تستغيث ...
فتح أدوار باب السيارة ثم باب المنزل لها ، الظلام الدامس يملأ البيت ، تبعته اليانور الى المكتب وخلعت معطفها وهي تتثاءب ، اشعل أدوار النور الخافت فوق الطاولة الجانبية في المكتب ، الصمت كثيف مما أثار ريبة اليانور وقلقها ، كانت تعبة جدا ولكنها وجدت معالجة الأمر بلباقة وكلمة مجاملة فقالت:
" شكرا على هذه الأمسية يا أدوار ، أنت لطيف..... لقد تكبدت مشقة من أجل شقيقتي كاتي وخطيبها ، تمتعا كثيرا بهذه الأمسية....".
لم تجد ما تريد ، كان أدوار لا يزال على صمته الثقيل والغريب ، نهض الى الستيريو وادار بعض الموسيقى الخافتة والحالمة ثم عاد ليقف امامها وقال بعصبية:
" انت لم ترقصي معي خلال السهرة".
كانت نبرة صوته تنم عن الغضب وكذلك تعابير وجهه القاسية تشير الى وجود خلل .... شعرت كذلك بعدم توازنه وارادت ان تتحاشى الإصطدام به ، قالت باسمة:
" انت لم تطلب مني مراقصتك !".
" كلا".
أجابها بعصبية ظاهرة ثم شدّها اليه وضمها بذراعيه وبدا يدور بها ببطء في الغرفة وهو يحاول ان يتابع اللحن الموسيقي ، المناسبة لا تدعو للرقص والجو ثقيل للغاية وغير مالوف مما جعل اليانور تجر رجليها بثقل ثم تتوقف عن الرقص ولكنها بقيت صامتة بين ذراعيه ، بدا أدوار كمن نفد صبره ، مشى الى الستريو وأصمت الموسيقى وعاد يقف أمامها ليقول بغضب ظاهر:
" اريد ان اتحدث معك بأمر هام".
" صحيح؟".
" أعرف أن لديك خبرة ومقدرة فائقة على التمثيل يا اليانور ، أرجو أن لا تنظري اليّ ببراءة ودهشة مصطنعة !".

نيو فراولة 20-03-12 08:13 PM

بان غضبه للعيان ولم يعد يستطيع كبحه ، مشى الى الطاولة وصب كاسين من الشراب المنعش وحملهما ، قدم لها كأسا ، هزت راسها وقالت:
" شكرا.... لا اريد".
" إشربيه ، إفعلي كما آمرك ، لا أعرف ماذا جرى لك هذا المساء ، لا اريد أن يغمى عليك .... لا تنتظري مني اية شفقة؟".
" هذا آخر ما أنتظره منك يا أدوار".
كانت لهجتها لاذعة وقد بدأت دموعها تتساقط بسرعة على خديها .
" حسنا ، سأعزو شحوب وجهك وقلة قابليتك للطعام بسبب حماسك للسهر وليس لأسباب أخرى خفية".
" ارجو ان تكف عن معاملتي كأنني شقيقتك الصغرى".
" ربما هنا يكمن الخطأ ".
بدا غاضبا... وصح الأمر لها جليا فهي وحدها سبب غضبه.
قالت:
" ماذا تعني؟".
" يا عزيزتي اليانور... لقد لفت نظري خلال السهرة أنك لست شقيقتي الصغرى ولا يمكن أن تكوني كذلك في شعورك".
" أشعر أنك غاضب جدا".
" نعم ، وقد تبيّن لي الآن ان كونك لست شقيقتي يمنحني بعض الفرص... ( مد يده يداعب خدها برقة ظاهرة ، ثم تابع وهو ينظر الى عينيها وقد ركّز عينيه الزرقاوين فيهما ، احست كأن النار احرقت كفها )".
" لماذا تفعل ذلك يا أدوار؟".
" لماذا ؟ أنت تقللين من قدر نفسك يا عزيزتي ، عليك ألا تقارني بينك وبين قطعة الشوكولاتة ..... شقيقتك... انت جذابة وجسمك متناسق وصوتك دافىء وعيناك معبرتان وتروقين لي أكثر بكثير من شقيقتك....".
هزت اليانور رأسها غير موافقة بينما تابع أدوار الإقتراب منها ببطء ولين حتى قاربها تماما ، فضمها بدون عناء ولم تحاول دفعه بل كادت تسقط أرضا لو لم يمسك بها ، حاولت أن تتكلم ولكن حلقها جف ، وبعد جهد سحبت نفسا عميقا وقالت بصوت متهدج:
" ارجوك أن تبتعد عني يا أدوار...".
" أليس ذلك ما تريدين ؟ هل غيرت رايك فجأة ، اليست الفكرة جيدة ، لماذا تخافين الآن بعد أن اثمرت خطتك ونجحت ( كان يتكلم بسخرية وبرودة وأكمل ) هل أنت معتادة على الشباب الطائش... وأنا رجل ناضج اخيفك ، صحيح ، كان علي ان اسال مارغوالى اين وصلنا بعلاقتنا ( ضحك ضحكة مجلجلة ) أما زلنا في طور تماسك الأيدي ... هل ساخيب ظنك ، أنا لي شهرتي في هذا المضمار...".
جذبها بقسوة اليه حين إستطاعت أن تتكلم قالت متألمة:
" أدوار ، أعرف انك غاضب...".
" يا الهي ! أنا غاضب ، أنا واثق بانك كنت لا تعرفين عمن كنت تتكلمين.... لو كنت رفيقك يا صغيرتي البريئة لطالبتك بحقوقي....( إحمرت وجنتاها على الفور وبدا مسرورا لرؤية خجلها الظاهر ) مارغو سلايد هي أكبر ثرثارة في البلد ، لن تصمت عن القصىة التي سمعتها طويلا ، وحين سنحت لهما الفرصة هذه الليلة تكلمت .... كادت تموت وهي تتشدق وتهنئني على ذوقي .... ولكن مارغولا تتكلم دون ان تكون قد حصلت على إعتراف منك مسبقا !".
منتديات ليلاس
بدأت الأمور تتوضح في نظر الأمور .... إنها كاتي شقيقتها ، هي التي اخبرت مارغو .... كاتي فتاة شاعرية رومانسية ، لقد أخبرت مارغو بأنها تعرف أدوار معرفة جيدة ، إنها صديقته... وربما أضافت تعابير أخرى.... شعرت اليانور بالغضب يجتاحها ، كيف يستطيع أن يجرؤ على القول بانها تخدعه ، أو أن تقيم علاقة سرية معه .... نظراته اليها نظرة مذلة ومحتقرة ، ثم ضحكت اليانور ضحكة صفراوية باهتة وقالت:
" يا الهي ، لماذا أنت غاضب ، كنا نتكلم ونتسلى بالكلام ، لا شك أنك معتاد على هذه الأقاويل ".
" هذا صحيح ، ولكنني لم أنتظر ذلك منك ، إذن أنت تعترفين بأنك أخبرت مارغو ".
" من السخافة أن أنكر ذلك ، وأنت لن تلومني وأنا أحاول مع عازب .... مناسب يعيش قريبا مني ، تكلمت مع مارغو بأمور تافهة ، ربما هي التي ضخّمت الأمور....".
مشى اليها من جديد وقال ببساطة:
" لا ، لا ألومك ، ولا أريد ان أخيب أملك ، انت سيدة محترمة ولا اعدك بالزواج .... ولكن ربما تستطيعين ان تجعليني أغير رايي بالموضوع!".
تمتمت بصوت مرتجف :
" أنت شاب بغيض".
" وأنت غبية يا صغيرتي ، إنها ليست دعابة ، ما نفعله الآن ليس تسلية ، لو لم أكن غاضبا لضحكت من تصرفاتك".
" أنت غاضب يا أدوار مانسل ، أنت لسا الغاضب الوحيد هنا ( بدأت تعيد ترتيب هندامها)".
" دعيني أساعدك".
" إياك ان تلمسني! ".
" لا تكوني سخيفة ( كان صوته قاسيا وهو يساعدها ) انت تحبين إثارة المشاكل .... اليوم كنت ستجدين نفسك غارقة في مشكلة كبيرة".
" كلا ، ثم انت لست الوحيد الذي كان يلعب بالنار ( كانت عواطفها تتصارع بداخلها ) ربما تخبرني ما قالته لك مارغو سلايد ! ".
" لا أريد ، مارغو ثرثارة وخبيثة ، أنها في النهاية من الفتيات الشرسات ، فهي لم تسامحني لأنني لم أقع في جاذبيتها الفتّاكة ، ربما هذا هو السبب الذي صبغ حديثنا قليلا.... انا لا أريد ان أزعجك بالتفاصيل أو أضجرك ، لقد لمحت لي بما فيه الكفاية وتركتني أشك في الحقيقة... أما هي فلم توضح كلامها ".
" فهمت".
" لا ، أنت لا تفهمين ، ربما هي هاجمتك ولكن كان في نيّتها أن تنال مني انا.... أنت بريئة ولا تستطيعين فهم شراكها ... وإن لم اتكلم قبل أن أواجهك لأعرف الحقيقة منك".
" كم أنت مغرور بنفسك.... ليس في نيتي أن أقرن إسمي بإسمك أبدا ، ربما أنا اختلف عن جميع الفتيات اللواتي مررن بحياتك .... أنا لا يهمني كبرياءك أو مغالاتك وتعاليك وأنانيتك....".
" افهم".

نيو فراولة 20-03-12 08:15 PM

" أنا سعيد لأنك تفهم رأيي فيك ، كيف يمكنك ان تعتقد أنني .....".
" آسف لأنني كنت مراوغا ...".
" صحيح ، اهذا كل شيء؟".
"وماذا تريدين أكثر؟".
" كيف إستطعت أن تكون جارحا ولاذعا وساخرا وغاضبا وأنت تحاول إقتناص الفرص .... كيف تغيرت الآن.....أصبحت هادئا متفهما ...".
" ربما لأنني رجل ناضج ، سيزول غضبك عندما تكتشفين ان لي اسبابا.....".
" وأنا ، اليس لدي أسباب ، هل إعتقدت أن بإستطاعتي خداعك...".
" لقد كنت خاطئا ، انت تفهمين أكثر مما كنت اتوقع".
" ربما ، وربما أنت تحاول ان تسخر مني من جديد ، لديك الآن مزاج للمرح يا أدوار مانسل .... أنت بلا أخلاق ، وأنا لا زلت غاضبة منك ".
" تعالي يا أليانور ، إجلسي ، كفى حركة دائمة كعصفور في قفص....".
أجلسها بقوة وجلس قبالتها وقال:
" إذن كل شيء كان من فعل شقيقتك الصغرى؟".
لا يفوته أي شيء مهما كان تافها ، ودّت لو تخبره بكل شيء عنها ... تمنت لو تستطيع ، ولكنها ليست على علاقة طيبة معه ، إنه مضيفها فحسب .... ولا يمكن لأي شخص ان يوقعه في فخ الزواج منها .
" آسفة ، هذه هي الحقيقة ، فهي لم تعرف كيف سيتحور كلامها .... ثم مارغو هي التي دفعتها للكلام .... أرادت شقيقتي أن تفاخر بعائلتنا المتواضعة وعلاقتها بآل مانسل ... ربما شعرت بان مارغو مهتمة كثيرا بامرك .... لا أعرف بالضبط ما قالته....".
" ربما لم تقل الشيء الكثير لأن مارغو ثرثارة وتحب الأقاويل وتضخيم الأمور".
" وماذا قلت لها أنت ".
" حاولت أن اضللها ببعض التعابير الغامضة".
" وهل سبق ان سمعت منها ما يشبه هذه القصة ".
" لا اريد أن أتكلم حتى لا تتهمينني بالمفاخرة ".
" إذن أنت لم تنف أو تؤكد أقاويلها ! ".
" صحيح".
" وماذا ستفعل الان يا أدوار ؟".
صمت يفكر ، نظرت اليه تستوضح تعابير وجهه ، رأت حاجبيه الكثيفين مرتفعين بشكل غير معقول ، بدا شكله غير مرتب وقد تدلت خصلة من شعره فوق جبهته .... شكله كاي إنسان عادي يفكر ، لاحظت وجود بعض القشرة على ياقة قميصه ، معطفه مفتوح وقد مدّ رجليه كي يرتاح ، فك ياقة قميصه الأبيض المنشاة وظهر شعر صدره الكثيف من تحت البدلة السوداء الرسمية ، ظنت اليانور أنه نام.... كان هادئا مرتاح البال ، وأخيرا رفع عينيه الزرقاوين ينظر اليها متسائلا ... كررت سؤالها من جديد ، إستوى في جلسته متكاسلا ومد يده لمؤخره راسه يحكه مفكرا بحركة طبيعية ثم وقف أمامها قائلا:
ماذا ستفعل ؟ لا شيء .... ستموت الإشاعة بعد قليل ، ستغادر شقيقتك غدا الى يورك وسنبتعد عن طريق مارغو سلايد لفترة ننساها وتنسانا .... الوقت متأخر الآن ومن الأفضل ل كان تأوي الى فراشك".
مدت أليانور يدها ، أمسك بها وساعدها على النهوض سحبت يدها من يده بسرعة ، مشت نحو الباب وتبعها بعد أن أغلق الضوء.
" تصبح على خير يا أدوار ، آسفة لأنني أفسدت سهرتك".
" لم تكن سهرة سيئة ( فتش في جيوبه عن مفاتيح سيارته) كنت شاحبة الوجه حين وصلت الى المسرح هذا المساء ، هل مقابلة غاي سلايد هي السبب؟".
فاجأها بسؤاله غير المنتظر ، إحمرت وجنتاها وهي تحاول ان تفتش عن جواب ، قال :
" اعتقد أنه يناسب شقيقتك كاتي ولا يناسبك".
" أنت حقا ابغض إنسان عرفته".
" أما زلت تحبينه؟".
" يسرني إهتمامك بأمري ....ولكنني لا .... لا أحبه".
" تابعي هذا القول لنفسك عدة مرات في اليوم فربما تصدقين نفسك في النهاية ، كلما تقدم بي العمر وجدت انني عاجز عن فهم ما تسمونه ( الحب ) إنه لا يؤمن جانبه أبدا ( أكمل بلطف) كنت قاسيا معك الليلة يا اليانور ... أنا لست متوحشا ، لقد كنت غاضبا من نفسي...مساء الخير".
مشى الى الخارج وغاب في الظلام.
كل شيء هذا المساء لا يحتمل ، بدأت السهرة وهي تعتقد أنها تحب رجلا وإنتهت وهي تفكر برجل غيره ، هزت راسها متعجبة من تغير عواطفها السريع ، كل شيء يصعب فهمه في هذه اللحظة.
كانت لا تزال في وقفتها قرب الباب حين سمعت المفتاح يدور في القفل ويعود أدوار.
" لقد نسيت بعض الأوراق ( دخل غرفة المكتب وعاد يحملها بيده ) على فكرة يا اليانور رغبت ان أسألك من قبل : ماذا حلّ بأدوار ؟".
" أدوار؟".
" الضفدع الذي كنت تربين".
" لقد مات ، دهسته سيارة المدرسة".
" ربما كان في طريقه اليك ، مسكين .... مساء الخير".
لم تصدق اليانور ما سمعت ، وبعد قليل سمعت صوت محرك السيارة يدور والسيارة تبتعد ، كيف يمكنها ان تصف رجلا مثله ...
دخلت فراشها وهي تفكر ، أنه مغيظ......

نيو فراولة 20-03-12 08:16 PM

4- ( كوني طيبة القلب يا سيدتي وإتركي الذكاء للآخرين ) هذه كلمات شارلز كينغزلي... وأليانور الطيبة القلب تركت الذكاء لأدوار مجبرة بعدما قادته ليلة ماطرة الى حيث تعمل فعرف كل شيء ، وقدم لها عرضا جديدا.

نظرت اليانور الى ساعتها ، إنها الثانية بعد الظهر ، بعد نصف ساعة سيحين موعد الشاي ، مرت بالقرب منها الخادمة مايسي التي تعمل معها وهي تحمل صينية مليئة بالطعام الساخن.
" نحن مشغولون اليوم ، إنتبهي الى الطاولة رقم سبعة ، إنه شخص يجيد الإنتقاد وإظهار العيوب ، استغرب لماذا عاد من جديد الى المطعم ؟ ألأنه يستلطف واحدة منا؟
مشت مايسي بين الطاولات بطريقة ماهرة تدل على خبرة طويلة في مضمار الخدمة في المطعم ، ونظرت اليها أليانور شاكرة معلوماتها القيمة، لقد تعلمت الكثير من ملاحظات مايسي وهي في بداية حياتها العملية كخادمة في مطعم لويجي....
إستلمت اليانور الوظيفة بعد ان تحدثت مع كاتي بشأن الثمانين جنيها ،وجدت حلا للمشكلة المالية في هذه الوظيفة.
قال أحدهم مرة ان مصائب قوم عند قوم فوائد ، وهذا ينطبق على الرملة التي تعمل كمساعدة في محل الأثريات عند ادوار فقد تعثرت وكسرت رجلها .... وهذا يعني أن فانيسا تحتاج لوقت أطول من المعتاد في المحل وبذلك يفسح المجال امام اليانور لتعمل في المطعم دون ان ينتبه احد لغيابها.
منتديات ليلاس
إنتقلت فانيسا من المنزل الريفي الى لمنزل في المدينة وطلبت من أليانور مرافقتها ، فرحت اليانور بهذه الفرصة لأنه يسهل عليها التفتيش عن وظيفة .. غيابها كان معللا بمشاهدة معالم المدينة السياحية وبذلك كانت تبقى فترات طويلة في العمل.
قبل حصولها على هذه الوظيفة في المطعم رغبت في بيع خاتم جدتها ، اخذته الى محل محترم لبيع المجوهرات وطلبت تقييمه ، وإكتشفت أن التقييم لا يتم فورا ، سجلوا إسمها وعنوانها وكان عليها أن تعود بعد يومين لتأخذ نتيجة التقييم.
تركت محل بيع المجوهرات وهي تشعر بخيبة أمل ، المطر ينهمر بشدة وهي داخل شوارع ضيقة ومتشابهة ، أحست بأنها تحتاج لرؤية خريطة البلد كي تعرف مكانها ، وجدت مطعما صغيرا وقررت أن تدخل لتتناول فنجانا من القهوة وتراجع الخريطة على مهل.
مطعم لويجي ، الأسم إيطالي ولكن مالكه كين ولسون من ميدلاند لا يمت بصلة الى الأسم الإيطالي ، تكلمت مع السيد كين وتأكدت من حقيقة قوله ولكنته الأصلية ، وإكتشفت أثناء حديثها معه أن المطعم بحاجة الى خادمة ، مواعيد العمل يوميا من العاشرة صباحا حتى الثالثة بعد الظهر وعليها أن تخدم فترة أمسيتين في الأسبوع وقبلت أن تبدأ في اليوم التالي ، كان عملها متعبا للغاية في البداية ولكنه سيساعدها عل حل مشكلة كاتي المالية .... ثم هي لا تملك مؤهلات علمية معينة أو إختصاص وهذا العمل يناسب وقت فراغها القليل.
وجدت أليانور في مايسي الخادمة التي تشاركها العمل صديقة طيبة ومعروفة بين الزبائن في المطعم ، مايسي مسؤولة عن تربية إبنها الصغير جو وهو في الرابعة من عمره ، كان زوجها قد تخلى عنها وعن إبنه في الأسابيع من حياته ، وهي لا تثق بالجنس الآخر مطلقا ورايها فيهم يصبغه السواد.
بعدما عملت اياما قليلة في المحل غيّرت أليانور رايها كليا ، تبين لها العمل الشاق والنفس الطويل الذي تحتاجه في مسايرة الزبائن ، معظم أوقات عملها تحلم بساعة راحة تخلع فيها حذاءها لتريح رجليها من كثرة المشي ... سألتها مايسي:
" ستعملين معي هذه الأمسية ؟ لدي مشكلة مع حاضنة إبني جو ، إنها مشغولة هذه الليلة وأنا لا اريد أن اخسر عملي في هذه الوظيفة فالوقت يناسبني....".
" حاولي التبديل مع سواي ، أنا أساعدك في رعايته في ليلة أخرى ".
" صحيح ؟ شكرا يا اليانور ، ساحاول ".
بدأت أليانور تعتاد على جو العمل وروتين الحياة... ولكن التعب اضناها ، كانت كل أمسية تأوي الى فراشها منهكة القوى وهي تعد الأيام التي ستمكنها في النهاية من تجميع ما يلزمها من المال.
خروجها خلال النهار كان بقصد زيارة معالم المدينة السياحية ... ولكنها في الواقع كانت تتعلم قصص الحياة الحقيقية في ميدان العمل ، ربما ساعدها غياب أدوار عن المدينة في رحلة عمل الى إيرلندا وهذا ما سهل عليها الأمر كثيرا ، أما السيد مانسل فكان يحضر من وقت لآخر الى البيت في لندن ويستفسر عن صحتها ويبتسم لها بإحترام وكذلك السيدة إيف مانسل ، حين تلتقيها تسألها عن أحالها ولا تنتظر لتسمع أجوبتها فهي كعادتها دائما مشغولة ووقتها كله إجتماعات ومواعيد.
بعد أن عملت اسبوعين عند لويجي ، عادت بعد ظهر يوم الأربعاء مسرورة مرتاحة البال أصبحت تعرف طرقات لندن دون الإستعانة بالخريطة ، تنقلاتها في المدينة الكبرى أصبحت سهلة للغاية ، في هذا اليوم موعد عملها في المساء ، سترتاح قليلا في البيت ثم تعود الى العمل ، وصلت الى البيت وطلبت من السيد هيكمان فنجانا من الشاي وتمددت على لكرسي ترتاح...
أحست بتشنج في رقبتها وبعض اليباس بعد أن إستفاقت من نومها المزعج على الكرسي ، فتحت عينيها وبدأت تفرك رقبتها وتمدد رجليها ...وبعد دقائق قليلة شعرت بوجود أدوار يجلس على الكرسي قبالتها وهو يراقب حركاتها صامتا ، إستوت في جلستها على الفور وحاولت ان تلبس حذاءها .... لم تر أدوار منذ ليلة السهرة مع كاتي...


نيو فراولة 20-03-12 08:17 PM

" أهلا أدوار ، عدت من السفر ، لم أسمعك تدخل ! هل وصلت منذ زمن طويل؟".
" منذ عشر دقائق تقريبا ، كنت نائمة دون وعي حتى أنك لم تشعري بهيكمان وهو يحمل لك الشاي ، لقد برد فنجانك قربك ، هيا خذي غيره ، ربما أنت تعبة... ربما تسهرين طويلا.......".
" ليلة في الأسبوع أو ليلتين على الأكثر ... هل شخرت وأنا نائمة؟".
" لا . ( اشعل سيكارته واسند ظهره يرتاح وهو يراقبها متكاسلا ، أحست أليانور بالدماء تجري حارة في وجنتيها تحت وطأة نظراته الفاحصة وعينيه الزرقاوين ، تذكرت آخر مرة إلتقته. والان بعد عودته ربما تصبح الأمور أكثر تعقيدا ... تذكرت عناقه القاسي وحرارته ، لقد جعلها تحس بأنها إمرأة كما لم يفعل أي رجل غيره من قبل ، لماذا؟ إنها لا تحبه ؟ نظرت من جديد الى تعابير وجهه وإستغربت طريقة نظراته وملامحه..... كأنه لا يوافق عليها ابدا... لماذا؟ قالت مبتسمة إبتسامة متكلفة) ":
" صحتك جيدة والحمد لله ، لقد لوحتك الشمس وتبدو قويا".
أنيق الملبس كعادته ويرتدي كنزة كشمير صوفية زرقاء اللون وبنطلونا كحليا من الصوف الناعم.
قال:
" آسف لأنني لا استطيع ان أجاملك وأقول انك بصحة جيدة ، ولكنني منذ تركت إيرلندا لم تكوني على طبيعتك وكنت آمل ان أعود واراك قد إستعدت لون وجنتيك الوردي بعد سفر شقيقتك كاتي وخطيبها سلايد ".
" ربما اللون الأسود لا يناسبني"
كانت ترتدي ثياب العمل وزي الخادمات في المطاعم".
" هذه الملابس تتماشى مع السواد تحت عينيك... ثم يبدو أن وزنك قد نقص...".
" المشي يسبب ذلك فأنا أتنزه في المدينة يوميا لأتعرف على معالم لندن السياحية ، كيف إيرلندا؟".
" خضراء وجميلة ... ربما اهملوك كثيرا خلال الأسبوعين الماضيين يا اليانور ، ما هو برنامجك لغد؟".
وضع رجلا فوق رجل ، فكرت في نفسها قائلة : سأعمل طبعا في المطعم.
" زيارة الى المتحف الوطني ثم الأكاديمية الملكية إذا تيسر لي الوقت ".
" هل تريدين أن ارفقك؟".
" أوه ! جميل منك يا ادوار ان تسال ولكنك مشغول للغاية بعد عودتك من السفر لا تهتم لأمري ، إعتدت الذهاب بمفردي ، ربما في مرة اخرى حين يكون ذلك أسهل عليك".
إنتظرت تعليقه وهي تتمنى ان لا يحرجها .
" حسنا".
فتح حقيبته ليدرس بعض الأوراق .
" هل ترغب في فنجان ثان من الشاي؟".
رفع راسه عن حقيبته وأومأ موافقا وأكمل قراءة أفكاره رفعت عينيها تستطلع الوقت في ساعتها ، عليها أن تخرج على الفور لأن موعد عملها بعد نصف ساعة فقط ، سألها ادوار:
" هل تخرجين معي للسهرة هذا المساء؟".
" يا ألهي !".
إرتجفت يداها ووقعت ملعقة الشاي على السجادة ، إرتبكت بوضوح .
" هل إرتباكك دليل فرح طفولي امهو خوف من دعوتي؟".
" لا هذا ولا ذاك... الفنجان لم يكن في موضع ثابت".
" هل احظى بجوابك؟".
" آسفة يا دوار لأنني مشغولة هذه الليلة ، لدي موعد ".
منتديات ليلاس
أمسك برسغها بلطف وهي لا تزال تمسح السجادة وتتلهى بالنظر الى الأرض ، قال :
" هل تخافينني يا أليانور؟".
" لا أبدا ، صدقني ، لدي موعد مسبق".
" هل اسطيع أن أعرف من هو سعيد الحظ ؟ هل هو صديقك ؟".
" لا .... إسمه جو".
كانت لهجتها حازمة وأغلقت باب الكلام بينهما ونهضت على الفور واقفة :
" ربما في ليلة ثانية... إذا كان صديقك جو لا يمانع !".
" طبعا ، سيكون ذلك ممتعا ( إبتسمت له وهي تحاول ان لا تلتقي بنظراته ) وداعا يا أدوار ، شكرا على الشاي".
تأخرت بعض الدقائق عن عملها ، دخلت مسرعة الى غرفة الموظفين وخلعت معطفها وإرتدت قبعتها على عجل وربطت مريولها الأبيض فوق ثيابها السوداء... ظهرت مايسي أمامها وقالت ملهوفة:
" أخيرا وصلت ، ظننت انك لن تحضري !".
" لقد تأخرت قليلا ...".
" هل أنت بخير ؟ أنت لا تتكلمين كثيرا عن نفسك وانا لا أريد أن أتدخل في شؤونك الخاصة... ولكن هل أنت في ورطة ...؟ ومع رجل؟".
" لا يا مايسي !".
" من الواضح انك تقومين بهذا العمل لفترة مؤقتة ... لأنك في مأزق.... إذا كنت استطيع مساعدتك فأنا مستعدة، كل مشاكلنا نحن النساء هي من الرجال !".
" يوما ما سأستشيرك بشأن إيجاد منزل لي لأنني أريد الإنتقال .... اعيش الان مع أصدقاء والدتي وهم كرماء ولم يحددوا موعد إنتهاء زيارتي في ضيافتهم ولكنني لا أستطيع أن أفرض نفسي عليهم أكثر ، ومن الصعب الآن علي ان أشرح لهم وضعي ... ولكنني حتما سأحتاج لمكان في المستقبل القريب ، مايسي ، اليك بعض البرتقال لجو الصغير ".
" انت دائما تهتمين بأمره وتشترين له الهدايا".
" إنه صديقي المفضل".
" لا ، لا أصدق ذلك".
كانت مايسي واثقة بوجود شاب آخر في حياتها ، في اليوم التالي حين وصلت اليانور الى المنزل وجدت سيارة هيو ( البورش ) متوقفة في المدخل ، صعدت الى البيت ووجدته في المكتب يخط رسالة الى أدوار ، نظر اليها هيو مبتسما ومحييا.
قالت له أليانور مسرورة:
" اهلا هيو ، هل تبقى معي لنتناول الشاي ( جلست على الكرسي وخلعت حذاءها على الفور ) إعذرني ولكن رجلاي تؤلماني !".
" زيارتك لمعالم لندن السياحية مشيا على الأقدام متعبة للغاية ..... اليس كذلك ؟ انا أكتب رسالة الى أدوار وأريدك أن توصليها اليه ، ربما تحملها له فانيسا الى المحل غدا إذا لم يحضر هذا المساء ، حاولت الإتصال به هاتفيا بعد الظهر ولكنني لم افلح".

نيو فراولة 20-03-12 08:18 PM

" إنه مسافر في هولندا يلاحق بعض البضائع الضائعة ، إترك الرسالة وسأعمل جهدي لتصله... هذه الرسالة هنا من اهلي ، هل تسمح لي ان اقراها؟".
" لا زلت تشتاقين للبيت في يورك؟".
" من وقت لاخر ، بعدي عن البيت نفعني كثيرا ، لقد قمت بأعمال لم أكن لأحلم بها منذ اشهر قليلة ، إلتقيت أشخاصا ورأيت الحياة على حقيقتها وانا هنا ، وهذا سيساعدني على إختيار حياتي ...".
" هذه هي الحقيقة ( طوى رسالته ووضعها في داخل مظروف ) من الواضح انك سهلة التاقلم ، أنا مسرور لأجلك ، النبتة الصغيرة التي تعيش داخل المنازل حياتها قصيرة ( دخل هيكمان يحمل الشاي، شكرته اليانور ، ونظرت الى هيو قائلة ) ":
" إنظر الى كل هذه الساندويشات والكاتو".
" يا عزيزتي اليانور لقد عدت في الوقت المناسب لأتناول هذه الأطايب ".
حضرت فانيسا بعد نصف ساعة ودخلت غرفة المكتب لتجدهما يثرثران بطريقة ودية وعفوية ، كان هيو يجلس على كرسي يشرب الشاي بينما جلست اليانور على السجادة بالقرب من المدفأة .
" منظر ودي للغاية ، اتمنى أن يكون قد بقي لي بعض الشاي فانا من الكادحين ، السير مزعج للغاية والإزدحام لا يطاق .... كيف حالك يا هيو ؟ لم نرك مؤخرا ! هل كنت مشغولا؟".
" نعم طريقتك بالدخول الى الغرفة وهجومك المفاجىء يجعلني اخاف على كنوز أدوار الأثرية من التحطيم".
" أوه ، أستطيع ان أكون سيدة محترمة التصرف متى اريد ، شكرا يا اليانور على الشاي ، هل تمتعت بوقتك هذا اليوم؟".
" نعم ، تفضلي وتناولي بعض الساندويشات ".
قال هيو:
" فانيسا لم انس موعدنا في قاعة الإحتفالات للأسبوع المقبل ، هناك برنامج مثير ، هل نذهب يوم الجمعة؟".
" نعم ، أنا جاهزة يوم الجمعة ".
قال هيو يخاطب فانيسا:
" سأتصل بك هاتفيا واحدد موعدنا بالتفصيل ( خلع نظاراته ومسحها ) ألا ترغبين يا فانيسا في معرفة المقطوعات الموسيقية التي ستعزفها الفرقة؟".
" اوه ، أنت تعرف انني أوكلت اليك مهمة تثقيفي الموسيقي .... منذ صغري".
" مقطوعة دوفور جاك ( العالم الجديد) وبعض موسيقى بروكوفييف وبرليوز".
" اليانور ، هل لاحظت كيف يختبىء هيو خلف نظاراته ، إنه لا يحتاجها فعليا ، بل يعتقد أنها تضيف الى شكله إحتراما وتضفي عليه قوة وسلطة يحتاجها وهو يتعامل مع مشاكل الدولة وتصريف أمورها في مكتبه بالوزارة".
مشى هيو ببطء الى الباب ، مر بيده بحنان على شعر فانيسا وهو يمشي خلف كرسيها حيث تجلس وقال:
" هناك من لا يحترم الأكبر منه سنا".
" سأكمل الواحدة والعشرين من عمري في الشهر المقبل ، عليك أن تحضر عيد ميلاد حريتي وسأريك كيف أكون محترمة ، سأدهشك.... على فكرة ما هو إنطباعك عن معرض ارشي لورد الليلة الماضية ، لمحتك هناك فترة ولكنك لم تبق طويلا".
" رايت بعض العروضات ولكنني لم أستسغها".
" صحيح ، إنها غريبة عن ذوقي ايضا... لماذا حضرت؟".
" اعرف شقيقه الأكبر ووجدت ن من واجبي الحضور لشجعه ".
" مسكين أنت يا هيو ... انا ذهبت برفقة فيليب نولان وهو صديق للعائلة".
بينما كانا يتحدثان كانت اليانور تعيد قراءة رسالتها ، نظرت اليهما بعدما إنتهت من القراءة ، ودّعها هيو وخرج ، وبعد أن سمعت الباب الخارجي يغلق حدّقت فانيسا بالمدفأة ، وهمهمت لحنا حنونا معروفا.
" هل تحبين هيو يا أليانور؟".
" طبعا".
" أنت من النوع الذي يستهويه .... لو رغبت في الزواج".
إحمرت أليانور خجلا وتجاهلت مقصدها وسالتها:
" ماذا يعمل هيو؟".
" يعمل في مكتب في إحدى الوزارات؟".
" معاملتك له قاسية جدا".
" نعم ، يطيب لي ان استفزه وأجعله يغضب ويفقد توازنه ورباطة جأشه ، إننا أقرب المقربين اليه وهو يشعر بالأمان بيننا ، ولكنه مثل شقيقي ادوار يعتبرني طفلة صغيرة تحتاج للرعاية الدائمة ، اقصى أمنياتي في الحياة أن استفزه ، أشعر أن ذلك سيكون من المستحيلات... والآن أخبريني الحقيقة يا اليانور هل أنت حقا مشغولة يوم الجمعة؟".
" لماذا؟".
" لأن بإستطاعتي أن أدبر الأمر ونخرج أربعة...".
" شكرا ولكنني مشغولة ، وإذا كان الشخص الرابع هو فيليب نولان فإن هيو لن يكون مسرورا ولا أعتقد أن صحبة فيليب تروقه".
" وانا أيضا اعتقد ذلك".
" لماذا؟".
" فيليب رجل طائش وقد عرف عنه ذلك ، ولكنه الآن إستقر نوعا ما... إلا أن هيو يعتقد انه أكبر مني سنا ولا يناسبني .... ويوافقه الرأي ادوار ، فيليب في الثلاثين من عمره... هل هو كبير السن يا اليانور ؟".
" العمل لا يهم.... الرجل هو المهم".
" تماما ، وهذا هو رايي ايضا ، الرجل هو الأهم...".
برهن شهر نوفمبر / تشرين الثاني على أنه من الأشهر الأكثر مطرا لهذا العام ، إصطحب هيو فانيسا يوم الجمعة الى قاعة الإحتفالات للإستماع الى أمسية موسيقية ، كانت اليانور تعمل في المطعم ومعظم الزبائن الذين حضروا كانوا يحملون معاطفهم الواقية من المطر ويدخلون المطعم هربا من المطر ورغبة في حوه الدافىء.
تعمل مايسي مع أليانور هذه الليلة والزبائن قلة مما اتاح للفتاتين فترات للمحادثة بين طلب وآخر.
" لا اعتقد يا اليانور أن عليك البقاء هذه الليلة العاصفة، انت لم تستردي صحتك بعد أن نالت الأنفلونزا منك".
" صحتي جيدة ، ثم هناك عطلة الأسبوع وسارتاح ( نظرت الى بعض الداخلين) اعتقد أن الناس في بيوتها في طقس ماطر كهذا... ".
" خذي طاولة رقم أربعة يا اليانور وانا ساخدم الشلة على طاولة رقم عشرة".

نيو فراولة 20-03-12 08:19 PM

لم تعارضها اليانور ، نظرت الى وجهها الشاحب في المرآة وهي ترى شخصا يحدق بها من بعيد في المرآة ، رتبت قبعتها وحملت قلمها ومشت منتصبة الى الطاولة رقم أربعة حيث بدا الجالس كأن صبره قد نفد ، ناولت الزبون لائحة الطعام ، وبقيت تقف قربه تنتظره يدرس اللائحة وهي صامتة.
قال الزبون:
" ماذا تقترحين علي ان أتناول؟".
" العجة الأسبانية يا سيدي ، إنها جيدة ( كانت تراقب المظلة التي وضعها الزبون قربه على الكرسي وهي تقطر الماء فوق السجادة)".
" حسنا ، عجة".
ورفع وجهه عن لائحة الطعام لأول مرة وركّز نظره عليها ، ركضت أليانور الى المطبخ حيث كانت مايسي تقف وتراقبها ... وتراقب أدوار بإعجاب ظاهر.
" اليانور ، أليس رقم أربعة وسيما ؟ أنظري الى ثيابه الأنيقة ، ماذا يفعل هنا في هذا المطعم المتواضع ، هل هو في مهمة تنكرية؟".
" لدينا أنواع مختلفة من الزبائن ، طعامنا جيد والخدمة سريعة واسعارنا...".
" ثم لا تنسي الخادمات الفاتنات اللطيفات....".
" والإشاعات تنتشر بسرعة".
" لو ان الكلام عن جميلات المطعم ينتشر بسرعة فلربما استعيد ثقتي بالجنس الآخر ... تخيلي نفسك وأنت تجلسين أمام هذا الشاب الوسيم كل صباح لتتناولي طعام الفطور... من المؤسف انني لم ألق نظرة فاحصة اليه ساعة دخل المطعم وإلا لكنت إقتنصت الفرصة السانحة وتقدمت لخدمته وأرسلتك لخدمة الطاولة رقم عشرة ....( نظرت أليانور خائفة وأكملت) هل أنت بخير يا اليانور ، يبدو عليك الإرهاق ، ساطلب من كين صاحب المطعم ان يسمح لك بالإنصراف الآن لأنك متعبة... الزبائن قلة ولا نحتاجك كثيرا".
" لا لزوم يا مايسي ، لم يبق إلا القليل على وقت الإنصراف".
حملت اليانور صحن العجة وسحبت نفسا عميقا ومشت به الى الطاولة حيث يجلس ادوار ، كان يقرأ جريدة المساء وحين وصلت اليانور وضعها جانبا وهي تضع الصحن أمامه.
" هل ترغب ببعض الحلوى بعد الطعام يا سيدي؟".
" إن ناديتني مرة ثانية ب(سيدي) سأضربك يا أليانور !( أكمل كلامه بتهذيب متكلف) لا ، شكرا ، قهوة فقط ، هل بإستطاعتك الإنضمام الي؟ لا...".
ملأ الإحمرار وجه اليانور وعادت مهرولة الى المطبخ ، نظرت اليها مايسي مستغربة.
" هل اسمعك كلمات غير لائقة؟".
" إنني أعرفه يا مايسي!".
"صحيح ؟ كم أنت كتومة ّ كان علي ان اخمن أنه يلائمك .... ومن طينتك ، يبدو أنه ليس جائعا".
" اعتقد أنه يفكر بأمور أخرى الآن".
" يفكر فيك فعلا !( هزت أليانور موافقة) هل هو صديق ؟".
" على العكس ( ضحكت اليانور ) إنني اسبب له المشاكل .... لا يعلم أنني أعمل في هذا المطعم ... وهو غاضب لأنه إكتشف هذه الحقيقة ".
" فهمت ، دخل المطعم صدفة وإلتقاك... وصدمته الحقيقة ....".
" لقد صدم فعلا ولكنه يبدو أنه يعرف أنني أعمل هنا قبل دخوله ... ".
" كيف عرف؟".
" حتما سيخبرني فيما بعد...".
" لهذا السبب شحب وجهك ساعة دخل المطعم ( عبست مايسي وأكملت ) دعيني أحمل عنك قهوته ( هزت أليانور رأسها موافقة بينما حملت مايسي الصينية ومشت بإتجاهه بثقة ومرح)".
" إبتسامته ساحرة".
" ولكنني لن أراها هذا المساء ...".
" لا افهم لماذا لا تحبينه ، إنه يهتم بما تفعلين ..... الظاهر أنني لا افهم ما يجري...".
" يعتقد أنه مسؤول عني.... هناك روابط عائلية تجعله ملزما بالإهتمام بشؤوني".
حان وقت إغلاق المحل ، خرجت اليانور برفقة أدوار ، مشيا صامتين بعد أن توقف المطر ( أمسك بذراعها يقودها بحزم الى شارع فرعي حيث تقف سيارته الفضية ، ركبت قربه وهي تفكر بأن مايسي ستصعق لو رأته يدعوها لدخول سيارته الفاخرة بكل إحترام وتهذيب ، آداب السلوك عنده من طبيعته المتحضرة ولكن غضبه لا يمكن ان يخفى على احد ، تذكرت لسعات لسانه المرة السابقة حيث فقد السيطرة على أعصابه وتوازنه ،وحين نظرت الى تعابير وجهه الغاضبة قبل ان تخرج معه شعرت بالخوف يتملكها.
قاد السيارة بمهارته المعهودة قبل أن يتوقف ليتحدث اليها ، فتح النافذة قربه ، وبقي صامتا كأنه يفكر بمدخل للحديث ، وبعد ذلك تكلم قائلا:
" هل أنت مستعدة لتخبريني عن آخر مغامراتك ؟".
أشعل سيكارته ببطء ونظر الى وجهها على ضوء ولاعته.
" كيف عرفت؟".
" ارسلت شخصا يتبع تنقلاتك!".
" انت.... ارسلت من يتبعني....".
نظرت اليه نظرة مرعبة .... سحب نفسا عميقا من سيكارته ونفخه قبل ان يقول:
" الأمر في غاية السهولة ، هناك أشخاص يعملون لقاء أجر ، أعرف ان الأمر لا يروقك ولكنني وجدت أن هذه هي اسهل السبل لاحصل على المعلومات التي أريدها....ثم هل كان من الممكن ان تخبريني بنفسك ؟".
" لماذا؟ ما الذي جعلك تتبعني؟".
" إتصل بي شخص من محل بيع المجوهرات وأعتذر لتاخرهم في تقييم الخاتم.... لقد ضاع عنوانك ".
" فهمت الآن".
" انا مسرور لأن أحدنا بدا يفهم ( قال ساخرا ) ربما تخبرني الان لماذا وجدت من الضرورة بيع مجوهراتك والعمل كخادمة في مطعم".
" لماذا تخاطبني بهذه اللهجة الفظة يا أدوار ، ربما تجد المكان غير لائق بمستوى حياتك ولكنه مطعم محترم يؤمه الناس العاديون".
" أفهم انني لست محترما ور عاديا بنظرك .... كما افهم رايك بي بوضوح.... ولكن إياك أن تحاولي الإبتعاد الان عن جوهر الموضوع فأنت لم تجيبي عن سؤالي بعد".
" لأنني أحتاج للمال ! أليس هذا سببا كافيا يجعل الناس تعمل .... حتى أنت يا أدوار تحتاج للعمل....لأجل الحصول على المال.... أرجوك خذني الى البيت غنني متعبة ".
" لا ، لن نذهب الى البيت قبل ان ننتهي من مناقشة هذا المر... لماذا تحتاجين المال".
" لا أعتقد ان هذا الأمر من شانك ؟".

نيو فراولة 20-03-12 08:21 PM

" افهم ذلك يا اليانور ولكنني ساجعله من شؤوني ... قبل كل شيء إنك تضعين والدي ووالدتي في مازق حرج...".
" فهمت الان ، إن ما يهمك هو المظاهر... ماذا ستقول الناس".
" إذا تابعت حديثك على هذا النحو سأضعك على ركبتي واشبعك ضربا ، مهما كان رأيك الخاص بعائلتي فانت قبلت مسرورة ضيافتنا وتحاولين الإفادة منها قدر المستطاع ..... أنت الان مسؤوليتنا ، إستضفنا شابة في منزلنا ويزعجنا أن نكتشف أنها تتصرف تصرفا غير لائق.... رؤية معالم المدينة السياحية والتمتع بعطلة نهاية الأسبوع امر مسموح ومقبول ولكن بدلا من ذلك تعمل على خدمة الناس في المطاعم ...".
ران صمت ثقيل احست اليانور خلاله بالذل والمهانة ، كانت تتفهم وجهه نظره جيدا وتوافقه على كل ما قال ، بدات دموعها تنهمر بالرغم منها ، ودّت لو أنه لا يراها ، كل كلمة تفوّه بها هي الحقيقة الكاملة ولكن طريقته في قولها كانت مؤلمة ولاذعة... وحين تمكنت من تمالك اعصابها ورباطة جأشها قالت بصوت منخفض:
" أنا آسفة.... لم اقصد أن اسبب الإحراج لوالديك ولا اريد أن أستهين بكرم ضيافتهم لي ، ظننت أن الأمر سيبقى سرا عنهم .... لم أكن اعرف كيف اتصرف ... وظننت أنك لن تفهم....".
" جربيني ... لا تخفي عني الحقيقة الكاملة ".
" ساقول الحقيقة مهما كانت بشعة ، وحتى الحقائق أحيانا لا تغني عن القصة الكاملة".
" هذا صحيح ولكنها الأساس الذي تبني عليه القصة ، ساستعمل خيالي واستنبط بقية الخيوط".
" عندما حضرت شقيقتي كاتي الى لندن برفقة خطيبها غاي تجاوزت ميزانية الصرف على حساب حماتها في محلات هارودز ، غضبت من نفسها وإنتابتها حمى هستيرية لطيشها فوعدتها أنا بتوفير المال اللازم لمساعدتها في محنتها ، كاتي ليست طائشة في طبعها ولكنها مرت بظروف عصيبة وأسات التصرف ، من الصعب عليك ان تتفهم حالتها لأنك عادة قوي الشخصية ولا تهتم لرأي الناس من حولك ، ولكنها شابة غريرة تحتاج لمساندة الناس في تصرفاتها".
" ولماذا لم تخبر خطيبها سلايد بالأمر؟".
" طلبت منها ان تخبره ولكنها رفضت ... لا أعرف السبب ....".
" لو كان الشاب يحبها حبا صادقا لأستمع لمشكلتها وحاول مساعدتها ".
" هذا صحيح ، كان من الممكن ان يكون إعتراضها له الحل الأفضل".
" نحن نتفق إذن في هذا المجال ....( هزت رأسها موافقة) إذن الشقيقة الصغرى تلقي مشاكلها فوق اكتاف الشقيقة الكبرى".
" وماذا يمكنها أن تفعل ؟ لا اريدك ان تنهال عليها لوما وتجريحا ... المال لم يكن في يوم من الأيام مشكلة بالنسبة اليك أو لعائلتك".
" ولكن المال هو سبب كل المشاكل بطريقة مباشرة او غير مباشرة .... لماذا لم تطلبي من والدتي المساعدة؟".
" لأنني مدينة لها بقبولها إستضافتي... كما قلت ، ولا يمكنني أن احملها المزيد من المشاكل".
" أنا لا أوافقك .... أنت ققريبة جدا من والدتي اكثر مما تشعرين ، إنها لا تعرف كيف تظهر لك عواطفها ولكنها معجبة بك... اعتقد انها ترى فيك صورة لوالدتك صديقتها الحميمة وتستعيد بوجودك بعض ذكرياتها المحببة....".
" والدتي؟".
" انت لا توافقين؟".
" لو رأيت صورة والدتي وهي شابة في عمري ... كانت فاتنة ... ولا تزال...".
جلسا في السيارة صامتين قربهما شاب وشابة في عمر الورود وقد تعلقا ببعضهما بشكل واضح ، تعانقا ونسيا العالم كله حولهما ثم تابعا السير وهما يعيشان حلما جميلا وإبتلعهما الظلام.
قال أدوار ساخرا :
" الحب هو حلم الشباب ....".
أدار أدوار محرك سيارته.
" وماذا ستفعل ؟ هل ستخبر والديك... وهل استطيع أن أتابع عملي في المطعم؟".
رفع يده معترضا وقال :
" لا ، لا يمكنك ذلك ، سأعطيك المال غدا ، يمكنك ان تعودي الفتاة الهادئة وتكملي جولتك في معالم المدينة السياحية في أوقات فراغك ، حاولي الإبتعاد عن المشاكل قدر المستطاع ، سنبقي هذا الأمر سرا بيننا...".
" ستعطيني ثمانين جنيها بهذه السهولة... لماذا؟".
" لأنني أملكها".
" وكيف اردها لك؟".
" ليس بان تعملي خادمة في مطعم ... لماذا لا يمكنك قبول المال مني؟".
" لأن... انت..... أنا ....".
" لا يوجد سبب وجيه... هل اخلاقك الحميدة الطيبة هي التي تمنعك؟".
عبق وجه اليانور بحمرة الخجل وقالت بعصبية واضحة:
" أنا لا أريد أن أكون مدينة لك باي شيء ....".
صمتت اليانور وهي تفكر ، كانت واثقة بأن كاتي ستقبل ماله دون أي سؤال ، دون الشعور بوخز الضمير ... لن يهمها من اين اتى المال قدر ما يهمها أن تحصل عليه لتحل مشكلتها.
توقفت السيارة أمام البيت وقال أدوار ساخرا وبإختصار:
" حسنا ، الآن لا يمكن ان نتهمك بانك تقتنصين مال الغير ".
" أتمنى ذلك ( أكملت بعزة نفس وكبرياء ) ربما عدم إهتمام الإنسان بالمال شيء مريح ، أنا أفضل أن أكون سعيدة واشقى بجمع المال من ان أكون تعيسة وغنية ".
" اصفق إعجابا لموقفك النبيل ، ولكن هل تعتقدين أنه بإمكانك أن تكوني سعيدة وغنية ايضا...( إنتظر جوابها ثم اكمل ) واضح ان هذا الأمر ممكن".

نيو فراولة 20-03-12 08:22 PM

" ألم نبتعد عن جوهر الموضوع من جديد ، لو أخذت مالك ... ساقبله على سبيل القرض ، على أن أتعهد بتسديده ذات يوم".
" كيف ستسددينه؟".
" لا أعرف بعد ، ساجد مكانا انتقل اليه وبعد ذلك لن اكون ضمن مسؤولية أهلك ، وسافتش عن عمل ما...".
تنهد أدوار كمن نفد صبره وقال بسرعة:
" لا تكوني سخيفة يا اليانور ، إعتقدت انك تريدين إخفاء هذه المشكلة عن والدتك... وإذا تركت منزل آل مانسل ، فسيتساءل والداك عن السبب الذي جعلك ترفضين ضيافتنا لك، وكانت والدتي قد قبلتك ضيفتنا قدر ما تشائين ... حتى تقرري ماذا ستفعلين للمستقبل ، هل يمكنك ان تتصوري أن والدتي ستسمح لك العيش في غرفة صغيرة بمفردك؟".
" وكيف سأسدد ديني لك؟".
" هناك حل ، يمكنك أن تعملي في محل الثريات".
" ولكنني لا افهم أي شيء عن الثريات".
" يمكنك ان تتعلمي".
" ولكنك لا تحتاج لمن يساعدك في المحل".
" بل نحتاج ، كنا نبحث عن محل من اجل فانيسا لتبدا عملها منفردة ، لقد وجدناه اخيرا ، من الممكن أن نقدمك لوالدتي كبديل عن فانيسا".
" فهمت... وهل فانيسا سعيدة بذلك؟".
" طبعا ( وتوقف عن الكلام ) نعم هذه أفضل طريقة لحل مشكلتك ".
" لا تبدو متحمسا".
" كنت أفضل الا تعملي هناك لن هذا الأمر سيزيد الأمور تعقيدا ".
" لا افهم قصدك ، إنني عاملة نشيطة".
" أنا متأكد من ذلك يا عزيزتي أليانور ولكنك لا ترين المشاكل حتى لو كانت قرب انفك .... غير أنه الحل الوحيد المكن في الوقت الحاضر ، انا لا أثق بانك لن تذهبي من جديد تفتشين عن عمل... ثم سترحب والدتي بمساعدتك لنا في المحل".
إنها بريئة وبسيطة ، كيف انها لم تفهم أنه لا يريدها في المحل لأنه يسكن الطابق العلوي للمحل.... حريته الشخصية مقدسة ولا يريدها ان تضايقه.
" لا تنسي يا أليانور انني صاحب المحل".
" لا أظن انك ستسمح لي بذلك يا أدوار ، اشكرك على مساعدتك لي ، ربما ظننت أنني غير ممنونة من مساعدتك .... على العكس فانا شاكرة الى الأبد".
" دعي الأمور تسير سيرها الطبيعي الان ، ولكن إذا كان هناك أي شيء آخر لم تخبريني عنه ارجو ان تفعلي حالا... سنسوي الموضوع برمته وننتهي.
نظرت اليانور من النافذة وهي تفكر ... نعم أصبح له الحق بالتدخل في شؤونها الخاصة والعامة.... بدأ المطر ينهمر ، قالت يائسة:
" لقد عيل صبرك من آل فارس ، أولا أنا ثم شقيقتي كاتي...".
" اعتقد أنني استطيع أن أتحمل المزيد".
" والآن جاء دور ..... دوروثي".
إلتفت بسرعة نحوها سأل بعصبية:
" دوروثي؟".
" إنها شقيقتي الصغرى".
" وما شانها الآن؟".
" إنها تمشي نحونا".
إستدار أدوار ليرى فتاة صغيرة تمشي نحوالسيارة وقد إرتدت قبعة مخملية بللها المطر وثيابها أيضا مبللة تمشي مشية عسكرية ثابتة ، الوقت المتاخر لم يفزعها أبدا ، كانت تحمل عنوانا في يدها وتحاول أن تقرا ارقام المنازل على الشارع ،حملت في يد حقيبة المدرسة وفي يد أخرى كمانا ، في صندوقه.
قال أدوار ببرود مصطنع:
" هذه هي شقيقتك الصغرى دوروثي؟".
" نعم".
" يجب ان تكون الآن في سريرها في يورك؟".
" نعم".
فتح أدوار نافذته حين إقتربت الفتاة من السيارة وخاطبها بمرح ظاهر.
" مساء الخير يا دوروثي ، إن كنت تبحثين عن شقيقتك أليانور فهي هنا".
نظرت دوروثي الى داخل السيارة وإنفرجت أساريرها وهي ترى شقيقتها.
" اليانور ، اليست مفاجأة لك رؤيتي؟".
قال أدوار ساخرا متشدقا:
" لماذا تعتقدين ذلك؟ عملك ليس مستغربا ابدا".
" أوه دوروثي ! ماذا تفعلين هنا؟".
قال أدوار:
" اشعر أن القصة طويلة وتحتاج لوقت لسماعها ، سنكون أكثر راحة ونحن بالداخل ".
امسك أدوار بيد دوروثي وقادها الى الباب وفتح لها بمفتاحه.
لم تعرف اليانور إذا كان عليها ان تضحك أم تبكي!

نيو فراولة 23-03-12 09:54 PM

5- حسب قول شكسبير ( من الأفضل لنا أن نبقى غرباء) وها هي أليانور تجد نفسها رويدا رويدا وسط عالم جديد مليء بالمفاجآت على كل صعيد، فقد تحول أدوار الى رب عمل جدي... إلا في أوقات الفراغ!

قدمت ليف مانسل بعض الساندويشات للزائرة الصغيرة وهي عابسة مهمومة تفكر وقالت:
" لقد قررت الحضور الى لندن دون إعلام والديك من أجل التقدم للإمتحان في مادة الموسيقى ...".
مدت دوروثي يدها وتناولت الطعام وهي مسرورة وقالت:
" شكرا.... إنني جائعة جدا والطعام لذيذ".
بدأت تأكل الساندويشات بلهفة وكأن السيدة مانسل لا تنتظر جوابها .
" هذا صحيح ، حضرت دون إخبارهم ولكنني كنت واثقة بان اليانور ستساعدني".
وجدت أليانور نفسها مبللة الأفكار وإختلطت عواطفها بين السخط والسرور والغضب .... كانت دوروثي قد إرتدت بيجاما وروبا أحمر فوقها من ثياب فانيسا بعد ان خلعت ملابسها المبللة ، اللون الأرجواني يتصادم بقوة مع لون شعرها الأحمر كلون الجزر.
منتديات ليلاس
مرت نصف الساعة الأولى منذ وصلت في الإستجواب الذي قام به أدوار ، كانت الاسئلة مركزة وقد طرحت بمهارة وترتيب ، عاملها معاملة جيدة بلطف وتفهم ، ووصلت فانيسا وهيو وبعد ذلك تبعتهم إيف ، وعندها ترك ادوار أمر دوروثي تتولاه والدته بحكمتها ، جلس صامتا في ركن من غرفة الجلوس ولكنه بقي يفكر في حلول مناسبة ، بالنسبة الى اليانور فإن مشاكل آل فارس لا تنتهي وآخرها مشكلة دوروثي جاءت لتزيد الطين بلة في هذه الأمسية بالذات ، تذكرت قول أدوار ان تصرفاتها تخالف مبادىء حسن الضيافة التي قدمها لها والداه ، والآن إمتدت ضيافة والديه الى شقيقتها الصغرى بدون إستئذان ، شعرت بإنكماش في نفسها وردت لو تنشق الأرض لتبتلعها.
صحيح انها تشعر براحة كبرى بعد ان أفضت بمشاكل شقيقتها كاتي الى أدوار... لقد حمل عنها عبء الثمانين جنيها وصحيح أنه متعجرف ومتكبر ومستبد في رايه ولكنه قوة يمكن الركون اليها ، إنه غريب في تصرفاته وتفكيره ويصعب عليها إبداء رايها فيه بسهولة ، إلتفتت اليانور نحوه واحس بنظراتها الفاحصة ، ثم حدق فيها بدوره وإبتسم لها ، سحبت اليانور نفسا عميقا وتنهدت وهي تقول في نفسها: مايسي على حق ، إبتسامة أدوار ساخرة وخلابة ، عندما يبتسم يبدو رجلا طيبا وخفيف الظل... هل هذه هي طبيعته التي يحاول ان يخفيها عن الجميع بجهد؟ كلما رأت إبتسامته الطيبة ترتفع معنوياتها وتشعر بأمان ، سرحت اليانور في افكارها وأحست بعد فترة بإبتسامته تختفي ويرتفع حاجباه بتساؤل .... أحست أنها تحدق فيه بشكل ملفت للنظر ، إستدارت بعد أن سمعت السيدة إيف مانسل تخاطبها قائلة:
" عزيزتي اليانور ، هل تعتقدين أن الوقت متأخر للإتصال بوالديك هاتفيا".
نظرت إيف الى دوروثي وهي تشرب فنجانا من الحليب كأن الأمر لا يعنيها أبدا ، قالت دوروثي :
" لا حاجة لذلك ، لقد تدبرت الأمر قبل حضوري ووالدي يعتقدان أنني في زيارة لصديقة ولن يزعجهم غيابي ، قلت لهم أنني سأمضي عطلة نهاية الأسبوع عند جين".
قالت اليانور:
" يا عزيزتي دوروثي عملك سخيف، كل شيء ممكن ان يحصل لك وربما لا يعرفون به قبل يوم الإثنين ، يوم ينتظرون عودتك الى البيت ".
قالت فانيسا:
" الحمد لله لم يحصل لها أي شيء وقد وصلت بالسلامة ولكنها مبللة بالمطر ".
قالت دوروثي معترضة :
" ولماذا نتصل بهم الان... المفروض أنني عند صديقتي جين ".
قالت أليانور :
" ولكنك لست هناك الان ، سنتصل بهم هذه الليلة بعد إذنك يا سيدة مانسل ، ربما يعرفون بغيابها صدفة".
قالت السيدة مانسل :
" حسنا يا عزيزتي، سأتصل بهم فورا ".
قال أدوار يخاطب دوروثي :
" عليك أن تتحملي نتائج اعمالك الجنونية ".
قالت فانيسا بلطف وهي تشفق عليها:
" هل تريدين بعض البسكويت بالشوكولاتة ، خذي قرصين ".
ولكن دوروثي نظرت الى أليانور التي كانت تغمزها لتأخذ واحدة فقط ، قال هيو:
" انت تقولين ان معلمة الموسيقى شجعتك على التقدم الى هذا الإمتحان لأنها توسمت فيك الموهبة الحقيقية وبأنك تستطيعين الفوز... وإذا نجحت فإن نجاحك يؤهلك لنيل منحة دراسية لدخول الجامعة".
قالت دوروثي:
" هذا صحيح.... إن نجحت !ولهذا السبب أبقيت هذا الأمر سرا عن والدي ، علي أولا أن أنجح في الإمتحان ، وإن نجحت لست واثقة بعد من أنني اريد متابعة دراستي لأمتهن العزف على الكمان ، لقد جمعت ما يكفيني لرحلة العودة الى يورك بالقطار وانا متأكدة من مساعدة اليانور لي".
قال أدوار:
" اليانور الشقيقة الطيبة القلب والتي تتحمل جميع مشاكل الشقيقات ".
قالت اليانور:
" متى موعد الإمتحان ؟ في الغد".
قالت دوروثي :
" في الواحدة والنصف".
حضرت إيف الى غرفة الجلوس ونظرت اليها اليانور تستفسر منها عن المخابرة الهاتفية مع والديها وقالت:
" هل حصلت على لخط؟".
"نعم تكلمت مع والدك السيد فارس .... إنه يعرف شيئا ، شرحت له ما حصل بسرعة وإختصار وأخبرته أننا سنعيدها الى البيت يوم الأحد وطلبت منه أن يستقبلها على المحطة".
سألت دوروثي بلهفة:
" هل بدا صوته غاضبا؟".
" لا ، ابدا ، كأنه إعتاد شرود فتياته هنا وهناك ".
جلست فانيسا بالقرب من هيو الذي حمل الكمان يتفحصه ، وقال :
" ما رأيك يا دوروثي بإسماعنا لحنا جميلا ".
مرت فانيسا بأصابعها تداعب أوتار الكمان بين يدي هيو بطريقة رقيقة .

نيو فراولة 23-03-12 09:57 PM

قالت إيف:
" الفتاة متعبة جدا".
قالت دوروثي:
" لا ، انا لست متعبة أبدا ، ماذا ترغبون أن أعزف لكم؟".
شعرت أليانور بأن الحاضرين يودون إمتحان قدرة دوروثي على العزف ، جالت بنظرها في الجميع وتاكد لها حسن نواياهم وسرورهم ، أومأت الى شقيقتها تسمح لها بالعزف وقالت بحزم:
" إعزفي لنا لحنا قصيرا ، حان وقت نومك وعليك أن تستعدي للغد ".
قال أدوار:
"إعزفي لنا المقطوعة التي ستتقدمين بها الى الإمتحان ".
قالت دوروثي:
" أليانور ، أريدك ان ترافقيني في العزف على البيانو".
اخذت دوروثي الكمان من يد هيو ومشت حتى البيانو حيث جلست اليانور تستعد لمرافقتها ، نظرت الى النوطة الموسيقية قليلا وبسرعة درستها وإستجمعت ثقتها بنفسها ونظرت الى دوروثي وبدات تعزف.
وبعد الإنتهاء نالت دوروثي تصفيقا حادا تشجيعا أكيدا ، نهضت إيف من مجلسها وقالت تخاطبها :
" عزفك جميل ، نتوقع لك النجاح في الغد ، حان وقت النوم ، هيا يا صغيرتي الى غرفة اليانور حيث وضع لك السيد هيكمان سريرا صغيرا".
نهضت أليانور لتساعدها ، طوت النوطة الموسيقية ووضعت الكمان في علبته وسمعت أدوار يتكلم مع هيو:
" ما رأيك يا هيو في عزف الفتاة؟ بدا لي جيدا ولكنني لست حكما في العزف على الكمان".
قال هيو:
" ولا أنا ( إنظر الى أليانور) أعتقد أن لديها موهبة تحتاج للصقل ، هي تحس وجود الالة الموسيقية بكيانها والكمان من أصعب الآلات الموسيقية".
قالت اليانور:
" من الصعب أن يتخذ الإنسان قرارا ناجحا وهو في هذا العمر...".
قال أدوار:
" دوروثي لا تحتاج لرأي آخر مع رايها ، تتخذ قراراتها بنفسها ".
ضحكت أليانور وقالت:
" ساصعد لمساعدتها قبل النوم".
قالت إيف:
" طفلة كلها حيوية ونشاط ، إنها تنتظرك يا اليانور ولكن لا تتاخري عندها لأنها متعبة ويمكنك الثرثرة معها في الغد".
قالت اليانور:
" كم أنت لطيفة يا سيدة مانسل لتتحملي هذا العبء الجديد ، أشكرك كثيرا".
" لا لزوم يا عزيزتي، أرحب بوجودهما معنا وارحب أيضا بوجودك أنت ، إنني مسرورة جدا بكما".
قبلتها قبلة سريعة ومفاجئة على خدها ونزلت السلالم.
كانت دوروثي تجلس في سريرها وتنتظر وصول اليانور ، قالت:
" أليانور ، إن هذا المنزل كبير جدا وقد زين بأفخر المفروشات والسجاد الباهظ الثمن ... ما أجمل السيارة التي كنت تركبينها ، لم اصدق عيني وانا اراك تجلسين فيها ساعة وصلت".
" يا دوروثي ، لقد افسدت كل شيء".
ضحكت وعانقتها بمحبة أخوية .
" أعرف ذلك يا أليانور وأنا آسفة ، عرفت ان عملي طائش منذ جلست في القطار، لكن لم أستطع التراجع لأن الوقت أصبح متأخرا للرجوع عن عزمي ، إنتهى الأمر الآن ولم ينزعج من وجودي أحد ، شعرت انك مرتبكة من تصرفاتي ولكنني حاولت ان أجيد العزف على الكمان لأسليهم ، الم أعزف جيدا؟".
" نعم ، كنت مندهشة بالرغم من كل ما حصل".
ضحكت أليانور وغطتها بالحرامات وأضافت:
" نامي الان كي ترتاحي لتنجحي في الإمتحان غدا...".
" اليانور ! من هوهيو؟".
" إنه صديق أدوار".
" شاب لطيف ولكنني أحب أدوار أكثر من الجميع".
نزلت اليانور الى غرفة الجلوس وإستقبلها هيو وقدم لها كأسا من الشراب المنعش واشار بيده الى الثلاثة : إيف وأدوار وفانيسا قرب المدفاة وقال:
" مجلس العائلة منعقد ، تعالي نجلس هنا نتسلى سوية".
جلست أليانور وهي مرهقة وقالت:
" هل تمتعتما بالحفلة الموسيقية؟".
" نعم ، كانت حفلة ناجحة ومن المؤسف انك انت وأدوار لم ترافقانا...".
رمته بنظرة عاتبة لأنه كان يغمز من طرف كونها بصحبة ادوار كل السهرة... وقبل أن تكلم حضرت السيدة إيف مانسل مبتسمة وقالت :
" يا عزيزتي، إنني مسرورة جدا".
نظرت اليانور الى أدوار الذي كان يقف بعيدا مع كاسه..
" أخبرني الآن ادوار انك مستعدة للعمل في المحل لمساعدتنا ، ينقصنا الآن موظفان ( إلتفتت السيدة مانسل الى هيو وقالت ) هل أخبرك ادوار انه وجد محلا لفانيسا وستبدأ في العمل لحسابها الخاص.
هز هيو رأسه نفيا ثم نظر الى فانيسا الواقفة بالقرب من شقيقها أدوار ، نظرت الى هيو تبتسم إبتسامة ماكرة ولكنه عاجلها قائلا:
لم تخبرني...".
قالت فانيسا بدلال :
" أستطيع ان أحتفظ ببعض الأسرار ... وبالتالي لم يؤكد لي شقيقي البكر هذا الأمر إلا منذ لحظات ، المحل سيكون قرب سوق كوفنت غاردن ولا يبتعد كثيرا عن مكتبك في الوزارة ، أنتظر منك يا هيو أن زورني دائما حتى لا اشعر بالوحدة".
" أنت تشعر بالوحدة؟".
نظرت فانيسا الى أليانور وقالت:
" أنت كنزثمين لنا يا أليانور ، طريقتك في معاملة الزبائن جيدة ، سيشترون وأنت تتحدثين معهم عن أحقادهم ويطلعونك على صورهم... هذا ما حصل حين ساعدتني في المحل من قبل ، ولكن إنتبهي يا أليانور من شقيقي .. تحاشي خداعه لك".
قالت إيف:
" ما هذا الكلام يا فانيسا ؟ انا متأكدة أن أدوار لا يخدع أحدا ولن يخدع اليانور"
نظرت أليانور إليهما ، كان أدوار ينظر اليها ساخرا بينما كانت فانيسا تنظر مازحة.
قالت إيف تخاطب أدوار:
" من المستحسن ان تأخذ اليانور ودوروثي الى الأكاديمية غدا".
بقي أدوار صامتا لفترة وجيزة ثم أجاب:
" آسف جدا يا أماه ولكنني لا استطيع"
عبست إيف وقالت غاضبة:
" الا يمكنك تأجيل عملك؟".
قالت أليانور:
" لا أريد إزعاجه ، استطيع ان اذهب وحدي".
قال ادوار:
" لا اعتقد يا اماه انني أستطيع تأجيل موعدي مع فيليستي مادوك :.
ضحكت فانيسا بلطف ومكر :
" أوه ، إنها فيليستي إذن".
قالت اليانور :
" لا تهتم لأمري".
قال هيو:
" يسرني إصطحاب أليانور ودوروثي غدا".

نيو فراولة 23-03-12 09:59 PM

نظرت اليه إيف شاكرة مسرورة وهي تبتسم راضية وقالت:
" كم انت لطيف يا هيو ! ساترك امر الترتيبات لكما (نظرت الى إبنتها وقالت غاضبة) حقا يا فانيسا لا افهم سببا لكثرة هذا الضحك !".
" من الواضح أن والدتي تخطت حدود اللياقة... وانت يا اليانور تعابير وجهك مخيفة....".
" لا زلت أعتقد انني أستطيع أن أتدبر أمري بنفسي ( نظرت الى هيو ) شكرا يا هيو ولكن ...".
" سيكون يوما ممتعا حقا برفقة دوروثي ، سنتنزه معها ونريها بعض معالم المدينة".
نظر الى ساعته وإعتذر وخرج الى بيته ، قالت فانيسا:
" سأذهب الى فراشي باكرا".
قال أدوار يعترض طريق اليانور قبل ذهابها ايضا:
" إن كنت غير متعبة أريد محادثتك ببعض الأمور".
عادت أليانور الى الغرفة وإنتظرت حديثه ، كان يراقبها بتمعن ويتفحصها كأنه يراها لأول مرة مما جعل حمرة الخجل تكسو وجهها وقال ببطء:
" عليك أن تعتادي طريقة والدتي العزيزة ، إنها تحب التدخل في شؤون الجميع وتدبر أمورنا على ذوقها ، ستعتادين طريقتها ...".
" والدتك لطيفة جدا..".
" إنتبهي جيدا من آل مانسل ... وخاصة عندما يتصرفون بلطف ، دائما هناك أسباب وجيهة لذلك....".
" هل تسخر من كل شيء؟".
" أنت تقولين أنها سخرية وأنا أقول انها واقعية ... نظراتك الوردية الى الحياة حولك ترعبني حتى الموت".
" أنت تكره ان تقول انك لطيف...".
" من السهل جدا أن نكون لطفاء حين لا نخسر أي شيء... وماذا كنت تنتظرين مني ان أفعل؟ هل اطرد دوروثي عن باب البيت؟ أفهمك جيدا ، أنا لست جنديا احمل درعا حديديا ولست قديسا ، سأدفع الثمانين جنيها لأن ذلك عمل سهل جدا بالنسبة الي وحتى لا أسبب لوالدتي بعض الكدر إن علمت بهذا الأمر... وبذيوله ( إقترب منها وفك عقدة شعرها وقال ) ولماذا برأيك تعقصين شعرك بهذه الطريقة المضحكة كأنك اليتيمة الصغيرة".
" عقصته وأنا أعمل في المطعم عند لويجي... أشكرك على رأيك بي ، انت مصمم على أن اكرهك يا أدوار .... أنا لا أفهمك ابدا".
" هذا افضل ، أنا لا أريدك ان تفهميني".
ذهب الى الطاولة وتناول سيكارة وأشعلها ثم أكمل حديثه بحزم:
" تذهبين غدا الى محل لبيع ألمجوهرات وتستعيدين خاتمك ، لقد دفعت بدل قيمة التثمين ولكنهم لن يعيدوه لي بدون الوصل .... سأذهب في الغد الى محلات هارودز وأدفع الثمانين جنيها لحساب السيدة سلايد ، يمكنك أن تكتبي لشقيقتك كاتي وتخبريها بالأمر ، اترك لك مهمة إخبارك عن مصدر المال ، وإذا رغبت أن تقولي أنه مني فانا لا اريد شكرها أبدا".
" حسنا يا أدوار ، عمت مساء".
" عمت مساء يا أليانور".
حين وصلت الى الباب اضاف بسرعة:
" شيء آخر بشأن عملك في المحل ، انت صديقة للعائلة ، ومساعدتك لنا في المحل نعمة كبرى ، سندفع لك مقابل أتعابك ، ستكون علاقتنا علاقة عمل فقط ، هل توافقين؟".
" نعم ، إنني أوافق .... وافهم بالتحديد قصدك ، عمت مساء يا أدوار".
دخلت أليانور الى فراشها وهي مرهقة والأفكار تتصارع في عقلها ... وفي صباح اليوم التالي ، وجدت دوروثي مغلفا بإسمها فوق البيانو كانت فيه رسالة من أدوار ، قالت دوروثي:
" إنه يرسل لي تمنياته ويتمنى لي حظا بالنجاح في الإمتحان وكذلك يأسف لانه لا يستطيع أن يرافقني بنفسه لأنه على موعد ، قال أن علي ان اشتري لنفسي هدية بمناسبة ذكرى هذه الرحلة الى لندن".
نظرت أليانور بداخل المغلف ووجدت ورقة مالية بقيمة خمسة جنيهات استرلينية:
" اليانور ، لا بد أنه شاب فاحش الثراء".
" إصمتي يا دوروثي ، إنه شاب كريم جدا ، هيا بنا لنحضر انفسنا قبل أن يحضر هيو".
دخلت اليانور مع دوروثي الى غرفتها وساعدتها في ترتيب نفسها وتمشيط شعرها ، القت أليانور نظرة على نفسها في المرآة ووجدت أنها شاحبة الوجه وهذا ليس مستغربا ، فهي لم تنم دقيقة واحدة الليلة الماضية.
" دوروثي ، ما رايك بآل مانسل الآن بعدما تعرفت اليهم عن كثب ، هل هم كما وصفتهم لكم في رسائلي؟".
" تقريبا ، السيدة مانسل ورائحتها العطرية الجميلة ، أعتقد أنها مهذبة ولطيفة مع انها تجادل كثيرا... وفانيسا جذابة فاتنة... هل يمكنني أن أقص شعري مثلها يا اليانور ؟ انا احب أدوار كثيرا... ولا شان للجنيهات بحبي له...".
منتديات ليلاس
" لقد كان لطيفا معك حين وصلت مساء البارحة ... انت جاهزة الان ، هل لديك منديل نظيف ؟ خذي منديلا من عندي وإنتبهي حتى لا تفقديه... هيا بنا ، حان وقت وصول هيو".
وصلوا الى الأكاديمية الموسيقية ونزلت دوروثي تحمل كمانها ومشى هيو برفقة أليانور يتجولان ، كان يشير الى الأماكن المهمة في تجوالهم ، دخلا معرضا للفنون وأخبرها هيو انه إلتقى فانيسا منذ اسابيع قليلة ، قال أن الصور المعروضة اليوم افضل بكثير من الصور التي كانت معروضة في حينه.
" هيو، كم عمرك ؟ يمكنك ألا تخبرني إن كنت لا تريد !".
" ما سبب سؤالك ؟ أنا في الواحدة والثلاثين من عمري".
" هل تعتقد أن فارق السنوات العشر بيننا يسبب عائقا لصداقتنا ؟".
" طبعا لا".
" إذن ، لماذا تحس ان فارق العمر بين فيليب نولان وفانيسا يجعل علاقتهما غير مرضية ، فانيسا تكبرني بستة اشهر فقط وفيليب نولان يصغرك بسنة واحدة ، لماذا لا يروقك؟".
" وكيف تعرفين أنني لا أحبه؟".
" أنت دائما تتذمر كلما ذكر إسمه! ".
ضحك هيو وهز رأسه موافقا.

نيو فراولة 23-03-12 10:00 PM

" لا استطيع ان أتخيله رجلا مستقيما... إنه لا ينفع فانيسا ابدا ".
" إنها شابة ناضجة وتستطيع أن تقرر ذلك بنفسها وهي ذكية ومتوازنة ولا اعتقد أنها سترمي بنفسها دون تفكير ... أنت وشقيقها أدوار تريانها شابة غريرة... ولكنها عاقلة وتستطيع ان تتخذ قرارها وإذا صممت على شيء فلن يزعزع عزيمتها أحد... إنظر اليها جيدا يا هيو ، لقد كبرت ولم تعد طفلة طائشة .
" اليانور ، هل تعتقدين أن فانيسا تهتم حقيقة بفيليب نولان؟".
" لا اعرف ، لماذا لا تسالها بنفسك؟".
" أعوذ بالله ، انا لست بهذه الشجاعة ، كنت فقط أسألك... ربما هي أخبرتك".
كانت دوروثي تنتظر وصولهما خارج المعهد الموسيقي ، تبدو مسرورة جدا وقالت ان الإمتحان الكتابي كان صعبا للغاية ولكنها اجادت العزف وأجرت المقابلة مع المسؤولين بشكل جيد.
عمل هيو جهده ليجعل من هذا اليوم ، يوما مشهودا ، ذهبوا الى المرصد الجوي وشاهدوا النجوم والكواكب ثم دخلوا متحف توسو ودهشت دوروثي لرؤية التماثيل الشمعية وبعد ذلك تناولوا الشاي في مقهى ماسون وتنقلوا في الأسواق وتفرجوا على الواجهات مما جعل دوروثي شبه مأخوذة بما رأت وشاهدت ، بعد العودة الى البيت ، ساعدت اليانور دوروثي لتنام في سريرها وعادت الى غرفة الجلوس لتشكر هيو على هذا اليوم السعيد وقالت:
" لن تنسى دوروثي هذا اليوم الرائع في لندن .... حتى لو لم تنجح في الإمتحان ، لقد جعلت منه يوما للذكرى يا هيو ، وانا حقا مسرورة ..".
" يمكنك ذلك ".
أمسك يديها ووضعهما على كتفه وضمها اليه بحنان ، بقيا دقائق يبتسمان ثم تعانقا الى ان قال:
" نهاية طيبة ليوم سعيد... اما زلت في ريبة من أن فارق العمر بيننا يقف حجرة عثرة في طريق صداقتنا ؟".
فتح الباب ودخل أدوار... كانت ردة لفعل تلقائية عند اليانور أن تقفز بعيدا عن هيو وبسرعة ، ولكنه لم يسمح لها بالإبتعاد وظلت بين ذراعيه مسمرة ، قال هيو :
" ادوار ، لقد عدت باكرا! ".
" باكرا جدا كما يبدو، هل وجودي يضايق؟".
" لا ابدا".
" أهلا اليانور ، هل إستمتعت بوقتك؟".
" نعم ، شكرا ، لم ننتظر عودتك......".
" هكذا يبدو لي ".
" وإلا لكانت دوروثي إنتظرتك...".
قال هيو :
" هل ترغب ببعض الشاي يا أدوار؟".
" نعم".
فتح الباب الخارجي وسمعت جلبة في المدخل ، أكمل ادوار كلامه ساخرا:
" لم يحدث في منزل آل مانسل من قبل أن يعود افراد العائلة باكرا مساء السبت ، ما الآمر؟".
قال هيو:
" حقا ، إن هذا غير مالوف ...لقد عدنا باكرا من أجل دوروثي وموعد نومها .... وانت ؟ لماذا عدت باكرا يا أدوار ؟ ( لم يجب أدوار وبقي ينظر مفكرا .... تابع هيو كلامه ) اسمع صوت فانيسا ".
" ربما جاءت برفقة صديقها ، لقد خاب املك يا صديقي".
" هذا واضح".
دخلت فانيسا منفرجة الأسارير يتبعها فيليب نولان ، إرتبكت أليانور وبان عليها القلق من وجود فيليب وهيو معا حول فانيسا وكيف ستسير الأمور ، وجود أدوار معهم يطمئن لأن اخلاقه الحميدة وإتزان تفكيره تجعل الأمور أكثر إنضباطا ، بدأ هيو يتابع بنظراته تحركات فانيسا أكثر من السابق ....وظهر على فانيسا الإنشراح وهي ترى إهتمام الشابين بها ، كانت فاتنة في تنقلاتها وبارعة في تحريك الحديث بنضوج أكيد ، حاولت أليانور أن تهتم بفيليب ، وكانت تلقاه للمرة الأولى ، شاب وسيم ، عريض المنكبين متناسق الأطراف ومشعث الشعر غير مرتب ، ولونه أشقر لماع ، عيناه جريئتان وإبتسامته تملأ وجهه ، أنيق الملبس سهل المعشر ويبدو عليه الخبث ، تحدثت أليانور معه في مواضيع شتى ومر الوقت سريعا وحان موعد الذهاب ، إعتذر فيليب وغادر المنزل وكانت فانيسا في وداعه ، حين عادت الى الغرفة قال أدوار:
" لقد ذهب فيليب باكرا يا فانيسا ، لماذا ؟ مع أنني لا أثق به ابدا ...".
" يا شقيقي العزيز ، ذهب فيليب ليرتاح ، يحتاج للنوم ليهيء نفسه غدا صباحا لخوض سباق السيارات ، سيمر علي باكرا لإصطحابي معه ، مساء الخير فأنا أيضا سآوي الى فراشي باكرا".
مشت اليانور وراءها تريد ان تختفي في غرفتها وترتاح وبقي أدوار يسهر مع صديقه هيو.
وفي اليوم التالي سالت دوروثي عن أدوار لتودعه قبل سفرها ، إشترت لنفسها هدية حسب رغبته ، إنتقت كتابا تاريخيا مليئا بالصور الملونة الجميلة ، وبعد رجوعها سالت اليانور عنه وخاب أملها لأنها لم تره البارحة.
" هل سيعود ادوار للبيت قبل رحيلي الى يورك ، أريد ان يوقع لي على هديته".
" لا اعتقد أنه سيعود الى البيت ولكنني أستطيع ان أتصل به تلفونيا ...".
" نعم يا اليانور ، أرجوك إتصلي به الان ".
قامت اليانور وطلبته على التلفون.
" أدوار ؟ أنا اليانور ، آسفة لإزعاجك ولكن....".
" انت لا تزعجينني أبدا.... ما الأمر؟".
" لا شيء ... إشترت دوروثي كتابا تاريخيا هدية منك وهي تستفسر ما إن كنت ستمر على البيت قبل أن نذهب الى المحطة لأنها ترغب بتوقيع الكتاب لها كذكرى ، قلت لها انني سأسألك.... هي تفهم أنك مشغول.... لا تهتم للامر...".
" متى موعد الذهاب الى المحطة ".
" في الواحدة ، ولكن....".
" سأمر بكما في الثانية عشرة والنصف تماما ، كونا جاهزتين فوقتي لا يسمح لي بالدخول".

نيو فراولة 23-03-12 10:01 PM

اقفل السماعة قبل أن يسمع شكرها ، نادت اليانور دوروثي لتخبرها الأنباء السعيدة فوجدتها تقرأ في غرفة المكتب.
" قال أنه سيحضر".
" جيد ، هل سيحضر بسيارته الفخمة ، سوف أخبر صديقاتي في المدرسة عنها ".
وفي تمام الثانية عشرة والنصف كانت اليانور تقف جاهزة هي ودوروثي بإنتظار وصول أدوار ، وحين شاهدتا السيارة تدخل ركضتا لملاقاته على الفور.
" أهلا ادوار ، هل تسمح لي ان اجلس قربك... هذا كلبك ؟ أليس جميلا؟".
" نعم للسؤالين ".
كان مسرورا وهو يحدثها ، ساعدهما بالدخول مع الأغراض.
لم تكن اليانور بحاجة للكلام في طريقهم الى المحطة لأن دوروثي كانت متحمسة وهي تخبر أدوار دقائق احداث اليوم السابق.
" من الواضح أن هيو قام بمجهود يشكر عليه البارحة ".
نظر أدوار الى أليانور في المرآة بطريقة ساخرة ... صرخت دوروثي قبل صعودها الى القطار :
" ادوار لقد نسيت أن توقع لي على الكتاب الذي إشتريته هدية منك ، هيا يا اليانور أعطه قلما ...( وقّع أدوار الكتاب وأضاف اليه بعض الكلمات والتمنيات وقال)":
" يبدو أنك ذواقة في إنتقاء الكتب يا دوروثي ، هيا أسرعي الى القطار حان الوقت".
عانقت دوروثي أليانور بشدة وكادت تسقط وإياها أرضا وهي تقول:
" وداعا يا حبيبتي اليانور ، لقد إشتقنا اليك كثيرا ، متى ستعودين الى البيت؟".
" لا تكوني طماعة يا دوروثي ، بقيت عندكن في يورك وقتا طويلا ( نظر الى اليانور وقال ) ساصعد مع دوروثي الى القطار ، إنتظريني على الرصيف".
رأت أليانور أدوار وهو يع الكمان والحقيبة فوق الرف في القطار وشاهدت لدهشتها دوروثي تعانقه بشدة بينما شد أدوار شعرها مداعبا وإبتسم لها.
نظرت دوروثي من نافذة القطار مسرورة للغاية تراقب أدوار ينضم الى أليانور على رصيف المحطة ، بدأ القطار يتحرك ببطء أولا ثم إبتعد تدريجيا عن الأنظار.
" أعتقد أنها ستصل بالسلامة".
" لقد تمكنت من الوصول الى لندن بأمان ليلة الجمعة ... لقد طلبت من الحارس أن ينتبه اليها حتى تصل الى يورك ، إطمئني ، قلبك الدافىء سيجلب لك المشاكل العديدة يا شابة ، واهلك يستفيدون كثيرا من طيبة قلبك دون حساب".
" هل هناك مشكلة في كوني طيبة القلب؟".
" حتما ، بالنسبة الى الآخرين ،اسالي كاتي ودوروثي...".
" افضل طيبة قلبي على قساوة قلبك....".
" أوه ، وماذا تعرفين عن قلبي يا اليانور ؟ لا عليك لا تجيبي ... ساعترف بان قلبي ليس رقيقا أو حساسا مثل قلبك".
لماذا ينتهي الأمر بينهما بالجدال؟ لا تريد لهذه الحال أن تدوم بينهما ، لديه الحق ان يشكو من طيبة قلبها لأنها تسببت له المزيد من المشاكل والتعقيدات طريق العودة للبيت كانت سريعة ، وحين توقف أمام البيت قال بها بسرعة:
"ساراك غدا صباحا في المحل ، أترك المحل عادة قبل وصولك وساترك لك تعليماتي مكتوبة على المكتب ، ربما تحتاجين الى فترة لتعتادي النظام في المحل ، غدا سانتظر وصولك لاساعدك ، فانيسا تاتي بعد الظهر لمساعدتك هذا الأسبوع ، سأترك لك رقم هاتفي إذا احتجت اليه ، سيساعدك رون مان بعض الوقت ... اعتقد أن هذا كل شيء .... هل لديك اسئلة؟".
نظرت اليانور خلفها لتجد فيليستي تخرج من سيارتها لتجلس في سيارته ، صعدت أليانور الى السلالم قبل ان تلتقيها.
.... الأسابيع التالية كانت اسهل مما توقعت ، بقيت فانيسا تمضي بعض الوقت يوميا بإنتظار أن ينتهي العمل في محلها الجديد ويصبح جاهزا للإفتتاح ، رون مان ساعدها ساعات إضافية في المحل لتتمكن اليانور من فهم طبيعة العمل ، ومع مرور الأيام شعرت بالإستقرار في عملها ووجدت الوقت للتعرف الى المحلات المجاورة وأحست براحة وإطمئنان.
منذ بداية عملها وضع أدوار حدودا لتصرفاته معها ، وقد إقتصرت علاقته بها في العمل فقط وهذا بالطبع يناسبها ، وفي منتصف الأسبوع الثاني سافر أدوار فجأة الى يوغوسلافيا في رحلة عمل ضرورية وهذا ما طمأنها لنه يثق بمقدرتها على إدارة المحل في غيابه ، وهي أيضا إجتهدت لتبرهن له نجاحها وكفاءتها.
زارت أليانور صديقتها مايسي في المطعم قبل موعد الغداء بقليل ، سرت مايسي كثيرا بزيارتها وقالت:
" أليانور ، أهلا بك ، تعالي وأجلسي هنا ، هل تأكلين ؟ ماذا ترغبين من الطعام؟".
" هلا بك يا مايسي ، سأتغدى هنا ماذا تقترحين؟".
" الكلاوي مع الخضار .... أم هل تفضلين العجة الأسبانية؟".
" اليس هذا مضحكا ...؟ لا أرغب في العجة الأسبانية لأنها تذكرني بتلك الليلة ".
" اكيد ، كما تشائين ( حملت لها الكلاوي والخضار ثم جلبت قهوة لهما وجلست معها لتشاركها الحديث) جميل ان استريح قليلا.... هيا أخبريني عن... العجة الأسبانية أكاد اتحرق شوقا لسماع التفاصيل ، وإذا رغبت ألا تخبريني سأتفهم وضعك".
" ليس هناك الشيء الكثير لأخبرك به... كان غاضبا لأنني إشتغلت خادمة دون إعلامه..".
" عندما شاهدته يسوقك أمامه كدت الحق بك لمساعدتك إذا إقتضى الأمر ، لقد بدا غاضبا حانقا".
" حقا؟".
" يومها شعرت أننا لن نراك هنا بعد تلك الليلة... التي زارك فيها صاحب العجة السبانية....".
" إسمه أدوار..".
" إسم يناسبه ، يبدو متميزا ساحرا مختالا".
" كيف يمكنك وصفه بهذه الصفات المميزة وانت إنما رايته مرة واحدة؟".
" إنه من الأشخاص الذين لا يمكن للإنسان نسيانهم بعد أن يراهم ولو مرة واحدة ، لا شك أنه يفكر فيك كثيرا كي يلحق بك ويهتم بما تفعلين...".
" هذا ليس صحيحا يا مايسي".

نيو فراولة 23-03-12 10:03 PM

شرحت لصديقتها وضعها معه بإقتضاب وحين إنتهت علّقت مايسي على الأمر بإستغراب قائلة:
" امره محيّر ، يبدو كأنه إقطاعي ومتعصب ، هل انت متأكدة بأنه لا يحبك؟".
" متأكدة جدا ".
" من المؤسف .... كنت أهيء نفسي لحفلة زفاف قريبة".
" إذا كنت تتكلين علي فسوف تنتظرين فترة طويلة.... فتاة أدوار المفضلة شقراء فاتنة بالإضافة الى العديدات اللواتي يحمن حوله ليبددن السأم عنه ويدخلن بعض التغيير على حياته ( حاولت أن تغيير موضوع الحديث فسألتها) كيف حال الصغير جو؟".
أخبرتها مايسي عن إبنها ثم ودعت اليانور مايسي وكين صاحب المطعم وخرجت عائدةال عملها.
في غياب أدوار حضرت إيف الى المحل عدة مرات وجل إهتمامها كان منصبا على الترتيب لعيد ميلاد فانيسا الواحد والعشرين وقد إقترب موعده ومعظم حديثها يدور حوله ، وحين إنفردت اليانور بفانيسا في الليل بدأت تحدثها قائلة:
حدث الموسم هو عيد ميلادك ".
" صحيح ، والدتي متحمسة جدا والأمر لم يعد سرا ، حماسها زاد عن حده"
" طبعا إنها مهتمة بالترتيبات والدعوات ....".
" ربما ولكنني أشعر كانها تخفي لنا مفاجأة ليوم حفلة عيد ميلادي ".
كانت فانيسا ترتاح فوق الأريكة تتصفح مجلات الموضة بينما جلست أليانور على المكتب تكتب رسالتها الأسبوعية لأهلها في يورك.
" ألا ترغبين في مفاجئة كبيرة؟".
" لا يهم ما اريده... والدتي ترتب مشاريعها دون إستشارتنا ، والحفلة بالنسبة اليها فرصة سانحة لإذاعة آخر الإشاعات والأقاويل والثرثرات .... إنها تخرج للعالم إشاعات طنانة رنانة وبحفلة رسمية.... ( أكملت فانيسا تصفح المجلات ثم رفعت نظرها وأكملت) نظرت الى لائحة المدعوين ومعظمهم لا أكاد أعرفهم".
" الم تدع ايضا جميع أصدقائك؟".
" بالطبع ، دعتهم جميعا كل شخص من اصحابي مدعو".
" هل فيليب نولان بينهم؟".
" طبعا".
" هل هناك من اعرفه؟".
" تعرفين هيو وفيليستي مادوك ستكون مع افراد آل مادوك ، تربطنا بهم علاقة عمل كما تعرفين ، ثم ساعرفك الى ابناء عمومتي الشباب.... وهناك ادوار الذي سيعود من سفره قريبا".
توقفت اليانور عن الكتابة وسرحت تفكر بأدوار من جديد".
" لقد ذهب شقيقي في رحلة عمل واتمنى أن تثمر سفرته بالمزيد من العلاقات الطيبة بالنسبة الى محلي الجديد ، اريد أن اجمع حولي أشخاصا يهتمون بعرض بضائعهم عندي في المستقبل ، تجار وفنانون وكل من عمل في هذا المضمار وخاصة الصناعات الأجنبية".
" يبدو ذلك مثيرا للغاية ، أنا واثقة من نجاحك ، أنت تملكين التصميم الأكيد من أجل النجاح يا فانيسا".
" التصميم وحده لا يكفي للنجاح ... ربما ساعد عليه ، لكن لن اتراجع....".
بقيت فانيسا سارحة في تفكيرها بينما أكملت أليانور كتابة رسالتها وعمّ الصمت بينهما ، يوم الخميس دخل أدوار الى المحل دون إنذار ، دخل من الممر الخلفي المرتبط بشقته ، يرتدي ثيابا عادية ويبدو تعبا مرهقا ، وكانت اليانور ترافق إحدى الزبائن الى الخارج بعد ان اشترت شيئا من المحل ، حين شاهدته رحبت به قائلة:
" أدوار؟ ( إبتسمت مرحبة) كيف كانت رحلتك؟".
" موفقة شكرا( دخل مكتبه مسرعا ، لحقت به اليانور ووقفت بالباب ، نظر اليها وقال ) على فكرة يا أليانور لقد أشاد رون مان بنشاطك ومدح عملك وكفاءتك عندما إتصلت به هاتفيا هذا الصباح ، قال انك قديرة في عملك".
شعرت أليانور بمديحه وإحمرت وجنتاها خجلا ودخلت الى المكتب وهي مترددة:
" أدوار.... لم يتسنى لي الكلام من قبل بشأن راتبي...".
" أوه( جلس معتدلا وبدأ يفتح بعض الملفات فوق المكتب) وماذا بشأنه؟".
" ظننت أنك ستحتفظ به لأسدد الدين الذي لك بذمتي... ألم يكن هذا ما إتفقنا عليه، وجدت انك تركت لي الراتب بكامله ولم تحسم ما يتوجب حسمه من اجل الدين".
" قررت أن ترك لك راتبك كل أسبوع من اجل المظاهر .... لئلا تعرف والدتي...".
" آه ، فهمت ، معك حق ، ولكنك تدفع لي أكثر مما ينبغي".
" ارجوك ، اتركي هذا القرار لي ، _ نظر اليها وأولاها كل إهتمامه ) انت لا تقبضين راتبك دون مقابل ، إذا كان هذا ما يزعجك ، لقد دفعت لك قسما من الراتب وابقيت قسما منه لتسديد الدين".
" ولكنني لا زلت أعتقد أنك لي أكثر مما ينبغي...".
" انت تجهلين سلم الرواتب في هذا الجزء من العالم ، إتركي الأمر لحكمي ، أنا اقرر بدل أتعابك".
" ولكنني اعيش في منزل والديك دون مقابل ( إكتسى وجهها خجلا من جديد)".
" يا فتاتي العزيزة ، هل بإمكانك ان تجادلي هذا الأمر مع والدتي ؟ أنسي هذا الموضوع كليا يا اليانور ، أنا واثق بأنك كأية إمرأة ستجدين ما تصرفين المال عليه ، أنا راض عن عملك ومسرور بالنتائج ( بدأ يكتب ، توقفت عن الكلام وفهمت أن عليها الخروج ) ألست راضية؟".
" نعم ، نعم بالتأكيد ، فقط....".
" تريدين أن تسددي دينك بسرعة كي تعودي الى اهلك ! ".
" لا ، انا مسرورة جدا هنا".
" إذن كفي تفكيرا بهذا الموضوع ، وانا افهم جيدا أنك لا تريدين قبول صدقة مني ، ولكن تدبير العمل في المحل يفيد كلانا على السواء".
" لكنك لم ترغب بوجودي هنا ! ".
" وكذلك انت.... كنت غير راغبة في العمل عندي في المحل".
" إذن كلانا يحاول ان يتقبل الوضع الحاضر ( توقف عن الكتابة وسالها بحزم) اليانور.... من اين احضرت القطة المرقطة؟".
" لا أحد في الجوار طالب بها".
" وقد أصبحت ملكك !".
" إنها لا تسبب لنا اية مشكلة ، ثم تصطاد الفئران....".
" وماذا بشان سايكس؟".
" لقد تقبل الأمر ، عليك أن تهمل القطة أنت حتى لا يغار سايكس ...".
" ابعديها كليا عن الرفوف حيث تعرض الأثريات".
" حاضر يا أدوار".

نيو فراولة 23-03-12 10:04 PM

اسرعت خارجة من مكتبه قبل أن يغير رايه ، اصرت فانيسا على إصطحابها الى السوق لتفتش عن ثوب جديد لحفلة عيد ميلادها.
" والدتي تصر أن نلبس أجمل الثياب في الحفلة الراقصة ، لا اريد ان تخيب أملها ، انا اصر على شراء ثوب مثير للغاية لك وبعد ذلك سأسلمك لحلاقي ليصفف لك شعرك بطريقة خاصة للمناسبة".
" يا ألهي".
" أعرف يا أليانور انه ربما ينقصك بعض المال الضروري وإذا سمحت أسلفك ما تحتاجين".
" شكرا يا فانيسا ولكن لدي ما يكفيني من المال بعد ان بدأت أعمل في المحل ".
وبعد ان تجولتا في المحلات قالت اليانور:
" كيف كانت ردة فعل أدوار حين أتصلت به هاتفيا تطلبين لي عطلة يوم ".
" اه ، تفهم الوضع تماما ، وهناك دون مان يساعده... أنه لا يملكك ، وإذا إحتجت ليوم عطلة فما عليك إلا أن تطلبي".
" هل تتكلم شقيقة الرئيس هكذا ( إبتسمت مازحة وقالت ) إنه رئيسي في العمل ولا اريد أن أستغل صداقة العائلة في العمل".
" عزيزتي أليانور ، أنت غريبة الأطوار وساذجة ، إننا نستفيد من معاونتك لنا".
" ربما ، ولكنني أتقاضى راتبا عن عملي وليس من اجل التفتيش عن ثوب للحفلة...".
" هناك علاقة عمل نحترمها... عديني الا تكرري طلبك مرة ثانية دون أن تستشيريني".
" أوه ، طيب ( ضحكت ) هل تخافين منه يا أليانور؟".
" اخافه حتى الموت.....والآن ما رايك بهذا الثوب؟".
" لا ، إخلعيه ، اللون السود لا يناسبك ، سنفتش عن طلبنا في محل آخر ، هيا".
وقفت اليانور ليلة الحفلة بثوبها الجديد ونظرت لنفسها في المرآة ، دهشت من شكلها وكادت ألا تتعرف الى نفسها..... لقد صفّف لها الحلاق شعرها بطريقة جديدة وجعله حول وجهها المستدير بشكل متناثر وجميل ،والثوب الرقيق الناعم يحيط بجسمها النحيل وطياته الخفيفة تضفي عليها انوثة أكيدة ، لونه احمر قان ونادرا ما إرتدت مثل هذا اللون ..... ولكن..... حتما هي فاتنة وثوبها انيق وشعرها مثير ، أخرجت زجاجة العطر وتعطرت بكرم وسخاء ، سمعت قرعا على الباب وظهر أدوار دون إنتظار.
منتديات ليلاس
" أهلا أدوار ، لم أعرف أنك حضرت ، هل حان وقت الذهاب الى الحفلة ، لقد إنتهيت تقريبا من تجهيز نفسي".
إستدارت تفتش عن حقيبة السهرة.
" مساء الخير يا أليانور ، لا تستعجلي نفسك ، لقد ارسلت معي فانيسا هذه الإسوارة".
" شكرا".
" هل أشبكها لك ، مشبكها يصعب إغلاقه بسهولة".
مدت أليانور معصمها ببطء وشبك أدوار الإسوارة الفضية حول معصمها ، بدت يده السمراء قرب يدها البضة غريبة الشكل ، حبست اليانور نفسها وأحست الدماء تجري مسرعة في شرايينها بعد ان لامست أصابعه يدها ، تذكرت عناقه لها وإحساسها المربك الغامض .... وهي الان تشعر بإضطراب مماثل ، نظرت الى الإسوارة وقالت:
" اشكرك يا أدوار ، فانيسا لطيفة وذوقها رفيع وقد عرفت ما يلزمني....".
نظرت الى نفسها في المرآة من جديد وسالته:
" ما رايك؟".
" كل من يعرفك جيدا لن يغيب عليه شكلك".
" هل هذا مديح؟".
" يا فتاتي العزيزة ، أنت لست بحاجة للمديح.... ومع ذلك نعم كنت أمدحك ( نظر الى ساعته ) سنغادر الى الحفلة خلال عشر دقائق ، أحفظي لي رقصة.... فأنا اخشى ألا يترك لي أولاد عمي فرصة لمراقصتك ولذلك أحجز لنفسي منذ الآن ".
إلتقطت أليانور حقيبتها وقبل أن تترك الغرفة ألقت نظرة أخيرة في المرآة وإبتسمت إبتسامة رضى وخرجت تحلم بقضاء أمسية سعيدة في الحفلة الكبيرة.

الجبل الاخضر 25-03-12 10:37 PM

:55:من جد اختيار رائع ويستاهل المتابعه ننتظر التكمله لاتتاخرين علينا:peace:

ابتهال محمد 26-03-12 09:07 PM

اتأخرتى علينا اوى.مستنيين التكملة بسرعة

زهرة منسية 28-03-12 01:30 AM

‎مرحبا فرولايا كيفك حبيبتى ؟ حرمانا من أطلالطك العطرة وأنت مش معودنا على كده إنشالله المانع خير
بنتظارك حبيبتى ‏‎

سومه كاتمة الاسرار 30-03-12 11:31 PM

فين التكمله ياقمر مستنيين على ناااااار
:8_4_134:

نيو فراولة 31-03-12 05:34 PM

6- ( للقلب احكام لا يقبلها العقل) حسب راي باسكال ..... غير ان الآخرين يتدخلون أحيانا في حياة الناس فيقلبون الأوضاع رأسا على عقب ، ولا يعود من السهل أن يعرف الواحد حقيقة شعوره.....

إزدانت قاعة الرقص بأفخر الزينات من اجل إستقبال المدعوين الكثر لحفلة عيد ميلاد فانيسا الحادي والعشرين ، غصّت الحلبة بالراقصين والراقصات تحت الأضواء الخافتة ، تركت فانيسا زمرة أصدقائها وإنفردت باليانور جانبا تسألها بلهفة:
" اليانور ، هل رايت هيو؟".
" الم يحضر بعد؟".
" لا ، ربما نسي موعد حفلة ميلادي".
" لا تكوني سخيفة ، وكيف يمكنه ان ينساها وأنت دابت على تذكير الجميع خلال الأسابيع القليلة الفائتة.
" ربما ، ولكنك لا تعرفين هيو جيدا .... اريد ان اكلمه قبل موعد تناول الانخاب ، لقد طلبت منه والدتي أن يلقي كلمة في الحفلة ونا اريد ان أعرف إذا كانت لديه نوادر شنيعة فإنني سأحاول أن اثنيه عن عزمه حتى لا يلقيها ( أمسكت بذراع اليانور وقالت ) هيّا أعرفك بأبناء عمي كما وعدتك من قبل".
تنقلت اليانور بين الأصدقاء ورافقتها نظرات الإعجاب في تنقلاتها ، كانت قد إنتهت من آداء رقصة برفقة أحد الشباب حين شاهدت هيو يدخل القاعة.
" وأخيرا وصلت ، اعتقدت فانيسا أنك نسيت موعد حفلة ميلادها ، هل إلتقيتها؟".
" نعم ، وإنهالت عليّ عتابا بما فيه الكفاية ، مع انني إعتذرت لها بإنشغالي بالعمل ، لكني واثق بانها لم تقبل إعتذاري ( نظر هي والى حلبة الرقص وإلتفت اليها مبتسما) هل ترغبين في الرقص؟".
فتح ذراعيه ليستقبلها ودار بها وسط جموع الراقصين ، نظرت حولها لترى فانيسا تلوح لهما وهي تراقص فيليب نولان ، قالت أليانور بحنان وصدق:
" كم هي جميلة ! ".
" صحيح ولكنك تنافسينها في الجمال والفتنة".
" أشكرك !".
" هذا من دواعي سروري يا آنسة فارس!".
دهشت اليانور وهي تكتشف ان هيو راقص بارع ، تمتعت بمراقصته وحين إنتهت من الرقص سمعت صوتا باردا من ورائها يخاطبها ، كان أدوار يقول بخبث:
" إحذري من الشاب الهادىء يا اليانور ، عادة هو ذئب بلباس الحمل".
إستدار هي واليه وقال:
" ولكن الذئاب نادرا ما تتحول الى خراف.... أعذرني يا أدوار ولكنني أريد ان اراقص إيف ".
إبتسم هيو وتركهما ومشى مبتعدا عنهما ، احست اليانور بإرتباك وحاولت أن تجد ما تقوله ولكنها لم تجد... ودوت الموسيقى من جديد وقال ادوار:
" إنها موسيقى رقصة الفالس على ما اعتقد".
جذبها اليه وبدأ يراقصها دون إستئذان ، لم تستغرب أليانور براعة ادوار في الرقص ، فشاب في مثل شهرته المفر وان يكون ماهرا ، ومن طرف عينيها لمحت فيليستي تختال فخورة بنفسها كالطاووس ، كانت تنظر اليها بحسد ولؤم ، إستغربت أليانور نظراتها الكريهة مع أنها كانت تستاثر بأدوار كل الوقت حتى الان وفكرت ( إنها تحسدني على رقصة فالس واحدة.....) قال أدوار بعد أن إنتهى من مراقصتها:
" بدات افهم لماذا تحصلين بشعبية واسعة ، لقد تمتعت بمراقصتك يا أليانور وأشكرك".
" صحيح ، نحن نقيم في يورك بعض الحفلات الراقصة بين حين وآخر....".
شكرته وإنسحبت بسرعة.
منتديات ليلاس
ومع مرور الوقت وجدت اليانور العديد من المعجبين حولها ورقصت حتى تعبت ، فخرجت الى الشرفة تنشد بعض الراحة وقفت من بعيد تراقب جموع الراقصين ولمحت فانيسا بثوبها الفضي اللامع وهي ترقص مع والدها ، كان أنيقا بشعره الأبيض فخورا جدا بإبنته البراقة وقد إبتسم إبتسامة رضى ومحبة.
وبعد أن إرتاحت قليلا على الشرفة دخلت القاعة من جديد تبحث عن شراب منعش ، مرت بفيليستي مادوك التي رمقتها بنظرة غاضبة وتمتمعت بعض الكلمات التي تجاهلتها اليانور وبقيت صامتة ، صعقت أليانور ، شعرت بذعر مفاجىء ، ما الأمر؟ غمرها شعور غريب بعدم الغرتياح لما يجري وإرتبكت وهي تحاول أن تجد سببا لتصرفها ، وحين دخلت القاعة جذبتها اليدي ووجدت نفسها تدور في رقصة الكونغا مع مجموعة من الراقصين بدون إرادتها ، فجأة إنفرط العقد وتحللت المجموعة وسرت أليانور لتجد نفسها متحررة من قبضتهم ، ضحكت وهي تسترد انفاسها ، نظرت قربها لتجد فانيسا تمشي بإتجاهها وقد اشرق وجهها بشرا وتكاد تعابيرها تنطق سرورا ، قالت اليانور:
" أهلا فانيسا ، ما الأمر؟".
" اليانور ، انت ماكرة ( قبّلتها بحماس وشدّت عليها بمحبة ظاهرة ) تعالي ، نحن نفتش عليك....والدتي تريدك فورا ، ووالدي سعيد للغاية ، لم يكن احد منا يصدق ان ذلك سيحصل ".
وجدت أليانور نفسها تتبعها وسط المجوع دون ان تعرف السبب .
" فانيسا ، مهلا ، ماذا تريدين؟".
" تعالي معي ، لقد إنكشف لنا كل شيء ، هيا قولي لأدوار : كفاه حماقة...".
ودت اليانور لو تعرف حقيقة ما يدور حولها ، وصلت الى السيدة مانسل التي نظرت اليها والبشر يطفح من وجهها ، ثم عانقتها إيف على الفور وهي تقول لها بمودة خالصة:
" يا عزيزتي اليانور، انت لا تعرفين كم أنا فرحة ومسرورة ، كلنا مبتهجون ... استطيع ان ابكي الان من شدة فرحي".
" أنت فعلا تبكين..".
" هيّا ، أقنعي أدوار أن هذه الليلة مناسبة لغعلان الخطوبة.... أنت تتعجبين ولكننا عرفنا كل شيء... فانيسا مسرورة مثلنا ولا مانع لديها ان تخطفي الأضواء من حفلتها ، لن يزعجها هذا الأمر أبدا".
سال السيد مانسل:
" اين أدوار؟".
قالت فانيسا:
" إنه يبحث عن اليانور".
قالت إيف:
" إنه عنيد جدا ولا يريد ان يتسبب بالإزعاج ، ولكنه في النهاية سيرضخ لرغبتك يا عزيزتي ، وهو( نظرت إيف خلفها لتجده قادما) .... أليس كذلك يا أدوار؟".

نيو فراولة 31-03-12 05:36 PM

أمسك أدوار بها من الخلف ووضع ذقنه على شعرها بحنان ، أحس بها ترتجف بين ذراعيه بإرتباك واضح ، قال:
" ما الأمر يا اماه؟".
قالت فانيسا بمكر:
" لقد خدعتماني ، أنت تتكلم عن قدرتها وكفاءتها في العمل وهي تصرح لي بأنها تخافك... هل يبدو عليها الخوف منه يا أماه؟".
قالت إيف بإبتسامة:
" طبعا لا ".
ودت اليانور ان تضحك ضحكة هستيرية .... أنهم لا يعرفون شيئا عنها ، قال أدوار:
" اريد أن أتحدث مع اليانور على إنفراد".
قال السيد مانسل:
" نعم يا بنيّ .... لا أحد يريد ان يؤثر عليك ( إستدار نحو زوجته التي كادت تطير من فرحها وقال يخاطبها ) إذا كانا لا يرغبان في إعلان الخطوبة هذه الليلة فسنذعن لإرادتهما ، اليس كذلك يا إيف؟".
قال أدوار:
" تعالي يا حبيبتي".
يداه دافئتان حولها ولهجته مطمئنة ، مشت كأنها نائمة ونظرات الإستفهام تطاردها ، قادها أدوار الى غرفة صغيرة جانبية كانت معدة لإستلام الهدايا بمناسبة عيد ميلاد فانيسا ، دفعها الى داخل الغرفة بسرعة وقساوة واغلق الباب بلطف وقال بلهجة غاضبة:
" أهنئك.... متى ستتم الفرحة الكبرى ؟".
" ماذا حصل؟ ماذا يعتقدون.......؟".
" كنت آمل ان تطلعيني على ما يدور حولنا....".
" لا يمكنني .... أنا لا اعرف ماذا حصل".
كادت تختنق بكلماتها من شدة غيظها.
" يصعب علي تصديق ذلك ، كل شيء يبدو جاهزا... لا يمكن تجاهل التخطيط المحكم".
" ربما... ولكنني لم أخطط لأي شيء ".
صرخت غاضبة وامسك بها ادوار بقساوة وهزّها هزا عنيفا.
" يا الهي ، لقد قمت بهذا الدور معك من قبل....لقد تكرر الوضع مرتين.... غير معقول، لو كنت واثقا بانك أنت السبب.... لكنت....".
توقف عن الكلام وزفر زفرة مريرة.
" أنت على حق ( شحب وجهها وكادت تسقط مغميا عليها) أتمنى لو تبقى يداك بعيدتين عني".
تركها أدوار مجبرا وقال:
" لا استطيع ان أعدك بذلك ، كانت ردة الفعل عندي أن أهزك لاخرج روحك من فمك.......".
" شكرا ( حاولت أن تفرك ذراعها مكان قبضته القاسية) وماذا ستفعل الآن؟".
" ماذا تقترحين؟ أجعلي قرارك مقتضبا واسرعي في كلامك حتى لا يعتقدون أننا تزوجنا وهربنا لنمضي شهر العسل".
" كان بإمكانك ان تنفي الإشاعة.... نعم... لماذا لم تفعل؟".
" يا فتاتي العزيزة ، هناك مواقف لا يمكن التحكم بها وهذه منها ، هل تؤمنين حقا ان بإستطاعتي نفي الإشاعة اصلا ولم أفعل ؟( ضحك بسرعة ومر بيده على شعره) لقد أخبرتني والدتي بوضوح أنها إستقت معلوماتها من مصادر موثوقة ( أكمل ساخرا يؤكد لها صدقه) ومصادرها هي صديقتها الحميمة كونستانس فارس نفسها".
صعقت اليانور وهي تسمع أقواله وإكتسى وجهها بحمرة قانية وقالت:
" والدتي؟".
" نعم إنها والدتك( كان يحدق بوجهها ليرى ردة فعلها عن كثب) لا يمكنني أن أخاطب حماة المستقبل وأقول : ( أنها كذّابة ... ولا يمكنني الان ان أتكهن بطبيعة العلاقة بينا ( أشعل سيكارة وهو يراقبها بدقة) هل تفهمين المأزق الذي تورطنا فيه ، يبدو انك خرست كليا... هل تعتقدين أنني أصدق انك لا تعرفين أي شيء عن هذا الموضوع _ مثلي تماما ...".
" صدق أو لا تصدق ولكن هذه هي الحقيقة ولا يهمني رايك.... كم مرة علي ان اقول لك صراحة أنني أكره ان يرتبط إسمي بأسمك أو بمالك... بالنسبة الي أنا لا أهتم بك ولن يغريني مالك بالزواج منك".
" يسرني سماع ذلك".
" إنني ارثى لحال الفتاة التي سترضى بك...".
" أشعر بعدواوة طبيعية ونفور عندما أجبر على وضع لم اختره بنفسي ".
ران صمت ثقيل بينهما ، كانت عيناه الزرقاوان تحدقان بعينيها العسليتين في إستفهام واضح.
" هل لديك فكرة عملية يا أدوار؟".
" لنخرج من هذا المأزق بسهولة ... كلا يا عزيزتي اليانور... كل ما نستطيع أن نفعله الآن ان نخرج اليهم ونوافق على اعلان الخطوبة ".
" أنت لست جادا جدا فيما تقول ؟".
" بلى ، إنني اعني ما اقول".
" نعلن الخطوبة أمام هذا الحشد من المدعوين... هل هذا افضل إقتراح لديك؟".
" انا مستعد لسماع إقتراحك لقد فكرت كثيرا بالأمر ، عليك أن تتذكري أن والدتي القت قنبلتها وهي تقف وسط مجموعة كبيرة من الأهل والأصحاب... حتى لو لم نعلن الخطوبة هذه الليلة فالجميع سيعرفون بأمرها فانا صيد سمين !".
" لا أعرف لماذا يعتقد الجميع ذلك".
" ولا أنا ايضا يا عزيزتي ، ربما برأي البعض أنك أنت الصيد السمين وأنا سعيد الحظ".
" يمكنني أن أستغني عن سخريتك ونكاتك اللاذعة.... اشكرك ، كما اتمنى أن تكف عن مناداتي بفتاتك العزيزة ... أنا لست كذلك ولن أكون أبدا .... استغرب كيف إستطعت ان تتملص من شبكة الزواج لكل هذا الوقت.... وكيف تقع الآن في الفخ بهذه السهولة".
" هذا ما يثيرني حقا.... اريد ان أخنق مارغو سلايد اللعينة .... واما شقيقتك المجنونة....".
" إنها ليست مجنونة ابدا ، أنت بنفسك قلت ان الإشاعة ستموت".
" كان تفكيرك خاطئا.... لقد إحترقت أنا باللهب".
" إياك أن تتكلم معي هكذا... لو أن والدتك تريثت وسالتنا اولا....ربما هي التي رتبت كل الخطة".
" كم أنت بريئة وبسيطة ! صحيح أو واالدتي تحاول تزويجي منذ أكثر من خمس سنوات .... ربما هي التي إقترحت على والدتك الأمر : ما أجمل أن يقع إبني أدوار بحب إبنتك أليانور".
كان يقلد والدته ونظرت اليه اليانور فزعة ومستغربة وقالت:
" أنت تخترع هذه القصة ، لا يمكن لوالدتي أن تقبل...".
" ولكن والدتي تفعل ذلك ببساطةوعن حسن نية....".
" هذا لا يحتمل ، علينا أن نواجههما بالحقيقة ، لن نقبل".
" هيا لنخرج الى الوجوه التي تنتظرنا ، ساراقب الجميع وافهم خبايا اللعبة".
" كف عن التمثيل ، أنت تعرف أنني لا استطيع مجاراتك".
" صحيح ، ولكن تمسكي بذراعي وإبتسمي ، من المفروض اننا خطيبان سعيدان نعيش حلما ورديا ، وإذا كان وجهك على هذا النحو سنفشل منذ البداية ، سيعتقدون انني أضربك منذ الآن".
" هذا ليس وقت المزاح ، يجب ان نجد مخرجا لائقا".
" لا يبدو ذلك ممكنا".
" ولكننا على خطأ".
" هذا اكيد ، إنه خطأ كبير... إلا إذا كنت تفضلين ان نجعل من العائلتين مضحكة إجتماعية ومثارا للسخرية والأقاويل ، سنعيش التمثيلية الهزلية لبضعة اسابيع فقط... ثم تخبرين العالم كله أنني شاب حقير خسيس متعال واناني وما شابه من الصفات ، سيصدقك الجميع( رفع حاجبيه ساخرا) يمكنك ان تصفيني بما ترغبين ، لن يلومك أحد ، هل انت مستعدة للشجار...".
فتح الباب لها وخرج وإياها ثم تمتم في اذنها يذكّرها:
" عليك أن تقومي بدورك في التمثيلية على اكمل وجه".
" ماذا تقصد؟".
" نحن الآن نعيش قصة حب ( قال متهكما ) وكيف يمكن أن يحصل ذلك لي؟ كم تهربت في السابق من سوق الزواج... سيعتقدون أنك غالية الثمن... حقا ان المودة مفقودة بيننا".
سحبت اليانور ذراعها من قبضته وقالت حانقة:
" افهم شعورك تماما".
" لا تهتمي ( إبتسم بطريقة ساخرة ) انا مشهور بانني أستطيع أن اتحكم برباطة جأشي وتوازني في أحلك اللحظات ، أكتفي منك بهذه الليلة ، ببعض النظرات المحببة".

نيو فراولة 31-03-12 05:37 PM

" صحيح ؟( تمتمت غاضبة حين وصلا الى الباب وسمعا صوت الضجيج) أعتقد انك لا تحس بأي ألم .... أتمنى لو أنني لم أرك في حياتي... أنت....".
" إنتبهي الى لغتك .... الغضب يناسبك ، كنت مرعبة قبل قليل والان إياك ان تصدقي التعابير الرومانسية التي ساصبغها عليك ، ثرثري ونحن نتقدم من المدعوين ....( جذبها عمدا اليه وعانقها بشغف وحين رفع راسه أخيرا قال ) فمك الجميل يبدو كالثمر حين يحين القطاف... أليس هذا ما هو منتظر منا".
فتح لها الباب وإنتظر دخولها .
" شيء واحد فقط ".
" ماذا؟".
كانت ترتجف حتى الجذور وتتمنى لو يخفي إبتسامته الساخرة عن وجهه.
" لتنطلي الحيلة على الجميع يجب علينا ان نبقي الحقائق بيننا ، إياك البوح ".
كانت اليانور تلقي براسها على مؤخرة المقعد في السيارة وتشعر بالم حاد.
" قليلا".
تمنت ان ينعدم الحديث بينهما ، إلتفتت تنظر خارج النافذة ، السيارة تجوب الشوارع الخالية والظلام حالك والضباب منخفض ، ومع أن الحرارة داخل السيارة كانت متوفرة إلا أن اليانور شعرت ببرودة قاسية وبتجمد في عقلها وجسمها ، لقد تعبت طوال السهرة من كثرة ما إصطنعت الإبتسام.
بدأ أدوار يدندن لحنا موسيقيا ناعما ، إستدارت اليه علها تعرف بماذا يفكر ، كان يقود السيارة بمهارته المعهودة وقد رفع ياقة معطفه ليتّقي البرد ويداه القاسيتان على المقود وقد ركّز إنتباهه على الطريق امامه ، شعرت بالكراهية تغمرها ، اغمضت عينيها لئلا ترى وجهه ، ستنسى مع الوقت هاتين الساعتين الخيرتين من الحفلة كما ينسى الإنسان الحلم المزعج......
قال أدوار:
" لقد سارت الأمور على ما يرام".
" نعم".
بقيت اليانور مغمضة العينين لئلا تشجعه على الكلام كانت تحاول حل مشاكلها بتفكير عميق ، كما قال أدوار : كل شيء سار على ما يرام .... لقد شعرت بخطوبة حقيقية ، تصرفاته متقنة بشكل جعل كل المدعوين يصدقون ما يجري على انها خطوبة اصيلة وليست تمثيلا مؤقتا.... كرهت اليانور نفسها لهذه المهزلة الخادعة، كانت ساخرة وغاضبة وهي ترى أن لا نهاية واضحة لما يجري.
كان أدوار لا يكف عن المزاح وهو يتكلم بسخريته المعهودة عن وقوعه في فخ الزواج وهو المشهور بالتملص والمراوغة لكن ها هو يستسلم بسهولة وينقاد الى قافلة المتزوجين... قالت اليانور في نفسها ( كيف يمكنه ان يخدع كل الناس ، ألا يشعر ببعض الذنب؟ كيف يستطيع أن يخدعها في شعوره نحوها وعلاقته بها ؟ الم يكن غاضبا حانقا حين إنفرد بها في الغرفة الجامبية ... وها هو الآن رابط الجأش ،متوازن التفكير يثير النكات حوله ... كيف يمكنه التحكم بمشاعره بسهولة فائقة... إنه يتجول الن بين المدعوين والأهل والأصدقاء يتقبل التهاني بسرور بالغ .... وإستطاع ان يهدىء من روعها ويطمئنها بلباقة.
خلال السهرة شدّها اليه يراقصها رقصة الفالس الحالمة ، دار بها عدة دورات وأسندت راسها على كتفه بعفوية ، وحين إنتهت الموسيقى رفعت اليانور رأسها عن كتفه وإبتسمت له إبتسامة حالمة وإذا به يرمقها بنظرة خبيثة ماكرة أعادتها الى الجوالحقيقي الذي كانت تعيشه ، بقيت تقف بين ذراعيه، جذبها بمودة اليه فإرتجفت وإرتبكت ، نظر اليها نظرة غريبة وتغيرت تعابير وجهه كليا وقال:
" لا سبب للمغالاة في تصرفاتك ، كدت اتخيل أنك إمرأة أخرى ".
إبتسمت ساخرة وقالت في نفسها: كم من السهل ان يتعلم الإنسان الخداع ويقول أشياء بغيضة لا يعنيها ، نزلت دموعها دون إرادتها وبسرعة مسحتها وهي تردد في تفكيرها : عليك ان تتعلمي العيش مع هذه الورطة .... جمعت ثقتها بنفسها وقالت بصوت هادىء:
" ربما كان من الأفضل لو عدت للبيت برفقة والديك".
" أين خيالك ؟ ينتظر منا أن نتأخر في العودة ، نقف قليلا ونتكلم كلام المحبين ونفعل ما يفعله العشاق و...( أوقف سيارته الى جانب الطريق وقرن القول بالفعل ، أغلق اضواء السيارة ونظر اليها ساخرا وأكمل ) علينا ألا نخيّب ظنهم".
" ماذا تقول؟( إرتجفت وإهتزت جزعا ولفت نفسها بمعطفها إتقاء لإقترابه منها )".
جلس ادوار بعيدا عنها ووضع يدا على المقود وأخرى خلف مقعده وقد لمعت اسنانه وسط الظلام وقال:
" أنت حتما تتعمدين الغباء ، اردت فقط ان نمضي الوقت في الحديث عن الحفلة... يمكننا أن نقول أن هيو فوجىء .... ألم تلاحظي ذلك؟ لقد خاب ظن أولاد عمي وهم يرونك تهربين من بين براثنهم ....نستطيع أن نتسلى ونحن نراقب فرح والدتي الحنون وهي ترى نفسها منذ الآن جدة فخورة ... ربما تنتظر منا ولدا او أكثر.... هناك العديد من الأمور يمكننا أن نتحدث بها .... وربما ننهي حديثنا ونقول : إجمالا كل المدعوين إبتهجوا بإعلان الخطوبة ما عدا ابناء عمومتي...".
" لا ، ليس الجميع !".
رفع أدوار حاجبيه السميكين وقال متعجبا:
" أوه ، من لم يرق له ذلك؟".
" صديقتك فيلستي".
" لماذا تقولين ذلك ؟".
" هذا هو شعوري".
تذكرت اليانور عيني فيليستي الغاضبتين وهي تقول بإنفعال ظاهر: لا تعتقدي أن بإستطاعتك الإحتفاظ به ببراءتك وطرقك المحافظة .... لن يمكنك ، قريبا جدا سيضجر منك ويهملك.
" لا تهتمي ابدا لها".
" حتما ، ساترك امرها لك ، ولكن تذكر إتفاقنا على إبقاء المر سرا بيننا".
بقيا صامتين فترة ، ثم سألها أدوار:
" بماذا تفكرين الان؟".
" كنت أفكر بمهارتك في التمثيل.... الم تشعر باي الم؟".
" حين كنت صبيا يافعا أحببت التمثيل وساعدتني معلمة التمثيل وإهتمت بأمري ، أذكرها تقول: لتنجح بالتمثيل عليك أن تفكر أعمق من الكلمات المرسومة أمامك ، العقل والجسد يشاركان في تقمص الشخصيىة التي تنوي تمثيلها لتكون ردة الفعل طبيعية عندك ، تقبلت نصيحتها وحفظتها".

نيو فراولة 31-03-12 05:39 PM

" دمك بارد يا أدوار ، لا تحلم بأن تسمح لنفسك بالتمثيل عليّ".
" عندما أمثل.... أندم على ما فعلت ، كما حصل الان معنا ( راقب إحمرار وجنتيها واضاف بخبث) وأنت مثلت دورك يا أليانور بإتقان ، يمكنني ان امتدح جهودك الجبارة وخاصة أنك لم تتمرني على هذا الدور من قبل.... كنت فتاتي الحبيبة التي إحتمت كليا داخل ذراعي وإبتسامتها ساحرة خلابة وإحمرار الخجل يكسو وجهها المشع ، حركاتك وإستسلام رأسك لكتفي .... كل شيء كان متقنا بارعا".
هذه هي الحقيقة .... خافت اليانور من مشاعرها المتدفقة بداخلها ، اين أختفى غضبها ؟ شعورها لا يفسر وعواطفها مجنونة ومبهمة ، هي حقا تصرفت معه كأنه الحبيب ، بلعت ريقها بصعوبة وتنهدت قائلة:
" ارجوك ، هل نعود الآن ".
نظر الى ساعة يده يستطلعها الوقت:
" أكيد... بدأ الثلج يتساقط ، كنت أنتظر تساقطه هذه الليلة".
نظرت أليانور من النافذة وشاهدت الثلج فوق زجاج السيارة الأمامية .
" هل ننتظر أن يكون عيد الميلاد ابيض ، سيكون ذلك جميلا وستفرح دوروثي بالثلج ، منذ أعوام لم يتساقط الثلج في عيد الميلاد.... يوجد خلف منزلنا في يورك تلة صغيرة تصلح للتزلج ، هل من الممكن أن يتراكم الثلج؟".
" يبدو ذلك واضحا من توقعات النشرة الجوية حول حال الطقس، لقد بدأ الشمال يرزح تحت طبقة ثلجية رقيقة وأستطيع القول أن دوروثي ستستطيع التزلج هذا العام ، أليانور هل تريدين ان تمضي عيد الميلاد بين أهلك؟".
" نذهب الى يورك؟".
" نعم ، الم تشتاقي اليهم؟ سأذهب معك إن رغبت ذلك".
ذكرى بيتها الدافىء والوجوه المالوفة التي إشتاقت اليها... كم تحتاج الى حنان البيت وأهله، ذكرياتها ملأتها حنانا ، إرتجفت من شدة عواطفها وشوقها الى أهلها وشعرت بختناق في حلقها منعها من الكلام.
" لطيف منك ان تقترح علي الذهاب الى البيت ولكنني أفضل عدم الذهاب".
مد يده الى وجهها وحاول أن ينظر الى تعابيره وقال:
" أنت تحبين الذهاب( تنهد قليلا ثم أكمل ) وإذا كان ذهابي معك يقلقك ، إذهبي وحدك".
" إذا ذهبت بمفردي فهذا سيثير الشكوك أكثر".
" حقا ، حسبت أن رفقتي هي التي لا تروقك".
" أنت الآن تمثل دور الغبي يا أدوار .... من المفترض أن نكون عاشقين.... وغيابك سيجعل الأمر غيبا ، ولو ذهبت برفقتك فلن يطول الأمر بهم ليكتشفوا خداعنا".
أدار أدوار محرك سيارته من جديد بإتجاه البيت دون ان يتبادلا الحديث ، كان الثلج يضرب زجاج السيارة وتتجمع كتلة بوضوح فوق المسّاحات الزجاجية التي كانت تعمل بجد لأزاحتها ، وتابعت السيارة سيرها بتؤدة
منتديات ليلاس
بعد فترة قال أدوار:
" أنت حقا لا تجيدين هذه التمثيلية يا فتاتي العزيزة ، لقد إعتاد الناس على إعلان الخطوبة ثم فسخها إذا إقتضى الأمر دون ضجة أو إستغراب ".
" ولكن ذلك ليس رايك في الموضوع ، لقد قلت لي سابقا ان هذا النوع من العلاقات بنى على أساس صلب وليس من السهولة فصم عراه ، والان كلامك يخالف تماما ما قلت".
" ربما ، ولكن الأخطاء تحصل دائما ، حتى العازب العنيد والفتاة البريئة يغلطان ، يا الهي كفاك حزنا ، أهلي واهلك سينسون هذا الأمر بسرعة ، بالنسبة اليك ستتقدمين منهم بعد فترة بالرجل المناسب والخطيب الأصيل ( رماها بنظرة متسائلة) وإذا كنت لا تريدين زيارة أهلك فلن اصر عليك ، ربما أطلب منك الكثير في هذه الفترة القصيرة من الخطوبة ، ستعتادين على الفكرة مع الوقت ولا تبالين".
" أظن أنه من الأفضل لنا فسخ الخطوبة بأسرع وقت ممكن".
نظر أدوار الى ساعته ثم قال:
" مرّ على الخطوبة مئة وثلاثون دقيقة فقط يا اليانور ، يستحسن بنا أن نعطي الأمر وقتا أطول قبل ان نعلن فسخ الخطوبة ، ( وضع يده بلطف فوق يدها ليهدىء من حركتها العصبية وهي تقلب حقيبة السهرة في حضنها) افهم جيدا أن الفكرة بكاملها بغيضة بالنسبة اليك ولكنك لست الوحيدة التي تتألم ، أصبري قليلا ( هدات حركتها العصبية وسحب يده بلطف من فوق يدها وسالها ) هل من الممكن ان تقبلي بالأمر الواقع ولو لفترة".
" كيف تتقبل الوضع بهذه البرودة يا أدوار؟ انا واثقة بانك غاضب أكثر مني".
" هذا هو الفرق بيننا يا عزيزتي ، أنت رومانسية وأنا عقلاني ، ما حصل قد حصل وأنتهى الأمر ، علينا ان نقبل الواقع ونقلل من الجدال الذي لا يفيد ، ربما سنخرج من هذا المأزق بطريقة سهلة".
بقيا صامتين بعد ذلك حتى وصلا الى المنزل ، قال:
" يجب عليك الإتصال بأهلك في يورك غدا ، أعرف أن المر لن يكون سهلا ، ربما بإستطاعتك ان ترتبي المر لتجيبي على أسئلتهم العديدة".
فتح باب سيارته واسرع ليفتح لها الباب ويساعدها ، كان الثلج يتساقط على معطفه الأسود ، ساعدها عبر السلالم ليحمي حذاءها من البلل ، كل شيء حولهما مظلم وصامت.
" عمت مساء يا اليانور".
مر بيده على شعرها ليمسح كتل الثلج عنه ثم رفع وجهها اليه ونظر الى عينيها وقال:
" حاولي النوم ، غدا صباحا ستكون الأمور أفضل".
صعدت اليانور السلالم ببطء ، خلعت ثيابها وإستعدت للنوم ، حاولت ألا تفكر ابدا بما حصل ولكن ما أن دخلت سريرها حتى داهمتها الأفكار من كل صوب وإستعرضت شريط السهرة ، وبقيت تصارع القلق حتى ساعات الصباح الأولى حين غفت مرهقة من كثرة التفكير.

نيو فراولة 31-03-12 05:40 PM

في الصباح بقيت تعمل في المحل وتتقبل التهاني وترد على بعض الأسئلة حول الخطوبة وملابساتها ، حضر ادوار ومعه كلبه سايكس وكانت تطعم قطتها بعض الحليب.
" أهلا ادوار( لم تنظر اليه) القطة جام افضل بكثير ، شعرها يلمع وهي أسمن".
" هذا طبيعي لكثرة الطعام الذي تقدمينه لها يوميا ، أراهنك انها لم تحاول إصطياد فأرة واحدة منذ ايام( نظر الى شحوبها والسواد المحيط بعينيها ولكنه لم يعقب)".
" إنها جائعة دائما ( مرت بيدها على ظهر القطة بحنان ) كل حي يتمنى لمسة حنان وعطف".
تبعت أدوار الى المكتب وهي قلقة حول ما ستقول لوالديها على الهاتف .
" تعالي نصعد الى الشقة لتتصلي باهلك من هناك ، سيكون الأمر اسهل وتشعرين بحرية أكثر ، يستطيع رون مان ان يتولى شؤون المحل في غيابك".
عندما دخل شقته خلع سترته وحلّ ربطة عنقه وقال:
" هل لديك مانع ان أغيّر ثيابي واستحم بينما تصنعين لنا الشاي يا فتاتي الطيبة ، سأدخل الحمام وآخذ دوشا ثم اغير ملابسي".
دخل بسرعة الى غرفة النوم وترك الباب مفتوحا قليلا بينما دخلت اليانور المطبخ تحاول ان تتدبر أمرها بصعوبة ، كانت تسمع حركته في غرفته ، يفتح درجا ويغلق آخر وصوت الماء يتساقط ... اصوات عادية لحركته الطبيعية في شقته ، إنه يرتاح كليا في محيطه ، وقفت في المطبخ تنتظر الماء ليغلي ، سمعت رنين الهاتف ، ومن الطبيعي أن رنينه لم يصل لسمع أدوار وهو تحت ماء الدوش ، رفعت اليانور السماعة مترددة ، سمعت صوتا أنثويا يقول:
" أدوار.... اريد أن أكلمك".
كان صوت فيليستي ، عرفت اليانور على الفور وقالت بهدوء:
" آسفة ، ادوار يأخذ دوشا في هذه اللحظة ، هل تودين أن تتركي له رسالة ام ترغبين ان اطلب منه أن يتصل بك".
سحبت فييليستي نفسا عميقا ثم اقفلت السماعة دون ان تنبس ببنت شفة.
اعادت اليانور السماعة ببطء وعادت الى المطبخ وحملت صينية الشاي الى غرفة الجلوس ، دخل أدوار لامع البشرة ولا يزال شعره مبللا ، وضع سترته على ظهر الكرسي ثم شرع يلبس ساعة يده.
" ادوار ، بينما كنت في الحمام رن جرس الهاتف ، كانت مخابرة لك".
" نعم".
" أعتقد أنها فيليستي ولكنها اغلقت السماعة ..... عندما سمعت صوتي".
تجمّد أدوار لحظة وصمت دون كلام وسرح في التفكير ثم قال:
" كنت أريد الإتصال بها اليوم ، سأفعل في وقت لاحق ، هل إتصلت باهلك ( رفع حاجبيه مستفسرا) هل كانت المكالمة صعبة كما توقعت ".
" لا ".
" هل أنت واثقة ، الحمد له إنتهت معضلة صعبة ، وماذا إستنتجت؟".
حملت اليانور فنجان الشاي ومشت حتى النافذة وقد أدارت ظهرها له ونظرت الى الخارج وبدأت تتكلم ببطء شديد وهي تتعثر بالكلمات ...لقد رتبت كلماتها وأعادتها في فكرها عدة مرات ، قالت:
" إكتشفت من حديثي مع أهلي ان ما حصل ليس بفعل شخص واحد معين بل بفعل سلسلة من الأحداث كلها مترابطة ، طبعا بدأت القصة مع شقيقتي كاتي ، ثم آل سلايد والروابط العائلية بينكما ، كان يمكننا أن نتصرف مع مارغو سلايد ... لكنك رفضت دلك يا أدوار...".
" وافقنا على ذلك سوية ولا يفيد الان اللوم أو تبادل الإتهامات بيننا".
سحبت اليانور نفسا عميقا وأكملت:
" أتذكر أنك قلت لي : إنني حرة ، يمكنك إخبار كاتي بأمر الثمانين جنيها، فكرت بالأمر ووجدت أنه من الأفضل إعلامها بالحقيقة ، كنت ممنونة من مساعدتك ورايت من واجبي إعلام كاتي بالشخص الذي نقذها من ورطتها في محنتها.... وإعتقدت انها بالنهاية ستعرف الحقيقة ولن تخفى عليها طويلا ... وقلت انك لا تريد منها شكرا ( نظرت اليه اليانور ورأته إستلقى على الكرسي وظهره الى الوراء وقد أغمض عينيه وهو يفكر بما يسمع فاكملت) كان عليّ ان اشرح ما حصل بتفصيل أكثر.... لم اذكر لهم انني أعمل عندك لأسدد الدين ، ربما كنت على خطأ ولكني إعتقدت ان على كاتي أن تفكر بتسديد الدين ولو بعد فترة ولذلك قلت لها أنه من سبب للعجلة ... نحن آل فارس على شيء من المحافظة في تفكيرنا.... وبعد أن إرتاحت كاتي لحل مشكلتها إعترفت لوالديها بكل شيء...".
" يا الهي ، ولماذا لم تخبرهم بالأمر منذ البداية؟".
" إعترفت بالحقيقة ولكنها لم تطلب مهم مالا....".
" أكملي ، اين الخطا ؟".
" ربما يصعب عليك الفهم ، عليك أن تتخيل نفسك فردا من آل فارس يعيش عيشة بسيطة ، دخل والدي بالكاد يكفي لسد الحاجات الضرورية في الحياة( عبست وهي تفتش عن الكلمات الصحيحة) ثمانون جنيها بالنسبة الينا مبلغ كبير ولا يمكن لأحد أن يهب هذا المبلغ بدون مقابل ، وإعطاؤك المال لي يعتبر بادرة فريدة ولا يبررها إلا شيء وحد، أنك تحبني...".
" أكملي ، انا أعتبر الان نفسي فردا من عائلتك...".
" لا يوجد الكثير لقوله.... أنتظروا ان أخبرهم عن حبي في رسائلي لهم ... وحين لم أذكر أي شيء من هذا القبيل ، كتبت والدتي تستفسر من والدتك....".
" صحيح؟".
" ربما ذهبت والدتك وإجتمعت بمارغو سلايد تستفسرها حقيقة الشائعة التي اطلقتها، ثم إتصلت والدتك لوالدتي واكدت لها الفكرة بناء لشائعة مارغو.... ومن هنا كلمة ومن هناك حادثة وتمادت والدتك...".
" نعم ، أرادت ان تجبر العصفورين الحبيبين على التصريح بحبهما بطريقة لا تقهر...... وقد برهنت عن نجاح خططها".
نهض أدوار وفتح حقيبته الموجودة على الطاولة وقال :
" لسنا في وضع أفضل بعد أن إكتشفنا بعض الحقائق والملابسات ....ربما نشعر ببعض الراحة الفكرية ونخفف من الأسئلة ..... لقد إتضح الأمر الآن ( كان يتكلم ساخرا ، أخرج من حقيبته علبة صغيرة ) أقدم اليك خاتم الخطوبة ، ساعدتني في إختياره فانيسا وأتمنى أن يكون قياسه مناسبا".
د يده بالعلبة اليها ، نظرت اليانور الى العلبة فزعة وقالت:
" لا اريده ، لم أعتقد أن هناك خاتم خطوبة".
" إذا قبلت بالخطوبة فلا بد من إرتداء الخاتم يا اليانور ، أنت تعرفين شدة حرصي على المظاهر وتقيّدي بالأصول المعترف بها ، لقد وافقت ولا يمكنك ان تعارضي على شيء سخيف كخاتم الخطوبة ، ( حمله بين يديه وقال) أظن انه سيروقك ، حجر كريم من الياقوت الحمر في إطار أثري قديم ، والياقوت يناسبك ، لم يكلفني كثيرا ( أضاف بسرعة) ولا تحملي ضميرك الشعور بالذنب من أجل حسابي في البنك ، أنا أفهم ان المال بالنسبة اليك شيء مهم...".
" ماذا تقصد؟".
"عرفتك منذ أسابيع وبدأت أتعلم طرقك ومشاعرك ، انت تحبين الأشياء الجميلة ولكن رأي الناس باخلاقك له أهميته.... أنت لست مبذّرة ( دفع الخاتم في أصبعها ونظر اليه في يدها ) إنه يناسبك وقياسه مضبوط ، هل أعجبك؟".
" إنه جميل جدا( نظرت الى يدها والياقوتة تشع بألوانها الفرحة) لماذا إخترت الياقوت".
" أوه( ترك يدها ومشى دون إكتراث وقال) هناك كثر من مثل في سفر الامثال يتناول الياقوت والآلىء .... وربما تاثرت بلون ثوبك الأحمر.... لكن يمكنني ان أبدله".
" لا ، احببته كثيرا، ثم.... لا لزوم لتغييره أعني انني لن البسه لفترة طويلة.... اليس كذلك؟ هو لا يعني .... لي.... شيئا...".
" تماما".
" أدوار ، هناك شيء آخر يجب ان تعرفه، بعد ان عرف والدي بامر الثمانين جنيها شرع بإيجاد وسيلة لتوفير المال وإرساله اليك ولكن كاتي اقنعته بالإنتظار حتى يسمعوا مني الأخبار ،( تردد قليلا ثم وافقها الرأي.......)وحين شرحت له عن عملي عندك.....إرتاح ، إنه يشكرك ، سيتصل بك والدي هذا المساء ... هل ستتكلم معه يا ادوار؟".
" طبعا ، ساتكلم معه كما ينتظر مني ( نظر الى ساعته ) هيا بنا الى المنزل ، سأنتظرك لترتدي ثوبك الأحمر ونذهب لنأكل في مطعم ، أعتقد أنك لم تتناولي أي طعام اليوم ، سنذهب الى مطعم فرنسي من فانيسا وهيومرافقتنا ، نتظاهر باننا نحتفل بمناسبة خاتم الخطوبة..... ما رأيك؟".
إذا قرر ادوار القيام بعمل ما فإنه يتقنه ويتابعه للنهاية....

نيو فراولة 31-03-12 05:42 PM

7- يقول شكسبير ( ما أتعس الإنسان الذي ينظر الى السعادة بمنظار الآخرين فقط) وتشاء المصادفات القاسية والظروف الطارئة ان يشاهد هيو سعادته بمنظاره هو اخيرا عارفا حقيقة مشاعر فانيسا..... أما اليانور فقد سقطت في الظلام!

توجت أليانور سعادتها صباح عيد الميلاد بمكالمة هاتفية من اهلها ، كانت سعيدة في حياتها وسط عائلتها الجديدة - آل مانسل ، ووجدت نفسها منهمكة في الإستقبالات والمعايدات ومرّت العطلة بسرعة وهناء ، كان الثلج قد تجّمع في طبقة فوق سطح الأرض مما جعل العيد أبيض كما تمنت ، ومع حلول شباط/ فبراير وبفعل تساقط المطر تحول الثلج ال جدول.
مرت الأسابيع سدى وتمنت اليانور ان تعتاد على الخطوبة الكاذبة ولكنها بقيت تتفرج على الخاتم في اصبعها وتتذكر اللعبة القذرة التي شاركت فيها ، خلال فترة العمل في المحل كان من السهل عليها ان تنسى ولكن وجودها مع الناس يحتم عليها التظاهر وهي تمثل دور الخطيبة الحبيبة .... مما يربكها ويكدّرها ان يتلفظ ادوار ببعض عبارات الغزل او يقوم بحركة ودية نحوها كما هو منتظر منه ، كل من حولها يقبل كلماته وحركاته على انها طبيعية ويصدقون تودده لها على أنه الحقيقة التي تربط علاقتهما.
كانت فيليستي الوحيدة التي ترفض قبول الخطوبة ،وفي أكثر من مناسبة كانت تتصرف صوريا على انها مسرورة بخطوبتهما بينما عيناها الخضراوان تحملان إشارة كره وحسد لم تخف على اليانور ، كانت فيليستي تصر على أن خاتم الخطوبة لا يمكن أن يقف حجر عثرة امام حصولها على رغباتها في الحياة.
منتديات ليلاس
إنتقلت فانيسا للعمل في محلها الجديد ونادرا ما كانت تمر بأليانور في المحل القديم ، وذات امسية من شباط/ فبراير أخبر أدوار اليانور وبطريقة عفوية حين كانا برفقة والديه أنه وجد لها معلما ليساعدها في دراسة فن الرسم ، كانوا يمضون أمسية في مشاهدة مسرحية جديدة ، وعند عودتهم قرر ادوار أنه يرغب في تناول القهوة قبل الذهاب الى شقته ، وحين سمعت اليانور قراره لم تتمكن إلا ان تشكره على إهتمامه بدراستها بطريقة لطيفة ، وبعدما إنسحب والداه ليرتاحا في غرفتهما وتركاهما في غرفة المكتب وجدت أليانور ان عليها ان تبحث أمر استاذ فن الرسم معه بالتفصيل.
جو المكتب دافىء ، إستلقى ادوار على الأريكة بثقله بعدما خلع سترته وفك ربطة عنقه والأزرار العليا من قميصه ، وضع يديه خلف رأسه وأغمض عينيه يستمتع بموسيقى شوبان وحين إنتهت الاسطوانة قالت له اليانور:
" هل اضع لك اسطوانة أخرى يا ادوار؟".
" لا ، إلا إذا كنت انت تريدين سماع شيء معين".
هزت اليانور رأسها نفيا وحملت الأسطوانة ووضعتها داخل غلافها .
" اشكرك يا ادوار على الوردة الحمراء".
كان قد أهداها إياها وشبكتها في ثوبها على صدرها ، فكتها ووضعتها في زهرية صغيرة فيها بعض الماء.
" وردة جميلة لوردة ( تعجبت اليانور كيف أنه تذكر إسمها الاخر – روز وهي لا تستعمله أبدا)".
الجو هادىء وحالم والسلام بينهما نعمة ، كانت تكره اليانور ان تعكر صفو الجو ولكنها وجدت نفسها مجبرة على فتح موضوع الأستاذ .... بدأت تتكلم بتردد:
" بشان دراسة فن الرسم....".
قال متكاسلا ناظرا اليها بعينيه الزرقاوين الحادتين .
" إعتقدت انك لن تفاتحيني بهذا الموضوع ابدا....".
" لم ارغب في بحثه بحضور والديك ، المفروض انني اعمل في المحل ولا أدرس فن الرسم....".
" يمكنك ان تقومي بالعملين معا".
" إذن عليك ان تحسم من راتبي.....".
" طيب".
نظرت اليه بإستغراب وهي تشك بأنه سيحسم لها فعلا ، قالت له دون إكتراث:
" ولماذا وافقت بسرعة دون معركة أو جدال ؟".
إبتسم لها ساخرا وقال:
" إنني ماكر وداهية يا عزيزتي".
" لا أعتقد ذلك ، لقد دفعت للسيدة التي تساعدك بعض الوقت رواتب الأسابيع التي غابتها عن العمل بسبب كسر رجلها.... وهذا ليس مكرا ، أنت لا تهتم للمال أبدا".
" حسنا ، لنقل انني ارغب في هدنة بينا ، ضجرت من المعارك واريد السلام والهدوء قدر المستطاع ".
تمنت اليانور لو تستطيع ان تقرا ما يدور في عقله بسهولة ، هل بإستطاعتها ان تساله عن موضوع فسخ الخطوبة.... آخر مرة فتحت له الموضوع قال ان عليه ان يخطط لذلك كما يخططون للمعارك الحربية .... سيخبرها في حينه توقيت بداية المعركة ، لم تثق بكلامه لأنه دائما يمزح ومزاحه ساخر ، لم يذكر هذا الموضوع بعد ذلك ابدا ، اليوم يبدو أدوار سعيدا ومزاجه هادىء ولن تفسد عليه سعادته ببحث أمر فسخ الخطوبة، حملت فناجين القهوة الى الصينية ، قال ادوار دون إكتراث:
" هناك هدية لك على المكتب".
" لي أنا؟".
هز راسه موافقا ، عبست وقالت وهي مهمومة:
" أنت تعرف انني لا اريد هداياك ، لقد إتفقنا....".
" انت وحدك إتفقت ( أغمض عينيه من جديد وكأن ملامها لا يعنيه) لا أريدك أن تصفيني بالبخيل يا اليانور ، لي سمعتي التي ارغب بالمحافظة عليها ، لا تحرميني سعادتي الان وسروري بالشجار حول أمور تافهة ، هيا إفتحيها وتمتعي بها ولا تفكري أن الهدية مني تزعجك وتفسد عليك متعتك".
فتحت اليانور الرزمة الكبيرة الثقيلة وهي تشعر بحماس وسرور ، وضعتها على الأرض وفكت الأشرطة من حولها بتان .
" أوه يا ادوار ، هدية جميلة للغاية ، كيف ساستخدم كل هذه الألوان وأدوات الرسم والقماش....".
" هل تناسبك؟".
" إنها ممتازة ( نظرت اليه خائفة وسالته جادة) هل إشتريت لي كل ما في المحل؟".

نيو فراولة 31-03-12 05:43 PM

قال بتراخ:
" سالت البائعة أن تساعدني في شراء ما تحتاجه فنانة مبتدئة من أدوات للرسم.
" وهل انت مؤمن أن بإستطاعتي النجاح في فن الرسم ؟ انا أعرفك جيدا ، لقد إتفقت مع أفضل أساتذة الفن لمساعدتي في دراستي".
" إنه مارك إيف ، لقد سلمته بعضا من رسوماتك وبدا مهتما كثيرا بها".
" صحيح؟ ( إحمرت اليانور خجلا وسرورا وحماسا) كم انت كريم ، ومع ذلك لا تحب أن تشكر على أفعالك ، إنك تجعل الأمر صعبا جدا علي ".
" لا احب تضييع الوقت ! ".
" وأنا أريد ان اشكرك بطريقتي الخاصة".
مشت اليه بدلال وإنحنت تعانقه شاكرة بعفوية ، وضعت أليانور يديها على صدره وحدّقت بعينيه الزرقاوين واحست ضربات قلبه السريعة تحت يدها كما كانت ضربات قلبها تسرع بشكل مخيف ، بقيت تنظر اليه لفترة طويلة وأخذت نفسا عميقا قبل ان تقوم بالحركة التالية التي أدت هذه المرة الى عناق اطول واكثر إنفعالا.
طار شعر أليانور حول راسها بينما أشعة النار في الموقد تلمع فوق شعر أدوار الأسود ، لقد شعرت أنه ليس بإستطاعتها التراجع أبدا ، فهي تحبه حبا أكيدا ومستعدة أن تعطيه كل حبها ، تجاوبت مع لمساته ببراءة أكيدة وكرم ، أعلنت له حبها عمليا دون أن تفصح عنه بالكلمات ، لمساتها تقول أنها تحبه وعناقها يؤكد حبها ، لقد سحقها سحقا وذوّبها في رقته.
وفي هدأة الليل وهي في غرفة نومها جلست تتذكر تلك اللحظات السعيدة ، ذكراها أخافتها وأثارتها وأغضبتها ، لقد إنجرفت معه في التيار حيث لا وجود للعقل وخافت مما وصلت اليه ، خافت من سيطرة عواطفها على عقلها كليا ، إختفت إرادتها كليا وسلب وسلب عقلها ، لقد عرف أدوار حتما ما حصل لها حق المعرفة حتى تصرفت راضية مبتهجة ... ماذا كان سيحصل لو لم يرن جرس الهاتف فجأة ويعيدهما الى صوابهما ؟ ربما لا شيء أبدا لأن أدوار ليس شابا طائشا ولا يمكن أن تجرفه اللحظة أو تتحكم بعقله ، كان لا بد ان يستفيق من غيبوبته الحالمة قبل فوات الأوان...
رن جرس الهاتف في غرفة المكتب ، تسمرا في وضعهما ، بقيا صامتين لدقيقة يستمعان الى رنينه ، نهض أدوار ونظر اليها ، تراجع في داخل نفسه وإبتعد خائفا ، اغمضت عينيها لئلا يقرأ بعنيه ما تقوله عيناها بصدق وصراحة نهض ومشى الى الطاولة ورفع السماعة وتكلم ببرود أكيدة متمتما بعض الكلمات القصيرة ، كانت اليانور تراقبه شبه مغلقة العينين بنهم وقد إستبد بها الندم ، تتفرس فيه كأنها لن تراه بعد اليوم ، ضحك أدوار ضحكة باهتة وهو يتكلم على الهاتف ، رد بيده الأخرى خصلات الشعر عن جبهته ، ضحكت أليانور في سرها ونهضت ومالت برأسها الى الأريكة وهي تحدق بنار الموقد دون ان ترى أي شيء.
سمعت صوت الهاتف يصمت ، إستدار اليها بقامته المديدة وقال:
" يا للشيطان ! لماذا لعبنا هذا الدور ! ربما ستصدقين بعد ذلك... ولكنني رجل من لحم ودم وأنت تمثلين أمامي دور سيدتي الجميلة وتتقنين التمثيل".
رفع ذقنها بيده وأجبرها ان تنظر اليه ليراقب ردة الفعل عندها وقال:
" كان عليّ أن أعرف أن حنان قلبك وطيبته ستجلب لنا المتاعب ، الإقرار بالفضل وعرفان الجميل لعبة خطرة يا عزيزتي وتترك في الفم طعما مرا".
" لن تلعب هذه اللعبة يا أدوار ، لن نفسد السلام بيننا ( إبتسمت إبتسامة باهتة ) لا تهتم يا أدوار ، انا اعرف قواعد اللعبة كما تعرفها أنت".
" صحيح؟".
هزت راسها موافقة واعطته ربطة عنقه التي خلعها بداية الأمسية .
"هل تسمح لي بربطها ( حاولت أن تصل اليه ولكنها فشلت ) عليك ان تجلس يا أدوار فانت طويل القامة ( جلس على طرف الأريكة وسمح لها بعقد ربطة عنقه بعد ان أقفلت له أزرار قميصه)".
" اظن يا أليانور أن لديك قوانين خاصة".
" لا ، أنا لست فريدة عصري ، هناك الكثيرات من صديقاتك يجدن عقد ربطة العنق مثلي.
" انت لست واحدة من صديقاتي إذن؟".
" لا استطيع ان أضف نفسي معهن ، انت تختار صديقاتك ، هناك حرية للإختيار في عملك ،وما فعلناه نحن يخلو من حرية الإختيار ، لقد نفذنا خططا وضعت للإيقاع بنا ، أعرف كم كان الأمر مريعا بالنسبة اليك ، لقد إحتملت وجودي طويلا ، انا أضجرك بل أنني عبء ثقيل على صداقاتك مع الفتيات الأخريات، هل نستطيع ان نضع حدا لهذه المهزلة- الخطوبة ".
" سنبحث في هذا الأمر في وقت لاحق....ولكن ليس في هذه الليلة".
" كما تريد".
فتشت عن حذائها ولم تجده ، لقد ضاع.
" كانت فيليستي على الهاتف( ناولها حذاءها)".
" صحيح؟".
أليس سحيفا ان تكون هي التي فرقت بينهما وقطعت عليهما أجمل لحظات السعادة ، لقد اعادتهما الى رشدهما..
" كانت تؤكد دعوتها لنا لنمضي عطلة الأسبوع عندها ، لقد دعت هيو وفانيسا ايضا".
" سيكون ذلك مسليا ، عمت مساء يا ادوار وشكرا على هديتك ، ساعمل بجد وإجتهاد لأبرهن لك انني جديرة بثقتك للغاية".
" عمت مساء يا أليانور".
وفي الصباح وجدت اليانور نفسها مشغولة وبإتخاذ بعض القرارات ، نسيت أدوار ونسيت مارك إيف أستاذ الرسم ونسيت أهلها في يورك ، هذا النهار يناسب مزاجها ، المطر ينهمر بسخاء وحين وصلت الى المحل وجدت ان ادوار غادر الى فرنسا لكنه ترك لها عنوان مارك إيف مع بقية التعليمات الضرورية لعملها ، حضرت السيدة مانسل الى المحل ومعها بضاعة جديدة إشترتها من المزادات.

نيو فراولة 31-03-12 05:47 PM

" يا عزيزتي اليانور ، يبدوعليك الإرهاق ، إبني عديم اتفكير ليسهرك حتى وقت متاخر كل يوم ( ربتت على خدها بحنان) عليكما ان تتزوجا بسرعة لتعيشا في منزلكما بدلا من المماطلة ، لقد حاولت ان امنع نفسي من التدخل في شؤونكما ولكن.... هل قررتما موعد الزفاف؟".
شعرت اليانور بالدماء الحارة تسرع الى وجنتيها وتكسوهما بحمرة الخجل.
" لا ، اردت أن افسح المجال لشقيقتي كاتي لتسبقني في الزواج".
" لا تتركيه ينتظر طويلا يا عزيزتي ، أنه لا يعرف الصبر ، واعجب كيف انه لم يستعجلك لأتمام مراسيم الزواج بعد ، حقا لم أكن لأصدق أيضا ان أراه يوافق على دخول جنة الزواج... هل في نيتكما أن تتزوجا سرا في أحد مكاتب الزواج؟".
ضحكت اليانور وهزت راسها نفيا ، بدأت تشعر بالذنب وهي ترى سعادة السيدة مانسل بالخطوبة وتتذكر كم سيخيب ظنها عندما تفسخ الخطوبة قريبا ، هناك صراع في داخلها ، جزء منها ينوح على التاخير والجزء الأخر الأنثوي الضعيف مبتهج لأنها ستبقى مع أدوار مدة أطول... حقا إن الحب يذل الأنسان!
اقنعت إيف اليانور بان ترتاح بعد الظهر في البيت لأنها تبدوشاحبة ومريضة ، حقا إنها مريضة ولكن مرضها في قلبها وليس في جسمها عادت الى البيت مذعنة لطلب حماتها وقررت أن تغسل شعرها وتجففه بالقرب من نار الموقد في غرفة الجلوس ، وبعد ان فعلت وجدت سايكس قد إقترب منها بإستكانة ويشعرها بروابط أكيدة تشده اليها ، إنه يكره مثلها غياب سيده ، ويشعر قربها براحة ، قرع جرس الباب وسمعت هيو يدخل.
" اهلا هيو، أنا مسرورة جدا لرؤيتك ، كنت ضجرة ووحيدة ( نظرت الى السيد هيكمان وخاطبته بإبتسامة) لطفا هل لنا ببعض الشاي والحلويات التي تجيد صنعها السيدةهيكمان".
خرج السيد هيكمان ليحضر طلباتها وأغلق هيو الباب وخلع معطفه وإنضم الى مجلسها فوق السجادة قرب النار ، خلع نظاراته ومسحها ثم قال:
" هل يمكنني الإتكال عليك يا اليانور ، هذا يوم بائس ، وانت وحيدة ؟ اين الجميع؟"
" من المفروض ان أكون الان في المحل حيث اعمل ولأن السيدة مانسل امرتني ان أعود للبيت لأرتاح ، إنني متعبة نفسيا بعض الشيء ، ادوار سافر الى فرنسا".
" انت تشتاقين اليه".
شعرت اليانور ببعض الخجل من تصريحاته ، نظرت الى سايكس وهزت راسها .
" كنت اعتقد أنني سأجد فانيسا هنا ، إتصلت بمحلها ولكن رون مان اخبرني انها في الخارج منذ ساعات".
" هذا صحيح ذهبب رون لمساعدتها في محلها لأن عليها ان تطير لحضور أحد المزادات".
" تطير ( عبس جادا وسالها) هل أنت متاكدة بانها ستذهب بالطائرة ".
"نعم ، لماذا؟".
كانت نظراته مرعبة وقد بان الغضب في عينيه.
قالت:
" فهمت منها انها تريد شراء شيء معين من المزاد في اكسفورد شاير ولكن ما الأمر يا هيو؟".
" الطقس لا يناسب الطيران ، والطائرة صغيرة بمحرك واحد.... متى ذهبت؟".
" في الصباح على ما أعتقد ، لم يكن الطقس سيئا ، مر بها فيليب نولان الى البيت وتوجها فورا نحوالمطار".
نهض هيو مسرعا الى الهاتف وإتصل......
" ربما قررا ألا يذهبا".
" ربما".
" وإذا أكتشفا ان الطقس سيء .... ربما يقرران عدم العودة هذا المساء".
اعاد هيو سماعة الهاتف لمكانها وقال:
" النشرة الجوية تقول ان الرؤية سيئة والرياح قوية والامطار غزيرة".
سمعت اليانور السيد هيكمان بالباب يحمل لهما الشاي ذهبت اليه واخذت منه الصينية وشكرته ، ثم بدأت تصب الشاي لهما ،كانت تسمع هيو يستفسر على الهاتف عن طائرة فانيسا ، وحين اقفل الخط سالته:
"ماذا اخبروك؟".
" علموا أنهما وصلا الى أكسفورد شاير وانهيا هناك مهمتهما وغادرا منذ قليل في رحلة العودة بالرغم من رداءة الطقس ، كان على فيليب ألا يجاريها ، ستجازف الفتاة بحياتها من أجل سبب تافه".
" كيف يقود فيليب الطائرة؟".
" أتمنى ان يجيد القيادة في يوم كهذا ( مشى الى النافذة ونظر الى الضباب الكثيف في الخارج ، الريح تشتد عنفا....( رن جرس الهاتف من جديد وركض هيو)".
شعرت اليانور بخوف يجتاحها وهي ترى هيو في هذه الحالة من العصبية.
" المطار ! إنهم يقومون بالإستعلامات الضرورية فلو كانت الأمور تسير سيرها الطبيعي حسب البرنامج لوصلا الى المطار قبل ساعة من الآن ".
" وماذا سنفعل؟".
" لا يمكننا ان نفعل أي شيء ، علينا أن ننتظر".
وبعد عشرين دقيقة من التوتر رن جرس الهاتف منجديد ، ركض هيو وأليانور ملهوفين ، كان هيو يستمع وهو عابس ، وقفت أليانور قربه تشد على ذراعه هلعة، وبعد أن إنتهت المكالمة أمسك هيو بيدها وقال بعصبية:
" لقد وصلا سالمين ، إضطر فيليب نولان أن يهبط بالطائرة هبوطا إضطراريا وقد تحطمت بعض أضلاعه وسيبقى في المستشفى القريب من المطار للمعالجة ، لقد سمحا لفانسا بالعودة الى لندن شرط ان تخضع للمعالجة الطيبة الضرورية ، هناك بعض الجروح والخدوش البسيطة وربما كسر في رسغها.
ألقت أليانور بنفسها بين ذراعيه وبكت.
" ما افظع ما حدث ، مسكينة فانيسا ، هل ستذهب لزيارتها".
" نعم"
اعطاها منديله لتمسح به دموعها ، أخذته شاكرة ومسحت دموعها واعادته له.
" سأغيب ساعة من الزمن".
" بلّغها حبي".
" لقد حصل معي حادث مماثل منذ مدة ولكننا نجونا والحمد لله ، الحادث عصيب ويدمر الأعصاب ، جهّزي لها سريرها لأنها تحتاج للراحة ، سأعود باسرع ما يمكن".

نيو فراولة 31-03-12 05:48 PM

صعد هيو في سيارته البورش وإنطلقت به مسرعة ، بقيت اليانور تنتظر عودته على احر من الجمر ، حلّ الظلام واضاءت نورا خفيفا في الغرفة ظنا منها ان ذلك يساعدها في تهدئة اعصابها الثائرة.... وبعد إنتظار طويل عاد هيو بسيارته ، خرج مسرعا وفتح باب السيارة لفانيسا ، نزلت تحمل يدها المربوطة الى عنقها ، وهرعت أليانور على الفور لإستقبالها.
" عزيزتي فانيسا أنا سعيدة لنجاتك بالسلامة".
إبتسمت لها وهي ترتجف ودخلت لتجلس على اقرب كرسي ، إرتعشت اليانور لشحوبها ونظرت الى هيو تستفسره الأمر.
" يوجد كسر في رسغها ، عليها زيارة المستشفى غدا صباحا ، سأمر بها واصطحبها ( كان هيو يتكلم بقساوة بالغة ) أدخليها الى فراشها فورا يا اليانور".
ودّعها مسرعا واغلق الباب وراءه وخرج ، إحتارت أليانور لتصرفاته الغريبة ولكنها لم تعلق بل أسرعت لمساعدة فانيسا المرهقة وهي ترتجف.
" اليس هيو غريبا في تصرفاته ( نظرت اليانور تستطلع الأمر من فانيسا وسالتها ) ما الأمر يا عزيزتي ؟ هل تشعرين بالألم؟".
ضحكت فانيسا ضحكة باهتة وقالت:
" اشعر بالم من نوع آخر ، الوجع في قلبي هذه المرة أكثر من جسدي ، هل تذكرين يوم قلت لك أنني ارغب في إثارة غضب هيو لأرى ردة الفعل عنده ، اليوم عرفت طعم غضبه....".
" أجلسي يا فانيسا .... عليك أن ترتاحي".
جلست فانيسا وبدأت تضحك وتبكي بشكل هستيري وقالت:
" أليانور ، لو سمعت هيو وهو يخاطبني .....هو غير هيو الذي اعرفه....".
" كان خائفا عليك ، لم يعرف ما الذي حصل لك ، جن جنونه قلقا ".
" حاولت ان اخرج معه كعادتي ، ولكنه فقد اعصابه ، وتفوّه باغرب الأمور... وبعد ذلك فقدت أنا أعصابي .... ( بكت ) ".
" هل يهمك رايه فيك لهذا الحد؟".
مسحت فانيسا دموعها بطرف كمها كفتاة صغيرة وقالت غاضبة:
" نعم ، هذا هو المضحك في الأمر ، إنها نكتة الموسم ، ربما تعرفين الحقيقة الآن... صحيح أنني سررت كثيرا لخطوبتك انت وأدوار ولكن سروري كان مضاعفا لأنني كنت أخاف ان يقع هيو في حبك... ولن الومه في ذلك لأنك تناسبينه كثر ما أناسبه انا".
" أنا لا أحب هيو يا مجنونة ...وهو لا يحبني ايضا".
" كان محقا في كل ما قاله عني ، كان غاضبا حانقا لدرجة... خفت منه".
" المفروض الا ينهال عليك لوما وأنت في هذه الحالة....ولكنني اعجب لأمره، لقد أخبرني منذ قليل أنه مر بالتجربة نفسها من قبل... وقد خبر بنفسه مدى خطورة الموقف....".
" يومها ، عرفت حقيقة مشاعري نحوه ، كان برفقة شقيقي أدوار في الطائرة ، بقيا وسط الضباب ساعتين لا نعرف مكانهما ، شغلت كثيرا على أدوار ولكنني فقدت الأمل ويئست من هيو .... ( نظرت اليانور الى وجه فانيسا وكله رضوض وخدوش وهي مرهقة شاحبة وتحتاج للراحة قبل الحديث.)".
" ماذا فعلت بعد إكتشفت حقيقة مشاعرك نحوه؟".
" حاولت أن اقنع نفسي بأنني على خطا ، بدات اخرج مع الشبان دون تمييز كعلاج للامر ، ولكنني لم افلح في نسيانه وهذا قضم ظهري وعقد الأمور كثيرا بيننا.... هيو لا يراني سوى فتاة صغيرة غريرة وهو يعرفني معرفة وطيدة .... وبعد وصولك اظهرت لك العداء ، وتصرفت بخشونة وكنت مشغولة باموري العاطفية المعقدة ، كنت اغار منك لأنه يعاملك معاملة الشابة الناضجة .... ولكنك كنت صادقة وبريئة ولم أتمكن إلا ان أحبك كما حصل ايضا مع أدوار.... قررت بعد ذلك ان أغيّر نهجي معه ، ركزت تفكيري على فيليب نولان لأنه من عمره .... فقط لأعرّفه بأنني اصبحت شابة ناضجة .... فيليب مشغول بغيري ولكن فتاته في اميركا حاليا ولذلك يناسبني ولن يعقّد الأمور بيننا".
" هل لاحظ هيو ذلك؟".
" لا اعرف ، احيانا عندما أخرج معه على إنفراد أشعر نه يعاملني على أساس انني ناضجة... ولكنه قال لي اليوم بأنه يعتبرني فتاة مدللة وتحتاج لمن يضربها على قفاها ويرسلها الى غرفتها دون طعام ( وقفت ومشت في الغرفة تضرب الأرض حنقا ) هناك شيء آخر سيضحك .... لقد ذهبت اليوم الى المزاد من أجله وحده( مدت يدها الى حقيبتها واخرجت علبة صغيرة دفعتها الى اليانور وهي تقول) إنها علبة عطوس إشتريتها لأهديها اليه... إذا تم بيننا.... تعرفين قصدي....".
فتحت اليانور العلبة بتان ، إنها من المرمر ، متقنة الصنع ومحفور عليها قلب وغطاؤها محلى بالذهب ،إ نها علبة جميلة للغاية.
" حقا ، جميلة جدا".
نزلت دموع فانيسا كالشلال على خديها...
" إنتهى كل شيء الآن ، لا تهتمي لأمري يا اليانور.... طفح الكيل.... اشعر انني لم اعد أحتمل المزيد".
" واضح أنك تحبينه .... دعيني اساعدك الى سريرك ، ستشعرين بتحسن بعد الراحة ، هل اعطوك حبوبا مهدئة في المستشفى لما قبل النوم؟".
هزت فانيسا راسها موافقة.
" حسنا ، تناوليها فإنها تساعدك على الإسترخاء والنوم ( توقفت اليانور عن الكلام وهي ترى سيارة البورش تعود أدراجها الى المدخل ، وقالت متعجبة ) لقد عاد هيو ، هذه سيارته ، ربما نسي شيئا ....".
" ماذا؟ ( إستدارت فانيسا فزعة) لا أريد أن أراه .... لا استطيع.... ماذا سافعل؟".
امسكت باليانور xxxxxة لا تدري كيف تهرب ، لقد فتح له السيد هيكمان الباب ودخل مسرعا الى الغرفة حيث وقفت فانيسا امام الموقد وظهرها للباب ، مشت اليانور الى قرب النافذة عاجزة عن الخروج من الباب الذي يسده هيو ، لم تعرف أيضا كيف تتصرف ، دخل هيو ببطء وتصميم وأغلق الباب ومشى الى فانيسا قائلا:
" فانيسا .... عزيزتي... آسف .... لقد كنت قاسيا معك في اللوم ... لا عذر لي.... هل تسامحينني ؟".
" لا يهم الان؟".

نيو فراولة 31-03-12 05:50 PM

" بلى يهمني كثيرا ان تسامحيني ....هذا يعني لي الكثير .... وصلت حتى منتصف الطريق الى بيتي ثم عدت أدراجي بعد ان عدت لصوابي ، أنا نادم على ما فعلت وما يشفع بي هو أن طرد الغضب يساعد على الراحة النفسية".
قالت فانيسا بحزم وجدية:
" ليس هناك ما أسامحك عليه ، كل كلمة قلتها هي حقيقة ، كل تصرفاتك كانت ايضا على حق....".
" انت كريمة يا عزيزتي ، تذكرت وأنا في طريقي أنك قلت الي عن ذهابك الى المزاد من اجلي...".
أنكرت فانيسا ذلك واضافت بهدوء:
" لا ، انت على خطا فيما تقول".
" لي ذاكرة قوية ولا تخيب ، حتى لو كنت غاضبا فإنني أتذكر جيدا قولك ".
بلعت فانيا ريقها بصعوبة وقالت بحزم:
" ربما اكون قد إشتريتها في البداية من أجلك ولكنني غيّرت رايي ...".
" فهمت قصدك ، انا أستحق ما جرى لي ، هذا جزاء عادل... ولكن هل استطيع ان اراها"
" لا".
بدات دموعها تتساقط كالشلال على خديها وكادت تسقط ارضا وهي تحاول ان تهرب من الغرفة.
" لا تبكي يا حبيبتي ، فأنا لا أحتمل دموعك ، اشعر بذنبي العظيم ( ناولها منديله فأخذته شاكرة ومسحت دموعها ) ارجوك كفي عن البكاء ".
" أنا لا أبكي من أجلك ، لا تشعر بالذنب ابدا لأن الذنب ذنبي انا ، ولو كان ادوار هنا لتصرّف مثلك تماما ، أنت تعرف انك كنت لي الأخ .... ( إنهمرت دموعها بغزارة أكثر من الأول)".
" اللعنة ( صرخ هيو وهو يراها تنفر من لمساته ) سأعترف لك الآن يا فانيسا بحقيقة.... منذ زمن طويل لم أعد اراك كشقيقة لي.... ( رأى علبة العطوس على الطاولة قربه حيث تركتها اليانور بعد ان تفرجت عليها ... إستدار هيو الى فانيسا ثم الى العلبة.... رفعها بيده وبدا يتفحصها بتأن ) إنها علبة لخواتم الخطوبة وفي حال ممتازة وتعود الى القرن الثامن عشر على ما أعتقد ، حالتها جيدة من المرمر الزهري وإطارها الذهبي متقن الصنع ( وضعها مكانها ومشى اليها ونظر الى عينيها وسألها بحنان واضح) هل آخذ هديتي يا أليانور العزيزة؟".
هزت فانيسا راسها بخجل موافقة.
" شكرا ، لأنني أريدها فعلا ( أمسك وجهها بين يديه بحنان)".
تنحنحت اليانور في مكانها وقالت:
" لا تنسيا أنني موجودة في الغرفة...".
" نحن لم ندع لك الفرصة للخروج".
" خفت ان أعكّر صفو لقائكما وتصافيكما .... أنتما مجنونان ( عانقتهما بحنان ، قال هيو)".
" صحيح !".
مسح دموع فانيسا بلطف ، قالت اليانور:
" ساذهب الآن لأضع بعض الشاي الساخن واترككما...".
وحين عادت أليانور الى الغرفة كان هيو قد إنصرف وفانيسا تجلس حالمة ساهمة ، اخذت فنجان الشاي من يد أليانور شاكرة وقالت:
" منذ لحظات كنت يائسة حزينة ، والآن السعادة تغمرني والحب يملأ كياني".
" هذه هي الحياة بآلامها وأحلامها ، إنها الحقيقة .... هيا الى سريرك لترتاحي.... هذه هي أوامر هيو".
" يا الهي ، إنني أرتجف ، ماذا ستقول والدتي.... سينعقد لسانها فرحا... ستكون منهمكة بالإعداد لحفلتي زواج بدلا من حفلة واحدة ، أشكرك يا أليانور على مساعدتك.... إنني سعيدة جدا".
" عمت مساء يا فانيسا ، انا مسرورة لما إنتهت اليه علاقتك...".
نزلت اليانور الى غرفة الجلوس وهي تفكر في نفسها: إن فانيسا على خطا ، ستكون حفلة زفاف واحدة فقط – حفلتها مع هيو.. أما الحفلة الأخرى فمن المحتم أنها ستفسخ عما قريب.
ضاعت القطة جام ، لم ترها اليانور خلال النهار ، فتشت عنها وإنتظرت عودتها ولكنها لم تعد ، ظنت اليانور أن أمرا هاما قد حدث لها قد أعاقها عن الحضور لتناول طعامها وحليبها المعتاد ، عادت اليانور الى المحل في اليوم التالي على امل أن تجدها بإنتظارها كالعادة ، فتشت عنها ونادتها – ميو – ميو – في كل مكان دون فائدة ، لقد تعلقت اليانور بها كثيرا واصبحت سلوتها ومركز إهتمامها تسبغ عليها حنانها ومحبتها دون حساب.
يوم الجمعة ، وكان ادوار قد غاب اربعة أيام ولا معلومات تشير الى موعدعودته ، بل سيعود ليرافقها في عطلة الأسبوع عند فيليستي ؟ بحثت الأمر مع فانيسا وهيو وأصرّا أن يصحباها معهما عن لم يحضر أدوار .... وكانت اليانور تشعر بأنها لا ترغب في رية فيليستي ليومين متتاليين.... وخاصة بعد أن توصلت الى قرارها الأكيد : ستضع حدا للخطوبة بعد عطلة الأسبوع... وستبتعد كلياعن فيليستي والى الأبد ، زارت مساء الجمعة صديقتها مايسي وقبل ان تعود الى المنزل قررت ان تزور المحل فجأة ، تبعت إحساسها الذي طالبها بالتفتيش عن قطتها الضائعة ، ربما ستجدها بإنتظارها كعادتها في الفسحة امام المحل ، ربما هي مسجونة في مكان ما داخل المحل.. فتحت الباب ودخلت ، تذكرت أن التيار يقطع عن المحل من الشقة حيث يسكن أدوار ، تكاسلت عن الصعود لتعيد تيار الكهرباء الى المحل وقررت ان بإستطاعتها رؤية طريقها بواسطة عيدان الثقاب ، دخلت المحل ونادت قطتها وفتشت في المطبخ وفتحت أبواب الخزانات علّها تجدها بداخل إحداها.... عبثا ، كانت تنصت بإهتمام علّها تسمع انينها من بعيد ، تذكرت انها ربما تكون مسجونة في القبو وراء المحل ، مشت الى باب القبو وفتحته ونزلت السلالم وهي ترى طريقها بواسطة عيدان الثقاب ، كانت تناديها.... عندما تعثرت رجلها بشيء غريب ثقيل لم تكن تنتظر وجوده على السلالم وإنطفات الشعلة من نسمة هواء .... وإختل توازنها وإنكفات تستلقي على الأرض بيديها ، ثم تكومت مكانها على الدرجات ......

نيو فراولة 31-03-12 05:52 PM

بقيت مكانها تتنفس بصعوبة وتحس بدوخة وثقل في رأسها ، ثم زحف الألم الى رأسها... بقيت لا تقوى على جمع شتات حواسها فترة قبل ان ترى النور يلمع في عينيها ويعميها عن الرؤية وتسمع بعد ذلك أدوار يقول بلهفة وإستغراب:
" مماذا تفعلين هنا بحق السماء.... أليانور؟ على ما تفتشين في العتمة يا إمرأة ، لماذا تطوفين بالقبو خلسة؟ ما هذا العمل الجنوني؟ هل أنت مجروحة؟".
ساعدها على الوقوف وهي متراخية كليا:
" يجب ان يؤلمك... هناك كدمة بحجم البيضة فوق جبهتك ( حملها بين ذراعيه)".
" أستطيع أن امشي( قالت بوهن ظاهر وهي تلقي برأسها على كتفه وتشعر بالدوخة تغلبها)".
وبعد قليل أحست بتحسن واضح وهي مستلقية على الأريكة ، لم تنتبه اليه يتصل هاتفيا بالطبيب ، اقبل اليها يضع على جبهتها منشفة صغيرة مبللة بالماء البارد ، شعرت بسعادة فائقة وهو يهتم بها وبقيت دون حرك . نزل أدوار بعد ذلك الى المحل ليحكم إغلاقه وحين عاد سألته قائلة:
" لم أنتظر عودتك هذا المساء".
" لحسن حظك انني أنهيت عملي بسرعة وعدت هذا المساء وإلا لبقيت على سلالم القبو ..... دون مساعدة".
" لا ، كان بإمكاني النهوض.... لقد إنزلقت عدة درجات فقط... ربما تعثرت بشيء ما".
" نعم ، هناك ربطة من السجاد....".
" إنطفا العود فجأة....".
" ربما حين دخلت من الباب الخارجي... إنك تتصرفين كالأطفال يا أليانور... ها قد حضر الطبيب لإسعافك".
" انا لا أحتاج الى طبيب....".
وحين غادر الطبيب كانت ذراعها مربوطة بعنقها ، فحصها فحصا دقيقا قبل ان يغادر .... وحين عاد أدوار من وداعه الى الباب قال:
" يعتقد الطبيب أن الرسغ إلتوى ، ولكنه يصر على صور اشعة لرأسك ولرسغك غدا صباحا ، وقال ان بإستطاعتنا ان نستدعيه وقت الحاجة ".
" لقد طمانني بأن لا إرتجاج في المخ..... انت مرهق يا ادوار من السفر ، هل كانت رحلتك متعبة".
" لماذا تحيدين عن الموضوع( جلس قبالتها ونظر اليها مستوضحا) ماذا كنت تفعلين في القبو؟".
" ألم يقل لك الطبيب أنني مريضة ولا يمكن إستجوابي الان".
" لا... هيا تكلمي يا فتاة".
" ستغضب مني...".
" أنا متأكد من ذلك ، ولكن لا تدعي ذلك يمنعك من قول الحقيقة".
" اريد فنجانا من الشاي".
" بعد ان اسمع حديثك المشوق".
" كم أنت عنيد.... حسنا... لقد حضرت من أجل القطة جام ....".
" إختفت تعابير وجهه كليا:
" من اجل جام ... ام من أجل جو؟".
" من هو جو؟ ..... ( تذكرت إبن صديقتها مايسي ) لا ، من أجل القطة جام".
حك أدوار مؤخرة راسه بإنزعاج وقال:
" وما بشأنها ؟ كنت واثقا بانها ستجلب لنا المتاعب ... تلك القطة اللعينة".
" فقدتها منذ يومين ، إنزعجت لغيابها وإعتقدت انها ربما محبوسة في القبو واردت أن أساعدها".
" نعم ، هذه انت على حقيقتك... هذه طريقتك بالتفكير... ولماذا لم تضيئي المكان؟".
" كان علي ان اصعد لشقتك لفتح النور... وظننت أن عيدان الكبريت اسهل ، كدت أفلح في عملي لولا وجود ربطة السجاد.... لم أرها آخر مرة نزلت الى القبو. ربما وضعها رون هناك...".
" لا باس الآن، ربما كانت السقطة اسوأ .... أنت بخير وكان من الممكن ان تفك رقبتك يا فتاتي العزيزة".
" أعرف ذلك".
" انت فتاة مزعجة جدا".
ضحك ضحكة كبيرة وقال بنزق:
" لا أريدك الآن ذليلة مطيعة وخنوعة وإلا ساضربك .... ساجلب لك الشاي ، حاولي ان تمشي الى الحمام واغسلي وجهك قليلا...".
مشت متثاقلة وبعد ان عادت كان ادوار قد عاد من المطبخ مع الشاي ، نظرت اليه مبتسمة برقة وقالت:
" أدوار؟".
" نعم".
منتديات ليلاس
" ألم اقل لك أنني جئت افتش عن قطتي.... وجدتها في الحمام ومعها ستة من صغارها في الخزانة....".
بعد أن سمع أدوار قصتها بدت على وجهه تعابير مضحكة وغريبة وقال:
" كانت حاملا ووضعت أطفالها.... ولهذا السبب زاد وزنها أخيرا.... الى متى ستحتل الخزانة في حمامي؟".
" لا أعرف ( قالت تعتذر بحنان ) لا يمكننا إخراجها الآن ، إنها مرتاحة والمكان دافىء وهي لا تحتل إلا زاوية صغيرة...".
" إتركيها..... لا أعرف كيف سيتصرف سايكس ، هل فكرت كيف ستاخذين دوشا في الصباح وحولك سبعة من أزواج العيون تحملق فيك بنهم؟".
ضحكت اليانور على مزاحه وقالت:
" أدوار ، انت خفيف الدم".
إبتسم من كل قلبه وشعرت ان السعادة تكتنفهما ، وبعد قيل صمتت سارحة ونظر اليها وسألها:
" ما بك الآن ؟ وجهك صفحة واحة تسهل قراءتها ، إشربي الشاي وهو ساخن، وأخبريني ما الأمر؟".
" أدوار ، هل يمكننا أن نفسخ الخطوبة؟".
" الم نقرر فسخها بعد زواج كاتي؟".
" صحيح ولكنني لم أعد أحتمل التظاهر.... وهذا سيريحك مني ومن مشاكلي ، انا أعترف لك بالجميل.... ولكنني جلبت لك العديد من المتاعب ، وإذا فسخنا الخطوبة الآن فأنت في حل من مرافقتي الى يورك ..... ولقد سددت الدين كله".
" كما ترغبين ولكن لي شرط واحد... اعرف أنك تستعجلين الأمر حتى لا أرافقك الى يورك.... لن اذهب معك ولكن إبقي إعلان الفسخ لما بعد زفاف كاتي لدى أهلك مشاكل عديدة الآن وهذا افضل لهم".
قالت وهي تحرك خاتم الخطوبة في أصبعها بقلق:
" هذا يعني المزيد من التكلف والخداع.....".
" يمكنك الإحتفاظ بالخاتم..... كذكرى....".
" لا".
" إحفظيه عندك.... في أحد أدراج غرفتك..... لا يلزمني".
" كيف سأفسر عدم حضورك الزفاف لأهلي".
" مشغول في رحلة عمل غير منتظرة ( نظر اليها نظرة رقيقة وقال) الوقت متأخر والأفضل لو تنامين هنا هذه الليلة ، يوجد سرير لك ، لا تتحركي كثيرا ، حسب رغبة الطبيب ، عندي فرشاة أسنان وبعض ثياب النوم – إنها لفانيسا إن كنت تتساءلين؟".
" هذا الأمر من شؤونك الخاصة ، سأبقى ، شكرا..... هل عليّ مرافقتك غدا لقضاء عطلة الأسبوع عند فيليستي؟".
" لنرى كيف ستصبحين في الغد ، لا أريد إفساد الخطط.... وإن كنت بحالة لا تسمح لنا بالذهاب فسنعتذر.... والد فيليستي يملك مجموعة بديعة من الرسوم الزيتية كنت أرغب ان اريد إياها ..... والريف المحيط بالمنزل جميل وهادىء ، ويمكنك ان ترتاحي هناك ولا تفعلي أي شيء....".
فهمت اليانور من كلامه أنه لن يذهب بدونها، نظرت اليه بمحبة لتخبره بالأنباء السعيدة عن هيو وفانيسا ، قالت:
" لا تعرف بعد ماذا حصل في غيابك ...( شرحت له بإقتضاب خطوبة هيو وفانيسا وكيف كسرت فانيسا رسغها في حادث الطائرة وأكملت ) سيصبح هيو عضوا أصيلا في عائلتك، هل كان ذلك مفاجأة لك؟".
" لم افاجأ بشان هيو ولكن فوجئت بشان فانيسا.... كنت اشك أنها عاقلة بما فيه الكفاية لتختار الإختيار الصحيح لمستقبلها".
" تصبح على خير يا أدوار".
قبل ان تنام دخلت الحمام وإستمتعت برؤية القطة واطفالها الصغار ، ربتت على ظهرها بحنان وإستمعت الى موائها الهني.
بقيت اليانور تفكر في سريرها ساعات قبل أن يداهمها النوم.... لديها غدا عذر شرعي لمضيفتها فيليستي.... لن تتمكن مشاركتهم ركوب الخيل لن رسغها إلتوى ... وهكذا لن تعرف فيليستي أنها لا تجيد ركوب الخيل مثلها....

سومه كاتمة الاسرار 01-04-12 11:12 PM

تسلم لايادى ياعسل بارت حلو كتير
:8_4_134:

زهرة منسية 03-04-12 11:17 PM

وحشتينى فرولايتى كتيررررررر

الجبل الاخضر 05-04-12 09:36 PM

روعه ننتظر التكمله على احر من الجمر:dancingmonkeyff8:

نيو فراولة 06-04-12 05:42 PM

8- ثمنها يفوق الياقوت والآلىء ..... عبارة وردة في سفر الأمثال ، وتقال للعروس المحبوبة التي يفوق مهرها كل مال الأرض ، إلا أن أليانور حملت حقائبها وعادت الى والديها لتحضر عرس اختها.... وحيدة ولم تكن تنتظر ان تراه في حفلة الزفاف...

قالت فانيسا وهي تنظر الى أليانور في اليوم التالي:
" يا ألهي، هل بدأ يضربك منذ الآن؟".
قال أدوار مازحا:
" الأفضل أن تنظري لنفسك ويدك معلقة في عنقك ....".
قالت أليانور:
" يدي والحمد لله ملتوية فقط وليست مكسورة".
قال أدوار:
" يجب عليّ ان أهنئك يا هيو ، هل تعرف حقا ما ينتظرك مع فانيسا".
قال هيو:
" نعم ، وأنا واثق من حسن إختياري".
" انت ماكرة وقد اخفيت علاقتك الحقيقية عني ومع ذلك أهنئك على رجاحة عقلك وحسن إختيارك، تعالي لأقبلك قبلة تهنئة".
مشت اليه فانيسا وتقبلت منه قبلة من القلب بينما نظر هيو نظرة دافئة الى اليانور مستفسرا:
" ماذا فعلت بنفسك؟".
قال أدوار:
" وقعت.... إختل توازنها فوق سلالم القبو".
أخرج الحقائب من مؤخرة السيارة وطلب من هيو مساعدته في حملها الى اللبيت ، ثم أخبرهم أدوار تفاصيل الليلة الماضية في منزله ، وقالت فانيسا بصدق:
" الحمد لله إنها ليست اليد التي ترسمين بها".
إلتفت ادوار اليها وسالها بلهفة:
" هل ذهبت الى مارك إيف يا اليانور؟ وكيف سارت الأمور؟".
" آسفة ، لقد نسيت أن أخبرك ، إنه فنان اصيل وقد سحرني بمقدرته ( هز أدوار رأسه بينما بقيت أليانور صامتة بعد ذلك وهي تستمع الى أخبار فانيسا عن زيارتها المرتقبة في الأسبوع المقبل لجدة هيو في ديفون ، كانت أليانور تفكر في نفسها قائلة: ما فائدة تعلم فن الرسم إن كنت سأعود ليورك قريبا ، ولكن الفنان مارك حمّسها كثيرا وشجّعها ، إستمعت الى ملاحظاته البناءة وإنتقاداته وحكمه على اعمالها .... سيزعج لغيابها عن دروس الرسم .... لقد إهتم كثيرا بمجموعتها من الزهور البرية وأبقى الملف عنده وهو يقول أن لديه معارف ربما يهمهم الأمر....".
نظر الى الملف الآخر الذي حملته وسألها:
" وهذا....".
أجابته:" بعض الرسوم بالفحم ، رسمتها بعد حضوري الى لندن ..... وجلبتها معي لأن أدوار طلب مني أن أحضر معي كل أعمالي ، إنها رديئة نوعا ما ولكها رسمتها على عجل وكردة فعل تلقائية وعفوية...".
تصفّح الصور بسرعة وأمسك بواحدة منها وقال :" هذه صورة جيدة ، يمكننا ان نطورها في المستقبل بشكل افضل....".
قالت اليانور:
" أنها صورة رسمتها للكلب سايكس ، إستطعت أن التقط نظرة الترقب والفرح في عينيه وجسمه وهو يرحب بصديقته تقترب منه ، من الواضح من حركة الذيل أنهما متحابان....".
عادت اليانور بذاكرتها يوم لقائها بمارك إيف وهي تستمع لأخبار فانيا ....سمعتها:
" ستكون هذه العطلة مضجرة للغاية.... علينا ان نحاول الإستمتاع بها قدر الإمكان ، رغبت في الإعتذار ولكن هيو رفض قائلا : إن ادوار اصر عليه كي يقنعني بالحضور، ها هي فيليستي قادمة لترحب بوصولنا".
قالت فيليستي تخاطب أدوار:
" إعتقدت أنك لن تحضر ، إنشغل بالي كثيرا على تأخرك ( نظرت الى أليانور مبتسمة وقالت) يا الهي لدينا عروستين مجروحتين .... فانيسا اولا ثم أنت ، أتمنى ان لا يكون جرحك بليغا أو مؤلما ، للاسف لن تتمكني من ركوب الخيل برفقتنا".
منتديات ليلاس
بدت فيليستي حزينة صوريا بينما إبتسمت لها فانيسا إبتسامة ماكرة لأنها كانت متأكدة انها جزلة فرحة لأنها ستحظى بادوار وحدها ، قالت فانيسا تخاطب اليانور:
سبقتك وإنتقيت السرير قرب النافذة في الغرفة التي سنتشارك بها سويا ، غرفتنا هي اول غرفة الى يمين السلالم".
قال ادوار:
" سأحمل لك حقيبتك".
نظرت فيليستي نظرة إعتراض وقالت بحزم:
" إنزل بسرعة لنتناول كاس شراب منعش بعد وصولك ثم اريك الفرس الصغيرة إنها جميلة للغاية".
" أوافق على الإقتراحين وأرحب بهما".
لحقت اليانور بأدوار الى غرفتها حيث وضع حقيبتها قرب سريرها وسألها:
" كيف تشعرين الان؟".
" ليس كما يجب ، هل تعتقد أن فيليستي ستنزعج إذا بقيت ارتاح في سريري؟".
" طبعا لا ، الم اطلب منك ان تفعلي ما تريدين دون الإلتفات الى راي الآخرين؟ ساخبر فانيسا بانك ترتاحين قليلا لئلا تزعجك في الغرفة ، هل تريدين شيئا ؟".
هزت اليانور راسها نفيا وقالت:
" تمتّع بركوب الخيل".
خلعت حذاءها ونظرت اليه في المرآة وهو يقول:
" لن أركب اليوم لن الوقت متاخر ، ربما سأذهب غدا صباحا هل تستطيعين تحريك ربطة عنقك؟".
" نعم ، أنا لا أحتاجها طوال الوقت... هيا انزل قبل أن تقلق عليك فيليستي".
" ساراك فيما بعد".
نامت اليانور وقتا كافيا ، قبل ان تنهض وتنضم الى مجموعة الضيوف في القاعة ، هناك ما يزيد عن العشرة أشخاص مدعوين معهم لتمضية عطلة الأسبوع ، سرّت اليانور لتجد فانيسا وهيو معها لأنها لا تعرف الاخرين... فكرت اليانور في نفسها قائلة : لقد اصر على وجود فانيسا وهيو كي يتسنى له ان يمرح مع فيليستي على هواه ويتركني برفقة فانيسا وهيو....
أرادت أليانور أن تشارك في الحديث ، نظرت الى مدعو يجلس عن يمينها وبداته بالكلام ، وجدت انه شخص واسع الإطلاع ويعمل في تنسيق برامج التلفزيون ، كان مرحا ومهذبا ومسليا حتى أنها لم تشعر بالوقت يمر سريعا وكان عليهم ان يستعدوا للذهاب الى نادي المدينة لتناول العشاء هناك ، قام الجميع يستعدون ودخلت اليانور وفانيسا الى غرفتهما تتعاونا في اللباس ، اقفلت فانيسا سحاب الثوب لإليانور وهي تقول مازحة:
" ثوبك الأسود يليق بكوتبدين نحيلة فيه".
كان الثوب بسيطا وقبته عالية وأكمامه طويلة تلتصق بذراعيها وقد ضاق عند صدره وإنفرج واسعا الى الأرض من الورك.

نيو فراولة 06-04-12 05:43 PM

" لقد إشتريته بسرعة حين علمت أننا سنمضي العطلة الأسبوعية هنا ، أنت تعرفين شدة أناقة فيليستي....".
" هل تحاولين منافستها ؟ لا تفعلي؟ أنت لست مضطرة لذلك .... من الواضح ان حادث وقوعك في القبو لم يكن سهلا واعرف ان وجودك هنا لا يروقك ولكن إياك ان تتخيّلي اشياء لا وجود لها.... خاتم الخطوبة في اصبعك وأدوار يحبك كما تحبينه ، تذكّري ذلك دائما.
" أعتقد أنني ما زلت متعبة منذ البارحة بل أنا مرهقة ، وانا لا اجيد الحديث مع اشخاص لا اعرفهم.... الحمد لله أنك وهيو قربي....".
" هذا ليس صحيحا يا اليانور ، لقد كنت تتحدثين بلباقة وكفاءة مع جارك....".
" صحيح ! إنه شخص مثير ويعمل في برامج التلفزيون ..... هل لاحظت ذلك ".
" وكذلك لاحظ ادوار وكان على وشك...".
" لا تكوني سخيفة يا فانيسا".
" صدقيني يا عزيزتي اليانور، انا لست سخيفة...".
وفي المساء رافق ادوار أليانور الى حلب الرقص ، ضمها بقسوة وتنهدت تاركة نفسها تنقاد اليه حسب متطلبات الموسيقى ربما ستكون هي المرة الأخيرة التي سيضمها اليه.
قال ادوار متمتما فوق شعرها:
" لماذا انت صامتة؟".
رفعت اليه عينيها وإبتسمت إبتسامة ساحرة وقالت:
" لا أشعر برغبة في الكلام".
رفع حاجبيه الكثيفين مستغربا وقال:
" إذن نرقص دون كلام".
مدّ يده الى رأسها برقة متناهية وأراحه على كتفه ، في ظلام غرفتها بقيت أليانور تفكر وهي متأرقة ، قررت ان تتناول حبة منومة أعطاها إياها الطبيب لوقت الحاجة ، لا بد من النوم والراحة لتستقبل يوم الحد بنشاط.
إرتدت روب النوم ومشت على رؤوس أصابعها لئلا تزعج فانيسا في نومها ، مشت الى الحمام خارج الغرفة وأمسكت بكاس الماء عائدة الى غرفتها وإذا بها تسمع صوت أدوار وهو يصعد السلالم مع فيليستي كانت ذراعه حول كتفيها وقد احنى راسه اليها ليسمع كلماتها الهامسة ، شاهدته يتبعها الى غرفة نومها ورأت فيليستي تضحك بإغراء وهي تقفل باب غرفتها دونهما.
عادت اليانور الى غرفة نومها مغتاظة.... وإبتلعت حبة المنوم على الفور.
سمعت أليانور رنين الجرس يبشر بموعد الصباح ، ربما كانت اليانور تتوقع المستحيل – تتوقع أن يقع أدوار في حبها مع الأيام كما وقعت هي في حبه ، كانت تعتقد أن الوقت والرفقة ربما يساندانها ... أما هو فلم يشجعها ابدا على الوقوع في حبه بل على العكس كان دائما يسخر من الحب ولا يؤمن بوجوده ، لقد أحبته وهي الملامة ... إنه شاب وسيم مرح ، ساخر ، خفيف الظل، يتمتع بنظرات ثاقبة وذكار مفرط...
مشت اليانور وإذا بها ترى ادوار بلباس ركوب الخيل ينتظرها قرب سور الحديقة، قفز قلبها من مكانه حين لمحته ، فرحت به وإحمرت وجنتاها خجلا... كيف ستنفّذ قرارها وتبتعد عنه ، كيف يمكنها ان تقطع علاقتها به ، لقد ألفت وجوده وإعتادت إعتناءه بها والإحتماء بقوته .... ولكنه أمضى ليلته مع إمراة أخرى.... لا يمكن أن تضعف الآن فقط لسماع صوته ولرؤيته ، ستكون حازمة في معاملته.
" صباح الخير يا اليانور( أمسكها بذراعها) إعتقدت انني سأجدك هنا
" صباح الخير يا أدوار .... هل تعرف فيليستي انك هنا؟".
" حين ذهبت لم تكوني قد إستفقت من نومك بعد ، أرادت فانيسا أن توقظك ولكنني منعتها .... هل نمت جيدا؟".
" كم انت مهذب لتهتم بأمري ... نعم نمت جيدا ( قالت ساخرة) شكرا ، هل نمت انت ايضا نوما هنيئا؟".
توقف عن المشي بعدما أحس لهجتها الغريبة وسخريتها ، رفع حاجبيه مستغربا وفهم أدوار من تعابير وجهها وإحمرار وجنتيها وعينيها الجارحتين انها غاضبة:
هل هناك ما يزعجك ؟ ما الأمر يا اليانور؟".
" لا اقبل ان تسخر مني يا أدوار اكثر مما فعلت...".
" أوه! وكيف ذلك؟ كيف أسخر منك الآن؟".
" كفى تكلفا ، جد لنا مخرجا لائقا لننهي علاقتنا على خير".
" أنا لا أجيد حل الألغاز منذ صغري".
" لا اتخيّلك صغيرا يا أدوار ؟ كفاك تابيا ، لقد إتفقنا على ان نبقي أمر خطوبتنا الصورية سرا بيننا لا يعرفه أحد.....".
" وهذا ما اريده فعلا".
"حقا؟ هل تعتقد أن فيليستي تسمح لك ان تمضي الليل في غرفتها وهي تعرف انك تحبني وأنك خطيبي ، أم هل اقنعتها أن لا حاجة للكبرياء وقت المتعة؟".
" اظن أنها لا تحتاج للإقناع".
حاولت أليانور ان تكف عن إيذائه بكلماتها اللاذعة عبثا لن الغيرة كانت أعمتها والغضب تملّكها ، وقف ادوار هادئا يفكر وهو ينظر اليها نظرة تنم عن عدم الموافقة على ما تقول والإستغراب سالها:
" هل لي أن اعرف كيف كتشفت هذه الحقيقة؟".
" رايتك بنفسي تدخل غرفتها"
" فهمت الآن ، هل جاءك الوحي يا أليانور ؟ وهل من المعقول ان تكون هناك صدفة ام انك كنت تقومين بتمثيل دور المرأة الغيور وتتجسسين عليّ ؟".
" لم أستطع النوم ، أردت بعض الماء لاتناول حبة المنوم ، وكنت في الحمام حين مررتما ، شعرت ان لا لزوم لإظهار نفسي لأن رؤيتي لن تسرك".
راح يمشي ببطء ، لم يشعر بأي إرتباك ولا رغب في الإعتذار ، لماذا؟ هي تعرف أنه ليس مكلاكا ولكنها وثقت به ، وثقت بانه لن يجرح شعورها وكبرياءها وخاصة مع فيليستي.

أوقفها أدوار عن المشي مرة ثانية وأمسك بها وأدارها لتنظر اليه ، كانت تعابير وجهه ساخرة جدا حين قال:
" لا أستطيع ان أنكر ، لقد حكمت علي حكما غيابيا : لقد أمضيت ليلتي مع فيليستي بعد أن أعلمتها ان الخطوبة بيننا صورية .... أي انني حنثت بوعدي لك ، أو أنني امضيت ليلتي معها بالرغم من الخطوبة وذلك دليل على خساسة أخلاقي ، انت حتما لا يهمك امري ، لقد رسمتني بصورة شيطان مارد( أمسك بيدها ووضعها على شعره وقال ) هل تشعرين بقرني الشيطان ؟ ( ثم سألها ساخرا متهكما) اتساءل أي التفسيرين اغضبك؟".
"وهل يهمك الأمر؟".


نيو فراولة 06-04-12 05:45 PM

" نعم ، هناك فرق كبير بين الإثنين ، حسب رأيك بي- انني شيطان وربما إعترافك بجميل صنعي جعلك ترين فراغا مكان القرنين...( توقف ونظر اليها مزدريا) ام انك كنت تتمنين أن امضي الليل معك أنت...".
إستدارت فجاة اليه ورفعت يدها وصفعته صفعة مدوية ..... سمعت دويها في أذنيها عاليا ، بقيا صامتين كتمثالين ، وجه اليانور مكفهر وملون ، ووجه أدوار واضح ، خال من التعابير ، تناول يدها بسرعة ووضعها تحت إبطه وسار بها الى الأمام بقوة.
" سنكمل مسيرتنا ببطء كما يفعل العشاق ، لقد حضرت فانيسا ومعها هيو ، إنهما في طريقهم الينا، لا أعتقد أنهم شاهدوا تمثيليتنا الحزينة.... لقد خفّ إندفاع غضبك وحنقك كما خف إرتجافك ، الحمد لله ، كنت أخاف ان تسقطي مغميا عليك....".
لو كان الإنسان يحب ويكره في الوقت نفسه ؟.... هذا هو شعورها الآن نحو ادوار ، بلعت ريقها بصعوبة ورفعت راسها ونظرت الى عينيه ، لقد غاب غضبه كليا ولا يمكن لأي إنسان أن يعتقد أنه منذ اقل من دقيقتين كان يفور ويغلي بالغضب..
" اعتقد إذا سحبت ذراعي تستطيعين ان تقفي وحدك على رجليك دون خوف من السقوط ولكنني لن افعل ذلك لأن المحبين يفضلون الإقتراب من بعضهم البعض ، نستطيع ان نتحدث مع فانيسا...".
قال:
" اهلا بكما...".
قالت فانيسا:
" أنت هنا يا ادوار ، فيليستي تبحث عنك في كل مكان ، كان في إعتقادها انك سترافقها لركوب الخيل ولكنها غضبت حين لم تعد ترى لك أي اثر ، لقد إختفيت".
نظرت أليانور الى ادوار مصعوقة مما تسمع ولكنه قال برباطة جاش:
" غيرت رأيي".
قالت فانيسا:
" لو كنت مكانك يا اليانور لراقبت تصرفات مضيفتي جيدا ، إنها لا تخسر بسهولة".
قال أدوار:
" هذا صحيح ولكن اليانور تثق بي ثقة عمياء ( نظر الى اليانور) اليس كذلك يا حبيبتي".
كانت عيناه الزرقاوان تضحكان بسخرية وهي تحدّق بعينيها العسليتين ، ثم قالت لفانيسا :" لو كنت مكان هيو لضربتك كل صباح".
قال هيو مازحا:
" انا افعل ذلك يوميا".
" حسنا يا رجل... في كل حال سنهرب بعد الغداء مباشرة ، اليانور ليست على ما يرام ، امضينا عطلة اسبوع مليئة بالأصدقاء وأكثر مما نحمل...".
قال هيو:
" افهم شعورك تماما، سنسمح لكما بالذهاب قبلنا ولكننا سنتبعكما بسرعة( نظر الى اليانور ) أتمنى ان تتحسن صحتك قريبا".
وبعد ان مشى كل واحد في طريقه قال أدوار يخاطب اليانور:
" كل شيء سيسير على ما يرام، رتّبي حقيبتك بسرعة....".
" ادوار انا...".
" سنترك بعد الغداء، سمعتهم يعلنون ان الغداء مكون من اللحم المشوي والحلويات اللذيذة.... لن أضيع هذه الفرصة من الطعام اللذيذ هنا".
" لا أمل في التفاهم معك".
" نعم ، اوافقك الرأي".
" ادوار انا آسفة لأنني صفعتك على وجهك".
" صحيح؟ ولكنني استحق الصفعة".
" ثم بشان الخطوبة.....".
" لن نبحث أي شيء هنا فالمكان غير ملائم".
"ولكنك ستسافر غدا وأنا سأذهب الى يورك يوم الجمعة".
" ليكن، سنبحث الأمر في يوم آخر".
هزت راسها موافقة ودخلت المنزل.
كان وداع اليانور للسيد والسيدة مانسل اصعب بكثير مما تخيلت ، كانا لطيفين معها وهما يعتقدان أن سفرها لن يطول بل ستعود اليهما في القريب العاجل مع حفلة زفاف شقيقتها كاتي ، كانت يائسة كئيبة وهي تشعر بانها تخدعهما ، ذهب هيو وفانيسا برفقتها الى محطة القطار.
قالت فانيسا:
" لسوء الحظ أن أدوار ليس هنا لوداعك".
قالت اليانور:
" يجب أن أعتاد على بعده".
قال هيو:
" لقد ترك لك هدية قرب فانيسا في المقعد الخلفي".
نظرت اليانور لترى قفصا صغيرا لقطتها ، قالت:
" ارسل لي القطة جام".
قالت فانيسا:
" مع اطفالها ، قال ادوار انك ستشتاقين لها ... إنك تجبرين ادوار على التصرف بإنسانية".
قال هيو:
" كفاك عدم إحترام لشقيقك يا فانيسا.
قالت فانيسا:
" امرك يا سيدي".
ودّعتهم اليانور في المحطة بعد أن ساعدها هيو بنقل حقائبها الى القطار ، نظرت اليهما وهي تفكر حزينة ، هل ستراهما مرة ثانية؟
كان والدها في إستقبالها في يورك بكت بين ذراعيه وهي تدفن وجهها بطيّات سترته الخشنة .
" حين رايتك لم أعرفك وانت بهذا الطقم الجديد وتبدين فاتنة انيقة.... والان اعرف انك إبنتي اليانور بعد أن بدأت دموعك تظهر....".
ناولها منديله لتمسح دموعها ، ضحكت أليانور وسط دموعها وهي تسمعه وقالت:
" اهلا يا والدي . انا سعيدة بعودتي ، كم انا غبية...".
" ما هذا القفص..... قطة اخرى.... لقد عدت محملة بحقائب أكثر من الأول".
إبتسمت أليانور بحنان وحملت بعضا من حقائبها ووضعتها في السيارة القديمة وجلست قرب والدها وهو يقول لها مطمئنا:
" الجميع بإنتظارك في البيت.
" كيف حالهم ، كيف حال الكلبة لاسي؟".
" تركتها في البيت تنتظر وصولك ، كيف آل مانسل حين غادرت ؟".
" يرسلون تمنياتهم القلبية للجميع ادوار لن يتمكن من حضور حفلة الزفاف".
" من المؤسف ، يمكنك ان تعرّفيه الى الجميع في مناسبة اخرى.... متى ستعودين؟".
" لم اقرر بعد ، ربما بعد أسبوع أو اسبوعين".
" حسنا ، والدتك سترعاك قليلا لتعيد الى خديها لونهما الوردي ، تحتاجين لهواء الريف النقي".
" ولكنني بصحة جيدة....".
بدات تسرد عليه بعض حوادث الأسبوعين الماضيين.
وجودها في البيت وسط أهلها يناسبها كثيرا ولكن حين كانت تنفرد بنفسها وتتذكر همومها.... وتتذكر ادوار كانت تشقى أكثر بكثير مما توقعت.

نيو فراولة 06-04-12 05:46 PM

والدتها كونستانس مشغولة جدا بالتحضير لحفلة الزفاف لقريبة جدا ، والجميع في حالة تأهب للمناسبة السعيدة، جلست اليانور تساعد والدتها في خياطة ثوب دوروثي لحفلة الزفاف ، قالت دوروثي:
" لماذا لن يحضر ادوار حفلة الزفاف؟".
" لديه رحلة عمل مفاجئة".
" من المضحك انك لم تحبيه في بداية تعرفك به ( هزت اليانور راسها موافقة ) أتمنى لو يحضر ، كنت اريد رؤيته .... احبه أكثر من غاي الذي يشبه كاتي كثيرا ويناسبها كلاهما لا يتمتعان بخفة الروح".
" لا تقولي اشياء كهذه يا دوروثي!".
" ولكنها الحقيقة ، ادوار شاب مرح خفيف الظل ، إنه يضحك دون ان تلاحظيه ، وجهه صارم وقاس ولكن عيناه تفضحانه... عندما تتزوجان ارجو ان ادعى لزيارتك يا أليانور.... وإن إلتحقت بجامعة سانت توماس ساعيش عندكما ، هل عندك مانع؟".
" وهل قررت عدم متابعة دراسة الموسيقى؟".
" لقد تحدثت طويلا مع ادوار بعد أن نجحت في الإمتحان ....".
" تحدثت مع ادوار... متى؟".
" منذ فترة بعيدة ، هل يغضبك ان اعمل برايه؟".
" لا ، ابدا ، ولكنه لم يذكر لي شيئا بهذا الأمر".
" لقد قررت دخول كلية الطب ، وكما ترين ساستفيد من سكنك في لندن".
كان يوما مشمسا ، يوم عرس كاتي ، يوم مشمس ، كما تقول الأغنية ، من شهر نيسان ، تكلم والدها في حفلة زفاف إبنته ، نظرت الى غاي وهو واقف بالقرب من كاتي وأحست كانها احبته منذ ملايين السنين ، تمنت لهما السعادة من كل قلبها ودون تحفظ ، قالت دوروثي:
" لقد حضرت الضيعة بأكملها حفلة الزفاف ، وقد حضر أيضا....".
اشارت بعينيها الى أدوار يقف بين صفوف المدعوين ، قفز قلب أليانور حين وقع نظرها عليه..... ماذا يفعل هنا ؟ أبقت نظرها أمامها وهي تمشي في الممر بين صفوف المدعوين ، حين إقتربت منه رمته بنظرة متسائلة .... أحست أن الجميع يقولون: هذا هو خطيب اليانور.... لقد حضر.
أخذت الصور التذكارية مع العروسين وكانت عيناها كل الوقت تراقبان ادوار في مكانه البعيد ، يبدو أكثر وسامة وأناقة من المعتاد.... ولكن لماذا حضر؟ كان يبتسم للجميع ويتعرف على غالبية المدعوين حوله... لماذا حضر؟ ليزيد الأمور تعقيدا...... ولكن لماذا هي غاضبة؟ هل حقا ما تشعر به يعود لشدة غضبها؟ وبعد أن إنتهت مراسم الزواج مشت الى حيث وقف أدوار ، إقترب منها قليلا وعانقها بلطف وقال:
" أهلا أليانور يا حبيبتي ، لقد وصلت اخيرا قبل حفلة الزفاف( نظر اليها وقد قرا نظرة الإستغراب في عينيها وقال مؤنبا) حولنا رهط من المدعوين يراقبوننا....".
إبتسمت له بتكلف:
" ماذا تفعل هنا يا ادوار؟".
" من اجل حفلة ازفاف( قال ساخرا)".
" لقد هدمت كل إتفاق بيننا ، انت حتما لا تعرف حياة القرى وأهلها.... والان بعد ان برزت الى الوجود فالجميع سيعتقدون اننا سنتزوج عما قريب".
" من الأفضل ان لا أخيّب امل أهل القرية .... إبتسمي لهم إبتسامتك الطيبة".
" ربما أنت تخدعهم بكتفيك العريضين وثيابك الفاخرة.... ولكنك لن تخدعني....".
" اعرف ذلك".
" أدوار مانسل.... أنا لا افهمك ابدا".
كان عليها ان تعود لقرب شقيقتها العروس ، كان يحدق فيها بعينيه الزرقاوين ، وبعد إنتهاء الحفلة حاولت أن تتحدث معه وسط جموع المدعوين لحفلة الإستقبال دون جدوى ، إلتفتت الآنسة هوكنز المسؤولة عن مكتبة القرية العامة، وقالت تخاطبها:
" خطيبك شاب صغير ، شديد التهذيب ، لقد تذكّر اسمي على الفور....".
"ماذا تقصدين يا آنسة هوكنز؟هل قابلت دوار من قبل؟".
" نعم ، منذ اسابيع قليلة عندما كنت ازور والديك في المنزل....".
هرعت اليانور لوالدتها وسألتها بلهفة:
" أماه! أخبرتني السيدة هوكنز ان أدوار زاركم وحده في يورك ، متى؟".
" عرفت بالأمر ، لقد كان مهتما كثيرا بنا ورغب في التعرف الينا ، إنه شاب خلوق وفهم شعورنا الصحيح ، قان أن من واجبه ان يعرف بنفسه بعد ان قرر أن يتزوج من إبنتنا..... بقي يوما كاملا برفقتنا وتحدث طويلا مع والدك ولكنه لم ينم عندنا ، أحببناه كثيرا انا ووالدك".
" متى حضر؟".
" منذ خمسة اسابيع ، ارادها مفاجاة ورغب أن تبقى سرا بيننا.... هل رأيت دوروثي ؟لقد إختفت ، اتمنى أن تبقى بعيدة عن المشاكل ، أنت تعرفينها".
" ساراقبها كل الوقت".
إذن حضر منذ خمسة أسابيع.... لقد أصبح كل شيء لا معنى له....".
إلتفت والدها الذي قادها الى زاوية وقال لها:
" اليانور ، كنت ابحث عنك".
" وأنا ابحث عن أدوار .... هل تعرف اين هو يا والدي ؟ أريد ان أتحدث معه".
" إنه في المنزل ينتظرك ويريد أن يتحدث اليك".
" حسنا ، ساذهب على الفور ( قبّلت والدها وركضت خارجة الى الحديقة المؤدية الى المنزل)".
حملت ثوبها الطويل وركضت مسرعة عبر الحديقة المؤدية الى المنزل ، كانت لا تزال تحمل بيدها باقة الورود لأنها أشبينة العروس.
المنزل صامت هادىء.... وباب المكتب مفتوح ، ترك ادوار النافذة حين سمع خطواتها ووقف يستقبلها بالباب وهو يشعر ببعض الإرتباك ، النافذة تشرف على الممر الذي سلكته اليانور وتمنت لو أنها لم تركض.... إرتبكت لن فعلها يظهر حماسها للقائه...
هما منفردان ، إبتسم لها ادوار واغلق الباب دونها.
"والد.....ي ..... قال أنك تريد رؤيتي....".
" علينا ان نبحث امورنا ، آسف لإبعادك عن حفلة الإستقبال ولكنني ساغادر خلال ساعتين ، أشكر لك حضورك".
" لماذا لا".
آخر مرة رأته في لندن لم ينظر الى وجهها ، ودّعها وداعا فاترا ، أما الآن فعيناه لم تفارقاها لحظة واحدة.

نيو فراولة 06-04-12 05:49 PM

" ادوار ، لماذا عدت؟".
كان يقف بعيدا قليلا عنها .
" لسبب او لسببين؟".
مد يده وأمسك بيدها.... تلامس ايديهما جعلها ترتجف بين يديه كأن تيارا كهربائيا قد مسها ، إحمر وجهها ورفعت نظرها اليه يائسة وقالت:
" هذا ليس عدلا".
" اعرف ذلك ، هذه هي الحياة ، اريد ان أمسك بيدك حتى لا تصفعيني مرة ثانية.... اشعر انني بامان أكثر".
إقترب منها أكثر وهو مبتهج مسرور ، كانت سعيدة وهي تنظر الى عينيه وتشعر بدفء يديه.... وبعد قليل عاد عقلها الى دورانه.
" قل لي ما هي الأسباب؟".
" جئت لشكرك على صورة الكلب سايكس".
" كان بإمكانك أن ترسل لي رسالة شكر بهذا الخصوص".
" انا لا أجيد كتابة الرسائل.... ثم فكرت ايضا ان قطتك ربما إشتاقت اليّ ".
" انت غير معقول ، تحاول إثارة غضبي والإزدراء بي".
" اعرف.... وكنت اتمنى أن تكوني انت ايضا قد إشتقت الي".
إرتجفت بين يديه ، ران صمت عميق ، بلعت اليانور ريقها بصعوبة وتمتمت:
" انت تعرف حق المعرفة أنني إشتقت اليك".
تنهد وقال :
" كنت اتمنى ذلك يا حبيبتي الكريمة( امسك بيدها ووضعها على خده ) أريد ان أستغل محبتك إستغلالا لا يليق ، بل أريد ان أبحث الأمر معك واشرح خفايا الأمور ، ساخبرك أولا عن فيليستي".
" لا حاجة بك لذلك".
" بل هو واجب ، لقد رتبت الجمل الجمل والكلمات التي ساقولها لك طوال طريقي الى هنا ... دعتني فيليستي لغرفة نومها في تلك الليلة المشؤومة لأعطيها رأيي كخبير في ساعة فرنسية أثرية إشترتها في احد المزادات ....وقد فعلت ذلك وتركت غرفتها بعد عشر دقائق فقط".
شرحه يشبه القضاء والقدر.... عليك أن تؤمن به وتصدقه مهما كان .
" الم تستطع ان تغريك بالبقاء".
"لا".
نظر اليها صادقا واحست الحرارة في داخلها .
" آسفة يا ادوار... لأنني صفعتك... إنني خجلة.... من نفسي...".
" لا عليك ، أول مرة في حياتي يهمني رأي الناس في تصرفاتي....على فكرة مررت منذ ايام بمارك إيف أهداني صورة سايكس ، إنها باهرة جدا".
" صحيح ، عل اعجبك رسمي".
" لقد إكتشفت انك عدت ترينني بدون قرون الشيطان وهذا ما ساعد على رفع معنوياتي...".
" منذ فترة طويلة لم اعد اراك كالشيطان".
" وهل فكّرت فيّ يا اليانور وانت بعيدة عني".
" حتما انت تعرف الجواب الصحيح على سؤالك".
" البارحة إتصل والدك بي هاتفيا وقال أنه علي الحضور لأعيد الحياة الى وجهك، هل تسمحين لي بلمسك... انت الآن تفهمين حبي الكبير لك ( امسك بيديها من جديد وهو يغازلها وأكمل) إن كبرياء آل مانسل لن تسمح لك بالخروج من حياتي ، لقد وضعت خاتمي في اصبعك وسيبقى حيث هو الى الأبد ، مر الاسبوعان الماضيان وانت بعيدة كحلم مزعج لا نهاية له .... هل تتزوجينني يا حبيبتي .... هل ترحمين عازبا لا يعرف ما حصل له؟".
" ساتزوجك من اجل مالك....".
جذبها اليه وضمها بين ذراعيه وقال:
" يا فتاتي الطيبة".
سمع قرعا على النافذة ، كانت دوروثي تحمل له علبة صغيرة بحجم علبة الحذاء ، فتح لها النافذة وتناول العلبة ، نظرت أليانور الى ثوب دوروثي الملطّخ بالأوحال وصرخت مؤنبة:
" اين كنت؟ إذهبي على الفور وبدّلي ثيابك قبل أن تراك كاتي فتصاب بنوبة هيسترية".
" ولكنني فعلت ذلك من اجلكما...".
" هيا، ادخلي وغيّري ثيابك الوسخة...".
" ادوار ، انا لم اخبرها عن زيارتك لنا في يورك( اغلق ادوار بسرعة النافذة)".
" لماذا حضرت الى هنا منذ اسابيع قليلة؟".
" تلبية لإحساس غريب وشعور مبهم".
" أنا لا اصدق انك تفعل أي شيء من هذا القبيل؟".
" اليانور .... من هو جو؟".
" جو؟ ... أوه ، إنه إبن مايسي الصغير ، إنه في الرابعة من عمره ".
" أنت عفريتة صغيرة( جذبها اليه من جديد) أنت دائما على حق ، أنا لا افعل أي شيء مندفعا دون هدف ، فكرت جديا لوقت طويل وكان علي أن اعرف... اشياء... كثيرة ".
" واليوم حضرت الزفاف من أجل المصالحة بينا ، لقد جذبت جميع سيدات القرية ولفت نظر الجميع وأنا أحدق فيك بنظراتي النهمة ( ضحك كثيرا ) لو رأيت صورة وجهك حين وقع نظرك عليّ...".
" أنا أعرف أن وجهي يفضح مشاعري( قالت متلعثمة) أنت تعرف انني أحبك كثيرا وأحب كل شيء فيك".
" حتى حاجباي؟".
" حتى هذا الحاجبان الكثيفان ، يوم ضحكت لي ضحكة أصيلة وقعت في غرامك".
" هراء ، أنت تكرهينني بقوة وقد أخبرتني ذلك بنفسك أكثر من مرة ".
" أعرف أنك تعتبرني بريئة وبسيطة ولكنني إكتشفت منذ أول لقاء بيننا أن هناك شعلة من الأحاسيس تبطنا ووجدت أن من الأسهل علي لو عاديتك وإبتعدت عن طريقك .... وإبتعدت عن المشاكل".
تراجع الى الوراء وضحك ضحكة رنانة:
" للإبتعاد عن المشاكل ... انت يا عزيزتي طاقة هائلة من المشاكل.... منذ رايتك لول مرة ( هز راسه يائسا ساخرا) كنت تخرجين أسوأ ما في داخلي وكنت أخاف على نفسي .... يوم عرفت والدتي بقدومك لمست الفرحة في عينيها وشعرت ان علي أن أعاديك قبل أن اعرفك أو أن أراك إتقاء وتفاديا لما تنتظره والدتي من قدومك ، وبعد أن وصلت اثرت إهتمامي تدريجيا وزحفت ببطء الى داخل حياتي واشعت الدفء في جوارحي وكنت تقفين حائلا بيني وبين كل ما افعل ، لم أعد كما كنت .... كل ثقتي بنفسي تبخّرت ، كل إيماني بألا ادع إمراة تمتلكني ضاع.... ثم أنت فتاة تحمل مشاكل الآخرين على كتفيها بالإضافة الى مشاكلها.... لم اقبل الوضع بسهولة ، حاولت ان أحارب.... أحارب حبي لك".

نيو فراولة 06-04-12 05:51 PM

" كنت رهيبا معي".
" سأعوض لك عن ذلك في المستقبل .... لقد اخبرت والدك بامر الخطوبة... اخبرته كل شيء في زيارتي الأولى ".
" أخبرته... ؟ ( إختنقت كلماتها )".
" أخبرته كل شيء ، والذي لم أخبره إياه عرفه بنفسه ولهذا إتصل بي هاتفيا البارحة".
تنهدت أليانور وسحبت نفسا عميقا وقالت:
" يا الهي ، كان يعرف كل شيء ..... ووالدتي؟".
" لم نجد ضرورة لأخبارها ، قررنا ان نخفي الأمر عنها ، لم أخبره بحبي لك ولكنه رجل ماكر عرف أن إبنته اليانور تعرف كيف تتصيّد القلوب ، ( شدّ عليها بذراعيه ) يا الهي عندما رأيتك متكومة على السلالم في القبو توقف كل شيء حولي واحسست ان حياتي إنتهت ، وحين تحركت أحسست براحة كبرى لا توصف ... عرفت أن ما يربطني بك هوحب أكيد ووثيق . كم كنت غبيا يومئذ وبدلا من ان أعترف لك بحبي حملتك الى فيليستي لأجرب طعم الغيرة معك....وربما لم أكن واثقا من حبك لي....( ضحك ضحك ةوقحة) وبدلا من ان أقدم لك حبي تلقيت صفعة على وجهي.... وكدت أفقد صوابي".
" يا حبيبي المسكين ( شرعت تداعب خده مكان الصفعة ) كنت أشعر بغيرة قاتلة .... ربما كان هذا هدفك الأساسي من إصرارك على الذهاب لتمضية عطلة الاسبوع عند فيليستي".
" أنكر ذلك كليا ( وضع خده على شعرها الناعم وهو يشم رائحة عطرها) كنت آمل ان ارى نهاية التمثيلية المزيفة هناك ....كنت اريد حريتي من جديد.... عرفانك بالجميل لي هو الذي لخبط جميع خططي ".
" العرفان بالجميل ....هه، ربما أنت تعطي هذه الكلمة أهمية اكثر بكثير مما تنطوي عليه ، صحيح أنك تصرفت تصرفا كريما معي خاصة ومع عائلتي ... انا اعترف لك بهذا الجميل.... ولكنني لم افعل أي شيء يخالف رغباتي الاصيلة".
منتديات ليلاس
شعرت اليانور بحمرة الخجل تزحف الى وجنتيها وهي تصّرح له بإعترافاتها الصريحة وتذكّرت وضعها بين ذراعيه فوق ارض المكتب....
" من الأفضل لي أن أجهل الحقيقة .... أنت فتاة جميلة يا حبيبتي ، انت دافئة وحنونة ومخلصة وصادقة وقد إستطعت ان تخترقي عقلي في تلك الليلة كالصاروخ، لقد إستحوذت على عقلي وقلبي وتجاوبك لعواطفي اذكى شعلة حبي ، ( إبتسم مواربا) مما جعلني اهرب لباريس في محاولة لترتيب عواطفي وافكاري ( حدّق في وجهها وسألها) الى متى سانتظرك يا أليانور؟ ".
" هناك ترتيبات عديدة قبل إعلان موعد الزواج".
" سأنتظرك اسبوعا واحدا ، انت كتلة متفجرات يا فتاتي الحبيبة وعليّ ان أتعامل معك بجرعات صغيرة ".
" لا يكفي اسبوع واحد".
" ثلاثة اسابيع إذن ".
" أدوار .... احبك كثيرا".
" لا أعرف لماذا ؟ ولكنني سعيد جدا لسماعي تصريحاتك.
" سنكون سعيدين معا ( دفنت رأسها في صدره ) إنني خائفة بعض الشيء ، هل أنت متأكد من عواطفك نحوي".
" متأكد جدا.... كفاك تغابيا ، لن يكون الأمر سهلا علينا ولكننا سنتعاون لجعل حياتنا سعيدة هنيئة وأنت ادرى بكفاءتي".
" أدوار العلبة تتحرك !.... ماذا بداخلها؟".
" يا الهي نسيت كل شيء ( أزاحها من بين ذراعيه وقال) شغل عقلي اشياء أهم".
" ولكنك تذكرت الان ، اخبرني ماذا بداخلها ، لقد أثرت فضولي ".
" اصبري قليلا ( جذبها من جديد الى ذراعيه وبدأ يقص عليها قصته ) في قديم الزمان كانت تعيش أميرة جميلة وإسمها اليانور....".
" جميلة؟".
" جميلة( قال بإصرار ) لا تقاطعيني في كلامي يا أميرتي ، كانت الأميرة لطيفة دافئة القلب وحنونة وتتحلى بجمال الروح والشكل ، احبت يوما ضفدعا ضخما ، تحايل عليها حتى جعلها ثقيلة ....وفجاة تحول الضفدع الى أمير شاب وسيم ، طويل القامة وعريض المنكبين وقبّل يدها هكذا( اتبع قوله بالفعل وامسك بيدها ورفعها الى فمه وقبّلها يدها هكذا( اتبع قوله بالفعل وامسك بيدها ورفعها الى فمه وقبّلها قبلة رقيقة)".
" قصتك جميلة".
" وبالطبع .... وقع الأمير في حب الأميرة وتزوجها وعاشا حياة سعيدة وهنيئة".
بقيت أليانور سعيدة بين ذراعيه القويتين .... إنها تعيش حلما جميلا ، فتحت العلبة الصغيرة ورأت الضفدع يقبع فوق بعض أوراق الشجر الخضراء.
" يا الهي ، كم هو جميل".
قفز الضفدع من داخل العلبة طلبا للحرية ، ولدقائق بقي يركض قافزا هنا وهناك واليانور تحاول إمساكه لترجعه الى علبته وهي تضحك بهستيريا ودموعها تجري على خديها من شدة التاثر ، كان أدوار يساعدها في الإمساك به وهو يلعن ويسب ويامر ويتوعد.... واخيرا امسكاه واعاداه الى علبته واحكما إغلاق الغطاء ، تنفس أدوار مرتاحا وقال:
" كم انت فاتنة وانوثتك طاغية ... على فكره إسمه أدوار".
" طبعا ، ولكن لا ينفع ان اقبّله لنني لست أميرة ... وكذلك أنا مخطوبة لغيره".
" مسكين هذا الضفدع سيبقى على حاله الى الأبد ، لن يصبح أميرا ".
" ربما لديه زوجة وأطفال بإنتظار عودته، على دوروثي ان تعيده الى مسكنه".
" هذه هي حبيبتي أليانور بطبعها وطيبة قلبها".
دخلت دوروثي الغرفة تتبعها لاسي وقالت:
" هيا ، حان وقت وداع العروسين ، اريد ان أركب سيارتك الفاخرة ليراني اصدقائي وصديقاتي".
" حسنا ، ولكن عليك إعادة الضفدع الى مسكنه أولا... الى حيث وجدته".
حملت دوروثي العلبة وهي تتمتم:
" لن اقع في الحب ابدا... إنه يجعل الناس حمقى ومعتوهين وسخفا ".
قال أدوار:
" هي الحقيقة.... اشعر الان أنني مجنون بحبك يا اليانور".
جلبة في الحديقة والجميع في وداع العروسين ، نظرت اليانور من النافذة ورأت دوروثي تقف في المدخل.
قالت اليانور:
" لقد خذلنا دوروثي .... لم نتمكن من إصطحابها بالسيارة".
" صحيح ، ولكن لدينا وقت طويل وسنعوّض لها ونفّذ لها كل رغباتها ".
رفع ادوار حاجبيه وقال:
" لدينا الوقت الكافي".
مشت اليانور مع أدوار الى الحديقة لوداع العروسين في ذلك اليوم الجميل من أيام الربيع ، وفي قلبيهما ربيع آخر يوازي ربيع الأرض....


تمت

سومه كاتمة الاسرار 09-04-12 10:46 PM

مرسيه على تعبك ياعسل سلمت الايادى
:8_4_134:

الجبل الاخضر 11-04-12 10:26 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

Rehana 13-04-12 11:27 AM

الله يعطيك الف عافية يارب
وتسلمى الايادي الحريرية الى بتكتب وتتعب لتمتع الاعضاء بأجمل الروايات


http://atchat.free.fr/graphics/greet...nk_you_023.gif

نجلاء عبد الوهاب 13-04-12 09:16 PM

يا الله اد ايه الروايه تجنن تحفه رائعه جميله جدا شكرااااااااااااااااااااااااا كتييييييييييييييييييييييييييير
:55::55::55::55::55::55::55::55::55:
:congrats::congrats::congrats::congrats::congrats::congrats:
:Thanx::Thanx::Thanx::Thanx::Thanx::Thanx:
:liam_shadowboxer_sc:liam_shadowboxer_sc:liam_shadowboxer_sc :liam_shadowboxer_sc
:000::000::000::000::000::000::000::000:

ايمان عمر 16-04-12 04:16 AM

الرواية روعة

ندى ندى 21-04-12 01:33 AM

جميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييله

one star 27-06-13 08:27 PM

رد: 3- زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة (كاملة)
 
رواية رووووووووعة تسلم ايييييييدك يا قمر

قماري طيبة 07-07-13 08:30 AM

رد: 3- زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة (كاملة)
 
رواية جمييييييله جدااااااااا سلمت يداااااااك عليهاااااا

اسيرةالاحلام 18-04-15 11:23 AM

رد: 3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة

فاكى 13-09-15 02:44 PM

رد: 3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
:dancingmonkeyff8::55:

فرحــــــــــة 09-09-16 05:43 AM

رد: 3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
غاليتى
نيو فراولة
سلمت يداكى على القصة الرائعة
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

هتونا 15-09-21 10:37 PM

رد: 3 - زائرة - جاكلين غيلبرت - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
تجنن جدا رااااىعة احلا تحية وتقدير لكل منتدى ليلاس ودمتم في قلبي سكنة


الساعة الآن 10:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية