منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t172479.html)

نيو فراولة 16-02-12 05:26 PM

171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة

الملخص



تحت وطأة الهجران والغربه،وعندما يجد الانسان نفسه وحيدا بلا معين، تغلب العواطف الغريزية في الحفاظ على النفس على كل ما عداها .
بعد انهيار زواجها اختارت ليف دانيسون اسلوبا مناسبا للعيش مع طفليها التوامين ، وحيدة لا يعكر صفو حياتها شيء ، لكن النار اللاهبة عادت مع عودة رايان زوجها الغائب الذي بقي ، بشكل ما ، قريبا ، اكتوت ليف بهذه النار في الماضي وهي لا ترغب في لمسهآ مرة ثانيه، آخر ما تريده هو عودة الزوج الذي هجرها يكل قسوة ، لكن رايان كان قال لها : (ماهو لي يبقى لي) .
ثم هناك هذا الشيء في الداخل ، اشبه بجمره ضئيله ظلّت تتوهج دائما ...

نيو فراولة 17-02-12 07:35 PM

1-الغائب القريب

جلست ليف مطمئنة النفس لدى فراغها من تلوين إحدى المزهريات الصينية المخصصة للبيع في سوق القطع الفنية ،ورغم أنها كانت تفضل رسم اللوحات الزيتية إلا أن توقيعها على طرف المزهريات الملونة كان يغمرها بإحساس ممتع من الرضى عن الذات .
إستطاع نجاحها في مجال الفن أن يغير مجرى حياتها الى حد لا يمكن تصديقه ، بدأ ذلك حين كانت تعمل في مخزن للهدايا التذكارية حيث اعجب صاحب المخزن بلوحة كانت قد أحضرتها لوضعها ضمن إطار مذهب ، فطلب منها تزويد مخزنه بلوحات مماثلة يبعث باسعار مرتفعة للغاية ، منذ ذلك الوقت ، إستطاعت ليف تأمين حياة رغيدة من بيع اللوحات والمزهريات وخاصة في مواسم السياحة.
منتديات ليلاس
نظفت أدوات الرسم ووضعتها في اماكنها المعهودة ، ثم نظرت الى ساعتها وعجلت في اخذ حمام سريع ، بعد وقت قصير ، كانت ليف ترتدي مريولا أزرق فوق ردائها الأبيض الأنيق ، كان طفلاها التوأمان على وشك الوصول كما ان جويل يمكن أن يطرق على الباب في اية لحظة ، وبسرعة ، قامت ليف بتحضير ثلاثة أطباق من الدجاج والسلطة وغطتها بعناية قبل وضعها في البراد ، وفيما كانت تغسل يديها ، إنطلق صوت مرح من الباب الأمامي :
" مرحبا يا ليف ، لقد وصل حاضن الأطفال".
" إدخل يا جويل ، أنا في المطبخ".
رحبت ليف بحاضن طفليها الذي هو سلفها في نفس الوقت وقالت :
" ارجو ان تكون سعيدا لتمضية فترة المساء مع التوأمين".
" إنني أنتظر ذلك بسرور ، فأنت تعلمين انهما ليسا مصدرا للإزعاج على الإطلاق".
جويل دانيسون في التاسعة والعشرين من عمره وهو من أكثر العازبين في منطقة إيرلي بيتش ، تألمت ليف كثيرا لعدم زواجه حتى الآن إذ كان رائعا في عنايته بالأطفال ، كما أنه من الطف الرجال واكثرهم حنانا.
لاحظت ليف علامات حزن على وجه زائرها فسألته وهي تناوله كوبا من الشاي الساخن:
" ما بك يا جويل؟".
" لا شيء ، لا تقلقي ، إن الأمر يتعلق بما فعلته السيدة كرافن ".
" السيدة كرافن العجوز ؟ هل تقصد أنها باعت املاكها؟".
" أجل ! هذا ما أقصده تماما".
وعادت ليف تسأله:
" هل تعلم من الذي إشتراها ؟".
" هنا يكمن السر إذ لا احد يعلم ، لقد بذل والدي جهده كي يعرف لكن دون جدوى ، أعتقد شخصيا أن الشاري غريب عن المنطقة وهو يهدف الى بناء ملهى على التلة المشرفة على المرفأ".
" لا يا جويل ! لن يفعل هذا ".
" ذلك ما يتمناه والدي أيضا ، فأنت تعرفين رأيه حول ضرورة بقاء المنطقة على طبيعتها قدر المستطاع ".
مضت دقائق قليلة قبل أن يستانف جويل حديثه سائلا :
" متى يصل التوامان؟".
نظرت ليف الى ساعة المطبخ وأجابت :
" أنهما على وشك الوصول فالساعة تقرب من الخامسة ".
هز جويل رأسه وقال :
" سأكون محظوظا إذا كانا تعبين من الجري طيلة النهار ، في المرة الماضية ، سبّبا لي إرهاقا شديدا وهما يلعبان كرة القدم حتى حلول الظلام ".
علّقت ليف ضاحكة :
" ينبغي أن تكون أكثر حزما يا جويل ، فانت في غاية اللطف معهما".
" حسنا ! من يود لعب دور الغول بدلا من دور العم ؟ في الحقيقة إنهما طفلان مدهشان".
" شكرا لك ، أعلم أن هذا التحيّز مصدره محبّتك لهما ، على أية حال ، لقد وصل الصغيران ".
إتجهت ليف الى الباب في الوقت المناسب لتستقبل التوأمين وهما يصعدان درجات السلم .
" مرحبا يا ماما ، ماذا هناك للعشاء ؟ إنني أتضور جوعا ".
على هذا النحو خاطب لوك والدته قبل ان يلقي حقيبته بصخب على الطاولة الصغيرة ، اما ميلي فقد كانت اكثر هدوءا حين سألت :
" هل وصل عمي جو؟".
" إنه في المطبخ ، إذهبي وتحدثي معه ريثما أبدّل ملابسي ".
وضعت ليف بعض المسحوق على وجنتيها وكحّلت عينيها واضافت أحمر الشفاه الخفيف على شفتيها ، وقامت بتسريح شعرها الطويل الذي كانت تنوي ربطه كالعادة لكنها تركته ينسدل على ظهرها بعفوية ، كانت دائما تفضله قصيرا إلا أنها في السنتين الأخيرتين تركته ينمو بحرية ، وهذا ما جعلها وهي التي شارفت على بلوغ عامها الخامس والعشرين تبدو جميلة بشكل غير إعتيادي.
كانت ليف تتأمل صدرها وخصرها الضيق عندما إنبعث ضحك صاخب من المطبخ المجاور أثاره مرح جويل مع التوامين ، فكرت ليف بأنه لو كان لديها أخ فهذا لن يعني بالنسبة اليها أكثر مما يعنيه لها جويل ، فهي لم تكن تدري كيف ستتدبر أمورها من دونه ، كان دائما الى جانبها وقت الحاجة حتى حينما كانت تؤذي مشاعره وتخيب آماله ، كما انه الوحيد الذي اثر في حياتها وحياة رايان.
رايان! أغمضت عينيها لتهرب من هذا الإسم ، ما الذي اعاده الى ذاكرتها في تلك الليلة ؟ فهي لم تفكر فيه منذ اعوام ولا تنوي التفكير فيه الآن ، هكذا حدّثت نفسها بحزم إذ أن مارتن سيأتي بعد قليل حيث سيذهبان لتناول طعام العشاء في الخارج ، ثم يذهبان الى إجتماع الأهالي والمعلمين الذي سيعقد في مدرسة المنطقة .
" سنكون على خير ما يرام يا أمي".
حدّثت ميلي والدتها وهي تلف ذراعيها حول خصرها وأضافت:
" آه! كم هي زكية رائحتك ".
رفعت ليف الشعر المتدلي على جبين إبنتها وتطلعت الى عينيها الزرقاوين وشعرت على الفور بانها تشبه والدها الى حد بعيد ، لكنها تتميز عنه باللطف والنعومة إذ كان رايان صلبا للغاية ، أما لوك فإنه كان جميلا مثل أخته ، غير أنه أكثر منها إندفاعا ومرحا ، إنهما مختلفان جدا لكنهما يحتلان نفس المكانة في قلب الأم الذي يقطر حبا لهما ، فكّرت ليف مئات المرات كيف أن شخصا رخيصا يمكن أن ينجب كائنين جميلين كطفليها.

نيو فراولة 17-02-12 07:36 PM

قرع الجرس هنا وأشار جويل الى الباب قائلا:
" إنه مرافقك يا لي".
" حسنا ، لن أتأخر يا جويل ".
" إبقي حتى الفجر إن شئت فمن حقك الإستمتاع بوقتك ".
جلست ليف الى جانب مارتن في سيارته الجديدة ، وبعد فترة صمت قصيرة ، نظر الى وجه ليف الشاحب وقال :
" آمل أن يعجبك العشاء يا أوليفيا ، فانا لم أجرب هذا المطعم من قبل".
" أنا متأكدة انه سيعجبني لأنني سمعت عنه أخبارا مشجعة ".
أجبرت ليف نفسها على التجاوب معه وإستراحت حين وجدت الإهتمام يختفي من ملامحه ، إذ ان إستجوابه كان آخر ما تحتاجه الليلة.
كان مارتن أستاذا في المدرسة التي يتعلم فيها التوأمان، وهناك إلتقت به اثناء إجتماع مجلس الأهالي والمعلمين في السنة الماضية ، حيث بدأت علاقتهما تنمو ببطء لأن احدهما لم يشعر بالأندفاع لتقوية العلاقة خصوصا ليف التي لم تكن متأكدة من حاجتها الى إقامة علاقة جديدة مع أي كان ، والحقيقة أن دعوة مارتن سببت لها بعض الإرتباك إذ لم تتعود الخروج معه لأنه كان يفضل لقاءها في المناسبات التي كانت تجمعهما معا ، الأمر الذي ناسبها تماما ، كان مارتن من النوع الذي يخطط لحياته بدقة متناهية ، وعلى الرغم من قلة أناقته غير أن ثقته بنفسه ومزاجه جعلاه رفيقا ملائما إن لم يكن مثيرا.
مرت ساعة ونصف الساعة وهما يتناولان طعام العشاء كما مر بعض الوقت في المدرسة قبل عودتهما ، كانت ليف ترغم نفسها على الإنتباه الى حديث مارتن ، وفيما كانت تنظر الى يديه أثناء قيادته للسيارة حول الخليج باقصى سرعة ، إنتقلت بها الذاكرة الى ليلة كانت تمر بها على نفس الطريق ، كانت آنذاك تجلس في سيارة جاكوار الى جانب سائق يتمتع بيدين قويتين تمسكان المقود وتحطمان كل قوانين الجاذبية .
تذكرت ليف وجه السائق بكل تفاصيله الدقيقة ، تذكرت عينيه بزرقتهما العميقة وتذكرت شعره الذي كان يتدلى بإستمرار ليضفي عليه مزيدا من السحر.
عادت ليف الى الواقع عدما سمعت مرافقها يذكر إسم إبنها فقالت:
" آسفة يا مارتن ، ما الذي كنت تقوله؟".
" سمعت أن لوك وقع في مأزق ثانية".
" لوك ! لكنه لم يقل شيئا ، ما الذي فعله؟".
" لست متأكدا من القصة كلها ، إن المر يتعلق بمشاجرة مع كوستيللو الصغير".
" آه ! تلك المشاجرة".
تنهدت ليف بإرتياح وأضافت:
" لقد علمت بالأمر ،في الحقيقة حاول لوك التدخل لوقف المشاجرة لكن الولد الاخر كان اكبر بكثير من كوستيللو الصغير ".
" هل تعلمين يا أوليفيا أن الولد يحتاج الى اب حازم يرشده؟".
" وهل تظن أنني لا اعلم ذلك يا مارتن ؟".
وعاد اليها الإرتباك ثانية لكنها اضافت:
" إنني أحب ولديّ واحاول تربيتهما تربية صالحة".
" آسف يا اوليفيا ، لم أقصد إنتقادك ، بل إنني أقدّر المشاكل التي تواجهينها".
توقف مارتن عن الكلام قليلا ثم سأل :
" هل فكرت ذات مرة في الطلاق؟".
" الطلاق ! ".
نطقت ليف الكلمة وكأنها شاذة بالنسبة اليها ، وأجابت بهمس :
" كلا".
ثم بصوت أعلى :
" كلا ، لم أفكر فيه من قبل".
" وهل فكر فيه زوجك ؟".
" كلا ".
ولسبب غامض شعرت ليف وكأن يدا باردة تقبض على قلبها ثم قالت بتكاسل :
" نحن لا نتراسل ".
" ابدا ؟".
" ابدا".
خيم الصمت عليهما عندما وصلا الى الشاطىء القريب من منزل ليف ،وهناك مرّا بسيارة كانت تقف على جانب الطريق حيث رأت ليف ضوء سيكارة وظنت ان في السيارة عاشقين ، إذ سبق لها أن توقفت في المكان نفسه مع زوجها رايان .
" لم يسبق لي ان سألت ، ما الذي حدث بينك وبين زوجك ؟ لم تمكثا معا فترة طويلة على ما أظن ؟".
رحبت ليف بمقاطعة مارتن لأفكارها ، فالماضي يتراقص في مخيلتها الليلة وكانت تشعر ان الماضي ما زال مؤلما مثلما كان دائما ، كيف ستجيب عل سؤال مارتن وما الذي يمكنها قوله ؟ لا شيء ، لا شيء بينها وبين رايان ، لا شيء ، ببساطة لا شيء ، كانت تشعر بالضحك الجنوني يتحرك في أعماقها .
تنهد مارتن قبل أن يقول:
" لست بحاجة الى التحدث عن هذا الأمر عن كان يزعجك ، إذ كنت اعتقد اننا صديقان حميمان ".
اوقف مارتن سيارته امام منزل ليف ثم إلتفت اليها قائلا :
" أوليفيا ، اريد التحدث اليك بأمر هام قبل ان نفترق ، إنني بحاجة الى زوجي تشاركني حياتي وأعتقد أننا نستطيع العيش معا بسعادة".
أحست ليف بالذعر إذ لم تكن مهيأة لهذا النوع من الإرتباط مع مارتن او مع أي شخص آخر.
" مارتن ، ارجوك ، لم أفكر ابدا في مثل هذا الموضوع ، أعني...".
" اعلم أنني لم أختر الوقت المناسب للتحدث بهذا الشأن ، ولا أريد الضغط عليك ولكنني أود أن تفكري فيه جيدا ، هذا كل ما اطلب".
ورفع مارتن يد ليف الى صدره للحظة وأضاف:
" هل ستفكرين فيه؟".
" حسنا يا مارتن".
كانت ليف ترغب في القيام بأي شيء لأنهاء اللقاء فالأفكار تتزاحم في رأسها لتشد أعصابها ، حتى أنها شعرت برغبة جامحة في الهرب من كل مكان ، الهرب الى عالم لا تحتاج فيه الى إتخاذ القرارات .

نيو فراولة 17-02-12 07:37 PM

خرج مارتن من سيارته ورافق ليف عبر ممر منزلها الذي كان النور يتوهج في داخله ، وعلى المدخل الرئيسي كان جويل يستقبلهما قائلا :
" مرحبا ! هل أمضيتما سهرة ممتعة؟ وصلتما في الوقت المناسب لتناول القهوة".
" نعم ، شكرا ، لقد أمضينا سهرة ممتعة".
أجاب مارتن بجفاف فيما كانت ليف تدخل الى القاعة حيث ألقت سترتها على الكرسي ، وسالت جويل :
" هل نام التوامان ؟ ارجو أن لا يكونا قد سبّبا لك الإزعاج؟".
" كانا رائعين ، وهما الآن نائمان ، لقد نامت ميلي بعد العشاء مباشرة ، كان يومي حافلا لذلك أشك في أنني ساستطيع العمل غدا".
وبعدما أحضر فنجانين من القهوة تابع حديثه قائلا :
" لا تنسي الغداء في منزلنا غدا ، طلب والدي مني أن اذكّرك بذلك ، سأمر لمرافقتك عند الساعة السابعة كالعادة ، هل أنت موافقة؟".
" حسنا يا جويل ، اراك غدا".
مشى جويل مسرعا نحو الباب وهو يقول:
" الى اللقاء يا مارتن".
نظر مارتن الى ليف وسألها بنبرة حادة:
" هل يبقى جويل برفقة الطفلين دائما؟".
" أجل فانا لا احتاج الى حاضنة في معظم الأوقات وهو ياتي عادة إذا لم اترك الطفلين مع ميك أوماريا كوستيللو ، لماذا؟".
" آه ! لا شيء ".
تناول مارتن فنجان القهوة وتطلع الى السائل الأسود الموجود فيه وتساءل:
" كنت أعتقد أنك قطعت علاقتك بآل دانيسون بعد غياب زوجك ؟".
وهنا أجابت ليف متضايقة:
" هذا لا يتعلق بجويل يا مارتن".
" أنا لا ارمي الى شيء معين وانت تعلمين بالطبع ان جويل يبدو في منتهى اللطف".
"وهو كذلك ، إنه لطيف جدا ولو أن هناك الكثير من أمثاله لكان العالم افضل".
" أظن أن دانيسون الأب يرغب في رؤية أحفاده من وقت لآخر ؟".
وعندما لم تجب ليف على تساؤله أنهى مارتن قهوته وقال :
" حان وقت العودة ، شكرا لهذه السهرة يا أوليفيا".
" شكرا لك يا مارتن".
بدت كلماتها سطحية وباردة لكن مارتن لم يلاحظ ذلك إذ إلتفت نحوها وضمها اليه قائلا :
" وداعا ، سأتصل بك فيما بعد ، ستفكرين بالأمر ، اليس كذلك؟".
" حسنا ، الى اللقاء".
وقفت ليف تتطلع الى ضوء سيارة مارتن يختفي تدريجيا ، كانت السيارة التي مرا بجانبها لا تزال متوقفة في مكانها ، إرتجفت قليلا واسرعت الى الداخل مقفلة الباب وراءها ، وبعدما غطت إبنها لوك مشت الى غرفة نومها وإطمانت عل إبنتها ميلي التي تشاركها غرفتها ، بدلت ملابسها وجلست تمشط شعرها محاولة تهدئة خواطرها القلقة ، لم تكن تشعر بالإرتياح لأن المزاج الصاخب الذي إنتابها قبل الخروج لا يزال يسيطر عليها ، كانت تعلم ان النوم بعيدا جدا عن متناولها لأن ذكريات الماضي تقلقها رغم إعتقادها بان كل شيء إنتهى بعد مضي ثماني سنوات ، ما الذي أعاد ذكرى رايان هذه الليلة ؟ أليس التفكير فيه خبر برهان عل أنه لا يزال حاضرا مثلما كان دائما؟
إبتسمت ليف ساخرة من نفسها ثم خرجت الى الشرفة وأخذت نفسا عميقا من هواء البحر المنعش ، كان منزلها لا يبعد كثيرا عن الشاطىء حيث تتلاعب الأمواج والرمال بلطف في ضوء القمر ، كانت السماء كتلة من النجوم البراقة وكانت المنازل الواقعة الى يمين الخليج تبث اضواء خافتة.
تنهدت ليف مستمتعة بهذا المنظر الجميل ، كانت تحب هذا المكان ، تحب هدوءه وأمانه وجمال مياهه ورماله ، وعادت بأفكارها الى حديث جويل بشأن بيع ممتلكات كرافن ، إن فكرة إقامة مركزسياحي فخم أوملهى جمدت عروقها لأنها كانت ترغب في بقاء المنطقة على جمالها الطبيعي ، ويشاركها في هذه الرغبة دانيسون الأب وكذلك والدها الذي كان يصر على ضرورة مناهضة أي خطط لإنشاء الأبنية المرتفعة أو الفنادق السياحية الضخمة في المنطقة.
كان والدها تشارلز جانسن صيادا يفتخر بأصله المتواضع بقدر ما كان دانيسون الأب يفتخر بغناه ، دانيسون الأب لا يمل من إخبار كل إنسان بأنه أسّس عمله من مركب صيد واحد الى ان اصبح لديه الان اسطول كامل من المراكب ، بالإضافة الى شبكة نقل واسعة ، وبالطبع ، كان يرغب في أن يصبح إبنه رايان جزءا من أمبراطوريته كي يتمكن من أدارتها حين يقرر التقاعد ، لكن رغبة الأب لم تلق إستجابة كافية عند الإبن الذي كان يريد أن يحقق ذاته بشكل مختلف ، وبالرغم من انه تخرّج بدرجة إمتياز في الهندسة من جامعة كوينزلاند ، ودرس مختلف المواضيع المتعلقة بإدارة الأعمال ، إلا انه كان يبدو دائما وكأنه يبحث عن شيء مفقود.
شعرت ليف بأنها تقاوم عبثا الأمر المحتم فالذكريات متسارعة في اعماقها ، تذكرت اول لقاء لها مع رايان دانيسون ، كان ذلك في امسية صيف منذ تسع عشرة سنة حيث كانت تبلغ السادسة من العمر آنذاك ، كانت تقود دراجتها الجديدة ذاهبة الى المدرسة وهي تشعر بانها شابة وذات شأن ، في تلك الأمسية كانت تمر عبر المنتزه نحو الشاطىىء من ثم نحو بيتها ، هناك هجم عليها أربعة صبيان من خلف السياج وأخذوا يضايقونها بالركض حولها والإستهزاء بها ، اصابها خوف شديد وبدأت الدموع تنهر من عينيها ، وفي اللحظة المناسبة تقدم فتى يقود دراجة وإشتبك مع الصبية وما هي إلا دقائق حتى فر الجميع وبقي الفتى ممزق القميص والدم ينهمر من وجهه ، وعندما نظرت ليف اليه إمتلكها إحساس جارف بانه الأمير الذي تحكي القصص الخرافية عنه ، كان شديد الجاذبية حتى حين كان في الثانية عشرة من عمره.

نيو فراولة 17-02-12 07:39 PM


تناول الفتى منديلا نظيفا من جيبه وقدمه اليها قائلا:
" من الأفضل أن تجففي دموعك ".
جففت ليف دموعها واعادت المنديل اليه قائلة:
" شكرا ، أليس من الأفضل أن تمسح الدم عن انفك؟".
مسح رايان أنفه بسرعة وأعاد المنديل الى جيبه وإلتقط دراجته اللامعة والمزخرفة بشتى انواع الأسلاك والصور.
" لا أعتقد أن هؤلاء البلهاء سيعودون ولكنني سأسير معك حتى الشاطىء ، ما إسمك؟".
" ليف ، أوليفيا جانسن".
إلتقطت ليف دراجتها وقادتها الى جانبه وهي ترتجف.
" أنا رايان دانيسون ، هل أنت حديثة العهد في قيادة الدراجات؟".
" نعم ، فوالدي لم يسمح لي بقيادتها إلا في الأسبوع الماضي بمناسبة عيد ميلادي ، هل حصلت على دراجتك منذ زمن طويل؟".
" منذ سنوات ".
توقف رايان أمام بوابة المنتزه وقال لها مبتسما :
" حسنا ، الى اللقاء".
" شكرا".
إبتسمت ليف وعيناها تتبعانه إذ رأت فيه الأب والأخ والصديق الذي تبحث عنه.
ضحك رايان وقال بمرح:
" يمكنك أن تشكريني عندما تبلغين السادسة عشرة".
إحمر وجه ليف بينما إستمر رايان يضحك وتابع يقول:
" الى اللقاء بعد عشر سنوات يا اوليفيا جانسن".
كانت ليف تستمع الى والدها يتحدث عن الفتى الناضج إبن دانيسون ، كان وجوده في الطريق أو على الشاطىء كافيا لإجتذابها وشعورها بحنين اليه لم تدرك له سببا ، ومع ذلك ، لم تتحدث اليه حتى حفلة عيد ميلاد صديقتها قبل ثلاثة أشهر من عيد ميلادها السابع عشر ... معظم اصدقائها كانوا هناك ولم تكن تدري أن الأخوين دانيسون من بين المدعوين ، كانت الحفلة في أوجها حين وصل جويل ورايان ، وقد راتهما اثناء فترة الإستراحة ،وبالأحرى ، لم تر إلا رايان ، لا أحد سوى رايان.
كانت تعلم أنها لن تنسى اللحظات حيث إنحبس نفسها وتسارعت دقات قلبها ، إنه أكثر اناقة من كل الرجال الذين صادفتهم وهو يملك كل شيء ... كان طويلا ، اسمر اللون ، ومن عائلة غنية ذائعة الصيت.
لم تكن وحدها التي تراه جذابا ، بل كل الفتيات الموجودات في الحفلة ، كان يتنقل من مجموعة فتيات الى مجموعة أخرى ، ومكثت ليف جانبا تراقبه وتقارنه مع كل الشبان الموجودين هناك ، وإعترفت أنه لا مجال للمقارنة ، كان كل شيء بالنسبة اليها ولم يكن الباقون شيئا .
وفيما كانت غارقة في أفكارها ، إنتفضت حين جلس جويل دانيسون الى جانبها طالبا منها الرقص معه حيث قبلت تلقائيا ، بعد فترة قصيرة ، إستطاع أسلوب جويل البسيط إزالة خجلها فوجدت نفسها تضحك وتمزح معه وكأنها تعرفه منذ سنوات ، وكم تمنت لو أنها وقعت في حبه بدلا من اخيه ، غير أن جويل كان بالنسبة اليها ، رغم لطفه وحنانه ، نسخة باهتة عن أخيه الأكبر .
منتديات ليلاس
امضت ساعة تقريبا وهي ترقص وتتحدث مع جويل الى أن لاحظ رايان وجودهما معا ، كانت القاعة تعبق بالدخان فخرجت مع جويل يتمشيان في الرواق حيث إلتقى رايان بهما عندما جاء يسأل أخاه الأصغر متى ينوي الذهاب.
كادت ليف تقع عن حافة الرواق حينما حضر رايان لكن الأخير أسرع وأمسك بها قائلا:
" إنتبهي !".
جف حلق ليف وإلتهبت عندما لامست يداه جسمها ، وإرتبكت بشدة عندما أخذت عيناه تتطلعان اليها بإعجاب ورأته يبتسم بهدوء قبل ان يقول:
" علمت الآن سبب إختفائك كل المساء يا جويل... الن تعرّفنا ببعضنا؟".
" آه ! عفوا".
قال جويل معتذرا ثم أضاف بخيبة أمل:
" ليف جانسن ، أخي رايان".
أطرق رايان قليلا محاولا تذكّر إسم ليف ثم لمعت اسنانه البيضاء في إبتسامة منتصرة:
" تذكرت الآن ، الدراجة !".
وتطلع بإعجاب نحوها وأضاف :
" تغيرت قليلا عن الماضي وبالتحديد نحو الأفضل".
غمرتها نظراته فشعرت بالحرج ، فتابع:
" كما أذكر شيئا آخر ، إنه وعد بيننا ، انت مدينة لي بعناق وأظن أن الوقت حان لأخذه".
قال جويل مستنكرا:
" هيا! ما هذا؟".
" لقد خلّصت ليف ذات مرة من صبية مزعجين فوعدتني بأن أعانقها حين تبلغ السادسة عشرة ، فهل بلغت السادسة عشرة؟".
" نعم ، وعلى وشك السابعة عشرة ، لكنني لم أعدك بشيء".
قالت ليف ذلك ووجنتاها تلتهبان من الخجل.
"وهل تنكثين بوعدك ؟ حسنا ، علي إذن أن اسرقه".
وقبل أن تدرك ما هو فاعل ، شدّها اليه بذراعيه القويتين وعانقها بحرارة ، منذ تلك اللحظة ، أصبحت ملكا له وكأن ذلك العناق ختم.
أشفقت ليف على جويل الذي أصيب بالخيبة وكان بوسعها أن تلمح ذلك في عينيه ، لكنها كانت خائرة القوى لتفعل أي شيء بهذا الشأن فقد أعادها رايان الى حالة من الإنجذاب لم تتخيل وجودها في أعماقها من قبل.
كان الأخوان دانيسون قدما الى الحفلة معا في سيارة جويل وعادت ليف معهما الى المنزل.
كانت رحلة العودة القصيرة الى المنزل في منتهى الروعة إذ شعرت بقرب رايان منها رغم أنه لم يمض وقت طويل على معرفتها المباشرة به.
أغمضت ليف عينيها محاولة محو صور الماضي من ذاكرتها ، يا الله ، كم كانت ساذجة ، لقد ظنت انها وقعت في الحب لأول مرة ، لكنها لم تعلم إلا الآن بأنها وقعت في الحب لأول ولآخر مرة.
شعرت بالتعب وهي تقلب صفحات تاريخها القديم وعندما عزمت على الذهاب الى سريرها كي تنام سمعت وقع أقدام في الخارج ، أنصتت الى الصوت وخفقات قلبها تتزايد ثم إنهارت لدى رؤية خيال يقترب منها.
" من هناك؟ من هناك؟ ".
علا صوتها خوفا مع إقتراب الخطوات ثم تبينت بوضوح ملامح الشخص المقترب وصرخت:
" أنت ! ؟".

fati_mel 17-02-12 09:22 PM

واااااااو

الرواية حلوة كثييييييييييير
وان شاء الله اكون من المتابعين معاكي

وموفقة في الكتابة والتنزيل

نيو فراولة 18-02-12 05:57 PM

2- فراشة في قفص أبدي

شعرت ليف لأول مرة في حياتها أنها تكاد تنهار ، فإلتصقت بالحائط ترتجف من الخوف ، فكرت للحظة أن خيالها إستقدمه بطريقة سحرية ، لكن رايان كان حقيقة ، حقيقة واقعة.
" أعتذر لمفاجأتك".
كان الصوت نفسه بعمقه ورزانته ، فهي لم تنس نبرة واحدة من نبراته ، ذلك الصوت الذي فتح جراحا قديمة كانت تعتقد أنها شفيت.
" حسنا يا ليف، لقد مضى وقت طويل على فراقنا".
نظر رايان اليها بجرأته المعهودة ، وعلى الرغم من أن نظراته كانت تائهة ، إلا أن ليف كانت تشعر بها وكأنها تطوّق روحها.
منتديات ليلاس
أدركت أنها ترتدي رداء النوم القصير فشرعت تغطي نفسها بيديها.
" اليس الوقت متأخرا جدا للزيارة؟".
سألت ليف بجدية ، لكن رايان إبتسم وقال ساخرا:
" هل هذا كل ما تقولينه بعد غياب ثماني سنوات ؟ إنه لترحيب لطيف يا سيدة دانيسون !".
" أي نوع من الترحيب تتوقع بعد ثماني سنوات ؟ هل تريدني ان ارتمي بين ذراعيك ؟".
قالت ليف بمرارة وهي تكاد لا تصدق أن رايان يقف أمامها .
" في وقت مضى كنت ستفعلين ذلك بالتأكيد".
أجابها رايان مبتسما ثم توسل اليها قائلا:
" الا تدعينني للدخول؟".
يا الهي ! إن هي سمحت له بالدخول فربما يوقط التوأمين.
" كلا ! ".
تفوهت بهذه الكلمة ورددتها مرارا بعدما إستعادت رباطة جأشها.
" كلا ، لا أظن أن هذه الفكرة صائبة ".
نظر رايان اليها بهدوء ، وفجأة إقترب منها ، لم تكن ليف قصيرة القامة ، لكن كان عليها أن ترفع راسها قليلا كي تنظر الى وجهه ، وعلى الفور ، شعرت برغبة شديدة في إحتضانه وكادت يداها تصلان اليه ، لكنها أحجمت وتنهدت بعمق ثم قالت :
" يجب أن ترحل يا رايان ".
" آه ، هكذا !".
" إن الوقت متأخر ، ربما سألقاك غدا عندما اذهب الى القرية ، هل ستمكث طويلا هنا؟".
وضع رايان يديه في جيبي سرواله محدقا في البحر الممتد أمامه بينما كانت ليف تتامله محاولة إكتشاف ما تغيّر فيه ، كان شعره المسرّح بعناية أقصر مما كان في السابق ، أما كتفاه فإزدادتا عرضا ، وإستطاعت ليف أن تلمح عضلاته القوية تحت ضوء القمر مما يؤكد أنه لم يتخلّ عن العمل اليدوي الشاق ، ورغم أن وجهه فقد آثار الفتوة ، إلا أنه بالإجمال ، كما إعترفت ليف لنفسها ، لا يزال وسيما كما كان دائما.
" يبدو أنني تغيرت مثلما يتغيّر الجميع لأن الزمن لا يرحم احدا ".
همس رايان وكأنه أدرك ما يجول في خاطرها وتابع بصوت اعلى :
" ألا يمكنك أن تقدمي لي شرابا إكراما للماضي؟".
قالت ليف بتردد :
" حسنا ، إنتظر قليلا ريثما ابدل ثيابي".
" لا يهم ، إنني رايتك ، فيما مضى ، بملابس أقل".
قال رايان ناظرا اليها بجرأة بينما كانت ليف تعاني مشاعر متناقضة يمتزج فيها الحب والكراهية ، الحنان والحقد ، وخطر لها أن تهجم عليه كي تقطعه بأظافرها وأسنانها إنتقاما ، إلا أنها قالت بإزدراء:
" لم تتغير أبدا يا رايان ".
إقترب رايان منها وأمسك بذراعيها وقال بحزن:
" يظهر أنك تغيرت كثيرا ، يا ألهي ، هل يستطيع احد ان يتغير الى هذا الحد؟".
" دعني وشاني ، إنك تؤلمني ".
" ليف ، لا تبعديني عنك".
قال رايان بغضب ثم دفعها بعيدا عنه متنهدا بعمق ، وفيما لبثت ليف تراقبه صامتة ويداها تتفحصان الإحمرار الذي خلّفه إمساكه بذراعيها ، فوجئت به يسألها:
" من هو ذلك الرجل الذي كان عندك الليلة؟".
" رجل ؟ كيف علمت من كان هنا ومن لم يكن؟".
" كنت متوقفا بسيارتي قرب الشاطىء راغبا في رؤيتك على إنفراد ... هذا إذا كنت وحدك".
تضايقت ليف من لهجته الساخرة وقالت بغضب:
" إنك لا تزال تحكم على الأشخاص وتقيسهم بنفسك يا رايان دانيسون العظيم".
وبغضب مماثل ، قال رايان محذّرا:
" إنتبهي يا ليف ، أنا لا أعتقد انك توفرين الجو المناسب للطفلين ، طفليّ ، لأنك تخرجين مع رجل وتتركين آخر حاضنا لهم".
فرّ الدم من وجه ليف وسألت مندهشة :
" طفليك؟".
" أجل ! ظفليّ ، إنني أعرف كل شيء عنهما منذ كان عمرهما ثمانية اشهر".
" وكيف علمت؟".
" هل تهتمين بالأمر ؟ يكفي أني علمت ، كان بإمكانك أن تخبريني بنفسك ، لكنك لم تفعلي ، ألا يحق لي أن أعلم؟".
" يحق لك؟ يحق؟".
إرتفع صوت ليف مع إرتفاع حدة غضبها وأكملت:
" ليس لك أي حق في ذلك يا رايان".
وفجأة تلاشى غضبها بسرعة مثلما ثار بسرعة وتابعت قائلة بهدوء:
" انت لم تشأ أن ترتبط معي في البداية ، وانا لم أرغب في أن تكون هناك أية روابط فيما بعد ، وهذا ما جعل الأمر ينتهي بيننا ، إنني تعبة الآن وسأذهب الى النوم".
لكن رايان أمسك بها وشدّها اليه قائلا بغضب:
" أتظنين أن بإستطتعتك أن تمحي كل شيء بسهولة . حاولي أن تكوني صادقة مع نفسك ولو مرة واحدة ، كنت في السادسة عشرة من العمر ، كنت صغيرة جدا ولا يمكنك بالتالي ، الإرتباط باي كان ".
إبتسمت ليف وقالت :
" لكنني لم أكن صغيرة جدا بالنسبة الى الأشياء التي أردتها مني ، الأشياء التي أردتها فقط ، حسنا يا رايان ، إنك نلت مني ما أردت ثم رحلت بعيدا ، بعيدا جدا ".

نيو فراولة 18-02-12 05:59 PM

لاحظت ليف انها آلمته كثيرا وتوقعت أن يبرر فعلته ، لكن رايان أمسك بها بسرعة وقال:
" مهما تكن الفكرة التي كونتها عني في عقلك الصغير ، إلا أنه من المؤسف أن أخيب ظنك يا سيدة دانيسون".
ضحك بقسوة وتابع:
" كلا ، لم أتغير كما تعتقدين ويجب أن اتاكد إذا كنت انت تغيرت".
وفجأة ، ضمها الى صدره بقوة ، وفي الحال ، لم يشعر أحدهما باللحظة التي حلت فيها العاطفة محل الغضب وخصوصا بالنسبة الى ليف التي ساءلت نفسها : كيف إستجابت له بعد كل ما حدث ؟ وكيف شعرت وكأنها فراشة مسجونة في قفص الحب؟
قال رايان مستنتجا :
" نعم ، أنت ايضا لم تتغيري ، فنحن ، كما كنا دائما ، زوجان مناسبان".
" دعني يا رايان ، دعني وشأني".
إبتسم رايان وقال ساخرا:
" سألتني كم سأبقى هنا ، عليك ان تعتادي المجيء الي لأنني سأبقى مدة غير محدودة ! ".
وفيما إنسحب خارجا من المنزل نظر اليها وقال :
" اراك يا ليف ، إن هذا وعد!".
أقفلت ليف الباب وراءه ، ولمست وجنتيها فوجدتهما مبللتين بالدموع ، من المؤكد انها شعرت بالخطر الذي إستحضره رايان بعودته ، فهل عاد كي يهدم حياتها المستقرة؟
أمضت ليف عدة سنوات حتى إستطاعت ترتيب شؤون حياتها بعد رحيل رايان ، لكنها تشعر الان ، بعد عودته ، بأنها تتخبط في أمواج العواطف المتأججة ، أفاقت من خواطرها القلقة حين إنطلق صوت إبنها لوك ، الواقف الى جانبها يتطلع اليها بعينين ناعستين ، متسائلا :
" ما بك يا أمي ، لماذا تبكين؟".
" أنا بخير يا لوك ، كل ما في الأمر أنني لم أستطع النوم ".
" تعالي ونامي بالقرب مني".
قال لوك ممسكا يد أمه بحنان فيما إنحنت ليف امامه وإحتضنته بقوة والدموع تتدفق من عينيها على الرغم منها ، ثم قالت ناظرة الى وجهه الصغير:
" آسفة يا لوك لأنني أيقظتك ، هل تريد أن تشرب قبل العودة الى النوم؟".
" أجل ، من فضلك".
شرب بنهم ، وسال أمه بقلق:
" أظن أنني سمعت أصواتا ، هل انت حقا بخير يا أمي ".
" نعم ، لا تقلق يا لوك ، اراك في الصباح".
في صباح اليوم التالي ، إستيقظت ليف من نومها العميق ، الذي خلدت اليه لفترة قصيرة ، على رنين الجرس ، فنهضت من سريرها وإتجهت صوب غرفة الجلوس حيث سمعت لوك يخاطب زائر اصباح قائلا:
" لا تزال امي نائمة يا عمي جويل ، أعتقد أنها كانت مريضة في الليلة الماضية".
لمح جويل ليف قادمة اليه فقال بعجلة :
" لا تؤاخذيني على إزعاجي لك فأنا قلق لما أصابك في الليلة الماضية إذ سمعت للتو أنك لم تكوني على ما يرام".
" لم اكن مريضة ، بل شعرت بقلق منع النوم عني حتى وقت متاخر".
قالت لبف ببرود ، ثم أضافت وهي تتثاءب:
" ما الذي كنت تريد قوله؟".
" ليف ، لا أدري كيف سأخبرك بالأمر ، لقد رايت أن من الأفضل ان أجيء اليك...".
تنهدت ليف وقالت :
" كف عن القلق يا جويل فإنني علمت بكل شيء.".
" هل علمت؟ وكيف ؟ من أخبرك ؟".
" إن الأخبار السيئة تصل بسرعة".
"لكنه وصل الآن فقط".
قالت ليف وهي تشعر بالامبالاة :
" بل وصل الليلة الماضية".
" الليلة الماضية؟ ولكن كيف......؟".
تردد جويل ثم تابع:
" تعنين أنه إتصل بك هاتفيا بعدما غادرتك ؟ وهل كان مارتن عندك؟".
أجابت ببساطة وكأن الأمر عادي جدا:
" كلا ، كان مارتن غادر المنزل وفي الواقع جاء رايان الي".
كان بمقدورها أن تقرأ ما يجول في خاطر جويل.
" جاء الى منزلك ؟ وكيف عرف مكانه؟".
" لا أدري".
" أنا آسف ، لم أفكر مطلقا انه قد يأتي فجأة ، إنني أفهم مشاعرك ، لكن يبدو أن رايان تغير كثيرا ".
" هل تعتقد ذلك؟".
" أجل ، الا تعتقدين ذلك أيضا؟".
" آه يا جويل ! إن قدومه كان صدمة قوية ، كم أود لو أنه بقي غائبا لأنني لا استطيع تحمّل هذا الواقع".
إنطلق صوت جويل مهدئا:
" لا تقلقي يا ليف ، يجب ألا تنهاري ، بإمكانك عدم رؤيته إذا اردت ذلك وبإستطاعتي التحدث اليه بهذا الخصوص".
ضحكت ليف ساخرة وقالت:
" هل يمكنك حقا التأثير عليه؟".
" ربما أستطيع ذلك".
" أنه يعرف كل شيء عن التوأمين أيضا ، لكنه لم يقل من الذي أخبره".
ساد صمت قصير ثم سأل جويل :
" هل ستخبرين طفليك ع حقيقة رايان؟".
" هذا ما يؤرقني ، أظن أنه ينبغي عليّ أن أخبرهما بكل شيء ، قال رايان أنه سيمكث هنا مدة غير محددة ومن المحتمل أن يجري حديث بهذا الشأن ، لذلك لن أدع الطفلين يعرفان الحقيقة إلا مني".
صمتت ليف قليلا ثم تابعت:
" كنت أعتقد أن الأمر إنتهى في الماضي ، أظن أن ذلك كان خطأ فالأمر لم ينته ، بل هو باق كي يتحكم فينا ويخيفنا مهما حاولنا إخفاءه".
تاثر جويل وقال بعطف بالغ:
" إهدئي الآن فربما سارت الأمور نحو الأفضل".
" لا أوافقك على ذلك ، إنك لا تقول اية كلمة ضده رغم أنه لا يستحق أخلاصك أبدا".
" ليف ، لا تتضايقي....".
" آسفة يا جويل ، إنني إعتدت عليك كثيرا لأنك متساهل جدا معي".
" دعينا من هذا الحديث ، لنفكر بأمر آخر ، هناك مباراة لكرة القدم سيشترك فيها لوك ، سأمر عليك غدا كي نذهب معا الى هذه المباراة التي ستنسينا همومنا".
" هذه هي الطريق التي يسلكها الجبان عندما يواجه مصاعب الحياة ، في أي حال ، ربما كنت مصيبا هذه المرة".
ضحك جويل وقال :
" ربمالا أكون دائما على حق ، لكنني لا اخطىء ابدا ، فأنت لن تستطيعي أن تبقي في هذه الظروف...... وحدك".

نيو فراولة 18-02-12 06:03 PM

3-القط والفأر

فتح جويل أبواب سيارته الفخمة كي ينزل منها التوأمان بينما وقفت ليف تتأمل منزل آل دانيسون بالإعجاب ذاته الذي شعرت به منذ ثماني سنوات ، إن أول مرة رأت فيها هذا المنزل كانت بمناسبة عيد ميلاد جويل الحادي والعشرين حيث أصيبت بذهول شديد من روعته، كان المنزل مبنيا على مرتفع يشرف عل شاطىء خاص به ، شاطىء تحتفظ ليف بذكريات ممتعة عنه.
كان دانيسون الأب فخورا جدا بمنزله بقدر ما كان شديد الإهتمام بمنطقته ، مما جعل منه شخصية معروفة بين سكان المنطقة ، ومع أن طريقة عمله وتشبثه برايه لم يرق للكثيرين ، إلا أن الجميع كانوا معجبين بإصراره على حماية المنطقة ضد إستغلالها للأغراض الصناعية.
إعتادت ليف أن تأتي مع التوأمين لمشاركة دانيسون الأب عشاءه مساء كل يوم سبت ، حتى أصبحت تلك العادة أشبه بالطقوس الروتينية ، لم يكن ذلك لأن ليف كانت ترغب في المجيء ، وإنما لأن دانيسون الب كان يصر على رؤية حفيديه بإستمرار.
حين وضعت ليف التوأمين ، أصر دانيسون الب على قدومهم جميعا لعيش معه في منزله ، لكن ليف عارضت الفكرة بحزم والحت على البقاء في منزل والدها ، لم ترغب آنذاك في التواصل مع آل دانيسون إذ كان الجرح الذي سبّبه لها رايان لا يزال طازجا وعميقا ، مع مرور الزمن ، إستطاع دانيسون الأب ، بعاطفته الواضحة نحو التوأمين ، ان يحسن العلاقة مع ليف التي سمحت له برؤية حفيديه ، بعد ثلاث سنوات ، وفي أعقاب وفاة والدها ، جدد دانيسون الأب ضغوطه عليها كي تنتقل الى منزله ولكن ليف رفضت ذلك بإصرار.
كان جويل ينجدها دائما كلما تطرق والده الى هذا الموضوع ، لأنه تفهّم بوضوح حاجتها الى الإستقلال.
في هذه الزيارة ، كانت ليف تستعد لأمسية غير عادية حيث علمت من سلفها جويل ، حينما صعدت الى سيارته من منزلها ، أن رايان سيشاركهم السهرة.
فتح الخادم توماس باب المنزل مبتسما كعادته ، وبسرعة ، هرع التوأمان الى غرفة الجلوس لمقابلة جدهما بينما سألت ليف سلفها:
" هل علم دانيسون الأب بعودة إبنه ، أعني هل جاء رايان لرؤيته في الصباح؟".
تنهد جويل بحزن وقال :
" هل تتصورين ا ن ابي لم يعلم بعد ؟ نعم ، أعتقد أن رايان سياتي لرؤيته هذه الليلة بعدما إتصل به خلال النهار وتبادل معه حديثا وديا.
" كيف إستقبل نبأ قدومه؟".
" بهدوء وهذا ما أدهشني فهو لم يثر أو ينفعل ، بل إكتفى بهز رأسه والتوجه الى مكتبه للعمل".
أمسد جويل بيد ليف تسالها:
" وماذا بشأنك، هل أنت بخير الآن ؟".
نظر جويل اليها ليرى الألم باديا في عينيها ثم هز رأسه متعاطفا معها وقال :
" أرى أنك ما زلت منشغلة البال بشأن التوأمين؟".
"نعم يا جويل ، أنا شديدة الإهتمام بشعور التوأمين وسافعل كل ما بوسعي لحمايتهما ، وإذا كان ذلك يعني التحدي ، فإنني لن أتردد ابدا".
" أظن أنه لا لزوم للقلق".
أنهى جويل حديثه حالما دخل والده غرفة الجلوس .
" أوليفيا ، جويل ، ما الذي تخططان؟".
نظر دانيسون الأب بحدة الى زوجة إبنه وتابع:
" تعال يا جويل وقدم لنا الشراب".
جلس الجميع في البهو الفخم حيث قام جويل بتوزيع كؤوس الشراب.
" أخبرني لوك أن فريقه فاز بمباراة كرة القدم الأخيرة، لذلك فانا حزين للغاية لأنني لم أشاهدها".
"نعم ، كانت مباراة مثيرة".
قالت ليف وهي ترشف الشراب فيما كان ذهنها منشغلا بالحديث الذي تبادلته مع جويل.
إنتظرت ليف أن ياتي دانيسون الأب على ذكر رايان ، إبنه الأكبر ، لكنه لم يفعل ، وهكذا ، سيطر على الجلسة جو إعتيادي تمحور حول احاديث الطفلين ، وكان لدخول الخادم توماس المتكرر أثره في الشعور العام بالإرتياح ، ولكن ليس لفترة طويلة ، فما كاد توماس يطلب الحديث مع دانيسون الأب على إنفراد حتى قطب الخير حاجبيه ،وقبل أن يأتيه الجواب ، إنفتح الباب ودخل رايان .
لم ينطق بكلمة ، وفيما كانت عيون الجميع شاخصة نحو رايان ، وضعت ليف الشوكة والسكين بإعتناء أمام صحنها وقلبها يخفق بشدة.
لم يبد رايان يوما أكثر وسامة مما كان عليه اليوم ، وكادت ليف تركض اليه وتتعلق به ، إلا أنها حافظت على توازنها وحرصت عل إخفاء الإنفعالات الفورية وحفظها في الماضي ،حيث مكانها ، الى جانب الحب الذي أعطته إياه بسخاء فحطمه عندما نال مبتغاه.
كان رايان يرتدي قميصا قصير الأكمام ، ولحظة دخوله ، إكتسى وجهه بتعبير جاف وقلما لمعت عيناه وهما تتحركان متفحصتين كل فرد.
نظر جويل بلهفة الى والده ثم وقف على قدميه، لكن الأخير أعاده الى مقعده بإنزعاج من دون ان يتطلع اليه ، بل تطلع الى إبنه الأكبر وقال:
" حسنا يا رايان ، إن وجودك غير تقليدي كالعادة ، هل ستشاركنا العشاء أم انك ستبقى واقفا هكذا طوال السهرة؟".
أحنى رايان رأسه تاركا الباب يتأرجح وراءه.
" جهّز له طعامه يا توماس".
قال دانيسون الب وهو يشد رايان الى المقعد الفارغ أمام جويل ومقابل ليف.
" تناولت طعام العشاء ، شكرا لك يا توماس ، إنني أرغب في فنجان من القهوة".
" أجل يا سيد رايان".
كان التوأمان يراقبان الزائر الجديد بإهتمام متسائلين عن سبب الإضطراب السائد في الغرفة .
نظر دانيسون الب الى ليف والتوأمين ثم الى أبنه رايان وقال ببرود:
" أيها المبذر! اما كان ينبغي أن تخبرنا بمجيئك بدلا من مفاجاتنا؟".
"كفى يا أبي ، إن حب المفاجأة شيء ورثته عنك ، فأنت سيد الوسائل الفجائية ، رفع رايان حاجبيه قبل أن ينظر الى ليف قائلا وهو يشير الى الطفلين بعينين متحديتين:
" ألن تعرفينا على بعضنا البعض؟".
خاطبت ليف التوأمين:
" هذا هو رايان ، الأخ الأكبر لعمكم جويل".

نيو فراولة 18-02-12 06:04 PM

ثم نظرت اليه وهي لا تعي التعبير الدفاعي في عينيها وتابعت :
" لوك ، ميلي".
إبتسمت ميلي وسألت بحياء:
" لم نرك قبل الآن ، أين كنت؟".
بقي لوك صامتا ، وبسرعة ، أدركت ليف أن عقل إبنها الصغير يتفحص المشكلة التي عرف انها قائمة ، لكنه غير قادر على فهمها جيدا.
"كنت اعمل في الخارج ، في فيجي ونيوزيلندة".
" نحن نعرف أين تقع نيوزيلندة ، إن التلميذ الجديد في صفنا قادم من هناك، كما أن معلم الجغرافيا أشار لنا الى موقعها على الخريطة".
قالت ميلي بإعتزاز ناظرة الى رايان الذي هز رأسه موافقا ثم قال :
"تقع فيجي شمال نيوزيلندة والى الشرق من هنا".
نظر جويل الى ليف نظرة ذات معنى ، وقبل ان تدرك قصده ، اخذ الطفلين الى الخارج كي يشاركهما اللعب بلقطار الكهربائي الذي كان أعده لهما.
إتجهت ليف صوب النافذة كي تتطلع الى المحيط ويدها تعبث بالسلسلة الذهبية المعلّقة حول عنقها ، وشعرت غريزيا أن رايان عبر الغرفة ووقف خلفها ، عندئذ ، خفق قلبها بشدة وخصوصا لما سمعته يقول بصوت ناعم وكأنه يعي ما يقول:
" لم أنس هذا المنظر أبدا ، لم انس الطريقة التي يتلاعب فيها ضوء القمر مع الماء والرمال".
" نعم ، إنه لمنظر جميل !".
حاولت أن تبقى هادئة وأن تعامله كصديق عادي ، لكنه ليس بالصديق العادي ، هكذا هتف صوت من أعماقها.
كانت عيناها شاخصتين الى الشاطىء وكان بإستطاعتها تحديد المكان حيث كانا يستلقيان معا ،أرادت ان تمزق عينيها لتتخلص من لك الذكريات ، لكنها بقيت مسمرة في مكانها بينما كان جسمها يلتهب بمزيج من الحياء والإنفعال.
" بالطبع هناك أسباب تجعلنا نتذكر هذا المنظر ، أليس كذلك يا ليف؟".
تدفق صوته حلوا كالعسل ، ناعما كالحرير ، لكنها عاندت نفسها كي لا تقع في لزاجته وإلتفتت نحوه وقالت متظاهرة بالوقار:
" من الأفضل أن تنسى ذلك يا رايان ، إنه لمن قلة الذوق وفساد الأخلاق ان تذكر الماضي".
ضحك رايان وقال بهدوء:
" هل يمكنك النسيان يا ليف، أنا لم أنس وما زلت أتذكر أدق التفاصيل".
" أستغرب ان تكون رصينا كفاية حتى تتذكر كل شيء ".
قالت ليف بمرارة قبل أن يفتح الباب ويدخل دانيسون الأب.
كان رايان يثور غضبا ، ولكنه إلتفت نحو والده ، لم تبد على وجهه اية ملامح وكأنه إرتدى قناعا.
شعرت ليف بالحاجة الى الصراخ ، لكنها قالت بهدوء:
" أظن أن علينا العودة الى المنزل حيث حان وقت نوم التوأمين، سأخرج وابحث عنهما".
" من الأفضل أن أذهب أيضا".
ثم تابع رايان ببساطة:
" سأوصلك الى البيت يا ليف".
" ليس هناك لزوم لذلك ، إن جويل يوصلنا بسيارته عادة".
إتجهت ليف نحو الباب محاولة الهرب منه.
" هل من الضروري أن يخرج جويل سيارته بينما تقف سيارتي أمام الباب؟".
قاطعه والده قائلا:
" أين تقيم يا رايان؟ يمكنك العودة الى المنزل إذا شئت".
" شكرا".
إلتفت دانيسون الأب يتأمل ليف التي شعرت بالخجل ، فهل يعتقد هذا العجوز أن رايان يقيم معها في بيتها؟
" لماذا لا توصلنا الى البيت كعادتك يا عم جويل؟".
سأل لوك بإمتعاض لا مبرر له وهو يراقب سيارة رايان المرسيدس ذات اللون الفضي ، إحمر وجه ليف بسبب تصرف إبنها غير اللائق رغم انها تشاركه مشاعره.
" السيد رايان عرض أن يوفر على العم جويل عناء إخراج سيارته".
أوضحت ليف الأمر لأبنها فيما كان جويل ينظر الى اخيه بحرج وتعاطف معا ، ومن دون أن يبدي أي إهتمام أو يلقي أية ملاحظة ، فتح رايان الباب الخلفي كي يصعد التوأمان الى السيارة.
نظر لوك بحدة الى رايان قبل أن يستقر في مقعده ، بينما صعدت ليف الى المقعد الأمامي من دون ان تتطلع اليه.
ساد الصمت خلال الطريق ولم تشعر ليف بهدوء اعصابها إلا عندما وصلت االى منزلها.
" شكرا لك لأنك أوصلتنا الى المنزل".
قال لوك بنبرة تتجاهل رايان بشيء من الوقاحة ، لكن الأخير رفع حاجبيه وقال :
" أراك في الداخل ، أود التحدث الى والدتك إذا سمحت".
أوقعت نظراته الثابتة لوك في الحرج ، فهز كتفيه الصغيرتين ودخل الى المنزل.
بقي رايان في غرفة الجلوس فيما أعدت ليف طفليها للذهاب الى النوم بعد أن تمنيا لرايان مساء سعيدا.
قالت ميلي وهي على وشك النوم:
" تصبحين عل خير يا أمي ، أليس أخو العم جويل لطيفا؟".
أغلقت ليف باب الغرفة وفكرت ان رايان لم يفقد تأثيره القوي ثم مرت بغرفة لوك الذي كان مستلقيا وهو مستاء.
" ما الذي يريد أن يقوله لك يا أمي ؟ ليس عليك التحدث اليه إن لم ترغبي في ذلك".
أجابت ليف وهي تنحني كي تحتضنه:
" لكن لم لا يجب ان أتحدث اليه ؟ كف عن القلق وإذهب للنوم الان".
لكن لوك قال عابسا :
" لم يرق لي ، ناديني إن أردت مني المجيء اليك".
" حسنا ، سأناديك إذا كنت بحاجة اليك".
كان رايان يحضر فنجانين من القهوة عندما سأل ليف:
" قهوة بالحليب ومن دون سكر ، أليس كذلك؟".
وتابع من دون ان ينظر اليها :
" أرايت انني ما زلت أذكر تلك التفاصيل الدقيقة؟".
" رايان ، بدأت أتعب من هذه التفاهات ، إنني لا أفهم لماذا تلعب معي لعبة القط والفأر ، فأنا لا أريد أن أكون طرفا في هذه اللعبة كما لا أريد أن أزعج التوأمين".
نظرت ببرود نحوه وهي تتعجب للسيطرة التي إستطاعت أن تمارسها على نفسها بينما قال رايان وهو يجلس الى الطاولة:
" إنني افهم ذلك".

نيو فراولة 18-02-12 06:05 PM

جلست ليف في مقعدها ورشفت قهوتها بإرتباك ، إذ أن هذا الخضوع كان جديدا في طبعه ولم تعرف كيف تتعامل معه .
شرب قهوته بصمت وعيناه تطوفان عبر المطبخ ثم تتعلقان بها وتابع:
" إنهما طفلان رائعان ، لا شك أنك قمت بجهد مضن من أجل تربيتهما"
" شكرا".
قالت ليف بينما لم تستطع التخلص من نبرة السخرية في صوتها .
قام رايان ليغسل كوب القهوة ، فأحست ليف بالإرتياح لأعتقادها أنه سيغادر ، لكنه وقف مستندا الى المقعد ونظر اليها قائلا:
" لم أعهدك ساخرة ، لكنني اظن أنني أستحق ذلك بسبب تركي لك وحيدة تواجهين مصاعب الحياة ، لكن كانت لي اسبابي في ذلك الوقت ، أما الان ، فإنني ارغب في إصلاح اخطائي يا ليف".
نهضت وعشرات الأفكار تتزاحم في رأسها وموج كثيف من العواطف يثير قلقها ، إلا انها بقيت محافظة على هدوئها وقالت :
" نحن نتدبر أمورنا جيدا يا رايان ولا نحتاج الى شيء".
إلتفت رايان اليها والغضب يملأ وجهه وقال:
" اللعنة عليك ، إنني لا اقصد ذلك فأنت لم تلمسي مليما واحدا من المال الذي أرسلته لك بواسطة المصرف لأنك عنيدة".
توقف قليلا ثم تابع:
" ما اقصده هو أنني ارغب في بقائك الى جانبي ، اريدكم انتم الثلاثة وأريد أن أعوّض ما فاتني خلال السنوات الثماني الفائتة".
جرفتها موجة من الحنين ، لكنها عادت الى ذكريات الجرح الذي أصابها ، فأصرت على الرفض الأمر ألذي أثار الغضب في أعماقها وقالت :
" تعوّض لنا ، تصلح الأمور ، لماذا ؟ لماذا أيها المغرور المتشبث برايه ؟ هل تعتقد اننا بحاجة اليك؟".
" بالله يا ليف ، فكري بعقلك".
سار حول الطاولة ووقف أمامها متابعا :
" لست فقيرا وبإستطاعتي أن أوفر للطفلين الحياة التي يرغبان فيها".
وضع يده على ذراعها ، إلا أنها ابعدتها عنه قائلة:
" إن الطفلين سعيدان وهما يتلقيان الحب والعناية وبإستطاعتي أن أوفر لهما أي شيء يحتاجانه".
" حتى الأب ؟".
تطلعت عيناه بقسوة الى وجهها ورات ليف الغضب باديا عل محياه برغم سيطرته على نفسه.
" حتى الأب".
قالت بإهمال وهي تهدف الى جرح كبريائه مثلما كان قد جرح كبرياءها ثم أضافت:
" طلب مني مارتن ويلسون الزواج وربما أوافق ، ألا ترى انك لم تكن بحاجة لتحمل مشقة العودة ؟ إن رحلتك لم تكن سوى مضيعة للوقت ".
" وهل هذا صحيح؟".
سال بهدوء ، بهدوء خطير واضاف:
" انت إمرأة متزوجة يا ليف ، تذكري ذلك ، ليس بإستطاعتك أن تتزوجي أحدا إلا إذا كنت تريدين إقتراف جريمة تعدد الأزواج".
" هناك دائما طلاق ، إنك رحلت منذ مدة طويلة جدا تكاد تكون هجرا ، وهذا هو الأساس المناسب للطلاق".
" لكنك تنسين شيئا يا سيدة دانيسون ، فأنا لا أريد الطلاق وخصوصا بعدما عرفت ما أفتقد ، إن لدينا الوقت الكافي من أجل إعادة الأمور الى طبيعتها ، أنت لي يا ليف ، وكلما هو لي يبقى لي ، إنني مصمم على عودتك الي مع التوامين".
" تعيدني اليك؟ لن يمكنك إستعادة شيء لم يكن ملكا لك ، اراك فيما بعد ، خارجا فليس لدينا أي شيء نقوله الآن".
" حقا ، ليس لدينا شيء نقوله!"
امسك بها بقسوة ، فحاولت التخلص منه وقالت بهدوء وهي تفكر بالطفلين الموجودين قريبا منها ، وخاصة لوك الذي لاحظ الروح العدائية بينهما:
" دعني يا رايان".
إبتسم بمكر وهو يميل نحوها قائلا:
" إن وجهك لا يعبر عن ذلك".
" دعني يا رايان ، يجب أن تخرج الآن ، فأنا أريد أن أنام".
ضمها الى صدره بقوة وقال :
" كم رائحتك زكية ، أين تقع غرفتك؟".
" رايان ، ارجوك !".
قالت ليف بحزم من دون أن تملك السيطرة تماما على عواطفها الملتهبة ، ولاحظ رايان ذلك فقال :
" أنت كاذبة ! أنت تريدين ان أبقى الى جانبك وأنا اريد نفس الشيء ، إن فترة الثماني سنوات طويلة جدا".
مرت ثوان قبل أن يتركها رايان ويتوجه نحو الباب هامسا :
" أيتها العنيدة ! تذكري ما قلته لك : انت لي".
كان صباح اليوم التالي مشرقا ، ولأول مرة في حياتها ، لعنت ليف لأنها كئيبة وحزينة ، أما ميلي ، فإنها كانت تتحدث بمرح وهي تضع المربى على الخبز فيما كان لوك يسأل والدته وهو يتناول كوب الحليب:
" هل لدى العم جويل أخوة آخرون؟".
تجمدت يدها وهي تحضر الخبز الساخن إذ كانت تعلم أنها لن تستطيع الكذب عليه بسهولة ، فالمواجهة مع رايان في الليلة الماضية كانت ما تزال تقلقها وتجعل من الصعب عليها التحدث بهدوء مع طفليها.
أعاد لوك السؤال ، فنظرت اليه أخته مندهشة.
" لا ، ليس لديه أخوة آخرون".
زوجان من العيون كانا يحدقان بها ، عينا ميلي الزرقاوان وعينا لوك البريئتان.
قالت ميلي:
" إنه وسيم جدا ، أكثر وسامة من العم جويل...".
ثم اضافت بسرعة وكأنها أحست ان كلامها يدل على عدم إخلاصها له :
" لكن العم جويل لطيف جدا".
رن جرس الهاتف ، فنهضت ليف للإجابة بسرعة كي تتخلص من ذلك الموقف المحرج.
" صباح الخير يا أوليفيا ".
" صباح الخير يا مارتن ، كيف حالك ؟ يبدو أنك إستيقظت باكرا".
" نعم ، فانا أخرج عادة للركض في المنتزه قبل تناول طعام الفطور".
" عظيم جدا ".
" هل انت منشغلة بعد الظهر ؟ كنت أرغب في الخروج مع الطفلين في نزهة".
هذا ما كانت ترغب فيه ليف أيضا كي تبتعد عن المنزل وعن اية فرصة للقاء رايان.

نيو فراولة 18-02-12 06:07 PM

لذلك أجابت:
" سيعود الطفلان من المدرسة في الحادية عشرة ، فهل نذهب في نزهة الى الشاطىء ونتناول طعام الغداء هناك؟".
" إنها فكرة جيدة ، ساكون عندكم في تمام الحادية عشرة والنصف".
" حسنا ، سيكون لدي الوقت الكافي لتجهيز طعام الغداء".
إندهشت ميلي حين علمت أن مارتن سيرافقهم بينما بقي لوك صامتا ، وما كادت ليف تنتهي من تحضير طعام الغداء ، حتى وصل مارتن بسيارته ، فإنطلق الجميع في طريقهم الى الشاطىء.
بعد الغداء ، وفيما كان الطفلان يلهوان بالماء ، إستلقت ليف الى جانب مارتن تحت شجرة نخيل ، وبعدما شعرت بالإسترخاء ، تناولت حفنة من الرمال وتركتها تنساب ببطء بين أصابعها.
تحركت عينا مارتن نحو الصورة الجذابة التي بدت فيها ليف وهي مستلقية الى جانبه مرتدية الشورت الأبيض والقميص الأحمر.
" هل فكرت في طلبي يا اوليفيا؟".
سالها مارتن بهدوء بينما لبثت ليف تتذكر بصعوبة ذلك الطلب وأحست بالذنب حين وجدت التعبير العاطفي يملأ وجهه ، لكنها اجابت:
" لا ، لم أفكر فيه يا مارتن ، في الواقع ، لم تتح لي الفرصة لذلك كما انني لا أستطيع ان اتخذ قرارا سريعا".
أمسك بيدها وقال بعطف:
" أنا أدفعك الى العجلة ، أليس كذلك؟ لكن من المهم يا أوليفيا أن تتخذي قرارا واضحا لأنك بحاجة الى زوج ، عن بإستطاعتي....".
" مارتن ، ارجوك ، دعنا من التكلم في هذا الموضوع اليوم ، دعنا نتمتع بنزهتنا من دون التطرق الى مواضيع جدية".
حاولت سحب يدها ، إلا أنه تمسك بها قبل ان يتركها قائلا بحزم:
" حسنا ، لكنني لن استسلم".
صمت قليلا ثم تابع متسائلا:
" هل إستمتعت بالأمسية التي قضيتها مع عمك؟".
" كانت أمسية ممتعة حقا".
أجابت ليف وهي مسرورة لأنها إستطاعت إخفاء تعابير وجهها خلف نظارة الشمس.
أمسية ممتعة؟ يا للهول! إنها امسية مهلكة إن صح التعبير.
أدركت ليف أن الوقت مناسب كي تصارحه بعودة رايان ، لكنها لم تفعل ذلك لأن ذلك سيدفع مارتن الى طرح مزيد من الأسئلة بينما كانت تتهرب من أسئلته مثلما تتهرب الفرس من اللجام.
نهضت ليف بسرعة أدهشت مارتن ثم سألته:
" هل أحضرت ثوب السباحة معك؟".
" نعم ، إنه في السيارة".
" حسنا ، دعنا نسبح قليلا طالما اننا تناولنا الغداء".
" كما تريدين ، ساذهب وأبدل ملابسي".
إنتعشت ليف عندما لامس جسمها الحار ماء البحر ، وبعد فترة قصيرة ، إنضم مارتن اليهم مرتديا ثوبا من الطراز القديم وبدت بشرته بيضاء كانها لم تتعرض للشمس أبدا ، ومن دون أي وعي منها ، قارنت ليف جسمه بجسم آخر، رشيق وقوي ، جسم مألوف لديها حتى أنها تتذكر تفاصيله بعد مضي ثماني سنوات ، إنه جسم رايان ، ذلك الفتى الأسود الشعر الذي تركها تواجه معركة الحياة وحيدة.
كادت الشمس تغيب حين رجع الجميع الى المنزل ، وإستعاد التوأمان مرحهما بعدما رحل مارتن إذ كان ، قبل أي شيء ، معلما في مدرستهما ، وبالتالي فهو غريب تقريبا.
قضاء النهار في الهواء الطلق كان شيئا مفيدا ، حيث نامت ليف وطفلاها نوما عميقا من دون التطرق الى ذكر رايان دانيسون الذي لم يتصل بهم او ياتي لزيارتهم ، وفي الواقع ، مضى اسبوع تقريبا قبل أن تسمع ليف أي شيء عنه.

نيو فراولة 18-02-12 06:08 PM

لذلك أجابت:
" سيعود الطفلان من المدرسة في الحادية عشرة ، فهل نذهب في نزهة الى الشاطىء ونتناول طعام الغداء هناك؟".
" إنها فكرة جيدة ، ساكون عندكم في تمام الحادية عشرة والنصف".
" حسنا ، سيكون لدي الوقت الكافي لتجهيز طعام الغداء".
إندهشت ميلي حين علمت أن مارتن سيرافقهم بينما بقي لوك صامتا ، وما كادت ليف تنتهي من تحضير طعام الغداء ، حتى وصل مارتن بسيارته ، فإنطلق الجميع في طريقهم الى الشاطىء.
بعد الغداء ، وفيما كان الطفلان يلهوان بالماء ، إستلقت ليف الى جانب مارتن تحت شجرة نخيل ، وبعدما شعرت بالإسترخاء ، تناولت حفنة من الرمال وتركتها تنساب ببطء بين أصابعها.
تحركت عينا مارتن نحو الصورة الجذابة التي بدت فيها ليف وهي مستلقية الى جانبه مرتدية الشورت الأبيض والقميص الأحمر.
" هل فكرت في طلبي يا اوليفيا؟".
سالها مارتن بهدوء بينما لبثت ليف تتذكر بصعوبة ذلك الطلب وأحست بالذنب حين وجدت التعبير العاطفي يملأ وجهه ، لكنها اجابت:
" لا ، لم أفكر فيه يا مارتن ، في الواقع ، لم تتح لي الفرصة لذلك كما انني لا أستطيع ان اتخذ قرارا سريعا".
أمسك بيدها وقال بعطف:
" أنا أدفعك الى العجلة ، أليس كذلك؟ لكن من المهم يا أوليفيا أن تتخذي قرارا واضحا لأنك بحاجة الى زوج ، عن بإستطاعتي....".
" مارتن ، ارجوك ، دعنا من التكلم في هذا الموضوع اليوم ، دعنا نتمتع بنزهتنا من دون التطرق الى مواضيع جدية".
حاولت سحب يدها ، إلا أنه تمسك بها قبل ان يتركها قائلا بحزم:
" حسنا ، لكنني لن استسلم".
صمت قليلا ثم تابع متسائلا:
" هل إستمتعت بالأمسية التي قضيتها مع عمك؟".
" كانت أمسية ممتعة حقا".
أجابت ليف وهي مسرورة لأنها إستطاعت إخفاء تعابير وجهها خلف نظارة الشمس.
أمسية ممتعة؟ يا للهول! إنها امسية مهلكة إن صح التعبير.
أدركت ليف أن الوقت مناسب كي تصارحه بعودة رايان ، لكنها لم تفعل ذلك لأن ذلك سيدفع مارتن الى طرح مزيد من الأسئلة بينما كانت تتهرب من أسئلته مثلما تتهرب الفرس من اللجام.
نهضت ليف بسرعة أدهشت مارتن ثم سألته:
" هل أحضرت ثوب السباحة معك؟".
" نعم ، إنه في السيارة".
" حسنا ، دعنا نسبح قليلا طالما اننا تناولنا الغداء".
" كما تريدين ، ساذهب وأبدل ملابسي".
إنتعشت ليف عندما لامس جسمها الحار ماء البحر ، وبعد فترة قصيرة ، إنضم مارتن اليهم مرتديا ثوبا من الطراز القديم وبدت بشرته بيضاء كانها لم تتعرض للشمس أبدا ، ومن دون أي وعي منها ، قارنت ليف جسمه بجسم آخر، رشيق وقوي ، جسم مألوف لديها حتى أنها تتذكر تفاصيله بعد مضي ثماني سنوات ، إنه جسم رايان ، ذلك الفتى الأسود الشعر الذي تركها تواجه معركة الحياة وحيدة.
كادت الشمس تغيب حين رجع الجميع الى المنزل ، وإستعاد التوأمان مرحهما بعدما رحل مارتن إذ كان ، قبل أي شيء ، معلما في مدرستهما ، وبالتالي فهو غريب تقريبا.
قضاء النهار في الهواء الطلق كان شيئا مفيدا ، حيث نامت ليف وطفلاها نوما عميقا من دون التطرق الى ذكر رايان دانيسون الذي لم يتصل بهم او ياتي لزيارتهم ، وفي الواقع ، مضى اسبوع تقريبا قبل أن تسمع ليف أي شيء عنه.

نيو فراولة 19-02-12 03:08 PM

4-دعني وشأني...

كانت ليف تعمل في مخزن الهدايا التذكارية كل نهار ثلاثاء وجمعة ، بعدما إتفقت مع ماريا كوستيللو على رعاية التوامين أثناء غيابها.
وعند الساعة الرابعة والنصف من يوم الجمعة ، وفيما كانت تنفض الغبار عن الرفوف ، رأت جويل قادما نحوها بعد أن غاب عنها أسبوعا كاملا.
إبتسم جويل بإرتباك وقال:
" مرحبا !".
" أهلا بك يا جويل ، ما الذي كنت تفعله طيلة الأسبوع؟".
" أرسلني أبي الى بلدة بربسيان لعدة أيام ، وعدت هذا الصباح".
" كانت رحلة مفاجئة ، اليس كذلك؟".
هز رأسه موافقا ن ثم جلس قرب مكتبها .
" ما يزال ابي ينقب عن المعلومات بشأن ممتلكات السيدة كرافن ، وبالأحرى ، كنت أنا من ينقب ، يا الله كم أنا مشمئز من ذلك يا ليف ، إذ إختلفت مع والدي لأنني لم أكتشف شيئا".
إبتسمت ليف ، فبإستطاعتها أن تتخيل نوع الخلاف بينهما ، لأن لا شيء يرضي عمها سوى الكمال ، ومن دون شك ، ستعلن السيدة كرافن أمام الجميع إسم الذي إشترى أملاكها عندما يحين الوقت المناسب.
نظر جويل اليها نظرة غريبة وقال:
" يظهر أنك غير مضطربة ، أقصد ان والدك كان يثور مثل والدي لدي أي تطور يجري إقتراحه على ممتلكات كرافن او على اية جزيرة في المنطقة".
" اعرف يا جويل ، وأنا لا أحبذ رؤية بناء ضخم يقام هناك ، لكن قبل أي شيء ، غنها ملك السيدة كرافن ولها كل الحق في التصرف بها كما تشاء ، فهي سيدة واعية ولا أتصور انها تدع أحدا يغطي عينها بالصوف".
" هذا ما أشعر به تماما ، وعلى والدي ان يهدأ ويحاول تدبير أموره بصبر واناة ، والآن ، كيف حالك ؟ وكيف تسير الأمور معك؟".
نظرت ليف بدورها اليه قائلة:
" أظن أنك تعني كيف تسير الأمور بالنسبة لرايان".
" أجل !".
" لم اره منذ السبت الماضي ، ولا اهتم إذا لم أره ثانية".
" بالله عليك يا ليف ، أعطيه فرصة...".
" فرصة ؟ تقول ذلك يا جويل بعد كل ما فعله بك وبوالدك ؟ ".
" وما الذي فعله يا ليف بإستثناء أنه أراد أن يعيش حياته بالطريقة التي يريد ؟ فهو يختلف عني يا ليف ، كما أه يعرف ما يريد من الحياة ، كان دائما يعرف ما يريد منذ كان طفلا ، أنا اقدر أن اتوصل الى حل وسط وأن أنحني امام الريح ، لكن رايان لا يستطيع ذلك ، فهو يشبه والده الى حد كبير ، لذلك لا يتفقان أبدا".
تنهد جويل ثم أضاف:
" هل أخبرك رايان بشيء عندما أوصلك الى البيت يوم السبت الماضي ؟ وهل أخبرك عن خططه؟".
" إننا تحدثنا ، إذا كان بإمكانك أن تسمي ذلك حديثا".
قال جويل بهدوء وهو يختار كلماته:
" أعتقد أنه ينوي إستعادتك".
" آه يا جويل ، إنه أتى متأخرا ، فكل ما كنت أكنّه له من حب ، مات منذ ثماني سنوات".
" وهل انت متأكدة من ذلك ؟ أظن ان عليك أن تمنحيه فرصة ثانية".
نظر اليها بجدية وتابع:
" من أجل التوأمين على الأقل".
قالت ليف بهدوء :
" إنها رشوة عاطفية ، لا يا جويل ، لا يمكنني خوض التجربة معه ثانية".
منتديات ليلاس
صمت جويل قليلا ثم قال بصدق:
" إنني في موقف حرج لأنني أحبكما انتما الإثنين".
" لكن كيف تستطيع ان تكون.... يا الله ، كنت أعتقد أنك آخر من يدافع عنه ويرحب بعودته ، فهو لم يهتم بمشاعرك قط ، رايان يحب الخذ فقط ، يجب ان تتأكد من ذلك ، فالذي يريده يأخذه مهما كلفه ذلك من ثمن".
" إن الذي يأخذ لا ياخذ سوى ما يسمح له الاخرون بأخذه ( إبتسم بمكر ، فرأت ليف في وجهه صورة لرايان ) في أي حال ، لم ياخذ مني شيئا كان ملكا لي تماما ".
قال وهو ينظر بثبات في عينيها ، إلا أنها أبعدت نظراتها عنه .
وقف جويل وهز كتفيه ، فتساءلت ليف عما إذا كان يعتقد أنه قال الكثير ، فمن النادر أن يتحدث جويل عن أمور شخصية ، وكذلك كانت ليف ، ويظهر أنهما اقاما منطقة حيادية صغيرة بينهما ، رغم انهما من أفضل الأصدقاء في المجالات الأخرى.
قال وهو ينظر الى ساعته :
" حسنا ، من المستحسن ان أذهب ، ستغلقين المخزن بعد خمس دقائق ، اليس كذلك؟".
" نعم ، ومن ثم أذهب لأصطحب التوامين الى البيت".
" حسنا ، اراك فيما بعد ، سلامي الى المشاغبين، بالمناسبة ، ألم يذكر رايان أين يقيم؟".
" كلا ، اعتقد انه يقيم في الفندق طالما انه لا يقيم في المنزل".
" لم أجده هناك ، ربما سألتقي به في مكان ما ، وداعا يا ليف".
أغلقت ليف المخزن وحاولت أن لا تجعل كلمات جويل تشغل تفكيرها بالماضي ثانية ، وسرعان ما كانت في طريقها الى بيت آل كوستيللو .
كانت ماريا شديدة الشغف بزوجها وطفليها ، وكان زوجها قدم من إيطاليا الى أوستراليا عندما كان صبيا ، حيث عمل ربّانا لأحدى سفن دانيسون الأب ، مثلما كان والده يعمل من قبله.
صداقة مايك كوستيللو ورايان كانت احد أسباب الخلاف بين رايان والده ، ليس لأن دانيسون الأب يكره مايك الذي كان مخلصا لعمله ، وأهلا للثقة ، بل لأن هذه الصداقة تتناقض مع المستوى الإجتماعي لعائلة دانيسون.

نيو فراولة 19-02-12 03:09 PM

كانت ماريا تراقب الأطفال الذين كانوا يلعبون في الحديقة عندما اطلت ليف ، فقامت تستقبلها عند باب المنزل.
" كيف حالك يا ماريا ؟ أرجو أن تكون صوفي قد شفيت من زكامها".
سالت ليف فيما كان التوامان يهرعان لأحضار حقائبهما المدرسية .
" إنها افضل اليوم ، كان الأمر يكون مؤسفا لو أنها بقيت مريضة ، حيث يصادف غدا عيد ميلادها ، وهي تتمنى أن تشاركوها الغداء".
" نحن ننتظر ذلك بشوق ايضا ، هل الحادية عشرة والنصف موعد ملائم؟".
إبتسمت ليف حين رأت إبنة ماريا الصغرى تركض وراء لوك.
إبتسمت ماريا بدورها وقالت :
" يبدو وكأنها لا تزال طفلة صغيرة ، اكاد لا أصدق انها ستبلغ الخامسة غدا".
" حين تذهب الى المدرسة في السنة القادمة ، ستشعرين أنها كبرت حقا ، شكرا لرعايتك التوامين ، نراك غدا على الغداء".
منتديات ليلاس
في اليوم التالي ، ذهب الجميع الى بيت آل كوستيللو ، وبعدما فتحت صوفي الهدايا ، قاد مايك الأطفال الى الحديقة ، بينما إصطحبت ماريا ليف الى المطبخ ، كان واضحا أن هناك شيئا يقلق ماريا ، تمنت ليف ان لا تكون حالة والدتها الصحية تسير نحو الأسوأ بعد العملية الجراحية.
قالت ماريا والقلق يملأ وجهها الجميل :
" لا أدري تماما كيف ابدأ الحديث يا ليف ، عن الرجال ثقلاء الظل بعض الأحيان ، كدت أحطم مايك حين أخبرني بما فعله !".
إبتسمت ليف وهي تحاول أن تتخيل ماريا وهي تتشاجر مع مايك كوستيللو وقالت :
" مايك المسكين ! ماذا فعل؟".
" ليف ، لست أدري كيف ستكون ردة الفعل لديك ، في الواقع ، لست أدري حتى إذا كنت تعلمين.....".
توقفت قليلا لتاخذ نفسا عميقا واردفت:
" إن الأمر يتعلق ....يتعلق برايان".
رأت ماريا الإبتسامة تذوي من وجه ليف ، فتحركت وربتت على ذراعها وتابعت:
" إنني آسفة ، لا أريد ان أخبرك بعودته".
" أعلم ذلك ، إنه جاء لرؤيتي".
تنهدت ماريا والإهتمام يملأ عينيها:
" كنت قلقة جدا بشأن البوح لك بذلك ، لم أكن أريد ان أصدمك ، لقد قابله مايك هذا الصباح ، كما دعاه للغداء اليوم ، صدقيني يا ليف ، نحن لا نريد إحراجك ، كما لا نريد أن يصل ويفاجئك".
" أرجوك يا ماريا ، لا تقلقي ، إنني إعتدت على وجوده ، كما ان رايان ومايك صديقان حميمان ، ومن الطبيعي أن يدعوه للغداء ".
" لكن ماذا بشان التوأمين؟".
" إنهما شاهدا رايان في منزل جدّهما في نهاية الأسبوع الماضي ، لكنني لم أذكر شيئا لهما عن علاقتي برايان".
توقفت ليف عن الحديث لدى دخول مايك الى المطبخ ، فنظر الى ماريا وسالها بفظاظة ، محاولا خفاء حرجه :
" هل أخبرت ليف؟".
وحين هزت ماريا رأسها بالإيجاب ، بدا مرتاحا :
" آسف يا ليف لقد دهشت حين رأيته....".
" إذا كنت لا تودين رؤيته ، بإستطاعة مايك أن يدعوه لزيارتنا في وقت آخر".
قالت ليف وهي ترغب في ذلك من كل قلبها:
" لا ، لا يا ماريا ، لا يمكنك أن تفعلي ذلك ، فليس من سبب يدعونا لعدم التصرف بالشكل الطبيعي".
كادت ليف تضحك من كلماتها ، لكنها علمت أنها إذا بدأت في الضحك ، لن تستطيع التوقف.
ربّت مايك على ظهر ماريا قائلا:
" حسنا ، هل وضعت البوظة في الثلاجة يا عزيزتي؟".
سالت ماريا:
" ومتى نسيت البوظة؟".
" لم تنسي ذلك ابدا".
ثم إلتفت الى ليف قائلا:
" لا أدري ماذا كنت سأفعل من دونها".
بعد ذلك قال بجدية:
" أليست هناك اية فرصة لعودة العلاقة الطبيعية بينك وبين رايان؟".
شحب وجه ليف ، ثم عاد الى لونه ثانية:
" مايك!".
نظرت ماريا باسف وأضافت:
آسفة يا ليف ، لا تهتمي له ، أنت ماكر يا مايك ، إذهب وراقب الأطفال".
دفعت زوجها خارج الباب وهي تعتذر مرة أخرى.
وصل رايان بسيارته المرسيدس الفضية ، فتوترت أعصاب ليف حينما دخل المنزل ، ولدهشة الأطفال ، امسك رايان بماريا وإحتضنها بينما ضحكت ماريا بعفوية ، إلتفت رايان نحو ليف وعيناه تحدقان بكل تفاصيل قامتها ، ثم قال بصوت عميق أثار مشاعرها:
" ليف ، كيف حالك؟".
" بخير والحمد لله".
قالت بتكلف ، بينما كان إبنها لوك يقف امامها ويراقب رايان عن كثب.
" مرحبا!".
إبتسمت ميلي من غير خجل ، خلافا لعادتها ، فيما لاحظت ليف الشبه الكبير بينهما ، وخصوصا الطريقة التي يبتسمان بها ويحركان بها رأسيهما.
قال رايان مبتسما:
" اهلا بك يا ميلي!".
ثم إنتقل بإبتسامة الى إبنه وأضاف:
" مرحبا يا لوك !".
قال لوك من دون أن يبتسم:
" مرحبا".
سأل مايك ببساطة وهو يسير نحو المطبخ:
" ما رأيك بتناول البوظة المثلجة يا صديقي؟".
ثم عاد وقدم الى ريان زجاجة مثلجة قائلا:
" تعال نجلس في الحديقة الخلفية ريثما تنتهي النساء من تجهيز الطعام".
راقبت ليف ظهر ريان فيما هو يلحق بمايك ، حيث بدا قويا بسرواله الفضفاض ذي اللون الكاكي وقميصه الأزرق الذي أضفى على شعره لمعانا متموجا بين الزرقة والسواد.
لحق الأطفال بالرجلين الى الحديقة ، فيما بقي لوك الى جانب والدته.
" إذهب يا لوك".
دفعت ليف إبنها واضافت:
" سيكون الغداء جاهزا بعد قليل"
سار لوك على مضض خلف الآخرين ،بينما سألت ماريا بهدوء:
" متى ستخبريهما بالحقيقة يا ليف؟".
" لا أدري يا ماريا ، أنا قلقة بشأن لوك الذي يحتقر رايان سلفا ، أعتقد أن كلمة ( يحتقر ) قاسية جدا ، لكن الذي أقصده هو أنه يشعر بالعداء السائد بيني وبين رايان ، الأمر الذي يقلقه ، يجب ان أخبرهما الحقيقة قبل ان يقدم على ذلك إنسان آخر".

نيو فراولة 19-02-12 03:11 PM

هزت ماريا راسها بتعاطف وقالت:
" وكيف تظنين ستكون ردة الفعل لديهما؟".
هزّت ليف كتفيها وقالت:
" لست ادري ، إننا تحدثنا عن... عن والدهما من قبل ، وهما يعلمان أنني لست أرملة ، وأنني ووالدهما قد إنفصلنا ، لذلك أرجو ان يتقبلا كون والدهما ورايان شخصا واحدا ، اعرف انني جبانة لأنني اؤجل ذلك ، وكم ارغب لو أنه لم يعد يا ماريا ، حيث كنا نعيش حياة هانئة ، أما الآن ، فإن كل شيء يتخبط في الفوضى ، لا أستطيع ان أفهم لماذا عاد".
قالت ماريا بلطف:
" ألا تستطيعين ذلك يا ليف؟".
ثم أضافت :
" كنت افكر انه يهتم بك أكثر من أي شيء في تلك الحياة الصاخبة التي ارادها والده له ، ربما عاد من اجل أن يراك ويرى الطفلين مرة أخرى.
إبتسمت ليف إبتسامة ساخرة واجابت:
" هذه نكتة ! لو كان يهتم بنا لما كان بحاجة الى ثماني سنوات لإكتشاف ذلك ، ولو لم يكن يفكر لما غادرنا مطلقا".
فتحت ماريا فمها للإجابة ، لكنها عادت واغلقته ثانية ، وإتسعت عيناها حين دخل رايان المطبخ ، فبدت الغرفة صغيرة اكثر صغرا .
قال رايان مخاطبا ماريا:
" أرسلني مايك لأحضار المزيد من البوظة وطلب الإسراع في تجهيز الطعام".
فهل كان يستمع الى الحديث الذي جرى بينهما ؟ فكرت ليف وحين إلتفتت نحوه ، رأت البرود يملأ عينيه ، ومن خلال الغضب الذي بدا على وجهه ، رات البرود يملأ عينيه ، ومن خلال الغضب الذي بدا على وجهه ، شعرت ليف أنه إستمع الى حديثهما كله ، فإرتجفت قليلا ، وفي أي حال ، لماذا تهتم له؟ إنه يعرف شعورها نحوه ، بالإضافة الى انه يستحق ذلك.
منتديات ليلاس
مر عيد ميلاد صوفي من دون اية حادثة ، حاولت ليف أن تتناول الطعام اللذيذ الذي جهّزته ماريا بشكل طبيعي ، وان تمرح مع الأطفال ،وهي تقنع نفسها بعدم أهمية وجود رايان ، فكانت لا تنظر ناحيته غلا حين تخفق في ذلك ، شعرت بألم شديد يعتصر قلبها ويملأ راسها حتى أحست أنها ستجن إذا لم تلمسه ، كل ذلك كان يجري في أعماقها ووراء تعابير وجهه المدروسة.
بإستطاعة رايان أن يجتذب الطيور عن الأشجار حين يكون مرحا ، وسرعان ما جعل الأطفال يضحكون للقصص التي حدثت معه في فيجي ، حتى ان لوك كان يستمع اليه بإنتباه وشوق لم يستطع إخفاءه ، إلا ان ليف وحدها كانت تتهرب من طرح الأسئلة ، مع انها كانت تفكر في كل كلمة يقولها.
سأل مايك رايان:
" منذ متى إشتريت الميد نايت بلو؟".
قطبت ليف حاجبيها وهي تفكر انها فقدت جزءا من المحادثة.
" من ، او ماذا يكون الميد نايت بلو؟".
نطقت ماريا السؤال الذي كان يجول في خاطر ليف.
أجاب مايك:
" إنه مركب رايان ، الم أخبرك عنه ؟ إنه المركب الفخم ذو اللون الأزرق الراسي في الخليج".
إلتقت عينا ليف بعيني ليف وعلامات الإستفهام تتزاحم في رأسها ، كيف إستطاع أن يشتري مركبا فخما كهذا؟ ربما كان هذا المركب هو جزء من أسطول والده ، وبالتالي ليس ملكا له ، ليس من المستغرب أن لا يجده جويل ، فرايان يقيم في مركبه.
قال رايان وعيناه تتركزان على مايك:
" قمت بتشييده في سيدني ، في الواقع كنت أتمنى الخروج معك ذات يوم ، مع انني أعرف المنطقة جيدا ، ولكن بعد مضي ثماني سنوات ، افضل الخروج معك للإطلاع على حدود المنطقة".
" سأكون سعيدا جدا بقيادة هذا المركب الرائع ".
لمعت عينا مايك بحماس واضاف:
" متى تنوي الخروج؟".
" عندما تجد الوقت ملائما ، أحضر ماريا والأطفال معك ".
نظر مايك الى زوجته قائلا:
" حسنا ، لدي عطلة في نهاية الأسبوع ،وهذه أول فرصة احصل عليها منذ سنوات".
" حسنا ، ما رأيك بنهار الغد؟ يمكننا قضاء ليلتنا والعودة بعد ظهر الإثنين".
إلتفت مايك نحو زوجته قائلا:
" سيكون ذلك رائعا ! ما رايك يا حبيبتي؟".
إبتسمت ماريا للرجلين واجابت:
" ستكون عطلة ممتعة!".
لمعت عينا دينو بدهشة وقال:
" هل يمكن أن يأتي لوك معنا؟".
بدا القلق فجأة على وجهي ماريا ولوك ، لكن رايان إلتفت ببساطة نحو ليف وقال بصوت لا أثر لي تعبير فيه:
" سأكون مسرورا برفقتك مع الطفلين".
" لا أدري....".
قالت ليف حين فاجاتها ميلي وهي تقول:
" ارجوك يا أمي ، دعينا نذهب ، سوف تكون نزهة رائعة ، وانت تعرفين كم كان أخي لوك يحب الإبحار مع عمي جويل!".
لم يظهر على وجه لوك أي تعبير ينبىء بقراره بشان الرحلة ، فمن ناحية ، كان يشعر انه يجب إبقاء مسافة ما بينه وبين هذا الغريب لسبب يجهله ، ومن ناحية اخرى ، كانت لديه رغبة شديدة في الإبحار في أكبر مركب ره في حياته ، فمركب العم جويل كبير ، ولكن ليس في مثل حجمه ، قال من دون أن يستطيع مقاومة إرتكاب هذا الذنب البسيط:
" أنا أرغب في الذهاب ايضا يا أمي".
قال مايك وهو يفرك يديه:
" إذن ، إتفقنا ، إنني انتظر يوم غد بفارغ الصبر ، في أية ساعة نلتقي؟".
" عند الساعة السابعة والنصف تقريبا".
بدا مايك متحمسا مثلما بدا الأطفال وهو قول:
" عظيم ! سنمر لإصطحاب ليف والتوأمين كي لا تأتي بسيارتها ".
سألت ليف وهي تنظر الى الزر الأعلى من قميص رايان:
" وهل يتسع المكان لنا جميعا ؟ أقصد إننا سبعة ، إضافة اليك أنت".
أجاب رايان :
" وملاحين آخرين ، نعم ، فالمكان متسع جدا ، وقد إعتدت أن أنام هناك ، أحضري معك بدلات السباحة فقط ، لدي جميع ادوات الصيد ، ومن المستحسن أن تأتي بأغطية لاإستعمالها في حال برودة الطقس".

نيو فراولة 19-02-12 03:12 PM

سالت ماريا:
" وماذا بشان الطعام؟".
" لا تقلقي بشان الطعام ، فانا متموّن بشتى انواع الأطعمة ، وبإستطاعة الأولاد إصطياد بعض السمك للعشاء إذا ما إضطررنا الى ذلك".
إبتسم رايان وهو ينظر الى لوك ودينو .
تم الإتفاق على كل شيء ، فقامت ليف وماريا تنظفان الصحون ، بينما جلس الرجلان يشربان القهوة ، نظرت ماريا مرة اخرى الى ليف قائلة:
" إنه تغيّر ، اليس كذلك يا ليف؟ إنه تغير نحو الأفضل ، كان شديد الثقة بنفسه ، لكنه الآن يبدو أكثر انسانية ، أظن إنني لا أجيد التعبير عن نفسي ، لكن حين تعرفت اليه قبل أن اتزوج مايك ، لم يرق لي كثيرا ، إذ كان دائما ساخرا ومغرورا وكان كل شيء يسبب له السأم والضحر ، إلا انه تغيّر كثيرا الآن".
" ربما تعلم أنه يستطيع تحقيق نتائج افضل من خلال المداهنة!".
" هل تعتقدين ذلك؟ يجب أن تعترفي أنه وسيم مثلا كان دائما ".
غسلت ماريا آخر صحن ،وحين لم تبد ليف أية ملاحظة ، إلتفتت نحوها معتذرة:
" لست سوى حمقاء لأتكلم عنه بهذه الطريقة ، أظن أنه من الصعب أن تلتقي به ثانية".
ثم جففت يديها وسألتها:
"هل ستأتين للإبحار معنا غدا؟ أقصد انه يمكننا البقاء في المنزل ويذهب مايك معه......".
" كلا يا ماريا ! لا تكوني حمقاء ، فمن النادر أن تحصلي على عطلة تقضينها مع مايك ، ولن افكر أبدا في إفساد تلك العطلة ، كما أن التوأمين يصرّان على الذهاب".
ثم حاولت أن تبتسم وهي تتابع:
"سابقى مع الآخرين قدر الإمكان لأننا لا نتناقش إلا حين نكون على إنفراد".
جاء صوت مايك من الغرفة المجاورة ليدل على بحثه الطويل غير المجدي.
" ماريا ، أين صورة كرة القدم القديمة التي تجمعني ورايان؟".
" من الأفضل أن اذهب وأبحث عنها بنفسي قبل أن يعبث مايك بغرفة الجلوس ، سأعود بعد لحظات كي اساعدك في توضيب الصحون".
إلتقطت ليف صحنا آخر من دون وعي وبدأت تجففه ببطء ، في أي مأزق تضع نفسها ؟ إن قضاء يومين في المركب مع رايان سيستنفد صبرها ، وتمنت لو أنها تستطيع التملص من ذلك ، سيكون ذلك أفضل حل ، إلا أنها تساءلت ، منذ متى تتصرف بعقل حين يكون رايان موجودا ؟سيصاب التوأمان بالخيبة إن هي رفضت الذهاب ، كما أنها لن تسمح لهما بالذهاب بمفردهما ، سيتمتع لوك بالنزهة كثيرا ، فهو يحب الإبحار ، وربما جعله حبهما المتبادل للبحر يتغلب على العداء الذي يشعر به نحو والده.
" إنك جففت هذا الصحن ثلاث مرات!".
أيقظها صوت عميق من أفكارها التي تعذبها، فوضعته عل الطاولة لتلتقط صحنا آخر.
قال رايانا بهدوء:
" إكراما لله يا ليف إنظري الي على الأقل ، فأنت تتجاهلين وجودي كل الوقت".
رفعت عينيها لتستقران عليه :
" وهل ذلك يريحك ؟".
جاء صوتها جافا وباردا:
" كلا ، لا يريحني !".
ثم تقدم نحوها قائلا:
" ستثابرين على إثارة غضبي ، لذا أحذرك بأنني لن أكون مسؤولا عن اعمالي".
بقيت ليف تراقبه ببرود ، بينما كان قلبها يعصف داخل صدرها :
" ومتى كنت كذلك؟".
ثم وضعت الصحن مكانه وأردفت :
" إنظر يا رايان ، نحن ضيفان لدى مايك وماريا ، وافضّل أن لا نزعجهما ، ارجوك ، دعني وشأني".
إنحنى ساخرا وقال:
" مثلما تريدين يا سيدة دانيسون".
ثم تابع هازئا:
" لكنني افضّل ان لا تناقشي امر علاقتنا مع ماريا أومع أي شخص آخر".
إذن كان يستمع الى حديثها مع ماريا قبل الغداء ، إبتسمت بمكر قائلة:
" لم أناقش مع ماريا غير ما هو شائع في المنطقة ، من المؤسف أنك لم تطلع على الشائعات التي سرت بعدما رحلت ، من المؤكد أنك لم تنس كم من مرة خلّفت طعما ملائما للاقاويل ، كنت تسرد أمام الجميع كل التفاصيل التي أدّت الى الخلاف والى رحيلك ، رغم أن ابوينا حاولا إخفاء الأمر وإبقائه طي الكتمان".
عند ذلك تدفق الألم والذل الذي عانته في تلك الأيام.
" أنت......".
كان رايان يخطو نحو الطاولة وعيناه تتأججان غضبا عندما دخلت ماريا الى المطبخ وقالت:
" أخذ مايك كتاب الصور وذهب يبحث عنك في الخارج ".
توقف رايان لدى سماعه صوت ماريا ، وكان بإستطاعة ليف ان ترى انه يحث عضلاته المشدودة على الإسترخاء.
" نعم ، من الأفضل ان أخرج وراءه ، ليس من شيء يثير الضحك سوى التطلع الى الماضي".
قال بإستخفاف وغادر الغرفة.
نظرت ماريا من الباب الى وجه ليف الذي كساه الإحمرار وقالت:
" إن الجو خانق هنا ، ما الذي اثار غضبه؟".
هزت ليف كتفيها وقالت:
" آسفة يا ماريا ، أظن انها الحالة التقليدية التي تسود عندما تلتقي القوة التي لا تقاوم بشيء لا يتحرك! ".

نيو فراولة 19-02-12 03:14 PM

5- المركب والجزيرة

صعدت ليف الى سيارة آل كوستيللو في صباح اليوم التالي وهي تشعر بما يشبه الرضوخ اللامبالي ، تحدث الأطفال بحماس فيما بقي الكبار تائهين في أفكارهم ، شعرت ليف وكأنها وضعت في عصّارة محكمة ، حيث كان لقاؤها مع رايان في منزل آل كوستيللو بداية لامسية عاطفية قاسية.
فقبل ان يأتي جويل بنصف ساعة لإصطحابها الى العشاء ، إتصل مارتن طالبا منها الذهاب معه في نزهة ، وحين رفضت ليف لأنها مرتبطة بموعد سابق ، بدأ يسال ليكتشف أي هي ذاهبة وبرفقة من ، فقالت ليف بإنزعاج انها ستخرج في نزهة بحرية مع آل كوستيللو ، مما دفعه للسؤال متى إشترى آل كوستيللو مركبا ، فوجدت ليف ان الوقت حان لتشرح له أمر رايان ، لكنها لم تفعل ، بل قالت انها ذاهبة في مركب يملكه صديق لمايك.
منتديات ليلاس
وكالعادة ، جاء جويل لإصطحابها الى منزل آل دانيسون حيث أمضت عدة ساعات لم يذكر خلالها رايان إلا عندما كانت على وشك العودة ، كما أنه لم يأت للعشاء ، برغم أن ليف كانت تتوقع قدومه بين الحين والآخر ، ومما يدعو للدهشة ا نلوك هو الذي ذكر إسمه حين أخبر جده عن النزهة البحرية التي سيقومون بها.
مناقشة أمر رايان مع جويل وهما في طريق العودة الى المنزل كانت أمرا مستحيلا بوجود الطفلين ، لكن جويل قال أنه إلتقى رايان في المرفأ حين كان يغادر مركبه الفخم.
ولما وصلت ليف الى المنزل بأمان ومن دون أن ترى رايان ، كانت تعاني من الضيق لأسباب ترفض تحليلها ، حتى ان غضبها تحول الى سلفها جويل الطيب القلب الذي تحدث اليها عن روعة مركب رايان ، فيما كانت تقلب في ذهنها لوحات مزعجة من الماضي.
إنها الآن مقبلة على قضاء يومين مع رايان ، وهذا آخر ما يجب ان تقوم به ، فهي تعلم ان بإستطاعته إستمالتها بسهولة.
عندما وصلت الى المرفا في صباح اليوم التالي ، وقعت عيناها على المركب الجميل الذي كان يعلو وينخفض في الماء ، إستجمعت شجاعتها وترجلت من السيارة حاملة حاجياتها.
أوقف مايك سيارته ، وبعد أن إنضم اليهم ، ظهر ثلاثة اشخاص على متن المركب ، ثم جاء رايان بسرواله القصير ، وصدره المكشوف يلمع تحت أشعة الشمس ، وفجأة شعرت ليف أنها عرضة للتاثير ، فقدت كل ميل للقتال ، وقفت تراقبه والألم يعتصر قلبها الى ان أصبح غير محتمل.
لم تدرك كم من الوقت مضى وهي واقفة مسمّرة في مكانها ، لكن تهيؤ لوك للقفز الى ظهر المركب إنتشلها من أحلامها ، كانت ترتجف حين أمسكته ووبّخته لتهوّره ، وكان رايان هو الذي تكلم:
" تمهل يا لوك ، سننصب المعبر لنعبر بأمان الى المركب".
ثم تقدم رايان وتناول اغراض ليف وتابع:
" سأريكم اين ستنامون الليلة ، دعوني اعرّفكم بالملاحين : إلسي وروكو سوكونا".
وبعد أن تم التعارف بينهم ، سار الجميع وراء رايان الى الغرفة الرئيسية ، إنها غرفة فسيحة جدا مزوّدة باثاث أزرق اللون يناسب إسم المركب : ميد نايت بلو.
" يمكنك النوم في الغرفة الرابعة انت وماريا يا مايك ، اما ليف والتوأمان ، فيمكنهم النوم في الغرفة الواقعة في مؤخرة المركب ، وستنام إلسي في السرير المنفرد".
قالت إلسي وهي تبتسم بألفة لرايان :
" أنام في هذا السرير عندما لا أنام على متن المركب مع رايان وروكو".
شعرت ليف بنظرة ماريا السريعة ، فإلتفتت ثم دخلت الى مطبخ المركب متظاهرة بعدم الإهتمام ، لكنها في الحقيقة ساءلت نفسها : إذا كان رايان إختار تلك الفتاة للتسلية ، فإن عليها عدم تأنيبه لأنها تعلم أنه ليس من جبلة النساك.
جاء صوت رايان محذرا من خلفها بينما كان يرشدها الى الغرفة الواقعة في مؤخرة المركب:
" إنتبهي للدرجات".
كانت غرفتها مجهّزة بشكل أفضل من الغرفة الرئيسية ، إنها تحتوي على سريرين واسعين ولها باب يؤدي الى حمام خاص بها ، بدا لوك وميلي يلهوان على الأسرّة ، بينما إلتفتت ليف وتناولت الحقائب والأغطية من رايان الذي كان واقفا يتأملها ، وقد إقترب منها أكثر مما توقعت ، وبدا أن تنبهها لوجوده يمتد ليملأ الغرفة ، شعر رايان أن شرارة كهربائية تنطلق من عينيها العميقين ، فأسرعت تبتعد عنه وتضع الأغطية على السرير.
وقف رايان يتأملها دقيقة ، ثم إلتفت نحو الباب قائلا:
" إصعدي الى متن المركب كي يرتدي الأطفال بدلات السباحة قبل ان نغطس".
قالت ميلي وهي تداعب غطاء السرير الليلكي الناعم:
" أليس المركب جميلا يا أمي؟".
وقال لوك:
" إن الغرفة فخمة والسجاد الذي يكسو ارضها ثمين جدا ، اليس كذلك؟ لن نستطيع أن نبقى بثيابنا المبللة هنا".
أومأت ليف موافقة ، فقال بمرح:
" اعتقد انه رجل طيب ، ويبدو لي انه ثري جدا ، اليس كذلك؟ أقصد ان أحد الأولاد في المدرسة قال أن عمي جويل ثري ، إلا أن المركب هذا هو أكبر من مركبه".
" هيا بنا نصعد الى متن المركب".
أشارت ليف براسها وافسحت لهما الطريق ليسيرا أمامها.
وسرعان ما إرتدى الأطفال الأربعة بدلات السباحة ، وكانوا مربوطين الى المركب كي لا يغرقوا في حالة إهتياج البحر ، جلست ليف وماريا تراقبانهم ، فيما كان روكو يلقي بهم الى البحر.
مدت ليف ذراعيها في الشمس وهي تتنهد بإرتياح وسعادة لقيامها بهذه النزهة ، كانت ترتدي سروالا قصيرا داكن اللون وتربط شعرها الى الوراء ، فيما كان النسيم يداعب جزءا من شعرها المنساب على جبينها، جلست ماريا مع إبنتها صوفي الى جانبها وهي تشعر بالإبتهاج والراحة .

نيو فراولة 19-02-12 03:15 PM

قالت ضاحكة:
" إن الصبية يقضون وقتا ممتعا ، اعني الصبية الكبار".
إلتفتت ليف الى المقود حيث وقف رايان ومايك يرشدان لوك ودين والى طرق القيادة الرئيسية في المركب ، وبعد قليل، إستلم روكو القيادة بينما توار رايان ومايك عن الأنظار ليدققا في الخرائط.
جلست ألسي مقابل ماريا وليف وعيناها تتحركان بإبهام من واحدة الى أخرى ، وهي تبتسم:
" لم أعتقد ان في أوستراليا أماكن جميلة مثل فيجي!".
إعترفت ليف أنها فتاة جذابة ومثيرة بشعرها الأسود الأجعد وبشرتها الداكنة الناعمة.
" كان رايان يقول دائما ان المنطقة جميلة جدا ، إلا أنني لم أصدقه ".
اجابت ماريا بسرور:
" أجل ، إنها جميلة ، أنا سعيدة لأن مايك لم يغادرها بعد زواجنا ، إن معظم الشبان يفعلون ذلك أيضا".
هزت الفتاة الأخرى راسها:
" رايان فعل نفس الشيء ، منذ متى تزوجت انت ومايك؟".
أجابت ماريا ضاحكة:
" منذ ثماني سنوات ، بالرغم من ان هذه المدة تشعرني بكبر سني ".
أومأت ألسي برأسها ثم إلتفتت الى ليف قائلة:
" وماذا بشأنك؟ إسمك ليف ، أليس كذلك؟ إنه إسم غريب ".
قالت ليف وهي تبحث عن موضوع آخر تتهرب بواسطته من سؤالها:
" إنه إختصار لإسم أوليفيا".
إبتسمت ألسي وقالت:
" آه ، أوليفيا ، إسم لطيف جدا ، أعتقد أنك تزوجت في نفس الفترة ، إذ أن طفليك يبلغان السن ذاته ، هل يعمل زوجك في الملاحة أيضا؟".
وفكرت : من الواضح أن رايان لم يخبر صديقيه أي شيء عنها وعن التوأمين.
" كلا".
ثم أضافت من دون أن تنظر الى عيني ماريا وهي تشعر بالجبن مرة ثانية:
" لقد إفترقت عن زوجي منذ فترة طويلة".
" إن ذلك سيء للغاية ! هل أنت صديقة ماريا ؟".
" نعم نحن صديقتان منذ عدة سنوات".
" كنا جميعا أصدقاء قبل أن يغادرنا رايان".
توقفت عينا ألسي سوكونا على ليف ثانية ، إبتسمت ليف في أعماقها وهي تود لو ان لديها الجرأة للتاكيد لهذه الفتاة بان لا علاقة تربطها برايان لن تكون خطرا عليها.
" أرجوك يا امي ، اريد أن أشرب".
كان طلب ميلي فرصة مناسبة لمغادرة المكان ، فأمسكت بيد إبنتها ونزلت الى غرفتها ، إلتفت مايك ورايان بعيدا عن الخرائط التي كانا ينظران اليها اثناء مرور ليف وميلي.
" اريد كوب ماء لكي تشرب ميلي".
أجاب رايان وهو يعود لينظر الى خرائطه:
يوجد عصير في لثلاجة".
وفجأة ، اخذت ليف تتخيل رايان وهو يضم الفتاة الفيجية بذراعيه ، فاصابتها الدهشة ، فهل هي تغار منها ؟ تساءلت فيما كانت ميلي تتناول كوب العصير ، لا ! لن تغار من أحد بعد كل هذه المدة ، سار المركب ببطء ، فوقفت ليف متمسكة بالثلاجة كي لا تتعثر وتقع ، أخذت تسترق النظر الى رايان وهو منكب على الطاولة ، لم تستطع ان تحول عينيها عنه ، وفجأة لم تعد ترغب في ذلك ، فشعرت بالضيق ، وبتلبّد الجو بينهما ثانية.
إلتفت رايان صوبها وكأنه أحس بنظراتها ، فإلتقت عيناه الزرقاوان بعينيها ، وعادت بهما الذاكرة في تلك اللحظة الى الوقت الذي كانا يقودان الدراجة في المنتزه ، كانت عيناه جريئتين ، وكانت عيناها تضرعان ، ثم إلتقت عيونهما في رقصة إقترب خلالها ليخطف منها قلبها ، كانا يركضن على الرمال ، ويسبحان في المياه الزرقاء ويتسابقان على طريق الشاطىء بسيارة السباق والريح تكاد تقتلع شعرهما ، ثم يسيران جنبا الى جنب أو يتشاركان الغداء ، وكانا يلهوان تحت ضوء القمر ، غير عابئين بمرور الوقت أو بنتائج تصرفاتهما.
يا الله ! لماذا تهدّم كل شيء؟
إنهمرت الدموع من عيني ليف وظنت في تلك اللحظة ان الحزن واضح في عيني رايان.
أشاحت ليف بعينيها عن عيني رايان ، وراحت تغسل كوب ميلي وتعيد العصير الى الثلاجة ، كما عاد رايان ينظر الى خرائطه ، ولم يتطلع اليها حين مرّت بجانبه.
عاد رايان ومايك الى قيادة المركب حين إقترب من جزيرة كرافن ، هذه الجزيرة الإستوائية التي تتوسطها الأشجار الخضراء الوارفة الظل وتحيط بها الرمال البيضاء ، ومهما يكن الشخص الذي إشتراها من السيدة كرافن ، فإنه انجز بالتأكيد صفقة رابحة لأنها إحدى جزر الكمبرلاند الداخلية المحمية من المحيط الباسيفيكي بالجزر الشرقية الكبرى.
ولّت مجموعة من الطيور هاربة من الأشجار لدى ظهر المركب ، فقام روكو ورايان بإنزال الأشرعة بسرعة ، فيما تسلم مايد دفّة القيادة إستعدادا للرسو في الجزيرة.
هل ينوي رايان النزول في تلك الجزيرة؟
من الواضح أنه لم يعلم بعد أن الجزيرة لم تعد ملكا للسيدة كرافن ، وان هناك لوحة كتب عليها: املاك خاصة ، ممنوع الدخول !
حمل مايك الأطفال وناولهم الى رايان ، ثم إلتفت نحو ليف وماريا يحثهما على الإسراع والتنبه أثناء نزولهما الى اليابسة ، نظرت ليف نحو رايان وقالت:
" نحن ندخل أملاكا خاصة يحظر الدخول اليها".
فأجابها:
" لا ارى أي مسؤول عن تطبيق القانون هنا ، إضافة الى أن السيدة كرافن لا تمانع في مجيئي الى جزيرتها ابدا".
" لكنها باعت ممتلكاتها هنا ، لقد أخبرني جويل بذلك ، كما أن والدك......".
توقفت ليف عن الكلام حين شعرت أن الجميع ينظرون اليها .
" هل كان أبي غاضبا لذلك؟".
أنهى رايان كلامه من دون أي إنزعاج.
" يمكنني ان اتصور ذلك".
ثم تابع سيره مضيفا :
" يمكننا أن نسبح هنا ، فالمكان ليس عميقا".
ثم مشى بزهو أمام اللوحة الرسمية من دون أن يعيرها أي إهتمام.
وفيما هي واقفة على الشاطىء ، نظرت ليف الى ماريا التي كانت تبدل ملابسها ببدلة سباحة سوداء :
" إنها فكرة رائعة ، فالمياه تبدو صافية ومثيرة".

نيو فراولة 19-02-12 03:17 PM

بعد ذلك قامت المراتان بمساعدة الأطفال في تبديل ملابسهم ، ثم تبعتهم ليف وماريا على الشاطىء وأخذتا تجمعان الصدف مع الأطفال ، وعندما رأت ليف لوحة ثانية تحظر الدخول الى الجزيرة ، تساءلت:
" ترى ، من هم الذين إشتروا الجزيرة؟".
لم تكن لديها فكرة عن ذلك ، فما الذي يدفعها الى التفكير أن هناك أكثر من مالك ؟".
" أخبرني مايك ان عمك طار صوابه حين سمع أن الأملاك بيعت".
قالت ماريا ذلك وهي تحاول ان تحمي عينيها من الشمس.
ضحكت ليف وقالت:
" إن عمي بارع في فنون الغضب".
" عن هذا المكان يحمل أجمل ذكرياتي، إعتدنا ان ناتي الى هنا لحضور الحفلات حين كنت في سن المراهقة ، وإعتاد رايان ان يأتي بنا في مركبه مثلما فعل اليوم ، كانت اياما جميلة ، كنا نرسل رايان لإستئذان السيدة كرافن لأنه يستطيع التحدث وإقناع أي كان في أي موضوع .
زمت ليف شفتيها بمرارة ، إذ كانت تعلم كل ذلك .
ضحكت ماريا وهي تنظر الى كوخ قيم مبني على الجزيرة ، ثم قالت:
" وفي ذات يوم ، دعا رايان السيدة كرافن لتكون مرافقته ، كانت في عامها الستين آنذاك ، وقد إستطاع ان يوفر لها بيتا رائعا ، إذ راحت تسبح ، ثم ساعدتنا في إعداد اللحم المشوي ، ذلك اليوم كان من أجمل ايام حياتي ، كلنا شعرنا بالحب الشديد نحو السيدة كرافن ، فهي ليست كما يدّعون عجوزا مشاكسة".
أجابت ليف موافقة:
" لا أظن انها تقول كل ما يجول في خاطرها ، وفي أي حال ، كانت لطيفة معي دائما".
" ومعي أيضا ، قالت لنا مرة ان بإمكاننا المجيء الى الجزيرة متى نشاء ، لم أندهش من كون السيدة كرافن قد أحبت رايان ايضا ، فهذا ما فعلته كل إمرأة في المنطقة بين سن السادسة وسن الستين".
نظرت ماريا بسرعة نحو ليف التي إحمر وجهها قليلا:
" آسفة يا ليف ، فأنا كثيرة الكلام".
ضحكت ليف ضحكة صغيرة وقالت وهي تحاول أن تبدو مرحة :
" كان ذلك منذ زمن بعيد ، حين كان رايان شابا وسيما".
تطلعت ماريا الى ليف عن كثب:
" اعني أنه ما زال وسيما ، لا بل إنه الآن أكثر وسامة من ذي قبل ، ألا ترين ذلك؟".
هزت ليف كتفيها وهي تحدق بإهتمام في صدفة غريبة إلتقطتها من الشاطىء.
ثم تابعت ماريا حديثها :
" كان يقضي أوقاتا ممتعة ، إذ كان يملك المركب ، ويملك كل شيء ، لكن مايك قال أن والده إستعاد المركب بعدما غادر رايان المنطقة".
قالت ليف من دون إكتراث :
" كان بحوزته بعض المال الذي ورثه عن عائلة أمه ".
" لا أدري ماذا عمل خلال السنوات الماضية ، ومهما يكن قد فعل ، فإنه دائما رجل ناجح".
أومأت ليف براسها وقالت:
" يجب أن نعود ، فقد حان موعد الغداء".
إنطلق الرجال برفقة ألسي لإختيار بقعة ملائمة للصيد ، ولم يكن على ليف وماريا سوى حث الأطفال للذهاب الى النوم ، لأنهم يشعرون بالنعاس الشديد ، فإستغرقوا في النوم بسرعة.
وعلى عكس ذلك ، لم تستطع ليف الرقاد ، وحين غلب النوم ماريا ، قامت ليف وفرشت شيئا على متن المركب لتأخذ حماما شمسيا بعدما طلت جسمها بزيت واق من حرارة الشمس.
قلّما كان المركب يتحرك ولم يكن يسمع أي صوت سوى حركة النسيم او صوت طائر ينطلق مغردا في الجو.
لم يكن أحد ليراها سوى ماريا إذا ما إستيقظت ، وكانت تستطيع أن ترى الرجال من طرف الجزيرة حين يعودون من الصيد.
ألقت راسها بين ذراعيها ، إلا أن دفء الشمس وحركة المركب الخفيفة فعلت بها فعل السحر ، فإستغرقت في النوم ولم تفق إلا حين شعرت بشيء يلامس ظهرها ببطء ، تطلعت لتجد رايان جاثما بالقرب منها ، نهضت لتبتعد عنه ، إلا انها تذكرت أن بدلة السباحة مفتوحة من الخلف ، فحاولت تثبيتها بإرتباك ، لكنه قام وساعدها وهو يقول ببرود:
" يمكنك أن تبقيها كما هي إن اردت ذلك".
نظرت اليه بحدة ، إلا أنه إبتسم بأسف وثبت البدلة كما يجب".
" لماذا عدت بسرعة؟".
جاء صوتها هشا ، رغم أنها تكلمت بنعومة لكي لا تزعج ماريا والأطفال.
" عدت لأحضر صنارة صيد اخرى ، إذ أن السي تجلس عاطلة عن العمل ، ففكرت أن من الأفضل المجيء بصنارة ثانية لنسرع في الصيد".
رفعت حاجبيها وهي تحاول إبعاد نظراتها عن صدره البرونزي القوي ، إلا أنه ربض قريبا جدا منها ، فتمنت لو تستطيع الإبتعاد عنه ، لكنها علمت انه سيلاحظ ذلك ، ويعرف سبب إبتعادها ، كما تخيلت التعبير الساخر الذي ستثيره حركتها .
قال وهو يشير الى صنارة ملقاة على متن المركب:
" ألا تناولينني الصنارة؟".
" حسنا ، لا تترك السي تنتظر فيما يطوف السمك لإلتقاط الطعم ".
قالت دون أن تستطيع التخلص من نبرة السخرية الواضحة في صوتها .
" ماذا تقصدين؟".
إبتعدت ليف بعينيها عن وجهه ، ثم عادت تحدق به ثانية .
" أنت لا تغارين ، اليس كذلك؟".
قالت بغضب:
" أنا لا اغار من أي كان أومن أي شيء له علاقة بك يا رايان ، وكلما أسرعت في طرد هذه الفكرة من رأسك يكون افضل".
راحت ليف سوي جلستها ، إلا أنه تحرك بسرعة نحوها ، فحجب اشعة الشمس وحرارتها عنها.
قالت وهي تصر على اسنانها بشدة وعيناها تنظران بغضب الى شعره الأسود:
" دعني أذهب ! ".
قال بإستهزاء ، وعيناه تلمعان:
" كلامك يدعوني للذهاب ، لكن عينيك تدعوانني للبقاء ".

نيو فراولة 19-02-12 03:18 PM

ثم تحركت بده تلقائيا نحو كتفها الدافئة من جراء حرارة الشمس ، فإلتهبت وكأنها مسّت النار ،وفيما هما يتعانقان ، تمنت لو ان بإستطاعتها إقناع الشمس بالمغيب مثلما تمنت أن تمنع راسها من التحرك لأستقبال نظراته.
بدا ذلك كعقاب وتعذيب ، إلا أن رايان إنزلق في تيار المشاعر التي عصفت بهما ، وكانت يداهما تتحركان بشوق بالغ وكأنهما لم تلامسا ما يكفي.
قالت ليف وانفاسها تتلاحق، محركة راسها من جانب الى جانب:
" هذا جنون يا رايان ، كلا يا رايان .... لا نقدر... ماريا .... الاطفال يمكن ........".
" تعالي معي الى الشاطىء".
جاءت كلماته منخفضة ناعمة لإقناعها بلطف.
ثارت ليف وهي تحاول مقاومته ، وما لبثت ان هدأت ، وما كاد رايان يقف ليسير الى جانبها حتى ظهر رأس ماريا وهي قادمة من داخل المركب.
" ليف؟".
نادت بهدوء ، ثم توقفت حين رات رايان .
اصيبت ليف بالذعر مما فعلت ، فقامت تسوي ملابسها وقد شحب وجهها حين شعرت كم هي ضعيفة وغير قادرة على مقاومته .
قالت وأنفاسها تتلاحق ، وشعرت بالإحمرار يغزو وجنتيها :
" أنا هنا يا ماريا".
أحست ماريا بالخجل حين رأت وجه ليف الأحمر وفم رايان المشدود.
إلتفت رايان هامسا كي لا تسمعه ماريا ، وأصابعه تفرك يدها الممسكة بحافة المركب:
" تعالي معي يا ليف".
نظرت الى التعبير المثير في وجهه ، فتلاحقت خفقات قلبها ثانية ، ثم سارت نحو ماريا من دون أن تنظر خلفها مرة ثانية.
كان رايان يوشك على الذهاب ، وتحرك ليأخذ صنارة الصيد .
قالت ماريا وعيناها تتطلعان نحو ليف ورايان:
" قمت بتحضير الشاي ، هل تود ان تشرب فنجانا من الشاي؟".
كاد يتجاهل سؤالها ، لكنه تنهد ووقف بسرعة قائلا:
" كلا ، شكرا يا ماريا ، ساعود من حيث اتيت".
ثم إلتقط الصنارة من دون التطلع نحو ليف ، إلا أن عيناها رافقتاه ، قبل أن تبع ماريا الى داخل الغرفة.
قالت ماريا بعدما أصبحتا وحيدتين :
" آسفة يا ليف ، آمل ان لا اكون قد قاطعتكما ".
أجابت ليف وهي تتصنع المرح:
" بالطبع لا ، اين فنجان الشاي الذي كنت تتحدثين عنه؟".
وقفت ماريا تحدق في صديقتها ، فأطرقت ليف محاولة التهرب من نظراتها.
قالت ماريا بهدوء:
" لا تتهربي مني يا ليف ، فأنت ما تزالين تحبينه ، أليس كذلك ؟".
إلتفتت ليف غاضبة لتواجه ماريا ، إلا أن التعبير العاطفي البادي على وجهها أزال غضبها ، فقالت بهدوء:
" انت مخطئة يا ماريا".
" لا تحبينه ؟ لكن يبدو لي أنكما كنتما في وضع يشير الى الحب ".
أشاحت بوجهها لتخبىء الحمرة التي غزت وجنتيها وقالت:
" الحب ؟لم يكن حبا يا ماريا ، بل مجرد رغبة قديمة".
ضحكت ماريا قائلة:
" إن ذلك مثير حقا !".
أطلقت ليف زفرة حادة بضيق وقالت بياس:
" كان يجب ألا ارافقكم في هذه الرحلة يا ماريا ، لأنني عرفت ان ذلك سيحدث".
ثم جلست الى الطاولة وهي ترتجف متابعة:
" كما أنني لم أشعر بالراحة منذ أن عاد رايان".
قالت ماريا وهي تجلس قبالتها:
" لكنك كنت تعلمين أنه سيعود عاجلا أم آجلا ".
" لم افكر في ذلك مطلقا ، أتمنى ...".
توقفت ليف عن الكلام وهي تغمض عينيها بشدة على ذكريات تلك الدقائق التي قضتها معه .
" ألا تعتقدين ان بإستطاعتك خوض التجربة معه ثانية ؟ فالأمر يستحق المحاولة إذا كنت تشعرين بشيء نحوه".
هزت ليف راسها قائلة:
" كلا ، إن رايان دانيسون الذي وقعت في حبه ليس موجودا خارج مخيلتي ، علمت ذلك منذ ثماني سنوات ، تخيلته رجلا عظيما ، ولم يخطىء حين أخفق في التصرف كرجل عظيم ، لكنه لم يحاول حتى .... ان ...... لم يكن يريد أن يتزوجني في البداية....".
" لكنه تزوجك.....".
قالت ليف بمرارة:
" تزوجني لأن والده ووالدي أرغماه على ذلك".
" لم يكن ليتزوجك لو لم يرغب في ذلك يا ليف ، فهو آخر من يدفعه احد للقيام بمثل هذه الخطوة بالقوة ، حتى ولو كان الموت هو البديل".
وحين لم تعلق ليف على هذا الكلام ، وقفت ماريا وسارت بإتجاه المطبخ وهي تقول:
" سأحضر الشاي".
جلست ليف مكتئبة دقائق قليلة ، ثم قامت وهي تتنهد لتحضر فنجانين ، وفيما هي تنهض عن الطاولة ، داست بقدمها على طرف خريطة بدا أنها سقطت سهوا ، فإنحنت لإلتقاطها وإعادتها الى مكانها وهي تعتقد أنها الخريطة التي كان رايان ومايك يدققان فيها ، دفعها فضولها الى النظر اليها ، كانت تتوقع أن تجد خريطة بحرية ترشد الى المواقع المحلية ، لكنها كانت مخطط عمل ، القتها ليف على الطاولة ووضعت السكّرية على احد جوانبها لتبقى مفتوحة ، وقد اثارتها الكلمات المطبوعة في الأسفل:
شركة رايان دانيسون ، مع عنوانه في أوكلاند ، نيوزيلندة.
كانت الخريطة مخططا لسلسلة من الأبنية الصغرى ترتبط ببعضها البعض لتشكّل مستوطنة كاملة.
مشت ماريا خلف ليف تتطلع من فوق كتفها.
" ما هذا؟".
قالت ليف وهي تنحني أكثر:
" لست ادري ، وجدت هذه الخريطة تحت الطاولة ، يظهر أنها نوع من ..... سلسلة من الشاليهات ، إنظري هنا ، يبدو ان كل بناء هو وحدة متكاملة ، هنا توجد بركة سباحة ... وهنا ملعب كرة المضرب ، يبدو أن هذا مخطط منتجع سياحي".
إنحبست أنفاسها فإلتفتت الى ماريا ودهشتها تعكس ما تشعر هي به.
" إفتحيها جيدا".
قالت ماريا وهي تبسطها على الطاولة لتنظرا الى صورة المشروع ككل وتابعت:
" ربما تكون جزيرة كرافن ، لكن االجزء الأسفل إقتطع منها".
ولدى البحث في الخرائط الخرى ، وجدت ليف جزء الخريطة التي تريدها ففتحتها امام ماريا لتتحقق منها.
قالت وهي تكاد لا تصدق:
" إنها الجزيرة ! لكن ما الذي يفعله رايان بهذه الخطط التي تشير الى بناء منتجع في جزيرة كرافن؟ من المفروض ان يمتلك الجزيرة كي.....".
سالت ماريا وهي لا تصدق:
" ليف ، ها ذلك معقول؟".
أومأت ليف براسها وقالت:
" لا اصدق ذلك .... إذ كيف يستطيع شراء الجزيرة؟ وكيف إستطاع أن يقنع السيدة كرافن ببيعها له، في حين كانت ترفض أية عروض يتقدم بها والده؟".
" إن رايان بارع في إستخدام اساليب الأقناع الفعالة ، وربما إستمال السيدة كرافن وأقنعها ببيع الجزيرة له ، اعتقد ان دانيسون الاب ايضا شريك في الصفقة".
" لا ، انا متأكدة تماما أنه لا يعرف شيئا عنها ".
ثم تركت طرف الخريطة وهي تتمنى لو أنها لم تعثر عليها.

نيو فراولة 23-02-12 06:22 PM

6-لقاءات لا تعرف النسيان

عندما إستيقظ الأطفال ، نزلوا الى الشاطىء يجمعون الحطب للشواء الذي كان رايان إقترحه في الليلة الماضية ، ولم يمض بعض الوقت حتى جمعوا ما يكفي من الأغصان الجافة ، بعدئذ ظهر الصيادون الذين حصلوا على صيد وفير ، فقاموا بتجهيز النار لشواء السمك.
أخذت عينا ليف تبحثان عن رايان الذي عكست عيناه الزرقاوان ذكريات لقائهما بعد الظهر ، لكن القسوة الباردة ظهرت على محياه قبل ان يشيح بنظره عنها ليشعل النار ، عشرات الأسئلة كانت تجول في خاطرها ، أسئلة عن نيّته الإقامة الدائمة في المنطقة ، واسئلة عن مشاركته في خطط إعمار جزيرة كرافن.... غلا أنها لجمت فضولها ولم تنطق بأي منها .
كان السمك شهيا ، فأكلوا حتى التخمة فيما بدات الشمس تنزلق وراء الأفق تاركة لونا قرمزيا يغطي صفحات المياه المتراقصة.
منتديات ليلاس
أضاف مايك مزيدا من الخشب الى النار ، فجلسوا يستمتعون بدفئها ، عاد روكو الى المركب واحضر الغيتار ، حيث قاموا جميعا بإنشاد الأغاني حتى دب النعاس في جفون الأطفال ، فقررت ليف وماريا إصطحابهم للنوم.
" عودي حين ينام الأطفال يا حبيبتي".
قال مايك وهو يتمدد على الرمال الدافئة ، بينما حملت ماريا صوفي الصغيرة وإتجهت نحو المركب.
وعندما حاولت ليف أن ترفع ميلي النائمة، تقدم رايان وأخذ الطفلة الصغيرة منها قائلا:
" ساحملها أنا ، هل ما يزال لوك مستيقظا ؟".
" نعم".
اجابت وهي تضع ذراعها حول كتفي غبنها ، بينما امسكت دينو باليد الخرى.
إنتظر رايان حتى غطت ميلي وقال:
" بإستطاعة لو كان ينام في الغرفة العليا".
بعد ذلك ساعده على الصعود قائلا له:
" يوجد سلم هنا لتنزل عليه إن اردت ، سابقى النور مضيئا في المر ، أراك في الصباح يا بني".
ربت رايان على كتفه بينما هز لوك رأسه وقد غلبه النعاس.
بدأ الألم يتسرب الى قلب ليف ، فإلتفتت بحدة نحو الغرفة الرئيسية تتبعها خطوات رايان الرشيقة ، ثم قالت بعدما إنضمت اليهما ماريا:
أود البقاء على متن المركب لأكون الى جانب الأطفال إن هم إستيقظوا في الليل".
قال رايان:
" أنهم تعبون ولن يستيقظوا بسرعة".
" حسنا ، لا اريدهم ان يسيروا بحثا عني ، ومن ثم يتعثروا ويقعوا".
قالت ليف وهي ترفض العودة الى الشاطىء الحالم ، وخاصة الى جانب رايان الذي يثير ذكرياتها.
قالت ماريا:
" سأبقى معك يا ليف".
نظر رايان نحوها وهو راسه قائلا:
" حسنا ، كما تريدان ، سأطفىء النار ونعود جميعا الى متن المركب".
قالت ماريا:
" ليس هناك ما يدعو الى ذلك".
" وأي سهرة ستكون هذه بجانب النار الرومنطيقية بعيدا عن نسائنا؟".
أجاب رايان وعيناه تستقران على ليف ، ثم توارى في الظلام.
كان الوقت متأخرا حين عاد الجميع وهم يرغبون في إطالة السهرة.... فالنسيم العليل وتأرجح المركب البطيء وغناء روكو الساحر وهو يعزف على الغيتار ، اثار روحا حالمة تبعث على الإسترخاء في هذه الجزيرة الخلابة القابعة وسط المحيط.
أحست ليف بالحسد من السعادة التي تجمع بيم ماريا ومايك ، كان راس ماريا يرتاح على كتف مايك وذراعها تمتد نحو عنقه .
جلست ليف بمفردها وإنتظرت بتوتر أن يتحرك رايان ويجلس بجانبها ، لكنه بقي مكانه ، إذ إختار أن يبقى وحيدا مثلها.
كانت تسترق النظر اليه ، فيما كان ممددا يراقب روكو وهو يمسك بغيتاره ويعزف الحانا شجية ، كانت تلك النظرات السرية كافية لأثارتها ، فتلاحقت خفقات قلبها وتهدجت أنفاسها ، فشعرت بحنين عميق ، إذ كانت دائما تميل اليه ، منذ ثماني سوات ، هامت به كفتاة مراهقة ، وهي الان تهيم به كإمراة ناضجة ، إن قوة الإنجذاب التي شعرت بها نحوه ملأتها رعبا ، رعبا منه ومن نفسها.
نعم ، لم تعد تلك المراهقة الساذجة ، فهي الان أكبر وأكثر نضجا ، إنها تعرف مدى الألم والإضطراب الذي يمكن أن يسببه لها رايان ، وعدت نفسها بالا تسمح له بالإقتراب منها وأخذت تقاوم العواطف المتصارعة داخلها ، يجب ان تضع نفسها تحت المراقبة الدقيقة ، فاذا كان رايان يعتقد ان بإستطاعته النيل منها بسهولة مثلما فعل منذ ثماني سنوات ، فإنه ينبغي عليها ان تبرهن خطا ذلك الآن ، لكن ماذا بشأن ما حصل على متن المركب قبل بضع ساعات ؟ سأل صوت من داخلها ، إنها بالكاد تلام ، أجابت نفسها ، إذ أنه أفقدها صوابها ، فقد كانت نائمة ، وبالتالي غير واعية تماما ، وهي لن تسمح له بالإقتراب منها ثانية.
بعد ذلك بدأت الخريطة التي إكتشفتها صدفة تقلق تفكيرها ، فهل يمكن أن يكون رايان المالك الجديد لجزيرة كرافن ؟ بدا ذلك مستحيلا ، لكن إسمه موجود في أسفل الورقة والأهم من ذلك ، كيف يقوم بمثل هذا العمل من دون إطلاع والده؟
كان رايان يعلم مثلما يعلم الجميع مدى رغبة دانيسون الأب في إمتلاك جزيرة كرافن ، لذلك ، فإن سلبها من تحت أنفه من قبل إبنه ربما تكون ضربة قاضية له ، فكرت ليف أن ما أقدم عليه رايان غرضه القضاء على والده ، إلا أنها طردت تلك الفكرة من رأسها ، فهي تعلم أن رايان لا يمكن ان يكون حاقدا ، وبالتالي لم يخطط منتظرا لحظة الثار ، ومهما يكن ، فإن شراءه لجزيرة كرافن سيجعل الهوة تتسع بينه وبين أبيه.
كانت ليف تعلم منذ البداية أن والد رايان لم يكن مطمئنا لإرتباطه معها ، ليس لأنه يشعر بشيء ضدها شخصيا ، بل كان ضد انوثتها ، كما أن وجودها لم يكن واردا في المخطط الذي وضعه لأبنه الأكبر ن فالزواج بالنسبة لرايان كان يجب أن يتم في وقت لاحق ، ومن إبنة أحد شركائه بحيث تستطيع أن تحافظ على مركزه الإجتماعي.

نيو فراولة 23-02-12 06:25 PM

إن الفتاة البالغة السابعة عشرة من العمر ، إبنة الصياد الذي يعمل لدى دانيسون الأب ، لم تكن مناسبة ، كما ان والدها كان يشعر بنفس الشيء نحو رايان.
عندما إلتقت ليف برايان في الحفلة ، منذ ثماني سنوات ، وبعدما أوصلها الى البيت ، رن جرس الهاتف في منزلها ، فردت وهي لا تدري من الذي يمكن أن يتصل بها ، أصابتها الدهشة لدى سماعها صوت رايان ، الذي سالها الخروج معه في نزهة قصيرة.
عادت الى ذاكرتها صورة تلك الشابة التي تسرع في إرتداء الجينز الأزرق والقميص الملون، والتي تسرّح شعرها بالفرشاة لتعود وتكتب رسالة موجزة لوالدها ، بعدها تقضي خمس عشرة دقيقة في الإنتظار الشاق وهي تفكر فيما إذا كان يجب ان تهرع نحو سيارة رايان فور وصوله أو تنتظره حتى يقرع الباب.
فتحت ليف الباب لحظة طرق عليه رايان ، وحين رآها ، اضاءت إبتسامته الساحرة وجهه الأسمر ، كان يرتدي الجينز ايضا ، وقميصا أزرق ، بعد تلك النزهة الرائعة ، إعتاد رايان على لقاء ليف ، حيث كانا يتنزهان في اغلب الأحيان في مكان يشرف على شاطىء البحر.
وبالطبع ، كان يقترب منها ويعانقها ، وما تزال ليف تتذكر تفاصيل تلك اللحظات ، فقد علّمها رايان أن المعلومات التي تبادلتها مع الصبية القلائل الذين هم في سنها غير مجدية ، لا بد أنه سخر من قلّة خبرتها ، ولكن في أحد الأيام ، وفيما هي تسير في شارع القرية الرئيسي ، توقفت سيارة الجكوار الحمراء الى جانبها ، وإنحنى رايان يفتح الباب من دون أن يضطر الى دعوتها للصعود.
كان ذلك قبل اسابيع قليلة من إكتشاف والدها علاقتها مع رايان دانيسون ، لم تكن ليف تقصد إخفاء الأمر عنه ، لكنه حين علم بالأمر ، وقع أول خلاف بينهما ، إذ عدّد بصوت مرتفع أخطاء رايان، فهو يكبرها بكثير ، كما أنه مهمل ولا يتحمل اية مسؤولية ، وهو بالتأكيد يقضي وقته معها في سبيل التسلية......
بعد ذلك ، تدبرت أمر لقاء رايان بعيدا عن المنزل ، وكان والدها حين لا يلاحظ ذلك ، يتجنب ذكره امامها ، كان لقاؤهما يزداد حرارة مع مرور الأيام ، الى أن مرت ليلة وضعت علاقتهما في مأزق.
ففي تلك الليلة ، تناولا عشاء رومنطيقيا في احد المطاعم ، وفي طريق العودة الى المنزل ، أوقف رايان سيارته الى جانب الخليج ، كانت اللقاءات السرية مع رايان تعذب ضمير ليف وتقلقه ، لكنها في هذه الليلة إلتقته من دون شعور بالذنب ، إقترب رايان منها ، وفجأة أحست ليف انها تكاد تنهار ، الأمر الذي ملأها خوفا ، فأبعدته عنها بكل قوتها ، كانت تظن أنه سيحاول الإقتراب منها ثانية ، إلا أنه بقي مكانه يتنفس بهدوء وراء مقود سيارته ، شعرت بالألم والياس ، ثم قالت بهمس متقطع:
" آسفة".
إلتفت رايان الذي بدا وجهه شاحبا تحت ضوء القمر ، وقال معتذرا:
" آسف لأنني أخفتك.... فقد نسيت نفسي ، نسيت كم أنت صغيرة و .... من الأفضل أن نعود الى البيت".
بعد ذلك مضى أسبوع من دون أن يتصل بها.
لم تعلم كم من مرة أمسكت بسماعة الهاتف للإتصال به والدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها ، وحين دعاها اخيرا لمرافقته الى حفلة يقيمها أحد أصدقائه ، بكت ليف فرحا ، إذ كانت تريد البقاء الى جانبه مهما كلّف الأمر ، ثم وصلت بطاقة دعوة مذهبة من دانيسون الأب تدعو السيد تشارلز جانسن وإبنته اوليفيا الى عيد ميلاد إبنه الأصغر جويل ، وبعدما قرا والدها البطاقة ، رماها بإهمال على الطاولة وقال بحزم:
إرسلي له إعتذارنا لعدم قدرتنا على المجيء".
قالت ليف برجاء:
" ارجوك يا والدي ، إن جويل لطيف جدا ، ومن الوقاحة أن ترفض دعوته".
" أظن أنني اخبرتك أن تبتعدي عن ىل دانيسون ، فهم ليسوا اهلا لك".
" إن كل اصدقائك سيكونون هناك".
" حسنا ، ربما يجب ان أذهب وأعود بسرعة لكي لا اثير غضب السيد دانيسون ، لكن لا أريد أن أراك بصحبة رايان !".
حين إقترب موعد الحفلة ، إرتدت ليف ثوبا جميلا ذا أكتاف مكشوفة ، وتركت شعرها اللامع ينسدل على كتفيها.
أما والدها ، الذي لم يشعر بالراحة وهو يرتدي بدلته الجديدة ، فقد قطب حاجبيه لدى رؤيتها ، لكن ليف دفعته للإسراع قبل أن يتسنى له الضغط عليها كي تبدل ثوبها ، كادت أنفاس ليف تنقطع دهشة حين وصلت الى منزل آل دانيسون ، كان المنزل مضاء بأضواء براقة بحيث بدا كأنه سفينة ضخمة تطفو على صفحة الماء ، ظنت ليف أنها تحلم بأشياء مذهلة ، فلم تصدق ما رأت ، إلا أن دهشتها إصطدمت بسخط والدها الذي قال:
" هنا آل دانيسون ذوو المظاهر ، بيتهم كبير وأموالهم كثيرة ومشاريعهم أكثر".
فتح الخادم توماس لهما الباب وقادهما الى الداخل حيث كان جويل يستقبل المدعوين ، وحين رآها ، اسرع وهو يبتسم مرحبا:
" مساء الخير يا سيد جانيسن ... شكرا لتلبية دعوتي".
أجابت ليف :
" شكرا لدعوتك لنا ، أتمنى لك عيدا سعيدا".
" هل أستطيع ان اصطحب اجمل فتاة في المنطقة؟".
سألها جويل حين إبتعد والدها ليتحدث مع دانيسون الأب ، حكت ليف وضعت يديها على كتفيه.
" إن بلوغك الحادية والعشرين لا يخولك حق عناق كل فتاة يا أخي الصغير".
قال رايان وهو يضع يده حول ليف وتابع:
" وخاصة هذه الفتاة بالذات".
لم تعد ليف تقوى على الوقوف ، فتركت عينيها تنهلان من أناقته ، كان يرتدي بدلة زرقاء وقميصا كحليا رائعا.

نيو فراولة 23-02-12 06:28 PM

قال رايان وهو يتقدم لمصافحة والد ليف:
" كيف حالك يا سيد جانسن؟".
بعد ذلك وصل المزيد من الضيوف ، فإبتعد السيد جانسن لينضم الى مجموعة من الرجال الذين تحلقوا حول دانيسون الأب ، بينما إتجهت ليف للحديث مع عدد من الشبان الذين سبق لها أن تعرفت عليهم.
ولخيبة أملها ، لم يبحث رايان عنها كما كانت تتوقع ، فبدأت السهرة تفقد روعتها ، لكن حين بدأ العشاء ، وقف رايان الى جانبها وذراعه حول خصرها ، ثم قال بلطف بالغ وانفاسه تداعب أذنها:
" هل اخبرتك أنك تبدين فاتنة جدا الليلة يا آنسة جانسن؟".
لم تقل ليف أي شيء ، بل إكتفت بالنظر اليه بعينين حالمتين لتسمعه يردد:
" إستمري في النظر الي لأطير بك الى حيث لا يوجد احد يا صاحبة العينين الزرقاوين ".
كان العشاء فاخرا ولذيذا ، مكث رايان خلاله بالقرب منها ليشربا نخب جويل ، وحين فرغ الجميع من الطعام ، إنقسموا الى جماعات ، فذهب الشبان الى غرفة الرقص ، فيما بقي الكبار يتجاذبون أطراف في غرفة الجلوس.
خلع رايان سترته وفك أزرار قميصه العليا ليرقص وعيناه تبدوان أكثر لمعانا وجاذبية مما الهب مشاعر ليف ، وفيما هما يرقصان ، سار بها نحو غرفة جانبية وهو يقول :
" كنت اريد ان أفعل ذلك منذ بداية السهرة".
لكن فتاة وشاب دخلا ليقطعا عليهما خلوتهما ، فأمسك بيدها وخرجا من المنزل.
" الى اين نحن ذاهبان؟".
قال ضاحكا وهو يتجه الى الشاطىء وقد اضاء القمر طريقة:
" الى حيث لا يزعجنا احد".
ثم أردف قائلا:
"..... تخلصي من حذائك".
رفست ليف حذاءها العالي أسوة برايان.
اخذا يقفزان ويداهما متشابكتان وكالأطفال تسابقا على الشاطىء ، فيما كانت أصوات الموسيقى ورنين الضحكات تتلاشى في الظلام وراءهما.
" تمهل يا رايان ! لا أستطيع اللحاق بك".
وقفت ليف مسمّرة في مكانها وهي تقول:
" أظن أنني أكلت كثيرا".
تخلص رايان من قميصه تاركا النسيم البارد يلفح بشرته الدافئة، ثم قال :
" لم أكن أعلم ان المكان دافىء في الداخل ! إن ما نحتاجه هو القليل من السباحة".
لمعت عيناه كالفحم الأسود وهو يتابع سائلا:
" ما رأيك يا ليف؟".
ضحكت قليلا وقالت:
" كلا ، لا أستطيع ذلك....".
" هيا بنا ، لن يرانا أحد".
لمعت أسنانه تحت ضوء القمر وهو يبتسم لها.
" يجب ألا تسبح".
قالت ليف بسرعة ، فتركها قائلا:
" أراك فيما بعد على الشاطىء"
ثم القى بنفسه في المياه.
وقفت ليف مسمّرة في مكانها حائرة وهي تخشى عليه من الغرق ، ثم ، وبجرأة مفاجئة ، وقبل ان تسمح لنفسها بتغيير رأيها ، سارت الى الأمام وهي تشعر بمزيج من الإثارة والرعب غطست في المياه الباردة التي أجفلتها لأول وهلة ، وما لبثت أن إعتادت عليها ، سادها شعور بالحرية لدى وجودها وحيدة في البحر المضاء بالقمر المنساب كالحرير.
لكن يجب أن لا تبقى وحيدة ، يجب ان يكون رايان الى جانبها ، بحثت عنه بعينيها واللم يتسرب الى نفسها ، اين هو الان؟ إرتجف إسمه في حلقها حين إلتفّت ذراعاه حولها لترفعاها ثم تلقيا بها في الماء ، أخذت ليف تسبح وراءه من مكان لآخر ، فيما كان يختفي من أمامها ليظهر من ناحية أخرى ، الى ان إستطاعت الإمساك به ليعودا الى الشاطىء وهما يضحكان بمرح.
بدا القمر أكثر توهجا في تلك اللحظة ، فإلتفت رايان بعينيه نحوها ، ثم غرقا سويا في الرمال حيث يتجاذ المد والجزر الرغوة الاتية اليهما ، لم تستطع أن تقاوم سحره ، بل رغبت ان يقترب منها أكثر مما فعل ، وحين راودتها الفكرة ان ما تفعله خطأ ، القت بهذه الفكرة جانبا وهي تحدّث نفسها بأنها تحب رايان وستبقى كذلك الى الأبد ، ولن يدخل في حياتها غيره.
وفجأة شعر رايان بالدموع تنهمر من عيني ليف ، فضمها الى صدره بقوة وقال وهو يمسح دموعها:
" آسف يا حبيبتي".
هزت راسها وقالت:
" انا بخير... أحبك يا رايان".
لمست وجهه وتطلعت اليه والحب يملأ عينيها ، ثم اخذت تفكر... هل خيّبت آماله ام أنها أحرجته؟
قال رايان بحنان:
" أرجوك يا ليف، لا تبكي ، أنت لا تحتقرينني بقدر ما أحتقر نفسي ، صدقيني".
قالت وهي ترتعش:
" انا لا أحتقرك يا رايان ، ليس الخطأ خطأك".
" كان يجب أن لا أفقد السيطرة على نفسي...".
فكرت ليف مليا بكلماته ، فهل يعني أنه لو كان في وعيه الكامل لما رغب في الإقتراب منها؟
قالت بهمس:
" ألا يعني ذلك شيئا لك؟".
ابعدت راسها عنه ، إلا أنه أمسك بها واصابعه تنغرس في ذراعيها ، ثم إحتضن وجهها بكفه وقال بصوت أجش:
" بالطبع يعني ذلك شيئا لي ، لكن كان يجب ان لا أدع شيئا يحدث ، فانت صغيرة جدا".
قال ذلك بلطف ثم اردف :
" لكن هذا ليس ما افكر به".
جاء عناقهما أقل حرارة هذه المرة ، حتى إستغرقا في النوم وهما متعانقان على الرمال ، لم يشعرا بمرور الوقت ، ولم يسمعا الجلبة التي اثارها الجميع بحثا عنهما ، الى أن أضاء مشعل مكانهما.
إستيقظ رايان وهب واقفا وقاد ليف التي كانت تغالب النعاس الذي طغى عليها ، وما لبثت أن إستفاقت مذعورة لدى رؤية شخصين يقفان امام المشعل ، ثم وقفت بهدوء وهي تحمي نفسها به ، لم ينطق رايان باية كلمة.
" هل وجدتهما؟".
إنطلق صوت والد ليف عبر الأمواج وهو يسرع للإنضمام الى الشخصين.
" نعم ، إنهما هنا".
جاء صوت دانيسون الأب رزينا ، ثم تطلع نحو إبنه الأكبر وقال غاضبا:
" تماديت كثيرا هذه المرة يا رايان".
إتجه جويل نحو ليف قائلا:
" ليف ، هل أنت بخير ؟".
قالت بخجل:
" نعم ، أنا بخير طبعا".
" ما الذي يجري هنا ؟".
جاء صوت تشارلز جانسن مضطربا واضاف :
" كنا في غاية القلق عليك يا ليف ، إذ وجدنا حذاءك على الدرج".
وبعدما رأى شعرها المبلل قال:
" ليف؟ هل كنت تسبحين؟".
قال رايان بجفاء:
" لنذهب الى البيت ، لن نستفيد شيئا من الوقوف هنا كل الليل ".
قال والدها بإصرار :
" ليف ، ما الذي يجري هنا ؟".
" سنتحدث فور عودتنا الى البيت يا جانسن".
قالها دانيسون الب فيما كانوا يتهيأون للسير ، والهدوء المؤلم يخيم عليهم جميعا.

نيو فراولة 23-02-12 06:30 PM

7- أثر على الوسادة

إنكمشت ليف حين راودتها تلك الذكريات ، ولمعت في مخيلتها صور المشهد الذي اعقب تلك الحادثة ، وفيما كانت مستلقية على سريرها في مركب رايان ، لفت ذراعيها حول نفسها كي تشعر بالإطمئنان أزاء تلك الذكريات المؤلمة.
إلتزم والدها الصمت بعدما علم بكل ما جرى ، وما لبث ان بدأ مع دانيسون الب يوبخان رايان ويتهمانه بالطيش ، فيما وقف رايان الذي إكتسى وجهه بتعبير جاف ، صامتا كأبي الهول.
فقدت ليف السيطرة على نفسها ، ولم تستطع تحمّل المشادات ، وهنا وضع جويل ذراعه حولها ليهدىء من روعها ويمسح الدموع المنهمرة على خديها.
نظرت ليف الى عيني جويل المليئتين بالحنان ، وإرتاحت عندما رأت وجهه يعكس ما تعانيه من ألم وخيبة ، ثم هدات قليلا وإنتقلت بها الذاكرة الى الوقت الذي طلب فيه من رايان أن يتزوجها فورا ، لكن رايان رفض الزواج بحجة أنه غير مهيأ له وان هناك أمورا يجب أن ينجزها قبل ان يتحمل عبء هذه المسؤولية ، تجمدت عروق ليف عندما سمعته يرفض الزواج منها ، وإلتفت والدها نحوه وتهيا للإنقضاض عليه ،وقد بدا وجهه شاحبا من الغضب لكن صوت دانيسون الب حسم الموقف ، إذ قال:
" يجب أن يتزوج رايان من ليف ، وان يواجه مسؤولية ما أقدم عليه ، ثم يغادر المنطقة من دون ان يأخذ شيئا بإستثناء ما يستطيع حمله ، وبعدها لن تكون هنا اية معونة إقتصادية له ، لكنه سيتزوج ليف.... وهذا هو المهم".
عادت عينا ليف تنظران الى رايان وهو يواجه غضب والده ، لكن الأسوا من ذلك كانت الطريقة المشينة التي إبتعدت بها عيناه الزرقاوان عن عيني ليف المتوسلتين.
كان إحتفال زواجهما هادئا عل عكس الإحتفالات الصاخبة التي كانت تحييها عائلة دانيسون ، خرج رايان بعد ساعة من الإحتفال ، ولم تعد ليف تراه على إنفراد كما في تلك اللحظات الحالمة التي قضتها معه على الشاطىء ، وحينما تشابكت أصابعهما بينما كان يلبسها الخاتم ، شعر كل منهما وكأنه يلامس النار.
لم تعد ليف تراه إلا حينما فاجاها منذ ثلاثة اسابيع ، وفي الواقع ، لم تسمع عنه شيئا إلا عندما بلغ طفلاها عامهما الثاني ، وقتئذ نصحها البنك باخذ النفقة التي كان يرسلها الى حسابها كل شهر ، لكنها لم تمسها خلال تلك السنوات ، إذ لم تكن تريد شيئا منه.
شعرت ليف بالدموع تبلل وسادتها ، فإنتابتها موجة من الأسى ، كلا ، لم تكن تريد منه شيئا ، لكنه منحها أثمن هدية ...طفليها الجميلين.
منتديات ليلاس
لم تستطع أن تتخيل الحياة بدونهما ، رغم انها لم تحس بطعم الحياة ، فبعد رحيل رايان ، مكثت ليف في منزلها وحيدة تتطلع الى البحر او تتمشى على الشاطىء ، وإبتعدت عن كل من يحاول التقرب منها ، حتى والدها وجويل ، وضعت لنفسها قفصا زجاجيا وهميا بحيث لا تستطيع ان تلمس احدا ولا أحد يلمسها ، لم يخطر ببالها قط أنها يمكن ان تكون حاملا ، لم تكتشف ذلك إلا بعدما لاحظ والدها معالم المرض البادية عليها ، فإستدعى الطبيب الذي أكّد حملها ، تلقت النبأ من دون أي إنفعال ، إذ أنها لم تكن تدري أتريد أطفالا ام لا تريد؟
كان والدها شديد القلق عليها ، وحاول جويل إخراجها من صمتها ، حيث بقي الى جانبها يتحدث اليها ساعات طويلة من دون جدوى ، فإتهمها بالأنانية وعدم الإهتمام بالآخرين.
وبرغم هذا الإتهام ، إستمر جويل في مساعدتها كي تتجاوز المحنة التي المّت بها ، ولما بدات الحياة الجديدة تنمو في احشائها ، إستعادت ليف توازنها تدريجيا ، وعاد كل شيء الى حاله الطبيعي ، وتحول الحب الكبير الذي منحته لرايان نحو الكائنين اللذين لم يولدا بعد ، نعم ، كان جويل سبيلها الى الخلاص ، حبث جاهد طويلا من أجل إنقاذها بعد ان كانت على شفير الهاوية ، كان من السهل جدا أن تقع في حب جويل خلال السنوات الماضية ، إلا أنها كانت تعلم أن هناك شخصا ثالثا يحول دون ذلك.
لم تكد ليف تستغرق في النوم حتى شعرت بيد تلامس كتفها بلطف ، فإستفاقت تنظر في الظلام الى الوجه الذي علمت بوجود صاحبه.
قالت وهي تمسك بالغطاء لتحمي ذراعيها:
" ما الأمر؟ ماذا تفعل هنا؟".
قال رايان وهو يمسك بالغطاء:
" علي أن ينام هنا لأن روكو ينام على المقعد في الغرفة الرئيسية ، إنني لا ارغب في النوم على الأرض ، بينما أكون مرتاحا اكثر هنا".
" تكون مجنونا لو إعتقدت انني سأدعك.....".
" أخفضي صوتك كيلا يستيقظ النائمون".
" لن تنام هنا".
همست ليف بإصرار بعدما إلتقت عيناه بعينيها ، ثم تساءلت ساخرة فيما كان قلبها يخفق بشدة:
ما الذي جرى للنجوم في السماء؟".
" لو توقفت عن الكلام لكان بإمكانك الإستماع الى المطر".
أنصتت ليف الى المطر المنهمر على متن المركب ، فيما كانت تسترق النظر الى رايان.
أحست بالتوتر ، وقالت:
" وماذا بشأن السي؟".
" أنها نائمة في السرير الواقع تحت سرير لوك ، لقد جاءت لتنام هناك بعدما بدات السماء تمطر ، والآن تحركي ، فانا متعب وأريد أن اخلد للنوم".
رفع رايان الأغطية وإنزلق تحتها لينام.
تقلص السرير المريح المتسع وأصبح ضيقا جدا ، فإلتصقت ليف بحائط الغرفة وقد توترت حواسها ، اطفأ رايان الضوء وإستلقى مديرا ظهره اليها .
بقيت ليف هادئة وعيناها مفتوحتان ، تنهد رايان قائلا:
" إهدئي ، إكراما لله".
إزدادت ليف إلتصاقا بالحائط بعدما سمعت صوته.

نيو فراولة 23-02-12 06:32 PM

قال وهو يلتفت نحوها قليلا:
" ليف قلت ان ميلي تنام في السرير المجاور ، وليس علي ان ادفعك للقيام بما لا ترغبين بالقوة ، وإذا كنت أود الإقتراب منك ، فلا ينبغي على اللجوء الى القوة ، نامي بهدوء لأنه ليست لدي اية رغبة في ذلك".
ثم إستدار وإستغرق في النوم.
أجبرت ليف نفسها على الإسترخاء تدريجيا حتى إستطاعت أن تخلد الى النوم ، وكانت تلتفت خلال اليل نحو رايان ، فياخذ ذراعها ويلفها حوله ، وحين فتحت عينيها ، كان النهار إنبثق متوهجا من النافذة الواقعة فوق سرير ميلي التي كانت ما تزال مستغرقة في النوم ، عادت ذكريات الأمس تراودها ، فتطلعت الى حيث كان ينام رايان ، لكنها لم تجده ، فهل كانت تحلم؟
لا! إن أثر راسه ما يزال واضحا على الوسادة.
نهضت ليف ونظرت من النافذة الى السماء الزرقاء الصافية ، كان المطر قد توقف تاركا الجزيرة تبدو أكثر نضارة ونقاوة ، قرع رايان الباب بلطف ، ثم دخل يتبعه لوك ، كان كل منهما يحمل كوبين من الشاي ، وضع لوك كوبه وكوب شقيقته على الطاولة وجلس بجانب ميلي التي كانت تفرك عينيها الناعستين.
ناولها رايان فنجان الشاي من دون ان ينطق باية كلمة ، ثم جلس الى جانب السرير ورشف الشاي وعيناه تتحركان نحو وجهها.
قالت السي وهي تدخل الغرفة وتجلس قرب التوأمين :
" آه ، الجميع هنا ، يبدو انك تحبين النوم".
قالت ليف وهي تتطلع الى الشاي:
" لا ، لكنني امضيت ليلة مزعجة".
" إنه لأمر مؤسف ، أظن أنك غير معتادة على تحركات المركب ".
قالتها آسفة ثم أكملت:
" لقد ولدت في مركب ، فإعتدت على البحر منذ صغري ".
سالت ميلي امها وهي تنظر الى لوك:
ألم تحلمي حلما مزعجا يا أمي ؟".
تطلعت ليف نحو رايان الذي إبتسم بسخرية واجابت:
" راودني شيء يشبه ذلك".
" حسنا ، تعال يا لوك لنرمي شباكنا ونرى إن كنا نستطيع إصطياد الزبدة أو الجبن للفطور".
وقف رايان ، وقفز لوك بحماس من السرير.
سالت ميلي:
" هل استطيع المجيء أيضا؟".
قال لوك محاولا إبقاءها:
" لم ترتدي ملابسك بعد".
فأجابته وهي تفكك ازرار قميص النوم :
" بإستطاعتي إرتداء ملابسي بسرعة".
" إصعدي حالما تنتهين".
قالها رايان فيما كان يختفي في الرواق يتبعه لوك والسي.
نهضت ليف من سريرها لتساعد ميلي في إرتداء ملابسها وأفكارها تجول حول تلك الفتاة الفيجية التي كانت تتبعه وتبتسم له ، إنها شفافة جدا مثلما كانت ليف تماما ! فهل يمكن ان تكون هناك اية علاقة بينهما؟ إن كان ذلك صحيحا ، فلماذا يقول رايان انه يريدها ويريد الأطفال الى جانبه؟
إنتابتها موجة من الغيرة ، وملأ الياس قلبها عندما إلتفتت الى السرير ،وقاومت بصعوبة الرغبة الجامحة في وضع رأسها على الوسادة التي كانت تحمل آثار راسه.
كم كانت عمياء وحمقاء ! إنها تحبه مثلما كانت تحبه في الماضي ، وربما أكثر ، لأنه اصبح رجلا واقعيا وليس رجلا خياليا كما تصورته لنفسها طيلة السنوات الماضية ، لقد إختفى الخيالي وحل محله الواقعي بأخطائه ، وبإمكانها ان تحبه رغم تلك الأخطاء ، فهو لا يزال متهورا ، ويسعى لتحقيق كل ما يريد ، وإذا ما علم ما تكنّه له من مشاعر ، لإستغل ذلك ، وفي أي حال ، يجب ان لا يعلم بحبها له ، كما يجب ان تبقي مسافة بينهما.
قال لوك بحماس:
" إن الفطور جاهز يا أمي ، لقد إصطدنا بعض الأسماك ، حتى ميلي إصطادت واحدة".
كانت الوجبة رائعة ، إلا ان ليف لم تتحدث خلالها ، جلس الكبار الى الطاولة في الغرفة الرئيسية ، بينما جلس الأطفال الى طاولة اخرى.
قالت ماريا:
" أعتقد أنني شعرت بهطول المطر خلال الليل ، هل شعر أحد بذلك ام أنني كنت اتخيل؟".
اجاب روكو:
" لقد امطرت قليلا ، وهربنا من المطر بعدما تبللنا ، ونمت هنا في هذه الغرفة ، أين نمت الليلة يا رايان؟".
" لقد وجدت مكانا رائعا".
قال مبتسما ، في حين ضحك الجميع والقت ماريا والسي نظرات فاحصة على وجه ليف المحتقن.
إستلقت ليف وماريا تتشمسان على الشاطىء ، وهما تراقبان الأطفال يلعبون في الماء.
" يقول مايك أن رايان إشترى جزيرة كرافن وان لديه خططا جاهزة لإعمارها ، إن أفكاره العظيمة ستلاقي نجاحا لا مثيل له ، كما أنها ستوفر العمل للسكان المحليين".
" ليس هناك أي شك في أن النجاح هو حليف رايان في أي مشروع يقدم عليه".
لم تستطع ليف التخلص من الألم المسيطر على نبرات صوتها ، فنظرت اليها ماريا بحدّة.
تنهدت ليف ثم قالت:
" آسفة يا ماريا ، يجب ان لا أوجه سخطي اليك ، لا استطيع إلا ان أكون عدائية نحوه".
قالت ماريا بهدوء:
" ربما انت التي تدبرت لنفسك التفكير على هذا النحو يا ليف لأنه سبّب لك الأذى".
هزّت ليف رأسها وهي لا ترغب في التفكير بأن هناك بعض الحديقة في كلمات ماريا ، إن اسلوب والدها لم يساعدها ، لا سيما أنه كان لا يتحدث عن رايان إلا بالسوء ، كما أن دانيسون الأب لم يتحدث ابدا عن إبنه الأكبر ، إن عليها أن تلطف من تصرفاتها إكراما للطفلين كي لا تهتز صورة الوالد في نظرهما ، كل ذلك يعيدها الى المشكلة الرئيسية وهي التحدث الى الطفلين عن رايان.

نيو فراولة 23-02-12 06:35 PM

همست بكلماتها الى ماريا:
" علي أن أخبر التوأمين في الحال".
" لم لا تفعلين ذلك في حضور رايان ؟ عندئذ يمكنكما التحدث اليهما معا ، فقبل أي شيء ، يجب ان لا تقع المسؤولية على كاهلك فقط".
" لست أدري إن كنت أستطيع البقاء هادئة".
قطبت ليف حاجبيها لدى دخول رايان ، وأخذت تراقبه وهو يسير في إتجاههما بكل قوة وثقة ، وإعترفت في قرارة نفسها أنه من الصعب مقاومة الجاذبية التي يفرضها على الجميع.
قال رايان وهو يتمدد على الرمال بجانب ليف:
" يجب أن نعود في وقت مبكر ، إن منظر السحب المتجمعة هنا لا يسرّني ، خاصة وأن التقرير الجوي يشير الى أن البحر سيكون هائجا بعد الظهر ، لذلك أرى أنه من الأفضل ان نذهب خلال نصف ساعة لكي لا يشعر احد بالإنزعاج ، آسف لأن عليّ إختصار هذا النهار".
شعرت ليف بالإرتياح ، إذ كانت تتمنى أن يمضي الوقت بسرعة لكي تنتهي النزهة بسلام.
وصل الجميع الى شورت هاربر قبل أن يبدأ البحر بالهياج ، وعندما أحضرت ليف متاعها إستعدادا للعودة مع ىل كاستيللو إعترضها رايان قائلا:
" سأوصلك الى البيت يا ليف".
قالت بهدوء:
" سأعود مع مايك وماريا ، بإمكانهما أن يوصلاني في طريقهما الى المنزل".
توقف يحدق بها وعيناه تخبرانها أنه يود أن يهزها بعنف .
قال بإصرار:
" سأوصلك الى البيت ، هنالك أمر أود أن أحدثك عنه".
ثم تابع طريقه.
حين إنتهى رايان وروكو من توضيب الأشرعة والتأكد من أن كل شيء على ما يرام ، كان آل كوستيللو غادروا المكان ، مكثت ليف تائهة في افكارها وهي تنتظر أن يوصلها رايان الى المنزل ، إلا انه كما يبدو لم يكن على عجلة من أمره ، فشعرت بالإضطراب الشديد ، كان التوأمان سعيدين يحاولان إلتقاط سمكة ملونة كانت تسبح في المياه الزرقاء ، حتى أنهما لم يرضخا بسهولة لأوامر رايان بوضع صنارة الصيد جانبا لكي يعودا الى البيت.
فتحت ليف باب منزلها ، فتسابق التوأمان نحو الباب الخلفي ومن ثم نزلا الى الشاطىء ، وضعت ليف حقائبها في غرفتها وهي تشعر بتوتر أعصابها ، ثم تبعت رايان الى الغرفة الخلفية حيث كان واقفا يراقب ميلي ولوك.
وقفت ليف بدورها تراقب رايان متسائلة عما يجول في خاطره ، وهو يراقب التوأمين ، هل يشعر بالندم لأضاعته سبع سنوات بعيدا عنهم؟
سألت بجفاف:
" ما الذي تريد أن تقوله لي؟".
ظنت لدقيقة أنه لم يسمعها ، حيث مكث مكانه ثم إلتفت وقال بنبرة حادة :
" اريد منك ان تقدمي لي خدمة".
سالت وهي تراقبه بحذر:
" ما نوع تلك الخدمة؟".
" تعالي ندخل ".
أفسح لها الطريق لتسير أمامه، وما ان وصلا الى المطبخ حتى قرع الجرس ، ذهبت ليف لتفتح الباب وهي تشعر بنجدة مؤقتة ، لكن مشاعرها لم تدم طويلا ، لأن مارتن ويلسون كان من قرع الجرس.
" مساء الخير يا أوليفيا ، كنت أخشى ان لا أجدك هنا".
ثم إلتفت نحو سيارة رايان المرسيدس الفضية المتوقفة أمام المنزل.
" أرجو ان لا أكون قد اتيت في وقت غير مناسب".
" اهلا بك يا مارتن".
جاء صوت ليف متهدجا وهي تحاول إختلاق عذر ما لإبعاده قبل أن ياتي رايان.
" أنا... لقد وصلنا لتونا ، وأنا...".
" من الطارق يا عزيزتي؟".
جاء صوت رايان من ورائها ، فجمدت إزار النبرة العاطفية التي يحدّثها بها.
ضاقت عينا مارتن وهو يحدق في الرجل الواقف وراء ليف ، وحين إمتدت يد رايان لتطوّق خصرها بأسلوب اليف ، إنتقلت عيناه نحو ليف وهو يكاد لا يصدق ، عجزت ليف عن الكلام ، بينما مد رايان يده الأخرى ليصافح مارتن :
" كيف حالك؟ اقدم لك نفسي ، رايان دانيسون ، زوج ليف".
" هل ذلك صحيح يا أوليفيا؟".
قال مارتن متجاهلا يد الرجل الاخر الممدودة لمصافحته ، هز رايان كتفيه وقال:
" دعنا نرى ، انت مارتن ويلسون بالتأكيد ، لقد أخبرتني ليف عنك".
أجاب مارتن وهو يكاد لا يصدق:
" صحيح؟".
" ارجوك يا رايان".
إخيرا إستطاعت ليف أن تتكلم.
" إتركني مع مارتن دقيقة على إنفراد".
القى رايان نظرة فاحصة على مارتن قبل أن يهز كتفه ثانية .
" ساذهب وأبدا في تناول العشاء".
قال بحسن نية وإختفى داخل الطبخ.
وعلى الأثر نظر مارتن الى ليف قائلا:
" ما الذي يجري هنا يا اوليفيا ؟ هل هذا هو زوجك؟".
" نعم ، هذا هو زوجي ، لكن لا... آه يا مارتن ، ليس ما تفكر به صحيحا".
قالت ليف بسرعة وهي تتنفس بعمق قبل أن تكمل حديثها:
" آسفة يا مارتن ، كنت أود أن أخبرك بذلك عندما إتصلت بي هاتفيا ، لكن...".
" هل كنت تبحرين معه في مركبه؟".
" نعم ، ولكن..".
" منذ متى عاد؟".
" منذ ثلاثة أسابيع ، ولكن...".
" ثلاثة أسابيع؟".
إحمرت وجنتاه لدى سماعه ذلك ، ثم قال:
" أقدّر ذلك ، حسنا ، سأتركك الآن ، أعتقد أنني غاليت في تقديري لك ".
"مارتن ، إنتظر!".
وضعت ليف يدها على ذراعه ، نظر اليها وأزاحها عنه وسار مبتعدا ، اخذت ليف تراقبه وهو ذاهب ، فشعرت بالذنب نحوه ، ثم ذهبت الى المطبخ لتصب جام غضبها على رايان.
كانت ميلي تقف على كرسي تراقب رايان يحرّك حساء زكي الرائحة ، بينما كان لوك يهيء المائدة بفرح ، رغم أنه في العادة يكره القيام بهذه المهمة ، قال لأمه:
" إن الرجال يجهزون العشاء الليلة".
إلتقت عينا رايان بعينيها ، وبراءته الرقيقة تزيدها غضبا ، لكنها أمسكت لسانها لأنها لا تريد ان تزعج الطفلين.
" ان العشاء جاهز".
قالت ميلي وتطلعت الى رايان تساله:
" هل أنت متأكد أنه شهي؟".
" أنا أكفل ذلك لأنني ملك في إختيار المآكل والمشروبات الشهية ".
تابع رايان وهو يبتسم لها:
" لنجلس ونبدأ في تذوّق الطعام".
ضحك التوامان وجلسا في مكانيهما ، بينما أخذ رايان يقدّم الطعام ، جلست ليف بهدوء في مقعدها وهي تشعر انها ستكره الطعام ، لكنها فوجئت حين وجدته لذيذا.
" أليس ذلك عظيما يا أمي؟".
قال لوك وهو يضع شوكته وسكّينه في الطبق الفارغ وتابع:
" والان جاء دور الفتيات لتنظيف الأطباق ، هذه هي الأصول".
" هذا عدل".
قالت ليف وهي تنظر الى ساعة المطبخ ثم أكملت :
" لقد حان وقت الإستحمام والذهاب للنوم ، لقد قضيتما نهاية اسبوع مرهقة ، وغدا ستذهبان الى المدرسة ".
عندما ذهب الطفلان الى النوم ، وقف رايان في الممر وتمنى لهما ليلة سعيدة ، كان عليها ان تحدّثه بشأن معاملته القاسية لمارتن ، لكن يبد أن غضبها تلاشى ، فتبعته الى غرفة الجلوس وهي تشعر بزوال ثقتها به وبنفسها.

نيو فراولة 24-02-12 05:19 PM

8-الأب....

وقف رايان امام النافذة قائلا وعيناه تحدقان في الظلام:
أما بشان تلك الخدمة يا ليف...".
" كيف تجرؤ على طلب الخدمة مني بعد تلك المعاملة التي واجهت بها مارتن؟ عليك أن تنسى ذلك كليا".
" إن هذا المتزمت التافه لن يوفر لك السعادة يا ليف ، بل ستسأمين معه حتى الموت ، إنني لا أقول سوى الحقيقة".
" ليس الخطأ فيما قلته ، بل الطريقة التي تحدثت بها ، إنني احتقر تدخّلك فيما لا يعنيك".
" هل كنت تنوين الزواج منه حقا؟".
كان من السهل أن تجيب بنعم ، لكنها تعلم في قرارة نفسها انها لم تكن تنوي الزواج منه ، حتى ولو لم يعد رايان ، إنه على حق ، فمارتن سوف يسبب لها السأم والضجر.
قال واثقا :منتديات ليلاس
" لا اعتقد ذلك".
جلست ليف وهي تشعر بالإرهاق من جراء الحديث ، ثم قالت ببساطة ، وهي تتمنى لو أنها بقيت واقفة تمشيا مع الموقف المتأزم:
" رايان ، أنا متعبة ، اخبرني فقط بما تريد ثم إذهب".
لم يجب رايان ، فتساءلت عما إذا كان مترددا في إختيار الكلمات المناسبة ، لكنها طردت تلك الفكرة من رأسها ، لأن ذلك ليس من طبعه.
قال أخيرا دون اية مقدمة:
" إشتريت جزيرة كرافن".
" أعرف ذلك".
قالت ليف بتردد ، ثم تابعت:
" لم أصدق ان السيدة كرافن باعت الجزيرة ، كيف إستطعت إقناعها بذلك؟".
" لقد جئت اليها في الوقت المناسب وبالسعر المناسب".
حدّقت ليف في وجهه وقد راودها شعور أنه غير صادق ، وتساءلت كيف إستطاع أن يجمع تلك الثروة.
إبتسم رايان بمكر وكأنه يقرأ افكارها:
" لقد تم ذلك كله وفقا للقانون ، إذ حالفني الحظ وإستطعت شراء الجزيرة بسعر منخفض".
ثم تجوّل في غرفة الجلوس الصغيرة ، فوقع نظره على لوحة معلقة على الحائط ، فقال:
" هل هذه إحدى لوحاتك؟".
" نعم ".
" إنها جميلة".
" شكرا ، إنني أجيد الرسم".
اوما براسه ، وإلتفت نحوها وقال:
" ساقيم حفل عشاء في فندق إيرلي وأريد منك أن تكوني مضيفة".
نظرت ليف اليه وهي تكاد لا تصدق.
" وما الغاية من هذا العشاء؟".
" إنه بمناسبة إفتتاح مشروعي الجديد على جزيرة كرافن ، دعوت بعض الشخصيات في المنطقة ممن يمكن ان يكونوا مع أو ضد إقامة المشروع ، حتى أطلعهم على خططي ، وبذلك أستطيع معالجة أي إحتجاج قبل ان يبدأ ، فالتحسينات التي ساجريها في جزيرة كرافن هي إبتكارات حديثة ، والناس لن يهتموا بأي نوع من التغيير الذي يحدث هناك ، سأحدثهم عن إقامة منتجع سياحي فريد من نوعه".
" حتى وإن كانوا ضد إنشائه؟".
قال مؤكدا:
" لن يكونوا ضد المشروع بعد إنتهاء الحفلة".
" وماذا يعني كوني مضيفتك؟".
" عن وقوفك الى جانبي ، بروعتك المعهودة ، سوف يساعدني على إقناع من لا يقتنع بكلماتي".
" ولماذا يجب علي أن أقوم بهذه الخدمة لك؟".
تطلّع اليها رايان بسخرية:
" يمكنك ان تعتبري ذلك وسيلة من أجل الوصول الى غاية ، فحالما ينتهي الحفل ، أبتعد عنك نهائيا".
جاءت كلماته القاسية كالضربة القاضية ، لكنها تدبرت أمر الإحتفاظ برباطة جاشها وقالت:
" كنت اعتقد أنك ستبقى هنا".
" من يدري؟".
قال بإبهام ، ثم نظر اليها والحيرة تملأ عينيه :
" رايان ، لماذا رجعت ؟ هل تريد ان تثبت شيئا لوالدك ؟ ذلك ما يفكر به هو ويفكر به الجميع".
" لا اهتم بما يفكر به الجميع ، إن سبب عودتي لا علاقة له بوالدي ، فلماذا أريد أن أثبت له شيئا بعد كل هذه المدة؟ ربما في البداية......".
ثم هز كتفيه وتابع:
" لكنني تخليت حتى عن التفكير برأي والدي بي ، فهو لم يستطع أن يفهم طريقتي في الحياة ، كان يهاجمني ، وهو يعلم أنني لا أرضخ ابدا ، أما بالنسبة الى خطتي الإعمارية في جزيرة كرافن ، فإنني سأناقشها معه قبل العشاء ، وفي أي حال ، كان بإستطاعته أن يدفع الثمن الذي دفعته ، إلا أن السيدة كرافن إختارت ان تبيعها لي لأنها أعجبت بالأفكار التي قدمتها لها".
إنحنى رايان غير مكترث فوق المقعد وقال:
" بالإضافة الى ذلك ، عدت لأحاول ان أفعل شيئا بشان زواجنا ، الموضوع الذي تنفرين منه ، إن هذا الأمر خارج عن إرادتي ، والكرة هي الآن في ملعبك".
" أنا سعيدة هكذا ، كما أخبرتك سابقا".
قالت ليف وهي تتمنى لو أنه يلاحظ أنها تقول هذه العبارة من غير إقتناع.
" إذن ذلك من حقك ، لكن يجب أن أطلع التوأمين على الحقيقة".
وقفت ليف غاضبة:
" كيف تتوقع ان أدعك تأخذهما مني ساعة تشاء؟ فربما تتخلى عنهما غدا ، كلا يا رايان ، لا أظن أنها فكرة ملائمة".
" هل تريدين ان تشاركيني الحياة معهما؟".
" ان ما تقوله جدير بالإزدراء!".
" وهل تعتقدين أنه من العدل أن تمنعيني من التعرف الى طفليّ ؟ إنظري يا ليف، عندما إكتشفت وجودهما ، لم يسمح لي وضعي المادي أو العاطفي بالعودة ، ففي ذلك الوقت ، كنت سأتسبب بالمزيد من الضرر ، لكن الأمر يختلف الآن ، وبإمكاننا أن نكون أكثر تفاهما".
" اكرر ثانية ، لا أريد أن اجرح مشاعر الطفلين ، فمجرد وجودك سيؤثر فيهما".
صمتت ليف قليلا ، ثم تابعت:
" أخشى أن يعرف الطفلان بالحقيقة من الآخرين .....".
" إذن ، علينا أن نخبرهما بأنفسنا".
" اعرف ذلك ، لكن...".

نيو فراولة 24-02-12 05:22 PM

وضع رايان يده على راسه مفكرا ، ثم قال :
" علي أن اغادر الى بريسباين ، تعالي لتناول العشاء على متن المركب مساء الجمعة ، ومن ثم نخبرهما الحقيقة معا".
توقفت ليف وهي لم تقرر شيئا:
" يجب أن يتم ذلك يا ليف ، مهما كنت كارهة له".
قالت وهي تزفر:
" حسنا".
" سأمر لإصطحابكم في حوالي الساعة السادسة والنصف ، اما بشان الخدمة....".
اضاف وهو يتناول محفظته ويخرج منها بعض المال :
" فخذي هذه النقود وإشتري بها ثوبا يناسب الحفلة".
" لدي الثياب المناسبة يا رايان".
وتجاهلت المال الذي يمسك به.
" أعرف ذلك".
قال بغضب ، ووضع المال على الطاولة متابعا:
" دعيني هذه المرة فقط اشتري لك الفستان تقديرا مني للمساعدة التي سوف تقدمينها لي ، يمكنك إصطحاب السي إن رغبت ، إذ أنها تتميّز بذوق حسن".
ثم نظر بسرعة الى ساعته وأضاف:
" يجب ان اعو دالان ، فأنا اتوقع مكالمة هاتفية بشان العمل بعد عشرين دقيقة".
مشى نحو الباب قائلا:
" أراك يوم الجمعة القادم".
بعدما تلاشى صوت سيارته ، جلست ليف تنظر الى المال الملقى على الطاولة ، وترددت قبل أن تلمسه لأنها لم تقتنع أن من حقها أن تستخدم ماله من اجل شراء ثوب لها ، أما بالنسبة للإستعانة بألسي من اجل شراء الثوب ، فقد كان هذا آخر ما تفكر به ! وإن هي رغبت في إستشارة أحد ، فستكون ماريا".
مضى ذلك الأسبوع ببطء شديد ، رغم أن ليف كانت تود أن ينقضي بسرعة ، خلال ذلك ، أنجزت ليف لوحتين كانت وعدت بتسليمهما قبل عودة رايان ، وإستقبلت جويل الذي حمل اليها نبأ شراء رايان لجزيرة كرافن على النحو التالي:
" ما زلت لا استطيع أن أصدق انه إشترى الجزيرة ، اعني أنه كان دائما يتحدث بهذا الشأن في الماضي ، لكن والدي لم يكن يصغي اليه ، وهذا ما كان يثير غضب رايان ، ولما لم يعد يتحدث عن ذلك الموضوع ، أعتقدت انه نسي الأمر كله".
" وكيف تلقّى والدك ذلك النبأ ؟".
" بهدوء ، اصابته الدهشة في البداية ، لكنه الآن صامت لا يقول شيئا ، إن ما يقلقني هو أن والدي يعتقد أن رايان إشترى الجزيرة كي يضيفها الى ممتلكات العائلة ، هل أطلعك رايان على مخططاته؟".
" كلا، إلا أنه يريدني ان أكون مضيفته اثناء حفل العشاء ، أود أن أعرف لماذا ، ربما كان هناك شيء ما وراء ذلك".
" اعتقد ان علينا الإنتظار حتى يتّضح لنا كل شيء ، فمن المثير أن نرى كيف ستكون ردة الفعل عند الجميع".
كانت ليف في طريقها الى المنزل بعدما مرت بىل كوستيللو حيث إصطحبت التوأمين اللذين كانا ينتظران مساء الجمعة بفارغ الصبر ، لم تفكر ليف بما ستقوله لهما ، بل كانت تتهرب من ذلك ، لأنها لم تعرف حتى الآن الطريقة الفضلى التي ستباشر بها الموضوع ، وبرغم أن لوك لم يعد يسال اية أسئلة ، وأن تصرفاته ازاء رايان تغيرت كليا ، إلا أنها كانت قلقة حول ردة فعله عندما يعلم ان رايان هو والده ، اما بالنسبة لإبنتها ، فلم تجد ليف أية مشكلة لن ميلي أعجبت برايان منذ أول لقاء.
" أنه وصل يا امي".
قالت ميلي بصوت مرتفع بينما كانت تجري نحوه قائلة:
" إن أمي جاهزة تقريبا".
سرحت ليف شعرها بعصبية وربطته الى الخلف بعد أن كانت إرتدت بدلة خضراء وسترة طويلة الأكمام .
تحولت نظرات رايان نحوها حين إنضمت اليهم ، فتوقفت عيناه على شعرها قبل أن يلتفت ويتبع التوأمين الى السيارة ، كادت تقول له أنها ربطته الى الخلف بسبب الهواء الذي سيتلاعب به ويزعجها ، وليس لأنه يفضل أن تتركه ينساب على كتفيها بحرية ، لكنها احجمت عن ذلك ، وسارت بصمت خلفه وهي مأخوذة باناقته وجاذبيته ، كان عليها أن تبقى هادئة ورزينة هذه الليلة كي لا يشعر التوأمان بقلقها وآلامها.
قال رايان وهو يفتح لها باب السيارة:
" إهدئي ودعي القلق ، فهما طفلان ذكيان ، وسيتفهمان الأمر بسهولة".
أجابت وهي ترتعش:
" اتمنى لو كنت اكثر ثقة بنفسي".
لم يكن المركب راسيا قرب الرصيف ، بل كان داخل الخليج ، لذلك ذهبوا اليه بواسطة قارب صغير ، كان النسيم باردا والبحر هائجا قليلا ، ولما تطلعت ليف بقلق الى السحب ، قال رايان بصوت مرتفع:
" ربما تمطر قبل الصباح ، لكن طبقا للرصد الجوي ، سيكون الطقس جيدا غدا".
عادت ليف بافكارها الى المرة الخيرة التي قضتها على متن المركب حيث هطلت الأمطار الإستوائية ، فإرتعشت تلقائيا ، لكنها الليلة ، ستبقى على متن المركب لبضع ساعات فقط.
" اين روكو ؟ إنني ارغب في سماع عزفه على الغيتار".
سال لوك وهو يراقب رايان يجذف بسرعة ، بينما سألت ميلي وهي تنظر اليه بإعجاب:
" هل ستحضر لنا العشاء بنفسك؟".
شعرت ليف بالألم يعتصر قلبها ، فقد كانت أصغر من ميلي حينما نظرت اليه نفس النظرة.
أجاب رايان بإرتياح :
" طبعا سأحضر العشاء ، آمل أن يعجب الجميع بالأكل الصيني".
كان العشاء الذي اعدّ رايان معظمه لذيذ جدا ، إنطلق التوأمان يتحدثان بمرح الى رايان عن المدرسة وعن كرة القدم وعن دروس الرقص التي تتلقاها ميلي ، وبالطبع ، كانت ميلي تمسك بيدها المضمدة وهي تخبره عن تفاصيل الحادثة التي تعرضت لها قبل ايام .
بقيت ليف صامتة تستمع بقلق وهي تتخيّل الموقف المؤلم الذي سيتبع هذه اللحظات المرحة.

نيو فراولة 24-02-12 05:25 PM

تقبل رايان مجاملات الطفلين حول مهارته في فن الطبخ بإعتزاز ، ثم إلتفت نحو ليف وسالها:
" ما رايك ؟ هل أعجبك العشاء؟".
" نعم ، شكرا ، كان لذيذا جدا ، اين تعلمت الطبخ؟".
" تعلمت قليلا هنا وقليلا هناك".
سألت ميلي :
" عندما كنت تبحر حول العالم؟".
قال ضاحكا:
" نوعا ما ".
قال لوك:
" اراهن أنك قمت بمغامرات كثيرة ، هل تحطمت سفينتك ذات مرة مثل روبنسون كروزو؟".
اجاب باسف:
" كلا !".
تنهد لوك خائبا وقال متابعا إستجوابه:
" ولا مرة ؟ ما هي أكبر مغامرة قمت بها؟".
" حسنا ، لم تكن مغامرة بالمعنى الصحيح ، لكن أسوأ لحظة مرت بي هي حين هبطت بالطائرة الصغيرة على إحدى الجزر ، عندما بدأ المحرك يضطرب ، تمكنت أن أهبط بها ، إلا أنني نزلت على بعض الصخور فإنفجرت إطاراتها ووقعت على مقدمتها".
سال لوك :
" وما الذي حصل للطائرة ؟ هل تركتها على الشاطىء؟".
سألت ميلي:
" هل تقود الطائرات أيضا ؟ يبدو أنك تجيد القيام بكل شيء".
نظر الى ليف ساخرا :
" لا استطيع قول ذلك يا ميلي ، هناك كثير من الأشياء لا استطيع فعلها ، كالرسم مثلا...".
قال لوك في إعتزاز :
" امي تجيد الرسم ،حتى انها رسمت صورا لنا واعطتها الى جدي ، هل تحب أن ترسم واحدة لك؟".
قال بجفاف وهو يرفع حاجبه:
" وهل سيكون ذلك رهانا؟".
أجابت ليف:
" لست اهوى رسم الأشخاص ، إنني أفضل رسم المناظر الطبيعية".
" لوك يرسم جيدا أيضا مثل أمي".
قالت ميلي ، ثم اضافت بأسف:
" لكنني لا أستطيع ذلك".
قال لوك:
" انت تجيدين القراءة افضل مني ، يقول جدي ان كل إنسان يجيد أشياء محددة ، فإذا قام كل إنسان بما يجيد ، فإن كل شيء سيكون على ما يرام".
ثم تابع مفكرا:
" إن جدي دانيسون هو والدك ، اليس كذلك؟".
سؤاله هذا اذهل كلا من ليف ورايان.
أجاب رايان ببساطة:
" نعم".
" ولماذا ذهبت بعيدا ؟ هل كنت عاطلا عن العمل مثل والد صديقي داني الذي كان عليه السفر الى غلادستون بحثا عن العمل".
" كلا ، لكنني أردت العمل لحسابي الخاص ، وهذا ما لم أستطع تحقيقه هنا ، هل تفهم قصدي؟".
أومأ لوك براسه بسرعة وكأنه يفهم نفسيته ويستجوبه :
" هل انت متزوج؟".
إحتقن وجه ليف ،وشعرت بعيني رايان تنظران اليها قبل ان يجيب .
" نعم ، انا متزوج ".
إلتقط لوك شوكته ، ثم القاها ثانية وبدا وجهه الصغير جادا عندما قال بهدوء:
" هل أنت حقا والدنا؟ ".
" لوك ، قلت انك لن تتحدث بالأمر كيلا تنزعج والدتنا ".
منتديات ليلاس
همست ميلي بينما كانت تلتفت نحو والدتها لترى إن كان ذلك صحيحا.
بعد أن ألقى السؤال الذي كان يناقشه رايان مع ليف ، إختفت مظاهر الشجاعة من وجه لوك الصغير ، وأصبح رقيقا حساسا ، وكان طفلا يطأ بترددعالم الكبار.
سأل رايان بهدوء :
" وهل تنزعج إذا اخبرتك انني والدك؟".
قالت ميلي بحنان:
" أشعر انك ستكون أبا لطيفا".
إبتسم رايان لها وإلتفت يحدق في إبنه ، ثم قال :
" ما رايك يا لوك؟".
" أظن أن الوضع سيكون على ما يرام معنا ، إن كان كذلك بالنسبة الى امي".
نظر الى والدته التي لم تستطع كبت دموعها ، ثم سأل :
" ولكن لماذا تركتنا؟".
" لوك....".
بدات ليف لكن رايان اسكتها بإيماءة من رأسه .
" هذا سؤال جيد ، كانت لدي اسباب تدعوني للذهاب في ذلك الوقت ، لكن من الصعب ان أشرح لكما ذلك الآن ، فالكبار يخطئون ايضا ، وهم يقولون ويفعلون اشياء من الصعب ان يفهمها الأطفال".
" وهل تشاجرت مع أحد؟".
" تقريبا.....".
" وهل ستبقى هنا الان ؟".
" لا أدري ، ولكن أود أن نصبح اصدقاء طالما أنني هنا ، وأن نتعرف جيدا على بعضنا البعض ، ما رأيك في ذلك؟".
" إلتفت لوك نحو والدته قائلا:
" أمي ، هل يناسبك ذلك الوضع؟".
" طبعا ! ".
" إذن لن نكون الطفلين الوحيدين في الصف من دون أب".
قالت ميلي مبتسمة ، فيما تطلعت ليف بعينين يملاهما الألم الى إبنتها ، فهي لم تكن تعلم ان التوأمين يعرفان الحقيقة.
أما لوك ، فقال بوجه محتقن:
"لم يكن وضعنا سيئا ، بعض الآباء يعامل أطفاله بقسوة ، وكان العم جويل معنا دائما ، إنه انسان رائع حقا".
مر المساء بسرعة وبهجة ، ولم يلاحظ الطفلان اللحظات المتأزمة التي كان الكبيران يواجهانها ، وحين لاحظت ليف أنهما يتثاءبان ، أعلنت أنه حان وقت النوم ، وبالتالي ضرورة العودة الى المنزل ، كانت تشعر انها إستنزفت عاطفيا بعدما إنتهى كل شيء ، ثم ما لبث ان إنهمر المطر بغزارة ، عندئذ فتح رايان باب الغرفة ليعود ويغلقه بسرعة قائلا:
" سنتبلل خلال ثوان قليلة إذا ما غادرنا الآن ، علي أن أغطي مركب التجذيف كي لا يمتلىء ويغرق".
ثم أسرع الى الغرفة الواقعة في مؤخرة السفينة ليعود مرتديا بدلة السباحة.
سألته ليف:
" هل تحتاج الى أية مساعدة ؟".
" لا ، شكرا ، سأعود بعد قليل ".
عندما رجع ، كانت السماء تمطر بغزارة أكثر ، فناولته ليف منشفة ليجفف نفسه ، قال وهو يفرك شعره:
" يبدو أن المطر لن يهدأ الآن ، لماذا لا نبقى على متن المركب الليلة ؟ يمكنك النوم مع ميلي في الغرفة الخلفية ، وأنا أشارك لوك الغرفة الأمامية".

نيو فراولة 24-02-12 05:27 PM

إبتسم لوك وقال :
" هائل !".
أما ميلي ، فإنها قالت بإرتباك:
" لكننا لم نحضر ثياب النوم".
رفع رايان حاجبه وقال :
" يمكنك النوم بثيابك العادية ، وأنا ساعير والدتك أحد قمصاني ".
" قميص؟".
ضحكت ميلي وهي تضع يدها الصغيرة على فمها وأردفت :
" سوف تبدين مضحكة يا أمي".
قالت ليف:
" يجب أن نعود في الصباح الباكر ، فعلى لوك أن يلعب كرة القدم ".
" هل تستطيع.... حسنا ، تعال وإحضر المباراة إن كنت تود ذلك ، هذا إن لم يكن لديك عمل".
إحمرت وجنتا لوك وهو يحدق في والده ، ثم أضاف:
" بعض الأولاد يلعب جيدا ".
" أعتقد أن لوك هو أفضل لاعب".
قالت ميلي ، بينما إزداد وجه أخيها إحمرارا.
قال لوك مضيفا:
" في بعض الأحيان ياتي عمي جويل وجدّي لمشاهدة المباراة ".
" أحب ذلك كثيرا ".
ثم إستدار قبل أن تستطيع ليف ان ترى ما إذا كان يعني ما يقول.
قال لوك:
" دينو يلعب مع فريقي ايضا ، خالتي ماريا وعمي مايك يذهبان عادة لمشاهدة المباراة".
داعب رايان شعر لوك قائلا:
" يبدو أنك تستمتع باللعب ".
أشرق وجه لوك فرحا وهويقول:
" إنها مباراة رائعة".
" تعال يا لوك كي أضعك في السرير قبل ان اذهب للنوم مع ميلي".
قالت ليف وهي تسير الى الغرفة المقابلة لغرفة رايان .
" هل كان مناسبا ان اسال......".
توقف لوك ، ثم قال بصوت منخفض:
" هل تعتقدين انه لا يمانع في ان نناديه بابا؟".
" كلا ، كلا ، انا متاكدة أنه لن يتضايق إذا كنت تريد ذلك ".
قالت وهي تحاول أن تشغل نفسها بترتيب الأغطية على السرير .
ثم سأل وهويراقب وجه أمه:
" حسنا ، وهل من المناسب أن ادعو بابا الى حضور مباراة كرة القدم؟".
" طبعا ، لكن يجب ان تتذكر أن والدك رجل أعمال ، وربما لن يستطيع المجيء دائما".
ثم إنحنت تقبله سائلة:
" لوك ، كيف إكتشفت أنه والدك ؟ هل اخبرك أحد بذلك؟".
بدا لوك مرتبكا قليلا:
" ليس تماما ، سمع دينو أحد التلاميذ يتحدث عن ذلك في المدرسة ، فسالني إن كان ذلك صحيحا ، ومن ثم إكتشفت الحقيقة ".
" آه ، فهمت الآن ".
" هل انت غاضبة يا أمي؟".
إبتسمت له وقالت :
" لا ، طبعا لا ، والان ، إذهب للنوم يا عزيزي ، اراك في الصباح".
عادت ليف ببطء الى الغرفة الخلفية ، وإستطاعت أن تسمع ضحكة ميلي عبر الممر.
" جاء والدي بقميص لك ،وعليه رسم لبيت في فيجي ، اليس جميلا؟".
" شكرا لك.....".
رفعت ليف ذقنها قليلا إذ لم تكن تريد أن تقرأ التعبير الذي يخيم على عينيه ، وكان التوتر الذي يسيطر عليهما ، يمتد ليشمل الغرفة كلها.
" أرجو ان لا تقلقي ، اراك في الصباح".
وما كاد يخرج حتى سمع ميلي تقول:
" ابي ، الن تتمنى لي ليلة طيبة؟".
ثم قفزت من سريرها وهي تقترب منه واردفت :
" إن أمي تحتضننا دائما قبل النوم".
إنحنى رايان فوق السرير ، وإلتفت ذراعا ميلي حول عنقه وهي تقول :
" إن وجود الأب الى جانبنا أمر رائع".
" وكوني ابا أيضا أمر رائع".
قال ببساطة ثم إلتفت الى ليف قائلا:
" وماذا بشان الماما ، ألا تريد ليلة طيبة أيضا؟".
" كلا ، شكرا".
قالت بفظاظة ، إذ أن آخر ما تريده هو ملامسته.
" لكنني أصر على ذلك".
قال وإنحنى نحوها بسرعة:
" ليلة سعيدة يا ليف".
ثم غادرهم بهدوء.
إرتدت ليف قميص رايان ، فشعرت برائحته تزحف لتثير مشاعرها ، إستلقت مستيقظة في السرير الذي نامت عليه أثناء رحلتهم الى جزيرة كرافن ، وهي تتمنى لو أنه ينام بجانبها مثلما فعل في تلك الليلة ، كانت تريد أن تشعر بدفء قوته.
لم تتهرب ليف أبدا من مسؤوليتها نحوالتوأمين خلال السنوات السبع الماضية ، ولم يكن تحمّل تلك المسؤولية بالأمر الهين بالنسبة الى فتاة في سن السابعة عشرة ، أما الليلة ، فهي تشعر بثقل تلك المسؤولية ، الثقل الذي لم تنتبه لوجوده ، غمرها شعور مريح حين أصبح هناك من يستطيع تخفيف العبء عنها ومساعدتها وقت الحاجة.
وبرغم أنها كانت تعتمد على جويل في كثير من الأمور ، وخاصة بعد وفاة والدها ، إلا أنها كانت تشعر بالقلق والإضطراب في داخلها ، فإجتاحتها موجة من الإشتياق والحاجة الملحّة ، أو حتى السماح لنفسها بالإعتماد على رايان.
فربما كانت هي بحاجة اليه ، أو بحاجة الى شخص يساعدها في إتخاذ القرارات المتعلقة بالطفلين ، خاصة حين يكبران ، ما كان عليها إلا الذهاب اليه الآن وإخباره بأنها تريد ...
لكن هل هذا ما يريده رايان ؟ لقد إدعى انه يريدهم الى جانبه ، ولكن هل يعرف تماما ما هو مقدم عليه ؟ وهل وجوده السريع ضمن عائلة سيدفعه الى الرحيل ثانية ؟ في الأسبوع الماضي ، قال أنه سوف يرحل بعد ما يبدأ مشروع البناء ، بدأت ليف تفكر بالأثر الذي يمكن أن يخلفه رحيله على الطفلين وعلى نفسها ، لن يكون الأمر سهلا ، إن رحيله في هذا الوقت سيكن أكثر إيلاما مما كان عليه منذ ثماني سنوات .
كلا ، يجب ان لا تستسلم ، وأن تسيطر على نفسها وتتذكر دائما أنه ما يزال كما هو .... لا يمكنه تحمل المسؤولية ، سيما وأنه الآن أصبح رجلا أكثر خطورة ونفوذا.
افاقت ليف باكرا والظلام ما يزال مخيما ، وحين تطلعت عبر نافذتها الى السماء المكفهرة، إستطاعت ان ترى أن المطر توقف عن الهطول ، تثاءبت بإرهاق بعد تلك الليلة المتعبة وخرجت تغسل وجهها وتبحث عن كوب من الحليب.
كانت تغسل وتجفف الكوب الذي إستخدمته حين سمعت صوتا رقيقا خلفها ، إلتفتت لتجد رايان يقف منحنيا على الباب وهو يرتدي سروالا قصيرا .
" إعتقدت أنني سمعت ضجة ، فخرجت لأرى إن كانت ميلي هي التي إستيقظت ".
" كلا ، ما تزال ميلي مستغرقة في النوم".
شعرت ليف وكأن قلبها قفز الى فمها وهي تحدق فيه
قال وهو يفرك خده الخشن بيده:
" وكذلك لوك".
" كنت اتناول كوبا من الحليب".
أومأ برأسه وعيناه تجولان عليها وقد إرتدت قميصه الفضفاض الطويل .
" يبدو هذا القميص أجمل عليك".
جاءت نبرته لا مبالية.
أحست ليف بالتأزم يتفاقم بينهما ، فقالت :
" ساعود الى النوم".
قال وهو يقترب منها:
" وهل نمت جيدا؟".
" نعم ، شكرا لك يا رايان".
" ألن تسأليني كيف نمت؟".
إنتقلت نظرات ليف الى عينيه الزرقاوين .
" لم أستطع النوم ابدا ، كان هناك ما يقلقني ، كنت افكر بك واتخيلك ترتدين هذا القميص وأنت نائمة في الغرفة المقابلة ".
" رايان ، في الليلة الماضية قلت لي..".
إبتعدت ليف عنه ، لكنه تبعها ، رغم أنه لم يلمسها:
" أعرف ما قلته الليلة الماضي ، من المؤكد أنني مجنون ".
ثم مسح شعره بيده ، وتابع قائلا:
" يا الله، هل تعلمين ماذا يعني وجودك نائمة ، هناك ، قريبة جدا مني ولا أستطيع اإقتراب منك؟".
كان صوته غليظا ومنخفضا ، وتحركت يده وإحتضنت وجهها ، ثم قال غاضبا :
" لا أظن انك ستغيرين رأيك؟".
إرتجف قلب ليف ، ليته يشعر فقط كم هي تريد أن تقول نعم ! ولكن إذا هي إستسلمت ، ستكون كالمعجون بين يديه ، وبإستطاعته أن يكيفها ويؤثر عليها بسهولة، وعندما يحين وقت الرحيل ، سيذهب من دون ان يلتفت اليها ، مثلما فعل سابقا ، فإتخذت قرارها الحازم:
" كلا يا رايان".
تنفس رايان بعمق ، بينما لاحظت ليف الصراع الداخلي الواضح في عينيه قبل ان يستدير ويبتعد عنها قائلا:
" إذن ، من الأفضل أن تعودي الى النوم قبل أن أغير رايي وأقرر تغيير رأيك".

نيو فراولة 25-02-12 02:49 PM

9- رجل يحقق ما يريد...

كان على رايان ان يعود الى بريساين ثانية ، لذلك لم يلتقوه في الأسبوع التالي ، ولهذا السبب شعرت ليف بالراحة ، لأنها كانت كلما راته إزدادت حساسية.
إشترت ليف ، بمساعدة ماريا ، ثوبا جديدا باهظ الثمن ، حسبما طلب منها رايان ، وحين تهيأت للحفلة ، بعدما أبقت التوامين في بيت ماريا ، غمرها فرح شديد لأرتداء هذا الثوب الأنيق ، وتمنت لو أنها تستعيد ثقتها بنفسها وتتخلص من عصبيتها وهواجسها.
أحست بالإرتياح لن رايان لن يمر لإصطحابها الى الحفلة ، إذ إتصل بها وإعتذر منها بسبب إنشغاله بامور ضرورية لم يكن يتوقعها ، وبالتالي سيقوم جويل بهذه المهمة نيابة عنه.
منتديات ليلاس
إستعدت ليف وكحّلت عينيها بكحل أزرق ، فيما تركت شعرها الذهبي اللامع ، بتموجاته الطبيعية ، ينسدل بنعومة على كتفيها ، وكانت تعلم أن الطريقة الوحيدة للإستمتاع بالسهرة هي أن تحاول الإسترخاء قدر الإمكان ، ولما حان موعد وصول جويل ، تجاذبتها فكرة التراجع ، وتمنت لو أنها رفضت دعوة رايان ، لكنها قبلت بها ، وعليها ان تلبيها.
" هل تعلمين انك ستدهشين الجميع الليلة يا ليف؟".
أشار جويل وهو يمسك بذراعها ويسير معها الى قاعة الفندق :
" لم ارك بهذه الجاذبية من قبل ، بالرغم من انك دائما جذابة ".
" اراهن انك كنت تتمرن على إلقاء هذا الخطاب طوال الطريق".
تأثرت ليف بمجاملاته الصادقة ، وتابعت :
" إن المظهر خدع أحيانا لكن الجوهر يبقى اصدق دائما ، المظهر هو ما فكر به رايان عندما طلب مني أن أكون مضيفته".
قال جويل ضاحكا :
" المظهر هو ما يفكر به كل رجل في كل مناسبة ، صدقيني ، سيحسدني كل شاب حين اقدمك الى المدعوين ن بمن فيهم رايان ، فما هو قولك؟".
قالت ليف بجفاف :
" قولي هو انك رومنطيقي دائما يا جويل دانيسون ".
ضحك جويل ثانية ، ثم توقف أمام الباب يسوي ياقة سترته ، وقال :
" هيا بنا لندخل ، إذا كان رايان يعتمد عليك في تمرير آرائه ، فستكون النتيجة مضمونة ".
ربت على يدها الممسكة بذراعه ودخلا قاعة الإجتماع .
كانت القاعة تعج بالمدعوين الذين تعرف ليف معظمهم ، كان هناك الحاكم وعدد من المستشارين مع زوجاتهم ، بالإضافة الى أصحاب ومديري الأعمال.
نظر الجميع الى ليف وجويل بحماس وإهتمام ، وما كادا يخطوان داخل القاعة حتى استوقفهما ترحيب الأصدقاء ، كان جويل محبوبا لدى الجميع في المنطقة ، وإندهشت ليف للإهتمام الذي يبديه الجميع بشأن المصالحة بينها وبين رايان ،لم يسال أحد اية أسئلة محددة ، بل طافت النظرات بفضول من ليف وجويل الى رايان .
لم يمض بعد الوقت حتى إعتذر رايان االى مجموعة من أصدقائه وإتجه نحوهما ، وكانت ليف رأته فور دخولها الى القاعة ، وشعرت بأن شيئا ما يجذبها نحوه ، كان يرتدي بدلة سوداء وقميصا فاتحا ، وبدا وسيما مبتهجا كالعادة ، لاحظت ليف إهتمام معظم الضيوف به لأنه أثار جوا من الثقة والقدرة على الإعتماد عليه.
وسط نظرات الجميع السرية ، صافح رايان جويل ، ثم تأبط ذراع ليف وقال :
" شكرا لك يا جويل لأنك اتيت بليف".
حاولت ليف سحب ذراعها ، لكنه أمسك بها بقوة وابقاها الى جانبه من دون أن تتغير ملامح وجهه ، ثم إنضما الى مجموعة من الضيوف.
إبتسم رايان وهو يعرّفها الى شخص بارز في المجموعة :
" كيم ، أود أن اعرّفك بزوجتي ليف ، هوذا كيم سوكونا يا عزيزتي ، شريكي وصديقي الحميم".
وبينما كانا يتصافحان ، لاحظت ليف أن روكو يحدق برايان وكأنه أصيب بالجنون .
" هل انت وليف متزوجان ؟".
" نعم ، كنا منفصلين معظم الوقت ، لكننا الآن إجتمعنا ثانية ".
" هل يمكنني أن اناديك ليف ؟ بإستطاعتك أن تناديني كيم".
سال السيد سوكونا ، بينما لمعت اسنانه البيضاء في وجهه الأسود المرح ، وأضاف:
" تذكرتك الان ، إنني رايت صورتك مع رايان ،فهو يحملها دائما معه ، اشعر أنني اعرفك سابقا ، إذ كان رايان يحدثني عنك دائما ، أعتقد ان لديكما طفلين جميلين أيضا".
قالت ليف وأنفاسها تتقطّع .
" نعم ، نعم ، لدينا بنت وصبي".
" آه ، زوجان حميمان ، مثلي أنا وزوجتي ، عندنا إبنة أصغر بقليل من إبني روكو ".
قال وهو يضع يده على كتف روكو.
وهنا جاء دور ليف لكي تندهش :
" لا تبدو أنك والد روكو يا سيد سوكونا.......".
ضحك كيم بمرح وقال :
" شكرا لك يا ليف انت ايضا لا تبدين اكبر بكثير من إبنتنا أو من إبنة أختي السي".
نظرت ليف بسرعة الى السي التي كانت تتحدث الى مجموعة من الشبان ، فرأتها رائعة الجمال بثوبها الأبيض المزين بأزهار الخبازي ، لم تكن تدري عن كان رايان قد اخبرها بأنها زوجته ، ا انه تركها تكتشف ذلك بنفسها ، وإذا كانت هنالك اية علاقة بينهما ، فبإمكان رايان ان يجد طريقة اقل إيلاما للإعتراف لها بذلك.
سال جويل السيد سوكونا:
" هل زوجتك معك ".
" للأسف لا ، إذ عليها البقاء بعض الوقت في سوفا للعناية بإبنتنا التي ولدت حفيدا لنا".
وإلتفت الى دانيسون الأب واضاف :
" جميل أن يشعر الإنسان بوجود حفيد يخلفه في الحياة ، ألا تعتقد ذلك يا سيد دانيسون؟".
نظر دانيسون الأب قليلا الى ليف وأجاب مبتسما :
" نعم ، نعم ، إنني فخور جدا بحفيدي!".
هل اصيب الجميع بالجنون ؟ تساءلت ليف ، فهي لم تر دانيسون الأب بمثل هذا الإستسلام والرضى .

نيو فراولة 25-02-12 02:51 PM

كان العشاء فاخرا ولذيذا ، وبلغ عدد الضيوف نحو المئتين ، بدا ان السهرة تمر من دون أي تعقيد ، أما ليف ، فإنها وجدت نفسها تتوسط الحاكم والمستشار الأعلى الذي عرفت أنه صديق والدها .
لم يشرح رايان وكيم سوكونا خطط تحويل جزيرة كرافن الى منتجع سياحي إلا بعد إنتهاء العشاء ، كان رايان هو المشرف عل المشروع ، بينما كان كيم سوكونا مسؤولا عن وسائل الراحة والتسلية ، أما سكوت مالوري الكندي الأصل ، فإنه سيدير القسم المخصص للأطفال.
إستمعت ليف الى رايان وهو يوجز أهداف المشروع ، وإعترفت انه سيكون مصدر نفع للجميع ، فالمشروع يشدد على اهمية توفير الراحة لكل أفراد العائلة اثناء قضاء أيام العطل ، حيث بإستطاعة اله لان يقضوا اوقاتهم مع اطفالهم أو بعيدا عنهم ، لأن الأطفال سوف يكونون تحت إشراف اخصائيين ، من جهة أخرى ، سيوفر المشروع الكثير من الأعمال لسكان الجزيرة المحليين.
وافق معظم الحاضرين على مشروع المنتجع السياحي بحماس وإهتمام ، لكن زمرة صغيرة إعترضت عليه وقدمت اسئلة مناهضة له ، وقد فوجئت ليف عندما وجدت مارتن ويلسون بينهم ، فهي لم تلتق ببه او تسمع عنه شيئا منذ لقائه الأخير مع رايان ، حتى أنها لم تنتبه الى وجوده في الحفلة.
اجاب رايان على آرائهم السلبية بروح إيجابية ، مما جعلهم يتخلون عن محاولاتهم لأحباط المشروع ، بدا الحاكم مسرورا جدا ، حتى انه خاطب ليف :
" أتعلمين يا سيدة دانيسون أننا في أمس الحاجة الى مراكز تسلية عائلية ، ويبدو ان زوجك يوافقني على رأيي ، فهو لكونه متأهلا ، يشعر بأهمية هذا المشروع".
وفيما كانت ليف تتأمل رايان وهو يشرح إحدى النقاط التي اثارها احد المستشارين ، خطرت لها فكرة ، هل ينوي رايان أن يعود الى عائلته لكي يؤكد للجميع أنه الشخص المؤهل لتنفيذ مشروع يناسب العائلات ؟ شعرت ليف وكأن يدا مثلجة تقبض على قلبها ، لكنها طمأنت نفسها بأن رايان لا يمكن ان يسلك تلك الطرق الشائنة لتحقيق مآربه.
بعد ذلك إنتقل الجميع للإطلاع على الخرائط والمخططات والأشكال الهندسية المقترح إنشاؤها ، بينما كان رايان يتحدث بثقة وهو يشير الى بعض المقاطع لتاكيد مقترحاته.
" حسنا يا ليف ، يبدو زوجك عظيما الليلة".
ظهر مارتن من بين الحشد ، وقد إحمر وجهه قليلا .
قالت وهي تبحث عن عذر لتتهرب منه :
" نعم ، لقد بذل جهدا كبيرا في سبيل تحقيق مثل هذا المشروع".
" يقول المثل : المال ينطق في كل اللغات ".
قال مارتن وهو يمسك بياقة سترته ، واضاف:
" كما أن الطعم لذيذ حين تحاولين الصيد".
" عما تتحدث يا مارتن ؟".
" إنه يتعهد بالحصول على المزيد من الأموال من أجل العمل ، وعلى المزيد من الوظائف من أجل العمال ، بتوفير الرفاهية لك".
" الرفاهية..... ما الذي تحاول قوله يا مارتن؟".
" ربما المدرس البسيط لم يعد يناسبك ، ربما أصبحت لديك سمكة أكبر للطهي ".
" أنت سافل ، فانا لم اعدك بشيء ، أنت تعلم ذلك جيدا".
قالتها ليف بسخط :
" ما المشكلة يا ليف؟".
سالها جويل حين إنضم اليهما ، بعدما لاحظ تعابير السخط بادية على وجهها ووجه مارتن المحتقن.
" لا شيء ، كان مارتن على وشك الذهاب ".
إلتفتت نحوه وهي تقول هذا ، بينما سأل جويل حين إبتعد مارتن غاضبا:
" ما الامر؟".
" لا شيء يستحق الذكر".
رشفت ليف قليلا من كأسها واضافت :
" ربما كان حاقدا ".
بعد فترة صمت قصيرة ، قال جويل وهو يتفحص الحاضرين في القاعة :
" يبدو ان هناك تطورا إيجابيا الليلة ".
" ساورني الشك نفسه، هل تشكّ في ذلك؟".
" لا ، بالعكس ، إنني أعتقد ان أفكار رايان عظيمة ، حتى أن والدي تقبّلها برحابة صدر ، لقد إستطاع رايان الدخول الى عالم الكبار ".
إبتسمت ليف وقالت :
" وماذا عنك يا جويل؟".
" انا ؟ ما زلت ولدا .... لا تقلقي يا ليف ، فانا سعيد هكذا ، لم يكن والدي قاسيا معي مثلما كان مع رايان ، اعتقد ان شخصيتهما المتماثلتين تتنافران ".
" جويل ، عرّفني بهذه المخلوقة الساحرة".
لم يلاحظ جويل الشاب الذي إقترب منه حين كان يتكلم ، بينما إحمرت وجنتا ليف أزاء نظراته المعجبة بها.
" أهلا بك يا سكوت ! متى وصلت؟".
كان الشاب طويلا مثل جويل ، ذا شعر أسود مجعد وشاربين مقصوصين بعناية.
" وصلت منذ خمس عشرة دقيقة ، تاخرت طائرتي ، وفقدت الإتصال مع سيدني ، كنت سأحزن كثيرا لو علمت ما سأفتقد هنا ".
قال سكوت ذلك وهو ينظر بعينيه العسليتين اللامعتين نحو ليف .
" من الواضح انك لم تتغير كثيرا خلال السنوات الماضية يا سكوت ، فهل ما زلت فتى عابثا؟".
" كفى ! ستشوه صورتي أمام أجمل فتاة في العالم".
تطلع جويل بدهشة نحوه ، ثم أمسك بيد ليف اليسرى ليظهر خاتم الزواج ، قائلا:
" آسف يا صديقي لأنني ساعرفك على زوجة اخي ، ليف دانيسون ن هذا الفتى العابث هو سكوت مالوري الذي تعرفت اليه منذ عشر سنوات تقريبا".
نظر سكوت بحزن الى خاتم ليف ، ثم هز كتفيه وهو يقول:
" حسنا ساستغل غياب زوجك لأعبر لك عن أسفي الشديد لأنني لم ألق بك قبله".
ضحكت ليف غير منزعجة من مزاحه ، بينما سأل جويل :
" كيف إستطعت العمل مع رايان في مشروعه؟".
" إلتقيت به في الولايات المتحدة منذ سنتين ، وعرض علي فكرة المشروع ، أعجبتني الفكرة ، وقررت العمل معه وأنا مقتنع أن رايان يحقق ما يريد تحقيقه بنجاح".
" بالتأكيد".
وافق جويل على كلامه ، بينما إلتفت سكوت الى ليف ثانية .

نيو فراولة 25-02-12 02:52 PM

" أخبريني ، ماذا يفعل زوجك ؟ أعتقد أنه موجود هنا".
" وخيرا وصلت يا سكوت ( إنضم رايان اليهم ) هل كنتم تتحدثون عني؟".
سأل وهو يصافح الرجل الكندي.
" نعم ، كنت اسأل ليف عن الشخص الذي إستطاع ان يفوز بها".
لم يتغيّر التعبير الذي كسا وجه رايان ، لكن عينيه كانتا أكثر إحتراسا وتنبّها عندما قال :
" لقد صدف أن تزوجتني ليف".
" أنت؟ لم أكن أعلم حتى أنك متزوج ، لا بد ان زواجكما حديث العهد".
" في الواقع منذ ثماني سنوات ".
أجاب رايان وهو يضع ذراعه حول خصر ليف بطريقة تشير الى إمتلاكه لها.
شعرت ليف بالإشمئزاز ، إذ كانت تحس وكأنها سلعة تجارية جاهزة للمساومة ، قال جويل ضاحكا:
" في الحقيقة ، تزوجت اخي رايان لأنها لم تستطع النيل مني ، اليس كذلك يا ليف؟".
ضحكت ليف معه وقالت :
" لقد كانت أول غلطة فادحة أرتكبها".
" آسف ، علي أن أترككما ، أراكما فيما بعد ، بإستطاعة جوي لان يعرّفك بالمدعوين يا سكوت".
وسرعان ما خرج رايان وليف الى غرفة صغيرة خارج القاعة الرئيسية ، ويده تمسك ذراعها بحزم ، ثم قال :
" كيف تجدين سير الأمور؟".
" جيدة جدا ، لست بحاجة لأخبرك بذلك".
أجابت ليف وهي تعلم أنه لم يبتعد بها ليسالها ذلك السؤال ، بدا وجهه غامضا ، وإستطاعت أن تشعر أنه ينتقي كلماته ، تلك الكلمات التي لا تود سماعها.
إنتابتها موجة من الحزن المفاجىء وتمنت لو أن الأمور بينهما غير ما هي عليه ، إنها ترغب في أن يكون هناك رباط من الحب المتبادل يربط بينهما بدلا من تلك النظرات المحترسة.
قال رايان أخيرا :
" ارى انك معجبة جدا بسكوت مالوري".
قالت ليف مندهشة:
" يبدو لطيفا جدا".
" لطيفا؟".
غيّرت نبرة صوته معنى الكلمة.
" نعم ، إنه لطيف وودود ، لم اقابله إلا منذ عشر دقائق فقط ، وقلما تحدثت اليه ، وعلى هذا الأساس ، اقول انه لطيف وودود".
قال رايان بصوت رقيق:
" أفضّل أن تبتعدي عنه ، إن كان ذلك لا يزعجك".
" وإن كنت انزعج من ذلك؟".
" لا أريد اية تعقيدات من هذا النوع قبل ان نعود الى الحفلة".
سألت ليف بصوت مخادع :
" تعقيدات من أي نوع؟".
" تعرفين ما الذي أعنيه ، أعرف سكوت منذ وقت طويل ، فهو زير نساء ، وله فتاة في كل مدينة ، ولا اريدك أن تخطئي في فهم نواياه".
رددت وهي لا تصدق ما تسمع:
" اخطىء في فهم نواياه ؟ بالله عليك ، كن منطقيا معي ! لقد إستطعت الإعتماد على نفسي منذ ثماني سنوات ، واصبحت قادرة على تفهّم كل إنسان والتمييز بين الذئب والحمل ، إن صديقك هو إنسان ودود وغير مؤذ".
ضحكت ليف ضحكة صغيرة واضافت:
" اؤكد لك أنني قررت منذ ثماني سنوات ألا اقع بين مخالبه أو مخالب غيره ، هل هذه في رايك المشكلة ؟ هل انت مغتاظ لأنني لا أنصاع لك بسهولة؟".
" ليف ، أنت تدفعينني نحو الغضب ، وأنا لن ....".
" انت هنا يا رايان؟".
عندما سمع صوت روكو ، إنزلقت يده عن ذراع ليف وإلتفت نحوه.
" إن السيدة كرافن العجوز تود ان تراك أنت وليف قبل أن تذهب".
" حسنا يا روكو ، نحن قادمان".
ثم وقف جانبا ليدعها تمر أمامه الى قاعة الإجتماع دون ان يمسك ذراعها.
إبتسمت السيدة كرافن لهما ، برغم الإرهاق البادي عليها ، وقالت :
" وأخيرا إستطعت كسب الجميع الى جانبك يا رايان".
هزت راسها الأبيض وتابعت:
" تماما مثلما كنت تقول في الماضي".
ثم إلتفتت الى ليف الواقفة الى جانب رايان :
" لديك زوج قوي الإرادة يا سيدتي ، فمنذ عشر سنوات تقريبا ، حدثني عن خطته بإنشاء منتجع عائلي في الجزيرة ، إذا ما وافقت على بيعها له ، لكنني إشترطت عليه ان يأتيني بالمال الكافي ن وأن يبرهن لي أنه إستقر أخيرا".
تطلعت نحو رايان ثانية وأضافت:
" إنك حققت أول مرحلة من حلمك ، وأنا أنتظر أن أرى المشروع ناجزا".
" أنا متحمس جدا أيضا لإنجازه".
إبتسم رايان للسيدة العجوز نفس الإبتسامة التي يبتسمها للتوأمين ، لقد إعتاد أن يبتسمها لها ذات يوم ، لكنه لم يعد يفعل ذلك الان.
" حسنا ، يجب أن أعود الى المنزل لريح عظامي المتعبة ، اطلت السهر وانا غير متعودة عليه ، إنني سعيد لعودتك يا ليف ، أرجو ان تحضر الطفلين لرؤيتي ذات يوم ، في الحقيقة ، عندما اخبرني رايان أنكما تركتما الخلافات جانبا ، فرحت كثيرا ، فأنا أؤمن بأن الزواج السعيد يصنع الرجل الناجح ، إن رايان يذكرني بزوجي السابق الذي كان يحتاجني في كل خطوة يقدم عليها".
إبتسم لها رايان وأمسك بذراعها قائلا:
" سأوصلك الى سيارتك ، عن إذنك يا ليف".
" اتمنى لك ليلة سعيدة يا عزيزتي".
ربتت السيدة كرافن على ذراع ليف ، ولما لاحظت الإضطراب المسيطر عليها ، سالتها:
" إنه عفريت وسيم ، أليس كذلك؟".
ثم إلتفتت ناحية رايان قائلة:
" تذكر ان تاتي لرؤيتي عندما تسمح لك الظروف".
وقفت ليف تراقب رايان وهو يساعد السيدة العجوز على السير بين الحاضرين ، كان شعره يلمع تحت الأضواء وهو ينحني ليستمع الى ما تقوله السيدة كرافن ، فشعرت ان جسمها تخدّر كليّا ، إذ علمت الان لماذا يريدها رايان الى جانبه هذه الليلة ، كان يريد أن يبرهن للسيدة العجوز أن ما حدّثها به صحيح ن وأنهما الان على وفاق تام ، إنه إستخدمها وطفليها كي يختتم بهم عملية الشراء التي عجز عن تحقيقها عدد كبير من الأثرياء ، لقد إستخدمها ثانية من أجل تحقيق مآربه.

نيو فراولة 25-02-12 02:53 PM

تسرّب الالم الى نفسها من جراء تلك الأفكار المريبة ، وأحست أنها تكاد تصاب بالشلل ، فوقفت الى جانب الطاولة مستندة الى الحائط ، ثم تناولت كوبا من العصير البارد كي تخفف إضطرابها ، وفيما هي كذلك ، تضرعت الى الله أن لا يلاحظ احد حالتها ، إذ أنها على غير إستعداد لتحمّل أي نوع من الإستجواب في تلك الدقائق.
وبرغم أنها وبّخت نفسها للإهتمام الزائد به ، إلا أن ألمها كان يزداد عمقا ، بحيث لم تستطع السيطرة عليه ، لعنت نفسها لأنها كانت حمقاء ، كان رايان دائما قاسيا ، فلماذا تظن أنه تغيّر ؟ الم يستخدم كل إنسان من أجل تحقيق مىربه الشخصية؟ والان ، يلجا الى اسلوبه الإنتهازي ثانية.
لم تستطع البقاء ، لأنها ن رأت رايان مرة ثانية ، فسيزداد غضبها والمها ، لذلك قررت ان يوصلها جويل الى المنزل ، اعادت الكوب الذي قلما رشفت منه شيئا ، وإلتفتت نحو القاعة المزدحمة بحثا عن سلفها ، لكنها لم تجده ، برغم بحثها الدائب عنه ، وكذلك لم تجد سكوت ماوري أو عمها.
" هل تبحثين عن احد يا أوليفيا؟" .
سال مارتن الذي بدا طبيعيا بعدما خمد غضبه وإختفى شحوب وجهه.
سالته عابسة:
" لم اجد جويل ، ألم تلتق به؟".
" خرج منذ قليل كي يوصل عمك الى البيت ومعهما رجل طويل ذو شعر اسود كثيف.
" إن هذا هو سكوت مالوري ، يا الله ، كنت اريد أن أطلب منه إيصالي البيت ، فانا أشعر بالصداع".
قالت وهي تشعر أنها تتحدث اليه بصدق ، فهي حقا تعاني من ألم يحيط بعينيها
" ساوصلك انا إذا كنت تودين ذلك".
حدّقت ليف به بحذر ، ففي مطلع السهرة كانت تظن أنه غير متزن ، لكنه الآن يبدو أكثر تعقلا ، ربما يكون غضبه مسؤولا بعض الشيء عن عدم إتزانه ، مع ذلك ، من الأفضل أن تنتظر عودة جويل.
" شكرا لك يا مارتن ، يمكنني أن أصبر حتى يعود جويل ".
" ليست هناك أية مشكلة ، كنت على وشك الذهاب ايضا".
ترددت ليف قبل أن توافق:
" حسنا .... حسنا ، ساخبر كيم سوكونا انني ذاهبة لكي يعرف جويل أنني عدت الى المنزل".
" طيب ، سانتظرك عند الباب".
منتديات ليلاس
مضت عدة دقائق قبل أن تجد ليف كيم وسط الحشد ، وحين عادت الى مارتن ، إنتابها شعور بالإضطراب ، إذ ظهر رايان في الممر ، وكانت عيناه تتحركان بسرعة من مارتن اليها.
سالها مارتن:
" هل انت جاهزة يا اوليفيا؟".
" نعم يا مارتن".
إستطاعت ليف أن ترى عيني رايان تتوهجان ، وكان عليها أن تتوقف ، إذ كان مسمرا في مكانه ، يسد الطريق أمامهما ، وفيما هو يحدث بها ، شعرت أنها ملزمة بتبرير ذهابها.
" قررت العودة الى البيت الآن يا رايان ، فانا أشعر بالصداع ، إقترح مارتن أن يوصلني لأن جويل ذهب ليوصل اباك".
" اجل ، أعرف ذلك ، كنت أتحدث اليه في الخارج".
ثم إنتقلت عيناه الى مارتن ، وقال :
" سأوصلك انا إذا ما إنتظرتني لحظة".
حاولت ليف ان تبتسم :
" لن يتضايق مارتن من إيصالي ، أليس كذلك يا مارتن؟".
" بالطبع لا ، حسنا ، عن إذنك يا دانيسون".
إتجه مارتن الى الأمام ، وظنت ليف للحظة ، ان رايان سيستمر في الوقوف في طريقهما ، لكنه تنحى جانبا بهدوء وبرود.
اشار مارتن وهو يقول :
" أمسية ناجحة ، لا شك أنك سعيد ".
أثارت نبرة مارتن إشمئزاز ليف ، أجابه رايان بفم مشدود وعينين تتحركان نحو ليف :
" نعم ، انا سعيد للغاية ، الى اللقاء يا ليف".
إرتعشت ليف وهي تمر أمامه ، وكانها تشعر بغضبه يمتد ليصل اليها ويلامسها .
" آسف لأنني لم استطع السيطرة على نفسي في بداية السهرة يا أوليفيا".
قال مارتن وهو يقود سيارته حول الخليج وتابع:
" فأنا لم افهم ما اصابني ..... آمل أن تغفري لي ".
تنهدت ليف وهي تتمنى لو أنه يزيد من سرعة سيارته ، كانت تريد أن تصل الى بيتها وأن تبقى وحيدة ، إذ ان تقدم مارتن البطيء والرزين أثار أعصابها .
" إنني نسيت الأمر تماما".
" هذا شيء لطيف جدا يا أوليفيا ، اود أن أقول أنني نادم على تدهور صداقتنا ".
رفعت ليف نظرها عن يديها المعقودتين في حضنها ، وحدقت في الظلام لترى منزلها أمامها ، تنهدت بإرتياح وقالت:
" شكرا لك يا مارتن ، إن الخطأ خطأي ، فانا لم أكن أريد أن أناقش امر زواجي مع احد ".
قال مارتن بلطف :
" ليس من الصعب تفهّم ذلك ، اعتقد انه وصل فجاة ؟".
" نعم ، فجأة ".
ثم فتحت باب السيارة قبل ان يتسنى لمارتن إطفاء المحرك واضافت:
" شكرا جزيلا لأنك أوصلتني ".
ثم ترجلت من السيارة بسرعة.
" بكل سرور يا أوليفيا ".
توقف مارتن وهويحاول أن يقرر عما إذا كان سيدعو نفسه للدخول.
" حسنا ، مساء سعيدا ، ارجو أن تتخلصي من الصداع".
هرعت ليف الى الداخل وهي تزفر بإرتياح ، إذ كانت تتوقع أن يدعو مارتن نفسه لتناول فنجان من القهوة ، الأمر الذي تود أن تتجنبه بأي ثمن ، فهي لن تستطيع أن تتحمل أسئلته أو نصائحه المنافقة.

نيو فراولة 25-02-12 02:55 PM

دخلت غرفتها وخلعت حذاءها بسام ، ثم تحركت نحو المرآة حيث أزالت زينتها ولاحظت كم كان وجهها شاحبا وعيناها ذابلتين.
إتجهت الى سريرها بكسل والألم يعصف برأسها ، كانت بحاجة الى فنجان من الشاي الساخن ، فإستجمعت قواها ونهضت كي تحضره ، غسلت وجهها بالماء البارد قبل أن تضع الماء على النار ، وهي ترفض أن يتوقف تفكيرها عند تلك الأمسية أو على وجه رايان البارد حين غادرته.
حملت فنجان الشاي ، الذي كان البخار يتصاعد منه ، الى غرفة الجلوس ، وإرتاحت على كرسيها المفضل وإحتست الشاي الدافىء ، كانت تشعر بضرورة اللجوء الى النوم، لأن ماريا ستعود بالطفلين في الصباح الباكر ، لكن الإستحمام وتبديل الملابس يحتاج الى بعض الجهد ، فأراحت رأسها وهي مغمضة العينين.
إستفاقت فجأة لدى سماعها صوت إنغلاق باب سيارة ، ظنت في البدء أنه مارتن ، لكن قبل أن تصل الى النافذة ، رات المرسيدس الفضية قابعة على جانب الطريق ، تلمع تحت ضوء القمر ، كانت متأكدة منذ الدقيقة التي تركته فيها أنه سيلحق بها .
لكن حين قرع الباب ، وقفت ليف مشدوهة من دون أن تحدث أي صوت ن لكنه اعاد الكرة ، وبعنف:
" إفتحي يا ليف ! ".
قال بنبرة آمرة ، فوجدت نفسها في الممر سائرة نحو الباب .
" إفتحي الباب يا ليف ، او اقسم أنني سأخلعه!"
إرتجف صوت ليف وهي تقول :
" رايان ، إن الوقت متأخر ، وأنا على وشك الذهاب الى النوم ".
" ليف...".
جاءت الكلمة هادئة رزينة ، ففتحت الباب على مضض .
كان يتكىء بيد واحدة على طرف الباب وقد خلع سترته وربطة عنقه ، وكان قميصه مفتوحا قليلا ، وشعره مشعثا .
إعتدل رايان ، فيما إنتحت ليف جانبا ليدخل قبل ان تغلق الباب وتلحق به الى غرفة الجلوس ، قررت أن تبادر الى الهجوم لكي تدعه يعرف أنه لن يستطيع إرهابها.
" هل تسمح بقول ما تريد ، ومن ثم تنصرف ؟ فانا متعبة وليس لي أي مزاج لتبادل الإهانات معك".
إبتسم ساخرا ويداه على خصره:
" اليك ما اريد قوله ، انت شخصية فذة ، وهذا ما لم اكتشفه منذ ثماني سنوات ".
" ربما لم تحاول ان تكتشف ذلك ".
حدّق بعينين ضيقتين واجابها :
" ربما نعم وربما لا ، كنت أحسب ان مارتن ويلسون هنا ، لكنه كما يبدو ذهب".
تغيّرت لهجته ليبدو بريئا .
قمعت ليف فورة غضبها بصعوبة بالغة ، ثم قالت:
" اوصلني مارتن الى البيت وغادر فورا ، إذ شعر أنني مرهقة ".
" أظن أنه في طريقه الى النعيم بعدما إنفتح له بابها ثانية !".
سالت بإيجاز:
" ما الذي تقصده من قولك هذا؟".
هز كتفيه بغرور وتطلع عبر النافذة :
" كفى تفكيرا بهذا التافه ، انا أعرفك يا ليف ، إن مارتن لا يناسبك ، حتى ولو بعد مليون سنة".
" هل هذه ملاحظة دقيقة ام أن كبرياءك الجريحة تكلم".
سالت بإزدراء ، فيما رفع رايان رأسه وحدّق في وجهها ثانية ، وعيناه تلمعان بخطورة.
تجمّدت ليف في مكانها مثل حيوان وديع بين يدي حيوان مفترس ، وإرتجف قلبها خوفا عندما سمعته يقول:
"
" إنني اتساءل ، هل انت حقا شجاعة مثل كلماتك يا سيدة دانيسون؟".
" من السخف ان تنتقد مارتن ، فهو رجل رزين ويمكن الإعتماد عليه".
تساءلت ليف عما إذا بدت له الكلمات فارغة مثلما بدت لأذنيها ، قال رايان وبسمة ساخرة ترفع إحدى زوايا فمه.
" بمعنى آخر ، إنه يتحلى بمزايا لا أثر لها عندي ".
ثم إختفت الإبتسامة من فمه وتابع :
" لكن اخبريني يا ليف ، هل يبعث فيك الإثارة مثلما أفعل انا ؟ اقصد ، علينا فقط أن ننظر الى بعضنا البعض حتى تتحول نظراتنا لهيبا ، هل يمكنك ان تنكري ذلك ؟ هذا ما شعرنا به في الماضي ، وهذا ما سنشعر به دائما وإذا ما لمستك الان ، أستطيع أن ارى الحقيقة في عينيك".
تراجعت ليف خطوة الى الوراء ، فإختفت الإبتسامة الساخرة عن فمه وقال :
" هل عقدت علاقة معه يوما ما ؟".
إحتقن وجه ليف أزاء الصدمة التي سببتها كلماته الوقحة واجابت:
" كلا فأنا .... لماذا ....".
بلعت ريقها ثم أضافت :
" إن كنت أقدمت على ذلك ، فالأمرلا يعنيك ، وغن إخترت الإنضمام الى فريق كرة القدم ، لن أطلب الإذن منك !".
حالما لفظت تلك الكلمات ، التي تركت في فمها طعما مرا ، شعرت ليف بالرعب وهي تراقب وجه رايان الشاحب ، خطا خطوة نحوها وسأل غاضبا:
" ما الذي تريدينه يا ليف ؟ توسلات عاطفية من أجل حب لم يمت ؟ تعابير ساحرة تفرح قلبك الحزين ؟ حسنا ، إن ذلك ليس من طبعي ، فأنا رجل واقعي ، لا أؤمن إلا بالوقائع الفعلية ، وربما هذا ما تريدينه ايضا".
صرخت ليف باعلى صوتها قائلة:
" آه ! أنت بارع في تحقيق هذا ، اليس كذلك ؟ إن هذا ما يهمك ، الوقائع الفعلية ، أن تأخذ ما تريد ، حسنا ، هناك ما هو أهم من الجانب المادي يا رايان ، فالعلاقة تحتاج الى أكثر من ذلك لتبقى حية وإن كنت لا تفكر إلا بذلك فأنت على خطأ ".
قال في نفعال:
" ن هذا ما افكر به ، صدقيني ، كلما كنت بجانبي ، لا أستطيع إلا أن أفكر بذلك".
إقترب رايان منها وضمها بقوة الى صدره .
أزاحت رأسها هربا منه وهي تقول:
" إتركني يا رايان ! إنك تدفني الى الجنون ! إبتعد عني".
" وماذا تعتقدين أنك فاعلة بي في كل دقيقة من اليوم ؟ إنك كالجرثومة يا ليف ، كلما فكرت أنني إقتلعتك من جسمي ، تعودين الي ثانية".
تحركت يده عبر شعرها الحريري ، وأمسك براسها وضمها اليه بشوق بالغ.
" يا الله ، أنت أكثر جمالا ، أكثر .... ليف....".
لم تؤثر به مقاومة ليف له ، وما لبثت أن شعرت بنفسها تغرق هي ايضا في بحر المشاعر المثيرة.
" رايان ، ارجوك ! كف عن ذلك الآن ".
بذلت ليف جهدا اتسكت النيران التي اشعلها في داخلها ، وأضافت تقول :
" قبل أن يصبح لدي المزيد من السباب لأكرهك !".
ضحك رايان بخشونة وقال :
" هل تتعلمين أنني أول من يكره نفسي ؟ لكنني لا استطيع إنقاذها ".
نظر اليها بياس وتابع:
" لن أستطيع ذلك حتى لوهبطت السماء!".
لكنها بقيت مسمرة في مكانها تحدق اليه ، حيث سيطرت عليها النار المتوهجة المنبعثة من عينيه الزرقاوين.

نيو فراولة 25-02-12 02:56 PM

10- هل تعودمعنا؟

تحركت ليف محاولة ان تتمطى وحين إستفاقت ، تحركت بصعوبة وإرتفعت عيناها الى الراس الأسود وإلتقت بعينيه الزرقاوين.
حدقا ببعضهما عدة دقائق ، فإحمرت وجنتاها بعدما تدفقت في مخيلتها ذكرى الليلة الماضية ، فما الذي حدث منذ ساعات قليلة؟
إنكمشت ليف امام ضعفها ، ووبّخت نفسها لأنها دعت ذلك يحدث ، قفزت عن السرير وإرتدت ثوب الحمام ، ثم ربطت الحزام بشدة على خصرها .
" اعتقد أنه من الأفضل أن تذهب يا رايان".
سال رايان بجفاف:
" ماذا ، أأذهب من دون تناول الفطور ؟ حتى الرجل المتهم يحصل على وجبة طعام"
" اريدك فقط ان تنهض وتخرج".
أرتفع صوت ليف أكثر ، ثم تنفست بعمق وجذبت نفسها من الحافة التي كانت تشرف بها على الجنون.
قالت وهي تتحرك بعيدا عنه :
" لا أريد أن أراك ثانية !".
" آه ! لا تريدين أن تريني ثانية ؟".
كرر بصوت منخفض هادىء ، بينما كان صوتها مرتفعا ، مضطربا.
قال لها بوقاحة:
" الجاذبية بيننا شيء متبادل ، كوني صادقة مع نفسك ، ليف.... إنك تريدينني بالقدر الذي أريدك فيه ، فلماذا تثورين ؟ انت تنافقين كي تبرري تصرفاتك"
صرخت قائلة:
" كم انت كريه ! إكراما لله ، إذهب".
وقف يتطلع اليها بإحتقار قبل ان يقول ببطء:
" أنت لم تعرضي في البقاء الى جانبي يا سيدة دانيسون !".
" هل لك أن تخرس وان لا تتحدث عن الليلة الماضية؟ فأنا لا اريد سماع أي شيء عنها".
لكنه إبتسم ببرود ساخر:
" ليس هناك شيء في العالم يستطيع منعي من تحقيق ما أريد إذا كنت أريد ذلك ، لذا ، كفي عن تصرفاتك السخيفة ولنتصرف كالراشدين الواعين".
ثم تركها تذهب ، بينما كانت يده تعبث بشعره.
" تعتقد أنك لا تقاوم ، أليس كذلك يا رايان دانيسون العظيم ؟ يجب ان يستجيب الجميع الى ما ترغب انت به".
" كلانا يريد نفس الشيء ".
قال وهو يجذبها اليه كي يعانقها ، وحين بدأت تلين قليلا ، تخلى عنها بإبتسامة ماكرة ، فإرتفعت يدها وصفعت خده بكل قوتها ، وتردد صوت الصفعة في أرجاء غرفة النوم".
تجمّد فكّه بتوتر ، وبرز أثر يدها بوضوح على وجهه.
" يجب ان أجلدك ، لكنني بدأت افكر أنك لست أهلا لأن اتحمل مشقة ذلك".
إستدار على عقبيه واغلف باب الغرفة بقوة وراءه ، مما جعل ادوات الزينة ترتج على المنضدة.
" يمكنك ان تجديني في المركب حين تعودين الى رشدك ".
" عليك ان تنتظر طويلا يا رايان ".
قال بصوت أجش وهو يفتح الباب:
" ربما كنت على صواب ، فالوقت حان كي اضع هذا المكان ورائي الى الأبد .... ولا تتوقعي مني أن أعود ثانية".
منتديات ليلاس
توقف كلاهما لدى رؤية التوامين يقفان على الدرج وقد شحب وجهاهما بينما اسرعت ماريا الى الداخل لترى ما المشكلة ، إستطاعت ليف ان ترى من خلال عينيها المرتعبتين أنهما سمعا صوتيهما العاليين.
" وداعا يا طفلي".
هدا صوت رايان قليلا وهو يخطو امامهم بسرعة قبل ان يتمكن احدهم من الحراك.
أعاد ها بكاء ميلي الى الواقع ، ثم وضعت الفتاة ذراعيها حول خصر أنها وضمتها اليها بقوة.
قالت ماريا والإهتمام باد على وجهها:
" آسفة يا ليف ، لقد خرجا من السيارة بسرعة قبل أن أعرف.... قبل أن أستطيع إيقافهما".
" إن هذا ليس خطأك ، فانا لم اشعر أن الوقت أصبح متاخرا".
إحتضنت ليف إبنتها وتابعت:
" لا تبكي يا حبيبتي ، ليس هناك ما يدعو للبكاء ".
قالت ميلي وهي تجفف دموعها :
" لماذا كنتما تصرخان انت ووالدي ؟ كنا نعتقد انا ولوك انكما تحبان بعضكما وأننا سنصبح عائلة حقيقية".
إلتفتت ماريا بعينين مليئتين بالعطف نحو ليف:
" إنظري يا ميلي ، يختلف الكبار احيانا حول بعض الأمور ، فيناقشون تلك الأمور فيما بينهم ، تماما مثلما يحدث بينك وبين لوك".
قالت ميلي وهي تبكي:
" لكن يا امي كنت تبدين غاضبة جدا ، كما انني لا اعتقد ان والدي سيعود".
قالت ليف مطمئنة:
" آه يا ميلي ! عن حدوث مشادة بيني وبين والدك لا يعني انه غاضب منك ومن لوك".
قالت ميلي وهي تغص بالبكاء:
" لكننا لا نريده ان يكون غاضبا منك".
" هدّئي روعك الآن وتوقفي عن البكاء ، ما رايكما ان تشكرا خالتكما ماريا لرعايتها لكما ليلة الأمس؟".
قالت ليف وهي تحاول ان تاتي نبرات صوتها مرحة:
" شكرا لك يا خالتي ماريا"
قال الإثنان ، فيما بقيت ميلي متعلقة بأمها ، ونظرات لوك التائهة تتركز على وجه امه.
قالت ليف بحيوية :
" اقدم لك شكري ايضا يا ماريا ، كانت أمسية رائعة بالنسبة لرايان".
اجابت ماريا وهي تكاد تتعثر بكلماتها:
" هذا جميل ، حسنا ، ساعود إذا كنت متأكدة انك على ما يرام ، إن لدى مايك عطلة قصيرة اليوم ، وبهذه المناسبة، قررنا أن نهيء عشاء عائليا خاصا ، كنوع من التغيير".
جلس التوأمان يتناولان طعام الفطور بهدوء ، وضعت ليف الملعقة من يدها بعد ان اصبحت غير قادرة على تحمل ذلك الصمت المريب ، ثم نظرت بثبات نحوهما .
" لوك ، ميلي ، آسفة لأنكما سمعتما المشادة التي حصلت هذا لصباح بيني وبين والدكما ، أريد منكما ان تحاولا ألا تقلقا من ذلك ، فأنتما تعرفان ان والدكما وأنا لم نر بعضنا منذ فترة طويلة جدا ، ونحتاج الى فترة من الزمن قبل أن نعتاد على بعضنا ، أنتما تختلفان ايضا في بعض الأحيان ، ولا تتفقان حول امور كثيرة".

نيو فراولة 25-02-12 02:57 PM

نظر التوأمان بكآبة نحوها ، وتابعت:
" لكن المشادة التي تحدث بيننا ليس لها اية علاقة بكما أنتما الإثنين ، ولا تغير من حقيقة اننا نحبكما كثيرا جدا".
وبصراحة سال لوك:
" لكنما لا تحبان بعضكما البعض ، اليس كذلك؟".
" ربما لا نحب بعضنا بطريقة ملائمة".
سالت ميل مقطبة الجبين :
" إذن لن ياتي والدي كي يعيش معنا؟".
" كيف يمكنه أن ياتي ويعيش معنا إذا كان سيغادر المنطقة ؟".
قال لوك لأخته وهومقطب الجبين ، فيما بدأت الدموع تنهمر على وجنتيها ثانية.
ثم أضاف متنهدا:
" اعتقد اننا سنبقى نحن الثلاثة كما كنا في السابق".
" أعتقد ذلك".
قالت ليف وهي تتمنى لو أنها تستطيع السماح لدموعها أن تنهمر مثلما تفعل ميلي.
إستيقظت ليف فجأة وهي تشعر بالإرهاق الشديد بسبب الإستنزاف النفسي الذي حصل في الليلة الماضية ، وفيما كانت في فناء البيت الخارجي ، بحثت عن التوامين ، لكنها لم تجدهما ، عندئذ ، نادت مخترقة بصوتها الصمت المخيم على المكان ، غلا أنها لم تسمع جوابا على ندائها من احد.
إرتعدت مندهشة ، وبدأت تتجول في الحديقة وهي تصرخ بصوت مرتفع:
" ميلي.... لوك.....!".
بعد خمس دقائق ، تاكدت ليف أن لا اثر لهما في داخل البيت او في فنائه الخارجي ، تحول نظرها الى مياه البحر الممتدة أمامها ، وكادت خفقات قلبها تتوقف هلعا ، لا ! لا ، فهما لا ينزلان الى الماء بمفردهما ، وهذا شرط فرضته عليهما من دون أي تردد ، لكن اين يمكنهما الذهاب ؟ اخذت تحدق الى جانبي الخليج ، لكن الشاطىء كان مقفرا.
ربما ذهبا لقيادة دراجتيهما ، وهرعت الى المرآب ، فلم تجد الدراجتين هناك ،، لكن إرتياحها الوجيز تبعه إرتياب شديد ، فهما لا يذهبان الى أي مكان من دون إعلامها ، ربما لم يرغبا في إيقاظها .
بدأت عيناها تبحثان عنهما في الطريق ، إلا أن الطريق كانت خالية أيضا.
أجبرت نفسها على الهدوء ، وحاولت أن تحدد المكان الذي يمكن ان يقصداه ، عائلة كوستيللو ؟ إن هذا هو المعقول ، هرعت الى الداخل وأدارت قرص الهاتف على رقم آل كوستيللو ، لكن جرس الهاتف رن دون ان يستجيب احد ، بعد عشرين دقيقة ، اصبحت ليف في أقصى حالات الإضطراب ، فإتصلت بجميع أصدقائهما الذين تتذكرهم ،ولكنها لم تحصل على أية نتيجة.
جويل ، طبعا ! ربما ذهبا لرؤيته ، ستلقنهما درسا قاسيا حين تمسك بهما ، إلتقطت سماعة الهاتف وإتصلت بمنزل آل دانيسون:
" توماس ؟ أنا ليف ، هل جويل موجود؟".
" كلا يا سيدتي ، ليس هناك احد في المنزل ، خرج السيد جويل بصحبة السي دانيسون والسيد مالوري في نزهة حول المنطقة قبل ساعتين تقريبا".
إنقبض قلب ليف ثانية:
" هل رايت التوامين؟".
" كلا يا سيدتي ، فهما لم ياتيا الى هنا".
ألقت ليف السماعة من يدها وهي تكاد تنهار كليا ، كيف تتصرف ؟ من يستطيع ....؟رايان ، ستتصل به ، ربما لم يغادر المنطقة بعد ، أنهمرت الدموع بغزارة على وجنتيها عندما ادارت قرص الهاتف متصلة بالمرفأ:
" جيم ؟ انا ليف دانيسون ، هل ما يزال مركب رايان راسيا في الخليج؟".
" إنه موجود هناك ، لقد احضره رايان في الصباح الباكر".
قالت برجاء وأنفاس متقطعة :
" هل تعلم ما إذا كان رايان على متنه؟".
" كان هناك منذ قليل ، لكنه قدم الى الشاطىء بعد الغداء وإتجه نحو إيرلي ، هل تودين أن اخبره شيئا حين ألقاه؟".
" آه ! لا يا جيم ، ليس هناك شي مهم".
غطت ليف وجهها بكفيها ، عليها ان تفعل شيئا ، يجب أن تصعد الى سيارتها وتنطلق للبحث عنهما .
كان خيالها يرسم صورا مختلفة عما يمكن ان يحدث لهما ، فاسرعت تركض خارج الباب الأمامي وكان لها أجنحة ، وحين رات رايان يترجل من سيارته ، فقدت ليف السيطرة على نفسها ، فطارت وحطت بين ذراعيه وهي تكاد تشرف على الجنون.
قال وهو يهزها بعنف:
" إهدئي يا ليف ! إهدئي واخبريني ما الذي حدث ".
قالت بشفتين مرتعشتين :
" لم أجد التوامين ، لقد ذهبا ، إتصلت بجميع اصدقائهما ، لكن لم يرهما احد ، آه يا رايان ، الى اين يمكن ان يذهبا ".
" تماسكي الان ، تعالي الى الداخل لنعمل من هناك".
أعاد هدوءه اليها بعض الإتزان.
" الم يرهما مايك وماريا؟".
هزت راسها نفيا:
" إتصلت بهما في البدء ، لكنهما لم يكونا موجودين في المنزل".
" ما هو رقم هاتفهما ؟ سأحاول الإتصال بهما ثانية".
لم يكن هناك من يجيب ، أعاد رايان السماعة الى مكانها ، وما كاد يفعل ذلك حتى رن جرس الهاتف بإصرار ، فقفزت ليف على قدميها بوجه شاحب.
" هنا رايان دانيسون".
" جيم فيرغسون من المرفا ، يسرني أن أجدك هنا يا رايان ، اخبرني احد الأولاد أنه رأى طفلين في مركبك منذ دقائق قليلة ، كما أنني وجدت دراجتين خلف غرفتي ، وهما تخصان التوامين ، فشعرت أن من واجبي ان أتحقّق مما إذا كان لديكم علم بذلك".
" شكرا لإتصالك بنا يا جيم ، سناتي حالا ، إنتبه للمركب جيدا ، إذا سمحت ، الى أن نصل ".
" بالتأكيد يا رايان".
" هل وجدهما ؟ هل هما بخير؟".
" هما في المركب".
" في المركب ؟ آه يا رايان !".

نيو فراولة 25-02-12 02:58 PM

شهقت ليف ، بينما ربت رايان على كتفها فتابعت :
" وهل هما بمفردهما ؟".
" يبدو ذلك ، هل تودين الذهاب معي؟".
ارخى يده وتركها تقف بمفردها:
" نعم ، نعم ، أنا بخير ويمكنني الذهاب".
" حسنا ، لنذهب".
لم يكن هناك أي اثر للحياة على المركب ، إلا أن جيم أكّد لهما أن لا أحد غادر المركب منذ أن إتصل بهما ، ساعد رايان ليف في القفز الى المركب ، ثم تطلع الى متن المركب وهو ينادي :
" لوك ؟ ميلي؟".
لم يجبه أحد ، فتسرب الخوف والرعب الى قلب ليف من جديد .
" سأنظر في الداخل".
هبط رايان الى الغرفة الرئيسية ، تتبعه ليف .
" إنتظري هنا".
ثم بحث في الغرفة الأمامية وعاد يهز راسه وهو يمر بها ويتجه الى القسم الخلفي ، طال غيابه أكثر هذه المرة ، وما لبث ان عاد وهو يمسك التوأمين بذراعيهما بقسوة.
ركعت ليف وإحتضنت ولديها:
" حمدا لله! لوك، ميلي .... كدت افقد صوابي قلقا عليكما !".
تدفقت دموع الفرح على وجهها ، فإنفجر الطفلان بالبكاء اليائس.
قالت ميلي وهي تنتحب:
" إنتابنا الخوف الشديد ، كنا نظن أن والدنا سيعود ، لكنه لم يفعل ، فإختبانا في الداخل".
سأل رايان لوك بلطف حازم:
" لماذا لم تقولا لوالدتكما انكما آتيان يا لوك؟".
قال لوك بصوت متهدج ، ناظرا بخجل الى الأرض.
" كانت امي مستغرفة في النوم ، كنا نفكر أننا إذا هربنا وإختبأنا في مركبك ، وحين تبحر وتجدنا ، سيتوجب عليك العودة بنا الى امي ، وبعد ذلك لا تتركنا وتسافر".
إنقطع صوت لوك ، فأحاطه رايان بذراعيه ، حتى توقف عن البكاء ثم قال لأمه:
" لم نقصد ان نسبب لك الذعر والخوف يا أمي".
إتجه رايان نحو الحمام وأحضر منشفة وهو يقول مداعبا :
" هل تكفي هذه المنشفة لتجفيف دموعكما؟".
أطلقت ميلي ضحكة قصيرة نابعة من صميم قلبها حين بدأ والدها يمسح وجهها ، ومن ثم وجه لوك.
" ما قولكما في تجفيف دموع أمكما؟".
سال ثم وضع يدا خلف راس ليف ومسح باليد الأخرى عينيها برقة ، تاركا المنشفة الناعمة تنزلق على خدها الرطب.
لما إلتقت عيناهما ، خفق قلب ليف بسرعة ، بينما جذبا رايان رأسها الى كتفه وعانقها عناقا طويلا قبل ان يتراجع.
قال مخاطبا التوأمين:
" أراهن انكما تشعران بالجوع ، فهل نتناول طعامنا هنا أوفي البيت؟".
" إذا عدنا الى البيت ، هل تعود معنا ؟".
سالت ميلي ، فيما لم ينطق رايان أو ليف بأية كلمة .
سال لوك أيضا:
" ألا تعود معنا؟".
تطلع رايان الى ليف والإضطراب يملأ عينيه الزرقاوين ، وسالها بصوت أجش وبنبرة لم تسمعها منه قبلا:
" هل اعود يا ليف؟".
" نحن نرغب في عودتك".
قالت ليف اخيرا ، وكأن عبئا ثقيلا أزيح عن صدرها ، وتوقفت مرارة سنوات الفراق في تلك اللحظة.
لم يمض بعض الوقت حتى كان التوأمان في سريرهما.
وحين اصبحا على إنفراد ، إنقبض قلب ليف هلعا ، حيث كان هناك الكثير من الكلام بينهما ، والوقت حان كي تبدأ بالحديث .
نظرت اليه عبر أهدابه لتجده محدقا بها ، ثم قالت محاولة إخفاء إرتباكها:
" لم يتسن لي ان اسالك لماذا عدت بعد ظهر اليوم؟".
إبتسم رايان وأجاب:
" الإعتذار الذي كنت انوي تقديمه تلاشى من تفكيري لحظة اتيت الي ، وأحسست انني امتلك الدنيا كلها آنذاك".
ضحكت ليف وقالت:
" رايان ، كن جادا".
" آه ، أؤكد لك أنني جاد ، لم أكن أكثر جدية في حياتي مما انا عليه الان".
سار عبر الغرفة ووقف امامها ، ناولته فنجان القهوة وقلبها يخفق بشدة ، وضع فنجانه جانبا وجذبها نحوه وقال:
" كل شيء تافه حولي ، ولا معنى لحياتي من دونك".
قال ببساطة ثم إنحنى ونظر الى عينيها وهو يبتسم نادما واردف:
" في الليلة الماضية ، صدرت مني كلمات بذيئة غير متوازنة... حسنا أشعر الآن بالسام الشديد من الحياة العابثة ... أعذريني ، فأنا لا اجيد إختيار الكلمات المناسبة ، وكل ما أريد قوله أنني احبك ، وأنني أحببتك في الماضي وسابقى احبك".
" آه يا رايان ! انا احبك أيضا".
تدفقت الدموع من مآقيها ، فيما إمتدت ذراعاها نحوه بحركة لا شعورية.
وقفا متعانقين بعض الوقت ، قبل ان يخرجا الى الفناء الخارجي حيث جلسا على كرسي مريح ، تنهد بإرتباك وتمتم قائلا:
" سيقتني المرارة يا سيدة دانيسون ، آمل أن تكوني خجلة من نفسك"
وبّخته ليف بلطف قائلة:
" أنا من سقيتك المرارة؟ أنت أوثقتني بحبل منذ كنت في السادسة من عمري".
ضحك وقال:
" لكنك أخفيت هذه الحقيقة جيدا خلال الأسابيع القليلة الماضية ، لم أشعر انك ما زلت تحبينني إلا حينما أضمك الى صدري".
إنتظر قليلا ، ثم ضمها الى صدره ليعيد تلك التجربة ، وحين إبتعدا عن بعضهما ، قالت ليف ضاحكة وهي ترتعش:
" وهل كنت شفافة الى هذا الحد؟".
قال بإنفعال:
" لم تكوني شفافة مطلقا ، كدت اموت غيظا واتحرق غيرة عندما كنت تنظرين الى مارتن".


نيو فراولة 25-02-12 03:05 PM

تفحصت عيناه وجهها وقال :
" لكن الآن استطيع ان أشعر بالإطمئنان ، ألا أستطيع ذلك؟".
أومات ليف براسها إيجابا ، ثم أمسك بها بقوة وقال بهدوء:
" اتيت بعد ظهر اليوم كي أطلب منك الرحيل معي حين أغادر البلاد ، إذا كنت تودين مغادرة المكان حيث توجد ذكريات تعيسة ، فبعد تلك الليلة ، أنا...".
أخذ نفسا عميقا وتابع حديثه:
" امضيت اليوم التالي وأنا انعت نفسي بشتى الصفات السيئة ، إتهمت نفسي بالطيش والأنانية ، ليف ، لا استطيع الإبتعاد عنك وعن التوأمين أبدا ، كنت سيئا في البداية ، لكن الآن يستحيل علي الرحيل وحيدا ، بعد ظهر اليوم كنت أنوي أن اطلب منك البقاء الى جانبك ".
ثم صمت يتذكر حزنه والمه ، فقالت:
" لم يكن عليك أن تفعل ذلك ، رايان ، كنت يائسة جدا حين رحلت ، أعتقد أن السنوات التي مرت جعلت طبيعتي تزداد عنفا ، بعد ذلك عدت من دون سابق إنذار ، فإنقلبت حياتي رأسا على عقب ، تأكدت انني ما زلت أحبك مثلما كنت دائما ، وكنت اخشى ان اتالم ثانية ، ولم أكن أريد تجربة الأشهر الأولى من رحيلك مرة أخرى ".
أغمض رايان عينيه وقال:
" لو تعلمين فقط كم تمنيت أن تذهبي معي ! تركتك فور زواجنا لأنني أدركت أنني لن اقوى على الرحيل إذا ما رايتك ثانية... هذه هي الحقيقة".
" لكن لماذا لم تأخذني معك ؟ أتعلم أنني كدت أصاب بالجنون بعيدا عنك ؟".
" ظننت أنك صغيرة جدا ، وأنك ما زلت مراهقة ولن تستطيعي العيش معي ، كرهت نفسي لأنني فقدت السيطرة عليها ، فتسببت لك بالإهانة في تلك الليلة ، ولم يكن من الصعب على والدي أن يقنعني بأنني غير مسؤول عما حدث بينا ، وأنه من الأفضل أن ارحل لألتقاط خيوط حياتي بعيدا عنك ، أنني صدقت أقواله حينذاك ".
" آه يا رايان ، تمنيت لو أن أحدا سالني ما الذي أريده ، الى اين ذهبت ؟ لم يذكر لي أحد شيئا عنك".
" ذهبت الى كل مكان ، لم أكن متوازنا في البداية ، بل كنت متهورا إذ صدقت الصفات التي وصفني بها والدي ، وبالتالي تصرفت طبقا لذلك ، أمضيت سنتين من العبث والطيش ، لجأت الى شتى أنواع اللهو كي أنساك ، وكان ذلك مستحيلا ، شعرت بك تسرين في دمي وفي كل نفس اتنشقه".
تحركت يده بلطف على ذراعها ، ثم تابع:
" إنزلقت أموالي من بين اصابعي ، الى أن حالفني الحظ فجأة ، إذ كسبت كمية كبيرة من المال ، لا أدري كيف إستطعت أن أفوز وأكسب في ذلك النهار ، وبينما كنت في طريقي الى الفندق ، حاول احدهم النيل مني ، هنا إلتقيت كيم سوكونا ، كان يمر صدفة مع روكو ، فهرع لمساعدنتي ، فأنقذني من الموت".
إرتعبت ليف وقالت:
" وهل أصبت بأذى".
قال وهو يحط من قدر نفسه:
" لم يصبني إلا ما أستحقه ، أمضيت بعض الوقت مع كيم ، ومن ثم قررت العودة الى بلادي".
تطلعت ليف نحوه بدهشة وقالت:
" وهل عدت الى هنا ؟ لكن... لكن لم يخبرني أحد ، إنك لم تعد من أجل أن تراني ".
قال محددا:
" أنت سبب عودتي ، جئت كي آخذك معي لتشاركيني المنفى ".
ضحك بمرح وهز رأسه متابعا:
" لكن لحسن الحظ ، أول من إلتقيت به فور وصولي من المطار كان جويل ، وأول صدمة تلقيتها حين قرأت الذعر في عينيه ، كنت في حالة مريعة ... مرتديا بدلة متسخة ، مشعث الشعر ، غير حليق الذقن".
قاطعته ليف:
" كان يجب أن يخبرني جويل ".
لكن رايان وضع اصبعه على شفتيها.
" كلا يا ليف ، لم يكن عليه أن يفعل ذلك ، فأنت لا تعلمين سوء حالتي آنذاك ، تحدثنا ، ووبّخني بعنف مما جعل والدي فخورا به ، اوقفني ومنعني من المجيء اليك متذرعا بأسباب منطقية ، وفي إحدى المراحل ، هدد بأن يوثقني ويرمي بي الى المرفأ إذا ما حاولت الإقتراب منك".
منتديات ليلاس
هزت ليف برأسها وقالت:
" أكاد لا أصدق ذلك لأن جويل لا يخفي عني شيئا ، اعتقد انج ويل هو من أخبرك بوجود التوأمين".
بدا رايان مرتبكا قليلا:
" هل تذكرين ظهر ذلك اليوم الذي تركت فيه التوامين مع جويل كي تزوري ماريا في المستشفى حين كانت تجري عملية جراحية لإستئصال الزائدة؟".
هزت ليف رأسها إيجابا ، فتابع:
" إستدعاني جويل وعرّفني بالتوأمين شخصيا ، اصابني الذهول ، إن ما عذّبني فيما بعد هو لقائي بهما ، وحين راقبتك تصلين وتغادرين المنزل ، شعرت انني تركت قلبي معك".
توقف رايان ثم عاد وتابع حديثه:
" إنهما طفلان رائعان يا ليف".
ضحكت ليف وهي ترتعش:
" اعرف ذلك ، هل تعتقد أننا نستطيع ان نعيش مع ثلاثة اولاد في المرحلة القادمة؟".
ضحك رايان وأجاب:
" هذا إقتراح جيد يا سيدة دانيسون".
" وهو كذلك يا سيد دانيسون ".
" آه يا ليف ، إذا نظرت الي هكذا ، لن استطيع أن أقول لك ما يجب قوله".
ثم شدّها اليه قبل أن يتابع كلامه:
"إكتفيت من رؤية التوأمين اخيرا ، كنت اعلم أن علي الرحيل وعدم العودة إلا بعدما أكوّن نفسي ، كنت كالسجين تماما ( لمس وجهها بأصبعه بنعومة ) فهل تغفرين لي لأنني تسببت لك في كل هذا الشقاء ؟ ولأنني رحلت وتركتك تواجهين أعباء الحياة بمفردك؟".
قاطعته ليف عندما رأت الألم باديا في عينيه :
" كل ما اريده هو البقاء الى جانبك ، ومن حسن الحظ ان الله عوّضني حينما رزقني التوأمين".
" أخبرني جويل كم كنت متألمة حين رحلت ، فلم أرض ان أثير حزنك مرة ثانية ، فغادرت فجأة مثلما وصلت ، ومنذ تلك اللحظة ، وعدت نفسي وعدا قاطعا: تذكرت جزيرة كرافن ، وتذكرت أحلامي القديمة فيها ، فعملت جاهدا لتحقيق هذا الحلم في السنوات الست الماضية ، ومع ذلك ، ما زلت أشعر أنني تأخرت كثيرا......".
أنهى حديثه بهدوء ، قالت ليف:
" كنت حزينة للغايةعندما ظننت انك إشتريت جزيرة كرافن بهدف إغاظة والدك ، وتخيّلت أنك تريدنا ثانية لإنجاز الصفقة مع السيدة كرافن".
تنهدت ليف وأضافت:
" كنت خائفة جدا من ان أترك نفسي تثق بك ، وتحوّل خوفي الى غضب ، كنت .... كنت أريدك أن تعاني بعض العذاب الذي عانيته أثناء غيابك ، معتقدة أنكما زلت متهورا وغير مبال وهذا ما منعني من القيام بما كنت ارغب فيه".
" وبماذا كنت ترغبين ؟".
ولعبت إبتسامة صغيرة حول زوايا فمه.
" ان أكون معك".
ضحك قائلا:
" يا للصدفة كنت اسعى أيضا الى نفس الشيء ".
عانقها بحنان بالغ وسال:
" هل تذكرين تلك البقعة الخضراء فوق التلة التي إشتريتها من السيدة كرافن؟ هل تودين العيش عليها ؟ تمنيت لو أننا نستطيع هندسة وبناء منزلنا معا هناك ، ما رأيك في ذلك؟".
قالت بصدق :
" رايي أن ابقى الى جانبك اينما كنت".
" هذه الكلمات كالموسيقى يا حبيبتي".
التعبير العاطفي في عينيه أزال المرح من كلماته ، فرفع يدها قائلا:
" الان حصلت عليك يا ليف، ولن أدعك تبتعدين عني ثانية ".
تنهد رايان بعمق وسألها بعينين متوهجتين :
" هل ستطردينني الليلة أيا ؟ أعني هل تعتقدين أن ميلي ستثور غضبا إذا ما وجدتني معك في الصباح؟".
أجابت ليف والإبتسامة تتراقص على فمها :
" يوجد سرير في مرسمي ، يمكنك ان تنام عليه".
قال رايان مداعبا:
" أنت إمرأة صعبة المنال يا ليف دانيسون!".


تمت

Rehana 26-02-12 02:03 PM

الله يعطيك العافية فراولة على مجهودك في القسم

http://forum.tawwat.com/images-topic.../flow/0056.gif

nounoucat 29-02-12 01:08 PM

merci tislam idiki

ندى ندى 02-03-12 10:03 PM

روووووووووووووووووووووووووووووعه

زهور الندى 06-03-12 06:21 PM

http://documents and settings\xp\my ...ures\مجلد جديدوووااااااااووووو قصة خرافه.............. بجد مييييرسيييي شييييرى رووووعة كتييير ياعسسسولة عيزين كمان قصص حلوة من دى فى احلا صحبة

honayda 12-05-12 04:04 AM

THXX Sweety ..................

الجبل الاخضر 15-05-12 07:21 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

عميشه 19-05-12 02:22 AM

:dancingmonkeyff8:

black star 14-09-12 10:29 PM

بتصعب عليا اوى البطله يسلمووو

hoob 17-09-12 01:53 AM

حلوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووه جدا

سيمفونية الحنين 17-09-12 02:58 AM

واوووووووووو كتييييييييييييييير رائــــــــــــــعة
:55::55::55:

سنيوريتا 16-01-14 01:07 AM

رد: 171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اائعه

Moubel 26-09-20 11:51 PM

رد: 171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة جدا شكرا

Alessia Angel 18-11-20 10:21 PM

رد: 171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا كثير على الرواية

نجلاء عبد الوهاب 23-02-24 11:25 PM

رد: 171 - لو لم تسافر - لينسي ستيفنز - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285: :c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285: :c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285:


الساعة الآن 08:57 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية