منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   150 - خيط الذهب - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t171423.html)

نيو فراولة 15-01-12 01:48 PM

وطلب ريك فنجان القهوة ، بينما جالت عينا ليندا في أرجاء المطعم ، لتقعا على ولد في السادسة من عمره تقريبا ، جالس مع أهله الى الطاولة المجاورة ، بعينيه الواسعتين والقاتمتين ، يمسك السكين والشوكة بعناية وإرتباك ، مما يدل على تجربته الأولى في تناول العشاء في مكان عام كهذا ، إبتسمت ليندا من غير أن تدري ان ريك يراقبها ، فرفع حاجبيه مستفهما :
" شخص تعرفينه؟".
" لا ، إنني أبتسم لذاك الولد الصغير الجالس هناك "
عند خروجهم من المطعم ، فوجىء الثلاثة بحشد من الناس على الرصيف المقابل ، وبسيارات الأطفاء والشرطة تلهب الأرض مطلقة منبهاتها ، كانت إحدى البنايات المجاورة تشتعل ، وأمام عيون الثلاثة راحت نوافذ البناء تهوي ، وإمتدت النيران محولة كل ما يعترضها الى لقمة سائغة ، ورجال الإطفاء يبذلون ما بوسعهم لكبح جماح السنة اللهب ، فعزلوا منطقة الحريق لمنع النار من إلتهام أماكن أخرى.
تذكرت ليندا فجأة ذلك الولد في المطعم ، فإستدارت تبحث عنه لتجده واقفا مع اهله يراقب الحريق ، مأخوذا بوهج النار وبمنظر سيارات الإطفاء ، وإهتم ريك بإيجاد طريقة ما لمغادرة المكان ، فالإزدحام يشتد وسيصعب بعد قليل إيجاد وسيلة نقل ، قال للفتاتين :
" أخشى في حال بقائنا هنا ألا نحظى بسيارة أجرة بسبب الطوق المضروب حول المكان ، فعلينا الإسراع بالإبتعاد من هنا".
ووافقت الفتاتان ، فالإزدحام يعيق تحرك رجال الإطفاء وقيامهم بواجبهم ، شرح ريك خطته قائلا:
" حسنا ، لنتحرك قبل أن يشتد توافد الفضوليين ، لكن علينا المرور قرب البناء المشتعل ومن هناك نصل الى الطريق العام ، فهيا بنا ما دام ذلك ممكنا الآن ".
كان البناء كالمعمل الهادر بآلاته ومحركاته ، أجيج النار يغطي على كل شيء ، وألسنة اللهب إمتدت الى كل شبر منه ، ثائرة ، هادرة ، لا تقوى يد الإنسان على لجمها ، فتحول المكان كله الى آتون هائل من نار ، أحست ليندا بوهج النار يلفح وجهها وهي تراقب رجال الإطفاء يعملون ، وفجأة وقعت عيناها على خيال صغير يقف وحيدا قرب مكان الحريق ، خلف إحدى سيارات الإطفاء ، مما حجبه عن أعين الإطفائيين ورجال الشرطة ، فسحبت يدها من يد ريك ، وإستدارت تتحقق من صحة ما تراه ، وصرخت بهلع:
" يا ألهي ، إنه الطفل الذي شاهدته في المطعم !".
وتراجع الإطفائيون بسرعة صائحين:
" إنتبهوا ، إنتبهوا !".
وبدا أن زمام الأمور قد أفلت من يد الجميع ، فالنار تنذر بكارثة والخيال الصغير ما زال مسمرا في مكانه ، فتراجع المتجمهرون متدافعين إلا ريك الذي أمسك بذراعي ليندا ، ودفعها الى مكان آمن بين الجموع ، وركض ناحية البناء في سباق مع الوقت ، ليبعد الولد عن مكان الحريق.
وفجأة دوى إنفجار هائل يصم الآذان ،وهوى احد الجدران على الأرض،وتحول البناء الى بركان... وكأنما النار قد إبتلعتهما ، لم تقو ليندا على الحراك ، عيناها شاخصتان برعب الى مكان الإنفجار ،كل ما فعلته أنها نادت ريك بأعلى صوتها ، لكن صيحاتها ضاعت بين صراخ الجموع وتعليقهم ، فراحت تشق طريقها بين المحتشدين بطريقة قاسية لم تعهدها في نفسها من قبل ، حتى وصلت الى حيث إنحنى رجال الشرطة والإطفاء فوق جسمين بلا حراك ، وما لبثوا ان نقلوهما بعيدا من غير ان تتمكن ليندا من إلقاء نظرة عليهما .لم تتأخر سيارة الإسعاف في الوصول الى مكان الحريق ، ونقل ريك الى إحداهما ملفوفا بغطاء صوفي ، فيما نقل الولد الى السيارة الأخرى يرافقه والداه ، وزاد من توتر ليندا أنها أخضعت لأجراءات شكلية وإضطرت للإجابة على أسئلة عديدة ، قبل السماح لها بالصعود الى سيارة الإسعاف ،ومرافقة ريك الى المستشفى.
في المستشفى ادخل ريك رأسا غرفة العمليات ، بينما تولت الممرضة المسؤولة عن قسم الطوارىء الإستفسار عن إسمه وأقاربه من ليندا ، فأعطتها عنوان عمه والعنوان الذي اعطاها إياه قبل الحادث ، لكن إدارة المستشفى لاقت صعوبة في الإتصال بعمه ، فحاولت المسؤولة الحصول على عناوين أخرى عن طريق ليندا من غير فائدة ، فهي لا تعرف سوى عمه قريبا له ، وتدخلت جاين لتوفر على ليندا مزيدا من الإرهاق موضحة :
" نحن صديقتا السيد برنيت ، ولا نعرف شيئا عن اقاربه".
وعبثا حاولت الممرضة إقناعهما بالذهاب الى المنزل للراحة فبقاؤهما هنا لا يجدي في الوقت الحاضر ، لكن ليندا أصرت على البقاء قائلة:
" مستحيل ، أريد اولا الإطمئنان الى صحته".
" لا يمكننا الجزم بشيء حتى الآن ، فقد أدخل غرفة العمليات وقد يبقى فيها ساعات ،فعليكما ببعض الراحة ".
" هل تعرفين شيئا عن الولد الصغير ؟".
" سمعت إحدى الممرضات تقول أن حالته لا تدعو الى القلق ، فقد أغمي عليه بعد إصابته برجله وسيكون على ما يرام ( وأردفت بسخط ) لو لم يقترب هذا الولد الغبي من مكان الحريق لما حصل هذا كله"
" لقد بهره منظر سيارات الإطفاء ، وأظنه لم يدرك الخطر المحدق به فهو ما زال طفلا".
قالت جاين بتهكم:
" انت تدافعين عنه لأنك متيمة بالأطفال".
تمتمت ليندا :
" ربما".
حاولت جاين قدر إستطاعتها صرف ليندا عن الشرود والقلق فقالت:
"نتج الحادث عن إنفجار قوارير الأوكسجين ، ولم يصب غيرهما بجروح بليغة ، أما مصابو رجال الإطفاء فجروحهم طفيفة لأن كلا منهم يعتمر قبعة".
أدركت ليندا هدف صديقتها من كل هذا الكلام ، لكنها لم تكن تصغي ، فتفكيرها منصب على هاجس واحد ، ريك.

نيو فراولة 15-01-12 01:49 PM

ومضت ساعات أحستها ليندا دهورا قبل أن تدخل إحدى الممرضات قاعة الإنتظار ، فنهضت ليندا بلهفة حارة مستفسرة ، بادرتها الممرضة:
" أعتقد أنكما تنتظران أخبارا عن حالة السيد برنيت ، أليس كذلك؟".
فردت ليندا بإضطراب :
" أجل ، هل سيكون عل ما يرام ؟".
منتدى ليلاس
" لن يموت ، فهو محظوظ جدا ، لقد أصيب بحروق عديدة لكنها سطحية ، وعليه البقاء في المستشفى لبعض الوقت ، فبعض الشظايا التي أصابته يستغرق إخراجها من جسمه فترة ، وهذا سيزعجه قليلا ، والآن هل أنت خطيبة السيد برنيت؟".
تمنت ليندا لو ترد بالإيجاب لكنها قالت:
" كلا ، نحن صديقتاه ، هل إتصلتم بعمه؟".
"نعم، وقد أفادونا انه خارج المدينة في رحلة عمل ، ولكنه عائد اليوم وسيأتي مباشرة الى هنا".
" هل يمكنني مشاهدته؟".
" لا يمكنه إستقبال احد الان ، وهو على كل حال ما زال تحت تأثير البنج ، أقترح أن تعوداه لاحقا فتحظيان بمقابلة عمه ايضا ، لأنني متأكدة أنكما بحاجة للراحة".
في سريرها في الفندق ، اغمضت ليندا عينيها بعد أن طمأنت نفسها أن ريك بخير ، وأن كل شيء سيكون على خير ما يرام.
وعند عودتها الى المستشفى مع جاين ، تعرفتا الى ريان برنيت عم ريك ، فقامته الطويلة ،ومنكباه العريضان ، وشعره البني وعيناه المشابهتان لعيني ريك بريقا ولونا ، جعلته يبدو أصغر من أعوامه السبعة والأربعين .
حياهما ومد يده مصافحا ثم خاطب ليندا:
"آنسة لورانس ، اخبروني انك كنت برفقة ريك عندما اصيب".
" هذا صحيح ، فقد كنت نتناول العشاء ثلاثتنا ، هل سمحوا لك برؤيته؟".
" أجل ، لكنه ما زال فاقد الوعي".
فسألته ليندا بقلق:
" كيف حاله ؟".
" بعدما أطلعت على تفاصيل الحادث ، لم أكن أتوقع أن يكون بحال أفضل كما سترين بنفسك بعد قليل".
" أود رؤيته".
" آنسة لورانس ، هل إسمك الأول ليندا؟".
" أجل".
" إذن ، يمكنك رؤيته بكل تأكيد ، فما برح يسأل عنك في هذيانه ".
ودخلا الغرفة معا ، فقامت الممرضة الجالسة بقربه وإنحنت على أذنه هامسة:
" سيد برنيت".
ولم تدعها ليندا تكمل ، فوقفت في الجهة الأخرى من السرير وقالت :
" لا توقظيه أرجوك".
إبتسمت الممرضة قائلة:
" إنه بحاجة لرؤيتك ، فقد كان قلقا جدا عليك ، كان طوال الوقت يتذكر الإنفجار ، فيسأل عما حلّ بك ، صدقيني ، ستتحسن حالته حين يعلم أنك بخير".
وسألها ريان برنيت:
" هل إسترد وعيه؟".
" لفترة وجيزة ، فأنا أمضيت الليل بقربه ، وإستلمت نوبتي منذ دقائق ".
وإستدارت تزيح عن جبين ريك بعضا من شعره ، ففتح ريك عينيه قليلا ، فهمست في أذنه:
" لديك ضيوف يا سيد برنيت".
ففتح عينيه أكثر يحاول أن يرى بصورة أوضح ، وإقتربت ليندا منه فرفع يده أتجاهها ، فحضنتها يداها بنعومة وسمعته يقول:
" أنت بخير ، هذا أنت حقيقة ، أنا لا أحلم أليس كذلك؟".
أجابت ليندا والدمع يطفر من عينيها:
" انت لا تحلم يا حبيبي ، أنا حقا بخير ".
كان وجهه شاحبا تملأه الخدوش ، خده الأيمن اصيب بحرق بالغ ، وألصقت ضمادة كبيرة تحت عينه اليسرى ، لكن ما يهم ليندا أنه حي ، فهي تشعر بلهاثه وبحرارة يده بين يديها.
وأغمض عينيه بإحكام ، فأدركت أنه يخفي دموعا كادت تفضح ما يعانيه.
ثم زفر زفرة طويلة وقال:
" قلقت عليك كثيرا يا حبيبتي".
فغمرته ليندا تمسح شعره بيديها ، ونظر ريان الى الممرضة نظرة أدركت معها أنه من الأفضل إخلاء الغرفة للحبيبين ، فخرجا بهدوء الى الصالون الصغير.
أمضت ليندا ساعات قرب ريك ، الى أن تأكدت أنه نام ، فإنسلت الى حيث كان ينتظرها ريان وجاين ، وذهب الثلاثة لتناول الشاي في مقهى المستشفى.
كانت ليندا مرهقة جدا ، فرؤيتها ريك بهذه الحالة أثّرت فيها كثيرا ، لكنها حاولت جاهدة أن تخفي إرهاقها عن جليسها ، فأخبرتهما بإقتضاب عن الممرضات وحسن معاملتهن للمرضى وخاصة لريك ، الى أن سألها ريان:
" كم مضى على علاقتك بإبن اخي يا آنسة لورانس؟".
كانت دهشته عظيمة عندما سمع جوابها ، لكنه كان بارعا في إخفاء إنفعاله بسرعة ، ثم قالت جاين:
" إتصلت بأهلك ، وأخبرتهم عما حصل ، كما اعلمتهم أننا عائدتان غدا".
فردت ليندا بعزم:
" لا يمكنني العودة غدا ، سأعاود الإتصال بهم وأشرح لهم الوضع ".
نظرت اليها جاين بدهشة وأكملت ليندا:
" آسفة يا جاين ، أعتقد انك ستعودين وحدك".
فتدخل ريان سائلا:
" هل بإمكاني الإستفسار عن سبب إمتناعك عن العودة؟".
" ريك بحاجة لأن أكون قربه".
" ما مدى معرفتك بريك يا آنسة؟".
لم تجب ليندا على سؤاله فقد شغل تفكيرها حالة ريك .
فتدخلت جاين قائلة بسخط :
" لا أدري ما القصد من سؤالك يا سيد برنيت ، لكن إسمح لي أن أوضح لك نقطة وحيدة هامة جدا ، ليندا لا تنتمي الى هذا النوع من الفتيات".
فإبتسم ريان ورد مدافعا عن نفسه:
" لم أفكر لحظة أنها كذلك ، وأؤكد لك أنني لم أعن شيئا من هذا القبيل ، فقد سبق وقلت يا آنسة لورانس أنه لم يمض على معرفتك ريك أكثر من ثلاثة أسابيع ، ولكن يبدو انك تعتبرين نفسك أكثر من رفيقة عطلة ، صدقيني ، هذا ليس تطفلا ، ولكن يهمني كثيرا معرفة حقيقة العلاقة بينكما".
كان صادقا في ما يقوله ، أو هكذا ظنت ليندا ، فردت بتاثر يعكس حرارة مشاعرها:
" لا يمكنني الجزم حول شعور ريك ، اما عن شعوري فأنا أحبه".
لم يدم إسترسالها في التفكير طويلا ، فقد قطعه ريان قائلا:
" هل يمكنني مرافقتك الى الفندق ، أود ان أتحدث اليك أكثر ؟".
تركتهما جاين وحدهما في الغرفة ، وتناول ريان كرسيا وجلس قرب النافذة ، بينما جلست ليندا على حافة سريرها ورأسها بين يديها تنتظر منه الإفصاح عما يريده بالتحديد ، ثم سالها بهدوء:
" ماذا تنوين فعله بالضبط؟".
" البقاء هنا طالما ريك يحتاجني".
" لكنه قد يمكث طويلا في المستشفى".
" هل هي الحروق ؟ لكنهم قالوا لي أنها طفيفة ، وأنه لن يموت".
فرد ريان وهو يبذل ما بإستطاعته للسيطرة على إنفعالاته :
" لا لن يموت ، لكن هناك عدة شظايا في ظهره تعذر إخراجها اثناء العملية ، وقد أصاب بعضها عموده الفقري، فإرتاى الأطباء عدم لمسها حفاظا على حياته ( مسح دموعه بيده ) هناك خطر بألا يتمكن من المشي بعد الآن ".

نيو فراولة 15-01-12 01:51 PM

شكرا لك عزيزتي زهرة

أنس إسلام 17-01-12 02:20 PM

ا
هلا يا غالية الرواية دي من اجمل الروايات اللي قراتها
سلمت اناملك علي الاختيار الموفق والله يعينك علي انهائها

:shokrn::shokrn::shokrn::shokrn::shokrn:

نيو فراولة 17-01-12 04:09 PM

3- لن تكون وحيدا


هوت ليندا على السرير وصدى كلمات ريان برنيت يتردد في ذهنها ، ولما إستوعبت أخيرا الحقيقة المرة قالت:
" ايعلم ريك بذلك ؟".
" لا ، فهو لم يفق من غيبوبته إلا لبضع دقائق لم تكن كافية حتى يطلعه الطبيب على الأمر الفظيع".
منتدى ليلاس
أضاف الرجل منتشلا إياها من شرودها :
" إصابته تسبب آلاما كثيرة لذلك سيبقيه الأطباء تحت البنج ليومين أوثلاثة ، ولكنهم سيضطرون بعد ذلك لأعلامه بكل شيء ، لأنه لا بد أن يلاحظ عجزه عن تحريك رجليه ".
" أتعتقد أنه من الحكمة إخباره بخطورة حالته ؟ أخشى أن يثبط ذلك من عزيمته ، فيستسلم للياس وتخف مقاومته المعنوية للشلل".
" إصغي اليّ جيدا يا آنسة لورانس ، أظن أنني أعرف ريك أكثر منك فهو عائلتي الوحيدة لو صحّ التعبير ، ريك لا يحب الأسرار ، وهو سيعرف كل شيء عاجلا أم آجلا ، لذلك أعطيت تعليماتي للأطباء بإطلاعه على حقيقة حالته حالما يسأل ، فلو أخفينا الأمر عنه سيتصور أنه أسوأ مما هو عليه ".
نهض عن كرسيه ، وتوجه الى النافذة ينظر بشرود الى ما يجري خارجا ، ثم إستدار ورمق ليندا بنظرات فضولية ما لبثت ان إلتقت عينيها المفعمتين بحزن عميق ، فسالته:
" لماذا تنظر الي هكذا يا سيد برنيت؟".
مرر الرجل يده على شعره وتنهد قائلا:
" آنسة لورانس...".
" أرجوك أدعني ليندا".
" كم تبلغين من العمر يا ليندا ؟".
" تسعة عشرة عاما ".
" تسعة عشر ... ما زلت صغيرة جدا ".
لم تحرك الفتاة ساكنا ، لكن عينيها الغاضبتين أعلمتا الرجل بانها تلقت إهانة لا تتقبلها من أحد ، فسارع الى الإعتذار:
" لا أقصد جرح شعورك يا ليندا ، لكنني قلق على ريك ".
" وأنا ايضا قلقة عليه وأريد أن افعل شيئا لمساعدته ، سأستقر في لندن وأحصل على وظيفة لأستطيع البقاء بقربه".
" ليندا".
رفعت الصبية عينيها الى وجهه فرأت فيه إضطرابا كبيرا ، لكنه مع ذلك إستطاع أن يقول بكل لطف :
" واثقة أنت من ان ريك محتاج اليك ؟".
" لم تر ما قالت الممرضة...".
" كانت الممرضة على حق وانا لا أنكر أن ريك إرتاح وسرّ كثيرا لرؤيتك ،ولكنني أخشى أن يكون خيالك قد ذهب بعيدا بعض الشيء يا عزيزتي ، أنت وريك أمضيتما الأسابيع الثلاثة الأخيرة معا ، وكنتما معا عندما وقع الإنفجار ، فمن الطبيعي ان تكوني اول شخص سأل عنه ريك حين أفاق من الغيبوبة ، لكن مع الأسف ، هذا لا يعني أنه يحبك".
واضاف وهو يلاحظ المرارة والخيبة في عيني ليندا:
" لا تسيئي فهمي يا ليندا ، فانا أريد صالحكما معا ، أن تقع فتاة في التاسعة عشرة من عمرها في حب شاب صحيح الجسم ووسيم شيء ، وأن تسجن نفسها في حب رجل قد يبقى مقعدا طوال حياته شيء آخر ( أضاف بعد لحظة تفكير ) قلت لي سابقا انك لا تستطيعين الجزم حول شعور ريك ، هل هذا يعني أنه لم يصارحك بحبه؟".
" أنت على حق لكن ريك قال أنه لا يريد الكف إطلاقا عن رؤيتي ".
" لكن الأمور تغيّرت الآن يا ليندا ! إذا إستطاع ريك السير ثانية فلن يكون ذلك قبل أشهر من الصبر والجهد والمثابرة ، أما إذا لم يكن هناك أمل فالوضع سيكون رهيبا الى حد لا استطيع وصفه أوحتى تصوره ".
فقالت ليندا بكل بساطة وصدق :
" أمشي أم لم يمش سيبقى ريك الرجل الذي أحب".
" أتدركين مدى خطورة ما تقدمين عليه؟".
" أنا واثقة من نفسي يا سيد برنيت ، ولا أدري لماذا تحاول إقناعي بعكس ذلك".
إتصلت ليندا هاتفيا بأهلها وشرحت لهم القضية من غير أن تحدد موعدا لعودتها فقالت لأمها :
" الأمر يتوقف على حالة ريك ، لن أتمكن من حزم أمري قبل بضعة أيام".
أجابتها أمها بصوت مضطرب:
" لكن لم يمض على معرفتك هذا الشاب سوى بضعة أسابيع يا عزيزتي ".
" أعلم ذلك ، ولكنه بحاجة اليّ يا أمي".
" أرجوك يا إبنتي ، لا تنساقي وراء شعور بالذنب أو المسؤولية لئلا نجد أنفسنا في ورطة لن نتمكن من الخروج منها".
" ألا تفهمين يا أمي أنني أغوص في هذه الورطة بملء إرادتي؟".
" أتعنين انك مغرمة بهذا الشاب؟".
أجابته ليندا بصوت ناعم إذ عاودتها ذكرى اللحظات الحلوة التي أمضتها مع ريك :
" نعم ، أنا مغرمة به.... إنه شخص مميز يا أماه".
أدركت ليندا من سكوت أمها ان موقفها يلقى تفهما وتجاوبا ، وتأكدت من ذلك أكثر عندما قالت والدتها:
" افهم موقفك يا عزيزتي ! وهو ، أيبادلك الشعور نفسه؟".
ردت الفتاة بكل صراحة:
" لا أعرف".
جفلت المرأة لهذا الرد وسكتت طويلا قبل أن تقول لإبنتها :
" كنت دائما طفلة حساسة يا حبيبتي ، فلذلك عليك إختيار الحل الأنسب لك وله مهما بدا قاسيا ، أعتقد انك تحسنين صنعا لو عدت الى البيت الان ونسيت ريك".
شعرت ليندا بأن أمها خانتها فإنفجرت :
" لا يا أمي ! انت أيضا تقولين هذا الكلام ؟".
" ومن قال لك ذلك غيري؟".
" ريان برنيت ، عم ريك".
" وماذا قال لك بالضبط؟".
وأخبرت ليندا أمها بما دار من حديث بينها وبين ريان ، فعلّقت هذه الأخيرة :
" يبدو لي أنه رجل حكيم وعاقل ، هل فكرت بنصيحته؟".
" فكرت بها مليا ".
" من الواضح أنك لا تنوين العمل بها ( تنهدت الوالدة واضافت ) متى سنراك إذن؟".
" قد أمر بكم في نهاية الأسبوع ، وفي أي حال ساعلمك بذلك قريبا ".
" وماذا عن دروسك ؟ الفصل الجديد يبدأ بعد عشرة ايام ".
" أعلم ذلك يا امي ، ولكن قد أبقى في لندن وأحاول الإنتقال الى أحد معاهدها ".
" وماذا يحصل إذا لم تنجح المحاولة ؟".
" سابحث عن وظيفة ما".
" وتتخلين عن دراستك؟".
" إذا كان ذلك ضروريا ".
سلمت الأم بالأمر الواقع بعدما لمست مدى تصميم إبنتها فقالت:
" حسنا ، حاولي المجيء في نهاية الأسبوع إذن ، الديك ما يكفي من المال؟".
" نعم يا أمي ، لا تقلقي علي".
اقفلت ليندا الخط والخيبة تغمرها ، وشعرت أنها وحيدة في هذا الخضم ، لن ينتشلها منه إلا إراداتها القوية وتصميمها الثابت ، لقد أحبته ، وإيمانا بهذا الحب الكبير ، ولأجل هذا الإيمان قررت البقاء بجانب ريك طالما هو محتاج اليها ، ولن ترجع عن قرارها مهما حدث ، لكنها أغفلت شيئا مهما ، لقد أخذت القرار من غير مراجعة ريك ، الطرف الثاني للقرار.


الساعة الآن 07:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية