6- ذكريــــــــات وألم
بعد ما حصل في تلك العائلة , رفضت جو رفضاً قاطعاً العيش في منزل مع رجل في الأرجاء , فانتهى بها الأمر مع أرملة متوسطة العمر تعمل في الخدمات الاجتماعية , وابنتها التي أصبحت أعز صديقة لجو . كان الجميع مقتنعاً بأنها سوف تنسى الموضوع البغيض وتضعه خلفها لأنها عاقلة , قوية ومستقلة .منتديات ليلاس ولكنهم خطاً ظنوا , فقد غفلوا عن أنها حساسة أيضاً . ولن تنسى ما حدث معها بسهولة . حتى أن تلك الذكريات المريرة وقفت بينها وبين عدة رجال كان من الممكن أن تغرم بهم . وربما عدم تصديق الآخرين لها في البداية هو أكثر ما ألحق بها الأذى ولذلك باتت متعلقة باستقلاليتها , لن تعتمد على أحد من جديد . إلا أن غافن هاستينغ قَلَبَ كل المقاييس وبدل كل المعايير . ألأنهما عاشا الخطر نفســه ؟ أم لأنه رمى بنفسه في وجه سلاح مصوب نحوها , شاء ذلك أو أبى ؟ أو ربما لأنها أسرا لبعضهما ببعض من جوانب حياتهمـــا ؟ أياً يكن السبب , وحتى لو أن قلبها خفق عندما اقترح عليها الزواج , فلا شـــيء هيأها فعلاً لدفق المشاعر التي جعلها تشعر بها الليلة . أغمضت عينيها وفكرت في أنها وقعت في الحب , وهي سعيدة بهذه الحالة ولكن ... كيف عساها تتكيف مع واقع أنه لن يعرف مجدداً ذلك الحب المجنون العميق الذي عرفته هي ؟ وكيف يمكن لاستقلاليتها العاقلة القوية العنيدة والحساسة أن تتكيف مع هذا الوضع الجديد ؟ http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif نهاية الفصل (( الســادس ))... |
7- زوجــة مناسبة
7- زوجــة مناسبة http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif استيقظت جو صباح اليوم التالي , لتجد روزي جالسة على طرف سريرها .منتديات ليلاس جاهدت لتنهض وحدقت بالساعة الموضوعة بجوار السرير . كانت السادسة والنصف وضوء النهار بدأ يتسرب لتوه عبر النوافذ . ـ صباح الخير . أجابت روزي مشرقة : (( مرحباً . نحن نستيقظ دائماً عند طلوع الفجر . ظننت أنني أخبرتك بذلك )) . ـ لاحظتُ ذلك . ـ تقول جدتي إنك سترسمينني . أنا متحمسة جداً لأنني أحب أن يرسمني أحد . هل نبدأ الآن ؟ ـ الآن ؟ آه ... ـ ما رأيك لو أحضر لك فنجاناً من الشاي ؟ ـ شكراً . سيكون هذا لطفاً منك . خرجت روزي فاستحمت جو بسرعة . وكانت قد ارتدت ثيابها قبل أن تعود روزي بصينية محملة بكوب شاي وفنجان حليب وقطعتين من الخبز المحمــص . قالت روزي: (( قطعة لي وقطعة لك . وكوب الحليب لي . لقد حضرته السيدة هاربر وهي تتذمر لأنني أستيقظ باكراً . ولكن بما أنني استيقظت , فلن يضرها أن تحضر كوب شاي لك . قلت لها إن الوحي لا ينتظر أحداً )) . نظرت جو إلى ابنة غافن هاستينغ بذهول . فـ روزي هاستينغ على ما يبدو فتاة ذكية وأكبر من سنها . من الواضح أنها اعتادت على رفقة الراشدين وهي تلفظ الكلمات بوضوح تام . كانت الصغيرة ترتدي فستاناً زهرياً طويل الكمين له حزام أبيض وقد ربطت شعرها الداكن الطويل على شكل ضفيرتين . ولكن مظهرها كان يشوبه شــيء من عدم الترتيب , فبعض أزرارها كانت مفكوكة وحزامها كان مفتولاً وشعرها غير مربوط جيداً ... بدت كأنها فتاة صغيرة من عصر قديم . قالت جو : (( شكراً لك . لم أتناول هذا النوع من الخبز المحمص منذ وقت )). فابتسمت روزي : (( كيف تريدينني أن أجلس ؟ )). فكرت جو لحظة وهي ترتشف الشاي ثم قالت : (( بما أنك تحبين الرسم , ما رأيك لو ترسمين بنفسك ؟ سأعطيك بعضاً من أوراقي ويمكنك استخدام أقلامـي )) . وأشارت إلى علبة صغيرة على الطاولة . أجابت روزي بحماسة : (( يا لها من فكرة رائعة ! ماذا سأرسم ؟ أعرف , لقد وضعت كلبة أبي المفضلة جراءً . لنرَ إن كنت أذكر شكلها )). رسمتا حوالي نصف ساعة وكانت روزي تتكلم طيلة الوقت . وإذا كانت روزي نور حياة والدها , فهو بالنسبة لابنته بطلها المحبوب . وكان للجدة حضورها في حديث روزي ولكن أكثر من كانت تتحدث عنه غافن . وقالت روزي أيضاً إنها تحب الحياة في المزرعة وتتشوق لدخول المدرسة , لكنها تنهدت عند قولها ذلك وأسندت ذقنها على يدها . فسألتها جو : (( ما الخطب ؟ )). ـ هناك بعض التعقيدات . وأسهبت روزي في الشرح . كانت على ما يبدو ترغب في الالتحاق بمدرسة للتعليم عند بُعد , وهي قد سبق وسُجلت في مدرسة (( تشالرلفيل )) الإعدادية . كانت جو مطلعة نوعاً ما على مدارس التعليم عن بُعد , مما أخبرتها إياه زميلتها في السكن (( لين )) التي عملت على هذا المشروع . كانت تعرف , مثلاً , أن المدرس المنزلي يعلب دوراً مهماً . وفي حال كين كان التي تضم أربعة أولاد غير روزي , فإن جانين زوجة كايز رئيس العمال , هي أفضل من يمكنه الاضطلاع بدور المدرسة , فهي لطيفة جداً وقد عملت في مدرسة سابقاً , وثلاثة من التلاميذ هم أولادها . وعلمت جو أيضاً من (( لين )) أهمية الدور الذي تلعبه هذه المدرسة , ليس فقط في تثقيف أبناء البراري , أنما أيضاً في الوصول إلى حياتهم المنعزلة . توسعت روزي في هذا الموضوع . كل الأولاد الذين تعرفهم سيلتحقون بالمدرسة . فقالت : (( أعرف أنه ذات يوم سيكون علي الالتحاق بالمدرسة الداخلية , ولكن إلى أن يحين ذلك الوقت , أريد البقاء هنا . هذه دياري )) . ـ ولِمَ لا تبقين هنـــــا ؟ ـ جدتي تحب أن تمضي وقتاً في بريزبان وأنا أرافقها دائماً , ولكن لن يعود بإمكاني مرافقتها متى بدأت المدرسة , فاقترحت أن ألتحق بمدرسة في بريزبان وأزور كين كان في العطل . ـ ألا يروقك ذلك ؟ ـ لا . أنا أحب جدتي , ولكن لو كان لدي أم مثل كل الأولاد الذين أعرفهم , لما كان هناك أي مشكلة ! إنها فعلاً مصيبة يا جو . وكان التجهم بادياً على وجهها . تجمد قلم جو في يدها وقالت مقترحة : (( تبدين على علاقة جيدة بالسيدة هاربر . ألا يمكنها الاهتمام بك أثناء وجود جدتك في بريزبان ؟ )). حل الازدراء مكان التجهم : (( لن يقبلوا حتى السماع بذلك )). |
7- زوجــة مناسبة
ـ فهمت . وما رأي والدك ؟ تغير صوت روزي وهي تقول مقلدة والدها : (( لدينا أشهر لنفكر بالموضوع يا سمكتي الصغيرة . وبما أنني غافن هاستينغ الرابع , كوني أكيدة بأنني سأتخذ القرار المناسب )) . ضحكت جو : (( سمكة ؟ )) . ـ إنها نكتة بيننا .منتديات ليلاس وتوقفت روزي عن الكلام عندما تناهى قرع خفيف على الباب قبل أن يفتح . ـ بابا ! وقفزت روزي راكضة إلى والدها , حاملة الرسم في يدها : (( أنظر إلى هذا )) . ـ روزي , ماذا تفعلين هنا في مثل هذه الساعة من الصباح ؟ وإذ ألقى نظرة سريعة على الرسم , قال : (( إنه جميل ولكن ... لا تكرري ذلك مجدداً . الوقت مبكر جداً . صباح الخير يا جو . أنا آســـف بهذا الشأن . لقد غُفوت ولم أنتبه لمرور الوقت )) . ـ لا بأس . لقد تعارفنا أنا و روزي . ضاقت نظرة غافن وهو يسألها : (( ما الذي كانت تخبرك به ؟ )) . ابتسمت جو : (( إنه سر بيني وبينها )) . وافقت روزي قائلة : (( أحب من يحفظ سراً . هل الفطور جاهز ؟ أنا أتضور جوعاً )) . مرت فترة الصباح بسرعة . لحسن الحظ , مر الطبيب لتفقد غافن , ما أراح جو كثيراً . وأنبه وهو يغير له ضمادات الجرح : (( إسمع يا صاح , عليك أن تعطي إصابتك بعض الوقت لتشفى , ماذا كنت تفعل بحق الله حتى تنزف هكذا ؟ )) . التقطت جـو أنفاسها , بينما أجاب غافن بعد أن رمقها بنظرة ذات معنى : ـ كنتُ ... أحرق المراحل في العمل . ـ إذاً كف عن حرق المراحل ... أياً يكن قصدك من ذلك . أنت لم تعد فــي الاستخبارات . وضب الطبيب حقيبته ونظر إلى جو , كما لو أنه لاحظ ذبذبات معينـــة في تلك اللحظـة , فرفع حاجبيه . قام غافن عندئذٍ بواجب التعريف : (( إنها جوان لوكاس يا طوم , هـــي هنا لترسم أديل . جو , أعرفك إلى طوم وانسون )) . ـ آه ! السيدة التي سمعنا عنها , تشرفت . أظن أنك كنت شجاعة جداً في تلك الظروف المريعة . أجاب غافن قبل أن تتمكن جو من الرد : (( بالفعل ... كانت شجاعة . ولهذا السبب أحاول إقناعها بالزواج منـــي )) . ضحك طوم , وقال : (( مكانك سيدتي , لفكرت ملياً قبل الإقدام على ذلك . فـ غافن معروف بأنه ينال ما يريد . حسناً , علي الرحيل الآن )) . ولكنه توقف فجأة عابساً ثم هز رأسه وصعد على متن الطائرة . وبينما هما يراقبان الطوافة تحلق في الجو , سألته جو : (( كيف أمكنك ذلك ؟ )) . ـ أمكنني ماذا ؟ ـ أن تخبره بأنك تفكر بالزواج بــي ... لا تتغابى . ـ لقد ظننــي أمزح . رمقته جو بنظرة جانبية فابتسم غافن وأمسك بيدها : (( هو ليس غبياً , ولم تكن تلك بمزحة )) . ـ غافن ... ـ جو , هل لـي أن أقترح عليك شيئاً ؟ نظرت إليه بحذر وهو يقـول : (( ما رأيك لو نأخذ أسبوعاً أو اثنين لنفكر بالموضوع ؟ يمكنك أن تكونـي فكرة عن الحياة في الريف وعن عائلتي وعني , كما يمكنك أن ترسمي والدتي )) . ـ أنــا .. ـ هل أطلب منك الكثير ؟ ـ أتعني ... مقابل إنقاذك حياتـي ؟ ـ لا , طبعاً لا . إنســـي أنني قلت ذلك . بالمناسبة , ماذا قالت لك روزي هذا الصباح ؟ كانت جو تفكــر في ما إذا كان عليها إخبار أم لا , عندما لاحت لهما أديل و روزي في الأفق . |
7- زوجــة مناسبة
فقال : (( حسناً , لننس هذا الموضوع في الوقت الحاضر . ولكن هل ستبقين هنـــا ؟ )) . نظرت في الأفق الأغبر : (( إذا وعدتني بـشــيء واحد )). ـ ما هو ؟ نظرت في عينيه : (( إذا أجبتك بالرفض , ستقبل بذلك الأمر )) . ـ اتفقنا . كان رده سريعاً بحيث أثار شكوك جو . ـ هل تعنــي ذلك ؟ ـ أنا رجل أحترم كلــمتي . عبست : (( هل لي أن أضيف شيئاً ؟ )) . ـ دعيني أحزر ... هل لذلك علاقة بعدم الضغط عليك ؟ ـ أجل . ـ جو , إذا كنتِ مُحرجة للطريقة التي عانقتني بها الليلة الفائتة , فلا داعــي لذلك . كان ذلك رائعاً . احمر خداها , بينما أضاف غافن : (( ومثيراً أيضاً )) . ـ ليس الأمر أنني مُحرجة ... صحيح أن هذا أحد العوامل , ولــكن ... ـ بل عامل أســـاسي . ورفع يده إلى فمها يرسمه بإصبعه . فارتجفت جو . قالت بجهد : (( أمك وابنتك على وشك أن تصلا )) . أنزل يده وألقى نظرة من فوق كتفه . ـ حسناً . يمكنك أن تقولي لي عندما تشعرين بأنني أضغط عليك . اتفقنــا ؟ خطر لها أن تضيف بنوداً إضافية إلى اتفاقهما : عدم ذكر عرضه أمام الآخرين , وعدم إظهار انجذابهما الواحد نحو الآخر بشكل علنـي .... وغير ذلك . ولكن كل ما تسنى لها لتقوله كان : (( نعم )) . ـ جيد . واستدار غافن ليحيي روزي وأديل . * * * بعد أسبوعين , كان الوقت قد مر بسرعة فائقة , إذ شعرت جو بانجذاب كبير لطريقة عيش آل هاستينغ . مع أن أمرين عملا لصالحها في ما يتعلق بعدم الضغط . فـ غافن لم يكن بإمكانه مشاركتها العمل نظراً لإصابته . ثم غالباً ما كانت تحبس نفسها في غرفتها بحجة العمل على لوحتي أمه وابنته . ولكنه تحدث معها عن الماشية وقتاً لا بأس به , وأخبرها أن كين كان تعمل على طريقة جديدة تقضي بدمغ الأغنام الكترونياً . ـ كيف هذا ؟ هز كتفيه : (( هذه الطريقة تعطيك معلومات عن وزن الماشية وحاجتها للتلقيح وغيرها من الأمور . فتعطيك معلومات دقيقة عن حالتها )) . ـ العلم مذهل ! وهزت رأسها بدهشة . كانا مستندين إلى السياج يراقبان الأغنام . كان الجو أغبر والكلاب تجول في كل مكان والماشية تقفز . نظر إليها , كانت ترتدي بنطلون جينز وقميصاً أزرق والنسيم يتلاعب بشعرها . ـ أنت ... ولكنه توقف من دون أن يُكمل ما كان ينوي قوله . نظرت إليه مستفسرة , فأجابها : (( كنت سأبدي ملاحظة شخصية ولكن يمكنني أن أكمل حديثي عن الأغنام . الأمر عائد إليك )) . ابتسمت قائلة : (( إذاً أكمل حديثك عن الأغنام )) . ـ لستُ أدري لما سألتك ما دمتُ أعرف أن هذا ما ستجيبين به . وفكر لحظة قبل أن يكمل : (( حسناً , أنت أردتِ ذلك . إن أفضل الأصواف هي أخفها وزناً ... )) . ـ أتعني أنكم تزنون كل خــــيــط ؟ ـ نعم . وكلما كان وزنه أخف , كانت جودته أعلى . ولهذا السبب نربي بشكل خاص أغنام الميرينو, لأن أصوافها عالية الجودة . وكلما اتجهنا جنوباُ في كوينزلاند , كانت جودة الأصواف أفضل . وتضم كوينزلاند ما بين تسع أو عشر ملايين رأس غنم . توقف لحظة , ثم تابع شارحاً : (( الصين أكبر أسواقنا وتُعتبر أستراليا أهم منتج للصوف في العالم . يمكن للعامل المحترف أن يجز صوف مئة وعشرين إلى مئة وأربعين خروفاً في اليوم ... )) . ـ ماذا ؟ ـ هذا صحيح , ولكنك قطعتِ حبل أفكــاري ... ـ الحمد الله . أظن أن هذا يكفي لأستوعبه حالياً . ـ هل أنت واثقة ؟ هناك المزيد .... ـ غافن , أنا واثقـــة . ـ إذاً هل لـي أن أقول لك إنك جذابة بشكل مذهل يا آنسة لوكاس ؟ هذا كل ما كنت أريد قوله منذ البداية . قال هذا محاولاً طمأنتها , فانفجرت جو بالضحك . تعلمت جو أيضاً قيادة الدراجة , وأمضت وقتاً ممتعاً في جمع الماشية مع (( كيز )) كما تعلمت كل أنواع الإشارات والصفارات الضرورية لقيادة الكلاب . وكم كانت فرحتها كبيرة عندما أخبرها كايز (( الرئيس )) بأنها ريفية بالفطـــرة . وأخذتها روزي في جولة في أرجاء المزرعة , مُظهرة معلومات وافية وحباً كبيراً للحياة هناك . كانت روزي تمتطــي حصانها الصغير الخاص , وقريباً تحصل على جرو كلب خاص بها . ولكنها ما زالت حائرة , لا تعرف أي واحد تختار . عندما يكون الطقس مشمساً . وكون جو سباحة ماهرة , استطاعت روزي خلال أيام قليلة أن تتعلم السباحة , فلم تسعها الدنيا من الفــرحة . |
7- زوجــة مناسبة
ولم يكن رضى الوالد محصوراً بابنته , إنما بمدربتها أيضاً . وكانت نظرته إليها في ثوب السباحة أفصح من أي كلام قد يُقال . ولكن كل ما اكتفى بقوله أثناء ابتعاد ابنته عن المسمع , كان أن جمال الساقين بات نقطة مهمة لديه للكمال الأنثوي . فرمقته جو بنظرة ساحرة سريعة ولفت جسدها بمنشفة طويلة غطتها حتى مستوى الركبتين . وهذا لا يعني أنها كانت منيعة حصينة إزاءه , فكان عليها أن تقر بأن طريقته في تمرير يده في شعره مثيرة جداً , وكذلك ابتسامته الماكرة التي تقول إنه يعرف ذلك . وقد أدركت أن الجميع , من مدير العمال إلى مدبرة المنزل ووالدته وابنته , وحتى هي , يضعفون أمام ابتسامته . كما تبين لها أنه اعتاد الحصول على ما يريد . ولكن في مشادة صغيرة جرت بينهما تعمدت فيها معارضته الرأي , بدا متفاجئاً لدرجة اضطرت أن تقاوم الرغبة في ضمه إليـــــــــــها .منتديات ليلاس أدركت فجأة أن تلك ليست فكرة جيدة لأنه على الأرجح قرأ أفكارها . فتفحصها من رأسها حتى أخمص قديمها وهمس : (( هل تشعرين بحس الأمومة يا جو ؟ )) . ـ حسناً ... ـ صدقيني أنا لا أنظر إليك من هذه الناحية . في الواقع غالباً ما أتساءل كيف أنت فعلاً في الأوقات الحميمة ؟ وإذ شعر بأن نظراته تحرجها , توقف عن الكلام . ولكنها تلك الليلة لم تتوقف عن التفكير بـ غافن ورسم الأحلام عن علاقتهما. وفكرت في أنه إذا كانت مراقبته وهو يمشي تؤثر فيها هكذا , فكيف ستكون الحال في الأوضاع الأكثر حميمية ؟ * * * عرفت جو من غافن المزيد عن (( إمبراطورية )) آل هاستينغ . فكين كان لا تنتج الأصواف فقد أنما تربي أيضاً أغناماً تُصدر إلى كافة أنحاء العالم . فضلاً عن أن مالكي المزرعة يملكون أيضاً مزرعتي ماشية أخريين و اسطبلاً للخيول ومزرعة قصب سكر في شمال كوينزلاند بالإضافة إلى لائحة طويلة من المؤسسات التجارية . قالت جو وهي تتفحص خريطة كوينزلاند , لُونت فيها ممتلكات آل هاستينغ باللون الأزرق : (( يبدو أنكم لا تحبذون جمع كل الممتلكات في مكان واحد )). كانا في مكتبه الذي لا يزال يُذكر جو بمشهد العنف الذي حصل منذ أسبوعين . هز غافن كتفيه قائلاً : (( لا يمكننا المخاطرة . الجفاف الفيضـانات تسبب الكثير من الكوارث في هذا الجزء من العالم )) . قطبت حاجبيها : (( وهل تحصل الفيضانات هنا ؟ )) . ـ آه أجل . ولدي إحساس بأن هذا سيحصل هذا الموسم . ولكن الجفاف أكثر شيوعاً هنــا . ـ تابع حديثك , أنا أصــغي . ـ حسناً , تمر الأصواف بمواسم جيدة وأخرى سيئة . وأسعار اللحوم يمكن أن تكون متقلبة جداً , مع أننا نحقق أرباحاً حالياً , أما السكر فيصعب التنبؤ بوضعه حالياً ولهذا السبب أفكر في إنشاء مزارع لتربية الأسماك في مزرعة قصب السكر . ـ ماذا بشأن الخيول ؟ ـ أسعار الخيول الصغيرة , أقله الأصلية منها , عالية جداً وقد ارتفع سعرها مؤخراً . وهذا أمر يناسبني . تأملته جو مطولاً . كان مستنداً في كرسيه الجلدي الأسود خلف مكتب من خشب السنديان . بدا مسترخياً جداً وكأن السلطة كلها محصورة فيه , كما تبين من خريطة الإمبراطورية الموضوعة أمامه . عبست عندما خطـرت لها فكرة أخرى فجأة : (( هل تدربت على القيام بكل هذا ؟ )) . شبك يديه خلف رأسه قائلاً : (( لقد تربيت على ذلك . لطالما كان والدي يعتقد بأن الخبرة خيـر تعليم , وقد نقل إلي خبرته فيما أنا أكبر )). ـ ألم ترغب في القيام بأي شيء آخر ؟ ـ ليس تماماً . ـ ماذا عن الاستخبارات العسكرية ؟ أنزل يديه وهز كتفيه شارحاً : (( إنه تقليد عائلي بأن يخدم الأبناء في الجيش لبعض الوقت . ويبدو أنني كنت أتمتع بالميزات المطلوبة لاستخبارات الجيش , ولكنني لم أكن أنوي يوماً أن أجعل منها مهنتي . |
الساعة الآن 02:52 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية