2- الجمــيلة النائمة
ـ أظن أن مشاركة السرير مع شخص غريب أمر يجعلها عرضة للشكوك ., ناهيك عن كل الأمور الباقية . ففي النهاية , أنت من بدأ بالإغواء أولاً . ـ ولكن عليك أن تقري بأن الــسرير أصبح أكثر دفئاً . بالفعل ! وأكثر أماناً أيضاً . ربما لأنها تعرف من هو فعلاً الآن , وتعلم أنها إلى جانب الأخيار ! صحيح أنه لا يزال هناك شك كبير ولكنه نتيجة سلسلة مصادفات لا تصدق !منتديات ليلاس أمر وحيد كانت واثقة منه هو أنها لم تمر ببوابة كين كان الرئيسية . ما الذي حل بها إذاً ؟ فتحت فمها لا لتسأل هذا فقط , إنما أسئلة كثيرة أخرى : هل لديه فكرة عن هوية خاطفيه المحتملين ؟ كيف أفلت منهم ؟ ... ولكن تنفسه العميق البطيء , واسترخاء ذراعه حول وسطها أنبأها بأنه غط في النوم مجدداً . ابتسمت رغماً عنها . كان فيه الكثير من الإغراء , لكن إذا كان صحيحاً ما لمح إليه من أن نساء كثيرات يجدنه جذاباً , فمن الأكثر أماناً أن يبقى نائمـــا. وتساءلت فجأة في سرها : أي نوع من النساء يجذبنه ؟ الـــجميلات ؟ حتماً . المثيرات ؟ بالتأكيد . جوان لوكاس ؟ تحركت فجأة وأبعدت نفسها عنه لتنام على السرير الآخر , وهي تحاول مع ذلك مشاركته الغطاء .. لكنه لم يتحرك على الإطلاق . * * * كان الفجر على وشك البزوغ عندما تململ غافن هاستينغ في فراشة , وإذا به يقطب حاجبيه فجأة . كان خده مستنداً على شعر أحدهم , وشعر حريري ناعم تفوح منه رائحة .. رائحة ماذا ؟ ولسبب ما تراءت في مخيلته علبة شامبو مزينة برسوم التفاح والإجاص ومملوءة بسائل أخضر . تذكر أنه رأى علبة مماثلة بين أغراض جوان الشخصية , كما لمح أيضاً أداة حلاقة زهرية اللون . وفرك ذقنه مفكــراً أنه حتى شفرة حلاقة زهرية ستكون ممتازة بالنسبة لشخص لم يحلق ذقنه منذ يومين . وإذا بذهنه يشرد مجدداً ويتجه نحو المرأة النائمة بهدوء بين ذراعيه . كان جسمها ناعماً دافئاً .. ففضل أن يخرج نفسه من هذا الوضع . ولكن عندما حاول إزاحة جو لوكاس عنه , همهمت معترضة ودفنت رأسها في كتفـــه . أضاءت التسلية عينيه , سوف تكرهينني عندما أخبرك بهذا (( جوزي )) ... وإذا تعاليت مجدداً , كما أتوقع أن تفعلي , فلن أستطيع مقاومتــك ! ماتت التسلية عندما حدق بالجميلة النائمة بين ذراعيه . فلم تكن رائحة شعرها وحدها تداعب حواسه إنما بشرتها الناعمة وجسدها الدافئ الرائع . سلخ نفسه عن تلك الأفكار الجانحة بجهد بالغ . من هي بحق السماء ؟ ليس هذا فقط ! كم من مرة ومرة لجأ إلى النساء لينسى , وإذا به يجدهن مجرد مسكن لأوجاعه , وليس الدواء الناجح . نهض من السرير وتمطى بقوة . وعندما استدار , كانت جو قد فتحت عينيهـــا . ـ صباح الخير آنسة لوكاس . آن الأوان الآن لنعود إلى مشكلتنا . بقيت جو مطولاً مكانها ثم جلست فجأة وراحت تسرح شعرها بأصبعها : ـ صباح الخير . سألها بشيء من السخرية : (( هل نمت جيداً ؟ )) . ـ أظن .. أظن ذلك . لا أذكر . ـ أظنك نمت جيداً .. أكثر مما تتصورين . بقي واقفاً مكانه ينظر بوقاحة , بينما بدت هي مرتبكة تماماً . ثم غير الموضوع كلياً : (( ربما لم تلاحظــي , ولكنها لا تزال تمطر ما تشائين بينما أشعــل النار )) . كررت بغير ثقة : (( أفعل ما أشاء ؟ )). ـ ربما تريدين أن تغيري ملابسك أو تسخنــي بعض الماء أو ربما تتأملــي نفسك إذا كان هذا ما تفضلين فعله في مثل هذه الساعة من الصبــاح . ضاقت عيناها وعلم أن لا شيء سيسعدها الآن أكثر من لكمه على وجهه . إلا أنها التزمت الصمت ونهضت من السرير . شيء ما جعله يشفق عليها , فناولها معطفها قائلاً : (( خذي, ارتدي هذا )) . أخذته منه رافضة النظر في عينيه حتى عندما أنزل لها حقائبها وحذاءها من العلية . بعد ذلك بربع ساعة , كانت جو بمفردها محتجزة داخل الكوخ , ولكنه كان قد أشعل النار ووضع إبريق القهوة على الموقد , بالإضافة إلى وعاء كبير من الماء للاغتسال . شعرت جو بحال أفضل بكثير بعد أن اغتسلت وارتدت طقمها الرمادي , وسرحت شعرها وربطته إلى الخلف ثم أعدت لنفسها فنجاناً من القهوة . تخيلت غافن هاستينغ يتصارع مع مظلتها الصغيرة ومعطفها المشمع اللذين طبعاً لن يؤمـنا له الكثير من الحماية , ولكنهما في النهاية أفضل من لا شيء في هذا الطقس الماطر . وأخذت تفكر في الملاحظــة التي قالها غافن عن النوم الهنيء الذي أمضته الليلة الفائتة , فلم تفهم مقصده منها . طبعاً لم يستغلها أثناء نومها , ولا يمكن أن تكون هـي قد فعلت شيئاً لذا ... ؟ ألقت نظرة سريعة إلى السريرين , فرأت أحدهما مرتباً بينما الآخر كان مجعداً جداً. فصرفت أسنانها منزعجــة . |
2- الجمــيلة النائمة
لا بد أنها أمضت الليلة بين ذراعيه . فلا يمكن أن يصبح السرير الصغير بهذه الحالة إلا إذا احتضن جسمين معاً . والأسوأ أن السرير كان سريره هو, لذا لا بد أن تكون هي من أتى إليه . وراحت تفكر في ما يبرر هذا الخطأ الفادح . لا بد أنني كنت أشعر بالخوف والبرد ... لا بد أنني كنت مجنونة ! سكبت فنجان قهوة آخر , علها تبعد أفكارها عن أمور لا تستطيع تغييرها . ثم تذكرت الفكرة التي خطرت لها عن رسمه لتثبت له أنها فعلاً من تقول إنها هي . فتحت علبة الأقلام وتناولت ورقة ثنتها من الوسط . لطالما كانت بارعة في الرسم التخطيطي وهي لا تزال تذكر كم كان تجد فيه ملاذاً وراحة , في حين أن الألوان لم تكن تستهويها إطلاقاً . لقد جربت التلوين بالماء والزيت والأكريليك , لكنها لم تجد في أي منها ما يستهويها . ولكن عندما بلغت عامها الثامن عشر تغيرت حياتها جذرياً ودخلت كلية الفنون لسنة . وهناك اكتشفت الأقلام الزيتية , فكان ما كان . تجنبها الألوان لم يكن ناتجاً عن عدم إعجابها بها إنما من صعوبة الجمع بين تقنيتي الرسم والتلوين . فجاءت الأقلام الزيتية لتسمح لها بالرسم بالألوان وهي لم تتوقف عن الرسم منذ ذلك الاكتشاف . وها هي اليوم , في الرابعة والعشرين من العمر , ترتقي سلم النجاح وتصنع لنفسها اسماً في عالم فن الرسم . طبعاً كان لهذا العمل ناحيته السلبية , فغالباً ما يكون الرسام تحت رحمة شخصيات بغيضة الشكل , فتتوق أصابعه لرسمها كما هي . ولكن جوان كسبت تقدير زبائنها . وما إن تستقر جيداً , ستتمكن من الانصراف إلى رسم ما يروقها من مناظر طبيعية وأطفال بشكل خاص . نظمت أغراضها , وكعادتها قبل الرسم , تنفست بعمق وتخيلت شكل خاطفها . أتتها صورته مصحوبة ببعض الانفعالات التي تختلجها , وكان ذلك أمراً عادياً , ولكن ما جعلها تتفاجأ فعلاً كان تغير تلك المشاعر المرافقة لوجه غافن هاستينغ الوسيــم . اكتشفت أن أصابعها تتوق لرسم زوايا وجهه وخطوطه بما يشبه شيطاناً أزرق العينين . ولكنها سرعان ما وبخت نفسها . فإذا كان صادقاً في ما يقول , وتعرض فعلاً لمحاولة اختطاف , فإن هذا يبرر سوء طباعه ! حدثت نفسها بأن هذا لا يهم . فهو لا يروقها أساساً , ولكن لا يعجبها أن تروق لها بعض الأشياء في هذا الرجل . وراحت تتساءل عن رأيه هو بها . حدقت بالورقة تحت أصابعها وراعها أن تجد نفسها تلهث . هذا لن ينجح ! الطريقة الوحيدة لرسم غافن هاستينغ بأدق تفاصيله هي أثناء النوم . لم يكن لديها أي فكرة كم مضى من الوقت عندما سمعت مزلاج الباب يفتح من الخارج , ولكن إحساساً ما حثها على إخفاء أدلة محاولتها بمعطفها , فألقته بسرعة على علبة الألوان . دخل وعلى وجهه إمارات الشر والغضب , وكان مغمساً بالوحل والمطر من رأسه حتى أخمص قدميه . اتسعت عيناها عند رؤيته ونظرت إلى ساعتها . فأدركت أنه مضى على خروجه حوالي الساعة . سألته : (( هل أنت بخير ؟ )) . أجاب بسخرية بالغة : (( هل أنت قلقة بشأني ؟ أم أنك اشتقتِ إلي ؟ لا , لستُ بخير . ضعي بعض الماء على النار )) . فتحت جو فمها لتعترض على طريقته في الكلام ثم غيرت رأيها . أما هو فبدأ يخلع ثيابه . ـ ما الذي حل بالمظلة والمعطف المشمع ؟ ـ لقد أفسدهما المطر فرميتهما . أصغت جوان إلى تساقط المطر على سقف الكوخ لفترة قبل أن تقول : (( على أي حال , هما ليسا مصممين لهذا النوع من المطر )) . ملأت إبريق القهوة ووضعته على النار مجدداً . ـ هل فعلت شيئاً ؟ استدارت لتنظر إليه , ولكنها ما لبثت أن أشاحت بنظرها . إذ كان قد خلع ثيابه وبقي بسرواله القصير وجاربيه . ناولته ملاءة بيضاء سحبتها عن السرير , فلف نفسه بها من دون أن يشكرها . لا بل أن نظراتهما كانت تقدح شرراً وهما ينظران الواحد إلى الأخـــر . قالـت له عندئذٍ : (( اسمع . الذنب ليس ذنبي . لذا لا تصب غضبك علي. وإذا كان هناك من يجب أن يُلام , هو أنت )) . ـ حقاً ؟ جلس إلى الطاولة وسألها متحدياً : (( وهل قمتِ أنتِ بأي شيء منتج أو مفيد ؟ )) . فصرت على أسنانها . ـ حسناً , سأخبرك بما كنتُ أفعله . كنت أنتقل خلسة في ممتلكاتي الخاصة وأسرق وقودي الخاص , بينما كنتِ أنت ... وقع نظره على طرف علبة الأقلام البارز من تحت معطفها , فأزاحه بسرعة: (( لا أصدق ! كنت تلونين ؟ )). |
2- الجمــيلة النائمة
ـ أنا لا أستعمل التلوين بل الأقلام الزيتية . ـ هذا لا يهم ... توقف لحظة وراح يتأمل رسمه , ولكنه لم يسمح لها بأن تكتشف شيئاً مما يفكر فيه . ثم نظر إليها مهدداً : (( أتـظنين حقاً أن هذا قد يثبت شيئاً ؟ )) . ـ لقد ... عضت على شفتها ثم قالت : (( لقد كنت آمل ذلك )) . ـ إذاً كنت مخطئة سيدتي . ـ يبدو أنك نظرتِ إلي مطولاً أثناء نومـي , جو ! احمر خداها قليلاً وهي تقول : (( هذا من عاداتي . أنظر دائماً إلى خطوط الوجه زواياه وعضلاته )) . ـ وهل من عاداتك أيضاً النوم بين ذراعـي رجال غرباء ؟ أنبأها صفير الإبريق على النار بأن الماء قد بلغ درجة الغليان ولكنها تجاهلته . ـ لا بد أنني غفوت , فأنا لا أذكر أنني فعلت ذلك . على الأرجح أنني شعرت بالبرد ... هذا كل ما في الأمر . نظر إلى فمها المتوتر وقابل نظرتها الرمادية لحظة قبل أن يهز بكتفيه قائلاً : (( على أي حال , كان هذا ساراً . والآن آنسة لوكاس , هلا كنت لطيفة ونظفتِ المائدة ؟ وهلا أعرتني أيضاً شفرة الحلاقة الزهرية ؟ )) . فتحت جو فمها لتتكلم ولكن سرعان ما أطبقته مجدداً . ـ أنا بحاجة لأحلق ذقني , قد يحسن حالتي النفسية . هل تحملين مرآة صغيرة ؟منتديات ليلاس في الواقع , كانت تحمل أكثر من ذلك . فلديها صابون ومنشفة نظيفة وفرشاة أسنان ولكن المرآة كانت صغيرة جداً . استعملها على أي حال , وهو يحدق فيها بشكل مضحك , بحثاً عن أي بقعة لم يحلقها . ثم نظف أسنانه , شاعراً بالارتياح . قال لها وهو يحلق : (( أحب المرأة التي تستعمل أداة حلاقة جيدة )) . ونظر إلى شفرة الحلاقة تحت الضوء : (( هل هي جديدة ؟ )) . أجابت جو بجفاء : (( كانت جديدة )) . ضحك قائلاً : (( لا أظنها ستفيد لشيء بعد أن أحلق بها ذقني . ولكني أعدك بأن أشتري لك أخرى , لو حصل وخرجنا من هنا . هل تحمين محلولاً لما بعد الحلاقة , من باب الصدفة ؟ )) . ـ إذا كنت تقصد بذلك أن تجعلني أشعر أنني عديمة الأنوثة , فإن محاولتك فاشلة . لا , ليس لدي محلول لما بعد الحلاقة , ولكن جرب هذا . وناولته قارورة أخذتها من حقيبة أغراضها الشخصية . ـ ما هذا ؟ ـ إنه مرهم طبيعي سيشعرك بالانتعاش . ـ آه ! وضع قليلاً منه على راحتيه وفرك بهما وجهه : (( أنت محقة , يبدو انك امرأة كثيرة الموارد . ما كان علي أن أطعن في أنوثتك )). أثناء الحلاقة, كان قد لف الملاءة البيضاء على خصره بينما علقت هي ثيابه المبللة على الكرســـي أمام النار . قالت له : (( رأيك بي لا يهمني إطلاقاً )). ولكن في الواقع كان صعباً أن تتجاهل عضلات كتفيه المفتولة وشعيرات صدره الداكنة , وذلك لسببين أولهما إحساس غريب استحوذ عليها والآخر رغبة جامحة في رسم ذلك الكمال الرجولــــي . ساد صمت قصير , قال بعده بسخرية : (( أنت غريبة جوزي )) . هزت كتفيها بلا مبالاة وشغلت نفسها بتحضير الفطور . ولكن أصابعها تجمدت وهي تتذكر ما قاله سابقاً , فاستدارت نحوه فجأة : ـ وقود ؟ ضاقت عيناه : (( تساءلتُ متى ستستوعبين الأمر ؟ )) . ـ هل لديك وقود ؟ كيف ؟ ـ هناك مرآب للآليات ليس بعيداً من هنا . ـ إذاً يمكننا الرحيل ؟ ـ كلا . هناك رافد نهر يحول دون وصولنا إلى البوابة ولا يمكننا اجتيازه حتى ولو كان معنا سيارة رباعية الدفع . سكبت جو الفطور وناولته سكيناً وشوكة ثم جلسـت على كرسيها حاملة طبقها على ركبتيها , مختارة كلماتها بحذر بالغ . ـ ثمة أمور لم أفهمها . هل كنت بمفردك في المزرعة عندما حاولوا اختطافك ؟ ـ كلا , لقد قبضوا على مدير المزرعة قبل أن يلحقوا بـي . اتسعت عيناها وبدت الصدمة عليها : (( هل قتلوه ؟ )) . ـ لا , ولكنهم قيدوه وأخذوه , الله يعلم إلى أين . وبدأ يأكل بنهم . سألته عابسة : (( لم يكن هناك أحد من العائلة ؟ )) . وضع شوكته جانباً ورمقها بنظرة متفحصة : (( جو .. أياً كانوا , فقد أنجزوا فرضهم جيداً ودرسوا الوضع تماماً . إنها عطلة نهاية أسبوع طويلة ويصادف أنها المباراة السنوية لرعاة البقر في المنطقة , وأشخاص كثر ليسوا في منازلهم . كان يفترض بي أنا أيضاً أن أكون بعيداً عن منزلي ولكني غيرت رأيي في اللحظة الأخيرة )) . سألته بارتباك : (( ألهذا السبب والدتك ليست في المنزل ؟)) . ـ لقد غادرت أمي إلى (( بريزبان )) منذ يومين لتحضر عرضاً نَسيت أن لديها بطاقات لحضوره . الحمد الله أنها لم تكن في المزرعة و روزي كذلك . وشعرت جو فجأة بنظرته تخترقها , فطرفت بعينيها وقالت : ـ لقد ذكرت لي اسم روزي عدة مرات أثناء مكالماتنا الهاتفية . فهمت أنها طفلة ولكنني لم أعرف ابنة من هي . حدق بها لحظة طويلة أخرى ثم أنهى فطوره ووضع شوكته جانباً . |
2- الجمــيلة النائمة
ـ إنها ابنتي . كادت جو تغص وهي تتناول فطورها , ولكنها غامرت وسألته : (( وماذا عن زوجتك ؟ )). ـ توفيت أثناء الولادة . أزاح طبقه من أمامه وكانت تعابيره مبهمة . ـ هل يمكنني الحصول على فنجان قهوة ؟ ـ طبعاً . قالت ذلك ونهضت لتعده له ثم ترددت قليلاً قبل أن تسأله : ـ هل أفترض أن والدتك تعاني من شرود الذهن ؟منتديات ليلاس نظر إلى السماء : (( أمي , باركها الله , بدأت تفقد ذاكرتها مؤخراً )) . وضعت أمامه فنجان القهوة : (( هذا يفسر الأمر إذاً )) . ـ أتقصدين بأنه يفسر لما نسيت أمر قدومك إلى كين كان ؟ ـ أجـــــــل . ـ ولكن هذا لا يفسر لما لم تذكر أمي شيئاً عن قصة الرسم تلك . ـ ربما أرادت أن تفاجئك . ـ وكيف تظنين أنها كانت ستفسر وجودك ؟ ـ لست أدري .. إنها والدتك ! نهض من مكانه وسألها : (( لا أفترض أن لديك ثياباً للرجال في حقيبة الفرجة هذه أم أنا مخطئ ؟ )) . حدقت به جو بعينين ثاقبتين ثابتتين . ـ أقول لـكِ مجدداً بأن النظرات لو كانت قاتلة , لكنتُ الآن تحت الأرض . حسناً , آنسة لوكاس , فرضاً أنك بريئة وإلى ما هناك , هل لديك أي اقتراح ؟ قاومت جو الرغبة التي تملكتها في صب جام غضبها عليه , وطرحت عليه سؤالاً عوضاً عن ذلك : (( كم عددهم ؟ )) ـ إثنان . كانا مقنعين لذا ليس لدي فكرة عن هويتهم . ـ وكيف هربت ؟ جلس عند زاوية الطاولة وسألها : (( هل تحققين معي ؟ )) . ـ كفاك شكاً ! فكر ملياً ثم قال : (( لقد قيداني كدجاجة واحتجزاني ليلة كاملة في مستودع لا ينفذ النور إليه . لم يعرفا أن تحت السجادة باب أرضي معد لأيام الفيضانات فخرجت منه )) . ـ و لكن كيف ؟ إذا كنت مقيداً كالدجاجة ؟ فرك معصميه , فلاحظت جو للمرة الأولى آثــار تقرح حمراء في الجهة الداخلية من كل معصــم . ـ وجدتُ مقصاً قديماً وتمكنت من حل الحبل بواسطته . مع أن ذلك لم يكن سهلاً , بما أن يدي كانتا مقيدتين خلف ظهري . ـ لا . كان في ردها شيء من الخوف حاولت طمسه بقولها : (( لِمَ لم يأخذاك معهما بدلاً من احتجازك في المنزل طيلة الليل ؟ )). ـ يبدو أنني لست أنا المستهدف . حدقت به من دون أن تفهم شيئاً . قال مفكراً : (( لست أنا بل روزي , ابنتي , طفلة الست سنوات . إنه هدف رخص العود )). فغرت جو فاها : (( ولكن .. هل أنت واثق ؟ )). ـ بالتأكيد . لقد سمعت حديثهما بأكمله وكل ما كان يدور بينهما أثناء الليل من كلام ومخططات . وقد قررا أن يأخذاني بدلاً منها ولهذا السبب اتصلا بمن يدعمهم . ـ الحمد الله على ذاكرة والدتك الضعيفة . ـ ولكن الخطر لا يزال هو هو . فليس علي أن أتوارى عن كين كان , ولكن علي أيضاً أن أمنع أمي وابنتي من الوقوع بين أيديهم . ولقد قطعوا كل الخطوط الهاتفية . ـ ألا يجدر بهذا أن يثير شكوك والدتك مثلاً ؟ ـ ليس بالضرورة . فأحياناً كثيرة تتعطل الخطوط هنا . قالت ببطء : (( لدي اقتراح لا علاقة له بالهرب , ولكنني واثقة من أنهم هم من نزعوا اسم كين كان عن البوابة الرئيسية , ربما ليضيعوا كل من يحاول البحث عن المكان )). فكر بما قالته وهو ينظر إليها متفحصاً . فقالت بهدوء : (( صدقني, لهذا السبب وجدتني في الطريق الخلفي )). ـ هممم .. قد تكونين محقة . ثم هز كتفيه : (( المشكلة الآن هي إذا ما كانا قد استسلما ورحلا أو أنهما ينتظران للإيقاع بي بطريقة ما ؟ )). ـ لا يبدوان منظمين كثيراً . نهض ونزع الملاءة من خصره ليرتدي ثيابه . ـ لقد تآمر القدر ضدهما , فالطقس لم يساعدهما حتماً ولكنهما ثنائي خطير ... أو ربما ثلاثي , إذا ما احتسبنا جو معهما . أحدهما على الأقل يستعمل مزيجاً من المخدرات والكحول ليبقى واعياً . ارتجفت جو وراقبته وهو يتصارع مع بنطلونه الرطب . ـ هل عاملاك بعنف ؟ عدا عن تقييدك طبعاً ! التوت شفتاه وهو يجيب : (( ركلة في الـظهر وضربة على الرأس ... )) . مرر يده على شعره الداكن وأجفل عندما شعر على ما يبدو بنتوء تحت يده . ـ ... وأموراً أخرى أيضاً .. ولكنني على الأرجح استفزيتهم . ـ ألم تلتزم الصمت ؟ ـ لا عزيزتي , لم أفعـل . شيء ما في الطريقة التي قال بها ذلك أخاف جو حتى الأعماق . لم يكن لديها شك بأن غافن هاستينغ رجل سيء نزق . ـ أما بالنسبة إلى الأمور الأخرى , فقد كانا من الدهاء بما يكفي ليعطلا سيارات المنزل ويحتجزوا الكلاب ويرميا المفتاح . السلاح كان ضربة من الحظ بالنسبة لي . فقد نسي كايس رئيس العمال أن يوضبه مكانه , وكدت أتعثر به . رفعت جو الصحون والأكواب الفارغة عن الطاولة ووضعتها على الأرض إلى جانب الموقد . ـ إذاً , كنتَ تنوي قطع الطريق عل (( جو )) الآخـر و .. ؟ ـ وأرغمه على اصطحابي إلى أقرب هاتف . كان ينظر إليها وهي تزيل فتات البسكويت عن المائدة , وأدركت أن نظرة الشك تلك عادت إلى عينيه . ـ سيارات الجيب الرمادية كثيرة جداً . أنت تعلم . ـ ربما ولكن اسم جو ؟ ترددت قليلاً : (( أنا .. )) . ولكن دوياً قوياً شق الصمت واخترقت رصاصة أحد الجدران . تجمد كلاهما لحظة ثم قفز غافن هاستينغ عبر الطاولة . وبحركة سريعة منه , بطحها أرضاً قبل أن تخترق شظية أخرى الباب . بعد ذلك بدقيقتين , كان الباب قد خُلع ودخل رجل مسلح ومقنع . زمجر قائلاً من فوق كتفه : (( أنظر ماذا وجدتُ هنا يا جو , غاف وفتاته . ذكاء منه أن يُخفي عشيقته في كوخ شبه مهجور , ألا تعتقدان ؟ )). http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif نهاية الفصل (( الثانــي )) .. |
بصراحة بصراحة بصراحة الجزء الثالث والرابع جاهزين بس ما أبي انزلهم يعني تشويق وكده ههههههههههههـ لو حسيت في متابعة بانزل أن شاء الله أكثر من جزء في اليوم http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif فموعد التنزيل إن شاء الله يومياً الساعة 11 مساء تـــابعوني |
الساعة الآن 06:40 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية