9- عســـــــــــل
ـ حسناً ... لا أظنها فكرة جيدة أن تتساقط بعض الشعيرات على المائدة , وأن كان شعري نظيفاً . ـ لا أطلب منك أن تنفشيه . إسدليه فقط ببطء وحذر . في الواقع أُفضل أن تفعلي ذلك على مهل وبحذر . فغزا الاحمرار عنقها وخديها . ـ هذا منافٍ لآداب المائدة غافن . ـ إذاً من الأفضل أن نعود إلى المنزل إن كانت الآداب تعني لك إلى هذا الحد .منتديات ليلاس ووقف ومـــد يده نحوها . اعترضت قائلة : (( لـم انته بعد )) . ـ يمكنني أن أسدله لك إن شئتِ . ـ لا . ليس هنا ! ـ تعالي جوزي . كان الناس قد بدأوا يحدقون بهما بغرابة . ـ لا ... لا يمكننا الخروج هكذا . أنت لم تدفع الحســـــاب . لوح بيده مستعجلاً : (( هم يعرفونني )) . نظرت جو حولها فتلاقت عيناها بعيون فضولية كثيرة . وضعت منديلها على المائدة بسرعة ووقفت , قائلة من بين أسنانها : (( هل هذه عادة عندك ؟ )) . ـ لا , أنت أول امرأة تفعل هذا بـي . تشابكت نظراتهما , وكان في طريقة نظره إليها شيء غريب يثير الأحاسيس . كانت طريق العودة إلى المنزل سريعة جداً وصامتة أيضاً . ولم يزعج غافن نفسه بركن السيارة في المرآب , بل أبقاها أمام الباب الأمامي . وما إن أصبحا داخل الباب الرئيسي حتى وضع يده على كتفها : (( أتعرفين كم أثرتِ جنوني خلال الساعتين الماضيتين بشعرك هذا ؟ )) . ـ آه ؟ لم تفهم تماماً كيف يمكنها أن تثير جنونه بمجرد رفع شعرها هكذا . ولكنها ذكرت نفسها بأنه أحرجها رغم كل شيء , والسؤال الآن هو : كيف يمكنها أن تتعامل مع كل هذه الانفعالات المتضاربة ؟ إلا أن شيئاً داخلها لم تستطع تحديده تعامل مع الموضوع عوضاً عنها , شيئاً ما أنبأها بأنهما يستطيعان النجاح كزوجين . ـ ما رأيك بهذا إذاً ؟ كانا ممددين في السرير , الواحد منهما يواجه الآخر . وكانت الوسائد الحريرية مبعثرة مرة أخرى على الأرض تحت ثيابهما . وأخذ يعانقها حتى استسلمت للأحاسيس التي ولدتها وحلقا معاً في غمرة أحاسيس متفجرة ألواناً . وأخيراً غطا في نوم عميق وكل منهما في ذراعــي الآخر . بعد أيام قليلة , انتهى شهر العسل الرسمي . كانا لا يزالان على الشاطئ الذهبي ولكن الحظر الذي وضعه غافن على الأعمال والاتصالات الهاتفية كان قد رُفع , وأتت شارون بريتشارد لزيارة العروسين برفقة بناتها الثلاث وأديل و زوري . تناولوا الغداء معاً ثم أخذ غافن الأولاد في نزهة في المركب , تاركاً شارون و أديل وجو يشاهدن صور الزفاف التي أحضرها أديل معها . ـ أنظروا إليها في هذه الصورة ! أشارت أديل إلى إليزابيت مورغان تتحدث مع عم غافن . علقت شارون ضاحكة : (( كانت تضيع وقتها إن كانت تحاول التأثير على العم غارث فحديثو النعمة لا يستهوونه )) . وافقتها أديل ولكنها أضافت : (( منذ زمن ليس ببعيد , كنا جميعاً حديثــي نعمة )) . قالت شارون : (( ولكننا الآن نعلم أن سلالتنا أصبحت أو قد تصبح في مأمن , والحمد الله )) . أنبتها أديل : (( شارون ! )) . رفعت جو عينيها فجأة عن صورتها هي و غافن وسألت مستغربة : ـ في مأمن ؟ كيـــف ؟ ـ بإنجابك صبياً يا عزيزتي . |
9- عســـــــــــل
كان جواب شارون مقتضباً , ولكنها تابعت شارحة : (( كان غافن الأول في سلالة آل هاستينغ الذي لم يرزق بوريث ذكر , الأمر الذي سبب لنا قلق . وأنا لم أساعد كثيراً لإنجاب ثلاث بنات )) . استدارت جو إلى أديل عابسة فقالت أديل : (( لا تهتمي لأمرها يا جو . كل هذا هراء ... )) . ثم استدارت نحو ابنتها موبخة : (( شارون ... أنت أحياناً أسوأ من إليزابيت مورغان ! الأمور لا تسير على هذا الشكـل في أيامنا هذه )) . أجابت شارون : (( ربما ولكن لا يمكن أن تكون الفتاة تحت رحمة الرجل الذي تزوجته )) . ابتلعت جو ريقها بصعوبة ونظرت إلى الصورة التي تحملها . كانت هي و غافن واقفـين جنباً إلى الجنب , ينظر الواحد منهما في عينــي الآخر , وقد جعلتها هذه الصورة تشعر بقشعريرة في جسمها . كل ما استطاعت التفكيـر فيه هو أنه أخفى عنها حاجته إلى إنجـاب صبـــــي واكتفى بالقول إنه يريد زوجة . هل كان باقي أفراد العائلة على علم برغبته هذه ؟ وتذكرت جو عمتيه اللتين أخذتا تثرثران سراً في حفل الزفاف . علقت أديل قائلة : (( يمكن للأبناء أن يهدموا إمبراطورية تماماً كأي رجل غريب )) . ـ أجل ولكن ما أفكر فيه هو أن جو أظهرت شجاعة استثنائية خلال عملية الخطف تلك وأظن أنها ستنجب مع غافن أبناء شجعان وصالحين . وتناولت شارون صورة أخرى . في نهاية فترة العصر , ودعت جو غافن و روزي أديل وشارون وبناتها . وقال غافن لـ روزي : (( حسناَ يا سمكتي . ما زال أمامنا يومان هنا قبل أن نعود إلى كين كان . فكيف تودين أن تمضيها ؟ )) . ـ أرغب في زيارة عالم البحار! لديهم دببة قطبية هناك . رأيتها عندما كانت صغيرة . هل رأيتها يا جو ؟ ـ لا . قال غافن : (( إذاً سنذهب إلى عالم البحار غداً . هل من أمر آخر ؟ )) . ـ لا . سأستمتع برفقتكما . أردتُ أن أسألك شيئاً يا جو . هل أناديك باسمك أو ماما ؟ ألقت جو نظرة سريعة إلى غافن من فوق رأس روزي فرأت عينيه تضيقان فجأة . وقالت بعد تـردد بسيط : (( أظن أن اسم جو جيد , لا ؟ أقله في الوقت الحاضر )) . تدخل غافن سائلاً ابنته : (( ماذا ترغبين في مناداتها يا روزي ؟ )) . أخذت روزي نفساً عميقاً : (( أنت تعرف كيف ودعنا أمي قبل مراسم الزواج يا أبي )). ـ نعم , يا عزيزتي . ـ حسناً , رغم أنني لم أعرفها , إلا أنها كانت أمي الحقيقية , وفكرت أنه لا يجب أن أنادي أحداً سواها ماما , رغم أنني سعيدة جداً بالحصول على أم جديدة . ثم أضافت قائلة : (( هل هذا منطقـــي ؟ )) . قالت جو برقة : (( منطقــي جداً . والأمر لا يزعجني يا روزي )) . بينما كانا يستعدان للنوم تلك الليلة , سألها غافن : (( ماذا عن أولادنا الآخرين ؟ )) . كانت جو قد ارتدت ثوباً من القطن وجلست أمام المرآة تسرح شعرها . نظرت إلى انعكاسه وشعرت بأعصابها تتوتر وهي تستعيد ما قالته شقيقته عن السلالة . ـ ماذا عنهم ؟ ـ نحن ننوي إنشاء عائلة , أليس كذلك يا جو ؟ وقف خلفها وأخذ الـفرشاة منها . لم يكن قد بدل ثيابه بعد , وكان يرتدي بنطلون جينز وقميصاً كحلياً . ـ لم نناقش الأمر . كان قد بدأ بتسريح شعرها , ولكنه توقف فجأة : (( ظننت أن الأمر تحصيل حاصل )) . كانت عيناه في المرآة ثاقبتين , فابتلعت جو ريقها : (( وأنا أيضاً , على ما أظن )) . ثم عبست وسألته : (( هل تقول بأنه كان علي تشجيع روزي على مناداتي أمي؟ )) . ـ أنا أتساءل فقط إن كان هذا سيشعرها بالغرابة إذا كانت الوحيدة التي تناديك هكذا . |
9- عســـــــــــل
ارتسمت ابتسامة على شفتي جو : (( وكم تنوي أن تنجب يا غافن ؟ )) . عاود تسريح شعرها : (( الأمر عائد لك )) . قالت جو على مهل : (( إسمع , بصراحة أظن أن المسألة حساسة لك ولـ روزي , وهي أثبتت ذلك )) . ـ ظننتِ أنني قد أعارض مناداتها لك أمي ؟ ـ أجل , وهذا طبيعي تماماً , فذكرياتك ....منتديات ليلاس قاطعها قائلاً : (( ذكرياتي لا تتضمن روزي وهي تنادي أحداً هكذا )) . استدارت جو في مقعدها وأخذت الفرشاة منه قائلة : (( غافن ... يبدو أننا على موجتين مختلفتين . أرجوك أن تخبرني ما الذي تفكر فيه ؟ )) . جلس على حافة السرير قبالتها ونظر إلى الأرض : (( نظراً للمنحنى الذي أخذته الأمور , ليس لدي ذكريات عن ساشا تهتم بـ روزي . ولكن من جهة أخرى , لدي ذكريات كثيرة معذبة عن حرمان روزي من والدة ترعاها وتحنو عليها )) . ـ ولكنك أخذتها لتودع أمها . ـ أجل . ساشا مدفونة في مقابر العائلة في كين كان . فكرت في أن كلينا يحتاج إلى توديعها , ولكن لم أكن أتوقع أن يؤثر عليها الأمر بهذا الشكـــل . فكرت جو في كل هذا ووجدت نفسها وكأنها تعبر حقل ألغــام . خلال الأيام الخمسة الأخيرة , كانت هي و غافن مُقربين جداً بحيث نسيت السبب الكامن وراء هذا الزواج ... وهو روزي . ثم فرضت مسألة الأبناء تلك نفسها عليها , وها هو غافن يتحدث عن إنشاء عائلة , ناهيك عن قلقة من ألا تتآلف روزي مع جو العائلة . وهي طبعاً تشاركــه قلقه . ولكن لديها شعور بأنه ما إن انتهى شهر العسل حتى بدأ الحديث عن الوريث يتوالى ويتكـــاثر . هل كانت تتخيل ذلك ؟ هل كان كل ذلك مجموعة صدف ؟ هل كانت شارون محقـة في التفكير بأنهم وجدوها مناسبة لـ غافن من الناحية الوراثية ؟ شخصت نظراتها فجأة على غافن . هل هذا هو سبب قناعته بأنها هي التي يريد الزواج بها وليس امرأة أخرى ؟ وماذا عن قناعتها هــي الآن بأنه لم يكن واضحاً تماماً معها ؟ ـ جو ؟ ـ آه ... بذلت جهداً لتركز أفكارها قبل أن تقول : (( في ما يتعلق بـ روزي , أظن من الحكمة أن نأخذ الأمور بروية )) . ـ و ماذا في ما يتعلق ببقية أفراد عائلتنا ؟ بروية أيضاً ؟ ـ غافن , لم يمضِ على زواجنا ستة أيام ! التوت شفتاه : (( أعلم . ولكن أليس إنجاب الأولاد من ضمن مشاريعنــا ؟ )) . ـ ولِمَ تشك في الأمـــر ؟ ـ لأنك أحياناً ... كتومة جداً يا جو . ـ ماذا تعني ؟ ـ قد أكون مخطئاً ولكنك أخفيت عنـــي أنك عذراء. ـ أهذا كل ما في الأمـــر ؟ أين المصيبـــة ؟ ـ على العكـــس . هذا ... هذا يشرفنــي . ولكنني لم أفهم لِمَ أخفيتِ الأمر عنــي . ـ ما حصل هو أنني كنتُ على وشك إخبارك عندما احترق المركب في النهــر ! ـ وبعد ذلك ؟ ـ لم يبدُ الأمر ... أعنـي كنت أنوي إخبارك لأنني كنتُ أخشى الارتباك , ولكن هذا لم يحصل بفضلك . رقـت نظرته . ـ ثم كنا قد اتفقنا أن الماضي هــو الماضي . ـ لا يحق لــي إذاَ أن أعرف لمَ بلغتِ الرابعة والعشرين من دون أن تخرجـــي مع حبيب ؟ ـ لا أحد ... يمكن مقارنته معك , يا غافن . ـ إذاً أنت لم تتزوجـــي بـي عن مصلحة فقط ؟ ـ لم أقل يوماً إن الأمر كذلك . ـ حقاً ؟ والآن ماذا تقــــولين ؟ حدقا ببعضهما وسألته بصوت أجش : (( لِمَ ينتابني شعور بأنك تضعني في قفص الاتهام وتوجه إلي شتى أنواع المزاعم ؟ )) . ـ أليس من الطبيعي أن نتحدث عن مشاعرنا الآن وقد تزوجنا ؟ ترددت الكلمات في ذهنها , وحاولت ضبط أفكارها , إلا أنها لم تستطع إلا أن تفكـر في أن قرارها بتوخـــي الحذر يبقى حكيماً ... حتى تكتشف هذه المسألة ومدى صحة توقه لإنجاب صبـي . نهضت وتوجهت إلى النافذة حيث استطاعت مشاهدة القوارب في النهار مضاءة باللونين الأحمر والأخضر . بدا هذا المشهد انعكاساً للصراع الفكري الذي تعيشه . الأخضر لمصارحته والأحمر لتوخي الحذر لئلا تصاب بخيبة قاتلة . فربما لن يرزقها الله بصبي , مثلاً ! قالت له من دون أن تستدير نحوه : (( لا أظن من الضروري البحث في هذه الأمور النظرية الآن . ما اختبرناه حتى الآن كان رائعاً . فلنمضِ قدماً ونحاول البناء عليه )) . لم يُجب والتزم الصمت وقتاً طويلاً . ثم دنا منها من الخلف ووضع ذراعيه حولها فاستندت على صدره . ولكن على الرغم من روعة ما عاشاه , إلا أن جو قد بقيت تشعر وكأنها نجت من إعصــار . وخلال الأشهر الثلاثة التالية , استمرت تشعر بتلك الأزمة التي يمكن أن تحمل اسمين : الأبنــاء وذكريات عن ساشا . http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif نهاية الفصل (( التــاسع )) ... |
10- أين أنــا ؟
10- أين أنــا ؟ http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif كان الطقس قد ازداد دفئاً بشكل ملحوظ بعد ثلاثة أشهر على وصول جو إلى كين كان للمرة الأولى . نهضت من النوم ذات صباح , ارتدت سروالاً قصيراً كاكــــي اللون وقميصاً زهرياً وانتعلت حذاءً خفيفاً . أما غافن فكان قد استيقظ قبل بزوغ الفجر ليراقب العمال . راجعت جو خططها للنهار بينما كانت تتناول الفطور مع روزي , كانتا ستعملان على منزل الدمى الذي تبنيانه معاً . هو في الواقع ليس منزلاً للدمى بكل معنى الكلمة فـ روزي لا تحظي بالوقت لمثل هذه الألعاب . أنما و أشبه بحظيرة مسقوفة للأغنام , فقد تبنت روزي حملاً يتيماً ضمته إلى مجموعتها المؤلفة من جرو وحصان صغير وببغاء . وفكرت جو في سرها أنها تبرع في الأمومة على ما يبدو , وهي تستمتع في دورها هذا . لقد حرصت على أخذ الأمور بروية وعدم فرض نفسها على روزي كأم , ويبدو أن الأمر ينجح . جل ما كانت تخشاه جو هو أن ترفض روزي مشاركة والدها مع شخص آخر, والتحديد مع زوجة . فالفتاة في السادسة من العمر ولم تحظ يوماً بوالدة , لذا قد يكون هناك احتمال كبير بأن تصاب بصدمة . غير أن روزي لم تُظهر أي امتعاض على الإطلاق , بل على العكس كانت تتحمس دوماً لكل الأمور التي يفعلانها معاً , كالسباحة والرسم . والقراءة وحتى التجول في أرجاء المزرعة . وقد بدأت روزي تستشير جو في ما يجب أن ترتديه وفي ما يتعلق بأصدقائها , وكان اقتراح جو بناء منزل صغير لحيوانات روزي الورقة الرابحة التي أكسبتها قلب الصغيرة . عندما كانت جو تشعر أحياناَ أن روزي تحتاج إلى رعاية والدها والاستئثار باهتمامه , كانت تنسحب لترسم وتتركهما وحدهما , ليوم كامل في بعض الأحيان , وكانت روزي دوماً تعوض عما تحتاجه خلال هذه الأوقات . في الواقع دخلت الصغيرة قلبها بسرعة واتضح ذات يوم أن الأمر نفسه حصل مع روزي ... عندما اتفقتا ضده , على حد قوله . بدأ الأمر مع الحمل اليتيم . فقد أخذته روزي في غرفتها حيث سبب خراباً كثيراً . جن جنون السيدة هاربر بحيث أخبرت (( الرئيس )) على الرغم من حبها الكبير لـ روزي . أخرج الحمل من المنزل , فغضبت روزي واتهمت والدها بالقسوة . وعندما قيل لها إن الجرو الصغير يُمنع دخوله إلى المنزل , ضربت قدمها في الأرض وقالت لـ غافن إنها تكرهه فعلاً . ولكن جو قصدت كايز لاستشارته , فظهر عصر ذلك اليوم منزل خشبي صغير في الحديقة تحت غــرفة روزي . اصطحبت جو غافن و روزي لرؤيته قبل العشاء , واقترحت أن يسكن الجرو والحمل معاً في هذا البيت , بالقرب من غرفة روزي , شرط ألا يدخلا المنزل الكبير طبعاً . وقبل أن يتسنى لـ غافن أن يوافق أو يعترض , أحاطت روزي جو بذراعيها وقالت لها بعاطفة حقيقية , إنها أفضل أم يمكن لولد أن يحصل عليها . حضنتها جو وأحسـت بشعور لذيذ لرؤية روزي سعيدة . قال غافن أخيراً وهو يراقب كل هذا : (( فهمت )) . ـ ماذا فهمت يا أبـــي ؟ أليست فكرة رائعة ؟ ـ فهمت أن المرأتين الوحيدتين في حيــاتي اتفقتا وتأمرتا ضـــدي . دست روزي يدها في يد جو وطمأنت والدها قائلة : (( ولكننا نحبك , والآن هل يمكننـي أن أحضر حيواناتي ؟ )) . أومأ لها فأسرعت مبتعدة . نظر غافن في عيني جو , فهزت كتفيها وكأن ما بيدها حيلة : (( آسفة , ولكن ... )) . عانقها وقال لها : (( كنت رائعة . ولكن عليك أن تفكــري منذ الآن فـي أن الجرو سيكبر معتقداً أنه حمل والحمل سيكبر معتقداً انه كلب )) . فانفـجرت جو بالضحك . بعد عدة أيام , قالت روزي إنها ترغب في الحصول على إخوة . |
10- أين أنــا ؟
تبادلت جو والسيدة هاربر نظرات مجفلة , بينما تابعت روزي شرحها : (( لست أكيدة في ما يتعلق بالصبية , فشقيق صديقتي جوليا شقي جداً , ولكنني أود أن أحظى بأخت )) . حاولت جو والسيدة هاربر عندئذٍ إخفــاء ابتساماتها . عادت جو إلى الواقع وتابعت درس مخططاتها لهذا اليوم .منتديات ليلاس قبل أن تقوم بأي شيء آخــر , عليها الاجتماع بالسيدة هاربر ومناقشة النشاطات المُدرجة على جدول أعمال المزرعة , وما يجب شراؤه . فإدارة مكان شاسع كهذا ليس بالأمر السهل . وسيكون من الجيد والمريح لها ترك الأمور على عاتق مدبرة المنزل الماهرة هذه , إن لم يكن على عاتق أديل . وكانت أديل حضرت إلى كين كان بُعيد وصول جو و روزي و غافن من الشاطئ الذهبي , إذ كان غافن مضطراً للسفر مجدداً لحضور اجتماع في سيدني . وكانت مُصرة على أن تتعلم جو كل شاردة وواردة من مدبرة المنزل . فصحيح أن رجال عائلة هاستينغ يحبون أن تكون السلطة في يدهم ولكن مسؤوليات كثيرة ستقع على عاتقها , كما قالت لها أديل . خلال الأيام القليلة التالية , كانت جو مضطرة لموافقتها رأيها ولكم أُعجبت بلمسة أديل وتعاطيها مع العائلات التي تعيش في المزرعة , فقد سهلت كثيراً حياة عائلات العمال وجعلتها مسلية قدر المستطاع . فقد افتتحت معملاً للخياطة ونادياً للقراءة ومكتبة للأفلام . واقترحت على جو أن تعطي دروساً في الرسم . لقد أظهرت أن كين كان تحفة معارض الأصواف ويجب أن تحافظ على مرتبتها هذه في نظر الزبائن والزائرين من كل أقطار العالم . كما أنها قالت لجو إن حس الجماعة أمر لا بد منه حتى وإن كان أقرب جيران لك هم على مسافة أميال , كما هي الحال في هذه البقعة من العالــــم . ـ من المهم يا عزيزتي أن تختلطي مع الآخرين وتتركـــي بصمتك الخاصة على كل شيء , ليس فقط من أجل المزرعة إنما من أجلك أنت أيضاً . وإلا فإن مزرعة المواشي يمكن أحياناً أن تفقدك صوابك . ضحكت جو وقالت : (( حتى الآن تعجبنـــي الحياة هنا . هناك الكثير من المساحات والحرية )) . ـ جيد . وإذا احتجتني , فلا تترددي إطلاقاً في مناداتــــــي . ـ كيف ... ترددت جو قبل أن تسألها : (( كيف تجري خطط زواجك ؟ كنت أفكر في ذلك , وشعرت بالذنب قليلاً لأنني أنسيتُ غافن هذا الموضوع )) . ابتسمت أديل وقالت : (( في الواقع , إنني أعيد التفكير في الأمر )) . ـ أبسبب ما قاله غافن عن .... ـ عن صائدي الثروات ؟ والأرامل الوحيدات ؟ تنهدت أديل ثم قالت بحزن : (( الأمور تكون معقدة عندما تتضمن مبالغ طائلة من المال ... ولكن أجل , قد يكون محقاً , ربما تسرعت قليلاً )) . لم تقل جو شيئاً بل اكتفت بالضغط بحرارة على يد أديل . إلا أن شعور حماتها أعاد إلى ذهنها موضوع الأبناء والورثة . ولا علاقة لهذا بأي شيء قاله غافن , إنما تلك الأفكار لم تفارقها وهي تتسلم زمام الأمور في كين كان . كما أن لا علاقة لتلك الأفكار بأحاسيسها تجاه غافن , فهذه تزداد يوماً بعد يوم . ولكن كان هناك أمر لم تستطع تحديده , شـــيء ما بينها وبين غافن يجعلها تشعر بالانزعاج , وهي الآن تفكر بذلك وهي تتناول قهوتها الصباحية . هي لا تزال مقيدة بذلك البند الاحترازي , فهي لم تعترف له بحبها ولم تأتِ إطلاقاً على ذكر ماضيها . ولكنها وجدت أنهما متلائمان في كل شـــيء . |
الساعة الآن 11:11 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية