منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t170327.html)

جمره لم تحترق 01-12-11 10:38 PM

377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
الباقي من الزمن .. لحظة
للكــاتبة : ليندساي أرمسترونغ
العدد :
377
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
الملخــص :
الباقي من الزمن ... لحظة
أولاً يأخذها كرهينة ثم يطلب يدها للزواج !
لم يكن خاطف جو لوكاس سوى المليونير غافن هاستينغ
الرابع .
منتديات ليلاس


لقـــــد اختطف الرهينة الخــــطأ وأبقاها سجينة لدية لليلة
كاملة .. لــكن غروره وجرأته كانا ما أســــر قلبها بحــق .
وبـما أنها بــين يـديه وتـحت رحمته فـقد سألها أن تكـــون
عروسه , إنه مصر على أن تصبح زوجته ولو بالــقوة ...
وحده الشك يكدر صفاء حبهـا .. هل يـــصر على الارتــباط
بها بـــدافع الحب أم أنه لن يجــــد أماً أفضـــل منها لابنته .

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
عدد الفصول :
11
عناوين الفصول :
1- خاطف ورهــينة
2- الجميلة النائمة
3- فكـــــرة جيدة
4- لمــــاذا ؟
5- لن أنسـى
6- ذكريـــات و ألم
7- زوجة مناسبة
8- عروس ... ولكن !
9- عســـل
10- أين أنـــا ؟
11- فيضان .. حب

لا أحل لأحد نقل الرواية إلا بذكر اسمي : جمره لم تحترق
واسم منتداي : ليلاس

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 01-12-11 10:40 PM

غداً بإذن الرحمن سيتم تنزيل أولى الفصـول
فقط اتمنى من كل من يقرأ الرواية
يدعو لـــي بالشفاء ولجميع مرضى المسلمين

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

fati_mel 01-12-11 11:19 PM

اهلين جمرة
اتمنى لك الشفاء العاجل حبيبتي لك ولجميع المسلمين
انا سعيدة بان اكون اول الضاغطين على ايقونة الشكر
الرواية قراتها من قبل وصراحة بتجنن وانصح الكل بقراتها

[CENTER]

Rehana 02-12-11 06:57 AM

الله يعطيك الف الف عافية .. ويشافي جميع المرضى
بقدرة القادر العلي العظيم

ماعليك شر حبيبتي زوووووز
شغليتي لي بالي .. اطئنيني عنك

وبإنتظار الفصول من يديك الحلوة الى مثل الحرير


* تثبت الرواية*

زهرة منسية 02-12-11 12:40 PM

مرحبا جمرة
أول شئ الله يسلم عمرك ويعافيكى ويشفيكى ويشفى كل مريض إنشالله تكون وعكة بسيطة وأجر وعافية
سلمت أناملك الرقيقة على الرواية اللى من ملخصها وأسماء فصولها باين أنها حلوة كتير بأنتظارك جمرة وأهم شئ أن تكونى بخير

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13228223361.jpg
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13228223362.gif

sososafa 02-12-11 07:52 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته :liilas:
يعطيكي العافيه والله يشفيكي ويشفي جميع مرضى المسلمين روايتك حلوه كتير وبصراحه انا كتير معجبه في منتدى ليلاس :8_4_134: للروايات
وانا من الاصدقاء الصامتين للمنتدى واتمنى ان اكون صديقه لكم ويعجبني جميع المنتسبين للمنتدى واقول الله يعطيكم العافيه جميعا :rdd12zp1::congrats:
واود ان اطلب منكم الروايات التي يكون فيها البطل وصي على البطله :Supercool::98yyyy::;lkjlkutrfc:
والله يعطيكم العافيه والف الف شكر للجميع
ويشفي جميع المرضى
والسلا عليكم :55:

جمره لم تحترق 02-12-11 09:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fati_mel (المشاركة 2940590)
اهلين جمرة
اتمنى لك الشفاء العاجل حبيبتي لك ولجميع المسلمين
انا سعيدة بان اكون اول الضاغطين على ايقونة الشكر
الرواية قراتها من قبل وصراحة بتجنن وانصح الكل بقراتها

[CENTER]

امين يارب
تسلمي قلبي على الدعوه
وأكيد أكيد أنا الاسعد بطلتك الحلوه والاولى يسعدك ربي
وشكراً على نصيحتك للبنات فتأكيدين أحسن من تأكيد واحد:YkE04454:
منوره والله
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 02-12-11 09:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2940817)
الله يعطيك الف الف عافية .. ويشافي جميع المرضى
بقدرة القادر العلي العظيم

ماعليك شر حبيبتي زوووووز
شغليتي لي بالي .. اطئنيني عنك

وبإنتظار الفصول من يديك الحلوة الى مثل الحرير


* تثبت الرواية*


امين يارب امـين
تسلمي على دعوتك بجد شكراً
ولا ينشغل بالك لا بعزيز ولا بغالي يارب
ولا تشغلي بالك فيني بسيطه كله باجره ان شاء الله :YkE04454:

طبعاً ما يحتاج أقول طلتك رائعة
ونورك اروع
ودي وعبق وردي معتق برائحة الياسمين
:110:
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 02-12-11 09:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nona1979 (المشاركة 2940851)
مرحبا جمرة
أول شئ الله يسلم عمرك ويعافيكى ويشفيكى ويشفى كل مريض إنشالله تكون وعكة بسيطة وأجر وعافية
سلمت أناملك الرقيقة على الرواية اللى من ملخصها وأسماء فصولها باين أنها حلوة كتير بأنتظارك جمرة وأهم شئ أن تكونى بخير

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13228223361.jpg
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13228223362.gif

مرحبتين يا هلا غلاتي نورتيني

وامين يستجيب لدعوتك ان شاء الله ربي

والله يسلمك .. و بصراحة وبرأيي الشخصي إنها
من أجمل الروايات من سلسلة أحلام
وانصحك بقرأتها ..
ودي وعبق وردي لك يا راقيه
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 02-12-11 09:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sososafa (المشاركة 2941068)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته :liilas:
يعطيكي العافيه والله يشفيكي ويشفي جميع مرضى المسلمين روايتك حلوه كتير وبصراحه انا كتير معجبه في منتدى ليلاس :8_4_134: للروايات
وانا من الاصدقاء الصامتين للمنتدى واتمنى ان اكون صديقه لكم ويعجبني جميع المنتسبين للمنتدى واقول الله يعطيكم العافيه جميعا :rdd12zp1::congrats:
واود ان اطلب منكم الروايات التي يكون فيها البطل وصي على البطله :Supercool::98yyyy::;lkjlkutrfc:
والله يعطيكم العافيه والف الف شكر للجميع
ويشفي جميع المرضى
والسلا عليكم :55:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الله يعافيك ويستيجب لدعوتك غلاتي
بالنسبة لمنتدى ليلاس انا معاك انه من اجمل وارقى المنتديات
خاصة بالنسبة لسلسلات الروايات الرومانسية
واكيد بالنيابة عني وعن الاعضاء ارحب فيك وسعيدين بتواجدك معنا
وقبل ما تكوني صديقة أنتِ اخت عزيزة وغاليه
وبالنسبة لطلبك .. في رأسي كم رواية زي ما تبي
بس اجيب اسمها وارسلها لك .. وفي روايات كمان زي ماتبي
بس مو من سلسلات معروفه بس مترجمه من بعض الاعضاء
بس اصبري علي اجمعها لك ..
منورة حياتي
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 02-12-11 09:54 PM

1- خاطف ورهينة
 
1- خاطف ورهينة
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
كانت جوان لوكاس تقود سيارتها الرانج روفر في الطريق الوعرة
وهي تهز رأسها .
هي طبعاً لم تتوقع أن تكون الطريق إلى مزرعة مواشي في
براري كوينزلاند معبدة منبسطة , ولكنها الآن وقد أوشكت أن تصل
إليها , وجدتها أسوأ بكثير مما توقعته ... وأبعد مما تخيلته أيضاً . كما
أن غروب الشمس في ذلك العصر البارد من فصل الشتاء لم يساعدها
كثيــراً .
أجالت نظرها في الأفق بحثاً عن أثر مسكن , ولكن لم يتراءَ أمامها
أي شيء . بلدة (( مورويشاير )) هذه منطقة مواشي بحق . لقد عرفت من
البحث الذي أجرته عنها أنها تضم حوالي 800 ألف رأس ماشية ! لذا
يُفترض أن تكون شاسعة ومنعزلة .
أما بالنسبة إلى مزرعة (( كين كاين )) التي تتوجه إليها فهي مشهورة .
وكذلك مالكوها , آل هاستينغ , الذين اشتهروا بالثراء وجودة أصواف
ماشيتـــهم .
ولكن كيف يُعقل أنهم لم يهتموا بالطريق المؤدية إلى مزرعتهم ؟ وكيف
بحق الله تسير الشاحنات هنا ؟
منتديات ليلاس


وتساءلت إن كانوا يتعمدون ذلك لإبعاد الزائرين . وإذا بها ترى
رجلاً وسط الطريق يصوّب سلاحاً نحوها , فكبحت الفرامل بقوة .
ما العمل الآن ؟
سُلِبَ منها كل قرار عندما تقدم الغريب ناحيتها وفتح باب سيارتها
قبل أن تتمكن من إقفاله , ولم يكتفِ بذلك , بل علق سلاحه على كتفه
وجرها بخشونة على الطريق .
بدأت تقول : (( اسمع , هذا جنون و ... )) .
ولكنه صرخ بها وهو يسندها إلى غطاء المحرك : (( ما اسمك ؟ )) .
- جو .. جوان , ولكن ... الجميع يناديني جو .
- تماماً كما توقعت , ومع أنني كنت أنتظر رجلاً يحمل هذا
الاسم ... ولكن ربما ظنوا أنه بإمكانك إغوائي حتى يتعقبوني من
خلالك .
توقف لحظة عن الكلام وومض في عينيه الزرقاوين شعاع سخرية
وهو يتفحصها من رأسها إلى أخمص قدميها : (( إلا أنك تفتقدين إلى
الأنوثة يا جو . لذا سأتبع خطتي الأولى )) .
فقدت جو أعصابها وداست على قدمه بكعبها العالي .
غير أنه لم يرمش له جفن : (( حذائي مغطى بالفولاذ عزيزتي .. ولكن
يبدو أن نعتي لك بعديمة الأنوثة أثار جنونك )).
كان هذا في الواقع صحيحاً بمعظمه , مع أن ذلك جنون كهذا
الوضع برمته . وقاومت رغبتها في إخبار هذا المجنون بأن معظم النساء
سيبدين عديمات الأنوثة لو ارتدينّ سروالاً واسعاً كالذي ترتديه ومعطفاً
كبيراً وقبعة صوفية تغطي شعرها .
ولكنها أيضاً كبتت الصوت الصغير داخلها الذي ما انفك يذكرها
بأن بعض الرجال يجدون طول قامتها وعرض كتفيها شيئاً من عدم
الأنوثة ...
- إسمع , أياً كنت , يفترض بي أن أكون الآن في المزرعة لذا ...
- أعرف ذلك ولكنك ستذهبين إلى مكان آخر . والآن لنرَ ما تخبئينه ,
وبدأ يفتشها كرجل شرطة .
- أخبئه ؟
صرخت بذلك وهي تجنّب يديه : (( هلاّ توقفت عن لمســي !
لست أخبئ شيئاً ! )).
وعندما وصلت يداه إلى خصرها , أمرها قائلاً : (( اخلعيه )) .
فغرت جو فاها : (( أخلع ماذا ؟ )) .
ـ سروالك , سيدتي .
ـ لن أفعل هذا بالتأكيد .. هل فقدت صوابك ؟
ـ حسناً ! استديري وضعي يديك على غطاء المحرك لكي أتمكن من
البحث عن بيت مسدس أو أي مكان آخر تخبئ به النساء أسلحتهن .
حدقت به في ضوء النهار المتلاشي وتساءلت إن كانت تفقد
صوابها أو أنها في كابوس ؟ فالرجل الذي تراه يشبه كل شيء إلا
الأحـــلام .
كان طويل القامة , أطول منها وعريض المنكبين , يرتدي سروال
جينز متسخ . أما شعره الأسود فكان قصيراً أجعد ولحيته قد نبتت على
وجهه . ناهيك عن تينك العينين الزرقاوين اللتين تدلان في كل ذرة
منهما على رجل لا يمكن العبث معه .

جمره لم تحترق 02-12-11 09:56 PM

1- خاطف ورهينة
 
ولكن لماذا ؟ كيف ؟ أيعقل أن يكون لص أدغال طليقاً ؟ حتماً لا .
صحيح أن هذه الأمور شائعة ولكن لِمَ تراه كان يتوقع رجلاً يدعى
جو ؟
أمرها الرجل قائلاً : (( قرري . ليس ليدنا النهار بطولة )) .
فأخذت جو تخلع معطفها بيدين مرتجفين .
نظر إليها هازئاً : (( لا يجدر بالمرء أن يتسرع في حكمه على الأمور .
فلو كنا في ظروف أخرى لرحّبت بإغوائك , عزيزتي )).
وما لبث أن عاد إلى نبرته السلطوية الجادة: (( استديري )) .
تحول غضب جو إلى غليان ولكنها التزمت الحذر . فاستدارت
ورفعت يديها وهي تسأله من فوق كتفها : (( هل أنت راضٍ الآن ؟ )) .
ـ أجل .
ـ حسناً هيا بنا . سنذهب في نزهة .
ـ نزهة ؟ إلى أين ؟ .
ـ إلى ...
كاد يقول لها ولكنه سكت فجأة: (( لماذا تسألين ؟ )) .
ترددت قليلاً , إذ لم تكن واثقة من أن عليها إخباره بأنها استهانت بالمسافة إلى كين كان وسرعان ما ستفقد سيارتها الوقود ...
حرك سلاحه مهدداً : (( هيا يا جو .. تكلمي )) .
ـ لم يبقَ لي الكثير من الوقود .
أطلق شتيمة : (( نساء لعينات! ))
ـ أظن أن هناك محطة وقود في المزرعة لذا ...
ـ أخبروك ذلك , لا ؟ حسناً هذه الخدعة لن تمر علي , اصعدي
وأديري المحرك لأرى مستوى الوقود .
ابتلعت جو ريقها . وعندما أدارت المحرك كان مؤشر الوقود يلامس
الخط الأحمر , فشتم مجدداً : (( أليس لديك وقود احتياطي ؟ )).
ـ كلا .
ـ من أنت ؟ عميلة تؤمنين لهم الدعم ؟
ـ ليس لدي فكرة عما تقول . هذا جنون .
ـ بالفعل هذا جنون .
وفرك ذقنه بقلق ظاهر ولكن علامة الضعف هذه لم تدم طويلاً إذ
سرعان ما ابتسم قائلاً : (( سأتبع الخطة باء إذاً )) .
* * *
وبعد عشر دقائق , كانت جو تقود سيارتها في طريق وعر آخر لكنها
هذه المرة كانت تتبع إرشادات خاطفها .
لم يكن لديها أي فرصة للهرب , فقد أوضح لها تماماً بأنه سيرميها
بالرصاص لو قامت بأي محاولة فرار . وعندما طلبت أن تعرف ما الذي
يجري , كن جوابه : (( لا تلعبي دور الــبريئة معي )) .
كما أنه رفض أن يصغي إليها وهي تحاول أن تشرح له من تكون وما
سبب قدومها إلى مزرعة كين كان , وأنه يقترف خطأ فادحاً .
فضلاً عن ذلك , فتش السيارة قبل أن يقلعا ثم رمقها عابساً لحظة
طــويلة .
كانت جو تقود السيارة صامتة وقلبها يخفق بقوة . لم يسمح لها
بتشغيل الأنوار الأمامية وكان ضوء النهار قد بدأ يتلاشى .
وإذا به يشير فجأة إلى ظلال داكنة في الأفق القريب : (( توقفي هناك )).
للوهلة الأولى , ظنت جو أن تلك الظلال عبارة عن بعض الأشجار
الباسقة , ولكنها ما لبث أن ميزت مبنيين .
ـ ما هذا ؟
ـ كوخ لعابري الحدود .
ـ هل تعيش هنا ؟
ضحك هازئاً : (( من تحاولين أن تخدعي جو ؟ )).
أخذت نفساً حاداً وهي تجيب : (( لا أحاول خداع أحد! ليس لدي
أي فكرة عما يجري أو من تكون ! ما اسمك ؟ )) .
نظر إليها ساخراُ : (( ما رأيك أن تختاري لي اسماً , توم أو هاري أو
أي اسم آخــر )) .
ـ لدي فكرة أفضل : (( هتلر اسم يتلاءم تماماً مع رأيي بك .
نظر إليها بعينين زرقاوين تلمعان إعجاباً وأضاء النور داخل الكوخ
قائلاً برقة : (( يبدو أن للسيدة مخالب )) .
ـ بالتأكيد .
وتشابكت نظراتها . كانت لحظة غضب وتحد بالنسبة لجو , ولكنها
كانت تخفي الكثير من الخوف والارتباك . فصحيح أنه كان يتصرف
كلص أدغال أو قاطع مُهين ومثير للغضب ــــ ناهيك عن أنه غامض جداً
ولكن لهجته مثقفة توحي بأنه شخص ثري, ارتاد المدارس الخاصة. ثم
هناك كنزته الكحلية التي تبدو أنها كلفت ثروة , كونها مصنوعة من
الصوف الناعم الجديد ـــ مع أنها في مزرعة ماشية مشهورة بانتاج
الصوف العالي الجودة .
إلا أن أكثر الأمور المربكة كانت تلك الرعشة التي تتسلل إلى
أطرافها . فبغض النظر عن ذقنه الحادة وعينيه الشريرتين , كان متناسق
الجسم , وسيم المظهر ..
ـ ماذا ؟
أجفلت لسؤاله .
ـ لا ... لا شيء .
ـ أتراك تغيرين رأيك ؟ صدقيني جو لعب دور العشيقة سيعود
عليك بالفائدة ...
وضعت يديها على أذنيها , رافضة الاستماع إلى ما يقول : (( كفى ! أنا
لست عشيقة أحد ولا أنوي أن أكون كذلك! )).
ـ لا ؟ كنت على وشك أن تخدعيني منذ لحظـــات .
عضت جو على شفتها والغضب يتصاعد داخلها .
فضحك قائلاً : (( لستِ بارعة جداً في ذلك . صحيح ؟ )).
انفجرت به ساخطة : (( لو كان لدي فكرة عما تتحدث ... )).
ـ كفى ! لندخل ونأخذ معنا أغراضك كلها .
ـ ما الداعي ؟
ـ علي أن أتحقق من كل ما تحملين .
لم يكن أمامها خيار سوى اللحاق به وعندما وصلا إلى مدخل
الكوخ , أشار إليها بالدخول أمامه .
فتش أغراضها قطعة قطعة , وبعد أن تأكد من أمان الكوخ, أشعل
نار المدفأة بالحطب والصحف القديمة .
كان الكوخ الخشبي صغيراً وقديماً يحتوي على سريرين ضيقين غير
مريحين وطاولة وكرسيين. بالإضافة إلى خزانة تحتوي على أطعمة قديمة
يابسة وبعض قوارير الحليب . قام الرجل بتغطية النافذة بملاءة كبيرة,
على سبيل الحيطة , الأمر الذي لم يعد يروق لجو .

جمره لم تحترق 02-12-11 09:57 PM

1- خاطف ورهينة
 
في الواقع , الأمران الوحيدان اللذان أراحاها قليلاً هما الدفء
المنبعث من المدفأة ورائحة القهوة المتصاعدة من الإبريق الذي وضعه على
النـــار .
منتديات ليلاس


من جهة أخرى , لاحظت وهي تنتظر القهوة , أمرين زادا من
ارتباكها. لقد نظر إلى معصمه ليتفقد ساعته , ثم استدرك منزعجاً
وسحبها من جيبه واضعاً إياها على الطاولة . لاحظت جو أن ساعته
مكسورة ولكنها لاحظت أيضاً أنها مصنوعة من مادة البلاتينيوم الباهظة
الثـــــــــــمن .
عقدت حاجبيها مستغربة . قاطع الطرق يحمل ساعة تساوي آلاف
الدولارات ؟ ثم هناك سروال الجينز الذي يرتديه . صحيح أنه متسخ
ولكنه يحمل توقيع ماركة عالمية .
ناولها فنجان قهوة قائلاً : (( ليس لدي حليب , إنما هناك سكر )) ,
وأشار إلى علبة السكر : (( اخدمي نفسك )).
أخذت مقدار ملعقتين من السكر وراحت تحرك القهوة وهي تنظر
حولها .
ثم أشار إلى الكرسي المنجد قائلاً بسخرية : (( اجلسي على الكرسي
الأفضل , سيدتي )).
ـ شكراً .
تمتمت بذلك , و جلست على الكرسي , فتصاعدت سحابة من
الغبار , ولكنها كانت متوترة جداً لكي تهتم للأمر .
لاحظت أنها لا تزال تعتمر قبعتها , فنزعتها واستدارت لتنظر إلى
خاطفها الذي كان قد أطلق صوتاً غريباً .
رفعت حاجبها : (( ماذا فعلت الآن ؟ )).
ـ لا .. لا شيء . ولكن لمَ بحق السماء تغطين شعرك ؟
مررت جو أصابعها في شعرها الذهبي الداكن . كان أحدهم قد قال
لها ذات مرة أنه بلون أوراق الخريف , ولكن بغض النظر عما إذا كان
ذلك صحيحاً أم لا, فهي كانت تعتبره, تاج جمالها, بل تاج جمالها الوحيد
نظراً لطوله وملمسه الحريري .
رفعت غرتها عن جبينها وهزت كتفيها : (( المكان بارد وكثير الغبار
هنــا )) .
تسمرت نظرته الزرقاء عليها بشكل مثير للاضطراب وأحست
بالاحمرار يغزو وجنتيها وهي تدرك أنه يتأمل جسمها .
حول انتباهه فجأة إلى حقيبتها , مفرغاً محتويات إحداها على
الطاولة .
احتست جو قهوتها وأخذت تراقبه وهو يتفحص أغراضها قطعة
قطعة: كتيبها وعلبة التبرج وعلبة الإسعافات الأولية ومفكرتها وهاتفها
النقال والخريطة والسكاكر ...
ثم أمسك بهاتفها قائلاً : (( هذا لن يجديك أي نفع هنا . ما من إرسال
في المنطقة )).
ابتسم بمكر : (( هل حاولت الاتصال بهم بعد أن غادرتِ
(( كوتامولا )) ؟ كان عليهم أن يحذروك بهذا الشأن .. أو أن يزودوك
بهاتف يعمل على الأقمار الصناعية . جوان لوكاس )) .
قرأ اسمها على مفكرتها وبطاقة اعتمادها ودفتر سيارتها .
نظرت إليه بهزء : (( إن تصفحتَ مفكرتي , فقد وجدت عنواني واسم
طبيبي وطبيب أسناني وربما رقم السنكري والكهربائي )).
لم يجب على تعليقها ولكنه أخذ يعيد الأغراض إلى الحقيبة . وإذ لم
تحتمل رؤيته يمسك ثيابها مجدداً , قفزت من مكانها قائلة : (( سأوضبها
بنفسي )) .
ـ حــسناً .
تركها تفعل وتناول الحقيبة الأخرى :
ـ يبدو أنها عدة رسم .
أخرج من الحقيبة علبة أقلام تلوين زيتية وأقلام فحم وعلبة تحتوي
على مبراة وممحاة .
استند إلى الـخلف قائلاً : (( حسناً لا بد أن هذه عدة التمويه , أليس
كذلك سيدة لوكــــاس ؟ )).
ـ يمكنك أن تظن ما تشاء ولكن كما سبق وحاولت أن أخبرك ,
استدعتني السيدة أديل هاستينغ إلى مزرعة كين كان لأرسمها . ولهذا
السبب أنا هنا .
ـ السيدة أديل هاستينغ ليست في كين كان .
حدقت جو به : (( ولكنني تحدثت إليها منذ أيام قليلة لأجري معها
الترتيبات الأخيرة )) .
هز كتفيه وشبك ذراعيه على صدره . فسألته جو : (( كيف تعرف أنها
ليست هناك على أي حال؟ )) .
ـ عملي ... عملي يقتضي أن أعرف .
عبست جو : (( هل أنت لص أدغال أو قاطع طرق ؟ أهذا ما أنت
عليه ؟ )) .
ـ تابعي .
ـ ماذا تقصد بقولك (( تابعي )) , كل ما أحاول فعله هو فهم أي شيء .
كان إحباطها واضحاً ولكنه قال : (( لنفترض أنني هكذا , في ماذا
سيساعدك ذلك ؟ )).
ـ ربما ... داهمت المزرعة وضبطوك فهربت , وحسبتني الدعم ,
فأخذتني رهينة ...
وتوقفت فجأة عن الكلام واتسعت عيناها الرماديتان, وهي تلوم
نفسها لمجرد ذكر هذا الاحتمال .
ابتسم مجيباً: (( صحيح . لقد هربت , جو . وقُبيل ذلك بلحظات,
سمعتهم يتصلون بقوة الدعم, بشخص يدعى جو ويطلبون معلومات عن
السيارة التي سيأتي بها , فقالوا إنها سيارة رانج روفر فضية اللون )).
هذه المرة جحظت عينا جو فعلاً : (( ولكن هذه ... هذه ... )) .
ـ مصادفة ؟ لا أظن ذلك . ثم أنت دخلتِ من البوابة الخلفية بحسب
التعليمات , الأمر الذي تطلب منك اجتياز مسافة إضافية كبيرة ,
وكونك امرأة, لم تنتبهي لاحتياطي الوقود الذي قد تحتاجينه .
فتحت جو فمها وأغلقته مرتين , ثم قالت: (( هذا السبب إذاً بدت
المسافة أبعد بكثير مما ظننت ولكن .. )) .
ثم توقفت لحظة لتفكر: (( ولكن ماذا حل بالبوابة الأمامية ؟ )).
ضاقت نظرته وهو يتأملها وقال أخيراً: (( أنت أذكى بكثير مما ظننت
في البداية . أنت حتماً كاذبة محترفة ... ماذا يمكن أن يكون قد حل
بالبوابة الأمامية ؟ )) .
صرت جو أسنانها : (( وفقاً للسيدة أديل هاستينغ , البوابة الأمامية
الرئيسية وهي البوابة الوحيدة التي أتت عل ذكرها , تبعد 50 كيلو متراً
إلى الوراء عن البوابة التي عبرتها, وكان يجب أن يكون عليها لافتة
كبيرة . قالت لي : سترينها حتماً . إنها سوداء كُتِبَ الاسم عليها باللون
الأبيض . صدقني لقد أبقيت عيني مفتوحتين جيداً ولم أرَ شيئاً كهذا )).
ضاقت عيناه ولكنه بقي يهاجمها من ناحية أخرى : (( وقدتِ كل تلك
الكيلومترات الإضافية ؟ )).
ـ أجل , ولكن كان ذلك بعد أن حاولت الاتصال بكين كان لأجد
أن لا إرسال في المنطقة . كانت الطريق جيدة وفكرت في أن 50 كلم
ليست بالمسافة البعيدة بالنسبة إلى أهل الريف .
أضاء طيف ابتسامة عينيه ولكنه اختفى بالسرعة التي ظهر فيها .
ونهض من مكانه قائلاً بعزم : ((( أنت مُحقة على أي حال . فأنا أنوي
احتجازك كرهينة,عزيزتي . لذا آمل أن تكوني مهمة لمن تعملين لحسابه,
وإلا فالأمور لن تكون سهلة بالنسبة لك . والآن , هل تريدين بعض
الحساء ؟ أم أنك تفضلين المعكرونة ... )) .
دنت جو منه لتصفعه على وجهه ولكن انتهى بها الأمر مسمرة بين
ذراعيه .
قال لها برقة: (( حسناً يا صاحبة الساقين الطويلتين , ربما أنت
رياضة ولكن لا يمكنك أن تهزميني )).

جمره لم تحترق 02-12-11 09:59 PM

1- خاطف ورهينة
 
ـ لا تناديني هكذا .
ـ أناديك كما يحلو لي . أنا الرجل المسلح هنا , أنسيت ؟
ارتجفت جو . وشعر بذلك من خلال ثيابها, وخطر له مرة أخرى أنه
لو كانت الظروف مختلفة , لَوَجد في جو لوكاس المرأة التي تروقه :
ممشوقة القوام, واضحة الخطوط , أما بالنسبة للوجه , فهو على
الأرجح ليس جذاباً جداً للوهلة الأولى , ولكن إذا ما نظرت إليه بإمعان
أكثر , استحوذ على اهتمامك . فبشرتها ناعمة بيضاء , أما حاجباها
وأهدابها فأكثر دُكنة من شعرها , تحيط بعينيها الرماديتين بشكل رائع .
أنفها مستقيم وفمها مغرٍ للغاية ...
جمالها كان طبيعيـاً . لا أثر لأي تبرج أو طلاء أظافر على الإطلاق .
ولكنه تساءل في سره : ماذا أفهم من كل هذا ؟ أنها امرأة عملية جادة وفي
الوقت ذاته رائعة على طريقتها الخاصة ؟
عض على شفته وأوقف حركتها المفاجئة التي قامت بها لتحرر نفسها
من قبضته . ومجدداً تشابكت نظراتهما , فابتسم في داخله للكبرياء التي
ظهرت في عينيها الرماديتين , للنظرة القائلة بأنها تكره كل لحظة تبقى
فيها محتجزة بين ذراعيه , رغماً عنها .
لو كانت النظرات تقتل , لكان ميتاً الآن لا محال . وتساءل كيف
عساها تتصرف لو حاول أحد التقرب منها أكثر ...
أوقف أفكاره الجانحة عند هذا الحد , رافعاً حاجبيه , فطرقت بعينيها
حائرة وكأنها تحاول أن تقرأ ما يجول في فكره , ولكن من دون
جدوى . أما هو فحاول مجدداً توجيه أفكاره في ناحية مهنية , فوجد نفسه
يتكهن عن سبب تورطها في هذا الوضع الجهنمي .
لعلها عشيقة أحدهم وقد قادها شغفها إلى هنا . ربما ... ولكن لا ,
لا يبدو الأمر كذلك . كما أنها لا تبدو من النوع الذي يُرتشى , يصعب
معرفة ذلك سيما مع النساء . ولكن من عساها تكون ؟ ما تراه أتى بها إلى
هنا ؟ الضغينة ؟ ولكن ماذا لديها ضده ؟ ضغينة ضد المجتمع أو ...
عندئذ , توقف ليسأل نفسه إن كان هناك خطأ ما .
ولكن ماذا عن كل تلك المصادفات ؟ كثيرة منها قابلة للتصديق ,
ولكن من جهة أخرى , لم يظهر معها أي أداة مشبوهة , أو أي جهاز
إطلاقاً , ما خلا هاتفها العديم الجدوى , ولكن كل هذا لا يمنع من أن
هذه المرأة كانت تقود سيارة الدعم , أليس كذلك ؟ وهو لا يستطيع
المخاطرة على أي حال .
أفلتها فجأة . فقالت بهدوء : (( خطرت لي فكرة . أثناء احتجازك لي
كرهينة قد يكون جو الحقيقي , إذا كان له وجود حقاً , في طريقه الآن إلى
المزرعة )) .
ضاقت عيناه مجدداً : (( الوقت كفيل بإظهار ذلك )).
ـ من أنت ؟
خرجت الكلمات منها عن غير قصد , فعضت شفتها . ولكن بما
أنها قالتها , قررت أن تتابع : (( قل لي على الأقل ما الذي يجري. من حقي
كرهينة أن أعرف في ما أنا متورطة )) .
توالت تعابير مختلفة في عينيه , وإن لم تكن مخطئة , فقد لاحظت طيف
ارتباك سرعان ما حلت مكانه وقاحة ظاهرة . فكرر بعدها : (( ما أنتِ
متورطة فيه , مشكلة من صنع يديك جو . والآن , لا أعرف ماذا بشأنك
ولكن أنا سأتناول الفاصوليا والبسكويت )).

* * *
بعد ذلك بساعتين , كان الكوخ غارقاً في السكون والظلام . فبعد أن
تناولت جو ملعقتين من الفاصولياء وقضت حاجتها في الحمام الملحق
بالكوخ, بـمراقبة مشددة من خاطفها , وقف كلاهما في الخارج لبعض
الوقت صامتين, محاولين أن يستشفا أي علامة حياة في عتمة الليل
الحالك البارد, ولكن عبــثاً حاولا .
وكانت تلك الفرصة لجو لتدرس أي إمكانية للهرب, إلا أنه لم يفارقها
لحظة ورافقها إلى الداخل , آمراً إياها بالخلود إلى النوم .
كان السريران ملتصقين بالجدار , مشكلـين زاوية مستقيمة , ولم تكن
هناك أي ملاءة تغطيهما . نزعت سترتها وحذاءها واستعدت للتمدد
ولكنه أوقفها فجأة آمراً إياها : (( ارتدي ثياب النوم )).
ـ لماذا ؟
ـ لأنك ستأوين إلى السرير .
أشارت معترضة : (( وهل تسمي هذا سريراً ؟ )).
ـ هذا هو الموجود .
ـ ربما , ولكنني سأشعر بحال أفضل إذا ما نمت بثيابي . قد يكون
هناك ذباب ... حشرات ... أي شيء .
ـ لا يهمني جو . سترتدين البيجاما . سأحضرها لك .
وأمسك بحقيبتها . إلا أنها اعترضت , واضعة يديها على وركيها :
(( لا ... مهلاً ! إذا كنت تظن بأنني هنا لأقدم لك عرضاً ؟ إذا كنت
تريدني أن أرتدي البيجاما لهذا السبب , فأنت مخطئ تماماً ! )) .
رفع حاجبيه وتفحصها من رأسها إلى أخمص قدميها . فبدت له مثيرة
وهي تضع يديها على وسطها بهذا الشكل .
قال بنعومة وهو يتأمل صدرها وخصرها النحيل : (( يا لها من فكرة
مغرية ! ولكن لسوء الحظ أن هذا لم يكن ما أفكر فيه , فقد كنت أنوي
الخروج بينما تغيرين ثيابك )) .
حدقت به حائرة : (( إذاً .. لماذا .. ماذا .. ؟ )) .
ـ الأمر بسيط عزيزتي . لا يُحتمل أن تهربي وتجولي في الريف بثياب
النوم إذا ما خطرت لك فكرة جهنمية تحثك على الفرار , ناهيك عن أنك
ستتجمدين من البرد .
وأطلق ضحكة شريرة قبل أن يضيف : (( لا تتأخري , فأنا أيضاً لا
أنوي أن أتجمد في الخارج )) .
ثم خرج .
شدت جو فكيها وأطلقت كل شتيمة خطرت على بالها , ولكن لم
يكن أمامها حل آخر سوى تغيير ثيابها وارتداء البيجاما التي أحضرتها .
ناداها من الخارج : (( هل انتهيتِ )) .
ـ أجل .
ـ جاهزة ومجنونة .
قال ذلك وهو يدخل ويقفل الباب خلفه . ثم تفحصها من الرأس إلى
أخـمص القدمين .
نظرت جو إلى بيجامتها القطنية البيضاء , ثم رفعت نظرها إلى وجهه :
(( سأنتقم منك ذات يوم , ولو كان ذلك آخر يوم في حياتي )) .
ـ هذا مثير للاهتمام , والآن هيا إلى السرير , جو .
ـ ماذا .. ماذا ستفعل ؟
ـ أنتظر وأراقب . هل من أمر آخــر ؟
ـ إذا تجرأت واقتربت من سريري ...
ولكنه قاطعها بسرعة : (( في الواقع لا أحب الاغتصاب , أياً يكن
رأيك بي . أُفضل أن تكون عشيقاتي دافئات راغبات .. علماً أن بعض
العدائية مثير أحياناً )).
أجابت من بين أسنانها: (( أنت مقرف )).
ضحك عالياً وهو يقول : (( هناك جمهور من النساء يخالفك الرأي )) .
ـ أتصور ذلك . عشيقات اللصوص , لا شك .
علق بتعبير بارد : (( ما من واحدة منهن كانت بارعة مثلك في
التمثيل , عزيزتي )) .
واستدار ليلتقط سترتها وحذاءها وحقيبة ملابسها ويرميها إلى
العلية .
كانت جو على وشك أن تصرخ لشدة الإحباط ولكنها حافظت على
رباطة جأشها وتمددت على السرير بهدوء , ورفعت الغطاء إلى رأسها .
كان النوم طبعاً أبعد ما يكون عن تفكيرها , مع أنها أغمضت عينيها
عدة مرات بينما كانت نار الموقد تخمد شيئاً فشيئاً . وكان خاطفها قد
استند إلى الخلف في كرسيه , واضعاً سلاحه على ركبتيه .
أخذت جو تفكر في أنها لو تظاهرت بالنوم, لربما نسي أمرها وغط
في النوم . ولكن ماذا ستفعل لو تمكنت من الخروج من الكوخ ؟ مفاتيح
سيارتها في جيبه وحذاؤها ليس في متناول يدها . وكما توقع تماماً , لم
تكن فكرة الهروب بثياب النوم وحافية القدمين مغرية جداً إلا لداء الرئة
والبـــــرد .
ولكنها أعادت التفكير في الأمر : ربما أستطيع الاختباء . يبدو أنه
ليس لديه أي شعلة . وربما أستطيع أن آخذ الغطاء معي .
فتحت عينيها وحدقت بالباب وسط الظلام , لم يكن هناك أي قفل
إنما مزلاج من الداخل و ... أخذ قلبها يخفق بسرعة أكبر وهي تتذكر أن
هناك مزلاجاً من الخارج أيضاً . كم سيكون رائعاً لو تمكنت من التسلل
نحو الخارج واحتجازه من الداخل !
أخذت نفساً عميقاً تستجمع به نفسها وتتحرك قليلاً . أصدر السرير
صوتاً خفيفاً , ولكن الرجل لم يحرك ساكناً .
لقد نفدت بجلـدها , ولكنها قررت أن تنتظر قليلاً , حبذا لو كان نومه
ثقيلاً ! بعد عشر دقائق , جلست بحذر وانتظرت. لم تصدر أي حركة عن
الكرسي , فنهضت من السرير وأجفلت للصرير الذي أصدره . مع
ذلك , بقي الرجل نائماً من دون حراك . وقفت بهدوء محاولة الاعتياد
على الظلمة فالنار قد أخمدت تقريباً في الموقد .
كان السلاح لا يزال في حضنه , فتمكنها رغبة عارمة : ليس عليها
سوى الاقتراب والإمساك به ... ولكن لم يكن لديها فكرة على الأسلحة
إطلاقاً . إلا أن الأمر سهل ! أي كان يستطيع الضغط على الزناد . ليس
بالضرورة عليه هو , ولكن لو علم أنها مستعدة لإطلاق النار , لكان
ذلك كـــافياً .
تحرك قليلاً فتسمرت مكانها . ولكن ما فعله كان أنه استدار في مكانه
قليلاً ووضع يده على السلاح, متمتماً بعض الكلمات غير المفهومة قبل
أن يغط في النوم مجدداً .
بارحت جو مكانها, واهنة من الخوف وقررت ألا تلمس السلاح ,
خشية أن تؤذي نفسها .
تناولت الغطاء عن السرير , واتجهت نحو الباب على رؤوس
أصابعها , محاولة فتح المزلاج بحذر بالغ .
ـ محاولة جيدة عزيزتي .
كاد تقفز من مكانها , واستدارت لتجده واقفاً خلفها , موجهاً
سلاحه إليها . كيف وصل إلى هناك من دون أن يصدر أي صوت ؟
سألته متلعثمة : (( ما .. ما الذي أيقظك ؟ )).
ثم نظر إليها بسخرية : (( هل كنت تأمين النجاة بفعلتك , جو ؟ )).
هزت كتفيها : (( لست أدري ولكن لم يكن باستطاعتي أن أبقى هكذا
مكتوفة اليدين وتقبل القدر أو ما شابه ! )) .
حدق بها فرأى النبض يتسارع عند أسف حنجرتها وعينيها متسعتين
ذعراً .. وعناداً .
أطلق تنهيدة داخلية وأخفض سلاحه . عليه أن يقر بأن هذه المرأة
تثير إعجابه , فلا بد للمرء أن يكون شجاعاً ليحاول الفرار في مكان
مجهول وليلة باردة , من دون حذاء أو ثيــاب .
ولكن لا يمكنه أن يخاطر ويصدقها , مهما بدت له شجاعة .
استدار ليضع مزيداً من الحطب في النار ثم وقف وأخذ يفكر .لم
يعرف ما الذي أيقظه , ولكن ما يعرفه هو أنه لم ينم لحظة خلال
الساعـــات الأربع والعشرين الماضية , وبدأ يتوق للنوم .
ـ حسناً , إليك ما سنفعله .
دفع سريرها والصقه بالسرير الآخر , وأشار إليها قائلاً : (( اصعدي
إلى ذلك السرير لجهة الحائط , وأنا سأنام في هذا )).
فتحت فمها لتعترض , ولكنه أحبط محاولتها قائلاً : (( جو , لن
أتعرض لك جسدياَ . لكنني أحذرك بأن الطريقة الوحيدة للفرار تحتم
عليك المرور من فوقي وأؤكد لك أنك لن تجديني عندئذٍ في مزاج
متساهل . والآن هلا صعدت إلى السرير ؟ )).
ترددت قليلاً ثم فعلت ما أمرها به وتمددت , وجهها إلى الحائط .
غطاها ثم تمدد بدوره إلى السرير الآخر .
كان محقاً , كما أدركت. هي محتجزة تماماً ولا سبيل لها للفرار .
تنهدت وتململت قليلاً مكانها , محاولة إيجاد وضعية مريحة . فقال لها
صوت ناعس من الخلف : (( أعتذر فقط عن السرير . وسيفرحك أن
تسمعي , لو كنتِ فعلاً جوان لوكاس الرسامة , أن الأسرة في المزرعة
أكثر راحة بكثـــير )).
ـ وما أدراك أنت ؟
ـ لقـد نمت هناك .
عبست جو و سألته : (( من هؤلاء الأشخاص الذين تظنني أنتمي
إليهم ؟ ولماذا تهرب منهم ؟ )).
ـ إنهم خاطفون , كما لو أنك لا تعلمين .
نزعت الغطاء عنها وجلست : (( هذا سخيف ! لِمَ يرغب أحد , سواي
طبعاً , باختطافـك ؟ )) .
ـ بسبب خطاياي , يصادف أنني غافن هاستينغ الرابع .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل ( الأول ) ...

جمره لم تحترق 02-12-11 10:02 PM

الجمــيلة النائمة
 
الجمــيلة النائمة .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
صُعقت جو وبقيت صامتة لعدة دقائق , ولكن أفكارها كانت
تتسارع وهي تتذكر محادثاتها المتعددة مع السيدة أديل هاستينغ ,
والدته ... إن كان فعلاً من يدعي أنه هو !
والصفة التي تستطيع نعت السيدة هاستينغ بها هي أنها متحدثة من
الدرجة الأولى . وغالباً ما أتت السيدة على ذكر طفلة تدعى روزي في
أحاديثها , ولكنها لم تستطع معرفة ابنة من هـي .
كما أن اسم ابنها غافن طغى على الأحاديث , فأخبرتها أديل
هاستينغ أن ابنها رائع . صحيح أنه متسلط قليلاً ويحب القيام بالأمور
على طريقته الخاصة و لكنه مقتدر تماماً ويستطيع القيام بكل ما يصمم
عليه , وهذا أمر ضروري لكـــي يتمكن من إدارة إمبراطورية آل هاستينغ
الشاسعة التي ورثها عن أبيه ...
أجرت جو بعض الأبحاث عن العائلة واكتشفت أنها فعلاً سلالة
عريقة . كان غافن هاستينغ الأول رائداً , وقام حفيده , والد غافن ,
بتوسيع ممتلكات الأسرة واقتناء المواشي . كما أنه تزوج أديل ديلاني
وهي ابنة بارون فذ . توقفت جو في بحثها عند هذا الحد , فهي سترسم
لوحة تمثل أديل وليس سواها .
منتديات ليلاس


ولكن كيف يُعقل أن أديل لم تخبر ابنها الرائع , المتسلط ـــ وهذا الأمر
تصدقه تماماً ـــ بشأن اللوحة ؟
وكيف يُعقل أن السيدة هاستينغ ليست في كين كان ؟
ومن جهة أخرى , إن كان فعلاً من يقول إنه هو , فهذا يفسر ثيابه
الغالية وساعته ولهجته المثقفة , رغم أنه بدا لها غريباً ألا يعرف بشــأن
اللوحة .
نظرت إلى خاطفها لتطرح عليه السؤال , ولكن غايفن هاستينغ الرابع
كان يغط في سبات عميق .
استندت جو إلى وسادتها , غارقة في التفكير . كان الضوء المنبعث من
الموقد أقوى الآن ولم تكن مضطرة للتحديق كثيراً لتميز قسمات وجهه ,
وتلاحظ أنه يبدو أصغر سناً , يناهز الرابعة والثلاثين من العمر تقريباً .
إلا أن النوم لم يسلب شيئاً من وسامته , مع أنه خفف عجرفته إلى حد
كبير . كانت بشرته مائلة قليلاً إلى السمرة وحاجباه الداكنان أقل شراً .
أما فمه ذو الابتسامة الشيطانية , الساحرة , الوقحة ـــ وهذا أقل ما
يمكنها أن تقول فيه ـــ فكان مسترخياً .
لم يكن لديها شك في أن غافن هاستينغ جذاب جداً , و لكنها سرعان
ما ذكرت نفسها بأنه بغيض أيضاً . ويمكنه أن يكون فظيعاً , متعجرفاً وإن
كانت تلاحقه عصابة خاطفين .. ثم مازال عليها أن تثبت له بأنها
ليست عشيقة أي زعيم عصابة أو ما شابه .
ربما يصدقها إذا رسمته ؟ ليس الآن طبعاً ولكن عند أول فرصة
سوف تفعل ذلك . أما بالنسبة لعملية اختطافها معه ...
استسلم دماغها المنهك عند هذا الحد وغطت في النوم .
لم يكن لديها أدنى فكرة كم مضى من الوقت عندما استيقظت بحفــلة
على صوت شبيه بقرع الطبول . جلست واضعة يدها على حلقها الجاف
فشعرت بذراع أحدهم تطوقها وصوت يطمئنها : (( إنه المطر, خبر
ســـار )).
بدأت تستعيد وعيها : (( من ... ماذا .. ؟ المطر ! يبدو كصوت
رشاش )) .
ـ هذا بسبب السقف المعدنـي .
ارتجفت جو . لم يكن هناك أي أثر للناس في الموقد كان الطقس بارداً
جداً . سألته : (( لِمَ تقول إن الخبر سار ؟ )).
ـ سيصعب عليهم المطر العثور علينا , إن كانوا لا يزالون
يبحثون .. لست أدري إن كنت تشعرين مثلي ولكنني أتجمد من البرد .
ـ يمكنك أن تشعل النار .
ـ لدي فكرة أفضل . استندي علي آنسة لوكاس .. أظن أنك
آنسة , لا ؟
تجاهلت جو السؤال وطرحت عليه سؤالاً آخــر : (( لماذا ؟ )).
ـ لكي نشعر بالدفء , سنضع كلا الغطاءين فوقنـــــــا .
ـ هذا ليس وارداً عندي .
ووجدت جو نفسها مستندة إلى الخلف بين ذراعيه .
ـ لقد شككتُ بأننا سنصل إلى هنـــا .
ـ ماذا ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة , فقال في شعرها : (( نيتك سيئة جوزي . هل
تكرهين الرجال لسبب ما ؟ ألهذا السبب تساورك الشكوك ؟ )).

جمره لم تحترق 02-12-11 10:04 PM

2- الجمــيلة النائمة
 
ـ أظن أن مشاركة السرير مع شخص غريب أمر يجعلها عرضة
للشكوك ., ناهيك عن كل الأمور الباقية . ففي النهاية , أنت من بدأ
بالإغواء أولاً .
ـ ولكن عليك أن تقري بأن الــسرير أصبح أكثر دفئاً .
بالفعل ! وأكثر أماناً أيضاً . ربما لأنها تعرف من هو فعلاً الآن ,
وتعلم أنها إلى جانب الأخيار ! صحيح أنه لا يزال هناك شك كبير ولكنه
نتيجة سلسلة مصادفات لا تصدق !
منتديات ليلاس


أمر وحيد كانت واثقة منه هو أنها لم تمر ببوابة كين كان الرئيسية . ما
الذي حل بها إذاً ؟
فتحت فمها لا لتسأل هذا فقط , إنما أسئلة كثيرة أخرى : هل لديه
فكرة عن هوية خاطفيه المحتملين ؟ كيف أفلت منهم ؟ ... ولكن تنفسه
العميق البطيء , واسترخاء ذراعه حول وسطها أنبأها بأنه غط في النوم
مجدداً .
ابتسمت رغماً عنها . كان فيه الكثير من الإغراء , لكن إذا كان
صحيحاً ما لمح إليه من أن نساء كثيرات يجدنه جذاباً , فمن الأكثر أماناً
أن يبقى نائمـــا.
وتساءلت فجأة في سرها : أي نوع من النساء يجذبنه ؟ الـــجميلات ؟
حتماً . المثيرات ؟ بالتأكيد . جوان لوكاس ؟
تحركت فجأة وأبعدت نفسها عنه لتنام على السرير الآخر , وهي
تحاول مع ذلك مشاركته الغطاء .. لكنه لم يتحرك على الإطلاق .
* * *
كان الفجر على وشك البزوغ عندما تململ غافن هاستينغ في فراشة ,
وإذا به يقطب حاجبيه فجأة . كان خده مستنداً على شعر أحدهم , وشعر
حريري ناعم تفوح منه رائحة .. رائحة ماذا ؟
ولسبب ما تراءت في مخيلته علبة شامبو مزينة برسوم التفاح
والإجاص ومملوءة بسائل أخضر . تذكر أنه رأى علبة مماثلة بين
أغراض جوان الشخصية , كما لمح أيضاً أداة حلاقة زهرية اللون .
وفرك ذقنه مفكــراً أنه حتى شفرة حلاقة زهرية ستكون ممتازة بالنسبة
لشخص لم يحلق ذقنه منذ يومين .
وإذا بذهنه يشرد مجدداً ويتجه نحو المرأة النائمة بهدوء بين ذراعيه .
كان جسمها ناعماً دافئاً .. ففضل أن يخرج نفسه من هذا الوضع .
ولكن عندما حاول إزاحة جو لوكاس عنه , همهمت معترضة ودفنت
رأسها في كتفـــه .
أضاءت التسلية عينيه , سوف تكرهينني عندما أخبرك بهذا
(( جوزي )) ... وإذا تعاليت مجدداً , كما أتوقع أن تفعلي , فلن أستطيع
مقاومتــك !
ماتت التسلية عندما حدق بالجميلة النائمة بين ذراعيه . فلم تكن
رائحة شعرها وحدها تداعب حواسه إنما بشرتها الناعمة وجسدها
الدافئ الرائع .
سلخ نفسه عن تلك الأفكار الجانحة بجهد بالغ . من هي بحق السماء ؟
ليس هذا فقط ! كم من مرة ومرة لجأ إلى النساء لينسى , وإذا به يجدهن
مجرد مسكن لأوجاعه , وليس الدواء الناجح .
نهض من السرير وتمطى بقوة . وعندما استدار , كانت جو قد فتحت
عينيهـــا .
ـ صباح الخير آنسة لوكاس . آن الأوان الآن لنعود إلى مشكلتنا .
بقيت جو مطولاً مكانها ثم جلست فجأة وراحت تسرح شعرها
بأصبعها :
ـ صباح الخير .
سألها بشيء من السخرية : (( هل نمت جيداً ؟ )) .
ـ أظن .. أظن ذلك . لا أذكر .
ـ أظنك نمت جيداً .. أكثر مما تتصورين .
بقي واقفاً مكانه ينظر بوقاحة , بينما بدت هي مرتبكة تماماً . ثم
غير الموضوع كلياً : (( ربما لم تلاحظــي , ولكنها لا تزال تمطر ما تشائين بينما
أشعــل النار )) .
كررت بغير ثقة : (( أفعل ما أشاء ؟ )).
ـ ربما تريدين أن تغيري ملابسك أو تسخنــي بعض الماء أو ربما
تتأملــي نفسك إذا كان هذا ما تفضلين فعله في مثل هذه الساعة من
الصبــاح .
ضاقت عيناها وعلم أن لا شيء سيسعدها الآن أكثر من لكمه على
وجهه . إلا أنها التزمت الصمت ونهضت من السرير .
شيء ما جعله يشفق عليها , فناولها معطفها قائلاً : (( خذي, ارتدي
هذا )) .
أخذته منه رافضة النظر في عينيه حتى عندما أنزل لها حقائبها
وحذاءها من العلية .
بعد ذلك بربع ساعة , كانت جو بمفردها محتجزة داخل الكوخ ,
ولكنه كان قد أشعل النار ووضع إبريق القهوة على الموقد , بالإضافة إلى
وعاء كبير من الماء للاغتسال .
شعرت جو بحال أفضل بكثير بعد أن اغتسلت وارتدت طقمها
الرمادي , وسرحت شعرها وربطته إلى الخلف ثم أعدت لنفسها فنجاناً
من القهوة .
تخيلت غافن هاستينغ يتصارع مع مظلتها الصغيرة ومعطفها المشمع
اللذين طبعاً لن يؤمـنا له الكثير من الحماية , ولكنهما في النهاية أفضل
من لا شيء في هذا الطقس الماطر .
وأخذت تفكر في الملاحظــة التي قالها غافن عن النوم الهنيء الذي
أمضته الليلة الفائتة , فلم تفهم مقصده منها .
طبعاً لم يستغلها أثناء نومها , ولا يمكن أن تكون هـي قد فعلت شيئاً
لذا ... ؟
ألقت نظرة سريعة إلى السريرين , فرأت أحدهما مرتباً بينما الآخر
كان مجعداً جداً. فصرفت أسنانها منزعجــة .

جمره لم تحترق 02-12-11 10:06 PM

2- الجمــيلة النائمة
 
لا بد أنها أمضت الليلة بين ذراعيه . فلا يمكن أن يصبح السرير
الصغير بهذه الحالة إلا إذا احتضن جسمين معاً . والأسوأ أن السرير
كان سريره هو, لذا لا بد أن تكون هي من أتى إليه .
وراحت تفكر في ما يبرر هذا الخطأ الفادح . لا بد أنني كنت أشعر
بالخوف والبرد ... لا بد أنني كنت مجنونة !
سكبت فنجان قهوة آخر , علها تبعد أفكارها عن أمور لا تستطيع
تغييرها . ثم تذكرت الفكرة التي خطرت لها عن رسمه لتثبت له أنها فعلاً
من تقول إنها هي .
فتحت علبة الأقلام وتناولت ورقة ثنتها من الوسط . لطالما كانت
بارعة في الرسم التخطيطي وهي لا تزال تذكر كم كان تجد فيه ملاذاً
وراحة , في حين أن الألوان لم تكن تستهويها إطلاقاً . لقد جربت التلوين
بالماء والزيت والأكريليك , لكنها لم تجد في أي منها ما يستهويها .
ولكن عندما بلغت عامها الثامن عشر تغيرت حياتها جذرياً ودخلت
كلية الفنون لسنة . وهناك اكتشفت الأقلام الزيتية , فكان ما كان .
تجنبها الألوان لم يكن ناتجاً عن عدم إعجابها بها إنما من صعوبة
الجمع بين تقنيتي الرسم والتلوين . فجاءت الأقلام الزيتية لتسمح لها
بالرسم بالألوان وهي لم تتوقف عن الرسم منذ ذلك الاكتشاف . وها
هي اليوم , في الرابعة والعشرين من العمر , ترتقي سلم النجاح وتصنع
لنفسها اسماً في عالم فن الرسم .
طبعاً كان لهذا العمل ناحيته السلبية , فغالباً ما يكون الرسام تحت
رحمة شخصيات بغيضة الشكل , فتتوق أصابعه لرسمها كما هي . ولكن
جوان كسبت تقدير زبائنها . وما إن تستقر جيداً , ستتمكن من
الانصراف إلى رسم ما يروقها من مناظر طبيعية وأطفال بشكل خاص .
نظمت أغراضها , وكعادتها قبل الرسم , تنفست بعمق وتخيلت
شكل خاطفها .
أتتها صورته مصحوبة ببعض الانفعالات التي تختلجها , وكان ذلك
أمراً عادياً , ولكن ما جعلها تتفاجأ فعلاً كان تغير تلك المشاعر المرافقة
لوجه غافن هاستينغ الوسيــم .
اكتشفت أن أصابعها تتوق لرسم زوايا وجهه وخطوطه بما يشبه
شيطاناً أزرق العينين . ولكنها سرعان ما وبخت نفسها . فإذا كان صادقاً
في ما يقول , وتعرض فعلاً لمحاولة اختطاف , فإن هذا يبرر سوء طباعه !
حدثت نفسها بأن هذا لا يهم . فهو لا يروقها أساساً , ولكن لا
يعجبها أن تروق لها بعض الأشياء في هذا الرجل . وراحت تتساءل عن
رأيه هو بها .
حدقت بالورقة تحت أصابعها وراعها أن تجد نفسها تلهث . هذا لن
ينجح ! الطريقة الوحيدة لرسم غافن هاستينغ بأدق تفاصيله هي أثناء
النوم .
لم يكن لديها أي فكرة كم مضى من الوقت عندما سمعت مزلاج
الباب يفتح من الخارج , ولكن إحساساً ما حثها على إخفاء أدلة
محاولتها بمعطفها , فألقته بسرعة على علبة الألوان .
دخل وعلى وجهه إمارات الشر والغضب , وكان مغمساً بالوحل
والمطر من رأسه حتى أخمص قدميه .
اتسعت عيناها عند رؤيته ونظرت إلى ساعتها . فأدركت أنه مضى
على خروجه حوالي الساعة .
سألته : (( هل أنت بخير ؟ )) .
أجاب بسخرية بالغة : (( هل أنت قلقة بشأني ؟ أم أنك اشتقتِ إلي ؟
لا , لستُ بخير . ضعي بعض الماء على النار )) .
فتحت جو فمها لتعترض على طريقته في الكلام ثم غيرت رأيها . أما
هو فبدأ يخلع ثيابه .
ـ ما الذي حل بالمظلة والمعطف المشمع ؟
ـ لقد أفسدهما المطر فرميتهما .
أصغت جوان إلى تساقط المطر على سقف الكوخ لفترة قبل أن تقول :
(( على أي حال , هما ليسا مصممين لهذا النوع من المطر )) .
ملأت إبريق القهوة ووضعته على النار مجدداً .
ـ هل فعلت شيئاً ؟
استدارت لتنظر إليه , ولكنها ما لبثت أن أشاحت بنظرها . إذ كان
قد خلع ثيابه وبقي بسرواله القصير وجاربيه .
ناولته ملاءة بيضاء سحبتها عن السرير , فلف نفسه بها من دون أن
يشكرها . لا بل أن نظراتهما كانت تقدح شرراً وهما ينظران الواحد إلى
الأخـــر .
قالـت له عندئذٍ : (( اسمع . الذنب ليس ذنبي . لذا لا تصب غضبك
علي. وإذا كان هناك من يجب أن يُلام , هو أنت )) .
ـ حقاً ؟
جلس إلى الطاولة وسألها متحدياً : (( وهل قمتِ أنتِ بأي شيء منتج
أو مفيد ؟ )) .
فصرت على أسنانها .
ـ حسناً , سأخبرك بما كنتُ أفعله . كنت أنتقل خلسة في ممتلكاتي
الخاصة وأسرق وقودي الخاص , بينما كنتِ أنت ...
وقع نظره على طرف علبة الأقلام البارز من تحت معطفها , فأزاحه
بسرعة: (( لا أصدق ! كنت تلونين ؟ )).

جمره لم تحترق 02-12-11 10:08 PM

2- الجمــيلة النائمة
 
ـ أنا لا أستعمل التلوين بل الأقلام الزيتية .
ـ هذا لا يهم ...
توقف لحظة وراح يتأمل رسمه , ولكنه لم يسمح لها بأن تكتشف شيئاً
مما يفكر فيه . ثم نظر إليها مهدداً : (( أتـظنين حقاً أن هذا قد يثبت
شيئاً ؟ )) .
ـ لقد ...
عضت على شفتها ثم قالت : (( لقد كنت آمل ذلك )) .
ـ إذاً كنت مخطئة سيدتي .
ـ يبدو أنك نظرتِ إلي مطولاً أثناء نومـي , جو !
احمر خداها قليلاً وهي تقول : (( هذا من عاداتي . أنظر دائماً إلى
خطوط الوجه زواياه وعضلاته )) .
ـ وهل من عاداتك أيضاً النوم بين ذراعـي رجال غرباء ؟
أنبأها صفير الإبريق على النار بأن الماء قد بلغ درجة الغليان ولكنها
تجاهلته .
ـ لا بد أنني غفوت , فأنا لا أذكر أنني فعلت ذلك . على الأرجح
أنني شعرت بالبرد ... هذا كل ما في الأمر .
نظر إلى فمها المتوتر وقابل نظرتها الرمادية لحظة قبل أن يهز بكتفيه
قائلاً : (( على أي حال , كان هذا ساراً . والآن آنسة لوكاس , هلا كنت
لطيفة ونظفتِ المائدة ؟ وهلا أعرتني أيضاً شفرة الحلاقة الزهرية ؟ )) .
فتحت جو فمها لتتكلم ولكن سرعان ما أطبقته مجدداً .
ـ أنا بحاجة لأحلق ذقني , قد يحسن حالتي النفسية . هل تحملين
مرآة صغيرة ؟
منتديات ليلاس


في الواقع , كانت تحمل أكثر من ذلك . فلديها صابون ومنشفة نظيفة
وفرشاة أسنان ولكن المرآة كانت صغيرة جداً .
استعملها على أي حال , وهو يحدق فيها بشكل مضحك , بحثاً عن
أي بقعة لم يحلقها . ثم نظف أسنانه , شاعراً بالارتياح .
قال لها وهو يحلق : (( أحب المرأة التي تستعمل أداة حلاقة جيدة )) .
ونظر إلى شفرة الحلاقة تحت الضوء : (( هل هي جديدة ؟ )) .
أجابت جو بجفاء : (( كانت جديدة )) .
ضحك قائلاً : (( لا أظنها ستفيد لشيء بعد أن أحلق بها ذقني . ولكني
أعدك بأن أشتري لك أخرى , لو حصل وخرجنا من هنا . هل تحمين
محلولاً لما بعد الحلاقة , من باب الصدفة ؟ )) .
ـ إذا كنت تقصد بذلك أن تجعلني أشعر أنني عديمة الأنوثة , فإن
محاولتك فاشلة . لا , ليس لدي محلول لما بعد الحلاقة , ولكن جرب
هذا .
وناولته قارورة أخذتها من حقيبة أغراضها الشخصية .
ـ ما هذا ؟
ـ إنه مرهم طبيعي سيشعرك بالانتعاش .
ـ آه !
وضع قليلاً منه على راحتيه وفرك بهما وجهه : (( أنت محقة , يبدو انك
امرأة كثيرة الموارد . ما كان علي أن أطعن في أنوثتك )).
أثناء الحلاقة, كان قد لف الملاءة البيضاء على خصره بينما علقت
هي ثيابه المبللة على الكرســـي أمام النار .
قالت له : (( رأيك بي لا يهمني إطلاقاً )).
ولكن في الواقع كان صعباً أن تتجاهل عضلات كتفيه
المفتولة وشعيرات صدره الداكنة , وذلك لسببين أولهما إحساس
غريب استحوذ عليها والآخر رغبة جامحة في رسم ذلك الكمال
الرجولــــي .
ساد صمت قصير , قال بعده بسخرية : (( أنت غريبة جوزي )) .
هزت كتفيها بلا مبالاة وشغلت نفسها بتحضير الفطور . ولكن
أصابعها تجمدت وهي تتذكر ما قاله سابقاً , فاستدارت نحوه فجأة :
ـ وقود ؟
ضاقت عيناه : (( تساءلتُ متى ستستوعبين الأمر ؟ )) .
ـ هل لديك وقود ؟ كيف ؟
ـ هناك مرآب للآليات ليس بعيداً من هنا .
ـ إذاً يمكننا الرحيل ؟
ـ كلا . هناك رافد نهر يحول دون وصولنا إلى البوابة ولا يمكننا
اجتيازه حتى ولو كان معنا سيارة رباعية الدفع .
سكبت جو الفطور وناولته سكيناً وشوكة ثم جلسـت على كرسيها
حاملة طبقها على ركبتيها , مختارة كلماتها بحذر بالغ .
ـ ثمة أمور لم أفهمها . هل كنت بمفردك في المزرعة عندما حاولوا
اختطافك ؟
ـ كلا , لقد قبضوا على مدير المزرعة قبل أن يلحقوا بـي .
اتسعت عيناها وبدت الصدمة عليها : (( هل قتلوه ؟ )) .
ـ لا , ولكنهم قيدوه وأخذوه , الله يعلم إلى أين .
وبدأ يأكل بنهم .
سألته عابسة : (( لم يكن هناك أحد من العائلة ؟ )) .
وضع شوكته جانباً ورمقها بنظرة متفحصة : (( جو .. أياً كانوا ,
فقد أنجزوا فرضهم جيداً ودرسوا الوضع تماماً . إنها عطلة نهاية أسبوع
طويلة ويصادف أنها المباراة السنوية لرعاة البقر في المنطقة , وأشخاص
كثر ليسوا في منازلهم . كان يفترض بي أنا أيضاً أن أكون بعيداً عن منزلي
ولكني غيرت رأيي في اللحظة الأخيرة )) .
سألته بارتباك : (( ألهذا السبب والدتك ليست في المنزل ؟)) .
ـ لقد غادرت أمي إلى (( بريزبان )) منذ يومين لتحضر عرضاً نَسيت أن
لديها بطاقات لحضوره . الحمد الله أنها لم تكن في المزرعة و روزي كذلك .
وشعرت جو فجأة بنظرته تخترقها , فطرفت بعينيها وقالت :
ـ لقد ذكرت لي اسم روزي عدة مرات أثناء مكالماتنا الهاتفية .
فهمت أنها طفلة ولكنني لم أعرف ابنة من هي .
حدق بها لحظة طويلة أخرى ثم أنهى فطوره ووضع شوكته جانباً .

جمره لم تحترق 02-12-11 10:10 PM

2- الجمــيلة النائمة
 
ـ إنها ابنتي .
كادت جو تغص وهي تتناول فطورها , ولكنها غامرت وسألته :
(( وماذا عن زوجتك ؟ )).
ـ توفيت أثناء الولادة .
أزاح طبقه من أمامه وكانت تعابيره مبهمة .
ـ هل يمكنني الحصول على فنجان قهوة ؟
ـ طبعاً .
قالت ذلك ونهضت لتعده له ثم ترددت قليلاً قبل أن تسأله :
ـ هل أفترض أن والدتك تعاني من شرود الذهن ؟
منتديات ليلاس


نظر إلى السماء : (( أمي , باركها الله , بدأت تفقد ذاكرتها مؤخراً )) .
وضعت أمامه فنجان القهوة : (( هذا يفسر الأمر إذاً )) .
ـ أتقصدين بأنه يفسر لما نسيت أمر قدومك إلى كين كان ؟
ـ أجـــــــل .
ـ ولكن هذا لا يفسر لما لم تذكر أمي شيئاً عن قصة الرسم تلك .
ـ ربما أرادت أن تفاجئك .
ـ وكيف تظنين أنها كانت ستفسر وجودك ؟
ـ لست أدري .. إنها والدتك !
نهض من مكانه وسألها : (( لا أفترض أن لديك ثياباً للرجال في حقيبة
الفرجة هذه أم أنا مخطئ ؟ )) .
حدقت به جو بعينين ثاقبتين ثابتتين .
ـ أقول لـكِ مجدداً بأن النظرات لو كانت قاتلة , لكنتُ الآن تحت
الأرض . حسناً , آنسة لوكاس , فرضاً أنك بريئة وإلى ما هناك , هل
لديك أي اقتراح ؟
قاومت جو الرغبة التي تملكتها في صب جام غضبها عليه , وطرحت
عليه سؤالاً عوضاً عن ذلك : (( كم عددهم ؟ ))
ـ إثنان . كانا مقنعين لذا ليس لدي فكرة عن هويتهم .
ـ وكيف هربت ؟
جلس عند زاوية الطاولة وسألها : (( هل تحققين معي ؟ )) .
ـ كفاك شكاً !
فكر ملياً ثم قال : (( لقد قيداني كدجاجة واحتجزاني ليلة كاملة في
مستودع لا ينفذ النور إليه . لم يعرفا أن تحت السجادة باب أرضي معد
لأيام الفيضانات فخرجت منه )) .
ـ و لكن كيف ؟ إذا كنت مقيداً كالدجاجة ؟
فرك معصميه , فلاحظت جو للمرة الأولى آثــار تقرح حمراء في الجهة
الداخلية من كل معصــم .
ـ وجدتُ مقصاً قديماً وتمكنت من حل الحبل بواسطته . مع أن ذلك
لم يكن سهلاً , بما أن يدي كانتا مقيدتين خلف ظهري .
ـ لا .
كان في ردها شيء من الخوف حاولت طمسه بقولها : (( لِمَ لم يأخذاك
معهما بدلاً من احتجازك في المنزل طيلة الليل ؟ )).
ـ يبدو أنني لست أنا المستهدف .
حدقت به من دون أن تفهم شيئاً .
قال مفكراً : (( لست أنا بل روزي , ابنتي , طفلة الست سنوات . إنه
هدف رخص العود )).
فغرت جو فاها : (( ولكن .. هل أنت واثق ؟ )).
ـ بالتأكيد . لقد سمعت حديثهما بأكمله وكل ما كان يدور بينهما
أثناء الليل من كلام ومخططات . وقد قررا أن يأخذاني بدلاً منها ولهذا
السبب اتصلا بمن يدعمهم .
ـ الحمد الله على ذاكرة والدتك الضعيفة .
ـ ولكن الخطر لا يزال هو هو . فليس علي أن أتوارى عن كين
كان , ولكن علي أيضاً أن أمنع أمي وابنتي من الوقوع بين أيديهم . ولقد
قطعوا كل الخطوط الهاتفية .
ـ ألا يجدر بهذا أن يثير شكوك والدتك مثلاً ؟
ـ ليس بالضرورة . فأحياناً كثيرة تتعطل الخطوط هنا .
قالت ببطء : (( لدي اقتراح لا علاقة له بالهرب , ولكنني واثقة من
أنهم هم من نزعوا اسم كين كان عن البوابة الرئيسية , ربما ليضيعوا كل
من يحاول البحث عن المكان )).
فكر بما قالته وهو ينظر إليها متفحصاً .
فقالت بهدوء : (( صدقني, لهذا السبب وجدتني في الطريق الخلفي )).
ـ هممم .. قد تكونين محقة .
ثم هز كتفيه : (( المشكلة الآن هي إذا ما كانا قد استسلما ورحلا أو
أنهما ينتظران للإيقاع بي بطريقة ما ؟ )).
ـ لا يبدوان منظمين كثيراً .
نهض ونزع الملاءة من خصره ليرتدي ثيابه .
ـ لقد تآمر القدر ضدهما , فالطقس لم يساعدهما حتماً ولكنهما ثنائي
خطير ... أو ربما ثلاثي , إذا ما احتسبنا جو معهما . أحدهما على الأقل
يستعمل مزيجاً من المخدرات والكحول ليبقى واعياً .
ارتجفت جو وراقبته وهو يتصارع مع بنطلونه الرطب .
ـ هل عاملاك بعنف ؟ عدا عن تقييدك طبعاً !
التوت شفتاه وهو يجيب : (( ركلة في الـظهر وضربة على الرأس ... )) .
مرر يده على شعره الداكن وأجفل عندما شعر على ما يبدو بنتوء تحت
يده .
ـ ... وأموراً أخرى أيضاً .. ولكنني على الأرجح استفزيتهم .
ـ ألم تلتزم الصمت ؟
ـ لا عزيزتي , لم أفعـل .
شيء ما في الطريقة التي قال بها ذلك أخاف جو حتى الأعماق . لم
يكن لديها شك بأن غافن هاستينغ رجل سيء نزق .
ـ أما بالنسبة إلى الأمور الأخرى , فقد كانا من الدهاء بما يكفي
ليعطلا سيارات المنزل ويحتجزوا الكلاب ويرميا المفتاح . السلاح كان
ضربة من الحظ بالنسبة لي . فقد نسي كايس رئيس العمال أن يوضبه
مكانه , وكدت أتعثر به .
رفعت جو الصحون والأكواب الفارغة عن الطاولة ووضعتها على
الأرض إلى جانب الموقد .
ـ إذاً , كنتَ تنوي قطع الطريق عل (( جو )) الآخـر و .. ؟
ـ وأرغمه على اصطحابي إلى أقرب هاتف .
كان ينظر إليها وهي تزيل فتات البسكويت عن المائدة , وأدركت أن
نظرة الشك تلك عادت إلى عينيه .
ـ سيارات الجيب الرمادية كثيرة جداً . أنت تعلم .
ـ ربما ولكن اسم جو ؟
ترددت قليلاً : (( أنا .. )) .
ولكن دوياً قوياً شق الصمت واخترقت رصاصة أحد الجدران .
تجمد كلاهما لحظة ثم قفز غافن هاستينغ عبر الطاولة . وبحركة سريعة
منه , بطحها أرضاً قبل أن تخترق شظية أخرى الباب .
بعد ذلك بدقيقتين , كان الباب قد خُلع ودخل رجل مسلح ومقنع .
زمجر قائلاً من فوق كتفه : (( أنظر ماذا وجدتُ هنا يا جو , غاف
وفتاته . ذكاء منه أن يُخفي عشيقته في كوخ شبه مهجور , ألا تعتقدان ؟ )).
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( الثانــي )) ..

جمره لم تحترق 02-12-11 10:13 PM

بصراحة بصراحة بصراحة
الجزء الثالث والرابع
جاهزين بس ما أبي انزلهم
يعني تشويق وكده
ههههههههههههـ
لو حسيت في متابعة بانزل أن شاء الله
أكثر من جزء في اليوم
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
فموعد التنزيل إن شاء الله يومياً الساعة 11 مساء

تـــابعوني

أميرةالاحساس 03-12-11 12:16 PM

أختي جمرة الله يشفيكي إن شاء الله
وشكرا على الروايه واضح انها حلوة وشكرا على كتابتك المميزه حتى الورد اللي انتي حاطه مميز ما شاء الله عليكي.
الله يسعدك ويحفظك إن شاء الله...
تحياتي لك

نـخوة 03-12-11 06:08 PM

اهليييييين جمرة
اسأل الله الحنان المنان
ان يمنّ عليك ومرضى المؤمنين والمؤمنات بالصحة والعافية
الله يشافيك ويعافيك ويعفو عنك
:slamtk::slamtk::slamtk:
انا ما قرأت فصول الرواية
بسسس باين عليها من الملخص انها حلوة
ان شاء الله اوزل ما اتفرغ اقرأها
يعطيك الف عافية
وشكرا لجهودك يالغلا
:bouquet2::bouquet2::bouquet2:

sososafa 03-12-11 06:54 PM

السلام عليكم :liilas:
تسلميلي يا عيوني وشكرا جزيلا الك واكيد انت و الجميع من اعز الاخوات :rdd12zp1::0041::98yyyy:
حبيبتي تسلميلي وشكرا جزيلا لمجهودك ومجهود جميع الاخوات واكيد رح يكونوا حلويين لانهم منكم :425::;lkjlkutrfc::6trfdc:
وسلام للحلوين :361::rdd25hn7:

جمره لم تحترق 03-12-11 10:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرةالاحساس (المشاركة 2941383)
أختي جمرة الله يشفيكي إن شاء الله
وشكرا على الروايه واضح انها حلوة وشكرا على كتابتك المميزه حتى الورد اللي انتي حاطه مميز ما شاء الله عليكي.
الله يسعدك ويحفظك إن شاء الله...
تحياتي لك

أمين يارب
ولا شكر على واجب غلاتي وتسلمي لي على ذوقك وكلامك الراقي
فديتك وفديت طلتك ويسعدك ربــي
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 03-12-11 10:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نـخوة (المشاركة 2941538)
اهليييييين جمرة
اسأل الله الحنان المنان
ان يمنّ عليك ومرضى المؤمنين والمؤمنات بالصحة والعافية
الله يشافيك ويعافيك ويعفو عنك
:slamtk::slamtk::slamtk:
انا ما قرأت فصول الرواية
بسسس باين عليها من الملخص انها حلوة
ان شاء الله اوزل ما اتفرغ اقرأها
يعطيك الف عافية
وشكرا لجهودك يالغلا
:bouquet2::bouquet2::bouquet2:

هلا والله بالغلا كله
امين يارب تستجاب دعوتك امين امين امين

خذي راحتك ترى الرواية خطيرة وقت ما وقتك يسمح تابعيها
ومنورة في اي وقت حياتي
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 03-12-11 10:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sososafa (المشاركة 2941553)
السلام عليكم :liilas:
تسلميلي يا عيوني وشكرا جزيلا الك واكيد انت و الجميع من اعز الاخوات :rdd12zp1::0041::98yyyy:
حبيبتي تسلميلي وشكرا جزيلا لمجهودك ومجهود جميع الاخوات واكيد رح يكونوا حلويين لانهم منكم :425::;lkjlkutrfc::6trfdc:
وسلام للحلوين :361::rdd25hn7:

الله يسلمك يا الغلا
واكيد أنتِ الاحلى ...

باجهز الروايات سوري والله ما فضيت
بس هذه رواية على السريع افتكرتها
بس تصدقي ما اتذكر احداثها لأن من زمان عليها ( بس البطل وصي عليها )
اسمهاااا
135-الخطوة الاخيرة - مارغريت بارغيتر
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 03-12-11 10:36 PM

3- فكــرة جيدة
 
فكــرة جيدة
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
كانت الساعات القليلة التالية أشبه بكابوس .
كانت غافن وجو مقيدين ومحملين في شاحنة صغيرة . أما السيارة
الأخرى فكانت شبيهة للغاية بسيارة جو الرانج روفر . ولكن مزاج جو
لم يكن يسمح لها بالشعور بالانتصار في مواجهة عيني غافن هاستينغ .
و كانت أكثر خوفاً من أن ترمقه بتلك النظرة القاتلة : ألم أقل لك ؟
حتى أنها لم تقو على شيء عدا عن إغماض عينيها عندما انتزع
الخاطفون سلاح غافن ووضعوه جانباً هازئين عندما تبين أنه لا يحتوي
على أي رصاصة .
إلا أن الهزء والتسلية سرعان ما تحولا إلى غم عندما أدرك الخاطفون
أن النهر عائق لا يستطيعون تخطيه . فهب بينهم جدل عاصف إلى أن
تقرر أخيراً العودة إلى المنزل الرئيسي ومنه الخروج عبر البوابة الرئيسية .
لكن هذه الخطة لم تنجح أيضاً . فالشاحنة غاصت في مستنقع
وعجزت عن التقدم وهي لا تزال بعيدة ربع ميل تقريباً من المنزل , ما
اضطر اثنين من الخاطفين إلى فك وثاق قدمي جو و غافن وسوقهما في
طريق جانبية محاطة بالأشجار . أما الرجل الثالث الذي كان يقود الرانج
روفر فبقي يحاول سحب الشاحنة من الطين .
منتديات ليلاس


تبددت انطباعات جو الأولى عن مزرعة كين كان نتيجة المطر
والخوف , وكل ما استطاعت قوله إنها مزرعة شاسعة .
عند وصولهم إلى درجات المنزل الأمامية , حدث شجار صغير,
عندما حاول أحد الرجلين تقبيل جو عنوة . فرفع غافن يديه المقيدتين
وضرب الرجل على رأسه , فسقط أرضاً . إلا أن غافن هاستينغ تهاوى
قربه إذ لطمه الرجل الآخر على وجهه .
أخيراً , سبق كل من جو وغافين إلى داخل المنزل , ورغم أن الخوف
كان مسيطراً عليها . إلا أنها لم تستطع أن تغفل عما يشكله المنزل من تحفة
فنية رائعة باتساعه وأثاثه وفخامته .
بعد جدل آخر , احتُجزا في غرفة للنوم . ومن باب الوقاية والحذر ,
حل أحد الخاطفين الحبل من حول معصميهما وقيد يد الواحد منهما بيد
الآخر .
ـ والآن , لنرَ إن كنت ستستطيع حل قيودك !
مر وقت ليس بقصير قبل أن تتمكن جو من التقاط أنفاسها . كان
كلاهما قد تهاوى على السرير بعد أن دُفع بهما داخل الغرفة . ولكنها
جلست أخيراً وتساءلت إن كان غافن قد فقد وعيه إذ لم يصدر عنه أي
حركة على الإطلاق .
سألته بقلق : (( هل أنت بخير ؟ )).
رفعت يدها , فارتفعت يده معها : (( هذا سخيف ! )) .
وراحت تتأمل القيود الفضية التي تكبل يديهما .
وافقها الرأي قائلاً : (( وكأننا نتشارك في فيلم عصابات! )).
ثم بذل جهداً ليرفع نفسه عن السرير ويجلس : (( قبل أن أقول المزيد ,
هل لي أن أقدم لك اعتذاري , آنسة لوكاس ؟ )).
فتحت جو فمها ثم أغلقته واكتفت برسم ابتسامة على شفتيها .
ـ هذا لطف بالغ منك , جو . يحق لك أن تشتميني قدر ما تشائين .
ـ ولكنني لم أقل إنني سامحتك .
رفع حاجبه مستغرباً : (( إذاً , لِمَ هذه الابتسامة ... بدت لي وكأنها
مسامحة )) .
ـ ربما بدت كذلك , ولكنني كنت في الواقع أفكر بأنك بدوت
وسيماً عندما حلقت ذقنك واغتسلت . أما الآن , فـالوضع مختلف .
ـ حقاً .
ـ أعني , أفضل مما كنت عندما التقيتك .
ـ وما خطبي الآن ؟
هزت رأسها بأسى : (( لقد تسببت اللكمة في إحاطة عينك بهالة
سوداء . ولكنني أشكرك لدفاعك عني بالطريقة التي فعلت )).
ـ لا علـــيك .
وتحسس بيده الحرة عينه المتورمة .
سألته بهدوء : (( ماذا سنفعل ؟ )).
ـ كان لدي فكرة , ولكن هؤلاء الأنذال أكثر خطراً الآن . لدي
شعور بأنهم يُخفون تحت تصرفاتهم الجريئة هلعاً كبيراً . ما رأيك ؟
وافقته الرأي . مُضيفة : (( بدا لي ذلك الطويل القامة أقل .. أقل
ارتباكاً من الآخرين . ربما قد يصغي إلى بعض المنطق )).
ـ مثل ماذا ؟
هزت جو كتفيها : (( ربما يمكنك أن تقول له إن لا فكرة لديك عمن
يكونون ومن الأفضل لهم أن يرحلوا من المزرعة بأسرع ما يمكن بدلاً من
خطف أي أحد ... فكيف بخطف شخصين )).
ـ لست مجـرد وجه جميل على ما يبدو . أنا أهنئك .
ثم تابع قائلاً : (( حتى أنني فكرت في مساعدتهم مالياً ليرحلوا مع أن
ذلك قد يبدو غريباً . ولكن الآن أنت متورطة ... )) .
قاطعه ارتفاع أصوات صادر من الخارج .
ـ يبدو أن اللصوص تشاجروا لمجرد سماعهم بالأمر .
ارتجفت جو .
قال هازلاً: (( لا يمكنني أن أضع ذراعي حولك , ولكن اعتبريني
فعلت ذلك ذهنياً )).
ابتسمت ابتسامة حزينة .
ـ هذا أفضل , حسناً لنلفت انتباههم ونحاول التفاوض معهم .
واحد اثنان , وقوف !
وقفت جو معه ومشيا جنباُ إلى جنب إلى الباب . طرق عليه بقوة
فانفتح بعد قليل وأطل الرجل الطويل القامة الذي قالت عنه جو إنه
الأقل تزمتاً بينهم .
وبعد عشر دقائق , أغُلق الباب عليهما وأُقفل من الخارج .
سأل غافن : (( أتظـنينه صدقنا ؟ )) .
كان الرجل الطويل قد ذهب , وفي نيته استشارة (( زميليه )).
ـ لست أدري . وحده الوقت كفيل بكشف ذلك .
نظر متفحصاً ثم قال : (( أظنك كنت رائعة , جو . معـظم النساء
مكانك كن ليتصرفن بشكل هستيري )).
ثم أشار إلى السرير : (( ما رأيك لو نرتاح قليلاً ؟ )).
نظرت جو إلى الأصفاد التي تكبلهما وقالت : (( سنُحدث فوضى )) .
ـ ومن يبالي ؟ كل ما علينا فعله هو الجلوس معاً ومن ثم سحب
أنفسنا إلى فوق .
وبعد لحظات عصبية بعض الشيء كان كلاهما ممدداً جنباً إلى جنب
على السرير , محاطاً بوسائد ناعمة مريحة .
قالت وهي تنظر في أرجاء الغرفة : (( فهمت الآن ما قصدته عن
الأسرة الوثيرة في المزرعة )).
ابتسم قائلاً : (( والدتي رفيعة الذوق في ما يتعلق بالهندسة الداخلية
والملابس والسيارات وكل شـــيء )).
وافقته جو في ما يخص الهندسة الداخلية على الأقل . فعل الرغم من
صِغر الغرفة , كانت جميلة ومترفة جداً . جدران زهرية , خزائن خشبية
ضخمة وستائر مخملية .
وإذ نظرت إلى السجادة العجمية الجميلة , سألته : (( ما من باب سري
تحت السجاد ؟ )).
ـ للأسف لا , والأسوأ أن ما من أداة حادة قد تفيدنا في الأدراج أو
الخزانة.
ـ لابد أن يكون هناك ما يفيدنا .
هز رأسه نافياً : (( لقد تم تنظيف الغرفة بالكامل , استعداداً لتغيير
ديكورها الداخلــــي )) .
ـ آه !
استدار نحوها قائلاً : (( أنا آسف لأنني أقحمتك في كل هذا )).
ـ كان هذا مقدراً لي على ما أظن . توقيت ســــــيء !
وتصلب جسدها فجأة عندما ارتفعت الأصوات خارج الباب .
أصغى غافن قليلاً ثم أخذ يدها بيده المكبلة : (( أخبريني عن نفسك ,
جو لوكاس )).
ـ أنــــــا ...
بذلت جهداً لتبعد ذهنها عن الخاطفين ثم قالـت: (( أنا .. يتيمة .
توفي والدي في حادث قطار عندما كنت في السادسة , فربتني جدتي
لأمي . كنت في الثانية عشرة عندما أصيبت جدتي بمرض الألزهايمر ,
وتوفيت عندما كنت في الخامسة عشر من العمر )).
اشتدت أصابعه على يدها , بينما تابعت هي سرد الأحداث
والذكريات: (( نبذ جدي ابنه فأقصى والدي عن المنزل وأضاع أحدهما
الآخر . كان إنكليزياً هاجر إلى كندا ثم سافر إلى أستراليا )).
ـ هل آلمك هذا ؟
ـ إلى حد ما . في الواقع لم تكف والدته عن البحث عنه وقد حفظت
حقه وحق ورثته المباشرين في وصيتها . عندما توفيت , لزم محاميها ست
سنوات أخرى للعثور علي . كان عمري عندئذٍ 18 سنة , فتمكنت بما
حصلت علي من مال من الالتحاق بكلية الفنون وإعالة نفسي بنفسي .
ـ أفترض أنك في منتصف العشرينات ؟
ـ نعم ... أربع وعشرون .
ـ وكيف جرت الأمور معك منذ أن بلغت الثامنة عشرة ؟
ـ بشكل جيد .
ـ أعني عاطفياً ... علاقاتك وإلى ما هناك ؟ يبدو أنك ترعرعت
في ظروف صعبة .
ـ مررت بالحلو والمـــر .
ـ ألم يترك ذلــك فيك أي أثر ؟
ترددت وابتلعت ريقها بصعوبة . ولكن سرعان ما وجدت نفسها
تخبره بأكثر مما أخبرت أحداً يوماً في حياتها .
ـ آه , لدي مشكلة صغيرة هنا . لم أعد أثق بأحد تماماً . في الواقع ,
هذه ليست مشكلة , فأنا سعيدة تماماً هكذا .
قال بعد لحظة طويلة : (( مستوحدة إذاً )).
ـ مستوحدة تحب وضعها .
ـ ولكن هل لديك أصـــدقاء ؟
ـ طبعاً , دخلت الجامعة مع زميلتي في السكن (( لين طوسون )) . وما
زلت على اتصال بعائلتين من العائلات التي استضافتني في صغري .
وبإحدى معلماتي في كلية الفنون .
ـ وماذا عن الرجـــــــال ؟
فتحت جو فمها ثم أغلقته وحدقت بالسقف قليلاً . هناك أمور لا
يمكن إخبار الغرباء بها , في ظروف مماثلة .
قالت أخيراً: (( لست على علاقة جيدة بالرجال . لست أدري ...
ولكنهم يجدونني مستقلة جداً . اعتقدت أنني مغرمة عدة مرات ولكن لم
تسفر علاقاتــــي عن أي شــــيء جدي )).
ـ أنت ..
بدأ الكلام وتوقف فجأة عندما تعالى من الخــارج طلق ناري تبعه
ضجيج وأصوات مرتفعــة غاضبة .
أغمضت جو عينيها وأدارت وجهها نحوه مرتجفة , فمرر يده فـــي
شعرها مهدئاً , إلا أنها شعرت بتوتره وسخطــه .
قالت: (( أخبرنــي عنك )).
ـ أنا ؟ حسناً , اعتقدت أن حياتــــي مثالية فقد ورثت مزرعة كين كان
وتزوجت فتاة أحلامــي وأنجبنا طفلة و ... فجأة تهدم كل شـــيء بسبب
حالة مرضية لم يعِ أي من الأطباء وجودها في جسم زوجتــــي فسلبت منها
الحياة ما إن ولدت روزي .
ـ أنا آسفة جداً .
وتشبثت به عندما سُمعت طلقتان ناريتان أخريان , وقد بدا الأمر
وكأنهم يهدمون المنـــزل .
ـ تابع حديثك من فضلك .
ـ ليس لدي الكثير لأقوله . روزي نور حياتـــي ولا أتخيل نفســـي أتزوج
ثانية ... هل تظنين أن هؤلاء الأنذال يتقاتلون ؟
ـ آمل ذلك . ولكن لِمَ ترفض الزواج ثانية ؟
ـ أظن أنك عندما تحصلين على الكمال مرة في حياتك , يستحيل
عليك القبول بما هو دون . أعتقد أنني أعرف نفســي بما يكفي لأعلم أني
لا أرضى الوقوف في وجه سعادة أي امرأة تريد إمضاء حياتها معـي .
أظن أن جزءاً مني لن يسامح القدر أبداً على ما فعله بي .. أنا لا أقبل
الخســـارة .
ـ هل لديك أصدقاء ؟
علت التكشيرة وجهه وهو يجيبها: (( كان لدي أصدقاء ولكنهم
تزوجوا جميعاً الآن وأصبح شغلهم الشاغل تدبير المواعيد برفقة
الزوجات , لذا أتجنبهم قدر الإمكان . ولكن أعز أصدقائي تزوج أختي
وهو الآن صهري )) .
فتحت جو فمها ثم أخذت ترتجف بينما كان الشجار مستمراً في
الخارج . سكت قليلاً ثم سألها باسماً : (( ماذا تحبين في الحياة يا جو ؟ عدا
عن الرسم ؟ أنا , مثلاً , لا أستطيع مقاومة لحم البقر , أما لحم الغنم فلا
أذوق طعمه إطلاقاً . كما أنني متعلق بكلابـــي وأحب الطقس الحار
والممثلة نيكول كيدمان .)).
ـ أنا أحب الممثل غرانت والشوكولاته وبشكل خاص أعشق
رسم الأولاد .
ـ لماذا ؟
ـ لأنهم إذا تكلموا , أخبروك بأمور رائعة , فمخيلتهم خصبة جداَ .
مع أن الأهل يرتاعون أحياناً لبعض الأمور التي يسمعونها من أفواه
أطفالهم .
ـ أتخيل ذلك . هل تعاطيتِ كثيراً مع الأولاد ؟
ـ أجل . بشكل خاص الأولاد بالتبني . إنهم نقطة ضعفي , ولكنني
في الواقع أحب كل الأولاد . غالباً ما نتعلم الكثير منهم .
علت أصوات الجلبة في الخارج من بابهما , فضمها إليه بشدة ثم
جلس وأدناها منه . ثم قال أخيراً مبتسماً ابتسامة المنتصر :
ـ خطرت لي فكرة جهنمية للتو! لِمَ لم أفكر في ذلك من قبل بحق
السمــــاء ؟
ـ لست أدري . ما هي ؟
نظر إلى الأعلى وقال بصوت خافت : (( هناك فتحة في السقف )).
تتبعت جو نظراته , فرأت سقفاً مزيناً بنقوش الزهر الجميلة .
ـ أين ؟ لا أرى شيئـــاً .
أشار بإصبعه إلى زاوية من السقف , فاستطاعت أن تميز مربعاً
مشقوقاً في السقف , ولكن أول ما تبادر إلى ذهنها و أنه يستحيل عليهما
الخروج منها , مكبلين هكــذا .
وعندما عبرت له عن مخاوفها قال : (( يمكننا ذلك , جو . كل ما علينا
فعله هو دفع الخزانة إلى تحت الفتحة والتسلق عليها . إذا تبعت أوامري ,
سيكون كل شيء على ما يرام )).
حدقت به ثم قالت بعينين باسمتين : (( أوامر ؟ )).
ـ أعني التعليمات .
ـ هذا أفضل . ولكن لنفترض أننا نجحنا ولم يقبض علينا أحد أثناء
القيام بذلك , كيف سيساعدنا ذلك ؟ سيسمعوننا نتحرك على السقف
بكل تأكيد. ماذا لو قرروا قبول عرضك ؟
فرك غافن ذقنه وقال مفكراً : (( يمكننـي القيام بذلك بنفســي . لدي
بعض الخبرة في الزحف حول أماكن مغلقة من دون إصدار أي صوت )).
ـ ومن أين لك هذه الخبــرة ؟
ـ لقد أمضيت وقتاً في الاستخبارات . ولكن لنحتفظ بذلــك لوقت
لاحـــــق .
توقف عن الكلام إذ سمع وقع خطوات تقترب من الباب , فتشبث
جو بيده .
أخفض صوته قائلاً : (( اسمعي , مهما حصل الآن , افـعلي تماماً كما
أقول جو . أتعدينني ؟ )) .
ابتلعت ريقها وأومأت .
ـ يبدو أنهم لا يملكون سوى سلاح واحد . لذا أياً يكن من يحمله ,
علينا أن نكون حذرين منه , مفهوم ؟
أومأت مجدداً بينما انفتح الباب عليهما .
وقف عند العتبة اثنان منهم ... لم يكن هناك أثر للرجل الثالث
الذي حاولوا التفاوض معه , وهذا جعل الذعر يدبُ في قلب جو .
أتراهما أردياه عندما حاول التحدث إليهما بشــيء من المنطق ؟
قال أحدهما : (( حسناً يا غاف . كم من السيولة لديك هنا ؟ )).
تنفست جو الصعداء مع إنها شعرت بالخوف يسري في عروق
الرجل المقيد بها . إلا أنه قال بما يكفي من البرودة : (( حوالي ثلاثة
آلاف دولار )).
أشار الرجل برأسه : (( دلنا إلى المال أيها العاشق ! )).
بعد خمس دقائق , كان غافن هاستينغ قد فتح خزنة وأخذ منها رزمة
من فئة المئة دولار وضعها على المكتب المهيب المصنوع من خشب
السنديان .
ساد صمت قصير بينهما كان أحد الرجلين يعد المال قبل أن يدسه في
جيبه . أما الآخر فلم يقل شيئاً وكان من الواضح أنه يجد صعوبة
في الوقوف على قدميه .
ـ حسناً , يداكما إلى فوق !
نفذا الأمر , ففكا لهما أغلالهمــــــــا .
ووقف أحد الخاطفين قبالتهما صامتً . أحست جو أن ثمة خطباً
ما . ولكن كل ما استطاعت رؤيته كانت تلك النظرة الجليدية المخيفة في
عينيه .
لم يستغرق الأمر أكثر من لحظات قليلة لتثـبت صحة حدس جو , فقد
رفع الخاطف سلاحه وصوبه مباشرة إليها . ثم قال من دون أن ينزع عينيه
عنها: (( أترى يا غاف ؟ وجدنا أنه ما من سبب لتكون محظوظاً إلى هذا
الحد في الحب , لذا قررنا أن نأخذ معنا هذه الجميلة المثيرة . وإياك أن
تمنعنا يا صاح , لأنها هي من سيدفع الثمن )).
سادت لحظة صمت مريع , ثم انقض غافن كالنمر ودفع جو إلى
الخلف فأوقعت الرجل الآخر أرضاً . ثم رمى بنفسه على الرجل
الأول .. فطار السلاح من يده .
صرخت جو يائسة وهي تتناول محبرة قديمة من الرخام الثقيل عن
المكتب وترمي بها الرجل الممدد على الأرض خلفها. كان يحاول
الوقوف على قدميه ولكن المحبرة فعلت فعلها وأغمى عليه .
تناولتها جو عن الأرض وتحولت نحو العراك الدائر أمامها بين
غافن هاستينغ والرجل المسلح . رافعة المحبرة فوق رأسها مستعدة
للتدخل . ولكن غافن رفع يده , قاطعاً عليها الطريق : (( لا بأس جو ,
لقد قضيت عليه )).
أخفضت المحبرة وقالت متنهدة: (( آه الحمد الله ! )).
ولكن صوتها توتر مجدداً عندما لاحظت الدم يسيل على أصابعه ,
فانهارت على ركبتيها إلى جانبه : (( لقد أُصبت ! آه لا ! لا! )).
قال لها مطمئناً : (( أظن أنها مجرد إصابة خارجية في ذراعـــي )).
ـ ولكنك أنقذت حياتــي ! لقد رميت نفسك في وجه السلاح . كيف
يمكننـــي أن أعوض عليك يوماً وماذا كنت سأفعل لو مت ؟
كان وجهها شاحباً وهي تقول ذلك وعيناها الرماديتان تغليان
انفعالاً وعدم تصديق .
ـ لن أموت يا جوزي , اهدأي .
خلع قميصه , فأجفلت جو عند رؤية الإصابة في ذراعه ولكنها
سارعت تخلع قميصها وتربط جرحه وتضمده .
رغم الألم الذي شعر به غافن هاستينغ , تلاعب الهزل في عينيه
المسمرتين على جسدها .
ـ كيف يمكنك أن تعوضـــي علي يا جو ؟ أظنها ستكون فكرة جيدة لو
تزوجتنــــــــــــــي .
ثم ترنح فجأة وأُغمي علـيه .


نهاية الفصل (( الثــــالـــث )) ..

جمره لم تحترق 03-12-11 10:38 PM

4- لمــــــــاذا ؟
 
4- لمـــــاذا ؟
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
في وقت لاحق من ذلك النهار , كان غافن ممدداً في سريره في
المستشفى التي نُقل إليها جواً , ينتظر أن يأخذ المُسكن مفعوله . وكان قد
خضع لعملية لنزع الرصاصة من ذراعه وأُبشر بأن العظمة سليمة , كما
أن والدته زارته في المستشفى ولكنها عادت إلى كين كان لتتولى إدارة
الأمور . صحيح أن ذاكرتها ضعيفة هذه الأيام ولكن عندما تكون
واعية , تتصرف بفعالية تامة .
هذا لا يعني أنها لم تذرف دمعة أو اثنين على ابنها الذي كان يمكن أن
يموت , ولكنها سرعان ما تنشطت وغادرته قائلة: (( الأمور السعيدة في
خواتيمها يا عزيزتي )).
ولكن هل انتهى الأمر ؟
منتديات ليلاس


تململ في سريره محاولاً تسوية وضعيته من دون لمس ذراعه . وقال في
سره: لا يمكن للمرء أن يطلب الزواج من امرأة ويعني ذلك حقاً ويُغمى
عليه قبل أن تتمكن من الإجابة , ويقول إن الأمر قد انتهى !
عندما استفاق من غيبوبته , وجد نفسه في طوافة تتوجه به إلى
المستشفى , ولم يكن هناك أي أثر لجو التي بقيت في المزرعة .
ولكنه تساءل لماذا كان واثقاً من أنه كان يعني حقاً ما يقول ؟ لِمَ لم يقل
لها مثلاً : أظنها فكرة جيدة لو خرجنا وتسلينا معاً يا جو لوكاس , لأنني
رغبت فيك منذ اللحظة التي قمت فيها بتفتيشك ...
صحيح أن التوقيت لم يكن مناسباً ولكن يبقى ذلك أفضل من طلب
الزواج منها .
ولكن لا ! هي شجاعة , قوية , فخورة وظريفة أحياناً ... و ما يريده
هو الزواج . ومع هذا , هل هذه الأسباب الحقيقية ؟
إنها حتماً ليست الأسباب التي دفعته للزواج بوالدة روزي , لا
ذلك الهيام والحب العاصف .
ولكنه كان أصغر سناً آنذاك , عندما تعرف على ساشا . ربما النضوج
وسنواته الخمس والثلاثين جعلته يرى الأمور بشكل مختلف الآن وربما
البحث عن الحب , كما فعل مرات عدة بعد موت ساشا , ولّد فيه شيئاً
من السخرية والتشاؤم .
إذاً لماذا كان مقتنعاً بأنه يجب أن يتزوج جو لوكاس ؟ لا سيما بعد أن
أخبرها بأنه لم ينو الزواج ثانية لأن ما من امرأة تضاهي زوجته
المرحومة. ثم فكر فجأة في روزي ووالدته أديل . هل سينجح ذلك
معهما ؟
صحيح أنه في السنوات القليلة الماضية , لم تكن روزي تفهم لِما ليس
لديها أم مثل كل أصدقائها وأقربائها , وصحيح أن أديل هبة من الله
لطيبتها ولكن هل من المنصف أن يبقيها محتجزة في كين كان للأبد من
أجل روزي ؟ لا سيما الآن وقد أسست حياتها في بريزبان بعد سنوات
على وفاة والد غاف ويبدو أنها مرتاحة هناك .
ففي النهاية, تلك هي الحياة التي غالباً ما كانت تستهويها, وتناديها
للذهاب إلى بريزبان , ولم يكن من مشكلة في اصطحاب روزي معها .
ولكن روزي ستدخل المدرسة في السنة المقبلة ولن يكون من الممكن أن
تتجول مع جدتها من مكان إلى آخر , إلا إذا انتقلت إلى بريزبان مع أديل
خلال العام الدراسي وأمضت العطل في كين كان . ولكن ما رأيه في
هـــذا ؟
ولِمَ لم تخطر له في هذه الفكرة من قبل بحق الله ؟ هل شعرت أديل بأنها قد
أنجزت مهمتها في كين كان وتستحق الآن أن تتقاعد وترتاح . ألهذا
السبب أمضت وقتها في المزرعة تُغير الهندسة الداخلية حتى لم يعد في
المنزل من زاوية لم يتم ترميمها أو هندستها أو طلاؤها أو تزيينها من جديد ؟
لأنها إذا لم تفعل ذلك , يتآكلها الملل , فهي في النهاية ليست ابنة الريف .
قال لنفسه : لا بد أن كل هذا كان يدور في خلدك منذ زمن يا غافن ,
ولكنك كنت من التعجرف والأنانية بحيث لم تقر بأنك بحاجة إلى
زوجة ... أنت بحاجة لأم لـ روزي وعليك أن تعطي والدتك حـــريتها ,
ومن أفضل ليقوم بكل ذلك من فتاة تحب وتفهم الأولاد ؟ في الوقت
نفسه فتاة ترغب بها كما لم ترغب بأحد منذ زمن بعيـــد ؟ .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( الرابـــع )) ..

جمره لم تحترق 03-12-11 10:40 PM

موعدنـــــــــا غداً مع ثلاث فصول
تابعونــــي
قراءة ممتعة لا تنسونا من دعواتكم
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

أنس إسلام 03-12-11 11:29 PM

حبيبتي جمرة اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك شفاءا لا يغادر سقما باذن الله انت وجميع مرضي المسلمين وتسلم اناملك

ربي اسالك الجنة 04-12-11 06:45 AM

اولا حبيبتي الله يشفيكي انشاءالله ويشفي جمييييييييييييييييع مرضى المسلمين
(اميييييييييييين يارب)
وثانيا اود اشكرك على اختيارك الرائع للروايه والله يعطيكي الف عافيه حبيبتي وماتشوفين شر انشاءالله
طهوووووووور باذن الله ودمتي في حفظ الله

جمره لم تحترق 04-12-11 11:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنس إسلام (المشاركة 2941723)
حبيبتي جمرة اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك شفاءا لا يغادر سقما باذن الله انت وجميع مرضي المسلمين وتسلم اناملك

امين يارب
تسلمي على الدعوه الله يوفقك
طبعاً ما يحتاج اقول منوره لانك نور
خالص احترامــي لك
سلمتي
ودي وعبق وردي
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 04-12-11 11:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربي اسالك الجنة (المشاركة 2941931)
اولا حبيبتي الله يشفيكي انشاءالله ويشفي جمييييييييييييييييع مرضى المسلمين
(اميييييييييييين يارب)
وثانيا اود اشكرك على اختيارك الرائع للروايه والله يعطيكي الف عافيه حبيبتي وماتشوفين شر انشاءالله
طهوووووووور باذن الله ودمتي في حفظ الله

امين يارب
وعلى الشكر تسلمي لي غلاتي
ولوووو هذا ولا شيء لمجهودات الصبايا
تسلمي على ذوقك وطلتك الراقيه
يعطيك ألف عافية
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 04-12-11 11:13 PM

ربع ساعه وبتنزل الفصول
سوري على التأخير
بس النت كان ضعيف
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 04-12-11 11:26 PM

5- لن أنســـى
 
5- لن أنســـى
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
بعد عدة أيام , أوقفت جو ما كانت تقوم به , أي محاولة رسم أديل
هاستينغ , وراحت تفكر في محاولة الخطف الفاشلة تلك .
بعد أن عرض عليها غافن الزواج , أغمى عليه على الفور وهبطت
طوافة تابعة للشرطة في المـرج .
ما حصل هو أن والدة غافن , وحال وصولها إلى بريزبان تذكرت
فجأة قدوم جو الوشيك إلى كين كان . فحاولت الاتصال بالمزرعة ولكن
من دون جدوى . وعندما بلغ القلق منها مبلغاً , اتصلت بالشرطة .
توجهت دورية من (( مونامولا )) إلى كين كان لتجد أن اللافتة التي تدل
على المزرعة قد أزيلت , فطلبوا فرقة دعم .
نُقل غافن جواً إلى المستشفى واعتُقل الخاطفون الثلاثة , كما ضُبطت
في حافلتهم كمية من المخدرات . وأُطلق سراح مدير المزرعة من حيث
كان محتجزاً على بعد كيلومترات من المزرعة .
منتديات ليلاس


وفي اليوم التالي تبين أن سيارة الرانج روفر التي كان يقودها الخاطف
جو مسروقة , ما يفسر سؤال الخاطفين الآخرين عن نوع السيارة التي
يقودها .
كما تبين أن الرجل الذي استخدم السلاح هو شقيق أحد عمال كين
كان , وكان غافن قد طرده لعدم كفاءته وإدمانه على المخدرات , فكان
الثأر الحافز الكامن وراء كل هذا .
كانت جو قد رفضت عرض الشرطة بالقيام لفحص طبي . فأسوأ ما
تعرضت له كان بعض الرضوض التي سببها غافن نفسه عندما ألقاها
على الأرض في الكوخ . كما أن والدة غافن ألحت عليها بالبقاء في كين
كان بعد أن زارت ابنها في المستشفى .
أما روزي فقد بقيت في بريزبان مع شقيقة غافن , حفاظاً على
سلامتها النفسية .
ولم تستطع جو أن تسأل أديل هاستينغ لِمَ لم تخبر ابنها عن اللوحة , إلا
في اليوم التالي .
ارتسمت على أديل ملامح المكابرة , وقد بدت قصيرة القامة حمراء
الشعر وفي أواخر الخمسينات من العمر , وقالت لجو إنه كلما قللت من
استشارة غافن , كان ذلك أفضل .
طرقت جو بعينيها وعقدت حاجبيها : (( لــماذا ؟ )).
ـ عزيزتي , يكفيه ما لديه من سلطوية , لذا أفعل عادة ما يحلو لي ,
وعندما يصبح الوضع أمراً واقعاً , يضطر للتكيف معه .
ـ ولكن لِمَ يعارض رسم لوحة لك يا سيدة هاستينغ ؟
ـ قد لا يعارض ولكن المسألة مسألة مبدأ . وكما ترين , لدي أيضاً
مفكرة سرية يا جوان .
كانتا تتناولان القهوة في فنجانين مقدمين على صينية فاخرة مع أنهما
كانتا جالستين في المطبخ . وطبعاً لم تكن أديل لترضى بوسمة الفقر في أي
ظرف كان ولكن ماذا عساها تفعل فالشرطة كانت تشغل بقية أرجاء
المنزل ؟
ـ مفكرة سرية ؟
حدقت أديل هاستينغ بجو من فوق حافة فنجانها بعينين زرقاوين
تشبهان عينــي ابنها إلى حد بعيد , وقالت : (( أردت أن أعطـــي رسمي لابنتي
شارون بمناسبة عيد ميلادها الثلاثين . إنها خبيرة في الفن وقد أظهرت
اهتماماً بأعمالك.. ولكن في الواقع أريدك أن ترسمـــي غايفن وربما
روزي إذا كان وقتك يسمح لك . أكثر ما يهمني هو تعليق رسم غافن إلى
جانب رسم والده وجده و جد والده )).
وضعت جو فنجانها مكانه مستفهمة : (( وهل سيوافق ؟ )).
ـ أشك في ذلك . ذكرتُ الأمر مرة أمامه فقال لي : انسي الأمر .
عليك أن تقومي بذلك سراً , من دون جلسات وإلى ما هناك , وأظنك
ذكية بما يكفي عزيزتي .
ثم أضافت أديل بلهجة ودودة : (( لقد أوصتني بك صديقتي إليزابيت
مورغان . فقد أذهلتها اللوحات التي رسمتها لقططها نقلاً عن بعض
الصور! )).
أغمضت جو عينيها لحظة . كان ذلك العمل أشبه بكابس , مع أنه
كان مريحاً مادياً . فالسيدة مورغان المرموقة في مجتمع بريزبان , غيرت
رأيها ست مرات في ما يتعلق بالثياب والحلـــي التي تريد أن ترتديها في
جلسة الرسم . ثم قررت أن تخصص لوحة كل من القطط الأربع التي
تربيتــــها .
ـ ولكن واجبــــي الأخلاقـــي لا يسمح لي برسم أشخاص لا يرغبون في
ذلك , سيدة هاستينغ.
تشابكت العينان الزرقاوان بالعينين الرماديتين , وقالت أديل
متألمة : (( فهمت )) .
ومن دون علم جو , وجدت أديل نفسها تستعيد تعليمات ابنها
الواضحة في ما يتعلق بجو لوكاس . فعل الرغم من ألمه وشحوبه على
وسادة المستشفى , لم يتأخر عن إصدار سلسلة من التعليمات : المقابلات
الصحفية ممنوعة , والتصوير ممنوع كلياً في كين كان . أما روزي فيجب
إبقاءها في بريزبان بعيداً عن الأضواء إلى أن تنتهي المسألة , ولتبقَ جو
لوكاس في المزرعة حتى عودته !
عارضت أديل وقد بدت مرتبكة: (( كيف عساي أبقيها هناك إن لم
تكن ترغب في ذلك ؟ ما مرت به كان فظيعاً , لذا أفهمها إن
كانت … )).
ـ عزيزتي استعملي قدراتك المذهلة في الإقناع .
ارتسمت على ثغره نصف ابتسامة ثم أضاف عندما رأى الارتباك
يزداد على قسمات وجهها : (( على أن أعوض عليها , فقد ظننتُ في البداية
أنها فرد من العصابة . لا تدعيها ترحل أمي )).
سلخت أديل هاستينغ أفكارها على ابنها وعادت بها إلى المرأة الشابة
الجالسة قبالتها على المائدة , فتسارعت فجأة دقات قلبها . هناك
علاقة بينهما ؟ هل يُعقل أن يكون غافن قد وقع بالحب مجدداً بعد أن
قطعت الأمل في ذلك ؟ أي نوع من النساء هي ؟
هي جميلة , ممشوقة القوام , ناعمة البشرة . ولكنها … ليست من
النوع الذي يُعجب غافن . لماذا ؟

جمره لم تحترق 04-12-11 11:27 PM

هل هي باهتة مقارنة بحيوية ساشا , والدة روزي , وعينيها المضيئتين
وأناقتها الرائعة ؟ ربما , لكن هذا لا يهم …
ابتسمت أديل بكل السحر الذي استطاعته: (( انسي أنني ذكرتُ الأمر
يا جوان , ولكن هلا بقيتِ معنا قليلاً ورسمتني أنا و روزي ؟ ما أعرفه هو
أنه سيحب كثيراً الحصول على لوحة لها . كما أنني أحب أن تكونـــي
ضيفتــي ! )).
ترددت جو : (( حسناً … )).
فسارعت أديل تقول : (( هناك أمر آخر , أنا بصراحة أشعر بالذنب
لإقحامك في كل هذا ولكن يبدو أننــي كنت مؤخراً مشتتة الذهن )).
شعرت جو بالتعاطف مع والدة غافن, فقالت: (( الحمد الله أنك
و روزي لم تكونا هنا في ذلك الوقت ! )) .
ـ أرجوك جو ... هل لي أن أناديك بهذا الاسم ؟ أريد أن أخبرك
سراً يا صديقتي العزيزة : إليزابيت مورغان عجوز متعجرفة . لقد أدارت
رأسها اللوحة التي رسمتها لها ومنذ ذلك الحين وهي تتباهى علينا جميعاً .
وأنا بصراحة لا أحتمل أن تتفوق علي هكــذا !
ـ عليكم ؟ من تقصدين ؟
ـ أعضاء الجمعيات الخيرية . لطالما كانت متعجرفة ولكنها الآن لا
تُحتمـــــل .
ضحكت جو : ( الحمد الله أنني لم أفكر في ذلك آنذاك وإلا لجعلتها
تبدو مريعة ! )).
ـ إذاً هل ستبقين ؟
ـ أجـــل .
ـ رائع ! والآن أخبريني ما تحتاجينه لأؤمن لك غرفة مريحة .
* * *
فكرت جو في أنه يومها الثالث في المنزل وجلست أمام الطاولة في
غرفة نومها .
منتديات ليلاس


خلافاً للغرفة التي احُتجزت فيها , هي و غافن , كانت هذه الغرفة
حديثة واسعة وبسيطة . ولهذا السبب بالذات اختارتها من بين غرف
أخرى عُرضت عليها . كانت مريحة , مترفة وروحية بما يكفي لتستوعب
الطاولة الكبيرة التي تستعملها للرسم .
لقد لزمها ثلاثة أيام لتدرك أن قضية الخطف تلك أرهقتها أكثر مما
توقعت . ثلاثة أيام ووالدة غافن تدللها وتبعدها عن أنظار الصحفيين .
ثلاثة أيام لم تستطع أن ترسم خلالها خطاً واحداً .
ثلاثة أيام وهي تفكر كيف أن قلبها خفق عندما عرض غافن عليها
الزواج .
ولم يخفق قلبها فحسب إنما ما من شيء استطاع تبديد هذه الفكرة من
ذهنها , وعلى الرغم من المرات الكثيرة التي أقنعت فيها نفسها بأن هذه
مزحــة , ليس إلا .
وتبدل إحساسها بلحظة واحدة من الكراهية إلى الاعتراف بأنها فعلاً
وقعت في حبه . لِمَ حــصل ذلك ؟ وكيف حصل ذلك ؟
حتماً , لا يتعلق الأمـر بأنه رمى نفسه أمام السلاح المصوب ضدها !
ولكنها لم تستطع نبذ هذه الفكرة من ذهنها أيضاً .
لم تعد تفكر فيه من دون أن تشعر بالحب يملأ قلبها والارتعاش يسري
في جســـــدها .
كان هذا من ناحيتها هي . أما من ناحية هو , فهناك أمور كثيرة يجب
التوقف عندما . هل قال ذلك فقط في لحظة ارتياح بعد أن تبدد التوتر ؟
أقنعت نفسها بذلك للمرة الألف , وحدثت نفسها قائلة : قبل ذلك
بساعات قليلة , أعطاك مئة سبب و سبب لعدم رغبته في الزواج مجدداً .
ولا داعي لتقنعي نفسك بأنه إذا كانت الأمور تغيرت معك بسرعة
البرق , فالأمر نفسه قد حدث معه بالضرورة .
ثم سألت بصوت مرتفع : (( إذاً لِمَ أنا هنا ؟ من المفترض أن يصل اليوم
من لحظة وأخرى وعلي عندئذٍ أن أكون قد أزلت غبار كين كان عن
حذائــي . ثم أنا لا أستطيع أن أرسم شيئاً لأن كل ما أرغب فيه هو ...
هو ! )) .
تجمدت مكانها لدقيقة قليلة . كان المنزل ساكناً , وهي وحدها فيه ,
إلى جانب مدبرة المنزل السيدة هاربر التي تعمل بهدوء كعادتها , كما
اكتشفت . فأديل ذهبت إلى بريزبان لتحضر روزي , وسيكون عليها
المرور لاصطحاب غافن من مستشفى (( شارلفيل )).
نهضت من مكانها وأخذت تتجول في أنحاء الغرف . كان غافن
هاستينغ محقاً . فوالدته , على الأرجح وليس زوجته , من أضفى على كين
كان ذوقاً رفيعاً للغاية وترفاً واضحاً .
من الواضح أن المزرعة القديمة قد خضعت للترميم والتوسيع . فعلى
الرغم من وجود بعض التحف القديمة الرائعة , تظهر بعض اللمسات
الحديثة أيضاً .
فقاعة الاستقبال شاسعة مؤثثة بالأرائك المخملية البيضاء
والسجاد العجمي وتزين جدرانها لوحات مهيبة , عرفت جو أنها تعود
لرسام أسترالي معروف .
كانت غرفة الطعام من جهتها , غاية في البساطة , تتوسطها مائدة
زجاجية مستديرة تحيط بها مجموعة من الكراسي الخيزرانية , ويعلوها
شمعدان رائع .
ولكن الغرفة التي أعجبتها كثيراً كانت تلك التي تطلق علها أديل
اسم الغرفة الخضراء , وهي عبارة عن شرفة طويلة تم إغلاقها بنوافذ
زجاجية وتعج بالشتول والأحواض بالإضافة إلى بعض الطاولات
المنخفضة المحملة بالكتب والمجلات . وكانت السجادات المكسيكية تغطي
الأرضية الخشبية لتلك الغرفة الرائعة .
وحدثت جو نفسها بأن التحديق بهذا المنظر الجميل يبرر نسيانها لما
حصل معها منذ أيام قليلة وسط الريف المقفر , كما لو إن تلك التجربة
البغيضة لم تحصل معها يوماً .

جمره لم تحترق 04-12-11 11:28 PM

5- لن أنســى
 

ولكن من الناحية الأخرى من المنزل , تكثر الدلائل التي تشير إلى أن
هذه مزرعة لتربية الماشية . فمرآب الآلات وحده يغطي جزءاً كبيراً من
المشهد الإجمالي . وقد أخذ (( كايز )) مدير العمال . جو في جولة في أرجاء
المزرعة وعرفها على مختف أنحائها , فأحست بشـــيء من الشاعرية
والرومانسية رغم خشونة الآلات والأشياء التي رأتها . وقد أراها كايز
أيضاً الكلاب الحارسة .
وتخيلت جو ما سيكون الأمر عليه لو أنها سيدة هذه الإمبراطورية
كلها . إلا أن هذه الفكرة التي خطرت لها على حين غره هزت كيانها ,
فاعتبرت نفسها مجنونة حتمـــاً .
بعد أيام قليلة , كانت جو واقفة في ممر القناطر المؤدي إلى الغرفة
الخضراء , عندما سمعت هدير طائرة فوق المزرعة , فتصلبت أعصابها إذ
كان من المفترض أن يصل آل هاستينغ قريباً .
لم يكن اللقاء بـ غافن هاستينغ مريراً كما توقعت , فوالدته سهلت
الأمر علها بمهاراتها الاجتماعية , وتبين أن ابنته روزي فتاة رائعة تتمتع
بشعر والدها الداكن وبعيني شخص آخر .
إذاً , لم يلاحظوا على الأرجح اصطباغ وجنتيها أو ما قد سببه خفقان
قلبها من علامات خارجية , وهذا ما هدأ من روعها في النهاية .
قالت أديل إنها ستقيم حفلة عشاء ولكنها ستكون مبكرة قليلاً لكي
يتسنى لــ روزي حضورها , فانصرف كل إلى غرفته للاستعداد للأمسية .
مرت جو بغرفة الطعام وهي متوجهة إلى غرفتها , فرأت الطاولة مزينة
بالأواني الفضية والكريستال , وفي غرفتها استحمت وارتدت أجمل ما
حمل معها من ملابــــــــــس .
كانت ثيابها عبارة عن كنزة ضيقة عند الصدر تُربط عند الخصر
وتنورة متوسطة الطول وانتعلت حذاء فضياً أنيقاً . في البداية رفعت
شعرها ثم غيرت رأيها وأسدلته لكـــي ترفعه مجدداً بحيرة واضحة .
بعد أن استرخت وهدأت أعصابها , أصبح بإمكانها مقابلة غافن
هاستينغ مجدداً , ولكن شيئاً ما كان يربكها في الداخل ...
ناولها غافن كوباً من العصير والمرح بادٍ في عينيه : (( ها نحن بمفردنا
أخيراً )) .
نظرت إليه وأخذت الكوب منه . لم يكن الوقت متأخراً ولكن روزي
تململت كثيراً فأخذتها أديل إلى غرفتها لتنام وانسحبت هي إلى ما تسميه
(( جناحها )) .
بدا الصمت ثقيلاً طويلاً , فحاولت جو خرقه بسؤالها : (( هل تشعر
بتحسن الآن ؟ )) .
كانا في الغرفة الخضراء وفي الخارج كان حوض السباحة مضاءً
والأشجار المحيطة تلقي بظلالها الرائعة على المياه .
أجاباها : (( نوعاً ما . وأنت ؟ ما كنت تفعلين ؟ )) .
ـ أحاول الرسم ولكن من دون جدوى . أظن أنه كان يجدر بـي
العودة إلى بريزبان , أقله لاستراحة قصيرة , ولكن والدتك كانت مصرة
على إبقائـــي هنا .
كان غافن هاستينغ يذرع المكان ذهاباً وإياباً , ثم توقف ليحدق
بالحوض في الخارج : (( أنا طلبت من أمي إبقاؤك )).
ضاقت عيناها وهي تنظر إليه . لم يعد شـــيء الآن يستطيع التخفيف
من تأثيره عليها .
كان يرتدي بنطلوناً كاكي اللون وحذاء بنياً ملمعاً وقميصاً أبيض
مكوياً جيداً , فلم يتبق فيه أثر لقاطع الطرق ذاك الذي اختطفها , ما خلا
عينيه المتورمة قليلاً . كما أنه بدا مسترخياً على الرغم من لمسة الشحوب
على وجهه , بعد أن خضع لعملية لنزع الرصاصة من ذراعه .
بينما كانت تحاول استيعاب ما قاله , زال عبوسها ليحل مكانه
ابتسامة خفيفة : (( ماذا ؟ )) .
كان واقفاً أمامها مباشرة والاستفســار في عينيه .
هزت كتفيها قائلة : (( أظن أن الإصابة لم تقضِ على عادتك في إصدار
الأوامر)).
ـ لم يكن لديك سبب لعدم البقاء هنا . أم أنا مخطئ ؟
ـ وكيف عساك تعلم ؟
سحب كرسياً وجلس قبالتها : (( ظننت أنك كنت تنوين البقاء في كين
كان لأسبوعين على الأقل )).
ـ ربما . ولكن ما حصل كان مريعاً ... هذا ...
ثم نظرت إليه مستغربة : (( ألم تجده مريعاً أنت أيضاً ؟ )).
ـ جو ....
توقف عن الكلام وتشابكت نظراتهما : (( كنت أعني ما أقول . هل
تقبلين الزواج بــي ؟ )) .
تجمدت مكانها ثم وضعت كوبها على المائدة : (( غافن , لا يُعقل أن
تكون قد عنيت ذلك فعلاً . نحن بالكاد نعرف بعضنا ولدينا أسباب كافية
لكـي ... )) .
ـ نحن نعرف بعضنا أكثر من أي شخص آخر . ما مررنا به كان
كافياً . ألا تعتقدين ؟
وبحثت عيناه عن عينيها حتى أشاحت بنظرها . ثم أضاف برقة : (( كما
أننا نريد بعضنا . أتريدين أن أقول لك كيف أريدك ؟ )).
سارعت جو تقول : (( كلا )) . وابتلعت ريقها .
ابتسم قائلاً : (( لا يمكنك ردعــــــي )) .
ـ يمكننـي أن .. أن أنهض و أذهب .
ليس بعيداً جداً , هذا إذا سمحت لك بالذهاب إلى أي مكان .
ظهر التصلب في عينيها الرماديتين : (( غافن ... لقد استعملت هذا
الأسلوب معي من قبل ولكن دعني أذكرك بأنك لا تحمل الآن أي سلاح
لترغمني )) .
ـ ودعيني أذكرك بأنه سلاح من دون رصاصات .
ـ ما كنتُ أعلم بذلك .
ـ لا , وأنا ما كنت لأردعك لو حاولت امتحان نواياي .
شبكت ذراعيها : (( إذاً )) .
ـ إذاً لا أرى لما لا يمكننا التحاور بهذا الموضوع كراشديـــــن .
كانت نظراتها ثاقبة متشككة والكلمات التي تلفظ بها بعد ذلك أكدت
شكوكها ... وهذه حالة لم تتوقع أن تجده فيها ...
ـ لم تكن أمــي تحمل مسدساً .
دوت كلمته في صمت مطبق ... لماذا لا تزال في كين كان إن لم تكن
ترغب في ذلك ؟
عضت جو شــفتها .

جمره لم تحترق 04-12-11 11:30 PM

5- لن أنســى
 
كان في عينيه الزرقاوين شــيء من الاستفسار الساخر: (( أفهمتِ ماذا
أعنـــي ؟ )) .
ـ مثلما تظن أمك أنك تعانــي من عقدة السلطوية , فهي في المقابل
بارعة في الإقناع .
ـ إذا لم يكن لذلك أي علاقة بــي ؟
أدارت وجهها وراحت تحدق بالحديقة في الخارج : (( اسمع ... كلانا
يعرف أن الزواج ليس مكتوباً لنا , ولم يتغير شـيء , لذا ... )) .
ـ جو ... الأمور تتغير . وأحياناً عندما لا تتوقعينها . صحيح أنني
ظننت أن ذكرى ساشا ستمنعني من الزواج مجدداً ولكن هذا الأمر
مختــلف .
سألته بصعوبة : (( كيف يعقل هذا ؟ كيف تضعني بمواجهة ذكراها ؟ )).
أرادت أن تتوقف عند هذا الحد ولكن أمراً قالته أديل دفعاها لتسأله :
ـ بمن تذكرك روزي كثيراً .
ـ بوالدتها , وسوف تظل تذكرني بها مع أن هذا لا يعني أننا , أنا
وأنت , لا يمكننا ابتكار عالمنا الخاص . ولكن لنتكلم عنك الآن .
سكت قليلاً ولكن نظرته إليها كانت ثاقبة فاضطرت للاختباء منها
من خلال ارتشاف العصير .
وبينما كان يراقبها , لم يصدق غافن هاستينغ كيف أمكنه أن يجدها
عديمة الأنوثة , ولو للحظـــة .
كان مظهرها الليلة رائعاً بثيابها الأنيقة تلك التي تبرز لون بشرتها
الفاتح وعينيها الرماديتين . وكالعادة كان شعرها الذهبي خلاباً مع أنه
كان يفضل لو أبقته منسدلاً على كتفيــها .
أما ساقاها الطويلتان فبدتا رائعتين بتلك التنورة الضيقة التي تبرز
جمال وركيها .
سألها أخيراً : (( أتعرفين بما كنت أفكـــر فيه في المستشفى ؟ )) .
هزت رأســها نفياً .
منتديات ليلاس


ـ فكرتُ أنني إذا عدتُ إلى المنزل ولم أجد جو لوكاس , فسأعتبر أن
هذه طريقتها لتقول لي إنها لا تبالي بي البتة . ولكن إذا وجدتها هناك
فلأنها على الأقل تشعر بالفضول بسبب ما قلته لهــا .
حدقت جو به بشفتين مفتوحتين .
ثم تابع قائلاً : (( وربما لأنها لم تستطع أن تنسى ما تشاركناه من قُرب
فكري وجسدي خلال تلك الساعات المريعة , ومن ثقة متبادلة عندما كنا
مكبلين الواحد بالآخر . صدقيني ما من شـــيء أفظع من أن تجدي نفسك
مكبلة برجل تكرهينه ولا تثقين به )) .
ـ ولكنك ... أنت لست من هؤلاء الأشرار .
ـ ربمــا .
وإذ أرادت أن تُظهر له امتنانها , أضافت : (( كما أنك خاطرت
بحياتك من أجـــلي )).
ابتسم وهز رأسه , فاتسعت عيناها استغراباً : (( ألم تفعل ذلك ؟ )).
ـ كان ذلك مجرد خطأ في تقييم الخطر. لم أكن أنوي أن أتعرض أو
أعرضك للـخطر . لا بد أن ردة فعلـي خانتني قليلاً . و صدقيني , إن علم
تقييم الأخطار فيه الكثير من الـــمخاطرة .
أطلقت جو تنهيدة بطيئة : (( سواء أكان الأمر تقييم خطر أم لا , فهو
عمل شجاع للغاية وأنا ممتنة جداً )) .
ـ جيد . إذاً ما رأيك لو تطبقي الأمر على ما يمكنني أن أفعله لو
تزوجت بــــي ؟
وقفت فجأة ورمقته بنظرة سريعة لاذعة , فهمس قائلاً : (( هل يعنـــي
هذا : لا تراهن على ذلك كثيراً يا غافن هاستينغ ؟ )) .
كانت نظراتها هذه المرة أكثر حدة وكأنها تقول له : بالضبط .
ضحك من قلبه : (( هذه هي (( جوزي )) التي تعجبني ! على أي
حال ... فكري بالموضوع )) .
جعلتها المفاجأة تطرف بعينيها ثم قالت بحذر : (( أتعني أنني حرة في
الوقت الحاضر ؟ )) .
دس يديه في جيبي بنطلونه : (( طبعاً . لا أريد أن يُقال بأنني ضغطتُ
عليك . وبالمناسبة , إذا كنتِ قلقة على مسيرتك المهنية كفنانة , أظن أن
هذا الوضع يناسبك تماماً كزوجة )).
فتحت جو فمها وأغلقته عدة مرات كسمكة خراج الماء . فاقترب
منها ليقف بجانبها قائلاً : (( ظننتُ أن الأمر يستحق عناء التفكير )).
وعرفت قبل أن يقوم بأي حركة , بما ينوي الإقدام عليه , ولكن
ردود فعلها خانتها , فلم تستطع أن تحرك عضلة واحدة عندما أخذها بين
ذراعيه .
همس بصوت شبه مسموع : (( هل لديك فكرة كم أنت مغرية , يا آنسة
لوكــاس ؟ )) .
عبست وسألت بحيرة : (( لماذا ؟ )).
ـ لماذا ؟ لأنك مغرية وحسب . ألم يقل لك أحد ذلك من قبل ؟
هزت رأسها : (( أنا ... أنا لا أحب أن يعانقني أحد )) .
ـ ربما لأنك لم تلتقِ بعد بالرجل المناسب . هل عرفتِ في حياتك لذة
الحب ؟
فتحت جو فمها لتقول إن الأمر لا يعنيه ثم بدلت رأيها واكتفت بـ
(( لماذا ؟ )) أخرى .
عبس قليلاً : (( أنت تشوشينني . من أنت حقاً ؛ تارة جو لوكاس
الهادئة الباردة المتماسكة أمام أي رجل , وتارة تلك الفتاة التي نامت بين
ذراعــي ولم تشأ أن تتركها ؟ ... )) .
ـ إذاً هذا ما جعلك تعتد بنفـــــــــسك !
وافقها من دون إظهار شيء من الندم : (( أرأيت كم أنا نذل ؟ ولكن
هناك ... لست أدري ... هناك شــيء يجعلني أتساءل )) .
ـ تتساءل إن كنت شاذة مثلاً ؟ يفاجئنـي في هذه الحالة أن ترغب في
الزواج بـــي .
ـ إطلاقــاً .
أمسكت جو أنفاسها لأن ذلك كان منتهى التعجرف , وإذ كانت على
وشك أن تقول له ذلك , أخذ يضحك .

جمره لم تحترق 04-12-11 11:32 PM

5- لن أنســى
 
ـ ظننتني جاداً يا جو ؟
غزا الاحمرار وجنتيها فاستغل ارتباكها وقال هامساً : (( لن أؤذيك ,
دعـــي الأمر لــي )) .
وكيف يؤذيها بكل تلك الرقة ؟ !
ضمها إليه فكان عليها أن تقاوم موجة لذيذة اجتاحتها عندما
أحست بجسمه الصلب الدافــئ .
ـ هل يعجبك هذا ؟
لم تجب في الواقع , لم تجد الكلمات لتقول له إن هذه الخطوة
تعجبها إلا أنها وجدت نفسها متشبثة بذراعه , فرفع رأسه فجأة وأنّ من
الألـم .
وضعت يدها على فمها : (( آه . أنا آسفة .. نسيت جرحك ! )) .
ـ لا بأس .
ـ ولكنني أشعر بالسوء .
أمسك بكلتا يديها : (( جو ... اهدأي واسترخــي قليلاً )).
لقد استرخت فعلاً لأنها كانت لا تزال قلقة على إصابته ولم تشأ أن
تؤذيه مجدداً . ولكنها تساءلت إن كان ذلك فعلاً السبب الذي دفعها
للاستسلام .
أياً يكن السبب , فقد تبدد قلقها . ثم سمحت لأحاسيسها بالتجاوب
معه .
قال لها : (( هل تعلمين أنك بدوت جذابة جداً الليلة ولكن قاسية ؟
تعجبينني هكذا )).
ـ كيف ؟
ـ مضطربة ولعوب .
ـ لست كذلـك .
تحركت يداه إلى شعرها وأسدله : (( حقاً ؟ )).
ـ أنت من أخذ المبادرة ولستً أنا .
ابتسم بكسل : (( كنت أفكر في القيام بذلك منذ أيام , حتى عندما
كانت الشكوك تساورني حولك , كنتُ عاجزاً عن إبعاد أفكاري عن
جسدك وجمالك )).
ـ عرفت أن أفكارك ونواياك جامحة حول النساء وبالتحديد حولــي
أنا .
ضحك برقة : (( آمل أن يكون هذا شكلاً مناسباً للانتقام )) .
رفعت ذراعيها ومررت أصابعها بشعره : (( الانتقام ؟ )).
ـ أنا تحت رحمتك الآن يا آنسه لوكـــــاس .
فتحت فمها لتقول له إن الأمر معاكس ولكنه سبقها قائلاً : (( أو ربما
الأمر متبادل )) .
كان عناقه نهماً فبادلته الشغف نفسه . وللمرة الأولى في حياتها , تقبل
بأن يعانقها أحد بهذا الشكـــل .
شعرت بالدوار من ثورة تلك الأحاسيس التي كادت تفقدها
توازنهــا .
هذا الرجل الذي أهانها بكل السبل المتاحة في البداية ومن ثم أنقذ
حياتها , سواء أكان ذلك في نيته أم لا , فقد أطلق العنان لأنوثتها الدفينة .
افترقا أخيراً ولكنه وضع يديه على الجدار محتجزاً إياها وأخذ يحدق بها
متأملاً . كان شعرها الذهبي مسدولاً على كتفها وغرتها على عينيها .
فسوت ثيابها ونفخت على غرتها لتنحيها عن وجهها .
ولسبب ما , ابتسم كلاهما للحركة التي قامت بها , وقرر أن يكمل
الأمر بنفسه . فأخذ يسرح لها غرتها بأصابعه , ثم عاد فنظر إلى عينيها
مجدداً .
أدرك أنه سيحتاج للكثير من قوة الإرادة لتهدئة النار المشتعلة
بينهما . سوف يحتاج إلى جهد خارق ليبعد يديه عنها ويمنع نفسه ....
طرفت جو بعينيها عدة مرات وهي تحدق بكم قميصه . فتبع نظراتها
ورأى بقعة دم . عندئذٍ استفاقت جو لوكاس من ذهولها وبدا القلق على
وجهها : (( آه لا ! أنظر ماذا فعلت ! لِمَ لم تقل لي ؟ لا بد أنني مجنونة ! )) .
ـ صدقيني لم أشعر بشـيء على الإطلاق وأنت لست مجنونة .
ـ لا تجادل في أمور تافهة . دعني ألقي نظرة .
بدأت تفك أزرار قميصه بسرعة , فقال متشدقاً : (( أظن أن الوقت
ليس مناسباً للجدل معك الآن )) .
ـ صحيح .
ونزعت عنه قميصه .
ـ هل تمانعين أن أطلق الشتائم ؟
ـ خذ راحتك , فقد سبق وسمعت شتائمك من قبل .
ونظر إلى الضمادة التي تلف ذراعه : (( تحتاج فقط للغير على ما
أظــــن )) .
ـ سوف نرى . تعال معــي .
تبعها إلى حمام غرفتها حيث تناولت علبة الإسعافات الأولية من
الدُرج , ثم أخذت تنزع الضمادة بمهارة وتنظف الجرح قبل أن تضمده
مجدداً .
ـ لقد انتهينا ولـكن عليك مراجعة الطبيب في حال استمر النزف .
ارتدى قميصه والعبوس بادٍ عليه : (( هل أنت ممرضة أيضاً ؟ )) .
ـ لا , ولكنني تابعت دروساً في الإسعافات الأولية .
ـ ويبدو أنها كانت مجدية , نظراً للطريقة التي تعاملتِ بها .
وأخذ يزرر قميصه بصعوبة , متابعاً حديثه :
ـ لِمَ ينتابني إحساس بأنك تجيدين القيام بكل شيء , يا جو لوكاس ؟
رفعت حاجبيها : (( ليس لديك فكرة )) .
وإذ لاحظت أنه زرر قميصه بشكل غير مستقيم , دنت منه وأخذت
تزررها من جديد .
وضع يده على معصميها وأوقف أصابعها المنشغلة , هامساً : (( هل
فهمتِ مــاذا أعني ؟ )) .
أخفضت أهدابها بحيرة واضحة , فأضاف : (( إنه سبب آخر يدفعني
للزواج بك )) .
كانت جدران الحمام مبلطة بالرخام الزيتي والتبني اللون وتعلو
المغسلة مرآة كبيرة . أشاحت جو بنظرها بعيداً عن غافن هاستينغ , لتجد
نفسها بمواجهة المرآة , فتملكتها الصدمة .
كان شعرها مشعثاً ووجهها شاحباً وعيناها مختلفتين , مع أنها لم
تتصور السبب .
قال لها : (( مازال العرض قائماً , وإن كنت تحاولين تغيير الموضوع )) .
حدقت به في المرآة وفكرت في التذرع بسبب وجيه للاعتراض على
هذا الزواج . ولكن هل لديها فعلاً سبب وجيه ؟
ـ كل هذا حصل ... حصل بسرعة !
ـ هذا بسبب الطريقة التي القينا بها . الدراما التي عشناها سرعت
الأمور . كنا نتشاطر فرشاة الأسنان نفسها بعد ساعات قليلة على
تعارفنا , وكُنا قد نمنا معاً قبل ذلك .
هزت رأسها : (( لا , لم نفعل )).
وافقها الرأي : (( لا , هذا صحيح . لكنك نمت بين ذراعـــي بعد
ساعتين فقط على تعارفنا )) .
أبعدت جو نظرها عن الشرر المنبعث من عينيه : (( لن تنسى لي هذا
أبداً , أليس كذلك ؟ )) .
ـ لا .
استدارت جو لتواجهه : (( لا يمكنك أن تطلب مني الزواج هكذا ,
من دون أي تفسير . ليس بعد ما قلته )) .
ـ جو ... أنا آسف إن كنت أستعجل الأمور . كل ما في الأمر أنني
فكرت فجأة بأنني أحتاج إلى زوجة لأن روزي تحتاج إلى أم , وأمي تحتاج
للراحة . ولكن قبل كل ذلك , كنتُ مقتنعاً بأن الشخص الذي أحتاجه
هو أنت .
ـ لماذا ؟
هز كتفيه : (( ربما بسبب الرابط الذي أوجدته مسألة الخطف تلك .
أنتِ فكرتِ بأنني أنقذت حياتك ولكنك نسيت أنك استعملت محبرة
الرخـــام لتنقذي حياتي . نحن نهتم لأمر بعضنا جو )).
ـ هل هذا منافٍ للغرام ؟
ـ أحياناً يكون الاهتمام المتبادل خير أساس يبني عليه الأزواج
حياتهـــــــــم .
أخفضت عينيها بعد ما بدا لها أشبه بسنوات ضوئية وقالت بهدوء
بالغ : (( سأفكر في الموضوع )) .
حدق بها وبدا وكأنه على وشك أن يقول شيئاً ولكنه غير رأيه في
النهاية , واكتفى بتقبيل شعرها قبل أن يستدير ويرحــل .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الـفصل (( الخامــس )) ...

جمره لم تحترق 04-12-11 11:35 PM

6- ذكريــــــــات وألم
 
6- ذكريــــــــات وألم
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
آثرت جو عدم الخلود إلى النوم مباشرة . فارتدت سترة سميكة
وخرجت إلى شرفة غرفتها ومن ثم نزلت الدرجات الخشبية المؤدية إلى
الحديقة . لم تكن هذه الجهة هي جهة حوض السباحة , ولكنها كانت
مشذبة بعناية فائقة .
جلست على أحد المقاعد , ضامة ساقيها إلى صدرها . فعلى الرغم من
أن الطقس بدأ يزداد دفئاً مع قدوم الربيع إلى كين كان , إلا أن هواء
الليل كان بارداً ولم يكن في السماء غيم يحبس دفء النهار أو يخفي
النجوم , وكان هناك الآلاف منهـــا .
ونظـراً لعدم وجود أنوار اصطناعية , كانت هذه المنطقة من كوينزلاند
مشهورة بجمال منظر السماء فيها ليلاً .
حدقت بالسماء لحظة متأملة بجمالها , متأثرة بجمال ما خَبرته الليلة
من أحاسيس لونت حياتها بأسرها .
صحيح أنها لطالما كرهت أن يعانقها أحد متسلحة بأسباب وجيهة .
فبين سن الثانية عشرة والثامنة عشرة عاشت مع ثلاث عائلات . اثنان
منها كانتا محبتين داعمتين وجعلتاها تشعر أنها فرد من العائلـة , أما
الثالثة فكـــانت كابوساً .
منتديات ليلاس


كانت في الخامسة عشرة عندما بدأ الزوج ينظر إليها بطريقة منحرفة .
في البداية كان يثن على جمال قدها ثم بدأ يلمسها . ظنت في بادئ الأمر
أنه لم يكن يقصد ذلك , ولكنه ذات يوم حشرها وعانقها عنوة محذراً
إياها بأنها لو أخبرت أحداً فـلن يصدقهــــــا .
حزمت حقائبها وهربت إلى مخفر الشرطة المحلي , من هناك أُحيلت إلى
قـسم العائلة والخدمات الاجتماعية .
في البداية . لم يصدقها أحد , حتى أن بعض الأصدقاء افترض أنها
هي من (( أغوته )) , ولكن سجلها كفتاة (( عاقلة )) أنقذها وفُتح تحقيق في
القضية , فتبين أن فتاتين أخريين عاشتا مع العائلة نفسها وحدث معهما
الأمر نفسه , ولكنهما كانتا خائفتين آنذاك من التقدم بشكوى .

جمره لم تحترق 04-12-11 11:37 PM

6- ذكريــــــــات وألم
 
بعد ما حصل في تلك العائلة , رفضت جو رفضاً قاطعاً العيش في
منزل مع رجل في الأرجاء , فانتهى بها الأمر مع أرملة متوسطة العمر
تعمل في الخدمات الاجتماعية , وابنتها التي أصبحت أعز صديقة لجو .
كان الجميع مقتنعاً بأنها سوف تنسى الموضوع البغيض وتضعه خلفها
لأنها عاقلة , قوية ومستقلة .
منتديات ليلاس


ولكنهم خطاً ظنوا , فقد غفلوا عن أنها حساسة أيضاً . ولن تنسى ما
حدث معها بسهولة . حتى أن تلك الذكريات المريرة وقفت بينها وبين
عدة رجال كان من الممكن أن تغرم بهم .
وربما عدم تصديق الآخرين لها في البداية هو أكثر ما ألحق بها الأذى
ولذلك باتت متعلقة باستقلاليتها , لن تعتمد على أحد من جديد .
إلا أن غافن هاستينغ قَلَبَ كل المقاييس وبدل كل المعايير .
ألأنهما عاشا الخطر نفســه ؟ أم لأنه رمى بنفسه في وجه سلاح مصوب
نحوها , شاء ذلك أو أبى ؟ أو ربما لأنها أسرا لبعضهما ببعض من
جوانب حياتهمـــا ؟
أياً يكن السبب , وحتى لو أن قلبها خفق عندما اقترح عليها
الزواج , فلا شـــيء هيأها فعلاً لدفق المشاعر التي جعلها تشعر بها الليلة .
أغمضت عينيها وفكرت في أنها وقعت في الحب , وهي سعيدة بهذه
الحالة ولكن ... كيف عساها تتكيف مع واقع أنه لن يعرف مجدداً ذلك
الحب المجنون العميق الذي عرفته هي ؟ وكيف يمكن لاستقلاليتها العاقلة
القوية العنيدة والحساسة أن تتكيف مع هذا الوضع الجديد ؟
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( الســادس ))...

جمره لم تحترق 04-12-11 11:50 PM

7- زوجــة مناسبة
 
7- زوجــة مناسبة
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
استيقظت جو صباح اليوم التالي , لتجد روزي جالسة على طرف
سريرها .
منتديات ليلاس


جاهدت لتنهض وحدقت بالساعة الموضوعة بجوار السرير . كانت
السادسة والنصف وضوء النهار بدأ يتسرب لتوه عبر النوافذ .
ـ صباح الخير .
أجابت روزي مشرقة : (( مرحباً . نحن نستيقظ دائماً عند طلوع
الفجر . ظننت أنني أخبرتك بذلك )) .
ـ لاحظتُ ذلك .
ـ تقول جدتي إنك سترسمينني . أنا متحمسة جداً لأنني أحب أن
يرسمني أحد . هل نبدأ الآن ؟
ـ الآن ؟ آه ...
ـ ما رأيك لو أحضر لك فنجاناً من الشاي ؟
ـ شكراً . سيكون هذا لطفاً منك .
خرجت روزي فاستحمت جو بسرعة . وكانت قد ارتدت ثيابها قبل
أن تعود روزي بصينية محملة بكوب شاي وفنجان حليب وقطعتين من
الخبز المحمــص .
قالت روزي: (( قطعة لي وقطعة لك . وكوب الحليب لي . لقد حضرته
السيدة هاربر وهي تتذمر لأنني أستيقظ باكراً . ولكن بما أنني
استيقظت , فلن يضرها أن تحضر كوب شاي لك . قلت لها إن الوحي لا
ينتظر أحداً )) .
نظرت جو إلى ابنة غافن هاستينغ بذهول . فـ روزي هاستينغ على ما
يبدو فتاة ذكية وأكبر من سنها .
من الواضح أنها اعتادت على رفقة الراشدين وهي تلفظ الكلمات
بوضوح تام .
كانت الصغيرة ترتدي فستاناً زهرياً طويل الكمين له حزام أبيض
وقد ربطت شعرها الداكن الطويل على شكل ضفيرتين .
ولكن مظهرها كان يشوبه شــيء من عدم الترتيب , فبعض أزرارها
كانت مفكوكة وحزامها كان مفتولاً وشعرها غير مربوط جيداً ... بدت
كأنها فتاة صغيرة من عصر قديم .
قالت جو : (( شكراً لك . لم أتناول هذا النوع من الخبز المحمص منذ
وقت )).
فابتسمت روزي : (( كيف تريدينني أن أجلس ؟ )).
فكرت جو لحظة وهي ترتشف الشاي ثم قالت : (( بما أنك تحبين
الرسم , ما رأيك لو ترسمين بنفسك ؟ سأعطيك بعضاً من أوراقي ويمكنك
استخدام أقلامـي )) .
وأشارت إلى علبة صغيرة على الطاولة .
أجابت روزي بحماسة : (( يا لها من فكرة رائعة ! ماذا سأرسم ؟
أعرف , لقد وضعت كلبة أبي المفضلة جراءً . لنرَ إن كنت أذكر شكلها )).
رسمتا حوالي نصف ساعة وكانت روزي تتكلم طيلة الوقت .
وإذا كانت روزي نور حياة والدها , فهو بالنسبة لابنته بطلها
المحبوب . وكان للجدة حضورها في حديث روزي ولكن أكثر من كانت
تتحدث عنه غافن . وقالت روزي أيضاً إنها تحب الحياة في المزرعة
وتتشوق لدخول المدرسة , لكنها تنهدت عند قولها ذلك وأسندت ذقنها
على يدها .
فسألتها جو : (( ما الخطب ؟ )).
ـ هناك بعض التعقيدات .
وأسهبت روزي في الشرح .
كانت على ما يبدو ترغب في الالتحاق بمدرسة للتعليم عند بُعد ,
وهي قد سبق وسُجلت في مدرسة (( تشالرلفيل )) الإعدادية .
كانت جو مطلعة نوعاً ما على مدارس التعليم عن بُعد , مما أخبرتها
إياه زميلتها في السكن (( لين )) التي عملت على هذا المشروع . كانت
تعرف , مثلاً , أن المدرس المنزلي يعلب دوراً مهماً . وفي حال كين كان
التي تضم أربعة أولاد غير روزي , فإن جانين زوجة كايز رئيس العمال ,
هي أفضل من يمكنه الاضطلاع بدور المدرسة , فهي لطيفة جداً وقد
عملت في مدرسة سابقاً , وثلاثة من التلاميذ هم أولادها .
وعلمت جو أيضاً من (( لين )) أهمية الدور الذي تلعبه هذه المدرسة ,
ليس فقط في تثقيف أبناء البراري , أنما أيضاً في الوصول إلى حياتهم
المنعزلة .
توسعت روزي في هذا الموضوع . كل الأولاد الذين تعرفهم
سيلتحقون بالمدرسة . فقالت : (( أعرف أنه ذات يوم سيكون علي
الالتحاق بالمدرسة الداخلية , ولكن إلى أن يحين ذلك الوقت , أريد
البقاء هنا . هذه دياري )) .
ـ ولِمَ لا تبقين هنـــــا ؟
ـ جدتي تحب أن تمضي وقتاً في بريزبان وأنا أرافقها دائماً , ولكن لن
يعود بإمكاني مرافقتها متى بدأت المدرسة , فاقترحت أن ألتحق بمدرسة
في بريزبان وأزور كين كان في العطل .
ـ ألا يروقك ذلك ؟
ـ لا . أنا أحب جدتي , ولكن لو كان لدي أم مثل كل الأولاد الذين
أعرفهم , لما كان هناك أي مشكلة ! إنها فعلاً مصيبة يا جو .
وكان التجهم بادياً على وجهها .
تجمد قلم جو في يدها وقالت مقترحة : (( تبدين على علاقة جيدة
بالسيدة هاربر . ألا يمكنها الاهتمام بك أثناء وجود جدتك في
بريزبان ؟ )).
حل الازدراء مكان التجهم : (( لن يقبلوا حتى السماع بذلك )).

جمره لم تحترق 05-12-11 12:05 AM

7- زوجــة مناسبة
 
ـ فهمت . وما رأي والدك ؟
تغير صوت روزي وهي تقول مقلدة والدها : (( لدينا أشهر لنفكر
بالموضوع يا سمكتي الصغيرة . وبما أنني غافن هاستينغ الرابع , كوني
أكيدة بأنني سأتخذ القرار المناسب )) .
ضحكت جو : (( سمكة ؟ )) .
ـ إنها نكتة بيننا .
منتديات ليلاس


وتوقفت روزي عن الكلام عندما تناهى قرع خفيف على الباب قبل
أن يفتح .
ـ بابا !
وقفزت روزي راكضة إلى والدها , حاملة الرسم في يدها : (( أنظر إلى
هذا )) .
ـ روزي , ماذا تفعلين هنا في مثل هذه الساعة من الصباح ؟
وإذ ألقى نظرة سريعة على الرسم , قال : (( إنه جميل ولكن ... لا
تكرري ذلك مجدداً . الوقت مبكر جداً . صباح الخير يا جو . أنا آســـف
بهذا الشأن . لقد غُفوت ولم أنتبه لمرور الوقت )) .
ـ لا بأس . لقد تعارفنا أنا و روزي .
ضاقت نظرة غافن وهو يسألها : (( ما الذي كانت تخبرك به ؟ )) .
ابتسمت جو : (( إنه سر بيني وبينها )) .
وافقت روزي قائلة : (( أحب من يحفظ سراً . هل الفطور جاهز ؟ أنا
أتضور جوعاً )) .
مرت فترة الصباح بسرعة .
لحسن الحظ , مر الطبيب لتفقد غافن , ما أراح جو كثيراً . وأنبه وهو
يغير له ضمادات الجرح : (( إسمع يا صاح , عليك أن تعطي إصابتك
بعض الوقت لتشفى , ماذا كنت تفعل بحق الله حتى تنزف هكذا ؟ )) .
التقطت جـو أنفاسها , بينما أجاب غافن بعد أن رمقها بنظرة ذات
معنى :
ـ كنتُ ... أحرق المراحل في العمل .
ـ إذاً كف عن حرق المراحل ... أياً يكن قصدك من ذلك . أنت لم
تعد فــي الاستخبارات .
وضب الطبيب حقيبته ونظر إلى جو , كما لو أنه لاحظ ذبذبات معينـــة
في تلك اللحظـة , فرفع حاجبيه .
قام غافن عندئذٍ بواجب التعريف : (( إنها جوان لوكاس يا طوم , هـــي
هنا لترسم أديل . جو , أعرفك إلى طوم وانسون )) .
ـ آه ! السيدة التي سمعنا عنها , تشرفت . أظن أنك كنت شجاعة جداً
في تلك الظروف المريعة .
أجاب غافن قبل أن تتمكن جو من الرد : (( بالفعل ... كانت
شجاعة . ولهذا السبب أحاول إقناعها بالزواج منـــي )) .
ضحك طوم , وقال : (( مكانك سيدتي , لفكرت ملياً قبل الإقدام على
ذلك . فـ غافن معروف بأنه ينال ما يريد . حسناً , علي الرحيل الآن )) .
ولكنه توقف فجأة عابساً ثم هز رأسه وصعد على متن الطائرة .
وبينما هما يراقبان الطوافة تحلق في الجو , سألته جو : (( كيف أمكنك
ذلك ؟ )) .
ـ أمكنني ماذا ؟
ـ أن تخبره بأنك تفكر بالزواج بــي ... لا تتغابى .
ـ لقد ظننــي أمزح .
رمقته جو بنظرة جانبية فابتسم غافن وأمسك بيدها : (( هو ليس غبياً ,
ولم تكن تلك بمزحة )) .
ـ غافن ...
ـ جو , هل لـي أن أقترح عليك شيئاً ؟
نظرت إليه بحذر وهو يقـول : (( ما رأيك لو نأخذ أسبوعاً أو اثنين
لنفكر بالموضوع ؟ يمكنك أن تكونـي فكرة عن الحياة في الريف وعن عائلتي
وعني , كما يمكنك أن ترسمي والدتي )) .
ـ أنــا ..
ـ هل أطلب منك الكثير ؟
ـ أتعني ... مقابل إنقاذك حياتـي ؟
ـ لا , طبعاً لا . إنســـي أنني قلت ذلك . بالمناسبة , ماذا قالت لك
روزي هذا الصباح ؟
كانت جو تفكــر في ما إذا كان عليها إخبار أم لا , عندما لاحت لهما
أديل و روزي في الأفق .

جمره لم تحترق 05-12-11 12:06 AM

7- زوجــة مناسبة
 
فقال : (( حسناً , لننس هذا الموضوع في الوقت الحاضر . ولكن هل
ستبقين هنـــا ؟ )) .
نظرت في الأفق الأغبر : (( إذا وعدتني بـشــيء واحد )).
ـ ما هو ؟
نظرت في عينيه : (( إذا أجبتك بالرفض , ستقبل بذلك الأمر )) .
ـ اتفقنا .
كان رده سريعاً بحيث أثار شكوك جو .
ـ هل تعنــي ذلك ؟
ـ أنا رجل أحترم كلــمتي .
عبست : (( هل لي أن أضيف شيئاً ؟ )) .
ـ دعيني أحزر ... هل لذلك علاقة بعدم الضغط عليك ؟
ـ أجل .
ـ جو , إذا كنتِ مُحرجة للطريقة التي عانقتني بها الليلة الفائتة , فلا
داعــي لذلك . كان ذلك رائعاً .
احمر خداها , بينما أضاف غافن : (( ومثيراً أيضاً )) .
ـ ليس الأمر أنني مُحرجة ... صحيح أن هذا أحد العوامل ,
ولــكن ...
ـ بل عامل أســـاسي .
ورفع يده إلى فمها يرسمه بإصبعه . فارتجفت جو .
قالت بجهد : (( أمك وابنتك على وشك أن تصلا )) .
أنزل يده وألقى نظرة من فوق كتفه .
ـ حسناً . يمكنك أن تقولي لي عندما تشعرين بأنني أضغط عليك .
اتفقنــا ؟
خطر لها أن تضيف بنوداً إضافية إلى اتفاقهما : عدم ذكر عرضه أمام
الآخرين , وعدم إظهار انجذابهما الواحد نحو الآخر بشكل علنـي ....
وغير ذلك . ولكن كل ما تسنى لها لتقوله كان : (( نعم )) .
ـ جيد .
واستدار غافن ليحيي روزي وأديل .
* * *
بعد أسبوعين , كان الوقت قد مر بسرعة فائقة , إذ شعرت جو
بانجذاب كبير لطريقة عيش آل هاستينغ . مع أن أمرين عملا لصالحها في
ما يتعلق بعدم الضغط .
فـ غافن لم يكن بإمكانه مشاركتها العمل نظراً لإصابته . ثم غالباً ما
كانت تحبس نفسها في غرفتها بحجة العمل على لوحتي أمه وابنته .
ولكنه تحدث معها عن الماشية وقتاً لا بأس به , وأخبرها أن كين كان
تعمل على طريقة جديدة تقضي بدمغ الأغنام الكترونياً .
ـ كيف هذا ؟
هز كتفيه : (( هذه الطريقة تعطيك معلومات عن وزن الماشية وحاجتها
للتلقيح وغيرها من الأمور . فتعطيك معلومات دقيقة عن حالتها )) .
ـ العلم مذهل !
وهزت رأسها بدهشة . كانا مستندين إلى السياج يراقبان الأغنام .
كان الجو أغبر والكلاب تجول في كل مكان والماشية تقفز . نظر إليها ,
كانت ترتدي بنطلون جينز وقميصاً أزرق والنسيم يتلاعب بشعرها .
ـ أنت ...
ولكنه توقف من دون أن يُكمل ما كان ينوي قوله .
نظرت إليه مستفسرة , فأجابها : (( كنت سأبدي ملاحظة شخصية
ولكن يمكنني أن أكمل حديثي عن الأغنام . الأمر عائد إليك )) .
ابتسمت قائلة : (( إذاً أكمل حديثك عن الأغنام )) .
ـ لستُ أدري لما سألتك ما دمتُ أعرف أن هذا ما ستجيبين به .
وفكر لحظة قبل أن يكمل : (( حسناً , أنت أردتِ ذلك . إن أفضل
الأصواف هي أخفها وزناً ... )) .
ـ أتعني أنكم تزنون كل خــــيــط ؟
ـ نعم . وكلما كان وزنه أخف , كانت جودته أعلى . ولهذا السبب
نربي بشكل خاص أغنام الميرينو, لأن أصوافها عالية الجودة . وكلما
اتجهنا جنوباُ في كوينزلاند , كانت جودة الأصواف أفضل . وتضم
كوينزلاند ما بين تسع أو عشر ملايين رأس غنم .
توقف لحظة , ثم تابع شارحاً : (( الصين أكبر أسواقنا وتُعتبر
أستراليا أهم منتج للصوف في العالم . يمكن للعامل المحترف أن يجز
صوف مئة وعشرين إلى مئة وأربعين خروفاً في اليوم ... )) .
ـ ماذا ؟
ـ هذا صحيح , ولكنك قطعتِ حبل أفكــاري ...
ـ الحمد الله . أظن أن هذا يكفي لأستوعبه حالياً .
ـ هل أنت واثقة ؟ هناك المزيد ....
ـ غافن , أنا واثقـــة .
ـ إذاً هل لـي أن أقول لك إنك جذابة بشكل مذهل يا آنسة لوكاس ؟
هذا كل ما كنت أريد قوله منذ البداية .
قال هذا محاولاً طمأنتها , فانفجرت جو بالضحك .
تعلمت جو أيضاً قيادة الدراجة , وأمضت وقتاً ممتعاً في جمع الماشية
مع (( كيز )) كما تعلمت كل أنواع الإشارات والصفارات الضرورية
لقيادة الكلاب . وكم كانت فرحتها كبيرة عندما أخبرها كايز (( الرئيس ))
بأنها ريفية بالفطـــرة .
وأخذتها روزي في جولة في أرجاء المزرعة , مُظهرة معلومات وافية
وحباً كبيراً للحياة هناك . كانت روزي تمتطــي حصانها الصغير الخاص ,
وقريباً تحصل على جرو كلب خاص بها . ولكنها ما زالت حائرة , لا
تعرف أي واحد تختار .
عندما يكون الطقس مشمساً . وكون جو سباحة ماهرة , استطاعت
روزي خلال أيام قليلة أن تتعلم السباحة , فلم تسعها الدنيا من
الفــرحة .

جمره لم تحترق 05-12-11 12:19 AM

7- زوجــة مناسبة
 
ولم يكن رضى الوالد محصوراً بابنته , إنما بمدربتها أيضاً . وكانت
نظرته إليها في ثوب السباحة أفصح من أي كلام قد يُقال .
ولكن كل ما اكتفى بقوله أثناء ابتعاد ابنته عن المسمع , كان أن جمال
الساقين بات نقطة مهمة لديه للكمال الأنثوي . فرمقته جو بنظرة ساحرة
سريعة ولفت جسدها بمنشفة طويلة غطتها حتى مستوى الركبتين .
وهذا لا يعني أنها كانت منيعة حصينة إزاءه , فكان عليها أن تقر بأن
طريقته في تمرير يده في شعره مثيرة جداً , وكذلك ابتسامته الماكرة التي
تقول إنه يعرف ذلك . وقد أدركت أن الجميع , من مدير العمال إلى
مدبرة المنزل ووالدته وابنته , وحتى هي , يضعفون أمام ابتسامته .
كما تبين لها أنه اعتاد الحصول على ما يريد . ولكن في مشادة صغيرة
جرت بينهما تعمدت فيها معارضته الرأي , بدا متفاجئاً لدرجة اضطرت
أن تقاوم الرغبة في ضمه إليـــــــــــها .
منتديات ليلاس


أدركت فجأة أن تلك ليست فكرة جيدة لأنه على الأرجح قرأ
أفكارها . فتفحصها من رأسها حتى أخمص قديمها وهمس : (( هل
تشعرين بحس الأمومة يا جو ؟ )) .
ـ حسناً ...
ـ صدقيني أنا لا أنظر إليك من هذه الناحية . في الواقع غالباً ما
أتساءل كيف أنت فعلاً في الأوقات الحميمة ؟
وإذ شعر بأن نظراته تحرجها , توقف عن الكلام .
ولكنها تلك الليلة لم تتوقف عن التفكير بـ غافن ورسم الأحلام عن
علاقتهما. وفكرت في أنه إذا كانت مراقبته وهو يمشي تؤثر فيها هكذا ,
فكيف ستكون الحال في الأوضاع الأكثر حميمية ؟
* * *
عرفت جو من غافن المزيد عن (( إمبراطورية )) آل هاستينغ . فكين كان
لا تنتج الأصواف فقد أنما تربي أيضاً أغناماً تُصدر إلى كافة أنحاء العالم .
فضلاً عن أن مالكي المزرعة يملكون أيضاً مزرعتي ماشية أخريين
و اسطبلاً للخيول ومزرعة قصب سكر في شمال كوينزلاند بالإضافة إلى
لائحة طويلة من المؤسسات التجارية .
قالت جو وهي تتفحص خريطة كوينزلاند , لُونت فيها ممتلكات آل
هاستينغ باللون الأزرق : (( يبدو أنكم لا تحبذون جمع كل الممتلكات في
مكان واحد )).
كانا في مكتبه الذي لا يزال يُذكر جو بمشهد العنف الذي حصل منذ
أسبوعين .
هز غافن كتفيه قائلاً : (( لا يمكننا المخاطرة . الجفاف الفيضـانات
تسبب الكثير من الكوارث في هذا الجزء من العالم )) .
قطبت حاجبيها : (( وهل تحصل الفيضانات هنا ؟ )) .
ـ آه أجل . ولدي إحساس بأن هذا سيحصل هذا الموسم . ولكن
الجفاف أكثر شيوعاً هنــا .
ـ تابع حديثك , أنا أصــغي .
ـ حسناً , تمر الأصواف بمواسم جيدة وأخرى سيئة . وأسعار
اللحوم يمكن أن تكون متقلبة جداً , مع أننا نحقق أرباحاً حالياً , أما
السكر فيصعب التنبؤ بوضعه حالياً ولهذا السبب أفكر في إنشاء مزارع
لتربية الأسماك في مزرعة قصب السكر .
ـ ماذا بشأن الخيول ؟
ـ أسعار الخيول الصغيرة , أقله الأصلية منها , عالية جداً وقد ارتفع
سعرها مؤخراً . وهذا أمر يناسبني .
تأملته جو مطولاً . كان مستنداً في كرسيه الجلدي الأسود خلف
مكتب من خشب السنديان . بدا مسترخياً جداً وكأن السلطة كلها
محصورة فيه , كما تبين من خريطة الإمبراطورية الموضوعة أمامه .
عبست عندما خطـرت لها فكرة أخرى فجأة : (( هل تدربت على القيام
بكل هذا ؟ )) .
شبك يديه خلف رأسه قائلاً : (( لقد تربيت على ذلك . لطالما كان
والدي يعتقد بأن الخبرة خيـر تعليم , وقد نقل إلي خبرته فيما أنا أكبر )).
ـ ألم ترغب في القيام بأي شيء آخر ؟
ـ ليس تماماً .
ـ ماذا عن الاستخبارات العسكرية ؟
أنزل يديه وهز كتفيه شارحاً : (( إنه تقليد عائلي بأن يخدم الأبناء في
الجيش لبعض الوقت . ويبدو أنني كنت أتمتع بالميزات المطلوبة
لاستخبارات الجيش , ولكنني لم أكن أنوي يوماً أن أجعل منها مهنتي .

جمره لم تحترق 05-12-11 12:22 AM

7- زوجــة مناسبة
 
ثم توفي والدي في عز شبابه , فكان علي أن أستلم العمل مكانه . ومنذ
ذك الحين وأنا في هذا المجال )) .
ثم نظر إليها متأملاً : (( هل لديك أي مشكلة في ذلك ؟ )) .
فسارعت جو تقول : (( لا )) .
ابتسم : (( أنت تنظرين إلي كأنك تشكين بقيامي بشتى أنواع الرذائل )) .
منتديات ليلاس


هزت رأسها واستدارت : (( عفواً ! سأستأذن . أديل تنتظرني لأكمل
اللوحة )) .
ـ كيـف تجري الأمــــــور ؟ .
ـ على أتم ما يرام .
ـ ماذا فعلتِ برسمــــي أنا ؟
ـ ما ... ما زلت أحتفظ به . لماذا ؟
ـ كنت أتساءل فقط .
وألقى نظرة سريعة إلى ساعة يده : (( حسناً , أراك عند العشاء . أظن
أن لدينا بعض الرفقة )).
تذمرت جو قائلة : (( أنت تُكثر من الدعوات )) .
ـ لسـت أنا إنما والدتــي .
ـ لو كنتُ أعلم , لأحضرتُ معي مزيداً من الملابس .
ـ أنت بنظري جميلة كيفمـــا كنتِ .
وجال بنظره على جسدها كُله قبل أن يعود ليشبك عيناه بعينيها .
فأجابت جو مرتبكة : (( شكراً )) .
ـ هل يندرج ذلك تحت عنوان (( الضغط )) ؟
ـ لا , لا , لقد أبليت حسناً , عدا مرة أو مرتين .
وانقبضت عندما أفلتت الكلمات منها قبل أن يتسنى لها السيطرة
عليها فضحك غافن وأضاءت عيناه , فنهض واستدار حول المكتب
ليقترب منها .
ـ لا علاقة للطيبة أو حسن النية في ذلك , لا سيما إذا عرفتِ كيف
أنك تشغلين أفكاري . إنني أبلي حسناً فقط لأنني أكبت نفســـي أولاً ,
وثانياً لأننــي لا أريد أن أشرح لطوم مجدداً سبب تفتح قطب جرحــي .
ـ آه !
ـ ماذا عنك ؟
احمرت وجنتاها , بينما كانت عيناه الزرقاوان تتراقصان احتيالاً .
ـ ألا تكبتين نفسك مثلـــي .
ـ قليلاً .
رفع يده كما لو أنه أراد لمسها ثم تردد وأنزلها , فكاد جسمها يصرخ
إحباطاً .
ـ جو ؟
تراجعت خطوة الوراء ولكنه لحق بها وتساءلت ما عساه يظن لو
عرف أن اللوحة الأجـمل كانت تلك التي عملت عليها بعد أن أخلد
الجميع إلى النوم . وهي ليست لوحة أديل ولا رسم روزي , بل رسمه
هو , عاري الصدر , جالساً على طاولة خشبية قديمة في كوخ مظلل .
ذلك الرسم الذي عملت عليه استناداً إلى ما تذكرته وما أضافت
عليه من أمور تعشقها في غافن هاستينغ .
وتساءلت إن كانت بذلك تعبر عن كبتها , أو ربما تشبع مشاعرها
نحوه في حال قررت ألا تتزوجه ؟
ـ ما الخطب يا جو ؟ يمكننا أن نتكلم عما يزعجك إذا أردت .
ـ طبعاً , ولكن ليس الآن . والدتك ...
ـ تباً لوالدتـــي !
ـ غافن , إنها تنتظرنـــي .
ـ إذاً الليلة , بعد حفلة العشاء اللعينة تلك . لأنني أشعر بأنك
تُعقدين حياتك من دون جدوى . وما لا يساعدنا هو ذلك البند حول
الضغط الممنوع . ماذا تظنين أنني سأفعل بك بحق الله ؟ أن أغويك
وأفقدك رشدك ؟
سرت في عروقها موجة انزعاج : (( لن تنجح في ذلك . وأحذرك من
اللجوء إلى القمع معي .. قد أكون .. أعني قد تعجبني بعض الأمور
فيك ولكننـــي لا أحب التسلط ! )) .

جمره لم تحترق 05-12-11 12:24 AM

7- زوجــة مناسبة
 
ـ بل تعنين أنك على الأرجح وقعتِ في غرامـــي . أليس هذا ما كنتِ
على وشك قولــــه ؟
ـ جو ... ها أنت أخيراً !
دخلت أديل الغرفة مسرعة : (( هل جئت فــي وقت غير مناسب ؟ كنت
أنتظرك في غرفة الجلوس )) .
كانت جو ممتنة لحضورها في الوقت المناسب : (( كنت في طريقي إلى
هناك )) .
قال غافن متذمراً : (( لِمَ لا تذهبـــان إذاً ؟ )) .
عندما جلست أديل على الكرسي الخشبي القديم استعداداً لجلسة
الرسم , سألت : (( ما الذي يزعجه ؟ )) .
فكان جواب جو مقتضباً جداً : (( ليس لدي أي فكرة)) .
كانت أديل قد فكرت ملياً بالشكل الذي تود أن تُرسم فيه وتوصلت
إلى اختيار عكس ما آثرته صديقتها إليزابيت موغان .
لم تضع من الحلي سوى خاتم مزين بلؤلؤة سوداء كبيرة الحجم في يدها
اليمنى . وابتعدت عن الألوان المزركشة , فاختارت ارتداء فستان أسود
اللون , ذي ياقة من الحرير الأبيض . أما شعرها فسرحته بشكل بسيط
جداً .
قالت أديل مشيرة إلى ابنها : (( هو ليس دائماً هادئ المزاج )) .
ـ لاحظت ذلك , هل أنت مرتاحة يا سيدة هاستينغ ؟
سوت أديل ثيابها وقالت : (( أنا بخير )) , ولكنها ما لبثت أن عادت
مجدداً إلى موضوع ابنها ومزاجه الســيء .
ـ أحياناً عليك أن تأخذي موقفاً حاسماً مع غافن . هذا ما أفعله
أنــا .
بدأت جو بالرسم ولكن قلمها تجمد في مكانه فجأة . لماذا تظن والدة
غافن أن على جو أن تأخذ موقفاً حاسماً ؟ هل تعرف يا ترى بنوايا ابنها ؟
وتابعت أديل : (( في الواقع أنا على وشك القيام بذلك في ما يخص
تسجيل روزي في المدرسة . أنت تعرفين لمَ أحب روزي يا جو , أليس
كذلك ؟ )) .
ارتاحت جو عند سماع ذلك : (( طبعاً )) .
ـ أتعرفين كم مضى من الوقت على ترمـــلي ؟
تفاجأت جو بالسؤال فاكتفت بهز رأسها .
قالت أديل : (( أنا أرملة منذ اثني عشر عاماً . كنت صغيرة جداً عندما
أنجبتُ غافن وشارون . أنا الآن في الثامنة والخمسين فقط . لست
عجوزاً وأعيش وحيدة منذ زمن بعيد )) .
تصورت جو ما كانت تقصده أديل بحديثها , فسألتها مترددة :
(( هل ... تعرفت إلى أحدهم يا سيدة هاستينغ ؟ )) .
مال أديل إلى الأمام في كرسيها : (( أجل . آه , كم أراحني قول
ذلك! هو أصغر مني ببضع سنوات ولكنه من جيلي . وقد عرض علي
الزواج . ربما لهذا السبب كانت شاردة الذهن مؤخراً . لقد انقلبت حياتي
رأساً على عقب ... ولكنه يعيش في بريزبان )) .
ـ آه فهمت !
كانت جو تتكلم وترسم في الوقت نفسه : (( المشكلة إذاً هي دخول
روزي المدرسة ؟ )).
ـ حسناً , لا يمكنني التخلي عن روزي هكذا , لا سيما بعد أن فقدت
والدتها بهذا الشكل , ولكن بشكل خاص لأنني أحبها كثيراً . سيكون
جايمس سعيداً جداً بأن تعيش معنا أثناء فصول الدراسة . وفي الواقع هو
يعلم أنها الطريقة الوحيدة ليتزوج بــي !
أمالت أديل رأسها , فسارعت جو تتناول قلماً آخــر وكأن كل ما
كانت تحاول التقاطه في والدة غافن تجلى فجأة أمامها لترسمه .
ـ ألا يحب غافن أن تذهب روزي إلى مدرسة بعيدة ؟
ـ ليس تماماً . مع أنه لا يعرف لما أريدها معي . وفي الواقع أنا أتفهم
تحفظه فهو يعشق روزي , ولكن بإمكاني تسجيلها في المدرسة التي كنت
أقصدها , أفضل المدارس على الإطلاق . وسوف أكون بجانبها كما
فعلتً دومــاً .
ـ أفهم من كلامك أنك لم تخبرني غافن عن الرجل الذي يرغب في
الزواج بك ؟ هل من سبب لإخفاء الأمر عنه ؟
ـ من المرجح أنه سيعارض بقوة .
ـ لماذا ؟
ترددت أديل قبل أن تجيب قائلة : (( بصراحة , أنا امرأة ثرية جداً )) .

جمره لم تحترق 05-12-11 12:28 AM

7- زوجــة مناسبة
 
رسمت جو بعض الخطوط الطويلة وأخرى أكثر دقة وسألت أديل :
(( هل يخشى من أن يكون الرجل صائد ثروات ؟ )) .
ـ بالضبط . يعتقد معظم الرجال بأنني طريدة جيدة .
تمتمت جو قائلة : (( روزي تحب هذا المكان )) .
غاصت كتفا أديل : (( أعرف )) .
بدت أديل للحظة حزينة بشكل لا يوصف : (( أتمنى من كل قلبي أن
يجد غافن زوجة له ووالدة لـ روزي . لديه الكثير ليقدمه لأي فتاة )) .
ـ شرط أن تتمكن من أخذ موقف حــاسم .
منتديات ليلاس


وانفجرت المرأتان بالضحك .
ولكن جو لم تنتبه للنظرة التي رمقتها بها أديل .
قالت والدة غافن : (( ما زلت أحاول . الأشخاص الذين دعوتهم
الليلة على العشاء لديهم ابنة رائعة . كانت خارج البلاد لفترة . غافن
يعرفها ولكنه قد يجدها تغيرت .. من يدري ؟ )) .
تجمدت أصابع جو الرشيقٌــة ونظرت إلى أديل : (( أتحاولين أن تدبري
له عروســـــاً ؟ )) .
ـ طبعاً . لِمَ لا ؟ قد تكون (( سارا نايتلي )) المرأة التي ستجذبه أخيراً .
طرقت جو بعينيها ثم أخفضت بصــرها .
فكرت أديل هاستينغ في سرها بأن ذلك سيضيع الأمور في نصابها . لمَ
يظن الشبان أن المرء يصاب بالعمى وبالصمم عندما يبلغ عمراً معيناً ؟
أنا فعلاً أحاول تدبير عروس يا جو , ولكن أنتِ هي من أريد لـ غافن !
فكرت جو جدياً بالاعتذار عن حضور العشاء . في الواقع لم تكن
لديها أي رغبة في رؤية من تراها والدته زوجة مناسبة . قد تظن بأنها
مغرمة بـ غافن ولكنها مصممة على عدم السماح له بفعل ما يريد دائماً .
قررت أخيراً الحضور لأن صوتاً في داخلها حثها التفكير في أنها
لم تره من قبل برفقة من قد تكون زوجة مناسبة له , وربما عليها ذلك .
بحثت في ثيابها عن شــيء مميز ترتديه الليلة وجعلها ذلك تشعر
بالانزعاج , مع أنها لم تعرف السبب .
خلال العشاء , تعرفت جو إلى سارا نايتلي ووالديها , وكانت قد
ارتدت سروالاً ضيقاً وقميصاً من الكتان العاجي اللون . كما أنها كانت
قد استحمت وأسدلت شعرها الذي تدلى على وجهها كسحابة من الحرير
الذهــــــبي .
نادراً ما كانت جو تتبرج ولكنها تلك الليلة وضعت بعض الظلال
فوق عينيها وأحمر الشفاه على شفتيها .
أول ردة فعل لها عند رؤية سارا نايتلي كانت مُحبطة , فهي فتاة ناعمة
جداً جعلتها تشعر بأنها عجوز أمامها .
وهذا ليس كل شيء فسارا ليست جذابة فحسب إنما ناضجة أيضاً ,
فقد أمضت سنواتها في الخارج تدرس إدارة المياه في البيئات المتعرضة
للفيضانات والجفاف ... وهذا آخر ما كانت جو تتوقعه منها . وكان
من الواضح أن والديها , وهما أيضاً منتجا أصواف , فخوران جداً
بابنتهما .
بينما كانت الأطباق اللذيذة تتوالى , من الحساء إلى اللحم ثم
الحلويات , كانت جو تفكر كم أن سارا يمكن أن تفيد غافن هاستينغ
وكين كان .
يمكنها فعلاً أن يناقشا بالتفصيل موضوع الآبار الارتوازية
وإدارتها , أو كيفية الاستفادة من مياه الأمطار . ومن المؤكد أن سارا
يمكن أن تتكيف في أي مجتمع كان , نظراً لمظهرها وذكائها . ماذا يبقى
لكي يتم النصيب ؟
وفكرت فجأة في روزي . كان لا بد من أن تعترف بأن الفتاة الصغيرة
تسيطر على أفكارها . صحيح أنها أمضت معها وقتاً كثيراً , ولكن هل
حرمانها هي من والدتها هو وراء هذه العلاقة مع روزي هاستينغ ونمو
تلك العاطفة نحوها ؟
ـ أين أنت شاردة ؟
استدارت جو لتجد غافن إلى جانبها , يناولها كوباً من القهوة .
وكانوا قد انتقلوا إلى الغرفة الخضراء لتناول القهوة .
أخذت منه الكوب وقالت ببطء : (( كنت أفكر بأن سارا يمكن أن
تكون زوجة مناسبة لك )) .
كانت سارا في الخارج تشاهد الحديقة والحوض مع والديها و أديل .
كانت نظرته باردة وهو يتأملها : (( هل نحن متخاصمان يا جو ؟ )) .
ـ أنت بدأت .
ـ لا , بل أنت وتخفين ذلك بصمتك . هذه لم تكن نيتي .
حدقت جو به .
ـ عليك أن تقري بأنك كنت تتجنبينني , يا جو .
هل كانت تفعل ذلك ؟ ربما ولكنها كانت تقصد من ذلك تجنب
تأثيره علـــيها .
ـ أنا ...
وفكرت لحظة : (( أنا لا أتجنب الحديث معك الآن , صحيح ؟ )) .
ألقى نظرة إلى الحوض وقطب جبينه : (( أتظنين فعلاً أن سارا موضوع
مهم للحديث ؟ أنا لا أريدها جو , ولا أريد أياً من (( الزوجات
المناسبات )) اللواتــي تستعرضهن والدتـــي أمامي )) .
سألته جو بدهشة : (( أنت تعلم ؟ )) .
ـ طبعاً أعلم . أنا لست ابن البارحة .
ـ لربما فكرت بأنني زوجة مناسبة , ولكن ما أقوله هو أنك قد تجد
امرأة مناسبة أكثـر منـــي .
قال غافن بعد لحظة طويلة : (( لقد أفقدتك ثقتك بنفسك )).
ـ هذا ما تفعله بي الفتيات الناعمات أحياناً . يجعلنني أشعر بأنني
مسترجــلة .
ـ أنا أيضاً أشعر بالانزعاج في حضورهن .
رفعت جو حاجبيها مستغربة , فابتسم قائلاً : (( لهذا السبب تعجبينني
كمــا أنت )) .
تشابكت نظراتهما وبدأت خفقات قلبها تتسارع عندما شعرت بشـــيء
دافئ يرفرف بينهمـــا .
فتحت فمها لتقول شيئاً ولكنه وضع يده على يدها : (( لاحقاً جو )) ,
ـ نعــم .
ما إن غادر آل نايتلي حتى تلقى غافن اتصالاً يبلغه بأن حريقاً قد شب
في أحد أكواخ العمال على بُعد أميال من المزرعة .
اعترضت أديل : (( لا يمكنك أن تذهب يا غافن . ذراعك ... ))
ـ بل يمكنني . علي ذلك , ولكن فقط لأدبر العمل .
ثم ابتسم مطمئناً إياها : (( أنت تعرفين أننــي بارع في ذلك )) .
سألته جو : (( هل يمكننا المساعدة ؟ أو هل يمكننـي المساعدة ؟ )) .
رقت نظرته : (( شكراً , ولكن هناك الكثير من العمال . ما يحتاجونه
هو التوجيه , وهذه مسؤوليتي . هيا اخلدن إلى النوم . أراكن في
الصباح )) .
ثم نظر إلى جو : (( جو ... )) .
ـ لا بأس .
تردد قيلاً ثم استدار مبتعداً .
وعندما أصبح بعيداً عن السمع , قالت أديل : (( إنه تماماً مثل والده .
يمكن الاعتماد عليه ! )) .
مر وقت لا بأس به قبل أن تخلد إلى النوم .
كان في داخلها إحساس يدغدغها ويذكرها بقربها من غافن
هاستينغ . وعرفت أن وقت القرار الحاسم قد حان . كما أنها عرفت أنها
ترغب كثيراً في الزواج به . صحيح أنها لا تحب طريقته المتسلطة كثيراً ,
ولكن عبء حبها له كان ...
لجمت أفكارها وتساءلت عن السبب الذي جعل هذا الحب عبئاَ
بدلاً من أن ترى فيه لذة مُسكِرة , لا سيما وأنه أول رجل يجعلها تشعر
بكل هذه الأحاسيس وأول رجل يجعلها تتوق إلى رفقته بهذا الشكل . إلى
ذلك , فقد شعرت بالانجذاب الكلـي إلى كين كان الذي أحيا فيها توقاً إلى
حياة العائلة .
وهناك أيضاً روزي , ويمكنها القول بصراحة أنهما انتقتا كثيراً . لقد
أمضتا ساعات ترسمان معاً وأصبحت جو المؤتمنة على أسرار الصغيرة .
كيف ستتمكن روزي من التكيف مع واقع انسلاخهــا عن بيئة تحبها
لتعيش فيها عطلاً قصيرة من السنة فقط ؟ وكيف ستتكيف مع واقع
مشاركة جدتها مع زوج جديد ؟
إنه فعلاً عبء ثقيل ستفرضه ابنة الست سنوات على سعاة أديل ,
مهما قالت هذه وألحت بأنها لن تفترق عن حفيدتها.
وكان هذا سبباً إضافياً لكــي يرغب غافن في الزواج بها , إلا أن شيئاً
ما كان يلجمها ... فهل هذا لأنها مغرمة جداً به بينما هو لا ؟
همست لنفسـها قائلة : (( باختصار يا جو , لقد أمضيت حياتك تفقدين
أكثر من تحبين . تذكري ما شعرتِ به عندما اكتشفت أن لديك جدة
أمضت سنوات تبحث عنك , ولكنها رحلت أيضاً . قد يحدث الأمر
نفسه مع غافن . من قال لك إنه لن يقع في حبك بجنون ؟ )) .
وإذا بفكرة تخطر لها فجأة . هل من تدبير وقائي يجدر بها اتخاذه في
زواج مصلحة مماثل ـــ فهذا ما هو الأمر بالنسبة له ؟ يمكنها مثلاً أن
تخفــي عنه حبها إلى أن يشعر نحوها بالشيء نفسه , هذا إن حصل .
وعندئذٍ لم تستطع إلا أن تفكر كيف يمكن لسياسة وقائية أن تؤثر في
علاقة ما , وكم سيكون صعباً إخفاء تأثيره عليها . سيكون عليها على
الأرجح كبت نفسها ....
وقد أظهرت أحداث اليوم التالي أن فكرة التدبير الوقائــــي كانت
ممتــــــازة .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( السابــع )) ...

جمره لم تحترق 05-12-11 12:35 AM

تنويــــــــــه
 
بنااااااااااات إن شاء الله تكون الرواية عاجبتكم
بس حابه اعمل تـنويه : الرواية بقي لها اربعة فصول وأنا كتبتهم
بس بقي اراجعهم عشان الاخطاء والكلمات الي ممكن أكون نسيت اكتبها
خلونا نتفق >>> خخخخ شغل عصابات بس :toot:
احم لقيت تشجيع منكم وتعليقات اعـرف منها إن في ناس تتابع
نزلتها كلها بكره إن شاء الله
لقيت احباط ومافي متابعه باخذ راحتي في المراجعه >> هع تهديد
بس لا تخافوا في كل الحالات بانزلها
بس ... تم
جمره لم تحترق
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

أميرةالاحساس 05-12-11 12:44 PM

لا تتأخري علينا يا جمره لو سمحتي
الرواية مررره حلووووووووة
شكرا على مجهودك المميز في الكتابة.

جمره لم تحترق 05-12-11 10:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرةالاحساس (المشاركة 2942804)
لا تتأخري علينا يا جمره لو سمحتي
الرواية مررره حلووووووووة
شكرا على مجهودك المميز في الكتابة.

هلابك أميرة
فرحت إن الرواية عجبتك
نورتي بطلتك كل حــرف وكل سطر
قراءة ممتعة لكـ

ودي وعبق وردي
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 05-12-11 10:17 PM

8- عروس ... ولكن !
 
8- عروس ... ولكن !
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
كانت جو ترسم في غرفتها , سعيدة للمرة الأولى بلوحة أديل , عندما
أتت أديل تبحث عنها لتبلغها بأن غافن يود رؤيتها إن لم تكن منشغلة .
تفاجأت جو قليلاً كونه لم يأتِ بنفسه بحثاً عنها . لم تره منذ الليلة
السابقة فتصورت أنه على الأرجح تناول فطروه باكراً وخرج , وهذا
أيضاً فاجأها بعد ما حصل بينهما الليلة الفائتة . ولكن أدي قالت إن
أحداً لم يُصب في الحريق وإن كان الكوخ قد تهدم كلياً , فافترضت جو
أنه لا يزال منشغلاً بنتائج الحريق .
أضافت السيدة هاربر : (( هو في مرآب الجز . لقد اتصل منذ قليل )) .
نهضت جو قائلة : (( آه , هذا يفسر الأمر )) .
توقفت ونظرت إلى مدبرة المنزل التي كانت تبدو مرتبكة بدورها .
فتحت السيدة هاربر فمها ثم أطبقته ثانية . وقالت بعدئذٍ : (( الطقس
ليس جميلاً . تظنين أنه فصل الصيف وإذا بالشتاء يطل متسللاً )) .
سمعت جو النصيحة وارتدت معطفها وهي تتساءل لما استدعاها
غافن إلى المرآب في هذا اليوم المكفهر .
كانت الغيوم الداكنة تغطي السماء والهواء يتــلاعب بأوراق
الأشجار , وكانت جو محمرة الخدين وشعرها الذهبي مشعثاً وهي توافيه
إلى المرآب .
لم يكن هناك سواه , وعندما رأته متجهماً , سألته بقلق : (( هل من
خطــب ؟ )) .
ترك المقص من يده واستدار نحوها بينما كانت تحاول تهدئة لهاثها
وتسوية شعرها : (( غافن ؟ )).
ـ جو ؟ علينا اتخاذ قرار . راوغنا بما فيه الكفاية .
ـ راوغنا ؟ نحن نتكلم عن ما تبقى من حياتنا هنا !
ـ أجل ولكننا لن نصل إلى أي مكان هكذا .
وفرك ذقنه بنفاذ صبر, فذكرها بذلك الرجل القاسي الذي اختطفها
رغم أنه كان يرتدي بنطلوناً نظيفاً وكنزة من الصوف العالي الجودة .
سألته أخيراً : (( ماذا ... ما ... هل حصل شيء لا أعرفه؟ )).
قال لها : (( الليلة الماضية , لم أكن على علم بنية والدتي بالزواج ثانية )).
ـ وما علاقة هذا ... ؟ آه ! طبعاً , هناك روزي .
ـ نعم روزي . وإذا كانت تظن بأنني سأوكل أمر ابنتي لرجل لم ألتقه
يوماً وقد يكون صائد ثروات , فهي مخطئة تماماً .
وتذكرت جو فجأة ارتباك السيدة هاربر , فاستنتجت أن مدبرة المنزل
سمعت على الأرجح شيئاً من الحديث الذي دار بين غافن ووالدته.
ولكن ردة فعلها التالية كانت عدم التصديق : (( أنت حتماً لا تظن
بأن والدتك ستقع في شرك صائد ثروات ! ألا تعتقد بأن عليك على
الأقل أن تصدقها في ... )) .
نظر إليها شزراً : (( ماذا ؟ أتعرفين أين تعرفت إليه ؟ على متن باخرة .
وهل لديك فكرة عما تؤمنه الرحلات البحرية بوجه خــاص ؟ أرامل
ثريات مستوحدات ... )) .
أمرته جو بحدة : (( مهلك لحظة يا غافن , لا يحق لك أن تشك هكذا
بوالدتك )) .
منتديات ليلاس


هتف بانفعال : (( على العكس . أنا أحب والدتي كثيراً ولكنني واقعي
في الوقت نفسه , لهذا السبب أشعر بالقلق )).
أخذت جو نفساً مهدئاً , ولكنه تابع قبل أن تتمكن من الكلام :
ـ حتى ولو تزوجته وبرهن عن حسن نيته , يستحيل أن أدع روزي
معهما .
ـ حسناً , أجل . لقد فكرت في هذا .
ـ وهل كنت على علم بالموضوع ؟
أومأت قائلة : (( لقد أخبرتني البارحة أثناء جلسة الرسم )) .
ـ إذاً ؟
توقفت جو عن تسريح شعرها بأصابعها ودسته وراء أذنيها . ثم
قالت بتكابر : (( إذاً ... ماذا ؟ )) .
ـ آه يا جو . لا تراوغي ! ما الذي توصل إليه تفكيرك المطول ؟
اعترضت بانفعال : (( ولكنك أنت من اقترح أن آخذ بعض الوقت
للتفكير ! )) .
ـ ولكن كما قلت لك البارحة , ليس بهذا الجو من الصمت
والتكتم .
اكتشفت جو عندئذٍ أنه يمكن للمرء أن يحب شخصاً ويكرهه في
الوقت نفسه . ربما هو منزعج بسبب الصدمة التي تلقاها جراء أمه . من
الواضح أنه يحب أمه كثيراً وأصبح لديها الآن فكرة عن الثروة التي يمكن
أن تجعل من الأرملة فريسة سهلة لرجل استغلالي .
إلا أن ردة فعله كانت غير محتملة , حتى في هذه الظروف .
فقالت له بسخرية واضحة : (( ما توصل إليه تفكيري المطول هو أن
مربية يمكن أن تحل لك كل مشاكلك )) .
ـ آه , حقاً ؟ وكيف تفسرين أننا يكفي أن ننظر إلى بعضنا لكي تشتعل
المشاعر داخلنا ؟ هل تفضلين أن تصلي إلى حافة القبر وأنت تفكرين في
أمرنا يا جو ؟ هل ستبقين طيلة حياتك تتجنبين المخاطرة ؟ أتعلمين ؟ لم
أظن أنك جبانة , لا سيما بعد أن تعارفنا بذلك الشكل .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وشعرت بالدوار لشدة الانفعالات التي
تملكتها عندما حدقت في عينيه . شيء ما في داخلها صرخ مؤنباً : لا يجب
أن تحصل الأمور هكذا ! ليس وهو غاضب بهذا الشكل , لكن ... هل
هو محق ؟ وهل هي محقة بأخذ احتياطاتها ؟
رطبت شفتيها وأجلت حنجرتها وقالت : (( لقد اتخذت قراري يا
غافن . أظن أنك ستكون زوجاً مناسباً لي )) .
ضاقت عيناه وهم بأن يقول شيئاً ولكنها قالت قبله : (( دعني أشرح .
أظن أن المصلحة من هذا الزواج متبادلة . أنت تحتاج إلى أم لـ روزي وهذا
يناسبني . أظن أن علاقتي بها مميزة , ربما لأنها يتيمة الأم وأنا أعرف
معنى ذلك )) .
ـ تابعي .
لم يكن سهلاً عليها أن تعرف من صوته ما الذي يفكر فيه .
ـ لطالما أردت منزلاً خاصاً بي , بعد كل السنوات التي أمضيتها
أتنقل من منزل إلى آخر . وهذا سبب إضافي . وبصراحة , سأكون بأمان
من الناحية المادية لأرسم ما أشاء . وهناك مشاهد كثيرة تعجبني هنا :
الأولاد . الحيوانات , المناظر الطبيعية .... حتى ذلك المرآب القديم .
بقيت نظراته شاخصة عليها , بينما تابعت :
ـ لم أنوِ يوماً تمضية حياتي المهنية أرسم لوحات تُفرض علي . رأيت في
ذلك طريقة لأكون اسماً لي , وعندما أحقق ذلك أطلق العنان لرغباتي
الفنية . وإذا تزوجت بك , قد أتمكن من القيام بما أرغب أبكر مما كنت
أتوقع . إذا توافقنا على ذلك , يبقى شرط واحد .
ـ ما هو .
وهذه المرة , لاحظت القساوة في صوته .
ابتلعت ريقها وأخذت لحظة لتتمالك نفسها وقالت : شرطي هو أن
نعتبر الماضي من الماضي ولا ندعي بأن هذا أكثر من مجرد زواج مصلحة .
أعرف لماذا زواج الحب غير وارد بالنسبة لك , وأنت تعرف أنني مستقلة
ويصعب علي التغيير , ولكن كلانا سيستفيد من هذا الزواج .
ـ هل هذا يكفي بالنسبة لك لكي تكوني زوجتي ؟
فتحت فمها ولكنه قال عوضاً عنها : (( تبدين وكأنك تتكلمين عن ثمن
البيض وليس عن مسألة زواج )) .
ـ غافن , منذ اللحظة التي وقعت عيناك علي هذا الصباح وأنت
غاضب ولا تنفك تهينني . من حسن حظك أنني لم أصفعك بعد على
وجهك .
كان الشرر ينبعث من عينيها . وشعرت بأن ما من شيء سيشعرها
بالرضى أكثر من صفعه فعلاً , ولكنه عندما رأى يدها ترفع صوبه ,
أمسك بمعصمها قائلاً برقة : (( هل فكرت في أن كلينا يتعرض لكثير من
الضغط وأنه بدلاً من التشاجر , علينا أن نتقارب أكثر )) .
كانت أكثر غضباً من أن تجاريه عندما جذبها نحوه . قال لها : (( هذا
يذكرنني عندما كنت بين ذراعي وظننت أنك تكرهين ذلك . هناك في
الكوخ )) .
ـ كنت فعلاً أكره ذلك . والآن أيضاً .
ـ إذاً , دعيني أرى كيف يمكنني أن أعوض . هلا تزوجت بي يا جو
لوكاس , ليس فقط بسبب ما يمكننا أن نفعله الواحد للآخر , إنما لكي
نتشارك مع بعضنا حياة واحدة وسريراً واحداً ؟
حدقت به مذهولة , فأضاف : (( سيكون قبولك شرفاً لي )) .
بحثت في عينيه , فلم تجد فيهما سوى الاستفهام .
ـ هل تقبل بما قلت ؟
هز كتفيه : (( إذا كان هذا ما تريدينه . لكنني أفضل أن أعتقد بأننا نهتم
لأمر بعضنا . أعرف أن هذا شعوري على الأقل , ولا أظن أن الأمر
سينجح في حال العكس )) .
تبدد غضبها , وحل مكانه فراغ ثقيل بينهما . هما شخصان جارت
الحياة عليهما ولكن المصيبة كافية لتجمعهما إلى الأبد ؟
بدا لها ذلك غير مهم إذ كانت تهتم لأمره كثيراً . فوضعت يدها على
خده وقالت : (( حسناً )) .
أطلق تنهيدة ارتياح ودفن رأسه في شعرها .
* * *
بعد أسبوعين , قالت أديل لجو : (( تبدين جميلة جداً عزيزتي )).
نظرت جو إلى فستان عرسها العاجي الطويل المصنوع من الحرير ,
وإلى باقة الورود الصفراء الموضوعة على السرير .
كان شعرها مرفوعاً ومثبتاً بوشاح أبيض جميل . وكانت أديل قد
ألبستها عقداً من اللآلئ الثمينة كهدية زفافها .
أما روزي التي كان من المخطط أن تسير أمام العروسين , فقد
ساعدتها عمتها شارون في ارتداء ثيابها في الغرفة في منزل غافن الكائن
على الشاطئ الذهبــي .
كان غافن وجو و روزي قد وصلوا من كين كان هذا الصباح وكانت
شارون في استقبالهم برفقة روجيه وزوجها وإشبين غافن ...
كان المنزل شاسعاً مهيباً بحدائقه المطلة على نهر (( كوميرا )) حيث تكثر
اليخوت والسفن . وكان للمنزل يخته الخاص .
تبعاً للتقليد والعادة , لم نرَ جو غافن منذ ما قبل البارحــــة .
وربما لهذا السبب جلست فجأة على السرير وقد بدا الشحوب على
وجهها . كان من المفترض أن يبدأ الاحتفال خلال نصف ساعة .
واعترفت لأديل قائلة :
ـ أشعر بالارتباك . لقد أردت الأمور أكثر بساطة .
وحدقت بخاتم الماس في إصبعها .
سحبت أديل كرسياً وجلست قربا : (( لماذا؟ )).
حدقت جو بها ثم أشاحت بنظرها : (( لست أدري . ربما لأنه الزواج
الثاني لـ غافن )).
ـ جو , أنت لست نادمة , أليس كذلك ؟
ترددت جو , فقالت لها أديل : (( اسمعي ... أعرف أن كل شيء
حدث بسرعة , ولكنني سعيدة جداً بهذا الزواج . أظنك ممتازة لـ غافن
و ... أياً تكن تحفظاتك حول هذا الزفاف الثاني , أعتقد أن كل شـــيء
سيكون بخير إذا كنت تحبينه كما أظنك تفعلين )) .
رفعت جو ناظريها ناحية أديل : (( أنت تعرفين أنه شعور من طرف
واحد ؟ )) .
ابتسمت أديل : (( حقاً ؟ يبدو لــي أنه لا يستطيع الانتظار حتى يرافقك
إلى المذبح . تصرفــي على طبيعتك يا جو , فأنت رائعة )) .
ابتسمت جو قليلاً ثم وقفت وأخذت نفساً عميقاً : (( شكراً لك . أنا
جاهزة الآن )) .
كان الزفاف رائعاً ... وكذلك العروس , ولم يكن من شك بأن
العريس يخطف الأنفاس هو أيضاً ببذلته السوداء وقميصه الأبيض ,
أنفاس العروس على الأقل .
وكانت روزي مذهلة بثوبها الطويل الأصفر وتلك الورود في
شعرها . كما أنها كادت تطير من الفرح للحظ الذي حالفها : لقد
حظيت بوالدة ! وليس أي والدة , بل امرأة تحبها كثيراً .
أمـا أديل من جهتها , فكانت بالغة الأناقة في ثوبها الليلكـي , وكذلك
شقيقة العريس .
وقد أخذت عن شارون هاستينغ بريتشارد فكرة متشابهة لتلك التي
كونتها عن أخيها المتسلط بعض الشيء , ولكنها لم تشك البتة في العاطفة
التي تكنها لـ غافن .
كان في حفل الزفاف حوالـي ثلاثين شخصاً , من بينهم كايز والسيدة
هاربر وصديقة جو وزميلتها في السكن ( لين ) وبعضاً من الأصدقاء
فضلاً عن معلمة الفنون الجميلة .
أما من جهة غافن فحضر الأنسباء والأقارب والبعض من أصدقائه
المتزوجين الذين قال لهم ضاحكاً : (( الحمد الله , انتهيت من المواعيد
الغرامية التي كنتم تدبرونها لي )) .
كما أن أديل كانت قد دعت إليزابيت مورغان وزوجها إلى الزفاف
أيضاً . ولاحظت جو شيئاً من المفاجأة لدى كل من عرفها غافن إليهم .
لم تنكر بأن الزواج حصل على عجل , وأن معظم الحاضرين لم يسمعوا
بها قبل تلقيهم الدعوات .
اثنان من عماته تفحصتا جو بوقاحة , ثم أخذتا تتهامسان . وسأل
أحد أعمامه جو إن كانت من منطقة جبل مريام . وقبل أن تتمكن من
إجابته بالنفس , راح يهنئ غافن بهذه الزيجة الموفقة . عندئذٍ همس غافن في
أذنها : (( سوف تعتادين على عائلتـي . نحن زمرة غريبة الأطوار )).
فسألته هامسة أيضاً : (( أين الأهمية في الزواج من سكان جبل
مريام ؟ )) .
ـ إنهم أثرياء .
ـ أنا آسفة ! حذرتك بأنك تستطيع إيجاد امرأة مناسبة أكثر .

قالت ذلك والضحكة تلوح في عينيها .
ـ جو ...
ولكن أحد المدعوين قاطعه فلم يكمل ما كان ينوي قوله .
فكرت جو أن سكان جبل مريام ربما أثرياء ولكن آل هاستينغ لا
ينقصهم شيء . وقد رأت جزءاً من الإمبراطورية التي ورثها غافن ,
ولاحظت للمرة الأولى أن قاسماً مشتركاً يجمع بين أفراد آل هاستينغ
كلهم وهو : الثقة بالنفس الناتجة عن المال .
انتهى كل شيء . وبدلاً من أن تغادر هي و غافن , غادر المدعوون
جميعاً , حتى روزي ذهبت مع أولاد عمتها لعدة أيام . لم تغير جو
ثوبها حتى بعد أن رحل الجميع وبقيت هي و غافن بمفردهما بينما كان
بعض العمال ينظفون الموائد بكل هدوء .
قادها غافن إلى شرفة تطل على النهر: (( أخبريني . هل تشعرين بأنك
متزوجة فعلاً الآن ؟ )).
نظرت جو حولها , إلى أشجار السرو والأزهار في أحواضها الخشبية
وإلى نافورة المياه المضاءة كالسماء بالنجوم .
استدارت نحوه وقالت بعد لحظة تردد : (( طبعاً أشعر بأنني متزوجة
بك أمام الناس )) .
ـ جيد , هذا ما كنت أود إنجازه .
رفعت جو حاجبها : (( لماذا ؟ )) .
أخذ يتفحصها ويتأمل فستانها الأبيض وشعرها الذهبي وبشرتها
الناصعة ولون عينيها الرماديتين , بالإضافة إلى النبض الخافق في أسفل
عنقها وقال : (( لكي تعرفي أنت والآخرون أن الأمر حقيقي )) .
ـ وهل ظننت أنه قد يكون هناك أي شك ؟
ـ ليس من جهتي .
وأخذ يتأملها مجدداً : (( هل لي أن أقدم اقتراحاً ؟ ما رأيك لو نغير
ثيابنا ونستريح قليلاً ؟ )) .
ابتسم له : (( فكرة جيدة )) .
ثم نظرت إلى نفسها ووضعت يدها على العقد وقالت : (( لم أقدم لك
هديتك بعد , سأحضرها معي )) .
لاحظت جو أن أغراضها نُقلت إلى غرفة النوم الرئيسية ,
فاستغربت وهي تقفل الباب وتنظر حولها .
يبدو أن أديل قصدت سوق البلدة واشترت جهازاً كاملاً للعروسين
من ملاءات بيضاء للسرير ووسائد حريرية جميلة .
لفت انتباهها خلف السرير ساتر خشبي رُسمت عليه الأزهار
الجميلة .
في الجهة الأخرى من الغرفة , وُضع كرسيان منجدان حول طاولة
صغيرة وفيل خشبي رائع يرفع خرطومه . توجهت نحوه وربتت على أذنيه
العريضتين : (( جامبو , جامبو ! أنت تعجبني كثيراً ! )) .
كان الجهاز الذي أصرت أديل على إهدائها إياه ينم عن ذوق رفيع .
ومن ضمنه كان هناك سروال حريري فضفاض وقميص متناسق بلون
المشمش . فاختارت جو ارتداءهما بعد أن ألقت نظرة أخيرة على ثوب
الزفاف الذي تلبسه . فكت الشرائط من شعرها وسرحته . أبقت العقد
حول عنقها وراحت تبحث عن هديتها لـ غافن .
كانت بجوار السرير , مغلفة بعناية وذوق . تناولت الهدية وضمتها إلى
صدرها وهي تأخذ نفساَ عميقاً مهدئاً .
كان الوقت يقترب وبسرعة . وقد يكون عليها أن تشرح أمراً لا
يعرفه غافن عنها .....
كان بانتظارها . لم يغير ثيابه ولكنه كان قد خلع سترته وربطة عنقه
ورفع كمي قميصه وفتح أزرارها العلوية .
قال لها وهو ينظر إلى الطعام : (( لم تأكلي كثيراً , أنت أيضاً )) .
تساءلت جو ما عساه يقول لو أخبرته بأن التوتر يمنعها من الابتلاع ,
ثم تذكرت الهدية التي تحملها تحت إبطها . فقالت بشيء من الارتباك :
(( هذه لك , آمل أن تعجبك )) .
وناولته إياها .
ـ شكراً .
فك الشريطة الذهبية وفتح الهدية ثم بقي جامداً مكانه لحظة طويلة .
كانت عبارة عن إطار يحوي رسماً لـ روزي وهي تنظر إلى الخلف بكل ما
ينضح منها من حيوية .
نظر إليها أخيراً : (( آه جو ! إنها رائعة )) .
ـ عرفتُ أنك ستحبها .
ـ شكراً .
وضع الرسم جانباً واقترب منها , آخذاً وجهها بين يديه :
ـ هل اشتقت إلي ؟
ـ أنا ... لماذا ؟
ـ تبدين متوترة جداً . ففكرت إن كان لغيابي عنك البارحة علاقة
بذلك .
ـ لقد عرفت بضع لحظات من الارتباك والخوف .
ضاقت عيناه : (( حقاً ؟ )).
ـ لكن أمك بددت مخاوفي .
ـ نصحتني بأن أتصرف على طبيعتي .
عبس ثم هز كتفيه قائلاً : (( وأنا أيضاً كنت خائفاً )) .
نظرت جو في عينيه وتجرأت على سؤاله: (( كنت تتساءل إن كنا نقوم
بالأمر الصائب ؟ )) .
ـ إطلاقاً . كنت خائفاً من أن يكون هذا ما تفكرين به أنت .
ابتسمت جو : (( ما النفع من التفكير بذلك الآن . لقد تزوجنا
وانقضى الأمر ...)) .
واستدارت نحو النهر لتسمع صراخاً في الماء ونيراناً تشتعل : (( ما هذا
بحق الله ... ؟ )) .
ـ يا إلهي ! إنه قارب يشتعل . ابقي هنا يا جو . سوف ....
ـ مستحيل !
فقد رأت على ضوء النيران أشخاصاً يقفزون من القارب إلى المياه .
نزعت محبسها وعقدها ووضعتهما على الطاولة , ثم ركضت خلفه .
ـ دعني أرافقك .
صعدا في قارب غافن السريع وقال لها : (( علينا أن نأخذ التيار بعين
الاعتبار )) .
ثم أشار إلى جزيرة مهجورة فــــي الجهة المقابلة :
ـ سوف يجرف التيار القارب إلى هناك , وقد يجرف أي أحد أيضاً .
يا ليتك بقيتِ في المنزل يا جو !
أدار المحرك وانطلق القارب بهما .
هتفت من فوق هدير المحرك قائلة : (( يمكنني أن أساعد الناس على
الخروج من المياه )) .
ثم أشارت إلى أحد الغرقى : (( هناك ... غافن )) .
أمضيا الساعة التالية ينقذان السابحين وغير السابحين , وكان على جو
أن تنقذ اثنين وتحملهما إلى القارب . ومن حسن الحظ أن قوارب نجاة
أخرى هبت للمساعدة أيضاً وأطفأت الحريق .
وريثما انتهت عملية الإنقاذ , كان غافن وجو قد تبللا كلياً . قدما
إفادتهما إلى خفر السواحل وعادا إلى المنزل , حيث انهارا منهكين على
المقعد الخشبي .
ألقت جو نظرة إلى نفسها : (( كيف سنستحم من دون أن نلطخ المنزل
والسجادات بالوحل ؟ )).
ـ ما من مشكلة .
وتوجه غافن إلى النافورة , أو هذا ما ظنته جو , ولكنه توقف عند
علبه الكهرباء وأخذ يضغط على بعض الأزرار , فتحول طرف الشرفة
بسحر ساحر إلى حوض للاستحمام . فقد نزلت ستائر خشبية وحجبت
الجهة المطلة إلى النهر , وانفتحت الألواح الخشبية في الأرض لتترك
مكانها حوضاً كبيراً بدأت المياه والرغوة تغمره بكبسة زر واحدة .
ثم أطفأ غافن الأضواء كلها , ما خلا تلك التي تنير النافورة .
وضعت جو كوبها جانباً وصفقت لهذا العرض بشكل عفوي : (( هل هذه
فكرة والدتك ؟ )) .
ـ أجل . لقد أتت بهذه الفكرة من حمام ياباني .
ضحكت جو : (( ولكن هذا رائع . أتحرق شوقاً لأدخل فيه
وأستحم )) .
ـ تفضلي .
وضغط على زر آخر , فانفتح باب كشف عن خزانة مليئة بأثواب
الاستحمام والمناشف والصابون ...
خلعت جو ثيابها المتسخة ودخلت الماء وهي تضحك مذهولة .
ـ هلاّ مررت لـــي لوح الصابون ؟
أعطاها إياه ثم انضم إليــــها .
ـ الحمد الله أن أحداً لم يُصب بأذى ... شكراً .
واستندت إلى الخلف متنهدة : (( كان يمكن أن يكون ... لكننا نشكل فريقاً
ممتازاً معاً .
ـ فعلاً . فكرت في ذلك من قبل , مثل طرزان وجاين .
تعالت ضحكتها مجدداً وأخذت ترغو الصابون على ذراعيها .
ـ لدي فكرة أفضل فــــي الواقع .
وأخذ لوح الصابون منها وأخذ يرغيه بنفسه على جسمها .
استسلمت وشعرت بجسمها يسترخــي والتعب يتبدد ليترك مكانه
لأحاسيس أخرى : (( هذا رائع )) .
ـ وأنت أيضـــاً .
كانت الطريقة التي ضمها بها في البداية بطيئة , مثيرة للأحاسيس .
ولكن ما لبث أن تغير الإيقاع .
ـ جو ....
وضعت يديها على كتفه ونهضت من مكانها .
ـ ظننت أنك قلت ...
ـ أجل , يا زوجتـــي الرائعة , هيا بنا .
خرجا من الحوض ثم توجها نحو غرفة النوم , ممسكين الواحد بيد
الآخـــر .
ـ جــو ؟
ـ غــافن ؟
حدق بها عبر السرير : (( هل قلتُ لك يوماً كم أنك رائعة ؟ )) .
ـ أجل . ولكن لا أمانع بأن تقولها لي مراراً , وتكراراً . وهل قلتُ
لك كم أنك وسيم ؟
ـ أجل , قلتها لي ذات مرة .
ابتسمت له وقالت : (( سأقولها لك مرة ثانية )) .
ـ اتفقنـــــــــــــــا !
مضى وقت لا بأس به قبل أن يتكلما مجدداً . كانا ممددين على
السرير جنباً إلى جنب .
قال بنعومــة :
ـ كنت أعرف أن الأمر سيكون بهذه الروعة بيننا .
استدارت لتنظر في عينيه : (( وكيف عرفت ذلك ؟ )) .
دس شعرها خلف أذنها وقال متأملاً : (( من الطريقة التي دستِ فيها
على قدمـــي أول ما التقينا )) .
أخفت جو ابتسامتها وسألته : (( أتعرف بما أفكـــر ؟ )) .
ـ أخبرينـــي .
ـ أنت تعرف بكل شيء غافن هاستينغ .
ـ على العكس , يا جوان هاستينغ . كل ما في الأمر أننـــي أجيد الحكم
على .... الشخصيات .
ـ الشخصيـــــــــــــــات ؟
ضحكت كم كل قلبها : (( أفهم قصدك ولكن أظن أن لها اسماً آخر )) .
ـ إذاً كنتِ تشعرين منذ البداية بذلك الشـــيء ذي الاسم الآخـــر ؟
ـ نعم .
وكشرت وهي تفكر بالساعات الأولى التي قضياها معاً .
ضحك غافن وعانقها : (( ما رأيك لو نخلد للنوم الآن ؟ )) .
ـ أظنها فكرة ممتازة , فأنا منهكة . لا يحظى الجميع بسهرة كهذه فــي
ليلة زفافهم .
ـ بالفعل . هل أنت مرتاحة ؟
أجابته ناعسة : (( أجــل )).
وما هي إلا لحظات حتى غطت في نوم عميق .
راح غافن هاستينغ يتأملها لبعض الوقت , ووجد نفسه يستذكر
الدقائق التي سبقت رؤيتها للقارب المشتعل . كانت على وشك أن تقول
له شيئاً , ولكنها لم تفعل .
ربما أرادت أن تخبره بأنها لا تزال عذراء وأنها لم تعرف رجلاً
سواه .
هو لم يتوقع ذلك على الإطلاق . بدت له هادئة , واثقة من نفسها .
وحتى لو أخبرته من قبل أنها لا تحب أن يعانقها أحد , فقد افترض أنها
خرجت مع رجال عديدين لكن تجربتها معهم لم تكن جيدة .
هل تراها كـانت تتكلم بجدية عندما أتت على ذكر زواج المصلحة
ذاك ؟ فما من شيء مما حصل بينهما الليلة يدل على ذلك .
كان انجذاب الواحد منهما إلى الآخـر قوياً جداً , و إن كانت تحـاول في
الأسابيع الفائتة البقاء على مسافة منه .
تأملها على ضوء المصباح الخافت . كان شعرها الذهبي مشعثاً بعض
الشـــيء وبشرتها البيضاء دافئة .
ثم عاد بأفكاره إلى كل ما حدث هذا المساء . كانت محقة في ما قالته .
هما يشكلان فريقاً ممتازاً في الأوقات والأزمات الحرجة . ولكنه معتاد
على ذلك , أما هي فقد أظهرت شجــاعة وأعصـــاباً فولاذيــة جـــعلته
يقدرها . ولكن ....
ولكن مــــــــاذا ؟
ـ وسأل نفسه لما يخالجه شعور بأن هناك فتاة داخل هذه الفتاة قد لا
يتاح له أن يعرفها . فقرر أنه لن يهدأ له بــال إلى أن يكتشف جو لوكاس
الحقيقية .

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصـل (( الثامن )) ...
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

فداني الكون0 07-12-11 03:46 AM

روعه بجد

بليز لا تتاخرين علينا حبيبتي

وانشاءالله تقومين بالسلامه وما تشوفين شر

يعطيج العافيه

جمره لم تحترق 07-12-11 11:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداني الكون0 (المشاركة 2944590)
روعه بجد

بليز لا تتاخرين علينا حبيبتي

وانشاءالله تقومين بالسلامه وما تشوفين شر

يعطيج العافيه

الله يعافيك .. واعذرينـــي قلبي
بس كنـت تعبانه ومو قادره اعمل اي مجهود
بس ولا يهمك دقائق وأنزل الفصول الاخيرة من الرواية
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 08-12-11 12:00 AM

9- عســـــــــــل
 
9- عســـــــــــل
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
حظيا بخمسة أيام بمفردهما , أمضياها في معظمها بالسباحة والإبحــار
والقراءة والتحدث و . . . الـحـــــــب .
دعاها إلى العشاء ذات ليلة , فارتدت ثوباً أسود بسيطاً . ذا ياقــة
مربعة . ووضعت عقد اللؤلؤ الذي بدا مذهلاً معه , ورفعت شعرها ,
فأدركت على الفور بأن ذلك لن يرق له . ولكنها أبقته مرفوعاً إذ كان
يعجبها هكذا . أما لمستها الأخيرة فكانت رشة عطر خلف أذنيها .
ـ جــــــــاهزة ؟
كان واقفاً في الردهة مرتدياً سروالاً كحلي اللون وقميصاً من الكتان
الأبيــــــــــض .
انتعلت حذاءها العالي الكعبين وقالت : (( جاهزة ! )) .
تناولا العشاء في مطعم سانكيتوري كوف , وهو مجمع سياحـي يضم
عدداً من المحال الرائعة والمطاعم الفخمة ويطل على الميناء . أحبت جو
المكان كثيراً , وقبل أن يجلسا إلى المائدة , جالا قليلاً في البلدة المزينة
بالأزهار وأعمدة المصابيح المزخرفة . ثم تنزها قيلاً على الكورنيش
يتأملان المراكب الراسية . وكانت فعلاً تتمتع بالعشاء عندما وضع غافن
فجأة طبقه جانباً وقال لها إنه لا يستطيع أن يفعل ذلك .
منتديات ليلاس


ـ تفعل مـــــــاذا ؟
حـدقت به , والسكين والشوكـــة في يدهـــا .
ـ لا أستطيع الأكل .
عبست متفاجئة : (( لماذا ؟ طبقــي لذيذ جداً )) .
ـ يجب أن يكون منسدلاً وليس مرفوعاً .
ـ كيف يمكن لـ ...
كانت نظراتها مستغربة وهي تنظر إلى طبقه : (( هل تتكلم عن طبق
السمك ؟ )) .
هز رأسه : (( لا , بل عن شـعرك )) .
أطلقت جو تنهيدة سخط . كانت قد نسيت تلك اللمحة المنزعجة في
عينيه عندما ترفع شعرها بهذا الشكل .
ـ سأسدله عندما نعود إلى المنزل .
ـ ولمَ ليس الآن ؟
نظرت حولها : (( لا تكن ساذجاً يا غافن ! هذا ليس ... هذا ليس
نظيفاً )) .
استند إلى الخلف وفرك ذقنه : (( أليس شعرك نظيفاً ؟ )) .
أجابته بشيء من الانزعاج : (( بالطبع هـو نظيف . لقد رأيتني
أغسله )) .
ـ إذاً ؟
حدقت به , بدا مسترخياً تماماً بمنكبيه العريضين اللذين يسحرانها .
هي كفنانة ترى في جمال هاتين الكتفين وذلك الصدر العريض إغراء
لا تستطيع مقاومة رسمـــه .
أما كامرأة عاشقة , فمجرد التفكير بأنها بين ذراعيه يوهن دفاعاتها
و ... ولكن الآن , هنا ؟ طبعاً لا يستطيع معانقتها كما ترغب , في هذا
المكان أمام الناس .
ـ جـو ؟
لفظ اسمها برقة وهو يتأمل ذلك النبض يخفق بسرعة في عنقها .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:01 AM

9- عســـــــــــل
 
ـ حسناً ... لا أظنها فكرة جيدة أن تتساقط بعض الشعيرات على
المائدة , وأن كان شعري نظيفاً .
ـ لا أطلب منك أن تنفشيه . إسدليه فقط ببطء وحذر . في الواقع
أُفضل أن تفعلي ذلك على مهل وبحذر .
فغزا الاحمرار عنقها وخديها .
ـ هذا منافٍ لآداب المائدة غافن .
ـ إذاً من الأفضل أن نعود إلى المنزل إن كانت الآداب تعني لك إلى
هذا الحد .
منتديات ليلاس


ووقف ومـــد يده نحوها .
اعترضت قائلة : (( لـم انته بعد )) .
ـ يمكنني أن أسدله لك إن شئتِ .
ـ لا . ليس هنا !
ـ تعالي جوزي .
كان الناس قد بدأوا يحدقون بهما بغرابة .
ـ لا ... لا يمكننا الخروج هكذا . أنت لم تدفع الحســـــاب .
لوح بيده مستعجلاً : (( هم يعرفونني )) .
نظرت جو حولها فتلاقت عيناها بعيون فضولية كثيرة . وضعت
منديلها على المائدة بسرعة ووقفت , قائلة من بين أسنانها : (( هل هذه
عادة عندك ؟ )) .
ـ لا , أنت أول امرأة تفعل هذا بـي .
تشابكت نظراتهما , وكان في طريقة نظره إليها شيء غريب يثير
الأحاسيس .
كانت طريق العودة إلى المنزل سريعة جداً وصامتة أيضاً . ولم يزعج
غافن نفسه بركن السيارة في المرآب , بل أبقاها أمام الباب الأمامي .
وما إن أصبحا داخل الباب الرئيسي حتى وضع يده على كتفها :
(( أتعرفين كم أثرتِ جنوني خلال الساعتين الماضيتين بشعرك هذا ؟ )) .
ـ آه ؟
لم تفهم تماماً كيف يمكنها أن تثير جنونه بمجرد رفع شعرها هكذا .
ولكنها ذكرت نفسها بأنه أحرجها رغم كل شيء , والسؤال الآن هو :
كيف يمكنها أن تتعامل مع كل هذه الانفعالات المتضاربة ؟
إلا أن شيئاً داخلها لم تستطع تحديده تعامل مع الموضوع عوضاً
عنها , شيئاً ما أنبأها بأنهما يستطيعان النجاح كزوجين .
ـ ما رأيك بهذا إذاً ؟
كانا ممددين في السرير , الواحد منهما يواجه الآخر . وكانت
الوسائد الحريرية مبعثرة مرة أخرى على الأرض تحت ثيابهما .
وأخذ يعانقها حتى استسلمت للأحاسيس التي ولدتها وحلقا معاً في
غمرة أحاسيس متفجرة ألواناً .
وأخيراً غطا في نوم عميق وكل منهما في ذراعــي الآخر .
بعد أيام قليلة , انتهى شهر العسل الرسمي . كانا لا يزالان على
الشاطئ الذهبي ولكن الحظر الذي وضعه غافن على الأعمال
والاتصالات الهاتفية كان قد رُفع , وأتت شارون بريتشارد لزيارة
العروسين برفقة بناتها الثلاث وأديل و زوري .
تناولوا الغداء معاً ثم أخذ غافن الأولاد في نزهة في المركب , تاركاً
شارون و أديل وجو يشاهدن صور الزفاف التي أحضرها أديل معها .
ـ أنظروا إليها في هذه الصورة !
أشارت أديل إلى إليزابيت مورغان تتحدث مع عم غافن . علقت
شارون ضاحكة : (( كانت تضيع وقتها إن كانت تحاول التأثير على العم
غارث فحديثو النعمة لا يستهوونه )) .
وافقتها أديل ولكنها أضافت : (( منذ زمن ليس ببعيد , كنا جميعاً
حديثــي نعمة )) .
قالت شارون : (( ولكننا الآن نعلم أن سلالتنا أصبحت أو قد تصبح
في مأمن , والحمد الله )) .
أنبتها أديل : (( شارون ! )) .
رفعت جو عينيها فجأة عن صورتها هي و غافن وسألت مستغربة :
ـ في مأمن ؟ كيـــف ؟
ـ بإنجابك صبياً يا عزيزتي .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:02 AM

9- عســـــــــــل
 
كان جواب شارون مقتضباً , ولكنها تابعت شارحة : (( كان غافن
الأول في سلالة آل هاستينغ الذي لم يرزق بوريث ذكر , الأمر الذي
سبب لنا قلق . وأنا لم أساعد كثيراً لإنجاب ثلاث بنات )) .
استدارت جو إلى أديل عابسة فقالت أديل : (( لا تهتمي لأمرها يا
جو . كل هذا هراء ... )) .
ثم استدارت نحو ابنتها موبخة : (( شارون ... أنت أحياناً أسوأ من
إليزابيت مورغان ! الأمور لا تسير على هذا الشكـل في أيامنا هذه )) .
أجابت شارون : (( ربما ولكن لا يمكن أن تكون الفتاة تحت رحمة الرجل
الذي تزوجته )) .
ابتلعت جو ريقها بصعوبة ونظرت إلى الصورة التي تحملها . كانت
هي و غافن واقفـين جنباً إلى الجنب , ينظر الواحد منهما في عينــي الآخر ,
وقد جعلتها هذه الصورة تشعر بقشعريرة في جسمها .
كل ما استطاعت التفكيـر فيه هو أنه أخفى عنها حاجته إلى إنجـاب
صبـــــي واكتفى بالقول إنه يريد زوجة .
هل كان باقي أفراد العائلة على علم برغبته هذه ؟ وتذكرت جو عمتيه
اللتين أخذتا تثرثران سراً في حفل الزفاف .
علقت أديل قائلة : (( يمكن للأبناء أن يهدموا إمبراطورية تماماً كأي
رجل غريب )) .
ـ أجل ولكن ما أفكر فيه هو أن جو أظهرت شجاعة استثنائية
خلال عملية الخطف تلك وأظن أنها ستنجب مع غافن أبناء شجعان
وصالحين .
وتناولت شارون صورة أخرى .
في نهاية فترة العصر , ودعت جو غافن و روزي أديل وشارون
وبناتها .
وقال غافن لـ روزي : (( حسناَ يا سمكتي . ما زال أمامنا يومان هنا قبل
أن نعود إلى كين كان . فكيف تودين أن تمضيها ؟ )) .
ـ أرغب في زيارة عالم البحار! لديهم دببة قطبية هناك . رأيتها عندما
كانت صغيرة . هل رأيتها يا جو ؟
ـ لا .
قال غافن : (( إذاً سنذهب إلى عالم البحار غداً . هل من أمر آخر ؟ )) .
ـ لا . سأستمتع برفقتكما . أردتُ أن أسألك شيئاً يا جو . هل
أناديك باسمك أو ماما ؟
ألقت جو نظرة سريعة إلى غافن من فوق رأس روزي فرأت عينيه
تضيقان فجأة .
وقالت بعد تـردد بسيط : (( أظن أن اسم جو جيد , لا ؟ أقله في الوقت
الحاضر )) .
تدخل غافن سائلاً ابنته : (( ماذا ترغبين في مناداتها يا روزي ؟ )) .
أخذت روزي نفساً عميقاً : (( أنت تعرف كيف ودعنا أمي قبل
مراسم الزواج يا أبي )).
ـ نعم , يا عزيزتي .
ـ حسناً , رغم أنني لم أعرفها , إلا أنها كانت أمي الحقيقية , وفكرت
أنه لا يجب أن أنادي أحداً سواها ماما , رغم أنني سعيدة جداً بالحصول
على أم جديدة .
ثم أضافت قائلة : (( هل هذا منطقـــي ؟ )) .
قالت جو برقة : (( منطقــي جداً . والأمر لا يزعجني يا روزي )) .
بينما كانا يستعدان للنوم تلك الليلة , سألها غافن : (( ماذا عن أولادنا
الآخرين ؟ )) .
كانت جو قد ارتدت ثوباً من القطن وجلست أمام المرآة تسرح
شعرها . نظرت إلى انعكاسه وشعرت بأعصابها تتوتر وهي تستعيد ما
قالته شقيقته عن السلالة .
ـ ماذا عنهم ؟
ـ نحن ننوي إنشاء عائلة , أليس كذلك يا جو ؟
وقف خلفها وأخذ الـفرشاة منها . لم يكن قد بدل ثيابه بعد , وكان
يرتدي بنطلون جينز وقميصاً كحلياً .
ـ لم نناقش الأمر .
كان قد بدأ بتسريح شعرها , ولكنه توقف فجأة : (( ظننت أن الأمر
تحصيل حاصل )) .
كانت عيناه في المرآة ثاقبتين , فابتلعت جو ريقها : (( وأنا أيضاً , على
ما أظن )) .
ثم عبست وسألته : (( هل تقول بأنه كان علي تشجيع روزي على
مناداتي أمي؟ )) .
ـ أنا أتساءل فقط إن كان هذا سيشعرها بالغرابة إذا كانت الوحيدة
التي تناديك هكذا .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:04 AM

9- عســـــــــــل
 
ارتسمت ابتسامة على شفتي جو : (( وكم تنوي أن تنجب يا غافن ؟ )) .
عاود تسريح شعرها : (( الأمر عائد لك )) .
قالت جو على مهل : (( إسمع , بصراحة أظن أن المسألة حساسة لك
ولـ روزي , وهي أثبتت ذلك )) .
ـ ظننتِ أنني قد أعارض مناداتها لك أمي ؟
ـ أجل , وهذا طبيعي تماماً , فذكرياتك ....
منتديات ليلاس


قاطعها قائلاً : (( ذكرياتي لا تتضمن روزي وهي تنادي أحداً هكذا )) .
استدارت جو في مقعدها وأخذت الفرشاة منه قائلة : (( غافن ...
يبدو أننا على موجتين مختلفتين . أرجوك أن تخبرني ما الذي تفكر فيه ؟ )) .
جلس على حافة السرير قبالتها ونظر إلى الأرض : (( نظراً للمنحنى
الذي أخذته الأمور , ليس لدي ذكريات عن ساشا تهتم بـ روزي . ولكن
من جهة أخرى , لدي ذكريات كثيرة معذبة عن حرمان روزي من والدة
ترعاها وتحنو عليها )) .
ـ ولكنك أخذتها لتودع أمها .
ـ أجل . ساشا مدفونة في مقابر العائلة في كين كان . فكرت في أن
كلينا يحتاج إلى توديعها , ولكن لم أكن أتوقع أن يؤثر عليها الأمر بهذا
الشكـــل .
فكرت جو في كل هذا ووجدت نفسها وكأنها تعبر حقل ألغــام .
خلال الأيام الخمسة الأخيرة , كانت هي و غافن مُقربين جداً بحيث
نسيت السبب الكامن وراء هذا الزواج ... وهو روزي .
ثم فرضت مسألة الأبناء تلك نفسها عليها , وها هو غافن يتحدث
عن إنشاء عائلة , ناهيك عن قلقة من ألا تتآلف روزي مع جو العائلة .
وهي طبعاً تشاركــه قلقه . ولكن لديها شعور بأنه ما إن انتهى شهر العسل
حتى بدأ الحديث عن الوريث يتوالى ويتكـــاثر .
هل كانت تتخيل ذلك ؟ هل كان كل ذلك مجموعة صدف ؟
هل كانت شارون محقـة في التفكير بأنهم وجدوها مناسبة لـ غافن من
الناحية الوراثية ؟
شخصت نظراتها فجأة على غافن . هل هذا هو سبب قناعته بأنها هي
التي يريد الزواج بها وليس امرأة أخرى ؟
وماذا عن قناعتها هــي الآن بأنه لم يكن واضحاً تماماً معها ؟
ـ جو ؟
ـ آه ...
بذلت جهداً لتركز أفكارها قبل أن تقول : (( في ما يتعلق بـ روزي ,
أظن من الحكمة أن نأخذ الأمور بروية )) .
ـ و ماذا في ما يتعلق ببقية أفراد عائلتنا ؟ بروية أيضاً ؟
ـ غافن , لم يمضِ على زواجنا ستة أيام !
التوت شفتاه : (( أعلم . ولكن أليس إنجاب الأولاد من ضمن
مشاريعنــا ؟ )) .
ـ ولِمَ تشك في الأمـــر ؟
ـ لأنك أحياناً ... كتومة جداً يا جو .
ـ ماذا تعني ؟
ـ قد أكون مخطئاً ولكنك أخفيت عنـــي أنك عذراء.
ـ أهذا كل ما في الأمـــر ؟ أين المصيبـــة ؟
ـ على العكـــس . هذا ... هذا يشرفنــي . ولكنني لم أفهم لِمَ أخفيتِ
الأمر عنــي .
ـ ما حصل هو أنني كنتُ على وشك إخبارك عندما احترق المركب
في النهــر !
ـ وبعد ذلك ؟
ـ لم يبدُ الأمر ... أعنـي كنت أنوي إخبارك لأنني كنتُ أخشى
الارتباك , ولكن هذا لم يحصل بفضلك .
رقـت نظرته .
ـ ثم كنا قد اتفقنا أن الماضي هــو الماضي .
ـ لا يحق لــي إذاَ أن أعرف لمَ بلغتِ الرابعة والعشرين من دون أن
تخرجـــي مع حبيب ؟
ـ لا أحد ... يمكن مقارنته معك , يا غافن .
ـ إذاً أنت لم تتزوجـــي بـي عن مصلحة فقط ؟
ـ لم أقل يوماً إن الأمر كذلك .
ـ حقاً ؟ والآن ماذا تقــــولين ؟
حدقا ببعضهما وسألته بصوت أجش : (( لِمَ ينتابني شعور بأنك تضعني
في قفص الاتهام وتوجه إلي شتى أنواع المزاعم ؟ )) .
ـ أليس من الطبيعي أن نتحدث عن مشاعرنا الآن وقد تزوجنا ؟
ترددت الكلمات في ذهنها , وحاولت ضبط أفكارها , إلا أنها لم
تستطع إلا أن تفكـر في أن قرارها بتوخـــي الحذر يبقى حكيماً ... حتى
تكتشف هذه المسألة ومدى صحة توقه لإنجاب صبـي .
نهضت وتوجهت إلى النافذة حيث استطاعت مشاهدة القوارب في
النهار مضاءة باللونين الأحمر والأخضر . بدا هذا المشهد انعكاساً
للصراع الفكري الذي تعيشه . الأخضر لمصارحته والأحمر لتوخي الحذر
لئلا تصاب بخيبة قاتلة . فربما لن يرزقها الله بصبي , مثلاً !
قالت له من دون أن تستدير نحوه : (( لا أظن من الضروري البحث في
هذه الأمور النظرية الآن . ما اختبرناه حتى الآن كان رائعاً . فلنمضِ
قدماً ونحاول البناء عليه )) .
لم يُجب والتزم الصمت وقتاً طويلاً . ثم دنا منها من الخلف ووضع
ذراعيه حولها فاستندت على صدره .
ولكن على الرغم من روعة ما عاشاه , إلا أن جو قد بقيت تشعر
وكأنها نجت من إعصــار .
وخلال الأشهر الثلاثة التالية , استمرت تشعر بتلك الأزمة التي
يمكن أن تحمل اسمين : الأبنــاء وذكريات عن ساشا .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( التــاسع )) ...

جمره لم تحترق 08-12-11 12:08 AM

10- أين أنــا ؟
 
10- أين أنــا ؟
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
كان الطقس قد ازداد دفئاً بشكل ملحوظ بعد ثلاثة أشهر على وصول
جو إلى كين كان للمرة الأولى .
نهضت من النوم ذات صباح , ارتدت سروالاً قصيراً كاكــــي اللون
وقميصاً زهرياً وانتعلت حذاءً خفيفاً . أما غافن فكان قد استيقظ قبل
بزوغ الفجر ليراقب العمال .
راجعت جو خططها للنهار بينما كانت تتناول الفطور مع روزي ,
كانتا ستعملان على منزل الدمى الذي تبنيانه معاً . هو في الواقع ليس
منزلاً للدمى بكل معنى الكلمة فـ روزي لا تحظي بالوقت لمثل هذه
الألعاب . أنما و أشبه بحظيرة مسقوفة للأغنام , فقد تبنت روزي حملاً
يتيماً ضمته إلى مجموعتها المؤلفة من جرو وحصان صغير وببغاء .
وفكرت جو في سرها أنها تبرع في الأمومة على ما يبدو , وهي
تستمتع في دورها هذا . لقد حرصت على أخذ الأمور بروية وعدم فرض
نفسها على روزي كأم , ويبدو أن الأمر ينجح .
جل ما كانت تخشاه جو هو أن ترفض روزي مشاركة والدها مع
شخص آخر, والتحديد مع زوجة . فالفتاة في السادسة من العمر ولم
تحظ يوماً بوالدة , لذا قد يكون هناك احتمال كبير بأن تصاب بصدمة .
غير أن روزي لم تُظهر أي امتعاض على الإطلاق , بل على العكس
كانت تتحمس دوماً لكل الأمور التي يفعلانها معاً , كالسباحة والرسم .
والقراءة وحتى التجول في أرجاء المزرعة .
وقد بدأت روزي تستشير جو في ما يجب أن ترتديه وفي ما يتعلق
بأصدقائها , وكان اقتراح جو بناء منزل صغير لحيوانات روزي الورقة
الرابحة التي أكسبتها قلب الصغيرة .
عندما كانت جو تشعر أحياناَ أن روزي تحتاج إلى رعاية والدها
والاستئثار باهتمامه , كانت تنسحب لترسم وتتركهما وحدهما , ليوم
كامل في بعض الأحيان , وكانت روزي دوماً تعوض عما تحتاجه خلال
هذه الأوقات .
في الواقع دخلت الصغيرة قلبها بسرعة واتضح ذات يوم أن الأمر
نفسه حصل مع روزي ... عندما اتفقتا ضده , على حد قوله .
بدأ الأمر مع الحمل اليتيم . فقد أخذته روزي في غرفتها حيث سبب
خراباً كثيراً .
جن جنون السيدة هاربر بحيث أخبرت (( الرئيس )) على الرغم من
حبها الكبير لـ روزي .
أخرج الحمل من المنزل , فغضبت روزي واتهمت والدها بالقسوة .
وعندما قيل لها إن الجرو الصغير يُمنع دخوله إلى المنزل , ضربت
قدمها في الأرض وقالت لـ غافن إنها تكرهه فعلاً .
ولكن جو قصدت كايز لاستشارته , فظهر عصر ذلك اليوم منزل
خشبي صغير في الحديقة تحت غــرفة روزي .
اصطحبت جو غافن و روزي لرؤيته قبل العشاء , واقترحت أن
يسكن الجرو والحمل معاً في هذا البيت , بالقرب من غرفة روزي , شرط
ألا يدخلا المنزل الكبير طبعاً .
وقبل أن يتسنى لـ غافن أن يوافق أو يعترض , أحاطت روزي جو
بذراعيها وقالت لها بعاطفة حقيقية , إنها أفضل أم يمكن لولد أن يحصل
عليها . حضنتها جو وأحسـت بشعور لذيذ لرؤية روزي سعيدة .
قال غافن أخيراً وهو يراقب كل هذا : (( فهمت )) .
ـ ماذا فهمت يا أبـــي ؟ أليست فكرة رائعة ؟
ـ فهمت أن المرأتين الوحيدتين في حيــاتي اتفقتا وتأمرتا ضـــدي .
دست روزي يدها في يد جو وطمأنت والدها قائلة : (( ولكننا نحبك ,
والآن هل يمكننـي أن أحضر حيواناتي ؟ )) .
أومأ لها فأسرعت مبتعدة .
نظر غافن في عيني جو , فهزت كتفيها وكأن ما بيدها حيلة : (( آسفة ,
ولكن ... )) .
عانقها وقال لها : (( كنت رائعة . ولكن عليك أن تفكــري منذ الآن فـي
أن الجرو سيكبر معتقداً أنه حمل والحمل سيكبر معتقداً انه كلب )) .
فانفـجرت جو بالضحك .
بعد عدة أيام , قالت روزي إنها ترغب في الحصول على إخوة .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:09 AM

10- أين أنــا ؟
 
تبادلت جو والسيدة هاربر نظرات مجفلة , بينما تابعت روزي شرحها :
(( لست أكيدة في ما يتعلق بالصبية , فشقيق صديقتي جوليا شقي جداً ,
ولكنني أود أن أحظى بأخت )) .
حاولت جو والسيدة هاربر عندئذٍ إخفــاء ابتساماتها .
عادت جو إلى الواقع وتابعت درس مخططاتها لهذا اليوم .
منتديات ليلاس


قبل أن تقوم بأي شيء آخــر , عليها الاجتماع بالسيدة هاربر ومناقشة
النشاطات المُدرجة على جدول أعمال المزرعة , وما يجب شراؤه . فإدارة
مكان شاسع كهذا ليس بالأمر السهل . وسيكون من الجيد والمريح لها
ترك الأمور على عاتق مدبرة المنزل الماهرة هذه , إن لم يكن على عاتق
أديل .
وكانت أديل حضرت إلى كين كان بُعيد وصول جو و روزي و غافن
من الشاطئ الذهبي , إذ كان غافن مضطراً للسفر مجدداً لحضور اجتماع
في سيدني . وكانت مُصرة على أن تتعلم جو كل شاردة وواردة من مدبرة
المنزل .
فصحيح أن رجال عائلة هاستينغ يحبون أن تكون السلطة في يدهم
ولكن مسؤوليات كثيرة ستقع على عاتقها , كما قالت لها أديل .
خلال الأيام القليلة التالية , كانت جو مضطرة لموافقتها رأيها ولكم
أُعجبت بلمسة أديل وتعاطيها مع العائلات التي تعيش في المزرعة , فقد
سهلت كثيراً حياة عائلات العمال وجعلتها مسلية قدر المستطاع .
فقد افتتحت معملاً للخياطة ونادياً للقراءة ومكتبة للأفلام .
واقترحت على جو أن تعطي دروساً في الرسم . لقد أظهرت أن كين كان
تحفة معارض الأصواف ويجب أن تحافظ على مرتبتها هذه في نظر الزبائن
والزائرين من كل أقطار العالم .
كما أنها قالت لجو إن حس الجماعة أمر لا بد منه حتى وإن كان
أقرب جيران لك هم على مسافة أميال , كما هي الحال في هذه البقعة من
العالــــم .
ـ من المهم يا عزيزتي أن تختلطي مع الآخرين وتتركـــي بصمتك
الخاصة على كل شيء , ليس فقط من أجل المزرعة إنما من أجلك أنت
أيضاً . وإلا فإن مزرعة المواشي يمكن أحياناً أن تفقدك صوابك .
ضحكت جو وقالت : (( حتى الآن تعجبنـــي الحياة هنا . هناك الكثير
من المساحات والحرية )) .
ـ جيد . وإذا احتجتني , فلا تترددي إطلاقاً في مناداتــــــي .
ـ كيف ...
ترددت جو قبل أن تسألها : (( كيف تجري خطط زواجك ؟ كنت أفكر
في ذلك , وشعرت بالذنب قليلاً لأنني أنسيتُ غافن هذا الموضوع )) .
ابتسمت أديل وقالت : (( في الواقع , إنني أعيد التفكير في الأمر )) .
ـ أبسبب ما قاله غافن عن ....
ـ عن صائدي الثروات ؟ والأرامل الوحيدات ؟
تنهدت أديل ثم قالت بحزن : (( الأمور تكون معقدة عندما تتضمن
مبالغ طائلة من المال ... ولكن أجل , قد يكون محقاً , ربما تسرعت
قليلاً )) .
لم تقل جو شيئاً بل اكتفت بالضغط بحرارة على يد أديل . إلا أن
شعور حماتها أعاد إلى ذهنها موضوع الأبناء والورثة . ولا علاقة لهذا
بأي شيء قاله غافن , إنما تلك الأفكار لم تفارقها وهي تتسلم زمام
الأمور في كين كان .
كما أن لا علاقة لتلك الأفكار بأحاسيسها تجاه غافن , فهذه تزداد
يوماً بعد يوم . ولكن كان هناك أمر لم تستطع تحديده , شـــيء ما بينها
وبين غافن يجعلها تشعر بالانزعاج , وهي الآن تفكر بذلك وهي تتناول
قهوتها الصباحية .
هي لا تزال مقيدة بذلك البند الاحترازي , فهي لم تعترف له بحبها ولم
تأتِ إطلاقاً على ذكر ماضيها . ولكنها وجدت أنهما متلائمان في كل
شـــيء .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:10 AM

10- أين أنــا ؟
 
هل يُعقل أن يكون ما يجمعهما هو الرغبة فقط ؟ أم أن هنالك ما هو
أكثر من ذلك ؟
ثم بدأت جو تتساءل إن كانت مثل ساشا بالنسبة إليه , أم تبعد عنها
أشواطـــاً ؟
لا شك أن غافن و ساشا كانا مغرمين ببعضهما ولكن ما عساها
تتوقع أكثر , وهو نفسه قال إن أقل العواطف تأججاً هي أكثر
الأساسات متانة ؟
منتديات ليلاس


كانا متفقين في معظم الأمور, إلى أن بدأت الهوة تتسع بينهما في
وقت لم تكن تتوقعها , كما حصل مؤخراً .
فمنذ أسابيع قليلة خلت , سافرا معاً إلى بريزبان بسبب عمل ما
هناك . تركا روزي برفقة أديل , وحجزا لنفسيهما غرفة جميلة في أحد
الفنادق المطلة على نهر بريزبان .
قال لها إنه سيتركها بمفردها معظم النهار, ولكن يمكنها أن تستغل
الفرصة لتتسوق أو ما شابه , على أن يلتقيا عند العشاء .
وافقته اقتراحه ولكنها بقيت معظم الوقت تشعر بترقب غريب . حتى
أنها لم تخرج للتسوق أو لزيارة متحف كوينزلاند للفنون الذي كانت
تتحرق لرؤيته , إنما انصرفت في نزوة منها لتسرح شعرها وتزيين
وجهها . وارتدت ثوباً رائعاً كانت تحمله من جهاز زفافها .
تناولا العشاء في مطعم مطل على النهر , وكان في طريقة نظره إليها ما
أثار أحاسيسها , فقالت فجأة : (( آه , لا ! )) .
رفع حاجبه مستغرباً : (( هل من خطب ؟ )) .
كانا قد أنهيا طبقيهما ويفكران في ما إذا سيطلبان التحلية أم لا .
ـ ما الأمر يا جو ؟
لمست شعرها المصفف وقالت : (( إنه مسدول , إذاً المشكلة ليست
فيه )) .
كان مستنداً في كرسيه , وقد بدا جذاباً للغاية في بذلته السوداء
وقميصه الأزرق الفاتح وربطة عنقه المتناسقة .
ـ يا ليتك لم تقولي ذلك .
ـ أشعر بأن فكرة طلب التحلية قد لا تكون جيدة .
ـ شعورك في محله , يا جو .
لم تستطع أن تخفي ابتسامتها : (( يبدو أنني أتعلم )) .
لم يكن المطعم بعيداً من الفندق , وما إن أصبحا في غرفتهما حتى
فكرت جو . هل يتحول هذا إلى أحد تلك اللقاءات المشحونة
بالعواطف ؟
لم يضيعا الكثير من الوقت , لشدة ما كان يرغب الواحد منهما في
الآخـــر .
وعندما استعادا القدرة على الكلام مجدداً , قال في شعرها : (( أنت
رائعــــة )) .
ثم أكمل :
ـ متى ...
ولكنه توقف فجأة وتغيرت نظرته .
ـ متى ماذا ؟
ـ لا , لا شيء , اخلدي إلى النوم الآن يا صاحبة الساقين
الطويلتين .
ـ غافن ...
ترددت قليلاً ثم سألته : (( ما الذي يدور في ذهنك ؟ )) .
ـ لا شـــيء .
ومد يده ليطفئ المصباح بجانب السرير .
فتحت جو فمها لتعترض على التغير الذي أصابه فجأة وتطالب
بمعرفة السبب , ولكنه خطر لها فجأة أنه ربما تذكـــر ساشا . ربما كانا
يقومان برحلات سريعة غير متوقعة كهذه , ربما نزلا في هذا الفندق
بالذات , وهو الآن يتصارع مع ذكرياته .
إذا كانت هذه هي الحال , فليس هناك ما تستطيع فعله أو قوله .
بقي شارداً عنها إلى أن عادا إلى كين كان , عندئذٍ عادت الأمور إلى
طبيعتها .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:12 AM

10- أين أنــا ؟
 
ومن الأمور الغريبة التي حصلت وزادت الهوة بينهما , كانت حفلة
العشاء الأولى التي أقامتها .
كانت جو قد دعت ثلاثة أزواج من المنطقة . وكان كل شيء يسير
على ما يرام إلى أن قام أحد الرجال المدعوين بالثناء على غافن لذوقه
الرفيع في اختيـــــــار زوجاته .
ساد صمت مريع , ونظرت إليه زوجته وكأنها تــتمنى لو تنشق الأرض
وتبتلعها . أما غافن فرمقه بنظرة قاتــلة .
حافظت جو على ما يكفي من رباطة جأشها لتواصل السهرة , ولكن
طبعاً بشيء من التوتر المخيم , ولَكم كان ارتياحها كبيراً عندما انتهى كل
شيء! همست لـ غافن وهما يلوحان للمدعوين , مودعين إياهم : (( ذكرنــي
بألا أدعوه مجدداً )) .
ـ لماذا ؟ يبدو أنه أُعجب بك .
طرفت جو بعينيها واستدارت نحوه غير مصدقة : (( إنه عديم الذوق )) .
هز كتفيه واستدار : (( أظننــي سأدخل الآن )) .
بقيت جو على الشرفة لبعض الوقت , محاولة أن تفهم ما الذي جعلها
تشعر بأنها هي من استدرج هذا التعليق . هذا جنون . أيُعقل أن يكون
تعليق كهذا قد أعاد ساشا إلى تفكـــير غافن ؟ ساشا التي يحوم طيفها أكثر
فأكثر على علاقتهما . هذا هو التفسير المنطقي الوحيد . لقد قال لها إنه لن
ينسى زوجته الأولى , فَلمَ تتفاجأ وتشعر بالألم ؟
ذهبت إلى فراشها , لتجده نائماً , وكانت تلك المرة الأولى منذ
زواجهما التي لا يعانقها فيها لتنام بين ذراعيه .
وضعت جو فنجان القهوة على الطاولة أمامها وتنهدت لتلك
الذكريات الصعبة . ثم أرغمت نفسها على التفكير في بقية نهارها .
عندما تنتهي من العمل مع روزي , تنوي أن ترسم لعدة ساعات .
فهي تحضر مجموعة لوحــات عن المزرعة وتفكــر جدياً في إقامة معرض ,
وقد أبدت أديل اهتماماً بالغاً بهذا المشروع .
ولكن ما قررت فعله لم يحصل , إذ دخلت جو إلى فراشها مع عبوة
مياه ساخنة . وعندما استيقظت كانت شاحبة جداً , وكان غافن جالساً
على حافة السرير .
وضع يده على جبينها : (( هل هو موعد عادتك الشهرية ؟ )) .
ـ أجل .
وتساءلت وهي تجيبه إن كان ما رأته في عينيه هو خيبة الأمل . انحنى
وقبل جبينها برقة : (( إبقـي هنا وارتاحي . سأحضر لك ما تأكلينه )) .
نامت مجدداَ , مقتنعة بأن ما رأته كان من نسج خيالها . وتبددت
مخاوفها السابقة كلها .
في الصباح التــالي , كانت بحال أفضل , ولكنها لم تكن جاهزة
للحديث الذي دار بينها وبين غافن وهما يتناولان الشاي .
كانا قد ركبا دراجتيهما واتجها نحو أحد المروج المخصصة للماشية .
وكانت روزي قد ذهبت إلى مزرعة مجاورة لحضور حفلة ميلاد ومن
المفترض أن تمضي الليل هناك .
بسطت جو الغطاء الذي أحضرته معها في ظل شجرة وفتحت السلة
التي زودتها بها السيدة هاربر , والتي تحتوي إبريق شاي وبعض شرائح
من الكيك اللذيذ بالفواكــه المجففة .
علقت عند رؤيته قائلة : (( سوف يزداد وزني بالتأكيد نظراً لما تطهو
السيدة هاربر )) .
تمدد غافن على البساط بينما كانت جو تكسب الشاي : (( أنت لا
تبدين لـي سمينة )) .
ـ شكراً لك يا سيد هاستينغ .
تأملها ونظر في عينيها : (( هل أنت سعيدة بالطريقة التي ((نعرف)) فيها
بعضنا يا جو ؟ )) .
ترددت وقطبت جبينها : (( تبدو لــي طريقتنا جيدة . ماذا عنك ؟ )) .
ـ الأمر مماثل ولكن هل هناك ما يمكنك فعله لتجنب ما تمرين به كل
شهـــر ؟

جمره لم تحترق 08-12-11 12:13 AM

10- أين أنــا ؟
 
اختارت جو قطعة كيك وناولته الطبق . ثم قالت بمرح : (( إما أن
أتناول حبوب منع الحمل وإما أن أنجب طفلاً )) .
ـ هل تعنين بذلك أنك لا تأخذين حبوباً لمنع الحمل ؟
وضعت كوبها جانباً وسألته : (( ما الذي جعلك تظن ذلك ؟ )) .
ـ لقد مضى ثلاثة أشهـــر.
منتديات ليلاس


هزت جو رأسها لتجلي أفكارها : (( هل تخشى من أن أكون عاقراً بعد
ثلاثة أشهر على زواجنا ؟ أو تظن بأننــي أتناول حبوب منع الحمل سراً ؟ )) .
ـ أنتِ قلت إنك لا تريدين إنشاء عائلة على الفور يا جو .
وخُيل إليها فجأة أنها في النهاية لم تتخيل نظرة الخيبة في عينيه الليلة
السابقة , فعادت إليها كل مخاوفها وقلقها بشكل لم تستطع مقاومته .
نهضت فجأة وانفجرت قائلة : (( وأنت لم تقل لي يا غافن هاستينغ
إن زواجنا كان الهدف منه إنجاب صبي يكمل سلالتك )) .
ـ هذا هراء !
ـ الفكرة أتت من مصادر عدة وأنت لم تفعل سوى تأكيدها .
ومضت عيناها ووضعت يدها على وركيها بحزم , ولكنها كانت من
الداخل تشعر ببرودة و ألم فظيعين .
وكما لو أنه قرأ أفكارها , قال لها : (( أنت قلتِ إن هذا الزواج هو
زواج مصلحة . هل كنت تعنين بذلك أنه يمكنك الرحيل متى شئتِ ؟ )) .
فتحت فمها لتنكر الأمر , ولكنها غيرت رأيها : (( أنا لم أرد لهذا
الزواج أن يكون عملية لإنجاب طفل يــنقذ سلالة آل هاستينغ )) .
ـ إذاً أنت لا تنوين إنشاء عائلة ؟
ـ ليس هكذا , حسب الطلب . وإذا لم أنجب لك ابناً يا غافن , هل
ستأمرنــي بالرحيل ؟
اقترب منها بسرعة وأمسكها من معصمها بقبضة حديدية مؤلمة ,
وأمرها من بين أسنانه : (( كفي عن ذلك . أنت تعرفين جيداً أن لا علاقة
لهذا بزواجنا )) .
ـ لا , لا أعرف . دعني , أنت تؤلمنـــي .
أفلت معصمها ولكن تعــابيره كانت لا تزال ساخطة : (( جو ... )) .
استدارت على عقبيها وركضت إلى دراجتها . من الواضح أنها
فاجأته لأنها استطاعت ركوب الدراجة والإقلاع قبل أن يتمكن من
إيقافها .
كان شعرها يتطاير خلفها بينما كانت الدموع تنهمر غزيرة من
عينيها , فلم ترَ الكنغر الذي وثب من خلف الصخور وظهر أمامها ,
فصدمته .
نهض حيوان الكنغر ووثــــب فاراً . أما هي فكانت ممدة على الأرض
فاقدة الوعــي .
قال الطبيب طوم وانسون : (( غافن , أظنها ستكون بخير . لقد لوت
كاحلها وأصيبت بعدد من الجروح ولكن لا أظن أن هناك أي إصابات
داخلية أو كسور في العظم . هذه أعجوبة في الواقع . في مطلق الأحوال
سأنقلها إلى شارلفيل لمزيد من الفحوصات )) .
ـ متى تتوقع أن تستعيد وعيها ؟
نظر طوم إليه لحظة . هو يعرف غافن هاستينغ منذ زمن بعيد , ولكنه
لم يره هكذا إلا مرة من قبل , عندما توفيت زوجته الأولى .
ـ يصعب معرفة ذلك . من الأفضل أن ترافقنا .
ــ نعم غافن , رافقهمـــا .
قالت السيدة هاربر ذلك وهي تغالب دموعها وتربت على كتف جو
الممدة على السرير النقال : (( سأهتم بـ روزي عند عودتها )) .
* * *
ـ أين أنا ؟
فتحت جو عينيها فسارع غافن يضغط على الجرس بجانب سريرها .
ـ أنت في المستشفى يا جو لكنك ستكونين بخير .

نـخوة 08-12-11 12:14 AM

هلا فيك جمرة
الحمدلله عالسلامة
يالله بسسسسسسرعة كمليها بلا حركات تشويق بلا بطيخ>>:95:
انا اللي كنت ابغي اسوي حركات واقرأ الرواية بعد ما تخلص:7rkat:
لكن اخذني الحماس وما قدرت ما اقراها :352:
والحين انطر التكملة بفارغ الصبر
يالله يا حلوة كمليها وبلا حركات

ولا تزعلييين من البطيخ ترى امززززح:wah:


جمره لم تحترق 08-12-11 12:15 AM

10- أين أنــا ؟
 
وأمسك بيدها : (( لقد تعرضت لحادث على الدراجة . هل
تذكرين ؟ )) .
دخل طوم إلى الغرفة وجلس على كرسي بجانب السرير , ثم راح
يسألها بصبر ورفق . استغرق ذلك بعض الوقت لكنه فهم أنها تعرف
من هي ومن يكون غافن ـــ وإن كانت قد قطبت جبينها عندما طرح
عليها هذا السؤال ـــ ولكن الأمر الوحيد الذي لا تذكر أي شيء عنه هو
الحادث .
يبدو أن الجهد الذي بذلته أنهكها , فغطت في النوم .
أخرج طوم غافن من الغرفة وقال له : (( هذا أمر شائع , فكثير من
الناس لا يذكرون شيئاً من الحادث الذي يتعرضون له ولكن يمكن القول
إن ذاكرتها لم تتعرض لأي خلل )) .
توقف وبحث في عينــي غافن عن أي دليل ارتياح , ولكن تعابيره
كانت قاسية كما كانت طيلة النهار .
ـ غافن ؟ سوف تكون بخير , صدقني . إسمع , أعرف أنك على
الأرجح تستعيد ذكريات من الماضي ولكن ...
قاطعه غافن بسرعة : (( لن أسامح نفســـي أبداً )) .
وابتعد في الممر . حدق به طوم ثم هز رأسه وعاد إلى مريضته .
بعد عدة أيام , شعرت جو بتحسن كبير وإن كانت لا تزال تشعر
وكأنها مخدرة .
جاء طوم لزيارتها , وبينما كان يفحصها قال بطرافة : (( لست أدري
ماذا يجري معكما . مرة تتعرضان للخطف ومرة تصطدمان بحيوانات
الكنغر )).
ابتسمت جو بوهن ولكن بعد خروج طوم , أخذت تفكر بكلماته
بسخرية . ماذا يحصل معهما فعلاً لينتهي بهما الأمر في المستشفى نفسه ,
في بداية علاقتهما وربما في نهايتها .
إنها لسخرية فعلاً أن يكون غافن قد قرر الزواج بها هي بالذات , من
عند هذا السرير بالذات ! وأن تكون هي مفطورة القلب على نفس
السرير , لأنها تظن أنه تزوجها من أجل روزي ومن أجل الأبناء الذين
سيكملون السلالة .
بعد خمسة أيام على الحادث , كانت جو قد بدلت ثيابها واستعدت
لمغادرة المستشفى . كانت لا تزال تحمل جروحاً في ساقيها ويدها ولكن
كاحلها كان قد تعافى تقريباً وهي أصبحت بخير ... أقله جسدياً .
أمضى غافن وقتاً لا بأس به معها , ولكنه لم يأت على ذكر الجدال
الذي أدى إلى حصول الحادث . في البداية , كانت ممتنة له لأنها كانت
منهارة القوى , ولكن اليوم تغير شعورها . خلال نصف ساعة سيكونان
معاً في طريق العودة إلى كين كان . وتساءلت إن كانا سيفسخان
زواجهما , هناك .
أهذا ما تريده ؟ ما هي الخيارات المتاحة أمامها ؟ أن تعرف أن دورها
الأساسي في حياته هو أن تكون أم أولاده ؟ لا ... ولكن ...
حدقت من النافذة , كان الطقس ماطراً طيلة الوقت الذي أمضته في
المستشفى , ولا يزال .
وقف غافن عند باب غرفتها وحدق بها , من دون أن تراه .
كان شعرها الرائع مرفوعاً إلى الخلف وكانت جالسة على طرف
السرير تنظر عبر النافذة .
تساءل في سره : ما الذي تفكر فيه ؟ ألا تزال غاضبة منه , كما كانت
منذ خمسة أيام ؟ هل تفكر في هجره ؟
كانت شاحبة ويداها منقبضتين كما لو أنها تتألم . أغمض عينيه لحظة
وشتم نفسه مجدداً . ثم تمالك نفسه وناداها : (( جو ؟ )) .
استدارت بسرعة واتسعت عيناها : (( لم ... لم أسمعك تصل )) .
ـ لم يمضِ على وجودي وقت طويل . كيف تشعرين ؟
ـ بخير .
ـ هل نذهب إذاً ؟
ـ غافن , يجب أن نتكلم ! علي أن أعرف أين نحن في علاقتنـــا .
أجاب بهدوء : (( الوقت والمكان غير مناسبين . ثم أنت لا تزالين
متعبة ومن المستحسن أن تأخذي الأمور بروية )) .
ـ أنا قادرة على الكلام . أنا ... أنا لست دمية من زجاج , وأنت
تجعلنـــي أشعر وكأننـــي كذلك )) .
ـ جو , أمامنا رحلة صعبة بعض الشــيء لذا أُفُضل أن نتكلم في هذا
الموضوع عندما نصل إلى المنزل .
وحمل حقيبتها .
حدقت بزوايا وجهه وخطوطه وتعابيره وارتجفت في داخلها .
كيف وصلا إلى هنــا ؟ وإلى أين ستصل الأمور بينهما ؟
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
نهاية الفصل (( العاشر )) ...

جمره لم تحترق 08-12-11 12:18 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نـخوة (المشاركة 2945273)
هلا فيك جمرة
الحمدلله عالسلامة
يالله بسسسسسسرعة كمليها بلا حركات تشويق بلا بطيخ>>:95:
انا اللي كنت ابغي اسوي حركات واقرأ الرواية بعد ما تخلص:7rkat:
لكن اخذني الحماس وما قدرت ما اقراها :352:
والحين انطر التكملة بفارغ الصبر
يالله يا حلوة كمليها وبلا حركات

ولا تزعلييين من البطيخ ترى امززززح:wah:


ههههههههههههههههههههـ لا والله قلت امزح بالتشويق قلبت جد
بس تصدقـــي احسن اتاري شوقتك وانا ما ادري
بس ثوانــي وانزل النهاية
وقراءة ممتعة لك وللجميع
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

جمره لم تحترق 08-12-11 12:21 AM

11- فيضان ... حب
 
11- فيضان ... حب
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
قادها غافن إلى سيارة الرانج روفر , قائلاً : (( أنا آسف , ولكننا لن
نسافر بالطائرة )) .
بدت جو متفاجئة .
ـ لقد تعقدت الأمور ليلاً . حصل فيضان والطائرة مطلوبة لنقل
امرأة حامل إلى بريزبان . وما من طوافة واحدة في المنطقة لا تعمل في
الإنقاذ , ولكني وضعت على المقاعد جلد حمل لمزيد من الراحــة .
ـ شكراً . كيف تجري الأمور في كين كان ؟
صعد إلى مقعد القيادة بجانبها وأدار المحرك خارجاً من مرآب
المستشفـــى .
ـ المياه تغمر كل شيء وعلينا نقل الماشية إلى أرض أكثر أرتفاعاً .
ـ هل الأمر بهذا السوء ؟
ـ أجل .
وشغل جهاز الراديو : (( كنت أود تركك في المستشفى ليوم أو اثنين
ولكنهم يحتاجون إلى كل الأسرة الممكنة . فهناك حالات طارئة كثيرة
بسبب الفيضانات)) .
قالت بشيء من الذنب : (( لم أعرف أن الأمر بهذا السوء )) .
ـ لا بأس . كان لديك أمور أخرى تدور في ذهنك .
حدقت جو بيديها : (( غافن ... )) .
ولكنه قاطعها رافعاً يده , مشيراً إلى الراديو , الذي كان يبث نشرة
الطقس. ثم شتم غاضباً: (( الطريق الرئيسية مقطوعة . سيكون علينا أن
نسلك طريقاً طويلة أخرى )) .
ـ ربما علينا العودة إلى شارلزفيل .
منتديات ليلاس


ـ ما من سرير واحد شاغر في شارلزفيل ومستوى المياه يرتفع
بسرعة , لذا شارلزفيل نفسها قد لا تكون آمنه .
نظرت جو من النافذة وصعقت عند رؤية ستة أحصنة محتجزة داخل
حظيرة مغمورة بالماء , ما أدى إلى سقوط الحيوانات . فقالت : (( لا يمكننا
أن نتركها هكذا )) .
تردد غافن , ولكـن عندما لاحظ تعابيرها المصدومة , ركن السيارة
بجانب شجرة كبيرة وأمرها قائلاً : (( سأفتح لها السياج . إبقي حيث
أنت )) .
ولكن من دون مقص للأسلاك , كان القول أسهل من الفعل , ولم
يكن من الممكن تحرير الخيول لتلجأ إلى أرض مرتفعة . ولم تصدق جو
السرعة التي كانت ترتفع فيها المياه .
في النهاية تجاهلت ما أمرها به وخرجت لتساعده . كان المطر يهطل
بغزارة وهو يستعمل العدة التي أحضرتها له من السيارة ليقطع
الأسلاك .
قال بمرارة : (( لا يجدر بهم وضع الخيول في حظائر مسيجة
بالأسلاك )) .
رجعت جو إلى السيارة وعادت إليه ببعض من ثيابها ليلف بها يديه
النازفتين : (( خذ هذه )) .
ـ شكراً , كدت أنتهي .
سألته بقلق : (( ولكن إلى أين ستتوجه الأحصنة المسكينة ؟ )) .
ـ إلى الطريق هناك , إن كانت تتحلى بشيء من المنطق . ولكن لا
تقلقي عليها فهي تتمتع بغريزة بقاء قوية وهي بارعة في السباحة .
كان يلهث بشدة : (( لا أصدق أن العرق يتصبب مني والمطر يهطل
بهذا الشكل )) .
وأخيراً فتح السياج , فهبت الأحصنة إلى حريتها ملوحة بذيولها
وكما توقع غافن , توجهت إلى الطريق المؤدية إلى شارلزفيل .
علق بسخرية : (( شكراً لكما على هذه المساعدة ولكننا مضطرون
للرحيل )) .
فابتسمت جو له .
ولكن القلق عاد مع عودتهما إلى السيارة , وكانت المياه تتلاطم على
الأرصفة .
ـ عمل (( السامري الصالح )) هذا قد يكون كلفنا الكثير يا جو . لنصغِ
إلى آخر الأخبـــار .
لم تكن الأمور تُبشر بالخير , فمياه الفيضانات ترتفع بسرعة أمامهم
وخلفهم .
أطفأ جهاز الراديو وشد على قبضتيه : (( لا بد أنني فقدت صوابي . لن
نتمكن من المرور الآن )) .
قالت مرتجفة : (( ما كان بإمكانك أن تترك الخيول تهلك )) .
ـ كان بإمكان المياه أن تجرفها وتجرفنا معاً . إسمعي , سأحاول
الاتصال بالطوارئ , وأركن السيارة تحت تلك الشجرة .
تمكن من الاتصال بخدمة الطوارئ الحكومية وإحـــدى طوافاتها ,
مزوداً إياهم بمكانها ووضعهما . ثم ركن السيارة إلى جانب الشجرة .
ـ آه يا إلهــــي !
والتقطت جو أنفاسها وهي تحدق من النافذة , فقد كانت موجة
عالية موحلة مقبلة نحوهما .
ـ إفعلي بالضبط ما أقوله لك , يا جو . سأساعدك على الصعود إلى
السقف.

جمره لم تحترق 08-12-11 12:23 AM

11- فيضان ... حب
 
إذا كانت هذه تجربة مؤلمة بالنسبة لها , فالآتــي أعظم .
رمى غافن حبلاً باتجاه الغصن الأدنى من الشجرة وتسلقها كهر
كبير . وناداها من فوق وهو يربط الحبل : (( إنه متين وآمن يا جو )). ثم
رمى لها الطرف الآخر قائلاً : (( لفيه حول خصرك واصعدي كما فعلت
أنا )) .
ـ لا أظننـــي أستطيع ذلك .
منتديات ليلاس


ـ استعيني بالعقدة لتضعـي قدميك عليها . ولا تقلقي إذا انزلقتِ ,
سأساعدك .
تردت , ولكن المياه كانت تتخبط على أبواب السيارة الآن .
وضعت يديها على الشجرة وشعرت بالحبل يشد على وسطها , فبدأت
ترفع نفسها ببطء .
كان يحدثها طيلة الوقت , ولكنها تجمدت فجأة ولم تستطع التقدم .
ـ جو , تمسكي بيدي !
رفعت نظرها فرأته ممدداً على الغصن , مدا يده إليها .
ـ لا يمكننــي ذلك . لا أستطيع .
ـ بل يمكنك , جو , أنا أحبك, لقد أحببتك منذ اليوم الأول .
ـ مـــاذا ؟
ـ ما كنت سأخبرك إلا لاحقاً , عندما نصل إلى المنزل , ولكن هذا
صحيح . هيا , يا جو . قليلاً بعد وتصلين .
ـ ولكنك كنتَ ... كنتَ ...
ـ قلت لك إننــي فاشل في الحب .
ـ أعرف أنك لا تستطيع أن تنساها يا غافن ...
ـ أنت هي من أخشى فقدانه . أرجوك حبيبتي , قليلاً بعد . يمكنك
القيام بذلك !
وبالفعل تمكنت من الوصول . لم تعرف كيف استطاعت ذلك , ولكن
ما كانت أكيده منه هو أنها لما قدرت على ذلك من دونه ومن دون قوته
وخبرته ... أو ربما من دون كلماته .
وصلت لاهثة إلى فوق , في حين انجرفت السيارة مع المياه .
سألته : (( ماذا قلت ؟ )) .
أمسك وجهها بين كلتا يديه : (( أحبك حبيبتي كدت أصاب بالجنون
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة , وأتساءل إن كنت ستقعين في حبي
يوماً )) .
انفرجت شفتاها ولكن قبل أن تتمكن من قول كلمة واحدة , سمعا
هدير طوافة تحوم فوقهما .
أشار إلى الأعلى : (( الحمد الله ! هذه المرة ستصعدين بالرافعة .
وسأكون معك )).
عندما أصبحا على متن الطائرة , قال لهما الطيار : (( لم أرِ شيئاً كهذا
من قبل . شارلزفيل وكونامولا في حالة استنفار قصوى )) .
ـ ماذا عن كين كان ؟
ـ أخشى أن الأخبار ليست جيدة .
قالت جو بقلق : (( روزي ! )) .
ضمها إليه مطمئناً : (( إنها في بريزبان )) .
سأل غافن الطيار : (( إلى أين نحن ذاهبون ؟ )) .
ـ إلى روما . لا تزال المدينة جافة , مع أن الفيضان يرتفع أيضاً .
ولكننــي أخشى أن يكون هذا أبعد مكان أستطيع نقلكما إليه . علي أن
أتزود بالوقود وأن ألبي نداءات استغاثة أخرى .
ـ هل يمكنك إيصالي إلى كين كان ؟
ـ طبعاً يا صاح ! ولكن ستكون جولتنا سريعة جداً .
قال غافن في أذن جو : (( سأرسلك إلى الشاطئ الذهبي من روما .
علي العودة إلى كين كان . هل تفهمينني ؟ )) .
ـ طبعاً ولكن توخ الحذر . لا أصدق السرعة التي حدثت بها
الأمـــــور!
ـ أعرف ... من لا يرى مثل هذه الأمور لن يصدقها . سأتوخى
الحذر , وأنت أيضاً . أتصور ما تشعرين به الآن فوق كل ألمك .
أسندت رأسها إلى صدره : (( سأكون بخير )) .
ثم نظرت إليه بعينين مبتسمتين : (( أتعلم ؟ كانت حياتي مملة آمنة إلى
أن تعرفت إليك )) .
طبع قبلة على أنفها وضحك وهو يعدد لها : (( خاطفون , قوارب
مشتعلة , فيضانات , طوافات إغاثة ... ربما تسبب لقاؤنا باصطدام
بين الكواكب , ما رأيك ؟ )) .
ضحكت وعادت تسند رأسها إلى صدره , من دون أن يقولا المزيد .
أمضت جو أربعة أيام في منزل الشاطئ قبل أن يعود غافن إليها .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:24 AM

11- فيضان ... حب
 
وكان قد تركها في مطار روما بعد أن حجز لها رحلة وقال لها قبل أن
يغادر : (( قولي إنك تفهمينني ! )) .
ـ أفهمك .
ـ هذه هي (( جوزي التي أحبها )) .
وعانقها ورحــــــل.
منتديات ليلاس


وافتها أديل إلى بريزيان واصطحبتها إلى منزل الشاطئ حيث كان
أحد الأطباء بانتظارها ليفحصها , رغم اعتراضها وقولها إنها بخير .
قال الطبيب أخيراً : (( أنت فعلاً بخير يا سيدة هاستينغ , ما خلا بعض
الرضوض والجروح و العضلات المتشنجة . عليك أن ترتاحي قليلاً
وسأصف لك بعض الحبوب المنومة )) .
نظرت أديل مطولاً إلى جو بعد رحيل الطبيب وأصرت على أن تفعل
ما وصفه لها بالضبط : النوم .
ـ ولـــكن ....
ودت جو أن تعترض ولكن الحقيقة أنها بحاجة لإعادة التفكير في كل
ما حدث معها اليوم , وفي حدث محدد بشكل خاص .
قالت أديل : (( استحمي أولاً ليزول التشنج . جربـــي هذا الحمام .
اتهمني الجميع بالجنون عندما صممته ولكننــي كنت أعرف أنه سيكون
مفيداً ذات يوم )) !
فتحت جو فمها لتقول لحماتها إنها سبق وجربته , ولكنها غيرت
رأيها . لقد أفادها الحمام كثيراً وكذلك حبة المنوم , مع أنها استيقظت
باكراً جداً وبقيت في سريرها تتخيل كيف كانت مغمورة بالماء وتستعيد
في ذهنها المعجزة التي قالها غافن .
وتساءلت في سرها : هل تخيلتُ ذلك يا ترى ؟ هل كنت أهلوس ؟
هل قالها لكي يدفعني فقط إلى بلوغ الشجرة ؟ لِمَ لا أستطيع تصديق
الأمــــر ؟ .
حدقت إلى أشعة الصباح المتسللة عبر الستائر ووجدت نفسها تتذكر
حديثها المشتعل قبل أن تقع عن الدراجة.
تذكرت إصراره على عدم التحدث في موضوع زواجهما عندما مر
لاصطحابها من المستشفى وكيف تغير ذلك فجأة ...
ارتاحت طيلة النهار إذ كانت عضلات جسمها كله تؤلمها عند أدنى
حركة . وأصرت أديل على البقاء معها . قائلة إن روزي بخير مع شارون
وهي تحب رفقة بنات عمتها .
ولكن في اليوم التالي , عندما تحسنت حال جو, اقترحت على أديل
أن ترحل , فهي بخير . وكانوا قد تلقوا أخباراً بأن الجميع في كين كان
بخير , إلا أن المياه تغمر قسماً كبيراً من الممتلكات .
قالت أديل بنبرة فلسفية : (( هذه أمور تحصل . لقد اختفت شارلزفيل
في الفيضان الأخير . لم تكن الحياة في براري أستراليا سهلة يوماً بقحطها
وفيضاناتها . آه , لا عزيزتي ! لن أتركك قبل أن يعود غافن )) .
ـ سأكون بخير ...
ثم توقفت فجأة وضاقت عيناها : (( هل ما أفهمه صحيح ؟ )) .
ـ ربما , لدي أوامر صارمة بالبقاء معك حتى عودته .
ـ ولكن هذا ...
ـ هذا غافن . طُلب مني أيضاً أن ابقي شارون بعيدة . يبدو أنه من
دون قصد سببت بعض التشنج بينك وبين غافن .
لم تعلق جو على الموضوع واكتفت بالصمت .
ولكن أديل تابعت بعد لحظة طويلة قائلة : (( بعد كل ما مررتِ به يا
جو , لن أشعر بالاطمئنان إذا تركتك بمفردك , هنا أو في أي مكان
آخر . لذا عليك أن تتحملي وجودي )) .
ـ هذا ليس الموضوع . أخشى فقط أن ألهيك عن شيء آخر .
ـ اطمئني عزيزتي . على فكرة , لدي أخبار سارة .
عبست جو بينما تابعت أديل قائلة : (( تلقيت اتصالاً من إحدى
صديقاتي هذا الصباح وهي تدير معرضاً فنياً شهيراً . وسيهمها أن تقيم
معرضاً لأعمالك )) .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:25 AM

11- فيضان ... حب
 
فغرت جو فاها ثم رقت عيناها وقات بصدق : (( أعرف شيئاً واحداً
هو أنك أفضل حماة على الإطلاق )) .
بدت أديل وكأنها ستعلق على الموضوع ولكنها اكتفت بالقول :
(( أعدك بأنني سأختفي ما إن يصل غافن )) .
وصل غافن بعد يومين على ذلك . كانت أديل قد طلبت من صوفــي
تحضير العشاء باكراً , ففعلت ما طُلب منها ووضعت في الغرفة الخضراء
طبقين على المائدة بالإضافة إلى السلمون المدخن وصلصة الزنجبيل
ورقائق الجبن وحساء هليون لذيذ .
منتديات ليلاس


أما جو التي كانت خدوشها لا تزال في طور الشفاء , فقد ارتدت
بيجامتها الزهرية الخفيفة .
كانت قد رفعت لتوها الغطاء على الحساء لتتنشق رائحته اللذيذة ,
عندما دخل عليهما غافن فجأة , من دون سابق علمٍ أو خبر .
قالت أديل محتفية بابنها : (( يا لها من مفاجأة سارة ! أفترض أن
الأمور تحسنت هناك ؟ )).
ـ أجل . مرحباً يا جو .
ـ مرحبــــــــاً !
وضعت منديلها من يدها ووقفت لتستوعب حضوره بكل ذرة من
كيانها .
كان قميصه متسخاً وكذلك حذاءه .
سألته أديل : (( ما الأضرار ؟ )) .
ـ المكان الوحيد الذي نجا من الفيضان هو المنزل .
وابتسم لتنهيدة الارتياح التي أطلقتها والدته , ثم تابع قائلاً : (( ولكن
الخسائر في المواشـــي أكثر مما توقعت . على أي حال , فعلنا ما بوسعنا )) .
وعاد بنظراته إلى جو الواقفة كالتمثال بجانب المائدة : (( سأدخل
للاستحمام . هلا عذرتماني للحظـــــات ؟ )) .
قالت وقد عادت إليها الحياة أخيراً : (( طبعاً . سنحضر المزيد من
الطعام ريثما تعود )) .
ولكن أديل اعترضت : (( لا حاجة لذلك يا جو . فأنا راحلة على
الفـــور )) .
ـ ولكنك لم تأكلــي شيئاً و ...
ـ يمكنني أن آكل عند شارون , وكما تعلمين لست بحاجة لحزم
أمتعتي . كل ما أحتاجه هو حقيبة يدي ومفاتيح سيارتــي .
كان هذا صحيحاً فأديل تحتفظ بحقيبة كاملة من الثياب والحاجيات
في كل من كين كان و بريزبان ومنزل الشاطئ , وقد نصحت جو بأن
تفعل الأمر نفسه . في البداية وجدت جو الأمر مسلياً ولكنها اكتشفت
لاحقاً أن ذلك يوفر الكثير من الوقت .
ـ حسناً ...
اقتربت أديل من جو وقبلتها بحرارة : (( انتبهي لنفسك عزيزتي )) .
ثم ربتت على كتف ابنها : (( وأنت أيضاً بني )) . ثم رحلت .
وتركت جو و غافن يحدقان الواحد منهما بالآخر , بينما كانت عينا
جو تعكسان كل الخوف والقلق اللذين تشعر بهما .
قال لها : (( سأعود في الحال )) .
واستدار مبتعداً .
جلست جو مجدداً وراحت تتساءل ماذا سيجري . وغرقت في
تأملاتها , لوقتٍ لم تعرف مدته .
ـ جو .
استدارت لتراه واقفاً بجانب المائدة مرتدياً سروالاً قصيراً كاكي
اللون .
كان شعره مبتلاً ورائحة الصابون والنظافة تفوح منه .
ـ كان ذلك سريعاً .
جلس وسألها : (( ما الخطب يا جو ؟ )) .
فتحت فمها وأغلقته مرات عدة , ثم قالت أخيراً : (( أنا .. عندما
فكرت في الأمر , لم يبدُ لي منطقياً )) .
ـ أنا لم أفكر مطلقاً بالأبناء عندما عرضتُ عليك الزواج .
طرقت بعينيها غير مصدقة : (( أنت قلت ... أنا واثقة من أن العائلة
هي سبب زواجك بي ! )) .
ـ بسبب هراءات تفوهت بها شارون عن السلالات ؟ لا تتفاجئي ,
فقد أخبرتني أمي وحدها .
ـ الأمر لا يتعلق بشارون وحدها . فأنت أيضاً جعلتني أظن ذلك .
ـ صحيح أنني أود إنجاب الأطفال ولكن لا علاقة لذلك إطلاقاً
بسلالة آل هاستينغ , بدت لي الطريقة الوحيدة للاحتفاظ بك .
انفرجت شفتاها : (( ألم تفكــر .. لستُ أفهم )) .
ـ وأنا أيضاً لم أفهم . لم يبدُ لي من الممكن أن أقع في الحب بجنون
خلال ساعات قليلة . ولكن هذا ما حصل .

جمره لم تحترق 08-12-11 12:30 AM

11- فيضان ... حب
 
ـ حقاً ؟
ـ كنتُ أظن أنني بعدم زواجي , أبقى وفياً لذكرى ساشا , ولكنها
تريد منـــي أن أكون سعيداً . وأنا كنت مغفلاً جداً لأدرك ذلك . كنت
أخشى أن أفقد التي سأحب كما فقدتُها هي .
ثم تابع قائلاً : (( مع مرور الأشهر , اتضحت الأمور أمامي , أقله من
وجهة نظري ... ولكن أنت بقيت السر الغامض الذي طالما كنت
عليه )) .منتديات ليلاس


أغمضت عينيها قليلاً بينما تابع قائلاً : (( لم أكف عن التساؤل ما إذا
كنت سترحلين عندما ترين أن زواجنا لم يعد مناسباً , لهذا السبب أردت
أن ننجب الأطفال , لكـــي لا ترحلـــي )) .
حدقا ببعضهما , ثم أضاف بهدوء : (( لهذا السبب لم أستطع الاعتراف
لك بحبي ... إلى أن خفت أن أفقدك في الفيضان . لم أستطع أن أحتمل
فكرة سماعك تقولين لــي إنك لا تحبينني )) .
أجلت حنجرتها وسألته : (( إذاً فضلت إخفاء شعورك عني ؟ )) .
ـ نعم , أنا آسف .
ـ وأنا أيضاً .
ساد صمت قصير حدق عابساً : (( ماذا تقصدين ؟ )) .
ـ أقصد أنني وقعت في غرامك منذ اللحظة التي عرضت فيها الزواج
علي ... ومن ثم بردت الأمور .
حدق بها غير مصدق , فقالت بابتسامة مرتجفة : (( بصراحة , لم أكن
أعلم أنني أخفي الأمر جيداً هكذا )) .
قال بصوت أجش : (( ولِمَ تخفين الأمر ؟ )) .
ـ لم أحتمل أن يكون الأمر من طرف واحد , وظننتُ أنك إذا لم
تعرف بحقيقة مشاعري , فسيكون ذلك نوعاً من الحماية . حبي لك كان
معجزة .
ـ أفهمك تماماً , ولكن لِمَ تقولين إنها كانت معجزة ؟
تنهدت قائلة : (( لقد فقدتُ كل من أحببت في حياتي : أهلي وجدتي ,
ووالد أمي الذي بحث عني طيلة حياتي ثم توفي قبل أن يجدني . هذا أمر
مخيف ... )) .
قاطعها قائلاً : (( أعرف ذلك حبيبتي من تجربتي الخاصة . وكنت أقول
لنفســـي إنك وحيدة بسبب ذلك )) .
ـ هناك سبب آخــر . لقد أقسمتُ مرة أنني لن أعتمد على أحد في
حياتي وهذا السبب الحقيقي لظني بأنني لن أُغرم أبداً .
ثم أخبرته ماذا حدث معها عندما كانت في الخامسة عشرة من
عمرهـــــــا .
ـ آه حبيبتــــي !
وضع يده على يدها بحب وتفهم كبيرين , فترقرقت الدموع في
عينيها . وقالت بألم : (( ولكنك دستَ على قلبـــي )) .
ـ حقاً ؟
أومأت واشتدت يده على يدهـــا .
ـ عندما قلت لي إنني آخذ سراً حبوباً لمنع الحمل أحييت في ذكريات
الماضي الأليمة عندما لم يكن أحد يثق في أو يصدقنـــي . لهذا السبب
غضبت كثيراً واصطدمت بذلــك الكنغر .
نهض وأمسك بيدها لتنهض هي أيضاً : (( أحبك يا جو لوكاس .
أحبك بجنون . هل تتزوجينني ؟ )) .
اتسعت عيناها الرماديتين : (( ولكننا متزوجان )) .
ـ أعني أن نتزوج بالجسد والقلب معاً . لا أسرار بعد اليوم ولا
قلق .
ابتسمت وأجابته : (( نعم غافن . أرغب في الزواج بك )) .
حدق بعينيها قائلاً : (( فلتكن السماء في عوني . لن أشبع منك أبداً يا
جو )) .
ـ أظن أن بإمكانــــي قول الأمر نفســـه .
بعد عدة أيام , عندما عادا إلى كين كان , أرته جو الرسم الذي رسمته
له للمرة الأولى , الرسم الآخر .
حدق مستغرباً : (( ولكن هذا ... هذا رسم مختلف )) .
ـ أعرف . إنه الرسم الذي عملتُ عليه منذ أن عرضت علي الزواج
أول مرة .
تفحص الرسم مذهــولاً . كان الكوخ مضاءً بنور الموقد وكان هو
جالساً على الطاولة , عاري الصدر , حاملاً سلاحاً في يده .
ـ جو ... لـماذا ؟
ـ قلت لك مرة إن الخطوط و العضلات والتفاصيل تلفتني وأنت
نموذج رائع .
ـ أهذا كل شــــيء ؟
ـ لا . أردتُ ذكرى الرجل الذي خطفنـــي .
رفع حاجبيه : (( حتى وأن كان قد اتهمك بأنك عشيقة أحد رجـال
العصابات ؟ )) .
أومأت بالإيجاب .
ـ هل تنوين عرض هذا الرسم ؟
ـ آه لا . مع أن ذلك مؤسف , فهذا أحد أروع أعمـــالي .
ـ ماذا تنوين أن تفعلي به إذاً ؟
ـ سأعلقه في غرفتنا , كـــي أحلم بك عندما لا تكون حاضراً .
أخذ نفساً سريعاً : (( هل لديك فكرة عما قد يفعله هذا بـــي ؟ )) .
ـ يحضرك إلى المنزل على جناح السرعــة ؟
وضع اللوحة جانباً بحذر وهز رأسه : (( قد تضطرين لطردي عندئذٍ يا
حبيبتـــي )) .
ـ هذا أفضـــل . ولكن لم تقل لــي ما رأيك بالرســـم .
ألقى نظرة إلى اللوحة وقال : (( في الواقع , أنا مذهول بها )) .
ـ من الناحية الفنية ؟ أم لأنك وسيم ؟
وضع يديه على خصرها قائلاً : (( من الناحيتين معاً )) .
ـ كف عن المزاح !
ـ حسناً , من الناحية الفنية , لست أدري كيف أقولها ... ولكنها
أعادتني إلى الكوخ حتى إننـــي استطعت للحظة أن أشتم رائحة الدخـــان
والخشب .
ابتسمت : (( شكــراً )) .
ـ أما في ما يخص الشاب الوسم , فلست أدري , ما أعرفه هو أنني
طالما كنت الرجل الذي تحلمين به , فأقدر رسمك كثيراً .
ملأت السعادة عيني جو ورفعت نفسها لتعانقه بقوة .
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif

تمت بحمد الله
قراءة ممتعة
ولا تنسوني بخالص دعواتكم ...
تحيتي ودي وعبق وردي
انتظروا جديدي برواية
(( يا رمــال .. أعيدي الخيال ! )) ...
قريبـــــــــــــــــــاً ..

نـخوة 09-12-11 12:22 AM

ههههههههههههههههههههههه ايييّه عليّ ههههههههههههه
دخلت عالخط وانا ما ادري


تسلمين عمري جمرة
وعاشت اناملك الذهبية

والله يعطيك الصحة والعافية
ويرزقك كل اللي تتمنيه

بانتظار روايتك الجديدة
ومتأكدة 100% انها راح تكون رووووعة مثلك

عساك دوووم عالقوة



لوشة العزاوي 09-12-11 12:48 PM

مساء الانوار
شكرا حبيبتي على التعب
رواية جميلة جدا

زهرة منسية 09-12-11 02:07 PM

جمرة دايمن بتقدملنا الأفضل الله لا يحرمنا من أبداعاتك حبيبتى واختيارتك الرائعة وإنشالله ربنا يوفقك فى خطواتك
على فكرة عجبنى كتتتتتتيييييير شغل العصابات اللى بتعملى فى تنزيل الفصول فكرتينى بصديقة عزيزة على قلبى قوى من فترة مفتقدة وجودها الساحر بالمنتدى ميوسة عندها تعليقات من أروع ما يكون
بإنتظار أبداعاتك القادمة
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13234317981.gif

fairbeauty 09-12-11 07:49 PM

رواية حلوة قوي
وانا كمان عجبني شغل العصابات دهز
تسلم ايديكي

امبراطورية ع 10-12-11 07:35 PM

روايه حلوه كتيرررررررررررررررر
تسلم اناملك جمره

نجلاء عبد الوهاب 17-12-11 08:12 PM

الروايه جميله جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

nounoucat 23-12-11 05:29 PM

tislam idiiki
Allah ychafik w y3afik inchallah

جمره لم تحترق 02-01-12 07:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نـخوة (المشاركة 2946111)
ههههههههههههههههههههههه ايييّه عليّ ههههههههههههه
دخلت عالخط وانا ما ادري


تسلمين عمري جمرة
وعاشت اناملك الذهبية

والله يعطيك الصحة والعافية
ويرزقك كل اللي تتمنيه

بانتظار روايتك الجديدة
ومتأكدة 100% انها راح تكون رووووعة مثلك

عساك دوووم عالقوة



ادخلـــي ولا يهمك هههههههههـ
الله يسلمك ويسلم كل غالي على قلبك
تسلمين على الدعوه الحلوه
ودائمــاً تسعدنـــي متابعتك الرائعة لكل جديد اقدمه
لا عدمتك أبــداً فامثالك يرسمون البسمــة الصادقة
في القلب قبل الشفــاه
خالص حبي لك صديقتي
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 07:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لوشة العزاوي (المشاركة 2946340)
مساء الانوار
شكرا حبيبتي على التعب
رواية جميلة جدا

التـعب يزول بكلماتكم الجميلة . .
صــادق حبي لك . .
وسعيدة بتواجدك هنــا . .
كونــي بخير . .
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 08:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 2946368)
جمرة دايمن بتقدملنا الأفضل الله لا يحرمنا من أبداعاتك حبيبتى واختيارتك الرائعة وإنشالله ربنا يوفقك فى خطواتك
على فكرة عجبنى كتتتتتتيييييير شغل العصابات اللى بتعملى فى تنزيل الفصول فكرتينى بصديقة عزيزة على قلبى قوى من فترة مفتقدة وجودها الساحر بالمنتدى ميوسة عندها تعليقات من أروع ما يكون
بإنتظار أبداعاتك القادمة
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13234317981.gif

هههههههـ ذكرتيني بشغل العصابات الي قلت عليه ما طبقته
بس شكلـــي باعمله طالما بيذكرك في الغوالي وإن شاء الله أكون
وحده منهم مع الوقت . . . واتمنى ترجع لنا ميوسه وكل الغائبين

طبعاً سعيدة بكلماتك الرائعة وباختياري الذي أعجبك
واتمنى أن تكوني دومــاً متابعة
فتواجدك من أجمــل ما يكون . . .
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 08:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fairbeauty (المشاركة 2946547)
رواية حلوة قوي
وانا كمان عجبني شغل العصابات دهز
تسلم ايديكي

هههههههههههههـ حرام عليكم
ما صارت فكرة
بس تصدقي ما دام عجبتكم راح اطبقها
طبعاً أنا أكثر من سعيدة
لأنها أعجبتك . . .
ودي وعبق وردي
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 08:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امبراطورية ع (المشاركة 2947271)
روايه حلوه كتيرررررررررررررررر
تسلم اناملك جمره

الله يسلمك
مررررررره مبسوطه لأنها أعجبتك
كونــي دوماً متابعة
ودومــاً أتمنى أن يعجبك طرحــي
خالص ودي
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 08:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء عبد الوهاب (المشاركة 2953567)
الروايه جميله جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

فلتكونــي دومــاً متابعة لجديدي وأعدك أنــني
سأحاول أن أقدم لكم كل جميل
إن شاء الله . . وأنا أكثر من سعيدة لأنها أعجبتك
ودي وعبق وردي
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

جمره لم تحترق 02-01-12 08:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nounoucat (المشاركة 2957872)
tislam idiiki
Allah ychafik w y3afik inchallah

تسملي عمري على الدعوه
والله يسلمك ويسلم كل من يعز على قلبك
سعيدة بمرورك
ودي وعبق وردي
http://www.al-wed.com/pic/6324.gif

ندى ندى 24-04-12 04:16 AM

جميله جدا جدا ومميزه جدا جدا ورائعه جدا جدا

ملك فارس 25-04-12 07:27 AM

برااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااافو :55::55::55::liilas:

شووقهـ 29-04-12 02:39 PM

يعطيكِ العافية يا غالية

مررره روووعه

مودتي لكِ

الملآك القاسي 30-04-12 10:20 PM

شكــــــــراً غاليـــــــــــتي

om omar kh 08-05-12 04:48 AM

:55::55::55:

الجبل الاخضر 31-12-12 09:20 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
:55:تسلمي ياعسل :dancingmonkeyff8:وشكرالك على الاختيار :peace:الرائع :peace:وننتظر جديدك عيوني:lol:

سومه كاتمة الاسرار 13-02-13 06:28 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
اختيار جميل يا قمر سلمت الايادى
:8_4_134:

قماري طيبة 19-07-16 02:49 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
thaaaaaaaaaaaaanks

فرحــــــــــة 03-08-16 05:40 AM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
غاليتى
جمره لم تحترق
ورواية اخرى من روايتك الممتعة
والتى تتسلل الينا كتسلل العبير الى انفاسنا
فلا نشعر الا بالنشوى بين جنباتنا
لك منى كل الشكر والتقدير
وننتظر جديد ابداعاتك
دمتى بكل الخير
فيض ودى

doda qr 21-03-17 10:06 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
يسلموووووووو

نجلاء عبد الوهاب 21-09-21 11:58 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
حلوة كتير
:075::075::075::075::075::075::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :rdd12zp1::rdd12zp1::LgN05096::LgN05096::LgN05096::LgN05096: :LgN05096::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754: :iU804754::iU804754::iU804754::iU804754:

هتونا 26-10-21 01:16 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
رهييييييييييبة الرواية بجد أحلا تحية وتقدير للجميع ودمتم في قلبي سكنة

قارئة الفنجان سلوى 24-03-22 11:17 PM

رد: 377 - الباقي من الزمن .. لحظة - ليندساي أرمسترونغ ( كاملة )
 
رواية جميلة تستحق القراءة


الساعة الآن 06:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية