منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى الاسلامي (https://www.liilas.com/vb3/f3/)
-   -   مواقف بطولية سجلها التاريخ (https://www.liilas.com/vb3/t16986.html)

chassey 24-08-06 05:17 PM

مواقف بطولية سجلها التاريخ
 
مواقف بطولية سجلها التاريخ

أولاً أحب ان انبه الاخوة والأخوات ان هذا نقلاً من كتيب صغير من جمع وإعداد أبراهيم بن عبد العزيز الشثري وقد ضم عشرة مواقف بطوليه وعلى مدار كل اسبوع سأذكر موقف بطولي واحد والان اترككم مع الكتاب


المقدمة....
الحمد لله رب العالمينوالصلاة والسلام على سيد البشر أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد...

فهذة مواقف عظيمة وقفها العديد من الرجال من الرعيل الأول ومن جاء من بعدهم ، لا زال التاريخ محتفظا بهذة المواقف الشجاعة . ولكي تكون معيناً لنا على السير في طريق الدعوة ولكل شاب عزم على ان تقتدى بسلفه الصالح ، فهذة المواقف سجلت لرجال تختلف اعمارهم فمنهم الكهل ومنهم المتوسط في العمر ومنهم الشاب اليافع الذي تفتحت نفسه منذ حداثة سنه على تقوى الله عز وجل والعزم والتصحيح على السير على خطى اسلافه الميامين الذين رووا بدمائهم الزكية اتربة البيضاء النقية، وأسميته ((مواقف بطولية سجلها التاريخ )).
أرجو ان يكون فيه النفع والفائدة
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
جمع الفقير إلى عفو ربه
أبي حامد ابراهيم بن عبد العزيز الشثري



الموقف الأول
مصعب بن عمير وأسيد بن حضير

غير خاف على أحد ذلكم الداعية الشاب اول سفير في الاسلام مصعب بن عمير الذي طلق الدنيا وزينتها عندما باشر الإيمان شغاف قلبه وسكن في سويدائها.

كان له هذا الموقف العظيم الذي لو حصل لغيره لانعقد لسانه ولم يجرؤ على الكلام حيث واجه رجلا من الرجال العظام في زمانه ومن ذوي الهيبة المعروفة بين أقرانه وعارفيه ، حتى ومن لم يره كان يسمع به إنه (( أسيد بن حضير )) سيد بني عبد الأشهل ، حيث كان على دين آبائه وأجداده يعبدون الأحجار و الأشجار في الصباح وفي المساء وقد عطلوا عقولهم ردحا من الزمن ولم يتفكروا يوما فيمن يستحق العبادة الحقة الكاملة.

كان أسيد بن خضر سيد قومه في المدينة ، وكان مصعب مرسلا من مكة الى المدينة، ارسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون سفيره في المدينة يعلم أهلها الدين الإسلامي الصحيح. ذهب مصعب بن عمير رضي الله عنه طائعا ممتثلا إلى حيث وجهه رسول البشرية صلى الله عليه وسلم ،وذات يوم جلس مصعب بن عمير يعلم الناس وقد تحلقوا حوله يمنة ويسرة يسمعون ما يقول ، وهم على وجل من أن ينظر إليهم أحد من ساداتهم سادات اهل المدينة الذين لا يزالون في جاهليتهم ، وبينما هم في شوق إلى ما يقوله مصعب بن عمير وهو يتحدث إليهم عن هذا الدين العظيم الذي جاء به محمد بن عبدالله وعن يسره ومازاياه إذ طلع عليهم سيد بني عبد الأشهل (( أسيد بن حضير )) شاهرا سلاحه متلئا غضبا من رأسه إلى أخمص قدميه على هذا الرجل الذي جاء إلى بلاده بدعوه لم يكن يسمع بها من قبل ، وفي نظره أن هذا العمل سوف يقلب نظام البلد ويصبح السيد مسودا ويغير دينه ودين قومه إلى دين جديد لم يعرفوه ولم يألفوه ، وما إن كادت أبصار المتحلقين حوله سفير الإسلام مصعب بن عمير تبصر الرجل القادم وتميزه حتى أخذ منهم الخوف كل ماخذ وبلغت القلوب الحناجر خوفا على انفسهم وعلى هذا الداعية الشاب ان يصاب بأذى ، ولكن القوم كانوا في واد و محدثهم في واد آخر، يسبح بخياله في العالم الفسيح ولم يصبه معشار ما أصاب الجالسين حوله المستمعين اليه ، وهنا يبرز الموقف الإيماني الثابت الذي يوقن غاية الإيقان بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها ورزقها الذي قدره الله فلما وصل اسيد بن حضير إلى مصعب بن عمير نظر إليه نظرة المزدري الهازئ وقال له ولمن كان معه وبصحبته وهو اسعد بن زرارة حيث كانا في المنهج سواء قال لهما غاضباً:
ماجاء بكما إلى حينا وبين قومنا هل تريدان أن تسفها ضعفاءنا؟ اعتزلانا خير لكما إن كنتما تريدان الحياة!!
أنظر أخي الكريم إلى أجابة مصعب بن عمير ، وهو يسمع هذة الكلمات المؤذية للمشاعر يجيبهوهو في غاية انشراح الصدر وبنفس مطمئنة هادئة هدوء الليل الخالي من الرياح قال مصعب الخير:
يا أسيد أولا تجلس فتستمع إلى ما أقول، فإن رضيت أمرنا قبلته..وإن كرهت ولم تقبله كففنا عنك وما تكره وابتعدنا.

انه جواب منصف كما قال أسيد بن حضير الذي كان يلقب بسيد بني عبد الأشهل لما فيه من رجحان العقل حيث رضي بما قاله له مصعب الخير مصعب الداعية الفتى ، وأرخى سلاحه إلى الارض واخذ يسمع مايقوله مصعب ، وواصل الداعية حديثه مستشهدا بالايات القرآنية مفسرا لما يحتاج إلى تفسير منها وما هي إلا برهة حتى تغير وجه أسيد ، وذهب عنه الغضب ، وأخذ في البشر و الانشراح وكأن لسان حاله يتمنى أن يواصل مصعب الحديث ولا يتوقف لحظة ، لما سمع من كلام طيب يشرح النفوس ويزيل الهموم ، وما إن توقف مصعب عن الحديث حتى بادر أسيد بن حضير إلى الإفصاح عما دار بخلده وأظهرت جوارحه قائلا:
مأحسن هذا القول، ماسمعت بمثله أبدا، ماذا يصنع من يرغب أن يدخل هذا الدين العظيم؟
وهنا استبشر القوم ورحبوبالضيف الجديد وأجاب عن سؤاله هذا مصعب الخير قائلا:
يطهر ثوبه وبدنه ويشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله وهنا استجاب أسيد إلى ماقاله له مصعب فذهب وعمل ما ارشد إليه فشهد امام الداعية الفتى بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

وهكذا نجح سفير الإسلام الأول في دوعوة هذا الرجل الذي كان يخافه كل مسلم ونجح ايضا في هذا الموقف العصيب الذي مر به وأثبت لأسيد أن هذا الدين ودعاته عزيزون بعزة الله إلى يوم القيامه...


انتظرو الموقف الثاني الخميس القادم.....

chassey 31-08-06 06:00 PM

الموقف الثاني
أبو ذر والصدع بالحق

أبو ذر بن غفار واسمه جندب بن جناده الغفاري ، كان من المسلمين المعدودين على الأصابع حيث لا تعرف الدنيا مسلمين غيرهم فهو من الطلائع الأول، حيث أسلم دون وساطة من أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أسلم أمامه مباشرة، وذلك عندما سمع القرآن الكريم يتلى من سيد البشر عليه الصلاة و السلام فتمكنت الآيات من الدخول إلى أحشاء قبله ، وهناك عملت عملها مع تلك المضغة الصغيرة(( القلب )) فقلبت الشر إلى خير وأصبح القلب خاليا من جميع الشواغل غير ما دخله حديثا ، فلما تمكن الإيمان من أبي ذر رضي الله عنه رغب في الصدع بالحق والجهر به على رؤوس الأشهاد غير عابئ بما سيصيبه من جراء ذلك ، فكل شيء يهون أمام الحق والصدع به ، هذا ما كان يدور في ذهن أبي ذر ، ولقد فعل ما عزم عليه فدخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته يسمعه البعيد قبل القريب
((أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله))
قالها متحديا الكبراء و الزعماء من قريش الذين كانوا صناديد الكفر و رؤوس الضلالة ، فلما لا مست هذة الكلمات آذان القوم حتى أقبلوا عليه وأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم ، فأذاقوه أصناف العذاب وأنواعه ، فلما انتهوا وقد ذاق أبو ذر حلاوة الأذى في سبيل الله عز وجل رغب في الصدع بالحق مرة أخرى ، حيث هان عليه كل ما يلقاه في سبيل إعلاء كلمة الحق مدوية.

فعاد اليوم الثاني إلى نفس الموقع فشاهد مشهدا لم يعجبه ويخالف دينه الذي أعلنه بالأمس ، شاهد أمرأتين تطوفان حول صنمين من أصنام الجاهلية وتدعونهما من دون الله ، فلما رأى هذا المشهد لم يعجبه السكون على الباطل فاقترب منهما وأخذ يسفه الصنمين ويحتقرهما ومن يطوف حولهما ويدعوهما، فما كان من المرأتين إلا أن أطلقتا الصيحات المتتالية ، فسمعهما رجال كانوا بالقرب منهما فأقبلوا على أبي ذر وأوسعوه ضربا وشتما ، حتى غاب عن الوعى قليلا ثم عاود الكرة فأعلن للملأ بأنه دخل في الدين الإسلامي بإعلانه لشهادة أن لا اله إلا الله و بأن محمد رسول الله ، وعندها أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا ذر إن بقي في مكة فسوف يلاقي في كل يوم العذاب اضعافا مضاعفة فأمره أن يذهب إلى غفار يدعوهم إلى الإسلام هم ومن يجاورهم من القبائل الأخرى .

وهكذا امتثل أبو ذر رضي الله عنه إلى امر السول صلى الله عليه وسلم واخذ يدعو قومه إلى الإسلام فأسلم على يديه خلق كثير من قومه غفار ومن قبيلة (( أسلم )) وهكذا سجل التاريخ لأبي ذر هذه الواقف العظيمة.

شهووده 05-09-06 10:44 PM

يعطيك ربي الف عافيه على هالمواقف وما تحرمينا من مواقفك الاخرى

يسلمو

اشكرك



eminemlady

صوص كاراميل 05-09-06 10:53 PM

جزاك الله الف خير على نقلك لنا هالمواقف الرائعه
بانتظار المواقف الباقيه

تحياتي الك
صوص كاراميل

مداويه جروحها بروحها 06-09-06 12:15 AM

مشكوووووووووور اخوي
جزاك الله عنا كل خير
بأنتظار المزيد

chassey 07-09-06 07:28 AM

eminemlady،صوص كاراميل،مداوية جروجها شكراً جزيلا لكم وعلى فكرة مدوية أن أختك Chassey

chassey 07-09-06 07:31 AM

الموقف الثالث

السلاح الخفي لسعد بن أبي وقاص

سعد بن أبي وقاص هو بطل هذا الموقف الذي سجل به التاريخ صفحات بيضاء ، فهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه سلم (هذا خالي فليرني امرؤ خاله).

وقال ابن إسحاق في المغازي : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تخفون بصلاتهم فبينما سعد في شعب من شعاب مكة في نفر من أصحابة، إذ ظهر عليهم المشركون فنافروهم وعابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجه فكان أول دم أريق في الإسلام)

فلله دره من بطل .

وسعد هذا له سلاحان : رمحه ودعؤه ، ويبدو ان سلاحه الثاني كان أمضى سلاح فهو يذهب تلقائيا بإرادة الله الى جهة العلو عابر كل ما يجده في طريقه حيث وفق لهذا السلاح بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (اللهم استجب لسعد إذا دعاك) فكان لا يدعو إلا استجيب له ، فأصبح يملك سلاحا خفيا لا يراه الناس ن إنه استجابة الدعء، والناس كل الناس يتمنون هذا السلاح اذي اعطي لسعد ، ولكن سعدا لم يستغل هذه الموهبه وهذا العطاء لمآربه الشخصية بل صرفه إلى مافيه عز الإسلام وجعله كالصواعق تنزل على أعداء الدين فتمزقهم شر ممزق ، وفي هذه الحاله التي أسوقها خير مثال على ذلك :

رأى سعد رضي الله عنه رجلا قد استحوذ عليه الشيطان وسولت له نفسه الأمارة بالسوء ان يسب عليا ، وطلحه ، والزبير!! وهم من خيرة الصحابة ومن الذين جاهدوا في الله حق جهاده فنهاه عن هذا القول الشنيع فلم ينته ولم يرجع إلى رشده - فما كان من سعد إلا ان قال له: إذن أدعو عليك . سيغير سعد بن أبي وقاص هذا المنكر بالدعاء على صاحبه بعد أن نصحه فلم ينتصح ، ولكن الرجل أخذ يسخر من سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عندما قال له : اراك تتهددني كأنك نبي..!!

وهذه اسخرية من الصالحين دائما تتكرر في كل زمان ومكان من سفهاء الناس ومن الذين باعوا حظهم من الدين بالدنيا ، فلما علم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن هذا الرجل قد غلبته شقوته انصرف ليتوضأ ويصلي ركعتين ثم ليوجه سهامه إلى هذا العنيد فرفع يديه وقال : ( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما لهم منك الحسنى وقد اسخطك سبه إياهم فاجعله آية وعبرة )
وبعد ان قال مسجاب الدعوة سعد بن ابي وقاص هذة الكلمات لم يمض على قولها سوى برهة من الوقت حتى خرجت من أحد الأماكن ناقة وما أدراك ما الناقة ضخامة وكبرا تسير لا ردها شيء حتى دخلت بين الناس وفي زحامهم كأنها تبحث عن ابنها ، وهي تبحث عن ذلكم الشقي الذي سب الصحابة فوجدته فأخذته تدوسه وتتخبطه يمنة ويسرة حتى فارق الحياة.

وهكذا نجد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يستعمل سلاحه القوي الخفي في ردع الباطل وإحقاق الحق.

chassey 14-09-06 08:40 AM

الموقف الرابع

ذكوان بن كيسان الملقب بطاووس وقول الحق

معنا في هذا الموقف رجل عرفته بلاد اليمن بل عرفته ادنيا بأسرها لما امتاز به من ميزة عظيمة هي الجهر بكلمة الحق مهما كان الثمن كلمة الحق غاليا.

كان الخلفاء فيما مضى من الزمان يقربون العلماء والصالحين واهل الفضل من مجالسهم ويحرصون على أن يذكروهم بالمسؤولية الملقاة على عواتق الحكام والخلفاء ، فهذا خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة ، بعث إلى العالم الجهبذ والناصح المشفق ذكوان بن كيسان الذي كان يلقب بطاووس ولا يعرف في زمانه إلا بهذا اللقب ، فقد غلب اللقب على الاسم . بعث إليه عمر بن عبد العزيز بعد ان تولى مقاليد الأمة، فطلب من طاووس أن يكتب له وصية يستعين بها في حكمه ، وتكون معلما يسير على ضوئها فقال : أوصني يا أبا عبد الرحمن .فانتهز العالم الفقيه هذة الفرصة التي قد لا تتاح له مرة أخرى ، ولما أوجب الله على العلماء توجيه الحكام وعامة الناس بتقديم النصيحة ، فكتب إليه رسالة لا تتعدى كلماته السطر الواحد ، فهي قليلة الكلمات عظيمة النفع والثمرات قال فيها : (إذا أردت أن يكون عملك خيرا كله فاستعمل أهل الخير) و السلام .
فلو نظرنا إلى هذة النصيحة القليلة الأسطر لوجدنها عظيمة جدا وعليها صلاح بقية دواوين الحكم والبلاد، لذا نجد أن عمر بن عبد العزيز لما قرأها قال : كفى بها موعظة .....كفى بها موعظة.
ويمضي بنا الزمان سريعا فيقدر الله لطاووس بن كيسان أن يدرك خلافة هشام بن عبد الملك فيكون معه هذا الموقف الذي يتبين من خلاله قوته في قول الحق ، وأنه لا يخشى في الله لومة لائم فما هذة الدنيا إلا سويعات ثم تنقضي، وخير للمرء أن تنقضي به الدنيا وقد ارضى خالقه، ولو كان ذلك على حساب رقبته وماله، فهذا الذي عمله عملنا عالم زمانه طاووس ابن كيسان مع الخليفة هشام بن عبد الملك حيث كان الخليفة هشام بن عبد الملك في البيت الحرام في موسم الحج وكان جالسا بين الخاصة من أصحابه من اهل الحجاز فقال لهم: ابحثوا لنا عن عالم يرشدنا إلى معرفة المزيد من أحكام الحج وسائر العبادات فبحثوا فوجدوا طاووس بن كيسان جالسا في إحدى زوايا الحرم يمضي الوقت في العبادة، فطلبوا منه أن يذهب معهم إلى الخليفة فلبى الطلب، فلما دخل عليه خلع نعليه بطرف بساطه، وسلم عليه من دون أن يدعوه بأمير المؤمنين كما كانت العامة تسلم عليه، بل خاطبه باسمه ((هشام)) دون ان يكنيه بكنيته التي تعارف الناس عليها وأصبح لا يدعى إلا بها .
ثم جلس على بساطه قبل أن يسمح له بذلك ، فكونت هذة التصرفات غضبا عميقا داخل نفس الخليفة حتى بدا الغيظ على ملامح وجهه وفي عينيه، ذلك أنه يرى أن هذا العالم خرج على النظام و المراسيم التي رسمت ديوان الخليفة، والتي يستحيل تخطيها من قبل أي فرد من أفراد الشعب، فأمسك الخليفة غيظة وكظمه وأخذ يوجه إلى العالم الجهبذ طاووس شيئا من العتاب الرقيق في نظره، فقال: ما حملك يا طاووس على ما صنعت؟
فقال: وما الذي صنعته؟
فقال الخليفة: خلعت نعليك بحاشية بساطي..ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين(يعني أنك لم تقل يا أمير المؤمنين)، وسميتني ولم تكنني ،ثم جلست من غير إذني، فلما انتهى الخليفة من هذه الأسئلة وفيها مافيها من شدة الغضب أجاب طاووس بهدوء تام قائلا: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فانا أخلعها بين يدي رب العزة والجلال كل يوم خمس مرات وقد فعلها من هو أفضل من جميعا وكذا خلفاؤه من بعده وسائر الأمة تفعله إذا وقفت بين يدي الله، وأما قولك: إني لم اسلم عليك بإمرة المؤمنين فلأن جميع المؤمنين ليسوا راضين بإمرتك، وقد خشيت أن أكون كاذبا إذا دعوتك بأمير المؤمنين، وأما قولك: إني ناديتك باسمك ولم أكنك فإن الجواب على ذلك أن الله عز وجل نادى أنبياءه بأسمائهم كما في القرآن الكريم، وكنى أعداءه وقد ورد هذا أيضا في القرآن الكريم، وأما الأخيرة وهي جلوسي قبل أن تأذن لي، فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللع عنه يقول: (إن أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام بين يديه) فكرهت ان تكون ذلك الرجل الذي عد من أهل النار والعياذ بالله.


عندها لم يجرؤ هشام بن عبد الملك ان يتفوه بكلمه غير هذه الكلمه: (عظني يا أبا عبد الرحمن) فأخذ طاووس بن كيسان يعظه ويذكره بعظم المسئوليته أمام الله عز وجل يوم القيامة ، وأن من لم يعدل في رعيته فإن هناك في الدار الآخرة أصناف العذاب تنتظره، وبعد أن انتهى العالم الناصح طاووس من موعظته قام وانصرف.
وهكذا نجد في سير أولئك الأبطال صفحات بيضاء خلدها التارخ للأجيال القادمة.

chassey 21-09-06 06:57 PM

الموقف الخامس
أبو غياث الزاهد وإنكاره للملاهي

كن ابوغياث الزاهد يسكن بمقابر بخارى فدخل المدينة ليزور أخا في الله تعالى ، وكان غلمان الأمير نصر بن احمد و المغنون يخرجون من داره ومعهم المعازف والملاهي ، فلما رآهم أبو غياث الزاهد قال: يانفس وقع الامر إن نهيت ففيه خوف تلفك، وإن سكت فأنت شريك ، فرفع رأسه الى السماء واستعان بالله تعالى وأخذ العصا وحمل عليهم حملة فولوا منهزمين مدبرين إلى دار السلطان وخلفهم الزاهد فأرسل إليه فأتى به فقال له السلطان : أما علمت أن من خرج على السلطان يتغدى في السجن؟ فقال له أبو غياث : أما علمت أن من خرج على الرحمن يتعشى في النيران ؟ فقال له الأمير : من ولاك الحسبة؟
قال: الذي ولا الإمارة. قال: ولاني الخليفة. فقال أبو غياث: وأنا ولاني الحسبة رب الخليفة. فقال الأمير : وليتك الحسبة بسمرقند .فقال عزلت نفسي عنها. فقال الأمير: أعجب من أمرك تحتسب حيث لم تؤمر وتمتنع حيث تؤمر . قال : لنك إذا وليتني عزلتني وإذا ولاني ربي لم يعزلني أحد.قال الامير: سل حاجة؟ قال: أن ترد علي شبابي . قال الأمير: ليس ذلك إلي . سل اخرى قال:أكتب إلى مالك خازن جهنم ألا يعذبني . قال : ليس ذلك إلي سل أخرى ، قال: أكتب إلى رضوان أن يدخلني الجنة. قال: ليس ذلك لي . قال فأنا مع الرب الذي هو مالك الحوائج كلها لا أسأله جاجة إلا اجابني إليها. فخلى الأمير سبيله فذهب.
اله أكبر ياله من موقف لا يقفه إلا الرجال الصامدون الذين نذروا أنفسهم لله وتحملو كل ما يصيبهم في سبيله فلقد أرضى ابو غياث ربه بأزالة المنكر ، وأعانه الله ولم يصب اذى ، بل طلب الأمير منه أن يسأل حاجته ، فما على المسلم إلا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبشر بالعاقبة الحميدة.

mesho 25-09-06 01:54 AM

شكرا اختي علا الموضوع الرائع و المتميز

بانتظار المزيد من المواقف المتميزه

chassey 25-09-06 03:42 PM

جزاك الله خير mesho الحقيقة أنا أشعر أن الموضوع لا يتابع فشكراً جزيلاً على المرور الكريم


الساعة الآن 08:20 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية