منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   22 - الماضي لا يعود - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t169392.html)

نيو فراولة 08-11-11 11:36 PM

تطلع نيكولاس فيتال بسأم ساخر الى الحشد القائم في غرفة الجلوس ، كان هذا الطراز من الإجتماعات يسئمه ، إفراط في الشرب وكثرة فائقة في عدد الأناث المفترسات ، الملتفات حوله ، ولو لم يكن لديع عمل مع كونراد ماسترسون لما جاء الليلة ، فقد عثر على ناد صغير في لندن أقرب الى ذوقه ، ولكنه الآن هنا في أي حال ، ويتوقعون منه أن يبقى لفترة على الأقل.
بحثت عيناه الحادتان في رجاء الغرفة عن هارفي كامنغز ، كان هارفي مساعده الخاص ومسؤول العلاقات العامة لديه ، وكان هارفي يحب هذا الطراز من المناسبات.
رأى هارفي على الفور ، كان يقف مع ديف ماديسون وزوجته ، وفتاة اخرى ، وإفترض ان تكون الفتاة مع هارفي.
إعتذر لمضيفه وشق طريقه بين الحشود المثرثرة الى حيث كان يقف هارفي ، وبادل الضيوف الآخرين تحياتهم وهو يمر ، ولكنه لم يقف ليتحدث ، مما اشعر جماعة الأناث بالأسف والأسى ، كان الجميع يعرفون بالطبع من هو ، وكان يعلم أنهم سيثيرون التخمينات عن نشاطه ، ولم تكن لحياته الخاصة وجود تقريبا في بعض الأحيان وكان يعلمان له سمعة قاسية فيما يتعلق بالنساء ، والى حد ما كان لسمعته ما يبررها ، ولكن نيكولاس نفسه كان يدرك أن النساء اللواتي ورّطن أنفسهن في حياته لم يتوقعن أكثر مما اعطاهن ، ومن المؤكد انهن لو اردن أن يلعبن اللعبة على طريقته لما كان هو الرجل الحقيقي وراء قناع الدبلوماسية.
وكان هارفي ورفيقته مشغولين بالحديث عندما إقترب منهما ، وكان ثمة وقت اتيح له فيه أن يتساءل عمن تكون الفتاة ، وعن يتحدثان ، كانت طويلة نحيلة ، لشعرها لون جميل غير عادي ، ينسدل بطلاقة على كتفيها ويبدوكثيفا حريريا ، وقالت له خواطره أن هارفي يحسن إختيار رفيقاته ، وما لبث ان قال وهو يضع يده على كتف هارفي:
" هل يضايقك أن افض هذا الحديث الهامس بينكما؟".
إستدار هارفي فجأة ، وقال وهو يئن:
" يا الهي ! ظننتك شرطيا !ألا بد لك أن تقتحم أجواء شخص مثلي على هذا النحو؟".
إبتسم نيكولاس إبتسامة عريضة ، ثم ضاقت عيناه ، كانت الفتاة التي تقف مع هارفي معروفة له ، انها راكبة الدراجة البخارية عندما اصطدمت بسيارته يوم الجمعة الفائت ، وكان من الواضح أنها عرفته ايضا ، إذ امتلأ وجهها فجأة بالإحمرار ، قال متشدقا:
"حسنا ، حسنا ، العالم مكان صغير حقيقة".
بدت الحيرة على وجه هارفي.
" ماذا؟ هل يعرف كل منكما الآخر؟".
قال نيكولاس بطريقة جافة:
" السيدة سكوت وانا تصادمنا يوم الجمعة الفائت ، كنت في سيارتي وقتئذ وكانت هي تركب دراجة بخارية".
رفع هارفي حاجبيه:
" حقا... لم تذكري يا مادلين أنك تعرفين نيكولاس عندما دخل الغرفة؟".
شعرت مادلين بالحرج كانها تلميذة ، وقالت:
" إنني لا ... اعني ... أن السيد فيتال ساعدني على النهوض فقط هذا كل ما في الأمر ، ولم نجد الفرصة ليتعرف احدنا على الآخر".
بدا السرور على نيكولاس ، لقد ظن في الأسبوع الفائت ان لها وجها يثير الإهتمام ، ولكنها الليلة تبدو جميلة حقا ، واراد أن يعرف عنها المزيد ، فدوّن رقم دراجتها البخارية وهي تنصرف بها ، وكان ينوي أن يعرف المزيد عنها ، ماذا تفعل مع هارفي ؟ خاصة وأنها كانت متزوجة؟ لم يكن لديه شك في طراز النساء المتزوجات اللواتي يعرفهن ، وهن ضالعات مع رجل أو آخر ، ولكن هذه المخلوقة كانت تبدو مختلفة ، لم تكن على شاكلة ما ألف من معارف من النساء ، كانت لها قسمات واضحة سافرة ، يمكنك ان تقول أنها نزيهة ، وكانت لها عينان واسعتان جميلتان.. قال بلطف ، وهو يتجاهل التعبير الذي بدا على وجه هارفي:
" لوى هارفي قسمات وجهه ،وتساءل في لهجة عدوانية تمثيلية:
" الان لماذا جئت هنا أيها الرفيق القديم؟".
فقال نيكولاس بلهجة لطيفة مرضية:
" حتى تستطيع أن تشتري لي شرابا ... إنطلق الان ايها الرفيق القديم".
تنهد هارفي وتطلّع باسف الى مادلين ، وقال بصوت مفعم بالعاطفة:
" فليكن .. إن لكل منا مصيبته".
ضحكت مادلين وهو ينصرف متظاهرا بجرح شعوره ، وأخذت تدير كأسها بعصبية بين أصابعها ، وهي تشعر بلسانها معقودا ، وكانت تدرك أنه يدرسها بإمعان ، وما لبث أن قال:
" لم تتضايقي لأنني إقتحمت حديثك مع هارفي ، اليس كذلك؟".
تطلعت مادلين اليه وهزّت راسها نفيا بقوة:
" كلا... على الأطلاق ... لم أقابله إلا منذ نصف ساعة فقط".
" كنت أظن انك ربما تكونين آخر غزواته!".
إبتسمت مادلين:
" أوه ، كلا ، لا شيء من ذلك على الأطلاق".
"حسنا".
قال نيكولاس ذلك وهو يبدو جادا واخرج سكائره ، وعرض عليها ، فتناولت واحدة , وإستطرد قائلا:
" وزوجك ، أهو هنا الليلة؟".
" كلا ، زوجي مات منذ تسعة أعوام".
بدت عليه الدهشة البالغة وقال:
" تسعة أعوام؟ ارجو أن تغفري لي ، ولكنني ظننت انك حديثة الزواج".
تنهدت مادلين قائلة:
" أوه، أرجوك ، انا في الثالثة والثلاثين ، وارجو ألا تقول أنني ابدوكفتاة دون العشرين".

الجبل الاخضر 09-11-11 07:36 PM

:55:جميل جدا واحداث مدهشه:dancingmonkeyff8: :8_4_134:بس ياليت تنزيلين فصلين اذا امداكي لان الفصل الواحد مرررره قصير :toot:وننتظركي بكل حمااااااس:I:IuL04800:

نيو فراولة 09-11-11 11:35 PM

إبتسم ، فكانت مختلفة على نحو يثير الإنتعاش ، فالنساء في عمرها عادة يحببن إعتبارهن صغيرات ، وكانت تجاربه قد أفادته بان النساء لا يحببن ابدا أن يعتبرهن أحد في اعمارهن الحقيقية ، فالشابات منهن يحببن إعتبارهن أكبر سنا وأكثر خبرة ، والمتقدمات في السن ينفقن كل وقتهن في محاولة إستعادة الشباب ، الأمر الذي يؤكد أعمارهن الحقيقية.
قال موافقا في لطف:
" حسنا ، ولكنك إمرأة جذابة للغاية ، واعتقد من واجبي الإعتذار لك عن سلوكي الفظ الأسبوع الفائت ، لم أكن مهذبا ، وأنا آسف ، واؤكد لك انني لست معدوم الشهامة هكذا عادة ، ولو لم نتقابل هذا المساء بالتاكيد كنت ساقوم بجهد لأكتشاف عنوانك والتكفير عما فعلت".
تمتمت مادلين ، وهي تشعر بانها غير قادرة على الفهم.
" ليس هذا ضروريا".
" أوافقك ، فبعد ظهر ذلك اليوم تلقيت مكالمة مزعجة من إبنتي قبل أن اغادر المصنع ، ولذلك فإنني كنت في حالة غضب ذهني كبير".
" لا بأس.....".
قالت مادلين ذلك وهي تشعر بقلبها يغوص بلا سبب عند ذكر إبنته ، كان يجب أن تعرف انه متزوج".
" هل.... هل زوجتك هنا معك؟".
رد قائلا وهو يهز كتفيه:
" زوجتي كذلك ماتت ، توفيت عندما ولدت ماريا ... منذ خمسة عشر عاما".
أحنت مادلين راسها وقالت:
" ادرك ذلك، إن لي إبنة ايضا ... وهي اكبر سنا بعام... في السادسة عشرة".
بدا مدهوشا وقال:
" حقا... إن ماريا لا تزال في روما ، وهي تريد ان تاتي الى هنا وتلحق بي ، إنها بالطبع تعترض على غيابي الطويل في الخارج ، وهي تعيش مع والدتي ، ولذلك فهي مدللة ،وعادة تحصل على ما تريد".
تساءلت مادلين وهي تتطلع اليه مرة أخرى:
" هل تنوي البقاء هنا طويلا؟".
اشار إشارة من لم يقرر بعد ، وقال:
" شهران ، أو ربما ثلاثة ، مضى عليّ هنا فقط عشرة ايام ، لا استطيع القول على وجه التحديد ، لو أحببت المكان هنا فربما بقيت".
وهنا عاد هارفي بصينية من الشراب ، لم يكن هارفي في طول نيكولاس ، وإن كان كلاهما يبدوان عملاقين بالمقارنة مع الرجال الذين الفت مادلين صحبتهم.
منتديات ليلاس
وقفوا يتحدثون جميعا بعض الوقت ، ثم إنضم اليهم كون ماسترسون وزوجين شابان آخران تم تقديمهما الى مادلين على أنهما بول وماري – لي لوكاس ، وأخذت ماري – لي تثرثر بلطف مع مادلين ، وتسالها إذا كان لديها اولاد ، قائلة إن لديها أربعة ، وكانت مادلين خلال الحديث تحسدها على إفنقارها التام الى الأحساس الخجول بالذات ن وكان يساورها الشعور بالإرتباك إزاء ما يحدث وكان كون ماسترسون يتحدث الان الى نيكولاس فيتال ، الذي كان يصغي اليه بإهتمام ،وهو يجذب أنفاس سيكارته بين حين وآخر ، وكان يبدو وسيما الى حد كبير اهداب جفونه طويلة وكثيفة وبالغة السواد ، ولم تكن على يقين إذا كانت مسرورة او آسفة على إنتهاء حديثهما ، كانت قد إستمتعت بحديثه ، ولكن كان من حظها أيضا ان يعود هارفي ، وكان واضحا في أي حال أن نيكولاس فيتال يبدو على راحته تماما عندما يتحدث الى النساء ، وكانت طريقته الساحرة تنبىء عن خبرة عريقة وليست متكلّفة ، إنه متمرس في الحديث مع النساء ، بينما هي مستجدة في الحديث الى الرجال.
جاء أدريان للّحاق بهم فيما بعد ، وأحست مادلين بالخجل إذ أدركت أنها نسيت كل شيء عنه وعن هيذرينغتون لفترة ، واخذ ادريان بذراع مادلين قائلا:
" يبدو نك تستمتعين بوقتك".
فقال نيكولاس وهو يرى ما يبدو من جانب الرجل الآخر من سلوك الإستحواذ إزاء مادلين:
" قل لي كون ، هل الناظر الذي حدثتني بشأنه هنا".
أوما كون برأسه وقال في ود:
" أجل...... وسأقدمك اليه".
وهكذا وجد أدريان نفسه يتحدث الى صاحب المصنع ، والمنظمة الكبيرة التي يمثلها ، وكان في وسع مادلين ان تستدل من تعبيرات وجهه أنه مسرور للغاية ، وتساءلت أي مبلغ كبير من مال فيتال يمكن ان يؤدي دورا في مدرسة أدريان.
قال نيكولاس ن بإهتمام:
" اخبرني ، كم سن التلاميذ الذين يلتحقون بمدرستك؟ وهل هي مدرسة كبيرة ؟".
قال أدريان ، وهو على إستعداد تام للحديث في موضوعه المفضل:
" يتراوح سن التلاميذ بين الحادية عشرة والثامنة عشرة ، ولدينا نحو 800 تلميذ في مجموعهم".
" إبنتي ماريا في الخامسة عشرة.... وهي لا تهتم كثيرا بالمدرسة على الإطلاق فيما يبدو ، ونحن نعاني المتاعب حتى بشان إحضارها الى هنا ، وقد خطر لي ان المدرسة في أنكلترا قد تكون لا باس بها... المدرسة الداخلية بالطبع".
غمغم ادريان ن بتعبير مثبط:
" بالطبع..".
كان يساوره شعور بأن فيتال سيقترح عليه إرسال ماريا الى اوتيرييري ، تساءل نيكولاس فيتال ، وهو يرقب ادريان بعينين حادتين:
" هل هناك مدرسة تستطيع ان توصي بها؟".
بسط أدريان يديه قائلا:
" إنني لا اعرف سوى القليل عن المدارس الداخلية بصفة عامة ، هل تود أن ترسلها الى واحدة من مدارس البنات الأفضل؟ أو هل تفضّل المدارس المختلطة؟".
إبتسم نيكولاس قائلا:
" أعتقد من الأفضل ان تكون لماريا الكلمة في هذا الشأن ، وإذا وافقت حقا على دخول المدرسة هنا ، فاعتقد ان اقل ما افعله هو أن اسمح لها بإختيار مدرستها ، ألا تعتقد ذلك؟".
" أوه... في هذه الحالة......بالطبع".

نيو فراولة 13-11-11 09:43 PM

كان ادريان يضغط بشفتيه ، وكانت مادلين تراقبه ، وثمة تخمين بخاطرها بأنه يعد هذا النوع من السلوك خطأ تماما ، فقد كان أدريان يرى دائما أن الأطفال لا يعرفون أبدا ما هو أفضل لهم ، وأن على الكبار ان يقرروا لهم.
تساءلت وهي عاجزة عن حجب السؤال:
" الن تفتقد رؤيتك وهي في المدرسة هنا ، وأنت في ايطاليا؟".
تلاقت عينا نيكولاس الزرقاوان بعينيها لحظة ،ووجدت نفسها تشعر كنها تخوض سباقا ولا تستطيع أن تلتقط انفاسها إلا بصعوبة ، ولم تستطع أن تنصرف بعينيها عنه ، ولم تستطع ان تستجمع إحساساتها المبعثرة إلا عندما واصل حديثه ونظر الى شخص آخر ، كان من السهل التاثير عليها مثل الطفل ، فأرغمت نفسها على الاّ تتطلع اليه من جديد ، وكان هذا أمرا عسيرا للغاية ، لا سيما انها بدت مبهورة بكل ما يقول ويفعل!
قال ردا على سؤالها:
" أتصور ان في وسعي ان أوفر وقتا بحضوري الى هنا ورؤيتها ، هذا لأن والدتي تريد الذهاب الى أمريكا لعدة أشهر هذا العام ، وسيخففها من مسؤولية ماريا أن تكون هي ايضا بعيدة عنها".
كان أدريان يومىء براسه موافقا ، وكانت مادلين وهي تلوي أصابعها تفكر : إذا دخلت ماريا المدسة في انكلترا ، فالأرجح ان يأتي نيكولاس فيتال الى هذه البلاد كثيرا ، وليس هناك مكان أصلح لأقامته سوى قرب المصنع ، قد تراه إذا مرة اخرى !
كانت في داخلها توبخ نفسها على إفتقارها الى الحنكة ، ولكنها كانت تبد من الخارج هادئة ، ما اسخف ان تعتبر نفسها مركزا مناسبا لأهتماماته ، ولأنه كان إنسانا ثريا وقويا ، فلم يكن في الأغلب يتوقع من أي إمرأة إلا أن تتهافت عليه لتصبح أوثق صلة به ، إن أي إهتمام قد يظهره نحوها لن يكون إلا عابرا ،وبرغم ان الفرصة الان تبدو جذابة ، لكنها ستكون الخاسرة عندما ينتهي الأمر.
إنها في أي حال أرملة محترمة لها إبنة يسهل التاثير عليها في سنها ، وتستطيع ان تتخيّل ملامح الفضيحة على وجه ديانا لو أخبرتها ، بأنها تبحث في إقامة علاقة مع مليونير إيطالي ! إنه أمر يبعث على الضحك حقا ، وهو حتى لم يطلب منها موعدا بعد ! ومع ذلك ففي نظرته اليها ما يوحي بأنه سيفعل!
جاء هيذرينغتون ليلحق بهم ويعرف جلية الأمر ، كان هو الذي يستطيع أكثر من ادريان ان يشير على نيكولاس فيتال بالمدارس المتاحة لماريا ، فإنتهز الفرصة للإعراب عن رأيه ، ومضى الحوار مملا رتيبا ، تاركا مادلين لخواطرها ، ولم تدرك ان نظرة نيكولاس فيتال كثيرا ما كانت تنحرف في إتجاهها لتحدق فيها ، أو انه كان يتمنى ان ينصرف الآخرون ويتركوهما يتحدثان ، مضت سنوات منذ ان وجد إمرأة تثير فيه أكثر من مجرد هتمام عابر ، كانت النساء عادة ما يؤدين اغراضهن ثم ينساهن ، وكان الحديث معهن محدودا... الموضة.....الطراز.... آخر تسريحة ... عادات الشراب الحالية ... تلك كانت الموضوعات السطحية التي إعتادها معهن ، أما مادلين تنصت بين حين وآخر الى صوته ، إذ بها تجده مزعجا على نحو ظاهر ، ويصبح أجش عميقا يعطي المرء الإحساس بان ما يقول هو لأذنيه وحدهما ... والواقع ان نيكولاس كان قد بدأ يزداد ضيقا بالمسألة كلها ، اراد حقا أن يعرف مادلين بشكل أفضل ، ولكن هذه الدائرة التي تحيط به من المخلصين بدأت تصرفه عن غرضه فاراد ان يتحرر منها ، فما لبث عندئذ أن انهى الحوار قائلا ، وهو يطفىء عقب سيكارته في منفضة قريبة:
" اشكركم جميعا على نصائحكم ، سابلغ بها ماريا بالتأكيد عندما اقابلها".
إنتفضت مادلين من بلادتها لدى هذه الكلمات ، وهتفت ، والكلمات تتطاير من فمها بغير سيطرة:
" هل... هل ستعود الى إيطاليا؟".
كانت عيناه رقيقتين وهو ينظر اليها قائلا:
" كلا..... ماريا ستاتي الى هنا ، وستبقى والدتي في روما لأنهاء الأمور ثم تتي لتلحق بنا".
" أوه.....".
قالت مادلين ذلك ثم دخلت قوقعتها من جديد ، وتساءل هيذرنغتون في دهشة:
" الك منزل إذا؟".
رد نيكولاس بطريقة جافة وقد بدأ يضيق بهذه الاسئلة:
" كلا ، لدي جناح في فندق ستاج".
كان فندق ستاج أكبر فنادق أوتيرييري ، فاخرا ، متسعا ، يرعى اناسا من طراز فيتال ، وكانت هذه حركة بارعة من جانب اصحابه ، الذين خمنوا تخمينا صحيحا انه سيأتي الى أوترييري لا يستطيعون تحمل نفقات طعامه وشرابه الباهظة ، ثم لم يكن مسموحا بدخول أبوابه لعناصر غير مرغوبة.
جاءت لوسي ماسترسون عندئذ ، وقضت كل شيء على نحو بعث الإرتياح في نفس نيكولاس ، فقد نظرت اليه بخجل وقالت:
" يا عزيزي نيكولاس ... عليك في الحقيقة أن تختلط بجميع الحاضرين أكثر مما تفعل ، إنه لمن بواعث سرورنا ان تكون بيننا ، فنحن لا نراك ابدا هذه الأيام".
قالت هذه العبارة الأخيرة في شكل لوم ، وتساءلت مادلين وهي ترقب رد الفعل لدى نيكولاس عن درجة القرب التي تود لوسي أن تكون بينها وبين رئيس زوجها ، او إذا كانت هناك علاقة ما سابقة بينهما ، كان هناك في سلوك لوسي ما يوحي بذلك ، وشعرت مادلين بشيء من الغثيان.

نيو فراولة 15-11-11 12:05 AM

هزّ نيكولاس منكبيه العريضين ، وتطلّع الى ساعته ، وقال ببرود:
" آسف يا لوسي ، إنني في الحقيقة رجل كثير المشاغل".
ردت عليه في ضيق:
" إنك ترهق نفسك بالعمل ، ويجب أن تسترخي اكثر".
تطلّع نيكولاس اليها ، وإستطاعت مادلين ان ترى عينيه تضيقان:
" ومن اين لك ان تعرفي انني لا افعل؟".
قال ذلك عن عمد ، فتصلّبت لوسي ،ونظرت مادلين بعيدا ، فقد كان ما راته كافيا ، وراى نيكولاس مادلين تشيح عنه ، وشعرها الرائع يلمع في الأضواء الخافتة ،وكان قد إنتوى أن يتحدث اليها قبل أن يبرح المكان.
هتفت لوسي في صوت غاضب خفيض:
" أنت شخص مستحيل!".
قال بغير إهتمام:
" نعم ، أنا هكذا ن اليس كذلك ؟ عفوا ، هناك من اريد ان تحدث اليه".
وتقدم الى جانب مادلين ، وكانت تقف بعيدا عن الآخرين ، وقد إستغرقتها خواطرها فيما يبدو ، وسالها برفق ، وعيناه مركزتان عليها وهي تستدير لتواجهه.
" هل تسمحين لي بمرافقتك الى البيت؟".
تطلعت اليه مادلين وهي تكاد تكون مسلوبة اللب ، وإتسعت عيناها وشعرت بوجهها يحمر من جديد أنه شعور يبعث على الضيق ، أن يعرف الإنسان عجزه عن السيطرة على لون بشرته ، وكانت عيناه ذات الأهداب الكثيفة تنومانها تنويما مغناطيسيا فيما يبدو ، كما تباعد عنها النفور الذي احست به عن علاقته بلوسي ، وكانت موقنة أنه يدرك تاثيره عليها ، فإرتعدت رغما عنها وقالت وهي تعقد ذراعيها معا:
" جئت مع أدريان سنكلير".
قال بصوت جاف:
" لم اسالك مع من اتيت ، سالتك إن كان في وسعي أن ارافقك الى البيت".
قالت وهي تتلعثم ، وتشعر بحمق:
" ولكن... ولكن ادريان يتوقع ... أن اذهب معه".
" وهل هذا يهمك؟".
منتديات ليلاس
هل هو كذلك؟ شعرت مادلين كأنها في فخ ، لم تكن لتستطيع أن تقول في نزاهة تامة ان أدريان بالغ الأهمية بالنسبة اليها ، إلا على أساس صداقة محض ، ولكن من ناحية أخرى ، كم هي مدينة له أكثر من هذا الغريب نسبيا ؟ ترددت... وكانت تبدو عصبية ، ارادت ان تنغمس فيما أمامها وأن تقول إنها ستشعر بالإثارة إذا رافقها الى طريقين في وقت واحد بالدرجة نفسها من الشدة ، لكن هل هي الدرجة نفسها حقا ؟ لو صارحت نفسها لإعترفت بأن فكرة الذهاب الى أي مكان مع نيكولاس فيتال في حد ذاته إثارة كافية ، أما ادريان فلم يكن في وسعه ان يكون مثيرا ابدا!
كان نيكولاس يتفرسها على نحو رزين وهي تهتز على الحافة ، ثم قال بصوت فيه نغمة السرور:
" انا موقن انه إذا إستغرق الأمر مثل هذا التفكير ، فالرد هو لا".
حاولت مادلين ان تجد كلمات تفسر بها ترددها ، ماذا يظن فيها الآن ؟ ما لبثت ان وافقته اخيرا قائلة:
" لعلك محق فيما قلت ، الأمر ببساطة هو أن أدريان وانا صديقان قديمان ويجب ألا اجرح مشاعره".
قال نيكولاس في دهاء:
" إن ما تعنينه حقيقة هو انه مهتم بك".
إعترفت في هدوء:
" اظن أنني أعني ذلك ، لقد عرف كل منا الاخر لخمس سنوات الان ".
" وكنت أرملة طوال هذا الوقت ، اليس كذلك؟".
" بلى....".
" إذا ، فإنني اعتقد أنه إما غبي جدا ، وإما انك عنيدة جدا".
إبتسمت مادلين وقالت:
" الخيرة ! فلا يستطيع احد ان يصف أدريان بالغباء".
هز نيكولاس كتفيه وقال :
" ثم ماذا ؟ الى أي شيء يوصلنا هذا ؟ هل تودين أن تأتي معي ... إذا لم يكن هناك سنكلير ليتدخل بالطبع؟".
مرت بيدها على شعرها في أضطراب ، وقالت وهي تتنهد:
" انا... أوه.. أظن ذلك".
بدا عليه الرضى والإرتياح وقال:
" حسنا ، ساتحدث إذن الى سنكلير".
حدّقت فيه بتوسل:
" اوه ، كلا ، ارجوك ، إنك ستعطي بذلك لدريان إنطباعا خاطئا".
اخرج علبة سكائره الرفيعة من جيبه وقدمها اليها وهو يتساءل:
" وكيف ذلك؟".
قبلت مادلين واحدة من السكائر الطويلة ، وإبتدرته بعد ان اشعلا السيكارتين:
" أدريان لن يفهم ابدا".
وفي هذه اللحظة لحق بهما أدريان متسائلا:
" هل أنت مستعدة للإنصراف يا مادلين ؟ ان هيذرنغتون لا يريد ان يتأخر لأن زوجته وحدها".
تفرس فيه نيكولاس للحظة ، ثم قال:
" هل افهم من ذلك أنك ستقوم بتوصيل هيذرنغتون الى بيته؟".
قطب أدريان جبينه وقال:
" هذا صحيح...".
فإلتفت نيكولاس الى مادلين قائلا:
" اقترح إذن انه ما دامت السيدة سكوت لا تستعجل الإنصراف في هذه اللحظة ، فساعمل بنفسي على ان تصل الى البيت سالمة ، واعفيك من هذه المسؤولية".
ذهل ادريان وبدا عليه ذلك ، لم يرد ان يسيء الى الإيطالي ، كما أن فيتال لم يترك له خيارا غلا قبول عرضه ، كانت مادلين وحدها هي التي تستطيع تغيير الموقف ، فنظر اليها متسائلا ، وكانت مادلين نفسها تشعر بالذنب ، كانت هذه مغامرة جديدة لها يساورها تخوّف من عواقبها ، ومع ذلك فلم تستطع ان تقول الكلمات التي اراد ادريان ان يسمعها ، إنها ستذهب معه الان ، في هذه اللحظة ، وعندما بدا واضحا أنها تنوي البقاء ، قال أدريان في تصلّب:
" حسنا جدا ... هل انت متأكدة انك تريدين البقاء يا مادلين؟".
رسمت مادلين على شفتيها إبتسامة ، وغمغمت بهدوء:
" لا يضايقني البقاء ، وإنه للطف بالغ من السيد فيتال ان يعرض مرافقتي الى البيت".


الساعة الآن 10:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية