منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   22 - الماضي لا يعود - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t169392.html)

fati_mel 27-10-11 07:55 PM

الله يعطيك الف ..الف عافية عن جد اختياراتك للروايات مميزة
و مشوقة و تسلم الايادي و الانامل لي تستاهل اللف في الحرير


:98yyyy::98yyyy::98yyyy::98yyyy:
:4redf54r::4redf54r::4redf54r:


نيو فراولة 27-10-11 09:09 PM

قال رفيقها وهو يبدو مسرورا الان :
"حسنا ؟ هل هذا يقنعك بان دوافعي كانت معقولة؟".
هزت مادلين كتفيها ، وقالت:
"بالطبع ، معذرة لأنني قفزت الى النتائج ، ولكن الدراجة البخارية ليس لها في الواقع قوة فرامل سيارة مثل هذه".
قالت ذلك وهي تشير نحو السيارة.
إنحنى الرجل برأسه ، ثم قال متأخرا قليلا:
" هل اصبت؟".
لم تستطع مادلين أن تكتم إبتسامة ، وقالت وهي تهز راسها:
" لا ، أشكرك ، فإنني لا أزال قطعة واحدة ! خير لك أن تفحص سيارتك ، فالأرجح أن تكون في حاجة الى إصلاح".
إبتسم كذلك بشيء من السخرية ، ووجدت مادلين نفسها تفكر كم هو جذاب ، كان طويلا ذا منكبين عريضين يستدقان الى ردفين نحيلين ، وكان أسمر البشرة بفعل الشمس ، وكانت عيناه زرقاوين غامقتين ، وشعره اسود فاحما ، وهذا ما جعل مادلين تفكر في انه ربما اسبانيا او إيطاليا ،وكان يتحرك برشاقة وسهولة ، وكان سلوكه المتراخي ، يخفي وراءه فيما يبدو حيوية مكبوحة ، وكانت حياكة بذلته خالية من العيوب ، حاكتها كما هو واضح يد صانع ماهر ، وكانت لكنته الضئيلة وتمكنه الممتاز من الإنكليزية يشيران فيما يبدو الى أنه تلقى تعليما باهظ التكاليف ، وتساءلت من يكون ، فقد كانت تعرف بمجرد المظهر معظم ذوي الثراء في أوتيرييري ، ولكن هذا الرجل غريب.
قال وكأنه يدرك خواطرها.
" إنني مرتبط بمصنع شريدان ، ولهذا فلا أكاد أعتقد أننا يجب ان نشغل انفسنا بإصلاح سيارتي وهي لم تتأثر كثيرا ، كما ترين".
كان شريدان مصنع السيارات الذي يقع على الطريق مؤسسة إيطالية أمريكية ، وأول مشروع مشترك من نوعه للإيطاليين والأميركيين في انكلترا ، وكان هذا يفسر لكنته أيضا فيما يبدو، من الواضح انه ينحدر من أصل إيطالي ، ولكنه قضى اعواما كثيرة في الولايات المتحدة على الأرجح.
قالت مادلين ذلك وهي تنحني لترفع دراجتها البخارية وتلتقط حقيبتها ، التي كانت لحسن الحظ مغلقة ، ولكن الرجل حال بينها وبين ذلك ، ورفع الدراجة البخارية بلا جهد وتفحصها بعين خبيرة ,وقال :
" دراجتك البخارية تبدو سليمة ، وإذا حدث فيها شيء فما عليك إلا ان تحدثينا تلفونيا ، وساعمل على إصلاحها".
واعطاها الرقم.
شكرته مادلين ، وهي تفكر الآن كم تبدو مشعثة الشعر مغضنة الملابس ، وبينما كان يسلمها الدراجة البخارية ، كانت تدرك تماما لغة عينيه وهما تطريانها بشكل ساخر ، وشعرت بوجنتيها تتوهجان من فرط الحرج.
قالت متلعثمة:
" اش كرك........".
ثم دفعت بقدمها آداة التشغيل ، وإرتاحت لأنها عملت من أول مرة ، وقالت وهي تجلس عليها :
" وداعا........".
" الى اللقاء يا؟ مس...مس؟".
قال ذلك وإبتسم وهو ينتظر إجابتها.
قالت تصححه:
" إن الإسم هو مسز سكوت".
ثم إنطلقت وهي تبتسم إبتسامة يسيرة ، وتعي عينيه وهما ترقبانها إذ تنطلق على الطريق ، وتمنت وهي تفعل ذلك ألا ترتكب اخطاء اخرى.
وخلال ثوان كان يمر مسرعا بجوارها وهو يرفع يده لإشعارها بوجوده ، فلم تلبث أن شعرت بنفسها تسترخي مرة اخرى.
وعندما هبطت الى وسط أوتيرييري ، إنعطفت يمينا عند إشارة المرور صوب هاينوك ،وكانت هاينوك إحدى ضواحي اوتيرييري ، وقد قام فيها عدد كبير من المساكن الجديدة ، بما فيها مجمّع الشقق الذي كانت تقيم فيه مادلين مع إبنتها ديانا وكانت الشقق في ايفنوود غاردنز تطل على نهر أوتر ، وشعرت مادلين بغمرة سرور عندما وصلت الى بيتها ، كانت شقة لطيفة كما كانت اوتيرييري نفسها بلدة بهيجة.
كانت الشقة في الطابق الأول ، وبينما كانت تفتح الباب وتدلف الى المدخل الصغير ، نادت:
" ديانا..... هل انت في البيت؟".
لم ياتها ردا فأغلقت الباب وخلعت سترتها ،وكانت غرفة الجلوس مفتوحة على المدخل ، وهي غرفة كبيرة ذات جدران ملساء مطلية بالغراء زيّنتها مادلين بعدة لوحات معدنية ، وكانت سجادة الحائط ، التي أنفقت فيها مادلين كثيرا من مدخراتها ، ذات لون ياقوتي أزرق .... وكانت التدفئة كلها كهربائية ، للسف لأن مادلين كانت تفضل نيران المدفأة المكشوفة في غرفة واحدة على القل ، وهنا أدارت مادلين صمام تشغيل شبكة التدفئة لأنه بالرغم من ان الغرفة كانت دافئة بالمقارنة مع الهواء ابارد في الخارج ، إلا أن دفئها لم يكن مريحا ، وكان جو الغرفة اليفا ، وثمة خزانة للصيني تضم قطعا قليلة من الصيني والزجاج الممتاز ، أما باقي المنزل فكان مملوءا برفوف الكتب الحافلة بدورها بالروايات ، وجهاز تلفزيون وجهاز موسيقى يخص ديانا كان موضوعا على منضدة في فجوة في الجدار وبجوارها مجموعة من اسطوانات الموسيقى الحديثة.
أشعلت مادلين سيكارة وادارت التلفزيون ، كانت قد تسوقت في وقت الغداء ، وجلبت بعضا من قطع اللحم التي إشترتها للعشاء ولا يستغرق طهوها وقتا طويلا ، وحملت حقيبة التسوق ومرّت بها الى المطبخ الذي كان مفتوحا على غرفة الجلوس ، وكان صغيرا جدا ، وأخرجت الطعام ووضعت الغلاية على النار ، ثم عادت الى غرفة الجلوس ، كان الوقت يقارب السادسة ، لهذا لم يكن لديانا ان تغيب طويلا.
دخلت غرفة النوم التي كانت تتقاسمها مع ديانا ، لم يكن هناك إلا غرفة نوم واحدة بحمام صغير وخزانة ملاصقة ، وكانت الشقق مخصصة في الحقيقة لشخص واحد ، لأن الشقة التي يوجد فيها غرفتان للنوم يزيد إيجارها عن عشرة جنيهات في الأسبوع ، كان على مادلين أن تقنع بالشقة التي فيها غرفة نوم واحدة ، ولمتكن هي لتعبأ بهذا ولكن ديانا كانت تقترب الآن من سن تجعلها تعترض على ألا تكون لها غرفة نوم خاصة ، ومع ذلك فعندما وصلا الى اوتيرييري بعد وفاة جو ، كانت مادلين تشعر بالشكر والحمد إذ اصبح لهما مكان يخصهما.

نيو فراولة 28-10-11 10:51 PM

خلعت ردائها الجيرسيه ودخلت الحمام لتغتسل ، وبينما كانت تفعل ذلك وجدت نفسها تتساءل عما ظنّه الرجل في السيارة عنها في الحقيقة ، وجدته جذابا الى حد كبير ، ولكن كان من الممكن ان تجده كذلك اية إمرأة ، وتساءلت عن عمره وبدا لها أنه في أوائل الثلاثينات ، ولما كانت هي في الثالثة والثلاثين ، فربما كان هو كذلك في نحو سنها على الأرجح .
وبينما كانت تمشط شعرها الذي تهدل على كتفيها عندما كانت تحل العقدة الفرنسية ، تساءلت ما يكون ظنه عن سنها ، كانت تعلم أنها لا تبدو بسنها الحقيقية ، وكان أدريان سنكلير يقول لها بإستمرار أنها تبدو كأخت ديانا أكثر منها أمها ، ولكن أدريان كان يريد الزواج منها وكانت تلك طريقته.
كانت ديانا تتذمر أحيانا ايضا ، من ان مادلين ترتدي ملابس لا تتفق مع مركزها كسكرتيرة للناظر ، وكارملة محترمة ، ولكن ، ديانا كانت عتيقة التفكير في بعض الأمور ، ولعل ذلك يرجع الى تأثير جو الى حد كبير .
وقررت محرجة أن عينيها هما أفضل ملامحها ، كانتا رماديتين تتولن الى الإخضرار ، تطل منها اضواء مصفرة ، وكان شعرها في نعومة الحرير وفي لون العنبر الكثيف ، وكانت طويلة ، مفرطة الطول على ما تعتقد دائما ، وإن كانت ممشوقة القوام بشكل لطيف على الأقل ، ولم تكن شديدة التحول بارزة العظام ، وكانت ترى انها في شكلها العام أنثى متوسطة حسنة الطلعة ، ولكن ليست مميزة بأي حال.
منتديات ليلاس
أما الرجل.... وهنا تنهدت ، فهو مميّز في كل شيء ، وشعرت بيقين ان عشرات النساء لا بد فكرن فيه على النحو نفسه ، وبالنسبة الى دخله فيبدو إنه إنسان قادر – ومع ذلك فلا يستطيع الإستفادة من هذه القدرة ، بعكس النساء الكليلات أو الكئيبات ، فإن صالون التجميل ، ومصفف الشعر ، وجراح التجميل يمكنهم ان يعالجوا ذلك ، أما هو فمن خلال سخريته التي تلوح معالمها حول عينيه وفمه ، يبدو ضجرا بحياته ومدركا في الوقت نفسه لجاذبيته.
لوت مادلين قسمات وجهها وهي تتطلع الى نفسها في المرآة ، وقد سرتها خواطرها ، يا للسماء ! إنها تتصرف كطفلة لمجرد أنها قابلت رجلا كان بلا جدال من خارج دائرتها ؟ وما لبثت ان دست ذراعيها في سترة منزلية ، وبينما كانت تعقد ازرارها ، نحت عن ذهنها كل خواطرها عن الرجل ....... مهما كان شعورها ، فإن ديانا كانت وستظل موضع إعتبارها الأول ، مسكينة ديانا ...... إنها لم تبرأ في الحقيقة ، رغم كل شيء ، من صدمة فقدان جو عندما كانت بعد في السابعة من عمرها.
وبينما هي تخرج من غرفة النوم ، سمعت صوت مفتاح يدار في قفل الباب منبئا بوصول غبنتها ، وإندفعت ديانا بمرح وإبتهاج الى الداخل وهي تبدو نحيلة كأنها الطبعة الأحدث من مادلين ، فيما عدا ان شعرها كان بنيا غامقا.
كانت ديانا في السادسة عشرة، تدرس في الكلية التجارية في أوتيرييري ،وكانت كثيرا ما تعود الى البيت متأخرة ، إن الكلية كانت تجري تمارين على المسرحية التي تعرض في نهاية الفترة الدراسية ، وكانت ديانا تمثل فيها دورا رئيسيا.
لم تكن ديانا في طول مادلين ، وكانت تترك شعرها طويلا منسدلا وفق الموضة ، وكانت ترتدي سترة رمادية غامقة ، وتهز في يدها حقيبة من التارتان ، القماش الصوفي المربع.
قالت تحيي مادلين ، وهي تطرح بحقيبتها على احد المقاعد.
" اهلا يا أمي...... اليس الجو باردا الليلة ؟ إنني اتجمد!".
اومأت مادلين براسها ، وقالت موافقة:
" نعم ، لا يشبه جو الربيع كثيرا ، هل كانت التمارين جيدة؟".
قالت ديانا بلا إكتراث:
" الى حد ما ، إن الآنسة هوكس تحاول دائما أن تدير العرض وكانه مهرجان عسكري ، ولكن فيما عدا ذلك كان كل شيء على ما يرام ، ويبدو انه صاخب....".
ضحكت مادلين في خفوت ، وقالت:
" انا اعتقد أن العرض سيكون ممتازا لا عليك ، سينتهي الأمر قريبا ، الفترة الدراسية تنتهي في ثلاثة أسابيع ، اليس كذلك؟".
" بلى والحمد لله ، وسيكون امامنا عندئذ اسبوعان كاملان لا نفعل فيهما شيئا ، سيكون هذا مرا رائعا !".
إبتسمت مادلين ودخلت المطبخ ، وبينما كانت تعد البقول وتضع قطع اللحم تحت الشواية قررت ألا تقول لديانا شيئا حول سقوطها عن الدراجة البخارية ، فلم يحدث ضرر لها باية حال ، هذا الى ان ديانا كثيرا ما تقول أنه يجب على مادلين أن تستخدم الأوتوبيس في ساعات ذروة المرور ، وكانت ديانا تبدو أحيانا مستاثرة بوالدتها قليلا ، ولعل ذلك يرجع الى أنها كانت قريبتها الوحيدة ، ولم تكن مادلين تريد أن تسبب لها مزيدا من القلق.
تناولا طعام العشاء في غرفة الجلوس ، وكان أحد اركانها تم تحويله الى خلوة لتناول الطعام بإضافة ستار يحجب المائدة عن الرؤية ، اعدت ديانا المائدة بينما كانت مادلين تضع الوجبة في الأطباق ، وجلسا معا بعد ذلك ، ترقبان التلفزيون في كسل بينما تناولت مادلين سيكارة مع قهوتها.

نيو فراولة 29-10-11 06:50 PM

تساءلت ديانا وهي تتمطى في كسل:
" هل اغسل الأطباق؟ هل يأتي الينا عمي ادريان الليلة؟".
" أعتقد أن أدريان سيأتي ، وأكون شاكرة إذا قمت بغسل الأطباق ، فسأقوم بتغيير ملابسي الى شيء مناسب أكثر".
إبتسمت ديانا ونهضت على قدميها ، ونظرت اليها مادلين , وتساءلت في تردد:
" هل...... أنت خارجة الليلة؟".
"نعم، طلب مني جيف الذهاب الى نادي السبعينات".
اومأت مادلين براسها:
" أوه.......".
" هل تمانعين؟".
بللت مادلين شفتيها بلسانها وقالت:
" لا لا ، ولماذا أمانع؟".
" لا سبب ، ولكنني لاحظت أنك لا تتحمسين بشان خروجي معه".
إبتسمت مادلين نصف إبتسامة ، وقالت:
" إني آسفة يا حبيبتي ، لا بد من ذهابك بالطبع".
هزت ديانا كتفيها ، وقالت بخفة:
" حسنا ، إنه شيء افعله والسلام".
إبتسمت مادلين بسخرية ، وقالت:
" نعم ، وأدريان سيأتي بعد ذلك على الأرجح ، قال إن عليه أن يقوم بعملية تقدير الدرجات ، لكني أظن أنه سيكون لديه متسع من الوقت للحضور".
غمغمت ديانا في مكر:
" انه يجد الوقت دائما من اجلك!".
ضغطت مادلين على شفتيها:
" نعم ، قد يكون الأمر كذلك ، ولكن هذا لا يعني شيئا على الإطلاق".
هزت ديانا كتفيها باسف ، وبدأت تحمل الأطباق الى المطبخ ، وأطفأت مادلين سيكارتها في منفضة السكائر وخطت الى غرفة النوم ، كانت قد بدات تضيق بتلميحات ديانا عنها وعن أدريان ، حقيقة أنها كانت تلميحات تقوم على الواقع ، ولكن مادلين لم تكن تساورها الرغبة في تحويلها الى حقيقة.
وبينما كانت ترتدي بنطلونا فضفاضا ازرق غامقا ، وتضع فوقه بلوزة من الحرير ، وجدت نفسها تتمنى ، وليس لأول مرة ، ان يكون جو حيا ، كانت ديانا تكبر الآن وتصبح ذات مسؤولية كبيرة في نواح كثيرة ، كذلك كانت تحب جو وكان جو مدلها بها ، فقد ظل بلا زواج سنوات كثيرة قبل ان يتزوج مادلين ، ثم وجد ديانا طفلة لا يمكن مقاومة حبها على الإطلاق ، وتساءلت مادلين الان هل كان زواجها من جو هو الذي عجّل بحالته؟ فمن المحقق أن الزواج أثقله بمزيد من المسؤوليات ، وأنه عمل بجهد كبير في السنوات التي أعقبت زواجهما ،ولكن مرضه لم يكن له علاج ، وقال لها الأطباء كثيرا أنها جعلت آخر سنوات عمره سنوات سعيدة.
قررت ان تترك شعرها منسدلا ، وخرجت من غرفة النوم تبدو في جاذبية الشباب ، وكانت ديانا تهذب ماكياجها بيد رشيقة ، وكانت تضع مجرد ظلال العيون وأحمر الشفاه ، ولم تكن بشرتها الزيتونية تحتاج الى مزيد من وسائل التجميل ، القت بنظرة إنتقادية على أمها من فوق كتفها وقالت متسائلة بإشارة من يدها:
" هل يوافق عمي أدريان على إرتداء البنطلونات الفضفاضة؟".
بدت مادلين مسرورة ، وردت بخفة:
" لا اكاد ارى كيف يمكن ان تهمه هذه المسالة ، أنا التي أرتديها وليس العم ادريان".
" اعرف ذلك ، ولكن بصراحة يا أمي ، لعلك ستتزوجينه يوما ، وعليك ان ترتدي من الملابس ما يتفق مع مركزك".
" يا عزيزتي ديانا .....لست انوي الزواج من العم أدريان ، وقلت له ذلك ، وقلته لك ايضا ، مئات المرات ، عجبا ، إنني في الثالثة والثلاثين ولست في الثالثة والخمسين ، ورغم أنني موقنة أنها تبدو سنا كبيرة بالنسبة اليك ، لكنني لا أنوي أن آوي الى الكرسي الهزاز بعد؟".
قطبت ديانا جبينها:
" إن عمي ادريان ليس اكبر سنا من ابي لو أنه.....".
ثم توقفت :أوه يا عزيزتي ...... انا اعرف ذلك ، ولكن هذا كان أمرا مختلفا.
" كيف؟".
تطلعت مادلين الى ساعتها ، وقالت:
" الم يحن الوقت لذهابك؟".
هزت إبنتها كتفيها ، وقالت:
" أظن ذلك ، حسنا ، أنت وشانك......".
ثم جذبت سترتها المصنوعة من الدوفيل وقالت:
" ساذهب إذا".
" حسنا يا حبيبتي إعتني بنفسك".
قبلت ديانا وجنة أمها وإنطلقت خارجة من الشقة وهي تدور حول نفسها ، ودخلت مادلين المطبخ ، كانت دلائل الغسل السريع من جانب ديانا للأطباق واضحة على الأرض التي تكاد تسبح في الماء ، وكانت ممسحة الأطباق مشبعة بالماء.
عصرت مادلين الممسحة ، وتناولت الممسحة الكبيرة وإمتصت بها الماء عن الأرض ، ومسحت الأرضية الخشب فغدت نظيفة ، ثم وضعت الأطباق التي كانت ديانا قد تركتها على المنضدة ، في أماكنها ،وعادت الى غرفة الجلوس.
وما كادت تستقر امام التلفزيون حتى جلجل جرس الباب فنهضت في كسل ومضت تطرق الأرض بخفوت الى الباب ، وإذ فتحته ، وجدت أدريان سنكلير ينتظر السماح له بالدخول.
وكان أدريان نحيلا طويلا في اوائل الخمسينات يكبر مادلين بعشرين عاما ، وأعزب ، ووجد مادلين فاتنة ومرغوبة تماما ، وتحركت كل عواطفه بعنف نحو مادلين بسبب إفتقارها الظاهر الى الإهتمام الرومانسي به ، وبصراحة ، كانت مادلين تتساءل عما يجتذب الرجال الأكبر سنا اليها ، لقد وجدت ادريان مثيرا من الناحية العقلية ، ولكنه بارد من الناحية العاطفية ، ولم تكن الزيجات لتقوم على العقل وحده ، ولم يكن ليمضي في إتجاه آخر غير هذا الأتجاه معها.

نيو فراولة 30-10-11 06:28 PM

قالت وهي تبتسم الان:
" تفضل يا ادريان ألا يزال الجو باردا؟".
قال ادريان ، وهو يدخل ويتخفف من معطفه.
" أبرد ..... هذه غرفة دافئة ومريحة يا مادلين ، إنني اشعر دائما كأنني في بيتي هنا ".
" حسنا ، أنا مسرورة لذلك".
اغلقت مادلين الباب وأخذت عنه معطفه قبل ان تتبعه عبر الغرفة وسالته ان تعد له بعض الشراب فوافق ، وجلس على الأريكة أمام التلفزيون في الموضع نفسه حيث كانت تجلس مادلين قبل وصوله ، وإنضمت اليه بعد ان سكبت الشراب.
كانت تستمتع بصحبة ادريان ، ودعاباته الجاهزة ،وكانت مسرورة لأنه لم يبذل أي محاولة قوية ليجعل العلاقات بينهما تتحول الى أكثر من ذلك ، كان كثيرا ما يطرق موضوع الزواج ، ولكن مادلين حاولت أن توضح له من البداية أنه لا يمكن ان يكون بينهما شيء أكثر من الصداقة.
وكان ادريان ياتي الى الشقة كلما إستطاع ذلك ، سواء كانت ديانا موجودة أم لا ، وكان يحب ديانا ، وكانت مولعة به ، وهي تخاطبه بالعم أدريان منذ كانت في الحادية عشرة من عمرها ، ولم تجد سببا يدعوها الى أن تغير ذلك الآن.
وكان يمتلك منزلا في أوتيرييري، تديره مدبرة ممتازة ، وكان المنزل يقع قرب مدرسة اوترييري التي كان ناظرها ، ومع أن المنزل كان كبيرا وكئيبا بالنسبة الى رجل يعيش وحده ، فقد كان يحبه ، وجعله مليئا بنخبة من التحف الفنية الكفيلة بأن تجهز متحفا ، وكانت مادلين تقول أحيانا وهي متأملة انه لو تزوج يوما ما وأنجب أطفالا يجرون في البيت لأصبح في خوف دائم على مجموعته.
قال أدريان بطريقة عرضية:
" وقع حادث على طريق اوترييري اليوم، تصادمت سيارتين ولوري ، ونشر الخبر في الطبعة المتأخرة من الصحيفة".
" اوه....أكان هناك حادث حقا؟".
كتمت مادلين معرفتها بالحادث ، فلم تكن تنوي ان تحدث أدريان ، فضلا عن ديانا ، بالحادث الشخصي الذي تعرضت له لن أدريان مثل ديانا ، يعيب عليها إستخدامها الدراجة البخارية على الطريق المكتظة ، يفضّل إستخدام وسائل النقل العامة في تلك الأمسيات عندما لا يستطيع توصيلها الى المنزل.
" نعم ، بعض الناس يتحركون بسرعة لا تناسب السلامة ، ومعظم هذه الصدامات يمكن تجنّبها بقليل من التروي".
" أوه .... إنني أوافقك".
قالت مادلين ذلك بشيء من التوتر ، وهي تجلس بجواره ، وتأمل ألا يخذلها وجهها واضافت:
" المرور المقبل من مصنع شريدان يتحرك بسرعة بالغة".
" بالفعل ، وسيكون من دواعي سروري إتمام بناء البيوت الواقعة خلف المصنع ، فبذلك لن يضطر هؤلاء المفسدون للقدوم الى المدينة ليتخذوا الطريق منها الى لندن ، إن معظم السيارات تجعل المنطقة الواقعة خارج المدرسة بمثابة حلبة سباق ، وإنني لأشعر بالإمتنان لأن جموعنا من التلاميذ يخرجن من المدرسة قبلهم ، هل تتخيلين ماذا يكون عليه الموقف لوخرج من أبوابنا حشد من راكبي الدراجات وحاولوا الإندماج مع هذا الحشد الآخر ! فلتكن السماء في عونهم!".
قبلت مادلين سيكارة عرضها عليها ، وقالت ، بعد أن بدا كلاهما يدخن :
" هل ذهبت يوما الى مصنع شريدان؟".
" كلا ، لم أذهب اليه منذ إفتتاحه ، وذهبت يوما الى موقعه خلال المراحل الأولى للبناء ، إنه مكان هائل ، ويبدو ان طاقة تشغيله عندما تكتمل تماما ستستوعب نحو خمسة آلاف رجل وأحضروا عمالا عدة مهمين من إيطاليا بالطبع ، ومن مصنعهم قرب ديترويت ، وسمعت ان نيكولاس فيتال نفسه جاء من روما خصيصا ليطمئن على ان كل شيء يجري على ما يرام ، وهو هنا بالطبع في زيارة فقط ، فهو الرئيس الكبير ، ولعلك تعلمين أن والده هو الذي أسس هذا العمل ، اما الرجل الذي يدير هذا الفرع فيدعى ماسترسون ، وهو من أمريكا على ما أعتقد ، أحضر اسرته معه وإستأجروا المنزل الذي يقع قرب هاينوك ، وأعتقد ان إسمه أنغلسايد".
منتديات ليلاس
" أجل .....إنني أعرف هذا المكان يا أدريان ، إنه ضخم ، ألم يكن ملك أحد الأرستقراطيين المفلسين في وقت ما؟".
قال أدريان ، وهو يضحك في خفوت:
" نعم ، كان اللورد أوترييري المسن نفسه يعيش هناك منذ سنوات ، تخيّلي ان ينزل الأمريكيون في هذا البيت الفخم المهيب !".
ضحكت مادلين ، وقالت:
" لا بد أن يكون شيئا جميلا أن يتحرر المرء من قلق المال".
" يا عزيزتي مادلين ....... إن بوسعك ان تتحرري ايضا من قلق المال إذا سمحت لي فقط بأن أولى رعايتك".
" اعرف ذلك يا أدريان ، واقدره ، لكنني لا استطيع أن أرى نفسي زوجة ناظر توزع الشاي والمجاملات على أولياء امور الأطفال ، اخشى الا أكون من هذا الطراز".
تنهد أدريان وقال:
" هراء يا مادلين ، في وسعك ان تتلاءمي بسهولة ، واقول جادا إن ديانا ستوافق على زواجك مني ، فهي بالنسبة الي بمثابة الأبنة".
" أعرف ذلك يا أدريان ، إنها مناصرة كبيرة لقضيتك، ولكن الأمر ببساطة هو ... إنني أتمتع بحريتي ، وأهم من ذلك ، إننا لا نتبادل الحب".
" وهل كنت تحبين جو؟".
قطب أدريان جبينه عندما لم تجب مادلين ، وإستطرد قائلا:
" هذا الى جانب انني أحبك يا مادلين ، أن الحب للشباب ،ونحن كبار ناضجون ، ولسنا أحداثا دون العشرين نتوق توقا الى القمر ، ألا تودين أحيانا أن تسترخي ، وان تضعي قدميك الى أعلى بدلا من الإندفاع الى البيت في الأمسيات؟".


الساعة الآن 12:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية