منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   174 - لا تعتذري أبدا - باميلا بوب - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t168829.html)

نيو فراولة 12-10-11 01:45 PM

174 - لا تعتذري أبدا - باميلا بوب - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
174- لا تعتذري أبدا - باميلا بوب - روايات عبير القديمة

الملخص


الهوة واسعة بينهما وشتان مابين شخصيتها المتواضعة الرقيقة وإندفاعه المتغطرس السافر يكتسح كل شي في طريقه , كالطوفان أو القدر لم تجمعهما إلا إحدى تلك الصدفة العابرة التي يبدو أن الحياه اليومية تختزنها لتفاجئنا بها , وتثبت لنا أن الأحلآم ممكنة رغم كل شيء .
أدركت آنا أن ريان المخرج التلفزيوني الوقح هو آخر من يصلح صديقا لها أو حبيبا ومع ذلك , وبمرور الوقت والأحداث صارت الحياة بدونه مستحيلة كيف حدث ذالك ؟ شخصيته تربكها وتعميها عن الاخرين , لقد مسّ وترا حساسا في قرارة نفسها , ومن اجله عليها أن تواجه جيسيكا ربة عملها الغيورة ذات الطبع العنيف , والتي تربطها بريان علآقه متينه كانت سرا عليها حتى الان .
وشيئا فشيئا تمتد الجسور بين الضفاف, والهوة تضيق ..
...

نيو فراولة 12-10-11 01:46 PM

1- رحلة عسل وعمل......



تحركت يدها بتردد نحو الهاتف , كان على آنا أن تتصل بالمخرج التلفزيوني المشهور , ريان دونالسون , لم تكن مضطربة , ولكنها لا تعرف كيف ستتحدث معه في موضوع كهذا.
" أسمعيني جيدا , لا أهتم أبدا لرسالة جيسيكا , وعليها أن تكون في الموعد المحدد , في الساعة الخامسة تماما , ومن الأفضل ألا تتأخر عن الموعد".
" دعني أشرح لك".
" لن أقبل أية حجة , التصوير سيتم في موعده المحدد , ومجموعة التصوير ستسافر الى الولايات المتحدة الأميركية يوم الخميس , ومن الطبيعي أن تكون كاتبة السيناريو في مكان التصوير".
كان يتحدث بلهدة حاسمة دون أن ينتظر أي أعتراض من محدثته مما أثار حنق آنا التي حاولت أن تتصدى لأوامره.
" لكنها لا تستطيع".
كان جوابه أكثر برودا.
" لا يهمني هذا الأعتذار".
سمعت آنا بعد هذه الجملة صوت أرتطام سماعة الهاتف , لم يترك لها أي مجال لتشرح له الأسباب , لقد أعطاها الكثير من وقته , وبالطبع لم يتأثر لما سيصيبها من ألم نتيجة تصرفه اللامبالي.
أن ضوضاء الناس الملتفين حوله يدل على إنشغاله بالتصوير , ولكنه لم يكن يعرف بزواج جيسيكا , الخبر الذي عرفته آنا هذا الصباح وأدهشها.
العمل كمساعدة وسكرتيرة لكاتبة السيناريو جيسيكا فرانكلين , جعلها خلال ستة أشهر متمكنة من مهنتها تماما , وعندما وصلت هذا الصباح الى مكتبها في الساعة المعتادة , وجدت جيسيكا غارقة في أكوام من الملابس والحقائب ويبدو عليها المرح والأنفعال.
" لقد جئت في الوقت المناسب يا آنا , أرجو أن تساعديني لأكون جاهزة في الوقت المحدد".
إرتسمت على وجه آنا علامات أستفهام , إلا أن جيسيكا بدت أكثر مرحا وهي تقول:
" سأتزوج أليستير كيربي اليوم في الساعة العاشرة والنصف وسنسافر الى أيطاليا في رحلة عسل وعمل".
بعد دقيقة تردد قالت آنا وهي تحدق في وجه جيسيكا:
" إنه لقرار غريب , فأنت لم تعرفي هذا الصحفي إلا منذ يومين فقط , أي بعد مقالته اللاذعة عن....... الأسلوب المزخرف في المهنة النسائية , وقد ذكر أسمك في إحدى الفقرات بطريقة خشنة".
" أصلحت هذا الخطأ في لقائي معه مساء الجمعة".
منتديات ليلاس
أبتسمت جيسيكا بقلق ونظرت الى الساعة وقالت:
" الأشياء مرت بشكل جيد , أعتذر أليستير عن هذا الخطأ ودعاني الى عشاء في مطعم رائع , ولن أنسى تلك السهرة الممتعة ما حييت.....".
وبدون أن تبحث آنا عن بقية القصة قالت جيسيكا بوجه يشع فرحا:
" السبت ذهبنا في نزهة على شاطىء البحر , ومساء أمس تناولنا العشاء عندي في البيت , واليوم سنتزوج , سأجن من الفرح".
لم تعلق آنا , وإنما كانت مذهولة من هذه المغامرة السريعة , ولم تستوعب أبدا أن يتم الأمر بهذه السرعة , قاطعت جيسيكا شرود آنا:
" أخترتك كشاهدة على الزواج يا آنا وأرجو أن توافقي , علينا أن نذهب حالا الى المحافظة , أتصلي غدا بريان وأشرحي له الموقف , سيغضب إذا ما تلقّى نبأ رحيلي , وستكون المهمة شاقة بالنسبة اليك , وأنا آسفة جدا لذلك".
عندما عادت آنا الى المكتب كانت الفوضى تعم المكان بشكل لا يصدق , الملابس منتشرة هنا وهناك على السرير , وفوق المقاعد , الأبواب وجوارير الخزانة والمكتبة كلها مفتوحة , حتى أن سجاد الأرض يكاد لا يظهر فهو مغطى بالحقائب والأحذية والملابس, بدأت آنا بملل ترتب المكتب وهي تتذكر آخر حوار لها مع جيسيكا.
" إذن سترحلين بعد مراسم الزواج مباشرة".
" بالضبط , لأن عمل أليستير يتطلب منه أن يكون غدا في روما , ولذلك ستوافق مهمته رحلة شهر العسل بالضرورة".
" هل ستأخذين معك مخطوطات السيناريو؟".
أقتراح آنا جعل جيسيكا تهتف بمرح:
" بالطبع لا , هل تتصورين أنني أستطيع التفكير في ( حرب الأنفصال ) وأنا في شهر العسل؟".
ألتقطت جيسيكا فستانا من الحرير الأخضر وهي تجلس على الأريكة.
" أنني مذهولة مما أشتريته , كيف سآخذ كل هذامعي ؟".
قالت آنا بقلق:
" وإذا ما أستجوبني ريان دونالسون عن السيناريو؟".
" ليست هناك أية مخاطرة , السيناريو جاهز , صحيح إنه يحتاج لبعض التعديلات وخصوصا في التفاصيل , ولكنني سأقوم بذلك بعد عودتي , لأن التصوير لن يبدأ قبل شهرين".
تمطت السمراء الفاتنة بكسل ثم أضافت:منتديات ليلاس
" أن رحيلي بعيدا عن بريطانيا بصحبة أليستير سيقوي علاقتي به وسنمضي بلا شك في كاربري أطول وقت ممكن , تحت أشعة الشمس الرائهة هناك ". لم تصدق أنا ذلك الحشد الكبير الذي تجمع في بيت أليستير كيربي مساء ذلك اليوم , لقد دعا أصدقاءه الصحفيين والمصورين , ولم تكن مفاجأة كبيرة بالنسبة لآنا , إن وجدت في صباح اليوم التالي عددا كبيرا من أشهر الصحفيين قد نقلوا أنطباعهم عن زواج زميلهم أليستير , المزودة بالصور المبهرجة , والتي أظهرت السمراء جيسيكا بإبتسامة شابة مرحة , أوحت بأنها أصغر من سنها حقيقي الذي تجاوز الثلاثين , كانا زوجين متلائمين تماما , ووجهاهما يشعان سعادة.

نيو فراولة 12-10-11 01:48 PM

نهضت آنا وأمامها هدفان واضحان , الأول ترتيب البيت الذي تعمه الفوضى بعد رحيل جيسيكا , والثاني الأتصال بالمخرج لتخبره بما حدث , وقد تقبلت هذه المهمة كجزء من عملها , ثم لعنت الساعة التي وافقت بها على هذه المهمة , وأتخذت قرارها بأن لا ترمي نفسها في مغامرة مماثلة بعد الآن , وتساءلت هل كانت على صواب حين تركت وظيفتها السابقة في دار النشر الهادئة لكي تلتحق بهذا العمل لدى جيسيكا ؟ هذا التردد لم يدم طويلا , كان عليها أن تطلب سيارة أجرة لتذهب الى أستديو بياومان , حيث يتم التصوير , بعد أن رفض ريان دونالسون الأستماع اليها , شعرت آنا بالضيق وهي تنتظر على باب الأستديو الرئيسي , حيث يقف المسؤول ليمنع دخول الفضوليين , وعندما أخبرته أنها تحمل رسالة من جيسيكا فرانكلين الى يان دونالسون سمح لها بالدخول وهو يشير الى مكتب السكرتيريا الذي يوصلها الى المخرج , تسلحت آنا بالشجاعة وهي تنتظر جواب الفتاة الشقراء التي خرجت من باب البلاتوه مندفعة.
" لا يمكن هذا اليوم".
أخبرت الزائرة وهي تجلس خلف مكتبها , وتابعت:
" أن وقته مليء , والتصوير في مرحلاه الدقيقة الآن , وأعتقد أن عليك أن تأتي في وقت آخر".
قطبت آنا حاجبيها وزفرت بغضب.
" يجب أن أكلمه , هذا ضروري , أذا ما رفض أستقبالي , فأنا مضطرة للمحاولة ثانية..........".
" لماذا لا تنتظرين اللحظة المناسبة التي يكون فيها أكثر هدوءا؟ لن يحسن أستقبالك الآن".
" لست طالبة عمل , أنني هنا في موضوع يخصه , ويجب أن يعرف ما حدث".
تنهدت آنا بضيق وهي تلح على الموظفة التي هدّأتها قائلة:
" يبدو أن هناك أمرا مهما , إذن من الأحسن أن تخبريه به بأقصى سرعة , أدخلي الى البلاتوه , وأختاري بنفسك لحظة الحديث معه , أتمنى لك التوفيق".
تنفست آنا بعمق وهي تخطو مضطربة الى داخل البلاتوه , حيث يقام ديكور ضخم , وسط تلك الصالة الكبيرة , مضاء بكمية عجيبة من المصابيح المختلفة الألوان معلقة بسقف متحرك.
كان عليها أن تواجه غضب دونالسون السريع , وأن تنقل له الخبر بقدر ما يترك لها مجالا للحديث , دون أن تكرر ما حصل على الهاتف.
كان يتحدث بصوت عال وهو يوجهالمجموعة الفنية التي تعمل معه في هذا المشهد , أنه أحد مشاهد الحلقة الخامسة من مسلسل ( الحرب الأهلية ) الذي ساهمت مع جيسيكا في كتابته , وتحملت جزءا كبيرا من تحضير المادة التاريخية والوثائقية ليتناسب تحويلها الى سيناريو سيتم نقله الى الشاشة التلفزيونية.
" ليندا , بحق السماء , عودي الآن الى مكانك , سنعيد تصوير المشهد , إنفعالك لا يكفي...... جاهزون.....".
رفع يده , وكل أنظار العاملين متجهة اليه , وعندما لمح آنا فجأة , صرخ:
" من سمح لك بالدخول , قلت لا أريد هنا من ليس له علاقة بالعمل , أبتعدي عن محور الكاميرا ..... أرجوك".
تراجعت آنا مذعورة , وأختفت خلف أحد الجدران الخشبية الخاصة بالديكور , بينما أستمر ريان يحرك ممثليه وبعد أنتهاء تصوير المشهد , أقتربت آنا بشجاعة وقالت:
" أذا كنت تشير الى تطفلي , فأنا لست كذلك , يا سيد دونالسون ".
قالتها بهدوء وهو ينظر اليها بدهشة.
" قد يكون أختياري للوقت سيئا , ولكنه يناسبني , أريد أنأن أكلمك , وأرجو أن تسمح لي بذلك".
شكت آنا لثوان بأنه سيطردها , فقد بدا لها بمزاج عدواني , ولكنه ألتفت الى عناصره وقال بصوت مسموع:
" سنعودج للعمل بعد الغداء, نصف ساعة فقط , ليندا , أحفظي دورك جيدا".
نظر اليها وهو يخرج من البلاتوه , تبعته بحذر , دخل غرفته وهو يتحدث بعصبية مع أحد المساعدين , ويشرح له بعض التعديلات التي يطلبها , غسل وجهه وهو لا يزال يعطي بعض الأرشادات والتوجيهات الى مساعديه , الذين ما لبثوا أن تواروا تاركين آنا وحيدة أمام هذا الرجل الكريه , طويل جدا , ويلبس قميصا أبيض يتناسب مع لون بشرته البرونزية , التي تظهر من خلال فتحة القميص.
أحست آنا أنها متجمدة للغاية ومبللة في الوقت نفسه , لكنها أندهشت عندما سمعته يقول:
" أعذريني , كنت فظا بعض الشيء , وهذا بسبب ظروف العمل , إشرحي الآن ما الذي يمنع جيسيكا من السفر معنا الى أميركا؟".
تعجبت آنا كيف عرف ريان الموضوع , وقالت بأضطراب:
" زواجها , لقد تزوجت هذا الصباح , وفي هذه الساعة , الطائرة متجهة الى روما تحملها مع زوجها".
قطب دونالسون حاجبيه , ولبس سترته بعصبية.
" عندما ألتقينا مساء الخميس الفائت لم تشر الى هذا الموضوع".
" لم تكن تعرف بعد , لقد تقابلا يوم الجمعة مساء".
نظر اليها محدّثها والشرر يتطاير من عينيه ثم قال بصوت حاد:
" أنك تمزحين, على ما أعتقد.....".
" أقسم أنها الحقيقة , لقد تزوجت أليستير كيربي.......".
" الصحفي".

نيو فراولة 12-10-11 01:49 PM


أكمل ريان , وخفض عينيه وقد تقلص وجهه.
" عجيب , لقد أفترى عليها في مقالته عن مهنة النساء , وأذكر أنه قال ما معناه أن الطبع الحاد للآنسة فرانكلين , التي كتبت عن الزواج تقول أنه تجربة أنسنية تهم الطبقة المتوسطة ...... ألخ........ لقد لاقيت صعوبة كبيرة في تهدئتها عندما أطلعتني على ذلك المقال".
تنهد ريان بسخرية وتابع:
" آمل أن ينجح زواجهما , لكنني نادرا ما أعجب بالذي تفعله جيسيكا وخصوصا ما يتعلق بي".
تابع كلامه ببرود وهو يتحاشى النظر الى آنا , التي قالت:
" بدا لي أنهما سعيدان جدا هذا الصباح بالذات , الحب من أول نظرة غير موجود إلا في الروايات".
" لا أريد أن أسمع تلك التفاصيل".
قال ريان بجفاف , ثم رسم على شفتيه أبتسامة مصطنعة وسأل:
" ما هو أسمك؟".
" آنا بالانتين , أنا مساعدة وسكرتيرة جيسيكا".
راقبها ريان وكأنه يكتشف لأول مرة الفتاة التي تقف أمامه , قال:
" أعرف صوتك جيدا , من خلال الهاتف , يبدو لي أنه يتمتع بموسيقية جميلة".
" أشكرك".
ردت آنا وقد أحمرت وجنتاها خجلا.
" هل أعجبتك طريقة الزواج هذه؟".
حيّرها السؤال المباشر والمفاجىء فنظرت الى الأرض لتخفي أرتباكها ثم أدارت رأسها بعيدا عن ريان , الذي حاول حتما أن يوقعها في فخ الغدر بجيسيكا , قالت بخجل:
" رأيي ليس مهما , أتمنى لها السعادة".
" هل تعرفين فيكسبورغ في الميسيسيبي؟".
" نعم , ولكنني لم أزرها , أعرفها لأنني شاركت في الأبحاث التحضيرية للسيناريو , ساعدني على ذلك خالتي المتزوجة من أميركي , أنها ما تزال تعيش هناك مع ولديها , لقد أرسلوا لي عددا كبيرا من المعلومات التاريخية والكتب المهمة عن المرحلة التي يدور حولها السيناريو".
همهم دونالسون وهو يفكر بهدوء:
" حسنا جدا , ومهم جدا , إذن ستكونين ضيفتنا , إذا ما رغبت في ذلك؟".
أبتسمت آنا لهذا العرض الصريح , بينما أستمر ريان يتفحصها بعينيه السوداوين.
قالت بهدوء:
" سأزور المنطقة يوما ما".
قاطعها ريان بإصرار:
" ستسافرين الخميس القادم مكان جيسيكا".
" كيف؟".
" أنا بحاجة الى شخص يعدل السيناريو , ويبدو لي أنك جديرة بهذا العمل".
قطعت آنا أنفاسها لحظات وهي تقف متجمدة , ثم أجابت بصوت ساخط:
" لا أستطيع أن أغيّر حرفا واحدا بدون سماح المؤلف , ولن أستطيع أن أسافر خارج بريطانيا هذا الأسبوع , يا سيد دونالسون".
" إسمي ريان , أحب أستعمال أسمي الأول ولكل يناديني يه ".
" ليس لدي ما أفعله في عالم التلفزيون هذا".
" سوف نناقش في المساء هذا الموضوع , بعد الأجتماع المسائي".
فتح الباب ونظر الى آنا وتابع:
" سوف أنتظرك هنا في الساعة السابعة مساء......".
منتديات ليلاس
أضطربت آنا من الأوامر التي تتلقاها من محدثها , لم يسألها رأيها , لا شك أنه أعتاد أن يصدر أوامره لتطاع , أنه متسلط وقاس , خرجت من الباب , ثم ألتفتت اليه بعد أن كان قد خرج وصعد أولى درجات السلم وقالت:
" ليس هناك ما يمكن بحثه يا سيد دونالسون , أشكرك لأقتراحك , ولكن ليست لدي النية في أن أطيع حالا , أنت لا تجهل أنني أعمل لصالح الآنسة ..... السيدة كيربي".
توقف ريان عندما بدأت آنا بكلامها , وقالت بعصبية واضحة :
" لقد وقعت عقدا دقيقا مع الأستديو , وأنت معنية بشكل غير مباشر , لذلك أحب أن نتحدث في هذا الموضوع ...... يا آنسة ببالانتين".
أزداد صوته حدة وسخرية , آنا قررت أن ترد عليه برفض لاذع , ولكنها غيّرت رأيها في هذا الوقت , مع توافد عدد من العاملين الى البلاتوه , بعد أنتهاء فرصة الغداء , وهم يتدافعون بمرح قبل أن تقابلهم نظرات ريان , إبتسم لها البعض وتنحى عن الباب ليسمح لها بالمرور , وعندما أدارت رأسها لترى التعبير الأخير على وجه ريان , كان لا يزال ينظر اليها , وقال بصوت لطيف:
" آنسة بالانتين , شعرك يعكس لونا جميلا في ضوء النهار , سأكون سعيدا بحضورك في موعد المساء".
أبتسمت آنا بعد أن تبعها ريان , وأحست بجاذبيته , قال بمرح:
" العمل سيبدأ الآن , أشكرك لأنك حضرت الى الأستديو , أنني أفضل شجاعتك على خوف جيسيكا".
بعد لحظات أغلق الباب خلف آنا , ولم تعد تعرف الى أين تتجه , إنها ليست متأكدة من أي شيء , ماذا سيحمل لها هذا اليوم؟ منذ الصباح كانت تحس أن حياتها ستنقلب رأسا على عقب.

نيو فراولة 12-10-11 01:50 PM

2- قبل أن تبدأ العاصفة




قلقة , مضطربة , إنه الإحساس الذي تابعت فيه آنا يومها , مقابلتها لريان أخلّت بتوازنها , هذا الرجل المغرور , لم يفارق مخيلتها , كيف ستواجهه ؟ كيف تتصدى لعواصفه؟ يجب أن تحزم أمرها , أن تترك مكتب جيسيكا لتسافر معه الى أميركا , لن تفكر بهذا الموضوع الآن , أن الأوراق والملفات التي تحتل جزءا كبيرا من طاولتها تحتاج الى الكثير من العمل.
تناولت طعامها بلا شهية , ثم أنكبّت على الأوراق التي أبعدتها قليلا عن قلقها , ساعتان من العمل المتواصل , أستطاعت خلالها أن ترتب كافة الأضبارات والوثائق ثم نسقت تلك الأعمال في الجوارير ورفوف المكتبة حسب الحاجة والأستعمال , وتركت الأجزاء التي تحتاج الى مراجعة على رفها الخاص في الخزانة ذات الألوان الزاهية الفرحة , وقررت أن تؤجل باقي الأعمال الى الغد.
كم سيدوم غياب جيسيكا ؟ هذا ما تجهله آنا , فهي ليست في رحلة عسل فقط وأنما مرتبطة بالمهمة الموكلة الى أليستير , جلست على الأريكة الصغيرة التي تحتل زاوية المكتبة , لعلها ترتاح قليلا , وحيدة مع أيقاع تيك – تاك , الصوت الذي يصدر عن رقاص الساعة , ويكسر الصمت المهيمن على البيت.
كيف ستمضي الأيام الرتيبة القادمة؟ أن السرعة التي سافرت بها السيناريست لم تترك لها فيها الكثير من الأعمال المهمة لمساعدتها , فالسيناريو جاهز عدا بعض التعديلات أو التصليحات , أما المواد التاريخية والوثائقية فمرتبة ومنظمة بحيث لا مكان للخطأ فيها , أتجهت آنا نحو النافذة , وأخذت تتفحص أصص الزهور الجميلة التي تملأ جنبات الشرفة , شجرة اللبلاب تتسلق الجدار في مساحة خضراء غامقة , أما الزهرات المتعددة من النرجس الأسيلي , ذات اللون الأصفر , التي تشبه زهرات الياسمين مع أختلاف اللون , لم تكن الزهور كثيرة إلا أنها توحي بأناقة جميلة تضفي على الشرفة جوا ريفيا , مما أثار لدى آنا الحنين الى حديقة والديها في كيرنسمير بعيدا عن لندن وعن الدخان , تذكرت طفولتها في تلك الحديقة التي كانت مرتعا لتفتحها كالزهرات الكثيرة المختلفة التي كانت تحبها وتجلس قربها.
أنها فكرة جميلة , أن تمضي أسبوعا هناك , عطلة تمنحها لنفسها في غياب جيسيكا فهي لم تأخذ عطلة يوم واحد منذ ستة أشهر , وأسبوع مع والديها سيدخل الفرح الى قلوبهم بدون شك , وبالتالي يكون حجة مثالية للتخلص من دونالسون ومشاريعه , أنتعشت آنا لهذه الفكرة وأسرعت الى الهاتف لتخبر والديها بقرارها , أنتظرت وقتا طويلا , وهي تسمع رنين الهاتف الداخلي.
" الطقس جميل بلا شك للأعتناء بالحديقة , أليس كذلك؟".
سألت آنا بفرح وهي تسمع صوت أمها على الجانب الآخر.
" آنا ..... عزيزتي , يا لها من سعادة أن أسمع صوتك , توقعت أن تتصلي هذا المساء , أن شوقي لك كبير".
" ماذا ستقولين أذن؟ أذا قلت لك بأنني سأكون عندك غدا؟".
" سيكون ذلك مدهشا , وسيبتهج والدك , لقد ذكرك كثيرا هذا الصباح".
بعد عدة دقائق من المحادثة سألت آنا:
" ماما حدثيني عن خالتي راشيل".
خيم الصمت لحظات قبل أن تجيبها الأم :
" تعرفين أنني لم أرها منذ عشرين سنة , هذا الخصام العائلي السخيف...... آخر صورة لها توحي بأنها كبرت قليلا , لكنني متأكدة من أنها ما زالت تحتفظ بكامل حيويتها , خل توقفت عن مراسلتك؟ ".
" لا أنها تراسلني بأستمرار , ولكنني......".
" سؤالك غريب , أستحلفك أن تخبريني أذا ما كان هناك من جديد؟".
ظهر القلق في صوت السيدة بالانتين , فأسرعت آنا لتطمئنها :
" كانت لدي فرصة لزيارتها هذا الأسبوع , ولكنني فضلت الحضور لرؤيتكم".
" آنا..........".
" سأشرح لك كل شيء عند حضوري".
" سأشرح لك كل شيء عند حضوري".
تساءلت آنا عن سبب أثارة موضوع خالتها بعد أن أقفلت السماعة , لقد كانت تراسلها , وساعدتها بحماس رائع عندما طلبت منها وثائق تاريخية وحكايا عن حرب الأنفصال التي دارت في منطقة المسيسيبي في نهاية القرن الماضي , ولم يتوان أبناء خالتها عن إرسال الصور والوثائق التي منحت السيناريو تفاصيل مهمة , تحوله في المستقبل الى صورة سينمائية واقعية , ألحّت الخالة راشيل كثيرا على أبنة أختها لزيارة هذه المدينة , وآنا كانت لديها رغبة قوية للقيام بهذه الرحلة , ولا يمنعها الآن عن ذلك إلا شخص ريان دونالسون المغرور.
مضى الوقت سريعا , ولم تستطع آنا أن تنسى موعدها المسائي مع ريان , كان عليها أن تمر الى البيت لتغيير ملابسها , والأتصال هاتفيا بالمخرج لن يحل المشكلة , قررت أن تنتظر بعض الوقت في المكتب قبل أن يحين موعدها.
باب غرفة جيسيكا المفتوح , شجعها على دخول الغرفة لأول مرة , وقررت أن ترتب الفوضى المزعجة حتى تستطيع السيدة سمارت المسؤولة عن تنظيف المنزل أن تقوم بواجبها بدون تذمر.
كان شعاع الشمس يضيء الطاولة المدورة الموجودة قرب النافذة , وبدت نقوش الغطاء المصنوع من القماش الدمشقي جميلة ومشعة , لمحت آنا فجأة الأطار المفضض الموضوع فوق الطاولة , والذي يحيط بصورة ريان دونالسون , وفكرت أن تغير مكانه قبل عودة جيسيكا مع زوجها.


الساعة الآن 05:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية