آله حاسبه ودبدوب
http://www4.0zz0.com/2011/09/13/15/382984351.jpg أهلاً بكل أعضاء ليلاس الكرام أتشرف بأن أعرض عليكم روايات قصيرة بعنوان آلة حاسبة و دبدوب " اتفضل يا أكرم " قالتها زوجة أكرم و هي تناوله ورقة مطوية ثم أردفت قائلة : الورقة دي فيها الحاجات اللي احنا محتاجنها ، يا ريت متنساش تشتريها و انت راجع من شغلك . قال أكرم و هو يضع الورقة في جيبه : متخافيش مش هنسى. قالها ثم أسرع خارج المنزل و كأنما يود الهرب من أي طلبات أخرى . ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- كان أكرم في طريقه إلى خارج مقر عمله عندما استوقفه زميله رمزي قائلاً : استنى يا أكرم اخدك معايا في سكتي لبيتك . قال أكرم مبتسماً : شكرا يا رمزي بس لسه هشتري شوية حاجات قبل ما أروح . قال رمزي : و ايه المانع ؟! اخدك معايا برضو قاوم أكرم رغبته الشديدة في الموافقة و قال : لا ، مش عاوز اعطلك ، اتكل انت على الله . و استمر محاولات الاقناع من رمزي و لكن استمر أكرم في العناد ، حتى لم يجد رمزي بداً من الإذعان لرغبته أمام تصميمه ذاك . خرج أكرم من عمله و قد كان في شدة السخط و قال لنفسه غاصباً : يا سلام على غبائي ، كان لازم البس ثوب المروءة دلوقتي ، ده انا استاهل اللي يجرالي في المواصلات . ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- وصل أكرم بعد عناء شديد و متوقع في الحافلات العامة إلى تلك السوق الكبيرة في تلك المنطقة النشطة في القاهرة و طالما ما كان يصيبه الذهول من كم ما تحتويه تلك السوق من سلع و منتجات مختلفة ، كل شيء كان يُمكن أن يتواجد هناك ، كل شيء ( ربما باستثناء الطائرات و السفن و مركبات الفضاء و القنابل النووية ) أخرج أكرم الورقة التي تحوي بين طياتها قائمة المشتريات ثم وقعت عيناه على أول طلب و قد كان " آلة حاسبة لحل المعادلات " طوى أكرم الورقة قائلاً : فين أيام لما كنا بنشغل دماغنا في الحسابات ، هي الرفاهية الزيادة دي هي اللي خربت عقولنا . توجه أكرم إلى أقرب المتاجر التي تبيع المستلزمات الدراسية من أقلام و دفاتر و غيرها و هناك وجد أعداداً و أنواعاً لم يتصور وجودها قبلاً قط ! و كذلك أسعاراً متباينة تبدأ من شبه الصفر إلى شبه المليون ! و تمنى لو كان كُتب بجوار كلمة آلة حاسبة كلمة " بأرخص سعر ممكن " لكان الان في أفضل حال ، و لكنه لم يجد مفراً من أن يطلب من البائع ذلك النوع الذي حُدِدَ له . و لكن فُوجئ بالبائع يُبسط أمامه أكواماً من العُلب التي تحوي بداخله الآلات الحاسبة فقال له مندهشاً : ايه كل ده ؟! أنا طلبت آلة واحدة بس مش كل ده ! قال له البائع : في أكتر من موديل من النوع اللي حضرتك طلبته ، و دي معظم الموديلات من النوع ده ، حضرتك اختار اللي يعجبك . قال أكرم بدون أن يتلاشى ذهوله : حتى الآلات الحاسبة بقى فيها موديلات ! ثم أخذ يفتش وسطها قائلاً : بس أنا عارف أنا هجيب ايه . و آخذ أكرم يتناول كل واحدةً على حدى فيفحصها من جميع الجوانب من الداخل و من الخارج و ربما ساعده على ذلك البحث انشغال البائع بتعاقب الزبائن على المتجر . و بعد فترة ليست بالقصيرة ، فحص خلالها أكرم كل ما أمامه تقريباً توجه برأسه و الذي تصبب عرقاً للبائع قائلاً : طلبي مش موجود في دول ؟ قال له البائع في استنكار و كأنما انتبه إليه أخيراً : و هو ايه طلب سيادتك ؟!! قال له أكرم طلبه ، فقال له البائع : و ليه سيادتك مقلتش طلبك من الاول ، لا معندناش و معتقدش انه عند أي حد تاني . لم ينبس أكرم ببنت شفة و خرج من المتجر في صمت ! -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- توجه أكرم إلى ذلك المتجر الكبير آملاً أن يجد رغبته فيه ، و هناك تكرر نفس الموقف السابق ، دخل أكرم المتجر و طلب ذلك النوع من الآلات منه ثم بسط البائع أمامه موديلات مختلفة فأخذ أكرم يفحصها كلها بنفس الصورة العجيبة تلك ، و لم يلبث أن أنتهى من فحصه ذاك بدون نتيجة إيجابية ، و تكرر سؤال البائع عما يريده أكرم ، و تكررت الاجابة ، و تكرر النفي من البائع ! و تكرر ذلك الموقف مرات عدة ، قبل أن يتسلل اليأس أخيراً إلى قلب أكرم فقال في إحباط : نأجل موضوع الالة الحاسبة دي شوية و ننقل على اللي بعده . فأخرج الورقة المطوية من جيبه ثم فضها و نظر إلى الطلب الثاني في القائمة و الذي كان " ساعة يد ( عقارب ) " للمدام و بالنسبة له كان من السهل جداً أن يجد متجراً لابتياع تلك الساعة المطلوبة و لكن مادياً لم يكن الأمر بتلك السهولة قط . و لكنه لم يجد مفراً من التنفيذ . و في حيرة شديدة أخذ ينظر لواجهات المتاجر في انبهار ، كانت الساعات ذات أشكالا ً و ألواناً تسيل اللعاب بحق ، و لكن انبهاره هذا لم يكن بسبب جمالها فحسب ، بل كان بسبب سعرها أيضاً . و بعد فترة من التحديق في واجهات المتاجر المختلفة استقر أخيراً على متجر اعتبره الارخص نسبياً . و بخطوات مرتعشة ، دخل أكرم المحل ابتسم له البائع قائلاً : أهلاً و سهلاً يا أستاذ ، آمر رد أكرم : عاوز ساعة حريمي عقارب و احم .. سعرها يكون معقول . و بسرعة عجيبة و كأنما يعرف طلب أكرم مسبقاً دس البائع يده في كومة من أكوام الساعات الهائلة و أخرج له ساعة ذات لون فيروزي هادئ و لامع . أنبهر أكرم أشد الانبهار بتلك الساعة فقال للبائع : تسمحلي اشوفها ؟ ناوله البائع الساعة قائلاً : ده أكيد اتفضل أخذ أكرم يفحص الساعة بنفس طريقة فحصه للآلات الحاسبة . و بعد أن أنتهى من فحصها التفت إلى البائع مبتسماً : حلوة أوي الساعة دي ، زي ما أنا عاوز بالظبط ، قولي بقى بكام ؟ رد البائع بابتسامة أكبر : ب XXXX جنيه . تلاشت ابتسامة أكرم و قال سريعاً : وحشة اوي الساعة دي ، لونها مش ظريف و مش بنفس المواصفات . صمت ثم أردف : شوفلي أرخص حاجة عندك . قال البائع في دهشة : زي ما حضرتك عاوز ! أخذ البائع يبحث وسط أكوام الساعات الموجودة و أخيراً أخرج له ساعة تبدو أقل بهجة و ناولها لأكرم قائلاً : اتفضل دي أرخص ساعة في المحل . تناول أكرم الســـــــاعة من البائع قائلاً : و دي بكام ؟ رد البائع : ب XX قال أكرم مبتسماً : كويس قالها ثم بدأ فحصه المعتاد ، بدأ من واجهة الساعة ، ثم أخذ يفحص جانبيها في عناية بالغة ثم إلى غطائها ، و فجأة تكرر ما يحدث في كل مرة ، تلاشت ابتسامة أكرم و حل محلها عبوس و غضب و أعطى الساعة للبائع في حنق قائلاً : ده كتير ، كتيـــــــــــــــــــر أوي أخذ البائع الساعة من أكرم في عناية قائلاً في تعجب : فيه ايه يا استاذ مالك ؟ هي الساعة معجبتكش و لا ايه ؟ و لكنه سؤاله هذا تردد بلا جواب . و ذلك لأن أكرم كان قد غادر المتجر. -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- تكرر ذلك السيناريو مجدداً في ما بقي من قائمة المشتريات فقد كاد أكرم أن يكسر خلاطاً كهربائياً في محل الادوات المنزلية بعد أن أجرى عليه ذلك الفحص الروتيني ، و الذي آثار غضبه كذلك . و دخل أبضاً في معركة شرسة مع دمية في محل ألعاب الاطفال ، بعد أن لمح في القائمة كلمة " دبدوب " بعد أن تكرر نفس الفحص العجيب . و في النهاية وجد أكرم نفسه عائداً للمنزل متأخراً بعدة ساعات ، و الأسوأ من ذلك أنه عاد خالي اليدين ! بدون شراء شيء واحد من تلك القائمة !!! و خطا إلى داخل المنزل بهدوء و هو يقدم قدم و يؤخر أخرى . و أخيراً أصبح أكرم داخل المنزل و لكن لم يكد يدخل حتى فوجئ بزوجته أمامه كما لو كانت تتربص به ، لاحظت هي تلك الصدمة المرتسمة على وجهه فقالت : ايه اللي آخرك كده يا باشا . قال أكرم في توتر : كــــ ... كنت فيـــ ، في الشغل ، و بعدين رحت عشان اشتري الحاجات . قالت له في دهشة : بس أنا مش شايفاك شايل حاجة يعني . قال لها و قد تضاعف توتره مرات و مرات : اصلي .... اصلي قالت له في غضب : اصل ايه ؟ قال أكرم : اصلي مشتريتش حاجة . قالت في ثورة : افندم ، امال كنت بتهبب ايه كل ده ؟! رد أكرم : كنت بدور بس ملقيتش حاجة من اللي انتوا عاوزينها . قالت : انت هتستعبط يعني ايه ملقيتش ، الحاجات دي تلاقيها في اي حتة . فسر لها مع حدث ، و لكن يبدو أن التفسير لم يرُق لها كثيراً و لذلك نشبت المعركة المرتقبة في المنزل -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- في اليوم التالي و برغم ما حدث معه من مشاكل في ليلته الماضية ، ذهب أكرم إلى عمله مبتسماً لسبب ما . و بعدما أنهى عمله بدا عليه الارهاق ، و لكنه تناسى كل ذلك و أتجه إلى مديرة مكتب المدير و سألها قائلاً : اقدر ادخل ؟ عندي ليه موضوع مهم . ردت قائلةً : ثواني ، ادخل ابلغه , قالتها ثم وقفت و اتجهت إلى باب المكتب فطرقته ثم دلفت إلى الداخل ، و بعد لحظات خرجت إليه قائلةً : اتفضل ادخل . تهللت أسارير أكرم ، و توجه بسرعة إلى باب المكتب فطرقه و انتظر حتى أُذن له بالدخول ثم فتح الباب ، و دلف إلى الداخل . و في الداخل كان المدير جالساً على كرسيه المعتاد ، و أمامه شخص طويل أسود الشعر و العينين ، أخذ يرمق أكرم بنظراتٍ فاحصةٍ ، توجه أكرم إلى المدير و صافحه و فقال له المدير : أهلاً بأكرم الموظف المجتهد ، سلم على أستاذ حلمي ، المدير الجديد لمركز التصميم . صافحه حلمي قائلاً : أهلاً بيك يا أكرم . قال أكرم : أهلاً بسيادتك يشرفني التعرف عليك ، و خصوصاً في الوقت ده . نظر إليه حلمي بتساؤل : قصدك ايه ؟ قال أكرم بحماس : أنا عندي اقتراح حلو جداً لتطوير الانتاج في المصنع . قال له المدير : طيب اتفضل اقعد و قول اقتراحك يا سيدي . جلس أكرم على الكرسي المجاور لكرسي حلمي ثم قال : أنا أقترح أننا بدل ما نكتفي باستيراد المنتجات و نجمعها و بس ، اننا ننتج احنا المنتجات دي ، نستورد المواد الخام المتوافرة بكثرة ، و بخبرات العاملين في المصنع ، نقدر نصنع منتجات أكثر جودة ، و الربح هيكون أكبر . رمقه حلمي بنظرة ساخرة .... .... و قال له المدير : الموضوع مش سهل يا أكرم ، و هيعملنا مشاكل و وجع دماغ على الفاضي ، خلينا كده كويسين . قال أكرم : لكن يا سيادة المدير .... قاطعه حلمي ساخراً : انت بتشتغل ايه في المصنع يا أكرم ؟! رد أكرم وقد أدهشه السؤال : بشتغل في قسم الواردات في المصنع . قال حلمي بسخرية أكبر : طيب يعني مفيش علاقة بينك و بين المواضيع ، المفروض انك تسعى لتطوير الواردات مش العكس ! قال أكرم في محاولة للتماسك : انا بقترح اللي في مصلحة المصنع يا افندم قال حلمي في غضب : بقولك ايه الموضوع ده في اختصاصي أنا ، بلاش تتدخل فيه ، انت مش هتعرف مصلحتنا أكتر مننا . قال أكرم و قد شحب وجهه في شدة : بس أنا ... قاطعه المدير هذه المرة قائلاً : كفاية يا أكرم كفاية . التفت إليه أكرم ، فتابع : انت تشيل الموضوع ده من دماغك خالص . قال أكرم : لكن يا افندم .. قاطعه المدير مجدداً قائلاً في حزم : مع السلامة يا أكرم ، مع السلامة . أحس أكرم بوخزة في صدره ، عندما أدرك أكرم أنه لا جدوى من النقاش ، و شعر بأنه حلمه قد تلاشى ..... ..... و للابد و خرج من باب المكتب و قد وصل مقدار ما يشعر به من يأس و إحباط و مرارة إلى الذروة و عندما خرج من باب المكتب ، اخرج من جيبه ورقة مطوية ، تلك الورقة التي كانت تحوي قائمة المشتريات التي أبى أن يشتري منها شيئاً أمس . و لكن في ذلك اليوم ، قرر الذهاب إلى ذاك السوق مجدداًُ لشراء كل ما في تلك القائمة و سواء وجد ما يرغب به أم لا فسوف يشتريها .. ... كلها -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- " الأكل جاهز يا أكرم " اخترقت تلك الجملة أذنيه و بدت له كدوي ألف رصاصة في وسط حاجز الصمت الناتج على جريان بحر الذكريات في رأسه . أعادته تلك الجملة إلى عالم الواقع فوقف على قدميه بصعوبة بالغة و توجه نحو باب الغرفة للخروج . و في طريقه رأى تلك الاشياء التي كان قد اشتراها منذ قليل آلة حاسبة ، و ساعة يد ، و خلاط كهربائي ، و دمية . و في أسى أخذ ينظر إلى تلك الاشياء ، و رأى تلك الجملة التي لم يكن يرغب برؤيتها قط ، تلك الجملة التي بدت له الان و كأنما تتعمد إغاظته و التي كانت تستثيره كلما رآها تلك الجملة التي غزت كل شيء نراه الان حتى كادت أن تغزو البشر أنفسهم و لذلك لم يتحمل رؤيتها طويلاً فخرج سريعاً للهرب من رؤيتها ... تلك الجملة التي كان تتكون من ثلاث كلمات فحسب و لكن قصتها تُحكى في ثلاث مجلدات ... تلك الجملة التي كانت : " Made in China " |
السلام عليكم هلا أخي أحمد هذي الرواية حبيتها جدااااااااااا لأنها بتحكي واقع مخزي أحيانا كل مافي حياتنا اصبح صنع بالصين أما الأشاء الخارجية صاحبة الصناعة الممتازة غالية الثمن و يبقى الحال كما هو عليه حاليا و لكن اتمنى ان يتغير هذا الحال و تصبح منتوجاتنا ذات صناعة داخلية و بجودة عالية مشكوووووووووووووووور جداً للرواية |
اقتباس:
و فعلاً للاسف كل شئ أصبح Madi in China على أمل إن الحال يتغير بإذن الله بالتوفيق |
أخي الكريم ..
أسلوبك الممتع يشوقني لأن أنتظر منكَ الجديد .. فهذه القصة أعجبتني جداً .. عندما أخذت أتنقل بين المشتريات قائلة في نفسي : لمَ لم تشتريها بعد ؟!! ولم أتوقع أنه يبحث عن مكان الصنع هههههههههههههههههههههه .. فعلاً فكرة رائعة ولم أقرأ مثلها من قبل .. لا تحرمنا المزيد .. تقبل مروري .. |
اقتباس:
و يسعدني انها أعجبتك و لا تحرمينا من ردودك أيضاً :8_4_134: |
الساعة الآن 11:59 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية