منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   185 - صخرة الأمنيات - سارة كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t167146.html)

Rehana 11-09-11 07:31 PM

185 - صخرة الأمنيات - سارة كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://icc.wikispaces.com/file/view/welcom.jpg

مرحبا ياعشاق الروايات رومانسية والروايات المكتوبة

اليوم راح انزل لكم رواية من كتابة الرائعة ( نيو فراولة ) الله يعطيها العافية :flowers2:


صخرة الأمنيات
الكاتبة - سارة كريفن


الملخص

عندما تكون الحياة صحراء خالية من الحب , ماذا هناك غير سراب التمني؟ ولكن لكل أمنية ثمنها , ومورغانا غير مستعدة لدفع الثمن في الوقت الحاضر , أفلاسها العاطفي تغرقه الحياة اليومية وفي علاقتها المترددة بروبير الذي يريدها زوجة له... حتى ظهور لوران فان كوسين , قريبها الثري الذي يعصف بكل شيء في طريقه , حب الأمتلاك صفة طبيعية عنده , والحصول على ما يريد قاعدة ثابتة في سلوكه اليومي . يحاصرها بحضوره من كل جانب , ويطغى على وجودها... ولكن نفورها السلبي الذي هو ربما خوف عميق من الأنجراف في تياره الكاسح يجعلها تفكر بالفرار والأختفاء , وقلبها كالورقة المتعلقة بغصن خريفي , لا تحتاج الا الى هبة ريح صغيرة... لتسقط.

Rehana 11-09-11 08:16 PM


1- الأرث الثقيل

كان المغيب يقترب رويداً رويداً في أواخر ذلك النهار من شهر أوكتوبر( تشرين الأول) والعتمة بدأت تحتل أروقة نزل بولزيون , وبالرغم من ذلك كانت الأضواء ما تزال مطفأة ونار الحطب تحتضر في المدفأة.
مورغانا , في ثوبها الغامق ذي الأكمام الطويلة بدت وكأنها أحد الظلال , واقفة بالقرب من النافذة , جامدة تنظر الى الحديقة التي يعصف بها الهواء , جامعة يديها لتخفي حالة التوتر التي تعيشها .
في الخارج أصبح الهواء عنيفاً يعصف بالمداخن ويلوي الأشجار , فعواصف الخريف معروفة في هذه المنطقة من شاطىء كورنواي , في السابق كانت مورغانا تغلق الستائر وتضع الحطب في المدفأة تاركة الريح تشكو في الخارج , أما اليوم فيستحيل ذلك خاصة في هذا البيت.

Rehana 11-09-11 08:18 PM

أنطوت الفتاة على نفسها وفي داخلها كل مشاعر الدنيا , فماذا عن حياتها في نزل بولزبون ,وهو الوحيد الذي عرفته حتى الآن , وماذا ستفعل مستقبلاًً بدون بيت ولا مهنة تجيدها ؟ فبعد حصولها على الشهادة الثانوية بقيت في النزل لتساعد أهلها , فالنزل لا يورد دخلاً كافياً يسمح بأستخدام العمال بأستثناء الزا الطباخة التي لا ينسى أحد أكلها الطيب , لكن الزا مسألة أخرى فهي تعمل لديهم منذ زمن طويل وأصبحت وكأنها جزء من العائلة.
لم تكن الأشياء سهلة أبداً لكن مورغانا الشابة القوية كانت تنظر دائماً الى مستقبلها بعزم وصلابة وثقة... الى أن جاء اليوم , لشهر خلا , حيث تهاوت أحلامها.
تبلع الفتاة ريقها بألم , فوالدها ظل يشكو لأسبوع تعباً مقلقاً وكأنه سوء هضم , ولم يشك أحد بما أصابه , كان يبدو أصغر من عمره أضافة الى ممارسته السباحة والغولف والتنس وكان يبدو في أحسن حال أو هكذا كان يظن الجميع , حتى وقع ذات صباح متأثراً بذبحة صدرية قلبية.
منتديات ليلاس
ثمانية أيام والأم تقنع زوجها أثناء زياراتها في المستشفى بأن الذبحة لم تعد في أيامنا خطرة .... لكن للأسف لم يكن ذلك وضع مارتن بينتريث الذي لم يستطع الأطباء أنقاذه.
يوم الدفن كان تجربة قاسية ومطمئنة في الوقت ذاته فمارتن لم يكن يوماً رجل أعمال ناجحاً , ولا صاحب فندق يعيش لطموحاته, لكن أهل القرية جميعهم كانوا يحبونه وأتوا يومها ليقدموا تعازيهم ويروحوا عن مورغانا التي كانت تطلب من الله أن يساعدها , لكن القدر كان بالمرصاد , فالمآسي كانت تنتظر أليزابيث بينتريث وأبنتها , يوم قراءة الوصية عند كاتب العدل السيد تريفيك الذي أستقبلهما بوجه صارم وصوت جاد على غير المعتاد أخذت مورغانا تسمع قراءة الوصية وكأنها في كابوس , فكلمات مثل( فقرة خاصة) أو ( وريث ذكر) كانت تهوي عليها كالصخور , وتهوي معها أحلام المستقبل , فجأة فتح الباب ليقطع على الفتاة حبل ذكرياتها الأليمة وتسمع صوت والدتها تقول متأثرة:
" شيء فظيع يا عزيزتي , فقد أتصلت منذ لحظة بماريك أطلب فحماً لمدفأة المياه الحارة لأن الآنسة ميكنز كانت تشكو من عدم وجود مياه ساخنة في غرفتها , وأذا بصوت يجاوبني بأننا أذا لم نرسل مبلغاً على الحساب فلن نحصل على الفحم , فهل تتخيلين؟".
" هذا ليس غريباً".
تنهدت الفتاة قائلة لوالدتها:
" فنحن لم نكن يوماً ما أغنياء واليوم لا نملك حتى النزل لكي...".
" آه , مورغانا ".
قاطعتها السيدة بنتريث :
" لا تقولي هذا الكلام ".
" هذه الحقيقة".
أجابت الفتاة :
" فالمالك الجديد يستطيع ترحيلنا ساعة يشاء , ألا تعرفين بنود الفقرة الخاصة؟ السيد تريفيك شرحها لنا مفصلاً".
" هذا ليس عدلاً , خاصة أننا في زمن يدين التفريق بين الجنسين ".
أبتسمت الفتاة بضعف ونظرت الى والدتها قائلة:
" هذه حجة مهمة , لكن طالما لا نملك ما ندفع به ثمن الفحم فكيف تريدين تمويل دعوى قضائية مكلفة مادياً؟".
نظرها كان يتجه في تلك اللحظات الى المكتب الذي تراكمت عليه الفواتير غير المدفوعة وبعض الوصولات بينها وصل نادي الغولف الذي كان والدها عضواً فيه , عندما كان والدها حياً كانت لامسؤوليته تجاه المسائل المادية تبدو مدهشة فقط أو مؤثرة , أما اليوم فهي تأخذ بعداً مأساوياً.

Rehana 11-09-11 08:19 PM

جلست الوالدة على الكنبة الكبيرة وهي تقول:
" هذا ليس عدلاً أبداً , أنه شيء مريع فجيل لم يهتم يوماً بالنزل وأشك بأنه تشاجر مع والدك قبل رحيله بقصد ألا يعود الى هذا المكان أبداً لأنه لا يهمه ولا يحبه".
" أذن فقد بر بوعده في رأيك حتى الآن... ألا أذا عاد ليقيم الدنيا ويقعدها ".
ثم أكملت حديثها وهي تجلس بالقرب من والدتها على الكنبة :
" ألم يحدثك والدي عن هذه الفقرة أبداً؟".
" آه .... بلى , ولكن بشكل غامض , فعندما تزوجنا ذكر لي شيئاً من هذا القبيل ولكن لم يكن يحب التحدث بهذا الموضوع أضافة الى أنه لم يبحث معي التفاصيل .... وبعد ولادتك ألمح الي عن نيته بألغاء الفقرة لكن التكاليف المادية منعته على ما أظن ... وأنت تعرفين كم كان يتجنب الحديث عن المشاجرة ويرفض سماع أسم جيل".
" نعم , أعرف ذلك".
تعرف كم كان التلميح الى ذلك الماضي يضع والدها في حالة كبيرة من الغضب ونتيجة لكل ما كانت تسمعه أستطاعت مورغانا معرفة كيفية وأسباب ذلك الشجار الشهير , فالمشكلة تعود الى جيلين مضيا ذلك حين تشاجر جدها مع مارك أحد أبناء عمه لسبب غير معروف , وبعدها ترك مارك النزل نهائياً , وبعد سنوات طويلة على تلك الحادثة جاء أبنه جيل بهدف أنهاء الخلاف ووضع حد لتلك المشكلة , لكن أقامته فتحت الجروح القديمة وعززت الضغائن فرحل هو بدوره.
منذ أجيال عديدة وعائلة بيتريث تتعاقب على نزل بولزيون , فأجداد مورغانا زرعوا الأراضي الخيرة وأستغلوا ما تحتها من معادن وبنوا هذا القصر الريفي الجميل كرمز لنجاحهم , لكن نفاد المعادن من الأرض جر عليهم الخراب فباعوا الأراضي قطعة بعد أخرى بأستثناء الحديقة المحيطة بالبيت , حتى المزرعة التي كان يحبها الجد كثيراً ويعتز بها أضطرت العائلة الى بيعها , بعد موت الجد قرر والد مورغانا تحويل البيت الى نزل بالرغم من مكانه المعزول وعدم أعتبار المنطقة سياحية.
تنهدت مورغانا :
"لو كان يدري الجد أن حفيد مارك هو الذي سيرث البيت!".
" ربما لا يريد هذا الأرث".
أجابت الوالدة:
" ربما يرفض الأستفادة من هذه الفقرة".
" أاراد ذلك أم لم يرد , فالبيت أصبح ملكه , لو كنت صبياً أو هو فتاة لكانت المشكلة حلت من نفسها ولما كنا ننتظر الآن وصول رجل مجهول ليطردنا من البيت , ربما علينا حزم حقائبنا والرحيل من الآن حتى لا نتعرض للترحيل".
" أسمعي يا أبنتي , كيف يتسنى لنا ذلك؟ علينا أن نفكر بزبائننا في النزل قبل كل شيء".
" الآنسة ميكنز والماجور لاوسون لا يكفيان لدفع نفقات الفندق ".
" لسنا في عز الموسم يا أبنتي!".
" حتى في عز الموسم لم ير هذا النزل ذلك الجمع الغفير من الزبائن يملأ أروقته فالسواح يفضلون الحصول على المياه الساخنة دائماً , والجلوس بقرب مسبح ملحق بالفندق وتناول وجبات جيدة دائماً لا تتغير نكهتها بتغير مزاج الطباخة.

Rehana 11-09-11 08:20 PM

-"لكن الزا رائعة".
" بالطبع عندما تكون النجوم مؤاتية أو عندما تشير الى ذلك علامات فنجان القهوة الصباحي , أو ربما عندما لا تتكهن أوراق اللعب بمآس وكوارث تقلب مزاجها".
" ماذا تريدين منها أذا كانت تملك موهبة التكهن؟".
"لو كان ذلك صحيحاً , لماذا لم تتنبأ بالبرد القارس في الموسم الماضي؟ لكنا تفادينا تفجر أنابيب المياه في البيت...".
" أهدئي يا أبنتي , ثم لماذا تبقين في هذه الغرفة بدون ضوء أو نار.... ضعي بعض الخشب في المدفأة فهي تكاد تنطفىء".
نهضت الوالدة وأتجهت صوب المدفأة لتزكي نارها بينما همهمت أبنتها قائلة:
" كهرباؤه هو ... حطبه هو .... نحن نبذر أرثه الآن".
" ليس في عائلة بينريث من يمنع عن أبناء عائلته الكهرباء والدفء".
" لكنه غريب عنا , لا نعرف شيئاً عنه غير أسمه وأنشغاله بأعماله في أميركا التي منعته من حضور الجنازة , الى أن حضر محاميه يحمل برقية من ثلاث كلمات ليقول لنا فيها أنه سيصل اليوم".
" لا بد أنهم أخطأوا فقد هبط الليل الآن ولم يصل والمفروض أن يكون هنا في الصباح...".
منتديات ليلاس
كانت النار قد عادت للتوقد في المدفأة فأستدارت الوالدة نحو أبنتها التي كانت تقول:
" ربما تعطلت سيارته أو غير أحدهم اتجاه اللافتة على الطريق , في هذه الحال يكون قد اتجة مباشرة الى البحر وغرق فيه".
" مورغانا ".
صرخت الوالدة مذعورة .
" .... لا تتلفظي بمثل هذا الكلام , لا بل يجب ألا تفكري به , سأتصل بالمزرعة وأطلب منهم تنظيم التفتيش عنه".
" لا لزوم لذلك فالمآسي لا بد أن تصل في النهاية".
" لست قلقة أذن؟".
" بصراحة ... لا .... لماذا يجب أن أقلق؟ لوران بينتريث مجهول بالنسبة الي , سيهزأ حتماً من نزلنا وربما لم يأت الى المنطقة أبداً حتى الآن , كل ما يعرفه سيكون حديث جده أو والده عنا , وبالطبع كانت أحاديث كاذبة .... ففرعا العائلة لم يتحابا يوماً واذا وصل اليوم فسيكون للحصول على الأرث ... أما أحاسيسنا فلن تعني له شيئاً".
" لا تقولي هذا يا أبنتي ... أنت لم تعرفيه بعد!".
" فعلاً , وهذه هي المشكلة فلا أنا ولا أنت نعرفه ولا هو يعرفنا طبعاً , ونتيجة للظروف التي تعرفينها , ألم يكن من الأفضل قيامه بمبادرة التعرف علينا سابقاً؟".
" ألا ترين أنه وضع صعب؟".
" ونحن؟ سيرث كل ما سنفقده , لذا كان عليه المجيء قبلاً للتعرف بنا , أنه جبان لأنه لم يفعل ذلك".
"أنك تناقضين نفسك يا مورغانا , فأنت تنتقدين مجيئه ثم تشكين من عدم مجيئه قبل عدة أيام على الأقل".
" لا ليست المسألة مسألة أيام وأسابيع أو سنوات , أنا أقصد عدم مجيئه عندما كان والدي حياً , لكنا أستطعنا التفاهم والحوار , الآن ماذا سيكون مصيرنا ؟ هل تعرفين؟ أنه يستطيع ترحيلنا فوراً ".

Rehana 11-09-11 08:21 PM

أجابت الوالدة والقلق باد على محياها:
" لا أستطيع الأعتقاد أن شيئاً مماثلاً ممكن الحدوث".
نظرت مورغانا الى والدتها نظرة عميقة متفحصة , فأليزابيث بينتريث عاشت حياة رغيدة بالرغم من قلة المال , زوجها كان يدللها كثيراً ويحميها فكيف ستواجه اليوم المصاعب القادمة؟
قامت الوالدة عن مقعدها وأتجهت لتشعل الأضواء فالغرفة الكبيرة تحتوي على مصابيح عديدة عدا الثريا المعلقة في السقف التي قلما تضاء , الغرفة تستعمل كبهو لنزلاء الفندق عند تناول الشاي أو العشاء , وهي أيضاً غرفة استقبال , هكذا كان يريد الوالد بينما مورغانا كانت وما تزال تعتقد أن على أهل البيت أيجاد غرفة استقبال خاصة بهم لوحدهم , وترك هذه الصالة الكبيرة للنزلاء , وبذلك لا يحجز أحد حرية الآخر.
الآنسة ميكنز ذرفت قليلاً من الدمع على صاحب الفندق لم تكن مدارية لمشاعر الباقين , فنقدها يزداد يوماً بعد يوم وشكواها ترتفع... صحيح أن عندها الحق في هذا النقد , لكن السعر الذي تدفعه لا يعادل في تدنيه نسبة المتطلبات التي تصر عليها وكأنها في فندق كبير فخم.
تأثرت مورغانا دون أن تبدو عليها ملامح الحزن عندما تذكرت حوار والدتها مع بائع الفحم , فهو ليس الأول ولن يكون الأخير في لائحة المطالبين بأموالهم , سخان المياه الكبير سيتعطل قريباً ويتوقف نهائياً عن العمل , ولن يجدي تخفيض جديد لأسعار النزل بأقناع الزبائن بالأستحمام بالماء البارد , لذلك سيرحلون ولن يبقى مورد للرزق...
وبالمقابل كانت مورغانا تفكر بهذا الموضوع وهي عالمة أن الوريث القادم يشغل تفكيرها , فماذا ستكون ردة فعله عندما يعلم بأن البيت العائلي الكبير أصبح نزلاً ريفياً؟ سيغضب ربما! قالت لنفسها حائرة... ثم أستدركت أن القادم لن يصل قبل الغد , فالساعة أصبحت متأخرة ومن المحتمل وصوله في الليل.
" سأذهب لأرى أين أصبح تحضير الشاي, فالوقت أصبح متأخراً ".
"لا بد أن الزا تأخرت عن قصد لأنتظار ابن عمك يا عزيزتي".
ابن عمها , وقبضت مورغانا يديها عند سماع هذه الكلمة وهي خارجة بأتجاه المطبخ , كان البرد قاسياً في ممر البيت الكبير لكن لحسن الحظ كان المطبخ دافئاً فطباخ الفحم الكبير كان مشتعلاً , وتذكرت الفتاة تلك الأكلات الطيبة التي كانت تطبخها الزا... عندما دخلت المطبخ كانت المرأة جالسة أمام الطاولة الكبيرة تنظر الى ورق اللعب أمامها.
" أدخلي يا أبنتي وأغلقي الباب وراءك".
قالت لها دون أن ترفع نظرها بينما تقدمت مورغانا بحشرية تنظر الى ورق اللعب:
"هل فكرت بالشاي؟".
" كل شيء جاهز , فالماء يغلي على النار".
الزا أمرأة خمسينية مدورة الوجه والجسم ومن عادتها أن تضع في شعرها مجموعة من الملاقط البلاستيكية المتنوعة الأشكال والألوان , في هذا اليوم كانت أشكال الفراشات الخضراء والكلاب الصغيرة الحمراء هي التي تحتل جدائل شعرها مشكلة تنافراً واضحاً مع فوطتها الزرقاء اللون.
قالت بصوت جدي:
" لقد حضرت بعض الحلوى".

Rehana 11-09-11 08:22 PM

" تبدو لذيذة الطعم".
فتنهدت الزا قائلة:
" لا تركني للمظاهر فهذه الحلوى حزينة مثل هذا البيت ومثل الورق الذي أمامي , تعب وشقاء , حزن وألم , يا أبنتي هذا مكتوب في الورق".
أضافت بعد صمت قصير:
" ثم هناك شاب أشقر".
" على الأقل لن يكون لوران , فأبناء عائلتنا جميعهم سمر البشرة ".
" في هذه الحالة لا بد أن يكون هابطاً من السماء , حضري الشاي أذا سمحت وأنا سأجهز الصينية".
مهما كانت الأسرار التي تحيط بهذه الحلوى فمنظرها يوحي بلذة طعمها , هكذا كانت تفكر مورغانا في سرها , ثم قالت:
" وماذا عن العشاء؟".
" الجزار أرسل لي قطعة غريبة من اللحم , قال أنها لحم بقر لكني أراها قاسية كالجلد".
" أذا طبخته جيداً فسيصبح طرياً ولذيذاً".
" سأفكر بالموضوع , على كل لست بحاجة الى فتاة صغيرة مثلك تقول لي في مطبخي ماذا أفعل".
" طبعا لا , ليس هذا قصدي".
قالتها مورغانا وأبتسامة خفيفة تعلو شفتيها.
" أفعلي ما هو أفضل , أذهبي وغيري ثوبك بأنتظار الشاب القادم الينا".
" لن أفعل أبداً فثوبي لائق, أرتديته يوم وفاة أبي".
" آه , هذا الثوب هو الذي يستحق أن يدفن , على كل حال أفعلي ما يروق لك , فأنا أقول هذا لأنك جميلة جداً لو أعتنيت بنفسك".
ضحكت مورغانا وقالت:
" لا تكملي يا الزا , فلست بحاجة الى كل هذا المديح".
" لا أظن , فأنت لست مدعية كباقي الفتيات".
خرجت مورغانا من المطبخ وأبتسامة خفيفة على شفتيها , فهي تعرف أن الزا تلمح الى معرفتها بروبير وأيلين دزنيليفين اللذي أشترى والدهما مزرعة العائلة ,وكيف أستطاع هذا الشاب مع شقيقته تأسيس مدرسة لتعليم ركوب الخيل , ثم كيف توطدت صداقة قوية بينها وبين روبير وشقيقته لكنها لم تعرف حتى الآن لماذا لم تعجب الزا بأيلين؟ ربما لأنها لم تر في طريقة حياتها ما يستدعي الأعجاب , فالزا تعتقد أن مدرسة تعليم ركوب الخيل هي تسلية الأغنياء وليست وسيلة لكسب العيش , أما روبير فكان مختلفاً , رقيقاً وحنوناً لذلك حملت له مورغانا الكثير من المعزة وظنت أن مشاعرها يمكن أن تصبح أكثر عمقاً.
منتديات ليلاس
منذ موت والدها أصبح روبير أكثر عطفاً فهو يتصل يومياً ويرسل زهوراً بأسمها , لكن أهله, وهي تعرف ذلك , يظنون أن أبنة النزل لا تليق بأبنهم , فكيف اليوم بعد أن مات والدها وهي على وشك أن تفقد موارد عيشها؟ لكن موقف روبير منها لا يعبر عن ذلك , وهي مسرورة في داخلها لهذا الحنو المتزايد عنده.... وقفزت الى مخيلتها صورته بوجهه الناصع البياض وشعره الأشقر وعينيه الزرقاوين الثاقبتين , أنه اذن الشاب الأشقر الذي نوهت به الزا.
دخلت مورغانا الى الصالون فأختفت أبتسامتها عندما رأت الآنسة ميكنز جالسة على يمين المقعد حاملة حقيبتها في يدها وكأنها عوامة تقيها الغرق , المهم أن الآنسة ميكنز ليست شابة لكن تقدمها في العمر تركها لطيفة ناعمة أحياناً بما حبب مورغانا بها , خاصة أن حديثها يبدو وكأنه أعتذار دائم.

Rehana 11-09-11 08:23 PM

" هل تعرفين أين ذهب الآخرون آنسة ميكنز؟".
" أعتقد أن الماجور لاوسون يحب التنزه قليلاً قبل تناول الشاي.".
الماجور لاوسون رجل غامض يظهر دائماً لباقة زائدة ويرتدي ثياباً تليق به , وربما يعتبرها أناقة أصيلة بالرغم من عدم معاصرتها لأناقة اليوم ,وهو عندما يصل الى الفندق يتقدم دائماً مع حقيبة ذات الجلد الأصلي , وأذا ما سئل عن الجيش يجيب دائماً بأقتضاب , أنه أنسان مستوحد لم تؤثر عليه حتى الآن غمزات العيون من الآنسة ميكنز , يحب التنزه ويقضي ساعات طويلة في غرفته يضرب على آلته الكاتبة الصغيرة التي لا يعرف أحد ماذا يكتب عليها , لا بل لم ينتبه الى ذلك الضجة التي لا تتوقف , لكن حشريتها لم تنته أذ لم يقدم تفسير لما يقوم به , وأكتفت مورغانا بتغيير غرفته بعيداً عن الآنسة ميكنز التي لحقتها خيبة الأمل.
فجأة شعرت الفتاة بحاجتها للخروج وتنشق بعض الهواء النقي , لا بل لبقائها وحيدة , فمنذ موت والدها أخذت تبتعد عن الناس قليلاً وتتفرغ للتفكير بمصيرها بهدوء وروية , وبينما كانت تخرج من الصالون فوجئت بوالدتها فأبتسمت لها قائلة:
" سأخرج للحظة وأعود".
" سأنتظرك يا عزيزتي".
وفي البهو تناولت مورغانا معطفها الواسع ووضعت قبعتها أستعداد للخروج حين رن جرس الهاتف فتناولت السماعة:
"نزل بولزيون".
كان صوت روبير على الهاتف يتكلم بنعومة ورقة:
" مساء الخير يا مورغانا , أتصل بك لأعرف أخبارك , فهل كل شيء على ما يرام؟ هل وصل ضيفك المنتظر؟ وكيف هو؟".
" ليس لدي أدنى فكرة فهو لم يصل حتى الآن".
" حقاً, هذه بادرة حسنة , ألم يرسل خبراً أو برقية بذلك؟".
" لا , لا شيء".
" ربما وقع له حادث ما؟".
" فكرت بذلك".
قالت مورغانا وهي تضحك:
" فربما كان الآن مستقراً في قعر هاوية".
قال لها روبير وهي مستمرة في ضحكتها:
" كم أنت شريرة".
" كنت خارجة لتوي أتنشق بعض الهواء".
" ألن تأتي الى المزرعة؟".
" في الحقيقة لا... فأنا أريد البقاء وحيدة , أرجو أن تفهمني ".
" سأحاول , على كل حال يمكن أن أمر متأخراً وآخذك لتناول قدح من الشراب بعيداً عن جو المنزل".
" أنها فكرة رائعة , فالى اللقاء مساء".
أقفلت مورغانا الهاتف وهي تفكر كيف لم يخطر على بالها الذهاب لرؤيته , فهو لطيف ويعمل ما في وسعه لمساعدتها على حل مشاكلها , ولكن لماذا تفكر بكل هذا , فهي لديها الآن مشاكل أهم وأعمق , كانت تقول ذلك في سرها وهي تهيء نفسها أتقاء للهواء , والمصباح الكهربائي في يدها يضيء لها الطريق , وفجأة أنتبهت أنها تتجه في طريق الصخور الكبيرة المطلة على البحر , هذه الصخور الكبيرة وكأنها طاولة طبيعية لذلك يسميها الدليل السياحي( طاولة العملاق) , لكن أهل المنطقة يطلقون عليها أسماً شائعاً وقديماً هو ( حجر الأمنيات) , وقصة هذا الحجر ترويها الأسطورة التي تقول أن على المتمني أن يضع يده عليها ويتمنى ما يريد , ثم يدور حول الحجر ثلاث مرات فأذا كانت الأمنية قابلة للتحقيق يهتز الحجر قليلاً من موقعه بينما تبقى قاعدته ثابتة.

Rehana 11-09-11 08:25 PM

مورغانا كانت تعتقد دائماً أن اليد هي السبب في اهتزاز الحجر , على كل حال فالصخور موجودة من زمن سحيق في هذا المكان , لم يغير من شكلها كتابات العشاق والسواح عليها...
وفي طريقها نزعت مورغانا قبعتها وتركت شعرها لعبة للريح ووجهها للسعات هواء البحر المالح.
عندما وصلت الى مقربة من الصخرة نظرت حولها لترى ألتماع أضواء النزل من ناحية وأضواء المزرعة من ناحية أخرى , بينما أضواء القرية تتوارى خلف التلة الصغيرة , أنها منطقة جميلة ورائعة لن تتركها ولن تسمح لغريب أن يطردها منها.
بهدوء ولكن بصوت عال كما هي العادة اقتربت مورغانا من الصخرة واضعة يدها عليها وتمتمت:
" أتمنى ألا يأتي , وأن يتخلى عن أرثه وألا ألتقي به أبداً".
ثم دارت حول الصخرة ثلاث مرات كما هي العادة ووقفت تنظر الى الصخرة منتظرة أهتزازها , فهي التي لم تقتنع يوماً بهذه الخرافة تمنت اليوم من كل قلبها أن تهتز هذه الصخرة , لا بل أن ترتج أرتجاجاً عظيماً تلبية لرغبتها , لكن الصخرة بقيت جامدة صامتة لم تتحرك أو تهتز وكأنها ترفض تحقيق الأمنية , فأعتمر قلبها غضب وحقد على هذه الصخرة التي تمنت لو تقتلعها من مكانها وتحطمها بقبضة يدها.
صرخت الفتاة بيأس:
"لماذا ....لماذا لم تتحركي ؟".
وفي هذه اللحظة سمعت وراءها صوت رجل يقول:
" ربما لم تقومي بما يجب القيام به أو أن أمنيتك هي فعلاً غير قابلة للتحقيق".
أرتعبت الفتاة وكمت فمها مانعة صرخة فزع من الأنطلاق , وأبتعدت عن ضوء مصباح كهربائي مسلط على عينيها وقد تسمرت في مكانها خوفاً وذعراً.


نهاية الفصل الأول

زهرة منسية 11-09-11 08:54 PM

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157672251.gif

وااااااااااااااو شو ها الحلو كله رواية من ملخصها باين أنها روووووووووووووووعة مثل صاحبة الأنامل الذهبية اللى كتباها تسلمى حبيبتى وموفقة فى تنزلها
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157672252.gif

فتاة 86 11-09-11 11:26 PM

ريحانة و فراولة مجتمعين
 

شو هلجمعة الحلوة هي
ريحانة المنتدى و فراولة المنتدى
نشالله دائماً من شوف هيك جمعات بين أخوات مبدعات
يعطيكي العافية ريحانة على تنزيل الرواية
و اكيد تسلم أيادي نيو فراولة يلي عودتنا على التميز دائماً

:flowers2::flowers2:
:flowers2:

هدية للقلب 12-09-11 02:25 AM

باين من الملخص ان الرواية رائعة تسلم ايدك ريحانة ليلاس انتى ونيو فراولة
ويعطيكم العافية وبأنتظار التكملة .
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157870431.gif

Rehana 12-09-11 07:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nona1979 (المشاركة 2866336)
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157672251.gif

وااااااااااااااو شو ها الحلو كله رواية من ملخصها باين أنها روووووووووووووووعة مثل صاحبة الأنامل الذهبية اللى كتباها تسلمى حبيبتى وموفقة فى تنزلها
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157672252.gif


الله يسلمك يالغالية منورة الرواية بطلتك الحلووة
وان شاء الله تعجبك احداث الرواية ^^

Rehana 12-09-11 07:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة 86 (المشاركة 2866525)

شو هلجمعة الحلوة هي
ريحانة المنتدى و فراولة المنتدى
نشالله دائماً من شوف هيك جمعات بين أخوات مبدعات
يعطيكي العافية ريحانة على تنزيل الرواية
و اكيد تسلم أيادي نيو فراولة يلي عودتنا على التميز دائماً

:flowers2::flowers2:
:flowers2:

الله يسلمك يالغالية وكل الشكر للعزيزة نيو فراولة المبدعة لكتابتها الرواية
وان شاء الله تنال اعجابك فتاتي

Rehana 12-09-11 07:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدية للقلب (المشاركة 2866682)
باين من الملخص ان الرواية رائعة تسلم ايدك ريحانة ليلاس انتى ونيو فراولة
ويعطيكم العافية وبأنتظار التكملة .
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13157870431.gif

الله يعافيك ويسلمك يالغالية
وان شاء الله تعجبك الرواية :toot:

Rehana 12-09-11 07:21 PM

2- لن تكوني وحيدة

كان قلبها يخفق بشدة من الخوف عندما رفعت رأسها باتجاه هذا الصوت الذي لا تعرفه , تعميها أشعة الضوء المسلط عليها فبدت أمامها ملامح رجل طويل القامة ويبدو من لكنته أنه غريب عن المنطقة.
كيف لم تسمعه آتياً ؟ ربما صوت الريح , أو تركيزها العميق على ما كانت تفكر به , المهم أن هذا الغريب راقب المشهد عن كثب بدون شك , وهذا ما زاد غضبها فقد كان يتجسس عليها ولم يشعل الضوء الا عندما أنتهت حتى يزيد من تحقيره لها , لذلك قالت له بصوت قاس:
" أتحب التجسس على الناس؟".
" ليس بالضرورة , لكنني أعتقد أن ذلك يحمل فائدة كبيرة في التعرف على الناس والمعتقدات , على كل حال أظن أنك جئت قبل الأوان فساعة الفأل على ما أظن هي منتصف الليل وليس أوله ".
لهجته الساخرة أغضبتها من جديد لكنها تمالكت نفسها وقالت:
" لست قارئة فأل".
أجابها ضاحكاً:
" عظيم , لكنني أعتقد فوق ذلك أنك غير موهوبة , فالصخرة يجب أن تتحرك على ما أظن , أليس كذلك؟".
" كيف تعرف ذلك؟".
" قرأت ذلك في دليل سياحي أشتريته في القرية , فهل تعتقدين أن مثل هذه الأمور تبقى سراً؟".
" لا , بالطبع لا".
كانت مورغانا تستعيد هدوءها ورباطة جأشها بصعوبة , خاصة وأن النور كان ما يزال مسلطاً عليها .
" أنت على أرض خاصة , ألم يقل لك كتابك السياحي ذلك؟".
منتديات ليلاس
وفعلاً كانت الأرض هي ملك النزل وتابعة له ,لكن احداً لم يفكر يوماً بمنع الناس من المجيء الى هذه الصخرة , فهي أن منعته الآن فذلك لأنه حقرها بكلامه وسخر منها.
" حقاً؟ وماذا يقول المالك برأيك؟".
" لا نحب الفضوليين هنا".
" لكن أهل كورنواي معروفون بكرمهم وضيافتهم ,أما عن الحشرية فأنا هنا قبل مجيئك وكنت قد أبتعدت قليلاً عن الصخرة لأتأملها جيداً عندما خرجت من الظلام وبدأت سرد أمنياتك".
" عندي الحق بالأعتقد أنني كنت وحيدة هنا , ثم لماذا لا تطفىء هذا الضوء المسلط على وجهي , أذا كنت قد أنهيت مهمتك بالتجسس على الناس؟".

Rehana 12-09-11 07:23 PM

ترك الغريب الضوء مسلطاً عليها بالرغم من طلبها ذي اللهجة القاسية وأجاب:
" هل أنت عدائية دائماً؟ ثيابك الغريبة هذه ووجهك الجميل لا توحي جميعها بأنها المرة الأولى التي تتكلمين فيها الى رجل , أليس كذلك؟".
"طبعاً لا , لكنني كنت دائماً اشاهد وجه محدثي , فضوؤك يجعلنا في وضع غير متعادل".
" هذا خطأ يسهل اصلاحه".
تغير اتجاه الضوء فرأت مورغانا أمامها رجلاً طويل القامة بوجه رقيق الملامح مع فم صارم الشكل وأنف متعال , أما شعره الأشقر فكان أكثر أصفراراً من شعر روبير , مما جعلها تتذكر فوراً كلام الزا وتشرد قليلاً في أضطرابها , أما الرجل الذي لاحظ هذا الأضطراب فقطع عليها تفكيرها قائلاً:
" يبدو عليك وكأنك تشاهدين شبحاً".
تملكت مورغانا رغبة عميقة لسؤاله من أنت؟ لكن الكلمات لم تخرج من فمها وعندما أنطفأ الضوء وعادت العتمة تقلق هذه الطبيعة الرائعة الجمال , أقترب الرجل منها بهدوء بينما كانت تتراجع خائفة واضعة يديها أتقاء منه على وجهها , وفجأة وقعت الفتاة على ظهرها , فهب الشاب يساعدها ويشعل الضوء ليرى ما أذا كانت قد أصيبت بمكروه.
" هل أصبت بأذى؟ هل جرحت؟".
" لا , لا لم يحصل شيء".
الحقيقة كانت غير ذلك فمفصل رجلها لا تستطيع الوقوف عليه والألم يحز في داخلها لكن لا تريد أبراز ضعفها أمام هذا الغريب , ثم أنها لا تريده قريباً منها الى هذا الحد.
" لم أقصد أخافتك بحديثي عن الأشباح , فلماذا هربت هكذا؟ كنت أسأل فقط لو أنني أشبه أحداً تعرفينه".
كانت تود أن تقول له:
" فعلاً أنك تشبه أكثر من أحد , تشبه جميع الوجوه المعلقة على اللوحات المعلقة في بيتنا الكبير , لكن الفرق هو أنهم في اللوحات سمر الوجوه بينما أنت أشقر الشعر ".
لكنها سكتت فلو كان الحظ معها لكانت أفكارها هذه جميعها خاطئة وتمنت فعلاً لو تكون مخطئة في ظنها.
" ماذا تريدين أن تقولي؟".
" لا شيء , أو تظنني أمضي وقتي أبحث عن الوجوه المتشابهة عند كل سواح المنطقة؟".
" أظن أنك تعرفين ما تريدين على الأقل ".
ثم أمسك بيدها بطريقة قاسية فصرخت في وجهه بغضب:
" دعني وشأني!".
" ليس قبل أن تجاوبينني على أسئلتي , فما أسمك أولاً؟".
" أذا كانت هذه طريقتك في التحرش بالفتيات , فأسمح أن أقول لك أنها سيئة جداً ولا تعجبني ".
" لدي رغبة عميقة للحصول على أعجابك".
وأدار الضوء من جديد بأتجاه وجهها , ناظراً الى ملامحها من جديد ثم قال:
" أعرّفك بنفسي , أنا لوران بينتريث , وأذا لم أكن مخطئاً فأنت مورغانا".
" استنتاج باهر , وماذا تريدني أن أفعل لتحيتك الآن؟".

Rehana 12-09-11 07:24 PM

" لا حاجة لذلك فالوقت متأخر".
" كنا بأنتظارك هذا الصباح".
" تأخرت غصباً عني".
ترك يدها وأبتعد قليلاً , فتنفست مورغانا الصعداء:
" أعمالك هي التي أخرتك طبعاً؟".
" الى حد ما ... نعم".
" ولم تقل لنفسك أن هناك من ينتظرني ومن المحتمل أن يقلق لهذا التأخير؟".
" في الحقيقة لا ... لم أفكر بذلك".
تناول الرجل علبة كبريت يشعل منها سيكاره الكبير فبدا وجهه وعلى ثغره أبتسمة ساخرة.
" لا أظن أنني كنت منتظراً الى هذا الحد وهذه اللهفة في فندق بولزيون ".
قال جملته مع قليل من القساوة فردت مورغانا:
" أظن أنك لا تحب أن ترى البيت العائلي وقد تحول الى مؤسسة سياحية , لكن كونك رجل أعمال يجعلك تتفهم الموضوع".
" شخصياً , لا أصنف هذا الفندق مؤسسة تجارية".
منتديات ليلاس
فكرت مورغانا بهذه الأجوبة السريعة التي تنم عن معرفة وثيقة بكل التفاصيل , فمن أين له كل هذه المعلومات , هل قضى نهاره يسأل أهل القرية أم أن محاميه والسيد تريفيك وضعاه في الصورة ,قررت أن تكون حذرة.
"لسنا فندق الهيلتون أعترف بذلك , لكن أعمالنا لا بأس بها".
" حقاً , يبدو أنك الوحيدة التي تقولين هذا الكلام , فالفندق مدين للكثيرين الآن".
شعرت مورغانا وكأن الأرض تنشق تحتها لكنها تمالكت أعصابها وقالت بهدوء:
" هذا صحيح... للأسف , فهذه السنة كانت صعبة قليلاً".
" أذا لم أكن مخطئاً , فالسنوات الصعبة تتوالى منذ مدة".
" نعم , هذه هي الحقيقة".
" لا أعلق أهمية كبيرة على ذلك , ثم أنني أتساءل كيف لفندق في مثل هذا المكان أن ينتشل من ورطته؟".
" ربما لاحظت في دورتك التفتيشية أن البولزيون ليس ( الكوت دازور) , ثم لديك الآن متسع من الوقت لأكتشاف أكثر من ذلك".
" للأسف ليس لدي الكثير من الوقت , سأذهب معك الى الفندق لأتعرف الى والدتك , هذا أذا كنت قد أنتهيت الآن من دعواتك لهذا الحجر".
" سأرافقك".
قالت هذه الكلمة وهي تشعر ببرودة تخرق عظامها وبغثيان يغمرها.
وفجأة قالت:
" حسناً ,لكن عليك أن تفهم أنني لن أكون ضفدعة سهلة المنال ".
" حتى الآن لا أراك ألا ذئباً".
" أذا كانت أسماء الحيوانات تعجبك , فلدي مجموعة منها تناسبك تماماً".
قالت له هذه الجملة القاسية متصنعة اللطف , ثم أدارت ظهرها سالكة طريق النزل دون أن تنظر الى الخلف , وكأنها كانت على ثقة بأنه سيتبعها , وعندما وصلت الى الفندق فتحت الباب ودخلت الى رواق البهو حيث كانت والدتها تضع السماعة ثم تستدير لتقول لها:
" أنه السيد تريفيك يا عزيزتي , لقد قال لي أن لوران بيتريث زاره هذا الصباح , فأين يكون الآن يا ترى؟".

Rehana 12-09-11 07:25 PM

" هنا".
قالتها بصوت مسحوق ثم أفسحت المجال ليدخل الشاب , فرأت الوالدة رجلاً طويل القامة أشقر الشعر يلبس سترة جلدية غامقة اللون وتحتها قميص من لونها , وبنطالاً يبرز أناقته.
" آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه".
خرجت هذه الزفرة من فم الوالدة لأنها لم تجد ما تقوله بعد هذه المفاجأة ,لكن الشاب أستدرك فوراً وقال:
" أنها لحظة صعبة لنا جميعاً , لقد كنت أتمنى أن أتعرف عليكما في غير هذه الظروف".
كانت مورغانا تنظر اليه ملياً وهو يتحدث الى والدتها , أنه فعلا ًجذاب , لكن هذا لا يعني شيئاً فطريقته الواثقة في الكلام وصوته المليء , بل حتى أناقته , كل هذا وكأنه آت من عالم آخر لا تعرفه , عالم لم يعرف التعب والشقاء , ولهذا ربما كانت تحتقره , أما الوالدة فلم تنس واجب الضيافة , فقالت له:
" كنا على وشك تناول الشاي فهل تريد التفضل الى الصالون ؟ سأطلب من الزا تحضير أبريق جديد...".
" لا لزوم لذلك , أرجوك , فليس لدي الكثير من الوقت , ثم علي أحضار سيارتي والذهاب الى ترورو".
" أذن لن تبقى هنا الليلة؟".
" مرة أخرى ربما , عندها لن أرفض دعوتك المحببة".
"آه , طبعاً لا بد من ذلك".
قالتها مورغانا وهي تعض على أسنانها , بينما كانت الوالدة تنظر اليها فزعة , ثم تقود الضيف الى الصالون بينما مورغانا لم تشعر ألا ويد من حديد تمسك بيدها فتنتشلها من أفكارها.
" أحاول جهدي ترطيب الجو, فلا تذهبي بعيداً بأفكارك السيئة , كل هذا أفهمه جيداً ولا يضيرني , وأنت لا تدركين أنك تؤذين والدتك بهذا التصرف".
قال جملته بطريقة صارمة ,ثم ترك يدها ناظراً اليها نظرة قاسية , مبتعداً عنها ... أخذت طريق المطبخ حيث كانت الزا تنظف الصحون , فنظرت هذه قليلاً الى الخلف ثم قالت:
" يا ألهي... هل البيت يحترق؟ ما بك في هذه الحال؟".
" أنه هنا... لقد وصل".
ثم أرتاحت على كرسي بينما ردت عليها الزا:
" وماذا أذن؟".
" ماذا أذن, ماذا أذن؟ هذا كل ما تستطيعين قوله, قلت لك أنه هنا , أنه أشقر الشعر أيضاً...".
" نعم , فالورق لا يكذب يا أبنتي , قلت لك .... أشقر الشعر , ألم وعذاب".
" فعلاً ,فعلاً , وماذا نستطيع أن نفعل الآن؟".
"لا شيء , ننفذ ما يطلبه منا, فلماذا تقلقين من الآن؟".
ثم ناولتها فوطة المطبخ , فأمسكتها مورغانا وبدأت تنشف الصحون قائلة:
" لدينا كل دواعي القلق".
" لا أريد سماعها , ثم من حسن الحظ أنه لن يبيت هنا هذه الليلة , فأنا لا أتحمل التفكير أنه يتقاسم معي سقف البيت".

Rehana 12-09-11 07:28 PM

" سنتقاسمه أفضل لو جعلني أزوره ؟ فوالدتك مشغولة".
قفزت مورغانا من مكانها عند سماع هذا الصوت وألتفتت الى باب المطبخ حيث كان يقف لوران , فوقعت الكأس التي كانت تنشفها من يدها وتحطمت على الأرض , تدراكت الزا:
" انتبهي , يا لك من قليلة الأنتباه , ثم لا تمسكي شيئاً , سألم الزجاج المكسور".
ثم أستدارت نحو الشاب الواقف على الباب:
" لا تستمع اليها يا سيدي , فهي قلقة جداً ولا تعني نصف ما تقوله".
" أنه كاف حتى الآن".
ثم تقدم الى داخل المطبخ دون أن يعير مورغانا نظرة واحدة وقال:
" لا بد أنك الزا , السند الرئيسي في هذا البيت , هذا ما تقوله السيدة بيتريث".
أنهى كلامه بأبتسامة ناعمة بينما كانت الزا تمسح عن يديها الماء وتمد أحداها لتسلم على القادم الجديد الذي بدا من نظرته أنه يتفحص المكان جيداً.
" لا بد أن هناك صعوبة كبيرة في عدم وجود غسالة صحون".
" الكمال لله يا سيدي , لكننا نتجاوز كل الصعوبات , والعمل لا يؤذي أحداً".
" معك حق , تستطيعين الآن أن تعرفيني على أقسام البيت".
منتديات ليلاس
قال جملته بصرامة بالغة وهو يتوجه الى مورغانا التي كانت قد أنزوت في طرف المطبخ وكأنها تختبىء من هذه المفاجآت الممتالية منذ قدوم هذا الشاب , ابن عمها الذي لم تعرفه قط والذي يعرف كما يبدو كل شيء , بدليل أنه طلب منها زيارة الأسطبلات القديمة ".
" هل أوصلتم الكهرباء الى مرابض الخيل؟".
" لا".
" أذن أفضل أن أقوم بالزيارة في وقت لاحق وسأكتفي اليوم بزيارة الغرف الأرضية دون أن أعود الى البهو الرئيسي , فقد نلت حصتي اليوم من النظرات الغريبة".
" ربما تريدنا أن نطرد زبائننا أيضاً , على كل لم تصلنا تعليماتك لننفذها و...".
" لم أقل هذا الكلام , وأذا كنت تريدين مرافقتي لزيارة الغرف فأرجوك العجلة قليلاً فليس لدي وقت أضيعه".
أفضل , قالتها في داخلها , ثم قادته بطريقة تشعره أنها غير مهتمة بما يقوم أو سيقوم به , أما كلماتها عن الغرف ومحتوياتها فكانت أشبه بكلمات عميل للأيجار في نهاية نهار متعب , أما هو فلم يكن يتكلم ألا لسؤال صغير محدد ,حيث كان جوابها مقتضباً وأحياناً كاذباً , فعن التدفئة قالت له أنه لا توجد تدفئة مركزية لأن نار المدافىء في البيت كافية , ولم تكن تعرف أن والدتها كانت قبل قليل تشكو من قلة التدفئة.
مورغانا تعرف أنها تكذب لكنها تتقبل بصعوبة الأعتراف بنواقص البيت أمام هذا الغريب.
أثناء صعود السلالم تذكرت اللوحات المعلقة على الحيطان ولم تستطع نسيان التشابه بينها وبين الغريب الآتي من بعيد , قطعت الممر الطويل وأتجهت الى غرفة أهلها التي تقيم فيها والدتها حتى الآن , فتفحصها الشاب , ثم قال:
"هل جميع غرف النوم تشبه هذه الغرفة؟".

Rehana 12-09-11 07:29 PM

" عموماً, نعم , لكننا نعطي الزبائن فرصة الأختيار , فهناك أسعار متفاوتة بالطبع".
ثم خرجت من جديد الى الممر يتبعها الشاب .
" لحظة من فضلك , اما نسيتي شيئاً؟".
أستدارت الفتاة فأذا بالشاب يقف أمام باب وضع يده على مقبضه فأستدركت :
" هذه غرفتي , هل تريد زيارتها؟".
قالتها بجفاف واضح:
" أريد أن أتعرف على كل شيء , يخيل الي أنني أوضحت ذلك ".
وبيد مرتجفة فتحت مورغانا باب غرفتها ومدتها تبحث عن زر الكهرباء , فالكل كان مقبولاً لكن ما الداعي لزيارة هذه الغرفة؟ كل شيء يخصها موجود هنا أمام نظره , كل حياتها , ألبومات طفولتها , بجانب الروايات التي تقرأها , دبها الكبير وزجاجة العطر... كل شيء هنا حتى ثوب النوم الشفاف ملقى بتأن على السرير .
تقدم الشاب الى وسط الغرفة , يداه في جيبه ,ينظر الى كل شيء بأمعان دون أن يلتفت الى حالة الأحتقار التي أمتلكت مورغانا في تلك اللحظة.
" سأنتظرك في الممر".
قالت جملتها وخرجت شاعرة أن الدنيا تغلب عليها وتمنت لو تستطيع الأنتقام فوراً من هذا الرجل , بعد لحظات خرج لوران من الغرفة وتبعها وعلى شفتيه ابتسامة صغيرة.
لقد فعل ذلك عن قصد , كانت تقول لنفسها , فكيف ستدخل الآن الى غرفتها ولا تتذكر نظراته المقصودة الى أشيائها الحميمة...
" هذه اللوحات تمثل أجدادنا على ما أظن؟ لماذا لا تعرفينني بهم؟".
" أنت تعرفهم أفضل مني".
" أنك تخطئين وتعرفين ذلك , حدثيني عنهم".
ساد صمت غامض بين الأثنين , بدا وكأن شحنات من التوتر تنطلق من كل منهما بأتجاه الآخر ,ثم رفعت مورغانا كتفيها وقالت:
" حسناً , الذي على اليمين جوسيه هو الذي بنى هذا البيت يوم كان استثمار الحديد في أحسن أيامه , وهناك من يقول أنه ينى الأسطبلات بأموال غير شرعية , وأنجب ولدين هما مارك وجيل وهما أمامك في هاتين اللوحتين , جيل لم يسلك طريق والده بل تخطاه فهذا الساحل معروف بخطورته للمراكب ويبدو أن طبيعته كانت تتناسب مع العواصف , أما مارك فكان يمثل العكس...".
ثم توقفت قليلاً مستدركة:
" مارك , جيل ومارتن كانت دائماً أسماء الرجال في عائلتنا".
فهم لوران فوراً ما تعنيه فقال:
" أسمي بالفعل هو أسم عائلة والدتي".
" أعرف ذلك , فلوحات النساء هنا هي لزوجاتهم التعيسات".
" هذه مثلاً لا أراها تعيسة أبداً".
" أي واحدة منهن تقصد؟ آه هذه جدتي".
" كانت جميلة جداً ,لماذا ترتدي ثياب أميرة من القرون الوسطى؟".
" كانت تمثل في مسرحية حينها , وتقوم بدور الجنية مورغان وجدي تعرف عليها في تلك المناسبة ووقع في غرامها ,وبعد الزواج أصر على أن تكون لوحتها في هذه الثياب , كما أصر على والدي أن يسمي ابنته الوحيدة مورغانا".

Rehana 12-09-11 07:31 PM

" وها هي أمامي".
" بالفعل, فأذا كنت أكتفيت بهذه اللمحة التاريخية نستطيع الآن اكمال الزيارة".
" مرة أخرى , أريد الذهاب الآن , لكن قولي لي أي غرفة كنت حجزتها لي ؟ أريد أن أعرف بدافع الحشرية فقط".
" أحدى غرف الجناح الشرقي".
" أذن ليس لي حق الأختيار مثل باقي الزبائن ؟".
" بلى , ففي النهاية أنت الذي تملك الآن جميع الغرف".
" بالفعل , على كل حال فعلت جيداً بحجزي غرفة في فندق ترورو لهذه الليلة , ألا يعجبك هذا الأختيار؟".
نظرت اليه بعمق خفي صامت ثم أشتعلت قائلة:
" لا يهمني كل هذا , وفي جميع الأحوال سأترك لك هذا النزل عاجلاً أم آجلاً , واذا أحببت أستطيع اخلاء غرفتي فوراً".
" ومن طلب منك اخلاءها؟".
قال ذلك وهو يضحك ويمرر نظراته المتفحصة على قامة مورغانا من أخمص قدميها حتى قمة رأسها , فتضايقت من حركته وأنتفضت :
" كيف تجرؤ....؟".
" اجرؤ , ستعرفين اكثر عندما تعرفينني جيداً , فأذا كنت تشمئزين من فكرة مقاسمتك سقف البيت , فأنا أبدأ التحدي الآن وربما اتوصل يوماً الى اقناعك بمقاسمتي أكثر من ذلك".
" لقد فقدت عقلك, فالبيت وحده يخصك وليس أنا".
" كل شيء ممكن الحدوث , أيتها الجنية مورغانا , فبالرغم من توسلاتك وامنياتك أنا هنا وسأبقى".
ثم أقترب منها وأخذها بين ذراعيه القويتين بالرغم من تصلبها ومحاولتها التفلت منه , كانت مدهوشة لهذا التصرف المفاجىء ولم تحس بأقترابه منها ,ولم تتمالك نفسها حين أفلتت منه أن تقول:
" انك وقح".
" بعد محاضرتك التاريخية قبل قليل أجد نفسي وفياً لأجدادي , أما أنت فلست ابداً كجداتك".
وبدون أن ترد عليه ركضت مورغانا الى غرفتها وأغلقت الباب بقوة , ثم أستلقت على سريرها لاهثة وهي لا تعرف ماذا تفكر , من أين أتى هذا الغريب؟ وكيف تحققت المخاوف جميعها دفعة واحدة ؟ ثم ما هذا الشعور الذي يمتلكها بعد عناقه المفاجىء ؟ أغمضت عينها تريد التخلص من صورته لكن رائحته ما تزال تعبق في أنفها وصورته تحتل مخيلتها , وتلك القشعريرة التي أحست بها عند ملامسته وكل هذه المشاعر جعلتها في حالة من الأضطراب والخوف , فهي بعد الآن لن تكون ابداً وحيدة في هذا البيت.

Rehana 12-09-11 07:32 PM

3- حرب الأعصاب

كانت مورغانا ما تزال مستلقية على سريرها ., عيناها شاردتان في الفراغ, عندما قرع الباب وكانت والدتها:
" ألا تريدين تناول العشاء يا عزيزتي؟".
" لا , لا أريد , ثم أنني لا أشعر بالجوع مطلقاً , كما أن روبير سيمر بعد قليل , ونخرج سوياً فأذا أحسست بالجوع سأتناول شيئاً معه ".
" حسناً , كما تريدين , ولكن ما بالها الزا هذا المساء , تبدو غريبة قليلاً ثم أنها لا تجاوبني على ما أطلبه منها , وبالمناسبة , كيف رأيت لوران؟ هل أعجبك؟ لقد بدا لي جذاباً".
" شخصياً لا أحب استعمال هذا التعبير".
منتديات ليلاس
ثم توجهت الى طاولة التزيين وجلست أمام المرآة بينما أكملت الوالدة:
" عزيزتي , لقد كنت قاسية معه , فلو كان بأمكاني لما تركتك تعرفينه بالبيت لوحدك , لكن الآنسة ميكنز لم تترك صغيرة ولا كبيرة ألا وأشتكت منها أمامه , لذلك أرتحت كثيراً عندما طلب مني أن يزور البيت برفقتك , ألم يحدثك عن مشاريعه؟".
كادت مورغانا تنفجر من الغضب عند سماعها ذلك لكنها قالت بلطف:
" لا يا أمي لم يقل لي شيئاً".
" على كل , سيعود غداً , فقد دعوته لتناول الغداء معنا , وطلب من الزا تحضير وجبة بط شهية".
" لا تظني أنك سترشينه بوجبة شهية".
" الحقيقة لم أنتظر أن يكون قريباً الى القلب كما رأيته , فهو لا يشبه والده أطلاقاً , يبدو أنه قريب من والدته , وأتساءل أن كان متزوجاً أم لا , ألم يقل لك أذا كان متزوجاً أو خاطباً على الأقل؟".
" لم نتبادل الأحاديث الخاصة , يا أمي".
ولكي تنهي هذا الموضوع الذي تريد تجنبه بجميع الوسائل أكملت قائلة:
" أتريدين أن أحضر طاولة العشاء أم أن الزا تقوم بذلك؟".
" لقد كانت تحضرها عندما جئتك".
ثم تنهدت الوالدة تنهيدة تعيسة وهي تنظر الى ابنتها فسألتها مورغانا:
" ما بالك يا أمي؟".
" لا شيء , ولكن ألا ترين أن فستانك هذا يوحي بالتعاسة , فلماذا لا تغيرينه ؟ والدك رحمه الله لما كان أعجبه أن يراك هكذا , ثم أتساءل ما كان سيقول ابن عمك لو رآك".

Rehana 12-09-11 07:36 PM

" معك حق , سأغيره فوراً , لكن رأي ابن عمي لا يهمني أطلاقاً , وأذا لم يعجبه سألبسه تحدياً كل مرة يأتي فيها الى هنا".
" لا يا ابنتي , تجنبي المشاكل , فهذا الثوب لا يليق بك أنت أولاً , على كل سأنزل لتناول العشاء , وأتمنى لك سهرة ممتعة مع روبير".
بعد أن خرجت والدتها , تخلصت مورغانا من ثوبها وأخذت تتفحص باقي ثيابها في الخزانة حتى أستقر رأيها أخيراً على بنطلون من المخمل وكنزة رمادية.
روبير كان ينتظرها في البهو برفقة أمها بينما الماجور لاوسون يقرأ جريدته , وعندما رآها رفع نظره وحياها بلطف ولباقة , وقليل من الحياء .
" كم هو مهذب".
قالت مورغانا في داخلها وهي ترد له التحية وتمنت لو أن جميع الزبائن مثله.
وبعد خروج الشابين من النزل التفت روبير الى مورغانا متسائلاً :
" وأخيراً , هل وصل ضيفك غير المنتظر؟".
" نعم".
أجابته بصوت لا معنى له وكأن الموضوع لا يعنيها مطلقاً.
" وما هو أنطباعك ؟ والدتك بدت عليها علامات الرضى ".
" أمي كريمة دائمة في تقييمها للأشياء".
" أذن أنت لا تقاسيمينها الرأي".
أجابت ببرودة :
" لقد وجدته مريعاً".
" عظيم , لكن بعد وصف والدتك بدأت أتساءل أذا ما كان علي أن أشعر بالغيرة".
" لا سبب لذلك".
قالت ذلك وهي تفكر بردة فعلها عندما عانقها لوران , فشعرت بأن عليها تغيير الحديث فوراً.
" أين سنذهب الليلة؟".
" الى مطعم البولزبون فوالدي هنا هذا الأسبوع وقد دعاوانا لتناول العشاء معهما".
" يا الهي, لماذا لم تقل لي قبلاً , لكنت لبست تنورة على الأقل".
" أنت جميلة في هذه الثياب , لا بل رائعة ومرتاحة".
مرتاحة , كلمة لا تعنيها , فما كان يقول لو رآها بالقرب من الصخرة تدور حولها كالمجنونة تردد أمنيتها , أو مرتجفة وغاضبة وهي تعرف لوران بأرجاء البيت.
لقد كانت سخيفة , لم تستطع السيطرة على نفسها , في المرة القادمة ستكون قاسية مع أعصابها ومشاعرها ولن تترك مجالاً للضعف يمتلكها أو لرجل غريب متعال يسمح لنفسه بمغازلتها .
" ما بك يا مورغانا؟".
سألها روبير فجأة :
" تبدين وكأنك على وشك الأنفجار , فأذا كنت تريدين تغيير ثيابك , نستطيع العودة فوراً".
" لا , لا ابداً , لقد عشت يوماً قاسياً واحتاج للهدوء والراحة قليلاً".
كانت عائلة دونليفين جالسة في المطعم , ولاحظت مورغانا أنها ليست الوحيدة التي تلبس بنطلونا لكن مع ذلك لا تقارن ثيابها بثياب أيلين شقيقة روبير المرتدية قميصاً من الحرير الأزرق وبنطالاً أنيقاً جداً .

Rehana 12-09-11 07:37 PM

قبلت مورغانا كأس الشراب وهي تلاحظ نظرات ايلين المسرورة بأناقتها تتفحصها بأزدراء خفي , ثم أتجهت الى المقعد المجاور للمدفأة مجبرة نفسها على الأجابة على أسئلة السيدة دونليفين التي أمطرتها بها منذ وصولها , أيلين لم تتحمل ذلك فقاطعتها:
" حسنا , هل وصل الوريث الغامض؟".
" نعم".
أجابت مورغانا بكل اقتضاب ,لكن ايلين لم تسكت هند هذا الحد فأكملت:
" أنها قصة غير معقولة فعلاً , تبدو وكأنها جزء من رواية رومنطيقية".
" أستطيع أن أؤكد لك أن ابن عمي لوران ليس فيه من الرومنطيقية شيء".
منتديات ليلاس
شعرت مورغانا فور انتهائها من جملتها أنها لم تقل شيئاً مهماً أكثر من استجلاب فضول ايلين التي أجابت فوراً:
" حقا , فالصدمات على ما يبدو بدأت بينكما؟".
" ايلين , هذا لا يخصنا".
كان صوت الوالد متدخلاً ليقطع هذا الحديث الذي بد أنه يسر نحو شجار مرتقب , لكن ايلين لم تقف عند هذا الحد فأكملت:
" نعم , أنه لا يخصنا , لكنه يبدو مشوقاً , صفيه لنا يا مورغانا . كيف هو؟ أسمر ؟ أشقر؟ طويل ؟ جميل؟ أم ماذا؟".
نظرت اليها مورغانا متحفظة ثم قالت:
" أنه طويل القامة , ويمكن لبعض النساء أن تجدنه جذاباً ".
" لكن ليس أنت؟".
" بالطبع لا".
كان جواب روبير الذي أسكت شقيقته مؤكداً أن مورغانا لا تنظر الى أحد سواه.
" أليس كذلك يا مورغانا؟".
ومن طرف عينها لاحظت مورغانا أن السيدة دونليفين نظرت اليها وأدارت وجهها بسرعة , واضح أن والدة روبير تتمنى لو أن أبنها يبتعد عن مورغانا أو العكس , لذلك تمنت لو تستطيع أن تواجهها بالحقيقة وتقول لها :
" أطمئني فأنا أحمل الكثير من المودة أتجاه ابنك , لكنني غير مغرمة به".
لكنها تعرف أنها لن تستطيع قول ذلك للسيدة دونليفين , فهي لم تكن يوماً ما قريبة منها ثم أن مثل هذا الكلام لا يقال في مثل هذا المكان أضافة الى أنها لا تحب أن تؤذي روبير الذي يكن لها محبة كبيرة وعميقة وتعرف أن فراقهما سيؤلمه كثيراً.
أنتبهت مورغانا لنفسها , كيف يمكن لها أن تفكر بذلك الآن؟ وكيف جاءت فكرة الفراق الى ذهنها بهذه السرعة؟ وقبل أن تجد جواباً كانت ايلين تمد لها لائحة الطعام فتناولتها وأخذت تتفحصها بشرود.
" ماذا تريدين أن تأكلي يا مورغانا؟".
" آه , سأبدأ بقطعة بطيخ أصفر ثم بعض اللحم المشوي على ما أظن".
أمر السيد دونليفين الخادم بتنفيذ الطلب ثم أستدار نحو الفتاة متسائلاً:
" هل حدثك ابن عمك عن مشاريعه؟ وعلى فكرة هل سيقيم في النزل معكم؟".
" لا أدري , على كل لا أظن ذلك".
" هل يعني ذلك أنه يفكر بالبيع؟".
أرسلت السيدة دونليفين جملتها ونظرت الى الفتاة منتظرة الجواب , أما مورغانا فقد كانت تتطلع الى هذه السيدة بنظرة فاحصة , مستغربة هذا الأستعجال من قبلهم على معرفة كل شيء.

Rehana 12-09-11 07:38 PM

ولم تبدأ بجوابها حين أستدرك روبير الموقف قائلاً:
" يا والدتي , نحن متفقون على عدم التحدث في هذا الموضوع ".
أنتبهت مورغانا الى مغزى هذا الكلام فسألت فوراً:
"أي موضوع تقصد؟".
هنا أحس السيد دونليفين أن الحديث سيتوتر قليلاً فتدخل فوراً مع ابتسامة متصنعة وبصوت يبحث عن الوفاق قال:
" آه , لا شيء مهم , أنها فكرة من.... فكرة فقط وعادية جداً .... فنحن كنا قد فكرنا أنه لو كان النزل معروضاً للبيع وبسعر مناسب فنحن أولى به من غيرنا في هذه الحالة".
" ولجعلنا منه مكاناً رائعاً وجذاباً".
ولم تكد السيدة تنهي جملتها حتى أحست بما تنطوي عليه من تعريض الفتاة الجالسة أمامها , فأحمرت خجلاً , لكن مورغانا لم تظهر شيئاً وأجابت ببرودة واضحة:
" نعم , بالفعل".
فعائلة دونليفين صرفت أموالاً طائلة حتى الآن حتى تحول المزرعة الى مسكن فخم وجميل , ولكن ذلك لم يكفهم فالسيدة دونليفين تريد التبجح بمكان أفضل من المزرعة.
سألها روبير:
" وماذا تقولين أنت يا مورغانا عن هذه الفكرة؟".
" أنه شيء لا يعنيني أبداً , يجب سؤال المحامين والمالك الجديد ".
" ولكن بالنسبة اليك أنت , أليس هذا حلاً مثالياً؟".
حلاً مثالياً؟ ماذا كان يريد أن يقول؟ فهذه الجملة لم تقلق مورغانا فحسب وأنما كذلك السيدة دونليفين وأبنتها اللتين لا تتصوران العيش تحت سقف واحد مع هذه الفتاة التي يحبها روبير , أما مورغانا فلم تجد ما تقوله غير:
" لا أدري , لم أفكر بالموضوع حتى الآن".
لكن فكرها كان يدور حول هذا النزل الذي كانت تملكه البارحة وكيف هو الآن مثل جنة تدور حولها الغربان , ثم ما هذه الأفكار التي لا يفتأ يطلقها روبير , ومن قال أنها ستقبل العيش في بيت واحد مع أمه وشقيقته؟
بقيت مورغاناصامتة طيلة ذلك العشاء , وعندما أوصلها روبير الى المنزل أدعت التعب حتى لا تدعوه للدخول ثم توجهت الى غرفتها , وفي طريقها كانت تتصور أن كل عائلة بينتريث في اللوحات المعلقة تنظر اليها ,وتساءلت ماذا سيحصل لها لو تركوا البيت قريباً , أنها وجوه عائلتها على لوحات لا قيمة فنية لها, ومن المحتمل ألا يشتريها أحد وتنتهي في زاوية مظلمة في كهف البيت , ربما تجد هي ووالدتها بيتاً آخر , ولكنهما لن تستطيعا نقل كل هذه اللوحات اليه .
غداً ستبحث عن عمل , ربما والدتها تجد عملاً أيضاً , كمدبرة منزل مثلاً , أما هي فستقبل أي شيء , خادمة مثلاً, آه لو أنها تجد عملاً في البيت ذاته.

Rehana 12-09-11 07:39 PM

عندما دخلت غرفتها وقفت للحظات جامدة تنظر الى الحيطان وتتنشق رائحة عطرها الخاص الذي تعودت عليه منذ زمن , ثم عطر آخر .... عطر الدخان الذي تنشقته بمرارة وحسرة وجعلها تصر أسنانها غضباً وحنقاً , ثم تقفز مرة واحدة بأتجاه النافذة تفتحها على مصراعيها ليدخل منها هواء الليل البارد , جلست مورغانا وراء مكتب البهو الكبير تحاول أن تنظم قدر ما تستطيع أوراق النزل , فكاتب العدل أرسل لها مؤخراً رسالة يطلب منها أرسال كل الفواتير غير المدفوعة , ولكن صوت سيارة توقفت أمام الباب قطع عليها تركيزها , لكنها عادت فوراً تكمل عملها ولم تتحرك حتى سمعت صوت الجرس يقرع بقوة , بل سمعت صرير باب المطبخ يفتح ووقع أقدام الزا تتجه لترى من الطارق , ثم تساءلت :
" لماذا لم يدخل بدون انتظار في الخارج؟ ".
لكن صوت ايلين جاءها مفاجئاً:
" دائماً منغمسة بالعمل يا عزيزتي؟".
أنتفضت مورغانا لسماعها صوت الفتاة التي كانت قد دخلت الغرفة تسير الهوينا بأناقتها الزائدة , حاملة بيدها باقة من الزهور , فسألتها مورغانا متعجبة:
" أراك وكأنك جئت لزيارة أحد المرضى مع هذه الزهور؟".
" والدتي هي التي طلبت مني أحضارها لوالدتك , فهذه الزهور في آخر موسمها هذه الأيام".
أرتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي مورغانا تؤكد شكها بأسباب هذه الزيارة , لكنها أستدركت بنعومة ساخرة:
" أنه لطف زائد , أترين فنجان قهوة؟".
" بكل ترحيب , هذا اذا كنت غير مشغولة الآن".
" أبداً".
ودعتها للجلوس على المقعد الوثير المقابل بكل لطف وتهذيب .
وفي المطبخ كانت الزا منقبضة الملامح ووجهها بذكر الأيام التعيسة والسيئة التي عاشتها , ولم تكد مورغانا تدخل حتى فاجأتها بالسؤال:
" هل لي أن أعرف شرف زيارتها الآن؟".
" لقد أحضرت زهوراً لوالدتي , تستطيعين وضعها في أناء مليء بالماء , ثم أرتبها فيما بعد".
" هي وزهورها اللعينة , أتعتقد نفسها ملكة الحظ ؟ أنها مخطئة فأنا لا أرى غير الظلام يحيطها من كل جانب".
منتديات ليلاس
عندما عادت مورغانا الى البهو , وجدت ايلين بالقرب من المدفأة تتفحص أناء البورسلين فخطر ببالها أن تقول لها:
" اتبدأين من الآن تسعير أغراض المنزل؟ ".
لكنها عدلت بدافع صداقتها مع روبير , وما أن رأتها تدخل الغرفة حتى عادت الى مقعدها تقول:
" أرجو ألا أزعجك حقا , فأنا أعرف أنك تمرين بلحظات عصيبة".
" أنه لطف منك أن تكرسي لنا بعض وقتك".
أجابتها باللطف الذي ما تزال تحاول أقناع نفسها به , ثم بعد صمت قليل سألت ايلسن:
" ماذا ستفعل الزا عندما ترحلان عن البيت؟".
" أنها طباخة ماهرة , ولن تجد صعوبة في الحصول على عمل ".
" وبرأيك هل سترفض البقاء هنا بدونكما؟".
" لماذا لا تسأليها هي مباشرة؟".
" يا الهي , لا أجرؤ على ذلك , أنها تخيفني".
قالت ذلك وهي تبتسم ثم أكملت:
" بالمقابل أعتقد أن الوقت مبكر لمثل هذه الأسئلة , لأنها نجهل حتى الآن مشاريع ابن عمك , وبالمناسبة هل تذوق أكلها؟".
" لا , لكنه سيأتي للغداء اليوم".
لم تتمالك مورغانا من كبت ابتسامتها فايلين استطاعت بمهارة معرفة بعض ما تريد على الأقل , فتح الباب فجأة ودخلت السيدة بينتريث:
" الآنسة دونليفين!".
قالتها بتعجب زائد.

Rehana 12-09-11 07:40 PM

" ايلين أحضرت لنا زهوراً من المزرعة".
" كم هو محبب ما فعلت , فزهور المزرعة رائعة الجمال... آه سأتناول معكما فنجان قهوة".
سكبت لها مورغانا فنجاناً وقدمته لأمها التي ما تزال الدهشة مرتسمة على وجهها.
" هل لديك اخبار يا عزيزتي؟".
" لا , ليس بعد, فالوقت ما زال مبكراً وربما كان مشغولاً بشيء آخر".
تدخلت ايلين في الحديث :
" هل تعرفان مهنته؟".
"لا لم يحدثنا عن ذلك, على كل نحن لا نعرف شيئاً عنه ".
فأجابتها:
" كم مزعج ذلك! أن تكتشفي أحد أفراد العائلة بعد أن كان مجهولاً وفي مثل هذه الظروف ,بالطبع ليس بسيطاً كل هذا, فلو أن هذه الحادثة وقعت في القرًن الماضي لكان تصرف على ما أظن كرجل شريف وطلب يدك للزواج , هذا أذا لم يكن متزوجا".
" أننا نجهل ذلك".
أجابتها السيدة الوالدة بينما وقفت مورغانا ممتعضة عن مقعدها وقالت:
" سأذهب لأرتب الزهور وأرى اين أصبحت الزا في تحضير الغداء".
" أنها فكرة جيدة يا ابنتي ,وما رأيك يا ايلين لو بقيت معنا على الغداء؟".
قالت السيدة بينتريث ذلك ببرودة واضحة وكأنها متأكدة من أن الفتاة لن تقبل دعوتها , لكنها فوجئت بالرد يأتي حماسياً :
" بكل طيبة خاطر يا سيدتي".
أبتسمت مورغانا لهذه البادرة وقالت في نفسها يجب أن أهنىء والدتي على هذه اللفتة الذكية , ثم أتجهت وابتسامتها على فمها الى المطبخ , لكن ملامحها تغيرت فجأة عندما رأت لوران بينتريث جالساً على طاولة المطبخ مع الزا تقرأ له حظه في ورق اللعب.
" أنت؟ كيف ذلك؟".
" باب الخدمة كان مفتوحاً فدخلت , هل ترين في ذلك غضاضة؟".
"لا , لا أبداً تستطيع الذهاب والمجيء كما تريد , لكنني فوجئت , هذا كل شيء".
" بالطبع, فكل مرة نلتقي فيها تفاجأين بي , سأحاول أن ألطف ذلك في المرات القادمة".
" لن يكون لي شرف اللقاء بك في المرات القادمة".
ثم توجهت بالكلام الى الزا:
" لا تملأي رأسه بهذه السخافات المضجرة".
" سخافات؟ الست أنت التي تطلبين دائماً معرفة مستقبلك؟".
رفعت ورغانا كتفيها ونظرت الى لوران قائلة:
" الأفضل أن تترك الزا تحضر الأكل , ألا تريد رؤية والدتي والحديث معها عن مشاريعك؟".
" بالفعل فقد جئت للحديث معها... ومعك أيضاً".
" لا علاقة لي بهذا الموضوع وأرجوك أن تستعجل الحديث مع والدتي لأنها قلقة".
" فعلاً؟ أعتقد أنك أنت مصدر قلقها الوحيد".
" ماذا تقصد بهذا الكلام؟".

Rehana 12-09-11 07:42 PM

" تكهني؟".
ثم التفت الى الزا واقفاً وقال:
" سأعود وأطلب منك قراءة مستقبلي فيما بعد".
" بكل سرور".
وأنهمكت الطباخة في لملمة أوراق اللعب بينما لاحظت مورغانا أن ملكة القلب تأخذ مكاناً مهما في توزيع الورق على الطاولة , وبكل سذاجة كانت تأمل أن تكون ايلين قد أنهت زيارتها لكنها كانت في الممر تودع السيدة بينتريث وشعاع من نور الشمس يلتمع على شعرها الكستنائي , وبغريزتها الأنثوية احست مورغانا وكأن بارقة أعجاب تملكت لوران , بينما ألتفتت الوالدة مدهوشة بأتجاه ابنتها:
" الزا كانت تقرأ له الحظ في الورق".
" كم هذا جميل , أوه آنسة دونليفين أقدم لك ابن عمنا لسيد لوران بينتريث".
تقدمت ايلين مبتسمة بأتجاه الشاب الوسيم:
" أوه .... لكننا التقينا قبل الآن على ما أظن , ألم تكن في حفل أستقبال لندسي فان كوسين في موناكو في سهرة رأس السنة؟".
" فعلاً , أنا لن أغفر لنفسي أنني نسيتك".
منتديات ليلاس
كانت يده قد امتدت لتسلم على الفتاة تاركاً يدها في قبضته بينما استدركت ايلين ضاحكة:
" لكنك كنت مشغولاً جداً مع لندسي وكيف لا؟ وهي رائعة الجمال ووافرة الغنى , انكما ثنائي رائع".
" حتى الآن ما ازال وحيداً ,ولندسي هي شقيقتي من أمي ".
" أذن أنت...".
" نعم أنا لوران فان كوسين هل تعرفين اسمي الآن؟".
" كيف لا ؟ فوالدي لا يفتأ يحدثني عن أعماله العديدة مع شركائكم , يا الهي كم سيفاجأ حين أخبره بذلك".
تدخلت مورغانا فجأة فهذا الحديث لم تفهم منه شيئاً , ومن هو هذا الرجل؟.
" أذن أنت لست ابن عمي لوران بينتريث , فمن تكون؟".
أنا لوران بينتريث فان كوسين , فعندما تزوجت والدتي من جديد طلب مني عمي منذ عدة سنوات أن اقبل بأخذ أسم عائلته وبما أنني أكن أحتراماً كبيراً ومحبة عظيمة قبلت ذلك, هل يكفيك هذا الشرح؟".
" طبعاً لا! هل لك أن تثبت هويتك؟".
" لقد أبرزت كل أوراقي لكاتب العدل وأذا كنت تعتقدين أنني أنتحل شخصية وهمية لأرث هذا النزل الذي لن تأتيني منه إلا المتاعب فأنت مجنونة".
تدخلت ايلين قائلة:
" كوني لطيفة معه يا مورغانا , فشيء جميل أن يكون في العائلة مليونير".
" مليونير, أأنت مليونير؟".
" نعم".
" وتريد مع ذلك حرمان والدتي من مصدر عيشها الوحيد؟ الناس أمثالك يشعرونني بالغثيان".
" عظيم جداً ,لكن ذكريني يوما أن أقول لك ماذا أفكر بالناس أمثالك".
ثم التفت الى ايلين مكملاً:
" لا تؤاخذينا على هذه المشاكل العائلية الصغيرة".
" لا , لا أبداً , وعلى كل يجب ألا تؤاخذ مورغانا على كلامها فهي مضطربة مع كل المشاكل التي تحصل ,ثم هل ستبقى قليلاً هنا , فأهلي سيسرون جداً بدعوتك على العشاء".
وقبل أن يجيب لوران على هذه الدعوة نظر الى مورغانا بتمعن ثم قال:
" نعم , سأبقى".
كان قلبها يخفق بشدة وينقبض لهذه التطورات المزعجة فقفلت عائدة الى القاعة الكبيرة , فالذي يحصل ليس تحدياً عادياً وبسيطاً , أنها الحرب.

ندى ندى 14-09-11 03:32 AM

كتير كتير حلوه

Rehana 14-09-11 05:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 2869724)
كتير كتير حلوه

الاحلى مرورك ياندى

Rehana 14-09-11 05:47 PM


4- أريدك لي....



تجاوزت مورغانا رواق البهو ووقفت أمام النافذة , هل هذا معقول؟ كانت تقول لنفسها ,فمنذ أقل من أربع وعشرين ساعة كانت تقف في المكان نفسه قلقة , ومنتظرة وصوله ... الحديقة كانت أمام عينيها كمدى لا يحد أتساعه , بينما أمام النافذة مجموعة أوراق بدأ اليأس يدب فيها لكنها ما تزال معلقة على أغصانها ترفض السقوط... كم معها حق!قالت متمتمة ... بينما في الممر كانت ضحكة ايلين مسموعة تثير في نفسها الغضب ...
"لا , لا , كيف علي أن اتمالك أعصابي".
لكن هذا الرجل يتصرف وكأنه عالم بما يثير الغضب ... وفجأة سمعت الباب يفتح ويغلق بسرعة, فأعتقدت أنها والدتها , أرادت الكلام وهي تلتفت لكنها فوجئت بلوران :
" أين والدتي؟".

Rehana 14-09-11 05:53 PM

" في صالة الطعام ,قلت لها أنني أريد التحدث معك".
" لكي تسمع اعتذاري".
" لا أعتقد بالمعجزات , فأنت معبأة حقداً وغضباً , أليس كذلك؟وتطلبين أنصياعاً كاملاً واعمى لكل أوامرك , كل هذا لا يجعلك سعيدة يا مورغانا , ثم لو كنت وحدك تتألمين لما قلقت لذلك , لكن هناك والدتك , ألا تفكرين بها؟ أنها تقلق وتعيش في وهم انتظار ما ستفعلينه أو تقولينه".
" لكنني لا أحمل هماً غير همها فأنا لا أفتأ أفكر بها وبمصيرها , وكيف اساعدها".
" في هذه الحال اراك تسلكين أسوأ الطرق لمساعدتها , ثم أيتها العفريتة الصغيرة أنا لم أضع ذلك البند في الوصية , فبالنسبة الي هو خطأ فادح وهدر لوقتي ومالي".
" آه , كنت أعرف أنك ستلمح الى مالك , أنا آسفة ربما كان علينا أن نستقبلك بطريقة أخرى ونعاملك كالملوك , لكن عليك أن تعلم شيئاً ! هو أنه في منطقتنا لا نقيم الأنسان بما يملك بل بما هو عليه".
" لقد لاحظت ذلك , على كل هل لك أن تعرفي ماذا يقولون عن المرحوم والدك؟".
نظرت اليه مورغانا مطولاً ثم بصوت مخنق صرخت في وجهه:
" انك حقير".
وأجهشت بالبكاء .
" لقد قلت لي ذلك سابقاً".
أستدار لوران بينما كانت مورغانا تبحث عبثاً عن محرمة لدموعها , وعندما هدأت ناداها طالباً منها الجلوس للحديث فأجابته:
" لقد تحدثنا بكل شيء على ما أظن".
" بالعكس لم تبدأ بعد , فهل تريدين المجيء الى جانبي أم أحضرك بالقوة؟".
منتديات ليلاس
تقدمت بصعوبة الى جانبه ثم جلست على مقربة منه فنظر اليها نظرة استحسان ثم بدأ حديثه:
" عظيم , لكي نبدأ , فقد قررت أن أقبل دعوة والدتك , خاصة أنه ليس لدي الوقت الكثير , من الأفضل أذن أن أكون متواجداً هنا , حتى أضع كل مشاريعي قيد التنفيذ".
شعرت مورغانا وكأن لحظة الحقيقة قد أتت فعلقت فوراً:
" ومتى يجب علينا أن نرحل؟".
" ومن طلب منكما الرحيل؟".
" لا أدري , لكنني أعتقد أن هذا هو المنطق".
" ستفاجأين بما عليك أن تقومي به , فلنتصرف كأناس واعين وليس كأعداء".
وفي هذه اللحظة دخلت الوالدة الى القاعة معتذرة وشارحة أن الآنسة ميكنز تشكو من تعطل زر الكهرباء في غرفتها.
" ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك , وقد حاول كهربائي البلدة عدة مرات تصليحه لكنه لم يفلح".
علق لوران معلقاً:
" تحتاجون لعبقري في الكهرباء لكي يصلح التمديدات الكهربائية في هذا المنزل , أو ربما تغييرها برمتها".
تنهدت الوالدة قائلة:
" معرفة الشيء ليست مثل تنفيذه, وللأسف كل هذه المشاكل تأتي سوية فالحكومة هذه الأيام تريد زيادة شروط السلامة والأمانة من الحريق في الفنادق".

Rehana 14-09-11 05:54 PM

غرق لوران قليلاً في تفكيره قبل أن يقول بكل لطف وهدوء:
" سيدة بينتريث هل تحبين هذه المهنة؟".
ابتسمت الوالدة وأجابت:
" في الحقيقة.... نعم , لا بل كثيراً ,فأنا لا أحب المسائل المالية وغيرها لكنني أحب الناس والأهتمام بهم ,حتى الناس ذوي المراس الصعب كالآنسة ميكنز مثلاً... على كل أنها وحيدة وأشعر أنها تعيسة جداً".
" في هذه الحال أرجو أن تسمعي جيداً ما أعرضه عليك... هذا البيت أكبر من أن يكون بيتاً عائلياً , ومن جهة ثانية لم يتح له كمؤسسة أن يصبح مشروعاً تجارياً لذلك فأنا أفكر بتغيير كل هذا".
رفعت مورغانا حاجبيها مستغربة:
" تقصد القول أنك ستبقي على الفندق؟".
" ليس هذا بالضبط , مجموعة شركات تملك كذلك سلسلة الفنادق السياحية ولا أريد ربط هذا الفندق بها , فهذه المنطقة من انكلترا لن تصبح يوماً منطقة سياحية , لكن مشروعي هو التالي:
- سأجدد البيت بكامله من التمديدات الكهربائية الى التدفئة المركزية الى الهندسة والتزيين الداخليين دون أن امس بشكله وخصوصياته .و, وهكذا يستطيع هذا المكان أن يعمل كفندق عادي طيلة أيام السنة ويمكن بعدها أن يستجلب الزبائن عندما تحصل هذه التغييرات , ولكن لدي شرطاً أساسياً , وهو أن يحظى مستخدمو شركتي بالأولوية في الحجوزات وفي الحقيقة أعتقد أنهم سيكونون في بعض فترات السنة الزبان الوحيدين في الفندق".
لم تتمالك السيدة بينتريث من كبت دهشتها والقول:
- " لم أفهم جيداً ما تقصده؟ هل تريد أن يصبح الفندق نزلاً خاصاً لمستخدميك؟".
- " الى حد ما نعم, وأتصور أنني سأقوم بعقد ندوات ومحاضرات هنا لأن المكان مناسب للتفكير والتأمل بدون شكليات الحياة المدنية , فهذا المكان يبدو لي مثالياً , وبعيداً عن حياة المدنية السريعة والصراع اليومي للعيش , والمستخدمون سيجدون فيه الراحة والهدوء".
" نوع من الجنة الهادئة للموظفين المتعبين؟".
علقت مورغانا بسخرية , بينما لم يحمل لوران عناء النظر اليها , وأكمل كلامه موجهاً كلامه للوالدة:
" أذن ما رأيك بفكرتي هذه ؟ هل تروق لك؟".
" تماماً , نعم, لكن يمكن أن تخلق مشاكل بين زبائن الفندق العاديين وزبائن مؤسستك , ربما الأفضل حجز غرف دائمة لموظفيك ,لكن هذا لا يعنيني على كل حال".
" بالعكس فمثل هذا المكان يحتاج شخصاً خبيراً لأدارته , امرأة مثلك تستطيع ارضاء الجميع لذلك أعرض عليك هذه الوظيفة وأتمنى من كل قلبي أن تقبليها".
تدخلت مورغانا غاضبة:
" لن تقبل أبداً, أنها اهانة , كيف تجرؤ على عرض وظيفة على والدتي في بيتها هي؟".
" ليس في نيتي أبداً توجيه اهانة لأحد , صدقيني يا سيدتي فأنا أعتقد أن هذا هو الحل المثالي لكل مشاكلك , هل اخطأت في هذا العرض؟".

Rehana 14-09-11 05:56 PM

كان لوران يسأل السيدة بينتريث دون أن ينظر أو يلتفت الى مورغانا , وكأن كل ما يقوله لا يعنيها بل يعني السيدة الوالدة التي أجابت:
" أبداً , لكنك فاجأتني بهذا العرض , هذا كل شيء , فهل تسمح لي بالتفكير ملياً؟".
" خذي كل الوقت الذي تريدين".
" ليست بحاجة للوقت , كما ليست بحاجة الى احسانك".
علقت مورغانا على كل ما يجري بين ابن عمها ووالدتها بغضب واضح , بينما تمالك الشاب اعصابه مجاوباً:
" ليس في نيتي الأحسان اضافة الى أنها ستتقاضى راتباً عن عملها , ويصبح لها الحق بالتقاعد حين تريد مع مكاسب مادية أخرى".
" مكاسب, أية مكاسب حين تصبح خادمة في بيتها؟".
" وماذا كانت تفعل منذ أن أصبح هذا البيت فندقاً؟".
ثم التفت الى الوالدة قائلاً:
" كما قلت لك لديك الوقت كله للتفكير , ولا تتأخري في سؤالي عن أي شيء يطرأ على بالك , فأنا مستعد دائماً للأجابة".
كانت مورغانا تنظر الى والدتها بدهشة متألمة ثم تقول:
" أمي لا أظن أنك ستقبلين هذا العمل؟ أليس كذلك؟".
" أفكر جدياً بذلك يا عزيزتي , فمن العبث أن أرفض , فأين أجد عرضاً مهماً مثله في الوقت الحاضر ... على كل أعتذر لأنني سأذهب لمساعدة الزا في المطبخ".
منتديات ليلاس
ساد صمت طويل بعد خروج الوالدة ثم استعاد لوران الكلام بكل هدوء قائلاً:
" يبدو أنك متأكدة أن قرارها سيكون لمصلحتك".
" لا , ولكن لمصلحتها هي".
" ارجوك تناسي كل ما تكنينه من تقييم مسبق اتجاهي ولو للحظة واحدة, وقولي لي ماذا لديك من عروض أفضل تقدمينها اليها؟ ثم أذا رحلتما غداً فأين تذهبان؟".
" بدأت البحث عن عمل".
جاوبته بنظرة متعالية وأكملت :
" هناك دائماً طلبات للعمل في الجرائد , يكفي الأنتظار قليلاً حتى أجد عرضاً مناسباً".
" بالفعل, ولكن لا أحد يعرف كم من الوقت ستنتظرين حتى تجدي ما يناسبك , ثم أن أمك ستقتلع من مكانها المفضل ومن محيطها وستجبر على السكن مع غرباء , فهل هذا ما تأملينه لها؟".
لا , ولكن لا أتمنى أن نصبح مدينين لك بشيء".
" لماذا , لأنك لا تستلطفينني ؟ أم لأنك لا تثقين بي؟".
" للسببين معاً".
أنفجر لوران ضاحكا عند سماعه هذا الجواب ثم علّق:
" بالنسبة لأستلطافك لي فأنا لا أستعجله ولا أطلبه , أيتها العفريتة الصغيرة , أنه شعور فاتر لا معنى له أما الثقة فستتعلمينها لاحقاً".
صمتت مورغانا للحظة ثم قالت:
" لماذا لم تقل الحقيقة سابقاً؟ لماذا لم تصرح منذ البارحة عمن تكون؟".
" ما الفرق في ذلك ؟ فقير أو غني , سأبقى الوارث الشرعي لأملاك والدك وكما برهنت لي بوضوح الآن , فالغنى لا يسهل الأشياء , ثم كان من الممكن التعرف علي".

Rehana 14-09-11 05:58 PM

" وكيف ذلك؟".
" من خلال الصحف والمجلات فهي تنشر أحياناً صورتي".
أجابته بسخرية:
" لا أشك بذلك ولكن ربما في الصفحات المالية فقط".
" للأسف لست مسؤولاً عن قرارات رؤساء التحرير لذلك فضلت المجيء خلسة الى هنا , فلو عرفت المجلات والصحف بهذه القصة لكان محرروها نصبوا خيامهم على شبابيك البيت".
" ضريبة المجد!".
أكملت بلهجتها الساخرة , أما هو فقال:
" كل شيء له ثمن ! وأتساءل ما هو ثمنك؟".
انتفضت مورغانا وكأن كهرباء لسعتها عند سماعها هذه الجملة وردت بلهجة عنيفة:
" لست للبيع , وأذا كنت تعتقد أنك ستشتري والدتي فلن تنجح معي , ثم لا تهمني كل المشاريع التي عرضتها , على كل حال لن أكون هنا لأشهد تنفيذها".
" يا للأسف! ألا تريدين رؤية الفندق وقد عاد اليه رونقه وجماله؟".
" ستجعل منه قصراً من زجاج وبلاستيك بدون روح أو حياة , أنت لا تملك أحساساً صادقاً اتجاه البيت , وهذا طبيعي بالنسبة اليك , فأنت لم تولد وتربى هنا ولم تحبه طيلة حياتك".
" مهما يكن سأجعل منه شيئاً مهماً".
" تستطيع بيعه في جميع الأحوال".
" حقا , وهل تشترينه أنت؟".
" ليس لدينا المال الكافي لذلك , وأنت تعلم جيداً وضعنا , لكن هناك من يهمه الأمر , عائلة دونليفين مثلاً فهي التي أشترت منا المزرعة في الماضي".
" عائلة الجميلة ايلين".
جاوبها بسخرية واضحة وأكمل:
" لكن هذا البيت يجب أن يبقى ملكاً للعائلة , اليس كذلك؟".
" وماذا تعرف عن العائلة؟ أنت لا تستعمل اسمها حتى!".
" أنه مكتوب على شهادة ميلادي .... ثم أنت لا تحتكرين الضغينة والأحكام المسبقة يا آنسة ينتريث دوبولزيون , فأنا لم انشأ على الحب الكبير لهذا البيت أو لسكانه".
" حسنا , أنك تأخذ الآن بثأر جدك!".
" لكان طار من الفرح لو حضر هذه المناسبة! وعلى فكرة لماذا لا نتناول الطعام في مكان آخر فأنا أريد التحدث عن المشاريع المقبلة مع والدتك وحضور الزبائن على الطاولة هنا يزعجني".
" حسنا , نحن نتناول الطعام أحياناً في المطبخ... لكن هناك الزا , أنها على كل حال جزء من العائلة وتهتم بكل مشاكلنا , لكن ذلك يبقى مزعجاً بالنسبة اليك!".
" لا أبداً, في جميع الأحوال فأن قراراتي تعنيها هي أيضاً".
" ليس بالضرورة , فهي تستطيع ايجاد عمل بسهولة".
" ليس لها أن تفتش عن عمل , بل تحتاج الى مساعدة هنا".
" تفعل حسناً لو تستشيرها قبلاً , فطبيعتها مختلفة كما تعرف ".
" وهل غيّر مجيئي طبيعتها أم لا أستطيع الجلوس على طاولتها بعد؟"
رفعت مورغانا كتفيها بهزة صغيرة وأردفت:
" أذا كانت قد قبلت حتى الآن أن ترى المستقبل فهذه بادرة حسنة , فهي تحب رؤية الكوارث أحياناً".

Rehana 14-09-11 05:59 PM

" بالعكس لقد رأت لي مستقبلاً غنياً وحباً عنيفاً".
" هذا ليس بالغريب أو المستهجن , فأنت لا توحي بالفقر ولا بالتعاسة مع النساء ".
كانت مورغانا تقول جملتها وتتذكر ملكة القلب في الورق على طاولة المطبخ , عندما فاجأتهما والزا تقرأ له المستقبل.
" أذن أشكرك على كل هذا المديح , هل سنذهب لرؤية والدتك الآن أم لا".
" لحظة بسيطة يا سيد لوران بينتريث فان كوسين , فلدي بعض الأسئلة أطرحها عليك".
" كليّ آذان صاغية".
" ألم تخبىء عنا بعض التفاصيل التي تخصك , كزوجة ودزينة أطفال مثلاً؟".
" على حد علمي , فأنا لست متزوجاً ,هل أكتفيت؟".
" لا يهمني ذلك حتى ولو كان لديك مئات النساء ! كل ما أريده هو الحصول على أجوبة صادقة , لأنني لا أثق بك , فأنت رجل أعمال ولست رجل احسان وعرضك الذي قدمته لوالدتي جميل جداً , لذلك لا بد أنك تخفي شيئاً وراءه".
" أنت دقيقة وذكية جداً".
" أنت تعترف أذن؟".
" لقد طلبت مني أن أكون صريحاً , أليس كذلك؟ فعرضي هو عقد متكامل , أريد أن تبقى والدتك في أدارة هذا الفندق والزا في أدارة مطبخها وأنت أريدك لي".
منتديات ليلاس
أنتفضت مورغانا ملتفتة بتمعن الى ملامحه الهادئة , ثم قالت بغضب:
"ابداً , فأنا لست للبيع".
" لن اشتري شيئاً , ستعطيني فقط ما أريده منك".
" أنت مجنون , لن أسمع منك شيئاً بعد هذا الكلام".
ثم اتجهت الى الباب لكن لوران بحركة سريعة قطع عليها طريق الخروج ماداً يده القوية أمام وجهها , فأرتعشت لأقترابه منها لكنها صرخت:
" اتركني".
" عندما أقرر ذلك , أنا الذي آمر هنا".
" لن تأمرني أبداً , والآن ابتعد عن طريقي".
" ستغيرين رأيك , سترين".
" أبداً,أ ما الآن فدعني أمر".
" لست مقتنعة تماماً , وللأسف لا رغبة لي الآن بتركك , ثم لو أنك صادقة مع نفسك لأعترفت بأنك لا تريدين أن أتركك".
لم تعجبها هذه الكلمات فتمتمت في وجهه بوحشية ظاهرة:
" اتركني قلت لك".
اقترب منها , حرارته ورائحة الرجولة فيه جميعها كانت تلهب مشاعر مورغانا وتشعر بأن دمها يتدفق بسرعة غريبة في شرايينها , وأنفاسها تتتابع لاهثة ... معه حق فهي تريد الأقتراب منه أكثر, أن تأخذه بين ذراعيها , هذه الأفكار التي تتابعت في رأسها جعلتها خائفة ومرعوبة فأنتفضت متراجعة الى الوراء.
" يبدو أن علاقاتك السابقة غيرت الكثير من القيم عندك والآن دعني أمر لأن لدي الكثير من الأعمال بأنتظاري".

Rehana 14-09-11 06:00 PM

لم يحاول هذه المرة ايقافها أو منعها من الخروج فركضت مسرعة بأتجاه غرفتها ولأول مرة في حياتها أقفلت الباب بالمفتاح ,كانت ركبتاها ترتجفان وقلبها يخفق بشدة فأستندت الى الحائط لتحفظ توازنها , فهذه هي المرة الأولى التي تشعر فيها بعنف الرغبة بهذا الدفق الطاغي من الأحاسيس وهذه الحقيقة كانت تخيفها حتى الأعماق . وبهدوء وروية رفعت عينيها بأتجاه المرآة وكأنها تنظر الى وجه آخر غير وجهها , فهي لم تعد كما كانت قبل ساعات أمام هذه المرآة نفسها تسرح شعرها وتزين وجهها ...ما ستفعل؟ الهرب... أنه الحل الوحيد , فهي لن تترك لمشاعرها أن تسيطر عليها , أنها فكرة لوران , لكن قلبها يقول العكس ولا تستطيع نكران ذلك.
رفعت كم الكنزة التي تلبسها ورأت علامات أصابع الشاب مطبوعة على زندها ,وكأنها علامات أبدية.
" لم يمتلكني ولن يستطيع أبداً".
قالت لنفسها وهي تفكر من الغضب , يجب الأبتعاد عنه وألا خانت نفسها وفقدت كل احترام كان لها حتى الآن , فهذا الرجل يستفيد من كل اظروف , موت الوالد , وفقدان النزل وهذا العرض المغري لوالدتها جعله في موقع قوة وجعلها في موقع ضعف بلا دفاع , أنه حقير , نذل .... بعد الظهر ستنزل الى القرية وتشتري كل الجرائد مفتشة فيها عن عروض عمل , ليس لديها الوقت لتضيعه , يجب أن تقاوم وبسرعة , لكن طرقات على الباب أرجعتها الى الواقع.
" من , من هناك؟".
" أنا يا عزيزتي".
كان صوت الوالدة القلق جاء يهدىء قليلاً من روعها .
" لحظة".
قامت مورغانا تفتح الباب الذي أغلقته عند دخولها لتدخل والدتها مندهشة:
"لقد أغلقت الباب بالمفتاح ؟ لماذا؟ ما بك؟".
" لا شيء , شعرت بألم في رأسي وأردت الراحة".
" هل كان لوران هو السبب ؟ لماذا تأخذين مزاحه على محمل الجد؟".
" لا أحبه , نعم لا أحبه ولا أطيقه , هذا كل شيء , لكنني أعدك بأنني سأتحمله من الآن حتى رحيلي من هذا البيت".
" رحيلك؟ ماذا تريدين أن تقولي؟".
" مستقبلك أصبح مؤمناً , أما أنا فعلي أن أفكر ماذا سأفعل يا أمي".
" لكن لديك عملاً هنا , ألم يقل لك لوران ذلك؟".
" آه بالطبع , وذلك لن يغير شيئاً , فأنا لا أريد البقاء هنا , وهو يعرف ذلك تماماً".
" أنه لا يعرف شيئاً فهو يعتقد أنك ستبقين هنا وتعملين معي , وهذا ما يسميه على ما أظن( العقد المتكامل)".
" أعرف لكنني سأرحل".
نظرت مورغانا الى والدتها المدهوشة ثم زفرت قائلة:
" ماذا هنالك أيضا يا والدتي؟".
" حسناً أظن أنك لم تفهمي الأشياء جيدا , أعني أن لوران يريد أن يبقى كل شيء على ما هو عليه كما في السابق , فهو يحب البيت وأجواءه , هل ترين ما أعني؟".
" أنت التي تعرفين كيف تعيدين هذه الأجواء وليس أنا".
" لكنك لم تفهمي بعد , أنه يريد الجميع في مكانه المعتاد , أنا والزا وأنت وألا فلن يقبل بتوظيفنا , أي ثلاثتنا أو لا أحد".

Rehana 14-09-11 06:00 PM

" يا الهي....".
"لا تخافي يا ابنتي فهو عقد لسنة واحدة فقط , السيد تريفيك يحضر العقد ولوران يحاول أن يكون لطيفاً , ثم بالنسبة اليك فهذه السنة مهمة , حتى يتسنى لك التفكير بمستقبلك".
" هه... هذا كرم منه... وتعتقدين أنها مشاعر صافية وبريئة".
" عزيزتي أسمحي لي أن أقول لك أنك قاسية جداً معه ".
ماذا تستطيع القول ؟ هل تصارح والدتها بأنه يريد اغواءها؟ فكرت قليلاً ثم قطعت الوالدة تفكيرها قائلة:
" ألا تريدين أن تجربي؟ من اجلي ابنتي ,حاولي".
سكتت مورغانا والمشاعر تمزقها وهي تنظر الى وجه أمها القلق التعب , ثم تنهدت:
" حسنا , سأحاول , أعدك بذلك".
" ليباركك الله يا ابنتي , لن تندمي على ذلك , أنا واثقة, أما الآن فهيا معي لأن لوران يريد أن يتحدث الينا".
وبدون كلمة واحدة تبعت مورغانا والدتها الى حيث كان ينتظرهما لوران في القاعة الكبيرة , فأفسح المجال لمرور السيدة الوالدة ثم أخذ الفتاة من ذراعها موشوشاً في أذنها:
" لقد ربحت الجولة على ما أظن".
" ولكن لم تربح اللعبة كلها , فأنا لا أزال أقاوم".
" أنا لا أطلب أكثر من ذلك , فالأنتصار النهائي سيكون لذيذاً".
" لأحدنا".
وبحركة سريعة أمسك لوران بشعرها مجبراً أياها على التطلع اليه, أرادت الصراخ من الألم لكنها تمالكت أعصابها وأظهرت حقدها عليه بينما هو يصر على أسنانه قائلاً:
" لنا نحن الأثنين , أيتها الجنية مورغانا".

Rehana 14-09-11 06:02 PM


5- شروط المواجهة

كان غداء ممتعاً فالبط المطبوخ كان مطهياً كما يجب وكعكة التفاح مع صلصتها السكرية كانت لذيذة , لكن مورغانا كانت تبلع لقمتها غصباً عنها دون أن تتذوق أو تشعر بلذة ما تأكله , بينما عيناها تتركزان بين فترة واخرى على لوران الجالس أمامها , فهو لم يتوقف عن استخدام كل وسائله لأغراء السيدة بينتريث وأقناعها بطرقه غير المباشرة بأن نواياه سليمة , فحديثه المفصل عن مشاريع البيت لا تخلو من الأهمية ومن حسن الأطلاع, لكن مورغانا بالرغم من ذلك لا تستطيع أخفاء حقدها عليه.
" الكثير من الغرف تحتوي على خزانات كبيرة جداً , هذه مساحات غير مستعملةنستطيع تحويلها الى حمامات داخلية".
قاطعته مورغانا ساخرة:
" أليس الأفضل هدم البيت وبناؤه من جديد؟".
لكنه لم يحمل عناء الرد عليها وأكمل:
" سأستقدم بول كروسبي , أنه أحد خبرائنا المعمارين وهو جدير بمهنته , بالطبع سأطلب منه احترام مواصفات هذا البيت".
" سنكون شاكرين لهذا الجميل....".
علقت مورغانا بسخرية لئيمة فتداركت الزا الموقف قائلة:
" هل تريد بعض الحلوى , سيد بينتريث؟".
" لا شكرا يا الزا , فلدي عمل كثير بعد الظهر وعلي أن أنهي زيارة البيت".
فتدخلت الوالدة:
" مورغانا ستسر على ما أظن بتعريفك بما تبقى من اقسام البيت ".
" وهل هي ضرورية هذه المهزلة؟ فأنت تعرف أن البيت ملكك , ما عليك إلا أن تزوره وحدك".
علقت مورغانا بقساوة لكن لوران كان يبدو عليه الأصرار:
" أنت تعرفين تاريخه على الأقل , أما أنا فلا".
" عندي اشغال أخرى".
" في هذه الحال ما عليك إلا أن تلغي كل أشغالك , فكري قليلاً , كلما عجلت بزيارة عجلت كذلك في الرحيل , علي أن أكون في السويد الأسبوع القادم".
" وماذا يهمني من كل هذا؟".
ثم وقفت لتخرج من المطبخ , لكن لوران استدركها في الممر:
" فخورة بما تفعلين؟ أليس كذلك؟ لكنك لا تدركين أن كلماتك لا تؤذيني بل تؤذي والدتك , فكيف تقولين بعد ذلك أنك تريدين اسعادها؟".

Rehana 14-09-11 06:03 PM

" كل ما تريده هو أن ابقى هنا , حسناً , ولكن ليس لدي طريقة اخرى أقنعك بها أنني لا أطيقك".
" أقنعي نفسك أولاً".
" أنت مغرور بلا حدود".
" وأنت كاذبة بلا حدود , على كل لنضع هذه الخلافات الصغيرة جانباً الآن , فأنا أريد فعلاً زيارة أقسام البيت الأخرى".
نظرت اليه نظرة استخفاف ثم سبقته في صعود السلالم وهي تقول:
" ماذا تريد أن نفعل بهذا البيت؟ صالون تجميل ! أم ماذا؟".
" أنني أقدر كثيراً أفكارك النيرة , لكن في الوقت الحاضر لا أفكر ألا بكيفية تحويل شقة كبيرة لك ولوالدتك في هذا البيت".
" تخاف أذن أن نزعج زبائنك؟".
" بالعكس , أريد فقط ألا يتدخل أحد في شؤونكما , أم أنك تفضلين هذه الحالة؟".
منتديات ليلاس
كانت تريد أجابته ب ( نعم) فقط لمعارضته لكنها لم تستطع , فالفكرة جيدة , لا بل هذا ما تحلم به".
" انه شيء حسن أن نكون في شقة منفصلة عن الزبائن , والدي كان يحب لستقبالهم في جو عائلي , لكن ذلك غير مستحب دائماً ".
" حسناً , ها نحن متفقون على نقطة واحدة على الأقل , لكن ماذا عن الغرف الفوقية؟ ماذا تستفيدون منها؟".
" لا شيء ,. أننا لا ندخل اليها مطلقاً فهي تستخدم كغرف محفوظات منذ زمن طويل".
وصعدا معا على السلالم المتعرجة الضيقة التي تقود الى تلك الغرف , بينما كان لوران يخفض رأسه حتى لا يصطدم بالعوارض الخشبية القديمة :
" هذه العوارض ملأى بالحشرات على ما أظن؟".
فأجابته مورغانا:
" بكل تأكيد, أنتبه فالباب منخفض هنا أيضاً".
" عليك ألا تنذريني , فليس أحب اليك من رؤية الدماء تنزف من رأسي".
كانت الغرفة الأولى محتوبة على أثاث مليء بالغبار , فألقى الشاب نظرة سريعة ثم قال:
" لا بد أنها أيضا مليئة بالحشرات , ربما من الأفضل حرقها؟".
" يجب ألا تفعل ذلك فربما كانت ذات قيمة ".
" لو كانت كذلك لبيعت منذ زمن , أما أذا احببت تقييمها لوحدك , فلك ملء الحرية".
" ربما معك حق".
" أي اعتراف هذا ! فلو أحرقتها لن تتهميني بأنني انسان قاس وبدون قلب؟".
قالها بشيء من السخرية:
" كل أتهاماتي لك , لن تغير شيئاً من قراراتك".
" يسرني أنك بدأت تفهمين وجهة نظري , هذه الغرفة واسعة جداً , فهل الباقيات كذلك؟".
" أذا كانت ذاكرتي جيدة , فنعم, لكن الأثنتين الآخرتين صغيرتين على ما أظن".
" اذن نستطيع تحويلها الى مطبخ وحمامات؟".
" لم لا؟".

Rehana 14-09-11 06:04 PM

لكن في هذه اللحظة طرأت على بالها صورة المستقبل الذي ما تزال تشك به , شقة خاصة! ولكن الى أي حد؟ وهل سيكون هو قيها؟ أين سينام عندما يأتي الى الفندق؟ كانت تستعرض هذه الأسئلة في رأسها وهي مطرقة الرأس بأتجاه الأرض المغبرة الوسخة , ولم ينبهها الا صوته قائلاً:
"أراك عصبية الآن؟".
" بالفعل , فأنت المسؤول الوحيد الآن , وأنا غير متعودة على هذا النوع من العلاقات أو الأوهام".
" لا أعتقد أنني أوهمك بشيء حتى الآن , ما بك؟ يا مورغانا , ألم تشعري حتى الآن أن رجلاً قد يريدك؟".
" لم أقل العكس".
" لقد أرحتني الآن".
" عرضك يثيرني , لكنني لا أريده , فحياتي الخاصة ملك لي وحدي ولا تخصك أبدا".
" حياتك الخاصة؟ هل تقصدين روبير دونليفين أم العديد غيره من معذبي حبك؟".
" من قال لك عن روبير؟".
" أوه , لا بد أنني سمعت اسمه في أحد الأحاديث".
" طبعاً , فالتجسس من طبعك".
" أذا أردت , أو بالأحرى, أحب أمتلاك المعلومات التي تفيدني".
" لا أرى كيف يدخل موضوع روبير في ما يفيدك؟".
" لا يفيدني , بالعكس , فكل ما أريده هو أخذ صديقته منه , هل هذا الشرح كاف؟".
" لن أسمع هذا الكلام السخيف , ثم أن أراءك لا تسليني مطلقاً".
" وأنا أيضاً , فهدفي ليس التسلية , أنني جاد في ما أقول".
والتقت نظراتهما بينما كان قلب مورغانا يخفق بشدة وسرعة .
وتابع:
" اذا احببت الأطمئنان , فأعلمي أن هذه الشقة ستكون لك ولوالدتك فقط , هل أنت راضية الآن؟".
" نعم".
ابتسم لوران ابتسامة واثقة واتجه الى الغرفة الأخرى , بينما كانت الفتاة تتبعه بخطى متأرجحة , فهي لا تعرف ماذا يجري وكيف , ثم هذه التطورات السريعة تجعلها تفاجأ بتقلبات مزاج هذا الشاب الغريب , أنها لا تفهمه فكيف يصعقها بنظرة واحدة ثم يغرق فجأة في تأمل العوارض الخشبية؟ وفجأة سألها لوران عن اللوحات المصفوفة على الجدار:
" ما هذه اللوحات؟ هل هي أيضا لأفراد العائلة؟".
" لا أعتقد , أنها لوحات عن الطبيعة أو الخيل والكلاب ,ولقد أحتفظنا بها لقيمة أطاراتها فقط".
نظر اليها بأمعان وتفحص كل واحدة منها , ثم قال لمورغانا :
"أسمحي لي أن أعرفك بالجد الكبير بينتريث , جدي أنا وليس جدك أنت , فهو كان قد رحل على ما أظن بعد الخلاف الكبير ".
" بدون شك".
قالتها وهي تنظر الى الوجه الشاب على اللوحة الذي يشبه مرافقها بكل ملامحه , كانت تنتظر تعليقا ساخراً من لوران , لكنها وبصوت هادىء وجدي قالت:
" هذه المشاكل العائلية , كم كانت سخيفة , تبدأ ولا يفكر أحد بأبقافها ووضع حد لها, واتساءل ما اذا كان اجدادي يتذكرون اسباب تلك الخلافات".

Rehana 14-09-11 06:05 PM

" كان ذلك بسبب امرأة".
علق لوران على حديثها ثم سكت قليلاً قبل أن يكمل:
" لا تفاجأي فجيلنا ليس وحده الذي يحتكر عاطفة الحب ".
" ليس هذا ما أعنيه , أنني أفكر فقط بجدي الذي كان عجوزاً ولم يتخل عن مبادئه الصارمة وكان يحب جدتي حباً كبيراً , لذلك لا أتصور تماماً المغامرات العاطفية التي تتحدث عنها".
" بمعنى آخر لو أردت , جميع المغامرين مع النساء ينحدرون من عائلتي أنا".
" هذا ممكن , على كل حال عائلة بينتريث مشهورة بمغالاتها ".
" وكيف يبرز ذلك؟".
وهنا أمسك بخصلة من شعر مورغانا وأخذ يلاعبها :
" لا يبرز ذلك بوضوح".
" آه, اذن تعتبرين رقصك حول الصخرة شيئاً طبيعياً , أيتها الجنية مورغانا".
" توقف عن تسميتي هكذا , ولم أكن أرقص هناك , ثم لو عرفت أنك كنت موجوداً لما...".
لكنها توقفت عن الكلام ناظرة اليه بتمعن بينما تناول اللوحة قائلاً:
" اريد أن أعلقها في الممر , اذا كان هذا لا يزعجك".
" قلت لك أنني أستسخف هذه الخلافات".
" تريدين الهدنة اذن يا آنسة مورغانا".
" لا".
" حسناً , أذن لن ارضى ألا بأستسلامك بدون شروط".
خرج من الغرفة بينما تفكر بأن تدعه يزور باقي الغرف لوحده ,لكنها فكرت أنها قررت السيطرة على أعصابها , لكي تسير الأشياء على ما يرام, خرجت وراءه وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة وتوجهت اليه:
" لن تجد لوحات هنا , أنها ثياب قديمة فقط وأشياء أخرى".
" أرى ذلك , فالعائلة على ما يبدو لا ترمي شيئاً".
" بلى , ولكن هذه الأشياء تخص جدتي , وبعد موتها وضع زوجها كل أشيائها هنا , آملاً أن يعيد النظر بها يوماً ما , لكن ذلك لم يتسنى له".
منتديات ليلاس
سكتت مورغانا فقد رأت نفسها وهي صغيرة تمر وحيدة في هذا المكان تعبث بأغراضه , تذكرت ذلك الثوب الذي وجدته حينها وكيف لبسته مسرورة , ثم ذلك الحذاء المطعم بالفضة الذي نزلت به تلك السلالم على مهلها خائفة أن تقع اذا فقدت توازنها, وهي ممسكة بأطراف الثوب الطويل , لقد كانت أميرة جدها المحبوبة وكان لا يفتأ يقول لها:
" أنت أميرتي , أميرتي الوحيدة".
اليوم تذكرت تلك الحادثة وكيف غضب جدها عندما رآها بتلك الثياب فوقف صارخاً ,:
" انزعي هذا , انزعيه فوراً, كيف تجرأت على فتح الصندوق؟ لا تقتربي منه بعد الآن".
بكت يومها كثيراً , وجاءت امها تواسيها بلطف ومحبة , كيف يقضي الحزن احياناً على مشاعر اخرى قاسية , ويغير من مسلك الناس , فجدها كان يحب جدتها كثيراً , كانت والدتها تشرح لها أنه لم يتغلب على فقدها الذي كان صدمة كبيرة له:
" لذلك فهو لم يغضب منك أبداً , بل أثرت وأستفززت مشاعره القديمة لشبهك التام بجدتك".

Rehana 14-09-11 06:06 PM

لم يعد أحد بعدها يذكر الحادثة , لكنها بقيت محفورة في ذاكرة مورغانا , ومن يومها لم تقترب من ذلك الصندوق , وعندما أفاقت من ذكرياتها قالت للوران:
"لا بد أنك ترى ذلك عاطفياً جداً؟".
" بالعكس , اقدر العواطف كثيراً , وعندما تكون موجهة جيداً ".
ورفع غطاء الصندوق متعجباً:
" ها هي مئة سنة من الموضة النسائية , فلو رآها احد جامعي ثياب المسارح لطار من الفرح".
" بالفعل فأنا أتصور كل شيء في هذا البيت وكأنه تاريخ".
أنزل لوران الغطاء ونظر اليها:
" اذا أردت الأحتفاظ بشيء فأفعلي".
لكن مورغانا في هذه اللحظة كانت تقشعر لذكرى تلك الحادثة , وتستعيد مع ذلك صوراً جميلة عن علاقتها بجدها وابتسامته الرائعة .
" ما بك؟ هل تشعرين بالبرد؟ الأفضل أن ننزل , سألحق بك بعد قليل , أريد أن القي نظرة على الغرف الأخيرة".
منتديات ليلاس
أسرعت مورغانا بالنزول , فهي تريد أن تتخلص من جو هذه الغرف وأغراضها العتيقة التي تذكرها بأيام لن تستعاد , لكنها أيضاً تريد الهرب من لوران , فكم كانت تحب أن تقول له أنها لا تستطيع تجاهله ,لكنها لا تقدر فهي لا تفتأ تفكر به وبكلامه :
" الأستسلام بدون شرط".
أي غرور هذا؟ قالت لنفسها :
" يعتقد أنه لا يقاوم , لكن لا".
لن تترك له فرصة تحقيق احلامه بهذه السهولة , ستقاومه بكل قوة وتقاوم نفسها أيضاً.
عندما صعدت الى غرفتها كانت جميع هذه الأفكار تضعها في حالة من الغضب والألم , فتناولت فرشاة الشعر وأخذت تسرح شعرها بعصبية :
" لن أكون فريسة سهلة".
قالتها بتحد واضح , وكأنها تحاول أقناع نفسها بأن لوران لم يؤثر على مشاعرها , ورويداً رويداً أخذت يدها تسرح خصلات الشعر بهدوء ونعومة وهي تتساءل بينها وبين نفسها :
" أي علاقة يمكن لي أن أقيم مع رجل مثل لوران؟".
ثم استدركت:
" لا ليس مثل لوران بل مع لوران نفسه , وماذا سأطلب منه أو سأفرض عليه لو قبلت العلاقة؟".
لكنها فجأة انتبهت الى ملامحا في المرآة فأغمضت عينيها بقوة حتى لا ترى تلك التعابير التي ارتسمت على محياها ,لكنها مع ذلك لم تستطع اخفاء ذلك الصوت الداخلي الذي كان يجيب:
" أطلبي ما تشائين , الأرض والسماء...".
كانت ترتجف لهذا الصوت الداخلي في أعماقها , فأخذت يدها وكمت فمها كأنها تريد اخراس كل ما كانت تريد قوله , ثم راحت تردد بأصرار صامت:
" لا , لا , لا , لا أريد أبداً , ولن أجرؤ".
بقيت صامتة طيلة بعد الظهر ,ووالدتها القلقة تسألها بين الحين والآخر عما بها فتجاوبها :
"أنه وجع الرأس...".
وتكمل ما تقوم به وكأنها آلة صماء تردد دون توقف الحركات نفسها وتصغي في الوقت ذاته الى شرح أمها حول مشاريع لوران , أما هي فلم تكن تجيب إلا بنعم أو لا... فأفكارها ليست هنا , أنها ما تزال تستعيد لحظة حقيقتها الداخلية أمام المرآة.
كانت مورغانا أمام هذه التغييرات فزعة مرعوبة , فهي كانت تعتقد دائماً أنها قوية الأعصاب بسيطرة كاملة على مشاعرها , ثم أن علاقتها مع روبير كانت لذيذة , ناعمة فلماذا تترك نفسها الآن لهذه المشاعر الغامضة مع لوران؟

Rehana 14-09-11 06:07 PM

في عصر ذلك ذلك النهار أرغمت مورغانا نفسها على الدخول الى الغرفة التي سيشغلها لوران لترى ما اذا كان ينقصها شيء , وعندما أصبحت في الداخل وقفت جامدة مثل الصنم لا تحرك غير عينيها متفحصة كل شيء حواليها ,. كانت تشعر وكأنها في أرض غريبة لا علاقة لها بها , ولم تستطع التركيز على ما تريد رؤيته فعلاً في هذه الغرفة , وفجأة سمعت وقع أقدام في الممر فألتفتت لترى والدتها يتبعها لوران:
"عزيزتي , كيف لا توجد مناشف في الغرفة؟".
انتبهت مورغانا لهذه الملاحظة وكأنها أقترفت خطأً جسيماً:
" أنا آسفة , سأذهب فوراً لأحضارها".
منتديات ليلاس
ثم خرجت بسرعة من الغرفة متجنبة نظرات لوران , ولم تعد اليها الا بعد أن تأكدت أنه خرج منها.
لم تأخذ وقتاً طويلاً لتفحص المكان , نزلت بعده الى البهو الكبير حيث وجدت والدتها تنبئها بأن لوران خرج لتوه:
" لقد تحدثت مع الآنسة ميكنز عن المشاريع , فأعجبها ذلك كثيراً وسرها, وأعتقد أنها كانت ستجد صعوبة في الحصول على غرفة في هذا الفصل في مكان آخر , فالأعياد أقتربت والحجوزات لفترة الميلاد بدأت منذ الآن".
" ونحن؟ أتعتقدين أن بأستطاعتنا أستقبال النزلاء في هذه الأعياد؟".
" لا أعتقد ذلك يا أبنتي , فالأشغال لن تكون منتهية حينذاك , أتتصورين كمية العمل المطلوبة من تمديدات مائية وتدفئة مركزية وغيرها؟ فالبيت سيتغير كثيراً".
" وهذا خوفي الحقيقي, أن يتحول البيت الى ما لا نريده , أتدرين أن لوران وجد لوحة تمثل جده في الغرفة المقفلة؟".
" وماذا تفعل اللوحة فوق؟".
" لا أدري , ولكن قولي لي يا أمي! هل تعرفين السبب الحقيقي لخلاف مارك بينتريث مع جدي؟".
" لا يا عزيزتي , لم يقل لي أحد شيئاً عن ذلك , فوالدك كان يغضب اذا تطرق أحد لهذا الموضوع , وكم مرة طرحت على نفسي مثل هذه الأسئلة خاصة بعد مرور جيل , لكن ذلك الوقت كان سيئاً لأعطاء أي تفسير خاصة أن جدتك كانت مريضة فوق ذلك".
" بالطبع , وخصوصاً عندما تقع على رأسنا في النهاية كما يحصل اليوم".
" آه يا ابنتي لو كنا فقط تستطيع التكهن بالمستقبل... ليس مثل الزا ... أقصد أننا كنا غير مسؤولين حينها , فلو تخيل والدك حالتنا الآن لكان تصرف بطريقة مختلفة".
" ربما , على كل حال كل عائلة بينتريث ليست عقلانية ".
وأضافت في سرها :
" وأنا أيضاً".
ثم انتبهت لوالدتها وقالت:
" برأيك هل يمكن أن تكون هناك امرأة وراء ذلك الخلاف؟".
" امرأة ؟ ما هذه الفكرة الغريبة؟ لماذا تقولين هذا؟".
" لوران هو الذي قاله".
وضعت السيدة بينتريث الصوف الذي كانت تحيكه من يدها ونظرت ملياً الى ابنتها:
" لا أعتقد ذلك , فجدك رحمه الله كان عطوفاً ومحبوباً , وكل الناس تقول انه لم ينظر بعد زواجه الى أية أمرأة أخرى".

Rehana 14-09-11 06:08 PM

" بالمناسبة هل تعرفين أن أغراض جدتي ما تزال جميعها في الغرفة؟".
" بالفعل, هذا صحيح, لقد تذكرت الآن أن جدك وضع أغراض زوجته ومنع الجميع من مسها".
" نعم , أنني أتذكر ذلك جيداً ".
" آه يا حبيبتي , كنت نسيت الحادثة التعيسة , لم أقل ذلك في وقتها , لكنني وجدت أن تصرف جدك كان مغالياً , فجميع الأطفال يحبون التنكر في ملابس الكبار".
" ظننت حينها أنك تقفين الى جانبه".
" ليس هذا بالضبط , لقد تفهمت تصرفه , دون أن اوافقه عليه , فهو كان رب البيت حينها , وكلامه لا يرد , لذلك وجدت صعوبة كبيرة في أول سنوات عيشي هنا".
كانت مورغانا تنظر الى أمها نظرة حنونة عطوفة , فهي دائماً كانت تتحمل كل التصرفات دون اعتراض وبكثير من النعومة والصبر ,والحياة مع الجد لم تكن دائماً سهلة , فحتى عندما كان عليها أن تصبح مسؤولة عن الفندق تعلمت كل شيء لوحدها بالرغم من الصعوبات والمشاكل المادية , ونجحت في خلق هذا الجو الحميم والهادىء الذي تحدث عنه لوران هذا الصباح.
ربما تصبح مع راتبها الشهري الدائم , وقلة الهموم , أكثر سعادة من قبل , لا بل ربما تنفتح من جديد على هذه الدنيا , لكن هذا ما تفكر به لوالدتها , فما هو مصيرها هي؟ والآن لا تشعر بنفسها ألا وهي ضعيفة حساسة , بدون دفاع , مثل أوراق الخريف يحملها النسيم ويلقيها أرضاً مهما رقت خطواته.
كانت تبحث عن شيء يطمئنها , فلم تجد غير ديكور الغرفة تنظر اليه بأمعان ,. ولكن حتى هذا الديكور ستتغير قريباً.
" لا شيء سيبقى على ما هو عليه , ولا حتى أنا".
كانت تقول في نفسها ناظرة الى نيران المدفأة تأكل قطع الخشب الكبيرة وكأنها تستوحي منها الحقد والغضب على هذا الذي قلب حياتها , كانت تحاول لكنها لم تستطع....
اللعب بالنار..


نهاية الفصل الخامس

Rehana 17-09-11 12:48 PM


6- اللعب بالنار

لم يعد لوران بعد ظهر ذلك اليوم وفي المساء اتصل ليقول أنه سيتناول عشاءه خارجاً , فأقفلت مورغانا سماعة الهاتف بعنف وعادت الى طاولة الطعام وهي تردد :
" يعتقد نفسه في فندق".
لكن عبثية هذه الملاحظة جعلتها تبتسم برقة...
كان المساء يقترب وصبرها ينفد, مغامرات( دافيد كوبرفيلد) التي كانت تعاود قراءتها لم تعد تهمها , والأنتظار يبدو صعباً وطويلاً والتركيز على القراءة يقطعه أي صوت من الخارج تظنه هدير محرك.
عندما فتح الباب, لم يكن غير المايجور لاوسون الذي أمضى يومه في لندن.
" أنه مساء بارد, ستثلج السماء هذه الليلة على ما أظن".
قالها وهو يتقدم نحو المدفأة لكن عين السيدة بينتريث تركزت عليه قائلة:
" يا الهي, الزا معها حق فهي لا تفتأ تعلن عن قدوم شتاء قارس منذ عدة أسابيع".
منتديات ليلاس
ضحك المايجور لاوسون قائلاً:
" هذه التنبؤات تسليني دائماً , لكنني أعترف أنني لم أؤمن بها حتى اليوم بالرغم من أنها تنبأت لي هذا الصباح بحظ سعيد ويوم ناجح".
" وهل هذا ما حصل فعلاً؟".
" نعم فموعدي مع وكيلي كان ناجحاً لأن أحد الناشرين عرض عليه شراء روايتي".
قفزت مورغانا فرحة بينما صرخت الوالدة:
" يا الهي كم هذا جميل!".
" بالفعل فأنا قلت نفس الشيء".
قال ذلك ثم جلس على مقعد وثير بالقرب من المدفأة بينما سألته مورغانا:
" وأي نوع من الروايات تكتب؟ وهل كتبت غيرها؟".
" لا, أنها روايتي الأولى , أنها قصة بوليسية , وأنا الآن أكتب الرواية الثانية , لهذا تسمعونني غالبا أضرب على الآلة الكاتبة".
" أنها حادثة سعيدة فعلاً".
" آمل ذلك , لكنني مضطرب قليلاً , اذ أخاف أن تنقلب حياتي رأساً على عقب , فأنا أحب الحياة الهادئة".
سألته الوالدة:
" آه , وهل تريد أن تتركنا؟".
" طبعا لا , لكن وكيلي نبهني أن الحملة الدعائية التي سترافقا لنشر ستكون قاسية نوعاً ما".

Rehana 17-09-11 12:49 PM

"سنتعود جميعا على الحملات الدعائية على ما أظن, فالمالك الجديد هو الذي يرأس مؤسسات فان كوسين وقد عرفنا ذلك اليوم".
" فان كوسين.... لكنه أسم معروف عالمياً ! ألا تعرفان ذلك؟".
" أبداً, فلوران هو الذي شرح لي ذلك, اليوم فقط , أنها مسألة معقدة فأمه من النسل نفسه , فبعد موت جيل حيث كان زواجهما فاشلاً , عادت وتزوجت فان كوسين فورث لوران وشقيقته من أمه كل شيء".
كانت مورغانا تسمع كل هذا بينما نظرها يتركز شارداً على أحرف الكتاب وكلماته , اذ أن حديث والدتها مع المايجور يهمها أكثر فالسيدة بينتريث تتحدث عن مشاريع لوران بينما المايجور يخبرها كل ما يعرفه عن شركات فان كوسين التي تشمل مؤسسات من الأملاك الكبيرة الى الصناعات البحرية والجوية , لذلك أحست مورغانا بماهية لوران فهو رجل يحب القيادة ويتمتع بكل السلطة التي يريدها , يريد أن يكون الجميع طوع أمره , فأذا كان هذا ما يهمه منها , فلن تكون أكثر من فتاة عابرة تنتهي علاقته بها فور اصلاح الفندق , يعود بعدها الى مطاراته ومصارفه وأعماله الكثيرة.
عاد الحديث الى رواية المايجور الذي كان يوجه حديثه اليهما ظانا أنهما تتقاسمان آراءه التي شرح من خلالها روايته , فوالدة مورغانا تتمتع بمحبة الناس وثقتهم والمايجور أرمل يجد فيها امرأة قريبة الى قلبه , أضافة الى أنه يجد في هاتين المرأتين عائلة لم يجدها حتى الآن.
أخيراً أعتذرت مورغانا لأن الليل كان قد تقدم وهي تعبة من عمل هذا النهار , فأنطلقت الى غرفتها وألقت بنفسها على السريرتاركة عينيها تنظران الى السقف , لا تسمع غير دقات ساعة الحائط في الصالون الكبير , وعندما غطت في النوم قليلاً حلمت أنها تبحث عن لوران في بيت عديد الغرف حيث مجموعات كثيفة من الناس تتحدث بصوت عال , وعندما أفاقت كان العرق يتصبب منها وأعصابها متوترة , والنهار سطع يملأ نوره غرفتها , كانت متأخرة , فعجلت بتزيين نفسها ولبست قميصاً ناعماً فوق بنطلون جينز ونزلت الى البهو حيث وجدت أمها والزا تهتمان بفطور الصباح , أما هي فأسرعت الى المطبخ تتناول قهوتها مع البسكويت , لكن مفاجأتها كانت كبيرة حين رأت لوران جالساً على كرسي صغير بالقرب من النافذة بينما المايجور والآنسة ميكنز يتناولان فطورهما بهدوء.
وبصمت أقتربت منه حاملة القهوة والبسكويت ووضعتهم أمامه , وعندما أرادت الأنسحاب أمسكها قائلاً بصوت خافت:
" لماذا العجلة؟ اجلسي وتناولي القهوة معي".
" لا شكراً, لدي عمل كثير هذا الصباح".
" أنا أيضا, لكن ذلك لا يمنع راحة صغيرة نسرقها قبل التعب القادم".
" ليس لدي الوقت, أعذرني فلست بحاجة للراحة".
" يخيل الي أنك لم تنامي جيداً , فما بك؟".
" ولم تسأل؟ وهل أمضيت أنت ليلة جميلة؟ هل كان سريرك مريحاً؟".
" كان يمكن أن يكون أفضل".
" آه أنا آسفة, على كل حال تحدثت مع والدتي حول هذا الموضوع وستجد لك حلاً".

Rehana 17-09-11 12:50 PM

ضحك لوران بنعومة وتهذيب ونظر اليها بعين ماكرة بينما أنسحبت مورغانا من قاعة الطعام بسرعة , وعند مرورها في الممر الرئيسي للبيت رن جرس الهاتف, تناولت السماعة وسألت بجفاف من يكون... أستغرب روبير على الطرف الآخر هذه النبرة القاسية فسألها ما بها , وهل لديها مشاكل فأجابته:
" لا , لا أبداً كل شيء على ما يرام , ماذا هنالك يا روبير؟".
" كنت أريد أبلاغك بوصول الحصان الجديد".
" أوه , كم هذا جميل , وكيف هو؟".
" لست أدري تماماً حتى الآن , لكن يبدو أنه رائع, هل لديك ساعة فراغ تأتين فيها لمشاهدته؟".
" هذه دعوة لا يمكن رفضها ,ولكن هل أستطيع ركوبه؟".
" ربما اذا كنت لطيفة, أيلين لم تعد لديها الرغبة في أستخدامه لمدرسة تعليم ركوب الخيل".
قال ذلك ليغيظها قليلاً.
" لكنكم أشتريتموه لغرض التدريب".
منتديات ليلاس
" بالفعل كانت هذه نيتنا في البداية , لكن أيلين غيرت رأيها عندما رأته , فهو لا يليق بالمتدربين الجدد".
استغربت مورغانا ما سمعته من روبير فهم بحاجة لمثل هذا النوع من الخيول , فالحصان السابق كان عظيماً لكنه جموح لمن لا يعرف قيادته, فهو يدرك فوراً أن ممتطيه متردد فيأخذ بالسير على هواه.
أقفلت السماعة بعد أن وعدته بالمجيء في أقرب وقت , فذلك يعطيها حجة للخروج من البيت قليلاً.
لكن الوالدة أستغربت ما أعلنته لها مورغانا قائلة:
"يا عزيزتي كيف تخرجين من البيت؟ فربما كان لوران بحاجة اليك".
" أشك في ذلك فالبارحة أنهينا زيارة البيت ولي الحق أن أفكر بنفسي".
" طبعا, لا أقول لا , ولكنه رب عملنا الآن وعلينا سؤاله قبل أن نتغيب".
" لا أعتقد ذلك فنحن لا نتبعه بالنفس والروح يا أمي".
في هذه اللحظة دخلت الزا بجلبتها المعهودة:
" يا لله... أراك مستيقظة اليوم".
" أوه, كفى بحق السماء!".
صرخت مورغانا في وجهها وفتحت خزانات الحائط لتخرج منها المكنسة الكهربائية وتذهب لتنظيف الغرف, فهي تعلم أن الجهد الجسماني يساعدها أحياناً على تخفيف توترها , لكن هذا الصباح ... لا شيء يفيد , نظرت الى أمها عندما عادت لتضع المكنسة في مكانها نظرة تحد وقالت أنها عازمة على الذهاب الى المزرعة لكنها ستعود قبل الغداء.
" حسنا يا أبنتي, فلوران ينتظرك خارجاً , اذ قرر توصيلك الى هناك بسيارته ".
فوجئت بهذا الجواب ثم أجابت بسخرية:
" أشكره على همته , لكنني أفضل استخدام سيارتنا".
" كما تريدين , لكن الأفضل أن تذهبي معه , اذ أن بطارية سيارتنا ضعيفة وقد لاحظت ذلك منذ عدة أيام".
" في هذه الحال سأذهب سيراً على الأقدام".

Rehana 17-09-11 12:51 PM

صعدت مورغانا الى غرفتها لتأخذ شالاً وعلى شفتيها لحن جميل تردده , وما أن دخلت حتى فوجئت بلوران جالساً على كرسي بجانب النافذة:
"أنتظرك, أذ عليك أن تمري الى هنا حتى تتجملي للقاء الهائم في حبك, وأذا أنتظرتك خارجاً , اخشى أن تهربي ولا أراك".
صوته الهادىء والساخر معا ينبىء بأنه توقع ما تريد مورغانا القيام به , ويحاول ما في وسعه تعطيله.
" شكراً جزيلاً, لكنني أريد الذهاب الى المزرعة وحدي وبدون مساعدتك".
ثم أكملت بسخرية:
" فأنا لا أريد فرض دورة كبيرة عليك".
" لا , لا أبداً فأنا ذاهب الى هناك".
" أ... أنت ذاهب أيضاً؟".
" طبعاً .... فقد قررت قبول دعوة الآنسة أيلين التي وجهتها ألي البارحة مساء , أذ كنا قد تناولنا العشاء معاً في مطعم يسمى كارت بلانش ,هل تعرفينه؟".
" سمعت عنه".
أذن لقد أمضى سهرته مع ايلين , قالت مورغانا في نفسها , لكن ليس غريباً فلقد أعلنت منذ أن عرفته عن رغبتها في ذلك , لكنه تسرع في قبول دعوتها.
" أنت... لا تضيع وقتك على ما أرى".
" وكيف أستطيع أن أضيعه؟ فقد قلت لك أنني سأغادر خلال اسبوع".
" وستذهب الآن الى المزرعة لرؤية أيلين".
" لقد عرضت علي أن تريني الأسطبلات".
" أنك تهتم بالخيل أذن؟".
رفع كتفيه قائلاً:
" نعم ....فزوج والدتي كان يملك بضعة خيول في مزرعته في نيوهامشاير , لكن لم أكن أمتطيها كثيراً".
منتديات ليلاس
فتحت مورغانا عينيها على وسعهما وقالت ساخرة:
" يا ألهي, هل هناك ميدان لم يحلق فيه السيد فان كوسين؟".
" كنت مشغولاً ولم أهتم بكثير من الأشياء ,لا بل أن أشياء كثيرة أعرفها دون أن أجيدها , هل تريدين أمتحاني؟".
" لا بالطبع , لكن أرجوك الآن أن تخرج من غرفتي".
" أذا كان لا بد من ذلك , لكن في المعتاد ليس غريباً مشاهدة امرأة تسرح شعرها وتضع الحمرة على شفتيها".
" واذا كنت أريد أن أغير ثيابي؟".
" لكي تذهبي الى المزرعة وتمتطي حصاناً ؟".
قال ذلك وهو ينظر الى بنطلون الجينز ثم أردف :
" لا أظن ذلك, وحتى لو كان العكس , فسأبقى".
" يا الهي من هذا اللجوج ... أريد أن ابقى وحيدة في غرفتي, أليس واضحاً ما أقول؟".
" حسنا لديك خمس دقائق , فأيلين أتصلت لتسأل أين أصبحنا".
" أين أصبحت أنت, أذ أنني أشك أن ايلين تسأل عني".
" وأنا أيضاً , لكن ما همك من ذلك فأنت ذاهبة لرؤية أخيها , أذا لم أكن مخطئاً ؟".
" لست بحاجة لكثير من التفكير حتى تكتشف ذلك".

Rehana 17-09-11 12:52 PM

قالت ذلك بعنف ثم فتحت باب خزانتها وأخرجت سترة بلا أكمام لبستها بسرعة , ثم فتحت علبة أخرجت منها منديلاً مربعاً من الحرير ربطته على شعرها وأستدارت ناحية لوران:
" أنا جاهزة".
لوى رقبته بتهذيب ولكنه لم يعلق بشيء , فالعادة كانت أن ينتظر ساعات عديدة حتى تنتهي النساء اللواتي عرفهن من تصفيف شعرهن ولبس ثيابهن.
مورغانا واثقة من جمالها وأناقتها , ولكنها تعرف أنها لن تضاهي ايلين التي تلبس أثمن الثياب وتشتري اغلى العطور ومواد الزينة.
" سيارتي أمام الباب".
قال ذلك وهو يفتح لها باب الغرفة.
" لقد لاحظت ذلك".
أجابت بصوت خافت وهي ترى سيارته الرياضية ذات اللون المعدني تنتظر أمام المدخل.
" هل تريدين قيادتها؟".
" أوه , أبداً".
أجابته فوراً خائفة أن تقود سيارة بهذه القوة والجبروت.
" ليست صعبة القيادة , أنها أسهل من المكنسة الكهربائية".
صمتت قليلاً على هذه التلميحات الساخرة ونظرت اليه ببرود قائلة:
" على كل حال أفضل سيارة أقل أثارة للأعصاب من هذه ".
" كنت أظن أنك تحبين كل ما هو عصبي".
" أنك لا تعرفني جيداً حتى الآن , أليس كذلك؟ لا بل كونت فكرة سريعة عني وتحاول بشتى الطرق أثباتها".
" أفضل ألا نتحدث عن رأيك بي, اذا كانت تؤرقك هذه الفكرة".
قال ذلك بهدوء ونعومة , لكن مورغانا كانت لا تشك ابداً في نوعية الرأي الذي كونه عنها, لذلك تداركت زلة لسانها قبل أن ترد عليه, ثم صعدت الى السيارة مدهوشة أمام لوحة القيادة , فهي لم تر في حياتها حتى الآن سيارة فيها مثل هذا العدد من الأزرار وأدوات القيادة الأخرى.
" لماذا تبتسمين؟".
سألها لوران وهو يأخذ مكانه وراء المقود ثم نظر اليها منتظراً جوابها.
" يوم وصولك كنت أتمنى لو أنك تخطىء منعرجاً وتقع مع سيارتك عن الصخور , لكنني أرى أن ذلك مستحيل الحدوث مع هذه السيارة , فيكفي أن تضغط على زر فيها حتى تتحول الى طائرة نفاثة بمقعد قاذف مع مظلة تحميك من السقوط القاتل , أليس كذلك؟".
" لا أنصحك بالتجربة".
منتديات ليلاس
وأقلع لوران بالسيارة يقودها بكل مرونة وثقة , فهو سائق ماهر يعرف كيف يأخذ المنعرجات بكل سلاسة ويغير السرعات عندما يجب , في هذا الوقت كانت مورغانا تنظر اليه من طرف عينها تراقب حركاته في القيادة وتمعن النظر في يديه المثبتتين على المقود وأصابعه الطويلة الطرية , حتى أظافره كانت متناسقة.... ثم تذكرت تلك الأصابع التي أمسكت بها عدة مرات حتى الآن... أنها فعلاً مرنة وقوية... قالت ذلك لنفسها وهي تكبت قشعريرة زحفت فجأة الى أطرافها.

Rehana 17-09-11 12:54 PM

عندما وصلا الى المزرعة , دلته مورغانا أين يوقف سيارته , بينما كان روبير يخرج من أحد الأسطبلات هاشاً مع أبتسامة كبيرة على شفتيه للفتاة التي جاء يستقبلها:
" نهارك سعيد يا عزيزتي مورغانا , كيف حالك؟ نهارك سعيد يا سيد كوسين".
خرج لوران من سيارته ناظراً حواليه بتمعن , لا شيء يسمح بالأنتقاد أو الملاحظة , فالمباني جميعها في حالة جيدة والأسطبلات معتنى بنظافتها , لكن ذلك لم يمنعه من توجيه بعض الأسئلة , فهو رجل أعمال وهذا من طبيعته , وكان روبير يجيب عليها بكل طيبة خاطر.
سأله روبير مازحاً:
" أليس لديك النية بأنشاء مدرسة مشابهة في بولزيون؟".
ولكن مزاحه كان يكفي خشية لديه من أن يقيم رجل الأعمال القوي مدرسة أخرى تأخذ منه زبائنه.
هز لوران رأسه مجيباً:
" بالعكس فأنا أفكر كيف يمكن أن أجلب لك زبائن جدداً".
ثم ألتفت الى مورغانا مكملاً:
" ألم يفكر والدك بالشراكة مع عائلة دونليفين , لتقديم أسعار مخفضة لمن يأتي لتعلم ركوب الخيل؟".
" لا أبداً".
كان جوابها حاداً وجافاً فوالدها لم يكن رجل أعمال ناجحاً , ولوران يعرف ذلك جيداً فلم هذه الأسئلة ؟ لكن روبير تدخل مجيباً:
"أنها فكرة جيدة , سنناقشها يوماً ما".
" بكل سرور فأنا سآتي كثيراً الى هنا في الأشهر القادمة".
" آه حقاً".
قالت مورغانا لنفسها وهي تسمع هذا الحوار الذي يزيد من عصبيتها.
وفي هذه اللحظة وصلت ايلين في لباس الفروسية فأستقبلها لوران بأبتسامة كبيرة :
" أنه يطيل أقامته لهذا السبب".
كانت مورغانا تحدث نفسها , نظرته تعبر عن أعجابه الكبير بأيلين , التفتت اليها متفحصة , كانت ايلين متفتحة كالوردة في نور الشمس , تستخدم كل فتنتها لأغوائه.
كانت هذه الأفكار تتوارد في خاطر مورغانا فلم تشعر بأظافرها تنغرس لا أرادياً في راحة يدها , لكنها أستفاقت وكأنها كانت في حلم مزعج , فماذا يحصل أمامها الآن؟ ماذا سيفعل هذا الشاب الجذاب البهي الطلعة , القوي الشخصية؟ أجابت على هذه الأسئلة بينها وبين نفسها بمرارة مؤلمة ... لوران وايلين شخصان من عالم واحد , يتكلمان لغة الأغنياء , يعيشان الأجواء نفسها , ومتعودان على نمط واحد من العيش , أنهما على الأقل يفهمان مشاعرهما وحدودهما , ثم أن ايلين تعرف ماذا تريد على الأقل , فلا تترك نفسها مبهورة بسحر هذا الشاب كما تفعل هي.
خاطبت مورغانا نفسها...
" على الأقل سأكون مرتاحة لو أنشغل الواحد منهما بالآخر ,ولن أكلف نفسي حينذاك عناء التفكير به".
كانت هذه الخاطرة تريحها كنتيجة حتمية لتفكيرها هذا , لكن مع ذلك شعرت بألم غامض يلفها , كانت تحس بأنها فارغة مجوفة غير قادرة على التمييز بين مشاعرها العديدة , أذ ما كادت ايلين تلامس لوران بنعومة مرحبة بقدومه حتى أقشعرت مورغانا وأحست بأن ناراً من الغيرة تلسعها , فأغمضت عينيها مفكرة:
" يا الهي , أنني غيورة الآن , لا لا يمكن أن يحدث هذا, مستحيل , فهذا يعني أنني .... لا , لا يمكن".

Rehana 17-09-11 12:55 PM

ومن بعيد بينما كانت تدفع هذه المشاعر بعيداً عن تفكيرها , كانت ايلين تقترب من لوران موشوشة :
" أنها سعيدة بمجيئه".
بينما يرد عليها الشاب بصوت رجولي هادىء:
" لم أستطع مقاومة رغبتي بالمجيء".
أرادت مورغانا أن تتدخل وتقطع حديثهما وتظهر لهما وجهاً قاسياً أو تسمعهما كلاماً جافاً , لكنها لم تفعل أكثر من عض شفتيها .
" بماذا تفكرين يا مورغانا؟".
وشوشها روبير في أذنها بنعومة.
" آه لو تعرف ذلك".
قالت ذلك وهي تتصنع أبتسامة غامضة.
" فكرت بذلك ,ولكن على الأقل ستحتفظين ببيتك , فالبارحة كان يتكلم عن مشاريعه مع والدي وهو ينتظر ايلين".
" لن يكون فعلاً( بيتنا ) فعندما تنتهي التصليحات في بولزيون لن يعود بالأمكان التعرف عليه , على كل ليست لدي الرغبة في البقاء بعد ذلك , لقد وافقت على البقاء سنة واحدة من أجل والدتي , بعدها سأرحل , عندما أطمئن عليها ... من يدري , ربما أتعلم مهنة جديدة , هذا أذا لم يفتني القطار".
" أبداً , لم يفتك أي قطار حتى الآن , فأنت ما زلت شابة لا بل طفلة".
ثم صمت قليلاً متردداً وأكمل :
" مورغانا لست مجبرة على الرحيل , أتعرفين ذلك؟ لقد حدثتك بغموض في السابق , لكن اليوم بعد موت والدك أرى...".
" لم يحن الوقت بعد... لكنني أشكرك يا روبير من كل قلبي.... تعال الآن لنتفرج على الحصان الجديد ".
كان الحصان رائعاً يقف في الأسطبل وقفة متحفزة شامخ الرأس , اختلافه واضح عن بقية الخيول , صرخت مورغانا:
" آه كم هو رائع!".
ثم التفتت نحو روبير , وتابعت:
" أليس معك تفاحة؟".
احضر الشاب تفاحة من جانب المعلف فأخذتها مورغانا وقذفتها ل ( بل كونتو) الذي تناولها بفمه بنعومة , نافخاً على يدها علامة الشكر والأمتنان.
" أنك مهذي فعلاً".
قالت مورغانا ذلك مفكرة بالحصان السابق ماتيو... ثم تطلعت نحو روبير:
" وكيف حال ماتيو؟".
" على ما هو عليه, أنه لا يتغير".
أتجها معا نحو الحصان الذي كان يقف بثقة وهدوء موحياً بالطاعة والأذعان , وما أن اقتربت منه مورغانا مبدية أعجابها به حتى سمعت صوت لوران:
" أنه جميل حقاً".
منتديات ليلاس
لكن مورغانا التفتت الى روبير بنظرة خاصة ففهم قصدها وبدأ حديثه عن الحصان وما يتمتع به من مزايا ,ولم يتوقف ألا عندما أفهمته بنكزة صغيرة من يدها على خاصرته , بعدها أبتعد لوران ليكمل حديثه مع ايلين فألتفت اليها روبير:
" ماذا يحدث؟".
" ما رأيك لو طلبنا من لوران امتطاء ماتيو؟".
قالتها بصوت خافت ففهم روبير لماذا لم ترد أن يعدد كل صفات هذا الحصان , فهو معروف بنزقه وطيشه وعدم أذعانه لخيّاله...

Rehana 17-09-11 12:56 PM

أجابها روبير مستغرباً:
" لا , لا يمكن أبداً....".
" آوه روبير لم لا ... نستطيع أن نذهب باتجاه الحقل الكبير فأذا وقع لوران فسيكون ذلك على سجادة من عشب ناعم , فلم تخاف؟ ثم أنه لم يفتأ يحدثني منذ الصباح عن قدراته ومواهبه في ركوب الخيل".
توقفت لحظة تنظر الى ردة فعل روبير على كلامها المعسول وطريقتها في أقناعه ثم تابعت:
" فلنر اذا ما كان ذلك صحيحاً , فأستناداً الى ايلين يبدو أن ماتيو يعرف معلمه فور الأمتطاء , فلا خطر في ذلك , أريد فقط أن أرى ثياب لوران ملطخة بالوحل , فمنذ مجيئه الى بولزيون لم يتوقف عن أعطاء الأوامر ,وأريد مرة واحدة على الأقل أن أرى خيبته".
" لكن أيلين لن تقبل ذلك".
" لن تعرف... فعندما تذهب لتحضير القهوة , نقنعه بعد أن تسرج الحصان".
تنهد روبير تنهيدة من لم يقتنع, لكنه قال:
" حسناً , ولكن أتمنى أن لا يصيبه مكروه , وألا فلست أدري أذا ما كان تأميننا يكفي لسد نفقات هذا المليونير ".
ولم يكد ينهي كلامه حتى ظهرت والدته فجأة تنادي على ايلين طالبة منها أن تتصل بصديقتها من أجل دعوة عشاء , ومؤكدة لها أنه يجب الأتصال بها فوراً لأن الدعوة مهمة ... أذن خرجت ايلين بمساعدة القدر لتخلي الجو للعبة مورغانا....
" ايلين لا تنسي أن تحضري لنا القهوة في طريقك".
أجابته ايلين بنعم سريعة , ثم ركضت مع أمها بأتجاه البيت...
وعندما خلا الجو من المرأتين التفت روبير ناحية مورغانا قائلاً:
" أظنك تريدين أمتطاء ( بل كونتو) الآن؟".
" آه طبعاً, وهل تقدر أن تمنع عني هذه الفرصة الذهبية؟".
ثم أستدركت :
" إلا أذا كان لوران يريد أمتطاءه؟".
لم يلبث لوران أن أجابها بكل تهذيب ولباقة:
" لا أبداً , فالآنسات لهن أولوية الأختيار...".
" ولم لا تمتطي حصاناً آخر لمرافقتي؟".
قالتها وكأن الفكرة طرأت لها فوراً , لكنها لم تلبث أن فوجئت بجوابه:
" لا شكراً , لا أريد هذا النوع من التمارين الآن".
عندها بدا روبير وكأنه استراح من حمل ثقيل .... لكن مورغانا العنيدة أكملت أصرارها قائلة:
" هيا , هيا يا لوران لا يمكنك أن تزور أسطبل خيول دون أمتطاء حصان .... روبير سيأتيك بحصان جيد... هذا ألا أذا كنت تخاف أن تظهر عجزك أمام ايلين".
لمعت عينا لوران أمام هذا التحدي فتنفس عميقاً ثم تطلع صوب روبير:
" حسناً... أي حصان تختاره لي؟".
فتردد روبير قليلاً وتأتأ قبل أن يقول:
" ماتيو , ما رأيك؟ لقد أبديت أعجابك به قبل لحظات".
" عظيم".

Rehana 17-09-11 12:57 PM

بدأ الجميع يحضرون خيولهم ويسرجونها بينما كانت مورغانا تحاول أخفاء أرتعاشها الذي شعر به الحصان فحاولت بوشوشة ناعمة أن تهدئه , في ذلك الوقت كان روبير قد أسرج ماتيو فنظرت اليه مورغانا بخوف واضح وتساءلت من أين جاءتها هذه الفكرة العابثة .... فماذا لو حصل شيء ؟ ثم تمنت لو تعود ايلين فجأة لكي تنهي هذه اللعبة التي بدأت تشعر بخطوراتها ... لكن روبير أنتشلها من شرودها قائلاً:
" أنصحكما بالذهاب الى حقل الأعشاب قبل الدخول الى ميدان الحواجز".
هزت رأسها بالموافقة وأمتطت حصانها , لكنها هي التي كانت خائفة الآن ولا تدري لماذا , كانت تريد تحقير لوران فقط ... لكنها الآن خائفة ومن الصعب التراجع , لكزت حصانها وأتجهت ناحية الحقل المقصود يتبعها لوران ثم روبير على حصان ثالث , كانت تنظر الى لوران وحصانه الذي كان يبدو هادئاً طبعاً ... لكن من المحتمل أن يتغير مزاجه بين لحظة وأخرى.
أقترب منها روبير :
" ستلومني ايلين عندما تعرف".
ولم يكد ينهي كلمته حتى ألتفت الجميع صوب البيت حيث كانت ايلين تلوح بيديها طالبة منهم العودة ,... لكن طلبها جاء متأخراً فحصان لوران جفل فجأة وأخذ يضرب الأرض بحافريه حيناً والهواء حيناً آخر , محاولاً بكل جهده ايقاع فارسه , أحست مورغانا بخطأها فأستدارت حتى لا ترى لوران يقع أرضاً ,وأغمضت عينيها مكممة فمها لئلا تصرخ ... لوران سيقع حتما بين لحظة وأخرى وستكون هي المسؤولة :
" آه يا ربي ماذا فعلت... ماذا فعلت ...".
كانت تردد خائفة وهي ما تزال مغمضة العينين لكن روبير ناداها قائلاً:
" أنظري ما حصل...".
ألتفتت اليه مرعوبة:
" ماذا؟ هل وقع عن الحصان؟".
" لا , أنظري لقد قفز به عن الحاجز الخشبي وها هو يعدو هناك.. أعتقد أنه سيدور به دورة حتى يعود... يبدو أن هذا الحصان الشرس وجد فارسه....".
في هذه اللحظة كانت أيلين قد وصلت على مقربة منهما متطلعة بنظرة شريرة الى مورغانا:
" من صاحب هذه الفكرة الجهنمية؟".
" لا تغضبي , فالحمد لله لم يحصل شيء.... لقد كانت مزحة بسيطة ولا شيء آخر".
لكن ايلين لم تسمع جواب أخيها وبقيت تنظر بأمعان الى مورغانا بعين مليئة بالحقد:
ط سأعود بيل كونتو الى حظيرته...".
"فكرة عظيمة ... وأرجوك ألا تقتربي بعد الآن من خيولي وحظائري...".
منتديات ليلاس
شعرت مورغانا بأنها تلفقت صفعة قوية ولم تقو على الرد أو الأجابة , لكن روبير تدارك الموقف قائلاً:
"بحق السماء ... أهدئي, فأنا مسؤول أيضاً عن هذا المزاح... على كل حال ,فأنني لو نبهت لوران الى خطورة أمتطاء هذا الحصان لكان تحداني وأمتطاه...".
لكن مورغانا رفعت رأسها وقاطعت روبير:
" دعك يا روبير فأنا مخطئة ... لقد تصرفت بحماقة".
ثم لوت عنق حصانها وعادت به الى الحظيرة تسرع من حل سرجه والخروج من هذا المكان , فهي لن تتحمل كلام ايلين خاصة عندما يعود لوران وتخبره بما حصل... وما كادت تنتهي من أدخال الحصان الى معلفه حتى ربتت على عنقه وأستدارت خارجة لتفاجأ بلوران يقف أمام الباب , فتحت فمها مدهوشة تريد الصراخ... لكن الشاب الطويل القامة أخذ بالسير متجها نحوها بخطوات مدروسة وعيناه تحدقان فيها بأمعان.


نهاية الفصل السادس

Rehana 17-09-11 12:59 PM

7- الغبار الذهبي


تراجعت مورغانا الى الوراء عند رؤيتها لوران لكنها حاولت جهدها ألا تبدي خوفاً أراد الأرتسام على وجهها , ثم أن روبير لن يكون بعيداً اذا ما حصل شيء ... لذلك سألت:
" هل أعجبتك هذه النزهة؟".
" وجدتها حيوية جداً".
كان جوابه مقتضباً لكن صارماً وبصوت ادخل الى قلبها رعشة خوف وعدم أطمئنان , لكنه أكمل :
" كان عليّ أن أفكر قبل أمتطائه , جملة لا حاجة لتفسيرها ؟ أو ربما لم تذهبي بأفكارك الى هذا الحد؟".
" طبعا لا, ليس هذا ما قصدته... ثم لم يحصل شيء أليس كذلك؟".

Rehana 17-09-11 01:25 PM

" فعلاً, ولكن ليس بفضلك .... تظنينني مبتدئاً؟".
" أنت الذي تقول هذا...".
" هذا دورك الآن , فقد كونت فكرة سريعة عني... وخاطئة في جميع الأحوال".
رفعت مورغانا كتفيها :
" حسنا... أعتبر أنني أخذت صفعة على يدي جزاء عملي , فهل أستطيع الذهاب الآن؟".
" لا... لا تستطيعين , ثم ليست يدك ما سأصفعه عقاباً لك...".
فوجئت الفتاة بكلامه فأستدركت غاضبة:
" أمنعك من وضع يدك عليّ , هل تسمع؟".
" أعتقد أنني لن ( أضعها )عليك...".
منتديات ليلاس
أزدادت مفاجأة مورغانا لهذا التهديد , فهي لن تسمح له بضربها لو حاول ذلك , ثم أين روبير ...تريد أن تصرخ بأعلى صوتها مستنجدة , لكنها كانت تشعر وكأن صوتها لا يخرج من حنجرتها .
" لن يسمعك أحد لو صرخت... أنه ما يزال في الحظيرة مع شقيقته".
ثم لمح في عينيها نية الهروب بأتجاه الباب .... فأكمل:
" لا أنصحك بالركض أمامي ,والأتجاه خارج هذا المكان , فقد قررت مداواتك على أنفراد....".
لم يعد وراء مورغانا مكان تتراجع اليه... غير خشب الحظيرة الذي أسند ظهرها لكن لوران وبسرعة البرق أمسك بها... وأخذ يعاقبها وكأنها طفلة صغيرة تتلقى الصفعات جزاء شيطنتها , كانت تشعر بالأحتقار وبعض الألم لكنه ما أن أنتهى من هذه الطريقة الفريدة في معقبة فتاة شابة حتى كانت مورغانا تصرخ والدموع في عينيها:
" وحش مفترس...".
" أنا أعرف أيضا بعض الأوصاف التي تناسبك تماماً...".
كان يتكلم معها بكل ثقة وكأنه لم يأسف على ما قام به ... وينظر اليها وهي تمسح دموعها يقفا يدها كطفلة صغيرة.
" يا ليته أوقعك أرضاً... وكسر عنقك".
" أعرف أنك كنت تريدين ذلك... لكن للأسف لقد خيبت أملك, ثم أنني لا أريد أن أموت لكي ترثي هذا الركام من الحجارة الذي أسمه بولزيون , وحتى لو ورثته فلن تستطيعي الأحتفاظ به , فالدائنون كثر وسيجبرونك عاجلاً أم آجلاً على بيعه... وهكذا تفقدين كل شيء , أهذا ما تريدين؟".
" لقد فقدته في جميع الأحوال , فقدت كل شيء , أهذا ما تريد؟ أنني أكرهك .... أكرهك...".
" ليس سراً على أحد ما تقولين , مهما يكن أنت مجبرة على تحملي , فأنا هنا , وسأبقى ولم أحصل حتى الآن على كل ما أريد ."..
وبخطوات ثابتة تقدم نحوها , فحاولت أن تتراجع بسرعة , لكنها لم تستطع , وما كان منه ألا أن عانقها ... كان هذا بالنسبة اليها عقاباً قاسياً وأحتقاراً ,لكن في قرارة نفسها كانت تشعر برغبتها العميقة في قرب هذا الرجل ... أحساس جديد لم تكن تعرفه سابقاً, لا بل كانت تخافه ... لكن بالرغم من كل الحقد الذي تكنه في الظاهر للوران كانت تشعر وكأن في داخلها مورغانا أخرى غير التي تعرفها... تريد هذا الرجل, لا بل أنها ... وخافت , خافت أن تفكر بهذه الكلمة التي طالما هربت منها ... الحب...

Rehana 17-09-11 01:26 PM

أصوات في الخارج نبهت الشابين فأستدار لوران يصفف شعره بيده ويجيب:
" سنأتي حالاً".
مورغانا المحمرة خجلاً وغضباً ... أو حباً , لم تكن تعرف ماذا تريد, الشيء الوحيد الذي تملكها كان الرغبة في العودة سريعاً الى البيت وعدم رؤية أحد الآن.
" أريد العودة الى البيت".
" سأرافقك...".
نظرت اليه غاضبة:
" لا... سأعود سيراً على الأقدام".
كانت فعلاً تريد العودة وحيدة لتشعر بأنها تملك نفسها وتتحكم بها , ثم أنها لا تريد أطلاقاً البقاء مع لوران , تريد أن تعود الى شعورها بأنها حرة , وغير متأثرة بما يقوم به نحوها , أطرقت برأسها وتعابير الأنزعاج على وجهها ... فواضح أنها لا تريد رؤية أحد , أدرك الشاب بحسه الذكي وبخبرته ما يجول في خاطرها:
" أذا كنت لا تريدين لقاءهما , فسأحاول تأخيرهما في الخارج".
" عظيم .... تستدرك دائماً ما يناسبك".
قالت ذلك بسرعة وعجلة وسخرية واضحة.
" لا أقصد ذلك".
" لا يهمني أن أعرف ماذا قصدت , كل ما أريده الآن هو الرحيل من هنا بأسرع وقت".
بقيت وحيدة في الأسطبل تنظر الى الأرض لكنها سمعت صوت خطواته تتجه نحو الباب.
كانت الأيام التي توالت بعد ذلك التاريخ أقسى وأصعب أيام حياتها... فهي لا تستطيع البوح لأحد, وترى نفسها مجبرة على القيام بدور الأنسان المنزعج والمتضايق خاصة عندما يتعلق الأمر بلوران , من جهة أخرى كان ذلك صحيحاً , فهي لا تثق به أبداً , لكنها أكتشفت شيئاً آخر بدأ يخيفها وهو أنها لا تثق بنفسها أيضاً...
اكتشاف صعب أن تتحمله , فهو الذي يدفعها هذه الأيام للهروب الى غرفتها كلما أنهت ما عليها القيام به من أعمال روتينية , ولحسن الحظ كانت والدتها مشغولة طيلة هذه الفترة بمشاريع أصلاح البيت وتغييره ... لكن الزا لم تخدع بهذه المظاهر , كانت تعرف أن دواخل مورغانا تعصف فيها رياح عاتية لا تريد الأفصاح عنها ... وفي أحد الأيام أستفزتها عند الصباح , فلم تلبث مورغانا أن أنفجرت بالبكاء فأخذتها الطباخة الطيبة بين ذراعيها وكأنها طفلة صغيرة.
" لا تبكي يا صغيرت , لا تبكي يا جميلتي , ساعة الأحزان والآلام جاءت كما تنبأت لك لكن أطمئني فستزول قريباً...".
" كل شيء سيزول".
كانت مورغانا تفكر:
" حتى الحب".
فهي تتجنب لوران ما أستطاعت لكن مجرد سماع صوته في الغرفة المجاورة يجعل قلبها يخفق بقوة عجيبة لم تعهدها :
" هذا ليس الحب , أنه شيء آخر".
كانت تقنع نفسها بأنه جاذب عابر وحسب ... ويجب أن يزول.
كانت الأيام تمضي بسرعة ومورغانا لا تعرف أين يقضي لوران أوقاته , لكنها كانت تشك أنه يذهب كثيراً الى مزرعة ايلين وروبير .
ألمح روبير الى ذلك عندما رأته آخر مرة وأخذ يشرح بعفوية صادقة:
" أنه شيء مسلً فعلاً , فأهلي الذين كانوا يرغبون في شراء بولزيون اليوم يناقشون مسألة بيع المزرعة لأبن عمك لوران ربما".

Rehana 17-09-11 01:28 PM

" لم تقول ربما؟".
" أقول ربما لأنني أرى لوران يأتي كثيراً الى مزرعتنا , ايلين مسرورة جداً , ثم أنه يسأل كثيراً عن أدارة المزرعة....".
" أولاً.... توقف عن تسميته ( ابن عمي) فروابط العائلة بيننا شبه معدومة , ثم أنه لا يستعمل أسم العائلة إلا حين يروق له... أو حين يفيده ذلك".
" في رأيي أنه يفيد من كل شيء تقريباً ... ومن كل الناس عندما يرى أن مصلحته تفرض ذلك".
لم تكن مورغانا تعتقد أن روبير يحلل الأشياء والنفسيات بهذه الطريقة , لكنه يقول الحقيقة... فلوران أراد في بادىء الأمر أن يتسلى بها وعندما رآها تعاند ألتفت صوب ايلين التي تريد القبول... وحتى لو عرفت نواياه فذلك لا همها , أنها من تلك الطينة من النساء اللواتي يعشن ليومهن :
" بينما أنا ".
كانت تفكر بينها وبين نفسها :
" لو أصبت بخيبة أمل فلسوف تلاحقني حتى مماتي".
" ماذا بك ؟ تبدين دائماً وكأنك في مكان آخر , هل تسمعينني؟".
" أنا آسفة يا روبير ,ماذا كنت تقول؟".
" كنت أسأل ما بك؟ لكن ما عليك , أريد فقط أن أعرف أذا كنت ستأتين الى حفلة لوسي تابلتون التنكرية عشية العيد".
" آه لا أعتقد ,ثم أن ايلين ستكون هناك وأظن أنها لا ترغب برؤيتي , هذا ما قالته آخر مرة".
" لا أظنك أخذت كلامها على محمل الجد؟ أنها تغضب وتصرخ أحياناً ,لكنها تهدأ بسرعة , وأظنها نسيت الآن ما حصل".
" هل تعتقد ذلك حقاً؟".
منتديات ليلاس
" طبعاً ,. وبالفعل فهي التي سألتني اذا كنت ستأتين معي الى الحفلة أم لا , فذلك اليوم كانت غاضبة جداً , فقدت أعصابها , ثم أنك لم تسمعي ما قالته بعد ذهابك".
" أنني آسفة فعلاً عن تلك الحادث , كان عليّ ألا أورطك بها ...".
" هيا , كل شيء انتهى على ما يرام ,ولوران كان فارساً بارعاً , أنه يفهم جيداً كل ما يخص الخيول , شقيقتي تتوجه اليه الآن عندما تعترضها مشكلة , وليس الي...".
قالها بقليل من الأنزعاج فأستدركت لمؤاسته :
" لكن أنت أهم بالنسبة الى ايلين فهي في النهاية تأخذ بنصائحك , ولوران ليس إلا طارئاً جديداً...".
" هه , برأيي أنها تنوي اطالة هذه العلاقة , لا بل ربما تفكر بجعلها دائمة , على كل , فكرة أن يصبح لوران زوج أختي لا تفرحني أبداً ,ثم أن له كلمته هو أيضاً...".
" طبعاً , بالفعل ... لا أعرف هذا , هل وصلت الأشياء الى هذا الحد من الجدية؟".
قالت ذلك بصعوبة فقد أحست وكأنها أصيبت بجفاف في حلقها , لكن روبير لم ينتبه الى حالتها فقد هز كتفيه قائلاً:
" لا أدري ما مدى جدية هذه العلاقة , لكن ايلين فتاة تتميز بالأصرار والعناد ".
" وأهلك ماذا يقولون؟".
" لقد عادوا الى لندن, لكن أمي ترى في لوران مكسباً عظيماً , آه لم يرحل من هنا , ألا يخاف على مؤسساته أن تنهار في غيابه؟".
" أشك في ذلك, فهو يمضي يومياً أكثر من ساعة على الهاتف , أتمنى لو أنه لم يأت قط الى هذه المنطقة".

Rehana 17-09-11 01:29 PM

" على كل حال , سيكون في السهرة برفقة ايلين , فهل أنت واثقة من عدم رغبتك في المجيء؟".
" في الحقيقة... لم لا , فربما كان ذلك مسلياً".
" فعلاً وأنت بحاجة لذلك , ألا ترين كم أصبحت عصبية منذ مدة؟ عليك أن تروحي عن نفسك قليلاً".
كان روبير لطيفاً جداً معها , تتركه يمسك بيدها برفق ونعومة لكنه عندما حاول معانقتها صدته بقوة , فهي لا تريد إيذاءه , لكنها في المقابل لا تشعر بشيء نحوه وفي كل مرة تشعر أنها تبتعد عنه أكثر ... ولا تعرف ماذا ستفعل , هل يجب عليها أن لا تراه بعد الآن بحجة العمل وترفض مواعيده؟ هكذا سينسى بعد فترة ... لكنها كانت تشعر بعدم قدرتها على تركه فهو درعها الواقي الآن , أنه دفاعها الوحيد في مواجهة لوران , فإذا فقدته فقدت الأمن والحماية , سيشعر لوران بقيمته أكثر , سيسر ربما ,لكن الحمد لله أن الأشياء لم تجر كما يريد , فهي ما تزال حتى الآن تدافع عن نفسها , فأذا فقدت ذلك فسيكون من أجل الحصول عليه بدون قيود أو حدود , وليس من أجل علاقة عابرة ... الندم فيها أكثر من الراحة ,لكن على أي حال لن تظهر شيئاً ولن تتركه يفهم مشاعرها أبداًً...
في صباح اليوم التالي وصل المهندس المعماري بول كروسبي , كان رجلا طويل القامة يلبس نظارة مذهبة ويتمتع بأبتسامة خلابة , أنه شاب هادىء قليل الكلام, جذاب المحيا ... كان يفحص البيت بكل دقائقه وتفاصيله بكل عناية وثقة , مما أثار تقدير السيدة بينتريث خاصة عندما أعجبته المدفأة الكبيرة وزينتها القديمة فأعرب عن نيته بالأحتفاظ بأسلوب البيت وأناقته المميزة , كان ذلك مفرحاً للوالدة التي تأكدت أن لوران وفى بوعده ولن يحول البيت الى مبنى من البلاستيك والباطون.
لكنه ليس هنا , فعند وصول كروسبي ألتقى به في المكتب لساعة من الزمن ثم سافر الى السويد دون أن يحدد موعد عودته , على كل لا بد أن يعود في نهاية الأسبوع ليذهب مع ايلين الى الحفلة.
وجدت مورغانا في مرافقة بول كروسبي متعة كبيرة , فكانت تجلس معه في المكتب الصغير فيتحدثان أو تبقى لمراجعة بعض الأوراق بينما يكتب هو تقريره عن التغييرات المفترضة.
هذا اليوم ... أنزل صورة مارك بينتريث لتنظيفها ... وبينما كان في المكتب ألتفت الى مورغانا :
" أصول العائلات تهمني كثيراً , لقد أستطعت متابعة شجرة عائلتي حتى بداية هذا القرن , وكم أود لو ذهبت أبعد من ذلك ... من يدري ؟ ربما كنت من أحفاد وليم الفاتح".
" أحياناً تحدث مفاجآت مزعجة , فلو صدق ما قاله أجدادي لكنت الآن من أحفاد أتيلا".
" آه , أنها ملاحظة جديرة بالأهتمام , فبعد الآن لن أخاطر بسؤالك كثيراً...".
" لماذا؟ هل تخاف أن تعرف أشياء غير محببة عن رب عملك ".
تعجب لهذا الكلام الذي تقوله فألتفت مستغرباً :
" لوران... بالعكس أنه رب عمل رائع ورجل ثقة".
" لا بد أنك مسؤول عن حملاته الأعلانية".
" لا حاجة به الى ذلك , وأظن أن التوتر بينكما شيء طبيعي , على كل كان يمكن أن تصبحي في وضع أصعب لو باع البيت أو أقفله ولم يهتم بشيء على الأطلاق".

Rehana 17-09-11 01:30 PM

" نعم , أنه أحتمال منطقي...".
ثم أحب أن أقول لك شيئاً بالنسبة للوران , فأنا لم أره مهتماً شخصياً بمشروع كما أراه اليوم , لقد ألغى مواعيد كثيرة من أجل ذلك".
" ربما وجد هنا ما أمسكه عن العودة".
أبتسم بول وأجاب:
" ربما, لكن لا بد أن يكون هذا الشخص غير أعتيادي حتى ينجح في تحول أنتباهه عن عمله".
" هل جرب كثيرون ذلك؟".
سألته مورغانا والحشرية تملأ نفسها حول كل ما يتعلق بلوران".
" طبعاً , عدد لا بأس به من النساء حاولن ذلك , لكن لوران يعرف أنه جذاب ويحب أن يستخدم سحره وجاذبيته , ثم أن فكرة الزواج لم تكن تروقه بعدما رأى ما حصل في عائلته".
ثم أستدرك:
" أنت تعرفين كل ما حصل , أليس كذلك؟".
" في الحقيقة ليس كل شيء , فهو لا يتكلم كثيراً عن ماضيه , لكنه ألمح في أحدى المرات الى الزواج الفاشل في عائلته".
" للأسف ... هذا صحيح , فقد أفترقنا قبل قليل من موت والده... لقد كنا سوية في المدرسة الداخلية وفي كل مرة كانت تأتيه رسائل العائلة كان ينقبض ويتملكه الصمت والشرود".
منتديات ليلاس
سكت بول قليلاً وهو يتطلع الى أوراقه ثم رفع رأسه بعد قليل متطلعاً الى مورغانا:
" لوران طلب مني أن أسمح لك بأختيار ما تريدين من حاجيات جدتك , فأذا أردت ذلك , أفعليه بسرعة لأنني أريد أفراغ كل شيء قبل المباشرة بالأعمال والتصليحات ".
" بالفعل , هناك ثياب جميلة جدا لكنها قديمة , ولوران كان قد عرض علي بيعها لأحد المهتمين بثياب المسارح".
" أفعلي ما تريدين وأنا سأهتم بالباقي".
في اليوم ذاته أنزلوا الحقائب الكبيرة , ففتحتها مورغانا بكثير من الفضول والخوف , فتهديدات جدها وهي طفلة , شعرت وكأنها ما تزال معلقة فوق رأسها , الثياب كانت مرتبة بدقة وعناية في الصناديق ,وبالرغم من مرور السنين ما تزال تبدو وكأنها جديدة , كانت مورغانا تفاجأ كلما رأت ثوباً جميلاً , فواحد طويل للسهرة مرصع باللآليء , وقمصان من الحرير الصافي أو من القطن الغالي المزركش , جميعها كانت توحي بتلك الأناقة الغابرة لبداية القرن , وفي قعر الصندوق وجدت ألبوماً أصفرّت صوره فوعدت نفسها برؤيته مع والدتها فيما بعد , وبقربه كانت هناك محفظة من الجلد الأصلي مقفلة ومفتاحها غير موجود , حاولت عبثاً التفتيش والتنقيب عنه فلم تجده , وعندما يئست من العثور على المفتاح وضعت الحقيبة الجلدية جانباً واعدة نفسها بفتحها بعد أن ترى كل ما هو موجود في الصناديق.
الصندوق الثالث الكبير كان مفاجأة عظيمة , فقد كانت في لفة جميلة من الحرير مرتبة بعناية كبيرة , أنه الفستان الجميل الذي كانت تلبسه جدتها أمام الرسام الذي نقل صورتها الى تلك اللوحة الزيتية الشهيرة , كانت فرحة بهذه المفاجأة الحلوة , طوت هذا الفستان من الحرير الفخم المزركش بالدانتيلا الخضراء والمشغول بخيطان الذهب اللماعة , بينما صدريته القصيرة تكمل أناقتة بذهبها الخالص وعملها المتقن.
لن تعطي أو تبيع هذه الثروة الصغيرة , لذلك لم تلبث أن حملتها وأسرعت الى غرفتها تقف أمام المرآة تجرب هذا الثوب الرائع .
روبير كان قد سألها ماذا ستلبس للحفلة التنكرية , ولم تفكر بذلك حتى الآن لكن هذا الفستان الذي يعطي لعينيها بريق الزمرد ولقامتها طراوة الحرير سيكون أفضل لباس ترتديه في حياتها.
كان تفكيرها يذهب الى البعيد البعيد, ثم توقفت مركزة نظرها على المرآة , الفتاة التي تراها ليست مورغانا التي تعرفها , أنها لم تعد تتعرف على نفسها ... جميلة كما تظهر , لا بل رائعة ... جذابة , أرخت شعرها وحركت رأسها فنشرته على كتفيها ممعنة النظر في المرآة , أنها أنوثة كانت تتجاهلها , فلماذا يحصل لها هذا؟


نهاية الفصل السابع

Rehana 19-09-11 05:57 PM

8- وجه في المرآة

مضى الأسبوع بسرعة عجيبة فبول كروسبي سافر وحل مكانه ستيف شيسولم , مورغانا ووالدتها لم تتوقفا عن العمل ورؤية الخطط العديدة المعروضة عليها حول تقسيم البيت ومواضيع الحمامات والمطبخ وكل ما يلزم لراحتهما... لكن مورغانا كانت تحاول دائماً ترك القرار لوالدتها.
" خذي القرارات بنفسك يا أمي , فهو في النهاية بيتك....".
" وبيتك أيضاً يا عزيزتي".
" ليس لفترة طويلة , لقد قبلت أن أبقى سنة واحدة وليس أكثر ".
وبالفعل فعقود العمل كانت قد قدمت لهما ووقعتها مورغانا ... شاعرة أنها وضعت أسمها في فخ قبلته برضاها , لكن لا يهم .أنها مصلحة والدتها....

Rehana 19-09-11 06:06 PM

" ربما غيرت رأيك بعد سنة يا أبنتي وبقيتي معنا".
" لا أعتقد , فلو أستطعت الذهاب لرحلت الآن دون تردد ".
لكن هل ما تقوله صحيح؟ هل هذا ما تشعر به الآن بعد كل ما حدث ؟ ثم ماذا لو قبل لوران أن تترك عملها؟ هل ستذهب الى غير رجعة بدون أمل رؤيته من جديد؟ (أمل) تساءلت مورغانا , أنها ليست الكلمة الصحيحة ربما , فهي تعرف أنها لا تنتظر شيئاً من هذا الشاب ثم أن علاقتهما بدأت عاصفة وما تزال , فما الذي تغير الآن ... ربما الرغبة , هذه الرغبة التي أقتحمتها مثل رياح عاتية فأمتلكت مشاعرها وتغلغلت في شرايينها حتى أصبحت أسيرة لها...
كان ثوب الجدة معلقاً على المشجب في غرفتها , فنظرت اليه مورغانا وقررت عدم أرتدائه للحفلة التنكرية , فالأفضل أن تلبس ثوب بصارة وتضع على رأسها قبعة طويلة , فهذا أفضل, ثم أنها ستشعر بأنها تملك قدرات عجيبة كبيرة تسمح لها بأن تطلب المستحيل ولو حلماً ,... ذلك المساء تفرجت مورغانا ووالدتها على ألبوم الصور وعند أنتهائهما من آخر صفحة تنهدت الوالدة:منتديات ليلاس
" أنها صور قيمة جداً ... وجميلة ولكن للأسف ينقص الكثير منها.
" ألم تلاحظي أنه لا توجد صورة لمارك؟".
" حقا؟ لم ألاحظ ذلك , ولكن ليس غريباً فربما كان جدك هو الذي سحبها من الألبوم بعد ذلك الخلاف".
" لا بد أنه كان حقوداً , وبالمناسبة نسيت أن أقول لك أنني وجدت حقيبة جلدية بين أغراض جدتي , لكن مفتاحها مفقود , فأذا كنت قد وجدت مفتاحاً صغيراً بالصدفة وأنت تجمعين الأغراض , فقولي لي أين هو".
" لا لم أجد شيئاً , المفتاح الوحيد الذي عثرت عليه كبير ولا يمكن أن يكون مفتاح حقيبة صغيرة , ثم ماذا يمكن أن يكون في داخلها؟".
" ألماس ربما, وهكذا نستعيد هذا البيت...".
قالت مورغانا ذلك وهي تبتسم أبتسامة شفافة متطلعة الى والدتها.
" وكيف نستعيد البيت, طالما أن صاحبه من عائلتنا , ومن الصعب أن يقبل ذلك؟".
" أنتسابه الى العائلة عميق لدرجة أنه لم يحتفظ حتى بالأسم!".
" ذلك شيء طبيعي يا أبنتي, فلوران عاش طفولة مليئة بالخلافات العائلية بين جيل ومارك , فالأول كان يعتقد أنه طرد من كنف العائلة وأجبر على أبتداء حياة جديدة صعبة لم يتوفق كثيراً فيها ,,, بينما زوجته كانت وارثة غنية ثم لم يلبثا أن افترقا وتزوجت والدة لوران فان كوسين الثري ففضل أبنها حمل أسمه الذي يحمل الطمأنينة ونسيان الماضي التعيس الذي عاشه...".
" طبعا بدون شك".
قالت مورغانا ذلك وهي تفكر بالطفولة السعيدة التي عاشتها , ولم تكن تتخيل كيف يمكن لطفل أن يعيش عمره الصغير تعساً , مليئاً بالمشاكل والخلافات....

Rehana 19-09-11 06:07 PM

ذلك الليل وضعت مورغانا الحقيبة الجلدية أمامها وأخذت تنظر اليها متفحصة , لقد كانت ثقيلة مما يدل على أنها تخفي شيئاً ما , لكن كيف الوصول لفتحها دون كسر القفل؟ لكن لماذا هذا التفكير بالماضي؟ ثم أتجهت الى الخزانة لتضع فيها الحقيبة حتى تعود وتنظر في أمرها فيما بعد , لكن ما أن فتحت الخزانة حتى وقع نظرها على فستان الجدة , فظهرت علامات الأنزعاج على وجهها , ماذا يفعل هذا الثوب أمام عينيها ؟ لا تريد أن تراه كلما أرادت أخذ شيء من حاجياتها لذلك أمسكت به ورمته في زاوية مهملة , لقد كان عليها أن تتركه في ذلك الصندوق القديم.
قبل يوم من العيد , كانت السماء صافية وغشاء أبيض رقيق يغلف الأرض, مورغانا قدمت فطور الصباح لزبائن الفندق وأتجهت الى المطبخ حين سمعت صوت رنين الهاتف, فأمسكت السماعة لتفاجأ بأيلين على الخط الآخر تطلب منها بكل نشافة أن تتكلم مع لوران .
" أنه ليس هنا!".
كان جوابها سريعاً لكن تفكيرها كان أسرع, أذ لوران لم يتصل بأيلين في غيابه .
" أذن أين يكون الآن؟ فليس من المعقول أن يكون ما زال في السرير , كان يجب أن يعود منذ يومين".
" أنني أجهل مشاريعه".
" أتساءل لو كان كلامك صحيحاً , فلا يبدو عليك التعاون كمستخدمة عند فان كوسين , ثم أراك تخفين أهتماماً به... على كل أنصحك ألا تجربي شيئاً خوفاً عليك من خيبة الأمل".
صفعتها صفاقة أيلين , لذلك لم تتمالك نفسها من الرد:
" لم لا تتحدثين عن أهتمامك أنت؟".
" معك حق , أما بالنسبة اليك فأنصحك بالبقاء حيث أنت, ثم لماذا لا تهتمين بروبير فهو على ما يبدو مغرم بك, أهتمي به , ذلك أضمن لك".
" شكرا على نصائحك القيمة".
" لا شكر على واجب , ثم قولي للوران أن يتصل بي حين يصل ... لو سمحت".
" حاضر , وهل لديك شيء آخر تريدين أن أخبره به؟".
" ليس الآن, لكن سأعينك في هذه المهمة أذا طرأ شيء جديد على بالي..".
وأنتهت هذه المكالمة الجافة بين المرأتين , فوضعت مورغانا سماعة الهاتف بكل نعومة وهدوء ثم وقفت صامتة , كابتة غضبها الكبير فأيلين تبدو مليئة الثقة بنفسها ... وبلوران , هل عليها أن تصدقها أم تترك مشاعرها تحكم فيما بعد؟".
وبخطى متثاقلة توجهت الى المطبخ حيث وضعت أمامها الزا صحن الفطور المليء بالأطايب قائلة:
" ستأكلين كل هذا حتى آخر لقمة , ألا ترين كيف أصبحت نحيلة؟".
تناولت مورغانا الشوكة بشيء من الأشمئزاز قائلة:
" لست جائعة أبداً".
" ولست سعيدة أيضاً , لكن أياماً جميلة ستأتي يا أبنتي ... فلقد قرأت لك في أوراق الشاي هذا الصباح ووجدت خاتم زواج... واضحاً كوضوح الشمس".
أبتسمت مورغانا ساخرة:
" آسفة أن أخيب أملك يا الزا لكنني لا أفكر بالزواج الآن ".
" لكن هناك شاباً يفكر بك دائماً , وسيقوم بطلب يدك .. أنا متأكدة من ذلك فأوراق الشاي لا تكذب".
" بعض المرات تكذب... أليس كذلك؟".

Rehana 19-09-11 06:08 PM

ثم تناولت لقمة وضعتها في فمها غصباً عنها... وفجأة كادت أن تختنق عندما وقع نظرها على طاولة الكي فصرخت مذهولة:
" ماذا يفعل هذا الثوب هنا؟".
" فكرت أن أكويه قليلاً فمن غير المعقول أن تذهبي الى السهرة بفستان غير مكوي".
" لكنني لن ألبسه.".
" لماذا ياأبنتي؟ لكنه جميل جداً وستكونين أجمل امرأة حين ترتدينه.".
" فعلاً. لذلك أفضل أن أضيع بين الناس دون أن ألفت أنظارهم".
" لا معنى لكلامك هذا , ستلبسينه وتسحرين به كل الناس خاصة الشاب الذي تفكرين به , مثلما فعلت جدتك من قبلك, ثم لا أحب أن يضيع عملي سدى".
" حسناً , حسناً يا الزا... سألبسه , ولكن لا تأملي كثيراً فالرجال كانوا أيام جدتي غير ما هم عليه اليوم...".
" لا أعتقد... فالحب لم يتغير".
" لكن الظروف تغيرت.".
سكتت مورغانا مفكرة بالفرق الشاسع بين قصة حب جدتها وقصتها.
أين هي الآن من تلك البساطة التي كانت موجودة في تلك الأيام؟
هذه الأفكار لم تتركها حتى آخر لحظة قبيل السهرة حين أنهت زينتها ونزلت الى البهو حيث كان روبير بأنتظارها , أبتسم ورفع حاجبيه عندما رآها فقد كانت جميلة.... رائعة.
" هل لي أن أبدي إعجابي؟".
" لا .... أريد أن أفاجئك".
" أنت تفاجئينني دائماً".
ابتسمت مورغانا بينما مد روبير يده طالباً الذهاب.
" هيا فأيلين تنتظرنا في السيارة".
منتديات ليلاس
عضت الفتاة على شفتيها , ايلين اذن لم تعرف جديداً عن لوران , أليس كذلك , سألت روبير فقال:
" آه... لقد اتصلت سكرتيرته تعتذر عن تأخره , لكن لحسن الحظ أن جيمي نابلتون في أجازة هذه الأيام وهو الذي يرافق ايلين , أنه من أحد أصدقائها القدامى وستسر معه على ما أظن".
لكن يظهر أن ايلين لم تكن مسرورة أبداً... فقد حيت مورغانا من أطراف شفتيها وبقيت صامتة طوال الطريق.
عائلة تابلتون تسكن بيتاً كبيراً بعيداً عن الطريق العام ,وقد وضعت أضواء خافتة مع أقنعة عديدة على أطراف الطريق الصغيرة التي توصل اليه , وعلى الباب كانت لوسي تابلتون تستقبل المدعوين بقامتها الطويلة الجميلة , فرحبت بشغف كبير بروبير وشقيقته بينما أكتفت بالرد على مورغانا بأبتسامة عادية , وألتفتت الى ايلين قائلة:
" عزيزتي , حظك تعس فعلاً , لكن لا بأس فهذا من حسن حظ جيمي ...كم أنا سعيدة برؤيتك , مضى زمن طويل...".
فتذكرت مورغانا أن روبير قبل أن يتعرف عليها كان يتردد كثيراً على لوسي.
في هذا الوقت أتجهت ايلين لتضع معطفها في الغرفة التي حولتها المضيفة الى مشجب كبير , ولم تلبث مورغانا أن دخلت لتضع معطفها وتخرج بسرعة لكن ايلين أستوقفتها قائلة:
" أنك فرحة على ما أظن , أليس كذلك؟".
" ليس بالضرورة , ثم أنك لا تصدقينني لو قلت لك ذلك , لكنني آسفة فعلاً أن لوران لم يأت لمرافقتك".

Rehana 19-09-11 06:09 PM

خرجت من فم ايلين ضحكة عالية طعمها مر كالعلقم.
" شكراً على عاطفتك القيمة , أنها غير مجدية ... ثم لو أن لوران أتي الآن لعرف تماماً أنني لا ولن أضيع وقتي في انتظاره".
ثم خرجت وهي تصفق الباب بقوة , فتنهدت مورغانا مرتاحة , متذكرة أنها لاحظت أن ايلين غير متنكرة في هذه الحفلة مما زادها حنقاً على نفسها لأرتدائها هذا الفستان القديم , أنه فعلاً قديم ... من عصر آخر مضى الى غير رجعة.
صوت روبير قطع تفكيرها:
" أنت رائعة حقاً هذه الليلة".
" لا تعجب كثيراً فبعد منتصف الليل لا يعود هناك سحر وجاذبية , فهيا الآن ننتهز الفرصة فنشارك في العيد".
كل شيء كان مدروساً ومحضراً لهذه الحفلة الكبيرة , فالقاعة الواسعة كانت مفرغة من أثاثها لتتسع لكل المدعوين , ورقصاتهم كما أن طاولة مليئة بكل الأطايب كانت في متناول أيدي الضيوف.
وكما كان منتظراً , فغالبية الفتيات كن متنكرات بينما روبير وباقي الشبان يتنكرون بألبسة مختلفة , متنافرة ... ولحظة دخولهما الى الصالة همس الشاب في أذن مورغانا:
" مورغانا , تعرفين مشاعري بالنسبة اليك , أليس كذلك؟".
" أوه روبير , ليس هذا هو الوقت ولا المكان المناسبين لهذا الحديث".
" لا أطلب منك جواباً فورياً , أنني أستطيع الأنتظار ,ثم أنت لا تقبلين العمل طوال حياتك مع فان كوسين , أليس كذلك؟".
" الى حد ما نعم... وأنت تعرض البديل".
" أبداً, أنني أذهب أبعد من ذلك بكثير , فأنا أريد أن أتزوجك...".
ثم توقف لحظة ملتفتاً حواليه:
" بحق السماء , أليس هناك من مكان هادىء نذهب اليه؟".
" روبير , لا تكن عبثياً , أنني أكاد لا أتعرف عليك".
" وأنا أيضاً يا مورغانا , تعرفين أنني أحبك لكنك تبدين جميلة جداً هذا المساء".
شعرت مورغانا بالضيق والحيرة , فهي لا تعرف ماذا ستفعل لكن الحظ شاء مساعدتها إذ رأت ايلين وجيمي ووراءهما لوسي وأحد الأشخاص يبدو على وجهه الفرح والسرور يتقدمون جميعهم بأتجاههما...
" حسناً أيها المبتعدان عن الناس... ربما هذه هي خطة روبير لأبعاد المعجبين عنك يا مورغانا , لأنك والحقيقة تقال رائعة الجمال هذه الليلة".
كان جيمي يقول جملت بينما مورغانا تراقب نظرات ايلين المتضايقة والحسودة ,ثم توجهت اليها لوسي بالحديث:
" أين وجدت هذا الفستان؟ ليس في بولزيون على ما أظن؟".
وبالرغم منها وجدت مورغانا نفسها تروي قصة هذا الفستان ودوره في حياة جدتها , وما أن أنتهت حتى علقت لوسي:
" أنها قصة رومنطيقية فعلاً".
فردت ايلين:
" لا أجد شيئاً من الرومنطيقية في هذه القصة , كل ما في الأمر أن مورغانا لا تملك ثمن فستان من أجل المجيء الى السهرة ".

Rehana 19-09-11 06:11 PM

وقع هذا الكلام وقع الصاعقة على الجميع , فتملكهم صمت مفاجىء لم يقطعه سوى تقدم روبير والغضب باد على وجهه بأتجاه أخته, فمنعته مورغانا بحركة صغيرة من يدها:
" أتركها يا روبير , لا فائدة , أريد أن أعود الى بيتي الآن".
وبالرغم من معارضة الجميع إلا أنها أصرت على موقفها , فأخذها روبير في السيارة حيث بقي الصمت مخيماً الى أن قطعه روبير قائلاً:
" أنني لا أفهم موقف شقيقتي , سأستفهم منها غداً".
" لا لزوم لذلك , فهي لا تستلطفني هذه الأيام وربما تزيد أسئلتك الطين بلة".
" لكنكما لا تعرفان بعضكما جيداً".
" أرجوك لا لزوم لذلك".
" لكنني لا أريد أن أرى شقيقتي والمرأة التي أحب في مثل هذا الوضع , وأتمنى أن تتغير عندما تصبحين زوجتي , أعتقد ذلك...".
" روبير , أرجوك , لم أوافق على الزواج بعد".
" لديك كل الوقت".
غرقت مورغانا في مقعد السيارة الى أن وصلا الى البيت فنزلت مسرعة بعد أن أعتذرت عن دعوته الى الداخل بدافع التعب.
أنتظرت قليلاً حتى أبتعد بساريته عن نظرها ثم دخلت الى البيت , وعبرت البهو الكبير ناظرة الى غرفة الجلوس لترى إذا ما كانت والدتها ما تزال صاحية ... لكن العتمة كانت تلف كل شيء وليس في المدفأة غير بقايا حطب محروق ما زال احمراره يشع بخفوت.
صعدت الفتاة الى غرفتها وأقفلت الباب بينما تحس بقلبها ثقيلاً متعباً , ثم التفتت لتفاجأ بشمعتين مطفأتين وتفاحة على طاولة الزينة .
" أنها الزا".
قالت لنفسها وهي بين الضحك والبكاء , فقد كانت صغيرة عندما أخبرتها الزا لأول مرة عن معنى هذا التاريخ من السنة والمعتقدات التي تدور حوله ,وما زالت تذكر الأسطورة التي تقول أن الفتاة التي تسرح شعرها عشية هذا العيد على ضوء شمعتين وهي تأكل تفاحة سترى في المرآة صورة الرجل الذي ستتزوجه.
" ويمكن أيضاً ألا تأكلي التفاحة بل تضعيها تحت المخدة".
كان هذا الكلام يعود الى ذاكرتها وهي تستعرض كم مرة وهي يافعة جربت ذلك ولم تر في المرآة غير صورتها ,وكانت التفاحة تحت المخدة تمنعها من النوم الهادىء , كانت قد نسيت هذه التصرفات , فلماذا تريد الزا أستعادتها هذه السنة؟ ربما قرأت في الفنجان عرض روبير بالزواج...
كانت التفاحة شهية المنظر فأحست بالجوع , لماذا لا تذهب الى المطبخ لتحضير سندويش ؟ لكنها وقبل أن تتحرك من مكانها امسكت بعلبة الثقاب وأشعلت عوداً قربته من الشمعتين فأضاء بنور غريب شع في الغرفة , وترك على جدرانها خيالات تتراقص وكأنها لكائنات حية , ثم أخذت فرشاتها وبدأت بتسريح شعرها بكل رفق ونعومة بينما تناولت باليد الأخرى التفاحة وبدأت بقضمها... وفجأة أعادتها هذه الحركات الى أيام طفولتها ومراهقتها حيث كانت الهموم أقل وكان الفرح سيد المشاعر والأحاسيس... كانت التفاحة شهية فقضمت مرة أخرى وأغمضت عينيها متلذذة بطعمها الطيب , وعندما فتحت عينيها سقطت التفاحة من يدها وتوقف فمها عن الحركة وتجمدت يداها بدون حراك فوجه لوران كان في المرآة.


نهاية الفصل الثامن

Rehana 19-09-11 06:13 PM


9- القرار


ارادت مورغانا الصراخ بأعلى صوتها لكن حنجرتها خانتها , لم تصدق عينيها ... كانت تريد الوقوف والهرب في أي اتجاه , فليس صحيحاً ما تراه , لا بد أنها تحلم , فتحت عينيها تريد الخروج من هذا المكان , لكن يدين قويتين أمسكتا بكتفيها بكل هدوء وأدارتا جسمها نصف دورة...
" لا تخافي , لست شبحاً اخرجته الاعيبك الطائشة...".
أنه لوران بلحمه ودمه! لم تدر ماذا تقول بصوتها الخافت المرتعش.
" ماذا تفعل هنا؟".
" أخاف أن أكرر دائماً نفس الشيء .... أنا هنا في بيتي".
" لكن أحداً لا يعرف أين أنت, ولم نكن نتوقع حضورك هذه الليلة".
ابتسم الشاب أبتسامة فيها من الذكاء ما يوحي كذلك بالخبث المحبب.
" أفهم من كلامك أنك أفتقدتني؟".
" أبداً... أنا لا يهمني ماذا تفعل وأين تذهب ,لكن ايلين دونليفين بدا عليها القلق هذه الليلة".
" وما دخلها الآن في حوارنا؟".
" كانت ليلة الحفلة اليوم! أنسيت أن عليك مرافقتها الى هناك؟".
" لا أتذكر أنني وعدتها بشيء , فمشاريعي لم تكن تسمح لي بأي وعد أقطعه على نفسي , ويبدو أن ايلين الجميلة تمزج بين رغبتها والواقع , ربما لأنها جميلة".
" على كل حال كانت منزعجة جداً ".
لكنها تساءلت لماذا تدافع عن مشاريع ايلين؟.
قطع لوران تفكيرها:منتديات ليلاس
" آه , كانت منزعجة فعلاً؟ هذا لا يشبه طبعها أبداً , على كل أظن أنها وجدت مرافقاً غيري , هل أنا مخطىء؟".
" لا لست مخطئاً".
كانت كتفا مورغانا ما تزالان بين يدي لوران , وعندما تحركت تريد الوقوف تركها الشاب قائلاً:
" أنا آسف أذا كنت قد أخفتك ,كان عليك أن تسمعي صوت الباب حين دخولي , لكنك كنت مأخوذة بتخيلاتك , فأي لعنة كنت تصبينها عليّ هذه الليلة؟".
" لا شيء أبداً".

Rehana 19-09-11 06:14 PM

" حقا...".
ثم أنحنى وتناول التفاحة التي كانت قد وقعت على الأرض:
" أكملي أذن عشاءك".
" لم أعد جائعة , على كل حال هذه التحضيرات كانت من عمل الزا".
" لكنها ليست مزاحاً غبياً ,وألا لما كنت بقيت في العتمة , على كل حال لقد أخفتني قليلاً".
" حقا؟ لا أدري كيف؟".
" لأنني كنت في الغرفة منذ خمس دقائق فسمعت حركة في البيت وما أن ألتفتت حتى وجدتك أمامي فأعتقدت أنها خرجت من أطار اللوحة , فمن أين حصلت على هذا الثوب؟".
" لقد كان في أحد الصناديق , وقررت أرتداءه للحفلة التنكرية".
" أنك رائعة الجمال في هذا الثوب , لقد ظننتك مورغانا الخرافية".
" آه فعلاً ... مثل أميرة العصور الوسطى , عظيم! أشكرك على هذا المديح لكنني أريد النوم فلو تفضلت الآن بالخروج رجاء".
" أنا أيضاً أريد النوم".
أمسكها بين ذراعيه يحاول أن يقربها نحوه ,لكنها أغمضت عينيها رافضة , لا تريد رؤيته بقربها وفي الوقت ذاته ترى تلك الدوافع التي تجعل من أقترابه منها أمنية تتمناها , لا بل تحلم بها كل ليلة , وأخيراً أستطاعت أن تبعده لكنه كان ما زال قريباً منها ليهمس في أذنها:
" أنك في مخيلتي كل الوقت, لم أستطع النوم وأنا أفكر بك".
" لوران أرجوك اتركني".
ولكن لوران استمر في عناده بلطف ونعومة , كانت نظراته تشعرها أنها غير قادرة على أخفاء مشاعرها نحوه, فقد أستطاع أن يتبين أحاسيسها ومشاعرها , أنه يملك القدرة على استنباط رغبتها, لكن هل يحبها فعلاً ؟ أنها غير مطمئنة له ولا لأحاسيسها , وفجأة نظر الأثنان الى بعضهما فصوت جرس الباب كان يرن بقوة ويرسل صداه في الليل , فوقفت مورغانا وعلامات الخوف على وجهها بينما طمأنها لوران قائلاً:
" سأنزل لأرى من الطارق".
لكن مورغانا أوقفته بيدها وخرجت تقف في أعلى السلالم , فترى أضواء البيت قد أنيرت والزا تتجه مسرعة الى الباب تفتحه لتدخل ايلين دونليفين , مرعوبة صارخة:
" النجدة! النجدة! أريد الأتصال بالمستشفى فجيمي وقع له حادث بالسيارة بالقرب من هنا , حالته خطيرة....".
نزلت مورغانا السلالم الى البهو بسرعة وسألتها:
" مذا حصل بالضبط؟".
" ليس بعيداً من هنا ... لم يستطع جيمي السيطرة على السيارة فوقع في حفرة كبيرة , أنه مجروح في رأسه , يجب أن أتصل بالطبيب أو بالمستشفى".
" سأهتم بذلك!".
وأنطلقت مورغانا نحو الهاتف بينما قادت الزا ايلين الى الصالون وذهبت لتحضر لها الشاي , لكن ايلين لم تعد تلتفت لأحد عندما رأت لوران ينزل السلالم بهدوء , فركضت نحوه لترتمي بين ذراعيه باكية.
" لا تخافي , سنهتم بالموضوع ... تعالي الى غرفة الأنتظار وأرتاحي قليلاً بأنتظار الشاي , أما أنا فسأذهب لأبقى بجانب جيمي حتى تصل سيارة الأسعاف".

Rehana 19-09-11 06:15 PM

وما أن أنتهت مورغانا من اتصالاتها الهاتفية حتى توجهت الى المطبخ لتتأكد من أن الزا تحضر الشاي , ثم دخلت الى الغرفة فوجدت ايلين مستلقية على المقعد الكبير وما أن رأتها داخلة حتى سألتها بقساوة:
" أين لورا... ألم يردع بعد؟".
" لا , وأظنه سيبقى بقرب جيمي حتى يأخذوه الى المستشفى".
" أنني بحاجة اليه , لقد أصبت بصدمة كبيرة".
ثم تناولت جرعة من الشاي الذي كان قد وصل:
" أنه حلو!".
" أفضل كذلك , فسيساعدك على تهدئة أعصابك".
ثم سألتها مورغانا بهدوء كيف وقع الحادث...
" كان عليه ألا يقود السيارة , فقد نعس كثيراً وكان تعباً ... آه لو أن روبير بقي معنا لما حدث ما حدث".
" هل تلمحين الى أنني السبب في الحادث؟".
" ليس بالضرورة , ولكن لم تكوني مجبرة على الهرب كما فعلت...".
أرادت مورغانا الرد عليها بقسوة لكن دخول لوران منعها.
" والد جيمي ذهب معه الى المستشفى , ولا خطر عليه فهو جرح بسيط سيشفى منه بسرعة , الأفضل أن تقضي ليلتك هنا... مورغانا ستحضر لك غرفة".
" على الفور". ثم قامت وايلين تنظر اليها بغرابة ودهشة.
منتديات ليلاس
وصلت الى غرفتها واستبدلت الفستان ببنطلون جينز وكنزة خفيفة , فهي كذلك تشعر بالراحة والثقة أكثر , ففي داخلها كانت مضطربة ل وجود ايلين في بيتها بعد الذي حصل هذه الليلة , ثم أي غرفة في بولزون توازي غرفة نومها الفخمة... لكنها ستفعل ما في وسعها لكي تعطيها غرفة لائقة ونظيفة, أخرجت الأغطية الجديدة وحضرت السرير بأعتناء زائد , وعندما همت بالخروج كان لوران يقف على عتبة الباب فسألته:
" هل جئت تتأكد من تحضير الغرفة؟".
" هذا ليس مهماً , فبيننا نحن الأثنين عمل لم ننته منه بعد!".
" أعتقد أنك مخطىء , فعملي محصور بالأهتمام بالفندق وليس بصاحبه".
" ومن قال لك أن تهتمي بصاحب الفندق؟".
" ليس لدينا ما نقوله , فأرجوك أبتعد عن طريقي".
" آه منك , متى ستنتهين من هذه الألعاب الصبيانية؟".
" سمها ما شئت , لكن أذا لم تبتعد سأصرخ بأعلى صوتي وأوقظ كل نزلاء الفندق".
" لكنني بحاجة أن أقول لك أشياء كثيرة".
" لا شيء يجبرني على سماعها".
" ولماذا أنت غاضبة؟ الأن ايلين ستنام هنا؟".
" وما همني من ذلك؟ أن خيالك واسع حقا..."
أحست مورغانا أن صوتها يرتفع فحاولت السيطرة على أعصابها , أسرعت متجهة الى غرفتها , تجلس على سريرها تاركة نظرها سارحاً في خواء الغرفة... فهي للمرة الأولى تشعر أن مجيء ايلين كان رحمة لها , وقد منعها من السقوط في الهاوية , فهو رجل لا يبحث الا عن متعة عابرة , يعود بعدها الى أعماله وأشغاله وينساها بينما هي ستغرق كل حياتها في الندم والأسف على ما قامت به...

Rehana 19-09-11 06:16 PM

كانت تود البكاء لكنها منعت نفسها , فقبل أن تنام يجب أن تضع الستار الحديدي أمام المدفأة وتعيد صينية الشاي الى المطبخ ,وأثناء مرورها في الممر لمحت ايلين واقفة على باب غرفتها ولوران أمامها تبتسم له ثم تمسكه من يده وتدخله الى غرفتها وتغلق الباب , رفعت مورغانا يدها تكتم فمها ثم لم تلبث أن هربت الى غرفتها فالوقت متأخر والتعب قد أخذ منها مأخذه...
في الصباح نزلت متأخرة لتناول الفطور فجلست بالقرب من والدتها معتذرة عن تأخرها.
" هذا طبيعي يا أبنتي فبعد الليلة المتعبة... آه , لقد سمعت كل شيء فالضجيج كان عالياً , حتى أن الآنسة ميكنز شكت لي هذا الصباح أنها لم تمض جفنا طوال الليل , أنك تعبة يا أبنتي فلم لا تعودين الى النوم؟".
" لا , لا لزوم لذلك ... وكيف حال ضيفتنا هذا الصباح؟".
" أنها تتناول فطورها في الغرفة".
نظرت مورغانا الى والدتها ولم تشأ السؤال عن لوران , أنها لا تريد التفكير به ولا بما فعله البارحة , فليفعل ما يشاء مع ايلين , أنها حياته الخاصة ,ثم رفعت رأسها وكأن فكرة طرأت عليها:
"اذا لم تكوني بحاجة الي فسأذهب الى المزرعة".
ثم وقفت بسرعة وأتجهت الى الباب , في المزرعة كان روبير يخرج من الحظائر عندما رآها فترك ما في يده وركض لأستقبالها:
" فاجأتني حقا ... فلم أكن أنتظرك هذا الصباح".
تصنعت مورغانا الأبتسام ثم وضعت يديها في جيوب ردائها:
" روبير , هل كنت جاداً في ما قلته البارحة؟".
نظر اليها بتمعن متفحصاً وجهها الجميل وتعابيره:
" بالطبع يا مورغانا , بالطبع".
" حسناً أذن , أن جوابي هو الموافقة على الزواج منك ,ولكن ليس الآن , فأنت تعرف أن والدي لم يمض على وفاته وقت طويل....".
" طبعا , طبعا".
حاول روبير أن يجد ما يقوله لكن وقع المفاجأة كان أقوى فلم يتمالك نفسه:
" لن تنندمي أبداً على هذا القرار , أعدك.....".
ثم أخذها بين ذراعيه فأغمضت عينيها مفكرة , كيف فعلت هذا؟ ولماذا؟".
أنه الخوف والهرب من حقيقة مشاعرها , وعندما ابتعد روبير أبتسمت قدر ما طاوعتها شفتاها:
" يجب أن أعود الى الفندق فلدي ألف غرض أقضيه".
" سأمر لآخذك هذا المساء فنحتفل بهذا القرار ,موافقة؟".
" موافقة".
ثم أنطلقت مسرعة بأتجاه البيت وأفكارها تتساءل عن جدوى ما فعلت , ثم ما ذنب روبير كي يكون ضحية هربها وخوفها وجبنها ؟ أنها تستخدمه كدرع في مواجهة لوران , أنها تحب لوران , تشعر بذلك, لا بل هي متأكدة أنها مغرمة به, فلم تفعل ذلك أذن؟
دخلت الى البيت بدون حس أو صوت , حتى لا تلتقي أحداً , فعاجلاً أم آجلاً ستخبر الجميع بهذا النبأ ,لكن عليها الآن أن تتعود على ما قررته , فحتى بالنسبة اليها ما يزال هذا القرار غريباً .
لكن لسوء حظها كان لوران في أعلى سلالم الطابق الأول:
" هل لديك نية في الكلام هذا الصباح؟".
" هذا يتعلق بالموضوع".
" الموضوع؟ أنا وأنت , ألا يكفي؟".

Rehana 19-09-11 06:17 PM

" تتحدث وكأن بيننا علاقة عاطفية".
" أو تظنين العكس؟".
لم يكن لوران يعرف أنها رأته البارحة يدخل الى غرفة ايلين , أما هي فتنفست عميقاً بنظرها عنه قائلة:
" عظيم أذن, فلتكن أول العارفين... أنني مخطوبة الآن".
صرخ لوران مقطباً حاجبيه:
" غير صحيح!".
" بلى صحيح ... فروبير طلب يدي البارحة مساء وأنا وافقت منذ نصف ساعة".
" أنك امرأة لا تعرف المشاعر , فالبارحة كنت بين ذراعي واليوم تريدين الزواج من رجل آخر".
لم تتمالك مورغانا أعصابها ... أنها أحرى بالرد بمثل هذا الكلام , لكن لسانها لم يطاوعها فأنطلقت يدها بصفعة قوية على وجه الشاب.
" بلغي تحياتي لروبير دونليفين أيتها الشقية الخبيثة, فعلى ما أظن أنه بحاجة لأمثالك".
وأستدار خارجاً.


نهاية الفصل التاسع

Rehana 21-09-11 06:34 PM

10- الصور المحفورة بالنار

" مع روبير؟".
بكل هذه الدهشة والأستغراب أجابت السيدة بينتريث على الخبر الذي جاءت أبنتها لتعلمها به... بينما كانت مورغانا تبدد قلقها وأضطرابها بأبتسامة متصنعة.
" يا أمي , أنت تعرفين أننا نخرج سوياً منذ مدة".
" أعرف , أعرف لكنني لم أظن يوماً أنك جادة في علاقتك معه".
" طبعا أنا جادة , ثم أن المشاعر هي الأساس والأصل".
" وهل أخبر أهله بذلك؟".
" سيخبرهم هذه الليلة على ما أظن , لكن لماذا تسألين؟ أتعتقدين أنهم سيرفضون؟".

Rehana 21-09-11 06:36 PM

" لن أخاطر بالجزم , لكنك تعرفينهم جيداً فهم لن يستقبلوك بأذرع مفتوحة".
التزمت مورغانا الصمت للحظات ثم أستدركت :
" أنني أتزوج روبير لا عائلته".
" طبعاً , بدون شك يا أبنتي , لكنك كنت تعبة جداً هذه الأيام ومضطربة فأرجوك ألا تتخذي قراراً تندمين عليه في المستقبل".
" لن أندم على شيء".
ردة فعل الزا لم تكن أقل شكاً من الولدة:
" يا ألهي لا بد أنك فقدت عقلك!".
" الزا عزيزتي... ألم تكوني تريدين دائماً سعادتي وهنائي , ألم تري رجلاً أشقر الشعر يتزوجني في مطالعتك للورق؟".
" نعم , لكن ليس روبير , وأنت تعرفين من يا أبنتي فلا تكذبي على نفسك".
" لا , أنه هو ولا أحد غيره".
ثم استدارت خارجة , أن الأستجابات التي ملأت سمعها حتى الآن تجعلها تفكر كيف ستتلقى عائلة روبير النبأ , ستكون ردة فعلها باردة مغلفة بالتهذيب.
منتديات ليلاس
روبير كان أيضاً مهذباً تلك الليلة حين ذهبا للعشاء في أحد المطاعم الشهيرة في المدينة الصغيرة , وأصر على طلب أغلى وأفضل المآكل لكن كثيراً من الصمت لحق تلك السهرة التي خيم عليها الأضطراب , خاصة من جهة مورغانا.
هذا ما كانت تفكر به في طريق العودة وحين وصولهما الى البيت توجه اليها روبير قائلاً:
" لقد غيرت فكري, سنتزوج في أسرع وقت ممكن".
" روبير , لكنك وعدت بأن تترك لي الوقت الكافي للتحضير , فحتى الخطوبة لم أتعود عليها بعد".
" حسنا ,سأحاول الأنتظار".
دخلت الفتاة الى البيت بأقل ضجيج ممكن , وعند مرورها أمام غرفة الجلوس , سمعت حديثاً هادئاً فقد كانت والدتها تتجاذب أطراف الحديث مع المايجور لاوسون فلم تحب أزعاجهما ... لكن عند أول السلالم كان لوران يعترض طريقها قائلاً وهو يتفحصها بنظراته:
" هل أمضيت سهرة طيبة؟ يبدو من هدوئك أن خطيبك عاقل جداً".
" نعم فهو عكسك تماماً , لا يمزج بين الحب الحقيقي والرغبة العابرة , روبير ليس حيواناً".
"في هذه الحالة يجب أن يفكر مرتين قبل أن يقرن حياته بهرة متوحشة مثلك".
ثم أقترب منها يحاول أمساكها بكتفيها لكنها صرخت:
" دعني, لا تقترب مني.....".
" لن أمسك أبداً.. ولكن هل حددتما على الأقل موعد الزواج؟".
" ليس بعد , لكننا سنتزوج في أقرب وقت ممكن".
" حقا, كنت أظن أن خطيبك من محبي الصبر والأنتظار".
" لا أسمح لك أن تتكلم عنه هكذا".
" آه فعلا ً, أعتقد أن الأنتظار لمدة سنة طويل جداً , حتى بالنسبة لأنسان يسيطر على أحاسيسه الدنيا كما نسميها".
" ومن قال أننا سننتظر سنة كاملة؟".

Rehana 21-09-11 06:37 PM

نظر اليها لوران بأمعان مركزاً على عينيها :
"بسبب العقد.......".
فوجئت مورغانا بهذه الصفاقة لكنها لم تتركه يلمح شيئاً كان يغلي في داخلها:
" أعتقد أنك لا تستطيع أجباري على أحترام هذا العقد".
" أستطيع أن أجبرك, تأكدي أنني واثق مما أقوله".
" وما يهمني؟ روبير لن يمانع في أن أعمل , أنها العادة في أيامنا هذه...".
" هذا أذا أستطعت الزواج".
" أنه مزاح ثقيل... فلا حق لك بذلك طالما أقوم بعملي على أكمل وجه , ثم كيف يمكن أن تمنعني من الزواج؟ هذا مستحيل! ".
" لا شيء مستحيل ,أستطيع أن أذهب الى روبير وأخبره كيف تقضين سهراتك".
" لن يصدقك".
" أستطيع أن أعطيه صورة عنك قابلة للتصديق وستنفر منك حتما".
" أنك أنسان حقير".
" لقد قلت ذلك سابقاً , وتذكري شيئاً واحداً ... أنني لا أحب الخسارة فحسب لا بل أحب الربح والأنتصار , وتأكدي أنني لن أسمح لك بالزواج طالما تعملين تحت أمرتي".
" أنك...".
وأرادت أن تصفه بأبشع النعوت لكنه أدار وجهه متمنياً لها ليلة هانئة وسعيدة.
جلست مورغانا مركزة نظرها على النجمة الفضية اللماعة في أعلى شجرة الميلاد بعد أن أنهت تزيين الشجرة , ففي العادة كانت تشعر بسعادة كبيرة عند تحضيرها للعيد, لكنها اليوم تعيسة تشعر بأنقباض قلبها وخلة نفسها من الفرح.
منذ ستة أسابيع والبيت مليء بالعمال والمهندسين الذين ركبوا التدفئة المركزية وغيروا تمديدات الكهرباء وهم على وشك الأنتهاء من تغيير الطابق العلوي , آه أنها سلطة المال... هكذا كانت تقول والدتها وبالفعل ها هي تعتقد الآن أن للمال سلطة لم تكن تعرفها , فبالرغم من حقدها على لوران ألا أنها ترى اليوم كيف أصبح النزل بيتاً كبيراً , لا بل قصراً جميلاً لم تكن تحلم منذ أشهر قليلة أن تراه كذلك.
ثم أنها لا تستطيع ألا أن ترى فرحة أمها بهذا التغيير , وتتصور كم ستكون سعيدة عندما ينتهي العمل من الشقة في الطابق العلوي , هي نفسها تنتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر , فحينها ستصبح معزولة عن باقي أهل البيت.
هذه الأسابيع المنصرمة لم تترك لها وقتاً تتفرغ فيه لنفسها , فالعمال أقتحموا حياتها وروبير كان يمر عليها كل ليلة بالرغم من محاولتها أقناعه بالعكس , وفي النهاية لم تكن كل هذه الأحداث ألا مصدراً دائماً لأضطرابها وأزعاجها.
كانت الآنسة ميكنز قد رحلت من النزل , فهي لم تعد تطيق الضجيج الدائم والنقل المستمر من غرفة الى أخرى بسبب التصليحات , مورغانا ,والحقيقة تقال, لم تأنف أبداً من رحيل الآنسة التي كانت تعتبرها دائماً مزعجة وكثيرة الكلام , بينما المايجور لارسون بقي في النزل متحملاً كل الضجيج ولم يبدأي تذمر أو أنزعاج , ربما كانت لديه أسبابه الخاصة التي تدفعه للبقاء هنا , خاصة أن التحادث الدائم مع والدتها أصبح عادة يومية وأصبحا يتناديان بالأسم الصغير بعد رفع الكلفة بينهما ... ( أليزابيت ) كانت مسرورة بكل ما يحصل وعيناها تشعان كفتاة شابة , بينما تتجنب مورغانا التلميح الى هذا التغيير عند والدتها.

Rehana 21-09-11 06:38 PM

أما هي فكانت تعض شفتيها ندماً فحياتها لم تعد تطاق منذ شجارها مع لوران , وأخذ يعاملها كمستخدمة عنده مع كل الأحترام والمسافة المفترضة بينهما( هذا ما أرادته)...كانت تردد ذلك على نفسها وتبتسم أبتسامة مرة وساخرة.
أما هي فكانت تعض شفتيها ندماً فحياتها لم تعد تطاق منذ شجارها مع لوران, وأخذ يعاملها كمستخدمة عنده مع كل الأحترام والمسافة المفترضة بينهما( هذا ما أرادته) ... كانت تردد ذلك على نفسها وتبتسم أبتسامة مرة وساخرة.
لوران أصبح يقيم في البولزيون على فترات متقطعة , فأحياناً يبقى فترة طويلة وأحياناً يغيب لأسبوع أو أسبوعين ثم يعود بغتة ودائماً برفقة مساعديه وبعض مستشاريه , فتمتلىء صالة الطعام بهم ... حياة شاقة وصعبة لم تتعود عليها حتى الآن.
في العمل كان متصلباً لا يقبل عذراً عن أي تلكؤ , ولم تكن تريد أبداً أن تحظى بمعاملة مختلفة , وكانت تلاحظ أنه يعامل سكرتيراته اللواتي يأتين أحياناً برفقته بالطريقة نفسها لا بل أقسى ربما , كان المساء رحمة لها لأن التعب يكون قد أستملك كل حواسها فلا تعود تملك قدرة ألا على النوم.
منتديات ليلاس
أحياناً , كي تقتل الوقت , كانت تذهب الى المزرعة لرؤية روبير الذي كان هو أيضاً متعباً ومرهقاً من العمل المتزايد الملقى على عاتقه, فأيلين لم تعد تهتم كثيراً , فأهتمامها الكبير ينصب على لوران الذي تريده زوجاً مهما كان الثمن , أما مورغانا فقد تغيرت نحوها كثيراً وأصبحت تلاطفها لا بل تداريها والفضل يعود الى روبير الذي كان مصراً على أنهاء الخلاف بين المرأتين , فهو سيتزوج مورغانا وأخته من المحتمل جداً أن تقترن بأبن عم زوجته , لذلك قام بكل ما في وسعه للتقريب بينهما , حتى أنه كان يسعى مرات عديدة للقيام بنزهة رباعية لكن مورغانا كانت ترفض... كما رفضت كذلك خاتم الخطبة الذي حاول خطيبها المستحيل لألباسها اياه , لكنها كانت تعرف الآن أكثر من أي وقت مضى أنها لن تتزوجه ولو حصل ذلك لجلبت اليه تعاسة العالم كلها , فما العمل؟ يجب أن تقول له الحقيقة... أن تصارحه بحقيقة مشاعرها نحوه , ستكون صدمة كبيرة, فكيف أذا لو أكملت وصارحته بعواطفها نحو لوران ... أنها تعيسة تستحق الشفقة , كانت تردد على نفسها هذا الكلام وأحياناً تنتفض على مشاعر الشفقة هذه, وتترك الأمور الى حين حصولها , ولماذا لا تهتم الآن بنفسها, فالغرفة الجديدة أنتهت من التصليح وستنقل كل أغراضها اليها , وبالفعل أخذت تحمل كتبها وثيابها صاعدة نازلة على الدرج الداخلي , وبينما كانت تحمل مجموعة من الملفات والأوراق عند مدخل الغرفة فاجأها لوران:
" على حد علمي أن الأثاث يجب أن ينقل أولاً؟".
ولم تستطع أن تقول له أنها تشغل نفسها بأي شيء حتى لا تفكر به , فردت:
" العيد قريب ,وعلي أن أنتهي من هذه الأعمال الصغيرة".
ورآها الشاب لا تعرف كيف تنزل كتبها وأوراقها فمد يده يساعدها , فتراجعت بسرعة وأوقعت ما تحمله على الأرض:
" لماذا تتراجعين هكذا؟ أنا لست وباء معدياً!".
ثم أنحنى يريد مساعدتها في لم الكتب , لكن ملامح وجهه تغيرت فجأة :
" بحق السماء , من أين لك هذا؟".

Rehana 21-09-11 06:40 PM

تعجبت مورغانا من هذا السؤال, وأتجهت بنظرها نحو ما يتطلع اليه:
"آه ,لست أدري , وجدتها في صندوق الجدة ولم أستطع فتحها, فالمفتاح مفقود".
" كنت تستطيعين خلعها , فشفرة السكين كافية لذلك".
" بالفعل, لكنني لم أهتم كفاية بهذا الموضوع".
" كنت أظنك مهتمة بحياة جدتك ومغامراتها.....".
" ليس الي حد فضح أسرارها!".
" أعتقد أنك أخطأت".
رفعت مورغانا حاجبيها تعجباً:
" تتكلم كأنك تعرف ماذا يوجد في هذه الحقيبة".
" أعتقد ذلك, فهي بكل تأكيد تحتوي على رسائل غرامية".
" من جدي.... تريد أن تقول؟".
" لا , من جدي".
خيم السكوت لحظة ثم أنفجرت مورغانا غاضبة:
" كيف تجرؤ على هذا؟ تريد أن تقول أن جدتي... جدتي أنا كانت مغرمة بجدك مارك بنتريث؟".
" ربما لم تصل الأشياء الى هذا الحد , أقول بكل بساطة أنهما أحبا بعضهما وبقيا يتبادلان الرسائل حتى موتهما , أنا لا أتنبأ بشيء , فجدي كانت لديه حقيبة مماثلة مليئة برسائل جدتك".
" لقد قلت لي مرة أن جدينا تشاجرا من أجل امرأة ولكن لم تقل لي أنها جدتي....".
" بالفعل.. أنها هي نفسها , فجدي ألتقاها أولاً وأحبا بعضهما ثم سافر الى الولايات المتحدة ليكسب بعض المال ويعود اليها بعد أن تواعدا على الزواج , لكن جدك عاد وألتقاها في تلك المسرحية الشهيرة وأحبها ثم أقنعها بالزواج بعد أن كذب عليها بأن جدي لن يعود من السفر أبداً ".
" وكيف عرفت الحقيقة؟".
" بعد مدة طويلة , عاد مارك وكانت قد تزوجت , فطلب منها الهرب معه , وقبلت بالأمر...".
" لكنها لم تهرب!".
" طبعا فجدك رفض الطلاق أولاً , ثم هددها بالقتل لو فعلت ذلك وأنه سيلحق بها الى آخر الدنيا ولن يتركها في أمان طالما فيه نبض من حياة".
" جدي لا يمكن أن يفكر هكذا.....".
" حقا, هل عرفته أنت حق المعرفة لكي تقولي هذاالكلام؟".
" نعم ,عرفته, وحتى لو فعل ذلك فلأجل كرامته وشرفه أيضاً ".
ثم أدارت مورغانا وجهها تستعرض الحادثة القديمة بعيون جديدة , جدها كان ضائعاً بين رغبته في الثأر وأحساسه بالذنب وهي اليوم تضيع بين اليأس والخوف......
" وجدتك ..... زوجة مارك من كانت أذن؟."
منتديات ليلاس
" لقد ماتت باكراً ,لكنهما لم يكونا سعيدين في حياتهما , فمارك كان يشعر دائماً أنه غريب في الولايات المتحدة وكان يشكو ذلك دائماً لوالدي طيلة حياته , حتى شعر جيل أنه أيضاً غريب هناك ويريد العودة ,أما والدتي فقد كانت مخطوبة قبل زواجها من والدي الى فان كوسين أذ كانت عائلتاهما تريدان ذلك ,لكنها رفضت وتزوجت والدي , وبعد وفاته عادت وأكتشفت أنها فعلاً تحب أرنولك فان كوسين الذي طلب مني أن أقبل أسم عائلته فقبلت , فأسم بينتريث لم يقترن في ذهني الا بالمآسي والتعاسة".
" كان شيئاً محزنا ألا يتمكن مارك من العودة الى بولزيون".

Rehana 21-09-11 06:41 PM

" لقد تعذب كثيراً , فقد كان الفندق في ذهنه مقترناً بفقد حبيبته وبقي طوال حياته يشعر بأنه مقتلع من جذوره , لذلك لم يستقر في مكان واحد , كان دائم التنقل...... وأبي تشبّه به بالرغم من أنه لم يولد هنا".
" وأنت؟".
سألته وهي تتذكر بيوته العديدة في لندن ونيويورك وغيرها.....
أنني أشبههما كثيرا , وأرث البولزيون أعطاني راحة نفسية كبيرة, لقد شعرت كأنني أعيد العدل الى نصابه وأريحهما في قبرهما , أنا لا أريد العيش دائماً هنا .. فالناس أهم من الأمكنة , والأنسان بقرب من يحب لا يسأل أين سيعيش.".
ثم سكت قليلاً وتابع:
" أعتقد أنك لا تشاطرينني هذا الرأي , أنت متعلقة بهذا االمكان أكثر من أهله , إلا اذا كنت تحبين روبير حقاً؟".
فاجأها بهذا السؤال غير المنتظر , لقد كان قريباً جداً منذ لحظات , شعرت أنها تدخل الى أعماقه وتتغلغل ..... لكنه عاد الآن يستفزها من جديد :
" هذا لا يعنيك , وليس لدي النية لأحدثك عن مشاعري أتجاه روبير".
" لا أصر أبداً على سماعها".
قالها بسخرية واضحة ثم تناول يدها مشيراً الى أصبعها:
" لو أراد فعلاً الزواج لوضع خاتم الخطوبة في يدك على الأقل".
" أنت مخطىء , أنا لست بحاجة لخاتم من أجل...".
" أنا لا أتحدث فقط عن الخاتم".
قاطعها لوران وجذبها نحوه بقوة ولم يسمح لها بأي تعليق على عناقه المفاجىء ثم صرخ في وجهها:
" قولي لروبير أن كل شيء أنتهى بينكما".
" لا!".
منتديات ليلاس
قالت ذلك وصدرها يخفق بقوة ويداها ترتعشان كورق الخريف بينما لم تعد تشعر بركبتيها قادرتين على حملها.
" لا تكوني عنيدة , أنك تشبهين جدتك ولكن لا تكرري أخطاءها , أنت تحبينني أنا وليس روبير".
" أنني ... أنني أحبه".
" لقد رأيتك معه. لا تحاولي الكذب عليّ وعليه".
" وأنا أيضا رأيتك مع ايلين, أذا كنت تريد أن تجبرني أن أقول أنني منجذبة نحوك فهذا ليس شيئاً غريباً , أنها رغبة فقط لكنني لا أريدها , أريد الأشياء التي لا تتمتع بها , أريد رقة وحناناً , أريد أحتراماً ومشاعر صادقة وحساسة , أبتعد عن طريقي وألا كرهت نفسي وحياتي".
كانت تقول كلامها غاضبة حانقة والدموع تكاد تنفر من عينيها بينما وجهه يتصلب ويزداد رجولة:
" ستفعلين مثلها ...... ستقلدين جدتك , بكل الخوف والجبن".
" من يتكلم عن الجبن؟".
" أنا أتكلم عنه , نعم , فجدتك كان عليها أن تكسر التقاليد وتهرب مع حبيبها خاصة بعد أن عرفت أنها مظلومة كذب عليها , لكنها فضلت البقاء حفاظاً على الفروض الأجتماعية فدمرت حياتها وحياة جدي , لكنني أنا لست مثل مارك ولنأقضي حياتي في كتابة الرسائل بأنتظار الجواب متألماً مقهوراً وحيداً .... أنا أكافح من أجل ما أريد , أما أنت فكوني جبانة وستبقين وحدك".
" نعم أريد البقاء وحدي, فالوحدة أفضل من العذاب بقربك".
وأستدارت هاربة بوجه مرير من الألم وذهن ترتسم فيه صورة لوران وحدها.......


نهاية الفصل العاشر

Rehana 21-09-11 06:43 PM

11- الصخرة تهتز


طوت مورغانا آخر رسالة في الحقيبة ورتبتها في الحقيبة الصغيرة ورتبتها في مكانها بينما خرجت من فم الوالدة الجالسة أمامها زفرة طويلة:
" حياتان ضاعتا! أية تعاسة!".
" لم أكن لأصدق, فحتى عندما أوشكت على فتحها كنت ما أزال آمل أن أرى وصفات طعام أو شيئاً من هذا القبيل".
" يا أبنتي أنها قصة قديمة الآن, لماذا أنت مهتمة هكذا؟".
" أعتقد أنني لن أؤمن بالحب بعد الآن".
قالتها مورغانا مع ضحكة صفراء تعيسة.
" تصريح غريب لشابة مخطوبة! وماذا ستفعلين بالرسائل؟".
" أنها قصة قديمة! معك حق".

Rehana 21-09-11 06:46 PM

وأمسكت الفتاة برزمة الرسائل فأطعمتها لنيران المدفأة.
" لكنها ذكريات العائلة.".
" أية ذكريات هذه ؟ يجب مواجهة الحقيقة , عائلة بينتريث أنتهت وبولزيون سيصبح مركزاً للسياحة والمحاضرات أبتداء من أول السنة , فلوران لا ينوي العيش هنا أو أن يسترد أسم عائلتنا , فإذا أختفى اسم بينتريث فهذا ليس شيئاً غريباً".
" لكنك كنت متعلقة به كثيراً؟".
" نعم في السابق, أما الآن فلا علاقة لي بهذا الموضوع ثم أن....".
وتذكرت جملة لوران ( الناس أهم من الأمكنة ) ... أرادت قولها لكنها عدلت.
" ثم أنني راحلة قريباً من هنا".
" ستبقين قريبة على كل حال بعد زواجك".
" لا , لم أتحدث عن الزواج , سأذهب للبحث عن عمل بعيداً عن هنا".
" وماذا سيقول لوران يا أبنتي؟".
" لن يقول شيئاً , لقد تسلى قليلاً باللعب بأعصابنا , وأنتهى كل شيء الآن".
" وهل تعتقدين بجدية ما أسمعه عن علاقته بايلين؟".
" لا أدري , على كل , هذا لن يغير شيئاً , فأنا لا أعني له شيئاً".
" آه.. ولكن نظراته بعض المرات حين تمرين ليست عادية.".
" أنها أكثر من عادية ,أنها رغبة لا أكثر ولا أقل".
ثم أنتبهت الى تعابير وجه أمها فأستدركت :
" لا تخافي, لم يحصل شيء مما تظنين , ثم أن علي أن أكمل نقل أغراضي الى الغرفة الجديدة".
منتديات ليلاس
وأستدارت صاعدة الى الطابق العلوي مارة أمام باب غرفة جدتها , فهزت رأسها متأسفة:
" لقد أضاعت حياتها وحياة حبيبها, لكنها على الأقل كانت لديها الرسائل , أما أنا فلا أملك شيئاً".
هذا المساء كانت على موعد مع روبير لتأخذ معه كأس عصير في مكان قريب , فأمضت وقتها صامتة حتى فقد أعصابه وبدأ يستجوبها:
" مابك يا مورغانا ؟ أراك ما زلت تفكرين بقصص جدتك القديمة , بحق السماء ألا تظنين أننا أصبحنا في عصر آخر ؟ ثم ماذا حدا بلوران ليخبرك بكل هذه التفاصيل؟".
" ربما أدرك أنني أريد معرفة الحقيقة؟".
" في جميع الأحوال , لم يعد في اليد حيلة , فبدل أن تفكري بالماضي , فكري بالمستقبل الآن .....مستقبلنا نحن ........متى تريدين أن نعلن الخطوبة رسمياً؟".
لم تستطع مورغانا التطلع الى وجه خطيبها فأبقت نظرها معلقاً بالطاولة ثم أجابته:
" لسنا في عجلة على ما أظن؟".
" بالطبع ,ولكن بعد عشرة أيام ستأتي سهرة الميلاد , وأظنها مناسبة سعيدة للأعلان عن الخطوبة , ماذا تقولين؟".
" أحتاج الى مزيد من الوقت للتفكير , ثم أن فترة الأعياد تكون مليئة بالعمل والأرهاق".
" يا عزيزتي ما هذا الكلام ؟ فالزبائن لا يملأون الفندق وغرفه ثم أن فان كوسين لن يستبقيك ليلة الميلاد ويوم أعلان خطوبتك لكي تخدميه".
" لا أعرف مشاريعه , لكنني أشك أن يبقى هنا , ربما يفضل الأحتفال بالعيد مع أهله في الولايات المتحدة".

Rehana 21-09-11 06:47 PM

" ليس اذا أصرت ايلين على بقائه هنا ,تعرفين أنني لست فرحاً بأمكانية مصاهرة فان كوسين فهو رجل وصولي . تصوري أنه أرسل شخصاً منذ أيام للتدقيق في حسابات المزرعة ,حتى يتأكد من كل شيء فيما لو أراد تنفيذ مشروعه بأقامة اجازات خاصة لتعلم ركوب الخيل".
" وهل ناقشتما هذا الموضوع؟ هل سيشتري المزرعة؟".
" لا أدري لكنه كان يتحدث مع أبي ذلك اليوم حول سعر المباني ".
" وهل يريد والدك بيع المزرعة؟ أنه يحبها كثيراً على ما أظن؟".
" أنه فعلاً يحبها , لكن والدتي تفضل الأبتعاد عن هنا والأقتراب أكثر من لندن , على كل , هذا لن يؤثر علينا ألا أذا كنت تفضلين العيش بقرب بولزيون".
" لا.... لا أبداً".
كانت تقولها بغير تفكير واضح فذهنها مشغول بكيفية ترك كل شيء والرحيل من هنا.... غداً ستطلب من لوران فسخ العقد, لكنه لم يكن موجوداً في الصباح فوالدتها ردت بأنه ذهب الى لندن وقال أنه سيعود ليقضي ليلة الميلاد هنا".
بعد أيام قليلة كانت مورغانا جالسة الى مكتبها الصغير عندما شعرت بنظرات تتسلط عليها , فألتفتت لترى ايلين دونليفين واقفة على عتبة الباب .
" آه . نهارك سعيد".
" نهارك سعيد".
ثم تقدمت الى المكتب الصغير وجلست الى جانبه موقعة بعض الأوراق على الأرض , ولم تكلف نفسها عناء التطلع اليها بينما ركزت نظرها على مورغانا قائلة:
" أمي تحضر لائحة المدعوين لسهرة الميلاد وأنت لم تعطي حتى الآن جواباً..".
" آه حقا, أنني آسفة لكن سوء الحظ شاء عكس ما أريد , فقد جائني أتصال هاتفي اليوم لحجز طاولة عشاء لعشرة أشخاص, وأعتقد أنه من الأفضل أن أبقى هنا لمساعدتهم , فأعتذري لي من والدتك أذا سمحت".
" حسنا , أعتقد أنك فعلت عين الصواب".
" أعتقد ذلك".
قالت مورغانا بأبتسامة خفيفة وعادت تشغل نفسها بالعمل , لكن ايلين علقت:
" لست وحدك من هذا الرأي ,لقد أكدت للوران بأنه من المستحسن عدم حضورك".
" وما علاقة لوران بهذا الموضوع؟".
" هه.. توقفي عن هذا الكذب , فأذا كنت تستطيعين خداع أخي المسكين فمن الصعب عليك خداعي , أنت مغرومة حتى أذنيك بلوران وهو لا يريد ذلك , لا بل يعترف بأنه أخطأ في دفعك الى هذا الحد!".
" يعترف لمن. لك؟".
" وألا لماذا جئتك الى هنا؟ هل تعتقدين أنني أحب هذه المهمة؟ فلو كان بينك وبينه علاقة عابرة لما أهتممت , أنها شيء عادي هذه الأيام , لكنك امرأة فاضلة كما تعتقدين , أليس كذلك؟".
" نعم بدون شك....".

Rehana 21-09-11 06:49 PM

كابوس... أنه كابوس متى سأستيقظ منه؟ كانت تردد مورغانا بينها وبين نفسها بينما أكملت ايلين:
" أعتقد أنه من المستحسن أن ترحلى فوراً, أنه الحل المثالي ولا تقلقي بشأن هذا العقد التافه فسيسعد لوران أن يفسخه على الفور لأننا سنتزوج قريباً ,وقد سئم هذه الألاعيب السخيفة".
" أنك أنسانة حقيرة".
لمعت عينا ايلين من الشر والحقد لكنها هدأت نفسها قائلة:
" أنني واقعية يا عزيزتي , وفي النهاية لوران يعرف ماذا يريد من المرأة , ولا يهتم بأحلامك الرومنطيقية الكبيرة , ربما كنت مسلية لفترة لكنك الآن أصبحت مزعجة له , أليس كذلك؟".
نهضت مورغانا واقفة.
" أخرجي من هنا!".
ثم أغمضت عينيها مخافة أن يدفعها منظر هذه الفتاة اللئيمة للهجوم على وجهها وتجريحه بأظافرها حتى تسيل الدماء وتشفي غليلها.
" حسنا , لقد كان حديثاً بناء".
منتديات ليلاس
ثم خرجت متعالية متكبرة بينما سقطت مورغانا على كرسيها واضعة رأسها بين يديها ترتجف وتتمتم ... يا ألهي... أنهما يسخران مني ,وسالت دموعها الحارة بصمت حارق...
غضب روبير كان مواسياً لها الى حد ما:
" عشاء العيد في بولزيون . منذ متى تقبلون بحفلات مثل هذه؟".
" منذ أن قبلت حجزاً لعشرة أشخاص!".
قالتها مورغانا بأصرار.
" آه , أنها فكرة غير مقبولة فلو كنا متزوجين لما قبلت بخدمة الزبائن".
أبتسمت مورغانا:
" طبعا لا ... كنت خدمتك أنت بالمقابل".
" لكنني أريدك أن تأتي الى حفلتنا".
" لا يا روبير , لا أريد أعلان الخطوبة قبل أن نتأكد من مشاعرنا".
" أنني أكيد مما أكنه لك يا مورغانا , وأريد الزواج بأسرع وقت ممكن".
" أسمعني قليلاً، أنا غير جاهزة للزواج الآن, أريد الرحيل لمدة, أجد فيها عملا ًوبعدها...".
" ترحلين؟ الى أين؟".
" لا أعرف, كان علي أن أفعل ذلك قبل الآن... آه أرجوك يا روبير أفهمني قليلاً".
أرتد الشاب الى الوراء وحدق في عينيها ملياً وبدت ملامح الصرامة على وجهه:
" أنني أفهمك جيداً الآن, لقد أغمضت عيني كثيراً , ورفضت الأستماع لأحد , لكن يبدو أنك فعلاً تحبين فان كوسين , لقد نبهتني ايلين الى ذلك ولم أقتنع".
" أصمت أرجوك .. أنك مخطىء".
"لا, لست مخطئاً , ايلين قالت لي ذلك منذ البداية , أنت لا تريدين الزواج مني, أنت تريدين فقط إيهام لوران بعدم اهتمامك به. هل تنكرين ذلك؟".

Rehana 21-09-11 06:51 PM

كان اليأس واضحاً على وجهه وفي كلماته بينما تملك مورغانا صمت طويل لم تقطعه الا بقولها:
" ليس صحيحاً هذا الكلام , فأختك كذبت عليك في نقطة مهمة , أنا أريد الزواج منك بالفعل , وكنت آمل أنه مع الوقت.....".
" يا الهي تريدين الزواج بي وأنت تحبين رجلاً آخر؟".
" أنني آسفة يا روبير , لم أكن أريد ايذاءك".
" لا أريد أن أعرف ماذا كنت تريدين , ولا تأسفي ..... لا أريد شفقتك".
ونهض متوجهاً نحو الباب.
" وداعاً يا مورغانا , لا تطلبي مني أن أتمنى لك عيداً سعيداً".
تلك الليلة لم تنم مورغانا ولم يخلد فكرها للراحة , فالعذاب بدأ يصيبها عميقاً , والجزاء على ما فعلت بروبير يأتيها قاسياً , ضميرها يعذبها, لكن ماذا ستفعل؟
منتديات ليلاس
قبل العيد بيومين بدأت الأشغال تكثر عليها وكانت قد أعلمت والدتها بفسخ الخطوبة مع روبير , بينما الزا لم تأسف على ما حصل وأنبأتها أنها كانت قد رأت ذلك في الورق, لأن مصير هذا الشاب متعلق بفتاة أخرى.
لوران وصل بعد ظهر يوم العيد بينما كانت تحضر طاولة الطعام لعشرة أشخاص , شعرت بحضوره قربها فألتفتت .. كان واقفاً وراءها , ذعرت ووقعت الكأس من يدها على الأرض.
" أوه.. أنظر ماذا حصل بسببك؟".
" أتركيها, ستجرحين يديك لو لممتها. يبدو أنك مضطربة".
" أنا. مضطربة , لا أبداً, سأحضر المكنسة ومجرفة وأنظف المكان".
" لا حاجة لذلك, الأفضل أن تشربي شيئاً مهدئاً".
ثم سألها عن الطاولة التي كانت تعدها للعيد:
" أننا نستقبل عائلة من عشرة أشخاص".
" ولهذا أراك في هذا المنظر؟".
" أذا كان منظري لا يعجبك فأنا لن أبقى طويلاً هنا على كل حال".
" ماذا أفهم من هذا الكلام؟ أرجوك توضيحه لأن لا قدرة عندي على حل الألغاز بعد هذا النهار المتعب".
" لا بأس , فسنقضي سهرة ممتعة على ما أظن هذه الليلة".
" بالفعل فأنا أنتظرها بفارغ الصبر ,لكن فرحي يتناقص رويداً رويداً الآن. فماذا حصل لك ؟".
" لقد أصبحت واقعية . هذا كل شيء , أنا تاركة هذا المكان فما هي مدة الأنذار المطلوبة؟ شهر؟ أسبوع؟".
بقي الشاب جامداً في مكانه بدون حراك بينما شعرت مورغانا بالغضب يحتل تقاطيع وجهه.
" لن تذهبي من هنا ".
" لا تستطيع منعي".
" ماذا ستفعلين بخطيبك؟".
" هذا لا يخصك , فأذا رحلت فذلك بسببك أنت".
" أنك تصرين على الجبن أذن, لماذا لا تكونين صادقة مع نفسك مرة واحدة على فقط؟".
" أوه, أنت مثال الصدق ... أليس كذلك؟ تريد الحقيقة؟ أنني أكرهك وأحتقرك لكل ما كنت تريد القيام به معي , أنت مراوغ كبير يا سيد لوران فان كوسين , لكنني لن أكون أسماً في لائحتك".
" ليس لدي لائحة".
" طبعا . لأنها ستكون طويلة , استعمل الدماغ الألكتروني , لكنك لن ترى أسمي أبداً. يا ألهي, ما الذي جاء بك الى هنا؟ كنت أتمنى لو لم أرك في حياتي أبداً".

Rehana 21-09-11 06:52 PM

" أنني أشاطرك هذه الرغبة , لكن لا تقلقي فلا حاجة أن تغادري بولزيون لتتخلصي مني".
نظرت اليه يستدير خارجاً من القاعة ثم سمعت باب غرفته يغلق بقوة.
ومثل آلة متحركة أنهت مورغانا الطاولة , وأتجهت الى المطبخ كي تساعد الزا في تحضير الأطعمة.
ومضى العشاء العائلي بكل بساطة وغبطة , فعائلة بارتون بأفرادها العشرة لطيفة الطباع أنيستها , لم تزعج أحداً , وما أن أنتهت الحفلة وودعتهم مورغانا الى باب الفندق , حتى سمعت صوت جرس الهاتف في الممر فأمسكت بالسماعة لتسمع صوت ايلين:
" أيتها الطاعون..".
أرادت فوراً أن تقفل الخط لكن الفتاة أكملت:
" أعطني لوران فوراً . ماذا قلت له ؟ لكن لن تصلي الى أهدافك".
" لم أقل له شيئاً , لقد أنبأته برحيلي ..".
" كاذبة , فلماذا يعود الى الولايات المتحدة إذن؟".
" من ؟ لوران؟".
" لا حاجة أن تغادري بولزيون حتى تتخلصي مني".
" ومن قال لك هذا الكلام؟".
" والدي . فيبدو أنه التقاه هذا المساء وأبلغه أن محاميه سيتكفلون بأمر شراء المزرعة لأنه سيعود نهائياً الى هناك , اذهبي وأحضريه, أريد أن أكلمه".
" لحظة.".
وضعت مورغانا سماعة الهاتف وأتجهت الى غرفة لوران , لكنها كانت فارغة ليست منه فحسب بل من أغراضه وأشيائه التي تعودت على رؤيتها , قلبها ينقبض , أنها لم تفهم ما قصده . خرجت فرأت والدتها تعبر الممر حاملة صينية الشاي , سألتها عنه. فقالت:
" نعم يا أبنتي, ذهب وقت العشاء , ألم يقل لك؟".
كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما وهي تجيب:
" بلى لكن لم أفهم ذلك , ألم يقل متى سيعود؟".
" لا , تعرفين أنه لا يعلم أحداً بذلك... لماذا هذه الأسئلة ؟ ماذا حصل؟".
" لا شيء , لا شيء , سأخرج قليلاً لأتنشق الهواء".
" أنها فكرة جيدة يا أبنتي".
كانت ليلة باردة لكنها صافية ,سارت مورغانا وهي تلف رقبتها بياقة المعطف الكبيرة متجهة نحو صخرة الأمنيات التي طلبت منها أمنيات سابقة ولم تتحرك , لكن لوران ذهب ولن يعود بعد الآن... أنها تعرف ذلك , ستندم كل حياتها على ما حصل . وصلت الى الحجر متعبة مرهقة فوضعت يدها على الصخر البارد وأغمضت عينيها وهي تردد بصوت مسموع:
"لا أريده أن يرحل........ أجعليه يعود , أرجوك أيتها الصخرة , أعيديه اليّ".
لكن الحجر لم يتحرك ولم يهتز شعرة واحدة , لا أمل في عودته , لا أمل.
ثم أستدارت في طريق العودة الى البيت:
" أنها صخرة كاذبة , يا مورغاناولو كنت مكانك لأعتمدت على نفسي".

Rehana 21-09-11 06:53 PM

" لوران...... آه لوران".
ألقت بنفسها بين ذراعيه , ضمها الى صدره وأرتاحت على كتفه بسكون وطيف من الشعور بالراحة والأمان , وعندما رفعت رأسها سألته:
" ولكن ماذا تفعل هنا ؟ أعتقدتك سافرت الى الولايات المتحدة؟".
" سأذهب ولكن معك , لقد تركت بولزيون بنية الرحيل دون رجعة , لكن حين مررت على المزرعة علمت بعض الأشياء الصغيرة وقررت أن أؤخر سفري".
" وماذا علمت؟".
سألته ذلك وقلبها يخفق بشدة وعنف.
" السيد دونليفين يظن أنه سيفقد أبنته ويربح أبنه, فأذا كانت ايلين أستطاعت أن تقنع والدها بأنني على وشك الزواج منها فلا بد أن تكون قد أقنعتك أنت أيضاً بذلك , فقلت لنفسي لماذا حاولت كل ما في وسعها ألا تخبرني بفسخ خطوبتك مع روبير؟ لذلك قررت العودة والأستفسار عما حصل".
خفضت مورغانا رأسها نحو الأرض :
" ايلين جاءت الي تخبرني أنها على علم بأنني أحبك, وحسب قولها أنك مزعوج جداً من شعوري هذا , ولا تريد مني أكثر من قضاء وطرك".
" يا ألهي وهل صدقتها؟".
" لم أشأ تصديقها , لكنك كنت دائماً معها. كنت حبيبها؟".
" لم أكن يوماً حبيبها".
قالها بأصرار وتأكيد صادقين.....
" لكنني رأيتك تدخل الى غرفتها في تلك الغرفة".
أرتد برأسه متعجباً.
" بالفعل فقد كانت تريد تغيير اللمبة المحروقة في غرفتها , فغيرتها وخرجت فوراً".
" وزياراتك اليومية الى المزرعة".
" كانت لمراقبتك أنت وروبير, لقد كنت غيوراً , وكنت أرتاح عندما أراكما تتبادلان نظرات تعيسة".
" كنت أريد خنقها بيدي, يا ألهي لقد طلبتك على الهاتف ونسيت السماعة مرفوعة وهي تنتظر...".
" أوه لا بد أنها أقفلت الخط . لا تهتمي بها بعد الآن , أريد أن أصارحك بشيء........ أريد أن أتزوجك , فهل تقبلين أن تلفي العالم برفقتي؟ أريدك بجانبي ليل نهار, لقد أشتريت المزرعة حتى نستطيع المجيء اليها دائماً , فهل تتحملين مغادرة بولزيون؟ أنت متعلقة بها...".
" أنك لا تعرف كم أنا متعلقة بك, سأذهب معك حيثما شئت".
ثم أمسكت بيده تلفهما حول عنقها.
" كل ما أريده هو أن تحبني كما أحبك".
" دعاؤك مستجاب من الآن والى الأبد".
ثم غرقا في عناق طويل ولم يريا كيف كانت صخرة الأمنيات تهتز بخفة, بخفة.......



تمت

ساندرااا 22-09-11 04:39 AM

شكرا ريحانة

هاي القصة الوحيدة اللي كنت أتردد عليها بانتظار نهايتها بفارغ الصبر

بعض القصص أندمج معها وبالنهاية مالاقيها مكتملة ولاشفت الكاتب يطول بتنزيل الأجزاء اطنشها

ملعدا هذي الرواية كل وقت أدخل أنتظر تكملتها

شكرا ريحانه ماقصرررتي

Rehana 22-09-11 09:18 AM

اهلين ساندراا

العفووو حبيبتي .. هو كل رواية مكتوب عليها ( كاملة ) فهي كاملة .. وانا براقب كل رواية
لحتى اكتب بجانبها كاملة اذا كملت
شرفتني بتواجدك الكريم .. والعفووو مرة ثانية عزيزتي

زهرة منسية 23-09-11 02:40 PM

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13167814491.gif

مشكورة كتير غاليتى ريحانة أنتى والعزيزة صاحبة الأنامل الذهبية نيو فراولة على هذه الرواية الرائعة دائما تقدمون الأفضل

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13167814493.jpg

Rehana 23-09-11 04:08 PM

الله يسلمك حبيبتي ..نورتيني بتواجدك والعفوووو
والله يعطي فريال العافية على تعبها في كتابة الرواية
لك وودي

فتاة 86 23-09-11 04:46 PM

غالياتي ريحانة و فراولة
 
ريحانتي الغالية
شكراً مجبولة بكل الحب يلي بكنلك يا قمر
و مرشوش عليها شوية بهارات من الشوق
و بعض المنكهات من الصداقة الصدوقة
و أكيد الشكر الكبير لغاليتي فريال على تعبها بكتابة الرواية


:0041:

الجبل الاخضر 23-09-11 10:00 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو:55::flowers2: تسلمين :55:اختيار مرررررررررررررررررررررره جنان :Welcome Pills4:وممتاز:flowers2: وشكراعلى مجهودك:friends: وننتظر جديدك:friends:

Rehana 14-12-11 07:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة 86 (المشاركة 2879834)
ريحانتي الغالية
شكراً مجبولة بكل الحب يلي بكنلك يا قمر
و مرشوش عليها شوية بهارات من الشوق
و بعض المنكهات من الصداقة الصدوقة
و أكيد الشكر الكبير لغاليتي فريال على تعبها بكتابة الرواية


:0041:

اهلين حبيبتي ميس
الفوووو .. على كلامك الحلوووو
الله لا يحرمنا منك يالغالية
كل الووود والحب لك

Rehana 14-12-11 07:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2880040)
:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو:55::flowers2: تسلمين :55:اختيار مرررررررررررررررررررررره جنان :Welcome Pills4:وممتاز:flowers2: وشكراعلى مجهودك:friends: وننتظر جديدك:friends:


اهلين خضراء
الله يسلمك يارب.. البركة في اختيار فراولة ^^
العفووووووووو

عيون العباس 25-05-15 03:31 PM

رد: 185 - صخرة الأمنيات - سارة كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الروايه رووعه مشكوره ع المجهود

doda qr 31-03-17 03:06 PM

رد: 185 - صخرة الأمنيات - سارة كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوه مره يسلموووو

nsren 27-08-21 04:54 PM

رد: 185 - صخرة الأمنيات - سارة كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الساعة الآن 07:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية