منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   132 - كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - عبير القديمه ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166582.html)

فداني الكون0 03-09-11 10:39 PM

الله يعافيج يا قلبي

العفو يا الغلا

فداني الكون0 03-09-11 10:43 PM



4-الأجنحة الخفية

مرت الايام متثاقلة.وشيئاً فشيئاً تنبهت لين بأسف الى شعور بالندم العميق يجتاحها، والى حنينها لرؤية الرجل الذي غاب عن حياتها كلياً كأنه شيء لم يكن.
كانت لين يائسة من حياتها الفارغة. وهي تذكر نفسها مرة بعد مرة بأنه كان السبب في إلحاق الضرر بثقتها ومعنوياتها، وأنه حدّ من مهارتها في مهنتها الى حد بعيد.
عاد بلاكهام الى رئاسة الدائرة. وارتاحت لين من مسؤولياتها في تأدية مهام الدائرة، وبذلك تسنّى لها بعض الفراغ في الوقت لتدرب تلاميذها في المسرح والموسيقى والشعر من أجل الاحتفالات المدرسية التي اقتربت مواعيدها. انشغلت بهذا الامر لدرجة كبيرة وجدت معها نفسها بعيدة عن مشاكلها مع كريس، وكانت تضنيها سابقاً.
منتديات ليلاس
كانت المدرسة في نشاط كبير استعداداً لهذه الحفلات المدرسية. غرفة الموسيقى مشغولة كل يوم، وفي الخارج تسمع أصوات غريبة من خلف الباب المغلق. احياناً كان كمان منفرد يتمرن على تأدية قطعة موسيقية، واحياناً اخرى فريق من الآلات المختلفة، ومن وقت لآخر صوت بيانو منفرد يعزف عليه بمهارة فائقة مما يجعل المارة يقفون في الممر ليسمعوا.
كانت أيام لين مليئة بالعمل. وأمسياتها تمضيها في لعب كرة المضرب مع كين. فالمباراة اقترب موعدها وهو مصمم على الفوز بالبطولة.
أخبرت لين صديقها كين ذات امسية وهما يتناولان القهوة بعد اللعب، ان الصحافي طوني ارنولد الذي انضم مؤخراً الى النادي الموسيقي، قد اتصل بعا هاتفياً في المدرسة وطلب منها تحديد موعد بينهما لقضاء السهرة معاً. ثم أنهت كلامها قائلة:
-سألتقيه مساء الغد يا كين. هل لديك أي مانع؟
-وكيف أمانع ياحبيبتي؟ حتى لو كنت أمانع فعلاً فلا يحق لي ذلك. انت لم تعطني هذا الحق بعد. انك لا توافقين على شراء خاتم الخطوبة يا لين. متى تعطيني جوابك بهذا الخصوص؟ انت تعرفين حقيقة مشاعري نحوك يا حبيبتي ولا يمكنني ان اكررها دائماً.
-أعدك يا كين باعطائك الجواب بعد ثلاثة أسابيع..... بعد عطلة نصف الفصل، وبعد ان تفوز بالبطولة في مباريات كرة المضرب وأعود أنا من المؤتمر التربوي الذي سيعقد في شمال لندن. هذا وعد مني قاطع وسأفي به.
-حسناً. علي أن ارضى الآن بهذا الوعد. ولكن اذا خرجت مع الصحافي انتبهي لنفسك جيداً فأنت تعرفين نوعية هؤلاء المراسلين.
-طبعاً اعرف. انهم ليسوا جديين ابداً. همّهم العلاقات العامة.
-أنت على حق. انني احذرك من جديد.
ضحكت لين ووعدت صديقها كين بأن تحترس منه كثيراً.
وفي المساء خرجت لين مع طوني وجلست معه على مقعد قرب رصيف النهر حيث ترسو المراكب الصغيرة. كان طوني يخبرها عن عمله وطموحاته. أخبرها عن تدريبه كصحافي مبتدئ في كلية مهنية في شمال شرقي انكلترا. كان متحمساً لعمله ولم يحاول حتى ان يمسك بيدها او يغازلها. قال:
-قديماً، لم يهتموا بتدريب الصحافي للقيام بعمله بل كان عليه ان يتعلم المهنة بالممارسة. اما اليوم فيقوم بالتدريب أولاً قبل إسناد أية مهمة صحفية له. الطريقة الجديدة أفضل وأنجح بكثير.
تحادثا طويلاً. أخبرته لين عن عملها ومشاكلها في مهنتها. واستمع اليها متعاطفاً مع وجهة نظرها. كان طوني يؤمن بأن وسائل التعليم الحديثة أفضل بكثير من الوسائل التقليدية المتبعة. ثم اقترح:
-انا مقتنع وسأحاول ان أنشر بعضاً من آرائك الجديدة للناس في مجلتي التي أعمل بها. لقد حضرتني فكرة جديدة. ربما استطيع ان اقتع المدير المسؤول ان يسمح لي بنشر سلسلة من المقالات التربوية تباعاً أبينّ فيها فوائد وسائل التعليم الحديثة بالمقارنة مع الوسائل التقليدية. ما رأيك؟
هذه فكرة ممتازة برأي لين. ألم يطلب منها كريس يورك ان تحاول اقناع الآخرين بجدوى ما تقوم به؟ ونشر هذه المقالات يسهّل من عملية اقناع الاخرين.
كانت لا تزال في جلستها مع طوني حين اقترب منها رجل وحيد في طريقه الى الضفة. تطلعت اليه لين على الفور. انه كريس يورك. بدا منحني الظهر قليلاً بعد أن كان منتصب القامة وقد تدلّى رأسه الى أسفل بعد ان كان مرفوعاً وشموخ.
بدأت ضربات قلبها تدق دون انتظام. ونظر كريس اليها نظرة سريعة وأكمل طريقه. هز رأسه محيياً دون ابتسام.
-انظري. أليس هذا الرجل الشاب صديقك الذي كان في النادي الموسيقي في الامسية التي انضممت بها الى عضوية النادي؟

فداني الكون0 03-09-11 10:44 PM


أخبرته لين بسرعة انه أحد معارفها وقالت بصدق:
-الحقيقة انني لا أعرف عنه الكثير.
-أو. يجب ان أتذكّره. أعرف انني رأيته في مكان ما. وأنا عادة لا أنسى الوجوه.
-انه من شمال انكلترا. والداه لا يزالان يعيشان في يوركشاير.
-هو من الشمال. لقد رأيته هناك حيث كنت تلميذاً فترة سنتين من الزمن وعملت في جريدة محلية لفترة من الوقت. شكراً لمساعدتك. سأتابع تحقيقاتي وحدي لأتعرف الى شخصه.
كانت الامسية التي امضتها لين بصحبة طوني لطيفة. رتّبت واياه لقاء آخر بعد اسبوع للبحث في تفاصيل سلسلة المقالات التربوية التي اقترح طوني ان ينشرها.
وعندما وصلت الى منزلها اتصلت على الفور بصديقها كين. وأخبرته باعتزاز انها وجدت الصحافي المهذب الذي يؤمن مثلها برسالتها التربوية الحديثة. سرّ كين بحديثها وقال:
-حسناً. تأكدي ان اعجابه ينحصر في آرائك فقط.
وبعد أيام قليلة من لقاءها بالصحافي طوني آرنولد كانت لين تجلس في منزلها وهي تصحح دفاتر الإنشاء المتأخرة. طرقت السيدة والترز عليها الباب وهي تقول:
-لديك مكالمة هاتفية يا صعيرتي. انه شاب من معارفك على ما اعتقد. انا لا أفرق بين اصدقائك. لديك العديد منهم.
لأول وهلة ظنت لين ان كريس هو المنكلم. ولكنه اختفى من حياتها كما وعدها ونجح في الابتعاد عنها وعن طريقها.
-هالو لين. انا طوني. آسف يا عزيزتي فأنا لا استطيع ان ألقاك غداً كما اتفقنا. لدي عمل ولا استطيع الخروج. اريد ان اعلمك انني انتهيت من تحضير أول مقال تربوي من حملتنا الصحافية لتثقيف الجماهير ووسائل التعليم الحديثة. ستظهر المقالة في جريدة يوم الجمعة. انتظريها!
-ولكن يا طوني..... كيف لي ان اعرف ماذا كتبت؟ ارجوك اقرأه لي الآن على التلفون بسرعة: ربما هناك بعض الحقائق التي كتبت خطأ ويجب تصحيحها.
-آسف مرة ثانية يا لين. انني في عجلة من أمري. المقالة طبعت وقد انتهى الأمر. حتى انا لا أستطيع ان اغير فيها شيئاً بعد الآن.
-ولكن يا طوني..... هل يمكنك ان تعطيني رؤوس أقلام؟
-لين! لقد تأخرت عشر دقائق عن برنامج عملي. عليك ان تثقي بي. لن أخذلك. وداعاً. سأراك قريباً من أجل المقالات اللاحقة.
انتظرت لين يوم الجمعة بقلق عظيم. وبسرعة ارتدت ثوبها وأسرعت الى أسفل السلالم لتقرأ المقال في جريدة الميلدنهد غازيت. قلبت الصفحات مسرعة ثم توقفت فجأة وقد تسمّر نظرها فوق العنوان الكبير في منتصف الصفحة وأحست بطعنة حادة في قلبها.
-الأهل يعوقون التقدم.
كان العنوان مكتوباً بأحرف كبيرة. تقول معلمة المدرسة لين هيوليت أن الأهل يضعون العصي في الدواليب ويمنعوها من التقدم....
قرأت لين المقال وقلبها يضرب بسرعة من الغضب. وازداد غضبها وقلقها مع كل جملة. كانت الحروف الواضحة أمامها تشير الى أن طوني حوّر كلماتها بشكل لا تقبل به. لقد أخبرته اشياء كثيرة كانت تظنها خارج الموضوع، ولكنه استعملها كلها في مقاله. بعض الجمل والملاحظات التي قالتها عن بعض زملائها المعلمين ذكرها ايضاً ولكنه لحسن حظها أغفل ذكر الاسماء الحقيقية. ثم عبارات عدم رضاها وسخطها على الطرق التقليدية التي تتبعها المدرسة حيث تعمل... كانت من الوقاحة وعدم اللياقة، وقد رتبها بحذق ومهارة بحيث يحظى باهتمام القارئ.
لا يمكن للأمور ان تكون اسوأ. لقد عرّاها طوني تماماً أمام القراء. ولو ترك له الخيار لوضع لها صورة بثياب البحر مع المقال.

فداني الكون0 03-09-11 10:46 PM


وصلت لين الى المدرسة ودخلت غرفة المعلمين وهي ترتعد وترتعش من الخوف والغضب. وجدت أكثر من ستة معلمين يقرأون المقال في الجريدة.
-لين ماذا تقصدين بهذا المقال يا حبيبتي؟
حاول كين ان يهدئ من صدمته بعد ان قرأ المقال. كانت لهجته رافضة لما قرأ تماماً. ونظر بقية الاساتذة اليها نظرة اشمئزاز واستغراب وهي تقترب منهم. عبست ماري وقالت:
-هل كنت تعرفين كل شيء عن هذه المقالة يا لين؟ أي قسم من المقال هو قولك وأي قسم هو من صنع الصحافي؟
-شكراً يا ماري لكلماتك الرقيقة. انا متأثرة مثلكم وآسفة ايضاً. انكم تعرفون الصحافيين جيداً. طوني يعتقد انه يخدمني. ولكنني اعتقد ان النتائج اسوأ مما توقع.
عبست ماري وقالت بجدية:
-هل تعرفين يا لين ان عاقبة هذه المقالة ستكون وخيمة عليك، وربما تجرّك الى مواقف غير مرضية بل سيئة ولا تسر؟ هذه المرة انا خائفة عليك يا عزيزتي. اعتقد أنك تماديت قليلاً في تصرفاتك هذه المرة.
-ارجوك يا ماري.... لا تزيدي همومي. أنا لا استطيع ان افعل أي شيء الآن. علي ان أتقبّل نتائج عملي مهما كانت. صدقيني أو لا تصدقيني، لقد طلبت من طوني ان يعطيني نسخة من المقال قبل طبعه ونشره ولكنه اعتذر بأن لا وقت لديه. والآن أعرف السبب.
-حسناً يا عزيزتي، استعدي للعاصفة التي ستهب فوق رأسك قبل نهاية اليوم.
مر النهار بطوله ولين تنتظر هبوب العاصفة. ولكن شيئاً مما توقعت لم يحصل. كانت كلما مرت ساعة تنتظر ان تسقط الفأس ونقطع رأسها، أو تطلب للاجتماع في مكتب المدير. ولكن هذا لم يحصل. وخرجت في نهاية النهار هاربة من حرم المدرسة الى سيارتها. تنهدت بارتياح من اعماق اعماقها وهي تدخل منزلها تنشد الراحة والتفكير.
منتديات ليلاس
مرت عطلة نهاية الاسبوع بسرعة وفي مساء الأحد التقت كين بعد الظهر كالعادة وتنزهت برفقته بضع ساعات قرب النهر. ولم يمر بها الرجل الوحيد... كريس. فأحست لين انها افتقدته اكثر مما تود ان تصرح به.
أخذت لين تجذف المركب بينما استلقى كين في الطرف الآخر وهو يراقبها. ثم سألها بلطف وهو يحاول أن لا يثير غضبها بسؤاله:
-هل من تعليقات او أقاويل بعد المقال يا حبيبتي؟
-ليس بعد. لا زلت انتظر. ربما ستبدأ المشاكل يوم الاثنين، على ما اعتقد.
-لا أظن ذلك. فالانباء السيئة تسير بسرعة فائقة. كان من المنتظر ان تقوم الدنيا عليك يوم الجمعة أو لا تقوم ابداً. انا مقتنع بذلك.
هزت لين رأسها غير موافقة. ولكنها كانت تتمنّى من كل قلبها ان يكون صديقها كين على صواب.
وصلها صباح الاثنين كتاب رسمي معنون: سري وشخصي. عليه اسمها. وجدت الكتاب على مكتبها في غرفة الاساتذة ينتظر وصولها. ونظرت لين الى الرسالة أمامها فاعتراها الخوف. هل يضم في داخله المشاكل التي كانت تنتظرها منذ يوم الجمعة؟
فكرت وهي تفتح الرسالة بيد ترتجف: انا مستعدة للمشاكل. كانت الرسالة مطبوعة على الآلة الكاتبة وعلى ورق رسمي. وكان من الواضح انها أمليت على السكرتيرة وتحتوي على رقم تسلسلي. رسالة قانونية ورسمية.
الرسالة تقول

فداني الكون0 03-09-11 10:48 PM


عزيزتي الآنسة هيوليت:
قرأت باستغراب وبكثير من الاهتمام المقال الذي نشر عنك في جريدة مليدنهد غازيت ليوم الجمعة. المقال مدبج بتعابير منافية للاخلاق المهنية، والجدل المستعمل فيه للدفاع عن وسائل التعليم الحديثة غير مهني. كاتب المقال ميال الى معالجة الموضوعات المثيرة وقد استغل رغبتك في اقتناص اول فرصة سانحة لعرض وجهة نظرك حول موضوع وسائل التعليم الحديثة. المقال برمته سيء بحيث أنه لا يفيد لا الكاتب ولا الشخص الذي عرض وجهة نظره....
بصفتي رجل تربية ذا خبرة في هذا المضمار، ودون تحيز أود ان اقول ان الحماس الذي تنقصه الحقائق الدامغة واندفاع الشباب والتفاؤل، كلها ليست كافية لاثارة موضوع بهذا العمق يسبب ضرراً كبيراً لعدد كبير من المربين ويثير الشك في عقول الآباء، حيث ان تعليم اولادهم هو شاغلهم الآول في تربيتهم التربية الصالحة.
على العموم كان الدافع الأول لوضع المقال اثارة الرأي العام وتحريك عواطفهم، وهذا يساعد في تثبيت مخاوف المجتمع، واخشى ان الكاتب قد انتهج طريقاً خاطئاً في الإعلام.
أنا اصررت ان تفتشي عن دعم خارجي لقضيتك، ولكنني لم أقصد ابداً هذا الدعم بالذات.
انتهجت طرقاً غير عادية للاتصال بك مباشرة، ربما لأنني اعرفك شخصياً، وربما لأنني اريد حمايتك من الدعاية التي لا تسر والأقاويل المغرضة التي ستنتج عن هذه الحادثة المؤسفة لو اتبعت الطرق العادية في الاتصال. أعلمت مديرك المباشر الاستاذ بنستون انني سأتصل بك شخصياً كي يوقف هو أي اجراء كان من الممكن أن يتخذه بالنسبة لهذا الحدث.
انصحك، اخيراً، ان تتصلي بكاتب المقال في أول فرصة وان تطلبي منه بإلحاح وصدق أن يتحقق من الموضوع برمتّه، وان تقنعيه بالتخلي عن كتابة بقية السلسلة التربوية من أجل مستقبلك. انت لست مجبرة على اتباع نصيحتي ولكنني شخصياً لا أرغب في تحمّل اية مسؤولية تنتج بعد ذلك من جراء تصرفاتك، اذا رغبت في اكمال نشر هذه السلسلة.

المخلص
ك. م. أ. يورك.
المفتش في وزارة التربية



حين انتهت لين من قراءة الرسالة وهدأت ثورتها قليلاً، ذهبت الى صديقها ماري ووضعت الخطاب أمامها قائلة:
-اليك هذا الخطاب! اقرأيه للنهاية. ستجدين السم القاتل في نهاينه. بقيت لين واقفة قرب ماري تنتظر حتى تنتهي من قراءة الرسالة وهي تتنفس بصعوبة من شدة حنقها. بقيت ماري هادئة وهي تقرأ الرسالة بكل اهتمام. نظرت اولاً الى التوقيع وهمهمت:
-انها من كريس يورك، ولكن ماذا يعني م. أ. في وسط اسمه؟
وبعد ان انتهت ماري من القراءة نظرت الى لين وقالت بصوت هادئ:
-ما الخطب؟ ان الرسالة معقولة جداً. كريس يكتب اليك في حدود مسؤولياته. انه لم يخذلك في محنتك، بل على العكس يحاول ان لا يزعجك ويدافع عن تصرفاتك الهوجاء. انه لطيف جداً وضمن حدود اللياقة. كنت أتعجب كيف لم ينل منك غضب الادارة يوم الجمعة وقد اتضح لي الآن انه هو الذي حال دون ذلك..... عليك ان تشكريه على عمله في صدّ الهجمات البربرية عليك من قبل المدير.
-انا اشكره؟ سأهييء له جواباً مناسباً لرسالته هذه......
-ولكن يا لين! أرجو ان لا تفقدي توازنك. كوني عاقلة. لقد اعترفت بنفسك ان المقال كان سيئاً. ولماذا تتحيزين الآن؟ فقط لأن كريس كتب لك ينبهك بلطف الى اخطائك، وذلك صمن حدود مهنته ومسؤولياته. كان يستطيع ان يتركك وشأنك وربما كنت غرقت في خضم هذه المشكلة. وبدلاً من ذلك اخذ زمام الامور بيده. عليك أن تشكريه لفعلته. قرر ان يكتب لك بنفسه وبذلك انقذك من مأزق حرج جداً.
كانت لين تعترف في قرارة نفسها بأن ما تقوله ماري هو الحقيقة. وكذلك كانت تعلم انها تتجنى على كريس وتتهمه بالباطل ولكنها كانت تشعر برغبة ملحة في مجابهته والرد عليه. لقد أثر كريس تأثيراً كبيراً في مجرى حياتها منذ أول يوم التقته. كان كالشوكة الحادة قد انغرس في لحمها وعليها ان تقتلعها مهما تألمت.
جلست في المساء وكتبت له الرد. قالت:
-عزيزي الاستاذ يورك:
اشكرك على رسالتك. آسفة لأن المقال الذي نشر عن لساني في جريدة ميلدنهد غازيت لم يعجبك. وانك لا توافق على الاسلوب ولا المضمون.
المقال كتب للوصول الى عقل القارئ العادي وليس لناقد كبير مثلك أو في مستوى ذكائك الخارق. كاتب المقال صحافي خبير وليس عديم الخبرة كما ذكرت. واعتقد ان عمره لا دخل له في المقال. لقد تحقق الصحافي من الموضوع بشكل عام واسلوبه في الكتابة لا ينحصر مطلقاً في التأثير على القارئ. لقد حاول فقط أن يوصل رأيه، وبالتالي رأيي، الى عامة الناس بأبسط الطرق واسهلها ولو عن طريق العاطفة.
أنا لا أخاف الضجة بل كنت انتظر حدوثها يوم الجمعة الفائت بعد نشر المقال لو لم تتدخل أنت. وربما علّي ان اقول لو لم تتوسط أنت.
اما بشأن اقتراحك: الاتصال بالكاتب ومحاولة اقناعه بعدم نشر بقية السلسلة التي خطط لها.... فأذكرك بحرية الرأي وحرية الطباعة والنشر في هذا البلد، ولا يمكن اجبار او اكراه أي كان على تغيير رأيه. ولكن بعد تهديدك المبطن لي في نهاية رسالتك الخاصة، والتي تقول فيها ان ذلك ربما سيؤثر على مهنتي وعملي، وبما أنني أحتاج وظيفتي، فمن الضروري اذن أن أقبل نصيحتك الخالصة شئت ذلك ام أبيت. باستطاعتي اقناع الكاتب المذكور بوقف نشر السلسلة التربوية ولكنني أقول لك صراحة ان ذلك يخالف مبادئي واخلاقي.
المخلصة
ل. ن. هيوليت
وضعت لين الرسالة داخل مظروف. ثم ختمتها ووضعت عليها عنوان مكتب الاستاذ يورك ثم كتبت عليها بعد تفكير كلمة: سري وشخصي..... كما فعل هو. واسرعت الى اقرب مركز للبريد فبعثت الرسالة خوفاً من ان تغير رأيها وتعدل عن ارسالها.
بعد يومين استلمت لين جواب رسالتها على عنوان مسكنها. كان الجواب مقتضاً ومكتوباً باليد.... الرسالة تقول:
-عزيزتي الآنسة هيوليت
استلمت رسالتك. اعتبر الموضوع منتهياً.
ك. م. أ. يورك
شعرت لين بانكماشها وصغرها. وجلست لفترة طويلة تنظر الى رسالته والى خط يده. امتلأت عيناها بالدموع فكانت ترى الأحرف تتراقص أمامها ومن خلال دموعها تخيلت ان محتوياتها كانت تعج بالحنان والرقة. اغمضت جفونها قسراً وتذكرت لقاءاتها معه. كانت تفتش في ذهنها عن أي مخرج يحفظ لها كرامتها وعزتها في علاقتها الشائكة به.
بقي اسبوع واحد على موعد الحفلة الموسيقية التي ستقام في قاعة الريفرسايد. وكانت لين تمضي معظم اوقات فراغها في المدرسة وفي غرفة الموسيقى تدرّب تلاميذها الشباب على تأدية ادوارهم في الحفلة. وبعد ظهر يوم من الايام اكتشفت لين انها نسيت دفتر تسجيل الصف في غرفة الموسيقى وقررت استعادته دون اي إبطاء. كان دفتر تسجيل الصف يعتبر من المقدسات في المدرسة لأنه يحتوي على معلومات اساسية في سير عمل الصف، وفيه يسجل كل شيء هام يتعلق بالتلاميذ.
وقفت لين امام باب غرفة الموسيقى مترددة لأنها لم ترد ان تزعج الشخص الذي كان يعزف بمهارة على البيانو. ربما انتظرت قليلاً حتى ينتهي من عزف هذه المقطوعة. ولكنها لم تدر اذا كانت المقطوعة طويلة تستغرق وقتاً طويلاً. ولم تكن تعرف كم سيطول بها الانتظار. قررت اخيراً ان تدخل وتعتذر للعازف على ازعاجها.


الساعة الآن 08:27 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية