منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   132 - كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - عبير القديمه ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166582.html)

فداني الكون0 23-09-11 09:58 PM



تمنت لين ان تجف الدموع المنهمرة فوق كلمات الرسالة قبل ان تختلط الكلمات بالدموع...
وفي صباح يوم الثلاثاء وبعد أن تناولت الفطور بسرعة رتبت حقيبتها ووضعتها في المدخل الرئيسي في غرفة المعاطف قرب مكتب الاستقبال. ثم عادت الى غرفتها من جديد تعيد النظر في محتوياتها وتتأكد من أنها لم تترك خلفها شيئاً من أغراضها. أقفلت الغرفة لآخر مرة ونزلت السلالم تريد ان تسلم المفتاح.
كان كريس يقف مع مجموعة من الناس في المدخل الرئيسي للمبنى. يداه في جيوبه ويبدو عليه الارتياح والسعادة. وربما أحس بوجودها لأنه التفت ناحيتها ورفع يده عليه محيياً وبدأ يمشي باتجاه السلالم لملاقاتها. ولكنها أسرعت ترتقي السلالم من جديد، واحتمت في غرفتها. لقد سرت لأن المفتاح لا يزال في حوزتها. دخلت تلهث وقد انقطع نفسها من صعود السلالم بسرعة وارتمت فوق السرير. كانت ضربات قلبها تسرع وقد اضطرب نبصها.
منتديات ليلاس
رأت ان تبقى في غرفتها حتى يحين موعد بدء المحاضرة ومن ثم تنزل ببطء الى قاعة المحاضرات وتنضم للمستمعين دون ان تلفت اليها الأنظار.
وهكذا فعلت. نزلت وجلست بالقرب من جون هلويك. ونهض عريف المؤتمر فعرف المحاضر الاول. نظر اليها جون مبتسماً وهو يؤنبها على تأخيرها، ثم أشار الى المنصة حيث جلس كريس بين المحاضرين وقال:
-أليس هذا صديقك؟
هزت لين رأسها موافقة.

فداني الكون0 23-09-11 09:59 PM

.
هل لاحظ كريس تأخرها؟ لا تعرف! حاولت جاهدة أن لا تنظر الى المنصة حيث يجلس حتى لا تلتقي نظراتهما. وظلت تحق في الصفحة الفارغة أمامها بينما كان المحاضر يتلو محاضرته. سجلت بعض الملاحظات التي وجدتها مفيدة، ولكنها لم تكن جديدة عليها. وبعد أن انتهى من محاضرته، صفق له الحاضرون واغتنمت لين هذه الفرصة فنظرت بسرعة الى المنصة. كان كريس ينظر اليها نظرة تساؤل مستغرباً تصرفاتها وقد وجمت وأجفلت وازدادت ضربات قلبها سرعة.
نهض عريف المؤتمر من جديد وعرف كريس قائلاً:
-نختتم المؤتمر بمحاضرة الاستاذ كريستوفر يورك وعنوانها: لنعط اللغة الانكليزية الحياة...
نهض كريس وبدأ يتكلم بطلاقة وثقة. كانت اين تراقبه وقد تبخرت كل مقاومة او تصميم على كرهه. بل على العكس وجدت انها تشعر بفخر واعتزاز كبيرين. كان متمكناً من قوله وقد سيطر سيطرة تامة على انتباه المستمعين وتفكيرهم.
بدأت الكلمات تدخل عقلها الواعي. لم تصدق أول الامر ما كانت تسمع. كانت تنظر اليه مشدوهة وتحاول ان تقرأ تحركات شفتيه بعينيها حتى تفهم كل كلمة ينطق بها.
كانت كل أفكاره تدعم أفكارها، وكل آرائه في طرق التعليم الحديثة هي نفس آرائها. لقد بذل جهده في تطوير التفكير الجديد لمعلمي اللغة، وحثهم على تقبل الوسائل الحديثة في التدريس. ودعم جهود المعلمين المتخرجين حديثاً والذين يكابدون الأمرين في محاولتهم تطوير طرق وأساليب التعليم بعقلية جديدة رغم المعارضة.
ولفت النظر الى معارضة الأهالي وكذلك الى معارضة المعلمين التقليديين الكبار والذين يجدون صعوبة في تغيير طرقهم واتباع الطرق الحديثة. لقد آمن بكل شيء كانت تؤمن به هي في الماضي، وكانت تظن انه يعارضه بل ينعته بطيش الشباب وتهوره.

فداني الكون0 23-09-11 10:03 PM


نجح في أن يجعل الحياة تدب في المؤتمر كله من خلال محاضرته. ثم أكمل يقول:
-انني مفتش في وزارة التربية واستطيع ان أرى الموضوع برمته بشكل عام. انني اراقب الجميع (ضحك المستمعون لتعليقه). يجب ان ترتكز اللغة على وسائل تعليمية حديثة. عليها ان تنطلق بعيداً عن الطرق التقليدية المتبعة والتي عفى عليها الدهر. علينا ان نلتفت الى الطرق الحديثة في التفكير والبحث. وما هو دور المعلم هنا؟ من الواضح انه ليس انساناً آلياً (ضحك الجميع لهذا التشبيه) درب على ايصال معلومات معينة ومبرمجة. يحمل الطبشور في يده وصوته مرتفع ويملك القليل من الخيال. بل هو المرشد والقائد والمراقب، تقع على عاتقه مهمة اذكاء الانتباه وارساء الاهداف السامية واستعمال الخيال الواسع في البناء والعطاء. على المعلم ان يملك الارادة ليستطع التغيير. عليه ان يؤمن بالآراء الجديدة دون شك.
ثم ختم محاضرته قائلاً: منتديات ليلاس
-ان طرق تعليم اللغة يجب ان تتبدل. علينا ان نتخلى عن الطرق التقليدية القديمة البالية ونرتكز على اسس جديدة تتمشى وحاجات الجيل الجديدة... جيل الانفتاح والتكنولوجيا... جيل عصر الفضاء.
جلس كريس مكانه خلف المنصة وسط التصفيق الحاد المتواصل. هلل له بعض الاساتدة من الشباب مستبشرين خيراً بمساندته العلنية لهم ووقوفه الى جانبهم في هذا الموضوع الشائك.
وصفقت لين اعجاباً. نظرت اليه والتقت نظراته المتسائلة. ابتسمت له ابتسامة عريضة كأنها تقول له: اشكرك كثيراً لدعمك المعنوي لي. لقد رددت الي ثقتي بنفسي وايماني بطرقي في التدريس.

فداني الكون0 23-09-11 10:04 PM


وبعد ان هدأ التصفيق نهض عريف المؤتمر وأعلن انتهاء المؤتمر التربوي وتمنى ان يكون الجميع قد استفادوا بطريقة او بأخرى من ايام المؤتمر الخمسة الماضية.
تركت لين مقعدها وخرجت مع الآخرين. وأخبرت جون الذي كان يمشي خلفها أنها ستأخذ القطار على الفور. خاب أمله كثيراً لأنها لن تتناول طعام الغذاء برفقته كما كان يتمنى.
-اعطيني عنوانك يا لين. ربما نلتقي في يوم من الايام مع انني اعتقد انك ستتزوجين في القريب العاجل. ومن الواضح الآن ان خطيبك يوافقك الرأي في كل افكارك بصدد التعليم.
صعقتها كلماته وشعرت ببعض التشنج والانفعال. اخيراً... تتوافق آراؤها مع آرائه في وسائل وطرق التعليم الحديثة. ضحكت ضحكة هستيرية وقالت:
-أوه. لا أعرف... ولكنني سأعطيك عنواني.
زكتبت له عنوانها في كنت على غلاف برنامج المؤتمر.
صافحته مودعة وحملت حقيبتها من غرفة المعاطف الى سيارة الاجرة التي كانت تنتظرها في الخارج، بعد أن سلمت مفتاح غرفتها والرسالة التي كتبتها لكريس الى السكرتيرة. ورجتها ان تسلمها له بعد الغداء. نظرت حولها تتأكد من أن كريس لم يرها. ثم دخلت السيارة وأعطت السائق وجهة سيرها وارتمت فوق المقعد مجهدة...
جلست لين في القطار شاردة ساهمة وهو يسرع باتجاه الجنوب. كانت كريشة في مهب الريح تتقاذفها شتى الافكار. تذكرت كلمات الاغنية التي كتبها الشاعر الهندي طاغور والتي تقول:
-لا تذهبي يا حبيبتي دون ان تخبريني....
رددت كلمات الاغنية في عقلها وامتلأت مآقيها بالدموع. لقد ذهبت دون ان تخبره...
كانت عواطفها كالبحر الهائج تتصارع في داخلها، وفي عقلها اسئلة متعددة لا تجد لها أجوبة: لماذا لم يخبرها بخبر خطوبته لانجيلا؟ لماذا كان يتهرب من الاجابة عن اي سؤال حول علاقته بها؟ لماذا نفى حقيقة خاتم الخطوبة الذي كان في اصبعه؟
كانت لين تحدق عبر النافذة ولكنها لا ترى شيئاً. وكان الركاب يمرون بها دون ان تلحظهم.
كان تفكيرها ينصب على كريس: ربما يكون قد انتهى من تناول غدائه، وهو ينتظرها الآن في المدخل الرئيسي. كيف سيكون شعوره عندما لا يجدها؟ هل سيغضب او يثور؟ هل سيفقد رباطة جأشه؟ هل سيسر لأنه لن يتكبد مشقة احتمال رفقتها لساعات عديدة ولمسافات طويلة؟

فداني الكون0 23-09-11 10:13 PM


شعرت بالجوع يداهمها. بحثت في حقيبة يدها عن أي شيء تأكله، ووجدت قطعة شوكولاته صغيرة في زاوية حقيبتها. اكتفت بها وفضلت ان لا تتكلف مشقة السير الى مقصورة الطعام. أغمضت عينيها من شدة التعب والألم وغفت لفترة طويلة. واستفاقت قبل قليل من وصول القطار الى المحطة الرئيسية في لندن.
دخلت الحمام وغسلت وجهها بالماء البارد، وحاولت ان ترتب زينتها وتمشط شعرها وبذلك انتعشت قليلاً. وبعد أن وصل القطار الى المحطة الرئيسية في لندن.
دخلت الحمام وغسلت وجهها بالماء البارد، وحاولت ان ترتب زينتها وتمشط شعرها وبذلك انتعشت قليلاً. وبعد أن وصل القطار الى المحطة نزلت تحمل حقيبتها واتصلت هاتفياً بمنزل والديها لتخبرهما بوصولها قبل الموعد.
منتديات ليلاس
دخلت منزل والديها وهي متعبة ومجهدة، وارتمت بين احضان والدتها.
-يبدو عليك الارهاق يا صغيرتي.
نظرت والدتها ورأت دموعها تملأ مآقيها.
-كنت انتظر ان اراك في حال أفضل بعد قضاء عطلة قصيرة في المؤتمر التربوي. تعالي اخبريني ما الأمر؟
أطل والدها من مكتبه ورحب بها قائلاً:
-اهلاً وسهلاً يا صغيرتي. انني كالعادة في مكتبي أصحح دفاتر تلاميذي. اخبريني هل كان المؤتمر ناجحاً؟
-نعم. كان المؤتمر جيداً ولكنه لم يحقق غايته المنشودة.
قالت والدتها بتعجب:
-لماذا أنت متعبة الى هذا الحد؟ هل من مشكلة؟
-لا يا أماه. اريد فنجاناً من الشاي. سأصعد الى غرفتي وأفرغ حقيبتي بينما تحضرين لي الشاي.
-طبعاً. سأحضر الشاي الى غرفتك.
أمطرها والدها وابلاً من الاسئلة حول المؤتمر والمحاضرات. وتحدثت معه بطلاقة وعفوية وقد ساعدها الحديث على استعادة توازنها.


الساعة الآن 07:46 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية