منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   132 - كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - عبير القديمه ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166582.html)

فداني الكون0 23-09-11 09:38 PM


قال كريس:
-اذن بدأت منذ الصغر. انا متأكد من كونك خلقت لتعلمي.
-انت تقول ذلك؟ وبالرغم من كل ما حدث؟ لا بد وأنك تمزح.
-انا لا امزح ابداً بل أعني ما أقول.
كانت السيدة يورك وانجيلا تراقبانها باهتمام زائد مما جعل الاحمرار يزحف الى وجنتيها من الخجل. وحاولت أن تخفي خجلها وهي تنظر بعيداً عن الجميع. كانت تفكر بتغيير مجرى الحديث في محاولة لوقف المناقشة الدائرة حتى لا تنفضح الامور بينهما.
منتديات ليلاس
شعرت السيدة يورك بأن الموضوع حساس بينهما. وعلى الفور تكلمت في محاولة لتلطيف الجو وقالت:
-هذه الحادثة الطريفة تذكرني بحادثة مماثلة حصلت لابني كريس. بدأ يتعلم العزف على البيانو وهو في السابعة من عمره. وحين بلغ الثانية عشرة عزف في حفلة موسيقية في المدرسة وكذلك في احتفالات موسيقية أقيمت في المنطقة. ولما بلغ الثامنة عشرة عزف منفرداً على البيانو ورافقته فرقة موسيقية كبيرة وشهيرة. وتابع نشاطه الموسيقي بتفوق، فأحرز العديد من الجوائز والميداليات والانتصارات والمنح وفجأة تخلى كلياً عن هذا الحلم.
قال كريس معقباً:
-واذا بحثت الآن عن الميداليات والكؤوس فلن تجدي لها أي اثر. لقد رصت كلها في خزانة مقفلة. ولماذا؟ لأن احداً لا يرغب في تنظيفها من وقت لآخر.
ضحك الجميع ولكن السيدة يورك نفت هذه القصة كحقيقة بل اعترضت ودافعت عن نفسها.
التفتت اليه لين وسألته:
-لماذا تخليت عن أحلامك الموسيقية يا كريس؟
-تسألين لماذا؟
هز كريس كتفيه دون اكتراث ونظر محدقاً في كأسه ثم أكمل حديثه:
-لقد اكتشفت بعد تفكير عميق أن هذه المهنة ليس فيها ضمانة للمستقبل، بل يلعب الحظ فيها دوراً كبيراً. فكرت انه في يوم من الايام سيكون لدي زوجة واولاد وسأبني بيتاً، وسأحتاج لبعض الاستقرار الذي لا يتواجد في مهنة الموسيقار. اخذت أهييء نفسي لمهنة اخرى. بدأت ادرس لنيل شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية. وكنت ادرس بعض الوقت وأنا أعمل. صرفت جهداً كبيراً ونجحت في نيل الاجازة التعليمية واصبحت معلماً للغة الانكليزية في المدارس الثانوية. عملت عدة سنوات وحانت لي فرصة ذهبية كي أصبح مفتشاً في وزارة التربية، فتقدمت لتلك الوظيفة وفزت بها. لا تسأليني لماذا ولنني رغبت فيها وحصلت عليها.

فداني الكون0 23-09-11 09:41 PM

نظرت انجيلا الى لين وقالت بحزن:
-الآن تعرفين يا لين مدى الخسارة التي أصابت العالم من تخلي كريس عن العزف على البيانو. هل استمعت الى عزفه؟
هزت لين رأسها موافقة وضمت يديها وقالت:
-انا اعتقد انه مدهش في عزفه.
سمعت لين صرخة خفيفة من كريس وهو يعترض على كلامها ولكنها لم تلتفت اليه.
سرت انجيلا بكلامها وقالت مازحة:
-لديك معجبة في بيتك يا كريس. هل ترغبين ان يوقع لك في دفتر الذكريات أم تفضلين الحصول على صورته بتوقيعه؟
ابتسم كريس ابتسامة عريضة ومال بكرسيه الى الوراء وقد وضع يديه في جيوبه وقال بجدية:
-علي ان أفعل شيئاً لك يا لين! ماذا تفضلين؟
التقت عيناه بعنيها وشعرت بارتباك ولم تستطع تفسير نظراته المبهمة. فأسرعت تبعد نظرها عنه. نظرت انجيلا الى ساعتها وخاطبت كريس قائلة:
-الا تعتقد يا كريس ان علينا ان نقوم الى مهمتنا؟
-طبعاً يا انجيلا.
دفع كرسيه ووقف يخاطب والدته:
-أماه نعتذر منك.
وأمسك بيد لين وقال:
-لن اتأخر كثيراً. سأعود لاصطحبك في طريق العودة الى المؤتمر.
وكذلك امسكت انجيلا بيد لين تودعها قائلة:
-انني مسرورة بلقائك يا عزيزتي. الآن بدأت أصدق كل ما سمعته عنك. وداعاً واتمنى لك أطيب السعادة.
-وأنا ايضاً سررت كثيراً بمعرفتك يا آنسة كاستللا.
-أوه. ارجوك ان تناديني باسمي انجيلا مع رفع الكلفة بيننا. ربما نلتقي مرة ثانية... بل أنا واثقة أننا سنلتقي.

فداني الكون0 23-09-11 09:44 PM

.
خرجا يضحكان. وركبت انجيلا سيارتها السوداء الفخمة وسبقته على الطريق. تبعها كريس بسيارته الحمراء المصقولة في طريقهما لمعاينة البيانو.
عادت السيدة يورك الى غرفة الطعام حيث لا تزال لين واقفة وهي تبتسم ابتسامة عريضة في محاولة جاهدة لتخفي حزنها وكآبتها عن والدة كريس.
-هل أساعدك يا سيدة يورك في تنظيف الصحون وترتيب غرفة الطعام؟
-لا لزوم لذلك يا عزيزتي. عندي خادمة تساعدني في هذه الأعمال. ما رأيك ان تنزل الى الحديقة ونتنزه فيها؟ انها جميلة للغاية في هذا الفصل.
خرجتا تتنزهان في الحديقة وسط الورود والرياحين. وكانت الروائح العطرية تملأ الجو عبقاً واريجاً طيباً. هناك بعض اشجار الفاكهة المثمرة بالاضافة الى العرائش المتدلية من الاقواس الخشبية في شكل هندسي بديع. وتوجد في الحديقة بركة واسعة لتربية الأسماك، وفي وسطها تمثال حجري لطفل صغير. وفي زاوية بعيدة منعزلة مساحة كبيرة مستهلكة في زراعة الخضار. وبالقرب منها منزل زجاجي نموذجي لزراعة بعض النباتات الخاصة التي تستوجب عناية كبيرة.
منتديات ليلاس
-انا لا اهتم بالحديقة ابداً. الحديقة من هوايات زوجي الخاصة. انه يعتني بها ويهتم بشؤونها. وهي تسليته الجسمية والعقلية. يساعده عامل على القيام ببعض الاعمال الشاقة ويعتني بها في غيابه. ان زوجي حالياً خارج البلاد في رحلة عمل في جنوب امريكا، يمثل الشركة التي يعمل فيها. الشركة تتعاطى الزراعة وبالأخص التخلص من الاعشاب الضارة. انا وحدي استمتع بعمله في الحديقة وأقدر جهوده.
أخبرتها لين ان والدتها هي التي تقوم بالاعمال الزراعية في الحديقة. وهي تساعد والدتها قليلاً ايام العطل المدرسية... تساعدها في قص العشب الاخضر او تشذيب شتل الورود. ثم اضافت:
-والدي مشغول جداً بعمله. انه معلم مدرسة مثلي ولا يجد فراغاً للتسلية.
-انت اذن مثل والدك.
-ربما. ولكنه يعلم الحساب بينما انا اعلم اللغة الانكليزية. كما انني لا افهم كثيراً في الحساب. وسمع رنين الهاتف فأسرعت السيدة يورك الى الداخل لتجيب. سمعتها لين تقول:
-لن تستطيع ان توصلها الى المؤتمر. أفهم. سأقول لها ذلك. نعم هي في الحديقة... هل البيانو في حالة جيدة؟ اذن زيارتك قد أتت بفائدة. بلغ انجيلا حبي وقل لها أنه يسعدني زيارتها لي في أي وقت تراه مناسباً... نعم سأخبر لين أسفك وسأوصلها بنفسي في سيارتي.
عادت السيدة يورك الى الحديقة وقالت تخاطب لين:
-خابر كريس ليقول أنه اضطر للتأخير في المنزل حيث اشتروا البيانو. قال انه سيذهب الى منزل انجيلا وطلب مني ان أوصلك الى المؤتمر يا لين.
-أرجوك. لا تهتمي يا سيدة يورك. يمكنني العودة بالباص.
-لا يا عزيزتي. هذا غير ممكن. لدي سيارة خاصة بي أقودها بنفسي ويسرني ان اوصلك متى شئت.
-لنذهب الآن. علي ان اسجل بعض الملاحظات قبل بدء المناقشة. ربما استطيع ان اساهم في المناقشة ببعض الافكار البناءة.
-هيا بنا اذن. سأحضر السيارة من المرآب.
وبعد أن انطلقت السيارة بهما في طريق العودة قالت السيدة يورك تحدث لين:
-ارجوك ان تسامحيني لما سأقوله يا عزيزتي. اشعر ان من واجبي ان اصارحك بالحقيقة ونحن في مثل هذه الظروف.
تابعت السيدة يورك كلامها وهي تنظر الى الطريق أمامها بكل حذر:
-ربما أكون مخطئة في تفكيري، ولكنني شعرت انك سعيدة للغاية برفقة كريس:
-أنا لا أعرف ماذا أخبرك ولكنه سيتزوج قريباً من انجيلا.
-هو لم يخبرني بذلك....

فداني الكون0 23-09-11 09:51 PM

-كم هو عفريت. لكنهما مخطوبان سراً منذ سنين عديدة. لقد طلب منها كريس الزواج ولكنها فضلت ان تتريث وتبقى دون اي ارتباط. لتصب كل اهتمامها على ترسيخ أقدامها والنجاح في مهنتها. والآن وقد استقرت ونجحت ووصلت الى القمة، لم يعد هناك من لزوم لتأخير الزواج. ولما حضر كريس منذ ايام الى هنا، صارحني بهذا الموضوع وأخبرني أنه سيتزوج في القريب العاجل ولكن الترتيبات الاخيرة تحتاج الى حضور والده ولذلك سيتريث اسبوعاً في انتظار عودته.
نظرت السيدة يورك الى لين ولكنها وجدت انها أخفت كل مشاعرها خلف قناع بارد يخفي وجهها.
وأكملت السيدة يورك حديثها:
-اتمنى ان تتفهمي ما أحاول ان اقوله يا لين، وآمل ان لا يزعجك قولي. اجد ان من واجبي ان اطلعك على احواله وموقفه.
-يا سيدتي. علاقتي بكريس لا تتعدى حدود الصداقة البريئة النقية. نحن صديقان ليس الا. انا أعلم منذ البداية بعلاقة كريس بانجيلا وحبه لها.
تمنت لين ان تنطلي كذبتها على السيدة يورك وان تحافظ على رباطة جأشها وتوازنها.
-الحقيقة انني مخطوبة لأحد المعلمين في مدرستي وسنتزوج قريباً.
-آه. من الواضح اذن ان المسألة محلولة. كم انا مسرورة بمعرفتك يا عزيزتي. انت فتاة عاقلة ومتزنة ولو لم يلتق ابني بانجيلا قبلك لكنت اتمنى من كل قلبي ان يلتقي بك، او أن يقع في حب فتاة مثلك.
وصلت لين اخيراً الى مبنى دالز... مكان المؤتمر. وشكرت السيدة يورك على توصيلها ودعوتها للعشاء. وذكرت لها مقدار سرورها بلقائها وصافحتها مودعة وهي تحاول جهدها أن تحبس دموعها التي كانت على وشك الانهمار.
دخلت لين مبنى دالز وكان بانتظارها صديقها جون هلويك، يحوم في المدخل الرئيسي. وبشجاعة فائقة ابتلعت خيبة أملها وأخفتها خلف ابتسامة عريضة مصطنعة.
التقاها جون وسألها بلباقة:
-هل أمضيت أمسية سعيدة؟

فداني الكون0 23-09-11 09:55 PM


دخلت برفقته الى قاعة الجلوس وتذكرت والاسى يعصر فؤادها كيف كانت معاملة كريس لجون خالية من اللياقة. غضبت جداً وتغلب غضبها على حزنها وكآبتها، وظلت على هذه الحال مدة يومين. لقد غرقت في الغضب بدلاً من أن تغرق في الدموع.
وفي صباح يوم الثلاثاء –يوم نهاية المؤتمر- صممت لين تصميماً اكيداً على الابتعاد عن طريق كريس مهما كلفها الأمر.
سألت عن مواعيد القطار الى لندن واكتشفت ان هناك قطاراً سريعاً يترك المدينة حوالي الواحدة بعد الظهر. قررت ان تحجز لنفسها مكاناً فيه. عليها ان تغادر مبنى دالز في فترة انشغال الجميع بالغداء. ستطلب سيارة أجرة وتغادر الحرم بينما يكون الجميع في قاعة الطعام. وسينتظرها كريس في المدخل الرئيسي بعد الغداء دون فائدة. ستكون في طريقها الى لندن حيث منزل والديها في منطقة كنت.
سرها جداً أنها لم تذكر له عنوانها في كنت. لن يتمكن من اللحاق بها. ان كين هو الوحيد الذي يعرف عنوان والديها. وعندما تعود الى عملها بعد العطلة سيكون كريس قد عقد خطوبته على انجيلا وانتهى الأمر ولن تلتقيه بعدئذ ابداً...
منتديات ليلاس
مساء الاثنين كتبت لين رسالة مختصرة الى كريس وقررت ان تعطيها الى السكرتيرة غداً الثلاثاء كي تسلمها له قبل رحيله.
كتبت لين تقول في رسالتها:
-كريس! رأيت ان لا نفع من صداقتنا والأفضل لنا ان لانلتقي من جديد. قررت ان أعود وحدي بالقطار وعندما تتسلم رسالتي سأكون في طريق العودة. أشكرك لصداقتك يا كريس. انت ستتزوج من انجيلا وانا ربما سأتزوج من كين. اتمنى لك كل السعادة.
لين
ملاحظة: ربما تتكرم بارسال حقيبة ثيابي التي تركتها صدفة في صندوق سيارتك. انا آسفة لهذا الازعاج.


الساعة الآن 07:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية