منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   132 - كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - عبير القديمه ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166582.html)

فداني الكون0 09-09-11 10:56 PM


-نعم. ماركوس هو اسم جدي والدرمان اسم عائلة والدتي وهي عائلة كريمة المحتد اعتز بانتمائي اليها.
ران صمت على الجالسين قطعته لين قائلة بسخرية واضحة:
-معنا اليوم شهير اذن.
أجابها كريس:
-آسف اذا كان ذلك يسبب لك بعض الازعاج.
هزت لين رأسها بأن ذلك لا يهمها ابداً. وظهرت ضجرة في مجلسها وسهرتها. نظر اليها كريس من طرف عينيه وقال مستوضحاً:
-لاحظت هذا المساء أنك لم تشاركي الجمهور في التصفيق لي. هل عزفي ليس على المستوى ولا ينال استحسانك؟
بدا على وجهه استغراب كبير. كان متعالياً ومتحدياً في نظرته. احتارت فيما تجيبه. لو انها اخبرته الحقيقة: انها سحرت بعزفه وتسمرت حتى انها لم تستطع ان تتحرك لتصفق..... هل سيثور لجوابها؟ هل سيكون لاذعاً مراً في تعليقه عليها؟ فضلت ان تتجأهل سؤاله. التفتت الى كين وقالت بخفة ودلال:
-بدأ الرقص وأنا اتحرق شوقاً لأرقص.
رقصا سوية وسط جموع الراقصين. ونظر كين اليها يسألها مستغرباً حالها:
-ما الخطب بينكما انت وكريس هذا المساء؟ حتى لو كنتما تكرهان بعضكما بهذا الشكل فلا حاجة ليعرف الجميع من حولكما بتلك الكراهية المتأصلة. هل يمكنك دفن هذه العداوة لهذه الامسية فقط؟
لم تجبه لين. فضلت الصمت. نظرت الى ماري يقودها كريس الى حلبة الرقص وقالت تخاطب كين:
-انهما متفقان كلياً. هل تعتقد ان علاقة ما تربطهما؟ تبدو ماري سعيدة للغاية هذه الليلة. كلاهما في الثلاثينيات من عمره.
رفع كين خده عن خدها قبل ان يجيبها قائلاً:
-لا اعتقد ذلك. لا يمكن ان تربطه علاقة بها. انه مرتبط بانجيلا كاستللا.
-ولكنه لم يؤكد علاقته بها كما لاحظت من اجاباته.
-وكذلك لا ينفيها. انت تعرفين مشاهير الناس. همهم ان يشغلوا الصحافة باخبارهم ويستفيدوا من الدعاية لأنفسهم.
عادا بعد الرقص الى الطاولة حيث جلس كريس برفقة ماري. انضم كين الى كريس وذهبا يطلبان مزيداً من الاصناف للجميع وبقيت ماري مع لين. قالت ماري:
-امسية لطيفة بهيجة اليس كذلك؟
-نعم.
-يمكنك الابتسام قليلاً يا لين. كانت الحفلة الموسيقية ناجحة للغاية ونستطيع الاحتفال الآن بنجاحها.
وافقتها لين وحاولت ان تبدو اكثر انشراحاً اكراماً لماري وكين. وسأل كين ماري مرافقته الى حلبة الرقص.
بقيت لين وحدها بصحبة كريس. خافت كثيراً من مواجهته. وشعرت كأنها جردت من كل أصحابها واصدقائها فنظرت حولها مستنجدة علها تجد أحداً من معارفها لتحامي به. وقف كريس واقترب منها قائلاً:
-لين؟ (سألها ان تراقصه بعينيه ولم يتكلم ولا كلمة).
اسودت الدنيا في عينيها ونهضت على الفور مسرعة وهي تتمتم:
-اعذرني.....
ثم ركضت باتجاه الحمام.

فداني الكون0 09-09-11 11:01 PM


وحين خرجت من باب الحمام وجدت كريس واقفاً قرب المقصف. شعرت ان تصرفاتها لا تغتفر. لم يكن باليد حيلة. لم تكن لتسمح له أن يضمها بين ذراعيه في حلبة الرقص مهما كان.
عادت لتجلس على كرسيها بينما بقي هو في مكانه يشرب لوحده. حضر كين برفقة ماري وسأل عنه. اشارت لين الى مكانه فذهب كين لمشاركته.
قالت ماري:
-ظننت أنكما ترقصان.
عاد كريس بصحبة كين فانقطع حبل الكلام بين الصديقتين. حضر في ذلك الوقت ايضاً طوني ارنولد الصحافي عابساً وهو يقول:
-هل تسمحين لي يا لين بشرف مراقصتك؟
-يسرني ذلك جداً يا طوني.
احاطته بذراعيها ضاحكة بينما بقي كريس وكين يراقبانها بتعجب. قال طوني:
-ان المقابلة الصحفية التي اجريتها مع ماركوس الدرمان ستكون قصة جديدة. اشكرك يا لين على جهودك.
منتديات ليلاس
ضحكت لين ضحكة ساخرة وقالت:
-علي ان ابقي فمي مغلقاً من الآن فصاعداً حتى لا يسبب لي اية مشكلة.
-ولا يهمك. جميع الناس يبدون غير ما يكنون. انني واثق من أنه مسرور لكشف هويته الحقيقية كعازف مشهور.
تحادثا حول الحفلة الموسيقية ونجاحها وضحكا طويلاً. وحين توقفت الموسيقى شكرها طوني واعادها الى مجلسها. وبعد دقائق معدودة نظر كريس اليها بوضوح وخاطبها بلهجة سافرة قائلاً:
-هل توافقين يا لين على مراقصتي؟
تنهدت بسرعة وقالت:
-آسفة. انني مجهدة الآن.
قال كين مستغرباً:
-مجهدة؟ لم تكوني كذلك وانت تراقصين الشاب الصحافي؟
-ولكنني مجهدة الآن.
قال كريس:
-افهم وضعك تماماً. ولا يهمك.
عادت لين بعد قليل لمراقصة كين وبقيت ماري تهتم بملاطفة كريس حتى نهاية السهرة. كانت جادة في رأب الصدع الذي احدثته لين بتصرفاتها الخرقاء مع كريس يورك.
قرروا العودة بعد منتصف الليل بقليل. وركبوا سيارة كريس. لف كين ذراعه حول خصرها وهما يجلسان في المقعد الخلفي. ومالت لين برأسها ووضعته على كتفه تحاول ان ترتاح قليلاً. وظن كين انها تغازله فأدار وجهها اليه وعانقها ولكنها اعتدلت في جلستها بعد ذلك واستوت في مقعدها. كانت غير سعيدة وهي تحدق من النافذة في الفراغ. وقال كريس يخاطبهم بجدية:
-سأنزل ماري أولاً ثم كين واخيراً لين. بدأ خزان الوقود يفرغ. توجد قرب منزل لين محطة للوقود تعمل ليل نهار. هل لديكم مانع؟
وافق الجميع بسرعة. كانت لين تود ان تصرخ معترضة ولكن لم يكن مجال لذلك وهو الآمر الناهي وهم تحت رحمته وفي سيارته. بدأ قلبها يضرب بسرعة فائقة. ونزلت ماري قرب مفرق منزلها ثم وصل كين ونزل بعد ان شكره. وقبل وجنة لين بسرعة قائلاً:
-أراك في الغد.... يوم السبت يا حبيبتي.
ودخل كريس بعد ذلك محطة الوقود فأوقف السيارة قرب المضخة وقال بلهجة آمرة يخاطب لين:
-اريدك ان تنزلي وتجلسي في المقعد الأمامي.
فعلت لين كما أمرها دون اية كلمة. دفع كريس ثمن الوقود وانطلق بالسيارة في صمت. حين وصل الى مدخل شقتها اطفأ محرك السيارة وبقي في مجلسه. وعم السيارة صمت ثقيل. علمت لين ان عليها ان تواجه محاسبته لها عن افعالها الشائنة. والتفت اليها محدقاً بها ثم قال بلهجة قاسية ساخرة:
-هل يمكنك الآن ان تفسري لي تصرفاتك غير اللائقة تجاهي هذه الليلة؟
بقيت لين صامتة لفترة ثم اجابت:
-لا اعتقد ان علي ان اشرح لك اي شيء. لا يوجد قانون يحدد طبيعة علاقتي بك وتصرفاتي حيالك.
لم تر وجهه في الظلام ولكنها سمعت لهجته الغاضبة حين قال:
-لا داع للسخرية. انا اريد ان اعرف لماذا رفضت مراقصتي كلما دعوتك لذلك وكنت تنتحلين الأعذار الواهية.
-ليس هناك من سبب يجبرني على مراقصتك. لا يمكنني أن اقبل دعوتك للرقص لمجرد انك تكرمت ودعوتني لذلك.
عبس وقال:
-ولكنك وافقت على مراقصة كل من طلبك غيري.
-هذا شأني. انا ارقص بمزاج وانت لست على مزاجي.

فداني الكون0 09-09-11 11:15 PM


أخذ نفساً عميقاً وسريعاً. وأحست انها تمادت كثيراً في غيها. وفي ضوء القمر خلفهما رأت الغضب يملأ عينيه وينذر بالشؤم. بدأ قلبها يضرب بسرعة فائقة من الخوف. أطبق يديه بشدة على ذراعيها فانغرزت اصابعه في لحمها وأجبرها على النظر اليه وجهاً لوجه. قال لها بمرارة واضحة:
-لقد تحملتك كثيراً. لقد تحملت اهاناتك واتهاماتك وغمزاتك ووقاحتك. أنا لا اصدق انني احتملت منك كل ذلك. لو كنت ألد اعدائي لضربتك ضربة على وجهك وهشمت أنفك ولكنني لا استطيع..... كنت اريد ان اضعك على ركبتي وأضربك على قفاك كطفلة غريرة....
ازداد خوف لين وبسرعة حاولت الافلات من قبضته. أرخى كريس قبضته واسرعت هي بالخروج من السيارة وكذلك فعل هو وخرج لملاقاتها خارج السيارة. امسك بها وقادها قرب حائط المنزل حيث يوجد بعض العتم وقال بحنق ظاهر من بين أسنانه:
-أنا لا يهمني ان كنت مخطوبة لرجل آخر. أنت ملك لي في هذه اللحظة.
طوقها بذراعيه وعصرها حتى شعرت ان ضلوعها قد تكسرت في صدرها وعانقها بوحشية فائقة. حاولت التملص من قبضته وتحركت ذات اليمين وذات الشمال كحيوان علق في الفخ. ولكنه كان قد أحكم طباقه عليها... وفجأة وبالرغم منها وجدت نفسها تتجاوب مع عناقه كلياً بادلته عناقه الحميم... ومرت لحظات ثم انفصل عنها وأفلت ذراعيها من حول عنقه ونظر اليها منتصراً غاضباً. كانت في عينيها نظرة حانية. نظرة استسلام كلي له. هزها بعنف وتركها وركب سيارته. فانطلق بها وسط الظلام.
غطت لين وجهها بيديها. غابت عزة نفسها بعد ان شعرت بأنها مهانة تماماً. لقد حطم كل الحواجز التي بنتها بينهما. لقد استسلمت له نهائياً. لقد رمت بكل اسلحتها. لقد انهزمت.
لأول مرة اعترفت لنفسها بأنها تحبه حباً لا تراجع عنه. ليس بيدها حيلة. لا تملك حيال حبه أي رادع. انه لا يبادلها الحب، وربما ذهب الى الأبد ولن تراه بعد اليوم.
مرت عطلة نهاية الاسبوع طويلة ومملة. واعتذرت لكين هاتفياً بعد عودتها من السهرة بأنها مريضة وسترتاح في فراشها خلال اليومين المقبلين.
قال كين مستغرباً:
-ربما كان علي أوصلك بنفسي الى بيتك ولكنني شعرت ان كريس قد دبر كل شيء ولم اشأ ان أجادله أو ان اعترض لأننا كنا في سيارته. هل أوصلك بالسلامة؟
-نعم شكراً... (وتعلثمت في كلامها وهي تجيبه)
في صباح يوم الاثنين حضرت ماري الى غرفة الاساتذة وكانت قاسية جداً وهي تكلمها:
-ما خطبك؟ يبدو عليك المرض. هل أنت كذلك؟
-لا انني بخير يا ماري.
-هل هناك اية مشكلة؟ انا صديقتك ويمكنني مساعدتك!
-ماري! لا أحد يستطيع مساعدتي. انا لا استطيع ان اساعد نفسي!
-كيف عدت مساء الجمعة الى منزلك؟ هل هناك اية مشكلة؟ شعرت ان كريس كان يعتريه مزاج غريب ونحن في طريق العودة من السهرة.
-لقد وصلت بالسلامة. شكراً.
-لين! انني أعرف حالك. لقد احببت انا من قبل واعرف شعورك جيداً.
افترقتا كل منهما الى غرفة صفها. وحين التقتا من جديد فترة الغداء طلبت ماري ان تكلم لين بشأن خاص. وهكذا انفردتا سوية في حديقة المدرسة حيث بدأت ماري حديثها:
-لقد اخبرتك سابقاً عن زواجي الفاشل وانا في سن المراهقة وكيف تركني زوجي الى غير رجعة.
-وهل عاد اليك الآن يا ماري؟ أحسست مؤخراً بأنك سعيدة للغاية.
-على العكس. سنفترق نهائياً بالطلاق. لقد التقيت أحدهم. أحببته واحبني وسنتزوج عما قريب. لكنني لست حرة لأنني لم اطلب الطلاق من زوجي الأول خلال السنوات الماضية. واليوم وبعد عناء البحث وجدته وقد تزوج وله اربعة أطفال وانا بصدد انهاء اجراء معاملات الطلاق منه لأتزوج من جديد.
-هذه أخبار سارة. هل أعرف الرجل؟
-لا استطيع ان أخبرك باسمه لأن اجراءات الطلاق لم تتم بعد. علينا ان نبقي هذا الامر سراً حتى لا أفسد الخطط كلها. انني اثق بك كثيراً ولكن حبيبي جعلني أقسم على الكتمان لحين حصولي على الطلاق والحرية. مركزه كبير وأنا لا أرغب في الحاق أي ضرر به من جراء الاقاويل.
-وهل أعرفه؟
-لا استطيع ان اخبرك أي شيء.
ولما عادتا الى غرفة الاساتذة كان الاستاذ سميث مدرس الكيمياء يمسك بجريدة الناشونال الصباحية وهو يلوح بها قائلاً:
-أنتم مشاهير. صوركم في جريدة الناشونال الكبيرة. ثلاثتكم مع المفتش الاستاذ كريستوفر يورك.
وقرأ استاذ الكمياء ما كتب تحت الصورة:
الاستاذ كريستوفر يورك، وهو عازف البيانو الشهير ماركوس الدرمان، يتعشى مع اصدقائه بعد الحفلة الموسيقية حيث عزف على البيانو في مهرجان المسرح والموسيقى للمدارس الثانوية في ميلدنهد.
لقد تبرع بالعزف لأنه يعمل اليوم مفتشاً للغة الانكليزية في وزارة التربية. حالياً، ليس لديه أي نشاط موسيقي ومع ذلك لم يخسر مهارته في العزف بل على العكس... حين سأله مراسلنا عن صحة خطوبته بالمغنية الشهيرة الآنسة انجيلا كاستللا لم ينف علاقته بها.
سألت ماري مستغربة:

فداني الكون0 10-09-11 12:48 AM


-وكيف وصلت هذه الانباء الى جريدة الناشونال؟ كنت اعتقد ان طوني ارنولد مراسل محلي لجريدة ميلدنهد غازيت.
أجابت لين:
-انه كذلك ولكن بعض المراسلين المحليين يرسلون الانباء الهامة الى المجلات والجرائد الواسعة الانتشار في الخارج ويتقاضون اموالاً اضافية عنها. واعتقد ان اخباره هذه لاقت استحساناً لدى جريدة الناشونال واشترتها منه.
قالت ماري:
-صورتك يا لين جميلة للغاية. انك تبتسمين فيها واظن انها المرة الوحيدة التي ابتسمت بها خلال تلك السهرة.
قالت لين:
-كلنا موفقون في الصورة. هل استطيع يا استاذ سميث ان احتفظ بالصورة هذه؟
أجابها:
-طبعاً. ولكن لماذا تريدينها؟ هل ترغبين في ايقاع ماركوس الدرمان في شراكك؟ انه وسيم وشهير وجذاب كما يبدو في الصورة.
-نعم. (ضحكت لين) علي أن اضعها فوق سريري في غرفتي.
منتديات ليلاس
ومع مرور الايام بدأت لين تحس بحنين قاتل نحو كريس. بدأت كذلك تيأس من لقائه او مصالحته. كانت تنتظر ساعي البريد لعله يحمل لها رسالة غير متوقعة. مع انها في قرارة نفسها كانت واثقة بأن ذلك غير ممكن بل مستحيل. كلما رن جرس الهاتف كانت تتمنى لو يكون كريس الذي يطلبها، وكانت أمانيها كلها تبوء بالفشل. وكلما مرت امام غرفة الموسيقى كانت تتنصت علها تسمع عزفه من خارج الغرفة ثانية. علاقتها مع كين أصبحت أكثر جفاء وذبولاً. ومع اقتراب موعد مباراة كرة المضرب ودت لين لو يعفيها من اللعب معه، لأنها اصبحت ذاوية وضعيفة لا تقوى على التمرين معه.
قال كين يخاطبها:
-لعبك في كرة المضرب ليس على ما يرام. هل هناك اية مشكلة؟
-آسفة يا كين ولكنني مجهدة واحتاج للراحة ولعطلة.
-ولكنك لن تأخذي عطلة لأنك ستذهبين الى المؤتمر التربوي في يوركشاير في عطلة منتصف الفصل.
فوافقت لين قائلة:
-لقد اشتريت تذكرة القطار وانا مستعدة للسفر. سنذهب في نهاية الاسبوع المقبل. عليك ان تتفق مع ديردر كارسون منذ الآن للتدرب معها اتمنى لك الفوز بالبطولة.
-لابد من ذلك في اثناء غيابك. ثم ان لعبها تحسن كثيراً عما كانت عليه في السابق وذلك من حسن حظي.
-لقد تحسنت لأجلك. انها معجبة بك. احذر.
ضحك كين طويلاً واحمر وجهه قليلاً. قالت لين في نفسها: من الواضح انها تعجبه ايضاً.
الثلاثاء الذي تلا الاسبوع التالي استلمت لين دعوة للاجتماع بمدير المدرسة في مكتبه.
قال الاستاذ بنستون:
-اهلاً آنسة هيوليت. اجلسي ارجوك. آه... بخصوص المؤتمر الذي ستحضرين قرب هاروغيت... انك ولا شك تذكرين الاستاذ كريستوفر يورك مفتش اللغة الانكليزية في وزارة التربية. لقد عزف مؤخراً وبمهارة فائقة في الحفلة الموسيقية...
أحست لين بخوف جديد. هل ارتكبت خطأ مؤخراً؟ أكمل الاستاذ بنستون قوله:
-لقد اتصل بي هاتفياً هذا الصباح وأخبرني انه سيذهب ايضاً الى المؤتمر. واقترح ان يوفر عليك السفر بالقطار ودعاك لتذهبي برفقته في السيارة.
أجابته على الفور:
-لا حاجة لذلك يا استاذ بنستون. لقد اشتريت تذكرة القطار وقد رتبت شؤوني تبعاً لذلك.
-لا بأس. عليك التفكير جيداً بدعوته. انه مفتش في الوزارة وكانت لك معه بعض المشاكل. هل تذكرين حديثه معك في هذه الغرفة بالذات؟ لا اريدك ان تعارضيه. هؤلاء المفتشون يقولون ان لا سلطة ولا نفوذ لديهم في الوزارة ويقومون فقط بدور المرشد، ولكنهم في الحقيقة ذوو تأثير ونفوذ كبيرين في الادارات التربوية. واذا رغبوا فأنهم يجعلون الأمور المالية صعبة للغاية، ويضيقون الخناق على مديري المدارس في المنطقة. انا حتماً لا اريد ان أزعجه مرة ثانية. اعتذر لأنني امارس بعض الضغط عليك ولكن ذلك للمصلحة العامة. أنصحك بقبول اقتراحه، ويمكنك أن تسترجعي ثمن تذكرة السفر.
وبعد هذه المقدمة الطويلة وجدت لين نفسها مجبرة على القبول قائلة:
-اذا كان الوضع كما تقول فأنا موافقة.
ابتسم الاستاذ بنستون وقال:

فداني الكون0 10-09-11 12:59 AM


-أحسنت يا آنسة هيوليت في قبولك. لقد طلب مني الاستاذ يورك ان تتصلي به اليوم في مكتبه بين الثالثة والرابعة الظهر.
-سأذهب الى غرفة الأساتذة واطلبه من هناك.
-لا داع لذلك. يمكنك ان تطلبينه من مكتب السكرتيرة. انها في الخارج الآن تتناول الشاي. اجلسي الى المكتب واطلبيه.
اعطاها المدير ارقام الهاتف ووجدت ان لا مهرب لها سوى أن تلبي طلبه. شعرت كـأنها تواجه الأسود الجائعة. تلفتت حولها علها تجد مخرجاً، ولما أعيتها الحيلة استسلمت للقدر. طلبته وشعرت ان قلبها يضرب بشدة فائقة ويسرع في ضرباته. رن الهاتف مرات عديدة قبل ان يرد عليها أحد. وفرحت ظناً منها أن فرصتها للهرب قد حانت، ولكنها سمعته يقول:
-يورك يتكلم.
-الاستاذ يورك. انا لين هيوليت.
-نعم يا آنسة هيوليت.
كان صوته بعيداً وقاسياً. صمتت قليلاً واستجمعت شجاعتها ثم قالت:
-لقد طلبت مني الاتصال بك بشأن المؤتمر التربوي في هاروغيت.
-نعم. هذا صحيح. أردت فقط أن احدد موعداً للسفر.
-لا داع لذلك يا استاذ يورك. لقد اشتريت تذكرة السفر وأنا....
قاطع كلامها بقساوة وقال:
-آنسة هيوليت. تتذكرين جيداً أننا رتبنا الرحلة سوية منذ زمن بعيد. لم يبق علينا سوى ان نحدد موعد السفر. عندما أعد بشيء فأنا لا انكث بوعدي.
-هذا صحيح يا استاذ يورك....
-بعد ان استشرت مفكرتي وجدت ان لدي موعد عمل بعد ظهر الخميس، من الثالثة وحتى الرابعة والنصف. سأمر عليك في المدرسة وذلك في تمام الخامسة الا ربعاً. كوني مستعدة.
-هذه بداية متأخرة لهذه الرحلة الطويلة. فستقود السيارة وسط الظلام أليس كذلك؟
-لا. سنرتاح في الليل. سنكمل الرحلة صباح الجمعة. المؤتمر لن يبدأ قبل الجمعة بعد الظهر حسب البرنامج الموجود امامي.
-سننام على الطريق؟
-لا بأس. لقد رتبت الأمر. جهزي نفسك وسأمر عليك بعد غد. يوم الخميس في تمام الخامسة الا ربعاً بعد الظهر.
وأقفل السماعة دون وداع. اقفلت لين سماعتها ايضاً وشعرت بارتعاش في كل كيانها. وضعت يديها على رأسها تفكر: كيف ستمضي كل ذلك الوقت بصحبته؟ كيف ستنزل في الفندق برفقته؟ خافت كثيراً مما ينتظرها.
قال الاستاذ بنستون يخاطبها:
-هل رتبت كل الامور معه؟ لا بأس. سيعتني بك الاستاذ يورك. لا تخافي. انه رجل يعتمد عليه كلياً.
هبط قلبها. ومشت وجلة الى غرفة الاساتذة. كان لديها ساعة فراغ. جلست الى مكتبها تريد الانفراد بنفسها وتود أن لا يزعجها أحد. وبدأت الافكار تساورها. ربما تتذرع بالمرض او الاجهاد وتعتذر عن القيام بهذه الرحلة؟ اي شيء سيكون أفضل من اتمام هذه المغامرة.
ومع انتهاء النهار أخبرت لين صديقتها ماري بما حصل جملة وتفصيلاً.
قالت ماري:
-هل انت مجبرة على الذهاب الى هذا المؤتمر؟ هذا غير معقول!
-ان كان ذلك معقولاً او غير معقول فالاستاذ بنستون يصر ويلح علي بالذهاب حتى لا ازعج هيئة التفتيش العليا بكاملها....
ضحكت ماري من تعليقها وقالت بجدية:
-أنا لن اتدخل بما لا يعنيني يا لين ولكنك تعرضين رأسك لحبل المشنقة.
-ماري! الرحلة كرحلة عبر الجحيم. ولكن لا بد من الذهاب.
-لا تتوهمي كثيراً وعسى ان تكرهي شيئاً ويكون خيراً لك. صحبته بهيجة لو رغب.
-هذا صحيح ولكنه يكرهني. اشعر انه لا يريد رؤيتي. ومع ذلك فهو الذي اقترح ان اشاركه الرحلة، وهو الآن يصر على ذلك.
-وماذا ستقولين لكين؟
-سأقول له الحقيقة كما حصلت. ربما لا تعجبه. وانا ايضاً لا تعجبني ولكن ليس باليد حيلة.
أمضت لين ليلتين قلقتين. وحل يوم الخميس اخيراً. احست بهمّ كبير يجثم فوق رأسها. رحلة يوركشاير كابوس على صدرها. اتصلت هاتفياً بوالديها في مقاطعة كنت قبل رحيلها بليلة واحدة تخبرهم برنامج عطلتها. لم يأبه والداها حين اخبرتهما ان مرافقها مفتش في وزارة التربية وافكاره تقليدية. لقد تخليلاه رجلاً متوسط العمر. سميناً، متزوجاً وله عدة أولاد في سن المراهقة. سرها كثيراً هذا الاعتقاد ولم تحاول ان تصححه.
رتبت لين حقيبة سفرها دون حماس وحملتها معها في الباص الى المدرسة بعد أن اقفلت سيارتها جيداً واوقفتها خلف المنزل.
ومع اقتراب موعد السفر بدأت تشعر بمزيد من القلق والاضطراب. واخيراً جاءها الفرج. حضرت سكرتيرة الاستاذ بنستون وأخبرتها ان الاستاذ يورك قد وصل وانه ينتظرها في مكتب المدير.
اقفلت لين ازرار معطفها ببطء شديد وحملت حقيبة ثيابها ومشت بهدوء. كانت تحاول ان تؤخر لقاءها بكريس ولو لدقائق معدودة. انها في محنة صعبة. واخيراً وصلت الى باب مكتب المدير ودخلت تستقبل قدرها المحتوم....


الساعة الآن 03:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية