منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166031.html)

نيو فراولة 27-08-11 07:22 PM

وزادت سرعة القطار وأنعكست الشمس الوردية الشاحبة على زجاج النافذة , وكان لصوت القطار صدى يشابه رتابة أسئلة لا تعرف أجوبتها , العقد , رد فعل جوردان لتحالفها مع سوزان , لقاؤها الغريب مع جوردان في الليلة الماضية , ودارت مرات ومرات في الدائرة نفسها متخلصة تدريجيا من آلامها ومركزة على مصدرها فقط , الرجل القاسي مصدر عذابها.
طوال الليلة الماضية وخلال ساعات أرقها الطويلة عاودت التفكير عدة مرات بما حدث في غرفة جوردان محاولة إقناع نفسها بأنه كان كابوسا مخيفا , إذ لا يمكن أن يكون قاسيا الى حد عرض تلك الصور التي نجحت في نسيانها خلال السنوات الأربع الأخيرة , ثم أن هناك موضوع أستخدامها لتشويه سمعتها وإثارة فضيحة كبيرة لمجرد إرضاء رغبته في الإنتقام.
منتديات ليلاس
وأخيرا العقد! هوارد! ستيوارت ويوزان..... وتلاشى الجميع من مخيلتها عند تفكيرها بالعقد , ولكن هل يهمها الأمر الى هذا الحد؟ هل هناك شيء أقسى من كلمات جوردان الأخيرة لها ؟ مسألة أعمال , بضاعة , شيء يجب أستخدامه.
رجل بلا رحمة , إلا أنها تحبه!
كان اليومان التاليين متعبين الى حد لم تصدقه , لقد توقعت في كل لحظة تلقي مكالمة هاتفية غاضبة من جوردان بلاك , ونظر اليها ميرك متفحصا عند دخولها المكتب وقال:
" إنك تبدين في حالة سيئة , هل أنت بخير؟".
وحك رأسه قبل أن يقترح:
" لم لا تأخذين اليوم إجازة لك لترتاحي؟ إذ ليس هناك الكثير لتعمليه بدون وجود هوارد كما تعلمين".
رفضت جيردا الأقتراح مدركة وجوب إستمرار حياتها اليومية بشكلها العادي , كما لم ترغب في البقاء وحدها في الشقة مستعيدة , طوال الوقت , ذكرياتها المريرة.
" أعتقد أنني سأرتب محتويات الخزانة في مكتب هوارد , إذ لم أفعل ذلك منذ زمن طويل".
وأنشغلت طوال الصباح بتلك المهمة رغم أنها لم تتمتع بالعمل إذ كان حضور هوارد قويا ومؤلما وأفتقدت وجوده وحيويته في كل مكان.
وجاء ميرك ليرى ما فعلت مرة ثم بدا وكأنه أحس بفراغ المكتب فعاد ثانية طالبا منها شيئا مستعجلا:
" أتركي ذلك , أريد الكتابة لجوردان".
وتمنت فجأة لو أنها لم ترفض عرضه ترك العمل اليوم , إلا أنها تبعته الى مكتبه الصغير.
" إنني مشمئز من كل هذا التلكؤ , لم نكن نلعب هكذا كالأطفال في الماضي , من هو بلاك هذا ليتصرف بهذه الطريقة؟ هل هو الشخص الوحيد على الأرض أم ماذا؟".
وأملى عليها الرسالة ثم طبعتها , كان أسلوب ميرك فجا ومباشرا وتساءلت عن وقع الرسالة على جوردان عند إستلامه إياها , كانت مجهودا عقيما وكانت واثقة من النتيجة , وللحظة واحدة إمتلكها حافز بتغيير مضمون الرسالة الى:
" السيد العزيز:
ربما سيؤثر على أتخاذك القرار معرفتك بأننا طردنا السيدة مانستون نتيجة إهمالها وسوء تصرفها أثناء المحادثات....".
كلا , ربما ستضيف ( سوء معاملتها ) بدلا من ( إهمالها) .
منتديات ليلاس
سعل ميرك وصارعت رغبتها الطارئة في تغيير الرسالة , أعادت قراءة الرسالة , ثم وقعها ميرك بدون قراءتها.
" لننتظر جواب الرسالة , هذا إذا تلقينا أي جواب".
وبدا كأن توقعاته صحيحة , إذ مضى أسبوع دون تلقي أي جواب من وينتقوردز , كما لم تسمع جيردا أي شيء من ستيوارت , إذ توقف عن الإتصال هاتفيا بها , ولم يعد أمامها غير الإنتظار كمحاولة للنسيان , فالزمن أفضل علاج لجرحها , لكن القدر لم يمنحها تلك الفرصة...
وكان الحدث المفرح الوحيد ذلك الأسبوع هو تحسن صحة هوارد وأنتهاء فترة بقائه في المستشفى , ورفع يده ليرحب بها حين دخلت غرفته وإبتسم بفرح.
وأخبرها بعد جلوسها على الكرسي المجاور لسريره:
" سأغادر المستشفى الأسبوع المقبل , ربما يوم الأثنين , وسيتم نقلي غدا الى دار النقاهة".
" إنني مسرورة جدا".
" وهكذا خيبت توقعاتهم ببقائي عدة أسابيع قبل إستعادة صحتي , كما أنني قضيت فترة طويلة أجادلهم.
ثم بدأ يكرر كل مجادلاته معهم بالتفصيل مما دفع جيردا الى الأعتراض:
" أنك تثير نفسك , إهدأ ولا تفسد الأمور".
" توقفي عن إبداء نصائح لي أنت أيضا".
وإسترخى من جديد متنهدا بصوت عال , مراقبل إياها بمودة وحب , وأحست بأنه يحاول إستعادة بعض ما حدث قبل مرضه , حالة يمر بها المريض عادة عند تحسن صحته , كأن ذهنه يمر بإعادة شحن تساعده على بدء الحياة مرة جديدة وبقيت صامتة الى أن إبتسم.
" هل كنت أحدق في وجهك ؟".
" كلا , بل بدوت وكأنك تحلم".
" صحيح؟ كنت أفكر بأنك تشبهين أمك , هل يؤذيك قولي هذا ؟ إذ أذكر أنني قلت الشيء نفسه من قبل , وأعني حين كانت في عمرك , كانت جميلة جدا كما تعلمين".
" ولا زالت جميلة".
أجابت بهدوء.
" هل هي سعيدة؟".
" أعتقد ذلك".
قالت جيردا بحذر.
" لم أكن أتصور أنها ستستقر في الخارج مع رجل مختص بالتاريخ , إذ كانت فتاة إجتماعية , مرحة تهوى إرتياد الأماكن , والحفلات , ربما غيّرها مرضها".
" كان ذلك شيئا سآسف عليه طوال حياتي , إذ كنت في أستراليا في وقت أحتاجتني فيه أمك ,ولن أغفر لك عدم إخباري".

نيو فراولة 27-08-11 07:24 PM

" كيف كان في إمكاني إخبارك ؟ كنت بعيدا جدا ولم أود إرهاقك بطلباتنا".
" كان في مستطاعي العودة فورا".
" من أستراليا؟ ألم تقم ما فيه الكفاية من أجل والدي؟ أعرف إنك كنت على أستعداد للمساعدة , بل كثيرا ما تمنيت وجودك الى جانبنا".
" ومع ذلك لم تخبريني بشيء".
أطرقت رأسها وصمتت للحظات وغرق كلاهما في أفكاره الخاصة , ثم تحرك ونظر الى وجهها الشاحب.
" أردت الزواج منها , أكثر من أي إمرأة عرفتها , أولا حين كنا مراهقين وفاز والدك في تلك الجولة , ثانية حين أصبحت أرملة وأردت الإهتمام بكما سوية , إلا أنها لم توافق أبدا".
وعاد الى صمته وراقبته , مفكرة بأنه كان سيكون والدها , إلا أن القدر أتخذ وجهة أخرى , لم يتزوج أبدا وليس في إمكانه الزواج الآن , ولم تستطع مقاومة تأثرها لمراقبة كآبة رجل أحب ورعى إمرأة رغم إدراكه بأنها لن تكون له , وقارنت الصورة في مخيلتها بوضعها الحالي فهي تحب رجلا يبذل أقصى جهده لألحاق الأذى بها......
وعادت الى واقعها حين سمعت صوت دوريل , ذاكرا إسم بليز:
" إنك بحاجة لمن يرعاك , إنك لست مؤهلى للعمل كإمرأة أعمال , ألم تلتق بشخص يحل محل بليز".
" كلا , لا أحد إطلاقا, ليس لدي الرغبة بالزواج من جديد".
" يبدو وكأنك عانيت من زواج تعس , لكنك كنت سعيدة مع بليز , أليس كذلك؟".
" نعم".
وتحاشت نظراته بسرعة:
" آسف لتدخلي , إذ نسيت أنني لا أملك حق التدخل في شؤونك الخاصة ,لكنني أريد منك اللجوء غليّ كلما أحتجت شيئا".
" ولكننني سأفعل ذلك بالتأكيد , ألم ألجأ اليك بعد وفاة بليز وهيأت لي مكانا في جيرنغفوردز ؟ بعد أن نسيت كيف أستخدم الآلة الطابعة والأختزال وحتى كيفية مسك القلم ؟ إنك من يستحق القلق الآن , لذلك فكر بنفسك فقط وأرجو أن نراك في بيتك بأسرع وقت".
" سأعود في نهاية الشهر وهذا وعد مني".
وأحست بالأرتياح لتأكيده , ولسماعها صوت جرس المغادرة , إذ كان عطف هوارد مؤلما ومذكرا دائما بفشلها في مهمتها.
" آه".
وتذكر شيئا إذ كانت على وشك الخروج.
" هناك عدة أشياء أحتاجها قبل يوم الأثنين , كتبت قائمة بذلك , أرجو أن تطلبي من السيدة ساندرز جلبها , إذ قد لا تزورني قبل الأثنين".
وضعت جيردا القائمة في حقيبتها بعد أن وعدته بتنفيذ ما أراد وبأنها ستزوره يوم الأحد قبل نقله الى بيت النقاهة في الريف , ثم قررت التوجه لرؤية السيدة ساندرز وإبلاغها طلباته.
رحبت السيدة ساندرز بزيارتها وألحت عليها للبقاء وتناول فنجان قهوة معها وإذ أستطاعت جيردا التخلص من إلحاحها والعودة الى شقتها كان النهار على وشك الأنقضاء , فأعدت ملابسها للصباح التالي , وما ستتناوله من أفطار , غيرت ثيابها وصففت شعرها ونظفت وجهها من الماكياج وبذلت أقصى جهدها لأبعاد وجه جوردان عن ذاكرتها.
لأول مرة منذ ستة أشهر تأخرت جيردا في النهوض صباحا ووصلت الى مكان عملها متأخرة ما يقارب الساعة , أسرعت قلقة لأنها كانت حريصة على الوصول في الوقت المطلوب , ولم تحاول أستغلال علاقتها الخاصة برئيسها , ومما زاد في تأخيرها إزدحام المرور وهبوب ريح قوية ذات إتجاه شمالي.
ولأنشغالها بترتيب شعرها والسير بسرعة داخل البناية لم تلحظ أولا الهدوء الغريب المحيط بها , ثم أفتقدت سماع صوت الآلآت الطابعة من الغرفة الرئيسية وكذلك قرقعة صينيات الشاي , في فترة الراحة من الصباحية , وإذ أسرعت لخلع معطفها أستطاعت إلقاء نظرة سريعة خلال الباب الزجاجي المؤدي الى مكتب الشؤون المالية , تجمعت الفتيات في زاوية واحدة هامسات بشيء ما وظهر القلق واضحا على وجوه الجميع , هناك السيدة جيمسون ومدير المبيعات الجديد , لا بد أن هناك خطأ ما في الحسابات , فكرت جيردا إذ فتحت باب مكتب هوارد لتلقي نظرة سريعة قبل توجهها الى مكتب ميرك.
سمعت أصواتا عديدة في الغرفة وقبل أن تطرق الباب طالبة الأذن بالدخول , غادرت الغرفة إمرأة متوسطة العمر ذات علاقة جيدة بجيردا , تدعى أليزابيث سميث.
وبدا على وجهها تعبير القلق ذاته الذي لمحته جيردا على وجوه العاملين في قسم الحسابات المالية.
" ما كان علي دخول الغرفة".
" لماذا؟ ماذا حدث؟".
" لست متأكدة بعد , لا بد أنه أمر مهم , إلا أن أحدا لم يخبرنا بما حدث حتى الآن , وكل ما طلبوه هو عدم مقاطعتهم في أجتماعهم".
" من هناك؟".
" السيد تيلور والسيد ميرك وأحد المدراء , من الأفضل أن نذهب لتناول الشاي الآن ".
"وصلت المكان منذ وهلة منافية بذلك أصول العمل".
وعضت جيردا شفتيها محاولة تخمين ما حدث , ثم أظلم وجهها فجأة :
" هل لذلك علاقة بالسيد دوريل.....؟".
" كلا......".
فأحست جيردا بالأرتياح:
" من الأفضل أن أهتم بالبريد".
" لا تستطيعين ذلك , لأنه موجود في المكتب , وقد خطرت لي الفكرة ذاتها قبلك".
من الغريب أن مجرد الأحساس بقرب كارثة ما يمكن أن يبلبل حياة مكتب بكامله , ورافقت جيردا أليزابيت معا قهوة الصباح , وخيم الصمت عليهما تحاشيا للوصول الى أستنتاجات خاطئة حول وضع الشركة.

نيو فراولة 27-08-11 07:26 PM

سمعتا أخيرا شخص غادر المكتب وشاهدتا من خلال النافذة , السيد تيلور والمدير الآخر , يدخلان سيارتيهما , إستدارت جيردا وقالت لأليزابيث:
" لا أستطيع تحمل الأمر أكثر , سأذهب لأتقصى ماهية ما يجري".
" لا تنسي العودة لأخباري ".
قالت أليزابيث بلهجة مستسلمة عائدة للجلوس خلف مكتبها.
ترددت لحظة حين سمعت رنين الهاتف , لكن أليزابيث أومأت برأسها نحوها.
وجدت ميرك غارقا في كآبته , ونظر اليها وبقيت نظراته ساهمة:
" ماذا حدث؟".
" قرر مدير تيلور الأنسحاب من المؤسسة".
" ماذا؟ الأنسحاب من جيرنغفودز ؟".
وجمدت جيردا من مكانها .
" نعم بعد عمله طوال حياته في المؤسسة , سمعنا الخبر هذا الصباح".
" لكنه لا يستطيع إنه يملك ثلت الأسهم.....".
" أنسحب وأنتهى الأمر".
" لا أستطيع تصديق الحدث , ما الذب ستفعله؟".
" دعوت مجلس الأدارة الى إجتماع طارىء , إلا أنه لن يتم قبل الأثنين ولا نستطيع أتمامه قبل ذلك , أريد منك الأتصال بهم مباشرة شخصيا , أرسلي برقيات لهم إذا تطلّب الأمر , وبجب أن يكونوا موجودين جميعا يوم الأثنين , وأخيرا ألقي نظرة على هذه!".
ونظر خلال الأوراق الموضوعة على المكتب ثم سحب ورقة وسلّمها إياها ,كانت رسالة رسمية تحمل ختم وينتفوردز ,وأحست بالتصلب والبرودة ,إذ شعرت بوقوفها عند حافة هاوية جديدة.
" شكرا على رسالتكم المؤرخة في الخامس عشر من الشهر الحالي ,وتبعا لأستقصائي نتائج بعض التحقيقات ولحاجتي قضاء وقت أطول في مداولتها ,آسف إذ اخبركم بتأجيل قرار بصدد منحكم إمتياز العقد , وأعتذر لأي إخلال قد ينتج عن التاخير وأؤكد لكم في الوقت نفسه ان التأخير لا يعكس عدم رضانا عن نتاج مؤسستكم ,ارجو تبليغ أفضل تمنياتي للسيد دوريل لتحسن صحته
المخلص ........
منتديات ليلاس
كان التوقيع واضحا ,جوردان بلاك , لا بد إنه يستخدم حبرا أسود كإسمه ,فكرت جيردا , واضعة الرسالة جانبا بغضب , إن لوقع افضل تمنياته صدى الأحتقار للمؤسسة , قال ميرك:
" إنها القشة الأخيرة ,أليس كذلك؟".
هزّت جيردا رأسها بدون أن تجرؤ على الحديث , نهض ميرك عن مقعده وإتجه نحو النافذة ,محدقا في الطريق العام ثم قال ببطء:
" ترى أليس من المحتمل جلب هوارد الى هنا , صبيحة الأثنين قبل نقله الى المصح ؟ اعرف أنه سيرغب بالمجيء ,ويجب ا نياتي ,حين سيسمع عن تيلور وحين يعلم بخبر هذه الرسالة...
هل زرته الليلة الماضية؟ ماذا تظنين؟".
" كلا ,إنه مريض ويجب ألا نخبره , يجب الا نخبره !".
" ولكن , يجب أن نطلعه على ما حدث ,وسيغضب إذا لم نفعل ذلك ,إنك لا تعرفين ما تتحدثين عنه".
" نعم , لكنها ستكون صدمة كبيرة له , مصيبة واحدة تكفي ولا يجب إعلامه بالكارثتين معا ,ألا تفهم ؟ قد ينهي ذلك تحسنه الصحي , خاصة أن الاطباء نصحوا بعدم إزعاجه ,ولا بد أن الصدمة ستنهي حياته".
" اعرف انه بحاجة للراحة ,ولكن ما الذي نستطيع عمله غير ذلك؟".
ومرر اصابعه في شعره قبل ان يضيف:
" أو ما الذي تقترحين عمله؟".
ولم تؤلمها لهجته الساخرة , إذ نالت في الايام الماضية ما يكفيها من الألم .
فقالت بعجز :
" لا أدري , أتمنى لو أنني اعرف ,ألا نستطيع الأنتظار حتى إنتهاء الأجتماع ؟ لنر ماذا سيحدث ونخبره بالنتيجة.......".
" وماذا عن الرسالة ؟".
وقلب ميرك بعض الأوراق على مكتبه ثم حدّق في وجهها ,قائلا:
" كلا , لا فائدة من ذلك يا جيردا , اعرف بأنك تحبينه لكنه وقت غير ملائم لأظهار العواطف ,إنها مسألة مهمة ويجب إطلاعه على التفاصيل".
بقيت جيردا صامتة , مدركة في داخلها بعدم وجوب جواب آخر , ومع ذلك بقي هناك حافز يحذرها من خطورة إطلاع هوارد على المشاكل .
قال ميرك :
" سأذهب لزيارته الليلة , وننتهي من المشكلة ,هل تريدين المجيء معي".
" كلا......لدي فكرة أخرى .... إمنحني فرصة يوم واحد ......حتى الغد".
" ماذا ستفعلين بحق الله ؟ليس بمقدورك منع ما سيحدث".
" نعم استطيع , سأذهب للقاء جوردان بلاك ,لا أستطيع الحيلولة دون تخلي المدير عن المؤسسة ,ولكنني قد استطيع إقناع جوردان بلاك بتغيير رأيه".
دهش ميرك واشار إلى الرسالة :
"هل تدل لهجة الرسالة على إحتمال تغيير رايه؟".
"كلا ,لكنني سأحاول , يجب أن احاول".

نيو فراولة 30-08-11 08:11 PM

7- ماذا في اللاوعي؟



إذا إتخذت جيردا قرارها لم يعد للكبرياء والعناد أي تاثير معاكس ,وسدّ حاجزغريب في لا وعي جيردا كل شيء عدا اللحظات التي أستدعت إتخاذها القرار ,ولم تستطع إضفاء واجهة معقولة على قرارها الحاسم , وإذ قررت أخيرا مغادرة غرفة نومها ,كانت الغرفة ساحة لمعركة خاضتها مع نفسها لإختيار ما ستلبسه ونوع الماكياج والوشاح...
ومع ذلك غادرت الغرفة دون أن تدرك ما فعلته او كيف بدت في النهاية ,كما لم تعلم إلى اين ستتبعه أو إذا كانت ستعثر على جوردان بلاك هناك ,كانت لديها فكرة غامضة عن شقته في المدينة ..... وعثرت على العنوان في دليل الهاتف ,من الفضل لو انها إستأجرت سيارة إذ لم تستطع العثور على المكان وحدها و كما أنها لن تجرؤ على الأتصال به هاتفيا ... وما الذي ستقوله ؟ ورغم وصولها وتوقف سيارة الجرة أمام الطريق الضيق المؤدي إلى مدخل البناية ,لم تستطع إعداد ما ستقوله ,أشرقت الشمس المتأخرة على زجاج الابنية العالية المشرفة على المبنى الذي يدل بوضوح على قدم المنطقة ومحافظتها على بعض ملامحها الأصيلة , كانت هناك مصابيح قديمة تنير خارج المنزل ,كذلك صناديق النباتات والزهور الجميلة وتساءلت جيردا فيما لو كانت مخطئة في فكرتها عن شخصية جوردان بلاك و إذ لا بد أنه يعيش في شقة تقع أعلى بناية شاهقة , وليس في ذلك المنزل المواجه لها في نهاية الطريق , كان هناك لوحة صغيرة تحمل إسمه وجرس مما مما دفعها للتردد من جديد , لن يكون هناك, اليوم هو الجمعة , لا بد أنه توجه إلى غرين ريغ لقضاء العطلة.
سارت ببطء حول زاوية المنزل ولمحت السيارة الخضراء في الجانب الاخر , وقفت هناك ممزقة الرغبات ثم سمعت فجأة صوت جوردان بلاك .
" الباب مفتوح".
دهشت لرؤيته ينظر اليها من خلال النافذة , وقال :
" إفترضي أنك كنت تتجولين في المنطقة باحثة عني".
ودون أن تجيبه توجهت نحو الباب ,فتحته كما قال بدفعة صغيرة ,ووجدت نفسها في صالة صغيرة ذات سقف منخفض , وباب مسدود يواجهها وسلّم ضيق في الجهة اليمنى , ترددت وبدأت صعود السلم .
كانت هناك مطبوعات يابانية قديمة بأرتفاع كتفيها لكنها لم تستطع رؤيتها , وأدّى بها السلم إلى غرفة جلوس فسيحة,كما كان واقفا قرب النافذة .
" تعالي إذن , ما لم تقرري الجلوس عل السلم والتحدث إليّ من هناك".
تحركت نحو الطرف البعيد من الغرفة وجلست على كرسي جلدي , ثم قالت :
" أغلقت الباب ".
" يا له من أمر خطير ".
وتحرك اخيرا من مكانه :
" ماذا تريدين ان تشربي؟".
"لا شيء , شكرا".
"إجلسي , هل تريدين سيجارة ؟".
" كلا , شكرا ,هل كنت على وشك الخروج؟".
"كلا , إذ أبقى احيانا في المنزل".
جلس على احد المقاعد ولم يبد عليه الأستغراب لرؤيتها تبحث عنه , ثم نظر إليها فترة طويلة قبل ان يبتسم قائلا:
" حسنا ,إنها زيارة غير متوقعة".
إنتظر صامتا دون أن يحاول تسهيل الأمر عليها فنظرت حولها بإعجاب إلى الأثاث الأنيق كأنها تبحث عن ملهم يساعدها لبدء الحديث , راقبها بكسل ضاغطا بأصبعه على شفته ثم متتبعا تفحصها للغرفة , ونهض واقفا:
" ولكن بالطبع إنك تودين مرافقتي في جولة سريعة داخل المنزل , تعالي , سأريك التفاصيل , سنذهب الى الطابق ألارضي أولا , في الحقيقة لم أشرف على تجديد البناء بنفسي وإلا لضحّيت بالحديقة الصغيرة .... وإذ
أكره إستخدام المطبخ لتناول الطعام , حوّلت هذه الغرفة إلى غرفة للسفرة ,سأقوم ذات يوم بتغيير أخشاب المطبخ , إنه فسيح وجميل إلا أن ديكوره يضفي صيغة كاذبة على حقيقة المكان".
وقفت إلى جانب الثلاجة و بينما القت هي نظرة سريعة على محتويات المطبخ المشابهة لصورة أخذت من ( كتالوغ ) حديث , ثم قادها عبر غرفة الطعام الصغيرة على الطابق العلوي مع تعليقه االدائم على كل مكان وعن رغبته في خلط القديم بالحديث , إلى أن توقف فجأة قرب الحمام مواجها إياها :
" إنك تعلمين جيدا بانك لم تصغي لأي شيء ذكرته , لماذا جئت؟".
جذبت نفسا عميقا:
" جئت لأسألك النظر ثانية في قرارك".
" أي قرار؟".
" انت تعلم أي قرار , إستلمنا رسالتك اليوم".
" آه , إنها زيارة عمل".
" كلا , ليست زيارة عمل ,كانت رسالتك أقسى........".
وكبحت جماح غضبها وأمسكت عن نطق الكلمات العاطفية محاولة المحافظة على هدوئها.
" جئت لأسالك عن الأسباب المنطقية ضد تجديد العقد وماذا تعني بالضبط حين ذكرت التحقيقات والمباحثات".
" أظن أنك تعرفين ما عنيت".
" لو كنت أعلم لما سألتك".
" حسنا جدا و أفكر بشراء جيرنغفوردز ".
" ماذا تفكر؟".
" ولم لا ؟ ستكون ملحقا جيدا".
" لكن جيرنغفوردز غير معروضة للبيع , لا اعتقد أن هوارد سيسمح بذلك , كما أنه يملك الجزء الأكبر من السهم وليس من المعقول......".
" أعتقد أنه معقول ,اعرف ما قرّره للمدير تيلور , كما أعرف أشياء أخرى تؤكد الأحتمال وأظن أن دوريل نفسه لن يمانع بعد أن يشفى".
سألت بحدة :
" نعم سيمانع , متى بدأت التفكير بالشراء؟".
" منذ فترة, منذ عدة أسابيع".
وجلس على الكنبة القريبة محدّقا في وجهها .
" كل ذلك الوقت ؟ ولم تخبرني بذلك؟".
" لم يكن الوقت ملائما".
" لا استطيع تصديق الأمر".

نيو فراولة 30-08-11 08:13 PM

شعرت بإهتزاز موقفها وبالبرودة ولم تعد قادرة على فهم ما يجري حولها , فجأة تفجّرت عواطفها ولم يعد لزمام العقل أي تحكّم عليها :
" هل تفعل هذا بسببي وبسبب ستيوارت وسوزان؟".
" انا رجل أعمال وسلوكي يتطابق مع مصلحتي التجارية".
ثم اضاف موضحا :
" أن جيرنغفوردز على وشك الأنهيار ,وبمعدل سريع ,وفي إستطاعتي أسناد الشركة ماديا ودعمها كملحق مفيد لوينتفورد".
" هل هذا هو كل ما تفكر به؟ تجارة وربح , ولا تفكر بالناس ولا مشاعرهم".
هز كتفيه إستهانة فأحست بالفشل يلحق بها , صمتت لحظات طويلة ثم تنهدت ونهضت من مكانها , كانت حمقاء لمجرد التفكير أنها تستطيع تغيير رأيه بزيارتها المفاجئة , مجنونة لأنها ظنت أنها قد تؤثر عليه لتلينه قليلا , كان قاسيا ومتصلبا في موقفه وكانت هي آخر شخص يمكنه التأثير عليه.
وبتأدبه البارد حمل سترتها القطنية وإذ كانت على وشك مد ذراعها ترددت و ألتقت عيناها بعينيه , وسقطت ذراعاها الى جانبيها :
" جوردان ,قل لي رجاء , كن صادقا معي , هل لهذا كله علاقة بي ؟ لأنني اعمل لجيرنغفوردز ولصداقتي الشخصية مع دوريل ؟ أعرف طبيعة مشاعرك نحوي ونحو ستيوارت وكل شيء , لكن ارج وان تخبرني , هل تسمح لمشاعرك الشخصية بالتاثير على قراراتك التجارية؟".
" لنفترض أن جوابي نعم , فماذا تقولين؟".
" حاولت إقناع نفسي بخطأ أفكاري, إلا انني لم أستطع".
وهزّت رأسها بيأس:
"لا أعرف ماذا أقول بإستثناء ان قرارك سيحطم دوريل وسيؤثر على حياة العديدين , كل ذلك لأنني...".
وأرتجف فمها وتخلت عن تصميمها في مواجهة نظراته , تناولت السترة بهدوء دون أن تسمح له برؤية إنهمار دموعها.
" يجب ان أذهب الان .....أنا ... أنا".
" جيردا".
وأدهشها التغيير في صوته إلا أنها لم تلتفت , وخطا نحوها ثم توقف :
" إنني لا أفهمك يا جيردا ,هذا الولاء العميق لدوريل والشركة وإنه شيء غير طبيعي بالنسبة إليك".
" غير طبيعي لأمراة ... أتعني ذلك؟".
" امرأة أكتشفت أنها بلا أخلاص شخصي , وحتى الآن ...... إنسي ذلك , وبحق السماء لا تنظري أليّ بهذه الطريقة مثل شهيدة كما لو كنت أنا الملام".
" الست الملام؟".
تساءلت بمرارة.
" انت توجهين الأتهام ؟ يا له من سلوك نموذجي لأمراة ".
وأستعاد وجهه صلابته قبل أن يكمل جملته:
" في إمكان المرأة فقط إتخاذ موقف يستند الى كذبة وتتبنى الدفاع عنه حتى النهاية".
" الدفاع ؟كيف استطيع الدفاع؟ إذ تحمل أنت كافة الأسلحة بين يديك ,كيف استطيع المحاربة إذ ترفض أنت الأصغاء إلى الحقيقة؟ منذ البداية وأنت تتبنى اسوأ فكرة عني ,لمتني في حادث اخيك , ثم حاولت إبتزازي لأنهار علاقته بفتاة تحبه فعلا ويحبها لمجرد كراهيتك لها , أتهمتني بعدم الأخلاص حكمت عليّ وأدنتني دون معرفة الحقائق ,وأحتقرتني لذلك , آه ,نعم ".صرخت إذ رأته يحاول الأنكار : " لم أنس بعد كيف حاولت إغوائي منذ ثلاث سنوات لترى بنفسك إن كنت صالحة لأخيك العزيز , واخبرني بذلك بنفسه ,وظننا الأمر مضحكا حينئذ لكنني لن اسامحك ابدا ,حسنا : إكرهني وعاقبني إذا اردت ولكن لا تدع رجلا آخر يعاني , رجلا يستحق أفضل حياة ممكنة".
" هل يهمّك الى هذا الحد؟".
" نعم يهمني".
منتديات ليلاس
وإرتجفت محاولة التمسك بشيء يعيد إليها هدوءها وسيطرتها على نفسها:
" لا تفعل هذا بسببي ولأن سلوكك قاس وغير عادل ,ولا أستطيع تحمله اكثر , أنا........".
" ها توجّهين إليّ إتهامك الآن و إنك .... آه , لا تبكي رجاء : لماذا تلجأ النساء دائما.....".
هزت رأسها ومدت يدها تمسك حقيبتها محاولة تحاشي نظراته.
وحاولت في الوقت نفسه , إرتداء سترتها فلم تستطع الرؤية بسبب دموعها , أعاق سيرها ووقف أمامها.
" لا تستطيعين المغادرة بهذا الشكل".
" غير مهم , عرفت بانك لن تسمح وغنني......".
" جيردا , لا تذهبي.....".
" لا يهمني ما سيحدث ,دعني اذهب".
" كلا".
وبقي واقفا في طريقها.
"جيردا , لا استطيع..........".
وامسك بكتفيها بقوة كما لو أنه سيساعدها على إستعادة هدوئها.
"ووقعت سترتها على الأرض فإنحنت لألتقاطها فكانت النتيجة اصطدامها به , وحاول أن يساعدها على إرتداء السترة وتعديل ياقتها إلا أنه توقف فجأة وأحاطها بذراعيه من جديد.
" إهداي ,إنك مهتاجة الأعصاب".
تنهدت فقال:
" من الأفضل لك الجلوس قليلا ".
" كلا".
استدارت برأسها بشكل لا إرادي:
" لا أريد".
" لا تتكلمي".
كانت يداه قاسيتين وضغط رأسها على كتفه:
" قلت ما فيه الكفاية".
ارتجفت كتفاها :
" كلا , لم..........".
" أصمتي".
كان صوته لطيفا وحاسما في الوقت نفسه وواصل الأمساك بها ,رغم محاولتها اليائسة للتخلص منه والأبتعاد بأي وسيلة عنه ,قال بعد لحظات :
" أظن أن هوارد أرسلك".
"كلا , إنه لا يعلم بمجيئي ولا أريده أن يعرف".
بقي صامتا ومسّد شعرها بيديه ,مهدئا إياها مثل طفل يبكي ويلجأ الى صدر من هو أكبر منه للحماية ,إلا أن حنانه وعطفه عليها دفعاها الى بكاء أشد خاصة بعد إدراكها لضعفها حياله.


الساعة الآن 06:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية