منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166031.html)

نيو فراولة 24-08-11 08:44 PM

وكأنما تخلص من ديانا , أستدار ولم يخاطب شخصا معينا بل قال بشكل عام:
" أرجو أن يطلب أحدكم من السيدة بي جلب شراب مبرد لي حوالي الساعة السابعة".
أستجاب ليون لطلبه , ثم غادر المكان ليتوجه الى مكتبه حيث يستطيع أنجاز عمله.
بقيت ديانا معهم حتى الخامسة ثم غادرتهم , ولم يحاول أحد أقناعها بالبقاء وتملكت جيردا الرغبة بمغادرة المكان هي أيضا , لكنها , بدلا من ذلك , توجهت لمساعدة ليون لأزالة الصحون والأكواب بعد تناول شاي العصر , وشعرت بالأمتنان لأنها وجدت عذرا يبعدها عنهم حتى لة تطلب العذر أن يقوم الضيف بغسل صحون مضيفه.
وأستمر المطر بالهطول وكان لوقع سقوطه على النافذة تأثبر منوّم , سيطر عليهم جميعا وأشعرهم بالضجر , قال ستيوارت معلقا:
" أنه يوم أحد أنكليزي نموذجي".
وكان هذا أسوأ عطلة قضتها جيردا في حياتها , وحاولت جهدها تعزية نفسها بأنه لم يبق غير ساعات قليلة لأنقضاء اليوم كله وساغادر غدا صباحا في وقت مبكر , عائدة الى روتين حياتها العادي.
جلس الآخرون لمشاهدة فيلم تلفزيوني بعد أن أعدوا كؤوس شرابهم وصحونهم مملوءة بالفستق وشرائح البطاطا المقلية , وإذ حل الظلام أصبحا جيردا أكثر قلقا وتخلت أخيرا عن جهدها في محاولة التركيز على شاشة التلفزيون ونهضت من مكانها , لم يلحظ أحد تسللها فتوجهت الى جزء الحديقة المزود بسقيفة تمنع المطر.
وأخيرا توقف المطر عن السقوط , وأصبح الهواء منعشا وتمشت ببطء في الممر المحيط بالحديقة , لم ترغب بالبقاء فترة طويلة في الخارج , خاصة حين برد الهواء وأحست برعشة برد تسري في أوصالها , وقررت , بعد دقائق العودة الى الغرفة فسارعت خطواتها ولكنها توقفت جامدة في مكانها لحظة وصولها باب الشقة.
أراحت يديها على مقعد الحديقة وواجهت سبب قلقها , كان جوردان بلاك في المنزل الآن وأحست بوجوده دون أن تدخل , رغم الحائط الفاصل بينهما , وغزت أفكارها صورة ديانا , وقررت ألا تذكرها لأي شخص آخر , كانت مشاعر كراهية مختلطة بالحسد والشفقة والغيظ الطفولي , كرهتها لأنها كانت واثقة من نفسها ويطغى حضورها على حضور بقية النساء في أي مجتمع , أحست بالغيرة لأن ديانا جزء من حياة جوردان وربما لأنه أحبها بقدر ما سمحت له طبيعته بحب أي أمرأة , ولأنها عرفت معنى وجوده العاطفي والأنساني أكثر من أي شخص آخر , إلا أن جيردا أحست بالشفقة لأنها أدركت أن ديانا ستعاني من علاقتها بجوردان عاجلا أم آجلا , إذ أن أي أمرأة حمقاء تحب جوردان ستتأذى بطريقة ما , ما لم تكن ديانا عاقلة بما فيه الكفاية لئلا تحبه , ربما كانت ذكية , مستعدة للأخذ والعطاء دون السقوط في فخ الحب, ربما تمتعت بالشكل الظاهري المناسب للعلاقة والمشاركة , خاصة أن جوردان سخي من الناحية المادية وكانت جيردا واثقة من ذلك.
أرتجفت وأستدارت بسرعة لتتهرب من أفكارها فوجدته واقفا خلفها , شهقت وتراجعت بشكل لا إرادي:
" لم أسمعك ".
" كنت على مبعدة أميال من هنا".
ووضع يده على المقعد كما فعلت هي من قبل ونظر اليها:
" بدا عليك محاولة الوصول الى قرار..... أليس كذلك....؟".
" لم أحاول شيئا خاصا".
" هل وجدت العطلة مخيّبة للأمل؟".
" كلا , بل أنها مبتلة بالمطر".
" صحيح ". ودهش لأرتجافها : " ماذا حدث ؟ هل تشعرين بالبرد؟".
" كلا , نعم , أعتقد".
" قرري بسرعة , أو ربما تريدين مني أتخاذ القرار بدلا عنك؟".
وضع ذراعيه حولها وشدّها الى صدره رغم تشنجها.
" كلا , أن الوقت متأخر الآن , لو لم ترغبي بالحديث لهربت مباشرة , إلا أنك لست من النوع السريع في أتخاذ القرارات , أليس كذلك ؟ إلا أنك ترتجفين بردا........".
وبدأ بتدليك ذراعيها لامسا نعومة قميصها الحريري.
" لم لا ترتدين شالا؟".
" خرجت لأختناق الجو في الغرفة , جوردان , أريد أن أتحدث معك........".
" أخبريني بما تريدينه , أنا الى جانبك".
" نعم , لكن......".
وأمسكت ظهر المقعد بقوة حتى شحبت , كان أقترابه منها مدمرا لمشاعرها ولم تعد قادرة على التفكير بأي شيء.
" ليس هنا , ليس.....".
" ليس ماذا؟".
وأجبرها على مواجهته , شادّا ذراعيه بقوة أكبر فلم تجد أمامها غير النظر اليه بعينين يائستين.
وأنعكست السماء المظلمة على زجاج النافذة , فعثرت جيردا على تبرير موقفها.
" قد يرانا ستيوارت أو أي شخص آخر......".
" لا أعتقد أن لذلك أهمية , بل قد تكون هذه فكرة جيدة , أثارة غيرة ستيوارت قليلا , أنه سيساعد عل العودة الى المشاعر الطبيعية , لماذا أذن لا نقوم بذلك , أنك ما زلت حليفة لي..... أليس كذلك يا جيردا؟".
وجذبها نحوه أكثر , وأحست جيردا بخطورة موقفها وسيطرته الكاملة عليها وأدركت بأنه يعلم جيدا مدى قوته وبرغبتها فيه أيضا.
وساعدتها أفكارها الأخيرة على التصميم على مواجهته للمرة الأخيرة , بكل كبرياء فهمست:
" كلا , لست حليفة لك , لست سلاحا تمتلكه بين يديك لتؤذي به ستيوارت , أتركني".

نيو فراولة 24-08-11 08:46 PM

ضحك بنعومة لمرأى يديها الصغيرتين تضربان صدره بلا فائدة.
" لكنني لا أريد تركك , فأنني أحب التحاور معك , أنك صغيرة وباردة مثل الفولاذ ولكنك لست قوية مثله".
وأمسك بيديها , فلم يعد بأمكانها أبداء حتى تلك المقاومة الضعيفة, قاومته عبثا ومالت برأسها جانبا:
" كلا , ألا تذكر ما قلته تلك الليلة في توبي؟".
" ماذا قلت؟".
" أنك لن تمسني حتى لو كنت آخر أمرأة ".
وتكسر صوتها أمام رغباته وبدا أن ما قالته زاده أثارة.
" ذلك ما قلته حينئذ , ونحن الآن في وقت مختلف , أن لك جاذبيتك الخاصة يا جيردا , أنك تحد صعب لأي رجل".
" لم أحاول أبدا تحديك".
" كلا , أنظري الي أذن ما لم تكوني خائفة".
وخدّرتها لهجته الناعمة وكلماته المنطوقة بصوت خافت.
وواصلت محاولتها المقاومة , حاولت التغلب على ضعفها ورغبتها في الأستسلام:
" لن تتغيّر أبدا , أنك تستخدم الناس للوصول الى غاياتك فقط , إنك قاس وبلا رحمة".
" هل أنا كذلك؟".
ولم تؤثر كلماتها ولم تتغير نبرة صوته.
وأحست بالحقد يطغى عليها غير مصدقة لما سمعته أذناها وأرتجفت غيظا وأحتقارا له :
" إنك حقير , أنني أكرهك ! الى حد لا يصدق".
أرتخت ذراعاه , وللحظة ظنت بأنه على وشك أن يضربها , إلا أنه أبتسم بطريقة آلمتها أكثر:
" أنا حقير أذن , أنك لم تتغيري يا جيردا".
وحدق في وجهها فترة طويلة ثم قال ببطء:
" أتساءل من هو المفتري منا , تعالي معي , هناك شيء أود أن تريه".
وسرت رعشة الخوف في جسمها وتسمرت في مكانها بلا حراك , مما دفعه للقول:
" لا حاجة بك للوقوف بهذا الشكل متظاهرة بالبراءة , تجيدين منح قبلة الموت لأي رغبة أنسانية".
ودون أن تنطق بشيء تحركت دون أن ترى أتجاهها وأنهمرت الدموع على خديها , وتبعته وأنحرفت بجسمها بعنف حين أصطدمت به لدى محاولته فتح الباب المؤدي الى مكتبه.
منتديات ليلاس
كانت الغرفة معتمة وبدا لها أن للظلال أسرارا مخبوءة , وقفت عند الباب خائفة مما سيحدث ومدركة في الوقت نفسه أن مصدر خوفها الوحيد موجود الى جوارها في شخص جوردان , خطا في الغرفة وأضاء المصباح , توجه الى الطاولة الصغيرة وأعد كأسين من الشراب , ناولها أحدهما إلا أنها قالت:
" كلا , شكرا , أنا........".
" أنت حرة".
وبدأ يشرب ما في قدحه .
قالت:
" ماذا في الأمر ؟ أذا كان لذلك علاقة بفكرتك المستحيلة فأنني لا أرغب بالأنصات اليك , أتخذت قراري وأخبرتك به من قبل , ولن أسمح لك بوضعي ضمن مخططك , لن أحاول رؤية ستيوارت مرة أخرى ولن أحاول أقناعه بفعل شيء ضد أرادته إذ عانى حتى ان ما فيه الكفاية".
وأحست بالغضب يغلي في داخلها فصرخت:
" كلا لن أفعل ذلك ولن تجبرني ...... هل تسمع؟".
لم يبد عليه أنه سمع بل كان يغبث بمجموعة ملفات موضوعة في حقيبته الخاصة الى أن عثر على ما كان يبحث عنه فسحبه.
كان ملفا كبيرا , فتحه وبعثر محتوياته , كانت هناك مجموعة من الصور , صفحات مملوءة بالملاحظات إضافة الى أوراق ملونة خالية من الكتابة وما بدا كأنه تصميم أحد الفنانين لغلاف ما.
أستقام جوردان وبدا التصميم على وجهه الجامد.
" هل تتذكرين هذه؟".
وشعرت بالخوف ولم تستطع الأجابة على سؤاله.
" أنظري".
وأشار الى الملف الموضوع على المكتب بلا أكتراث.
" كيف حصلت عليه؟".
" سلمني أياه وكيل لنا يوم الجمعة".
وبدا صوته منبعثا من مكان بعيد , ألتقط واحدة من الصور وحدّق فيها بشكل ساخر ثم ألتقط أخرى بيده اليسرى مدققا لفترة طويلة ثم وضعها على الملف.
أغلقت جيردا عينيها وأستندت الى الكرسي المجاور , لاحظت في نظراته إدانة للصور الجميلة , إدانة أشعرتها بالخجل , كيف عثر عليها؟ كيف يستطيع فهم طبيعة صورها المأخوذة عند ساحل البحر , وكيف يستطيع تقدير عمق كآبتها عند أتخاذها لقرارها الحاسم قبل أربع سنوات؟ كم هي فظيعة طبيعة خطته الحالية!
نظر اليها دون أن يتأثر بيأسها التراجيدي وقال بلا أهتمام:
" أفروديت في الماضي والحاضر , يجب أن أعترف بسحرك رغم عدم نضجه حينئذ".
وتناول قدح شرابه مواصلا:
" أخبريني هل تطلّب الأمر منك شجاعة كبيرة , أن تدعي عدسة الكاميرا فرصة كشفك للعالم كله؟ ورغم الهالة الفنية المحيطة إلا أننا لا نستطيع غير رؤية النوارس والأمواج ويبرز من بين الضباب جسد حورية البحر , يجب أن أعترف بموهبة المصور إذ أنه بلا شك فنان كبير".
" أقسم امصور بأن لا أحد يستطيع التعرف اليّ , وتم ألتقاط الصور لغرض معين وقال بأنه لم يرغب باللجوء الى ( موديل ) محترفة لأنه لم يجد واحدة منهن ملائمة".
" ما عداك لعرض شبابك وبراءتك!".
" كرهت نفسي بعد ذلك, إلا أنه عرض علي مبلغا كبيرا من المال وطردته في البداية , إلا أن شيئا هاما حصل فيما بعد فأحتجت الى المال".
وتحشرج صوتها وحاولت السيطرة على نفسها , وحجزت دموعها المتساقطة فمسحت وجهها بظاهر يدها:
" لماذا حصلت عليها؟ لماذا؟".
" أنها من بين مجموعة أرسلت الينا لنختار بعضها لتقويمنا السنوي المقبل".
ونطق الكلمات بطريقة دفعت الدماء الى خديها.
" وناقشنا موضوع أستخدام العنصر الأنثوي لدعاية منتوجاتنا , وتذكر أحدهم التقويم العالمي القديم المشهور حاليا في أرجاء أروروبا , رغم أنه لم يوزع في أنكلترا".
" هل تعني , هل تعني أن وينتفورد تريد........؟".
وأجتاحها الرعب , فكرت بأمها , بزوج أمها الهادىء الفخور بها والذي ألتقت به مرتين فقط بعد زواج أمها.
همست دون أن تجرؤ على تصديق ما يجري حولها:
" ولكنك لن تنفذ الأمر؟".
" ما الذي يدفعك للظن بأنني لن أنفذه؟".
أحنت رأسها وسقطت يداها الى جانبيها , لم يجب أن تتوقع الرحمة من جوردان بلاك؟
" أنني قاس , أنني حقير". قال ببرودة : " لكنها مسألة أعمال , بضاعة بعتها منذ أربع سنوات , لماذا لا أفيد منها؟".
كان المضمون واضحا تماما , وكان ذلك تهديد جوردان الثاني.

الجبل الاخضر 25-08-11 06:57 AM

:55:حماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااس :wookie:كميليها ننتظر على احر من الجمر:dancingmonkeyff8:

نيو فراولة 27-08-11 07:20 PM

6- هل الزمن علاج؟



أستنفد الصدام بين جيردا وجوردان قواها , وتركها مرتجفة كما لو كانت تعاني مرضا حادا , وجدت نفسها خارج غرفتها دون أن تذكر كيف وصلت هناك , وشعرت بحاجة ملحة للعودة الى فراشها لتسترخي وتتناول شرابا يبلل حلقها , إلا أنها لم تجد في نفسها القوة على العودة الى الطابق الأرضي للحصول على الشراب , فركنت الى الحاجة الأخرى الى الوحدة.
فتحت باب الغرفة نصف المفتوح , لكنها تراجعت أمام سوزان لاموند .
" أسرع مما توقعت , ظننت أنك ستبقين فترة أطول مع جوردان".
نظرت بعناد الى وجه جيردا الشاحب وقالت بهدوء:
" أريد أن أتحدث معك".
" فيما بعد رجاء".
ولم تستطع للحظة إيجاد عذر تبعد به نظرات الفتاة القاسية عن وجهها , ثم قالت:
" أنني مصابة بصداع فظيع".
وأذ قالت ذلك أدركت بأنه كان صحيحا وشعرت بالبرودة والمرض.
توجهت نحو حوض الماء الصغير وبللت وجها بالماء البارد ثم جففته بالمنشفة دون أن تهتم بمكياجها.
" أنك في حالة سيئة , هل سيغمى عليك؟".
" كلا".
أجابت جيردا ببلادة ثم جلست على المنضدة الصغيرة وتناولت منديلها , لتمسح به ماكياجها وتحاشت في الوقت نفسه نظرات سوزان المتفحصة من خلال المرآة.
" ماذا تريدين؟".
" أن أعرف ما هي لعبتك بالضبط؟".
لعبة , وتنهدت جيردا , لا بد أن العراك مع سوزان سيكون آخر إهانة لها , قالت بصوت أنهكه التعب :
" قولي ما تريدينه رجاء ثم أتركيني , إذ أشعر بأنني مريضة ".
" هل تعرفين ما أشعر به؟ لماذ عدت الى هنا؟".
" لأنني دعيت للمجيء".
" ليس ذلك صحيحا , جئت لأن جوردان يريد أنهاء علاقتي بستيوارت , أو هو يعتقد بأنك قادرة على ذلك , ليس بمستطاعك ذلك , وإذا كنت عاقلة فلا تحاوليه أيضا , لم تريدي ستيوارت منذ ثلاث سنوات ولا أعتقد بأنك تريدينه الآن".
ثم نهضت عن الفراش وقالت بغضب:
" إبتعدي وأتركينا وحدنا".
" أصغي الي , حاولي تصديقي , ما أريده هو سعادة ستيوارت ومستقبله".
" أستطيع أنا القيام بذلك لأنني أحبه".
" أعرف وأنا أيضا أحبه برغم شكي في قدرتك على فهمي".
" أفهم جيدا , أنك تشبهين البقية , أن الجميع يرغب براحة ستيوارت وليس هذا ما يريده , أنكم جميعا عميان لا ترون ما أراه".
وكان لكلمات سوزان وقع الحقيقة , حقيقة لا يراها أحد عداها , ثم أضافت بنعومة:
" ليس هناك شك ولا غموض فيما هو الأحسن لستيوارت , الحل الوحيد والأفضل هو أن يستطيع المشي على قدميه من جديد".
" نعم , لكن هذا لن يحدث ما دمت أنت وجوردان وكل شخص آخر تحاولون جميعا دفعه للمخاطرة بحياته".
" لن يموت ستيوارت , إنه شاب قوي وشجاع".
" هذا ما يقوله الجميع".
ودفعت نفسها في الفراش أكثر ثم قالت بقوة:
" ألا تستطيعين الأحساس بخوفه ؟ إنه بحاجة الى التفهم وإلى شيء قوي ما فيه الكفاية لينتصر على خوفه".
" أعتقد أن الرغبة في المشي ثانية كافية لتخليصه من خوفه".
وأبتعدت جيردا عن المرآة واضعة يديها على عينيها.
" هل تعتقدين حقا بأنك ستنجحين حيث فشل الآخرون؟".
" نعم , لو تركني الناس أقوم بما أريده بطريقتي الخاصة".
تنهدت جيردا وقالت:
" أليس القرار خاصا بستيوارت في الدرجة الأولى ؟ لا أعتقد أنه بمستطاع أي منا إجباره , أمه مثلا ضد الفكرة وإذا ما أثرت عليه......".
وصرخت سوزان بلا إرادة قائلة:
" ذلك شيء آخر , لو أنك لم تأتي لتتدخلي لأختلف الأمر تماما".
" آه يا ربي ! كيف أن قضائي عدة أيام في هذا البيت يدفعك للأعتقاد بتغيير ستيوارت؟".
" أن السيدة بلاك تقضي عطلتها بعيدا , وأقنعت ستيوارت بعدم الذهاب معها والبقاء معي , وهكذا تتاح لنا فرصة البقاء شهرا كاملا وحدنا , ولولا عودتك وأثارتك للأضطراب لكنا متزوجين الآن".
" زواج ؟ هل تظنين أن جوردان كان سيسمح بذلك؟".
" أعرف تماما ما يفكر به جوردان وسأنتصر عليه , إذ أنجزت أنا وستيوارت كل شيء".
" نعم , لنفترض ذلك , ثم ماذا؟ كيف ستهتمين بستيوارت ؟ أين ستعيشان ؟ هل لديك فكرة عن العيش مع مقعد؟ أنك مجنونة لمجرد التفكير بذلك".
ونظرت الفتاة الى جيردا بهدوء وقالت بلهجة واثقة:
" كلا لست مجنونة , لو أنني أخبرتك التفاصيل لنقلت الخبر الى جوردان , سيكون كل شيء على ما يرام , لا تقلقي".
منتديات ليلاس
حدقت جيردا في وجهها بمرارة وقالت:
" جوردان هو آخر شخص أرغب في أخباره أي شيء , ولكن لا تخبريني إذا لم ترغبي بذلك".
" أريد أخبارك لأنني أريد منك أن تفهمي , أريد من ستيوارت الزواج مني سرا , كلانا في سن الرشد ولن يستطيع أحد منعنا , أعتقد أن ليون سيساعدنا عمليا من ناحية أخذ ستيوارت الى إيست بورن للأحتفال , ولكن إذا رفض فسأجد شخصا آخر يقوم بذلك , ثم نعود بعد أجراء المراسيم ولن نخبر أحدا".
" نعم , لكن المسألة ليست سهلة الى هذا الحد".

نيو فراولة 27-08-11 07:21 PM

" لم أكمل حديثي بعد , كما أنني أدرك صعوبة الحدث , سيكون زواجنا شرعيا إذ أن الحادث لم يؤثر على قدرة ستيوارت على الزواج , لذلك لن تكون أمام جوردان فرصة نقض الزواج لأي سبب , لن يكون بإمكانه عمل شيء عدا أن يطلب منا مغادرة المنزل ولا أعتقد بأنه سيفعل ذلك , ولكن إذا لجأ الى هذا الحل فستجد بالتأكيد حلا ما , إن والدي غني جدا..... كما أنني سأعمل ليلا ونهارا من أجل ستيوارت , لن يقلقني ذلك أطلاقا".
وأحست جيردا بالأعجاب بسوزان رغم إرادتها , فمهما كانت أخطاء سوزان فهي لا تفتقد الشجاعة , وقد عنت كل كلمة نطقت بها.
تساءلت جيردا بنعومة :
" ثم ماذا؟".
" سيختار ستيوارت إجراء العملية ".
" ربما لن يقبل إجراء العملية... هل فكرت بذلك الإحتمال؟".
" كلا ألا تفهمين ؟ إذا تزوجته وحملت منه بعد ذلك , سيقتنع ستيوارت بحبي له وسيدفعه حافز قوي للرغبة بالحباة من جديد وسيرغب في المشي إذ سأمنحع الثقة بنفسه".
وإتسعت عينا جيردا , هناك شيء رائع ومثير في حب وإخلاص سوزان , فقالت:
" إنك تحبينه كثيرا".
" بالطبع, أحببته منذ ثلاث سنوات ولن أرغب بالنظر الى أي رجل آخر , فأنا حاربت من أجله جوردان وعائلتي , خدعتهم وآذيتهم جميعا من أجله , كما هناك شيء آخر , هناك شيء يجمعني بستيوارت وسيربطنا الى الأبد , لحين موتنا , لا نستطيع التهرب منه ولا أرغب شخصيا بالتخلص منه , لذلك يجب أن نتزوج ونعيش سوية بقية حياتنا , مهما حدث".
وأظلمت الدنيا في عيني جيردا , إذ نظرت دون أن ترى شيئا بحثا عن حجاب يخفي ما عرفته منذ سنوات , سرا شاركت ستيوارت معرفته , ورغبت في الصمت إذ لم يعد كشف السر شيئا , ومن الأفضا إبقاء الأوضاع على ما هي عليه حاليا.
نهضت سوزان واقفة وأحست جيردا بأنها تحاول إثارة أضطرابها من جديد:
" لذلك أتركينا ولا تعودي ثانية , ستيورات لا يحبك الآن , أعرف بأنه أحبك ذات مرة , إلا أن حبه لك ميت كما إنك لا تحبينه".
تنهدت جيردا لأنه لم يعد أمامها ما تقوله خاصة أنها ترغب في كتمان ما تعرف , فخطة جوردان محكوم عليها بالفشل مسبقا , أدركت ذلك منذ البداية وفشلت في إقناعه , ولكن هل تستطيع الآن؟
" إذا لم تتركيه وحده فسأخبره بكل شيء".
" تخبرينه ماذا ؟ ماذا ستخبرين جوردان؟".
" قلت أنني سأخبر ستيوارت بما رأيته الليلة , أنك قضيت بعض الوقت مع جوردان في الحديقة ثم تبعته بعد ذلك الى غرفته , لا عجب أنه أبعد ديانا المسكينة عن المكان".
ونظرت سوزان الى جيردا بإحتقار , ورأت شفتي جيردا تفترقان دهشة فهزت كتفيها أستهانة.
" لا يهمني كثيرا مع من يسلي جوردان نفسه".
ثم توجهت نحو الباب وتوقفت هناك لحظة لتقول:
" لا تقلقي , سأحل مشكلتي بنفسي".
ولم تجرؤ جيردا على النطق بصوت عال بل تمنت لها النجاح من أجلهما سوية ولم تفكر بما سيحدث لها بل أجلته لوقت آخر , وكل ما أحست به في تلك اللحظة هو راحة غريبة لتخلصها من مسؤولية كبيرة , وإذ لمحت سوزان الحقيقة أحست بالخجل , لأنها أرتكبت خطأ جوردان نفسه في إطلاق حكم خاطىء عليها , أو ربما سمحت لنفسها بالتأثر بحكمه , لم تكن سوزان مراهقة طائشة كما أعتقدت من قبل , ربما كانت في السابق لكنها ليست كذلك الآن, بل تميز موقفها بالوضوح وكأنما ما تريده كان بسيطا ورغم قلة خبرتها فهي أكثر نضجا في رؤيتها لما ترغب.
نظرت الى الفتاة ذات البدلة الزاهية والقلادة المصنوعة من خرز فأحست فجأة بتقدمها في العمر وبحماقتها.
ترددت سوزان مداعبةة قلادتها بحركان لا إرادية كأنها لم تعرف كيف تنهي اللقاء , وضعت يدها على مقبض الباب وقالت:
" حسنا سأذهب الآن".
" أنتظري سوزان , هل ترغبين بعمل شيء من أجلي؟".
" يعتمد ذلك على طبيعة ما تريدينه".
" أريد أن أترك المكان في وقت مبكر غدا صباحا لكنني لا أعرف أوقات سير القطارات , أو كيف أصل المحطة من هنا".
أسترخت سوزان وأجابت:
" هذا سهل , سآخذك بنفسي".
وجاء الحل أسهل مما حلمت جيردا , لقد أدركت سوزان مصدر قلق وأضطراب جيردا وعلاقتهما بوجود جوردان بلاك , وجاءت سوزان بصينية وضعت عليها الشاي والخبز المحمص إضافة الى بيضة مسلوقة , في الساعة السابعة صباحا وساعدت جيردا على التحرك بسرعة , وأطاعت جيردا سوزان إذ لم ترغب برؤية جوردان بلاك قبل هربها , وفي أقل من عشرين دقيقة كانت جيردا في المحطة وبقيت سوزان معها حتى مغادرة القطار.
وفي لحظات الوداع أمسكت جيردا بيد سوزان ثم قبّلتها قائلة :
" أنا متأكدة من حصولك على ما تريدين وآمل أن يتم قريبا , أنني مسرورة لأخبارك إياي , وشكرا".
" عفوا".
قالت سوزان وبدا كأنها عادت الى موقفها المتحفظ من جيردا .
" سأخبر جوردان بمغادرتك ".
أومأت جيردا برأسها وجلست على مقعدها , وواصلت الأحساس بالأرتياح لأن موضوع ستيوارت ومستقبله أنتهيا بالنسبة ايها حتى قبل أن تفهم ما كان يدور حولها , إلا أن ظل جوردان بقي مخيما عليها وأشعرها بالعجز أن شيئا لم يحل حتى الآن , إلا أنها تخلصت من الإحساس بالمسؤولية , لأنها فقدت الرغبة في السباحة ضد مد اليأس.


الساعة الآن 07:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية