منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   29 - بوهيميا - آن ويل - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t165185.html)

جين استين333 07-12-11 01:37 PM

بلطف اجابت الفتاة:
-أنت تحبها, وهذا أهم ما في الأمر.
-صحيح كنت أفكر مثلك, لكن الآن... لم أعد أعرف شيئاً. لماذا عليها أن تضحي من أجلي و أنا لا أستطيع أن أقدم لها الشيء الكثير, لن أصبح أبداً رجلاً ثرياً, كما تحلم...
-لو كانت كاميليا تريد الزواج من رجل ثري, لتمكنت من ذلك. أنت تقلل من قيمتك, يا جان-مارك. معظم النساء لا يخفن من القيام ببعض التضحيات في سبيل الحب. أنا أكيدة بأن الوضع سيتغير بعد ولادة الطفل.
أجاب الرجل ببعض الشك:
-آمل ذلك. لكن عمتي وأخي سيتطلبان وقتاً طويلاً كي يقتنعا بزواجنا, لأنهما ما زالا يعتبرانني غير مسئول. غير أنني أصبحت الآن رجلاً, وعليّ أن أعيش حياتي, كما أريد.
-لو لم تتزوج كاميليا, لأصبحت حارس ماشية. هل هذا صحيح؟
هز كتفيه وقال:
-ربما, من يدري؟ أنا لا أحب أن أعيش في شمال البلاد ولا في باريس مثلاً. لكن منطقة الكامارغ ليست سوى جزء صغير من وسط فرنسا. و العيش هنا أقل أهمية بالنسبة إلي, مقارنة بأخي.
-ومرسيليا؟
-أحب هذه المدينة. هل تعتقدين بأن كاميليا ستكون سعيدة إن عشنا هناك؟
-نعم, أظن ذلك. مرسيليا مدينة أنيقة ومرحة, على ما يبدو. وحسب رأيي, لن تتمكن كاميليا من التكيف مع الحياة هنا. حتى مدينة آلرز تعتبر قروية جداً بالنسبة إليها.
-إذن, تنصحينني بالاستقرار في مرسيليا, بعد ولادة الطفل؟
أجابت جوسلين بحذر:
-القرار يعود إليك أنت. لا فائدة أن تكون كاميليا سعيدة و أنت عير سعيد. هل بإمكانك العمل في مدينة آلرز و العيش في مرسيليا؟ المسافة بين المدينتين ليست بعيدة في القطار كما يقال.
-كلا, معك حق. ربما أذهب إلى مرسيليا في الغد للبحث عن شقة. لكن هذا سيتطلب وقتاً طويلاً.
-لا تتسرع, يا جان-مارك, كاميليا بحاجة إلى أسابيع بعد الولادة كي تستعيد كامل حيويتها ونشاطها. إذا اتخذت قراراً بسرعة, ستبلبل عائلتك. لو كنت مكانك, لما تحدثت عن شيء قبل تفكير طويل و ناضج.
-نعم, معك حق. سأعلن هذا الأمر عندما يصبح واقعاً. شكراً لمساعدتك, يا جوسلين.
بدأت الفتاة تندم على ثرثرتها, فقالت:
-لست في وضع لأعطي رأيي...
-بالعكس... ليس لكاميليا أحد غيرك. فهي تشعر بالاستقرار معك. لو كانت والدتي هنا...
هز كتفيه وتابع يقول:
-عمتي امرأة شجاعة, لكنها لا تفهم معنى الشباب اليوم.
-ماذا حدث لوالديك, يا جان-مارك؟
-كان والدي في المقاومة وقتل على يد الألمان. و والدتي ماتت أيضاً في الحرب. مرضت ولم تكن ترغب في الحياة, من دون والدي. أنا لا أتذكرهما أبداً.
-إذن, ربيت و ترعرعت على يد عمتك, بينما راح عمك يهتم بالمزرعة, أليس كذلك؟
-نعم... وجيرفيه كان تعيساً للغاية. لم يكن عمي يحبه و كانا يتشاجران باستمرار. لهذا السبب, غادرنا جيرفيه لمدة ثلاث سنوات.
-ولماذا كانا يتشاجران؟
-كان عمي يتعاطى الخمور. وذات يوم, فقد وعيه و ضرب أخي على وجهه... ومن ثم, أصبحت الحياة غير ممكنة لجيرفيه, هنا, تحت سقف واحد مع عمي و...
جاء صوت جاف يقول:
-تتكلم كثيراً, يا أخي.
انتفض جان-مارك و الفتاة و التفتا معاً نحو الصوت, ورأيا جيرفيه على عتبة باب المطبخ. نهض جان-مارك مستاء وقال:
-سأذهب لأرى إذا كانت كاميليا استيقظت من نومها. آه, لقد نسيت... هاتان رسالتان من انكلترا, لك, يا جوسلين.
-آه, شكراً... حان الوقت لأستلم أخباراً من عائلتي.
منتديات ليلاس
وضعت جوسلين الرسالتين في حقيبة يدها, فتقدم جيرفيه منها و جلس قربها, وقال:
-أعذري أخي لأنه أزعجك بأخبار العائلة. فهذا لا أهمية له, من دون شك.
قالت الفتاة بعنف غير متوقع:
-على الأقل, أخوك يحدثني كإنسانة... ليس مثلك, تعتبرني آتية من كوكب آخر.
-في نظرك, أنا أعاملك هكذا؟

جين استين333 08-12-11 02:57 PM

-تستهجنني, كما تفعل مع كاميليا.
كتف يديه و أتكأ على الجدار وقال:
-وماذا كنت تتوقعين؟ قصة حب بيننا؟
احمر وجه الفتاة و صرخت:
-طبعاً لا!
ارتسمت ابتسامة غليظة على شفتي الرجل الذي قال:
-لا تنزعجي. عندما جئت إلى فرنسا, لا شك أنك نت تأملين أن تعيشي مغامرة عاطفية, وهذا أمر طبيعي جداً. لكنك لاحظت أن لا شيء يهمك هنا, فخاب ظنك و أصبحت تملين.
أدارت جوسلين وجهها, لا تعرف ماذا تفعل تجاه هذا الأسلوب الهجومي الجديد. وقبل أن يتسنى لها الوقت للرد عليه, تابع يقول:
-ماذا بك هنا؟ هل ارتطمت بشيء؟
أشار إلى ركبتها المحتقنة من الاحتكاك بسرج الحصان. غطت الفتاة ركبتها بطرف فستانها و حاولت القول:
-هذا لا شيء يذكر...
انحنى نحوها وقال:
-دعيني أرى...
-لقد قلت لك... إنه لا شيء يذكر...
-يا إلهي! ليست قلة تهذيب أن تظهري ركبتك. لقد سبق و شاهدتها.
عضت الفتاة على شفتها و رفعت تنورتها لتريه الزرقة على ركبتها وتقول:
-إنها لا تؤلمني أبداً. ارتطمت ركبتي بالسراج, يوم الأحد.
-ولماذا لم تخبريني بذلك, كنت أعطيتك مرهماً.
-ليس هذا ضرورياً.
ثم لمح كدمة صغيرة, على ذراعها, فوضع اصبعه عليها وقال:
-وهذه الكدمة... من أين جاءت؟
-من حادث قديم, عندما كنت صغيرة... لكنني أكيدة بأن ذلك لا يهمك.
نهضت الفتاة بسرعة و قالت بصوت مسموم:
-أعذرني, سأدخل الآن إلى المنزل.
ولشدة سرعتها, أوقعت قلمها, فانحنى جيرفيه يلتقطه, قالت له, قبل أن تدير له ظهرها:
-آه, شكراً.
-جوسلين...
توقفت على مضض ونظرت إليه من فوق كتفها وقالت:
-نعم؟
-أنت مخطئة إذا كنت تفكرين بأنني لا أراك جميلة. طبعاً, أنا أعي ذلك, ولو كنت أكبر سناً و أكثر خبرة... لكنك صغيرة و غير مجربة و تريدين إظهار العكس. من الأفضل ألا تعقدي هذا الوضع الصعب, أليس كذلك؟
و بإشارة صغيرة من رأسه, ابتعد باتجاه الاسطبل. فبقيت جوسلين مكانها مندهشة, مصدومة, كأنها تلقت دوشاً بارداً, لم يسعها تصديق ما سمعته. شعرت بالغصب يحتلها, فأسرعت تقفل باب غرفتها وتقول لنفسها: " يا لرباطة جأشه... يا لهذه العجرفة التي لا تحتمل, و التي لا تغفر! يا للوقاحة... آه, يا للعجب و التفاخر!"
لم يظهر جيرفيه على مائدة الطعام, وأخبرت العمة جان-مارك بأنه ذهب إلى مزرعة آل دورانس. فشعرت جوسلين بالارتياح. ولم تتذكر الرسالتين إلا عندما آوت إلى فراشها. كانت واحدة من والدها و الثانية من طوم كاليه. و بتأسف أدركت أنها لم تفكر فيه منذ وصولها إلى فرنسا. كانت رسالته مملة, يتحدث فيها عن الطقس و مشاكل محرك سيارته. و يقول بأن الجميع مشتاقون إليها.
لكن مهما يكن, أشعلت هذه الرسالة فيها الحنين إلى الوطن. وقالت لنفسها: "عزيزي طوم. يا لك من شاب لطيف و أكيد من نفسه. معك, لا توجد أي مشكلة".
وفي سريرها, ظلت تفكر بطوم و بالمستقبل وتقول:
"ليس لدي هدف في الحياة سوى الزواج, وهذه هي مشكلتي. فأنا منطوية على مغالطة تاريخية. الشيء الوحيد الذي أرغب فيه, هو أن أستمر في إدارة المنزل. و إذا توظفت, فسيكون ذلك لفترة مؤقتة, بانتظار أن أصبح سيدة فلان. لماذا الانتظار؟ لماذا اضاعة الوقت؟ لماذا لا أصبح زوجة طوم كاليه؟"
ورددت لنفسها: حسناً, لست واقعة في حبه حتى الجنون. لكن ما هو الحب؟ هل يجب أن يكون الحب دائما من أول نظرة؟ أليس الاتفاق أهم من الحب؟ لننظر إلى كاميليا و جان-مارك : إنهما يحبان بعضهما, لكن كم سيدوم هذا قبل أن يعالجا الاختلافات التي تفرقهما؟ بينما طوم وهي يتقاسمان الاشياء نفسها, ولا شك أنهما يناسبان بعضهما تماماً...
وفي الأسام التالية, نادراً ما التقت بجيرفيه أو رأته. و أشرفت عطلتها على النهاية, لكن كاميليا كانت تصر عليها أن تمددها.
-حتى ولادة الطفل... أرجوك, يا جوسلين.
كما أصر عليها جان-مارك قائلاً:
-بعد اسبوعين, يقع عيد السيدة سارة. ولا يجب أن تفوتك هذه المناسبة النادرة.
-كلا سأذهب في الموعد المتفق عليه.
قالت كاميليا ناحبة:
-لكنني بحاجة إليك. لو كنت مكانك لما ذهبت. هذا أقل ما أطلبه منك.
-كاميليا, لا تتحمسي كثيراً, فحماسك لن يجدي شيئاً. لن تتم ولادتك قبل شهر, و أنا لا يمكنني أن أبقى طويلاً.
-أنت فتاة شريرة. لا أحد يجبرك على الذهاب, و لا تريدين البقاء هنا بكل بساطة. إذا كان هذا المكان لا يعجبك, فكيف بالأحرى أنا؟
... كلما جرى مثل هذا الحديث, تمتلئ عينا كاميليا بالدموع السخية, و يسرع جان-مارك لمؤاساتها. لكن جوسلين ما زالت مصرة على عدم الاستسلام لهذا النوع من التهديد التي تبرع فيه ابنة عمها. لم تعد تشفق عليها خصوصاً منذ عرفت بأنها تمضي وقتها في السرير, من دون سبب صحي, و تطلب من الآخرين الاهتمام بها. عبست كاميليا ولم تعد تحدث جوسلين ليوم بأكمله. فقالت لها هذه الأخيرة:
-اسمعي, يا كاميليا, حان لك أن تهزي نفسك. على الأقل كوني لطيفة مع زوجك, الذي يشغل باله عليك باستمرار.
-على الأقل, ليس جان-مارك مثلك.
-بالي مشغول عليكما معاً. بصراحة, يا كاميليا, انك لا تقدمين شيئا من نفسك.
-وماذا تريدينني أن أفعل؟
-في البداية تناولي طعامك مع بقية أفراد العائلة.
-ماذا؟ مع كل هؤلاء الرجال؟
-لا تكوني حمقاء. إن تصرفاتهم لطيفة ومحببة. وكلما اصغيت إلى حديثهم, تتعلمين اللغة الفرنسية بسهولة, حان لك أن تتقني لغة زوجك.
-إذا كنت تقفين إلى جانبهم, فمن الأفضل عليك أن ترحلي من هنا ابتداء من نهار الغد.
كانت جوسلين تحاول جهدها أن ترشدها, لكن من دون جدوى, فكاميليا امرأة عنيدة جداً. تبكي من جديد وتضع كل اللوم على ابنة عمها.
لو كان الاتصال الهاتفي ممكناً, لاتصلت جوسلين بوالدها تطلب منه نصيحة. ربما يقول لها أن تبقى. لكنها تذكرت نصيحة الطبيب يوم مغادرتها انكلترا حين قال لها:" لا تقفي دائما إلى جانب كاميليا, ولا تقفزي إلى الاستنتاجات بسرعة. ربما تكون ابنة عمك طائشة لكنها تكبرك بثلاث سنوات وباستطاعتها أن تدافع عن نفسها وحدها...".
بعد ظهر اليوم التالي, أي قبل يومين من موعد سفرها, كانت جوسلين تنظف صندلها في غرفتها عندما سمعت صراخاً جعلها تركض إلى غرفة كاميليا, لكن ابنة عمتها كانت تغط في نوم عميق.
أغلقت الباب بهدوء, وسمعت نحيباً آتياً من طرف الممر. فأسرعت إلى المطبخ مذعورة ورأت السيدة سانتون ممددة على الأرض. فاعتقدتها ميتة و انصدمت. الرجال كلهم في العمل, وليس في المنزل غيرها.
ركعت قرب العجوز و لمست يدها, فسمعت نبضها. وبعد ثوان معدودة, فتحت العمة عينيها ناحبة.
عندما عاد جيرفيه إلى المزرعة, بعد مرور ساعة على الحادث, اسرعت جوسلين إلى الخارج صارخة:
-شكراً, يا إلهي, أنت هنا. جرى حادث و يجب استدعاء الطبيب.
قفز عن حصانه وقال:
-ماذا جرى لكاميليا؟
-كلا, كلا... إنها عمتك, وقعت في المطبخ. التوى كاحلها وارتطم رأسها. أخاف أن تكون مصابة بارتجاج في الدماغ, فقد ظلت فاقدة الوعي بضعة دقائق.
-أين هي؟
-في غرفتها, في السرير.
-هل حملتها من المطبخ إلى غرفتها؟
-كلا, حاولت ذلك, لكنها كانت ثقيلة. فاتكأت عليّ, لم أتمكن من تركها ممددة على الأرض. لو كانت مصابة بكسر, لما حركتها.
لما رأت العجوز ابن أخيها, حاولت الجلوس وشرح الحادث, فقال لها جيرفيه:
-على مهل... على مهل.
كانت جوسلين قد وضعت وسادة تحت الكاحل المتورم وكمادات باردة عليه. فقالت:
-يجب تصوير القدم على الاشعة, للتأكد بأنها حقاً ليست مكسورة.
لم يعلق جيرفيه على ما قالته, لكنه تفحص مكان الرضة في الرأس. وبعد أن طمأن عمته, أسار للفتاة أن تخرج و تتبعه. في الممر, قال لها:
-لا تقلقي, فالأمر غير خطير.
-هل يتطلب استدعاء الطبيب وقتاً طويلاً؟
-ليس هذا ضرورياً. عمتي تتمتع ببنية جيدة. ليست بحاجة سوى للبقاء في السرير بضعة أيام.
-لكنها تلقت ضربة على رأسها, ربما تكون خطيرة...
-أنا خبير بذلك.
-كل أصحاب المشاية على معرفة عميقة بالأمور الطبية, أحياناً, لا يمكننا انتظار الطبيب في بعض الحوادث. صدقيني, فلا خطر على عمتي.
تبعته حتى وصلا إلى المطبخ, ثم قالت:
-حسناً. إنها مسئوليتك. لكن لا شك أنها بحاجة إلى أسبوع راحة, على الأقل. من سيهتم بالمنزل مكانها؟ كاميليا لا تستطيع ذلك, طبعاً.
أغلق الباب قبل أن يتكئ عليه, مكتف اليدين, وقال ببرود:
-كنت أتوقع منك أن تتبرعي لنا بخدماتك, و تكوني أنت من يحل مكان عمتي.
-هل نسيت بأنني سأسافر بعد غد؟
-لكن بإمكانك أن تؤجلي موعد سفرك, في مثل هذه الحالة الطارئة.
-كلا... كلا...
سألها بلهجة ساخرة وببريق تحد في عينيه:
-هل تخافي أن تكوني غير قادرة على تحمل مثل هذه المسئولية؟
-ليس هذا هو الأمر. لا شك بأن نساء الحراس سيقدمن مساعدتهن للسيد...
-لم تصدقي بأنني كنت أتكلم بجدية, أليس كذلك؟ لا أريد أن أجرح شعورك, لكن...
هز كتفيه, فغضبت الفتاة وقالت:
-تريد أن تقول بأنني لا أستطيع تحمل هذه المسئولية, أليس كذلك؟
-لماذا؟ هل أنت قادرة على ذلك؟ هيا, تعقلي... و اعترفي لمرة واحدة بأنني على حق. كنت أناكدك, يا صغيرتي...
-أنت تقلل من شأني, يا سيد. فأنا بإمكاني أن أدير هذا المنزل, و سأبرهن لك ذلك و ستكتشف بأنك كنت مخطئاً.
بعد صمت, ابتسم وقال:
-حسناً... ما دمت تصرين, سنرى.
وغادر المكان. فهمت حينئذ بأنها وقعت في الفخ. لقد تحداها جيرفيه و نجح. و إذا غيرت رأيها الآن, ستدفع غالياً ثمن كلماتها المتهورة. ذلك لأنها أدركت في هذه اللحظة أنها لا تستطيع إدارة هذا المنزل وحدها: ثلاث وجبات كل يوم, لدزينة حراس جائعين... تلال من الصحون و الأواني للجلي, ضخ الماء وتسخينها في فرن قديم يشعل على الحطب... آه لا, هذا أمر غير وارد!

α α α α

جين استين333 08-12-11 02:58 PM

تم الفصل الثالث

جين استين333 09-12-11 11:21 AM

4-استقرت في مهماتها الجديدة مخفية ما استطاعت ملامح تعبها. واكتشفت برعب أن شخصاً ما تقصد تشويه سمعتها كطاهية جيدة, وبرعب أكبر أنها واقعة في حب جيرفيه!


منتديات ليلاس
دخلت جوسلين إلى غرفة ابنة عمها و أخبرتها في الحال قائلة:
-غيرت رأيي, يا كاميليا. سأبقى هنا مدة أطول.
-آه, يا جوسلين, هذا خبر مفرح! أنت طيبة... كنت أعرف بأنك ستقبلين أخيراً.
-لم تفهمي ما جرى. لقد أصاب السيدة سانتون حادث.
جلست الفتاة على حافة السرير لتشرح لكاميليا ما جرى للعمة. فقالت المرأة الحامل بعد سماع القصة:
-حسناً. سيرسل جان-مارك في الغد برقية إلى عمي جون و يخبره فيها بأنك أجلت موعد سفرك, ولا تعرفين بعد متى ستعودين.
شعرت جوسلين برغبة ملحة أن تهز هذه المرأة الأنانية بعنف, لكنها اكتفت بالقول في لهجة جافة:
-بقائي هنا ليس سهلاً عليْ. هل تتخيلين الوضع؟
-هذا جنون وحمق... ستتدبرين أمرك بروعة. أنت موهوبة جداً في القيام بالأعمال المنزلية.
تثاءبت المرأة و تمطت, ثم أضافت تقول:
-أخيراً, سآكل من يدك الطعام اللذيذ, الانكليزي, بدلاً من هذه المأكولات المليئة بالزيت و الثوم. هل تعتقدين بأننا سنتمكن من أكل لحم البقر هنا بدلاً من الضأن كل يوم كل يوم...
كبتت الفتاة حنقها, وقالت بحزم:
-الآن اسمعيني, يا كاميليا. لن أتمكن من القيام بهذا الدور المفروض عليّ إلا بشرط واحد, وهو أن تساعديني. الظاهر أنك لا تعرفين مقدار العمل الذي تقوم به العمة كل يوم. فإذا لم تعديني بالتعاون, سأضطر أن أقول لجيرفيه بأنني لا أستطيع إدارة هذا المنزل وحدي. في كل حال, لا أظنه يعتقد بأنني قادرة على ذلك. كما أنا لست أكيدة أيضاً من امكانيتي في تحمل هذه المسئولية الكبيرة. لكنني سأحاول . . أريدك فقط أن تعاونينني قليلاً. و إلا سأسافر في الوقت المحدد, و أنا جدية بما أقول.
-ماذا تقصدين؟ أنا ليس بمقدرتي أن أنظف هذا المكان.
-كلا, طبعاً. إذا كنت سأطبخ للحراس و أنظف البيت و أهتم بالعمة, فلن أستطيع أن أحضر صينية طعامك و أجلبها لك إلى غرفتك. عليك إذا أن تتناولي الطعام معنا, من الآن فصاعداً.
-كلا. لا أستطيع ذلك... ليس من العدل أن تطلبي ذلك مني.
أجابت الفتاة بهدوء:
-حسناً, في هذه الحال, لن أحل مكان العمة المريضة. والآن, سأذهب و أطمئن على حاله, ثم أقول لجيرفيه أن يتدبر غيري.
خرجت الفتاة بسرعة غير تاركة لكاميليا أي مجال لاستعمال لغة الدموع المعروفة عنها. فوجدت العمة تحاول خلع ملابسها و حدها, ولما أرادت جوسلين مساعدتها, رفضت العجوز بعناد, و أحمرت خجلاً. لكن جوسلين أصرت عليها بتهذيب. ولما وضعت العجوز أخيراً في سريرها, ذهبت الفتاة إلى غرفة الجلوس لتعد مائدة الطعام. فالعشاء ليس مشكلة, لأن الحراس يأكلون عادة الخبز و السلطة و الجبنة و اللحوم الباردة. بينما الغداء يتطلب وقتاً طويلاً و جهداً كبيراً.
كانت في المطبخ تطحن البن عندما دخلت كاميليا. كانت ترتدي فستاناً كتانياً أحمر, وتنتعل صندلاً ذهبياً يتناسق مع أساورها. قالت بصوت الضحية:
-ها أنا ارتديت ملابسي.
حضنتها جوسلين بين ذراعيها وهمست:
-م-م. م... رائحتك ذكية. شكراً, يا كاميليا. أؤكد لك بأن الأمر سيكون أقل صعوبة مما تعتقدين. هل تريدين فنجان قهوة؟
-نعم, لكن ليس هنا. فالجو خانق.
خرجت من الغرفة وهي تقول:
-لا أعرف ماذا ستكون ردة فعل جان-مارك عندما يعلم بأنك أرغمتني على مغادرة الفراش.
-سأجلب القهوة إلى غرفتك.
وصل جان-مارك بعد حوالي نصف ساعة. سلم على عمته وعلى زوجته, ثم جاء إلى المطبخ ليتحدث مع جوسلين:

جين استين333 09-12-11 11:41 AM

-جوسلين, هل تعتقدين بأنه من الحكمة إرغام كاميليا على تناول الطعام هنا؟ أنت لا تصرين على رؤيتها مرتبكة و متوترة, أليس كذلك؟ كما تعرفين أنها امرأة شديدة الحساسية!
-الأمر يتعلق بك. لكن بنظري أنا, خروجها من السرير سيفيدها كثيراً.
حك الرجل ذقنه متردداً, ثم قال:
-ربما تكونين على حق, لا أدري.
دخل جيرفيه, صافح أخاه و رمى قفاذتيه و قبعته على الكرسي, ثم قال:
-الرجال مستعدون للدخول. هل تريدين أية مساعدة؟
-كل شيء جاهز, شكراً. ربما تفضل الاهتمام بالمشروب؟
-نعم, طبعاً.
خرج الشقيقان من المطبخ. وضعت جوسلين بيضتين في المقلاة وسخنت بعض الحليب, ثم أخذت صينية العشاء إلى العمة, و فوجئت بجيرفيه هناك, قطع الرجل حديثه و نهض. فاقتربت الفتاة من سرير العمة وقالت:
-آمل أن يعجبك الطعام, يا سيدتي. إذا كنت تفضلين شيئاً آخر, سأحضره لك بسرور.
شكرتها العمة بلطف, على غير عادتها, و استقبلت الصينية بفرح.
قالت جوسلين لجيرفيه:
-ستشعر السيدة براحة أكثر إذا كان باستطاعتك أن تضع إطاراً على حافة السرير, يمنع ثقل الأغطية عن قدمها المصابة.
-حسناً, سأهتم بالأمر بعد العشاء.
نظرت إليه الفتاة مباشرة في عينيه وقالت:
-آه, هناك شيء آخر. لقد نجحت في اقناع كاميليا أن تتناول لعشاء معنا, في المساء. وستكون تلك تجربة بالنسبة إليها. أتمنى أن تجعل الجو هادئاً لها.
-طبعاً.
-شكراً.
توجهت الفتاة نحو الباب, فتبعها, فتح لها الباب, ثم قال بمرح:
-ستحدث تغييرات جذرية في نظام البيت, على ما أظن.
-ربما. هل أخبرت العمة بأنني سأتوكل بإدارة المنزل مكانها؟
-ليس بعد. سأخبرها بالأمر غداً صباحاً... إذا لم تغيري رأيك.
وخرج من الغرفة قبل أن تتمكن من الرد عليه.
كان الحراس على مائدة الطعام عندما قدم جان-مارك و زوجته إلى الجميع. فنهض الحراس وحيوا المرأة بصوت واحد " مساء الخير يا سيدة سانتون". ثم جلسوا لمتابعة حديثهم. طبعاً, وجود المرأة, النارية الشعر, التي حبست نفسها طوال هذا الوقت في غرفتها, يثير فيهم الاهتمام, لكن فضولهم ظل مكبوتاً, وتصرفهم مهذباً.
جلست كاميليا على طرف الطاولة, يحيط بها زوجها و أخوه, بينما جلست جوسلين قرب جان-مارك الذي بدأ يتحدث بتفصيل عن نهاره, في مدينة آلرز. ثم طلب من الفتاة أن تخبرهم مفصلاً عن حادثة العمة. ران صمت ثقيل بعدما انتهت من الحديث. لكن جيرفيه قطعه, إذ التفت نحو كاميليا و راح يحدثها بلطف و محبة. استرخت المرأة بسرعة و ابتسمت وهي تتكلم معه, كان لا خلاف بينهما.
بعد العشاء, رفضت كاميليا الذهاب مباشرة إلى غرفتها و أرادت الجلوس في الساحة مع زوجها. وذهب جيرفيه ليهتم باطار سرير العمة, بينما جلت جوسلين, حالمة, تحاول طرد الأفكار المقلقة من رأسها. ثم نهضت وباشرت بإفراغ الصحون عن المائدة.
-هل بإمكاني مساعدتك يا آنسة جوسلين؟
انتفضت الفتاة و قالت باستغراب:
-آه... رفاييل. لم أسمعك تدخل.
-آسف. هل بإمكاني مساعدتك؟
-هذا لطف منك. لكنني قادرة أن أتدبر أمري بسهولة. أنت عملت طوال النهار.
-لكنني لا أشعر بالتعب. إنه لفرح كبير أن أستطيع مساعدتك, يا آنسة...
-حسناً... ما دمت مصراً... شكراً.
بعدما جلب الشاب الصحون المستعملة إلى المطبخ, بدأ يساعد في تجفيفها. فاندهشت الفتاة لأنها اعتقدت بأن هذا العمل بالنسبة إليه خاص بالنساء فقط. وراح يخبرها بأن والده صاحب دكان لبيع البن في مدينة آلرز. لكن جده كان حارس ماشية و ورث عنه هذا الميل. كما أخبرها بأنه ربح كمية من المال لا بأس بها, فاشترى لنفسه دراجة و جهاز راديو.
-سأريك المذياع, يا آنسة.
خرج الشاب بسرعة, ولما عاد, وضع المذياع على الطاولة وأداره وقال:


الساعة الآن 05:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية