منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   [قصة مكتملة] بين الأمل و الألم أسطورة ، للكاتبة : بسمة أمل .. (https://www.liilas.com/vb3/t164361.html)

بياض الصبح 10-07-11 08:01 PM

بين الأمل و الألم أسطورة ، للكاتبة : بسمة أمل ..
 

.~. بسم الله الرحمن الرحيم .~.


.~. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .~.


.~. صباحكم / مساءكم خير و رضا من الرحمن .~.


.~. جبت لكم رواية رووووعه للكاتبة (( بســ أمـــل مة )) .~.


.~. بين الأمل و الألم أسطورة .~.


.~. إن شاء الله تعجبكم .~.


.~. قراءة ممتعة مقدما .~.


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:02 PM




.~. كلام الكاتبة .~.

..
..
..

,‘~ْ^~ْ‘,{ بين (الأملــ) وَ (الألمــ) أسطورة },’~ْ^~ْ‘,
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكمـ ~ / مسائكمـ ~ (عســــل)
أطرح اليوم أولى رواياتي كتابةً

أما فكرةً فسبقتها العديد من الأفكار

التي راودتني ونسجتها في خيالي

ولكنها لم تظهر على أوراقي

أما هذه الرواية فتجرأت وكتبتها

وأنا بين الحيرة التردد

كتبت كثيرأً و توقفت أكثر

أردت أن أطرحها مبكراً

ولكننيـ ~ خفت

من الفشل ..

أمااا الآآآنـ أظهرتها لكمــ ~

وكلي أملــ ~ أن تنال إستحسانكم

وتزخر بمروركمـــ العطر ~

أتقبل إنتقاداتكم البناءة

بلا تجريح أو تنقيص

فأنا بشــــر اخطيء

ومن لا يخطيء فليس من البشر

وإن وجدتم خطأً فنبهوني

فإن أصبت فمن الله سبحانه

و إن أخطأت فمن نفسي والشيطان ~



,‘~ْ^~ْ‘,{ بين (الأملــ) وَ (الألمــ) أسطورة },’~ْ^~ْ‘,
"قدرو تعبي وجهدي ولا تنقلوها إلا بإذني"

جمال أسطورتي لا تكتمل إلا بردودكم
~{لا إله إلانت سبحانك إني كنت من الظالمين }~

مدخلـــ ~

بين (الأملـ) و ( الألمـ ) أسطورة

(أملـ) , ( ألمـ )

ما هما ؟؟؟

(ألمـ) عندما تجدب الأرض و تتعطش لـ ماء ( الأملـ )
/\
(أملـ) عندما تخضرّ الأرض وترتوي بعد جفاف ( الألمـ )
---********---
(ألمـ) عندما يغلف السواد القلوب بعد بياض ( الأملـ )
/\
(أملـ) عندما يفيض بياض القلوب ويكتسح سواد ( الألمـ )
---********---
(ألمـ) عندما يتمكن الحقد من البشر مبعداً صفاء ( الأملـ )
/\
(أملـ) عندما يسود صفاء البشر مزيلاً أحقاد ( الألمـ )
---********---
(ألمـ) عندما تكون الغيوم الرمادية تحجب شمس ( الأملـ )
/\
(أملـ) عندما تظهر الشمس بخجل من خلف غيوم ( الألمـ )
---********---
(ألمـ) عندما تتلبس ظلمة الليل أنوار ( الأملـ )
/\
(أملـ) عندما تشرق الشمس ناشرةً النور بعد استبداد ظلام ( الألمـ )
---********---
(أملـ) , ( ألمـ )

بينهما أسطورة تحكي معاناة فتاه

دارت فيها بين الألم و الأمل

حرب ضروس

فأيهما سينتصر ؟؟ ظلام الألمـ أم نور الأملـ ؟؟

وهل سيطول الانتظار ؟؟؟
---********---

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:04 PM



&< ~^((الجزء الأول))^~ >&

~[(صرخة أمل)]~



أزقة ضيقة لا تكاد تكفي لمرور شخصين وبيوت طينية آيلة للسقوط في أي لحظة وأطفال بملابس رثة وممزقة منتشرون في الزقاق يلعبون بالطين وقد لوث أيديهم ووجوههم بين كل هذه المظاهر التي يجزم من يراها أنها لم تمتد لها يد العمران ولم تلوثها حضارة المدنية وفي أطراف هذه القرية بيت ربما يكون كلمة منزل كثير في حقه ففيه غرفتين صغيرة جداً وحمام (كُرمتم) بباب مكسور وجدران متصدعة ومطبخ صغير بأواني قليلة جداً ولكن من يدخله يرى أثر النظافة والحميمية بين سكان هذا المنزل ....
صرخة ألم تلتها أخرى وأخرى ثم سكووووووووووون وبعدها صرخة ولكنها من نوع آخر إنها ((صرخة أمل)) فكأنما أُنير المنزل بعد الظلام وتهللت الوجوه بابتسامة مشرقة حفرت مسارها على الوجوه ..
......: ألف مبروك جات لك بنت مثل القمر .
......: الله يبارك فيك يام محمد و تستاهلين البشارة .
أم محمد : ما تقصر يابو خليل وخيرك سابق أنا بروح أشوف ساره يمكن محتاجه شيء وبروح بيتي.
إبراهيم : مشكورة يام محمد وما تقصرين وسلمي على أبو محمد .
ذهبت أم محمد لترى ساره وبعد أن اطمأنت عليها غادرت إلى منزلها ..
*************
في داخل الغرفة الصغيرة ذات الفراشين الباليين كانت ساره مستلقية وفي حضنها إبنتها ومازال جبينها مخضب بالعرق وملامح التعب مرسومة على وجهها الجميل دلف إليها زوجها ..
إبراهيم : السلام عليكم .. أخبارك
ساره بتعب :عليكم السلام , الحمد لله .
أقبل إليها وقبل جبينها ونظر إلى إبنته الجميلة ورفعها ولثم يديها بحنان أبوي مصفى.
إبراهيم : ما شاء الله تبارك الرحمن تشبهك يا ساره,الله يجعلها من مواليد السعادة .
ساره ابتسمت بوهن: آمين يارب , بس ترها مثل عيونك مره أما الباقي طلعت علي .
جلس إبراهيم على الفراش الآخر ووضع طفلته في حضنه وأخذ يتأمل وسرح في ملامح وجهها وبعد مده رفع رأسه ووجد زوجته تتأملهما وعيناها تشع حناناً ومحبة إبتسم لها بمحبة صادقة ..
إبراهيم : حبيبتي إيش نسمي الحلوه هذي.
ساره : ما أدري أنت اختار وأنا معك .
إبراهيم : والله أنا من يوم سمعت صوتها حسيت بالأمل والفرحة عشان كذا نسميها
((أمل)) .
ساره : حلو اسم أمل خلاص نتوكل على الله .
إبراهيم : أجل بكره نروح مستوصف القرية الثانية يطعمونها وبعد بكره أروح جدة أسجلها في الأحوال (تسجيل مؤقت لمدة سنة عندنا في السعودية).
ساره : إن شاء الله .
في هذا من المنزل الصغير بسطت الفرحة أجنحتها وأصبحت الوجوه مشرقة بالابتسامة ولكنــ
عند النافذة الصغيرة للغرفة يقف شخص ينظر لهم بعين الحسد الذي يتمنى زوال نعمة أخيه وهو يحيك الخطط في نفسه لتفريق هذه العائلة الصغيرة السعيدة ..
........: نشوف يا ساروه إذا ما محيت هذي الضحكة ..<<هل سيحقق كلامه
********************
اليوم الثاني ..
استقض إبراهيم وزوجته فجراً على بكاء الصغيرة وهما لم يناما إلا سويعات بسيطة من الليلة الماضية بسبب استمرار الطفلة بالبكاء فكان وجههما رغم الإرهاق البادي عليها إلا أنها رسمت عليها ابتسامة سعيدة فلم يتذمرا أو يشتكيا بل كانا سعيدين بها , إلا أن ساره تمنت للحظة لو أن أمها لم تمت أو يكون لديها أخوات حتى يساعدنها في الاهتمام بالصغيرة فهي وكذلك زوجها كانا وحيدين لدى أبويهما وجميعهم ماتوا ولكنه القدر ولا اعتراض عليه استغفرت ونهضت بتعب كي تحضر الفطور لزوجها عندما ذهب للمسجد إلا أن زوجها صادفها عند الباب ..
إبراهيم بإبتسامة: السلام عليكم ..أمولتي نامت .
إبتسمت ساره : عليكم السلام ..ألحين نامت وقمت أسوي لك فطور .
إبراهيم بإعتراض : لا لا , لا تسوين فطور إنتي تعبانه و أنا أصلا رايح أستأذن من العم علي وباستلف سيارة جيرانا وجاي و إذا على الفطور نفطر وإحنا رايحين للمستوصف على الماشي ..
ساره : طيب ولا قهــ ..
لم تكمل ساره كلامها إلا وسمعت صوت بكاء طفلتها وذهبت مسرعة لتراها , ابتسم إبراهيم على قلقها فهي كلما بكت الصغيرة خافت عليها .
إبراهيم : يلا حبيبتي أنا رايح تامرين بشي .
ساره : في أمان الله يا الغالي و ما نبي إلا سلامتك .
إبراهيم : مع السلامة .
ذهب إبراهيم إلى محل العم علي ودلف إلى الداخل ووجد العم علي ذو الوجه المجعد واللحية البيضاء على ثغره إبتسامة رضى وبيده السبحة سلم عليه إبراهيم وجلس ..
إبراهيم بإبتسامة سعيدة : كيف حالك عم علي .
العم علي : الحمد لله بخير وأنت أخبارك ياولدي أشوف الوجه منور اليوم يلا قول اللي عندك .
ضحك إبراهيم : هههههههـ الحمد لله , إي والله اليوم أحس الدنيا ماهي شايلتني من الفرحة أمس ولدت زوجتي وجابت بنت .
أبو علي وقد تهلل وأشرق وجهه بسعادة غامرة : مبروك يا ولدي والله يجعلها من مواليد السعادة .
إبراهيم : الله يبارك فيك , ترى أنا اليوم جاي أستأذن منك أروح بها المستوصف يطعمونها وبكره إنشاء الله أروح أسجلها .
العم علي : مرخوص يا ولدي الله يسهل دربك .
إبراهيم : مع السلامة يا عم .
العم علي : مع السلامة يا ولدي .
وعند عودته إلى المنزل التقى بجاره أبو خالد وطلب منه سيارته وأعطاه وأخبره أنه سيعيدها له في مساء الغد و استأذن منه وانصرف راجعاً إلى منزله فوجد ساره قد ارتدت عباءتها ولفت ابنتها جيداً وقابلت زوجها بابتسامتها الصافية ورد لها الابتسام ,, وسلم عليها وحمل ابنته وخرجا ذاهبين إلى مستوصف الحي الآخر وعند عودتهما توقف عند أحد المطاعم البسيطة وطلب لهما فطوراً متواضعاً وحملاه إلى المنزل و أفطرا وأستعد إبراهيم لصلاة الظهر أما سارة وابنتها فقد خلدا إلى النوم بعد الانتظار الطويل في المستوصف وكذلك بسبب السهر في الليلة الماضية ..
وكذلك فعل إبراهيم عندما عاد وألقى بجسده المنهك وغط في سبات عميق ..
*****************
بعد العِشاء..
طُرق باب المنزل ونهض إبراهيم لفتح الباب فوجد في وجهه امرأة لم يعرف هويتها وتنحى عن الباب ومرت بجانبه فألقت التحية عليه فعرفها فتوجس في نفسه مخافت أن تؤذي ساره فهي لم تفوت أدنى فرصة لأذيتها رغم القرابة بينهما إلا أنها لا تحبها فكانت دائما ما تشتكي سارة منها وكانت تنشر الإشاعات عنها وتؤذيها وذلك بسبب غيرتها منها فهي قد تزوجت عدة مرات ولم توفق بسبب سوء أخلاقها وعدم إنجابها قطع أفكاره صوتها
سلمى بنعومة مصطنعة : كيفك يا إبراهيم .
إبراهيم باشمئزاز يحاول عدم إظهاره : الحمد لله بخير تفضلي ساره داخل .
سلمى بنفسها "ومن قال إني أبي ساره آآه أنا أبيك أنت لكن إذا ما جبت راسك ما أكون سلمى " : مبروك ما جاك .
إبراهيم : الله يبارك فيك .
أدار لها ظهره متجهاً إلى خارج المنزل عندما سمع صوتها تأفف في نفسه من هذه المرأة التي لا تنفك من ملاحقته ,,
سلمى : إبراهيم وين رايح إرتاح ما بطول .
إبراهيم بضيق : لا بخلص شغلة وجاي .
وخرج رغم إحساسه بالضيق وبإنقباض في قلبه لا يعلم له سبب ..
********************
بعد عدة ساعات ..
عاد إبراهيم المنزل ووجد زوجته وابنته نيام قبل جبينيهما وتتمدد على فراشه وهو مازال يشعر بضيق في صدره استعاذ بالله من الشيطان وتمتم بأذكار النوم وتلاوة بعض الآيات حتى غلبه النوم .
بعد أقل من ساعتين قام إبراهيم مفزوعا من حلم مزعج وقد أندى جبين ما رآه وجلس فشرب قليلاً من الماء واستعاذ من بالله الشيطان ونفث عن شماله فهدأت نفسه قليلاً وتمدد على الفراش وأغمض عينيه فسمع أنيناً صادراً من جهة زوجته فتح عينيه والتفت جهتها ووجد وجهها أحمر وجبينها يقطر عرقاً فنهض فزعاً عليها ..
إبراهيم بقلق عميق : ساره ساره قومي
وأخذ يهزها حتى فتحت عينيها سندها على بعض الوسائد وجلب لها ماء وأسقاها وذهب قليلاً وعاد ومعه قطعة قماش صغيرة وإنا به ماء بارد وأخذ يضع الكمادات على رأسها تارة يغسل يديها و أخرى رجليها.
إبراهيم : ساره تسمعيني .
صدرت أنه خفيفة من ساره وهي مغمضة العينين .
ارتاح إبراهيم وأكمل كلامه : حبيتي تبني أوديك المستوصف .
هزت ساره رأسها رفضاً وحاول في إقناعها مراراً ولكنها رفضت رغم إلحاحه عليها وأخيراً أذعن لرغبتها .
وأكمل عمله في تغيير الكمادات وأستمر في ذلك حتى أُرهق ولكن حرارة سارة لم تنخفض إلا قليلاً ورفع يد ليرى الساعة من ساعته الجلدية المتواضعة وتفاجأ بأنها قد قاربت الرابعة والنصف أي أنه قد قارب وقت أذان الفجر وفي هذه الأثناء سمع صوت بكاء الطفلة وحملها وأخذ يهزها علها تنام فهو لا يملك ما يعطيها إياه وأمها محمومة لا تستطيع إرضاعها وإلا مرضت هي الأخرى فكأن الطفلة أحست بما تعانيه الأم .
بعد دقائق سمع الأذان أخذ يردد مع الإمام وهو يهز فتاته بين يديه حتى هدأت ونامت فوضعها بجانب أمها ..
إبراهيم : ساره صاحيه ..
ساره : هممممـ
إبراهيم : كيفك الحين أحسن
هزت ساره رأسها إيجابا ..
إبراهيم : أنا رايح الصلاة وجاي ..
وخرج وتوضأ ثم ذهب إلى الصلاة .
******************
في المسجد ..
عندما صلى إبراهيم لم يجلس لإكمال الأذكار كعادته بل وقف وذهب مسرعاً إلى منزله مما جعل المصلين يستغربون تصرفه الغير اعتيادي,,
وفي الطريق عائداً كان يسرع في خطواته ويكاد يجري من خوفه على زوجته فقد سمع أن أم ساره قد مرضت عند ولادتها بساره بمرض أدى لوفاتها ويخاف أن يصيب ساره ما أصاب أمها , إستعاذ من الشيطان وأبعد هذه الوساوس عنه فقد خرج وهي بخير عدى ارتفاع بسيط في حرارتها ,, توقف أمام السيارة لتشغيلها حتى تسخن بعد برودة المساء و أقفل أبوابها ودلف إلى المنزل وأسرع باتجاه الغرفة وقد أذهله ما رأى ..

فقد تحول وجه ساره الأبيض الصافي إلى اللون القرمزي من شدة الحرارة وأصبحت تنتفض وتتنفس بصعوبة وعيناها نصف مفتوحة وقد استحالت بلون الدم وهرع إليها فزعا ..
إبراهيم : ساره إيش فيك .
ووضع يده على جبنها وقد لسعته حرارتها وعندما أرادت الرد عليه انتابتها موجة من الإستفراغ ووضعت يدها على فمها و نهضت بسرعة رغم تعبها وذهبت إلى المغسلة ولحق بها زوجها ووجدها محنية رأسها على الصنبور فرفعت رأسها عندما أحست به وغسلت وجهها وتمضمضت و وقف هو بجانبها ووضع يد على كتفيها وأسندها على جسمه وأرخت رأسها على كتفه و سألها ..
إبراهيم : ها ألحين أحسن
هزت رأسها إيجاباً وتمتمت بالحمد لله .
و مشى بها إلى الغرفة وأجلسها على الفراش وأحضر عباءتها ..
إبراهيم : يلا إلبسي عباتك وأنا بلف أمل و بأوديها عند أم محمد .
ساره بصوت مبحوح وضعيف من أثر المرض : ليه .
إبراهيم رد عليها باقتضاب : أبروح بك المستوصف .
ونهض حاملا إبنته مع كيساً به بعض الأمور الضرورية للطفلة واتجه نحو ساره ماداً لها يده ليساعدها على النهوض ولكن اعترضت
ساره : لا أنا الحين أحسن مابي مستوصف .
إبراهيم بحده : لا بوديك الحرارة اللي فيك ما ينسكت عليها ,وبأمر حاد, قومي ..
أمسكت ساره بيده بخضوع وأكملت لبس عباءتها ولفت حجابها ووضعت النقاب وإبراهيم يراقبها بحب وعطف على حالها وخرجا سويا إلى السيارة الواقفة أمام الباب جلست ساره بالمقعد الأمامي ووضع زوجها الطفلة في حجرها وأغلق الباب وعاد وأوصد باب المنزل وركب السيارة وتحرك إلى منزل أم محمد ..
********************
بعد أقل من دقيقتين ..
وصلا إلى منزل أم محمد وطرق الباب عدة طرقات وظهر لهما مراهق في 14 من عمره وهو فهد ابن أم محمد بعد أن حياه إبراهيم طلب منه أن ينادي أمه غاب الولد لحظات ثم عاد برفقة أمه ,, حياها إبراهيم بإحترام ..
إبراهيم وهو يمد لأم محمد إبنته و مد لولدها بالكيس : يا أم محمد إذا ما فيه كلافه عليك خلي أمل عندك ساره معاها حمى وبروح بها المستوصف .
أم محمد : سلامتها إن شاء الله وأمل بعيوني تروحون و ترجعون بالسلامة.
إبراهيم : مع السلامه .
وأدار ظهره لها وتوجه إلى السيارة وحركها أما أم محمد دخلت المنزل و وضعت الصغيرة على الفراش فقد كانت نائمة وحدثت ابنها .
أم محمد : يا ولدي أقعد عندها بخلص شغله في المطبخ وجايه .
فهد : طيب يمه .
ذهبت أم محمد أما فهد فجلس يحدق بهذا الجمال النائم وحدث نفسه .
فهد "يا حلاتها تهبل أول مره أشوف بنوته حلوه بهذا الشكل" أقترب منها بحذر وقبلها على خدها وعندما ابتعد عنها وكأنها أحست به فتحت عينيها الناعستين والواسعة ففغر فاه من جمال عينيها واكتمال جمال وجهها وتمتم بهمس : ما شاء الله , ما شاء الله
******************
في السيارة ..
بعد صمت حوالي عشر دقائق كانت غارقة السيارة في الهدوء وقـُطع هذا الهدوء عندما أمسكت ساره بكيس وانتابتها موجة استفراغ أخرى والتفت إليها إبراهيم فزعاً وتوقف على جانب الطريق و نظر إليها في قلق عميق كعمق حزنه وخوفه من أن يفقد زوجته وعندما هدأت وأراحت ظهرها على المقعد وأسدلت غطائها سألها ..
إبراهيم : تحسين بتعب أكثر .
ساره هزت رأسها إيجاباً وأكملت : إبراهيم أمنتك أمل حافظ عليها ولـ
قاطعها إبراهيم مؤنباً : ساره إيش لزوم الكلام هذا إن شاء الله إنتي طيبه..
ساره أشارت له بأنها تريد إكمال كلامها : خلني أكمل يا إبراهيم أحس أني بموت ..
قاطعها إبراهيم مرة أخرى : الله لا يقولها ..
ساره بضعف شديد: الله يخليك يا إبراهيم لا تهملها ولا تجيب مرة أبو مب زينه لها وتعذبها .. تقدمت منه وأمسكت يده أمنتك الله فيها يا إبراهيم أمنتك الله...وارخت ظهرها على المقعد وصارت تتنفس بصعوبة ..
إبراهيم بفزع: لا ساره الله يخليك لا تتركيني أنا وأمل .. وجذبها واضعا رأسها على صدره ..
إبراهيم : ساره استحملي شوي قربنا نوصــ
وضعت ساره سبابتها على فمه : أوعدني تهتم بأمل أوعدني .
إبراهيم بضعف قلما يظهر : أوعدك بس إنتي ارتاحي إحنا على وصول .. أراحها على المقعد وحرك السيارة ..
ساره بهدوووووء : ألحين ارتحت .. وشهقت بقوة في اللحظة التي وصلا إلى المستوصف أوقف السيارة بقوة وخرج دون إطفائها وفتح باب الراكب جهة سارة وحملها بين يديه وهي مازالت مستمرة في الشهيق وأسرع بها إلى داخل المستوصف المتواضع ووضعها على كرسي الكشف في اللحظة التي سمع صوت نزع الروح فنزلت دموعه بغزارة على خديه وجرى معهم حيث ينقلونها إلى غرفة الطوارئ ولقنها الشهادة بهدوء..
إبراهيم : ساره قولي لا إله إلا الله محمد رسول الله
واستمر في ذالك حتى نطقتها وشخص بصرها ثم حال بينهما باب الغرفة فانهار على الأرض يبكي بحرقة بعد أن تيقن من رحيلها ..
*****************
في نفس اللحظة
بمنزل أم محمد التي كانت تنجز أعمالها في المطبخ سمعت صرخة فانتابها الذعر وأسرعت باتجاه الصغيرة فوجدت ولدها مذهول والطفلة تبكي بشدة وكأنها فقدت شيء ثمين وغالي وسألت ولدها من صرخ فأجابها مذعوراً من بكاء الطفلة المفاجئ أنها ((صرخة أمل))

*****************

مخرجـــ ~~

انطفأ النور

وساد الظلام

وأصبحت أتخبط في غياهب الألم

أدور حول نفسي

أبحث عن بصيص من النور

أتلفت تارة يميناً وتارة شمالاً

أسير وأتعثر ثم أسقط

أنهض لأبحث من جديد

أشعر وكأني في عالم من جليد

وكأن البرد يغلف قلبي

لا دفء

لا أمان

قبل قليل

كان قربي

كنت أشعر به

وكان ملازما لي

هل رحل الدفء ؟

وهل سيعود ؟

فأصبحت أنادي

وأرفع صوتي تارة

وأهمس أخرى

لكن لا مجيب

بحثت في حنايا عقلي عن سبب ما أنا فيه

فتهت في دروب عقلي واختلطت أموري

فلم أجد سبيل إلا قلبي

فهالني ما رأيت

أصبح دماراً

البرد يكاد يقضي عليه

تسللت إلى ما تبقى منه من دفء

تجولت فيه

فصرخت بصوتي

ما ذا حدث ؟

أين رحل النور ؟

إني لا أرى

فتردد صدى صوتي

وبعد لحظااات

سمعت همساً

ينطق كلاماً لا أفهمه

ارتفع

ارتــفـــع

ارتــــفـــــع

حتى بان الصوت تماما ً

وأصبح يتردد صداه في قلبي

كان ينطق جملة واحدة

(( أمك ماتت ))

(( أمــك مــــاتت ))

فأدركت في اللحظة التي استولى البرد على ما تبقى من قلبي

فصرخت

وصرخـــــــت

صرخت خسارة أمي

وغياب النور عن حياتي

**(ملاحظة : قد لا يكون المرض الذي أصيبت به سارة مميت ولكن بسبب ضعف بنيتها وسوء التغذية أدى إلى ذلك ,كما في السابق فقد كان هذا المرض من أكثر الأمراض التي تسببت في وفيات النساء )
******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الأول ـــــــــــــــــــــة

بياض الصبح 10-07-11 08:05 PM



( سبحان الله )

&< ~^((الجزء الثاني))^~ >&

~[(عواصف الألم)]~



~ لمحات من سنوات مضت ~

بعد سنه...


دلف إبراهيم إلى مكتب الأحوال المدنية وأخذ يقرأ اللافتات على المكاتب حتى
وصل إلى مكتب تسجيل وإلغاء الأسماء طرق الباب ودخل الغرفة المؤلفة من
عدة مكاتب سلّم وتوجه إلى أحد المكاتب ..
إبراهيم : كيفك يا خوي.
الموظف : الحمد لله ، بإيش أقدر أخدمك ..لاحظ الموظف عندما مد له إبراهيم
ورقتين أنه قد تغير وكست ملامحه الحزن ..
إبراهيم بحزن : أبي أضيف إسم وألغي إسم .. قال الأخيرة بمرارة تتجلى في قسمات وجهه .
غادر إبراهيم مكتب الأحوال واستقل سيارة أجرة إلى قرب القرية وترجل من السيارة
حاملاً أوراقه والكرت الجديد وأعطى السائق أجرته و سار متوجها إلى منزل أم محمد
كي يأخذ ابنته عندما وصل طرق
الباب فخرج له فهد وحياه ثم طلب منه أن يخبر أمه أنه يريد إبنته أمل ..
فهد : لحظه أقول لأمي تجيبها
هز إبراهيم رأسه .. ودلف فهد إلى المنزل ونادى أمه
قهد : يماااه ..
أم محمد : خير يا ولدي أنا في المطبخ..
دخل المطبخ ..
فهد : يمه عمي إبراهيم برا يبي بنته ..
مسحت أم محمد يديها المبلولتين بجانبي ملابسها كعادت النساء الكبيرات :الحين أجيبها
له وأنت روح قلطه لا تخليه على الباب ..
فهد : طيب يمه .
ذهبت أم محمد إلى مجلس النساء حيث كانت الطفلة بصحبة سلمى وعندما دخلت وجدت
الطفلة في حجرها ولكنها لاحظت ارتباك سلمى وأنها تخبئ شيئاً ما ولكن أم محمد بطبيعتها
الطيبة ونيتها الصافية لم تشك في شيء .
أم محمد : أعذريني يا سلمى تأخرت عليك .
سلمى بإرتباك تخفيه بمهاره : لا يم محمد ما فيها شي البيت بيتي .
أم محمد : صادقة والله .. هاتي عنك أمل أبوها يبيها .. ومدت يدها لتحمل الطفلة و خرجت
بها إلى الباب حيث إبراهيم ..
أم محمد : كيفك يا بو أمل .
إبراهيم : الحمد لله على كل حال ..
مدت أم محمد لإبراهيم الطفلة التي ما إن رأت والدها حتى ضحكت صرخت بـ ((بابا بابا))
وأخذت تقفز بفرح .
ضحك إبراهيم وأم محمد على حركاتها المرحة ..
أم محمد : تفضل أدخل البيت ريح من مشوارك وتغدا معنا ..
إبراهيم : مشكوره يام محمد وما تقصرين مره ثانية وآسفين على التعب أكيد أمل غلبتك ..
أم محمد : لا تعب ولا شي أمل مثل النسمة الله يخليها لك ..
إبراهيم : أجل مع السلامه ومشكووره يام محمد مره ثانية ..
أم محمد : لا شكر على واجب .. مع السلامة ..
وعندما استدار سمع صوتا يكرهه ..
سلمى : أخبارك إبراهيم .
إبراهيم : الحمد لله ..ولم يعطيها إدنى فرصة لتتكلم ..
و مشى حاملاً إبنته ومتوجهاً إلى بيته وقد لاحظ تغيراً في شكلها لكنه لم يعر الموضوع
أهمية وبعد لحظات وصل ودلف إلى الداخل وكانت طفلته قد نامت وضعها على الفراش
وقبل جبينها ودثرها جيداً وخرج ..
***

في صباح اليوم التالي ..
شعر إبراهيم بلمسات يد صغيره رقيقة تضايق منها وأبعدها بقسوه فسمع بكائها فصرخ
بها وهو مغمض العينين فلما اشتد بكائها فتح عينه وأذهل من شكلهااااااااااا
********************

~ بعد ستة سنوات ~

إبراهيم :سلمى كم مره أقول لك لا تخلينها تخرج برى أنا ما قلت لك مابي أشوف
رقعت وجهها .
سلمى بشماته وهي تنظر للفتاة الصغيرة المرتجفة المختبئة خلف الباب : إيش أسوي
فيها كل ما قلت لها لا تخرج تعاندني وتطلع من دون شوري ..
إنصدمت الطفلة الصغير من قولها وقالت في نفسها "يا الله ليش ماما تكذب يمكن
ما تحبني هي قالت لي أطلع العب مع الأولاد في الشارع وأنا عييت لكن هي طلعتني
غصب عني"
إنتبهت الطفلة على صوت والدها يناديها فارتجفت من الخوف والرعب إذا سمعت تلك
النبرة الخشنة فهي تنذر بعاصفة من الألم ..
إبراهيم : أمـــل أمـــل وينك أخرجي بدون عناد , إنتظر فلم ترد عليه ولم تخرج
فقال غاضباً : سلمى وينها ..
سلمى بحقد مع إبتسامة إنتصار على فمها أشارت بسبابتها إلى الباب الذي تقبع خلفه الطفلة المذعورة ..
رأتها أمل وهي تشير إليها فانتفضت وجلست من شدة رعبها ,, تقدم منها والدها
فلما رأى حالها رق قلبه لها ولكن عندما رفعت وجهها تملكه ضيق شديد وران
عليه الغضب فكأنما رأى شيطاناً مارداً أمامه
فأمسك بشعرها وشده فرفع جسمها الهزيل به وهزها فأصبحت كورقة خريف جافة
تقلبها الرياح , وهي تصرخ بألم وتمسك رأسها بيد والأخرى على يد والدها,
فألقاها من يده وسقطت على الأرض فركلها وضربها واستمر بذلك وهي تارة
تصرخ و أخرى تتأوه وتناديه بــ ((بابا أتركني إنت توجعني ))
ودموعها قد أغرقت وجهها ولكن لا دموعها ولا صراخها أوقفه فهو كالمنوم مغناطيسياً
لا يتوقف حتى يُجهد فيجلس متعباً ..
وضع إبراهيم يديه على وجهه وأخذ يتنفس بقوه فلما رفع رأسه رأى جثة أشبه بالأموات
أعين متورمة أنف يقطر دماً وفم نازف وملابس ممزقة .. ففزع من حالها وحملها
وأدخلها الحمام وخلع بقايا الملابس التي عليها ووضعها تحت المياه المندفعة فشهقت
من الألم , أخذ يسمي عليها في نفسه وهو يغسل جسمها ويزيل الدماء من الجروح ,,
إبراهيم : سلمى بسرعه جيبي منشفة .
سلمى بحقد وغيره بسبب إهتمامه بأمل : طيب إلحين أجيبها .
إبراهيم : وجهزي لها ملابس .
أحضرت سلمى المنشفة ولفها بها وحملها إلى غرفتها الصغيرة ذات الفراش البالي
ووضعها عليه ونزع المنشفة برفق ألبسها ملابسها وغطاها جيداً
إبراهيم " آآآآهـ يا أمل ما أدري إيش حكايتي معاك أحبك وأتمنى كل ما أخرج أرجع
أجلس معك , لكن من أشوفك أكرهك وأكره عمري ياااارب صبرني" و سقطت دمعته
على جبينها عندما قبلها و خرج ممسكا برأسه من شدة الصداع الذي ملازمه
منذ ستة سنين وقد أرهقه ونحل جسمه..
***********************

~ بعد سبعة سنين ~

انتهت من ترتيب المنزل ورتبت حقيبتها لأن غدا أول يوم دراسي للفصل الثاني
في السنة الثانية المتوسطة لها , و وضعت جسدها الغض على فراشها البالي
لترتاح قليلاً ولكنها سمعت صوت أبيها يناديها فارتجفت خوفاً وقفزت من فراشها
وذهبت بعجلة إليه..
أمل وهي مطأطئة رأسها حتى لا يرى أبوها وجهها الذي يكرهه فقد تعلمت ألا تري
والدها وجهها : نعم يبه ناديتني .
إبراهيم : إيه , بكره ملكتك على سعود ويوم الأربعاء بيجي ياخذك أظنك تعرفين
سعود غني وما بيقصرعليك بشيء ..
أمل معترضة : بســ ..
إبراهيم قاطعها غاضباً : لا تبسبسين لي .. بعدين أنا لسع ما كملت كلامي ,,
مد لها بظرف بني وأكمل ..
هذا مهرك بكره تروحين مع أمك للسوق تجهزين ..وإلتفت جهة سلمى وإبتسم
لها فردت له الإبتسامه ..
سلمى بنفاق : مبروك أموله .. مبروك حبيبي ..
إبراهيم رد مبتسما ً لها : الله يبارك بعمرك ..
توجها أبويها لغرفتهما وهي اتجهت كذلك لغرفتها واستلقت تفكر بعريسها فهي
تعرف عن سعود الكثير لشهرته في قريتهم بكثرة مشاكله مع الناس و ملاحقة
الفتيات و تعاطي الخمور وغيره الكثير فسيرته بين الطالبات منتشرة ..
وكلت أمرها لله وقالت في نفسها "يمكن الله يصلحه ويتوب على يدي"
وأخذت تفكر بالمدرسة و ما سيحدث في يومها الدراسي وعادت بأفكارها إلى ملكتها
فحدثت نفسها "ليش بابا بيزوجني إلحين أنا لسه صغيره , طيب بابا ما يعرف أخلاق سعود ؟ ,
أووفف ماني عارفه إيش أسوي .. أنا عطشانه بقوم أشرب " نهضت وتوجهت
إلى خارج الغرفة متجهت إلى المطبخ وفي طريقها سمعت والديها يتحدثان
وبسبب صغر المنزل سمعت حديثهما ..
إبراهيم : سلمى إنتي تدرين أن سعود ولد خالك أخلاقه زفت لكن عشان عيونك ما رديته .
سلمى : أنا أعرف بس يمكن بنتك تعدله وبعدين هو ترجاني أدور له عروس
عشان يبعد عن الخرابيط ..
إبراهيم : وأنا قلت كذا وكمان عشان تعبت ما أقدر أتحمل وجودها في البيت .
لم تستطيع أن تكمل سماع الحديث فقد تساقطت دموعها ومازال حديثهما يتردد
في أذنيها فقد جرحها الكلام ونزف قلبها إثر هذه الطعنات المميته وجرت باتجاه
غرفتها و انكبت تبكي بألم على وسادتها ونامت دون وعيها ودموعها بللت
خديها ووسادتها ..
********************

في صباح اليوم التالي ..
استيقظت أمل على أذان الفجر وعندما فتحت عينيها هاجمتها الأفكار التي
أقضت مضجعها في الليلة الماضية استعاذت بالله من الشيطان ونهضت مبعده
عنها هذه الأفكار ومشت إلى الدولاب وأخرجت زيها المدرسي القديم ومنشفة
وحملتها إلى الحمام (كُرمتم) اغتسلت بسرعه وتوضأت وخرجت من الحمام (كُرمتم)
متوجهة إلى غرفتها وفي طريقها طرقت باب غرفة والديها ودلفت إلى غرفتها وفرشت
سجادتها ولبست شرشف الصلاة وكبرت لتصلي ..
أنهت صلاتها وتوجهت إلى المطبخ أعدت الفطور لوالدها ووضعته أمامه عندما عاد
من المسجد وذهبت مسرعة إلى المطبخ فتناولت فطورها على عجالة ودخلت غرفتها
وحملت حقيبتها بعد أن لبست عباءتها وخرجت متوجهة إلى مدرستها مشيا ولبعدها
عن منزلها فإنها تشغل نفسها بمراجعة بعض الآيات التي تحفظها لكي لا تنساها ..
*********************

بعد أكثر من نصف ساعة ..


وصلت أمل إلى مدرستها وأدخلت حقيبتها في فصلها وجلست فقد كانت المدرسة
بها عدد قليل من الطالبات أخذت تتصفح أحد كتبها للإطلاع عليها ..
سمعت صوتاً غريبا على مسمعها يلقي التحية ورفعت رأسها فوجدتها فتاة مثيلة
لها بالعمر ولها وجه يشع بابتسامة ودودة وبملامح عادية يغلب عليها النعومة ..
إبتسمت لها أمل وردت السلام ..
....: اممممم لو سمحتي أبي كرسي موب لأحد .
أمل : تعالي ذا الكرسي جنبي صاحبته سافرت .
....: أها طيب ..
تقدمت البنت إلى أمل وجلست في الكرسي الملاصق لها ..وبادرتها أمل بالسؤال ..
أمل : إيش أسمك ؟
....: نهى , وأنتي ؟
أمل: تشرفت , وأنا أمل ..
نهى : لي الشرف ..أمممم ...سمعتا الجرس فنهضتا متوجهتان إلى الساحة وهما تتحدثان .
نهى : أمل إنتي من هذي القريه ..
أمل : إيوه,, وأنت من وين ؟؟
نهى : أنا من جده جيت مع أمي لأنها حتدرس هنا ..
أمل : جد ,,إيش تدرس ؟؟
نهى : تدرس دين ..
أمل : يعني هي بدال أبله مرام ..
نهى :الظاهر كذا .. وصلتا إلى الطابور التابع لفصلهما وصفتا مع زميلاتهن بعد
أن حيتهن أمل وعرفتهن على زميلتهن الجديدة ..
وقبل بدء الإذاعة المدرسية ..
جاءت مشرفة النشاط إلى أمل
مشرفة النشاط (أبله فاطمة )صافحت أمل باليد: كيفك أمل ..
أمل بحياء : الحمد لله أبله وأنت كيفك.
أبله فاطمة :الحمد لله ,, ممكن أمل تقرين الآيات في الإذاعة ..
أمل : حاضر أبله .
ذهبت أمل برفقة (أبله فاطمة) وما هي إلا لحظات حتى عم الطالبات سكووووووون
ولا يسمع إلا صوت أمل تتلو الآيات بخشوووع وصوت رااائع يتغلغل في النفس
ويهزها من الوجدان ...
وبعد أن ختمت الآيات ألقت كلمة ترحيبية للطالبات ونصائح للإهتمام بالمذاكرة
والواجبات وختمت كلمتها بالسلام ..
عندما عادت أمل للطابور لتقف بمحاذاة نهى ..
أمل : السلام عليكم .
نهى : عليكم السلام . ما شاء الله أمل صوتك يجننن.
إبتسمت أمل بخجل : مشكوره .
نهى بحماس : لا من جد أمل مرررره رهيب صوتك من متى وأنتي كذا .
أمل : مممم .. يمكن من صف رابع إبتدائي وأنا أحاول أرتل لما عرفت وساعدتني
وحدة من الأبلات أعطتني أشرطه للشيخ أحمد العجمي وسعد الغامدي وكنت أقلدهم .
نهى : أها طيــ..
قبل أن تكمل كلامها طُلب منهن إلقاء النشيد الوطني ودخلن للفصول ..
**************************

فيـــ ~ الفسحة ..
خرجتا الفتاتان متوجهتان إلى الكفتريا وهما تتحدثان ..
أمل : ما شاء الله نهى أمك مرررره طيبه .
نهي : إيوه ماما كذا طيبه حتى زميلاتي في مدرسة القرية اللي كنا فيها أول بكوا
عليها لما عرفوا إنها بتنقل .
أمل : القرية الأولى بعيده عن هنا ..
نهى : أووووف مرررره بعيده يمكن ثلاث ساعات عن جده .
أمل : يوه بعيده وكنتو معها .
نهى : اممم , سكنا فشقه تقريبا سنتين .
أمل : أها , طيب إيش تبغين تفطرين إنتي ضيفه عندي اليوم ..
نهى : ههههههه جيبي شبس وعصير .. ومدت لها بالمال .
أمل : عيب عليك أقولك ضيفه تعطيني فلوس .. ودفعت يد نهى الممدودة بالمال
وانصرفت وهي تحمد ربها في سرها "أوففف الحمد لله جبت معي فلوس لو كان تفشلت "
عندما عادت أمل جلستا وفطرتها ..
بعدما أنهيا فطورهما تحدثت نهى ..
نهى : أمل تعالي نروح لماما أعرفك عليها .
أمل بخجل : أمممممم أستحي .
أمسك نهى يد أمل وشدتها : يا شيخه تستحي من مين ..
ذهبتا إلى غرفت المعلمات وطرقت نهى الباب وهي ما تزال ممسكة بيد أمل وباليد
الأخرى فتحت الباب وأطلت برأسها وابتسمت عندما رأت أمها ونادتها و وقفت خارجا
مع أمل .. وبعد لحظات خرجت والدة نهى وهي مبتسمة .
أم نهى : السلام عليكم .
أمل ونهى : وعليكم السلام .
أم نهى : ها نهى إيش عندك .
نهى : ماما بعرفك على صديقتي أمل الـ..
أم نهى إبتسمت لأمل وردت لها أمل الإبتسامة ..
أم نهى : تشرفت أموله أخبارك .
خجلت أمل من ترحيبها وأكتست خدودها حمرة رائعة : لي الشرف أبله , الحمد لله .
أم نهى : ما شاء الله نهى شبكتي صداقات من أول يوم .
ضحكت نهى بفخر : أممممم ما تعرفين بنتك إنتي . لكن أمل غير بوقت قياسي .
أم نهى : إن شاء الله تدوم صداقتكم طول العمر يارب .
أمل ونهى : آميــــــــــــــــــن .
ودعتها الفتاتان وغادرتا بعد أن سمعتا جرس الفسحة ..
وفي الطريق إلى الفصل ..
أمل : أمممم نهى بقول لك شي بس يكون سر ..
نهى بحميه وحماس : سرك في بير .
أمل وقد أظلم وجهها من الحزن : اليوم ملكتي ..
نهى قاطعتها بحماس : مبروووك مبرو ,وعندما لاحظت وجه صديقتها الحزين توقفت ..
وأكملت كلامها : ليه كذا حزينه .
أمل : آآآآآآهـ لو تدرين مين باتزوج ..
نهى بحزن على حال صديقتها : قولي أنا أسمعك .
أمل وقد دمعت عيناها : أبوي ما أدري إيش فيه علي حتى أمي مثله وأنا من صغري
كذا ما يحبوني حتى أبوي إذا شاف وجهي كأنه يشوف وحش ويضربني من دون سبب
والبارح قال لي أنه بيزوجني على واحد مشهور بالخمر والبنات , وسمعت أبوي
يقول ما يقدر يتحمل وجودي في البيت عشان كذا ...
وأجهشت ببكاء مر من حنايا قلبها المعذب ولكنها ارتاحت من كبت الحزن في قلبها ..
حضنتها نهى وبكت معها ..
بعد لحظات ..
فرغت أمل حزنها وتوقفت عن البكاء ومسحت دموعها ورفعت رأسها لصديقتها
وابتسمت وردت لها الابتسامة ..
نهى : أصبري واحتسبي وربي إن شاء الله يكتب لك الخير.
أمل : إن شاء الله .. معليش ضايقتك معي من أول يوم .
نهى بتأنيب : أقول طسي هناك قال ضايقتك قال يا شيخه إيش فايدة الصديقة ها قولي .
أمل بابتسامة امتنان : مشكوووووووره حبيبتي .
نهى بجديه : أمل إذا تضايقتي ولا شي في أي وقت قلبي مفتوح لك ..
أمل : إن شاء الله .
في اللحظة التي وصلتا ودلفتا إلى الفصل وما إن جلس حتى دخلت معلمة العلوم ..
*************************

فيــ ~ نهاية اليوم الدراسي ..

عند بوابة المدرسة ..

نهى : مع السلامة أمل , ما أوصيك إلا بالصبر والدعاء ..
أمل : إن شاء الله , إدعيلي , مع السلامة
تصافحتا وذهبت كلاً منهما في طريق فقد ركبت نهى سيارة والدها في حين أن أمل
انطلقت تمشي إلى المنزل راجلة .


** (قد يلاحظ البعض سرعة الصداقة بين أمل ونهى
ولكن ذلك وارد ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
[الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف،
وما تنافر منها اختلف])


**************************

فيــ ~ المساء ..

بعد أن أنهت عمل المنزل وواجباتها المدرسية , أطبقت آخر كتاب بين يديها
لتحضير دروسها سمعت أذان العشاء رددت مع المؤذن بعد الأذان رفعت يدها
(( يا رب يا رحمن تغفر لي ولموتى المسلمين , اللهم أسألك العفو والعافية في
الدنيا والآخرة , يا رب مالي غيرك أشكي له , يا رب ابعد عني الهم والحَزَن ))
أنزلت يدها وذهبت إلى الحمام (تكرمون) توضأت فذهبت غرفتها فصلت العشاء
و جلست لتكمل أذكار ما بعد الصلاة ..
سمعت صوتا في الخارج ولم تعطي الأمر أهمية وأكملت ما بدأته وبعد لحظات ..
سمعت طرقاً على الباب ورفعت رأسها فوجدت أبوها وقد دخل وهي مازالت
جالسة على سجادتها ولابسة إحرامها وهي بهذا الشكل كأنها محاطة بهالة من نور ..
تقدم والدها منها وهو يحمل السجل بين يديه وعندما رأى شكلها تردد هنيهه
من أن يكمل ما بدأ به ولكنه أحس بضيق من وجوده معها وتلفت في الغرفة
"يا الله إيش هذي الغرفة ربي أنعم علي الحمد لله وبنتي فخرابه
(تذكر الرجل الجالس في المجلس وتنهد) خلاص هي بتروح بيت زوجها الله يوفقها "
إبراهيم : أمل قومي وقعي يللا ..
أخفضت أمل رأسها ونزلت دموعها : طيب ..
وقفت وهي ما تزال خافضة رأسها ومدت يدها لتأخذ السجل ولكنها لم تمسكه
فرفعت رأسها بخوف فوجدت والدها ينظر لها بحنان فنزلت دموعها حتى بللت خديها ..
أبو أمل بحنان : أمل لا تبكين لو بيدي كان منعت هذا الزواج لكن ما أقدر ,
ما أقدر أتحمل وجودك في البيت يجيب لي ضيق لا تسألين ليش ما أعرف إللي
أعرفه إني أحبك أكثر من نفسي بس هذا شي غصب عني..
أمل لم تتحمل كل هذا الحنان وألقت نفسها في حضن أبوها و استمرت تبكي بكاء
مر كمرارة أيامها ..
أبو أمل دمعت عيناه حزن عليها وأحس بضيق يكتم أنفاسه أبعد أمل عنه
بلطف : خلاص أمل أمسحي دموعك ووقعي الرجال ينتظر ترى شرطت عليه تكملين دراستك .
أمل عندما أحست بتنفس والدها المضطرب وتغير لون وجهه الأسمر أمسكت
القلم بسرعة ووقعت ..خرج والدها مسرعا ..
أما أمل وقفت على السجادة لتصلي السنة وعندما سجدت انخرطت تبكي خوفاً
من الأيام القادمة ومن
(( عواصف الألم ))
.

*************************
فـــ أحلامي ــــي

اتخذت منزلاً

إضاءته الأمل

وعطره الفرح

حديقته البهجة

تجولت في هذه الحديقة

وملأت نفسي سرورا

حانت مني التفاتة للأفق

رأيت نار وحولها ظلام

تعجبت !!

أيأتي مع النار ظلام

ولكن تاه عجبي عندما اقتربت

وما كانت إلا (( عاصفة ))


واقربت



واقربت


حتى وصلت إلى منزلي


فعاثت فيه فساداً

فستحال المنزل إلى خراباً



والأمل إلى ألم

والفرحة إلى حزن

والبهجة إلى تعاسة

فصرخت في العاصفة أن تقف

فنهرتني ..

وقالت لي ألا مكان لي في الأحلام

أخبرتها أن واقعي عواصف من ألم

وأخبرتني أن أحلامي عواصف من نار وظلام

فأيقنت أن أحلامي رفضتني

كما رفضني واقعي ..
****************************
تعـــريف بالشخصيات :

عائلة أبو أمل (إبراهيم):
إبراهيم [42]: الأب رجل حنون ولكن حدث له أمر كان السبب في تغيره تزوج مرتين .
الزوجة الأولى : ساره توفت قبل 14 سنه أصيبت بحمى النفاس
بعد ولادتها بأمل وماتت بسببها .
الزوجة الثانية [38]: سلمى تزوجها بعد سنة من وفاة ساره , وهي بنت عم
ساره ولها أخ مهاجر استراليا (ليس له دور)ولها أخت متوفاة ووالدها كذلك
متوفى أما والدتها تعيش عند أختها (خالة سلمى) ,حقووووووده لأبعد الحدود
كل شيء تريده تحصل عليه ولو بالحرام تكره أمل , وهي عقيم .

أمل (بطلتنا) [14] : البنت الوحيدة لإبراهيم تعرضت
لمآسي كثيرة في حياتها , صبوووووره وطيبه كل
من يعرفها يحبها إلا أهلها (وسنعرف السبب لاحقاً).
*****************
عائلة أبو نهى :
خالد :الأب >> ليس له أي دور
أم نهى لمياء [32] : أم طيبه وتحمل قلب كبيير ومتفاهمة مع أبنائها وهي معلمة دين .
نهى [14]: البنت الكبرى , صديقة أمل ,طيبه ومخلصة لصديقتها .
سهى [10]: البنت الثانية , طفلة بوجه ينطق براءة .
وليد [5]: أصغر فرد في العائلة , طفل كثير الحركة والكلام , يقلد الكبار في كل شيء .
***************
عائلة أبو محمد : جيران عائلة أبو أمل
أبو محمد :الأب >> ليس له أي دور
أم محمد :امرأة طيبة كانت تحب سارة وتعتبرها ابنتها لأنه ليس لديها بنات.
أبنائها : محمد , فهد ، عبد الرحمن , فواز >> ليس لهم أي دور
****************
سعود [27]: شاب ضائع مات والديه هماً
من أفعاله وهو وحيداً لهما تركا له مالاً وفيراً ولكنه يصرفه في ضياعه وضياع غيره
وجعل من منزله مأوى للسكارى وكل ما أغضب الله..

المتبقي من الشخصيات مع الأحداث..


************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثاني ـــــــــــــــــــــة
************************



توقعاتكم /

ماذا سيحدث لأمل ؟

هذا الجزء الثاني أتمنى أن ينال إستحسانكم

بســ أمــ( g)ــل ــمة


سبحان الله


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:08 PM



&< ~^((الجزء الثالث))^~ >&


~[( تائهة على طريق الأمل )]~


..../ ماما أبا حواوه
..../ طيب حبيبي إذا وصلنا البيت أعطيك إياها .
.../ تيب ..
ابتسمت وحملت طفلها بعد أن ارتدت عباءتها وعندما همت بالخروج نادتها مشرفة المشغل ..
المشرفة (ليلى) : أمل بكره تعالي بدري عشان تقابلين صاحبة المشغل .
ابتسمت لها أمل : إن شاء الله , مع السلامة .
ردت المشرفة الابتسامة : مع السلامة .
خرجت أمل من المشغل وصعدت درجات السلم المؤدي إلى السطح حيث غرفتها وطفلها وعندما
وصلت إلى الملحق المكون من غرفة صغيرة جداً وحمام (تكرمون) والتفتت إلى طفلها ووجدته
نائم على كتفها قبلته على جبينه بحب ووضعته على الفراش الوحيد في الغرفة والذي يقابله
من الجهة الأخرى موقد صغير والقليل من المئونة ..
صلت سنة الوتر وهي بعينين نصف مغمضة من الإرهاق الجسدي والنفسي ..
تمددت بجانب طفلها وحضنته وقبلته وأغمضت عينيها طلباً للراحة ولكن أنى لها أن ترتاح فقد
هاجمتها آلام الماضي وأقضت مضجعها فلم تتركها ليلة إلا وهاجمتها كيف لا وهي الآن تعيش
وحيدة مع ابنها ذو السنتين وهي مازالت في بداية الثامنة عشر من عمرها وليس لها مؤوى سوى
هذه الغرفة التي تقطنها منذ سنتين وقد تلفظها في أية لحظة ..تذكرت أبيها و أمها أو بالأصح
زوجة أبيها فهي لم تراهم منذ سنتين أما منزلها فقد فارقته منذ ما يقارب الأربع سنوات منذ تلك الليلة ..
********
قبل أربع سنوات ..

بعد أن وقعت على العقد بكت تلك الليلة كما لم تبك يوما, بكت خوف من المجهول ,
بكت ألم من الماضي , بكت أملاً أن يكون الغد أفضل ..
لم تنم تلك الليلة وتضرعت للمولى أن يفرج كربها ..
وفي اليوم التالي ..
ذهبت المدرسة فكانت على غير عادتها المشرقة والمبتسمة , بل كانت كالوردة الذابلة ..
وكان الحزن قد رُسم على وجهها باحتراف كأن له عقودا مضت ..
تعجب الجميع من أمرها إلا نهى فهي تعلم ما ألم بصديقتها ولم يكن بيدها إلا الدعاء لها
وشد أزرها في محنتها ..
*******************
يوم الأربعاء ..

كان ذلك اليوم يوم حزين على أمل حاولت أن تذهب إلى المدرسة ولكن لم تستطيع بسبب
قلة نومها وكذلك هزل جسمها .. فقد أضحت ذلك اليوم طريحة الفراش من الإرهاق و
الهم فقد انتشر خبر زواجها من سعود وقد تلقت يومي الاثنين والثلاثاء الكثير من نظرات
الشفقة من الطالبات والمعلمات وكذلك المستخدمات فكأنما زادت الطين بِله وزادت الهم همين ..
عندما قارب الوقت على العاشرة صباحاً نهضت من فراشها بوهن وخرجت من غرفتها متوجهة
إلى المطبخ سمعت همهمات وهمسات من غرفة والديها تعجبت !! فهي تعلم أن والدها في هذا
الوقت في عمله , تقدمت إلى الباب وطرقته ..
أمل : يمه .. يمه .. أحد عندك ؟
هدأت الهمسات انتظرت قليلاً وفتحت الباب وأطلت برأسها تمنت في تلك اللحظة أن تنشق
الأرض وتبلعها ولا ترى ما رأت ...
************************
غفت أمل على أفكارها وذكرياتها الأليمة ودمعة شقت خدها محملة بالأسى والأحزان ,
نامت أملاً بمولد يوم تشرق شمسه أملاً .
************************
صباح اليوم التالي ..


بعد أن صلت الفجر تمدد على فراشها لتكمل أذكار الصباح انقلبت لتنام على شقها الأيمن
موجهة وجهها لمكان نوم طفلها وأخذت تنظر إليه مبتسمة اقتربت منه وقبلته على خده
فحرك يده متضايقاً كأنه يذيب ذبابة فضحكت عليه فأمسكت بخده وقرصته بخفه فتحرك ..
أمل بابتسامة مشرقة : هيمو حبيبي يلا قوم
إبراهيم : أمممم
أمل : يلا قوم أعطيك ننه و حواوه
رفع إبراهيم رأسه بكسل : ماما أتيني حواوه (ماما تعطيني حلاوة) .
قبلته أمل على خده : أيوه بس بعد الننه .
قفز إبراهيم نشيطاً وفرحاً : تيب .
نهضت أمل وحملت طفلها وغسلت وجهه وحضرت له رضعته من الحليب الدافئ .
وقامت هي بتنظيف البيت وترتيبه لأنه لم يتبقى على الذهاب للمشغل سوى ساعة واحدة ..
إبراهيم : ماما ننه بح أبا حواوه
ضحكة أمل ومدت يدها لرف صغير به بعض الحلوى: ههههههه خذ واجلس لين أكمل طيب .
جلس إبراهيم : تيب .
****************************
الساعة السابعة والنصف صباحاً ...
أنهت التنظيف واغتسلت ولبست تنوره سوداء طويلة و قميص وردي اللون بأكمام طويلة
ومشطت شعرها الطويل الكستنائي وجدلته ولفت حجابها بإحكام ولبست عباءتها وحملت
طفلها ثم أغلقت الغرفة ونزلت وهي تتحدث مع ابنها ..
أمل : هيا نروح .
إبراهيم : لوح .
أمل : وين نروح ؟
إبراهيم بحماس : لوح لالا
ضحكت أمل : هههههههه قول ليلى
إبراهيم : لالا
في هذه الأثناء وصلا إلى المشغل وفتحت قفل الباب الذي تحمل نسخة من مفاتيحه ودلفت
إلى الداخل ودخلت إلى الغرفة المخصصة للراحة ووضعت طفلها أمام التلفاز وخلعت عباءتها
وبدأت بالتنظيف .
*************************
بعد نصف ساعة وصلت المشرفة (ليلى) و العاملات (أسماء) و (هيفاء) و (منار) وبدأ نشاط المشغل ..
********
(ليلى)[27] :متزوجة من 3سنوات لم تنجب بعد لذلك هي تحب إبراهيم الصغير
وساعدت أمل كثيراً بالاهتمام به , مشرفة على المشغل ,طيبة وخلوقه , تسكن في إحدى
الشقق التي بها المشغل .
(أسماء) [24] : مخطوبة لابن عمها , تعمل في المشغل منذ سنه , لها قلب كبيييير .
(هيفاء) [22] : أخت أسماء , تعمل في المشغل من عشرة أشهر منطوية لا تتكلم كثيراً .
(منار) [25] : تعمل في المشغل من سنتين ونصف , تحاول جذب الانتباه لها ولكن بسبب
سوء تصرفاتها تنفرهم منها , تغار من أمل بسبب حب الناس لها وأخلاقها الطيبة .
*********
تجمعن في غرفة الاستراحة بينما كانت أمل تكمل التنظيف والترتيب وعندما أكملت عملها
انضمت إليهن وتناولن القهوة وبعض الحلوى ..
ليلى : أخبارك أمول .
أمل ابتسمت بحب لهذه المرأة الطيبة : الحمد لله , وأنتي أخبارك وأخبار أخواتك .
ردت لها ليلى الابتسامة : الحمد لله كلهم طيبين .
التفتت أمل إلى البنات وحيتهن : أخباركم بنات .
ردود متفاوتة صدرت من البنات (الحمد لله)(بخير الله يسلمك)(طيبه الحمد لله)
أسماء : اليوم حتيجي (العنود) ؟ ..
ظهر الضيق على ليلى : إيوه لكن حسيت من كلامها فيه شيء الله أعلم .
منار بحماس : مثل إيش يعني .. وهي تنظر إلى أمل بشماتة ..
تضايقت أمل و تذكرت ما حدث قبل شهرين ..
********
أتت فتاة في العشرين في العمر ودخلت وطلبت من العاملة منار أن تنمص (تحف)
حواجبها فسمعتها أمل وهي تطلب ذالك الطلب المشين وكتمت ضيقها ولكنها لم تستطع
أن تسكت عن الأمر وذهبت لهما وتحدثت بهدوء..
أمل : يا أختي ما سمعتي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم اللي يقول فيه :
[ لُعِنَت الواصلة والمستوصلة ‏و النامصة و المتنمصة والواشمة و المستوشمة من غير داء]
يعني اللي تسوينه صح بيزينك لكنه يخرجك من رحمة الله , ولو عملت من اليوم إلى أخر
يوم بعمرك ما يدخلك عملك الجنة إلا برحمة ربي وإنتي عشان كم شعره تخرجي من رحمة
ربي , إذا مره مضطرة سوي تشقير أو أخفيه بخافي العيوب (الكونسيلر) ..
البنت بغيره [وقد لاحظت حواجب أمل البنية المرسومة بدقة من إبداع الخالق - سبحانه -
فوق عينين واسعتين وناعسة بلون العسل وأهداب ظليلة حولها] : يعني حرام علي أحف
و أنتي حلال عليك .
أمل باستغراب وإنكار : أنا !! بس أنا ما حفيت .
البنت بلامبالاة : لا باين .. وأشارت إلى العاملة أن تبدأ في العمل ..
أمل بقوة : يا أختـــ ...
قاطع كلامها صرخة من صاحبة المشغل (العنود) قائلة : أمـــــــــــــل مالك دخل
بأحد أنتي هنا فراشه وبـــــــــــــــس ..
أنزلت أمل رأسها بهوان فقد جرحت كرامتها وسارت متجهة إلى خارج الغرفة بينما
أكملت العنود كلامها ..
العنود: شوفي هذي ما هي أول مره تسوين كذا وأنا ساكتة لك وكثير قالوا لي لكن طنشت
الموضوع لكن إني أشوفك بعيني هذا شيء ثاني .. و أنا لي تصرف معك ..
أمل : بس أنا قلت الحق .
العنود : إنتي هنا فراشة وبمعنى أصح خدامه عندي مالك شغل بأحد .. وبصراخ ..
فـــــــــااااهمة ..
هزت أمل رأسها إيجاباً فقد أهينت بما فيه الكفاية أمام النظرات الشامتة من العاملة
منار والبنت ونظرات الشفقة من المشرفة ليلى والعاملتان أسماء و هيفاء ..
******
تنبهت أمل من أفكارها على صوت لم تسمعه منذ شهرين يلقي التحية ..رفعت رأسها
ورأت ما تخشاه فقد كانت العنود بصحبة عاملة آسيوية ..
رد عليها الكل بــ (وعليكم السلام ) ..
جلست العنود بكبرياء : أخباركم ..
الكل : الحمد لله .
*********
(العنود) [38] : متزوجة من رجل أعمال ثري , وهي أيضاً سيدة أعمال تملك العمارة
كاملة مع المشغل , لديها (بنتين وولدين ) , تكره أمل لسبب ما (سنعرفه لاحقاً)
*********
بعد السؤال عن الأحوال الذي لا يخلو من المجاملات الكاذبة ..
بادرتها ليلى بالسؤال : كيف كانت السفرة الأخيرة ؟
العنود بغرور : حلووه مره ... التفتت إلى أمل وأشارت لها باحتقار وأكملت: قومي
يا أمل صبي لي قهوة .
أحست أمل بالذل من طريقتها المتعجرفة في الكلام ... تقدمت إلى ترمس القهوة الموضوع
على المنضدة الرخامية أمام العنود وصبت لها وأدنت منها صحن الحلوى .. ثم توجهت
إلى ابنها النائم بسلام على السجاد أمام التلفاز وحملته ثم جلست ووضعته في حجرها ..
العنود باستهزاء ووقاحة : أمممم ... أمل لساتك تلقين مواعظ وخطب على الزباين ولا
أعتزلتي الدعوة يــــا (بن باز) ... وضحكت بسخرية ...
كانت أمل مخفضة رأسها تنظر في ولدها حتى لا ترى نظرات الاحتقار من العنود فسمعت
كلامها ولمست أذناها نبرة الاستهزاء والسخرية اللاذعة في صوتها فرفعت رأسها بحدة
منافية لرقة أمل وجحظت عيناها بوسعها من صدمتها من الكلام التي نطقته هذه المرأة ..
حزنت بشدة على حال هذه المرأة وحال بعض الناس الذين يستهزؤون بالدعوة والدعاة
وكأنهم أعداء لهم ... وهم كذلك .... فهم أعداء لرغباتهم وقمع لملذاتهم حتى أنهم إذا
اختلفوا في إعطاء الأحكام أطلقوا على المحق منهم ومتحري الصواب (كـــاذب) و (متنطع) ..
وغفلوا أو تغافلوا حقيقة أن لحوم العلماء مسمومة ..
لم ترد عليها أمل إلا بكلمة قوية هزت كل الجالسات :حسبي الله ونعم الوكيل ..
ثارت العنود واستشاطت على أمل وصرخت بصوت عالي : إنتي تتحسبين عليّ أنا , أنا العنود الــ.. ,
ما جبته أمه اللي يتحسب عليّ تجي خدامة لا راحت ولا جات ترد عليه لكن لهنا وبــــــس
شلي ولدك هذا اللي ما أدري من وين جايبته وروحي شلي قشك و يلااااا براااااااااااااا ..
كل كلمة أطلقتها العنود كأنها وابل من الرصاص اخترق جسدها ومع كل كلمة تذوي إلى أن
أتهمتها بشرفها فكأنها القنبلة التي فجرت ما تبقى منها وحولته إلى أشلاء تناثرت في مهب
الريح .. ورفعت رأسها بقوة هبت واقفة وعزمت ألا ترد عليها إلا كالسابق فنطقتها بقوة الحق
وحرقة ألم الظلم : حسبي الله ونعم الوكيل ..
وخرجت من الغرفة بعد أن لبست عباءتها وحملت طفلها وألقت المفاتيح على الطاولة وخرجت ...
صعدت إلى غرفتها ووضعت طفلها النائم على الفراش وأخذت حقيبتها اليدوية المتوسطة
(الهاند باق) وفتحت خزانة الملابس بعنف وحملت ملابسها وطفلها ووضعتها بعشوائية وهي
لا ترى بسبب تكون طبقة ضبابية من الدموع على عينيها ..
بعد أن أكملت حزم حقيبتها انتبهت إلى طفلها الذي استيقظ بسبب ما أحدثته من جلبة في حمل
الأشياء وكأنها تفرغ غضبها في الجمادات .. اتجهت إليه ورأت هالت من البراءة تحيطه وهو ينظر
لها باستغراب تقدمت منه وجثت أمامه ولفت ذراعيها حوله وضمته بشدة وانفجرت في بكاء دامي ..
وعند الباب كانت ليلى واقفة مع أسماء وهن ينشجن من البكاء حزناً على حال هذه الفتاه
وما قاسته من ألم ..بعد أن فرغت حزنها وقفت ومسحت وجهها فوجدت إبنها يبكي بصمت
تأثراً من بكاء أمه , دنت عليه وحملته وغسلت وجهه و وهبته حلوى وأجلسته ولبست عباءتها
وجواربها السوداء وكذلك قفازاها الأسودان وأحكمت لف حجابها وشدت نقابها ورفعت عباءتها
على رأسها وجثت لتلبس إبنها حذاءه (تكرمون) وحملت الحقيبة ثم أمسكت بيد طفلها وخرجا
و تفاجأت من الجالسات بقرب الباب ..
أمل بفزع عند رؤيتهن بهذا الحال : بنات إيش صار .
نهضت ليلى وحضنت أمل فانفجرت باكيه : أمل الله يخليك لا تروحين أنا بكلمها تخليك معانا ..
أمل بعبرات مكتومة : ما أقدر سمعتيها كيف أهانتني وكفاية تحملتها سنتين..
أسماء بصوت مبحوح من أثر البكاء : طيب وين بتروحين الحين ..
أحست أمل بالذل لكنها تعلم أن أسماء لم تكن تقصد الإهانة : ربك يحلها .
أسماء بحماس : تعالي عندنا تدرين بيتنا ما فيه إلا أمي وهيفاء وأنا و ما عندنا رجال وأخوي مسافر ..
هزت أمل رأسها نفياً : لا بروح لأبوي يمكن يحن هذي المرة عليّ .
وعادت ذكرياتها لذلك اليوم قبل أربع سنوات ..
في يوم الأربعاء ...
في وقت الضحى الساعة العاشرة صباحاً ..
وقفت كالتمثال الإسمنتي مما رأته .. فقد رأت أمها مع رجل غريب في فراش أبيها فأحست
بعظم المصيبة الوقعة عليها وكأنها ضربت على رأسها بمطرقة من حديد , ولــــكــــــــن
أعظم من ذلك الأمر أن الرجل لم يكن سوى
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
/\
(زوجـــــــــــــــــها سعـــــــــــود) ..

صرخت بقوة فيهما وقد سكبت دموعها كالأمطار: لييييييييييييش تسوون كذا ,
حراااااااااااام عليكم , إلتفتت لأمها يمه حرااام هذاااا (وهي تشير لسعود المذهول من
هذا الهجوم وهو في حالة سكر) زوج بنتـــــــــــــــــــك وأنت (تكلم سعود)ما تخاف
ربك سُكر وزنا فوضح النهار .. أمسكت رأسها بيديها من قوة الصداع الذي ألم بها
وانتبهت إلى صوت ضحكاتهم ..
سلمى : مين قال لك إني أمك ولا كذبت الكذبة وصدقتيها .. أنا يروح أمك زوجت أبوك
وبـــــــــس أمك ماتت بعد ولادتك بيوم .. ورفعت سبابتها بتهديد .. ولو وصل أبوك أي
شي من اللي يحصل لا تلومين إلا نفسك .
أحست بدوار في رأسها من الكم الهائل من المعلومات أو(المصائب) وتمسكت بالباب حتى
لا تسقط وفتحت الباب بعنف وخرجت تجري من الغرفة تاركة الباب خلفها مفتوحاً وكلمة
واحدة تتردد صداها في أذنيها (أمك ماتت) (أمك ماتت) حتى أحست أن رأسها على وشك
الانفجار فغطت أذنيها وصرخت : لااااااااااا
**********
بعد العصر ..
دخل عليها والدها الغرفة وهو يحمل عصا من الخيزران وكانت مازالت نائمة بعد أحداث
اليوم المتعبة فأحست بالضرب وقفزت من نومها كالملدوغ وسمعته يسب ويشتم
أبو أمل : أنا تستغفليني وتدخلين زوجك لبيتي من ورى ظهري أنا يالحقيرة لا وبعد مدخلته
غرفتك والله أعلم بالباقي وهو مازال مستمراً بالضرب والشتم ... علمت أن أمــ .. توقفت عند
هذه النقطة وتمنت بصدق أنها كذلك لما فعلت بها هكذا وقلبت الأمور عليها .. وانفجرت تبكي
من ألمها النفسي والجسدي ...وأكمل والدها كلامه بغضب عارم : خلاص اليوم بيجي سعود
وياخذك وما أبغى أشوف وجهك مره ثانيه أبداااااااااً.
قفزت رعباً من كلام ولدها واعترضت : لاااا يبه الله يخليك ما أبي أروح معه الله يخليك ..
وأمسكت يده وقبلتها .. أبوس يدك يبه لا تخليه ياخذني .. ومازال والدها مستمراً بالضرب
حتى كسر العصا عليها .. أكملت .. أبوس رجلك يبه أضربني موتني بس لا ياخذني.. انكبت
تقبل قدم والدها وتبكي .. فرفسها والدها عنه وخرج مسرعاً من الغرفة .. وأجهشت ببكاء مر
وهي ملقاة على الأرض ...وهي تكرر ( لا ياخذني ) ( لا ياخذني )
بعد دقائق ..
تساندت على الجدار بإرهاق ورأت العصا وقد انقسمت إلى أشلاء وقد تشققت ملابسها من أماكن
متفرقة .. تذكرت أنها لم تصلي العصر فتوجهت إلى خزانة ملابسها وحملت جلابية منزلية
قطنية ذات أكمام قصيرة ..
ارتدت جلابيتها و خرجت لتتوضأ ..
********
في مساء ذات اليوم ..

بعد صلاة العشاء ..
عند باب المنزل يقف إبراهيم وقد حمل حقيبة أمل الصغيرة ويقف موازيا أبو أمل الذي
كان يوصيه بالاهتمام بأمل ..
سعود : لا توصي إن شاء الله في عيوني ..
أبو أمل : تسلم ..و رفع صوته منادياً .. أمــــــل يلا الرجال ينتظر ..
وفي الداخل ..
حملت أمل حقيبة المدرسة وباقي الكتب في كيس آخر وخرجت بعد أن ألقت نظرة وداع على
غرفتها التي لا تعلم متى ستراها مرة أخرى ..
تقدمت فتوسطت الفناء الخارجي ورأت زوجة أبيها ..
أمل بعبرة تكاد تخنقها : يمه أقصد يا خالتي ليش سويتي فيني كذا ؟.
سلمى تصفق بيديها بسخرية :شاطره فهمتي الدرس بسرعة وعرفتي إني موب أمك وثانياً هذا
جزاءك عشان ما تدخلين في اللي ما يخصك ..
في هذه اللحظة سمعت نداء والدها .. وتحركت للخارج ..
أمل بحزن : رغم كل اللي حصل أحبكم ,, مع السلامة .
سلمى بشماتة واستهزاء : هه مع السلامة .
تقدمت أمل إلى الباب الخارجي فرأت والدها مع شخص آخر يتحدثان وأيقنت أنه زوجها ..
لم تلتفت إليه ..سمعت والدها يتحدث فرفعت رأسها ..
أبو أمل : هذي يا سعود أمل وصلتك ..
هز سعود رأسه ... وأتم والدها كلامه موجهاً لها الكلام .. وأنتي من اليوم ورايح مابي
أشوفك ولا حتى أسمع حسك زوجك هو أهلك وإنسي إن لك أبو..
هزت أمل رأسها بقلة حيلة ودموعها قد أغرقت غطائها ..
استغرب سعود طريقة والد أمل معها في الكلام ولم يعلق على الأمر وأمسك بيد أمل ومشى
معها إلى سيارته وهي ما تزال ملتفتة إلى والدها الواقف بصمت أمام الباب ورأت لمعة على
خده في الظلام فأيقنت أنها دمعة في اللحظة التي جلست في مقعد السيارة فانفجرت بالبكاء ...
************************
أسماء : أمل يا هو وين رحتي ..
أمل ابتسمت بحزن : ولا مكان سرحت شوي .. إيش كنتي تقولين .
أسماء : سلامتك بس خذي هذا رقمي إذا احتجتي أي شي أنا في الخدمة .
أمل بامتنان : تسلمين يا عمري ... والتفتت إلى ليلى وابتسمت لها .. ليلى ماني عارفه
كيف أشكرك على وقوفك معايه وأتمنى أرد لك جميلك ..
قاطعتها ليلى وقد هلت عبراتها : لا تقولي كذا إنتي أغلى من أخواتي على قلبي وخذي
...مدت بورقة بها أرقام .. أرقامي وأرقام أخواتي ,, لا تقطعينا ... وحضنتها وبكت الاثنتان ..
أسماء بدموع وقد رسمت ابتسامة مزيفة : إيش الفلم الهندي هذا ,, وضحكت ...
ضحكتا أمل و ليلى وسط الدموع ..
ودعتهما أمل ونزلت معهما إلى المشغل ومدت مفاتيح الملحق للعنود ..
أمل : مشكوره العنود وما قصرتي معي لسنتين كاملة .. جزاك الله خير.
تغير وجه العنود ولاحظت أمل وكل الموجودات ذلك ..
ودعت هيفاء التي بادلتها باحتضان حميم ..وصافحت منار التي مدت يدها من بعيد ..
ألقت نظرة أخيرة عليهم وتوجهت إلى ليلى التي كانت تحمل إبراهيم وأخذته منها
وخرجت قائلة بصوت سمعه الجميع : أستودعكن الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم ...
وسمعت بعض الأصوات يردون : استودعناك الله ..
**************************
عندما خرجت من المشغل مشت قليلا باتجاه الشارع العام مرت بجانبها سيارة فخمة عرفت
أنها سيارة زوج العنود وتذكرت كلمة قالتها العنود العام الماضي وهي تتحدث مع إحدى
العميلات : (أي مكان أبي أروحه يقولي روحي مع السواق إلا المشغل يصر أنه يوديني هو بنفسه) .
وجالت ذكراها لذلك اليوم ولم يمض على عملها لا أسبوعان عندما جاء إلى المشغل وطرق الباب
وبعلمها لن يطرق الباب إلا النساء وفتحت الباب وكانت بلا حجاب وعندما رأته أغلقت الباب
في وجهه ..تذكرت تعنيف العنود لها ذلك اليوم لأنها لم تتأكد من الشاشة التي أمام الباب
ومنذ ذلك اليوم وهي تكرهها رغم أنها بغير قصدها ..
*****
رأت أن السيارة عادت متوجهة إليها وابتعدت عن طرف الرصيف وما هي إلا لحظات
حتى أوقف سيارته بمحاذاتها وأنزل زجاج السيارة ..
زوج العنود (بدر) : أمل تعالي إركبي .
تفاجأت بأنه عرفها وردت عليه بصوت قوي : بأي صفه أركب معك .
أعجب بردها وكبرت في عينه : اعتبريني تاكسي واركبي .
أمل باعتراض : ومن قال لك إني باركب تاكسي , يلا توكل , الله يستر عليك .. أسرعت
في مشيها وهو مازال يلاحقها .. تأففت منه ووقفت ..
أمل بعصبية : نعم مالك نيه تبعد عني ياخي استح على شيبتك عيالك قدهم كبري وأنت
تلاحقني ما تخاف ربي يردها لبناتك .
صدم بدر من قولها فهو ليس بذلك الكبر أما أبنائه ليسو كبار مثلها : أنا ما في نيتي أي شر
وأنتي أكيد عمرك فوق العشرين يعني يناسب أتزوجك وبعدين عيالي أكبر واحد عمره تسعطش سنه .
ذهلت أمل من عرضه من جهة ومن كلامه من جهة أخرى وتكلمت بضعف: إبعد عني الله يخليك
إيش تبي بمطلقه ومعاها ولد ولساتها مادخلت الثمنطعش وأهلها ما يبونها .. وإبتعت عنه
هو تأثر من كلامها وأشفق عليها أنها مازالت صغيره على ما تعانيه ولكنه نصيبها وانطلق بعيد
عنها عائدا إلى حيث زوجته وأقسم ألا يفكر مرة أخرى بها ودعا لها بالفرج ..
بدر [43] : رجل أعمال وثري تزوج العنود منذ 20 عام .
********
أما هي فأكملت مسيرها وحيدة بلا مأوى .. تعددت الطرق أمامها فسلكت طريق البحث عن الأمل
ولكنه كان كالصحراء تتجمع فيها المخاطر من كل الجهات أملاً في الخروج فكلما خرجت من
طريق دخلت في الآخر ووجدت نفسها أخيراً (تائهة على طريق الأمل ) ..


مشـــيت وحدي في هآلدنيآ . . وأنآ كلي أمــــل مقتــــول
أعيش الحزن من صغري . . وأطير فـعآلمي المجهول
أحــب ألعب على العــآلمـ . . وأخبي جــرحي المجنـــون
أخـآف الناس تــدري بــهـ . . وبــكرهـ تصير تحــكي بــهـ


نشيد مشيت وحدي ** للمنشد عبد الله الزاهرني

*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثالث ـــــــــــــــــــــة
******************************



لا تشغلكم الرواية عن (( الصلاة)) فهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة


تابعونيــ ~


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:11 PM



&< ~^((الجزء الرابع))^~ >&


~[(ذكريات جسدها الألم)]~



تقدمت إلى الباب الحديدي ذو الصباغ الجديد وهي
مترددة تقدم رجل وتأخر أخرى خاآآئفة من أن
يعيد التاريخ نفسه ويحدث لها ما حدث في
الماضي رفعت رأسها إلى المنزل ولاحظت التغير
الملحوظ في المنزل الذي سكنته أربعة عشر عاماً
فأصبح كأنه ليس هو من حيث البناء أو الأصباغ ولو
لم تسأل لما تمكنت من معرفته .. تلفتت إلى
الشوارع المرصوفة والأبنية المجددة وكأنها ليست
القرية التي زارتها منذ سنتين فقط ..

تنهدت بحرقه ولا تعلم ما ينتظرها خلف الباب
ألقت نظرة على طفلها الذي تحمله ووجدته يلعب
بكرته الصغيرة .. انتبهت لصوت فتح قفل البابورفعت
رأسها و ارتجفت مما تراه .. الرجل الماثل أمامها
ليس والدها بل شبح والدها وتذكرت أنه كان
أفضل حالاً قبل ما يقارب السنتين ..

*****

قبل سنتين ..

عندما طردت من منزلها أمام أعين الناس تناقلوا
ما حدث وعندما رجعت لمنزل والدها الذي
أحتضنها رضيعة ثم طفلة ثم مراهقة وأبعدت عن
عنوه وهاهي تعود له ولا تعلم أيرحب بها أم لا ..
طرقت الباب بيد مرتجفة وبعد دقائق فتح الباب
وكان الواقف أمامها والدها أصبح هزيلاً شاحب
الوجه ..ألقت التحية فعرفها ..

أبو أمل : خير إيش جابك بعد سواد وجهك ..
أمل بعبرة مكتومة : يبه والله ظلم , ظلم .. وبكت ..
أبو أمل بغضب : أقول أنا ما قلتلك إنسي إن لك أبو ..

في هذه اللحظة ظهرت سلمى من خلف الباب ..

سلمى بحقد : خير تبلين روحك وتجين ترمين
بلاك علينا روحي دوري عن إللي غلطتي معه و
روحي عنده , وقالها إبراهيم قبل إنسي إن لك أبو
يلااا بلي ما يحفظك..

تفجرت عبرات أمل و أغرقت غطائها وتمسكت
بيدي والدها : الله يخليك يبه أنا بنتك تربيتك
مستحيل أسوي كذا ..يبه لا تظلمني والله حرام
أنا مظلومة .. يبه وين أروح مالي أحد في الدنيا
غيرك تخليني لمين ... استمرت تنشج ببكاء يقطع
نياط القلب ..سحب والدها يديه وجرته سلمى
للداخل وأغلقا الباب تاركا خلفه فتاة لم تبلغ
السادسة عشر من عمرها تواجه الحياة وحيدة
وتحمل في أحشائها جنيناً لا تعلم ما مصيره في الحياة ..

****

سمعت صوت والدها يسأل باستغراب عن
هويتها .. فكشفت الغطاء عن وجهها فرأت في
الحال قد تغير وجهه وامتقع لونه وبدا عليه الضيق
الشديد..

أمل ببحة من أثر كتم العبرات : يبه أنا أمل .

أبو أمل بصوت حاد لا يخلوا من نبرة الضعف : نــــــــــعم ليش رجعتي
أنا ما قلت لك لا ترجعين مره ثانيه ..

أمل بتردد : يـ..بــ..ـه وين أروح .

أبو أمل : اللي كنتي عنده السنين هاذي روحي عنده .

أمل : بســ

أبو أمل بقسوة : لا بس ولا شي يلا إنقلعي ..

أمل بترجي : يبه شوف هذا ولدي إبراهيم شوف يبه ياخذ من شكل أبوه ..

توجه أبو أمل بنظره إلى إبراهيم الذي يلعب ولا
يعلم ما يجري حوله .. وانفرجت أساريره للحظة
لكنه ما إن تذكر أم الطفل كشر بوجهه وأعرض
عنها مولياً إياها ظهره وأمسك بيد الباب يريد
إغلاقه ولكنها أسرعت وأمسكت يده ..

أمل ببكاء : الله يخليك يبه لا ترميني لكلاب البشر
مره ثانيه .. يبه أنا عشت فالشارع سته شهور
بدون بيت .. فشهقت بألم لمرور تلك الذكرى
المؤلمة من حياتها .. يبه تخيل .. شهقت مرة
أخرى .. تخيل آكل من الزبايل وأعيش في العماير
المهجورة وأنا خايفه من ذياب البشر .. مسحت
دموعها المنهمرة من خديها وعادت مرة أخرى ..
يبه أمشي بين الناس وأنا حامل في الشهور
الأخيرة واسمع الناس تقذفني وتسبني و تتكلم
في شرفي يرضيك يبه هذا الشيء .. جلست فلم
تعد تقوى على الوقوف من كبر الهم في صدرها
ووضعت يديها على وجهها وأكملت نحيبها
وسمعت في هذه اللحظة صوت إقفال الباب
ونهضت لتكمل مسيرها ولكن لا تعلم إلى أين ..

وفي داخل المنزل ..

جلس أبو أمل في ركن الصالة يبكي وينتحب
كالأطفال لا يعلم سبباً لذلك سوى أنه يريد إبنته
ولكنه لا يستطيع أن يتحمل وجودها .. وطبع في
ذاكرته صورة إبراهيم الصغير وابتسم بين دموعه ..

كل هذا حدث أمام نظر سلمى وهي تحمد الله
في سرها على نعمة العقل و ابتسمت بانتصار
عندما تذكرت ما دار بين أمل وأبيها .

عند أمـــــل ~

سارت بصمت بين المنازل وقد تعبت من المسير
وقد تكالبت عليها الأمور فهي منذ الليلة الفائتة
وهي تمشي حتى تصل لمنزل والدها وهي لم
تذق طعم النوم بالإضافة إلى أنها جائعة وكذلك
طفلها أرهق من حمله تارة ومشيه على الأقدام
تارة أخرى وقد لاحظت التعب على وجهه .. تلفتت
يمنة ويسره لترى مكاناً تأوي إليه من حرارة
شمس الظهيرة فوجدت إحدى العمائر المبنية
حديثاً .. تقدمت منها بتردد من أن يكون بها
عمال .. دخلت وتلفتت فلم ترى أحدا فجلست
وفتحت حقيبتها وأخرجت مفرش قطني وفرشته
وأجلست ابنها عليه ومدت له بعلبة من العصير
بعد أن أدخلت الماصة بها فشربها وهو بعينين
نصف مغمضتين ضحكت على شكله ..

بعد أن ارتوى مد لها الباقي : ماما ألاس .

أمل : شبعت .

هز إبراهيم رأسه إيجابا وقد غلبه النعاس فنام ..

أما هي شربت الباقي وحمدت الله على نعمته
وتذكرت أن في إفريقيا قد يمضي على الشخص
ثلاثة أيام ولم يذق طعم الأكل ولا الشراب .. ومن
خير من سيد البشر صلى الله عليه وسلم الذي
ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع .. سالت
دمعتها وغفت على أفكارها ..

استيقظت على صوت أذان العصر وسمعت أصوات
رجال يقتربون فنهضت مسرعة وحملت طفلها
وكذلك حقيبتها وخرجت من الجهة الأخرى ولا
تعلم أين يسيرها قدرها ..

******

دخلت مسجد النساء بعد أن أخفت حقيبتها
وتوضأت ثم صلت وجلست لتكمل أذكارها وكان
ولدها يلعب بالكرة ويتحدث مع نفسه كعادة
الصغار وضحكت عليه وتذكرة كلمة واحدة دائما
تتردد عليها [ما شاء الله ولدك عاقل] نعم هو كذلك
عند الناس فهي عودته أن يكون هادئ أما أمامها
تخرج كل مواهبه وشقاوته في اللعب .. تذكرت
ليلى وأسماء السهرات التي يقضينها وتمنت أن
تعود تلك الأيام .. تنهدت في نفسها واستغفرت
وحدثت نفسها "الحين وين أروح قبل سنتين
ساعدتني نهى وأمها الله يذكرهم بالخير" وغرقت
مرة أخرى بأفكارها وذكرياتها ..

*****

بعد ولادتها بإبراهيم لم تجد من يساعدها ويحمل
عنها همها فلم تجد سبيل إلا أن تتصل بنهى ..

اتصلت أمل على نهى من تلفون المستشفى : ألو السلام عليكم .

نهى بحذر : وعليكم السلام .. مين معي .

أمل بوهن : معك أمل ولا نسيتيني .. قالت الأخيره بمرح مصطنع .

نهى بفرحة غامره : أمل حياتي وينك كذا مره
اختفيتي وما سمعت عنك أي شي .. بكت ..والله
سألت عنك جيرانكم وقالوا لي كلام ما صدقته
عنك دورت فكل مكان لكن ما عرفت لك أثر ..

أمل بكت هي الأخرى : والله ظروف صعبه مرت علي ما يعلم بها إلا الله .

نهي بصوت مبحوح من أثر البكاء : أمول عمري إيش فيه صوتك تعبان .

أمل : أنا في المستشفى ولــ

قاطعتها نهى بخوف : أمل قولي لي إيش فيك ؟
حصلك شي ؟ وأنتي فأي مستشفى الحين؟..

ضحكت أمل من كلام نهى السريع : الله كل هذي
أسئلة تبيني أجاوب عليها ..شوفي يا ستي أنا
ولدت وجبت هيمو صغنون أما المستشفى ما
اعرف أسمه لحظة .. مرت بالقرب من السرير
ممرضة آسيوية سألتها .. إيش إسم هذا مستشفى ؟..

الممرضة : مستشفى الـ....... , وذهبت .

فتحت عينيها أمل عندما سمعت اسم
المستشفى فهو من المستشفيات الكبيرة التي
تكلف الكثير من المال ونسيت التي تنتظر على
خط الهاتف وتذكرتها ..

أمل : سمعتيها إيش تقول , ياربي إيش جابني
لهذا المستشفى كيف بدفع التكاليف .. وبكت ..

حزنت نهى عليها : خلاص أنا باجي لك مع أمي ونطلعك ..

أمل : لالا , لا تكلفون على نفسكم باتصرف أنا .. وترددت .. بس

لاحظت نهى ترددها : قولي أمل أنا تستحين مني نسيتي أحنا خوات ..

أمل : الله لا يحرمني منك .. بس تقدرون تاخذوني
عندكم بس أرتاح يومين لين ألقى مكان لي.

نهي بمودة نابعة من القلب : يا شيخة العين أوسع لك من الدار .

أمل : تسلمين . . مع السلامة .

نهى : مع السلامة ..

*****

أحست بطفلها يشد لباسها وجهت نظرها له
ورأته يؤشر لها بأن الطفلة أخذت كرته إبتسمت
للطفلة ونادتها وقبلتها على خدها وسألتها ..

أمل بابتسامة حنونه : إيش اسمك ياحلوه .

الطفله بحياء : ساره ..

إختفت إبتسامتها وهيج هذا الاسم عواطفها
وانتبهت لولدها ينظر للطفلة بغيره ولاحظت أنها
مازالت ممسكة بها ..فكت يدها وأجلستهما ..

أمل : يلا إلعبوا مع بعض طيب .

رد الاثنان : تيب .

وعادت مرة أخرى لتسبح في ذكرياتها الأليمة
وتذكرت كلمة لسلمى سمعتها يوماً (حلفت
لأمحي بسمت أمك لكن ماتت قبل ما أحقق
حلفتي لكني بحققها فيك يا بنت سويره)

حدثت نفسها"حققتي كلامك يا سلمى لكن الله على الظالم وين ما راح"

سمعت أذان المغرب جددت وضوئها وأنتبهت أن
ولدها نام في مكانه محتضن كرته بعد أن غادرت الطفلة ..

**********************

سمعت صوت طالب علم يلقي محاضرة بعد أن
سلم الإمام من الصلاة وأنصتت لما يقول كان
حديثه عن الابتلاء وعظيم أجر من صبر عليه
ودمعت عيناها عندما ذكر قصة نبي الله أيوب وقوة
إيمانه وصبره على الابتلاء لثمانية عشر عاماً فلم
يبقى له مالاً ولا أولاداً وحتى الأصحاب هجروه ولم
يتبقى له من يجالسه إلا زوجته وصاحبان له ولما
طال بلائه تناقل الناس أن أيوب لم يبتليه الله إلا
لذنب أذنبه فذكر له صاحباه ذلك فقال : اللهم إن
كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان وأنا أعلم
مكان جائع ,فصدقني , فصدق من السماء وهما
يسمعان ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن
لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار, فصدقني ,
فصدق من السماء وهما يسمعان , ثم خر
ساجداً فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً
حتى تكشف عني فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وعرج على قصة يونس عليه السلام وصبره على
العيش في بطن الحوت لأربعين يوماً وقد أحاطت
به ثلاث ظلمات ومع هذا لم يتذمر بل كان من
المسبحين وكان يردد (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ..

ومن أكثر ابتلاء من سيد الرسل محمد صلى الله
عليه وسلم فقد ابتلي وصبر وأكثر بلاء نزل به أن
أبعدوه عن أرضه التي يحب .. فالله در الصابرين ..

وأنشد طالب العلم بصوت شجي :

يا صاحب الهم إن الهم منفرج ........ابشر بخير فان الفارج الله

إذا بليت فثق بالله وارض به.......إن الذي يكشف البلوى هوالله

اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ...........لا تيأسن فان الفارج الله

الله حسبك مما عذت منه به.........وأين امنع ممن حسبه الله

الله يحدث بعد العسر ميسرة..........لا تجزعن فان الكافي الله

والله مالك غير الله من احد .......فحسبك الله في كل لك الله

الحمد لله شكرا لا شريك له........ما سرع الخير جدا حين يشا الله

تأثرت أمل كثيرا بالكلام وعندما سمعت ما أنشده
انفجرت تبكي وتنشج وتحاول كتم بكائها عن
النساء الجالسات ولكن هيهات أن تخفى العبرات
وكانت شهقاتها ترتفع رغماً عنها اقتربت منها
امرأة مسنة وحضنها ومسحت على ظهرها بحنان
أمومي لم تتذوق له مثيلاً في حياتها ..

بعد لحظات هدأت ورفعت رأسها من حضن المرأة وابتسمت لها بامتنان ..

أمل بابتسامة ذابلة : مشكوره خالتي .. وقبلتها على رأسها ..

المرأة العجوز : الله يسلمتس يا بنيتي عسى ما شر تانسين شي يمه ..

أمل : لا يا خالتي بس تذكرت أمي اللي ماتت .. ودمعت عيناها ..

مسحت العجوز دموع أمل بحنان لا نظير له : الله يرحمها وكلنا على هذا الطريق يمتس ..

أمل : الله يطول بعمرك .. وأدارت رأسها فوجدت
طفلها متمسك بها وخائف من بكائها ..إيش فيك
حبيبي يلا قوم سلم على جده على راسها ..

قام الصغير متردد وهو ينظر لأمه تارة وتارة ينظر
لوجه المرأة العجوز الذي يشع نوراً وحناناً .. وقف
أمامها وسلم على رأسها وقامت العجوز بلف
ذراعيها على الصغير وحضنته بحنان وأجلسته في حجرها ..

المرأة العجوز : هذا ولدتس يمه .

أمل : إيه يا خالتي .

المرأة العجوز : طيب يمكن أبوه ينتظركم برا ..

أنزلت أمل رأسها بحزن : لا يا خالتي أبوه مطلقني .

العجوز بفزع : أووه عسى ما شر والله إنتس زينت البنات .

أمل : ظلمني و أتهمني بشرفي يا خالتي .

أمسكت المرأة العجوز بيد أمل : يا بنتي قولي سالفتس لي وطلعي الهم اللي بقلبتس .

أمل باحترام : طيب يا خالتي بس نصلي العشاء شوي ويقيم و أقول لك قصتي .

المرأة العجوز : قومي نتجدد .

نهضت أمل بسرعة وأمسكت بيد العجوز وقادتها
إلى الحمام (تكرمون ) وتوضأتا ثم صليا العشاء مع
الإمام وبعد انتهائهما من الأذكار جلسا في زاوية
المسجد ولم يتبقى من النساء إلا اثنتين كانتا
على وشك الخروج بعد أن تأكدت من خروجهما
بدأت أمل في الكلام ..

أمل : يا خالتي سالفتي يمكن ما حد يصدقها لكن صدقيني والله إنها حصلت لي ..

المرأة العجوز :قولي والله إني مصدقتس قبل ما تتكلمين .

أمل بعبرة مخنوقة : يا خالتي أنا أبوي زوجني وأنا
لسه ما دخلت أربعطعش سنه لواحد حق شراب
وبنات والله العالم بالمستور ولما زوجني موب كره
فيني لكنه يقول ما يقدر يستحمل يشوف
وجهي..تنهدت ثم أكمل .. قالي لما يخرج برا
يتمنى يجلس ويسولف معي ولما يشوف وجهي يكرهني ..

المرأة العجوز بذعر : والله إن أبوتس مفرق عنتس بسحر .

أمل باستغراب : كيف يعني ..

المرأة العجوز : يعني حد سحره عشان يفرقتس عنه .

أمل بذهول لحظتها تذكرت حب أبوها الشديد
لزوجته وربطت الأمر : كيييف؟ يعني عشان كذا
يكرهني ..بتردد ..طيب هو يحب زوجته مرره ولا يخالف شورها أبد .

فهمت العجوز ما حصل : أها والله العالم يابنتي إنها فرقته عنتس و جلبته لها ..

أمل بحزن : الله على الظالم يا خالتي الله على الظالم ..

المرأة العجوز : لا تدعين يا بنتي ما يصير هذي زوجة أبوتس بحسبة أمتس.

أمل باعتراض : لا يا خالتي عمري ما شفت منها
اهتمام أو حب .. حتى طليقي يصير ولد خالها وأبوي ما رفضه عشانها ..

تنهدت العجوز : استغفر الله .. طيب كملي وإيش صار لتس بعدها ..

أمل بحزن : آآآآهـ يا خالتي , لما جا ياخذني أبوي
قالي خلاص ما أرجع البيت ولا يشوف وجهي
أبد .. ودمعت عيناها .. وأخذني معه وعشت عنده
ياخالتي سنه وثلاث شهور وأنا أسمع أصوات
السكارى في الليل والنهار وما كنت أشوفه أبد
من المدرسة لين غرفتي أقفل على نفسي ولا
أخرج من الغرفة لا في الليل ولا في النهار أبد لأن
السكارى يدورون في البيت وخفت بالذات أنا كنت
صغيره لين جاء ذاك اليوم ..

تذكرت ذلك اليوم حيث تجسد الألم وتكون في
أبهى حلله واكتسى رداء السواد والظلم ..

قبل سنتين ونصف ..

الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ..

كانت جائعة وظمأى فهي اليوم لم تأكل بسبب
المذاكرة لاختبار الفترة الثانية وغدا يكون آخر
اختبار في المرحلة الأولى من الثانوية عندما
وصلت بتفكيرها لهذه النقطة ابتسمت وتلاشت
ابتسامتها عندما أصدر بطنها صوتاً يدل على
الجوع وحدثت نفسها "ياربي مررره
جوعانه ..وضعت أذنها على الباب فلم تسمع
أصوات الموسيقى الصاخبة ولا صوت أحد يتجول
فأكملت تحدث نفسها ..الظاهر اليوم سهرتهم في
الاستراحة يا الله أتوكل على الله وبروح آكل يعني
إيش بيصير " تقدمت بثقة مصطنعة أمام الباب
فتحت القفل وتلاشت ثقتها عندما خطت خارج
الغرفة كانت تريد أن تعود إلى الغرفة ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان

/\

/\

/\

رأت سعود وقد كان ثملاً يترنح ويضحك وقف أمامها
مباشرة ثم أمسكا بقميصها وأصبح يتحدث بصوت خامل من أثر المسكر ..

سعود : اللاااااه عندي هنا كيكه حلوووووووووه مين إنتي ها .

حاولت أن تفلت من يده ولكنه كان ممسكاً بها
بإحكام بل أمسك بيده الأخرى ذراعها وشد بقوة .

أمل بخوف وبهمس : بعد عني .

اقترب منها سعود وقرب أذنه من فمها : إيش تقولين يا حلوه ..

أبعدت رأسها كردة فعل عندما اقترب منها ووضعت
يدها على أنفها من رائحته النتنة وصرخت : أقولك
ابعععععد عني .. وحاولت أن تحرر يدها منه ولكن
هيهات مع بُنيت سعود الضخمة مقارنة بضآلة أمل
وضعفها كفتاه .. وبكت .. الله يخليك ابعدددددد ..

سعود بخبث : أووووه الحلو يبكي ليش حرام
هاذي العيون تبكي .. واقترب أكثر وحاول شدها
إليه فنفرت منه بشدة فغضب منها وصرخ بها ..
اثبتي مكانك مانيب ماكلك ..

ولكنها استمرت في الهرب والنفور وصورته
وسلمى عندما كانا على سرير والدها تتجسد
أمامها فصرخت بصوت عالي عندما رأته يمزق ثيابها ..

وأسدل الظلم ستار أسود على مشهد تجسد
فيه الألم يمثل بحرفية على مسرح الحياة واختبأ
الأمل بعيداً عن الأنظار في أحد زوايا المسرح بعد
أن وُهن وأصابه العجز ولم يقوى على الحراك ..

********

بعد ثلاثة أشهر ...

في العصر

تقدمت إلى الهاتف وضغطت على الأرقام
وسمعت عبر الأثير صوت نهى المرحب : هلا والله.

أمل بابتسامة : السلام عليكم .. أخبارك نهو ..

نهى : عليكم السلام .. الحمد لله بخير أخبارك إنتي .

أمل وهي تتلفت تخاف أن ترى سعود وتتكلم
بسرعة : الحمد لله ,أخبار أمك و سهى ولودي.

نهى : الحمد لله كلهم بخير أسمعك مستعجلة إيش فيك ..

أمل : لا ما فيه شيء بس أخاف يجي سعود في
أي لحظة ..أمم نهى ..ترددت .. ولا أقول خلاص خلاص .

نهى بجدية : أمل إيش فيك أذاك سعود مره ثانية ..

امل بسرعة : لا لا بس ..

قاطعتها نهى : قولي أنا تحت أمرك باللي تبغين ..

أمل : مشكورة حبيبتي بس أنا من شهرين أحس
بتعب وخمول وأنام كثير ما أعرف إيش صار لي ..

نهى بذعر :أوووه أمل لا يكون حامل .

أمل والخوف استقر في قلبها : لااااا الله يخليك لا
تتقولي يمكن فيني مرض ولا شي .. وبكت ..
خايفه نهى مررررره خايفه .

بكت نهى : خلاص أمول راح أسأل أمي بس لحظة ..

وبعد لحظات سمعت صوت معلمتها الحبيبة التي
شملتها بحنانها , صوتها المحبب الذي يملأ النفس هدوءً : السلام عليكم

أمل بهدوء وبحة صوتها زادت من البكاء : عليكم السلام .

أم نهى : أخبارك أمل .

أمل : الحمد لله .

أم نهى : إيش فيك حبيبتي من متى تعبانه .

بكت أمل : يمكن من شهرين وأنا أحس نفس
تعبانه وأنام كثير وكرهت الأكل وبس أستفرغ .

أم نهى بتفهم : أمممممم أهدي حبيتي أنا أرسل
لك مع السواق والشغالة اختبار الحمل المنزلي .

استمرت أمل تنشج بحرقة تكلمت بين شهقاتها :
بس ..وشهقت.. بس هو كان ســ..ــكــ..ــران يوم كــ .. وانفجرت تبكي ..

إنصدمت أم نهى وأخفت صدمتها : وكلي أمرك لله حبيبتي والله ما بيضيعك .

أمل : إن شاء الله .. مع السلامه

أم نهى : مع السلامة .

وبعد نصف ساعة وصلت السيارة وأتت الشغالة
بكيس صغير مدت لها به وغادرت ..

صعدت لغرفتها وقرأت التعليمات ثم جربته وكانت النتيجة ..

/\

خطان كاملان ..عندما رأت النتيجة بكت ودخلت
غرفتها وغرقت في دموعها التي لا يمسحها سوى وسادتها ..

في صباح اليوم التالي ..

خرجت بعد صلاة الفجر وجلست في الصالة تنتظر
خروج سعود لدوامه فانتظرت وطال الانتظار حتى
وصلت الساعة التاسعة إلا ربع وخرج من غرفته
وقد لبس وتهندم وقف أمامها ..

سعود بسخرية : مين إنتي .. أوووه أمل غريبة أول مره أشوفك من سنه ونص .

خافت أمل من كلمته فحدثت نفسها "يا ربي
أخاف ينكر أنه" أغمضت عينيها من ألم تلك
الذكرى وفتحت عينيها على صوت حاد يسألها ..

سعود بحدة : خير جايه عندي تستعرضين ولا
إيش تكلمي إيش عندك مستعجل .

حركت أمل رأسها نفياً على كلامه وتكلمت بتردد :
إجلس أبي أقول لك شيء.

جلس وهو ينظر لساعته حتى يبعد نظره عنها
وقد لاحظت توتره وتعجبت وهي لا تعلم أن سبب
توتره هي بشكلها البريء في جلابيتها الوردية ..

سعود : طيب بس بسرعة .

ازدردت أمل ريقها بخوف : أممم .. ونظر لها يحثها
على الكلام ولكنها لما رأت نظراته سكتت .

سعود باستهزاء : مطوله .

..على بغضها لسعود إلا أنه زاد بغضه أضعاف في قلبها من سخريته بها ..

أخفضت أمل عينيها وتكلمت : أحم أحم , قبل
ثلاث شهور جيت الساعة ثلاثة سكــ...ـــران ووو

سعود وقد غضب : وبعديـــن بتحكين قصة حياتك , إيوه إيش صار ..

غرقت عينا أمل بالدموع : يعني ما تذكر إيش صار ..

سعود بإنكار واستغراب: إيش صار يعني ..

بكت أمل : حاول تتذكر إيش صار ..

سعود يتذكر : عادي كل يوم أجي كذا إيش الجديد .

نشجت بصوت عالي وانهمرت دموعها :الله يخليك تذكر لازم ..لازم .

سعود وقد سأم : وبعدين من ذا البكا تكلمي زين
ولا بروح .. هم بالنهوض فاستوقفته عندما فجرت الكلمة








..((أنا حــــامل)) ..

أدار رأسه لها وقد لمعت عيناه من الغضب وكادت
تطلق شراراً : إيش حـــــامل ومن مين حامل إن
شاء الله وأنا هذي أول مره أشوفك من يوم جبتك من بيت أبوك ..

صرخت فيه أمل : حراااااام لا تظلمني .

تقدم منها سعود وامسكها من كتفيها وهزها
بعنف : تكلمي من أبو اللي فبطنك .. صرخ .. من أبــــــــــــــــــــــووووه

أتفجرت تبكي بحرقة المظلوم : أنـــــــــــــــــــت أبوه .

سعود بغضب هآآآدر : كـــــــذابه .

وأمسكها من يديها وأخرجها من الباب وغاب
لحظات وعاد ورمى عباءتها وجرها إلى الباب
الخارجي وقذفها خارجا أمام الناس الذين
تجمهروا ورفسها على ظهرها حتى صرخت من الألم وصرخ بها .

سعود بصراخ : روحي دوري على أبو إلي في
بطنك موب تبليني أنا بوه وأنتـــــــــــــي




((طااااااااااااالق طااااااااااااالق طاااااااااااااااالق))



صفق الجمهور وتعالت الهتافات بعد أن أسدل
الستار على المسرح في نهاية الذكريات وقد
تفوق الألم على أقرانه في تجسيد هذه الذكريات
وفي الختام أعلن الأمل بصوت المهزوم أمام
الجمهور أن الــ ((ذكريات جسدها الألم))

******************************

نهايــــــــــــــــ الجزء الرابع ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:13 PM



&< ~^((الجزء الخامس))^~ >&

~[(وانطفأت شعلة الأمل)]~



مسحت دمعاتها المتساقطة والتي بللت خديها بيدين مرتجفة وفتحت العجوز ذراعيها وألقت نفسها وانتحبت بشدة .. أخذت العجوز تمسح على ظهرها بيد واليد الأخرى تمسح ما تساقط منها من عبرات وقد أحزنها وضيق صدرها ما ألم بهذه الفتاه من ضيق وهي في عمر الزهور ..
المرأة العجوز تهدئها : خلاص يا بنتي ربي بياخذ حقتس من كل ظالم .. يا بنيتي أصبري والله بيعوضك .
أمل وقد بُح صوتها وتوهج وجهها الأبيض الصافي بحمرة من البكاء وقد تورمت عيناها : بس المشكلة يا خالتي أن أبوي طردني ولا صدقني ..
المرأة العجوز : خلاص اللي فات مات يلا حبيبتي أختي تنتظرني تأخرت عليها وأنتي روحي بيتتس ..
كتمت أمل ألمها فقد آلمت المرأة وحملتها همها بما فيه الكفاية حدثت نفسها "أي بيت أروح له بيتي الشارع الله يصبرني "
أمل بابتسامة باهته : مشكوره خالتي و جزاك الله كل خير .. وسألتها ..إنتي تسكنين عند أختك .
المرأة العجوز بحزن : إيه يا بنيتي .
أمل باستغراب واستفهام : ليش ؟ .. ما عندك عيال يا خاله .
المرأة العجوز وقد دمعت عيناها : عندي لكن كل واحد فمكان ..وأكملت توضح .. ولدي الكبير سالم مهاجر ولا أعرف له أرض من سماء من عشرين سنه وبنتي الثانية سلمى متزوجة ولا تسأل عني أبد من سبعطش سنه والثالثة أحن وحده علي ماتت من سنه الله يرحمها .
حزنت أمل بشدة على حالها وخمنت أنها أم (زوجة والدها ) وكتمت ما عرفت ونهضت حتى تصرف الموضوع : الله يعينك يا خاله .. يلا أوصلك للباب..فقد لاحظت أنها ضعيفة النظر من تلمسها للجدار, ساعدتها أمل في النهوض وودعتها عند الباب وغادرت العجوز ووقفت تنظر لها حتى غابت عن نظرها وتعجبت أن تكون والدة سلمى وعمة سعود لها قلب من أطيب القلوب وهما يحملان قلوب لا تعرف إلا الحقد والكره ..
******************
خرجت من المسجد بعد أن جاء الحارس ليقفل الأبواب وحملت طفلها و حقيبتها وأخذت تمشي بالطرقات ولا تعلم أين تذهب ومازالت تمشي حتى خفت حركت الناس في الشوارع تلفتت تبحث عن محل للتموينات الغذائية فوجدت في طرف الشارع واحداً ولكنه به عدد من الرجال فوقفة قريب من تنتظر أن يقل الزحام فخرج طفل يبدو في التاسعة من عمره نادته وأدار رأسه جهتها :تناديني أنا .. وهو يشير بسبابته إلى صدره .
هزت رأسها إيجاباً : إيوه تعال ..
تقدم منها الولد ووقف أمامها وذهلت .. كان يشبه صديقتها نهى كثيرا ..وحدثت نفسها "سبحان الله بعد السنين هذي شفته لا زم أسأل عن أسمه".
أمل : اسمك يا بطل .
الولد : وليد ..
ابتسمت بعد أن تأكدت من هويته : أممم ممكن تشتري لي , تشوف كيف الرجال كثيرين ما أقدر أدخل .
وليد برجولة رغم صغر سنه : هاتي فلوسك ولا يهمك إيش تبغي .. ونظر إلى إبراهيم الذي يراقبهم بصمت وابتسم له وليد وأشار له بطفولة .. هذا ولدك ..
ضحكت أمل على تقلبه مرة رجل ومرة طفل ومدت له بالمال : إيوه ولدي واسمه إبراهيم .. خذ جيب لي خبز وجبن وعصير وحليب ومويه وكراسه وقلم ..
أخذ وليد المال وهز رأسه إيجاباً ودخل ليشتري ..
أما أمل فرؤية وليد هيجت ذكرياتها و أشعلت الشوق إلى صديقتها الغالية نهى ..
**************
قبل عامين ...
كانت ممدة على السرير في غرفتها الخاصة في منزل نهى وتضحك على نهى وإخوتها الذين ينظرون إلى الطفل وكأنه مخلوق فضائي ويبتسمون لأي حركة يصدرها أدارت رأسها إلى أم نهى الجالسة بمحاذاتها ..
أمل مبتسمة : خالتي جيبي لهم نونو يتسلو فيه ذبحو ولدي من كثر ما يطالعوه .
ضحكت أم نهى : هههههههههه لا خلاص راحت علينا كبرنا إن شاء الله نهى تتزوج وتملا البيت عيال .
صرخت نهى : لااااااا أمي نبي واحد صغنون زي هيمو .
فزع الطفل وبكى من صراخ نهى التي أُحرجت عندما نهرتها أمها قائلة :بنت جننتي الولد حسبي الله على إبليسك .
ضحكت نهى بإحراج : هههههههه خليه البكاء يوسع الصدر .
أمل بغيض مصطنع : لا والله وأنا أروح فيها .
نهى بحماس : أمي لا تضيعين الموضوع , نبي نونو الله يخليك .
سهى بنفس الحماس : جد ماما نبي بيبي صغنون فبيتنا .
أم نهى بتصريف : إن شاء الله , يصير خير ..
ضحكت أمل بخفة من تصريف أم نهى للموضوع وأدارت رأسها ونظرت إلى وليد الذي كان ينظر لإبراهيم بعينين تلمعان من البراءة وسألته : ها ولودي أعجبك هيمو .
هز وليد رأسه بحماس : مررررره يجنن .
إبتسمت له أمل : إنت اللي تجنن يا عمري .
*****
الساعة 12.30 بعد منتصف الليل ..
بعد أن انصرف الجميع ولم يتبقى عند أمل سوى نهى و سهى ..
جلسن الفتيات يتسامرن ويضحكن ..
سهى : تصدقون بنات أن زميلاتي يقولون يتجمعون ويشغلون أغاني ويتعلمون الرقص .. وأكملت بحماس .. حتى وحدة تقولي حافظه كلمات كل الأغاني الجديدة ..
عجبت أمل من حال هؤلاء الفتيات الصغيرات والمستوى الذي وصل إليه :بس سهى حبيبتي تدرين إن الأغاني حرام نسمعها ..
سهى : إيوه أدري أنا قلت لهم بس هم قالوا عادي ماما وبابا يسمعون وأنا أسوي مثلهم .
زال عجب أمل وحل مكانه الحزن والمرارة : إذا كان الكبار كذا كيف بيكون الصغار يعني .. الله يصلحهم عيالهم أمانه ليش ما يحافظون عليها ..
نهى بجديه : ولا المشكلة اللي حاطين برامج للأطفال يغنون فيها حبني وأحبك وهم ما يعرفون معناها لا والمشكلة أهاليهم يحفظونهم الأغاني ..
أمل : لا حول ولا قوة إلا بالله .. كيف بينصر الله الأمة وحالها كذا .و التفتت إلى سهى المنصتة للحديث .. سهى حبيبتي إذا وحده قالت لك أسمع أغاني قولي لها تقدر تولع عود كبريت وتدخله أذنها .. حتقدر تصبر على الألم ما أضن هذا وهي نار الدنيا لكن في الآخرة يصب الله الرصاص المذاب في أذن اللي يسمع أغاني ..
سهى بفزع : ياربييي الحمد لله إني ما أسمع أغاني إن شاء الله أقول لهم ..
نهى : خلاص سهى روحي نامي يالله .
ردت سهى باعتراض : لا والله وإنتي حضرتك تسهرين لوحدك مع أمل وأنا أنخمد ..
نهى بغيض : روحي نامي أحسن لك أمل تبي ترتاح وأنا بنام عندها ..
سهى : لاوالله وأنام بروحي فالغرفة .
نهى بغضب : سهىآآآ وبعدين البنت بترتاح .
سهى نهضت بخوف : خلااص بروح ..وكلمت أمل ..بكره أربعاء بنام عندك..ورجعت تكلم نهى .. نهى بكره بتداومين ..
نهى : لااا ..وريني عرض أكتافك .. وصرخت .. يلااااااااا ..
ضحكت أمل حتى أدمعت عيناها على شكل سهى الفزع ونهى الغاضب : ههههههههههههههه والله أنكم تحفه ..وأكملت بجديه .. روحي نامي عشان تداومين ثاني ثانوي تراكمي لا تضيعين درجاتك ..
نهى بلامبالاة : عااادي كلمت أمي وأبوي ووافقوا ..وأكملت بحماس .. يلاااا قولي كل شي من طقطق للسلام عليكم ..
رجعت أمل إلى أحزانها وتنهدت وحكت لنهى كل ما حصل لها خلال ستة أشهر ..
نهى : طيب كلمتي أبوك يجيب أوراقك للمستشفى عشان يطلعونك ..
أمل : كلمته ورفض قال أنا ما عندي بنت ودقيت على رقم سعود لكن رد علي وهو سكران إنتظرت كم ساعة ورد علي وطلبت منه يجيب على الأقل صوره من عقد الزواج رفض وقلت له طيب صك الطلاق قال لي ما طلعه من المحكمة ترجيته يجي يطلعني على الأقل وقفل الخط فوجهي ..
بكت أمل وحضنتها نهى حتى هدأت ..
نهى باستغراب : طيب كيف طلعوك ؟ وتدرين أنه ممنوع يطلعونك بدون أوراق ثبوتيه .
أمل : أدري بس كذا جو عندي و قالوا لي إطلعي وأنا قبلها قلت لهم طلعوني رفضوا ..
نهى : شي غريب .. وأكملت بحماس ..يمكن اللي دخلك هو نفسه إلي خرجك.
أمل : يمكن ..
وأكملوا سهرتهم وناموا في أماكنهم ..
جلست ثلاثة أسابيع عند عائلة نهى وهي مرتاحة ومرحب بها .. إلى أن أتى ذلك اليوم ..
جاءت جدة نهى في زيارة لهم ومكثت النهار بطوله عندهم وعندما خرجوا إلى الحديقة في المساء رأت الملحق مضاء المصابيح فدخلت عند أمل التي كانت ترضع ابنها .. تفاجأت أمل بالعجوز التي دخلت عليها .. وكذلك العجوز تعجبت من الفتاة الجالسة أمامها و سألتها باستغراب : مين إنتي ؟
تلعثمت أمل ولم تعرف كيف ترد عليها حتى أنقذها دخول نهى
ردت نهى بحذر :هذي صديقتي جات عندي زيارة .
الجدة :أها طيب من بنته ..
خافتا أمل ونهى ولم يردان .
تكلمت الجدة بحدة : قولي مين أبوك ؟
ردت أمل بخوف وصوت متقطع : بنت إبـ..ــراهـ..يــم الــ........ .
ضربت العجوز على صدرها بقوة وغضب وصرخت : كييييف تدخلون هذي الفــ.... بيتكم بيت ولدي ما يدخله هذي الأشكال ..
تجمع الكل عند أمل التي تبكي وتنتحب ..
أم نهى : تعوذي من إبليس يا عمتي البنت مظلومة ..
قاطعتها الجدة : مظلومة ولا مي مظلومة ما تقعد في بيت ولدي ساعة ثانية.
وخرجت الجدة مسرعة ولحقت بها أم نهى بعد أن طلبت من أمل أن تتمهل ولا تخرج الآن ..
نهضت أمل مسرعة وأخذت حقيبتها الصغيرة ووضعت بها ما لديها هي وطفلها من ملابس معدودة ولبست عباءتها ولفت صغيرها وخرجت مسرعة من المنزل على صوت الرجاء من نهى وسهى بأن تتريث ولكن لا تقبل الذل أكثر من ذلك ..
*********
انتبهت لليد الصغيرة الممدودة بكيس به ما طلبت ..
أمل بامتنان : مشكووور وليد .
وليد بتقليده المتقن للكبار : لا شكر على واجب .. مع السلامة ..
أمل بسرعة : لااا وليد إنتظر بعطيك شي لأختك نهى ..
وليد بتعجب : إنتي تعرفين نهى أختي ..
أمل بحنين : إيوه أعرفها أنا صديقتها تذكرني أنا أمل ..
وليد بفرح : والله إنتي أمل وين رحتي دورنالك فكل مكان ما لقيناك حتى نهى تعبت مررره ..
حزنت على نهى وحنت كثيراً لتلك الأيام : بالله طيب إنتظر بعطيك شيء لها ..أوكي .
وليد بإصرار : لا لا أنتي تعالي معايه نهى بتفرح فيك ..
أمل : لا حبيبي ما أقدر لكن أعطها هذي الورقة .. وكتبت بعض الكلمات وطوتها وسلمتها إياه وودعته ..
أمل : مع السلامة و سلم على أمك وأخواتك .
وليد : إن شاء الله . مع السلامة .
تتبعته بنظرها حتى دخل أحد البيوت القريبة ودققت جيداً في المنزل فعرفته ودارت مولية ظهرها للمنزل وسارت بها قدماها إلى اللامكان ...
***********************
دخل وليد إلى المنزل وجرى بسرعة إلى نهى ووقف يلهث أمامها وهي مستغربة تصرفه ..
نهى : خير إيش فيك كأن حد طاردك بعصا ..
وليد ومازال يلهث من الجري : أ مــ..ل ..ازدرد لعابه وأكمل .. أمل شفتها..
وقفت مذهوله من قول أخيها وأمسكت يده بشده : قول وييين شفتاها .. بسرعه ..
وليد : الحين شفتها عند السوبرماركت وأعطتني هذي..
ومد لها بورقة فتحتها بسرعة وقرأت محتواها وجلست وقد تساقطت عبراتها و بعد لحظات مسحت وجهها ونهضت قائلة قوم نجيبها ..
وليد : أنا قلت لها تعالي هي رفضت ..
نهى بإصرار :لا لازم تجي موب كيفها ..وأرتدت عباءتها بعجلة وأمسكت بيد أخيها وجرت باتجاه الباب الخارجي وتوقفت عندما نادتها أمها وأدارت رأسها : نعم أمي .
أم نهى : وين رايحة هذا الوقت ..
نهى بحماس : وليد الحين شاف أمل عند السوبر ماركت برمج أجيبها..
توجهت نظرات أم نهى المستفسرة إلى وليد فهز رأسه موافقا وأكمل
وليد : إيوه شفتها حتى معاها ولد أسمه إبراهيم وقالت لي أممم إيوه قالت سلم لي على أمك وأخواتك .. تلفت بعفويه وبراءة يبحث عن سهى ..وين سهى بقول لها أمل تسلم عليها .
جرته نهى من يده : مطول أمش ندور عليها ..وخرجا ..
أم نهى بخوف : لا حول ولا قوة إلا بالله ..يا رب تلقاها الله يستر ما تتعب زي المرة اللي فاتت
.....: منهي إلي تتعب .
أم نهى : أختك نهى الحين جاء وليد يقول شاف أمل وخرجو يدورونها .
سهى بفرحة : بالله ليه ما علموني أدور لها معهم .. يارب يلقونها ..
لم تستغرب أم نهى تعلق أبنائها بأمل فهي تعلم أن أمل ذات قلب مخموم لا يحمل إلا الحب الذي لم تحصل عليه أبداً ..
بعد نصف ساعة عادت نهى بصحبة وليد وهما صامتان جلسا ولم تمضي سوى ثوانٍ حتى انفجرت في بكاء مرير لفقدها أمل مرة أخرى ولا تعلم متى ستلتقيها .. استمرت تبكي حتى شعرت بضيق شديد كتم أنفاسها أصبحت كأنها تتنفس من ثقب إبره .. أسرعت والدتها بإحضار الماء بينما هرولت سهى وأتت بالدواء .. وبعد لحظات عصيبة مرت بها الأسرة ساعدتها أمها وسهى في إدخالها لغرفة نومها ووضعتاها على السرير بعد أن خلعتا عنها العباءة ..طلبت منهم إطفاء النور وتركها وحيده فلبيتا طلبها ..وسالت دموعها ورفعت جسمها وتساندت على طرف السرير وأصبحت نصف ممددة وأخرجت الورقة وأضاءت الأباجورة وقرأت الورقة مرة أخرى ودموعها تنساب على خديها ..
وكان محتوى الرسالة <<<<< ((نهى : مالك دخل بالرسالة ..
أنا : لييش القراء يمكن يبون يعرفون إيش كتبت لك
نهى : خلاص عشان القراء بقولها أنا .
أنا : لا إنتي تعبانه وأنا بقولها عنك .
نهى : أقول طسي ما أحد يقراها غيري
أنا : خلاص على راحتك بعدين موب تقولين تعبانه وما تقدرين تكملين .
نهى : مانيب قايله يلا تقلعي بقراها
أنا : طيييييب ما بقابلك بأمل عشان بعدين تعرفين تسبين هع هع هع <<< فيس شرير
نهى : لا حرااام خلاص أقريها أنتي <<< فيس حزين
أنا: خلاص حنيت عليك إقريها هذي المرة بس ما فيه غيرها ok
نهى : ok <<< فيس خايف ))>>> حوار بين الكاتبة ونهى
*************************
في صباح اليوم التالي ..
غفت أمل بعد صلاة الفجر بإرهاق بعد سهر ليلتين متواصلتين فقد كانت الليلة الماضية تبحث عن مكان تؤوي إليه وطفلها حتى وجدت منزل بعيييد عن أعين الناس قد هجره ساكنوه وأصبح مخيف لدرجة أن الأشباح تخاف منه ولكن لا مناص منه فلا يوجد مكان غيره تذهب له بالرغم من توفر المال لديها إلا أنها لا تستطيع أن تستأجر شقة أو فندق بسبب عدم توفر أوراق هويتهما .. سمت بالله واستعاذت به من الشيطان الرجيم وتقدمت وهي تتمتم بما تحفظه من أذكار وهي خائفة وكذلك ابنها تدور عينيه من الخوف وهو متمسك بأمه التي لا تقل عن خوفه بل تزيد أضعاف ..ودلفت إلى الداخل فلم تجد أثاثاً في الصالة وتقدمت فوجدت غرفة في اليمين يضيء فيها القمر من خلال النافذة دخلت إليها فلم تجد بها سوى صوفا طويلة ولكنها مكتسية بالغبار..أنزلت ولدها و تلفتت تبحث عن قماش لتزيل الغبار عن المقعد فلم تجد وأخرجت من حقيبتها إحدى ملابسها ونفضت الغبار وانتشر مخلفاً سحابة من الأتربة في الغرفة فانتابتها نوبة من العطس ..
إبراهيم : ماما عنوني أح .
أمل : طيب حبيبي خلــ آآآآآتتششششووووــصت ..الحمد لله .
وضعت ابنها بعد أن تأكدت من نظافة المقعد .. وتمددت هي بجانبه ..
إبراهيم : ماما حايف ..
أمل تهدئه وهي أحق بمن يهدئها : لا تخاف حبيبي الله معنا بس قول بسم الله .. بهذه الكلمات التي قالتها هدّأت ابنها وكذلك هدأت هي الأخرى ..
إبراهيم : بسم الله ..
ظلت تتقلب طول الليل لم يغمض لها جفن من الخوف واستمرت تردد الأذكار وسورة الإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي حتى سمعت صوت أذان الفجر من بعييد واطمأنت نفسها حاولت النهوض ولكنها وجدت طفلها متمسك بها بقوة أزاحت يديه الصغيرتين عنها ووقفت ثم مشت باتجاه حقيبتها وأخرجت قارورة من الماء توضأت بها واستقبلت القبلة وكبرت ..
بعد أن أكملت صلاتها تمددت بجانب ابنها لتكمل أذكارها فغفت من شدة الإرهاق ..
شعرت بيد تتحسس خدها ضنت للحظة أنها يد طفلها ولكن كانت اليد خشنة وكبيرة عندما وصل تفكيرها لهذه النقطة فتحت عينيها بفزع ووجدت أمامها رجل آسيوي من الجنسية الهندية ينظر لها بوقاحة وابتسامة خبيثة تعلوا شفاهه أبعدت يده بعنف وأنزلت غطائها بحركة عفوية نابعة من فطرتها الصافية وانتصبت واقفة وابتعدت عنه وقد حملت طفلها بين يديها وضمته لها بقوة حتى أحست بأنة ألم صدرت منه ..
الرجل بعربية مكسرة : ليس غطي إنت هلوووووووو
تقدم إليها بخطوة وتراجعت هي بالمقابل خطوة إلى الوراء واستمر هو في التقدم وهي في التراجع حتى اصطدمت بالجدار فبلغ هذه اللحظة الخوف أقصاه وأصبحت ترتجف من الخوف ورفعت سبابتها باتجاهه متسلحة بقوة وهمية : أبعددد أحسن لك ولا ترى بـ..... ..تلاشت تهديداتها عندما تذكرت أنها ليس لديها سند تؤول إليه في ضعفها إلا الله ..
أمسك الرجل إصبعها الممدود :ليس خوف من أنا , أنا ما في ياكل أنت , أنا يئتي أنت فلوس كتير يلاااا هبيبي تئالي ..
جرت يدها وبكت من الخوف والذل فالطريقة التي كلمها بها كأنها رخيصة أو بنت ليل ..
أمل ببكاء : رووووح عني أنت ما تخاف الله ..
الرجل وقد بدأ بالغضب : لا مافي روه ..
حاولت الهرب منه ولكنه أستمر في التحرش بها وحاول فتح غطائها ولكنها تبعد يده كلما امتدت إليها.. تلفتت تبحث عن مخرج فانتبهت أن الباب خلفه ..أحست به يحاول انتزاع طفلها فزادت من احتضانها له حتى سمعت يبكي بخوف , حاولت التملص حتى استطاعت ذلك ووقفت خلفه ودفعته للجدار واصطدم رأسه به وسمعت تألمه فمرت بحقيبتها وحملتها بسرعة وهربت خارج المنزل وهي تهتف وتبكي بصوت عالي : الحمد لله ..الحمد لله .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..
مشت بسرعة تجري تارة وتهرول أخرى حتى وصلت إلى الطريق وقفت مطمئنة بعد رؤيتها للناس يمشون في الطرقات مشت بهدوء لمدة طويلة بعض الشيء ورأت مطعم به قسم للعوائل تقدمت منه ودخلت وجلست في إحدى الجلسات المغلقة أراحت ظهرها وقدميها بعد السير الطويل وأجلست طفلها وطلبت لهما فطور وفطرا وجلسا يتحدثان ..
أمل : ها هيمو تبي آيسكريم .
قفز إبراهيم فرحا: أستليم أستليم .
ضحكت أمل على حركاته وطلبت لهما المثلجات , اختارت هي بالتوفي وهو بالفانيليا .. تقدم منها طفلها وتعلق برقبتها وقبلها بقوة على خدها ثم مرة أخرى على الخد الآخر ..
إبراهيم : ماما أبببك كتييييل .
استغربت تصرفه فهذه المرة الأولى التي يقبلها هكذا ولكنها ضحكة : هههههه وأنا أموووووت فيك ..
إبراهيم : لااااا أنا كتييييييييل مللللللله
أمل تقلده بضحكة مكتومة : لاااا أنا كتيييييييل مللللللله
قطع حوارهما النادل وهو ينادي لإدخال الطلبات والفاتورة .. دفعت المبلغ المطلوب .. وبعد أن ذهب النادل استمتعا هي وطفلها بطعم المثلجات وهما يضحكان وعند خروجهما ..
إبراهيم : ماما توله .
أمل : تبي كورتك .
أشار لولد في مثل عمره يحمل كرة فأخرجت الكرة من الحقيبة ومدتها له وأشار لها وهو واقف أمامها بأن تخفض رأسها ..
إبراهيم : ماما تئالي .
أمل : طيب حبيبي .. وأنزلت رأسها فقبلها بقوة مماثلة القبل السابقة وخرج يجري فخرجت تلحقه و هي تشعر بضيق شديد ونبضات قلبها سريعة وكأنها في سباق للمارثون .. خرجت فوجدته على الرصيف ينتظرها وهو يلعب بكرته فأمسكت بيده وقطعا الشارع الخالي تقريباً من السيارات فالساعة الآن تقارب العاشرة النصف وأغلب الناس في أعمالهم .. مشيا ببطء فسقطت الكرة من يد إبراهيم وهما في منتصف الطريق والكرة في المتبقي منه جر يده منها وجرى خلف كرته وبأقل من جزء من الثانية تقدمت سيارة مسرعة منه وصدمته وطاااار جسمه الصغير أمام نظرات أمه المذهولة وارتطم جسده بالطريق بالقرب منها فأسرعت إليه وحملته بين يديها وهو مسجى في دمائه التي أحالت لباسه الأبيض إلى اللون الأحمر القاني ..
فصرخت : لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
*********
خيم الليل

وغرق الطريق في ظلام دامس

أضيئت شمعة

ولكن شعلتها لم تهزم الظلام وانسحبت بهدوء

وأضيئت أخرى

وأخرى

وأخرى

فوقعوا جميعاً صرعى أمام جبروت الظلام

فأصبح الطريق مليء بالضحايا

حتى أطل الأمل من بين الجموع

أنار شعلته

فسطعت حتى أردت الظلام صريعاً

وانتشر النور وكأنه الفجر الوليد

وفجأة

ظهرت الرياح بين جيوش الظلام

فعصفت بشراسة

((وانطفأت شعلة الأمل ))

و ساد الظلام من جديد
******************************

نهايــــــــــــــــ الجزء الخامس ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:14 PM


&< ~^((الجزء السادس))^~ >&

~[(دموع الألم)]~



فتحت عينيها ونظرت للغرفة حولها ورأت السرير ذو الأغطية البيضاء فعلمت
أنها في المستشفى دققت النظر جيداً فيه فأيقنت من رؤيتها لهذا المستشفى
من قبل وحدثت نفسها "ياربي متى شفته أنا متأكدة لكن متى ما أدري ..وتذكرت
ابنها إبراهيم .. إيوه يوم ولدت بإبراهيم طيب الحين هو وينه وأنا متى تعبت ما
أذكر شيء إلا ".. مرت الأحداث في عقلها كومضة ضوء وتذكرت كل ما جرى..
سقطت الكرة من يد إبراهيم وهما في منتصف الطريق وهي في المتبقي منه جر
يده منها وجرى خلف كرته وبأقل من جزء من الثانية تقدمت سيارة مسرعة منه
وصدمته وطاااار جسمه الصغير أمام نظرات أمه المذهولة وارتطم جسده بالطريق
بالقرب منها فأسرعت إليه وحملته بين يديها وهو مسجى في دمائه التي أحالت
لباسه الأبيض إلى اللون الأحمر القاني ..
فصرخت : لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
هزته أمل بخفه واستمرت تهزه وتنادي عليه : إبراهيم حبيبي قوم يلا حبيبي لا تخلي
ماما لوحدها .. مسحت عن وجهه الأبيض الدم وهي تحدثه .. يلا قوم شوف ما ببكي
عليك عشانك بتقوم يلاااا ..
توقف صاحب السيارة للحظات وعندما شاهد منظر الطفل وهو بين يدي أمه فر كالجبناء
ولم يساعد أماً مكلومة بفقد ولدها
توقفت سيارة فخمة بالقرب منها و خرجت امرأة في منتصف الأربعين من عمرها
من السيارة وتقدمت من أمل التي تجلس بصمت وهي تنظر لولدها الذي حجبت
الدماء ملامحه ..
المرأة : لا حول ولا قوة إلا بالله , يا بنتي نزلي الولد عشان الإسعاف حيوصل الحين .
هزت أمل رأسها نفيا وهي ملتزمة الصمت ..
اقتربت منها المرأة وجلست بقربها ورأت شكل الطفل وأيقنت أنه قد فارق الحياة
فحدثتها بهدوء : يا بنتي قولي إنا لله وإنا إليه راجعون الرسول يقول (( إنما الصبر
عن الصدمة الأولى )) والله يعوضك إن شاء الله ..
نطقت أمل ببحة : إنا لله وإنا إليه راجعون ..وتفجرت دموع أمل كالأنهار وهي
تشد احتضان جسد طفلها .. وبعد دقائق حضر الإسعاف وبعد محاولات أخذوا الطفل
منها وكأنهم انتزعوا منها روحها وغابت في عوالم اللاوعي ..
***
سقطت دمعت وتلتها دمعات فشهقت ببكاء مر كمرارة فقدها لابنها وضياع أملها في
الحياة ولم تشعر بالمرأة الجالسة أمامها والتي تأثرت ببكائها ..
تكلمت المرأة بعد مدة : يا بنتي أذكري الله , قولي إنا لله وإنا إليه راجعون.
أمل بصوت ضعيف مبحوح : إنا لله وإنا إليه راجعون , اللهم آجرني في مصيبتي
وأخلف لي خيراً منها .
المرأة بتشجيع : إيوه كذا خلي إيمانك بالله قوي و الله يعوضك بأخير منه بإذنه ..
عندما سمعت كلمت ((الله يعوضك بأخير منه)) انفجرت تبكي مرة أخرى : كيف
أتعوض وهو إللي بقيلي فدنيتي كلها , أبويــ..فشهقت تبكي بحرقة عندا تذكرت
والدها وطرده لها مرتين والثالثة من زوجها.. خليها على الله يا خالتي , خليها
على الله ..
المرأة بتأثر من حال أمل : أصبري يا بنتي والله ما بيضيعك ..
أغمضت أمل عينيها وقد غلبها التعب ولسانها يكرر ((الحمد لله)) ..
خرجت المرأة من غرفت أمل بعد أن تأكدت من نومها وخرجت متوجهة إلى
مكتب مدير المستشفى ودخلت إليه دون أن يعترض طريقها أحد ..
بعد أن ألقت التحية جلست وهي صامتة وقد خيم الحزن على قسمات وجهها..
المرأة بحزن : والله حالة البنت تكسر الخاطر يا ولدي ..
.....: الله يعوضها .
المرأة : يووه ما سمعتها يوم قلت الله يعوضك بكت وقالت (كيف أتعوض وهو
إللي بقيلي فدنيتي كلها)
صمتت المرأة قليلاً ثم تكلمت : بس شكلها مره موب غريب عليّ راح أتأكد إن
شاء الله منها ..
...... باستفهام : يعني شفتيها من قبل ؟؟
المرأة : لا لا ما شفتها بس ذكرتني بوحدة ..وصمتت تفكر وتحاول أن تتذكر
مرت أحداث في عقلها ولكنها ضبابية لا ترى الوجوه ولكنها تتذكر ما دار ..
تذكرت طفلتين تتحدثان :
الأولى : خلاص حتسافرون بكره مع بيت جيرانا ..
الثانية وقد تقوس فمها على وشك البكاء : أيوه بنروح بس برجع مره ثانيه أزورك .
الأولى وقد دمعت عيناها وأمسكت بيد الأخرى : لا تنسيني طيب .
بكت الأخرى : طيب أصلاً أنا ما أقدر أنساك .
جرت الأولى يد الثانية وذهبت بها إلى غرفتها : تعالي نسوي حاجة عشان
ما ننسى بعض .
هزت الثانية رأسها وهي تمسح دمعاتها المتساقطة : طيب .
صنعت الطفلتان دميتين قماشيتين مضحكتان وضحكتا كثيراً وبعد ذلك بكتا
عندما تذكرتا الوداع ..
في اليوم التالي ..
وقفتا الفتاتان متقابلتان وهما يبكيان وينظران لبعضهما ..
الأولى : بتوحشيني كثير ..
الثانية : وأنا كمان ..
تقدمت الأولى واحتضنت الأخرى في محبة خالصة و توادعتا على أمل اللقاء..
**********
......: يمه يمه إيش فيك من زمان أنادي عليك ..
المرأة : والله ما سمعتك , إيش كنت تقول ؟؟
.....: سلامتك بس ماودك تروحين ترتاحين من الصباح وأنتي هنا وبعدين شادن
وشذى في البيت لوحدهم ..
تنهدت المرأة : أستغفر الله , والله ما ودي أترك البنت بحالها وهي كذا لكن ما بيدي
حيله أبوك مسافر وأنا خايفة على أخواتك وحدهم مع الخدم ..
.....: خلاص لا تقلقين نفسك راح أوكل ممرضة تسهر عندها ..ابتسم بحب لأمه
.. كله ولا تعب ست الكل ..
ضحكت المرأة : ههههههه , الله لا يحرمني منك ..ونهضت .. يلا حبيبي مع السلامة ,
لا تتأخر كثير .
......بابتسامة : إن شاء الله يا الغالية , مع السلامة..وما إن خرجت والدته اختفت
ابتسامته عندما تذكر الفتاة اتصل على قسم الممرضات وطلب من إحداهن ملازمة
الفتاة .. ودار تفكيره في هذه الفتاة الغريبة لم يحصلوا على أي أوراق أو هوية
لها وكذالك ولدها المتوفى كيف سيتعامل معها وحدث نفسه "منين طلعت لنا
هذي البنت أخاف أمي تتعلق فيها وما تتركها بس خايف يكون وراها مصيبه
وتبلينا بها ..تنهد وأستغفر .. الله يستر قلبي موب مرتاح "..
نظر إلى أوراق عمله ونسي كل ما يدور في عقله من أفكار أو تناسى ..
***************************
في صباح اليوم التالي
فتحت أمل عينيها وقد كانت الغرفة تسبح في سكون مميت ونظرت إلى النافذة
ورأت أن السماء مازالت مظلمة ولكن تسللت إليها خيوط الفجر عبر الأفق
فأيقنت أنه قد صلى الناس الفجر فحاولت النهوض ولكن جسمها لم يطعها تلفتت
تبحث عن شيء لتقف عليه ووجدت أزرار بالقرب منها ضغطت الأقرب وانتشر
النور في الغرفة فأغمضت عينيها من شدت الضوء وبعد لحظات فتحت عينيها
فوجدت أمامها ممرضة سعودية بحجاب ذو ألوان متعددة جالسة على الكرسي
المقابل لها ..
بادرتها أمل بالسؤال : الساعة كم ؟؟
الممرضة : الساعة خمسة وثلث .
مدت أمل يدها للممرضة فنهضت الأخيرة وأمسكت بيدها : ممكن توديني
الحمام (تكرمين)..
هزت الممرضة رأسها موافقة وأمسكت بيدها الأخرى لتزيل أنبوبة المحلول..
*******
..:السلام عليكم ورحمة الله , السلام عليكم ورحمة الله ,استغفر الله
,استغفر الله ,استغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت
يا ذا الجلال والإكرام .. وأكملت أذكارها ورفعت يدها تدعي للمولى أن يرحم
إبنها وأن يلهمها الصبر والسلوان .
أمل : ممكن توديني للسرير .
الممرضة بتهذيب : حاضر ..
سألتها أمل بعد أن جلست على السرير بمساعدة الممرضة : صليتي ؟؟
تلعثمت الفتاة قليلا ثم أكملت : الحين بقوم أصلي .
أمل : لا تأخرين الصلاة مهما كان قيل في الأثر : " لا يبارك الله في عمل
يلهي عن الصلاة " حبيبتي , حتى لوكان عليك مية شغله صلي بعدين
سوى أشغالك .
هزت الفتاة رأسها وانصرفت بعد أن أعادت أنبوب المحلول ومددت أمل
على السرير .
وما إن خلت الغرفة عليها حتى تذكرت طفلها الغائب عن الدنيا الحاضر
دوماً في قلبها وبكت وجرت دموعها أنهاراً تشعر بألم في صدرها وكأن
جدار أطبق عليه أغمضت عينيها التي لم تنفك عن جريان الدموع منها
وتصور أمامها وجه ابنها البريء ذو العينين الناعستين اللامعة ببراءة
لا مثيل لها والشعر الأسود الناعم أنفه الدقيق والطويل وشفاه ذات اللون
الوردي وتذكرت عندما قبلها وكأنه يودعها وشهقت ثم بكت بشدة تشعر بالبرد
يخترق عظامها ويستقر في قلبها فالدفء رحل مرة أخرى كما رحل عندما ماتت
أمها ..تنهدت ومسحت دموعها وتذكرت حديثا قرأته في أحدى منشورات المصلى
يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : ((يا ملك الموت قبضت ولد
عبدي ؟ قال : نعم . قال : قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده ؟ قال : نعم . قال:فما قال ؟
قال : حمدك واسترجع . قال : ابنو له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد)) ..
أمل بإيمان صادق : الحمد لله , إنا لله وإنا إليه راجعون ..أغمضت عينيها المرهقة
من البكاء ونامت بهذه الأفكار ..
************
نظرت إلى الوادي الأخضر أمامها وأعجبها حسنه وشدة نظارته ومشت فيه
ببهجة ولم ترى أحد أمامها فانطلقت تمرح وتضحك تجري تارة و تدور أخرى
وتقف وتستنشق الأزهار وتقدمت حتى وصلت إلى مكان لم ترى في حياتها
مثله اتحدت فيه الألوان بنسق رائع وتناغم فيه صوت الماء والهواء والأشجار
بلحن عذب يطرب الآذان ويسبي العقول دارت بفرحة غامرة ولم تكمل دورتها
فقد انتبهت إلى مكان ينبعث منه نور ساطع دهشت منه وتحركت مسرعة الخطى
إليه حتى وصلت له ففوجئت بما وجدت فيه .. رأت امرأة شابة شديدة الشبه بها
تلبس ثوباًً أبيض كأنه مصدر النور من شدة بياضه ووصلت الدهشة أقصاها عندما
رأت طفلها بين ذراعي هذه المرأة يضحك ويغني لها ويقبلها تقدمت منهما ووقفت
أمامهما وتحدثت ..
أمل بدهشة : مين إنتي وليش معك إبراهيم ؟؟
ضحكت المرأة وأنار وجهها : أمل ما عرفتيني أنا أمك ؟؟
أمل : بس أنا أول مره أشوفك , ليش إنتي ما متي ؟؟
ساره : أيوه مت بس أنا لازم أكون عايشة بقلبك صح ؟؟
هزت أمل رأسها إيجاباً وهي مبتسمة بفرح ..
أكملت ساره : أنا وصيت على أبوك يرعاك ..
أمل بحزن : بس أبويــ..
قاطعتها سارة : أعرف اللي حصل ..
أمل باسغراب واستفهام : تعرفين !! كيف تعرفين ؟؟
ضحكت ساره : ههههه ,أعرف لأن الأموات يعرفون إيش يحصل
لأهلهم <<<(هذي معلومة صحيحة ذكرها إبن القيم)
فرحت أمل : يعني إنتي قريبه مني .
ساره بابتسامه : بالضبط ..عبست تفكر قليلاً ثم أكملت .. ساره أبوك مكروب
لا تنسنه لازم يتعالج ..
أمل بحزن : أدري بس كيف أرد عنده وهو طردني ..
ساره بثقة : بتردين . بتردين .
إلتفتت أمل إلى إبنها ومدت يدها له فرفض أن يمد يده تعجبت أمل منه
وقالت : هيمو حبيبي تعال عندي ..
إبراهيم : نا ما بادي .
أمل : لييييش ؟؟
إبراهيم : ليث بتيتي كتيييييل مله أنا دعلان .
أمل بابتسامة : و لا تزعل خلاص ما ببكي ..
ساره بجديه : أمل خذي حق ولدك من أبوه ..
أمل بحزن : كيف أثبت له وأنا ما عندي دليل ..
ساره : ولدك دليلك ..
أمل بتساؤل : كيف ؟؟
ساره : اسألي ,,, أمل أبوك عالجيه ..
أمل : ما أعرف كيف أعالجه ..
نهضت ساره مبتعدة وقالت بقوة : راح تعرفين .
وترددت صدى هذه الكلمة حتى إبتعدت أمام ذهول أمل وعندما رأت طيفها يختفي
صرخت بقوة ..(يماااااااااااااااا إبراهييييييييييييم)
*****
سمعت أحد يوقظها لتشرب الماء ففتحت عينيها وعلمت أن ما حدث ليس سوى
حلم تمنته حقيقة ..
.....: يا بنتي قومي إ
شربي مويه تراك تحلمين ..
رأت أمامها نفس المرأة التي ساعدتها ..جلست بمساعدتها وشربت الماء
وأراحت جسدها على السرير ..
أمل بتعب : مشكوره خالتي .
المرأة : لا شكر على واجب بعدين إنتي مثل بنتي ..
أمل بامتنان : جزاك الله خير ..
المرأة : وإياك ..
صمتت المرأة تفكر وهي مترددة بإلقاء السؤال.. سمعت صوت أمل تناديها..
أمل : خالتي ..خالتي ..التفتت المرأة لها .. خالتي أذن الظهر ؟؟
المرأة بابتسامة : قبل شوي أذن تبيني أقومك ..
ردت أمل الابتسامة : إذا ما عليك كلافة ..
المرأة بحنق مصطنع : أنا إيش قلت لك إنتي مثل بنتي سمعتي ..
ابتسمت أمل لهذه المرأة الطيبة ..
صلت أمل وكذلك المرأة وبعد انتهائهما من الصلاة جلستا تتحدثان قليلاً
سألتها أمل بحزن : خالتي ولدي إبراهيم وينه ..
شعرت المرأة بحزن الفتاة وحزنت لحزنها : يقول ولدي حطوه في الثلاجة .
سمعت أمل كلمت ( الثلاجة ) دمعت عيناها ومسحتها عندما تذكرت عتاب
ابنها لها في الحلم ..
تنهدت أمل : استغفر الله , طيب أبي يدفنونه بس ..صمتت قليلاً وتذكرت كلام أمها ..
حثتها المرأة على الكلام : بس إيش تبين تقولين لأبوه ..
تفجرت دموع أمل عندما تذكرت سعود ورفضه لمن في بطنها صرخت بألم :لاااااا
أبوه ما يبيه ما يبيه ..
صدمت المرأة من قولها وساورتها الشكوك :ليش ما يبيه ..
مسحت أمل دموعها وتكلمت بصوت مخنوق : لأنه ينكر انه أبوه .
فجعت المرأة من قولها : ليييييييش ينكره .
دخلت أمل نوبة من البكاء ولم تستطيع أن تقول سوى كلمة واحد(والله مظلومة)
ثم أغشي عليها وظلت كلمتها تتردد في أذن المرأة..
*********************
فتحت عينيها وقد عم الظلام في الغرفة فأيقنت أنه قد حل المساء ففتحت الأنوار
فرأت نفس الممرضة التي لازمتها بالأمس ..
أمل : أبي مويه .
نهضت الممرضة وأتت لها بالماء ..
أمسكت أمل كوب الماء بيد مرتجفة سمت بالله وشربت ..
أمل : الساعة كم .
الممرضة : عشرة وربع .
أمل بضيق : ليش ماحد قومني للصلاة؟؟ ..
الممرضة : كنتي مغمى عليك وأعطتك الدكتورة مهدئ .
هزت أمل رأسها بتفهم ونهضت بتعب وتوضأت ثم صلت ما فاتها من الصلوات
وجلست تستغفر وتؤنب نفسها ..
بعد لحظات ..
كانت أمل ممدة على السرير وأمامها طاولة عليها بعض المأكولات مدت يدها
لتأكل لكنها ليس لديها أية شهية وأرغمت نفسها وتناولت بضع لقيمات معدودة
وأبعدت الطاولة فأخذتها الممرضة وأخرجتها من الغرفة وعادت لتجلس بمقابلتها ..
لاحظت أمل لباس الفتاة الذي يتكون من بنطلون من الجينز ضيق مبرز نحف
ساقيها ومعطف أبيض يصل طوله إلى نصف الورك وحجاب بلوني الأزرق
والزهري , حزنت بشدة على حال الفتيات في المجتمع اللاتي يدعين التفتح
والحرية الزائفة ..
سألتها أمل بعفوية : أنتي مرتاحة بلباسك هذا ..
الممرضة : إيوه يسهل علي الشغل .
أمل بتوضيح : لا قصدي ..أممممممم .. يعني مرتاحة تمشين كذا بين الرجال..
الممرضة وقد فهمت مغزى الكلام تكلمت بلامبالاة : عادي أنا ما أعطي أي رجال وجه .
أمل : يعني إنتي ما تعطينهم وجه هم يشوفوك عادي صح ؟؟
الممرضة : وأنا مالي هم عليهم الذنب .
رفعت أمل إحدى حاجبيها استنكاراً لما تقول وصمتت قليلاً ثم قالت : إذاهم كل
واحد يشوفك عليه ذنب واحد أما انتي تتراكم ذنوبك من كل واحد ذنب وإحسبي
إنتي عاد يعني لو شافك عشره كل واحد فيهم ذنب واحد وإنتي كم؟؟
الممرضة وقد أعجبت بكلام أمل ردت بذهول : يعني كل واحد يشوفني علي ذنب
..هزت أمل رأسها موافقة .. يعني عــ..عشره ذنوب ..
أمل :هذا إذا كانوا عشره لكن إنتي فمستشفى معروف الناس فيه من كل مكان
شوفي كم رجال شافك وكم في عدادك من ذنوب ..
سكتت الممرضة وقد أصابها كلام أمل في الصميم ..
سألتها أمل لتبعد عن جو التوتر : أبي أسألك سؤال ممكن ؟
*************************
في الصباح ..
بعد أن لبست عباءتها وجواربها وقفازاها خرجت من الغرفة ومرت على
مكتب الاستعلام سألت إحدى الجالسات : السلام عليكم ..
الموظفة : وعليكم السلام ..آمري أي خدمة ..
أمل : لو سمحتي أبي مكتب المدير .
الموظفة : فالدور الرابع على اليمين آخر مكتب يقابلك .
أمل : شكراً
الموظفة : العفو .
اتجهت خطوات أمل نحو الوجهة التي أشارت لها الموظفة وصعدت للطابق
المقصود وهي ترتجف من الخوف وقلبها يكاد ينفر من بين ضلوعها من شدت
خفقانه كل ذلك بسبب الرجـــــــــــال فكل الرجال في حياتها هم سبب عذابها
أولهم أبوها وضربه وتعذيبه وبعده سعود والطريقة التي كسرها بها ثم طردها
وأخيراً تعرضها لمحاولة الاغتصاب .. تكــــــــــــــره جنس الرجال وتخاف منهم
ولا تريد أن تختلط بهم أبداً مرة أخرى ..
تقدمت إلى باب مكتب المدير وعينيها تكسوها غشاوة من الدموع وقلبها وصل
لحلقها من شدة الخوف ..حاولت أن تهدئ نفسها حتى لا يوضح الخوف عليها ..
طرقت الباب وسمح لها بالدخول ..
فتحت الباب ودخلت ففغرت فاها من فخامة المكتب وبسرعة تمالكت نفسها وتركت
الباب مفتوحاً
.. ألقت التحية باستحياء ونبرة صوت قويه ..
رد عليها الرجل الجالس خلف المكتب ولم يرفع رأسه من أوراقه ..
الرجل ولم يرفع رأسه بعد : أي خدمه أختي ولا عندك شكوى ..
أمل بصوت تحاول أن تبين قوته رغم نعومة صوتها ووضوح بحتها المميزة
فيه : ممكن عندي طلبين ؟
الرجل : أمممم .. طيب تفضلي أجلسي وقولي إللي عندك ..
أمل باعتراض : لا أنا كذا مرتاحة .. أمممم .. دكتور
قاطعها الرجل : طارق ..دكتور طارق ..
أمل : دكتور طارق لو سمحت الطلب الأول ..أبي أشوف ولدي إبراهيم .. ترقرقت
عيناها بالدموع وبلعت عبراتها ثم أكملت .. الحين ..
عرف طارق هويتها من سؤالها وأحس باشمئزاز منها وظهر ذلك جلياً على
وجهه وكلامها مع أمه يدور في ذهنه وتكلم بكره واضح في صوته : طيب
طيب وإيش الطلب الثاني يا أخــــــــــــت..مد الكلمة بطريقة تبين مدى اشمئزازه منها ..
لاحظت أمل ذلك ولم تعقب فهي لا تعلم سبب هذا الكره لها ولكن لا يهم
فالرجال سواسية لديها ردت عليه بعد أن وضعت على المكتب ظرف به
كل ما لديها من مال وأكملت : هذا كل اللي عندي من فلوس أبيك تسوي ....
****************************
عند نهى ..
شعرت بضيق في صدرها لا تعلم ما سببه ولكنها موقنة بأن صديقتها
الغالية تمر بضيقة شديدة "وينك يا أمل والله أحس أن فيك شيء يا ليتك
ترجعين عندي ولا أتركك أبد آآآآآآهـ أشتقت لك حييييييييل " دمعت عيناها
فمسحتها بسرعة قبل أن يراها أحد ولكن رأتها من تشعر حتى بأنين قلبها
رأتها أمها التي أحست بمدى حزنها على صديقتها وتألمت لحال إبنتها ..
نهضت نهى بسرعة حتى تدرك شهقاتها قبل أن تظهر وتنثر ما أكنه قلبها من حزن ..
وصلت لغرفتها وأقفلت الباب عليها تمددت على سريرها وأفلتت شهقاتها
وانهارت تبكي من ألم فراق غاليتها .. رفعت وسادتها وأخذت الورقة التي
هي أغلى من كنوز الدنيا ..
قرأتها للمرة الألف منذ أربعة أيام ..
رفعت صوتها بقراءتها لا تريد قلبها يطرب لكلمات صديقتها بل تريد أن تسمع
كل شيء حولها الجدران والمرايا والسرير والمقاعد ..
نهى ودموعها تجري على خديها :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أرق صديقة في الوجود..
أشتقت لك حيييييييييييل
هو أنت ناديت وإلا الصوت خيلي ،، يا من ضلوعي إذا ناديت سمعنك
اشتقت لك حيل وودي أسألك قلي ،، اشتقت لي وإلا طيوف الشوق ماجنك
*******
أتذكرين
قبل عامين
كنا معاً
كان قلبي يرقص بفرح
والآن
ينبض على لحن الأسى
قبل عامين
كنت أسير وحدي وأحمل في أحشائي طفلي
لا أخاف عليه
والآن
أسير ومعي طفلي
في كل لحظة يرجف قلبي خوفاً
أنـــــ أفقده
غاليتيـــ ~
أتذكرين
كيف كان قلبي يغمر الجميع بحب
ولا يقف عند حد
والآن
يكاد يختنق بحب اثنين
عزيزتيــــــ ~
قلبي يكاد يتوقف عن الخفقان
لأنه
فـــــــــــــقد صمامان
وبقي
اثــــــــــــــــــنان
الأول
يكاد يجف من الشوق وطول البعد
والآخــــــــــر
آآآآآآآآآآآآآهـ
أحس أنه سيقطع
في أي لحظة
أشعر بذلك
وإذا قطع فــــــــــاعلمي أن قلبي
مآآآآآآآآآآآآآآآآت
نهـــــــــــــى
يمكن كلامي يحزنك لكن هذا اللي أحس فيه
إذا استقريت في مكان محدد بإذن الله بأتصل فيك ..
محبتك وأختك فيـــــ ~ الله ... أملــــــــــ ~
******************************
هب واقفاً وملامح الغضب على وجهه وسار متقدماً عليها إلى خارج المكتب..
أما هي شعرت بقصرها أمام طوله رغم كونها طويلة بين النساء
و شعرت بقوة سيطرته للأمور وهيبته اللامحدودة .. مشت خلفه بعدة
خطوات وتبعته إلى المصعد دخل إليه ووقفت هي خارجاً فنظر لها بغضب
يستحثها على الصعود ولكنها لم تنظر حتى لوجهه واتجهت للمصعد
الآخر ووقفت عنده تنتظر توقفه ..
طارق بغضب يحاول كتمانه : تعالي اركبي راح تأخريني عن أشغالي ..
هزت أمل رأسها نفياً : لا ما بركب حتصير خلوه محرمة .
فتح طارق عينيه مذهولاً من ردها عليه ورد باستهزاء: وليش يا أخت
حأكلك أنا ..
أمل بقوة : ((لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) .. في هذه
اللحظة توقف المصعد عندها وقبل صعودها سألته ..
أمل باستفسار : أي طابق أروح ..
رد عليها باقتضاب : الأول ..
ونادى عليها قبل أن يقفل الباب وقال لها : لا تحسبيني ميت عليك حدك
هنا لما تطلع النتيجة وما بي أشوف رقعت وجــــــــــــــهك فااااااهمه
هزت أمل رأسها بإيجاب واقفل باب المصعد وفتح باب أخر وهي دموعها
التي هطلت من قوة ألمها الذي تضاعف بالمئات ..
وصلت إلى الطابق الأول وانتظرت ظهور طارق من المصعد الآخر
وعندما وصل تقدمها إلى الثلاجة فدخل ثم دخلت بعده واقشعر بدنها من
البرودة وأحست بوخزه ألم في قلبها على إثرها سقطت أمطار من دموعها
سمعته يسأل أحد الموظفين عن ولدها فأوصلهما إلى الرف المخصص له
وسحب الحامل الملقى عليه جسده ثم فتح الغطاء عن وجهه شهقت بألم
عندما رأت وجهه كان كأنه نائم بسلام وابتسامة تعلو شفاهه ووجهه كأنه
الثلج في بياضه .. اقتربت منه وكشفت عن وجهها المبلل بدموعها ولثمت
جبينه وعينيه وخديه ودموعها غسلت وجهه قبل وجهها وحضنت وجهه بين يديها ..
أمل بصوت مبحوح : إبراهيم أدري أنت ما مت أنت حي صح رد علي أنت
صاحي بس مغمض فتح عيونك يلاااا فتح .. وعندما لم يرد عليها سوى صدى
صوتها شهقت بقوه كادت تخرج روحها .. إبراهيم أنا وعدتك ما أبكي شوف
..مسحت خديها من الدموع .. بس واللي خلقك حاخذ حقك من أبوك دنت عليه
وقبلته وغطت وجهه بهدوء
حدث كل ذلك أمام نظرات طارق والموظف الذي مسح عينيه من الدموع وخرج
من الغرفة فلم يتحمل منظر هذه الأم أما طارق واقف كأنه جماد بلامح جامد لا
يستطيع أحد أن يخمن بما يدور في داخله ..
بعد أن ودعته أنزلت غطائها التفتت إلى طارق ولم ترفع عينيها إليه ..
أمل بصوت ضعيف : دكتور لو سمحت أبيك تنفذ طلبي الثاني ..
تقدم طارق بصمت إلى طاولة بها هاتف ضغط بضعة أرقام وتكلم بهدوء
وأقفل وأدار رأسه لها : خلاص حيجي واحد من المختبر الحين ..
تقدمت أمل إلى الباب ووضعت يدها على المقبض فأحست بألم أنتشر بعنف
في خلايا جسدها ودمعت عيناها وحدثت نفسها "إبراهيم شوف ما بكيت
عليك هذي موب دموع الحزن هذي (( دموع الألم ))" وسقطت مغشياً عليها ...

عائلة أبو طارق ::
أبو طارق (عبد الله) [47] : رجل أعمال طيب القلب يملك مجموعة شركات
من ضمنها المستشفى الذي يديره طارق ..
أم طارق (علياء) [44] : ربت بيت متميزة تحب أبنائها وتوفر لهم الحب
والحنان , مشرفة توجيه سابقة ..
طارق [27] : الولد الوحيد , دكتور جراحة , يدير المستشفى منذ تخرجه ,
أرمل ,حنون وطيب القلب لكنه إذا كره أحد يكره بشده , وغاااااااامض ..
شهد [22] : البنت الكبرى , متزوجة ولديها بنت وولد (إياد وريناد) , طيبة وخدومة ..
شادن [18] : البنت الثانية , فتاة تحب الحركة والضحك , طيبة لأبعد حد ,
تدرس في ثالث ثانوي هذه السن متأخرة بسبب أمر حدث لها (سنذكره لاحقاً) ..
شذى [4]: البنت الثالثة , طفلة كثيرة الحركة والكلام يحبها والدها بشدة ..



*************************
نهايـــــــــ الجزء السادس ــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:16 PM



&< ~^((الجزء السابع))^~ >&

~[(أرى بصيص من الأمل)]~


بعد ثلاثة أيام ..
فتحت عينيها وألقت نظرة على الغرفة التي سوف تودعها اليوم وللأبد
نهضت ودخلت الحمام (تكرمون) نظرت إلى وجهها في المرآة ورأت تحلق
السواد حول عينيها وذبول بشرتها غسلت وجهها تكراراً حتى تزيل الإرهاق
عنها توضأت وصلت الفجر وأكملت الأذكار وأمسكت بمصحفها الذي
رافقها لمدة عامين فهو هدية من ليلى في أول رمضان قضته معهن
وتذكرت ذلك اليوم ..
*******
صلت المغرب بعد أفطرت على تمرات وماء تمددت بجانب ولدها الذي
له من العمر آن ذاك شهرين رأته وقد فتح عينيه ونظر إليها ابتسمت
وحملته وأرضعته من صدرها حتى نام لفته جيداً ولبست عباءتها
وذهبت للمشغل وفتحته ونظفت وعندما حضرت ليلى سلمت عليها
وهنأتها بالشهر الكريم ودخلت لمكتبها ولم تخرج بعدها ..
بعد نصف ساعة ..
دخلت أمل إلى ليلى بصينيه بها كوب من القهوة وبعض الحلوى ..
أمل : السلام عليكم
ليلى : وعليكم السلام
أمل : إيش تسوين ؟؟
ليلى رفعت ما بيدها : أقرأ قرآن ..
أمل بأسف : آسفة قطعت عليك قرايتك ..
ليلى بطيبة نابعة من قلب محب : لا يا حبيبتي ما فيها شيء ..
أمل وهي تنظر للمصحف بغرابه وتساءلت : ليلى شكل المصحف
غريب أول مره أشوف شكله .
هزت ليلى رأسها بإيجاب : إيوه هذا المصحف مجود ومقسم لستة
أقسام كل قسم فيه خمسة أجزاء ..
أمل : الله حلوووو يعني مثل اللي في التلفزيون .
ليلى : تمام يوضح لك المد والإدغام وغيرها وكل حكم بلون ..
ابتسمت لها أمل ..
في اليوم التالي أهدتها لها ليلى مصحف مثله شكرتها أمل بجزل
وردت عليها ليلى بأنه كلما قرأت منه تدعي لها بالذرية الصالحة ..
******
رفعت أمل يديها ودعت لليلى بالذرية الصالحة ودعت لولدها وأمها
بالرحمة.. فقبل يومين دفن ولدها ووعدته ألا تعذبه ببكائها
فــ((الميت يعذب ببكاء أهله ))
*************************
في منزل لأول مرة ندخله ..
وقفت أم طارق مع إحدى الخدم في ملحق الضيوف وهي تأمر
ها بأن تنظف وتنسق وبعد أن انتهت الخادمة من العمل نظرت
إلى المكان براحة فأصبح كما تريد ..
دخل في هذه اللحظات طارق الذي تعجب من وقوف أمه مع الخدم
من الصباح لتنظيف الملحق وأحس بالخطر من القادم ..
تقدم إلى أمه بابتسامة مشرقة : صبحك الله بالخير يا يمه
..ودنا على رأسها وقبلها..
أم طارق بابتسامة : صبحك الله بالنور حبيبي ..
طارق بمرح : إيش عندها الغالية واقفة مع الخدم من الصباح ..
أم طارق : أبي أستقبل ناس اليوم ..
قطب طارق جبينه وتساءل : من هم ؟؟
أم طارق بحذر : المريضة اللي مات ولدها ..
ظهر الغضب على طارق وكتمه فالتي أمامه أمه : بس هذي حتى
إسمها ما نعرفه كيف تدخلينها البيت ؟؟
أم طارق بخيبة أمل : ليه إيش فيها والله إنها بنت حلال ..
لم يستطع طارق تمالك أعصابه وتكلم بين أسنانه : كيف بنت
حلال وولدها أبوه ينكر أنه ولده ..
تفاجأت الأم من قول ولدها : كيف عرفت ومين قالك الكلام هذا ؟؟
طارق : سمعتكم ذاك اليوم كنت جاي أناديك عشان نروح وسمعت
كلامها ..تنهد واستغفر .. كيف تبغين ندخلها بيتنا وأخواتي ..
قاطعته أم طارق بحزم : سمعت كل كلامها لين خلصت
..هز طارق رأسه نفياً : لا بس سمعت هذا الكلام ويكفي طلبها قبل
ثلاث أيام يثبت أن أبوه ينكر نسبه ..
أم طارق بتساؤل : إيش طلبت ؟؟
طارق وقد كان على وشك الخروج : أمنتني ما أعلم ..
أم طارق نادت عليه وبإصرار: وقف أنا رايحه أجيبها ..
طارق باعتراض : لكنـــ
قاطعته بصرامة قلما تظهر وبالذات لطارق : بس تقعد عندنا لين
أطمن عليها وبعدين الله يستر عليها ..
أذعن طارق لقرار أمه وخرجت وخرج هو خلفها وتقابلا في الصالة
أمسكت أم طارق الإنتركوم : ألو جولي الساعة عشرة تعالي
مع السايق للمستشفى ok .
جولي : ok madam .
خرج طارق وركب سيارته بي ام دبليو الجديدة السوداء وانتظر
أمه حتى ركبت وتحرك بسيارته ..
**************************
حزمت أمل حقيبتها وصلت الضحى وجلست تنتظر الساعة الثامنة
والنصف ويكون قد مضى على الأمر 72 ساعة نظرت للساعة المعلقة
على الحائط ورأتها قاربت على الثامنة والثلث أي بقي لها عشر دقائق
لبست عباءتها وحملت حقبتها وهي تهم بالخروج توقفت تنظر إلى المرأة
التي دخلت عليها والتي لم ترها منذ ثلاثة أيام أقبلت المرأة وابتسمت
لأمل التي رفعت نقابها تقدمت إليها وسلمت عليها أمل بينما قابلتها
المرأة باحتضان دافئ ..
أم طارق : شلونك يا بنتي .
أمل بابتسامة : الحمد لله بخير وأنتي يا خالتي ..
أم طارق : الحمد لله ..تساءلت ..أشوفك لابسه وين رايحة ..
أمل : خلاص كتبت لي الدكتورة خروج عندي أوراق باخذها وبروح ..
أم طارق بعفوية فهي تعلم مسبقاً أنها بلا منزل والحقيبة تثبت ذلك
: وين بتروحين ..
تألمت أمل للمرة الألف من هذا السؤال وأخفت ضيقها وردت بغموض
: أرض الله واسعة ..
أم طارق باعتراض : لا لا , والله ما تروحين إلا معي لين ربي ييسر أمرك ..
أمل باعتراض هي الأخرى : لا خالتي ما أقدر .. لا تحلفين ..
أم طارق بحنق : والله أن تروحين معي ولا كلمة ثانية ..
أمل استسلمت تحت ضغط المرأة وقالت بمحاولة أخيرة للتملص
: خالتي بس اليوم ..
أم طارق بجديه : لااا لين ربي يحلها ..
أمل باستسلام تام : على أمرك خالتي ..
أم طارق وقد هدأت : يا بنتي ما قلتي لي أسمك ..
أمل : خالتي أسمي أمل ..
أم طارق : عاشت الأسامي يا بنتي وأنا أم طارق .
أمل : عاشت أيامك ,, خالتي أنتي أم الدكتور طارق .
أم طارق بابتسامة فخر بابنها : إيوه ..
كتمت أمل ضيقها "يعني أنا بعيش معه في نفس البيت يا ربي هذا
يكرهني وأنا كمان , ما أبي أسكن عندهم بحاول مره ثانيه معها " ..
أمل بتردد : خالتي كيف أسكن عندكم وأنتي عندك شاب في البيت ..
أم طارق وقد فهمت ما يدور في نفس أمل : شوفي إنتي حتسكنين
في ملحق الضيوف وهذا الملحق له باب خارجي وماله إلا باب
واحد يطل على الصالة..
أمل بامتنان : خالتي ما أدري كيف أشكرك ..
أم طارق : إيش قلنا ما فيه بين البنت وأمها شكر ..
أمل : تسلمين .. تطلعت للساعة فوجدتها تقارب التاسعة والنصف
أي أنها تأخرت ما يقارب الساعة وأكملت .. خالتي بعد إذنك في
أوراق ضرورية أبيها ..
أم طارق : إرتاحي أنتي وأخلي طارق يجيبها لك ..
وقفت أمل : لا خالتي معليش أنا أبي أجيبها ..
وقفت أم طارق هي الأخرى : خلاص أنا بنتظرك في الاستقبال ..
أمل : طيب .. مع السلامة ..
خرجت الاثنتان إلى الردهة ثم تفرقتا كل واحدة سلكت اتجاه ..
أوقفت أمل في طريقها ممرضة محجبة ويغطي وجهها نقاب وتلبس
معطف طويل وفضفاض ..
أمل : لو سمحتي أختي ..
الممرضة : نعم ..
شكت أمل في الصوت وكأنها تعرفها : ممكن وين مكان المختبر ..
الممرضة وصفت لها مكانه وعندما همت أمل بالمغادرة أوقفتها الممرضة
الممرضة : أنتي المريضة اللي وكلني الدكتور طارق أسهر عندها ..
أمل : إيوه .. ليكون إنتي الممرضة ..بصوت فرح ..ما شاء الله
مبروك الله يثبنا وإياك على الطاعة ..
الممرضة بامتنان : مشكووووور على النصيحة والحمد لله أنا الحين
مرتاااااحة ..
أمل بفرحة : العفو .. إنتي لا توقفين عند نفسك لا كملي وانصحي
زميلاتك وأهلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال ((الدين النصيحة )) ..
الممرضة : إن شاء الله .. آسفة عطلتك ..مع السلامة .
أمل : مع السلامة ..
********
عند المختبر ..
وصلت و وتقدمت إلى مكتب استعلام القسم .. وقفت عند أحدى
الموظفات ..ألقت التحية وردت عليها الموظفة ..
أمل : لو سمحتي نتيجة تحليل باسم إبراهيم ..
الموظفة بحثت لثواني في الحاسوب ثم فتحت إحدى الأدراج وأخرجت
ظرفان الأول كبير توقعت أمل أن يكون نتيجة التحليل والآخر عرفته
واستغربت لماذا يعود لها ..
مدت الموظفة الظرفان لأمل : خذي ..
أمل باستغراب : ليش الظرف الثاني .؟؟
الموظفة : الدكتور طارق طلب أن يكون مع النتيجة ..
شعرت أمل بغضب شديد من تصرف طارق وتمالكت أعصابها .. شكراً
..ثم انصرفت ..
مشت أمل في الردهة بغضب كانت تريد تفريغه استغفرت ووقفت أمام
المصعد تنتظره وهي تحاول تهدءة نفسها وما هي إلا لحظات حتى
توقف المصعد وخرج منه طارق ..
تنحت عن طريقه وهي تشعر بالغضب يتصاعد من رؤيته ولكن ذكرت
نفسها أنه رجل غريب ولن تكلمه ستوصله المبلغ بطريقة أخرى
.. مر من أمامها ولم ينتبه لها وعندما التفت إليها لاحظ ما تحمله فعرفها ..
كانت تهم بالدخول إلى المصعد عندما سمعت صوته يناديها ..
طارق باستهزاء : يــا أخت ..
التفتت له ولم تتكلم ..
طارق بغضب مكتوم و بأمر: إذا كلمتك ردي علي ..
هزت رأسها بلامبالاة مقصودة حتى تغيظه وردت : بأي صفة أكلمك ..
رفع إحدى حاجبيه بسخرية ونظر لها بازدراء : بصفتك , أمممممم
..وضع سبابته عند صدغه وكأنه يفكر وأكمل .. خلينا نقول ضيفة
ثقيلة فبيتنا ..وبسخرية.. ينفع ؟؟
أحست أمل بالذل وجرح كبيييير في كبريائها وقالت بثقة مصطنعة
: شوف أنا ما جبرت أمك تاخذني معها مادامك موب راضي أجلس
عندكم وأكون ضيفة ثقيلة عليكم ..رفعت كتفيها بلامبالاة.. خلاص
إذن ما بروح مع أمك وخذ ..مدت له ظرف المال .. ما أحتاجه ..
أحس بغضبه يتزايد حتى أحمرت عينيه وكادت تطلق شرراً وتكلم
بين أسنانه : شوفي أولاً أنا ما أحد يطول لسانه علي , ثانياً بتروحين
مع أمي غصب(ن) عليك موب عشانك لااا عشانها هي مابيها تشك
في الموضوع والله العالم يمكن إنتي خدعتيها ومثلتي دور الطيبه
والشريـــــــــــــــفة ..مد الأخيرة بقصد.. عشان تسكنين عندنا
, ثالثاً حتصيرين ضيفة ثقيلة لشــــــــــــهر أو أقـــــــل ومالك دخل
بأحد ولا تحتكين بأخواتي أبـــــــــــداً وبعدها تخرجين بكرامتك ولا
أنا أخرجك بطريقتي ..جر الظرف من يدها ورفعه ورماه عليها
باحتقار واصطدم بصدرها ثم سقط وانتثر المال و دار عنها ومشى
قبل أن ترد عليه..
أما هي .. بلغ عندها الحنق والغضب أقصاه وأحست وكأن سكيناً
حادة سلطت على قلبها مزقت ما تبقى منه وتركته ينزف ألماً وذلاً
وكبرياءً مهدورة ثم انحنت وحملت المال وصعدت المصعد فانفجرت دموعها ..
******
ركبت السيارة بمحاذاة أم طارق بعد أن حملت الخادمة الحقيبة
ووضعتها في الخلف وتحركت السيارة ..
غرقت السيارة في السكون لمدة خمس دقائق لا يسمع إلا صوت
المحركات حتى قطعت الصمت أمل تتساءل بصوت هامس بسبب وجود السائق ..
أمل بهمس : خالتي عندك بنات ..
ابتسمت أم طارق تحت الغطاء وردت : عندي ثلاث بنات ثنتين كبار
ووحده صغيره وحفيدين بنت وولد بعد ..
أمل : ما شاء الله إنتي جده ..وتساءلت ..هم عيال الدكتور طارق ..
أم طارق : لا عيال بنتي الكبيرة شهد ..وأكملت بحزن.. طارق ماتت
زوجته وحالياً موب متزوج بس ..تنهدت وقطعت كلامها .. خلينا من
هذي السيره إللي تكدر لكن ما قول غير الله يهديه ويتزوج عشان
يرتاح قلبي وينسى إللي حصل ..
أسكتت أمل فضولها وكاد تستفسر عما حصل ولكن رأت أم طارق
تمسح عينيها من الدموع وحدثت نفسها "مصيري أعرف وكل شيء
بيتوضح مع الأيام " ووضعت يدها على كتفها لتهدئها: خلاص خالتي
لا تكدرين خاطرك دموعك غالية , إن شاء الله حيجي هو بنفسه
ويقولك زوجيني ..
أم طارق برجاء : الله يسمع منك ..
في هذه اللحظة توقفت السيارة أمام باب القصر ..
كادت تفلت من أمل شهقة عندما رأت جمال القصر وروعته
وحدثت نفسها "اللهم ارزقنا الجنة " ..
ترجلتا من السيارة ودلفتا إلى داخل القصر وخلعت أم طارق
عباءتها وحقيبتها ومدت بها للشغالة وأدارت رأسها لأمل ..
أم طارق : أمل حبيبتي شيلي عباتك واجلسي ..
هزت أمل رأسها نفياً وجلست على إحدى المقاعد المفردة
: لا خالتي كذا مرتاحة ..
فهمت أم طارق مقصدها : يا بنتي اعتبري نفسك ببيتك ..
ابتسمت أمل بامتنان وحدثت نفسها "كيف راح يكون بيتي
ولا أرتاح بعد كلام ولدك اللي سم بدني فيه " وردت
: مشكوره خالتي ..
هزت أم طارق رأسها ورفعت الإنتركوم وضغطت عدة أرقام
ثم تكلمت : ستي جيبي إثنين عصير وصحن حلا وصحن
فطاير ok.. وضغطت زر أخر ثم أكملت .. شادن أنزلي أنتي
و شذى عندي ضيفه بسرعة ..
شادن : حاضر ماما ..
أقفلت أم طارق سماعة الهاتف وأدارت رأسها لأمل وابتسمت
لها : شادن الحين جايه ومعاها شذى أما شهد في بيت زوجها
على العصر أو المغرب تيجي عندنا ..
ردت أمل الابتسامة وبهدوء : الله يخليهم لك ..
بعد دقائق ..
أطلت من الدرج الحلزوني الذي يتوسط الصالة الواسعة فتاة
تبتسم بشقاوة وفرح و تتقافز على درجات السلم بخفة وهي ترتدي
بنطلوناً من الجينز وقميصاً باللون السماوي بتفرعات كحلية
اللون يصل منتصف الورك وبربع كم وبفتحة واسعة عند الصدر..
.. كتمت أمل ضيقتها من لباس الفتاة ولم تتكلم ..
تقدمت منهما الفتاة وألقت التحية بابتسامة وتقدمت من أمها
وقبلت رأسها واقتربت من أمل وسلمت عليها باليد ثم اقتربت
وسلمت بالخد ..
وجلست على كنبة تتوسط الكنبتين بين أمها وأمل وبادرتهم بالكلام ..
شادن : شلونك ماما ..التفتت إلى أمل .. أخبارك ..وابتسمت لأمل..
ردت الاثنتان بــ ((الحمد لله ))
أم طارق : شادن هذي أمل , أمل هذي شادن بنتي عمرها ثمنطعش .
شادن بابتسامة : تشرفت أمول ..
أمل ردت لها الابتسامة : الشرف لي يعني أنتي نفس عمري ..
تفاجأت الاثنتان من كلامها وكل واحد منهن جال بفكرها ما يناقض الأخرى
وردت شادن بسرعة : بـــــالله والله توقعتك أصغر وجهك
مررررره بيبي فيس ..
ضحكت أمل بخجل ..
وعلى النقيض فأم طارق كانت تظن العكس وحدثت نفسها
"يا الله مره صغيرة إذا كان الحين عمرها ثمنطعش أجل يوم تزوجت
كم؟؟ , ياربي مسكينه تعذبت من صغرها الله يكون فعونها بإذن الله
أوقف معها و ما أتركها إلا إذا تطمنت عليها "
أحضرت الخادمة ما طلبته منها مخدومتها ووزعت الأطباق والعصير وذهبت ..
أمل بتساؤل لشادن : تخرجتي من الثنوي ..
شادن بمرح : لا لسه السنه هذي رايحه ثالث ..سألتها.. وأنتي ؟؟
أمل بحزن : لا أنا تركت الدراسة بعد ما خلصت من أول ثنوي ..
شادن بتساؤل : ليش ؟؟ ماتحبي الدراسة ...
أمل : لا أنا أحبها بس ظروف حصلت لي وتركتها ..تستفسر منها ..
شادن ليش مو المفروض إنتي متخرجة الحين ..
هزت شادن رأسها إيجاباً : إيوه لكن وأنا فصف ثالث متوسط
صار لي حادث مع السواق والشغالة ..وأكملت بحزن.. صرت ما
أتحرك و تعالجت سنه كاملة والحمد لله شفيت ..وابتسمت بمرح
.. وشوفيني الحين مثل الحصان ..
أمل : قولي ما شاء الله ترى ما يحسد المال إلا أصحابه .
شادن : ما شاء الله
تكلمت أم طارق بعد أن كانت مستمعة لنقاشهن : أمل مدي يدك
اشربي عصيرك وكلي ترى باين الضعف عليك فالمستشفى أغلب
وقتك على المغذي..
شهقت شادن : ليش كانت في المستشفى ..أدارت رأسها لأمل
.. أمول إيش فيك تعبانه ؟؟..
هزت أمل رأسها نفياً وردت بحزن : لا بس ولدي ..وأنزلت
رأسها لتمسح عينيها من الدموع ..
أشارت أم طارق لشادن أن تصمت وقالت بهمس : أقولك بعدين ..
رفعت أمل رأسها وتكلمت بجمود : خالتي ممكن توريني
الغرفة أبي أرتاح شوي قبل الظهر ..
أم طارق : طيب ..وكلمت شادن .. شادن ودي أمل جناح
الضيوف عشان ترتاح ..
نهضت الفتاتان وتقدمت شادن أمل إلى الجناح ودخلتا بصمت .
شادن : أمول تعالي شوفي غرفة النوم والحمام (تكرمين)
داخل من هنا ..وأشارت إلى نهاية الردهة..
وهنا الصالة والمطبخ التحضيري ..وهي تشير إلى المكان
الواقفتان فيه .. وهذا الباب وراه مجلس ..وهي تشير لباب مقفل ..
أمل : مشكوره حبيبتي ..ومشت متجهة إلى غرفة النوم
.. تعالي معي نسولف شوي ..
هزت شادن رأسها باعتراض : لا إنتي ارتاحي و العصر نتقابل ..
أمل : إن شاء الله , قولي لخالتي مابي غداء ..
شادن : حاقولها إن شاء الله , مع السلامة..
أمل : مع السلامة ..
خرجت شادن من الجناح ودخلت أمل غرفة النوم لترتاح ..
*******************************
بعد صلاة العصر ..
كانت جالسة في الصالة وهي تتطلع إلى المنزل ودقت تصميمه
وتناسق ألوانه وأشكاله وهي تحدث نفسها "ما شاء الله لا قوة
إلا بالله إذا كان هذا الإبداع والجمال من صنع البشر كيف أجل
صنع رب البشر وهو اللي بنا الجنة بيده الكريمة سبحانه
’ يا رب ترزقنا الجنة ’ " انتبهت لصوت طرق على الباب وقفت
وسارت باتجاه الباب وفتحت وكانت تقف أم طارق وخلفها بناتها
شادن و شذى حيتهن ودعتهن للدخول وعندما مرت بجانبها شذى
أمسكت أمل بيدها برفق ونزلت لمستواها وقبلتها على وجنتيها وسألتها ..
أمل بابتسامة : إيش اسمك يا حلوه ؟؟
شذى : أنا سدى .
أمل بضحكة : ياقلبو ياناس الله يسعدك ..وقبلتها مرة أخرى
ووقفت وسارت بها إلى حيث تجلس أمها وأدارت ظهرها متجهة
إلى المطبخ لجلب القهوة التي صنعتها بعد أن صلت العصر أوقفتها أم طارق ..
أم طارق باستغراب: وين رايحة يا بنتي ..
أمل : بروح المطبخ سويت قهوه حاجيبها ..
أم طارق معترضة : لا لا أنتي تعبانه تقومين تضيفينا ..وأدارت
رأسها لشادن و نهرتها .. قومي روحي جيبي القهوة ..
أمل باعتراض : لا ياخالتي والله ما تقوم أنا أجيبها إلا إذا تعتبريني ضيفة ؟؟
أم طارق بنفي : لا والله والله إنك بنتي و أغلى بعد ..
صرخت شادن باعتراض مصطنع : أوووووووه لا طاح كرتنا
أجل ..وحدثت شذى.. شذوي قومي قومي راحت علينا أمل الظاهر
بتكوش على الحب كله..
ضحك الجميع على أسلوب شادن الساخر ..
أمل بضحكة : ههههههه الله يقطع شرك شدون ..وسارت باتجاه
المطبخ .. بعد إذنكم حاجيب القهوه ..
أحضرت أمل القهوة وطلبت شادن من إحدى الخادمات عبر
الإنتركوم إحضار الحلوى وجلسن يتجاذبن أطراف الحديث الذي
بدأته شادن بسؤال إلى أمها : ماما أبوي متى حيجي ؟؟
أم طارق بهدوء : اليوم طيارته توصل الساعة 9الليل ..
شادن : أها السايق حيجيبه ..
أم طارق : لا ,طارق إذا خلص الدوام راح يستقبله ..
شادن : بس مررره طول في سفرته هذي ..
أم طارق : أيوه اليوم يكمل له شهر من سافر ..
صمتت الاثنتان ونظرتا إلى أمل التي تتطلع لهم بتساؤل ..
ضحكتا عليها ..
شادن بضحكة : هههههههه , أمل والله لوتشوفين وجهك تموتين
ضحك كأنك طفل يبي يسأل لكنه متردد وخايف , قولي اللي عندك ...
خجلت أمل وأكتست وجنتيها باللون الوردي وضحكت بخجل
: ههههه , أمممم , ليش أبوك مسافر ؟؟
شادن : الله يسلمك أبوي بزنس مان يعني دايماً يسافر بس هذي
المرة طول..
أمل : أها الله يوصله بالسلامة ..
أم طارق و شادن : آمين
شادن : أمول انتي فأي مدرسة درستي .
أمل : فمدرسة القريه ..
شادن بتساؤل : ليه انتي مو من جده؟؟ ..
أمل : إيوه من جده بس القريه مش بعيده من جده يمكن 30 كيلو
وهي موب قريه بالمعنى الصحيح هي أقرب للحاره بس أحنا نسميها قريه ..
شادن : ليش هي يعني موب متطوره ..
أمل : لوسألتي هذا السؤال قبل أربع سنوات لو كان قلتلك خرابه
لكن الحين متطوره ومسفلته وكمان البيوت مجدده وأشكالها حلوه
يعني بختصار صارت حلووه مره ..
شادن : ما شاء الله ..تساءلت.. انتي متى آخر مره زرتيها ؟؟..
أمل بحزن : قبل أسبوع ..أخفضت عينيها حتى لا تريا الدموع التي
تجمعت فيها..
سكتت الاثنتان عندما رأيتا حالها ..
أم طارق : شادن روحي دقي على شهد شوفيها حتيجي ..
وقفت شادن وقد علمت أن أمها تريد أن تنفرد بها أمسكت بشذى
الصامته فهي تكون هادئة عن الأغراب وتكلمت : طيب ..وخرجت..
بقيت الاثنتان صامتتان إلى أن كسرت أم طارق حاجز الصمت .
أم طارق بتردد : أمل أبسألك سؤال أتمنى تجاوبي عليه إذا ما عندك مانع ..
رفعت أمل رأسها بعد أن مسحت عينيها : سمي يا خالتي ..
أم طارق : سم الله عدوك ..بتردد.. أممممم , أمل إيش اسم أمك وأبوك ..
اكتسى الحزن أمل وقالت بهدوء : ليش خالتي ..
أم طارق بجديه : لأني مشبهتك على وحد أعرفها من زمان ..
أمل : أها .. أبوي اسمه إبراهيم ناصر الـ...... وأمي اسمها ساره
بس ما أعرف إيش لأني ما عرفت عنها إلا قبل أربع سنوات بس ..
تفاجأت أم طارق "ياربي والله إني عرفت إنها بنتها مره شكلها
" وسألت بحذر : ليش هي وينها عنك ؟؟
أمل وقد دمعت عيناها : خالتي سلمى قالت لي إنها ماتت بعد ما
ولدتني بيوم و أنا ما أعرف شيء عنها غير اسمها .
تسابقت دمعات أم طارق وشهقت ثم بكت بقوه ..
خافت أمل على أم طارق واقتربت منها وجلست على ذات المقعد
وهي تبكي لبكاها : خالتي إيش فيك ليش تبكين ؟؟
أم طارق بين شهقاتها : يعني إنتي بنتها وهي ماتت لا لا ما صدق
كنت انتظر متى يجي اليوم اللي بنتقابل فيه لكن ..واستمرت تبكي
بألم وحرقة على فراق صديقتها .. أمل ما تدرين إيش كانت لي أمك
, ساره كانت أغلى صديقه لا مو صديقه أخت وأغلى من خواتي
عشنا مع بعض من صغرنا لين صار عمرنا 12 سنه وبعدها
..شهقت وبكت وأمل تبكي متأثرة من بكاها .. بعدها ما شفنا بعض
دورت عنها لكن ما لقيت لها أثر لكن ما فقدت الأمل إني بيوم
أقابلها لكن يوم شفتك حسيت إنك بنتها نفس شكلها وكلامها و
هيئتها ولما تأكدت آآآآآآآه ياليتني ما عرفت وأبقى على أمل
إني يوم ألتقيها ..
أمل ودموعها تجري : ياخالتي انتي عرفتي أمي وعشتي معها
وتكلمتي معاها لكن أنا إيش أقول أنا ما شفتها أبد , خالتي أحس
شي ناقصني من وأنا صغيره أدور على ذا الشي لكن ما لقيته
..شهقت بألم.. وما أحد عوضني خالتي أبوي كان يكرهني وسلمى
كمان وأنا ما أعرف السبب من يوم و أنا صغيره أنضرب بس إذا
خرجت وأبوي شاف وجهي وبدون سبب ..ومسحت دموعها بيديها
ولكنها عاودت الانهمار.. لكن عرفت السبب متأخر ومتأخر كثييييير
يا خالتي أبوي مسحور .
ضمتها أم طارق وهي تبكي بصمت : أنا راح أعوضك ولا أخليك
إنتي بنت الغاليه وأبوك يتعالج بإذن الله ..
أمل ببحة ومازالت مستمرة بالبكاء : خالتي أبوي كل يوم عن
الثاني يتعب أكثر شفته قبل أسبوع ظنيته شبحه خايفه يموت من
يبقالي بعده خآآآآآآآيفه ما ألقى أحد حوليني والله أموت ..
ضمتها أم طارق بعد أن تماسكت ومسحت دموعها : بسم الله عليك
..زادت في احتضانها .. وأنا وين رحت يا أمل والله ما أتركك وأبوك
كل اللي فيه من السحر وإن شاء الله ينفك عنه ..
أحست أمل بالدفء في حضن أم طارق وأغمضت عينيها ودموعها
تجري على خديها : خالتي احضنيني أحس البرد سكن فيني
, خالتي لا تتركيني وحدي..
أم طارق حضنتها بقوه : أمل أنتي بنتي وما أحد يتخلى عن بنته
ومن اليوم رايح تناديني يمه وما برضى تقولين لي يا خالتي أبد ..
ابتسمت أمل وهي في حضن أم طارق وردت : حاضر يمــــــــــه ..
*********
فيـــ ~ ركن من الوادي

كانت هناك وردة حمراء بهية

تألقت بجمال

ونثرت عبيرها

فشدت كل من نظر إليها

مر بها الألم

شده حسنها

حاول اقتلاعها

أبت إلا الصمود

ولكنه لم يتوقف عن المحاولة

حتى انتزعها بعنف عن أرضها

حملها بين يديه

نظر لها بازدراء

وألقها في مكان

مظلم

موحش

باااارد

وغادر

تركها تواجه العطش والخوف و البرد

وحــــــــــــيده

تحول لونها الأحمر الزاهي

إلى البنفسجي الكئيب

حاولت النهوض

لتبتعد

ولكنها لم تقوى

مر زمن طويل و هي تصد الموت بشرسة

وأتى يوم

هبت نسمة دافئة

أنعشت بقايا روحها

وكسر وحشة الظلام نور ضعيف قادم من بعيد

نهضت بما تبقى لها من قوة

و رأت النور القادم إليها

فأيقنت أنه الأمل

وصرخت ببهجة

((أرى بصيص من الأمل))

*****************************

نهايــــــــــــــــ الجزء السابع ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:17 PM


&< ~^((الجزء الثامن))^~ >&

~[(هل رحل الألم ؟؟)]~.


.... صرخت : لاااااااااااااااااا
وانفجرت تضحك عليهما عندما رأت وجهيهما ولم تستطيع الوقوف من الضحك فجلست ومسحت عينيها من الدموع ووضعت يدها على صدرها وتنهدت : أوووه والله أشكالكم تحفه .
تكلمت أم طارق بعصبية تظهر في صوتها : الله يقطع شرك فجعتينا إيش بلاك ..
تكلمت شادن بجديه مضحكة وقد لاحظت يدي أمها محتضنة يدي أمل : قولوا إيش تسوون ها وانتي يا ست أمل خلاص أخذتي أمي على كذا بروح أنتظر أبوي وأعسكر عنده قبل ما تكوشي عليه هو الثاني ..
ضحكت الاثنتان عليها وتكلمت أمل وقد دفنت نفسها في حضن أم طارق : روحي أصلاً صارت هذي أمي وحدي ..رفعت رأسها لأم طارق .. صح يمه.
ابتسمت أم طارق بحنان : صح يا روح أمك ..
شادن باعتراض ساخر : لأه لأه ما يصحش الكلام ده دنا كدا حزعل ..واقتربت منهما وحاولت إبعاد أمل عن أمها فتوقفت عندما رأت دمعة سقطت من عيني أمل وأكمل بجديه بعد أن ابتعدت .. أمل والله ما أقصد أزعلك سامحيني أنا أمزح أبي أبعد جو الحزن عنكم لما شفتكم تبكون ..
رفعت أمل رأسها من حضن أم طارق ومسحت الدموع من خديها : لا يا عمري والله موب زعلانه لكني أول مره أحس بالحنان والدفا وأن عندي أهل أتمنى ما يخلوني ..
دمعت عينا شادن واقتربت من أمل وحضنتها بقوه : أمل انتي أختي ومستحيل أتركك سمعتي مستحييييييييييل ..
*********************
بعد أن صلت المغرب وجلست لتكمل أذكار المساء سمعت صوت الإنتركوم فنهضت ورفعت السماعة وسمعت شادن تلقي التحية وردت عليها ..
شادن : أمل بعد شوي حتيجي شهد ونتجمع في الحديقة أقابلك من الباب الخارجي طيب ..
أمل : لحظة , أخاف أخوك ولا أبوك يجو وأحنا برا ..
شادن : لا يا عمري ما سمعتي أمي تقول طيارته توصل تسعه ودوام طارق يخلص ثمانيه يعني لسه بدري ..
أمل : خلاص شوي وأخرج ..ثم أغلقت السماعة ..
وقفت ودخلت غرفة النوم ووقفت أمام حقيبتها وفتحتها ورأت أمامها قميص أحمر اللون لإبنها إبراهيم حزنت لفراقه ولكنها لم تبكي وحدثت نفسها "أنا على الوعد يا إبراهيم بإذن الله " فرغت الحقيبة من محتوياتها وفرزت ملابس إبنها ووضعتها في كيس صغير ورفعتها في مكان بعيد في الخزانة حتى لا تراه مجدداً ..
ورفعت لها قميص بني بورود تركوازية اللون بأكمام حائرة وتنوره طويلة من الجينز الباهت و تحممت بسرعة ولبست ملابسها بالإضافة إلى شالاً باللون التركوازي وضعته على رأسها تحسباًً لدخول أي أحد .. وخرجت لهم كما وصفت لها شادن ..
سارت قليلاً ثم وجدتهن يجلسن على كراسي من الخيزران تتوسطها طاولة من الزجاج موضوع عليها بضعة صواني مغلفة وترامس القهوة الشاي بالإضافة للعصير ..
سلمت عليهم وجلست وكانت تجلس أم طارق وفي حضنها شذى وبجوارها شادن فجلست هي على الكرسي المقابل لهما ..
أمل : أخباركم ..
الكل : الحمد لله , وأنتي ..
أمل : الحمد لله , خالتي ..
قاطعتها أم طارق : ها إيش قلنا ..
ابتسمت أمل : يمه متى حتجي شهد ..
أم طارق بابتسامة وهي تنظر لساعتها الفخمة : هي خلاص على وصول ..
أمل : أها ..تساءلت.. كم أعمار عيالها ؟؟..
أم طارق : أمممم أظن إياد سنتين وكم شهر أما ريناد عشره شهور ..
أمل : الله يخليهم لها ..
أم طارق و شادن : آمين ..
في هذه اللحظة سمعوا أصوات أطفال فعلموا أنهم وصلوا فقفزت شذى بفرح وهتفت : إياد دا إياد دا ..
وهرولت حيث سمعت الصوت ..
ضحكوا جميعاً على حماستها وقالت أم طارق بصوت عالي : شذى بشويش لا تطيحي ..
صرخت الصغيرة من بعيد : تيب تيب ..
أمل بضحكة : يا عمري وكمان توقف ترد وتجري ..
شادن : هي أصلاً من تسمع صوت إياد تنط وتروح له مثل البرق..
أم طارق : يا عمري عليها تفرح فيه لأنها وحدها ما عندها أحد مثل عمرها تلعب معاه ..
شادن : هذا لأنك جبتيها في الوقت بدل الضائع بعد ما كبرنا ..
..... : إلا غيرانة عشانها أخذت حب أبوي كله ..
رفع الكل رأسه ووجدن شهد التي تحمل في يدها طفلة جميلة جداً تلبس فستانا قصير لفوق الركبة ويربط من الأعلى بخيوط رفيعة على الأكتاف ، وبالقرب منها إياد وشذى الممسكة بيده ..
ألقت التحية ورد عليها الجميع وتقدمت من أمها وقبلت رأسها ويمناها ووضعت ريناد في حضنها وتقدمت من شادن وسلمت بالخد ثم اقتربت من أمل وابتسمت لها وبادلتها أمل الابتسامة ومدت يدها وصافحتها وقبلتها بالخد كذلك وجلست بالقرب منها ..
شهد : أخباركم ..
الكل : الحمد لله ..
أدارت شهد رأسها لأمل : أمل صح ..
هزت أمل رأسها إيجاباً وابتسمت : إيوه ..
شهد : يوووه شادن صجتني من الظهر كل شوي تدق علي تسأل متى أجي عشان أشوفك ..ضحكت عندما رأت شادن تهددها .. ههههههه لا صراحة خوفتيني ..أشارت لها شادن بألا تكمل.. لا بقول , وتقول كانت حتنجن عليك وحبتك بقوووه ..
أحرجت أمل وأحمر وجهها : وأنا كمان حبيتها والله ..
ضحك الجميع على شادن التي أحرجت واحمر وجهها من الغيظ وقالت بتهديد : هيييييين إن كان قلت لك شي مره ثانيه ..وأدارت رأسها لأمل .. تسلمين يا عمري ..
وقفت أمل وسارت إلى أم طارق ومدت يدها : يمه هاتي ريناد بسلم عليها ..
مدت أم طارق الصغيرة لأمل وحملتها وجلست على المقعد المجاور لها وقبلت الطفلة بحب وحنان : يا دلبو تزنن ما شاء الله ..أدارت رأسها لشهد..مررره حلوه بنتك ما شاء الله تشبه لمين .. أجلست أمل الطفلة بحضنها فأمسكت الطفلة بطرف الشال تلعب به ..
شهد بتفكير : أمممممم والله مادري أظن تشبه وحده من عماتها ..
شادن : إيوه أظن تشبه أريام .
شهد : إيوه صح مرره تشبهها .
أمل : الله يخليها لك بس لو تلبسينها فستان بأكمام أحسن ما شاء الله بنتك بيضاء والناس عيونهم ما ترحم وترى سمعت من وحده أن بنتها جاتها عين بسبب ملابسها دايماً قصير وعلاقي والبنت الحين مريضة مررره ..
شهد بذهول : يا الله حتى الصغار عيون الناس ما رحمتهم ..
أمل : بس السبب أهاليهم هم يرضون يلبسونهم هذي الملابس ويطلعون فيها عند الناس ..
شهد باقتناع : صادقة , إن شاء الله ما ألبس بنتي ها الملابس أبد مابي أفقدها ..
ضربت كلمت شهد وتر حساس عند أمل وتغير وجهها فأنزلت رأسها حتى لا يلاحظن ذلك ولكن رأتها أم طارق وحاولت أن تبتعد عن هذا الموضوع ..
أم طارق بحنين : بنات تذكرون خالتكم ساره إللي حكيت لكم عنها ..
شادن وشهد بفرحه : إيه نذكرها ..وأكملت شادن .. إيش فيها أحد حصلها ..
هزت أم طارق رأسها بنفي وأكملت : لا لكن حصلت قطعه منها ..
شهد وشادن باستغراب : كيف قطعه منها ؟؟
أم طارق بحب : أمل ..رفعت أمل رأسها وابتسمت لأم طارق وردت لها الأخرى الابتسام وأكملت.. أمل هي قطعه من ساره هي بنتها ونسخه منها فكل شيء إلا عيونها ..
شادن بفرحه غامره : صحيح أمي يعني أمل بنت خالتي ساره ..وقفت وسارت حتى وصلت إلى أمل وجلست بقربها وأمسكت يدها .. تصدقين أمول أمك حبيناها من دون ما نشوفها ..صمتت قليلاً ثم سألت .. إلا هي وينها ؟؟
صمتت أم طارق وأمل وران الحزن عليهما واستغربتا شهد و شادن سبب وجومهما وقطع الصمت أمل التي قالت بحزن : أمي ماتت بعد ما ولدتني بيوم واحد .
زال العجب وحل الحزن على الفتاتان وقالت شهد مواسيه : الله يرحمها ..
ردت أمل : آمين ..و أكملت بفرحة مصطنعة حتى تكسر جو الحزن .. لكن أنا عندي أم ثانيه الله يخليها لي ..رفعت رأسها لأم طارق وابتسمت لها وشارت عليها .. هذي أمي ..
ابتسمن الجالسات لها وهن متعجبات من صبر أمل وقوة تحملها ..
في هذه اللحظة سمعن صوت الأذان لصلاة العشاء صمتن لتكرار الأذان والدعاء ..
تحدثن قليلاً بموضوعات متفرقة ثم نهضن لأداء الصلاة ..
***********************
دخلت الجناح وخلعت الشال ثم وضعته على إحدى المقاعد ودلفت إلى غرفة النوم , توضأت ثم لبست جلال الصلاة ووقفت على السجادة وكبرت ..
بعد أن أنهت الصلاة جلست لتكمل الأذكار ثم خرجت إلى الصالة و فتحت التلفاز وكانت على قناة للاغاني أمسكت الريموت وأخفضت الصوت بسرعة وهي تستغفر وتقول : حسبي الله ونعم الوكيل على كل من اشتغل أو موّل مثل هذي القنوات الله حسيبهم ..
أخذت تقلب في القنوات ثم توقفت عند إحدى قنواتها المفضلة قناة (الروح) تحب سماع الأناشيد حتى تخرجها من حزنها ولو قليلاً ..
سمعت طرق الباب الفاصل بين الصالة الرئيسية والجناح وقفت وهي تقول : مين ..
سمعت صوت شادن وشهد تقولان : إحنا ..
ابتسمت وفتحت الباب ودخلتا وهما تسلمان ردت التحية و أرادت إغلاق الباب فسمعت صوت إياد وشذى يصرخان : لا تدفلين (لا تقفلين)..
ضحكت عليهما وأدخلتهما وجلست على المقعد المقابل للفتيات ثم أجلست الأطفال بجانبها ..
تساءلت أمل : شهد فين ريناد ؟؟
شهد : نايمه ..
شادن نظرت إلى التلفاز وقالت : أمل تحبين هالقناه ؟؟
أمل : أيوه أحبها وكمان قناة شدا وأممممم بس من قنوات الأناشيد هذي ..
شادن : بس فيه قنوات كثير غيرها ما تحبيها ..
هزت أمل رأسها باعتراض : لا ما أحبها لأن أغلب أناشيدها فيها إيقاعات وموسيقى .. رفعت الصوت من الريموت وأكملت بحماس .. بنات أسمعوا هذي مرره تجنن ..
وكانت تُعرض أنشودة للمنشد محمد العمري
أنتِ ملاك
القلب يمي لك مشى .. بالعطف والطيب انتشى
في حضنها عمري نشى .. ومن حبها قلبي يميل
أمي حياتي وجنتي .. أنتي عيوني وبسمتي
حبك شعاع بمهجتي .. والشعر من حبك يسيل
القلب سعده من رضاك .. والكون عطره من شذاك
كلي على بعضي فداك .. إن غبت سموني القتيل
يا نبض قلبي والوجود .. يا روح عمري يا الودود
يا أغلى من كل الحشود .. المدح في حقك قليل
يا دمع أحرقت العيون .. وأمي عليه ما تهون
لكن إذا حل المنون .. ما يوقفه قال وقيل
يا ناس من لي بعدها .. يا ناس منهو يردها
تكفون قولوا وينها .. عذبت قلبي بالرحيل
يا الله عساها في الجنان .. تنعم بخيرات حسان
وتبدل أيام الزمان .. بالعيش والدار الجميل


انسجمت أمل مع النشيد وسرحت وهي تنشد بصوتها العذب وأصبحت عينيها غائمة من الدموع من أثر الكلمات ولم تشعر بانخفاض الصوت والأعين التي تنظر لها ولا الآذان التي تسمعها وقد استشعرت مدى الحزن الذي سكنها ..
انتبهت أمل لهم عندما انتهت من الإنشاد وابتسمت لهم بحزن وابتسمتا لها فقطعت شادن الجو الكئيب ..
شادن بمرح وحماس : واااااااو أمول صوتك مررررره يجنن ..
أمل بابتسامه : تسلمين لكنه موب لذاك الزود .
شهد باعتراض : لا والله يجنن مره ..
خجلت أمل منهما وقالت بمرح : أحم أحم أخجلتم تواضعنا ..ضحكن الفتيات عليها ..
شادن بهدوء : أمل لاحظت مثل صوت الموسيقى في النشيد ..
أمل : لا ما أظن موسيقى لأن هالقناه ما تعرض إلا اللي بدون موسيقى وأظن الأصوات مؤثرات يعني أصوات بشريه ..
شهد : أها , بس مره كأنها موسيقى ..
أمل : إيوه حتى أنا شكيت في البداية لكن تأكدت لمن سألت وحده فالشات وعلموها إنها مؤثرات بس ..
أمسكت أمل بإياد وأجلسته بحضنها قبلته على خده وسألته : اسمك يا حلو؟؟
إياد ببراءة : اداد ..
أمل بحب : يا قبلو ياحلاته أيود من هذي؟؟ ..تؤشر بسبابتها إلى شهد ..
إياد بفرح : ماما ..
ضحكت أمل على حماسه وأشارت إلى شادن وسألته : وهذي مين ؟؟
إياد : آدن
صرخت شادن بمرح : يا قلب آدن والله ..واقتربت منه وقبلته بقوة حتى بكى وأبعدها عنه ..
ضحكتا أمل وشهد عليها وقالت أمل : أعوذ بالله دفشه مره ..
نهضت شهد وحملت طفلها الباكي : خلاص حبيبي أضربها ..هز الطفل رأسه بإيجاب ودموعه تجري على خديه اقتربت من شادن وضربتها بخفه وكلمته ..ها رضيت ,,
في هذه اللحظة سمعن صوت أبواق سيارة فعلمن أن والدهن وصل فقفزن جميعاً ماعدا أمل وخرجن مسرعات نحو الصالة لاستقبال والدهن ..
أحست أمل فجأة بالوحدة والحزن وغبطتهن على حبهن لوالدهن كم تمنت أن تكون دائما في استقبال والدها ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن..
نهضت وأقفلت الباب ودخلت لغرفة النوم وأبدلت ملابسها بجلابية ورديه من القطن بأكمام قصيرة ووقفت أمام المرآة وفتحت شعرها الكستانئي والناعم بلفافات من أسفله والذي يصل طوله إلى منتصف الورك وأمسكت بالمشط ومشطته وسارت إلى السرير وتمددت عليه وهاجمتها الأفكار من كل صوب وجلست حتى تبعدها ثم أمسكت بمصحفها تقرأ منه حتى يبعد عنها الضيق ..
***********************
في الصالة ..
بعد الاستقبال الحافل الذي استقبله أبناءة به جلسوا على المقاعد يتجاذبون
أطراف الحديث بعد السؤال عن الأحوال ..
سأل أبو طارق شذى الجالسة في حضنه : ها شخبار شذونتي ؟؟
هزت شذى رأسها بإيجاب : تيبه ..وأكملت بحماس .. بابا أمل حلووووه مرررره ..
نظر أبو طارق باستغراب لأم طارق وسأل : من أمل ؟؟
نهض طارق مسرعاً وعلامات الضيق على وجهه منذ أن سمع أسم أمل وعلم أنها الفتاه التي تسكن عندهم وقال مستأذناً : أنا أستأذن بروح أرتاح ..وأدار رأسه لامه وأكمل ..لا تقوموني للعشاء شبعان .. وتمتم بصوت منخفض "شبعان قهر" وأكمل.. تصبحون على خير .
رد الكل : وأنت من أهله ..
التفت أبو طارق لزوجته وأعاد السؤال : مين أمل يا علياء ؟؟
غمزت له أم طارق بأنها ستخبره لاحقاً ..
فهمن الفتيات أن أمهم لا تريد أن تتكلم الآن وتكلمت شادن لتبعد عن الجو المشحون فقالت بحماس: بابا إيش جبت لي هديه ..
ضحك والدها وأكمل بسؤال : إنتي إيش طلبتي مني إذا نجحتي من ثاني ؟؟
شادن بتفكير : أممممم ..تذكرت وقفزت.. واو لابتوب جديد ..هز والدها رأسه إيجاباً فانطلقت وقبلت والداها .. مشكووووور بابا مررره مشكوور .
ضحك الجميع عليها ..
أدار أبو طارق رأسه لشهد وحدثها بحنان : ها شهودتي أخبار معاذ والعيال.
شهد ابتسمت بحب لوالدها : الحمد لله كلهم طيبين ..
سمعوا رنين الإنتركوم ورفعته أم طارق وقالت : ها جولي العشاء جاهز .
جولي : yes, madam
أم طارق : طيب حضروه ok
جولي :ok
أقفلت أم طارق السماعة وحدثتهن : يلا العشاء جاهز ..وأدارت رأسها لشادن .. شادن حبيبتي خذي صحن من العشاء لأمل ..
هزت شادن رأسها إيجابا وردت : طيب ..وسارت باتجاه المطبخ وطلبت من الخادمات تجهز طبق لأمل..
نهض الجميع وجلسوا على طاولت الطعام ينتظرون حضور شادن ليأكلوا ..
******
أما شادن أخذت الطبق وسارت إلى جناح الضيوف وطرقت الباب ودخلت فلم تجد أمل في الصالة وضعت الصحن على الطاولة في الصالة واتجهت إلى غرفت النوم وطرقت الباب بخفه فردت أمل تسأل : مين؟؟ ..
أجابتها شادن بمرح : وحده حلوه ممكن تدخل؟؟ ..
أجابتها أمل بضحكة : ههههههه ممكن تدخل الحلوه ..
فتحت شادن الباب مبتسمة : ها إعترفي إيش تسوين ؟؟
رفعت أمل كتفيها وردت : ولا شي حاولت أنام لكنه رفض يجيني قلت أقرأ قرآن شويه ..
شادن باعتراض : لا والله تنامين بدون عشاء يالله قومي أشوف ..
أمل باعتراض هي الأخرى : لا والله مابي مالي نفس ..
شادن بعناد وقد أمسكت بيدي أمل بعد أن أطبقت المصحف ووضعته على الكمودينو : يلا قومي بلا دلع يعني ما تغديتي وكمان ما تتعشي ..
أوقفت أمل معها وسارت بها إلى الصالة وأجلستها على المقعد و أمل تضحك على حركاتها وعندما دارت شادن حتى تخرج رأت شعر أمل وشهقت ثم قالت بسرعة : ما شاء الله ما شاء الله أمول شعرك يجنن ما شاء الله وطويل ..وتساءلت .. أمول لونه طبيعي ؟؟
هزت أمل رأسها وهي تضحك على شادن التي رسمت على وجهها علامات الدهشة : إيوه طبيعي ..
شادن : ما شاء الله ..وتساءلت .. طيب ما عمرك قصيتيه صح ؟؟
أمل بابتسامة : أيوه ,بس كل نص شهر أقص أطرافه ..
شادن : ما شاء الله ما شاء الله.
ضحكت أمل عليها حتى أدمعت عيناها : هههههههههههههههههههههه
..تنهدت ومسحت عينيها .. أوووهههه إيش فيك علقتي على كلمة ما شاء الله.
ضحكت شادن : هههههههههه ..أكملت .. والله من جدي خايفه أحسدك ..تذكرت أن أهلها ينتظرون حضورها للعشاء .. اوووووف أمل تأخرت على أهلي ..وخرجت ثم عادت أطلت رأسها ..أمول لا تنامين بجي عندك طيب .
هزت أمل رأسها وأجابت : طيب ..
بعد خرج شادن مازالت أمل مبتسمة على خفة دمها وروحها التي جعلت قلب أمل ينبض بفرح ويرفرف بحب هذه العائلة الطيبة ..نهضت لترفع شعرها بمساكة وتغسل يدها ..
وجلست رفعت الغطاء عن الأكل سمت بالله وأكلت ..
********************************
بعد أن تعشى الجميع نهضوا ليرتاحوا بعد تعب اليوم فأم طارق وزوجها توجهوا على غرفة نومهم بعد أن حمل أبو طارق شذى النائمة ووضعها في غرفتها المجاورة لغرفة نومهم , أما شهد و دعتهم وغادرت إلى منزلها بعد أن حضر زوجها وسلم على والدها ..
و شادن ذهبت لغرفت نومها وأبدلت ملابسها بلبس بيجاما بقميص بدون أكمام وبنطلون يصل طوله إلى منتصف الساق وسارت متجهة إلى قسم الضيوف ..
طرقت الباب ودخلت وجدت أمل في الصالة تنظر إلى التلفاز سلمت وجلست ردت أمل التحية و أخفضت صوت التلفاز واستدارت إلى جهة شادن الجالسة بجوارها على المقعد ..
سألت أمل شادن : جيتي من غرفتك كذا ؟؟
شادن بلامبالاة : إيوه عادي ..
أمل بهدوء : لا والله موب عادي فرضاً قابلتي أبوك أو أخوك بذي الملابس هالملابس بس البسيها فغرفة النوم ولوحدك بعد ..
هزت شادن رأسها بلامبالاة وقالت مقاطعة الموضوع : أمول قولي قصتك ترى أنا أختك ..قالت الأخيرة ببراءة ..
تضايقت أمل من تغييرها للموضوع وعزمت في نفسها أن تعيد الأمر مرة أخرى , ضحكت وردت عليها : إيوه أختي وأغلى مع أني ما أعرف إيش شعور الأخوات لكني والله أحبك ..
تنحنحت شادن : أحم أحم شعور متبادل ..وأكملت بحماس .. يلا لا تضيعين الموضوع قولي سالفتك ..
خيم الحزن على أمل عندما تذكرت ما جرى لها وسردت لشادن قصتها إلى أن وصلت إلى عملها في المشغل قاطعتها شادن ..
شادن : تقولين بعد ما وضعتي ولدك عشتي ثلاث أسابيع عند صديقتك و شهر في الشارع كيف سويتي ..
أمل : الله لا يوريك إللي شفته ..تنهدت واستغفرت ثم أكملت .. صرت أدور من مكان لمكان وأغلب الأحيان في عمارات اللي تنبني وأحيان فبيوت مهجورة عاد هناك خوف من البشر ومن الجن وكله كوم وبكى إبراهيم فالليل كوم ثاني أحياناً يجي الصباح وأنا ما نمت وبعدين كنت صغيره ما عندي خبره عن الأطفال فكنت أبكي لبكاه ..توقفت أمل عن الكلام ومسحت دموعها وأكملت بعد أن ابتسمت .. بعد شهر كنت فمسجد وبعد ما صليت جلست وجلست جنبي وحده سلمت علي ورديت عليها ..
********
وغاصت أمل في ذكريات ذلك اليوم ..
البنت :أخبارك أختي ..
أمل باستغراب : الحمد لله ..
البنت : أنا ليلى , و إنتي إيش اسمك ؟؟
أمل : أنا أمل ..
ليلى ابتسمت لها : هذا ولدك ..
أمل تهز ولدها الباكي : ايوه ..
ليلى : الله يخليه لك , ليش ما تركتيه عند أمك وجيتي تصلين ..
أمل بحزن وببراءة سردت قصتها لليلى : أمي ماتت وما عندي أحد يساعدني وأصلاً أنا وقت الصلاة أكون في المسجد بعدين أخرج أدور مكان أنام فيه مع ولدي ..
ليلى بدهشة : ليش ما عندك بيت ..
أمل وقد دمعت عيناها : لا ما عندي زوجي طلقني ورماني وأنا ما ادري إيش السبب وأبوي كمان طردني وما أعرف وين أكون ..
ليلى بحنان وقد احتضنت أمل : يا عمري والله ما أتركك يلااا تعالي معي ..
أمل باستغراب : وين أجي ..
ليلى بغموض : تعالي وبس ..
خرجت أمل بصحبتها وسارتا قليلاً ثم وقفتا أمام مبنى مكون من ثلاثة طوابق عليها لوحة كبيرة عليها اسم مشغل دلفتا إلى الداخل وفتحت الباب وأجلست أمل في غرفة الاستراحة وغابت قليلاً ثم عادت وهي تحمل تلفون نقال بيدها جلست مقابل أمل ..
ليلى : أمل ارتاحي وافتحي نقابك .
أمل : طيب ..ورفعت نقابها ورأت نظرات الإعجاب في عيني ليلى وسمعتها تتمتم بهمس "ما شاء الله " ..
ليلى بتساؤل : أمل كم عمرك ؟؟
أمل : ستطعش .
ليلى : أوووه مرره صغيره أجل يوم تزوجتي كم عمرك ؟؟..
أمل بتفكير : أمممممم قبل سنتين تزوجت يعني أظن أربعطعش..
حزنت ليلى عليها وأكملت بجديه : شوفي أمل أنا بكلم صاحبة المشغل تشتغلين فيه وتسكنين فالملحق بالسطح ..
أمل بتردد : طيب إيش أشتغل وولدي وين أحطه ؟؟
ليلى بحنان : الشغله سهله أول شيء تعرفين تنظفين ؟؟..هزت أمل رأسها إيجاباً وأكملت ليلى .. كويس يعني تنظيف المشغل أشياء بسيطه مرره وولدك أنا بساعدك فيه وقت الشغل وبعدين تنامين فالملحق ..
هزت أمل رأسها : طيب بس الإجار من وين أدفعه ؟؟
ليلى : من راتب الشغل جزء أجار وجزء لك , في شيء ثاني ؟؟
أمل بامتنان : مشكوووره ليلى ..
ليلى بحب : العفو والله إنك دخلتي قلبي على طول لما شفتك ..أمسكت الهاتف وضغطت بضعت أزرار ووضعته على أذنها وتكلمت برسمية مع الطرف الآخر لدقائق ثم أغلقته مبتسمة
ليلى : أمل مبروك وافقت تشتغلين وكمان تسكنين فالملحق ..ابتسمت وأكملت بحماس.. ترى أنا بيتي فالدور الثالث يعني أنا وأنتي جيران ..
أمل بفرحة : الله يبارك فيك ..
*******
أمل : جد كانت أطيب إنسانه قابلتها ساعدتني كثير بولدي جزاها الله خير وكمان أسماء طيبه لأبعد حد وأختها هيفاء كمان الله يذكرهم بالخير ..
شادن بتأثر : آمين ..إيوه وبعدين إيش صار ؟؟
أمل : اشتغلت فالمشغل سنتين وبعدها ..أكملت لها أمل ما حدث لها إلى أن وصلت إلى منزلهم ولم تذكر معاملة طارق لها في المستشفى ..
بكت أمل وفرغت بقايا الألم المتراكم في صدرها أملاً أن يرحل ولا يعود مجدداً وبكت شادن من بكائها ثم نامتا على المقاعد وهما لم يشعرا ..
******
سمعت أمل أذان الفجر استيقظت ورأت نفسها على المقعد وكذلك شادن فابتسمت ونهضت ومرت بشادن وأيقظتها تململت كثيراً وأصرت أمل أن توقظها حتى استيقظت بملل ..
شادن بتأفف : أملوه وجع ليش مقومتني الحين وإحنا سهرانين ..
أمل بجديه : قومي صلي الفجر بعدين نامي ..
حكت شادن شعرها القصير المتشعث بحركات طفولية : بس إذا غسلت وجهي ما أنام مره ثانيه ..
أمل ولم تتخلى عن الجدية : قومي أحسلك والا ترا بجيك المويه هذا على وجهك ..وأشارت إلى قنينة مليئة لمنتصفها بالماء..
شادن بفزع : لا لا والله قايمه الحين ..
أمل وهي تبتعد باتجاه غرفة النوم وتقول بسخرية : بنات ما تجي إلا بالعين الحمراء ..
صرخت شادن باعتراض : لا والله ..ووقفت متجهة إلى خارج الجناح وهي تتكلم بصوت عالي .. أمول إذا ما جاني نوم برجع عندك ok
أمل من داخل غرفة النوم : ok أصلاً أنا خلاص شبعت نوم ..
صلت أمل وبعد أن أنهت الأذكار دخلت المطبخ وصنعت كوبين من الحليب ووجدت بعض الشطائر سخنتها ووضعتها في صحن ووضعت معها الجبن والمربى وحملت الصحن إلى الصالة وفتحت التلفاز على قناة المجد للقرآن وجلست تستمع لصوت الشيخ فارس عباد من سورة البقرة وأغمضت عينيها واسترخت تستمع لصوته العذب الذي يطرب الآذان ..
فتحت عينيها و انتبهت لشادن التي تنظر لها باستغراب فضحكت أمل عليها وأخفضت الصوت : هههههههههه إيش فيك أول مره تشوفي أحد مسترخي؟؟
هزت شادن رأسها بنفي وأكملت : لا بس حسبتك نايمه لكن يوم شفتك تقرين معاه عرفت إنك ما نمتي ..صمتت قليلاً ثم أكملت .. أنتي سويتي هذا الفطور .
أمل : إيوه يلا حيبرد الحليب والتوست ..
فطرتا وجلستا تتحدثان قليلاً ..
دخلت عندهما أم طارق مستغربه : السلام عليكم .
ردت الفتاتان : وعليكم السلام ..أكملت أمل .. حياك يمه تفضلي أفطري معنا ..ونهضت .. بروح أسوي لك حليب ..
أم طارق بحنان : لا يا عمري لا تتعبين نفسك أنا بفطر مع أبو طارق ..وأدارت رأسها لشادن وأكمل باستغراب .. غريبه شادن تقوم من فجر
ضحكت الفتاتان وقالت شادن بسخرية : ما غريب إلا الشيطان , والبركة فالأخت أمل ما قصرت فيني حتى طار النوم ..
التفتت أم طارق لأمل وقالت بامتنان : جزاك الله خير يا بنتي كانت تتعبني على ما تقوم ..و أكملت بجديه .. أمل عمك أبو طارق يبي يكلمك وهو عند الباب ..
أمل بخوف : ليش يمه ؟؟
أم طارق بحنان : لا تخافين هو بس حيكلمك كلمتين من ورى الباب ..
أمل بانصياع وقد تقدمت إلى الباب : طيب ..ورفعت صوتها.. سم يا عمي ..
**************************
في رف بعيد عن الأعين

رأيت كتاب مهمل

تسلقت السلالم كي أصل إليه

حتى أمسكت به

جلست لأقرأه

وكان عنوانه الأمـــــل

فتحت أولى صفحاته

فوجدت مدادها الألم

عجبت

فتحت غيرها

فكانت كسابقتها

وغيرها

وغيرها

ولم أجد ما يطابق العنوان

ألم يقال الكتاب يوضحه العنوان

ولكني أرى النقيض تماماً

فلم أيئس

تصفحت حتى وجدت ورقة مشرقة مدادها

الأمـــــــــــــــل

فرحت بها

وقرأتها وأفرحني ما بها

ولــــــــــــكن

كان آخر سطر بها

ســـــــــــــؤال

رفعت صوتي به وأنا متعجباً منه

((هل رحل الألم ؟؟))

وهل سيعود؟؟

فسمعت صوتاً يتردد

نــــــعم سيعود

نــــــعم سيعود


*******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثامن ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:19 PM




&< ~^((الجزء التاسع ))^~ >&

~[(وانسحبت جيوش الأمل)]~



تكلمت أمل من خلف الباب ورفعت صوتها : سم ياعمي..
أبو طارق : سم الله عدوك , كيفك يا بنتي وعظم الله أجرك فولدك ..
أمل بحزن : الله يسلمك يا عم وجزاك الله خير , وشلونك أنت ياعمي ؟؟ , والحمد لله على السلامة
أبو طارق بهدوء : زين زان لونك , الله يسلمك ..وأكمل بحنان .. يا أمل شوفي أنتي صرتي بنت رابعة لي وتعيشين معززة مكرمة عندي لين يتعالج أبوك وترا أبوك ولد عمي يعني إعتبري نفسك ببيت أبوك وإذا أي شيء قاصرك ما يردك إلا لسانك وكل اللي فالبيت أهلك مني أنا إلى شذى ولا تحسين نفسك إنك غريبة عنا ..
أمل بامتنان : تسلم يا عمي وهذا من طيب أصلكم ..
أبو طارق أكمل بجديه : شوفي أنا بخلي طارق يبلغ عن اللي صدم ولدك أما أبوك بإذن الله إذا رجعت من السفر بجيب له شيخ يقرأ عليه ..
أمل بامتنان وقد دمعت عيناها : مشكووووور يا عم وما أعرف كيف أوفي جميلك ..
أبو طارق اعترض بحنان : مابين الأب وبنته جميل وإنتي بنتي وأعدك وحده منهم ..
اعترضت شادن بصوت عالي ساخر :أووووف يا أمل حتى أبوي أخذتيه وأنا أقول باعسكر عنده عشان أحميه منك..
ضحك الكل عليها
وأكملت بجدية : صدق أبوي يعني أمل تصير بنت عمي ؟؟
أبو طارق : إيوه ..
صرخت بفرحة منافية لجديتها قبل لحظات : ياااسلااااااااام أمول بنت عمي..واقتربت من أمل وحضنتها بقوه ..
اقشعر بدن أمل و همست لها : أبعدي وجع كسرتي عظامي ..
شادن بصوت عالي : من فرحتي بك يازفته ..
أمل ومازلت تتحدث بهمس وبرجاء خفي : الله يخليك إفرحي بعيد عني..
أم طارق : شادن كسرتي البنت ابعدي عنها ..
شادن : يا ناس فرحانه أمل بنت عمي .. وابتعدت عنها ..
أبو طارق : الله يفرحك أكثر وأكثر وأمل تستاهل كل خير ..
أمل باستحياء: تسلم ياعم ..
أبو طارق : استأذن بروح أفطر عشان أروح الشركة , أم طارق وين الفطور..
أم طارق : يلا الحين أحضره ..
شادن أطلت لوالدها من الباب ونادته: أبوي بتسافر وانت ما جيت إلا البارح؟؟
أبو طارق بهدوء : إيوه سفره لدبي يمكن ما أطول يوم أو يومين إن شاء الله ..
شادن : تروح وترجع بالسلامة ..
أبو طارق : الله يسلمك ..وغادر إلى غرفة الطعام..
دخلت شادن ووجدت أمل جالسة على إحدى المقاعد وشكلها يوحي بأنها تفكر بعمق ..
أمل تفكر تحدث نفسها "الحمد لله أنهم طلعوا يقربون لي بســ طارق كيف هو اللي يبلغ عن اللي صدم ولدي إبراهيم وهو شكك فشرفي , أكيد بيشك وأنا ما عندي اللي يثبت نسبه , أووووف ياليت أي أحد غيره يبلغ , أمممممم ياليتني قلت لعمي أبو طارق بأنتظره لين يجي بعدين يبلغ بس إيش بيقول أكيد بيشك إن فيه سبب لرفضي , يااارب إلهمني الحل تعبت من التفكير " قطع تفكيرها شادن تناديها ..
شادن بهدوء : أمل إيش فيك أحسك منتي طبيعية في شيء مكدرك ..
أمل بابتسامة مصطنعة : لا يا عمري ما فيني شيء بس أفكر كيف نبلغ عن اللي صدم إبراهيم وأنا ما سجلت رقم سيارته ولا نوع السيارة أصلاً كنت ذاك الوقت بحاله ما يعلمها إلا ربي ..
شادن : ما أدري والله ..فكرت قليلاً ثم هتفت بصوت مرتفع ..لحـــــظة أمي شافت الحادث يمكن سجلت الرقم ..
أمل بفرحة : جبتيها والله , روحي اسأليها .
شادن : طيب ..وخرجت متوجهة إلى حيث يجلس والداها في غرفة الطعام..
دلفت إلى الغرفة ووجدت والداها يتناولان الفطور بصحبة أخيها طارق الذي علق على الفور من دخولها ..
طارق بسخرية : لا لا ما أصدق شادن صاحية الصباح وفالإجازة كمان ..
نظرت له شادن شزراً ولم ترد على سخريته وألقت التحية فردوا عليها جميعاً ..
شادن بهدوء : أمي أنتي شفتي حادث إبراهيم ولد أمل ..
هزت أم طارق رأسها بحزن وأكملت : أيوه شفته ويا ليتني ما شفته كان شكل الولد مرره يحزن ..
شادن بحزن تساءلت : ليش كيف صار الحادث ؟؟
تنهدت أم طارق واستغفرت بدأت في سرد ما رأت : كنت ماره ووصلت اللحظة اللي طار جسم الولد عن الأرض يمكن أربعة أو خمسة متر وطاح على الأرض قريب من أمه كان شكله مررره يحزن و شفت أمل شايلته وتمسح على وجهه وهي تكلمه كأنه حي شكلها يكسر الخاطر ..صمتت أم طارق ومسحت الدموع من خديها وأكملت بصوت باكي .. والله إني ثلاث ليالي ما قدرت أنام كل ما أغمض عيوني أشوف شكله وهو غرقان بدمه قلت لنفسي أنا بس شفته وما هنالي النوم أجل أمه إيش صار كيف تصبر وهي شافته يموت قدام عينها ..شهقت تبكي وبكت معها شادن ودمعت عينا أبو طارق أما طارق أخفض رأسه وأكملت أم طارق بعد أن مسحت عيناها .. لكن لما شفتها كيف صبرت ولا بكت كثير أعجبني صبرها وتحملها ما شاء الله عليها ..
سمعت أم طارق همس صادر من طارق الجالس بجوارها "أكيد ما حزنت عليه لأنها أفتكت منه يمكن ولد.." ..ولم يكمل لأن أمه نظرت له بنظرة حادة حتى لا يكمل كلامه..
شادن بعد أن مسحت عينيها سألت بهدوء : أمي واللي صدمه إيش سوى ؟
أم طارق بغيض : كل ما أتذكر اللي صدمه نفسي أكسر راسه تخيلوا أنه لما شاف شكل الولد ركب سيارته بسرعة وهرب مثل الجبناء ..
شادن بقهر : الله ياخذه ..تساءلت ..ما سجلتي رقم السيارة ونوعها ؟؟
هزت أم طارق رأسها بإيجاب : إيوه قلت لأكرم يسجله وأعطاني الورقه هي معي الحين ..
أبو طارق : كويس أجل أعطي طارق عشان يبلغ عنه ..
رفع طارق رأسه باستغراب وتساءل : أنا أبلغ عنه ؟؟
هز أبو طارق رأسه : إيوه لازم نوقف معها تراها وحيده ..
هز طارق رأسه بعدم اقتناع : يصير خير ..
شادن : بروح أخبر أمل ..وذهبت حيث جناح الضيوف..
تضايق طارق من تعلق أخواته بأمل وهو الذي نبهها ألا تقترب منهن ولكنها لم تنفذ ما قاله وتكلم بهمس وهو يستعد للخروج "قريب بإذن الله أخرجها من بيتنا عشان تعرف إن كلمة طارق وحده ما تتثنى "
***************************
في نفس اللحظة كانت أمل تتذكر لحظة وقوع الحادث وكيف طار جسمه ووقع أمام ناظريها كانت هذه الأحداث كأنها مغطاة بغشاوة فانكشفت الآن عندما ذُكر الحادث .. دخلت شادن عليها ووجدتها جالسة في مكانها وفي عينيها الدموع على المحك تكاد تسقط ولكنها تكابر على خروجها وقد ارتسم الحزن على ملامحها ..
سألتها شادن باستغراب من تغير حالها : أمل إيش فيك ؟؟
أمل بحزن : لا ما فيه شيء بس تذكرت الحادث ..تنهدت واستغفرت.. الله يرحمه .
شادن بمواساة : الله يرحمه ..وأكملت بحماس .. رقم السيارة ونوعها سجله السايق وحيبلغ طارق عنه قريب..
أومأت أمل رأسها بإيجاب وصمتت تفكر قليلاً وأكملت : شادن تتوقعين علي كفارة القتل الخطأ ..
شادن بدهشه : ليش إنتي قتلتيه ..
نفت أمل بهزة من رأسها وأكملت : لا لكن سمعت فتوى أن الأم إذا أهملت طفلها ومات لازم تصوم شهرين متتابعة كفارة قتل خطأ ..
شادن بذات الدهشة وبغير تصديق : صدق , لا لا أحسك تمزحين ..
أمل بجدية : والأحكام فيها مزح والله من جدي أتكلم , صح أنا ما أهملت ولدي وهو سحب يده مني لكن يمكن يعتبر إهمال أني شفته يقطع الشارع وما مسكته ..تنهدت..الله العالم .
شادن بجديه : يمكن كلامك صحيح ..صمتت قليلاً وأكملت .. ضروري تسألين شيخ ..
أمل : إن شاء الله ..
قضت الفتاتان الصباح بالحديث بصحبة أم طارق وكذلك شذى حتى وقت الظهيرة تفرقن للصلاة على أن يلتقين بعد العصر في الحديقة الخلفية ..
*******************************
بعد أن صلت الظهر وتناولت غداءها تمددت وأخذت قيلولة حتى سمعت أذان العصر فنهضت لتصلي ..
وفور إنهائها من الصلاة دخلت المطبخ وهي تنوي إعداد طبق من الكعك الذي كانت تحب صنعه عندما كانت تسهر مع ليلى وأسماء ..
أخذت تفتح الأدراج والخزانات كي تبحث عن المقادير اللازمة وتضعها على الطاولة الرخامية حتى يسهل عليها العمل وكانت تحدث نفسها بصوت منخفض لتتذكر الأشياء : دقيق , باكنج بودر , فانيليا , حليب سايل مركز ..وصمتت قليلاً تحاول التذكر ولكن أحست بيد حطت على كتفها اقشعر بدنها وتسارعت نبضات قلبها واهتز جسدها وأبعدت اليد بعنف عنها والتفتت إلى صاحب اليد بحدة وعيناها مفتوحتان بفزع وعندما وجدت أنها شادن قالت بصوت متقطع وقد أخفضت عيناها حتى لا ترى مدى الرعب المرسوم بها .. شـ ..ـاد..ن آآآ ..آســ..ــفه ..
أمسكت شادن بيدها التي أبعدتها أمل بعنف وقد تألمت منها وقالت باستغراب: أمل إيش فيك أوجعتي يدي ..
أمل بخجل : آسفه شدون مرررره آآآسفه ما كنت أقصد بســـ ..توقفت عن الكلام و أخفضت عينيها مرة أخرى ..
شادن بتسامح : أمول حبيبتي عادي مافيها شي ..صمتت قليلاً و تساءلت .. أمل ليش خفتي لما حطيت يدي على كتفك؟؟ ..
رفعت أمل أكتافها بعلامة عدم المعرفة وأكملت : ما أدري بس كذا صرت أخاف لما أحد يمسكني وأنا ما أدري وكمان ما أحب أحد يحضني ..
صمتت الفتاتان لثواني وهتفت شادن هي تقول : تذكرت..
أمل باستغراب : إيش تذكرتي ..
شادن بجدية : تذكرت أن إللي يتعرضون للاغتصاب يصير لهم مثل كذا ..
أمل : وأنا أقول ليش صرت كذا ..
شادن بعفوية : أجل إيش بتسوين إذا تزوجتي ..
خجلت أمل وأكتست خديها بحمرة وتكلمت بجدية : ومين قال إني بتزوج أصلاً أنا عفت كل الرجااااال ومانيب متزوجة إن شاء الله أبد ..
شادن باعتراض : لا أمول لساتك صغيرة وحلووه لا تضيعين عمرك بهالأفكار ..
أمل بإصرار : لا لا تحاولين ..وأكملت لتغيير الموضوع .. شادن وين ألقى الزيت..
شادن تساءلت باستغراب: ليش ؟؟ إيش تبين تسوين ؟؟
أمل : أبي أسوي كيكه كنت أحب أسويها دايماً لليلى وأسماء ..
شادن : بس الشغالات يجهزون أنواع من الحلويات كل يوم ..
أمل باعتراض : لا أنا نفسي أسوي هذي , سهله مررره وما تاخذ وقت أبد .. وبأمر ساخر .. طلعي الزيت يا بنت ..
شادن بخوف مصطنع : حاضر يا مولاتي ..واتجهت إلى أحدى الخزانات وأحضرت قنينة الزيت ووضعتها مع الأشياء الأخرى وأما أمل اتجهت إلى الثلاجة وأحضرت منها اللبن الرائب ووضعته هي الأخرى على الطاولة ..
شادن بذات الخوف المصطنع : شيء آخر تريدينه يا سيدتي ..
أمل بتكبر مصطنع : نعم أحضري لي السمسم الأبيض ..
ضحكت الفتاتان على المشهد الساخر ..
عقدت شادن حاجبيها بتفكير وقالت : ما أدري فيه هنا ..وضعت سبابتها على صدغها و تحاول التذكر ..أممممممممم ..وأكملت .. إيوه أظن مع البهارات ..
تحركت أمل إلى خزانة البهارات وأخرجت السمسم الأبيض بالإضافة إلى السكر ووضعته إلى جانب الأشياء الأخرى..
شادن بهدوء : كل الأغرض موجوده صح ..
هزت أمل رأسها إيجاباً وأكملت : بس بولع الفرن ..أوقدت الفرن على الحرارة المتوسطة وأغلقتها وأخذت سلطانية عميقة وأكملت كلامها .. تبين تتعلمينها ..هزت شادن رأسها إيجاباً.. طيب شوفي أول شيء حطي الحليب السايل كله..فتحت علبة الحليب ووضعتها بالكامل.. وبعدها حطي عليه كوب لبن..ملأت كوب من اللبن ووضعته.. وكوب سكر..وأخذت كوب آخر بنفس الحجم وملأته بالسكر ووضعته.. وبعدها تحطين الزيت ..
قاطعتها شادن بتساؤل : كل الأشياء على نفس المقدار يعني كوب ؟؟..
أمل بموافقة : إيوه صحيح , المهم الزيت تقرياً ثلثين الكوب ..ملأت ثلثي الكوب بالزيت ووضعته.. وحطي فانيليا شوي عشان نكهة بس ..وأمسكت بملعقة وملأت نصفها بالفانيلياء.. وأخلطيها بالخفاقة اليدوية ..أمسكت بالخفاق اليدوي وخفقتها لثواني حتى تجانست وأكملت.. بعدها حطي كوب دقيق وملعقة كبيرة باكنج بودر وتخفقينه شوي..ملأت كوب جاف بالدقيق ووضعت عليه ملعقة كبيرة مليئة بالباكنج بودر وأضافته للخليط وخفقته لثوانٍ أخرى.. وكمان نحط كوب ثاني دقيق ونخلطه ..ملأت كوباً آخر من الدقيق ووضعته على السابق وخلطت المزيج جيداً .. والحين نحط عليه إما تمر ولا زبيب ولا فواكه مجففه ..وسألت شادن .. إيش يعجبك إنتي ؟؟
شادن : عادي أي شي ما تفرق .
أمل : طيب خلاص تمر يطلع حلو ..سحبت درج يحتوي على التمر وأخذت منه بضع تمرات وأخرجت النواة منها وقطعتها إلى قطع صغار ووضعتها على الخليط وحركته بخفة وسكبت المزيج في الصينية المدهونة بالزيت والمنثور فوقها قليل من الدقيق وأمسكت بعلبة السمسم الأبيض ونثرت منه على وجه الكعكة وحملتها متجهة إلى الفرن .. شادن بالله افتحيلي الفرن ..
شادن بانصياع : ok ..تذكرت وأوقفت أمل بتساؤل.. لحظة لحظة ليش ما فيه بيض على الكيكه؟؟
هزت أمل رأسها بالنفي وأكملت: لا أسويها بدونه عشان ما تعجبني زفرت البيض ..كانت شادن تهم بمقاطعتها ولكنها بادرتها بالتفسير قبل أن تسأل..بتقولي حطي فانيليا بقلولك موب كلها الأنواع مثل بعض يعني شي يبعدها وشيء مثل عدمه ..سارت باتجاه الفرن وفتحت لها شادن الفرن..
وضعت أمل الصينية بعيداً عن النار وتركت الحرارة على المتوسط ..
ورفعت الأشياء لأماكنها المخصصة بمساعدة شادن وحملت الأكواب ووضعتها في المغسل و غسلتها ونشفت يدها وسألت شادن ..
أمل : شادن أسوي قهوة ؟؟
شادن : إذا تبين سوي ولا أقول للشغالات يسوونها ..
أمل باعتراض : لا أنا بكمل جميلي و أسويها .. نهضت وصنعت القهوة وتركتها تغلي على النار وجلست مع شادن بانتظار ما صنعتا ..
********************************
لبست أمل شالاً على رأسها باللون الوردي على لباسها المكون من قميص وردي بنقوش بيضاء وتنوره بيضاء ..
وبعد أن تأكدتا من برودة الجو خرجتا وكانت الشمس مازالت في الأفق ولكنها كانت دافئة ..
جلستا على المقاعد المقابلة للمسبح وهما تستمتعان بالمناظر حولهما حيث كانت أمل تجلس مواجهة للمسبح ومولية ظهرها للمنزل و شادن تجلس على يمينها حيث يكون المسبح على يسارها ..
بادرتها أمل بالسؤال : أقول شادن وين أمي ؟؟
شادن بهدوء: سمعتها تقول لأبوي معاها مشوار ساعة وجايه والحين يمكن لها ربع ساعة من خرجت ..
أمل : أهااا ..
أقتربت شادن من الطاولة تناولت قطعة من الكعك أكلتها هزت رأسها وأغمضت عينيها بحركة تمثيلية وقالت : أمممم إنها رائعة .
ضحكة أمل عليها : أعجبتك ..
شادن : مرررره نايس ..
صمتتا قليلاً ثم تكلمت أمل بما يدور في خلدها منذ مدة ..
أمل بتساؤل : شادن ليش طارق ما تزوج بعد زوجته الأولى ؟؟
شادن باستغراب : ومين قالك أنه تزوج من قبل ؟؟
أمل بتوضيح : مره سألت أمك إذا كان عندها بنات وقالت ..وذكرت لها ما دار في السيارة .. عشان كذا ودي أعرف ليش أمي تكدرت ذاك اليوم ..
تنهدت شادن وأكملت بحزن : شوفي هو تزوجها زواج عادي يعني أمي شافتها وأعجبتها وخطبها طارق وتزوجوا بس اللي صار بعد كذا ما أحد يعرفه غير طارق بس أتذكر وقتها كنت ما أمشي وأغلب الوقت طفشانه وتعبانه عشان كذا ما أعرف إيش إللي يصير بس أتذكر إنها كانت ما تهتم بالحجاب وبالذات بين شباب عايلتها ..
أمل بذهول : كييف يعني ؟؟ تكشف عليهم ..
شادن بهدوء : لا أكثر من كذا تخيلي عرفت أنها تجلس معهم بملابسها بدون حجاب وأحياناً تخرج قدامهم بالبجايم ..
أمل بغير تصديق : يشيخة شكلك تمزحين أصلاً فيه أحد كذا ..
شادن بحماس : والله إنها كانت كذا ..تذكرت و تنهدت.. الله يرحمها , المهم تخيلي مره كانت طالعة وشفتها بعباية كأنها فستان سهره ومكياج صارخ وكملت بعطرها اللي ملا الصاله بكبرها وقفتها وقلت لها "وفاء حرام تخرجين كذا تصيرين زانيه" تخيلي بإيش ردت علي ..
أمل بذهول واستغراب سألت : بإيش ردت عليك ؟؟
شادن بهدوء : كــــــــــف ..

على الشرفة المطلة على المسبح أقفل السماعة بعد أن اتصل ليخبر السكرتير عن عدم رغبته في الحضور لأمر طارئ فهو يريد أن يتوجه إلى مركز الشرطة ليبلغ عن الحادث رغم عدم اقتناعه بالأمر, وضع مرفقيه على الشرفة وهو يفكر كيف سيبعد أمل عن عائلته بعد أن تعلق بها الجميع وهو قد أخبرها مسبقاً أن تبعد عن أخواته ولكنها عصته أصبح في نظره كل النساء خونه وحقودات ولا يؤمن جانبهم أبداً ..تنهد واستغفر وأغمض عينيه ليتمتع بالهواء ولكنه سمع ما دار بين الفتاتين حتى وصل سمعه إلى كلمة "كـــــــف" كانت كفيلة بتفجير سيل الذكريات الأليمة وانهمرت عليه وكأنها شلال مندفع ..
******
خرج من دوامه المسائي مبكراً لأنه كان يشعر بالإرهاق فتح باب الصالة ودلف إليها وعندما انتصف المسافة توقف مذهولاً عندما سمع و رأى ما حدث ..
ثارت ثائرته وكاد يفقد أعصابه من الغضب واستحالت عيناه بلون الدم تقدم وهو يحاول تفريغ غضبه في الأرض حتى كادت تتكسر تحت قدميه حتى وصل أمامها وكانت تقف مذهولة هي الأخرى وقد غلب عليها الخوف فهي تعلم كم يحب أخواته ويعتز بهن ..
توقف أمامها ورفع يده واستقرت على خدها وأكمل ببرود كالصقيع وقد لاحظ نظرات الحقد في عينيها : على غرفتك يلاااا ..
انصرفت من أمامه بسرعة الريح واستدار لأخته الجالسة على مقعدها المتحرك والتي أنزلت رأسها ودموعها تتساقط في حجرها ..
هدأت موجة غضبه من جهة وثارت موجة حنانه من جهة أخرى جلس أمامها على الأرض وأمسك بركبتيها ورفع بأصابعه رأسها المليء بالدموع وحدثها بحنان جارف : شدون عمري لا تبكين ولا ترى الحين أروح أقتلها ..وتكلم بهمس حنووووون..كل شيء ولا دمعتك الغالية..ومسح دموعها من خديها وابتسم لها وردت له الابتسام .. رضيتي الحين ولا أرد الكف ألف ..
هزت شادن رأسها بإيجاب وهي مبتسمة : لا رضيت خلاص ..
تنهد براحة ساخره : أأأأهـ الحمد لله رضيت الليدي شادن ..وضحك بمرح فضحكت معه..
***
في اليوم التالي هاتفته وفاء وهو في المستشفى وأخبرته أنهما معزومان عند عائلتها وأنها ستسبقه إلى منزل أهلها ..
أقفل منها وتذكر كيف حاولت إرضاءه في الليلة السابقة ورضي ولكن بعد أن تعتذر لشادن فوعدته بذلك فرضي , هو يقر في نفسه أنه لا يحبها ولكنه متعود على وجودها ..
أنهى أعماله قبل الصلاة وخرج برفقة صديقه سلطان إلى مسجد المستشفى وتفرقا عند الباب ..
أوقف سيارته في موقف السيارات وسار باتجاه مجلس الرجال دلف وسلم على الجالسين و جلس على يمين والد زوجته وكان على يساره مكان فارغ والكنبة التي تليها يجلس ماجد ابن عم زوجته ..
كانت أحاديث الجلسة يغلب عليها الطابع الاقتصادي وكان مملاً بالنسبة لطارق ولكنه كان يجيب إذا سُؤل ويصمت بعد ذلك ..
بعد انقضاء نصف ساعة سمع والد زوجته يتحدث بالهاتف ولم ينتبه إلا لآخر جملة "خليها تجي محد غريب ".. بعد أن أغلق السماعة بدقائق دخلت فتاة جميلة بأنوثة طاغية ترتدي قميصاً باللون الأحمر بربع كم والذي انعكس مع بياض بشرتها بفتنة بالإضافة إلى تنوره من الجينز باللون البيج تصل لمنتصف الساق وحذاء أحمر (تكرمون) بشرائط حريرية ملتفة على ساقين بلون الزبد الطري..
لم تكن الفتاة سوى زوجـــــــــتـــــــــه احتقن وجهه وأصبح أســــــــود وأصبحت عيناه كلون قميصها ..رأها وهي تصافح كل الموجودين من أبناء عمومتها إلى أبناء خالاتها وأخوالها وفي الأخير جلست على يسار والدها بالقرب من ابن عمها ماجد الذي ينظر لها بافتتان أمام ناظريه ويمسك بيدها ويتحدث معها وتضحك له والمصيبة الأعظم أن والدها ينظر لها كأن شيئاً لم يكن , حاول أن يروض غضبه ويهدئ من أعصابه ولكن رأى ما أثارها مرة أخرى وجعله ينهض بحدة و يتقدم منها ويمسكها من معصمها بقوة كادت تكسر رسغها ومشى بها إلى خارج المجلس وهو يجرها جراً وهو يقصد أن يهينها كما أهانت رجولته ومنظرها يزدحم في خياله وهي تضحك بصوت عالي وتضرب ابن عمها على كتفه وكأنه أقرب قريب لديها..
وقفا في الشمس ونظر لها مطولاً وهو صامت يريد تفسيراً لما حدث ولكنها كانت تنظر له بعين البريء الذي لم يرتكب جرماً وعندما طال الصمت سألها بهدوء مغاير البراكين الثائرة في جوفه : ممكن تفسرين لي إللي صار ؟؟
وفاء بهدوء وعلامات الألم على وجهها : أول شيء ممكن تترك يدي بنتكسر ..تركها بطريقة تدل على اشمئزازه منها وقد تحلق الاحمرار حول معصمها فأمسكت به تدلكه حتى تبعد الألم والاحمرار وأكملت ببراءة لا تناسب ما حدث ..ثاني شيء ما سويت حاجه غلط ..
رفع طارق حجبه الأيمن بسخرية وابتسامة ساخرة تعلو شفاهه التي لم يلطخها سواد التبغ : ما سويتي شيء غلط هه مرره بريئة ..وأكمل بجديه.. بعدد لك الأخطاء اللي شفتها فيك , أول شيء طالعة للرجال بدون حجاب ..كانت ستقاطعه ولكنه أوقفها بكلمة .. انتظري أكمل كلامي ..وأكمل.. ثاني شيء لبسك ..هز رأسه علامة النفي .. ما يصلح تخرجين فيه قدام حريم كيف تخرجين فيه عند رجــــــــــال وأجانب بعد , ثالثا تسلمين عليهم وأكيد تعرفين أنه حرااااااام تصافحينهم , رابعاً تضحكين مع ولد عمك ويمسك يدك كأنه ولا بلاش ..أمسك ثوان عن الكلام وأكمل.. والأدهى والأمر إنك تضحكين بصوت عالي وتضربين ولد عمك من زود الميانه ..وصرخ .. ممكن تفسرين هذا الكلام اللي أي رجال فالدنيا مستحيل يرضى فيه ..
وفاء بهدوء : شوف صح إني أخرج عندهم بس أنا أعتبرهم أخواني كلهم وهم برضو حتى شوف بابا ما قال شيء ..
أغضبه كلامها بدلاً من تهدئته وتكلم بين أسنانه : إذا إنتي تشوفينهم اخوانك هـــــم ..صرخ.. لااااااااا أنا رجـــــال وأعرف إيش يدور فبالهم ..صمت قليلا وأكمل.. إذا أبوك يشوف أنه عادي هذا الشيء فأنا ..صرخ.. لاااااااا أنا موب ديــــــــــــوث ..
نظرت له بحقد وانصرفت فقال بصوت عالي وبأمر : بعد الغداء مباشرة أشوفك فالسيارة ورجع إلى المجلس ..
أمضى بقية الوقت إلى الغداء بصمت وضيق تجلى على قسمات وجهه وانعكس ذلك على الجميع ..
عندما ركب السيارة نظر لها نظرة خاطفة ولاحظ ذات النظرة في عينيها ولم يعرها اهتمام أمرها بصوت حاد أن تغطي وجهها ..
***
مر على الحادثة أسبوع كان يتكلم معها برسمية ولكنها هي لم تنفك عن مصالحته ولكنه لازال يرى تلك النظرة في عينيها ..
***
بعد أسبوع ..
دخل بعد العشاء سلم وجلس ولكنها كانت تتحدث في الهاتف وكانت على وشك الإغلاق وسمع منها آخر جملة قبل أن تغلق وترد عليه فنهضت وذهبت وأثر كلمتها باقي "خلاص الأغراض وصلت مشكور"
بعد دقائق استرخى فيها على الصوفا وهو يشاهد التلفاز دخلت إليه وهي تلبس قميصاً بلا أكمام باللون البرتقالي وبنطلوناً من الجينز باللون الكحلي يصل إلى أسفل الركبة وقد رفعت شعرها القصير بتاج صغير باللون البرتقالي .. كانت تحمل في يديها كوب كرستالي به عصير له شكل رائع وبألوان وطبقات متعددة يخترقه ماصة شفافة .. تقدمت إليه وهي تبتسم وفي عينيها تتأجج ذات النظرة ولكنها بتألق ولمعان مما عكس عليها جمال شرس ساحق قدمت له الكوب على منضدة صغيرة أمامه وجلست تقابله جلس و أمسك بالكوب وتذكر كلمتها "خلاص الأغراض وصلت مشكور" فسألها بهدوء : مين كنتي تكلمين قبل شوي ؟؟
توترت وفاء للحظة ثم وازنت نفسها حتى لا يلحظ عليها : كنت أكلم أخوي وافي ..
توترها لم يكن ليلاحظه أي شخص ولكن ليس طارق فهو لماح ونبيه لمثل هذه التصرفات أنزل الكوب من يده وهز رأسه بإيجاب وأكمل : إذا ما عيك كلافه ممكن كوب مويه ..
وفاء باستغراب وإصرار : ليش تبي مويه وعندك عصير إشربه تراه حلو ..
تيقن من إصرارها على شرب العصير أن هناك أمر ما وهي تعلم أنه لا يحب من أحد أن يصر عليه بفعل أمر ما فقال بتحايل : لا بشرب العصير بس جيبي مويه أبي آخذ بندول بعده ..
انصاعت لطلبه ونهضت متجهة إلى المطبخ بينما اتجه هو إلى المغاسل وسكب العصير على يده حتى وانساب بين أصابعه ولم يتبقى من العصير في يده شيء ولكنه وجد ما شك في أمره فقد وجد حـــــــــبه متآكلة الأطراف بسبب العصير قلبها بين أصابعه فلم يرى أثر لكتابة أو أي شيء أخذ قطعة منديل ووضع الحبة فيها وغسل يديه بهدوء تحته عاصفة من الغضب أخذ المنديل ووضعه في جيب ثوبه وخرج متجه إلى باب الجناح ولكنه رأى زوجته تتقدم منه لتعطيه كوب الماء ولكنه لم يعرها بالاً وانطلق متجهاً إلى المستشفى و خصيصاً لقسم المختبرات طرق الباب ووجد الدكتور المناوب المختص بالمختبر ودلف وسلم عليه ورد عليه الدكتور ..
طارق بجدية : دكتور بسام أبي منك تفحص شيء ضروري ويكون ســــر بيني وبينك وأتمنى ما يطلع من هذا الباب ..وأشار إلى باب المختبر ..
هز دكتور بسام رأسه بإيجاب ورد باقتضاب : حادر يادكتر تارئ ’باللهجة المصرية’
مد له طارق بالمنديل فأمسكه الدكتور وفتحه ووجد الحبة المتآكلة الأطراف وضعها على شريحة زجاجية وثبت الشريحة في المجهر وأخذ يدير الأزرار تارة يمينا وتارة شمالاً يرفع الشريحة تارة وينزلها أخرى حتى اكتشف أمرها وفتح عينيه باتساعها وألتفت إلى طارق وقال كلمة واحدة هزته بعنف وخرج وكأنه منوم مغناطيسياً من أثرها وقاد سيارته وهو لا يعلم أين ستذهب به ..
توقف آلياً أمام منزلهم وترجل وسار إلى جناحه وهو خائر القوي وعندما فتح الباب رآها وكأنما وجهت له صفعة قوية أيقضته مما كان فيه تقدم منها وهز أكتافها بعنف وأوقفها بعد أن غرز أظافره في أكتافها وقال بغضب عاااارم : مخدراااااااااااات ليش تعطيني مخدرااااااااااااات ..صرخ بصوت عالي .. ليييييييييييييييش ؟؟
لم تنبس ببنت شفه بل أبعدت يديه عنها بعنف وأمسكت هاتفها وضغطت مرة واحدة أي أنه آخر رقم اتصلت عليه وقالت كلمة واحدة : تعال بسرعة..
ودخلت وخرجت وهي تلبس العباءة أمسك يدها قبل أن تخرج وقال بغضب : ويـــــــــــن رايحه ؟؟
جرت يدها منه بعنف وصرخت : مــــــــــــالك دخـــــــــــــل ..
خرجت بسرعة وخرج خلفها يناديها ولكنها سبقته إلى ركوب السيارة الواقفة أمام الباب وانطلقت السيارة بسرعة ..
حوقل في نفسه واسترجع واستدار عائداً إلى المنزل ولكـــــــن لم يكمل دورته حتى سمع صوت اصطدام بصوت يصم الآذان خرج بسرعة وركب سيارته وانطق حيث الصوت وهناك وجد المصـــــــيبة العظمى
زوجـــــــــــــته ومــــــــــــاجد في الحادث ولكن الأعــــــــــظم من ذلك أنـــــــــــها بين يديـــــــــــــــــــه ميــــــــــــــــــــتة ..
*******
مسح وجهه وعينيه يريد أن يبعد ذلك المنظر عن مخيلته ولكنه لا يستطيع لقد نقش في رأسه نقشاً ..
أنزل رأسه ولم يجد أحداً في الحديقة نزل من السلم الموصول بالشرفة إلى الحديقة وجلس على مقعد أمل دون أن ينتبه وأمسك إحدى قطع الكعك وأكلها فأعجبه طعمها وتمتم "هذا موب طعم أكل الشغالات و شادن ما تعرف أجل ما فيه غيرها "عندما وصل تفكيره لهذه النقطة وضع المتبقي من القطعة التي في يده في الصحن ونهض ليذهب إلى مركز الشرطة ...
********************************
مضى بقية اليوم بلا أحداث سوى حضور شهد واستعداد أبو طارق للسفر ليوم الغد ..
*******************************

في صباح اليوم التالي ...
الساعة السابعة ..
كان يقف الجميع عند الباب لتوديع والدهم الذي ركب السيارة التي يقودها السائق وانطلقت به إلى المطار متوجه إلى دبي ..
بعد دقائق ..
كان الجميع يجلس بصمت وقطعه صوت رنين هاتف طارق الخلوي نظر للشاشة للحظة ثم رفع السماعة ..
تكلم مع المتصل لثوانٍ وأقفل السماعة ببرود وتنقل بنظره للجالسين حوله بدأً بأمه ثم شادن ثم شذى ثم تكلم بهدوء
طارق : الشرطة الحين بلغوني أنهم حصّلوا اللي صدم الولد لكنه أنكر أنه صدمه وأنا أقول تتنازل أفضل لأن ما عندها أي دليل ..
أم طارق بحنق : ليش ينكر عساه اللي مانيب قايله وبعدين أنت الثاني ليش تتنازل هذا حق و((الساكت عن الحق شيطان أخرس)) ..
طارق : بس يمه ..
أم طارق بحده : لابس ولا شي هذا شيء راجع لأمل ..استدارت وأمسكت سماعة الإنتركوم وضغطت رقم جناح الضيوف وبعد لحظات صمت تحدثت بهدوء.. صباح الخير يمه ..
أمل بابتسامة : صباح النور يا الغالية .
أم طارق : أخبارك حبيبتي اليوم ..
أمل : الحمد لله يمه أنا طيبه .. وأنتي شلونك ؟؟
أم طارق : الحمد لله ..أمسكت عن الكلام لثوانٍ وأكملت بجدية ..أقول يمه الرجال اللي صدم ولدك حصلوه لكنه أنكر أنه صدم أحد ..
أمل بجدية : طيب والحل ..وأكملت بحزن ..لازم آخذ حقه يمه ..وبإصرار.. لااازم ..
أم طارق بمؤازرة : حقك يا بنتي بس كيف ..رفعت نظرها لطارق الذي يشير لها بأنه سيناقشها في الأمر وأكملت.. يمه أمل خذي كلمي طارق يتفاهم معك..
أمل بتردد وخوف : بس يمه ..
أم طارق بحنان : معليش يابنتي للضرورة تفاهمي معه تراه مثل أخوك خذي كلميه..ومدت السماعة لطارق..
تضايق طارق من كلمة ’مثل أخوك’وأخفى ضيقته وتحدث بجدية : السلام عليكم ..
أمل بجدية هي الأخرى وبصوت قوي لا خنوع فيه ولكن لم يمنع ظهور بحتها المميزة : عليكم السلام ..آمر أخوي
طارق باستهزاء مبطن لم يفهمه سواها : ما يامر عليك عدو أختــــي ..مد الأخيرة باستهزاء ثم أكمل بجدية .. اللواء اتصل وبلغني إن صاحب السيارة اللي بلغنا عنه أنكر التهمه فأيش الحل ..
أمل بتوتر : ما أدري ..صمتت للحظات تتذكر وأكملت..بس اللي أتذكره أن السيارة لونها أسود أكيد ما يكفي هالدليل ..
طارق : أممممم صح سيارته سوداء بس هذا موب دليل عليه ..وتساءل ..ما كان أحد فمكان الحادث غيرك صح ؟؟
صمتت أمل بخيبة أمل ولكنها سمعت عبر السماعة صوت أم طارق تقول : لا موب صحيح أنا وجولي وأكرم شفنا الحادث وصاحب السيارة بعد..
طارق بجدية : بس مستحيل تروحين مركز الشرطة وتشهدين ..
أم طارق : ليش ما أروح أشهد إيش فيها ..
طارق بعناد : لا مستحيل الناس إيش بيقولون عنا ..وكلم أمل بهدوء.. يا أخت أمل لازم تنسين الموضوع ..وتكلم بهمس لا يسمعه إلا هي .. بتروحين تفضحين نفسك ولدك بدون نسب يعني ولد ..وأمسك عن الكلام بقصد ..
أحست أمل بطعنة سامة مميتة في قلبها من أثر كلماته وجعلت قلبها ينزف ويتوجع وقالت بعناد أكبر : لا بروح آخذ حق ولدي وحآخذ الشغالة والسواق يشهدون ..
طارق بحدة وقد ارتفع صوته : ما تكفيك شهادة رجال واحد ومره وحدة شهادتهم نااااااااااااااقصه..
وقفت أم طارق بشموخ وقطعت الحديث الدائر بحدة : انا رايحة أشهد ..وسارت وهي تضغط أزرار الهاتف في يدها وسمعوها تقول ’ألو عبد الله’ ولم يسمعوا المتبقي من كلامها ..
غضب طارق وقال بحدة لأمل الصامتة في الطرف الآخر : أنا أمي آخر زمن تروح مركز الشرطة وعشان مين عشان عيال شوارع ..وأغلق السماعة بعنف وهو يتنفس بقوة من الحنق والضيق ..
نطقت شادن الصامتة من أول الحوار وقالت بتأنيب : حرااام تقول عنها كذا تراهـــ..
قاطعها طارق بحدة قلما تظهر لأخواته : انكتمي إنتي الثانية ..ونهض بحدة وسار باتجاه باب الخروج ..
نظرت له شادن بغرابه وهي حانقة من تصرفه الذي في رأيها ليس له من داعي ونهضت متجهة إلى جناح الضيوف حيث أمل ..
أما أمل كانت ممسكة السماعة بذهول من كلام طارق الأخير وبقيت للحظات لم تستوعب الكلام ولكنها في الأخير استفاقت من ذهولها بدخول شادن الذي ظهر الغضب عليها وعلى حركاتها الغاضبة فظنت للحظة أنها بسبب ذهاب أمها لمركز الشرطة بصحبتها ولكن أبعدت هذه الخاطرة عن رأسها فليس كل الناس طارق ..
حاولت أمل أن تبدو طبيعية وسألت شادن بهدوء : شدون إيش فيك شكلك زعلانه ..وأكملت بحذر ..عشان أمك بتروح معي مركز الشرطة ..
هزت شادن رأسها باعتراض وأكملت : لا بالعكس أبيها تشهد معك بس..أكملت بحزن وحنق .. طارق عصب علي وزعلانه عليه عشان الكلام اللي قاله لك ..
أمل ابتسمت بحزن : ما عليك يا عمري لا تكدرين خاطرك سمعت من الناس أقوى من ذا الكلام ..وأكملت بترضية.. الوجه الحلو هذا ما تناسبه هذي التكشيره ..وهي تمرر سبابتها بين حاجبي شادن المعقودتين وابتسمت لها..
ابتسمت لها شادن بحب وقالت : الله لا يحرمني منك ..
أمل بحب : ولا منك يا عمري ...
******************************
عند الساعة العاشرة تحركت سيارتان متجهتان إلى مركز الشرطة وكان في السيارة الأولى طارق والذي يفرغ غضبه في أمساكه للمقود بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعه , و تعقيده لحواجبه ..و بمقعده المجاور أمه التي يظهر عليها الهدوء وخلفها تجلس أمل المتوترة والخائفة والفرحة في آن واحد فهي ستحقق وصية أمها في أخذ ثأر ولدها من أبيه << شوي وتفهمون قصدي
ولكن لم يظهر عليها إلا السكون بل السكون المميت ..وفي السيارة الأخرى السائق أكرم وزوجته جولي ..
***
بعد عشر دقائق توقفت السيارتان في مواقف السيارات التابعة لمركز الشرطة وترجل الجميع وتقدموا من المبنى ودلفوا إليه وتفرقوا في الأماكن المخصصة للانتظار ..
بعد دقائق سمح لهم بالدخول فدخل طارق ووالدته بالإضافة إلى أمل وترك السائق وزوجته في الانتظار لوقت إدلاء الشهادة ..
دلفوا وألقوا التحية وجلس طارق على الكرسي المقابل لمكتب اللواء بعد أن صافحه , أما أمل وأم طارق فجلستا في المقاعد البعيدة عن المكتب ..
بادر طارق الحديث برسمية وجدية زادت من هيبته أضعاف : طال عمرك أم الطفل إبراهيم حضرت..وأشار إلى أمل .. تبلغ بنفسها ومع الشهود على الحادث .
هز اللواء رأسه بإيجاب : كويس , طيب يا أم إبراهيم ممكن تعطينها أوراق الهوية أو كرت العايلة لك و لولدك لو سمحتي عشان نسجل البلاغ بإسمك ..
ردت أمل بجدية وبصوت قوي لا خنوع أو رقة فيه : طال عمرك هذا سبب ثاني لحضوري غير الحادث أنا جايه أبلغ عن أبو إبراهيم ولدي << فهمتوااا
علت الدهشة على وجوه الجميع ..
أكملت أمل بذات النبرة لكن تخللها قليل من الحزن الذي فاض من قلبها : قبل سنتين وستة شهور بلغت زوجي إني حامل فاتهمني بشرفي ورماني في الشارع قدام الناس وطلقني رحت عند أبوي لكنه سمع كلام الناس عني وطردني .. ولما ولدت إبراهيم رفض أبوه أنه يضيفه أو يعطيني ورقة طلاقي ..صمتت لثواني وأكملت..سنتين أنا وولدي بدون هوية وما كان عندي أي إثبات أواجه أبو إبراهيم به وأبوي طردني مرتين بدون ما يعطيني أي إثبات لي والحين عندي تحليل الـ d.n.a لإبراهيم ولدي ..وأخرجت الملف من حقيبتها ومدت به لأم طارق والتي هي الأخرى مدت به لطارق والذي هو بدوره وضعه على المكتب أمام اللواء وأكملت حديثها .. وهذي نتيجة التحليل ..
توقفت أمل عن الكلام وأنزلت رأسها وغرق المكان في صمت مطبق للحظات وقطع الصمت اللواء بصوته الجهوري : يعني أنتي جايه تبلغين عن قضيتين الأولى نفي نسب وقذف من طليقك والثانية قاتل ولدك ..هزت أمل رأسها بالموافقة .. أكمل اللواء كلامه .. طيب أحنا حنبدا بالقضية الثانية لأن الجاني موجود وبعد ما ننهيها ناخذ بيانات طليقك ونحضره ..
أجاب طارق ببرود : اللي تشوفه طال عمرك ..
ضغط اللواء على زر النداء وتكلم : يا عسكري جيب المتهم ..
أجاب الطرق الآخر : حاضر طال عمرك ..
أغلق اللواء الجهاز بضغطة أخرى ..
وبعد لحظات طرق الباب ورد اللواء : أدخل ..
ألقى الشرطي التحية العسكرية بيمينه وبيساره كان ممسك بالمتهم الذي أوقفه ثم أنصرف مغلقاً الباب خلفه ..
رفعت أمل رأسها لترى قاتل ابنها ولكن لم يظهر وجهه بسبب خفضه لرأسه ولكن انتبهت لهيئته لم تكن غريبة نبض قلبها بعنف لهذه الخاطرة وسمعت صوت اللواء يقول للمتهم : هذي أم الطفل جايه بنفسها تبلغ عنك ..
رفع الرجل رأسه والتفت إلى جهة أمل حيث أشار له اللواء ..
رأته أمل فوقفت بحدة وقلبها ينبض بسرعة وهتفت بصوت منخفض ولكنه مسموع ((ســــــــــــــعـــــــــــود))
****
رُفعت الرايات ولمعت السيوف وتقابل الجيشان وأصبحت الحرب بين كر وفر أنتصف النهار والمعركة لا تزال قائمة كثر القتلى وارتوت الأرض من دماء الضحايا حتى قاربت الشمس للمغيب فسقطت راية الأمل واستمرت راية الألم عالية مرفرفة وأعلن الألم بغطرسة أنه المنتصر ((وانسحبت جيوش الأمل)) ..
*****************************

نهايــــــــــــــــ الجزء التاسع ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:20 PM


&< ~^((الجزء العاشر))^~ >&

~[(عودة الألم)]~


هتفت أمل بصوت منخفض ومسموع : ((ســــــــــــــعـــــــــــود))
التفت لها الجميع باستغراب وحتى المتهم نفسه ..
وأكملت بتأكيد وهي تشير بسبابتها إليه : هذا سعود ..
سأله اللواء باستغراب من معرفة أمل به : صحيح اسمك سعود ؟؟
..هز سعود رأسه بإيجاب..
أدار اللواء رأسه إلى أمل واستفسر منها أمام نظرات أم طارق المستغربة ونظرات طارق الحاقدة وسألها : تعرفيه ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وأجابت بهدوء منافي لنبضات قلبها السريعة : إيوه هذا طليقي وأبو ولدي ..
نفى سعود بحدة : أنا ما أعرفك ليش تتبلين علي ؟؟..
اندهشت أمل من إنكاره وعندما أرادت التحدث وصلها سؤال اللواء الذي يسأل عن أسمها حتى يوضح له هل هي صادقة أم تخدعه ..
أجابته أمل بهدوء وهي تنظر لسعود بحقد لم يظهر له بسبب تغطيتها لعينيها بالغطاء وأحست بالصداع وبالغثيان لمجرد تواجده معها في مكان واحد : أسمي ((أمل إبراهيم ناصر الـ....... ))
تفاجأ كل من سعود وطارق من الاسم وكل واحد منهما اتجهت أفكاره باتجاه
فسعود حدث نفسه قائلاً "أكثر من سنتين ما أعرف عنها شيء والحين رجعت ورجعت بمصايبها معها"
أما طارق فكان مندهش من اسمها وتمتم بهمس "يا الله تقرب لنا ومن نفس عايلتنا بعد "
سأل اللواء سعود بهدوء : عرفتها ولا عندك شك ؟؟..
أجاب سعود بتوتر وتردد بين الإثبات والإنكار فكان لا مجال له من الإنكار : إيوه عرفتها كانت زوجتي ..وأكمل بانفعال.. بس الولد موب ولدي هي تتبلى علي ..
التفت اللواء يحدث أمل التي مازالت واقفة من الصدمة : يا أم إبراهيم القضية على المتهم صارت قضيتين يعني المتهم سعود هو نفسه اللي نفى نسب ولده وقذفك وكمان قتل ولدك ..
هزت أمل رأسها بإيجاب بعد أن جلست فلم تقوي أن تتحمل إنكار سعود مرة أخرى لولده وأكملت : نعم طال عمرك ..
التفت اللواء إلى سعود الواقف والمذهول من الكلام الذي يقال وسأله بلهجة خشنة : عندك اعتراض يا أخ سعود ؟؟
هز سعود رأسه بإيجاب وأردف بصوت عالٍ معترض : ليش قضيتين هي في وحدة عشان تصير ثنتين ؟؟
أخبره اللواء ببلاغ أمل ورفعها لدعوتين واحدة ضده والأخرى لقاتل ولدها والذي هو أيضاً متهم بها ..
ولكن سعود رد بإنكار كاذب : بس أنا ما صدمت ولدها ..
اللواء بتوضيح : بس فيه شهود يقولون أنهم شافوك ..
أنزل سعود رأسه فلم يعد لديه أي اعتراض
طلب اللواء من الشرطي مناداة الشهود فدخل السائق وزوجته ..
سأل اللواء : هذولا الشاهدين بس كذا الشهادة ناقصة
ظهر الفرح على سعود ولكن خاب أمله عندما تحدث طارق الذي لزم الصمت منذ مدة : لا موب هذولا بس فيه الحرمة هذي ..وأشار إلى أمه الجالسة بقرب أمل وأكمل.. يكملون حرمتين ورجال
هز اللواء رأسه بموافقة وأمر الشاهدون بالتقدم لإلقاء اليمين فأقسموا على أنهم ليقلون الحق فسألهم واحداً واحداً
تقدم السائق أولاً وسأله اللواء : هل أنت شفت هذا ..وأشار إلى سعود الواقف والمخفض رأسه .. لمن صدم الولد ؟؟
أجاب السائق بعربيته المكسرة : إيوا سير أنا في شوف هزا سدم ولد بأدين في روح بسرأه "إيوه سيدي أنا شفت هذا صدم الولد بعدين راح بسرعة "
هز اللواء رأسه وأمر الكاتب أن يكتب الشهادة وأمر السائق أن يوقع على شهادته ..
وأكملت الإجراءات على نفس النمط وبعد إدلاء الشاهدون رفع اللواء رأسه لسعود وقال باستهزاء وبصوت حاد : والحين عندك اعتراض ؟؟
نفى سعود بهزة من رأسه وأكمل : لا , صح صدمته ..وأكمل بإنكار.. بس مهوب ولدي ..
أشار اللواء للسائق وزوجته بالخروج بعد أن انتهى المطلوب منهما فخرجا..وتكلم يقصد سعود : هذا الشيء موب إنت تثبته إذا ولدك ولا لا ..وأدار رأسه إلى طارق وسأله .. إيش رايك يا دكتور طارق ؟؟
طارق بهدوء : مزبوط إثبات إنك أبوه ولا لا يكون بتحليل الـ d.n.a أو البصمة الوراثية إذا تطابقت تكون أبوه ..
تكلم سعود بخبث وهو ينظر لأمل :لحظة لحظة وإذا ما تطابق التحليل أصير مانيب أبوه ومالي دخل فالموضوع ..
اللواء بضحك هازلة على تفكير سعود السطحي والتافه : ههههه لا , تحليل
الـ d.n.a يثبت بس ما ينفي ..
سعود سأل بغرابة وغباء : كيف يعني ؟
اللواء بصبر وتفسير : يعني إذا تطابق تكون أنت أبوه وإذا ما تطابق برضو ما ينفي أنك تكون أبوه يعني احتمال تكون أبوه حتى لو ما تطابق ..
سعود بفهم : أها ..
اللواء : إذا أثبت إنك أبوه معاكم حلين وهذا تتفقون فيه أنت وطليقتك والحلين هي إما تحلون الخلاف بينكم وتستغفر ربك على ذنبك وأكيد تعطيها الدية عن القتل الخطأ وإذا ما اتفقتوا على الحل الأول ما فيه حل غير تتحولون للمحكمة لحل القضية بالشهود الأربعة إن وجد أو باللعان .
سقطت كلمة اللعان على رأس أمل كالصاعقة فهي في حياتها لم تتخيل أن يصل بها الأمر إلى اللعان وحدثت نفسها "ياااااااااا الله كنت أقرا الحكم هذا وأقول كيف يوصل الزوجين لهذا الحد من الخلاف ما كنت أتوقع إني أنا بيصير لي هالشيء" ..
سعود باستغراب وتساؤل : اللعان ؟؟
اللواء : اللعان يا أخ سعود كثير من الناس ما يعرفونه بالرغم أنه واضح فالقرآن فسورة النور وهو إذا اتهم رجل زوجته أنها أتت بالفاحشة لازم يجيب أربعة شهداء ..توقف ليسأله .. عندك أربعة شهداء ؟؟
سعود هز رأسه نافياً : لا ما عندي ..
أكمل اللواء التوضيح : إذا وجد الشهداء في الحالة هذي يحبسها في بيته حتى تموت ,, أما إذا ما فيه شهداء مثل حالتكم مالكم شهداء إلا أنفسكم.
سعود بتساؤل : كيف من أنفسنا ؟؟
اللواء :يعني يعلن الزوج أربع مرات أن زوجته أتت بالفاحشة وفي الخامسة يدعي على نفسه باللعنة إن كان كاذب، وترد الزوجة بتكذيبه أربع مرات والخامسة تدعي على نفسها بغضب الله إن كان زوجها صادق، ويسقط حد الزنا عن الزوجة وحد القذف عن الزوج ويتفرقون أبديا ونسب الولد المشكك فيه لأمه طبعاً مثل ابن الزنا .
صمت اللواء وعم الهدوووء المكان لدقائق ثم أكمل : يا أم إبراهيم ويا أخ سعود عرضت لكم الحلين واختاروا واحد منها ..
هتفت أمل بسرعة وبصوت مرتفع قليلاً : الحل الأول ..
التفت لها الجميع في استغراب فخجلت من رفعها لصوتها وأحمر وجهها تحت الغطاء وأخفضت رأسها وأكملت كلامها تفسر بخجل : عشان حكم اللعان عظيم ويجلب غضب الله للكذاب ..صمتت لبرهة وخافت أن يظنوا أنها تكذب فأكملت بتبرير.. والله إني متأكدة أنه ولده حتى يشبهه .
اللواء يحادث سعود : أنا مع أم إبراهيم الحل الأول أسلم .. وأنت يا أخ سعود إيش رايك ؟؟
سعود بدناءة : ما عندي مانع رغم إني متأكد أنه موب ولدي ..
عجب الجميع من ثقته في الكلام ولم يعلموا أيشكون في أمل أم في سعود ..
أما أمل تجرعت الإهانة والقذف للمرة الألف وقالت في نفسها "حسبي الله ونعم الوكيل" .
اللواء : إذن إتفقتوا على الحل الأول وهذا الأسلم والأصلح عشان يبعد الشك وأتمنى حتى لو ظهرت النتيجة سلبية أنكم تتفقون بينكم وأكيد تعرفون أن المحكمة ما فيها أي تهاون فالأحكام صح الكلام هذا سابق لأوانه لكن أتمنى تاخذونه بعين الاعتبار ..وأدار رأسه لسعود وحدثه .. والآن تروح يا أخ سعود وتسوي التحليل والنتيجة طبعاً تظهر بعد ثلاثة أيام وترجع أنت وأم إبراهيم عشان نكمل الإجراءات .
سعود : إن شاء الله .
نهض الجميع وتوجهوا إلى خارج المكتب وخرجوا من المبنى إلى السيارة المركونة في الخارج وبعد أن تحركت السيارة غرقت في صمت مطبق ولم يسمع إلا صوت المحركات المنخفض حتى وصلوا إلى القصر وترجلتا منها أمل وأم طارق التي ودّعت إبنها ودعت له بالتوفيق ولحقت بأمل التي سبقتها بالدخول إلى القصر أما طارق فحرك سيارته باتجاه المستشفى .
في ذات الوقت كان سعود قد خرج من السجن بكفالة حتى يتم التحاليل المطلوبة ..
بعد المغرب ..
منذ أن عادت أمل من مركز الشرطة وهي حبيسة غرفتها مرة تبكي ألماً من همها ومرة ضيقاً ألم بصدرها ومرة تدعوا من الله الفرج وأخرى تجلس لتقرأ القرآن لتنفرج أساريرها ..
صلت المغرب وجلست لتكمل أذكارها ثم نهضت عندما سمعت طرقاً على باب الجناح وأخذت تمسح على شعرها لترتبه وفتحت الباب ووجدتها شادن وقد رسمت ابتسامة شقية على شفاها ولكن ما أن رأت شكل أمل الحزين حتى ذبلت ابتسامتها وسألتها بلهفة نابعة من خوفها ..
شادن بخوف : أمول حياتي إيش فيك ليش كذا عيونك حمراء ووجهك أصفر؟؟ ..صمتت قليلأ وتذكرت وسألت بشك .. أمول حصل شي فمركز الشرطة ؟؟
تكلمت أمل بهمس مُتعب : لا ما حصل شيء بس تعبانه شوي ..وتنحت قليلاً عن الباب وأكملت .. أدخلي .
دلفت شادن إلى الداخل وهي تتكلم بلهفة وبسرعة : حبيبتي من ويش تعبانه أقول لطارق يجي يفحصك ..تقدمت منها ووضعت يدها على جبينها..فيك سخونه ولا إيش ؟؟
ضحكت أمل بضعف وأكملت : ههههههههه , شادن ما فيني شيء بس مصدعة شوي لا تخافين الحين آكل بندول ويخف الصداع .
نظرت لها شادن بشك وأكملت : متأكدة أن ما فيك إلا صداع لا تخبين علي .
أمل بعد أن جلست وجلست بمقابلها شادن : لا يا عمري ما فيني شيء بس صداع زي ما قلت لك وهذا الصداع تعودت عليه من أكثر من سنتين أغلب الأحيان ملازمني .
نظرت لها شادن بحنان وشفقة : الله يشفيك يا عمري ويرفع عنك .
أمل بصدق : آآآمين الله يتقبل منك .
شادن بحماس : يلا قولي إيش صار فالشرطة من "طئ طئ للسلامو عليكو" ..قالت الأخيرة باللهجة المصرية..
أمل : لو أقولك من إلي صدم إبراهيم ما تصدقين..
شادن بتساؤل : مييييين ؟؟
أمل بكره : سعــــــــــود .
شادن بفزع : زوجــــــك .
هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت باستهزاء : هوا بزات نفسوه"بالمصرية"
شادن بحماس أكثر من السابق : يلا قولي السالفة شكلها بتصير أكششن ههههههههههه .
أمل بضحكة : ههههههههههههههه ..وأكملت.. أكشن وبس إلا تفجيرات وقتل كمان .
ضحكت الفتاتان قليلاً ثم سردت أمل ما حصل معها لشادن المنصتة والتي تأثرت كثيراً بما جرى ..
وبعد أن توقفت أمل من حديثها ..
تكلمت شادن بحنق وغضب : نذذذذل وحقققيييييير ليش يسوي معك كذا أووووف يقهر ..صمتت قليلاً وأكملت..طيب إذا طلعت النتيجة موب متطابقة إيش حتسوين ؟؟
أمل بحيره : والله ما أدري خايفه ما تتطابق ويتطبق حكم اللعان وبكذا بيضيع حق ولدي وأنا ما بلغت إلا عشان يثبت نسبه لأبوه ,حتى لوكان تحت التراب ..قالت الأخيرة بحزن..
شادن بأمل : إن شاء الله تتطابق ويثبت نسبه ..صمتت تفكر قليلاً وأكملت ..بس تتوقعين إيش حيسوي سعود يعني يمكن يرجعك ..
أمل بفزع : لا لا إن شاء الله ما يرجعني وبعدين هو مطلقني بالثلاث قدام الله وخلقه .
شادن بحكمة : بس تعرفين أنه طلاق بدعي والأغلب تحسب طلقة وحدة .
أمل بتفهم : أعرف وكمان كان معصب كثير بس ..صمتت وأكملت بحزن ..أنا ما أبى أرجع له كفايه إلي صار لي منه ..تساقطت دمعاتها وأنتابها دوار وصداع شديد عندما تذكرت ما جرى لها تلك الليلة ..
نهضت شادن واقتربت منها وضمتها فانفجرت الأخرى تبكي بمراره وهي تهدئها : خلاص إن شاء الله ما يرجعك ,وبعدين من الحين لثلاث أيام ربك يحلها ..قالت الأخيرة بمزح حتى تخفف عن أمل التي تبكي..
رفعت أمل رأسها ومسحت وجهها من الدموع وهي تفكر في حل للمشكلة هذه فهي تعلم أن سعود داهية ربما يخطط لإرجاعها بمقابل نسب الولد ولكن لن تستسلم ستبحث عن الحل وحدثت نفسها "والله ما أرجع لك يا سعود حتى لو تنطبق السماء على الأرض وأنا قد كلمتي إن شاء الله "
في تلك الليلة قضت أمل نومها كوابيس وأحلام مزعجة عن سعود وكأنه يهاجمها مرة ومرة تراه يريد قتلها ..استيقظت مفزوعة من النوم وجبينها مخضب بالعرق تعوذت من الشيطان ونفثت عن يسارها ثلاثاً ثم شربت القليل من الماء بعد إحساسها بالعطش وكأنها كانت تجري عاودت الاستلقاء على سريرها وهي تفكر في هذه الأحلام والكوابيس التي عاودتها بعد أن كانت ملازمتها منذ أكثر من سنتين وفي غمرة أفكارها نامت ولم تستيقظ إلا على أذان الفجر ..
********************
مر نهار اليوم التالي بدون أي حدث سوى أن أمل لازمت غرفتها حتى تفكر في حل للمشكلة ولكن لم تتوصل للحل المناسب ..
ولكن في المساء وصل أبو طارق من سفره وقد فاجأ الجميع بحضوره مبكراً ولم يتأخر كعادته وبرر ذلك بأنه ضغط أعماله في هذه المدة وأنجزها بسرعة ..
وبعد العشاء دخل الوالد لينام بعد إرهاق السفر ودخلت شادن عند أمل في جناح الضيوف ..
شادن : أمول وينك اليوم ما شفناك ؟؟
أمل بعتاب مصطنع وهي تكتم ضحكها: والله ما أدري مين اللي ناسينا وأنا مسكينه ملطوعه هنا وين أروح ياحظي..
شادن بتأثر : أووووه حياتي والله ما نسيتك بس انشغلت اليوم أكلم زميلاتي من زمان عنهم وبعدها جا أبوي .
أمل بحب : صدقت الهبله ترا أمزح عليك إنتي موب ملزومه فيني تقعدي معي طول الوقت كفايه إني مثقله عليكم .
شادن بانفعال وعتب : أمول لا تقولي كذا والله أزعل ترا مين قال إنك مثقله علينا بالعكس ياليتك دايم معانا ..وأقتربت من أمل وحضنتها بحب وأكملت .. أمل لا تعيدي هذا الكلام ما صدقت أن عندي أخت مثل عمري أتكلم معاها وأقولها اللي فخاطري أمل أنا حبيتك والله يشهد علي .
تأثرت أمل من حضن شادن ودمعت عيناها وقالت في نفسها "آآآآآه ياليتك تدرين بكلام أخوك لو كان عذرتيني ياليته بنص طيبتك وحنانك " : تسلمين يا عمري والله أنا إللي حبيتك من كل قلبي .
في هذه الأثناء دخلت شهد ووالدتها وقالت شهد بحماس : أوووووووووه إش الحب هذا من ورانا هااااا ..وبكت بهزل .. إهئ إهئ أمل إنتي ليش سرقتي الكل علينا أول ماما وبعدين بابا والحين أختي حتى الصغار حبوك ما شاء الله ..توقفت فجأه ونظرت لأمل بمكر وأكملت .. وخوفي كمان تسرقي طارق .
أنفجر الجميع بالضحك أما أمل فأبعدت رأسها من حضن شادن وقد رُسمت ابتسامة على شفتيها و تلون وجهها باللون الأحمر الدموي من الخجل .
شادن وهي مازالت تضحك وتؤشر على أمل : ههههههه شوفو وجهها كيف صاير ههههههههههههه .
شهد وهي الأخرى تضحك بشده : هههههه يا حرام استحت ههههههه .
توقفت الأم عن الضحك ولكن مازالت الابتسامة على شفاها وتقدمت لأمل وجلست بقربها وضمت كتفيها : إيش فيكم على بنتي ترا ما أرضى عليها أتركوها تسرق إللي تبي , إللي بطيبتها أكيد بيحبوها الناس .
شادن وشهد جلستا بالمقابل لهما وتحدثت شادن : جا محامي الدفاع خلاص بنخرج منها .
شهد بطيبة وحب : أمول تستاهل أن الكل يحبها كفايه إنها أطيب قلب شفته .
شادن : أوووووووه كل هذا لك ..رفعت يديها بهزل .. يا رب توعدنا .
ضحك الجميع على شادن أما أمل فقد ذابت من الخجل وأصبح وجهها قرمزياً .
تكلمت أم طارق لتبعد الخجل عن أمل : شهد وين عيالك ؟؟
شهد بهدوء : ريناد نايمه وإياد مع شذى فغرفة الألعاب .
أم طارق : أها ..وأردفت تسأل شادن .. كلمتي صديقاتك اليوم ؟
شادن بحماس : إيوه ماما كلمت صبا وحلا و رنيم واتفقنا أنا وياهم نتقابل فالسوق بكره .
أم طارق : أمممم , بس خذي أمل معك إذا تبي .
تكلمت أمل وهي تهز رأسها بنفي : لا مشكوره يمه ما أبي أروح .
شادن باعتراض : ليششش ما بتروحين وأنا كلمت صديقاتي وقلت لهم عنك أمووول عشاني ..و نظرت لها ببراءه ورجاء ..
أمل بهدوء : ما أبي أردك لكن والله بالي مشغول بالمشكله ..ونظرت لها نظرة ذات مغزى وأكملت .. روحي أنبسطي وسلمي عليهم .
فهمت شادن مقصد أمل وعذرتها : معليش عمري سماح هالمره بس مره ثانيه ما أتركك .
ابتسمت أمل بامتنان لتفهمها وأكملت : إن شاء الله .
صمت الجميع للحظة وتكلمت شهد وهي تفكر : ماما تتوقعي لو عرضنا على طارق يتزوج يوافق .
أم طارق بحزن : والله ما أدري يوافق ولا لا بس بنحاول ها المرة ..وتسائلت.. ليش شايفه عروس مناسبه له .
هزت شهد رأسها بحماس : إيوه شفت صديقة أريام أخت زوجي زارتها وشفتها حلللوووه وتقريباً عمرها فالعشرين بس أصبري لا تكلمينه إلا لما أتأكد هي مرتبطة ولا لا .
أم طارق : على خير إن شاء الله .
بينما كان الحوار بين أم طارق وابنتها شهد كانت أمل تفكر في حل ليخرجها من هذا المأزق وعندما سمعت كلمت عروس طرأت في ذهنها فكره ربما تكون الحل لها ولكنها بالنسبة لأمل هي المشكلة بذاتها وحاولت أن تجد حلاً أخر ولكن تجد نفسها تفكر في نفس الحل فملت من التفكير فرفعت رأسها وسمعت شادن تقول بحماس : إيوه ماما كلموه نبغى نفرح ونرقص من زمان ما فرحنا .
ابتسمت على حماس شادن للفرح والرقص وتمنت لها من كل قلبها أن لا يكدر حياتها أي شيء ..
***************
بعد أن غادر الجميع لينام تمددت أمل على فراشها بعد أن صلت الوتر وضلت تفكر في حل ولكن تجد أفكاره تسبقها إلى نفس الفكرة المرفوضة تماماً وتعود لتفكر في حل آخر ولكنها تعود مرة أخرى للبداية وكأنها تدور في حلقة مفرغة حتى صرخت بجزع : أووووووووووف ماااابي هالفكره مستحييييييل أنفذها أوف أطلععععي من راسي .
وجلست تحاول أن تبحث شيء يبعد عنها الوساوس التي لا تجني منها إلا التعب والألم ولكن عادت واستلقت على السرير عندما يئست من إيجاد ما يشغلها ولو لثواني فالغرفة تسبح في ظلام دامس .
حاولت النوم وأغمضت عينيها لتنام فتراءى لها وجه سعود وهو في حالة سكر وفتحت عينيها بفزع وحدثت نفسها "إيش بتسوين يا أمل مالك إلا هالحل أو ترجعين لسعود ..نهرت نفسها بعنف .. لا إلا سعود ما أبي أرجع له , طيب أبوي ارجع عنده كمان أبوي ما يبيني إيش أسوي يا ربي ألهمني الحل ..وأخذتها أفكارها لذات الفكرة تخطط فيها لتنجح فنهرت نفسها .. لا يا أمل لا تفكرين فيها بهذي الفكرة أروح للموت برجولي ..وعادت لتقول بضعف .. بس مافيه غيرها كل الطرق مسدودة ما لي إلا أستخير والخيره فيما اختاره الله " عندما وصلت لهذا الحل هدأت نفسها ونامت ولكن لم يكن بالنوم الهادئ المريح بل ملأته الكوابيس والمنغصات .
*****************
في اليومين التاليين لم تخرج أمل من الجناح فقد عاودها الصداع والدوار وكذلك أحست بعدم تقبلها للأكل وقد لاحظ الجميع الإرهاق البادي عليها ونصحوها بأن تذهب للمستشفى فردت عليهم أن ما بها شيء عارض كان يحدث لها سابقاً وسوف يذهب عندما ترتاح بإذن .
وكذلك فكرت كثيراً لتجد حلاً آخر لمشكلتها ولكن لم تفلح في ذلك فاستخارة كثيراً ودعت من الله أن ييسرها إن كان في ذلك خير لها وأن يصرفها إن كانت ستجلب لها الشر .
*************
بعد المغرب
كانت أمل و شادن جالستان تتحدثان في أمور متفرقة ..
فسألت أمل بغته : شادن أول يوم جيت شفت أمك نادتك بالتلفون كيف ؟؟
شادن بهدوء :عادي هذا إنتركوم مبرمج فيه لكل جناح رقم ..وأشارت إلى المعلق على الجدار .. واللي عندك رقمه 15 .
أمل بفهم : أها يعني جناحك له رقم غير اللي هنا .
شادن : مزبوط يعني مثلاً جناحي رقمه 7 وجناح ماما وبابا رقمه 2 وجناح طارق رقمه 5 و هلم جر .
عندما سمعت أمل إسم طارق تحفزت وتأهبت حتى تركز لحفظ الرقم وسمعته ثم سرحت تفكر وتحدث نفسها "يا ربي ما أدري تنجح الخطة ولا لا خايفه موووووووت أحس قلبي بيطير من مكانه ما أدري إيش حسوي لو ما نجحت الخطة آآآآآآآآآه , يا رب تنجح يا رب " ولم تشعر إلا بيد شادن التي تهزها وتنادي : أمووووووووووووول أموووووووووووول هييييي بنت وين رحتي .
ضحكت أمل عليها وأبعدت يدها وهي تقول : إيش فيك أنا جنبك موب فالربع الخالي بعدين متأكده انك انثى مع هالدفاشه إنتي ووجهك .
شادن بهزل : لا لا لا متاكدة أنك فالربع الخالي يا شيخه قاعده أقرقر عليك وانتي موب فيه ما أدري وين طسيتي ..ثم رفعت حاجبها بسخرية وهي تشير إلى جسمها الأنثوي وأكملت ..بعدين شوفي كل ها الأنوثة والرقه وموب أنثى صراحه ما عند نظر..وأكملت تأشر على جسم أمل الرشيق بتفاصيل أقرب للطفولة بجلابيتها الفيروزية ذات الأكمام الحائرة التي أضافة إليها مزيداً من الطفولة .. شوفي نفسك حتعرفين أنا الأنثى ولا إنتي إللي كأنك طفلة موب مره أبد.
ضحكت أمل عليها :هههههه ..ثم كتمت ضحكتها ومثلت الغضب.. أنا طفله لا يا عمري هذي أسمها رشاااااااقة وإنتي وش عرفك فيها يا دبا .
شادن باستنكار : أنا دبا والله ما عند سالفة يالعصلا .
ضحكت أمل :هههههههههه ..وتوعدتها بنظره شريره وتقدمت إليها وهجمت عليها تدغدغ جنبيها فانفجرت شادن تضحك وتتلوى وتكمل أمل .. أنا العصلا والله لوريك إيش تسوي العصلا ..
بينما شادن تحاول إبعاد يدي أمل وهي تضحك وتتكلم بكلمات متقطعة من الضحك : ههههـ أمــ ـهههههـ ــل ــهههههـ أتركيني ـــههههههــ خلاص ــههههههـ أنا ــههههههـ العصلا ــههههـ بس بعدي بتموتيني ـههههههه
ضحكت أمل باستمتاع : ههههههههههه ..وأكملت بصوت شرير.. تستاهلي قولي أنا دبا ولا ترا ما أبعد .
شادن ومازالت مستمرة في الضحك : هههههههـ أنتي ــههههههــ دبا ـهههههههههههه .
أمل باعتراض : لا والله إضحكي على غيري يماما ..وبعصبية مصطنعة .. قولي أنا دبا .
شادن تضحك وبإذعان : ههههههـ خــلاص ــههههههـ خــلاص ـههههههــ أنا ـههههههههـ دبا ـهههههههههههه .
تركتها أمل هي تبتسم بانتصار : اعترفتي أنك دبا ..ولم تشعر إلا بشادن تقفز وتحاول الهجوم عليها فصرخت بقوه وهربت إلى غرفت النوم وأغلقتها عليها وهي تضحك باستفزاز مع صرخات شادن المعترضة .. هههههههههههههههاااااي.
شادن بصوت عالي وهي تضرب على باب الغرفة : طيب يا أملوه والله أردها لك وأنا شادن .
بينما أمل مستمرة بالضحك : هههههههههه نشوف .
سمعتا صوت احد خلف باب الجناح يصرخ بغضب فسكتت الاثنتان وسمعتاه يقول : إيش هذي المهزلة ولا أولاد يسو إللي تسونه هذا موب منكم من اللي يترك غجر وحدهم فالبيت .
فهمت أمل أنه يقصدها بالقول وسمعت شادن تقول من خلف الباب : أوووف طارق يخوف لا عصب .
فتحت أمل الباب ونظرت أمل إلى شادن بحزن : كله مني أنا اللي سويت الحركات هذي و عصب عليك .
نفت شادن برأسها : لا إنتي مالك دخل البيت فاضي وإحنا نتسلى نزعج مين يعني بابا بالشركة وماما مع شهد عند صديقة ماما والصغار بغرفة الألعاب وهو بالمستشفى بعدين أحنا ما ندري أنه حيجي بدري اليوم .
أمل بهدوء : خلاص روحي اعتذري منه يمكن زعل منك .
شادن بلامبالاة : يا شيخه خليكي منه أنا ما سويت شيء غلط عشان أعتذر أحنا نلعب ونتسلى .
أمل حدثت نفسها "والله ما حيزعل منك انتي اللوم كله علي أنا "
شادن بعد تفكير : أمل حصلتي حل للمشكلة ؟؟
تنهدت أمل واستغفرت ثم قالت والهم يكاد يجثم على صدرها : خليها على الله .
*****************
أقفلت باب الجناح جيداً وتأكدت منه لأكثر من مرة ووقفت أمام الإنتركوم وهي تفكر هل ما تخطط له سينجح أم لا رفعت رأسها لترى الساعة المعلقة على الحائط والتي تشير إلى الحادية عشر وخمس دقائق وتذكرت قول شادن أن طارق يدخل جناحه الساعة الحادية عشر حتى ينام مبكراً ..
أمسكت السماعة بيد مرتجفة وتعرق من التوتر وحتى جبينها تساقطت حبات العرق منه ولم تقوى على الوقوف أكثر سحبت إحدى الكراسي وجلست عليها وتوكلت على ثم سمت بالله وضغطت رقم (( 5 )) .
استمر الهاتف بالرنين حتى كادت أن تغلق السماعة فسمعت صوته الجهوري البارد وهو يقول : ألو .
ترددت ولم تنطق حتى عاود الكلمة : ألو مين .
أمل بهدوء وبصوت حازم : السلام عليكم .
كان صوته بارداً وعندما عرفها أصبح كالصقيع في برودته : وعليكم السلام , نعم أخت أمل ..بنبرة لا تخلو من الاستهزاء ..
ارتجفت أوصال أمل من برودة صوته حاولت التماسك وجمعت القليل من قوتها وردت بصوت أضعف من السابق : دكتور طارق أبي منك طلب لوســـ
قاطعها بغضب بارد : وش حصلت منك غير الطلبات ..وقال بسخرية لاذعة.. نعم يا أميره أمل إنتي تطلبي وإحنا ننفذ .
أمل اقشعر جسدها من قوة الإهانات الموجهة لها فقالت بصوت خالي من القوة : هو موب طلب هو رجاء أتنمى تنفذه و لك الحرية فالرفض أنا ما أجبرك .
طارق بحزم : قولي اللي عندك وبعدين ما عاش ولا كان اللي يجبرني على شيء ..صمت للحظات وأكمل بصوته البارد .. قولي اللي عندك أنا موب فاضي لتفاهات عيال الشوارع .
بلعت أمل غصتها من كلامه الجارح وبلعت معها الإهانه وضغطت على نفسها وهي تكرر في نفسها "أنتي توقعتي هذا الكلام أصبري يا أمل أصبري مصيره يعرف أنك بريئة ويومها حيندم" فقالت بصوت جرحته الإهانة مع قليل من الكرامة المهدورة : إذا ما عجبك الطلب إنسى الموضوع نهائي .
غضب طارق منها وصرخ بقوة : أمـــــــل قــــــــــــــــــولي إللي عندك ولا ضفي وجهك .
تساقطت دمعات أمل على وجنتيها فاختلطت الدموع بالعرق الذي يتقاطر من جبينها فتنحنت حتى تصفي حنجرتها وقالت بصوت بدت فيه ملامح القوة : تتـــــــــــــزوجــــــــني ؟؟
********
حطت الطائرة

ونزل المسافرون

حملوا أمتعتهم

وقابلو محبيهم

تبادلوا الأحضان

وأناااااااااا

أسير وأنظر بين الوجوه

لعلي أجده

بحثت وبحثت

وطااااااااال بحثي

سألني أحدهم

أتنتظر أحداً

قلت إني على موعد

مع الأمــــــــــــــــل

فأخبرني أنه ليس مع العائدين

تعجبت

فظهر لي بين الجموع

الألـــــــــــــــــــــــم

فأيقنت من غياب الأمل

وأعلنت للملأ

(عودة الألم)

*****************************

نهايــــــــــــــــ الجزء العاشر ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:22 PM


&< ~^((الجزء الحادي عشر))^~ >&

~[(حكاية رحيل الأمـــــــــــــل)]~



أمل : تتـــــــــــــزوجــــــــني ؟؟
طارق بغضب عارم وبصوت عالي كاد يفجر طبلة أذنها : إيش ؟؟؟؟؟
عيدي ما سمعت أناااااااا ..نطقها بغرور وكبرياء.. أتزوجك إنتي ..بتصغييييير .. ليش قلوا الحريم عشان أتزوجك إنتي ..صمت قليلاً ليسمع ردها فصعق عندما سمع صوت شهقاتها العالية فتكلم بحنان وكأنه ليس طارق الذي تكلم للتو .. أمل أسكتي خلاص لا تبكين خلاص .
تكلمت أمل بين شهقاتها بكلمات متقطعة غير مفهومة وقد بح صوتها وأصدر نغمة مميزة : حرام .. والله ..والله .. أنا مظلومة .. وسعود.. كذاب .. أنا ما أبي ..أرجع.. له .
طارق وقد حاول التخفيف من حدة بكائها حتى يستطيع التفاهم معها فتكلم بحنان : خلاص أسكتي عشان أعرف أتفاهم معك ..صمت ثواني حتى تأكد أنها لم تعد تبكي وأكمل .. طيب الحين فهميني ليش تبيني أتزوجك .
أمل ببحة من أثر البكاء وهي تحاولت أن تفهمه وجهة نظرها : أحم عشان حاسه أن سعود حيساومني على أني أرجع له أو ينسب ولدي له وأنا ما أبي أرجع له .
طارق ببرود : ليش ما تبينه ؟؟
تنهدت أمل بحزن واستغفرت ثم أكملت بعد صمت : مابيه وبس .. صمتت للحظات وأكملت .. كفايه أتهامه لي بشرفي .
ضحك طارق بسخرية وأكمل : ههه يعني تبين تفهميني أنك شريفة إلعبي على غيري .
تجرعت أمل الإهانه وأكملت :أعرف أنك ماتبي تتزوج بعد زوجتك وأنا كمان ما أبي أتزوج لكن والله غصب عني مافيه إلا هالحل لأن سعود لو راح لأبوي عشان يرجعني على طول حيرجعني له بدون ما يسألني وأنا ما أبيه عشان كذا أنا معاي فكره إذا وافقت قلتها لك .
طارق بسخرية : ما شا الله ما شا الله جمعتي معلومات عني باين أنك مخطط من البداية وبعدين مين قال لك إني ما أبي أتزوج أنا أدور وحدة عفيفة وما تكون خــــــــــاينه وبريئة عشان تكون زوجتي .
فهمت أمل مغزى كلامه وحدثت نفسها "أعذريه يا أمل أعذريه ما يعرف الحقيقة " وردت :طيب إسمعني أنت تتزوجني ولما تبي تتزوج أنا حبعد من حياتك ومن بيتكم كله وللأبد , ولا أقول ليش لين تبي تتزوج بس أصبر شهر وأنا أطلب منك تطلقني ها إيش قلت ؟؟
طارق بغضب مكبوت وتكلم بين أسنانه : ما شا الله مخططه لكل شيء ليش إيش شايفتني قدامك طرطور إنتي تحددين كل شيء وأنا أنفذ , لااا إنسي الموضوع .
أمل وهي تحدث نفسها "إيش هذا الذل اللي وصلتي له يا أمل ؟؟" وتكلمت برجاء حار: الله يخليك فكر أنت موب خسران شيء وأنا مابي شيء كل اللي أبيه أبعد عن سعود أصلاً بسببه عفت ..صمتت عندما انتبهت لما كانت ستقوله وأكملت بنفس الرجاء.. الله يخليك فكر والله ما أتدخل فيك و لا تشيل أي هم من ناحيتي بس لين يشفى أبوي وبعدها ما راح تشوفني أبد ..وقالت برجاء أكبر .. الله يخليك .
طارق ببرود وقد فهم ما كانت تنوي قوله : شوفي إذا كنتي عفتي كل الرجال فأنا عفت كل الحريم وإنتي طبعاً منهم ..صمت لثواني وأكمل ..أما إني أتزوجك أممممممم حفكر فالموضوع بس يكون إتفاق بيننا مالك أي دخل بحياتي أما الطلاق لا تفكرين فيه أبد أنا ما أتزوج عشان أطلق .
كتمت أمل صرخت اعتراض كادت تفلت منها وحدثت نفسها "لا موب كذا ما أبي هذا اللي يصير آآآآآآآه ياربي ما أقدر أتحمل أعيش مع أي رجال " وقالت في محاولة يائسة أخيرة : بس أنت موب ملزوم أنك تضل معي يعني إذا تبي تتزوج أنا حبعد عنك .
طارق ببرود : أنا إذا قلت شيء ما أتراجع عنه وإذا أبي أتزوج تكوني خداااااامه لزوجتي وهذا قدرك عندي , لكن إني أطلقك إنسسسسسي ..ثم أكمل بأمر.. يلااا قولي خطتك بسرعة لازم أنام وراي دوام .
أمل بصوت مخنوق من الغصة التي خنقتها : طيب إسمع (وسردت له الخطة التي فكرت فيها) وبعد أن أكملت التوضيح قالت.. واضحة الخطة .
طارق ببرود ومكر : صدق الله إن كيدكن عظيم ..ضحك بستهزاء وأكمل.. ههه , كل هذا الخداع والخبث وتقولين بريئة هه .
أمل وقد جمدت مشاعرها لكثرة الإهانات وتكلمت ببرود : بكره إن شاء الله أنفذ إللي علي والباقي عليك .
ضحك طارق بسخريه : هههههههههاااي ليش متأكده إني حوافق أنا قلت بفكر لسه وما قلت موافق .
ذهلت أمل بعد كل هذا التذلل له يرفض وقالت بصوت مرتجف : بـ ـس.
قاطعها طارق ببرود : لا تبسبسن لي ولا شي أنا موافق بس بشروطي أنا ..صمت لثوني وأكمل ..لا تظني إني حنيت عليك لااااا , بس أنا موب طبعي أرد اللي يطلبني والحين خلاص بقفل صارت الساعة 12 إلا ربع ..صمت لوهلة وأكمل.. يلا مع السلامة وأقفل السماعة .
أما أمل فكانت ممسكة بالسماعة وكلماته الأخيرة تدور في بالها ودموعها تتسابق على وجنتيها .. وعندما انتبهت لما هي عليه وضعت السماعة في مكانها ودخلت غرفة النوم وتمددت على فراشها وانفجرت تبكي وهي تلوم نفسها وتؤنبها على هذه الفكرة التي وصلت لها والتي جعلتها على هذا القدر من الذل وجرح الكرامة .
ولم تنتبه إلا على أذان الفجر وهي لم تكتحل عيناها بالنوم طوال الليل .
*********************
في عصر اليوم التالي ...
ركبت السيارة التي يقودها أبو طارق والتي تجلس بجواره أم طارق , القت التحية بصوت منخفض وردوا التحية وبعد أن جلست على المقعد تكلمت بصوت محرج منخفض : كيفك يا عم عبد الله ؟؟
أبو طارق : الحمد لله بخير يا بنتي , وأنتي كيفك عساك مرتاحه عندنا ؟؟
أمل بخجل : الحمد لله طيبه , وكيف ما أكون مرتاحه وأنتم موب مقصرين علي شيء جزاكم الله خير .
أبو طارق : وإياك , وإنتي والله نعدك بنتنا .
سكت الجميع وغرقت أمل بالتفكير في مشكلتها وما توصلت له في مساء البارحة عندما هجرها النوم حينها توصلت إلى قرار صعب عليها ولكنه قد يحفظ كرامتها فقد قررت التنازل عن فكرتها التي ناقشت بها طارق واستقرت على أنه لو طلب سعود إرجاعها ستوافق وفكرت هل إذا طلب منها سعود أن يرجعها هل ستوافق وتعود معه لذلك المنزل الكبير الذي ملأت أركانه المعاصي والذي كان مؤوى للسكارى وما أغضب الله وبمجرد أن وصلت لهذا الحل اقشعر بدنها وأحست بالغثيان لمجرد الفكرة فقط فكيف لو عادت إلى سعود فعلاً كيف ستمضي حياتها معه وحدثت نفسها "لا سعود مستحيل أرجع له ذل طارق ولا عزة سعود " وفي هذه الأثناء توقفت السيارة عند مبنى الشرطة وتنبهت من أفكارها وترجلت من السيارة ..
*****
سمعت أمل نداء الدخول إلى مكتب مدير الشرطة ووقفت مع أم طارق وسارتا حيث يجلس أبو طارق والذي بدوره وقف عند رؤيتهما وسار باتجاه الباب ودلفوا جميعاً إلى المكتب وألقى أبو طارق التحية بصوت رخيم يظهر فيه مدى ثقته بنفسه وقوة شخصيته فوقف اللواء احتراما له عند رؤيته وتقدم إليه وصافحه وهو يرحب به بجزل ..
جلس الجميع وبدأ أبو طارق بالسؤال : طال عمرك إيش صار على القضية؟
اللواء باحترام : الله يسلمك وصلتنا قبل شوي نتيجة التحاليل من سعود وأرسلناها للمطابقة النتيجة و بعد شوي توصل .
صمت الطرفان بينما كانت أمل تتحرق من الانتظار وترتجف من التوتر, هي واثقة من براءتها وعفتها لكن النتيجة ستبين لمن حولها ذلك ..
بعد صمت دام خمس دقائق كانت بمنتهى البطء على أمل سمعوا طرقاً على الباب فسمح له بالدخول ودخل شرطي يحمل ملف بني كبير نوعاً ما وضع على المكتب أمام اللواء وتكلم برسمية اعتاد عليها :سيدي سعود الـ.... حضر .
ارتجف قلب أمل بين ضلوعا لسماع أسم سعود وتعالت نبضات قلبها لدرجة أحست أن كل الجالسين سمعوها , سمعت اللواء يأمر الشرطي بأن يسمح له بالدخول ومرت لحظات فدخل سعود فسلم ببرود وجلس على الكرسي المقابل لأبو طارق ..
بينما أمل وصل الخوف والتوتر لديها أقصاه وهي تنظر بترقب وتتلافى النظر إلى سعود ورأت اللواء تناول الظرف وفتحه وأخذ ينظر له بتمعن ورفع رأسه وألقى نظرة مبهمة عليها وكذلك سعود ثم تكلم بعد صمت قصير.
اللواء : النتيجة ..ومرر نظرة أخرى لهما وكذلك الجميع وأكمل .. واضح من النتيجة أن نسبة التطابق هي 96 بالمية
..صمت الجميع للحظات لاستيعاب الخبر وما هي إلا لحظة حتى ارتفع صوت أمل بالبكاء وهي تكرر ((الحمد لله الحمد لله )) فرحت أم طارق وحضنت أمل وتهلل وجه أبو طارق بابتسامة فرح ونظر شزراً لسعود الواجم ..
اللواء : مبروك يا أم إبراهيم على براءتك وأنت يا أخ سعود أستغفر ربك ..ونادى على أمل لتنتبه له فرفعت رأسها بعد أن هدأت .. يا أم إبراهيم لك الخيار الآن إما ترفعين قضية على سعود ..ونظر له بغضب ثم أكمل.. عشان يقام عليه حد القذف وطبعاً ما ننسى أن يدفع دية عن قتل ولده أو أنك تتفاهمين معاه وتحلون المسالة ودياً .
أمل تكلمت بعد تفكير لثواني : أما عن نفسي فأقول – فمن عفا وأصلح فأجره على الله – وأفضل أن أتفاهم معاه على الباقي .
أعجب الجميع بردها وتمنوا لها كل الخير والثواب .
اللواء ببرود : وأنت يا أخ سعود تبي تتفاهم معها ولا عندك راي ثاني .
نظر سعود لأمل نظرة خبيثة جعلت قلبها يقفز لحلقها وأكمل : لا ما عندي أي مانع .
عندما ألقى سعود لها تلك النظرة علمت أنه يضمر لها أمراً فكادت أن تصرخ طالبة أن يجري عليه القانون ولكنها تراجعت في آخر لحظة وهي تذكر نفسها بخطتها "أمل لا تخافين نفذي الخطة إنتي إستخرتي وربي ما حيضيعك لو أني موب حاسه أنه حيروح لبوي عشان يرجعني ولا كان قلت لهم يتصرفون معه ".
سمعت اللواء يطلب عن طريق الهاتف إحضار إحدى الشرطيات وأشار إلى باب مغلق وقال : يا أم إبراهيم ويا أخ سعود تقدرون تروحون هذي الغرفة عشان تتناقشون على انفراد ..صمت لثواني وأكمل ..تقدر يا أبو طارق واللي معك تنتظرون في الاستراحة .
نبض قلب أمل بعنف لمعرفتها أنها ستكون هي وسعود في غرفة واحدة وظنت أنهما سيكونان بمفردهما ولكن سمعت اللواء يقول عندما رأها لم تتحرك فعلم أنها خائفة : حتكون الشرطية أم علي معكم وكمان شرطي عند الباب .
انتصبت واقفة وسارت باتجاه الغرفة متقدمة سعود طرقت الباب ودخلت وهي تحيي الشرطية بصوت منخفض وتجلس على إحدى الكراسي البعيدة في الغرفة الواسعة وبعد ثواني دخل سعود وجلس بمقابلها وبينهما ما يقارب المترين ..
نبض قلبها بعنف وعرق جبينها ولكنها تمالكت نفسها هي على حق وستأخذ حقها منه .
بادرها سعود بالسؤال : كيف حصل هذا مانيب متذكر .
استجمعت أمل قوتها وتغلبت على خوفها ورجفتها وردت ببرود : ليش أنت لما ترجع البيت كيف تكون ؟ أكيد ما تتذكر من القرف اللي تشربه .
سعود باستفهام : كيف تبيني أعرف أنه إبراهيم ولدي وأنا ما أتذكر ؟
غضبت أمل ولكن أمسكت نفسها فهي ليست بمفردها معه فقالت باستهزاء : ليش تحسبني مثلك أسكر وأجيب بنات ورجال سكارى وأخلي البيت يرج بالأغاني ..هزت رأسها وأكملت .. لا أنا موب كذا وأنت تعرف تربيتي أنا تربية إبراهيم الـ..... وبعدين أنا كنت صغيره ما أعرف غير البيت والمدرسة ولا أخرج أي مكان حتى جيران ما أعرفهم .
صمت سعود وأنزل رأسه وقد شعر بمدى فداحة عمله في حق هذه الفتاة رفع رأسه ورد : طيب حقك علي وسامحيني وودي أصحح خطأي عشان كذا أنا مستعد أسوي إللي تبينه بس ترجعين لي .
رجفت أوصال أمل فقد وقع المحظور وما خافت منه وأرق نومها ولكن عزمت على تنفيذ خطتها وقالت : كذا بسهوله أرجع وأنت أهنتني ورفضت حتى ولدي اللي فبطني وطلقتني قدام الناس وآخرتها رفضت حتى تعطيني إثباتاتي لما طلبتها وقت حاجتي .
قاطعها سعود : مستعد أصحح كل أخطائي بس ارجعي .
صمتت أمل لثواني وبدأت تنفذ خطتها : خلاص مستعدة أرجع لك ..أنفرجت أسارير سعود وارد مقاطعتها فأشارت له بأن تكمل كلامها .. بس موب الحين أصبر أسبوع أو اثنين وبعدها تعال رجعني من أبوي لكن قبلها عندي شروط إذا وافقت حرجع لك .
سعود بلهفه : موافق باللي تبينه .
استغربت أمل لهفته ولكن لم تعطي الموضوع أي بال وأكملت : حتى قبل ما تعرف الشروط يمكن ما تعجبك ؟؟
سعود : ما عندي مشكلة .
أمل ببرود : طيب اسمع الشروط أول .
سعود : أسمعك .
أمل بهدوء وقد وكلت أمرها لله : أول شيء تسجل إبراهيم باسمك , وتطلع له شهادة وفاه من المستشفى ..قالت الأخيرة بمرارة وحزن عميق وأكملت .. وبعدين تعطيني ورقة طلاقي ..
قاطعها سعود : ليش أنا أبي أرجعك موب أطلقك ؟؟
أمل بتوضيح : أول شي إنت مطلقني من أكثر من سنتين يعني إنتهت العدة وما تقدر ترجعني إلا بعقد جديد وعشان تعقد من جديد لازم تجيب ورقة تثبت انك طلقتني .
سعود : أها فهمت خلاص بكره الصباح أطلعها بس ليش بعد اسبوع أرجعك ليش موب بكره .
خافت أمل أن يكشف خطتها ولكن تمالكت نفسها حتى لا تفضح أمرها : لا أنا لسه ما تعودت على فراق إبراهيم بس مات من أسبوع عشان كذا أصبر على الأقل أسبوع أو أسبوعين وبعدين يصير خير .
سعود : خلا ص أسبوع واحد أظن يكفي ما أقدر أتحمل أكثر .
أمل بغضب لم تظهر وهي تحدث نفسها "يا كرهك ما أدري مين إللي رماها وضربها قدام الناس والحين يقول ما أقدر أتحمل لكن هين يا سعود " وتحدثت ببرود : أسبوع أسبوع لكن بقي شرط أخير ..هز سعود رأسه بمعنى أسمعك وأكملت .. دية ولدي أبيها .
نظر لها سعود بخبث : طيب أخليها مع المهر أحسن .
فزعت أمل وردت بحدة : لااااااا ..وحاولت تهدئ نفسها عندما لاحظت نظرات سعود المشككة فأكملت بهدوء .. لا أبيها وحدها غير المهر .
سعود بشك : ليش تبينها وحدها ؟؟
أمل ببرود : هذا شيء يخصني وأنت قلت موافق على كل شروطي .
سعود بإذعان : آمنا بالله خلاص موافق بس الوعد بعد أسبوع .
أمل وهي تحس بالذنب ولكن عنفت نفسها أنه يستحق ذالك : إن شاء الله .
سعود : خلاص بكره أرسل ورقة الطلاق وكمان أوراق إبراهيم بس أجيبها بيت أبوك .
أمل بحده : لااااااا جيبها بيت عمي أبو طارق أنا عندهم .
سعود باستغراب : ليش إنتي عندهم بعدين كيف تسكنين عند ناس ما تعرفينهم ؟؟
أمل بحزن : ليش بعد سواتك تتوقع أبوي وسلمى يستقبلوني ببيتهم ..هزت رأسها بالنفي وأكملت .. لا لا غلطان وأنت أكيد تعرف السبب وبعدين أبو طارق يصير عمي ولد عم أبوي .
سعود بذهول : صدق أبو طارق التاجر المعروف عمك ..صمت لحظة وأكمل .. خلاص حوصلها بيتهم بس ما أعرف العنوان .
أمل وقد أنتصبت واقفة : خذ العنوان من عنده , مع السلامة ..وخرجت..
سعود : مع السلامة .
خرجت أمل من الباب الذي يقف عنده الشرطي ومنه إلى الاستراحة حيث وجدت أم طارق التي وقفت فور حضورها ألقت عليها التحية وأخبرتها أن كل شيء على ما يرام ثم خرجتا إلى أبو طارق الذي كان يحادث سعود وانطلقوا عائدين إلى المنزل في صمت .
*****************
في المساء ..
خرجت شادن من جناح الضيوف لتتناول العشاء مع أسرتها تاركة خلفها أمل التي كانت غارقة في التفكير فقد نبهتها شادن أكثر من مره لتنتبه لحديثها ولكنها لم تستطع الانسجام معها ولذلك غادرت شادن الجناح أما هي فقد كانت تدور كل الأحداث في عقلها و تفكر هل ما فعلته صحيح أم خطأ ؟ وهل سينفذ طارق وعده ؟ وهل تستطيع أن تعيش مع رجل مرة أخرى ؟ وهل وهل ...؟؟ استفهامات كثير دارت في مخيلتها ولكنها لم تجد لها الحل رفعت رأسها إلى الساعة فوجدتها تشير إلى ما يقارب الحادية عشر انتظرت لدقائق تأكدت من إغلاق الباب ثم رفعت السماعة و ضغطت الرقم المطلوب وانتظرت أن يجيب ولكنه لم يرد عليها فوضعت السماعة وهمت بالدخول إلى غرفت النوم ولكنها سمعت طرق الباب فسألت عن هوية الطارق .
........: أنا شادن .
فتحت الباب ودخلتا ثم جلستا ومازالت شادن صامته استغربت أمل صمتها الغير معتاد وحمدت ربها في سرها أن طارق لم يرد عليها وإلا لم تعرف ماذا تفعل , ولما طال الصمت بادرتها بالسؤال : شادن إيش فيك قلتي قبل ما تخرجين فيك النوم عسى ما طار ؟؟
شادن بهدوء : لا ما طار النوم بس ..صمتت ثواني ثم أكملت باستغراب .. بس مستغربه من شيء حصل قبل شوي .
أمل بتساؤل : ليش إيش حصل ؟؟
شادن بذات الاستغراب : لا موب شيء كبير بس طارق..صمتت لثواني وأكملت ..تدرين له أكثر من سنتين تحاول فيه أمي أنه يتزوج وكان يرفض أما اليوم أمي عرضت عليه يخطب وبسرعة وافق ..
أمل بتوتر حاولت تخفيه : طيب إيش الغريب فالموضوع ؟؟
شادن بخبث : الغريب البنت إللي أختارها ..صمتت وهي تنظر لأمل ..
ازدردت أمل لعابها من التوتر وأكملت بغضب مصطنع لإخفاء توترها : شادن بتتكلمين ولا هي ألغاز ؟؟
ضحكت شادن وأكملت : لا ألغاز ولا شيء اسمعي السالفة يا ستي , بعد ما تعشينا جلسنا فالصالة نشرب شاهي كالمعتاد وقالت أمي ...
****
قبل نصف ساعة ..
جلس الجميع في الصالة وهم يشربون الشاي وتتداول بينهم بعض الأحاديث حتى تكلمت أم طارق وسكت الجميع ليسمع ما تقول ..
أم طارق وهي تدير جلستها باتجاه إبنها الجالس يسارها : طارق معي سالفة أتمنى ما تقطعني ..هز طارق رأسه بالموافقة وأكملت .. أختك شهد شافت بنت أعجبتها عند بيت أهل زوجها وطلعت صديقة وحدة من أخوات زوجها سألنا عنها طلعت موب مرتبطة وما كلمناها إلا لما ناخذ رايك ..سألت بحذر .. إيش رايك أخطبها لك .
صمت طارق لدقيقة حتى ظن الجميع أنه سيرفض مثل السابق ولكنه تكلم بجدية : يمه أنا موافق تخطبيلي بس ما أبي هذي البنت ..صمت ينتظر ردها..
كادت تطير أم طارق من الفرح وقالت وهي مبتسمة بفرح : أشر للبنت اللي تبي وأنا معك والله منى عيني أشوف عيالك وأشوفك مرتاح ..ودمعت عيناها من الفرحة ..
نهض طارق من مقعده وجلس بجوار أمه على الكنبة المزدوجة ومسح دموعها : يا الغالية كله ولا دموعك مانبي دموع .
أم طارق : من فرحتي يا ولدي ..وأكملت باستفهام ..منهي البنت اللي تبيها وأروح أخطبها بكره لك .
طارق بجدية : ما يحتاج تروحين تخطبين ..لاحظ نظرات الحيرة الاستغراب رسمت على كل الوجوه وأكمل ..لأني أبي أمــــــــــــــل.



****
شادن : يووووووووووه يا أمل ما شفتي قد إيش أمي وأبوي فرحوا بهذا الخبر ..وابتسمت بخبث وأكملت .. والحين قولي يلاااا كيف خليتي أخوي يطيح وما أحد سمى عليه .
أمل بتوتر وقد أحمر وجهها من شدة الخجل وهي تحدث نفسها "ما دريتي يا شادن أنه قال لأمك ما يحتاج أنك تخطبين لأني أنا اللي خطبته موب هو آآآآه يا أمل إيش هذا الذل اللي أنتي فيه " وردت بغضب تغطي به خجلها : لا طيحته و لا طيحني وبعدين خشتي مقابله خشتك أربعه وعشرين ساعة كيف بطيحه ها .
شادن بأسف عندما لاحظت احمرار وجه أمل وظنته من الغضب : سوري أمول ولا تزعلين حقك علي ..ونظرت لها بحب وأكملت ..والحين قلت لك السالفة كلها قولي ها موافقة .
أمل باستغراب : موافقة على إيش ؟؟
شادن بخبث : على أخوي طارق .
أخفضت أمل رأسها بخجل وخوف وزاد احمرار وجهها وصمتت .
شادن بفرحه : يعني نقول مبروك ..ونهضت تريد إخبار أهلها ولكن أمل أمسكت بيد شادن حتى تنتظر وسألتها شادن .. إيش فيك ؟؟
أمل بخجل : انتظري لا تروحين .
شادن باستغراب : ليش ؟؟
أمل بذات الخجل : استخير وأرد عليك .
ضمتها شادن بحب وردت : استخيري و إن شاء الله ترتاحين طارق طيب وانتي كمان ربي يوفق بينكم ..ضحكت وأكملت ..ههههههه وعقبالي .
ضحكت معها أمل : ههههههههه آآآمين .
***************
بعد أن غادرت شادن لتنام دخلت أمل غرفة النوم وأبدلت ملابسها وهي تكاد تسقط من شدة النوم وما إن تمددت على الفراش وتغطت باللحاف حتى سمعت رنين الإنتركوم ألقت نظرة على الساعة في معصمها فوجدتها تقارب الحادية والنصف انتظرت ثواني ولما أحست بإلحاح المتصل نهضت على مضض وسارت باتجاه الصالة بعينين نصف مغمضة ورفعت السماعة وقالت بصوت ناعس : ألو .
صمت الطرف الثاني للحظة ورد ببرود : السلام عليكم .
تنبهت أمل وكأنها أخذت أقوى منشط وحدثت نفسها "طارق إيش يبي إن شاء الله خير" وردت بجدية : عليكم السلام .
طارق ببرود وسخرية لاذعة : نمتي ولا تفكرين بالعرس ..صمت لمدة عرف أنها لن ترد عليه أكمل بذات السخرية .. مصدقه نفسك تستخيرين وتفكرين وأنتي إللي عرضتي علي الزواج بك بمعنى أصح خطبتيني ..وضحكة بستهزاء .. ههههههههههههههاااي ..وأكمل .. دنيا عجيبة صاروا الرجال ينخطبون موب يخطبون ..صمت وأحس بتسارع تنفسها وشهقاتها المكتومة..
أمل بصوت مبحوح تسأله : الحين دقيت تستهزئ فيني لو كنت ماتبي ليش وافقت من البداية .
طارق بجدية : أنا ما أقول كلمة وأتراجع عنها ولا تنسين إنك أنتي ترجيتيني لما وافقت ..أمسك للحظة وأكمل .. أنا دقيت عليك بقول لك كلمة ورد غطاها.
أمل باستفهام : إيش تبي ؟؟
طارق ببرود : أنا قلت لك أول إني موافق أتزوج لكن بشروطي وأتذكر إني ما قلت لك إيش أبي صح .
أمل ببرود : صح .
طارق بجدية : أبي عيال .
أمل بفزع : لا لااا إلا هذا الطلب الله يخليك ما أبي خلاص ما أبي أتزوج ..وانفجرت تبكي بحرارة ..
استغرب من ردت فعلها العنيفة وعندما توقفت عن البكاء بعد عدة دقائق سألها باستغراب: ليش ما تبين تجيبين عيال؟؟ ..وأكمل بحدة .. وبعدين أنا ما نيب لعبة عندك شوي تبين تتزوجيني وشوي تقولين خلاص مابي أتزوج كلمه وحده هي تتزوجيني غصب عنك وشرطي يتنفذ .
أمل بقوه : بس أنت قلت كل واحد ماله دخل فالثاني وبعدين أنا ما أبي عيال.
طارق بغضب كتمه وتكلم بين أسنانه : موب كيفك أنا اللي أقرر .
أمل بغضب وصرخت بقوة : والله والله ما أخليك تقرب مني ..وأقفلت السماعة وانفجرت تبكي وجرت إلى غرفة النوم وفجرت أحزانها على وسادتها وهي تسمع رنين الجهاز ولكن لن تجيب عليه بعد اليوم ..
وغفت على دموعها ..
****************
وفي اليوم التالي استخارت أمل كثيراً وسألتها في المساء أم طارق فأجابت..
أمل باستحياء : موافقة يمه .
أطلقت أم طارق الزغاريد إعلاناً بالفرح وحضنت أمل بحب : مبروووك ياعمري ..ودمعت عيناها وعندما رأتها أمل انفجرت تبكي وأخذت أم طارق تهدئها تارة وتبكي معها تارة أخرى حتى فرقت بينهما شادن والتي تضحك وبعينيها الدموع ..
شادن بسخرية : خلاص قلبتوها عزا أحنا نبي نفرح وأنتوا تبكون الله المستعان .
ضحك عليها الجميع ومسحت أمل دموعها وكذلك أم طارق وتقدمت شادن من أمل وحضنتها بحب : مبروووووووك أمولتي .
ابتعدت شادن وتقدمت شهد وسلمت عليها وباركت لها بحب .
جلس الجميع يتحدثون قليلاً وادارت أم طارق رأسها لأمل وقالت : أمل بكره العصر حنروح أنا وأنتي وعمك أبو طارق وطارق بيت أبوك عشان يملك عليك طارق ها إيش رايك .
أمل بخجل : سوو إللي تشوفونه مالي راي بعد رايكم .
أم طارق بحب : الله يكملك بعقلك يا بنتي .
****************
بعد العصر في اليوم التالي ..
كانت أمل جالسة وعينيها تسبح في اللاشيء وهي غارقة بالتفكير وكانت تمسك في يدها مجموعة من الأوراق .
أنزلت رأسها ونظرت إليها وقلبتها وهي تهمس بمحتواها : ورقة طلاق ..وفتحت أخرى وكانت شهادة وفاة إبراهيم وهي تهمس .. إبراهيم سعود الـ... , بعد إيش صار اسمك كذا يا إبراهيم بعد ما صرت تحت التراب آآآآآآه الله يرحمك ..قلبت الأخرى وكانت شيك بمبلغ 100 ألف ريال .. والله قليله فحقك والله قليله . وأوراق أخرى منها صور لكرت العائلة وغيرها من الأوراق أمسكت بها وأدخلتها في ظرف كبير وأغلقته سمعت طرقاً على الباب فسمحت بدخول شادن التي ما إن رأت الظرف استفهمت : أمول إيش هذا الظرف ؟؟
أمل بهدوء : أوراق جابها سعود قبل شوي .
شادن باستغراب : مين أعطاك إياها .
أمل ببرود : أعطتني وحده من الشغالات وقالت بابا طارق يقول هذي الأوراق لك .
شادن بخبث : أها قلتي لي طارق , الحبيب بدا شغله من الحين .
صمتت أمل ولم تعطها أي بال .
شادن بهدوء : المهم بابا وماما يقولوا لك تجهزي الحين حتروحون .
هزت أمل رأسها بالموافقة ونهضت لتلبس عباءتها وخرجت شادن وتبعتها أمل و التي ما إن خرجت حتى نهض الجميع متوجهون إلى منزل أبو أمل ..
*****
ركب الجميع السيارة وساروا حتى وصلوا إلى القرية ثم وصفت لهم أمل مكان المنزل بالتحديد وتوقفت السيارة عند منزل شعبي ذو دهان جديد وباب كبير من الحديد باللون البني ,,
تكلمت أمل بهدوء : انتظروا لحظة أشوف أبوي إذا موجود وكمان أشوف لكم طريق.
أم طارق : روحي يا بنتي إحنا ننتظرك .
ترجلت أمل من السيارة وسارت حتى وصلت إلى الباب ثم طرقته عدة طرقات حتى سمعت صوت والدها خلف الباب بأنه آتٍ وانتظرت ثواني حتى فُتح الباب وظهر والدها فألقت التحية ..
أبو أمل : عليكم السلام , نعم تبين ســ ..
قاطعته أمل : لا يبه أنا أمل .
ظهر الضيق على والدها وتكلم بغضب : إيش جابك موب أنا قلت لك لا ترجعين مره ثانيه هاااا يلا إرجعي من وين ما كنتي .
خنقت العبرة أمل وردت بصوت أبح : يبه الله يخليك إسمعني ..إزدردت لعابها والغصة التي خنقتها .. هذي آخر مره أجيك , شوف السيارة اللي هناك فيها ضيوف يبون عندك الله يخليك يبه دخلهم تراهم ناس غالين عندك.
صمت والدها للحظة ثم رفع رأسه تجاه السيارة ودقق النظر لعله يرى شيئاً ثم قال بأمر : روحي ناديهم ودخلي الحريم وسوي القهوه والشاهي سلمى موب فيه يلا بسرعة .
أمل بفرحه : مشكور مشكور يبه ..وانطلقت مسرعة لتناديهم وتسمح لهم بالدخول وصلت للسيارة وقالت .. حياكم تفضلوا .
ترجل الجميع من السيارة وساروا باتجاه المنزل و تقدمت هي وأم طارق للدخول أولا ثم دلف أبو طارق وابنه اللذين توقفا عندما رأيا أبو أمل ..
أبو طارق وطارق بصوت واحد : السلام عليكم .
أبو أمل : وعليكم السلام , حيا الله من جانا .
أبو طارق : الله يحيك ويبقيك ..وتقدم أبو طارق إلى أبو أمل وصافحه وتفرس فيه أبو أمل والآخر مبتسم ..
أبو أمل بتفكير : الوجه هذا موب غريب علي .
أبو طارق بابتسامة : تذكر يبو خليل .
ابتسم أبو أمل إبتسامة واسعة ومشرقة : حيا الله الخوي حيا الله عبد الله ..وتبادلا الأحضان بحب أخوي مصفي وكان الجميع ينظر إليهم بتأثر وأكمل أبو أمل ..كيفك وأخبارك وينكم رحلتوا عنا ونسيتونا ..
ابتسم الآخر بحب : والله ما نسيناكم ودورنا عليكم وبعدها أشغلتنا الدنيا , كيفك إنت عساك بخير .
أبو أمل : الحمد لله نحمده ونشكره على فضله .
أبو طارق : الحمد لله ..ابتعد عنه وأشار إلى طارق .. هذا ولدي طارق .
أبو أمل تقدم إلى طارق وصافحه : حيا الله طارق حياك يابو زياد عساك بخير .
ابتسم طارق باحترام : الحمد لله كيفك إنت يا عم .
أبو أمل : الحمد لله , تفضلوا حياكم الله ..سمع صوت أنثوي خلفه يناديه ..
أم طارق : كيفك يابو أمل , أنا علياء صديقة ساره الله يرحمها إن كان تذكرني .
طغى الحزن على أبو أمل ورد عليها : هلا يأم طارق , أكيد أذكرك والله أن ساره ما كانت تقطع سيرتك وكانت تتمنى تقابلك مره ثانيه .
خنقت العبرة أمل وأم طارق وكذلك أبو أمل ولكنهم جميعاً تماسكوا وردت عليه أم طارق : الله يرحمها وأنا تمنيت أقابلها لكن لا اعتراض على القدر.
أدخل أبو أمل ضيوفه لمجلس الرجال وأدخلت أمل أم طارق لمجلس النساء واستأذنتها لتذهب وتعد القهوة والشاي .
بعد عشر دقائق أعدت أمل صينيتين كبيرتين كل واحدة وضعت فيها دلة القهوة وإبريق الشاي والتمر والفناجين حملت الأولى ووضعتها عند باب مجلس الرجال وطرقت الباب بخفة وقالت بصوت حازم : يبه القهوه والشاهي عند الباب ..ثم انصرفت حتى لا تواجه أباها ..
خرج أبو أمل من المجلس وحمل الصينية وأدخلها وقدم لضيوفه القهوة أولاً وأكملوا أحاديثهم التي كانت تدور عن ذكرياتهم وحياتهم سابقاً .
صمت أبو طارق قليلاً ثم تكلم بجديه : يابو أمل أنا جايك اليوم أطلب يد بنتك أمل لولدي طارق .
تفاجأ أبو أمل من طلب أبو طارق ورد بهدوء : والله لوهي ذبيحه ماعشتك لكن ..صمت لحظة يفكر كيف سيفتح الموضوع ثم أكمل .. شوف يا طارق أشوف أنك رجال على خير وما ينقصك شيء لكن ما يصير تتزوج وحده مثل أمل ..صمت لحظة وأكمل بجديه وحزن ومرارة .. أمل خانت زوجها وحملت من غيره وسمعتها منتشرة بين الناس وأنا ما أبي أخدعك ولو واحد غيركم جاني ما أقوله ها الكلام لأنه عرضي لكن أنتم غالين ولا أرضى عليكم الشينه ..صمت وأنزل رأسه دليل على الذل ..
أبو طارق بحميه : أرفع راسك يا رجال ترى بنتك بريئة من ها الكلام وهذي فريه افتراها سعود عليها .
رفع أبو أمل رأسه متفاجئ من معرفته بسعود ونظر إليه يستحثه على الإكمال .
أبو طارق بجديه : أمل رفعت على سعود قضية نفي نسب وقذف ولما سوو تحليل لإبراهيم ولدها وسعود طلعت النتيجة أنه ولده وأمل بريئة ..صمت لحظه ثم أكمل .. وأمل ما فيه مثل عفتها والتزامها تراها تربيتك يا رجال وارفع راسك إنك جبت مثل هالبنت .
شعر أبو أمل بالفخر والحب لابنته وابتسم بفرح : الله يبشرك بالجنة والله انك فرحت قلبي بهالكلام والحين أقول لك يا طارق تراها لك وأنا موافق .
طارق بهدوء : الله يسلمك يا عم وأنا يشرفني لكنــ..
قاطعه والده : يابو أمل لازم تسألها عن رايها الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، وإذنها الصموت) .
أبو أمل بجديه : لكن أنا أعطيتكم كلمه و..
قاطعه أبو طارق : لا يابو أمل هذا أمر الرسول لا فوقه أي عادات ولا سلوم وأنا أخوك .
أبو أمل وقد نهض ليسألها : صدقت الحين أروح أسألها وجايكم استأذن .
أبو طارق وطارق : إذنك معك .
خرج من مجلس الرجال متوجهاً إلى الصالة المتوسطة المنزل ونادى بصوت جهوري : أمــــــــــــل تعالي أبيك .
*****
قدمت أمل القهوة والشاي لأم طارق وجلستا تتحدثان بمواضيع متفرقة حتى سمعت أمل صوت والدها فخفق قلبها بعنف وانتصب واقفة على الفور واستأذنت من أم طارق وخرجت للقاء والدها ..
أمل بصوت مرتجف من الخوف وهي مطأطئة رأسها : نعم يبه .
جلس أبو أمل على أحد المقاعد وقال بصوت آمر ومنخفض : اجلسي .
جلست أمل على أحد المقاعد وكان يفصلها عن والدها مقعد مفرد .
أكمل كلامه بعد أن جلست : عمك أبو طارق قال لي إنك شكيتي على سعود عند الشرطة وطلع أنه اتهامه لك باطل ..هزت أمل رأسها بالموافقة وقلبها ينبض بخوف من الكلام التالي وأكمل والدها عندما هزت رأسها موافقة على كلامه .. عشان كذا لما خطبك طارق ما وافقت فالبداية لكن لما عرفت إنك بريئة وافقت عليه لكن بما أنك مطلقة لازم أسألك إذا كنتي موافقة على طارق ولا لا وأذكرك إني ما أقدر أخليك عندي فالبيت وإنتي عارفه هالشيء عشان كذا لمصلحتك توافقين على طارق .
رفعت أمل رأسها وقد غرقت عيناها في بحر من الدموع من كلمة والدها التي يعيدها تكراراً فهذه الكلمة تجرحها وقالت بصوت مبحوح وحزين : إللي تبيه يبه أنا مـــــــــــــــوافــــــــــقــــــــــة .
......... : موافقه على إيش يا روح أمك ..

*********
صور متناثرة على المكتب

وأوراق مبعثرة في كل مكان

وزهور ذابلة في قنينة على الرف

وحقيبة ملقاة بها بعض الألبسة

والباقي على الأرض وفي أدراج الخزانة

تلفت أبحث عن صاحب هذا المكان

فظهر لي من خلف الباب شخص ذو وجه كسير

رسمت عليه الأحزان آثارها

وخطت الدموع مجراها

تقدم مني وسألته

من أنت ؟؟

قال بحزن : أنا الأمـــــــــــــــل

فسألته : ولماذا أنت بهذا الحال

فقال: إنها قصة طويلة لا يسع لها المقال

فقلت : أخبرني بها

فقال : لا أستطيع فأنا راحل .

فقلت : أوجزها لي في كلمات .

فقال وهو يهم بالرحيل : لو جمعت حروف اسمي لظهر من حطمني .

فقلت باستغراب : من هو ؟؟

فقال : إنه الألـــــــــــــــم .

ورحل تاركاً حكاية جمعت الضدان

كتبتها بحبر قلمي وعلى رزمة أوراقي

و ختمتها بــ (حكاية رحيـــــــــــــل الأمـــــــــــــــل)


*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الحادي عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:25 PM


&< ~^((الجزء الثاني عشر))^~ >&

~[( استوطن الألــــــــم أوطاني )]~



أمل : اللي تبيه يبه أنا مـــــــــــــــوافــــــــــقــــــــــة .
......... : موافقة على إيش يا روح أمك ..
رفعت أمل رأسها عندما سمعت صوت سلمى التي كررت جملتها بغضب وصوت عالٍ : تكلمـــــــــــي موافقة على إيش .
أبو أمل بجدية : سلمى نقصي صوتك عندنا ضيوف ..نظرت له تستفهم عن هويتهم وأكمل أبو أمل .. عبد الله ولد عمي وزوجته علياء إن كان تذكرينهم.
هزت سلمى رأسها بإيجاب : إيه أذكرهم بس ..وأشارت إلى أمل باشمئزاز.. وهذي ليش جايه معهم ؟؟ وبعدين إيش السالفة موافقة على إيش ؟؟
أبو أمل بهدوء : ولدهم طارق خطب أمل ووافقت ..
سلمى بتقزز : ما شاء الله تتزوج وهي خاينه لسعود وحملت من غيره والله و عرفتي تفرين راس الرجال يا بنت ســـــــــــــــوير .
أبو أمل بغضب : سلمــــــــــــــى , أمل بريئة وسعود اتهمها ظلم ..
والتفت إلى أمل الجالسة بهدوء ومطأطئة رأسها وسألها باستغراب .. أمل كيف وصلتي لهم ؟؟ وبعدين وين ولدك ؟؟
عندما سمعت أمل سؤال والدها تفجر الحزن الذي في قلبها وشهقت بقوة وسالت دموعها ثم نهضت مسرعة إلى الصدر الحنون الذي ضمها منذ وفاة ابنها دخلت عند أم طارق وهي تقول بصوت متقطع من البكاء : يــــــ ــــــــمـــــ ـــــــه ..استقبلها الحضن الحنون وربتت على ظهرها بحب وتأثرت بدموعها وقالت تهدئها : بس يا بنتي يا أمل بس حبيبتي ليش كل هالبكا خلاص يا روحي ..هدأت أمل قليلاً من بكائها ولكن شهقاتها مازالت مستمرة ولكن بخفوت ..
بعد صمت دام دقائق هدأت فيه الأنفاس تكلمت أم طارق بهدوء : والحين قولي إيش حصل ؟؟ وليش كل هالبكا ؟؟
أمل بصوت مخنوق ومبحوح من أثر البكاء : لا ما حصل شيء ..وتغير وجهها لحزن شديد وأكملت .. بس أبوي سألني عن ولدي وما استحملت أنه أقرب الناس لي فالدنيا هذي كلها وما يعرف إيش حصل لولدي .
تنهدت أم طارق واستغفرت ثم أكملت : الله يعوضك يا عمري .
هزت أمل رأسها بالإيجاب وهي ساهمة ..
**
أما في الصالة فعندما سألها والدها وتركته دون إجابة استغرب من بكائها وأحس بأن هناك ما يكدر ابنته ولكن لا يعلم ما هو ووقف هو الآخر بصمت ودخل إلى مجلس الرجال وترك سلمى التي هي الأخرى متعجبة من حال البنت ووالدها فعدت الأمر دون اهتمام ودخلت مجلس النساء ورحبت بأم طارق ببرود وجلست صامته ..
**
أما في مجلس الرجال عندما دلف المجلس وهو صامت وشارد الذهن أحس الاثنان بأن أمل ليست موافقة فوجه والدها لا يدل أنها موافقة ولكن تكلم أبو طارق وسأله : ها يابو أمل سألت البنت ؟؟
تنبه أبو أمل من شروده ورد وهو مازال في حيرته : ها إيه إيه موافقة مبروك يا ولدي يا طارق ..ورجع وصمت مرة أخرى ..
طارق : الله يبارك فيك يا عمي .
تعجب أبو طارق من صمت أبو أمل فسأل باستغراب : خير يا خوي يا إبراهيم عسى ما شر إيش فيك سرحان تعبان ولا شيء .
تنبه أبو أمل مرة أخرى : ها لا لا ما فيه شيء الحمد لله أنا طيب بس ..صمت للحظة ثم أكمل بتساؤل .. بس أمل كيف وصلت عندكم وبعدين ولدها إبراهيم ما شفته معها وينه فيه ؟؟
تردد أبو طارق من الإجابة على سؤاله وخاف عليه أن يتعب وهو يرى الحال التي وصل لها من ضعف بنيته وتحلق السواد حول عينيه وعظام وجهه البارز وعندما نظر لعينيه أدرك مدى تعلقه وإصراره لمعرفة الإجابة فتنهد واستغفر بهمس وأكمل : هذي قصة طويلة أخاف ما يمدي أقولها ..ونظر لساعته و أكمل ..بقي نص ساعة ويأذن المغرب .
أبو أمل بإصرار : لا بيمدي إن شاء الله عشان بعد المغرب نجيب المأذون عشان يملك للعيال .
أدرك أبو طارق أنه لا مفر من الإجابة فتكلم بهدوء وحزن : قبل عشرة أيام كانت أمل تمشي بالشارع وكان فاضي وقطعته هي وولدها وطاحت كورته وجرى ياخذها وما انتبه للسيارة إللي كانت مسرعة وووصدمته و مات .. رفع رأسه ونظر إلى أبو أمل وشاهد نظرة الصدمة في عينيه ثم ما لبثت أن أصبح حزن عميق انتهى بنزول دمعة شامخة وحيدة على خده ومسحها ولاحظ بأنه يسترجع بهمس ثم أكمل .. واللي صدمه لما شافهم فر من موقع الحادث وكانت أم طارق ماره بالسيارة وشافت كل شيء ونقل الإسعاف أمل وولدها لمستشفنا اللي فيه طارق ,ولما بلغت أمل عن الحادث طبعاً كتبت أم طارق لوحة السيارة جابو إللي صدمه وطلع ..نظر له قبل أن يفجر القنبلة الثانية وأكمل .. أبوه ســــعـــــود.
وقف أبو أمل بعنف وفتح عينيه بدهشة وتكلم بغضب وحزن مرير : حسبي الله عليه حسبي الله عليه ..جلس ووضع يديه على رأسه ومازال يتحسب على سعود والآخران صامتان متأثران بحالة أبو أمل الذي أكمل بهدوء حزين ..وإيش صار بعدها ؟؟
أبو طارق بهدوء : تفاهمت معه أمل لأنها رفعت عليه قضية نفي نسب وقذف غير انه صدم ولدها لكن أمل عفت عن القضايا الثانية وطالبته بالدية.
صمت أبو أمل وصمت الطرف الآخر كذلك لثواني تخللها رفع أذان المغرب ووقف الجميع استعداداً للصلاة .
بعد الأذان وبعد أن أكمل الجميع أذكار الأذان تكلم أبو طارق بأمر لطارق : دق على أي مأذون يجي بعد المغرب .
طارق بهدوء تحته براكين من الغضب والرفض للواقع الذي يعيشه الآن : حاضر يبه ..وانزوى عنهم حتى يتم مكالمته ورجع لهم بعد دقائق وأكمل بذات الهدوء .. خلاص المأذون حيجي بعد المغرب .
أبو طارق و أبو أمل : الله يتمم على خير .
وخرج الجميع إلى المسجد ..
** هناك طرف رابع استمع لما قيل و وذهب لينفذ خطة قد تقلب الأمور رأساً على عقب ..
**************
أنهت أمل صلاتها وكذلك أم طارق وجلستا تنتظران الرجال فأم طارق لديها علم أن العقد سيتم بعد صلاة المغرب ..
بعد دقائق صمت اخترقها أصوات الرجال بالخارج ومن أصواتهم يدل أن هناك رجل غريب معهم ..
مرت دقائق كثيرة مرت على أم طارق بالترقب والفرحة ترفرف على قلبها, وعلى النقيض فقد مرت على أمل بالخوف والتوتر والحزن الذي خيم على قلبها .
تطاولت الدقائق حتى قاربت الساعة وقارب وقت صلاة العشاء وهما لم تسمعا أي منادي ولكنــ
بعد مدة من الترقب والانتظار سمعتا صوت جلبة في الخارج وأصوات رجال ترتفع نظرتا إلى بعضهما وانتصبتا واقفتين ولبستا عباءتيهما وخرجتا إلى حيث الصوت ووقفتا خلف الباب الفاصل بين الفناء الخارجي والذي يوجد به مجلس الرجال والصالة الداخلية , سمعتا طارق يقول بصوته الجهوري الثقيل بغضب: نعم يا الأخو وين رايح تدخل لا إحم ولا دستور ترى محارمنا داخل وبعدين إللي جاي تهاوشنا عشانها تراها زوجتي وموب ناقص إلا توقيعها أبوها موافق وهي كمان موافقة يعني مالك حاجة هنا .
سمعتا صوت الرجل الآخر يتكلم بغضب وبصوت عال ٍ : لكن هي اتفقت معي أجي أخطبها الأسبوع الجاي والحين تتزوج من غيري ليش الدنيا هي لعب عيال .
ضحك طارق باستهزاء : هه هه روح يا بابا حتى لو اتفقت معها مالك شيء هنا هي بنت عمي وأنا أولى فيها .
رفع سعود صوته بغضب : لاااااااااا هي طليقتي وأنا الأولى بها .
تكلم في هذه الأثناء أبو أمل بهدوء حتى يسيطر على الموقف : سعود طارق خلاص هدو مافيه داعي لكل هذا الهواش ..وتكلم مع سعود .. وأنت ليش الحين تبيها وانت اتهمتها وطردتها .
تكلم سعود بانفعال : بالله ليش أبي أرجعها يعني عشانها مرتي ويوم إتهمتها كان جهل وغلط مني وهي خلاص عفت عني .
أبو أمل : خلاص عندي حل ننادي أمل ونخيرها بينكم ها وش قلتم .
سعود بحماس : إيه أحسن ..ونظر لطارق بانتصار ورد عليه طارق بنظرة استهزاء وابتسامة ساخرة على فمه ..
عندما سمعت أمل صوت والدها يناديها بصوته الجهوري خفق قلبها بخوف وأطلت من خلف الباب وردت بخفوت : نعم يبه .
سأل أبو أمل ابنته الواقفة عند الباب بصوت مرتفع أمام الواقفين وهم طارق وسعود وأبو طارق وقال : أمل تبين طارق ولا سعود ؟؟
صمتت لثواني حتى ظن الجميع بأنها لن تتكلم حتى قال والدها مرة أخرى : أمل سمعتيني وأسألك للمرة الثانية تبين طارق ولا سعود ؟
تكلمت أمل بصوت حاولت إخفاء العبرة التي خنقتها وهي تفكر في الذل الذي ستجده عند طارق أو المعاصي التي ستجدها عند سعود وبعد تفكير عميق قالت بصوت قوي : أبي طـــــــــــــــــارق ..وهمت بالذهاب ولكنها سمعت أحداً يتكلم بصوت عالٍ فتوقفت ..
سعود بغضب هآآآآدر : طيب يا أمل أنا تخدعيني طيب والله لتندمين .
طارق باستهزاء : أعلى ما فخيلك إركبه .
هدئت الأصوات بعد سماع صوت الباب يقفل بصوت مرتفع وذهبت أمل إلى مجلس النساء ودفنت رأسها في إحدى المساند وانفجرت تبكي ودخلت بعدها أم طارق وجلست بجانبها لتهدئها ..
********
قبل ساعة ..
في مجلس الرجال ..
بعد أن عادوا من صلاة المغرب برفقة المأذون دخلوا المجلس وخرج أبو أمل ليأتي بشهود من رجال الحارة وعاد بعد ما يقارب الثلث ساعة وجلس وبدأ المأذون بالسؤال : هل العروس بكر أم ثيب ؟؟
أبو أمل بهدوء : ثيب .
المأذون : مطلقة أم أرملة ؟؟
أبو أمل : مطلقة .
المأذون : وأين صك الطلاق ؟؟
مد أبو أمل بالورقة للمأذون ونظر لها وقال : أمممم قبل سنتين ونصف جيد.
المأذون : وأين أوراق التحليل .
أخرج طارق الأوراق من جيبه فهو قد أعدها منذ اتفاقه مع أمل عن طريق أحد زملائه في المستشفى الحكومي ومد بها للمأذون قائلاً : تفضل .
أخذها المأذون واطلع عليها ثم فتح السجل وبدأ بمراسيم العقد من تلقين العريس والولي ثم وقع الشهود وقال وهو يمد السجل لأبو أمل : اذهب به للعروس لتوقع على العقد ولا تنس حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (لا تنكح الثيب حتى تستأمر....) الحديث .
الجميع : صلى الله عليه وسلم .
نهض أبو أمل بالسجل ولكن استوقفه صوت سعود الذي دخل عليهم وسمات الشر على محياه وهو يتكلم بصوت عالٍ : أمل لي أنا زوجتي وما أحد بيتزوجها غيري .
أبو أمل بغضب وصوت حآآآد : ســـــعـــــــــود إيش صاير ؟؟
سعود بذات الغضب : ليش أمل تتزوج أمل زوجتي أنااااا .. وخرج باتجاه الباب حتى قارب باب الصالة واستوقفه طارق وامسك بذراعه وصرخ عليه بقوة .. وفي هذه الأثناء خرجتا أمل وأم طارق وسمعتا ما دار بينهما.
***********
سمعت أمل صوت والدها يناديها توترت وارتجفت في حضن أم طارق وابتعدت عنها ووقفت وسارت باتجاه الباب ووصلت إلى والدها الواقف في منتصف الصالة ورأته ممسك بكتاب العقد وهو ينظر لها وومضت في مخيلتها ما حصل قبل أربعة أعوام عندما جاء بنفس السجل و تذكرت ما قاله والدها ذلك اليوم .. تقدمت من والدها لتمسك السجل ولكنه ممسك به فقال لها بهدوء ونبرة الحزن تتخلله : عظم الله أجرك بولدك أدري المفروض أنا أول واحد لكنــ ..وصمت ثم مد لها بالسجل وأكمل .. خذي وقعي الحمد لله إنك اخترتي طارق ونعم الرجال .
هزت أمل رأسها بإيجاب وهي مطأطئة رأسها ثم أمسكت أمل السجل ووقعت بهدوء وتوتر ومدته لوالدها وهي صامته .
مد أبو أمل يده وأمسك بالسجل وقال بهدوء : مبروك يا بنتي .
أمل بهمس : الله يبارك فيك ..واستدار والدها يسير خارجاً من الصالة لكن تذكرت شيئاً واستوقفته .. يبه لو سمحت .
استدار أبو أمل لابنته وقال بهدوء : نعم .
أمل وهي مازالت مطأطئة رأسها : لحظة أبي أعطيك شيء ..وسارت باتجاه الباب واستوقفها ..
أبو أمل باستغراب : شيء مثل إيش ؟؟
أمل بعجلة : لحظة شوي وراجعة ..وسارة بسرعة تجاه مجلس النساء وفتحت حقيبتها أمام نظرات أم طارق المستغربة ونظرات سلمى الحاقدة وخرجت بسرعة ووقفت أمام أبيها وقالت .. خذ يبه ..مدت له ورقة صغيرة وأمسكها والدها ..
أبو أمل باستغراب بعد أن فتحها : إيش هذا الشيك وحق شو ؟؟
أمل بهدوء وحزن : هذي دية ولدي إبراهيم وأنت أحق بها لأنها تتقسم على أهله وما فيه من أهله إلا أنا و أنت وأنا ما أحتاجها ..صمتت بسبب الغصة التي وقفت في حلقها ولم تستطع بلعها ..
أبو أمل بحزن وحده : خذي فلوسك أنا موب مستحق لها أنا إيش سويت لإبراهيم طول عمره ولا حتى حلاوه ما حصلها مني إيش حصل إلا الطرد له وأمه وسبه بأنه ولد حرام لا يا بنتي أنا ما أستحقها إنتي لك الحق إنتي أمه وتعبتي عليه ..خنقت العبرة صوته ونزلت دموعه على خديه وأكمل .. لكن والله إني يوم شفته حبيته تمنيت أضمه ضمه وحده بس آآآآآآآآآآهـ إيش أقول لساره أقول لها حفيدك ما شفته إلا مره وحده وطردته أقولها ما صنت الأمانه والله يا أمل غصب عني إللي يصير ..صمت ومسح دموعه ونظر لابنته التي تبكي بصمت ودموعها أغرقت
وجهها ومد يده ومسح دموعها.. << أكثر موقف حزني
أمل بحزن : لا يبه لا تقول كذا أمي مسامحتك وعاذرتك ..وقالت بحماس طفولي .. يبه أنا حلمت فيها هي وإبراهيم مع بعض فمكان حلو وقالت لي إنها موب زعلانه منك .
مسح والدها على رأسها بحنان : ريحتيني الله يريحك وإنتي كمان سامحيني.
أمل بحب : مسامحتك يبه والله مسامحتك ..
مد والدها بالشيك وقال بهدوء : هذا لك وتصدقي منه لولدك وأمك لا تنسين ..واستدار خارجا وسمعها تقول : إن شاء الله يا الغالي ..
أما أمل استدارت عائدة إلى مجلس النساء ودخلت ثم جلست بالقرب من أم طارق التي بدورها حضنتها وباركت لها أما سلمى فباركت لها بكره واضح..
*************
بعد صلاة العشاء انطلقت السيارة عائدة وهي تحمل أبو طارق و أم طارق اللذان كانا فرحين وطارق وأمل الحزينين بهذا الارتباط .
بعد أن خرجت السيارة من طرقات القرية تكلم أبو طارق بهدوء يخلطه الفرحة : مبروك يا عيالي والله يوفقكم فحياتكم ويرزقكم الذرية الصالحة .
ارتجف قلب أمل من دعوته فهي لا تتخيل أن يأتي لها أبناء ولكنها ردت عليه وصادف قولها رد طارق على والده فقالوا جميعاً : الله يبارك فيك ..نطقتها بهمس أما هو بهدوء ..
أمسكت أم طارق بيدها وتكلمت بفرحة : إن شاء الله يوم الخميس نسوي لكم حفله كبيره وكل شيء علي توقفت عندما ضغطت أمل على يدها وقربت من أذنها وهمست في أذنها : يمه ما أبي حفله كبيره ولدي ما له إلا عشره أيام الله يخليك يمه .
أم طارق بهمس هي الأخرى تحاول إقناعها : يا بنتي ما يجوز تحدين على ميت أكثر من ثلاث أيام وبعدين بتكون باستراحة موب قصر .
أمل بحزن وهمس : لا يمه موب حداد عليه لكنــ ..صمتت لحظه وأكملت .. أحس أني ما تأقلمت على بعده وإذا ضروري تسوين حفله خليها تكون فالبيت .
أم طارق باقتناع وهي تهز رأسها : أممم خلاص عشان خاطرك نسويها فالبيت ..ورفعت رأسها لتكلم الجميع .. أمل ما تبيها حفله كبيره عشان كذا راح نسويها فالبيت وتكون بإذن الله يوم الخميس طبعاً للرجال والحريم لأنها حفلة ملاك وزواج مره وحدة ها إيش رايكم ؟؟
أبو طارق بهدوء : خلاص تم بإذن الله .
أما طارق فكان يقود السيارة بهدوء .
وغرقت السيارة في صمت مطبق حتى توقفت السيارة عند الفيلا ، كانت أمل تجلس خلف مقعد أبو طارق وأم طارق خلف ابنها أقفل طارق باب أمل بحركة مخفية فخرج الوالدان وأخذت أمل تحاول فتح الباب ونبضات قلبها وصلت حدها عندما أحست أنها بقيت وحيده مع طارق بالسيارة وحاولت تكراراً حتى سمعت طارق يقول بنبرة استهزاء لاذعة : مشكلة عيال الفقر ما يعرفون يفتحون الأبواب ..هدأت أمل وجلس وهي ترتجف من الرعب وتكلم هو بجدية مخيفه .. يا أمل ولا أقول ..باستهزاء ..يا زوجــــــــتـــــــي ..وعاد لجديته.. إنتي قد أنك تقفلين السماعة بوجهي ..وصرخ .. إنتي قدها ؟؟
ارتجفت أمل برعب والتصقت بالباب من الخوف الذي سيطر عليها وأحست بأن حلقها قد جف فلم تستطع إجابته .
استدار ناحيتها وقال بغضب وتكلم بين أسنانه : إذا إنتي ما تبيني أقرب منك أنا أتقرف إني أقرب من وحده قربها رجال غيري ولا موب أي رجال إلا سكيييييييير الله العالم كم وحده قربها قبلك وبعدك وأنا قلت أبي عيال موب حب فيك لا أنا أبي أفرح أمي وأبوي بحفيد لكن الحين ما أتشرف أنك تكونين أمهم وبأقرب فرصه أتزوج غيرك وتكونين خدامه لهــ ..
قاطعته أمل بصرخة مليئة بالعبرات والبكاء والقهر فكلامه لها مزق روحها وجعلها كزهرة ربيع جرفها نهر عاتي وألقاها في كهف مظلم وحيدة تنزف ألماً وتنتزع روحها من جنباتها : خلاااااااااااااااااااص أنا أشرف منك وأنت شفت إني بريئة وإن الاتهامات كلها ظلم ..وبكت بنشيج مرتفع وجسمها يهتز من قوة بكائها وكررت .. كفاية ظلم كفاية .
ظهر التأثر على قسمات وجهه فاستدار للمقود وفتح قفل الباب ففتحت أمل الباب وخرجت مسرعة دون أن تغلقه خلفها وجرت نحو جناح الضيوف ودخلت غرفة النوم وألقت نفسها على السرير دون أن تخلع عباءتها وانتحبت ببكاء موجع مرير كمرارة روحها المتعبة وغفت دون أن تعلم .
***************
تململت على فراشها بانزعاج وتحس بأن أحداً يطرق رأسها فتحت عينيها فلم ترى شيئاً سوى الظلام حولها حاولت النهوض فأحست بالتفاف لباس كبير حولها أشعلت الضوء المجاور لها ووجد أنها لا تزال تلبس العباءة وتذكرت فوراً ما حصل لها وتذكرت كلام طارق الجارح لها رفعت رأسها عندما سمعت الباب يطرق مرة أخرى فعلمت أنها لم تحلم بل كان حقيقة فنهضت من فورها وخلعت العباءة ومررت يدها على شعرها لترتبه وسارت ثم فتحت الباب وهي تقول بهدوء : طيب طيب الحين جايه .
وعندما فتحت الباب وجدت شادن واقفة والقلق مرسوم على وجهها ثم قالت بسرعة ولهفة : أمل إنتي طيبة ما فيك شيء ولا مريضة .
أمل باستغراب : لا الحمد لله ما فيني شيء ..تساءلت .. ليش تسألين ؟؟
تنهدت شادن براحة : أهـ الحمد لله يا شيخه حرام عليك لي يمكن ساعتين وأنا أدق على الباب وإنتي ما تردين والله خفت عليك .
أمسكت بيدها أمل وأدخلتها الجناح ثم أقفلت الباب خلفها واجلستها وهي ترد عليها : لا الحمد لله بس لما جيت من بيت أبوي نمت علطول وما حسيت إلا قبل شوي كأني بحلم وأحد يطقني على راسي .
ضحكت شادن وهي تتراخى على المقعد : هههههههه .. وأكملت .. والله تمنيت أدخل صدق وأطقك على راسك بس غريبة نومك هذا إنتي خفيف نومك .
أمل بهدوء : لا موب غريب إذا كنت مرهقه أنا ما أحس بشي ..وتساءلت.. إلا إنتي من متى تدقين .
شادن : لما جيتو باركت لماما وبابا وطارق وبعدين جيت دقيت وما فتحتي ورحت ورجعت لما جات شهد تبي تبارك لك لكن لا حياة لمن تنادي ولما نامو أهلي كلهم رجعت ودقيت لما فتحتي قسم بالله قلت البنت ماتت كل هذا دق وما صحيتي ..ثم تكلمت بحماس وفرح شديد وهي تقترب من أمل لتحضنها .. إلا ما قلت لك مبروووووووووك مبرووووووووووك يا عمري ..وحضنتها بقوه وهي تقول .. إلحين صرتي مرت أخوي وبنت عمي ..وصرخت بحماس .. ياهوووو مين قدي .
ضحكت عليها أمل وعلى خفت دمها حتى أدمعت عيناها من الضحك : هههههههههههههههههههه الله يقطع شرك كل هذي فرحه ..وأكملت بجدية مصطنعة .. الله يبارك فيك وبس أهجدي راح تصحين الناس من صراخك .
شادن بفرح : والله لو موب الحين الليل والناس نيام كان زغردت من فرحتي .
أمل ابتسمت لها بحب : الله يبسطك أكثر وأكثر إن شاء الله .
عم الصمت للحظات ثم قفزت شادن وجلست بالقرب من أمل وهي تقول : أمول ليش ما تبين حفله كبيره فالاستراحة والله بنتونس .
أمل بحزن : شادن أنتي أكثر وحده تعرفين إني لساتني ما نسيت ولدي كيف أفرح وهو لسه ماله إلا أقل من أسبوعين أنا ما أحد عليه لا والله لكني نفسي مكسورة من موته ..ونزلت دمعتين ومسحتها بسرعة ..
تأثرت شادن من كلامها وقالت بحزن : آسفة أمل ما فكرنا بالشيء هذا خلاص على رايك تكون بالبيت بس ..ابتسمت وتكلمت بحماس.. من بكره تخرجين معنا أنا وشهد للسوق عشان تتجهزين للحفلة ها إيش قلتي ؟؟
هزت أمل رأسها بنفي وأكملت : لا ما أبي شيء من السوق ولا أبي أروح والحفلة بسيطة يعني ماله لزوم التشري .
شادن باعتراض : لا يا عمري تروحين وأنتي ما تشوفين الطريق والحفلة راح تتجهزين لها وبعدين تروحين لزوجك بجلابيات بيت وتنانير وبلايز بس لا ما حزرتي .
اعترضت أمل هي الأخرى : ليش إيش فيها ملابسي وبعدين أنا ما ألبس إلا كذا ..
قاطعتها شادن : لا والله هذي الملابس عند الناس لكن زوجك لا , زوجك تلبسين له بناطيل وبديات وتنورات قصيرة وشورتات وبجايم و تعرفين الباقي .
شهقت أمل بفزع واعترضت : لاااا ما أقدر ألبس كذا ..وتخيلت شكلها وهي تلبس الملابس التي وصفتها شادن وأحمر وجهها وأكملت بنفي .. لا مستحيل ألبس كذا ما تخيل شكلي ألبسها وأنا عمري ما لبستها .
شهقت شادن بذهول : لا جد أمول ما قد لبستي مثل هذي الملابس أبد ..هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت شادن بتساؤل مخلوط بدهشة .. ليش طيب ؟
أمل بجديه : يعني بالله متى ألبسها أول عمري فبيت أبوي وطبعاً ما يجوز ألبس هالملابس قدام أبوي وبعدين ..قالت بمراره ..بيت سعود كنت وحدي من البيت للمدرسة سعود ما أشوفه أبد ولما رحت للمشغل ما يصير ألبس قصير أو بنطلون قدام الحريم وإنتي تعرفين إن عورة المرأة من المرأة مثل عورة المرأة من محارمها يعني إذا لبست قصير تظهر عورتي وهذا إللي ما أبيه .
شادن بذهول واستغراب تساءلت : طيب أنا ألبس بجايم وقصير قدام أبوي وأخوي يعني إللي أسوي ما يجوز ؟؟
أمل بهدوء : لا ما يجوز وهذا اللي كنت أبي أفهمك من البداية أنك ما تلبسين هالملابس قدامهم أتذكر مره حضرت داعية لمدرستنا وقالت قصة أثرت فالكثيرين ..تنهدت واستغفرت ثم أكملت .. تخيلي قالت إن بنت يمكن عمرها خمسطعش أو سطعش فسجن الأحداث سألوها عن سبب تواجدها فيه قالت أن أخوانها كلهم اغتصبوها ولما سألوها عن السبب قالت لهم إنها دايما تلبس قدامهم البـــنـــــطــــــلـــــون << والله قصة حقيقية قالتها لنا داعية .
شهقت شادن بعنف ووضعت يدها على فمها من التأثر وقالت بحزن : ياااا الله لهالدرجة وصل الانحطاط يا رب ارحمنا .
أمل بجديه : وأكثر والحين صاروا البنات ما يبالون يلبسون قدام أخوانهم القصير و الشورت نسيوا أو تناسوا إن اللي يشوفوهم بشر من لحم ودم حتى لو كانوا أخوانهم .
شادن بهدوء وامتنان : مشكووووره أمل إنك نبهتيني لهاشيء وأنا صراحة من قبل ما كنت أبالي .
أمل : العفو حبيبتي أنا كنت أتضايق من لباسك لكن أسكت وقلت لازم يجي يوم وأنبهك .
صمت الطرفان لمدة بسيطة وغرقت كلاً منهما في التفكير .
تكلمت شادن بمكر : أها إذا قدام الإخوان ما يجوز يعني ما عندك حجة تلبسين عند زوجك هذي الملابس .
احمر وجه أمل وردت بخجل : لا تحاولين ما راح أروح معكم .
شادن بإصرار : لا لازم تروحين .
أمل بعناد وتهز رأسها بنفي : لا لا .
شادن بيأس : خلاص أروح أنا وشهد وبكذا مالك عذر أبد .
هزت أمل رأسها بإيجاب : براحتكم سوو إللي تبونه .
***************
في اليوم التالي
(الأربعاء)
سهرتا الفتاتان في الليلة الماضية ونامتا بعد صلاة الفجر ولم تستيقظا إلا قبل صلاة الظهر بقليل وقد أنبتهما أم طارق على تأخرهما وقالت لابد من العمل بسرعة لإنجاز أعمال الحفلة التي ستقام وكذلك الذهاب للتسوق فأخبرتها شادن برفض أمل للذهاب فحاولت معها أم طارق ولكنها أصرت على الرفض فأوكلت مهمة التسوق على شادن وشهد وقامت هي بالإشراف على ترتيبات الحفل ودعوة الحضور وغيرها من أعمال أما أمل فخضعت لإصرار شهد بأن تجلس تحت يدي خبيرة تجميل لعمل أقنعة لبشرتها وشعرها .
**
وفي المساء ..
عادت الفتاتان محملتان بالكثير من الأكياس وحملتاها إلى غرفة النوم التي أهداها أبو طارق لولده بمناسبة زواجه وبعد ترتيبها نزلتا إلى جناح الضيوف حيث أمل التي كانت تحت يدي خبيرة الحناء وجلستا حتى يتم دورهما .
********
في اليوم التالي (الخميس)
يــــوم الحــــــــــــفلة ..
في الصباح ..
جلست أمل مبكراً فلم تنم في الليلة الماضية إلا قليلاً فكلما غفت زارتها الكوابيس والأحلام المزعجة ثم تصحوا فزعة ففضلت ألا تنام فجلست في الصالة تشاهد التلفاز حتى سمعت أحدهم يطرق الباب فنهضت لتفتحه فوجدت أم طارق وهي تحمل صينية بها شطائر وكوبان من الحليب .
رحبت بها أمل بحب : هلا والله حياك يمه ..ومدت يدها لتحمل الصينية عنها.. هاتي يمه أشيل عنك .
رفضت أم طارق وأكملت سيرها : لا أنا بشيلها أنتي عروس نخدمك موب تخدمين ..ونظرت لها بابتسامة محبة ..
خجلت أمل منها وسارت وجلست مقابلة لها وردت لها الابتسامة بصمت .
جلستا تفطران بصمت لدقائق إلى أن قطعت أم طارق الهدوء بسؤال صعب ومحرج للغاية على أمل فقالت بتساؤل : أمل ما أدري أحسك موب موافقة برغبتك على الزواج يا بنتي ؟؟ إذا شيء فخاطرك قوليه أنا مثل أمك ؟؟
تلعثمت أمل بخجل خالطه الكثير من الحزن : لـ لا لا يمه أنا موافقة برغبتي بس ..صمتت وحدثت نفسها "ليتك تدرين إني أنا عرضت على طارق يتزوجني لو كان ما قلتي هالكلام" وتكلمت بعد ثواني .. بس أنا خايفة شوي ومتوترة .
أم طارق بحيرة : لا بس أحس فيك شيء ..وأكملت وهي تتفحصها بنظره الأم الحريصة .. طلعي إللي بقلبك حبيبتي ما يصير تكتمين .
أمل بحزن : لا يمه والله ما فيني شيء بس تجربة زواجي الأولى أثرت فيني عشان كذا أنا خايفة شوي لا تقلقين أنا بخير .
تنهدت أم طارق براحه : الله يريحك والله كنت خايفه يكون فيك شيء ..وأكملت بجديه .. بعدين طارق طيب وحنون موب عشانه ولدي امدحه لا والله بس أنا أشوف كيف تعامله مع الناس و إن شاء الله ما تنظامين معه .
حدثت أمل نفسها "بلاك ما سمعتي كلامه إللي مثل السم " وردت بمجاملة : إن شاء الله يمه .
نظرت أم طارق لساعتها وتكلمت بعجلة : يلااا حبيبتي صارت الساعة إحدعش بروح أصلي الضحى واصحي البنات عشان الكوافيره راح تجي الساعة وحدة الظهر .
هزت أمل رأسها بإيجاب وهي تنظر لأم طارق التي خرجت من باب الجناح فنهضت هي الأخرى لتصلي الضحى وتستحم حتى تستعد لحضور الكوافيره وهي تسير ناحية غرفة النوم تذكرت ما حصل الليلة السابقة وابتسمت
((عندما عادت شادن وشهد من السوق جلستا وهما تلهثان من التعب تمددت كل واحدة منهما على مقعد فضحكت أمل على شكليهما بصوت منخفض وهي تضع يدها على فمها حتى لا ترتفع ضحكتها انتبهت لها شادن فرفعت حاجبها الأيسر بسخرية وقالت بغيض : إضحكي إشعليك احنا تعبنا من الطرد فالأسواق وأنتي مرتااااااااااااحه .
انتبهت شهد لهما وضحكت على كلام شادن أما أمل فردت عليها بجدية مصطنعة وهي تكتم ضحكتها : والله أنا ما جبرتك وقلت يا شادن روحي اشتري لي أنا قلت لك ما أبي شيء لكن إنتي عاندتي .
شادن بقهر : لا والله تبين تلبسين عند أخوي جلابيات بيت ..ونظرت إلى شهد وأكملت بسخرية .. سمعتي يا شهد مرت أخوك المصون ماتبي تشتري شيء .
ضحكت شهد بخفة : خلاص شادن أكلتي البنت شوفي وجهها كيف صار ..ونظرتا إلى أمل التي تحول لون وجهها على الأحمر من الخجل والغضب معاً فانفجرتا ضاحكتين ..
أما أمل فضحكت معهما قليلاً ثم صمتت .
وعندما توقفتا شادن وشهد عن الضحك قالت شادن بحماس بعد أن استوت في جلستها : فاتك أمول ما شفتي الفستان صراحة شي روعة ..وقالت بتكبر مصطنع .. طبعاًً ذوق شادن والأجر على الله ..ولم تشعر إلا بمخدة صغيرة على وجهها فأبعدتها وهي متفاجأة ونظرت إلى الفتاتين الغارقتان بالضحك و نقلت بصرها بينهما وعلمت أن مصدرها أختها فنهضت على حين غرة منها وهي تحمل ذات المخدة وانهالت بالضرب على أختها التي كانت تبعدها وهي تضحك والأخرى كذلك وهي تقول ..ههههههههه ليش ترمينها علي هاااا ؟؟
تكلمت شهد بعد أن أبعدت المخدة عنها وهي تتنفس بسرعة من الضحك :
والله محــ ... ــد قال لك تكـــ...ـــذِّبي وتــــ...جحـــ...ـــدين .. تعــــ....ــبي .
ضحكت شادن بحرج وقالت بمرح : أبي أتفشخر شوي عند أمل .
أمل بابتسامة : الناس يتفشخرون بشي صدق موب بالكذب وكمان كذب عيني عينك ..وتساءلت بجدية .. عسى موب عاري ؟؟ ترا إذا كان عاري مستحيل ألبسه .
هزت شادن رأسها بنفي وأكملت بهدوء : لا موب عاري وأصلاً بعد كلام أمس حرمت إني ألبس عاري .
تنهدت أمل براحة وابتسمت بمحبه : أهـ ريحتيني المهم جيبه أبي أشوفه واتطمن .
شهد بابتسامة هادئة : لا خليه مفاجأة بكره .
أمل باعتراض : لا لازم أشوفه .
شادن بحدة مصطنعة : لا قلنا مفاجأة يعني مفاجأة ومافيه كلام بعدها .
أمل بعناد : عناد فيك أبي أشوفه .
شادن بعناد أكبر : لااااا ..
قطعت حوارهما خبيرة الحناء بحنق : لو سمحتم أبي هدوء .
صمتت الفتاتان وهما مبتسمتان بحرج .
بعد لحظات لم تستطع شادن الصمود في مكانها وجلست بالقرب من أمل وقالت بحماس ولكن بصوت منخفض : أمول مرره روعه الحنا .
’,كان شكله كهذه الصورة ’,


ابتسمت لها أمل وردت هي الأخرى بصوت منخفض : تصدقين أول مرة أتحنى .
شادن بدهشة : لا والله صدق ليش .
أمل بهدوء : ما ادري دايما نفسي أتحنى لكن أرجع وأقول أتحنى لمين وأنا كنت أغلب حياتي مشتته .
شادن ابتسمت بمواساة وردت : إن شاء الله ما تكون آخر مره .
ردت أمل بابتسامة هي الأخرى : إن شاء الله ..وتساءلت .. إشتريتي لك فــ..
وقاطعت حديثهما الخبيرة للمرة الثانية بغضب خفيف : وبعدييييييييين .
إبتسمت أمل هذه المرة بحرج ))
ابتسمت أمل لهذه الذكرى التي تعد من اللحظات الجميلة المعدودة في حياتها.
لبست جلال الصلاة ووقفت على السجادة ورفعت يديها وقالت : الله أكبر .
**************

*********
بعد صلاة العصر
أتت إليها شادن واصطحبتها إلى جناح آخر في المنزل وكان في الجهة الخارجية مروراً بالحديقة وعندما دخلت شادن وأمل فغرت الأخيرة فاها من كبر المكان وكثرة المعدات وأجهزة التجميل وتلفتت وهي تنظر لأركان الصالة التي أشبة بصالون مجهز بكافة الأدوات التجميلية فقالت بدهشة : ما شاء الله لا قوة إلا بالله مره يجنن هذا المكان ..وتساءلت.. ليش سويتوه ؟
شادن بهدوء : هذا المكان له سالفة ..ونظرت لها أمل تستحثها على الكلام وأكملت .. هذا الله يسلمك بابا سمع من واحد من أصدقائه أن بنته راحت مشغل وبعد مدة اتصل عليها معصب وقال لها تخرج بسرعة وهي استغربت الأمر فالبداية لكنها دفعت الفلوس بسرعة وخرجت لأبوها ولما جلست سألها أبوها شفتي أحد دخل قبل شوي قالت لا كنت فغرفت القص وهي فركن المشغل سألته وهي مستغربة ليش ؟؟ قال لها وهو معصب شفت وحده خرجت عند الباب الظاهر من عاملات المشغل ونادت رجال واقف عند سيارة ودخلته معها , شهقت البنت بخوف وحطت يدها على فمها وبكت وقالت والله ما شفته يبه والله , قالها أبوها مصدقك بس من اليوم ورايح ما فيه مشاغل أبد , قالت بنته إن شاء الله .. ومن بعدها أبوي سوى هالمشغل لنا وكمان فيه كوافيره لكنها الحين مسافرة ونادينا وحده غيرها حتيجي بعد شوي مع عاملاتها .<< القصة خيالية ولكن لا تخلو من الواقع *_-
أمل بهدوء : أهاااا بس تصدقين موب كل المشاغل كذا أنا المشغل اللي كنت فيه كلهم محترمين ولا مرة شفت عليهم شيء غلط .
شادن : أصابع يدك موب سوى .
وقطع حديثهم دخول شهد مع الكوافيرات اللاتي لم يلبثن إلا وبدأن بتوزيع أدوات المكياج وغيرها فسألت الخبير : مين فيكو العروسه ؟؟
شادن بمرح وهي تشير إلى أمل : الحلوه هذي ؟؟
الخبيرة (لارا)ذات الجنسية اللبنانية بهدوء : ما شا الله ما شا الله يخزي العين شو مهضومة وبصراحة بتبيني زغيري كتير (زغيري = صغيره) .
خجلت أمل ولم ترد وردت شادن بمرح : دا من زوئك .
لارا : وهلا بدي أعمل لك شوية أئنعه (أقنعه)على وجك(وجهك)وأما أنتوا ..تشير لشادن وشهد .. هيدولا العاملتين ..تشير إلى عاملتين حضرتا بصحبتها .. هما بيعملولكم o.k .
شهد : طيب لكن نبدأ بعد المغرب .
لارا : ما فيه مشكله ..وأمسكت بأمل وقادتها إلى ركن من الصالة لتبدأ في عمل أقنعة لوجهها ..
***
الساعة الثامنة والنصف مساءً ..
أنهت أمل صلاة العشاء وجلست لتكمل أذكار الصلاة ثم وقفة وخلعت الجلال بحذر حتى لا تفك لفافات شعرها , رتبت السجادة و الجلال في الركن وسارة باتجاه المرآة ونظرت لشكلها في المرآة وهي مستغربة من تغير شكلها فهذه أول مرة تضع مكياج بهذا الحد وهي أصلاً لا تستخدمه كثيراً رغم إتقانها له فكثيراً ما كانت تضعه لليلى وحتى أسماء فقد تعلمته من مراقبة عمل العاملات في المشغل , دققت في شكله الناعم بطريقة متقنة جمعت اللون الفيروزي المدموج بلون الزهر بلمسة خفيفة من اللون الأسود في زاوية العين الخارجية واكتحلت باللون التركوازي الثقيل الذي أظهر جمال عينيها الناعستين و رسمت حواجبها بطريقة مميزة وأضفت اللمسة من الإضاءة بريقاً تحت حاجبيها وأكست خديها عدت ضربات من البلاشر الوردي الذي أكسبها براءة لا مثيل لها و انتهاءً بأحمر الشفاه الزهري الذي أضفى جمال أخاذ عليها .
التفتت إلى لارا الواقفة بقربها والتي تستحثها على الاستعجال لتنهي عمل شعرها ووضع الإكسسوار الخاص به .
**
بعد ما يقارب الساعة ..
وقفت أمل أمام المرآة وهي تنظر بشكلها المختلف بفستانها الأبيض الناعم والذي رسم على جسمها بطريقة رائعة مع ذيل متوسط الطول وكان بهذا الشكل ..





ومررت بصرها على طقم الألماس الفخم الذي أهدتها إياه أم طارق والذي أكتمل جماله بالتاج المصاحب له والذي زين شعرها بطريقة جماليه كما في الصورة ..






وأخيراً مررت يدها على شعرها المسرح بطريقة ناعمة والذي أظهرت مدى جمال شعرها الكستنائي بلمعته الجذابة , تشبه هذه التسريحة ولكن أطول بسبب شعرها الطويل ..






سمعت شهقة فالتفتت إلى مصدرها ورأت شادن التي قالت بإعجاب شديد : ما شاء الله لا إله إلا الله , يااااااااااي أمول شكلك رووووعه ..نظرت لها بمكر وأكملت .. لا أخوي اليوم بيروح وطي مع هالجمال .
خجلت أمل و ظهر احمرار وجهها الذي لم تخفيه طبقات المكياج وردت بخجل : والله حلو شكلي ؟؟
شادن بهيام مصطنع : موب حلو وبس إلا جنان يا شيخه أروح قشطه أنا على هالحلاوه ..وأكملت بمرح.. يا أختي أعطينا شوي من جمالك .
ضحكت أمل : ههههههههههههه ..وأكملت بابتسامة .. والله حتى إنتي تجننين لا تقللين من نفسك .
شادن بذات المرح : لا ما أوصل لك ولا تحاولين .
(كانت شادن تلبس فستان سهره ناعم باللون البصلي من الساتان وتضع على أكتافها شالاً بنفس اللون من الشيفون الناعم وقد ربطته بطريقة رائعة وشكل الفستان هكذا






أما مكياجها كان بنفس اللون مع درجاته حتى ينتهي باللون العودي وأكتحلت بالأسود العربي وبلاشر بذات اللون وكذلك أحمر الشفاه وأصبحت رائعة بحق )
أمل بابتسامة : خلاص كفاية راسي كبر أخاف ما أقدر أشيله .
ضحكت شادن وردت بمرح : هههههههههه لا لا خلاص بطلنا أخف ينكسر راسك وبعدها مين يفكنا من طارق ..ثم هتفت بصوت عالٍ .. يووووووه الله يرجك نسيتيني أعطيك المسكه ..ومدت لها بها..
نظرت أمل إلى المسكه التي بين يدي شادن بإعجاب ومدت يدها وأمسكتها وسرحت وهي تتلمس بتلات الورد الوردي الذي أغراها منظره وكانت بهذا الشكل ..




انتبهت لشادن إللي تكلمها : أمول وين رحتي أنا أكلمك .
أمل بشرود : ها هلا عمري ..وانتبهت لها وأكملت تبرر.. سوري حبيبتي بس جذبني شكل الورد ونسيت نفسي ..وضحكت بإحراج ..هههههههههه ..وأكملت.. إيوه عمري إيش كنتي تقولي .
شادن بابتسامة : شكلك تحبي الورد ..هزت أمل رأسها موافقة وأكملت شادن .. كنت أقول ماما تقول إذا خلصتي امشي نروح جناح الضيوف .
نهضت أمل وهي تقول : أنا مخلصه يلا مشينا .
شادن : يلا .
وسارتا بصمت حتى قالت أمل بحذر : شادن ما تعرفين عزموا أبوي وزوجته ولا لا .
هزت شادن رأسها بالإيجاب وأكملت : إيوه كلمه بابا وكمان ماما كلمت زوجته ..وتساءلت .. ليش تسألين .
خفق قلب أمل بخوف فوجود سلمى يهددها بالخطر وردت بهدوء قدر ما تستطيع : لا بس أسأل .
ووصلتا في هذه اللحظة إلى الجناح وجلست أمل على إحدى المقاعد .
قالت شادن وهي مغادرة الجناح : أمل حصني نفسك .
أمل : أنا قلت أذكار المساء خلاص .
شادن بإصرار : لا حصني كمان زيادة ..هزت أمل رأسها إيجاباً وهي مبتسمة وأكملت شادن .. أنا راح أنادي ماما وأجيب المصورة اللي تنتظر ..وخرجت ولكنها توقفت عندما نادتها أمل وقفلت عائدة إليها وهي تسألها.. إيش تبين ؟؟
أمل بجديه : شادن أنتوا واثقين من المصورة يعني ..
قاطعتها شادن بهدوء : أيوه أكيد واثقين وبعدين هذي تبع المشغل اللي عندنا يعني الصور ما تخرج من البيت .
تنهدت أمل براحه : أهـ الله يريحك طمنتيني خلا ص روحي .
خرجت شادن بصمت أما أمل قرأت الأذكار من جديد وحصنت نفسها ثم غاصت في أفكارها وهي واضعة يدها على قلبها و تقول لنفسها "إيش فيك يا قلبي متلبس البرود وما خفت ولا نبضت إلا من وجود سلمى لها الدرجة ما يأثر فيك إني اليوم بكون مع رجال لوحدي " عندما وصلت لهذا الحد من التفكير هاجت نبضات قلبها حتى أحست أنه من عنفها سيخرج من ضلوعها فضغطت على مكانه بقوة فدخلت أم طارق في هذه اللحظة وفجعت من شكل أمل التي تضع يدها على قلبها وسألتها بلهفة الأم : أمل بنتي إيش فيه قلبك؟؟
رفعت أمل رأسها على سؤالها وطمأنتها بابتسامة هادئة ومتوترة بعض الشيء وأكملت بهدوء : لا يمه ما فيني شيء بس خايفه شوي .
هدأت أم طارق وابتسمت براحة وحب : الحمد لله إن ما فيك شيء والخوف يا عمري شيء طبيعي .
هزت أمل رأسها بصمت وهي مبتسمة ولكن قلبها مازال في هيجانه .
فدخلت في هذه اللحظة المصورة والتي بدأت عملها بنشاط وهمه فتركتهم أم طارق التي استأذنت بهدوء وغادرت .
******
في مجلس الرجال ..
كان الكثير من الرجال ولكنه هو تفرد بالرجولة الطاغية ببشته الأسود وغترته البيضاء الناصعة وثوبه الأبيض وجزمته السوداء اللامعة (كرمتم) و رائحة العودة التي ميزته كان يجلس في صدر المجلس وعن يمينه والده وعن شماله عمه أبو أمل والذي يجلس بجواره صديقه المقرب عبد الرحمن كان ينظر للرجال الذين كانوا منهم من يتحدث إلى جاره في المقعد ومنهم من هو صامت ويتطلع إلى الناس ومنهم من يتحدث إلى مجموعة من الناس ثم ألقى نظرة على والده الذي يتحدث مع الذي بجواره أما أبو أمل فكان مستمتع بالحديث مع صديقه أما هو فكان يشعر بالملل والضيق يجثم على قلبه ولكنه تماسك وأظهر الابتسام والفرحة التي هي أبعد عنه في هذه الليلة انتبه لوالده الذي رن جهازه المحمول ورد على المكالمة باقتضاب ثم أقفله وأعاده إلى جيبه وكلم طارق بهدوء : الحين بنقوم الناس للعشا وأنت أدخل عشان تتصور مع زوجتك .
ظهر الضيق على طارق ليس من التصوير ولكن من كلمة زوجتك وقال باستياء ظاهر : وإيش له داعي التصوير ؟؟
أبو طارق بهدوء وجديه : ياولدي لا تكسر فرحة أمك وقوم الله يرضى عليك.
طارق باقتناع وطاعة طيب ما يصير إلا اللي يرضيكم , بس أنت قوم الناس على العشاء عشان أروح .
أبو طارق برضا : الله يرضى عليك دنيا وآخره ويوفقك ..ثم نهض من مقعده وقال بصوت جهوري سمعه كل الجالسون وانتبهوا له .. يالله يا جماعة الخير أقلطوا حياكم على العشاء .. ثم تقدمهم ووقف الرجال واحد تلو الآخر وانسلوا خارجين من المجلس ولم يتبقى إلا طارق وأبو أمل وعبد الرحمن ..
تكلم أبو أمل بجديه : طارق ما أوصيك على أمل لا تظيمها ولا تقهرها تراها يتيمة والله يقول "فأما اليتم فلا تقهر" وأنا والله واثق من شهامتك وأنك قد المسؤولية ولا ما كان وافقت عليك .
هز طارق رأسه بإيجاب ورد باحترام : أمل فعيوني يا عم إن شاء الله .
نهض أبو أمل وهو يقول براحه ظهرت في صوته : ريحتني الله يريحك دنيا وآخره ..ثم خرج من المجلس ولم يتبقى إلا عبد الرحمن الذي تقدم وجلس مكان أبو أمل ..
عبد الرحمن بخفة دمه المعهودة وهو يبتسم : ها أخبار النفسية عساها تمام؟؟
طارق بهم : أي تمام يا شيخ إلا زفت .
عبد الرحمن بذات الخفة : أفااا وأنا أبو عمر ..وسأله بغباء مصطنع .. ليش؟؟
طارق بنرفزة وقد نهض من مقعده : أقول عبد الرحمن فكني من غبائك كنك ما تدري عن شيء ..وتنهد بهم وألم سكن صدره وأكمل وهو يهم بالمغادرة .. آآهـ الله يعين بس خلاص روح تعش وأنا بدخل عند الهم .
عبد الرحمن بجديه قلما تظهر عليه : طارق سمعت أبوها إيش قال وما يحتاج أزيد لا تحمل البنت ذنب غيرها وصراحة الغلطة غلطتك ليه توافق من البداية ؟؟
طارق بهدوء : خلاص اللي فات مات و إن شاء الله ربي يقدرني أني أتعايش معها بهدوء .
عبد الرحمن وقد وقف بمحاذاة طارق وقال بهدوء : مدام كذا أقول لك ألف مبروك ..وتقدم وصافحه وتبادلا الأحضان وأكمل بمرح ..منك المال ومنها العيال ويلا ضف وجهك ولا أشوفك إلا بعد أسبوع .
شهق طارق بمرح : أما أسبوع كثيير مررره لكن يمكن تشوفني بكره ..وضحك وغادر فلحقته كلمات عبد الرحمن الذي هتف بصوت عالي وهو يقول .. (والله إن شفتك بكره لا تلوم إلا نفسك ) ولم يسمع الباقي ووقف أما الباب وهو يضحك عليه وفي هذه اللحظة فتحت شادن الباب حتى تستقبله ووجدته يضحك فهتفت بمرح : الله كل هذي فرحة الله يديمها عليك ..وأكملت بمكر.. شكل دخول أمل لحياتك بيغير أشياء كثير وأولها هالضحكة إللي اشتقنا لها .
اختفت ضحكته تدريجيا حتى تحولت لضيق وقال بحده : أقول شوفي لي طريق وبعدين اتركي اللقافه عنك سامعة .
شكت شادن في أمره ولكنها قالت بهدوء : الطريق قدامك ما أحد فيه أمش .
أزاحها طارق بهدوء عن طريقة ودخل ..
*********
عند أمل ..
بعد أن أنهت المصورة عملها أخبرتها أنها ستعود لتلتقط لها بعض الصور مع زوجها وخرجت قبل أي كلمة من أمل المصدومة من هذا الأمر وحسمت في قرارة نفسها أنها لن تسمح لهذا الأمر بالحدوث ..
وما إن خرجت المصورة حتى دخلت شهد التي سلمت بهدوئها المعتاد وردت عليها أمل ثم قالت بفرح غامر : مبروووك أمل ألف ألف مبروك .
أمل بابتسامة : الله يبارك فيك وعقبال ما تفرحين بريناد وإياد .
شهد : أمل ما شاء الله شكلك روعه .
أمل بامتنان : تسلمين من ذوقك , أنتي والله تجننين ما شاء الله .
(كانت شهد ترتدي فستان فخم جداً باللون الوردي مرسوم بدقة على جسمها وكان بهذا الشكل ..




أما مكياجها فكان مزيج بين اللونين الوردي والبني بطريقة مميزة والبلاشر الوردي وكذلك أحمر الشفاه فأصبحت كأنها أميره)
شهد بابتسامة : تسلمين بس ما أجي شيء عندك , الله يعين أخوي اليوم لا يروح فيها ..قالت الجملة الأخيرة بمكر..
تلون وجه أمل بالأحمر من كلام شهد التي تذكرت وقالت : يووووه نسيتيني إيش كنت بقول قومي يلا عشان تطلعين فوق .
أمل باستغراب سألتها : ليش أطلع فوق ؟؟
شهد بهدوء وهي تمسك يد أمل لتوقفها : عشان نزفك وإنتي تنزلين من الدرج .
أمل بذعر : لا لا شهد أخاف ..وتخيلت كيف تنزل من الدرج والناس تنظر لها وقالت بخوف .. لا شهد تخيلي أطيح ولا شيء يووووه بعدين إيش أسوي بنفسي .
ضحكت شهد على إنفعالاتها وردت بهدوء : لا يا عمري إن شاء الله ما تطيحين بس إنتي خليك واثقة من نفسك كلها دقيقتين وإنتي جالسه على الكوشة .
أمل بانصياع : أمري لله بس أبي أحد ينزل معي .
شهد بهدوء وهي تمسك بيدها وتخرج معها من الجناح إلى المصعد : إن شاء الله ما نتركك .
وركبتا المصعد إلى الدور الثاني وأجلستها شهد على كنبة قريبة من الدرج وأحضرت لها البخور والعطر ثم ذهبت ونادت شذى التي لبست فستان باللون الأبيض وله من الخلف أجنحة كالفراشة فأصبحت وكأنها فراشة بحق و تحمل بين يدها شمعة بشكل فراشة كبيرة بيضاء و محددة بالكريستال الزهري ..
أوقفتها شهد على بداية الدرج وهي تكلم شادن وتخبرها بأن كل شيء على أتم الاستعداد ثم أقفلت الخط وأمسكت بيد أمل وأوقفتها خلف شذى وهمست لها شهد : لا تخافي يا عمري خليك واثقة من نفسك واقري الأذكار طول ما أنتي تمشين وابتسمي طيب .
هزت أمل رأسها بالإيجاب وهي في قمة الارتباك وابتسمت بتوتر وقالت : طيب .
ثم بدأت الزفة بالآهات والزغاريد التي على وقعها سارت شذى متقدمة أمل على السلم الطويل المنتصف الصالة ثم بدأت الكلمات وسارت أمل ..

أميرة الورد ليه والورد مفتونك
*** ليه بحياته يحاول يشبه ألوانك
كم من فراشة تمنى تلمس غصونك
*** والورد يا ما تمنى يعيش بأغصانك
إذا ابتسمتي يذوب السكر بلونك
*** ويزور شهد الحياه اقلوب خلانك
والليل يغفي ويصحى بس فعيونك
*** والصبح خدك ونور الشمس عنوانك
يا غنوة الحب ليه دايم يغنولك
*** كل القلوب بغلاه صاغتها ألحانك
وأنا بودي أكون السعد في كونك
*** وأكون غنوه تغنى بس على شانك

** زفة أميرة الورد بصوت / محمد السلمان (د : مبدع)

جلست أمل على الكوشة الصغيرة والفخمة المعدة لها وقلبها مازال يخفق بخوف وتوتر من اللحظات التي عاشتها على السلم وهي تنزل وما أن استوت جالسة حتى جاءت شادن وحضنتها بقوه وحب وهي تهمس : مبروووووووك حياتي مبروك .
وردت أمل بهمس : الله يبارك فيك عقبالك .
ابتعدت شادن واقتربت أم طارق التي حضنتها هي الأخرى وبكت الأولى وتبعتها الأخرى ثم ضحكتا بعد أن توقفتا عن البكاء فقالت لها أم طارق بحب وحنان ممزوجة بفرحة غامرة : مبروك ألف مبروك يا يمه .
وابتعدت هي الأخرى واقتربت شهد وحضنتها وباركت لها بحب وابتعدت وتوافدت المهنئات حتى تعبت من تكرار كلمة ( الله يبارك فيك ) .
في زاوية من الصالة المزدانة بجميع ألوان الفرح كان هناك مع كل هذه الأضواء والبهجة قلب مظلم ظلله الحقد وأعمى بصيرته الكره المتجذر في أعماق أعماقه ..
كانت سلمى تحدث نفسها "والله إني أشوف سارة موب بنتها إيش الشبه هذا كأنها ما ماتت لكن والله ما أخليك بحالك راح أخليك خاتم باصبعي زي أبوك وإذا ما سويتها ما أكون أنا سلمى "
نهضت ومشت تجاه أمل الجالسة بهدوء على الكوشة ووقفت أمامها وما إن انتبهت لها أمل حتى ملأ الرعب قلبها من نظرة الحقد المتأججة في عينيها اقتربت منها كأنها تقبلها وهمست بأذنها : تهني شوي وشوفي إيش يصير بعدها .
تملك الخوف من أمل ولكنها نفضت الخوف وتملكتها قوة للرد عليها و همست لها بما شعرت به : وأنا أقولك حسبي الله ونعم الوكيل وحسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وراح يكفيني الله ما أهمني بمشيئته سبحانه .
انتفضت سلمى من التأثر ولكنها صمتت وآثرت الانسحاب وهي تكابر أي تأثر حدث لها وسارت لمقعدها وجلست بهدوء .
أما أمل فجلست تكرر ’, حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم,’ حتى يزول ما أهمها من ضيق وكدر بسبب كلام سلمى .
بعد مدة ليست بالقصيرة رفعت أم طارق بصوتها وقالت : تفضلوا حياكم الله على العشاء .
وانفضت الصالة من النساء وبقيت فقط أم طارق و شادن وشهد اللاتي أتين لها وأوقفنها وهمست سائلة : وين ؟
قالت شادن بمرح : ولا مكان بس راح تروحين جناحك .
ارتجف قلبها وحاولت ألا تظهر ذلك ولكن فلتت رجفتها وظهرت جلياً في يديها فشعرت بها أم طارق وقالت تهدئها : لا تخافين حبيبتي راح نطلع معك.
هزت أمل رأسها إيجاباً وأوكلت إليهم مهمة نقلها فهي أصبحت في أيديهن كالدمية ظاهرياً فلم يظهر عليها إلا الجمود أما في أعماقها فثارت وهاجت براكين من المشاعر قد تدمر كل شيء إن ظهرت ولكن بحكم صعوبة الحياة التي عاشتها استطاعت أن تخفيها وتظهر الجمود المخيف .
ولم تشعر إلا وهي تجلس على كنبة وثيرة وبمكان أنيق ولكنها تراه ملغم بالأشواك التي تحاصرها من كل مكان كالوردة تماماً جميلة فواحة جذابة ولكنها شرسة توخز كل اقترب منها وهي ترى هذا المكان مثلها جميل أنيق منظم كل شيء فيه ينطق فخامة ولكنه ينهاها ويحذرها من الاقتراب وإلا أظهر أشواكه ولكنـــ هي دخلت إليه ولها أن تتحمل عقابه كالذي يريد أن يقطف الوردة عليه أن يتحمل وخز أشواكها ..
سمعت وقع أقدام ثقيلة ترقع بصوت رتيب على الأرضية الرخامية دلالة على تناسق الخطوات التي يخطو بها وتوقفت الخطوات وعصفت رائحة قوية ورجولية قريب منها ورفعت رأسها ونظرت تجاه الشخص القادم
فالتقت عينين ..... وارتجف قلبين .

***

وضعت حقيبتي

تنفست بعمق

هواء أوطاني ليس ككل هواء

هواء أوطاني عطر ينتشر في الأجواء

تنقلت ببصري على المكان واللامكان

أتفقده هل هو بخير

أم أصابه العلل

تجولت فيه

فرأيت الطرقات تكتظ بغير أهلها

اصطنعت اللامبالاة

دخلت شارع

ثم شارع أخر

ثم حارة

ثم منزل

فتعجبت لم هذا التغير المخيف

أيعقل أن أهلها غادروها

ولكنها بلدهم وربما يعودون لها

دخلت منزلي

فكان فيه إجابة تساؤلاتي

وفك رموز حيرتي

إنني لا أرى الأمل

فصرخت بصوت عالٍ

أيها الأمـــــــــــــــل

يا أملــــــــي

أين أنت

اظهر أنا أحتاجك

لا أستطيع أن أعيش دون وجودك

فصرخت مرة أخرى أستجديه للظهور

يا أملي ارجع لـــــــــــي

لقد ( استوطن الألــــــــــــم أوطاني )

فانهرت وأنا أنتحب من مرارة القهر

فهتفت سأعيدك حتماً سأعيدك لأوطــــــــــاني

*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثاني عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:27 PM


&< ~^((الجزء الثالث عشر))^~ >&

~[( أنتظر الأمــــل يطرق بابي )]~



رفعت رأسها ونظرت تجاه الشخص القادم
فالتقت عينين ..... وارتجف قلبين .
القلب الأول خفق من الخوف والتوتر الذي ظهر متمثلاً في رجفة قوية سرت في أنحاء جسد صاحبه .
أما القلب الآخر فـــ لا تعليـــــــــق فلم يظهر إلا الجمود والبرود على صاحبه.
ولكنــــــ

فلتت من عينيه نظرة إعجاب للجمال الماثلة أمامه >>> وجه شبه مستدير وغمازتين واضحتين على خديها الموردين وقد أضفت براءة لا مثيل لها ,عينين ناعستين وواسعة تبحر بمن يراها لعالم آخر أنف دقيق وطويل تحته فم صغير ممتلئ وقد لون بلون الزهر الندي وشعر كشرائط حريرية ملتوية بلون الكستناء الرائع فأصبحت كلوحة جميلة بهية الألوان من صنع الخالق المنان ,جمال جمع بين براءة الطفولة و فتنة الأنوثة في كاريزما خاصة بها.
سمعت وهي مطأطئة صوت تبريكات أمه وأخواته له وهي تعيش بين الخوف والحزن ويعزف قلبها نغمات من نبضه المتزايد في كل لحظة .
سمعت وقع الأقدام تتقدم من جديد و لكن معها تزيد قوة رائحة العود والبخور حتى أحست أن الرائحة سكنت في أنفها أغمضت عينيها تم فتحتها بسرعة ورأت الحذاء الجلدي الفخم أمامها بالضبط فخافت وارتجفت بتوتر شدت قبضتها بقوة حتى لا تظهر رعشة يديها للعيان ولكن عندما اقترب منها وقبل رأسها لم تتمالك نفسها فاهتزت كورقة خريف في مهب الريح وهاجمتها رغبة عارمة بالاستفراغ ولكنها قاومت وأطبقت شفتيها بقوة وأحست بصداع قوي وكذلك دوار وظهر ذلك جلياً عليها فأصح وجهها أصفر وعينيها نصف مغمضتين .
ابتعد طارق من أمامها وجلس بجوارها فرأتها أم طارق بهذه الحالة قالت بفزع : أمل يمه فيك شيء وجهك أصفر .
أومأت أمل بالنفي بمعنى أنها بخير ولم تتكلم لأنها لو تكلمت لما تمالكت نفسها من موجة الاستفراغ التي ألمت بها , فهمت أم طارق أنها بخير ولكنها لم تطمئن بعد , كانت تريد أن تأتي بالمصورة حتى تلتقط لهما بعض الصور ولكن رأت حالة أمل فأشفقت عليها , فأمسكت ابنتيها اللتان باركتا للعروسين بسرعة وخرجن جميعاً من الجناح وما إن خرجن حتى قفزت أمل بقوة وجرت باتجاه المغاسل واستفرغت بحدة حتى أحست أن روحها ستخرج منها ووضعت رأسها على الصنبور لترتاح قليلاً , انتبهت ليد وضعت على كتفها ارتجفت ثم أمسكتها وأبعدتها بعنف والتفتت له و هي تقول (لا تقــــــرب) .
فتح طارق فمه ليرد عليها لكنه نظر في عينيها فهاله ما رأى فيهما من عذاب فعينيها تحكي قصة الألم وتكونت بها كل فصوله فرأى العذاب والحزن والغضب والأسى وقد أحاطتها دمعة حائرة في طرفها ما لبثت إلا وسقطت تتبعها أختها ثم سيل من الدموع تتبعها الشهقات المرتفعة , ابتلع ما أراد قوله ودخل غرفة النوم الكبيرة بعد أن فتح باب الغرفة الأخرى وأغلق الباب خلفه بصمت .
أما أمل ..
فاستمرت نوبة الإستفراغ دقائق حتى أنهكها التعب ولم تقوى على الوقوف فتحاملت على نفسها فغسلت وجهها جيداً ثم سارت بخطى متثاقلة إلى الغرفة التي فتحها طارق لها .
تعجبت من الغرفة التي فتحها لها ولم تكن سوى غرفة مطلية بالأبيض وفارغة من الأثاث سوى سرير صغير و خزانه كذلك صغيرة جداً و كمدينو بجوار السرير و.. فقط , تقدمت من السرير وألقت بجسدها المنهك عليه وتنفست الصعداء بعد الألم الذي ألم بها وتركت عقلها يسرح في أفكاره ..
******

بعد نصف ساعة ..
ارتاح جسدها وهدأت أفكارها وأحست بهدوء طمأنينة اعتدلت في تمددها و لكن أحست بثقل في جسمها فنظرت لنفسها فوجدت أنها مازالت بالفستان فأصابها الهم من الخاطرة التي جالت بخاطرها فقالت لنفسها "يعني لازم أقابله مره ثانيه أمممم طيب أنام بالفستان أووف ما أقدر ثقيل حسبي الله على إبليس إيش أسوي ..فأطرقت تفكر.. أنزل أجيب من تحت من ملابسي القديمة بس أخاف أحد يشوفني يا ربي إيش أسوي ما فيه حل غير إني أجيب من عنده والله يعينني أتوكل على الله وأروح " : حسبي الله ونعم الوكيل ..ثم نهضت باتجاه الباب وسارت حتى وصلت إلى باب غرفة طارق وهي مع كل خطوة تخطوها تزداد سرعة نبضات قلبها درجة وعندما وقفت كانت نبضاتها وكأنها قرع طبول مدوية وقفت لدقائق مترددة ولأكثر من مرة تهم بالعودة وأخيـــــــراً تجرأت وطرقت الباب وبعد ما يقارب الدقيقة خرج طارق وهو يلبس بجامة باللون البني وشعره يقطر ماءً , وقف ينظر لها ببرود وهو صامت أما هي لم تنظر له خشية أن تعاودها موجة الاستفراغ مرة أخرى وعندما لم تسمع صوته بل أحست بتنفسه قالت بتردد ولعثمة : مـ .. مـمـ .. ممكن تخــ..ــرج أأأ أبي مـ ..مـلابسـ..ـي .
نظر لها بحاجب مرفوع وبازدراء : وليش حضرتك ما تدخلين وأنا موجود , ولا يمكن راح أكلك ..قال الأخيرة باستهزاء وسخرية لاذعة ..
لم تجبه أمل للحظات وهي بذات حالها مطأطئة وخائفة ولكنها تكلمت بخوف ظهر بصوتها : بتخرج ولا ..تراجعت للخلف ونظرت إليه وأكملت بذات الخوف .. خلاص بروح .
لاحظ نظرت الخوف التي اعتلت عينيها الدامعتين وكانت تهم بالعودة لغرفتها فتقدم منها بسرعة وأمسك يدها وقال : انتظــــري .
ارتعشت أمل بقوه كأنها مست بتيار كهربي عالي الشدة وذابت كقطعة زبد تحت لهيب الشمس ولم تسمع قبلها سوى كلمة (أمــــــــل) التي قالها بخوف..
***********
فتحت عينيها ودارت عينيها بالغرفة فلاحظت أنها ليست في جناح الضيوف الذي سكنته منذ قدومها واستغربت المكان فرفعت رأسها وانتبهت لطارق الجالس على الكرسي المواجه للسرير فومض في عقلها كل ما جرى فغصت عينيها بالدموع وارتجفت برعب وخوف وقالت بلعثمة وهي تنظر جهة طارق : مـ..مــين جــ..ــابــ..ــنــي هــ..ــنا .
استغرب من نظرة الخوف التي استوطنت عينيها واعتاد على رؤيتها وتلفت في الغرفة الكبيرة الملكية وظهرت في كلماته نبرة الاستهزاء : تشوفين أحد غيري بالجناح عشان يشيلك ..ثم ثبت نظره عليها وأكمل ببرود..أنا شلتك وجبتك هنا .
انتفضت أمل وانتصبت واقفة وأسرعت جهة الباب تنوي الخروج وهي مرعوبة من ما حدث ومتقززة من نفسها بسبب حمل طارق لها وظهر التقزز على وجهها , توقفت عندما سمعت كلمة طارق التي قالها بحدة : استني وين رايحه .
التفتت أمل ومازال على وجهها ملامح التقزز والقرف وقالت بخوف : بروح غرفتي .
طارق بحدة وغضب من ملامح التقزز التي مرسومة على وجهها : انتظري ..وأشار لها على إحدى الكراسي فأومأت بنفي فقال بحدة .. اجلسي أحسن لك ..سارت أمل وجلست بخوف على المقعد المشار إليه وهي ترتجف فأكمل طارق بذات الحدة .. شيلي نظرة الخوف من عيونك إنتي شايفه قدامك وحش ولا كائن فضائي ؟؟
أومأت أمل بنفي ومازال الخوف مسيطر عليها .
طارق بتساؤل غاضب : وبعدين معاك إيش سالفتك يا بنت الناس ؟؟ من أول مادخلتي الجناح وإنتي يا تستفرغين ولا ترتجفين وآخرتها أمسك يدك وبس أغمى عليك .
طأطأة أمل رأسها ولم ترد على استجوابه ولكنها قالت في نفسها "إيش أقولك ؟؟ أقولك إن سعود اغتصبني وهو سكران ولا العامل الآسيوي تحرش فيني وحاول ..تنهدت.. استغفر الله يا رب تعدي هالليلة على خير وهي من أولها موب راضية تمشي " انتبهت له يناديها بحده فانتفضت بخوف ورفعت رأسها .
طارق بيأس وغضب : يوم إنتي كذا تخافين وما تبين أحد يقرب منك ليش تعرضين علي الزواج ها ؟؟
نهضت أمل وقالت بغضب بارد : وليش أنت وافقت ؟؟
لم تسمع أمل له إجابة وسارت باتجاه غرفة الملابس ووقفت أمام الخزانة وأخرجت لها بعض الملابس وخرجت من غرفة الملابس ومرت بغرفة النوم ورأت طارق يقف عند الباب وقد وضع يده على المفتاح وأداره ليقفل وهو ينظر لأمل بنظرة مكر .
أما أمل فقفز قلبها بين ضلوعها ووصل لحلقها ونظرت له بخوف وقالت بهمس خائف : لا لا تقفل ..ازدردت لعابها والغصة في حلقها بخوف وأكملت بلعثمة .. أبا...ا..خــر..ج ..لم تعد تقوى قدميها حملها فجلست وانتثرت ملابسها على الأرض فبكت بهدوء وما لبثت أن انتحبت بخوف وتعالت شهقاتها وهي تردد.. الله يخليك أبا أخرج الله يخليك أبا أخرج .
نظر لها طارق بنظره غريبة تجمع التعجب و الغضب وقال بحدة وهو يدير مفتاح الباب : أنا قلتها من قبل أنا أتقرف أني أقرب من وحده قربها غيري وأعيدها لك أنا أتقرف منك بس قلت بشوف إيش سالفتك يا بنت الناس وأختبرك ومادام أنتي من بدايتها تنفرين وتخافين أقولك من الحين ترى زواجي من اللي تستحقني واستحقها قريب وانتي هذا البيت موب مكانك قلت أول بخليك خدامه لزوجتي لكن الحين لا ..صمت لثواني وهو ينظر لأمل وأكمل بغموض..اسمعي نفورك وخوفك هذا خليه فالجناح أما برا الجناح أبيك تخلين نفسك أسعد إنسانه ولا هذا شيء صعب كمان ؟؟
هزت أمل رأسها بنفي وهي تقف وتجمع الثياب ثم نظرت بحزن وأكملت بهدوء حزين : عادي أمثل إني سعيدة لكن بدون ما تقرب مني أو تجلس جنبي يعني تكون بعيد عني ..لاحظت أنها جرحته حاولت تبرر ولكنه تكلم..
طارق باستهزاء ومرارة : يعني بالله أنا ميت على القرب منك أنا أصلاً مـــــوب طـــــااايــــــقك ولا طــايق القرب منك وإذا على الجلوس مع أهلي بحاول قدر استطاعتي أبعد وما أضمن لك وهذا الشيء موب عشانك لا عشاني أنا وكمان ما أبي أهلي يلاحظون شيء .
نظرت له أمل بابتسامة ميتة وحزينه وقالت بهمس : مشكور وما تقصر ..وسارت باتجاه الباب فابتعد طارق تلقائيا عن طريقها فخرجت من غرفت النوم باتجاه غرفتها فدخلت وأغلقت الباب وحملت لها إحدى البجايم وكانت من القطن باللون الزهري وضعتها على السرير ودخلت الحمام (كرمتم) وخلعت الفستان وتحممت وارتدت روب الاستحمام وخرجت وجففت شعرها بالمنشفة فأصبح رطباً قليلاً فلبست بجامتها وتمددت على السرير فارتاح جسدها و تنشطت أفكارها فراحت تفكر في كل ما حدث اليوم وأكثر ما أرهقها الحديث مع طارق وبالأخص كلمت طارق التي تكرر صداها في عقلها وقلبها حتى غلبها النوم ومازالت تتكرر على أسماعها (مـــــوب طـــــااايــــــقك)...
***************
في اليوم التالي ..
سمعت الأذان واستيقظت من النوم وهي لازالت تشعر بالتعب والنوم يداعب أجفانها سارت بأرهاق ودخلت الحمام (كرمتم) توضأت وخرجت تذكرت طارق فنبهت نفسها بأنه من واجبها كزوجة أن توقظه ولن تجعل خوفها ونفورها من جنس الرجال أن يثنيها عن واجبها فتركت جلال الصلاة الذي كانت تحمله على السرير وسارت باتجاه الباب فتحته بخفه وسارت بهدوء إلى أن وقفت أمام باب غرفته ترددت بخوف ولكن تذكرت أن الوقت سيمضي وتفوته الصلاة إن لم توقظه فرفعت يدها لمستوى الباب وهمت بطرق الباب ولكنــــ...
/\
/\
/\
فتح طارق الباب فتفاجأ الاثنان ووقفا كل واحد مصدوم من الآخر للحظات حتى انتبهت أمل أنها تقف بمقابل طارق ولا تفرق بينهما إلا بضعة خطوات أخفضت عينيها بخوف وتراجعت للخلف وقالت بلعثمة وكلام غير مرتب : آآآ أنا جيــ...ــت أبــــ...ــي الصــ..ــلاة تقـــ..ـــوم .
نظر لها باستغراب فانتبهت هي لطريقة كلامها فأخذت نفس عميق تهدئ بها نبضات قلبها المتسارعة من الخوف وقالت و كأنها طفلة صغيرة بهدوء : أنا كنت بدق عليك الباب أبي أصحيك للصلاة .. ولم تنتظر رده بل جرت بسرعة باتجاه غرفتها وأغلقت الباب بخوف واتكأت عليه ومازال قلبها ينبض بعنف..
أما الواقف في الصالة استغرب فعلها وهروبها فقال بصوت مرتفع ساخر وغامض وصل لمسمعها : أنا متزوج مرررهـ ..ضغط على الكلمة وأكمل .. ولا طفله تهرب من أي أحد غريب ومين الغريب عنها غير ..قال بمرارة لم تظهر على كلامه .. زووجهـــــــــــــــــــا ..وخرج من الجناح..
[قال طفلة وهو يقصدها بكل معانيها فأمل ظهرت وكأنها طفلة ببجامتها الزهرية وشعرها المفتوح وقد غطى ظهرها بكامله ومازال به رطوبة من استحمامها قبيل ساعات والذي دعم هذا كله وجهها الطفولي الخالي من أي زينه بعكس البارحة فكانت تشع أنوثة وبراءة معاً ]
عند أمل عندما سمعت كلامه خفق قلبها واغرورقا عينيها بالدموع وقالت لنفسها "إيش أسوي طيب هذا شيء غصباً عني يااااارب أبعد عني هالخوف ياااااااااارب "مسحت عينيها ولبست جلالها ووقفت على السجاده وكبرت ..
***
أكملت صلاتها وتمددت على فراشها بإرهاق لتكمل الأذكار ولكنها في منتصف ذكرها زارها سلطان النوم فراحت في نوم عمييييييييييييييق .
لم تستيقض منه إلا على صوت طرق قوي على الباب وصوت باااارد وغاضب معاً ينادي بإسمها فنهضت بحدة من السرير واتجهت للباب وقالت بصوت مفزوع من خلف الباب : إيوووه إيوووه أنا صحيت ..تأكدت ان الصوت ابتعد عن الباب وفتحته بخوف ووقفت وهي لم تخرج من الغرفة ورأت طارق الذي كان يشتعل غضباً ولكنه كان يتمالك نفسه فأخفضت عينيها بخوف فسمعته يتكلم ..
طارق ببرود وسخرية : ما شاء الله من أول يوم أثبتي أنك مررره سنعه نااايمه للحين إيش بقيتي للبنات اللي ما عندهم أي مسؤولية ..وأكمل بجديه.. إنتبهي تعيدين اللي صار اليوم ولا شوفي إيش يحصل لك .
خافت من غضبه المتأجج من عينيه وقالت بخوف وبراءة : ليش الحين الساعة كم ؟؟
طارق بسخرية : من عذرك بنت فقر ما تعرفي الساعة والظاهر ماعند ساعه كمان .
قالت أمل بذات البراءة وبسذاجة : لا عندي ساعة ..ونظرت ليدها اليسرى ولم تجدها فأكملت بذات النبرة .. يووووه نسيت إنيــــ ..وانتبهت أخيراً بأنها تتحادث مع طارق وواقفة أمامه بهذا اللباس فارتجفت بخوف وقالت بتوتر.. بروح أصلي ..فابتعدت من عند الباب وسارت باتجاه الحمام بعد أن ألقت نظره على الساعة المعلقة في الصالة فوجدتها قارب الساعة الثانية ظهراً تحسرت بأن وقت الظهر قد مضى فاستغفرت وسمعته يتحدث وهي تمشي فتوقفت ولم تستدير ولكنها كانت تسمعه ..
طارق بهدوء أقرب للبرود : إذا صليتي غيري أهلي يتنظرونا للغداء وياليت تستعجلين ..وأكمل بأمر.. وثاني مره لا تعطيني ظهرك إذا كنت أكلمك طيـــــــب .
استدارت أمل وهي مطأطئة رأسها تعلم أن إعطاء المستمع للمتكلم ظهره إهانه ولكن عذرها أنها تستعجل للصلاة ولكنها ردت عليه بخفوت وطريقة أقرب للاعتذار : إن شاء الله , الحين أصلي وأتجهز بسرعة انتظرني .
أشار له بيدها بأن تذهب وهو يجلس على إحدى المقاعد ويمسك الريموت كنترول .
اقتربت أمل من الباب وأغلقته بخفه وسارت وتوضأت و صلت ثم فتحت الخزانة وأخرجت فستان ناعم من الكتان بألوان خريفيه يربط على الرقبة وفوقه جاكيت قصير بأكمام طويلة بلون البيج لبسته ولكن تنقصها الزينه خرجت بخوف وحذر وسارت باتجاه باب غرفت النوم الرئيسية فالتفت لها طارق بغير اهتمام فقالت تبرر بخوف ولعثمة : آآآآ البنات .. جابوا ..كل الأشياء هنا .
هز رأسه بغير اهتمام ونقل بصره إلى التلفاز .
تنفست أمل بخفه و راحة وفتحت الباب ودخلت وأغلقت الباب خلفها فوقفت أمام التسريحة وبدأت بشعرها ..
***
بعد ربع ساعة ...
أنجزت أمل عملها على خير ما يرام وبسرعة حتى لا تتأخر على طارق ويغضب منها سارت إلى أحد الأدراج ولبست حذاء منخفض بلون البيج لبسته وربطته من الخلف وتعطرت بأحد العطور وتأكدت من شكلها واتجهت للباب وأمسكت بعروته فاعتلاها الخوف مما جال بخاطرتها فتذكرت أنها يجب أن تسير بمحاذاة طارق وكذلك يجب أن تقبل رأس عمها حاولت أن تبعد هذه الأفكار عنها ولكنها سيطرت عليها بالكامل فشحب لونها واغرورقت عيناها فقالت لنفسها حتى تقوي عزيمتها "أمل مالو داعي هذا الخوف أنتي أقوى من كذا..ثم ترددت.. بس بس أنا ما أقدر أحس إني برجع إذا قربت منهم أو لمسوني ..تنهدت بهم ..آآآآآهـ يااااااارب ساعدني وسهل هذا الأمر فعيني ياااااارب " فتسلحت بقوة غلبها التوتر ولكن تذكرت طارق الذي ينتظرها ففتحت الباب وخرجت فسمعته يتكلم دون أن يرفع عينيه .
طارق بتذمر وسخرية : أخيـراً تكرمت ست الحسن والجمــــــ ..قطع كلامه عندما رفع عينيه ورأى أمل الماثلة أمامه وهي مطأطئة رأسها ووصله رائحة عطرها فوقف مبهوراً من شكلها المتناسق بدأ بانسكاب الفستان على جسدها الرشيق والطويل وانتهاء بشلال شعرها الكستنائي المموج بتناسق وشكله الرطب الذي يشعر المرء بالانتعاش ولو رفعت عينيها لرأت كيف أنسحر من جمالها ورقتها ولكنه تمالك نفسه بسرعة وبدلها لبرود كالصقع قبل أن ترفع عينيها التي لا تنوي رفعها فأكمل بذات السخرية خالطها الجدية.. ليش حضرتك تتأخرين ولا ناويه نقلب الغداء عشاء عشان حضرتك .
أمل برجفة وتوتر : لا بس أنا ما تأخرت ..نظرت لساعتها فوجدتها الساعة الثانية النصف وأكملت بأسف وبراءة .. أنا آسفه ما راح أعيدها مره ثانيه .
ألجمته براءتها واعتذارها عما كان يريد قوله فقال باقتضاب : مشينا .
سار طارق أمامها وتبعته بمسافة وهي مطأطئة رأسها ففتح باب الجناح وسارا باتجاه الدرج وهي خلفه توقف ولم تلحظ توقف وسارت حتى قاربته فانتبهت ورفعت رأسها فأمسك بذراعها بقوه وقال بحدة : مره ثانية تمشين جنبي .
أبعدت يده عنها بعنف ونظرت له بغضب كردة فعل ثم كسرت نظرتها و أخفضت عينيها وتراجعت إلى الخلف وهي خائفة وترتجف فقالت بخوف وتلعثم : لا لا تمســ..ــكني ..ونزلت دمعة واحدة من عينها ومسحتها بيدها وأكملت بعد أن تماسكت .. خلاص راح أمشي جنبك بس لا تمسكني .
طارق بلامبالاة استفزازية : طيب طيب عرفنا والحين ممكن تمشي يا برنسيسة أمل .
أخفضت أمل عينيها فاستفزازه لها وطريقة كلامه تغضبها ولكن ليس لها إلا أن تستسلم , رأته يسير على الدرج العريض فسارت بمحاذاته ولكنها مبتعدة عنه بمسافة .
نزلا من الدرج بصمت حتى وصلا إلى الصالة المتوسطة المنزل والتي أقيمة بها الليلة الماضية الحفل سارا باتجاه العائلة الجالسة وتحفهما ترحيب وابتسامات الجميع وفرحتهم التي لا تخفى على العيان وعندما توقفا عندهم تقدمها طارق وسلم على رأس والده وتبعته أمل وهي في قمة الخوف والتوتر فدنت على رأسه وقبلته وقالت بصوت مرتجف : كيفك يا عمي ؟؟
أبو طارق بحنان : الحمد لله بخير كيفك أنتي ؟؟ ومبروك يا بنتي .
لاحظت أمل الشبه بين والدها و عمها فأحست بحب كبير لهذا الرجل وكذلك أحست بالأمان ولكن مازال التوتر يظهر على قسماتها وقد فسره الجالسون بربكة العروس وخجلها فردت عليه بذات التوتر : الحمد لله , الله يبارك بعمرك ..وسارت باتجاه أم طارق وقبلتها على رأسها وحضنتها الأخرى وهي تردد التبريكات لها دمعت عين أمل تأثراً من حنان هذه الأم فلو كانت أمها على قيد الحياة لما زاد حنانها عن حنان أم طارق وحبها لها أبعدتها أم طارق بحب وهي تقول بحنان .. أمل يمه ليش تبكين فيك شيء طارق قالك شيء ؟؟
أمل ابتسمت بين دموعها وقالت بحب : لا يمه لا تحاتين أنا بخير وطارق طيب معي بس أفكر لو أمي عايشه لو ما زاد حنانها عن حنانك وحبك شيء.
..بكت أم طارق وتأثر الجميع من كلام أمل فقالت أم طارق بحب .. والله إنك يا أمل بنتي إللي ما جبتها غير أنك بنت ساره الغالية الله يرحمها .
الجميع : الله يرحمها .
تكلمت شادن بمرح وسخريه : الظاهر اليوم راح نتغدا على أذان العصر عشان ما نفوت الفلم الهندي وكمان لايف .
ضحك الجميع عليها فقالت أم طارق : يلا قوموا الغداء جاهز .
نهض الجميع متقدمتهم أم طارق ولحق بها أبو طارق وطارق اللذان كانا يتحدثان وتأخرت الفتاتان فأمسكت شادن بأمل حتى لا تمسي فتوقفت الأخرى وأبعدت يدها ليس بعنف ولكن بضيق .
لاحظت شادن حركة أمل ولكن تناستها وقالت بمرح : ما شاء الله إيش الحلاوة هذي يا بنت الفستان روعه عليك أما هذا ذوقي شهد ما عندها كلام.
ضحكت أمل وقالت بحب : ههههههه تسلمين يا عمري وذوقك صراحة حلو..وأكملت بغرور وتكبر مصطنع .. لكن عشاني لبسته طلع أحلى .
ضحكت شادن بقوة وقالت بهزل : هههههههههه أبووووك يالغرور لا لا صراحة تستحيقين الغرور .
أمسكت أمل يد شادن وسارتا باتجاه غرفة الطعام وهي تقول بهدوء : ليش تبين أصير نمله ؟؟
شادن باستغراب وتساؤل : نمله ؟؟
أمل بهدوء أجابت : إيوه نمله الإنسان المتكبر واللي شايف نفسه على غيره يوم القيام ربي يخليه مثل النمله والناس يدوسونه لأنه تكبر عليهم الله صغره .
شادن بتعجب : سبحان الله .
وصلتا في هذه اللحظة وجلستا متجاورتين بجانب أم طارق فقالت أم طارق لأمل بحنان : أمل حبيبتي الوحدة إذا تزوجت لازم تجلس جنب زوجها عشان إذا احتاج شيء تلبي له .
توترت أمل من كلام أم طارق وخافت ثم نظرت لطارق الذي فهم نظرت الخوف في عينيها فقال بهدوء : خليها يمه أنا ما أبي شيء وما دامها تنبسط مع شادن معليش تجلس معها .
أم طارق بعتب : لا لازم تجلس عندك لكن اليوم خليها مع شادن وبعدها ..نظرت لأمل نظرة ذات معنى فهزت أمل رأسها إيجابا وهي متوترة فابتسمت أم طارق لها ..
انشغل الجميع بالأكل فعم الهدوء للحظات سوى من أصوات الملاعق على الأطباق حتى فجرت شادن القنبلة بسؤالها ..
شادن بتساؤل : ها يا عرسان وين ناوين تروحون شهر العسل ؟؟
تطلع الجميع إليهم بفضول أما طارق وأمل تضايقا بشدة من السؤال ولكن تدارك طارق الأمر فقال بهدوء : والله الزواج جاء بسرعة عشان كذا ما خططنا له لكن إن شاء الله نتفق أنا وأمل على المكان إللي بنروحه .
هز الجميع رأسه بموافقة وعاد الصمت يطبق بجناحيه على المكان .
(الحمد لله الذي أطعمني وسقاني من غير حولٍ مني ولا قوة )
قالها أبو طارق ووقف وغادر غرفة الطعام ثم بعد لحظات تبعته زوجته فلم يتبقى إلا طارق وأمل و شادن وشذى كانت الفتاتان تتحدثان بأمور مختلفة أما طارق فكان غارق بالتفكير وشذى كانت تأكل بصمت فهي إذا كانت وحدها تكون صامته هادئة أما إذا كانت مع أطفال آخرين ينقلب الصمت لثرثرة والهدوء إلى لعب وصراخ هذه هي شذى .
وقفت الفتاتان وهمتا بالمغادرة فأوقفهما طارق بجدية وهو ينادي : يا أمل لحظة .
توقفت أمل مكانها واستدارت له بعد أن تلقت نظرة ماكرة من شادن التي غادرة بعد أن حملت أختها معها وأغلقت الباب معها فأغلق على أمل باب الأمان وفتح باب الخوف الذي ظهر على عينيها الرجفة الخفيفة التي سرت في أوصالها واتي لاحظها طارق الذي قال بجدية : إجلسي أبي أتناقش معك بموضوع شهر العسل .
هزت أمل رأسها بنفي وأكملت بخوف وتوتر : لا ما أبي شهر عسل .
طارق بقهر من خوفها وتوترها كلما كلمها أو جلس معها : يا بنت الناس ترا أنا موب وحش عشان كذا تخافين هالخوف كله وبعدين ..أكمل بجدية .. لازم نروح شهر عسل عشان أهلي ما يلاحظون شيء وشهر العسل راح يكون أسبوع موب أكثر لأن وراي أشغال ومستشفى ها إيش قلتي ؟؟
خفق قلب أمل من الرعب ففكرة أن تكون هي وهو في مكان واحد دون أحد من البشر لأسبوع كامل تتعبها وتجذر الخوف في قلبها فهزت بنفي وقالت بتوتر : لا ما أبي أروح حاول فاهلك قلهم مشغول أو أي شيء .
طارق بنرفزة : يا بنت الناس المسألة موب كذا المسأله عشان نبين لهم أن حياتنا ماشيه تمام ..وأكمل وهو ينظر لها بمكر واستفزاز.. عاد إنتي بنت فقر أكيد ما عمرك خرجتي من جده خذيها فرصة تخرجي منها .
نظرت له بغضب ثم كسرت نظرتها من الخوف فقالت بغضب وبصوت منخفض : مالك دخل خرجت أو ما خرجت من جده هذا شيء راجع لي وأنا قلتها ما أبي أسافر سافر أنت بروحك ..وشعرت بظل أظلها وحجب الضوء عنها فرفع رأسها ورأت طارق ينظر لها بنظرات يتقافز من الشرر فخافت ووقفت بعنف فسقط الكرسي من خلفها وأحدث ضجيجاً في الغرفة الهادئة وحاولت تبتعد ولكن طارق أمسك معصمها بقوة وشد عليه حتى سمع تأوهاتها وتكلم بين أسنانه : أنا مالي دخل أنا طيييب شوفي إللي راح يجيك والسفر بتسافرين ورجلك فوق رقبتك ..وشد على يدها بقوة حتى آلمت أصابعه هو قبل يدها التي احتقنت فيها الدماء وسالت من عينيها الدموع فنفض يدها بقوة وأكمل بحدة ولكن بصوت منخفض .. فااااااااااااااهمه .
أمسكت أمل يدها المتضررة باليد السليمة وهي تدلكها حتى توزع الدم المحتقن والساخن في يدها وردت عليه بصوت منخفض ومرتجف ودموعها في عينيها : فاهمه فاهمه .
قال بجديه : أمسحي دموع التماسيح هذي وأمشي أهلي ينتظرونا عشان نشرب الشاهي .
أمل بإذعان حتى تتجنب غضبه قالت بهدوء : طيب .
مسحت دموعها بعد أن تأكدت من يدها أنها أصبحت بخير وتأكدت من شكلها وسارت ووقفت بمحاذاة طارق الذي ما إن وقفت بجانبه حتى سار وسارت هي كذلك .
وعندما تقدما للجالسين في الصالة سلما بهدوء وبعد رد السلام جلس طارق على كنبة مفردة وكذلك أمل فقالت شادن بمرح : ها إيش نتائج قمة جامعة الدول العربية المنعقدة مؤخراً ؟؟
نظر لها الجميع باستغراب وفهموا بعدها أنها تقصد اجتماع طارق وأمل فضحك الجميع عليها .
نظر لها طاق وقال بسخرية : وأنتي مراسلة أي قناة ؟؟
شادن تفكر بهزل وهي تضع سبابتها على صدغها وقالت : أممممممم ما أدري بس إني مراسلة والسلام .
ضحك الكل على خفة دمها فقال طارق وهو يضحك : طيب يا مراسلة والسلام نتائج القمة ..ونظر لأمل ثم أكمل وهو ينظر لشادن .. مفـــــــــاجــــــأة .

*****************
كنت أجري بخوف

أبحث عن الأمان

عن الأمل

تواصل الجري

قادتني قدماي إلى منزل

دخلته أحتمي فيه مما يحيطني

أوصدت بابه

هدأت نفس به

ولكن بعد مدة قصيرة

طرق الباب

سألت عن الطارق

فقال إنه الحزن

فأبيت أن أفتح فغادر

وطرق مرة أخرى

وكان هذه المرة الهم

فغادر عندما لم أستجب له

وطرق أخرى وأخرى

وكلهم يرحلون

وفي ذات ليلة

طرق بعنف

فأجبت : من الطارق

فأتاني الجواب

أنا الألـــــــــــــــم

فقلت ماذا تريد

أنا لا أرغب باستضافتك

فارحل

ارحل أرجوك

أنا لا أريدك

ولا أريد أن تطرق بابي

أنا ( أنتظر الأمــــل يطرق بابي )

فأين هو

لماذا غاب عني ؟؟

أجبني أيها الألـــــــــم

فقال وهو راحل

إنه قـــــــــــادم فانتــــــــــظر

*****************************

نهايــــــــــــــــ الجزء الثالث عشر ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:28 PM


&< ~^(( الجزء الرابع عشر))^~ >&

~[( الــــــذل قمة الألــــــــم)]~



طارق وهو يضحك على شادن : طيب يا مراسلة والسلام نتائج القمة ..ونظر لأمل ثم أكمل وهو ينظر
لشادن .. مفـــــــــاجــــــأة .
نظر له الجميع بفضول فضحك وأكمل : مفاجأة يعني ما نيب قايل .
نهضت شادن وجلست بالكنبة القريبة منه وقالت بوجه برئ بتصنع : يهون عليك أنك ما تعلمنا ..واقتربت
منه وهمست .. علمني أنا بس وما راح أعلم أحد ..رفعت رأسها وأكملت بصوت مسموع .. ها إيش قلت
؟؟
هز طارق رأسه بنفي وهو مستغرق في الضحك وقال :هههههه لا لا تحاولين ما راح أقول .
شادن بحنق مصطنع : لا والله الله لا يجعلني تحت رحمتك خلاص ما أبي أعرف .
ضحك الجميع عليها وتكلم طارق بعد أن توقف من الضحك : خلاص حزنتيني بعلمك ..فرحت شادن
واقتربت منه حتى يخبرها فلم يعطي لها بالاً وتكلم ببرود وثقل .. أول شيء إن شاء الله راح ناخذ عمره
لمكة ..ونظر لأمل المطرقة رأسها ولمح ابتسامة فرح فأكمل بعد أن استدار للجميع .. وباقي الأسبوع
راح نروح ..صمت ونظر لشادن التي كانت متحمسة للباقي من الحديث فأكمل بمكر .. ولا بلاش ما بقول .
ضحك الجميع أما شادن فنظرت وهي حانقة ومقهورة .
ضحك طارق وقال باستسلام : خلاص خلاص بقول , باقي الأسبوع إن شاء الله راح نروح إيطــــاليا .
نظر له الجميع باستغراب وهدأ المكان حتى صرخت شادن بحماس : أحلــــــــــى بلد الرومانسية مين قدك
يا أمل راح تزوري أرض روميو وجولييت .
ضحك الوالدان بخفة أما طارق فكان ملتزم الصمت كذلك أمل التي كانت مطأطئة رأسها وكأنها تفكر بشيء
هام وبعد مدة من الصمت تكلمت بهدوء وخجل وقطعت جو الصمت بكلامها الهادئ : طارق لو سمحت
أبي أقولك إني ما أبي أروح إيطاليا ..نظر لها الجميع باستفهام عدى طارق الذي كان يشتعل غضب ولكنها
أكملت رغم خوفها وترددها .. أنا ما أبي إيطاليا عشان ما يجوز نروح لها .
شادن بتعجب : كيف ؟؟ ما يجوز ..وتساءلت .. ليش ؟؟
أكملت أمل بذات الخوف والهدوء : لأنها بلد كفار وفيها معاصي كثير ولازم إللي يروح لها يكون لواحد
من ثلاث أسباب .
أم طارق بتساؤل : ثلاث أسباب ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت بهدوء : إيوه وهي إما يروح يطلب العلم أو يدعو للإسلام أو يتعالج من
مرض أو يكون لحاجة ملحة للسفر يقول النبي صلى الله عليه«أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر
المشركين» ..ونظرت لطارق بمعنى (وإحنى ما عندنا أي سبب من هذي الأسباب) وأكملت .. وإحنا راح
نتمشى ونتفسح وهذا ما يجوز وحرام .
أبو طارق بهدوء وفخر : الله يكملك بعقلك يا بنتي والله انك جوهره ومحظوظ طارق لأنه تزوجك .
خجلت أمل وطأطأت رأسها وقالت لنفسها "والله ما تدري إيش يعتبرني يا عمي " وقالت بخجل : تسلم يا عمي .
أم طارق وهي تحدث طارق : يا ولدي اختار أي بلد إسلامي وروحوا له .
هز طارق رأسه بإيجاب وهو يهمس : إن شاء الله .
فهتفت شادن بحماس بعد تفكير لثواني : مــــــــــــــاليزيــــــــــا روحو ماليزيا تجنن وبلد إسلامي ..
ومررت نظرها على أمل المطأطئة رأسها وطارق الصامت .. أكيد مالكم حجة فيها .
هز طارق بإيجاب وهو يبتسم لأخته أما أمل صمتت وهي كارهة فكرة شهر العسل والذي سيبقيها هي
وطارق في مكان واحد لمدة طويلة .
ارتفع أذان العصر وانتشر الجميع ليصلي ..
************
دخلت أمل الجناح ثم غرفتها وتنهدت براحة فطول جلستها معهم تحس وكأن جبل يجثم على صدرها
وقلبها يرتجف بخوف وما إن دخلت غرفتها أحست بالأمان يحيطها توضأت وصلت ثم تذكرت أن أمس
كان الخميس فضربت على رأسها عندما تذكرت أن اليوم الجمعة و أنها لم تقرأ سورة الكهف فأمسكت
بمصحفها وجلست تقرأ .
***
أنهت قراءة السورة واستغرقت في ترديد أذكار المساء وهي مستغربة من الهدوء الذي يعم المكان فهذا
يدل على أن طارق لم يعد إلى الجناح أكملت أذكارها وختمت بالدعاء لوالدتها ووالدها وكذلك عائلتها
الجديدة التي أحبتها ودعت لنفسها بالفرج , سمعت رنين الإنتركوم المخصص للجناح فنهضت لترد عليه
ورفعت السماعة وهي تقول : ألو
وكان الرد من الخط الآخر بصوت آمر : اسمعي بعد العشاء تكونين جاهزة لأننا راح نمشي لمكة إن شاء الله .
أمل بهدوء : أممممم طيب ..وتساءلت.. من وين أحرم من البيت ؟؟
طارق بسخرية : يعني ما تعرفين أن ميقات أهل جده من بيوتهم ؟؟
أمل أجابت : أها خلاص .
طارق باستعجال : المهم جهزي إحرامي تحصلينه في الدولاب وشنطة ملابسي وانتي كمان لأننا راح
نسافر من مكة على طول , مع السلامة .
لم يمهلها طارق حتى ترد عليه وأقفل السماعة , تنهدت واستغفرت ثم سارت أخرجت حقيبته وجهزتها
وكذلك إحرامه و حقيبتها وأخرجت لها عباءة مغلقة حتى تسهل السير عليها وحجاب طويل حتى تتغطى
بالباقي منه و حقيبة يد واسعة وأضافت إلى حقيبة ملابسها عباءة أخرى ونقاب وجوارب وقفازات
لتلبسها بعد أن تحل إحرامها ولم تنس وضع المصحف وكتيب للأدعية المأثورة .
***
وبعد العشاء بمدة ..
الساعة التاسعة مساء ..
كانت قد أنهت عملها واستحمت وصلت العشاء كذلك ولبست عباءتها وجلست في الصالة تنتظر حضور طارق .
بعد مدة طويلة من جلوسها وملت من الجلوس دخل طارق وألقى السلام بسرعة واقتضاب ودخل غرفة
النوم وأغلق الباب خلفه .
أما أمل فتوترت من حضوره وغضبت منه بسبب التأخير هدّأت نفسها وجلست تستغفر حتى لا يمضي
الوقت دون فائدة تذكر ..
***
الساعة التاسعة والنصف ..
خرج طارق من الغرفة وهو يلبس لباس الإحرام وشعره مبلول من أثر الاستحمام , تكلم بعجله وهو يلتقط
مفاتيحه وهاتفة المحمول ومحفظته من الطاولة الزجاجية الأنيقة المتوسطة الصالة وقال : يلا مشينا
تأخرنا مره .
أمل تكلم نفسها"موب كنه هو إللي متأخر" فنهضت وهي تهز رأسها وتقول بخفوت : طيب .. وسارت خلفه بعد أن أخرج الحقائب خارج الجناح لتحملها الخادمات , أما هما فنزلا من الدرج إلى الصالة حيث
يجلس الجميع ودعاهما واستقلا السيارة استدار لها وقال بهدوء : أنوي بالعمرة وقولي "لبيك اللهم
عمرة" .
هزت أمل رأسه بـ نعم , وغمغمت بها بخفوت وكذلك طارق .
وانطلقت السيارة و سارت بهما وهما صامتان ظاهريا ً أما قلوبهما ففيها الكثير من المشاعر المتداخلة
والكلام الصامت .
بعد مدة ..
تواصل الصمت مع سير السيارة التي لم تقف إلا مرتين واحدة لتعبئة الوقود أما الأخرى فتوقف عند محل
للكوفي شوب وقد وقف أمام النافذة ليطلب فأدار رأسه لها وقال ببرود : تبين شيء ؟؟
هزت أمل رأسها بنفي وقالت بتردد وخوف : لا بس أبي مويه .
استدار عنها ببرود وكلم العامل : لو سمحت جيب اثنين كوفي واثنين دونات واثنين مويه .
العامل : دقايق والطلب عندك .
استراح طارق في جلسته وهو ينظر للخارج دون أن ينتبه لأمل المقهورة منه ومن تحكمه وفرضه عليها
ما لا تريد .
بعد دقائق ..
جاء الطلب وأمسك طارق أولاً بأكواب الكوفي الموضوعة في علبة كرتونية مخصصه لها ومدها لأمل
فاستدار جهتها وقال ببرود : خذي أمسكيها .
بين عالمها الخائف والمتوتر استيقظت أمل على لهجة الأمر التي ألقاها عليها ولم تسمع ما يقول فالتفتت
له بخوف وهي تقول بتردد : إيش تبي ؟؟
انتبه لها ولنبرتها الخائفة فقال بسخرية : ولا شيء بس امسكي هذي عشان أخذ بقية الطلب .
مدت أمل يدها لتمسك الكرتون ولكن لامست أطراف أناملها يد فارتجفت وشد عرق في خدها من التوتر
واهتز الكرتون في يدها وكادت أن تحترق من الكوفي ولكن تماسكت بسرعة أما طارق فاستدار للعامل
ليأخذ بقية الطلب وأغلق النافذة وسار بالسيارة بصمت سوى طلبه بان تعطيه كوبه و الدونات وعاد
الصمت يرافقهم في رحلتهم .
مضى ثلثي الطريق في صمت لم يتخلله إلا صوت بث إحدى الإذاعات بصوت منخفض وقد أضفى صوت
رتيب على المكان مما أدى إلى نعس العيون واستطال الطريق القصير نسبياً فقد كانت أمل تنظر من خلال
النافذة وتفكر كيف ستمضي حياتها مع طارق وهي بهذا الخوف المسيطر عليها وكيف ستشعر بالأمان
وهي ستكون بجوار رجل نظرت إليه بزاوية عينها ورأت البرود على وجهه وقد لاحظت أن عينيه بدت
بالنعاس فخافت من أن يحصل لهم مكروه فحاولت التكلم ولكنها لم تجرؤ على ذلك فتململت في مقعدها
حتى ينتبه ويصحصح من نعاسه فكان لها ذلك فقد التفت لها متسائلاً ببرود : إيش فيك تبين الحمام " تكرمون"ولا شيء .
هزت أمل رأسها نفياً وأكملت بتردد وخوف : لا بس شفتك نعسان قلت أنبهك .
طارق وقد التفت للطريق ببرود : أها لا ما نيب نعسان ..صمت لثواني ثم تساءل ببرود جليدي.. انتي أول مرة تعتمري ؟
لم تتوقع أمل أن يسألها هذا السؤال فليس لديها الإجابة الآن فإجابته هي قصة حياتها وهي لن تحكي له قصتها فينبذها أكثر مما هو نابذها الآن ولكن قالت بتردد : إيه أول مره .
طارق بتعجب : ليش ؟؟ مكة موب بعيدة عن جدة كلها ساعة أو أقل .
تنهدت أمل بهم فبسؤاله الأول طعنها وبالآخر أوغل في الطعن ولكن داست على جراحها دون أن يعلم ,
وأجابت عليه بعد أن استغفرت : لأن أبوي دايم مريض وما كنا نعرف السبب لكن عرفته قريب ..قطعت
كلامها وصمتت للحظة وأكملت بهدوء .. وبعدين تزوجت سعود و ـــ ..قطعت كلامها الغصة التي وقفت في
بلعومها فمنعتها من الكلام ولكن بلعتها بمرارة وأكملت بحزن.. وبعدها طلقني وبعدها ..صمتت مرة أخرى
للحظات فقد تذكرت أنها لا تريد إخباره بما حدث لها في حياتها ولكن أكملت بغموض .. ربيت ولدي الين صار عليه الحادث وتعرف الباقي أنت .
طارق بهدوء ونبره غريبة تخللت صوته : الله يرحمه .
ساد الصمت من جديد على السيارة ولكن قطعه طارق بتساؤله : تبين نروح على طول الحرم ولا نريح
شوي وننزل أشيائنا ونروح .
أمل بفرح عارم وشوق من ذكر كلمت الحرم ولكن ردت بهدوء وتردد : لا نبي الحرم مانيب تعبانه .
طارق ببرود : طيب ..صمت للحظة ثم أكمل بذات البرود .. بس كلي لك شيء ما تغديتي كويس وكمان ما أكلتي الدونات ولعلمك راح تمشين كثير وبتتعبين لو ما أكلتي فأحسن كلي عشان ما أبتلش فيكِ
استغربت أمل كيف عرف أنها لم تتناول الكثير من الغداء ففهمت أنه كان يراها ولكنها تضايقت من كلمته
وأحست أنها حمل ثقيل عليه فردت بهدوء : إن شاء الله ما أتعب من المشي أنا متعودة أمشي كثير كنت
امشي منــ ..صمتت وأنبت نفسها على انفلات لسانها فكادت تخبره أنها كانت تسير بالشوارع بلا حامي
لها وأكملت بعد أن تنبهت .. وأنا ما نيب جوعانة الحين.
نظر لها طارق بغموض وشك من تقطيع كلامها ورد ببرود وإصرار : وأنا قلت تاكلين يعني تاكلين .
أمل بغضب وبصوت منخفض : يعني غصب هو ما أبي .
طارق غضب هو الآخر ونظر لها بنظرات نارية و تكلم ببرود : إيه غصب زي ما غصبت نفسي إني
أتزوجك .
شهقت أمل بعنف فقد شعرت بوخز مؤلم في جسدها من الذل الذي كساها به زوجها وردت بحزن وصوت
متقطع من الألم والقهر : بس أنا ما قلت لك اجبر نفسك أنا قلت إذا تقدر .
طارق ببرود : لا انتي ترجيتيني عشان أوافق فغصبت نفسي اني أوافق لأن موب من طبعي أرد أحد يطلبني .
تكلمت أمل بألم بعد أن تمكن منها الإحباط وامتلأ قلبها من الكم الهائل من الذل الموجه لها من زوجها وقد
خنقت العبرات صوتها : ياليتك رديتني ولا ذليتني ..وأجهشت في بكاء مر كمرارة طعم الذل الذي تجرعته
استمر بكائها لثواني ولم يكن يسمع في السيارة سوى شهقاتها فكفكت دموعها وكتمت عبراتها فيكفي ذل
فتكلمت بصوت مبحوح من أثر البكاء وبهدوء تساءلت.. قربنا نوصل ولا لا ؟؟
طارق بثقل وهدوء : شوي ونوصل ..صمت لحظة وأكمل .. ممكن الحين تاكلين الدونات عشان ما تتعبين
من الطواف والسعي .
أسكتت أمل اعتراضها فلم تعد تقوى على المشادة في الكلام فسمعت نصيحته وقالت بهدوء : طيب ..مدت يدها لتتناول قطعتها وأدخلتها تحت غطائها وقضمت منها ثم أنزلتها ومدت يدها لكوب الكوفي الذي أصبح
أقرب للبرودة ولكن شربته واستمرت تأكل بهدوء وتحاول أن تتجنب نظرات طارق التي يلقيها من فترة
لأخرى وعندما أكملت قطعتها قالت بهمس .. الحمد لله .. ومدت يدها وأمسكت بمنديل وجرته ومسحت
يديها وفمها ورفعت رأسها وانتبهت أنهم دخلوا مكة فالتفتت للنافذة تنظر للأبنية والجبال وكل شيء وهي
مبتسمة وقلبها يرفرف بفرح ولم تمضي سوى دقائق حتى أوقف السيارة في مكان مظلم فسألته ببراءة
وفرحة : وصلنا .
نظر لها طارق باستهزاء وهو يتلفت في المكان : ليش تشوفين الحرم هنا .
ألجمت نبرة الاستهزاء في صوته فضولها فصمتت وهي تنظر له يسير ليوقف إحدى سيارات الأجرة بعد
أن أغلق الباب عليها ولم تمضي سوى دقائق حتى عاد وفتح بابها وقال بأمر : يلا الرجال ينتظرنا ودنا منها وفتح درج السياره ليخرج منه ما يحتاجه من أوراق أما أمل فعندما اقترب خافت وتراجعت حتى
لزقت بمقعد السيارة وأصبح قلبها يرتجف بخوف وتكلم طارق باستهزاء وهو مازال يبحث : لا تلزقين
بالمقعد بعدين ما نقدر نفكك منه تراني ما نيب ماكلك ..صمت يبحث وأمل بنفس حالها من الخوف والتوتر
وسألها بجدية .. معك جوال ؟؟
أمل بتوتر وخوف ظهر على صوتها : لا وما أعرف له .
طارق بقهر بعد أن توقف من البحث وانتصب واقفاً : لا موب عذر انك ما تعرفين لازم يكون معك جوال
فرضاً ضعتي لا سمح الله كيف أحصلك .
أمل باقتناع وببراءة : أها طيب علمني .
نظر لها طارق بسخرية : امشي بس قال أعلمك هذا وقته إذا وصلنا علمتك كيف تدقين علي ..وأكمل
بسخرية .. بنت فقر .
بلعت أمل الإهانه وسارت خلفه بصمت وركبت خلف مقعده وهي ترتجف بخوف فهي وحيدة بصحبة
رجلين ولكن حاولت أن تشغل نفسها بالأذكار وتحاول أن تتذكر شروط وواجبات العمرة وكذلك السنن
المستحبة فيها فهذه عمرتها الأولى فستبذل جهدها أن يتقبلها الله منها ولم تمضي سوى عشر دقائق حتى
رأت أنوار الحرم تتلألأ في ناظريها فابتهجت وأحست كان روحها تحلق من شدة فرحها وقد أمسكت بعروة
الباب حتى تفتحه حال وصولهما ويتسنى لها استنشاق هواء الحرم وما أن توقفت السيارة حتى فتحت
الباب وخرجت من السيارة فالتفت لها طارق بنظرة حارقة وقال بغضب بارد : انتظري ايش الخفه هذي؟؟
كسرت عينيها فلم تقوى تحمل النظر له وقد أجفلها غضبه فتوقفت عن الحركة والمسير حتى حاسب صاحب السيارة وتقدم لها وقال ببرود آمر : امشي .
سارت أمل بمحاذاته ولكنه ولطوله وسرعته تقدمها بخطوات فخافت أن يسبقها فتتوه عنه فهرولت حتى
أصبحت بمحاذاته فقالت بتردد : بتعلمني على الجوال .
توقف طارق عن المسير فجأة وقد توسطا التوسعة والتفت لها وقد توقفت هي الأخرى فقال لها ببرود وقد
مد لها بجهاز جوال : شوفي هذا رقمي واضغطي الزر الأخضر إذا تبين تدقين والزر الأحمر إذا خلصتي
المكالمة .
هزت أمل رأسها بتفهم وقد مدت يدها لتأخذ الجوال وقد وضعته بحقيبتها : طيب ..وسار وسارت خلفه
حتى وقفا عن أحدى الأبواب فخلعا نعليهما "كرمتم"وامسك بيدها وسارا للداخل.. خافت أمل توترت من مسكه ليديها وحاولت الفكاك منها وقد أحست بالدوار والصداع يراودها ولكن عندما لم تحصل على نتيجة
من المحاولة حاولت أن تشغل نفسها بأي أمر آخر فالتفتت لتنظر للناس القائمين والراكعين والساجدين
وكذلك منهم النائمين اغرورقت عيناها من التأثر وأحست باختناق من فيض المشاعر المتأججة في
صدرها ثم نظرت للأمام ورأت الكعبة المشرفة فلم تتمالك نفسها وشهقت ثم بكت بفرحة وقالت بفرح
وانفعال للرجل الواقف جوارها : طارق موب مصدقة إني أشوف الكعبة قدامي ..ورفعت رأسها للسماء
وهي تبكي وتضحك معاً وقالت بشكر .. يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمد لله
..ثم هوت على الأرض تشكر الله في سجدة طويلة أمام نظرات طارق الحائرة والمتعجبة والمتأثرة ..
نهضت أمل قالت بصوت مبحوح من البكاء والفرحة : هيا ندخل مشتاقة أشوفها من قريب .
طارق بهدوء : يلا .
طافا حول الكعبة بهدوء ظاهري ولكن كانت هناك طاقة من الفرحة تحف أمل من كل الجهات وكأنها تحلق
عاليا من فرط فرحتها وأخذت تردد الأدعية والأذكار وتبكي ولكن البسمة ما تزال منحوتة على ثغرها
والفرحة تلتف حولها وبعد أن كملا الطواف صليا خلف مقام إبراهيم ثم سارا باتجاه المسعى وقطعا
الأشواط بدون أي حوار بينهما فانشغل طارق بالدعاء و أمل بقراءة القرآن حتى وصلا إلى الشوط
السادس ولم يتبقى عليهما سوى شوط واحد ولكن تلفتت أمل تبحث عن طارق فلم تجده فخافت وضغطت
على ركبتيها لتخفف الألم فيهما فهي قد توقفت و انحنت لتضغط عليها وعندما رفعت عينيها ولم تجده
بجانبها فسارت لتبحث عنه وهي متعبه ومرهقة ولكن مازالت تشعر بلذة وفرحة رغم الخوف الذي يتخلل
شعورها فسارت وسارت فانتبهت أنه سينتهي الشوط وهي لم تستغله فقالت لنفسها "الحين بركز فالدعاء
ولما أخلص أدق على طارق " فأخذت تسير بعرجه من الألم في قدميها وركبتيها فشكرت طارق في سرها
أنه أجبرها تأكل وإلا لسقطت من الجوع والتعب فأخذت تدعوا أن يجمع الله بينها وبين طارق وتوقفت عند
ماء زمزم وشربت بعد أن دعت وابتهلت لله فتضلعت من زمزم وسارت وقد أحست بأنها قد استعادت
نشاطها (التضـــلـع من ماء زمزم معناه شدة الارتواء منه، ومعناه أن تشرب وتشرب وتكثر من الشرب
منه وأصله أن يشرب حتى يمتلئ جوفه ويصل إلى أضلاعه ) وأكملت مسيرها حتى وصلت إلى المروة
فرفعت الجوال لتكلم طارق فلمحته واقف وكأنه ينتظر أحداً فسارت بسرعة جهته وقالت عندما وصلت إليه
وهي تلهث : طارق .
فالتفت لها وقال بغضب مكبوت : وينك ليش ما تردين على الجوال ؟؟
أمل بتعجب : ما سمعت الجوال دق .
طارق مد يد وقال : هاته أشوف ..فأمسكه ونظر إله قال بهدوء .. الجوال على الصامت والله مشكلة
الناس إللي ما يعرفوا للجوالات .
صمتت أمل على الإهانه للمرة الألف وتساءلت بهدوء : وين أقص شعري؟؟
طارق بتساؤل : معك مقص ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب فأمسك يدها وجرها إلى زاوية لا أحد بها ..
توترت أمل من مسكته وعاودها الخوف الذي لم تشعر به طوال العمرة فقد كان عقلها مشغول بأمر آخر
غير مسكت طارق لها أما الآن فلا وهي خائفة أن يصيبها الدوار أو ترجع فتماسكت وجرت يدها منه
فتركها وتوقفا في الزاوية وقال لها ببرود : طلعي طرف شعرك عشان أقصه لك .
أدخلت أمل يدها لداخل العباءة ثم الحجاب لتحل لفافة شعرها الذي جعلتك كضفيرة وصلت لأسفل أردافها
أمسكت بضفيرتها أخرجت طرفها من فتحت العباءة العلوية فأمسكه طارق وقاس بأنملة إصبعه وقص عليها
فأدخلت شعرها وأخذت ما قصه ولفته بمنديل ووضعته في حقيبتها وسألت طارق : وين تحل إحرامك .
طارق ببرود : باخرج أحلق عند الحلاقين برا .
أمل بتردد وخوف : وين أروح أنا ؟؟ تخليني وحدي هنا ؟؟
طارق نظر لها باستهزاء : لا أكيد ما بخليك وحدك بدخل بك معي عند الحلاق ويش رايك موب أحسن ..
وقلبت نبرة صوته للجد.. الحمد لله هنا أمان اجلسي فمصلى النساء وأحل إحرامي وأجيك .
هزت أمل رأسها بانصياع بعد أن كال عليها من الإهانات اللاذعة فسارا إلى مصلى النساء فغادر وتركها .
نظرت أمل لساعتها وقد أصبحت الساعة الواحدة ليلاً فوقفت لتصلي .
******
عندما عاد طارق من الحلاق وجدها متوسدة حقيبتها والمكان فارغ حولها وتغط في نوم عميق نظر
لساعته فوجدها قد قارب الثالثة فقد تأخر بسبب الزحام وقف ليصلي الوتر ثم افترش الأرض ونام
بمحاذاتها ولم تشعر به أمل .
*****
فتحت أمل عينيها عندما سمعت الأذان وشهقت بخفة عندما وجدت طارق نائم بالقرب منها وجلست
بسرعة فأحس طارق وفتح عينيه ونظر لها للحظة ثم جلس هو الآخر فرددا مع الإمام الأذان ونهض بعدها
وقال لأمل بصوت خشن بسبب النوم : بعد الصلاة نروح الفندق .
أمل برجاء : لا خلنا نجلس لبعد ما نصلي الضحى الله يخليك .
طارق بهدوء : خلاص طيب بس قومي تبين الحمام "كرمتم" عشان تجددين وضوئك .
نهضت أمل هي الأخرى وقالت بهدوء : إيه أبيه .
**********
عند الساعة الثامنة والنصف دخلا إلى الجناح الذي استأجره طارق والمكون من غرفة نوم وصالة وحمام
"كرمتم" ومطبخ تحضيري صغير .. جلست أمل بعد أن خلعت عباءتها وحجابها ووضعتها جانباً و
استرخت على المقعد بهدوء وقد لاحظت دخول طارق إلى غرفة النوم فانتظرت حوالي نصف ساعة ولم
يخرج فعلمت أنه نام أما هي فقد أغمضت عينيها من شدة الإرهاق ونامت كذلك .
***
فتحت عينيها على صوت الأذان من الحرم المكي لصلاة الظهر فحاوت النهوض وصدرت منها أنة خفيفة
من الألم بسبب النوم على الكنبة بالإضافة إلى التعب من العمرة ولكن أزاحت الكسل وحاولت مرة أخرى
ونهضت وسارت خطوة فأحست بألم في كامل جسمها وبالأخص ساقيها ولكنها سارت على مضض
وتقدمت إلى حقيبتها الموضوعة عن الباب والتي لم يكلف طارق نفسه ليدخلها مع حقيبته إلى الغرفة
وقالت محدثة نفسها "مافيه إلا تفسير واحد لشيء هذا وهو إنه ما يبيني معه فالغرفة ما يدري إني أنا ما
أبي يكون مكان يجمعني به هه" جرتها بوهن حتى زاوية الصالة وفتحتها وأخرجت لها جلابية مغربية
باللون السكري ومطرزة بخيوط القيطان البيج وسارت ودخلت وألقت نظرة على السرير فلم تجد طارق
عليها وتقدمت خطوة فسمعت باب الحمام "تكرمون" يفتح ورفعت رأسها فوجدت طارق يخرج وهو يلبس
روب الحمام الذي يصل إلى ركبتيه أخفضت بصرها وتنحت عنه وقالت بهدوء : السلام عليكم .
رد هو الآخر بهدوء : وعليكم السلام ..وسأل برسمية .. تبين شيء ؟
أمل بهدوء تحته بركان من الخوف والتوتر الذي حاولت إخفاءه بجدارة : لا بس أبي الحمام "تكرمون"
لو سمحت .
طارق باستهزاء : ولو تكرمين إذا ما سمحت لزززووووجتي ..شدد على الكلمة.. أسمح لمين .
خافت أمل من كلامه وابتعدت قليلاً وقالت بخوف وتوتر : طيب بعد بدخل .
ابتسم طارق بخبث وقد لاحظ الخوف الذي تملكها وتنحى جانباً وسارت أمل مسرعة بجانبه ولكنه كان
أسرع منها وعاد لمكانه فاصطدمت به دون أن تنتبه وقد أغمضت عينيها من قوة الاصطدام ثم فتحتها
بسرعة عندما اجتاحتها رائحة الشامبو الصابون ورفعت رأسها و تفاجأت من قرب طارق منها فارتجف
جسمها وابتعدت عنه بعنف إلى خارج الغرفة وهي ترتجف وقد أصابها الدوار فجلست على إحدى المقاعد
وانحنت واضعة كوعيها على فخذيها ومخفضة رأسها على يديها وقد بللت دموعها كفيها واستمرت كذلك حتى سمعت صوت الإقامة فنهضت وهي تستغفر ومسحت عينيها وخديها من الدموع ورفعت رأسها
باتجاه غرفة النوم وتفـــــــــاجأت فقد كان طارق ينظر لها بنظرة غريبة وهو يتكئ على حافة الباب
أخفضت بصرها وأخذت ملابسها وسارت وهي خائفة أن يفعل فعلته السابقة فقالت بخوف وبصوت
مبحوح وهي تبعد عن الباب ما يقارب المترين : ممكن تبعد ؟؟
نظر لها بغرابة من خوفها الغريب وتنحى عنها وسار باتجاه الباب وقال ببرود : أنا رايح أصلي تبين
شيء معين للغداء .
أمل بفزع وبسرعة : لا لا تروح انتظرني بروح أصلي معك .
طارق ببرود : لا ما يمديني انتي سمعتي الإقامة ولازم ألحق على الصلاة .
أمل بترجي : الله يخليك انتظر بس دقيقتين أتوضى وألبس عبايتي وأجي .
طارق بتذمر : أقول أنا مانيب فاضي لك بروح أصلي وأجيب سيارتي ..وخرج وأغلق الباب خلفه ..
دمعت عينا أمل من الذل والقهر الذي تواجهه من هذا الشخص البارد ومسحت عيناها وسارت لتستحم
وتصلي الظهر وقد سيطر عليها الإحباط من تعامل طارق معها .
****
ختمت صلاتها بركتي السنة ورتبت سجادتها وجلال الصلاة ووضعته في حقيبتها وعقدت العزم ألا تترك
لطارق أي فرصة في جعلها لا تصلي في الحرم , حملت حقيبتها الصغيرة ودلفت إلى غرفة النوم ووقفت
أمام التسريحة وفلت ظفيرة شعرها سرحته بهدوء ورفعته بمساكة بتسريحة شينيون بسيطة وأنزلت بعض
الخصلات على جبينها ووضعت القليل من المرطب الزهري على شفتيها وخطت عينيها بالقليل من الكحل
الأسود العربي فأضفى عليها مزيداً من البراءة .
سمعت فتح الباب فخرجت بسرعة وسارة باتجاه الصالة ووجدت طارق وهو يحمل بين يديه أكياساً بها
أواني قصديرية وآخر به مشروبات غازية .
تقدم وهو يلقي التحية : السلام عليكم .
رفعت أمل رأسها عن الأكياس وردت بهدوء : وعليكم السلام ..تقدمت منه وقالت بهدوء وهي تمد يدها ..
هات الأكياس عشان أحضرها .
انتظرت للحظات ولم يمدها فرفعت رأسها مستغربة عدم تجاوبه وقالت بخوف عندما رأته ينظر لها بنظرة
غريبة وهي تتراجع للخلف : فيه شيء ليش تطالع فني كذا إيش تبي ..وانتبهت أنها اصطدمت بالكنبة
فتوقفت عندما رأته ينظر له بنظرة أخرى فقد تبدلت نظرته إلى نظرة غضب وقد اشتعلت عيناه شرراً..
طارق بغضب : خيـــــــــــــر شايفه وحش قدامك ولا مجروب وبعد إيش أبي منك هـــــــــا إيش أبي وأنا
قلتها من قبل أنا أنــــــــــــــــــقرف منك ولا تظني أنك ..ونظر لها بمعنى إذا تزينتي .. لا غــــلطااااااااااانه
انتي مـــــا تحركين فيني شـــــــــعره وأقولها لك من الحين لا تتعبين نفسك وتتزينين على الفاضي لأني ما
راح ألتفت لك ولا نظرة ســـــــــمعتي ..واستدار عنها وسار باتجاه التلفاز أشعله بهدوء وبرود وكأنه لم
يكن غاضب قبل لحظات , وترك خلفه إنسانه محطـــــــــــــــمه ممزقــــــــــه غريقــــــــــــــة في بحر من
الـــــــــــذل والألـــــــــــــــــم إنسانه دامعة العين محطمة الفؤاد مجروحة الكرامة مطعونة الأنوثة ..
مسحت أمل عينيها بيدين ترتجفان وسارت باتجاه غرفة النوم دخلتها وأغلقت الباب خلفها و انفجرت
تبكي بألم وذل واستمرت على هذا الحال لما يقارب النصف ساعة حتى هاجمها الصداع وانتفخت عينيها
فجلست ومسحت عينيها وسارت للحمام "كرمتم" وغسلت وجهها الوردي من البكاء وجففته ومسحت
عينيها من الكحل وكذلك شفتيها ونظرت لوجهها الخالي من أي شيء وقالت لنفسها مشجعة "أمل كفاية
ذل لا تتركيه يذلك ويبكيك أبد أبــــــد ولا تخليه يشوف دموعك وإذا قالك كلمة لا تردي عليه لا تتركيه
يتحكم بحياتك وبخلي نفسي باردة قدامه واستخدم أسلوب البرود مثله عساه يخف من إهاناته لي ويبعد
شره عني آآآه والخوف منه هو المشكلة كلها والله لو موب الخوف اللي فيني كان عرفت أتصرف معاه
لكن آآآآآآه مالي غير إني أدعي ربي يرفع هالخوف عني يااااااااارب " وتقدمت إلى الباب وفتحته وسارت
باتجاهه ووجدت الأكل كما هو موضوع على الطاولة وطارق جالس يشاهد التلفاز كما تركته تقدمت من
الأكياس وفتحتها وأخرجت السفرة وفرشتها على الطاولة الكبيرة ووضعت المياه الغازية وحملت الأواني
القصديرية للمطبخ وحضرتها بأواني التحضير وجلبت الملاعق والأشواك وحضرتها بطريقة مرتبة
وجلست وقالت بهدوء وبصوت مبحوح : طارق يلا الغداء .
نظر لها طارق ببرود وتقدم بصمت للطاولة وسميا بالله وأكلا بهدوء وبرود.
****
سمعت النداء الأخير للرحلة فتقدم منها طارق وقال ببرود وصوت خشن آمر : يلا امشي .
انقادت أمل لأمره وسارت بمحاذاته باتجاه الطائرة وصعدا ثم جلسا بمقعدهما وكانت هي في الداخل وهو
على الطرف سمت بالله وشرعت بقول دعاء السفر حتى انتبهت للصوت الذي يذكر بربط الحزام حتى تقلع
الطائرة انتبهت لطارق ورأته كيف يربط حزامه وفعلت مثله وهي تردد الاستغفار والتسبيح حتى ينجلي
الخوف الذي سكن صدرها وخفضت رأسها وأغمضت عينيها حتى لا تشعر بوقت الإقلاع ولكن هيهات فلم
تمضي سوى لحظات حتى أحست بالخوف من الإقلاع ورفعت رأسها بذعر والتفتت لطارق المسترخي
على المقعد وكأن شيئاً لم يكن ضغطت على يديها وأغمضت عينيها حتى شعرت بأن كل شيء زال
وتنفست براحة واسترخت على المقعد وسرحت في خيالها تتذكر ما جرى لها بقية اليوم فهي لم تترك له
مجال لتركها في الجناح بل ذهبت باقي الصلوات حتى أتاها بعد العشاء ليصطحبها للمطار ..
***
بعد مضي حوالي ثماني ساعات ..
فتحت أمل عينيها من غفوتها لنداء التذكير بربط الحزام مرة أخرى فعلمت أنها ستتكرر المأساة من جديد
ربطت حزامها وتوكلت على الله ..
مضت أحداث كثيرة بعد ذلك منها إنهاء الإجراءات والذهاب بالسيارة إلى الفندق في طريق طويل وأخيراً
دلفت إلى الجناح الذي حجزه طارق وقد تقدمها له ورأت الجناح مكون من رواق صغير في طرفيه الحمام
"كرمتم" والمطبخ ويتوسطه باب مفتوح دخلت من خلاله وذهــــــــــــلــــــــت مما رأت ..
*******************
سألت قلبي يوماًً
أي الألم أكثر استبداداً ؟؟
قال : الحزن
فهو يتمكن وينشر جبروته بتسلط
وسألته , و أيه خطراً ؟؟
قال : الخوف
فهو إذا استقر في مكان رحل منه الأمان
فلا أمان , لا استقرار وبعدها
يحل الخطر
وقلت له : سؤال أخير وأرحل .
قال لي : هات ما عندك .
قلت : ما قمة الألم ؟؟
فقال : الــــــــذل
فهو متسيد ومتسلط
يتحكم بلا رادع
يتأمر بلا رافض
يجرح ولا يداوي
يقتل ولا يبالي
يحجب شمس الأمل
فيسود الظلام
فصمت لحظة
تبعته آهة أدمته
قلت له ما بك يا قلبي مم تشكوا ؟؟
وقال بصوت كسير
أشكو من الــــــــــذل


******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الرابع عشر ـــــــــــــــــــــة


..
..
..

بياض الصبح 10-07-11 08:30 PM



&< ~^(( الجزء الخامس عشر))^~ >&

~[( نقطة على سطور الأمل )]~


فتحت عينيها متفاجأة مما رأت ليس بسبب فخامة الغرفة ودقة تصميمها ولا بسبب الامتزاج الرائع من
اللونين الكريمي واللون البني المحروق والمطعم بالإكسسوارات الذهبية فكل هذا لم يلفت انتباهها بل
أذهلها أن الغرفة مكونة من سريرين مفردين متقابلان وارتجف قلبها ونبض بعنف من خوفها من الفكرة
التي طرأت عليها وحدثت نفسها "ياااا الله يعني بنام معه بغرفة وحدة لا ياربي ما أبي ما أبي " ورفعت
بصرها إليه وقد كان مسترخي ويشاهد التلفاز ولكنه التفت لها وكأنه أحس بأنها تنظر جهته فوقعت
عينيها في عينيه فأخفضت بصرها على الفور ولكنه تمكن من رؤية التساؤل والخوف الذي سكنها وأجاب
على سؤالها .
طارق ببرود : طلبت جناح بغرفتين و ما حصلت إلا هذي الغرفة راح أسألهم بكرة إن شاء الله تكون
متوفرة .
هزت أمل رأسها بهدوء ظاهري وخوف تفجر في حناياها من فكرة أنها ستنام في ذات الغرفة وقالت
لنفسها "وأنا أقول ليش تضايق لما كان يحجز لأنه ما حصل غرفتين معناته حتى هو ما يبي نفس الغرفة
يارب تعين والله أحس أني بموت من الخوف " وسارت وجلست على السرير الآخر وقد كانت ترتدي
عباءتها أما حجابها فكان ملفوف بإهمال ويظهر منه جزء من شعرها أخفضت رأسها وجلست بصمت
لمدة طويلة حتى شعرت أنها مقيدة ولا تستطيع أن تتحرك بحرية وانتبهت لصوت إغلاق التلفاز تبعه
إغلاق الباب ورفعت رأسها ولم تجد طارق فتنفست الصعداء وهتفت بهمس : الحمد لله راح ..ونهضت
وخلعت عباءتها ورتبتها في الخزانة وتقدمت إلى حقيبتها وفتحتها وأفرغت محتوياتها ورتبتها في
الخزانة وكذلك أفرغت حقيبة طارق وأخرجت لها جلابية بيت قطنية بنصف كم وباللون الفوشي ورسوم
بيضاء ناعمة وجلست تنتظر خروج طارق من الحمام "كرمتم" ولم تنتظر طويلاً إذ خرج بعد دقائق
معدودة وهو يلبس روب الحمام فنهضت حال دخوله الغرفة وتقدمت إلى الباب كي تستحم هي الأخرى
ولكنه سمعته يحادثها فالتفتت له ..
طارق ببرود واستهزاء : اللي أعرفه أن الزوجة تجهز لزوجها ملابسه ولا يا ست أمل ما تعلمتي من
زواجك الأول هذا الشيء إذا ما كنتي تعرفينه فاتعلمي انك تجهزي ملابسي لما أكون في الحمام وكمان
ملابس الدوام كل يوم تكويها و تجهزيها فهمتي يا هانم ولا لا؟؟
تألمت أمل من نبرة السخرية في كلامه وزاد ألمها تذكيره لها بزواجها الأول الذي هو سبب كل جراحها
التالية فانتبهت لسؤاله مرة أخرى وهو يقول (فهمتــــــــــي) فردت بإشارة من رأسها وهمسه بأنها (
فهمــــــــــت) وسارت وخارج الغرفة ودخلت الحمام " كرمتم " و انسابت دموعها وكتمت شهقاتها حتى
لا تظهر فتُفضح .
***********
في المساء
صلت العشاء وجلست لتكمل أذكارها وبعد نصف ساعة دخل طارق الذي خرج من صلاة العصر ولم يرجع
ألقى التحية وتمدد على سريره وقال بعد مدة .
طارق بهدوء يسأل أمل : تبين نتعشى هنا ولا برا ؟؟
أمل بعد تردد وخوف قال بصوت قوي قليلاً حتى لا يظهر خوفها : براحتك بس برا أفضل .
طارق بهدوء : طيب قومي تجهزي .
نهضت أمل بسرعة وهي فرحة بالخروج وأخذت لها لباس وهمت بالخروج ولكنه سمعت طارق يقول
بسخرية : أوف كل هذي شفاحة على الطلعة لو كنت أدري كان مشيتك من أول ما جينا .
توقفت أمل واستدارت له ونظرت له بنظرة ملؤها الألم واستدارت وهي تقول بألم : لا موب فرحه
بالخرجة بس مليت من الجلسة في البيت وحدي وأكملت تحدث نفسها "وعلى الأقل استأنس بالناس
ويروح عني هالخوف شوي " .
****
دخلا إلى الكابينة المكشوفة من جهة البحر أما الجهات الأخرى مغلقة وكان المنظر رائع عندما انعكست
الأنوار على البحر والهواء بارد ومنعش كانت تستمتع بالهواء وتملأ رأتها منه وقطع تأملاتها
واستمتاعها صوت طارق فالتفتت له حتى تنتبه لما يقول .
طارق بهدوء : أمل تقدرين تخلعين النقاب وحجابك إذا تبين ما فيه أحد يشوفك من هنا .
خلعت أمل نقابها وأرخت حجابها ولم تنزله بل جعلته على رأسها و أخفضت رأسها تنظر للطاولة ولم
ترفع رأسها إلا عندما سمعت طارق يتحدث إليها .
طارق بتساؤل : أمل أنتي درستي لأي صف ؟
أمل بهدوء : كملت أولى ثانوي .
طارق بهدوء : أها ..وتساءل .. طيب ما تبين تكملين دراستك .
هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت : أنا كنت بكملها من قبل بس كل أوراقي واثباتاتي ما كانت معي شيء
منها وكمان ..قالت بغصة .. إبراهيم ما كان عندي أحد يمسكه لي .
طارق بهدوء : أممم الله يرحمه ..وأكمل بتساؤل .. طيب كيف كنتي بدراستك؟؟
أمل بحماس خفيف : الحمد لله كنت متفوقة ..وتساءلت هي الأخرى.. وأنت كيف كنت في دراستك ؟؟
طارق بهدوء : أنا أخذت المركز الثاني على المملكة .
أمل بحماس وقد حمسها موضوع الدراسة : ما شاء الله أنا كنت دايماً أقول لزميلاتي أنا أبي أكون الأولى
على المملكة لكن ..وقد عادت نبرة الحزن لصوتها .. ما كل ما يتمنى المرء يدركه .
طارق بتشجيع : من قالك إنك ما تقدرين لا تحطين هالشيء ببالك خلي حلمك يدعمك ويشحن طاقتك ولا
تخلين اليأس يسيطر عليك سجلي في المدرسة واجتهدي راح تنجحين وتحققين حلمك ..وسألها بحماس..
إيش كان حلمك لما كنتي صغيرة ؟؟
أمل بحالميه وبراءة : دايما لما كنا صغار كنت أقول أبي أكون دكتورة عيون لأن ولد جيراننا ..وأكملت
بحزن .. كانت عيونه حمراء دايما وبعدين صارت كل فتره يقول أنه بدا ينزل نظره لما جاء يوم ومعه
أخوه الكبير ووقف عندي وكنت أشوفه حزين مره قال لي أمل أنا ما صرت أشوف خلاص أنا ما أقدر
أشوفك وابتسم بحزن وقال لكني الحمد لله شفتك من يوم كان عمرك يوم ولعبتك بيديني لين كبرتي ادعي
لي أمول أنه يرجع بصري , ذاك اليوم بكيت وقلت له لا أنت تشوفني صح فهد ومسكت يدينه وقلت نزل
عينك وطالع فيني لأنه كان طويل وأنا كنت صغيره وجلس عندي وقال أنا أطالع فيك لكن ما أشوف شيء
أدعيلي أمل أدعي أنتي صغير دعوتك مثل دعاء الملائكة لحظتها ما فهمت كل كلامه لكن إللي فهمته إني
أدعي له ورفعت يديني وقلت "يارب خلي فهد يشوف مره ثانية عشان يلعبني" وضحك على دعوتي
وراح بعد ما قالي شطوره أمولتي كل يوم إدعيلي كثير خلاص ..ونزلت دموع أمل لهذه الذكرى فهي لم
تنسى فهد الذي طالما كان لها الأخ والأب وكان أحن شخص عليها .. وناديت عليه بصوت عالي إذا كبرت
بصير دكتورة وأعالجك عشان تشوف ابتسم لي وراح ..رفعت أمل بعد أن مسحت عينيها وقالت بهدوء ..
ومن ذاك اليوم وهذا حلمي حتى لما راح إللي عشانه .
طارق بنظره غريبة ونبرة غامضة تساءل : وين راح ؟؟ يعني تعالج ؟؟
أمل بحزن : لا مــــات في نفس اليوم بحادث سيارة هو وأبوه كان راح يوديه المستشفى ومات وهو ما
يشوف .
طارق بذات الغموض والنظرات سألها : كم كان عمره يوم مات ؟؟
أمل بحزن دون أن تنتبه لنظراته : يمكن كان تسع طعش أو عشرين وأنا كنت تقريباً ثمان سنوات.
طارق بهدوء : الله يرحمه والله يهنيه الرسول يقول "من فقد حبيبتاه فله الجنة " أو كما قال .
أمل : عليه الصلاة والسلام .
ران الصمت للحظات وقطعه طارق وهو يسأل
طارق بصراحة : أمل بسألك وبصراحة أبيك تجاوبيني ..هزت رأسها وهي خائفة من السؤال الذي
سيطرحه وأكمل طارق بتساؤل .. ليش إنتي إنسانه كئيبة كل شوي تبكين وعلى أي شيء دموعك تنزل ؟؟
تنهدت أمل بحزن وردت باقتضاب : من اللي شفته في الدنيا .
طارق بتساؤل : وش شفتي ؟؟
وقطع حديثهما الطرق على الكبينة ينبه بصول العشاء فحمدت أمل ربها في سرها أنه قطع الحديث الذي
كان سيرهقها إجابته ودعت للنادل بكل خير .
************
فتحت عينيها ونظرت للسقف للحظات وتذكرت الرعب الذي عاشته في الليلة الماضية وأدارت رأسها
للسرير المجاور ورأت جسد طارق الطويل والممشوق ممتداً على طول السرير وهو نائم بعمق وعادت بها
أفكارها لما حدث فعندما عادا من المطعم عند ما يقارب الساعة الواحدة فجراً بعد أن تمشيا على البحر
قليلاً وتكلما في مواضيع كثيرة ثم عرج بها على إحدى محلات المثلجات واستمتعا بطعمها ثم استقلا
السيارة للعودة وفي هذه اللحظة بدأ الخوف يتصاعد في قلبها عندما تذكرت الجناح الذي يقطنا به , دلفا
إلى الجناح وفور دخولهما خلع طارق قميصه وبقي بالبنطلون الجينز الذي يرتديه والتقط بجاما من
الخزانة ودخل الحمام "كرمتم" أما أمل فأحست بالخجل واحمر وجهها فأخفضت عينيها وجلست على
سريرها حتى يخرج كي تستطيع التحرك وعندما غاب عنها خلعت عباءتها واسترخت قليلاً تنتظر خروجه
وعندما خرج دخلت هي على إثره ثم خرجت وهي ترتدي بجاما طويلة الأكمام وواسعة وترتدي فوقها
روب طويل لفته جيداً على خصرها النحيل دلفت للغرفة ووجدت طارق مستلقي على سريره ويشاهد
التلفاز تحركت ببطء وخوف ودوار يلف رأسها بعنف ولكنها تمالك نفسها حتى جلست على سريرها
واخفضت بصرها وهي تشد على يديها حتى لا تظهر رجفتها وجلست على ذلك مده وحتى أحست بنعاس
شديد ولكن لا لن لم تنام فهي خــــــــــائفة من كل شيء خائفة من الرجل الذي يشاركها الغرفة وخائفة من
الماضي والحاضر وكـــــل شـــيء ولم تنتبه أنها ترتجف وقد ظهر عليها وقطع أفكارها صوت طارق
يقول بسخرية لاذعة : خير مدام أمل إيش فيك ترتجفين تــــــــطمني تر أن بشر موب وحش قدامك .
أمل باستنكار كاذب وقد ظهرت الرجفة في صوتها وكلامها : أأ ..أنا موب خــ .. ــايفه بس بر ..بردانه .
ضحك طارق بقوة وبسخرية ورد ببرود : مررره واضح أنك موب خايفه حتى كلامك يرتجف مثلك بعدين
وين البرد والغرفة دافية وبرودتها معتدلة ..وأكمل بسخرية .. وأضن مع لبسك هذا ..وأشار إلى لباسها
بسببابته بسخريه واحتقار وأكمل .. ما أضن راح تحسين بالبرد ..ونهض وأكمل ببروده المعتاد.. وعشان
أريحك من البرد ..أمسك بالريموت كنترول وأغلق المكيف وعاد ليتمدد على سريره وهو يكمل .. وهذا
المكيف وطفيناه عسى تخف الرجفه اللي فيك ..واستدار موليها ظهره وتغطى بلحافه وهو يقول بهدوء ..
تصبحين على خير .
أحست أمل بالذل والقهر للطريقة التي يعاملها بها وكأنها ارتكبت في حقه جرماً وتساقطت دموعها بهدوء
على خديها النديين فمسحتها وما لبثت أن عادت من جديد حتى انهمرت متتالية وهي تكتم صوت شهقاتها
فهي في هذه اللحظة لم يكن الخوف هو من سيطر عليها بل الذل والقهر والوحدة والألم , تمددت على
سريرها ودفنت وجهها في وسادتها علها تؤنس وحدة دموعها وتشاركها في موكب أحزانها , ظلت طول
الليل لم تنم حتى بعد أن نام طارق وهي التي خططت بأن تنام بعد أن ينام ولكن هيهات وقلبها قد لعب
بمهارة في ساحة صدرها وقد سدد الخوف أهدافه في شباك حياتها , سمعت أذان الفجر ونهضت لتتوضأ
قبل أن يستيقظ طارق وعندما دخلت الغرفة وجدته نائماً ولكن لن تدع الصلاة تفوته وستلقي الخوف بعيداً
عنها فهذه الصـــــــلاة وليس غيرها ..
الله أكـــــــــــــــبر الله أكـــــــــــــــبر
انتبهت من سيل أفكارها على صوت أذان الظهر أخذت تردد معه وما إن أكملت الأذكار حتى تقدمت من
النائم على السرير الآخر وقالت بصوت واثق ومسموع : طــــــــــارق قوم أذن الظهر .
************
بعد أربعة أيام ...
أمل "فالأيام الماضية بديت أتأقلم على حياتي مع طارق وما صرت أخاف كثير وصرنا نسولف ونخرج
بس موب كل الأيام يعني مرات يخرجني ومرات يطنش ويخرج وحده وما أشوفه إلا آخر الليل لكن حسيت
حياتي هادية شوي بس لما يجي الليل أخاف ولا أنام لا لما أتأكد أنه نام , أكثر من مره سأل الرسبشن عن
جناح بغرفتين وما حصل واستسلم وما عاد سأل الحين هو نايم ..تطلعت لساعة معصمها.. صارت
الساعة وحده ونص أبي أنام بكره ورانا سوق لأن بعد بكره و إللي يكون الخميس راح نسافر للسعودية
يالبا ترابها واحشتني موووووت هي وأهلها والله يعيننا على السفر وتعبه , بس حاجه تلعب فقلبي اليوم
طارق موب عوايده يطالعني كثير ومرات أحسه مرتبك بس أووف والله خايفه الله يستر إيش فبالك يا طارق لازم الحين أنام تأخر الوقت ..وأغمضت عينيها لتنام.."
****
في عصر اليوم التالي ...
صليا العصر ولبسا ثم خرجا متوجهان للسوق لشراء الهدايا , استقلا سيارة الليموزين التي تعاقدا معها انطلقت بهما السيارة في الشوارع الرائعة والمزدحمة حتى وصلا للمكان المتفق عليه ترجلا من السيارة ودلفا إلى المركز التجاري والذي من نظرة واحدة يعلم المرء مدى كبره وفخامته وكثرت مرتاديه , تجولا قليلا بصمت وكانت أمل مأخوذة بجمال التصاميم وألوان اللافتات والألبسة ولكن رأت هناك شيء ضايقها وبشدة حتى تمنت أنها لم تأتي فقد شاهدت النساء نصف عاريات والرجال بأشكال مقززة بسبب حلقات الأذن و الشعر المنكوش وغيرها من المظالهر ولكنها غضت الطرف وسارت مع طارق وسرحت بأفكارها ثم انتبهت له يجر يدها لتسير معه جرت يدها من يده بعنف وجحظت عيناها بخوف من خلال فتحتي النقاب وابتعدت خطوتان وكل ذلك حصل أمام استغراب ودهشه واستنكار من طارق وقال بنبرة خشنة ومؤنبة : خير وش هالخوف ترا بس بنبهك لأنك بعدتي عني ..وقال بأمر وبصوت خشششن..يلااااا أمشي ..وسار دون الإلتفات لها ودخل أول محل أمامه أما أمل فتبعته بصمت وما زال قلبها ينبض بخوف وأثر نظراته النارية لم تزول رفعت رأسها ونظرت إليه وهو يسير بشموخ وهيبة تلفت نظر كل من يسير حوله دلف إلى المحل و دلفت خلفه وراته يتجه إلى قسم الألبسة فسارت خلفه كذلك وتوقف أمام فستان ناعم باللون السكري بتشجرات عنابية اللون التفت لها وسالها ببرود : كم مقاسك ؟
أمل باستغراب وتردد : لـ .. ليش ؟
طارق بسخرية : ليش يعني أبي مقاسك ؟ ..و أكمل بجدية وحده .. قولي بسرعة عشان نشتري لك ونشتري للباقين .
أمل بعناد و رفض : بس أنا ما أبي شيء بس نبي نشتري لأهلك .
طارق بغضب مكتوم وبصوت منخفض ومخيف أفزع أمل : أمل قولي مقاسك وﻻ تري ما يحصلك خير .
خافت أمل من نبرة صوته وارتجفت من الخوف ولكن روح العناد ما زالت فيها فقالت بصوت منخفض خائف : بس أنا ما ابي شيء عندي اللي يكفيني وما هو غصب اني اشتري .
غضب طارق من عنادها وأمسك بمعصمها بقوة آلمتها وظهر الألم في عينيها وقال من بين أسنانه ليكتم صرخة غضب تكاد تفلت منه : أمل اتقي شري أحسن لك وقولي مقاسك كم ..ونظر لها بنظرة أوقفت جميع شعيرات جسمها من الرعب ..
فقالت بصوت مرعوب وهي تحاول تحرير يدها : مقاسي s ..واخفضت رأسها بعد أن حرر طارق يديها بطريقة توضح مدى اشمئزازه منها والتفت لياخذ مقاسها من الفستان وأكمل سيره يختار الألبسة المناسبة لها ولأخواته وأمه دون أن يعطي أمل أي اعتبار..
تجولا في السوق وأختار طارق الهدايا ولكنه كان يسأل أمل من فترة لأخرى عن رأيها فغالباً تجيبه بلا اعلم أو حلوه أو غيرها ولكن لم يتحدثا جملة كاملة مع بعضهما حتى أتى وقت صلاة المغرب صليا في المسجد التابع للمركز التجاري ثم أكملا تسوقهما حتى توقفا عند محل صغير للتذكارات أعجبت أمل بشدة بالمحل فقالت بحماس مخفي قليلاً : الله تهبل أشيائهم ..وتلفتت بانبهار في المحل ولكن لفت نظرها طقم من الميداليات للمفاتيح والجوال بألوان رائعة فقالت لطارق .. طارق أبي من هذي .
التفت لها طارق ونظر لها بنظره مبهمه وسألها بهدوء : أي لون .
أمل بخجل : وحده فيروزي ووحده وردي ووحده تفاحي ..نظر لها باستفهام ففهمت استغرابه العدد وردت بخجل .. وحده لي وثنتين للبنات شادن وشهد .
هز طارق رأسه بتفهم وطلب من صاحب المحل أن يخرحها بالإضافة إلى بضعة أشياء اختارها وحاسب الكاشير وسار وسارت امل بمحاذاته وقد عاد الصمت يطبق عليهما حتى خرجا واستقلا سيارة الليموزين وذهبا إلى الفندق وما إن دخلا وعبرا اللوبي حتى سمعا صوت منادي يقول (mr.tareq) التفت الإثنان للمنادي ولما رأيا أنه موظف الفندق التفت طارق إلى أمل وقال لها ببرود وهو يمد لها ببطاقة فتح الباب : خذي و روحي السويت وأنا راح أجي بالأشياء .
هزت أمل راسها بإيجاب وأمسكت بالبطاقة وسارت وهي خائفة من الرجال حوليها سمت بالله وركبت المصعد الخالي وضغطت زر الطابق الذي يقيمان فيه وارتفع بها ولكن بعد لحظات توقف ونظرت لرقم الطابق فوجدته ليس الطابق المطلوب وفتح الباب ودخل منه شاب خليجي ربما في منتصف العشرين خافت أمل منه وارتجفت وقالت بصوت قوي : لو سمحت اخرج أنا وحدي .
فقال الشاب بوقاحة : وهذا عز الطلب ..وأخذ ينظر لها بنظرات خبيثة وحاولت أمل الفرار ولكن المصعد أغلق بابه وتحرك لأعلى وقد ضغط الشاب رقم أعلى طابق للفندق فأصبحت أمل ترتجف مثل ورقة في مهب الريح وكادت تصرخ ولكن تقدمت من الأزرار وهي تضغطها بجنون وتطرق الباب بقوة وقد أغرقت دموعها نقابها وناجت بارئها بهمس وهي تقول "يارب اكفينيه بما شئت يارب رد كيده في نحره يارب اصرفه عني" واستمرت تناجي وتبكي تارة وتصرخ وتنادي طارق تارة أخرى .. تقدم الشاب منها وأمسك بيديها وأبعدها عن الباب وقد رسمت على ثغره ابتسامة شيطانية وهو يقول بمكر : لو تدقين من اليوم لبكره محد سامعك ..وأطلق ضحكة شيطانية..ههههههههههههاااااااي
رجف قلب أمل بشدة من الخوف والفزع وجرت يديها بعنف من يديه قالت بإيمان وإخلاص : يمكن ما يسمعوني البشر لكن ..قالت بقوة.. ربيييي يسمعني وما يخيبني .
اهتز الشاب للحظة من كلماتها ولكنه كابر وتقدم منها وهي تبتعد وهو يقترب وهي تبتعد حتى التصق ظهرها بباب المصعد وهو يقترب ولكنها غافلته وضغطت زر طابقهم وتحرك المصعد لأسفل , انتبه الشاب لتحرك المصعد لأسفل فصرخ بأمل : يا كـ.... وهجم عليها وحاول اقتلاع نقابها فصرخت بذعر وهو يجر وهي ممسكه به بقوة حتى تغلب عليها في اللحظة التي توقف المصعد وفتح الباب وكادت تسقط ولكن اصطدم جسدها بشيء صلب التفتت مذعورة وقد رسمت الدموع مسارات على وجهها فرأت طارق فصرخت : طاااارق وغطت وجهها في صدره وانفجرت تبكي فأحست به يمسكها من عضدها بقوة ويجرها عنه بعنف ويضربها كــــف دوى صوته في المكان تلته وابل من كلمات بثقل الرصاص على مسمعها وقلبها .
طارق بغضب : يا حقيره وين كنتي لي ربع ساعه أدورك وآخرتها رايحه مع واحد اكيد اتفقتي معاه تقابلينه فالفندق صدق تربية شوارع ..وصرخ .. انقلعي للجناح ولي معك تصرف ثاني ..ودفعها بعنف نحو باب الجناح فدخلته وهي مذعورة وترتجف من الخوف وقبل أن تغلق الباب سمعت زوجها يضرب الشاب بعنف وهو يردد(اكيد متفق معاها عشان تقابلها فالأصنصير قول ايش سويتوا اعترف ولا ترا ما يحصلك خير ) والشاب يرد عليه وهو يلهث من التعب ( ماأمداني أسوي لها شيء...) فيقطع الآخر كلامه بذات الغضب الهادر (ويعني انتظرك لين تسوي شيء لزوجتي) وأغلقت الباب عند هذا الحد وهي خائفة بل مرعوبة من عقاب طارق لها دخلت الغزفة وهي تنشج من شدة بكاها وألقت بعبائتها على سريرها ودخلت للحمام (كرمتم) لتتوضأ فليس لديها أمان سوى عند باريها .
*****
فتحت قفل الباب وخرجت بعد أ غلقت الباب ولم ترفع بصرها إلا عندما اصتدمت مره أخرى بشيء صلب رفعت رأسها له فلم ترى نفس النظرة التي وجدتها عندما خرجت من المصعد ﻻ نظره تكاد تحرقها من التهابها وتكاد شراراتها تصيبها ابتعدت عنه برعب ولكنها لم تستطع الابتعاد كثيراً فقد كانت يده ممسكة بيدها بقوه تكاد أصابعها تتفتت منها ولكـــــن زاد رعبها أضعافاً عندما تكلم بغضب ولكن بصوت بارد جليدي يناقض الحمم التي تطلقها عينيه .
طارق: أنا على بالي أنك عفيفه وطاهره لكن لا طلعتي حقـ.... و فــ... يعني سعود لما اتهمك وتبرا من ولدك موب من فراغ أكيد شاف اللي أنا شفته اليوم , يلا قولي ايش صار بينك وبينه ومتى اتفقتي معه ؟
هزت أمل رأسها بنفي وقد تساقطت دموعها بغزاره من قوة الإتهامات الموجهة لها وقالت بصوت يرتجف : لا ما أعرفه ..فتوقفت مرعوبة من صرخـت طارق وهو يقول (كــــــذااااابه) ولكن أمل أكمل بصوت مخنوق من البكاء .. والله ما أكذب هو دخل الأصنصير ..فتوقفت عن الكلام وشهقت بقوة عندما أمسك طارق بشعرها بشده وجرها لسريرها ورماها عليه بعنف وهو ينظر لها بنظرات حارقه ومكذبه لها ولكن أمل أكملت تدافع عن نفسها وبين شهقاتها .. والله . مـ..ما.. اعرفه رفض يـ.. يخرج لما قـ..ـلـت له ..فغرقت في بحر من دموعها ..
طارق بغموض : كان بإمكانك تخرجين لما دخل .
أمل تبكي وتمسح دموعها ولكنها تعود فردت عليه بصوت جرحه البكاء : كنت راح أخرج لكن ما لحقت الباب تقفل..نظرت له بأمل أن يصدقها ولكن لم تجد في عينيه سوى التكذيب المؤذي والشك القاتل فأكملت تحلف وهي ترفع سبابتها كالأطفال .. والله والله ما أكذب.
طارق ببرود حارق : قالو للحرامي أكذب قال جانا الفرج , قولي خير لك إيش صار بينكم وﻻ ما يصير لك خير ..هزت أمل رأسها بنفي وظهرت الصدمة على وجهها بأنه لم يصدقها , تقدم منها خطوه وقال بتهديد خطير .. قولي وﻻ....
أمل بصرخه مدويه : ﻻااااااااا .
*****
سعوووود لا بعد حرام عليك إبراهيم حبيبي تعال ﻻ ترووووووح ﻻاااا سعود اتركني اتركني إبرااااهييييييم ﻻاااااا تخليه يروح السيارة بتصدمه سعووووود ابعد ابعععععد ...
: أمل أمل قومي أنتي تحلمين قومي .
نهضت مفزوعة من نومها وقد اختلطت دموعها بقطرات العرق الذي أندى جبينها نظرت لطارق الواقف أمامها والذي يظهر عليه القلق تحركت بسرعة باتجاه زاوية السرير بطريقة بينت مدى رعبها من الواقف أمامها وقالت بخوف : إيش تبي موب كافي اللي سويته .
طارق بندم أخفاه بالبرود : طيب خلاص ما صار شيء وبعدين أنا كنت معصب ..وتحولت نبرته لغضب عارم.. إيش بالله تبيني أسوي وأنا أشوفك خارجه من الأصنصير ومعك رجال غريب والأدهى والأمر أنك كاشفه وجهك إيش أسوي لك أصفق بيديني و أقول ما شاء الله زوجتي عفيفه وطاهره ما تسوي شيء غلط ..تقدم خطوه وقال بخشونه.. ﻻاااا ما نيب رجال إذا سويت كذا أبد .
انكمشت أمل بخوف وتساقطت دموعها من الرعب وضمت رجليها إلى صدرها وهزت رأسها بنفي وهي تقول بصوت مبحوح : و الرجال يتقوى على مره ضعيفه موب رجال ..ولم تشعر إلا رأسها يشد ﻷعلى من شعرها وارتفع صوت كـــف كسر هدوء الليل وابتعد طارق وتمدد على سريره كأنه لم يفعل شيء أما أمل فصوت الكف وألمه أهال عليها كل ما حدث قبل سويعات ..
***
تقدم طارق إليها حيث ألقى بها على السرير ابتعدت إلى الخلف واستمر بالتقدم حتى أصبح مواجهاً لها أغمضت عينيها برعب ولوحت بيديها بأن يبتعد فلم يفعل اقتربت يده منها وأمسك يديها بيد واحده فصرخت مرعوبه : لاااااا بعد ولكنه لم يلقي لها بالاً ففتحت عينيها فتمثل لها سعود وهو سكران في تلك الليلة فجرت يديها بعنف وصرخت : لااااااااا سعووووووود أبععععد ..و غشاها السوااااد ..


****
تجولت في ثنايا أسطورتي

ماضيها

وحاضرها

فلم أجد سوى سطور وكلمات خطها الألم

فواصلت بحثي علي أجل كلمه

أو حرف

أو قطرة حبر

على سطور الأمل

فلم أجد سوى

نقطه

فتسائلت

ما السبب ؟

أين صفحات الأمل التي سطرتها أحرف أسطورتي ؟

فتذكرت ماجرى فيها

وما كتب على صفحاتها

فقد كان الأمل يكتب سطوراً

فيأتي الألم ليمحوها

ويتفنن هو بملأ سطورها

فتصبح سطور الأمل فارغة

ويعود ليكتب من جديد

فيمحوها الألم

وذات يوم

كُتبت((نقطه على سطور الأمل))

تتمنى أن تبقى ثابته

فهل ستبقى

أم سيمحوها الألم


******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الخامس عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:13 AM


&< ~^(( الجزء السادس عشر))^~>&

~[( سأهزمك أيها الألم )]~


نظرت أمل للساعة المعلقة على الحائط فوجدتها تقارب الحادية عشر والنصف تذكرت أنها لم تصلي العشاء بسبب المعمعة التي

جرت وكذلك غيابها عن الوعي التفتت لطارق الذي كان مستلقياً و موجهاً لها بظهره نبض قلبها بخوف مماجرى , استعاذت

بالله ونهضت وهي تنظر لمحه للطريق أمامها وأخرى على طارق وهي تسير بحذر تخاف أن ينتبه لها فيعاد لها ما حصل،

وعندما وصلت للباب خرجت بذات الهدوء وأغلقت الباب ثم تنفست الصعداء ولم تنتبه لزوج العيون المراقب لكل تحركاتها ،

توضأت ودخلت الغرفة بذات الخفه وفرشت سجادتها وكبرت .
****
في اليوم التالي ...
لم ترى أمل طارق منذ خروجه لصلاة الفجر أما هي لم تذق النوم طول الليل إلا غفوات هاجمتها فيها الكوابيس وبعدها بقيت

سهرانه حتى الفجر وعندما خرج طارق انتظرت حتى يعود لتنام بعده ولكن مضت ساعة و ساعتان وثلاث فلم يعد ونامت بلا

إرادة .
فتحت عينيها على صوت يناديها والتفتت فرأت طارق فجلست بسرعة وانكمشت على نفسها ، حدجها طارق بنظرة ريبه وشك

وقال لها بنبره غامضة : قومي صلي الظهر وحضري الغدا وجهزي الشناط عشان أشحنها الليلة طيارتنا الساعة ثنتين فجر .
هزت أمل رأسها بإيجاب ونهضت بسرعة مبتعده عن طارق وقد عاودتها نوبة الترجيع و الدوار عندما نظرت لطارق وتذكرت

حدث البارحة ، سارت بسرعة باتجاه الباب ولكن عندما وصلت له لم تستطع التماسك وسقطت على الارض من قوة الدوار ،

أحست بيد أمسكت عضديها ورفعت رأسها ونظرت بعينيها الدامعتين لطارق الذي ظهر عليه القلق وهو يقول : أمل إيش فيك

قومي قومي..وحاول رفعها فأبعدت أمل يديه عنها بعنف وصرخت به (ﻻااا تقررررب) فابتعد طارق ونظر لها بغرابه وغضب

ارتسم على ملامحة وقال لها بغضب وخشونة.. الظاهر إني دلعتك بزيادة قومي جهزي الغدا ..وابتعد عنها وهو يقول.. دلع

بنات .
أما أمل فجاهدت نفسها وتساندت على الباب وسارت وهي ترتجف وتمسح دموعها حتى دخلت الحمام (كُرمتم) وأغلقت الباب

.
****
فتحت باب السياره واستعدت للنزول فستوقفها طارق وقال بجدية : ما أبي أهلي يحسون بأي شيء بيننا وتصرفي معي عندهم

بدون هالخوف اللي ماله داعي وإذا دخلنا الجناح سوي إللي تبين بس أهم شيء أهلي ..ونظر لها نظره تحذير ..
هزت أمل رأسها وهمست : إن شاء الله ..وخرجت فتبعها طارق ودخلا للفيلا مبتسمين لإتقان الخطة ..
****
قبل دقائق في الفيلا...
شادن بضجر : أووووف ملل متى تجي أمل والله مليت .
أم طارق : أقول شادن ما ودك تسكتين لك أسبوع وانتي ما غير تمللت طفشت سوي شيء مفيد زوري أحد سوي أي شىء.
شادن بملل : ما لي نفس أسوي شيء وبعدين احس البيت فااااااضي ..نظرت لها أمها بتأنيب وغضب فضحك شادن ..

هههههه ﻻ ما أقصدكم بس كذا أحس البيت من دون أمل وطارق ممل بصراحه مشتاااااااقه لهم .
: أوووف ما دريت إنك راح تشتاقي لي هالكثر كان كل مره سافرت .
شادن بصرخة فرح : أمــــــل طاااااارق وااااو أخيراً جيتو ..وقفزت لتحضن أمل بقوه وهي تضحك وتصرخ بمرح ظاهر وأضحك

الجميع عليها ..
أمل وهي تضحك على شادن التي مازالت تحتضنها بشدة وقالت بصوت مخنوق من الضحك : حتى أنتي وحشتيني ..وهمست

بخفوت لها .. شوفي طارق يطالعنا كيف شكله غار عشانك سلمتي علي وتركتيه .
نظرت شادن لطارق و ضحكت بقوه وهي تفك من أحتضان أمل وتتجه له فاسرع طارق يقول بغيره مصطنعه : ﻻ والله الحين

تذكرتي أن لك أخ تسلمين عليه وﻻ لما شفتي أمل نسيتيني والمشكلة تقول ..وقلد كلامها وطريقتها في التحدث .. البيت من دون

أمل وطارق ممل بصراحه مشتاااااااقه لهم ..ثم ضحك عندما وقفت أمامه وقبلته وسلمت على رأسه وضحكت معه وجلست

بالقرب منه وهي تسأله عن أحواله وما لبثت أن التفتت ﻷمل التي كانت تتحدث مع أم طارق بعد سلام حار من الطرفين فسألت

شادن أمل بحماس .. أمول أعجبتك ماليزيا .
أمل بهدوء وابتسامة رقيقة على فمها : حلووه مررره وجوها خيال .
شادن بذات الحماس : فين رحتي وإيش سويتوا يلا حكيني .
أم طارق قاطعت شادن بتأنيب : شادن البنت توها واصله من السفر لما ترتاح تحكي لك كل شيء ..والتفتت لطارق تحدثه..
طارق يمه خذ زوجتك واطلعوا ارتاحوا .
طارق باعتراض : ﻻ بنتظر أبوي أسلم عليه .
أم طارق : ﻻ روح ارتاح الحين ونام شوي أبوك مطول شوي وما خرج إلا قبل ساعة روح ياولدي وإذا جا قلت لك .
استجاب طارق لأمه وحدث أمل دون أن ينظر لها : أمل يلا نصعد نرتاح .
أمل بهزه من رأسها وافقته ونهضت وهي تقول بهمس للجالسات : مع السلامه .
وسارت خلف طارق للجناح وقد بدأ الخوف يتسلل ببطء لقلبها حنى يسرق منها الأمان والراحة وصلا للجناح بصمت ودخل كل

منهما غرفته وأغلقا الأبواب وأحست حينها بالأمان والراااااحة .
*****
بعد اسبوعين
مر الإسبوعين بسرعة ولم يحدث أي تطور في علاقة أمل بطارق سوى أنها من موقفهما في ماليزيا زاد خوف أمل منه وتحاول

تجنبه وتتجنب الجلوس معه في مكان واحد وكثرت الكوابيس التي تهاجمها ليلاً والصداع كان يلازمها أغلب يومها .
بعد أيام سيهل رمضان وكان المنزل في حالة حركة دائمة للاستعداد لهذا الشهر الكريم وقد ذهبت أمل مع شادن وأم طارق

للتبضع وشراء مستلزمات رمضان وقد سعدت أمل بشدة بهذه الخطوة التي لم تجربها قبلاً وبعدها استعدت لتجهز ركن من

غرفتها خصيصاً للصلاة وبدت في غاية السعادة ولكن هناك ما يكدر صفو حياتها فهي تعيش في رعب مستمر بالقرب من طارق

ولم تخبر أحد عن مخاوفها وهذا ما زاد الألم عليها وهناك أمر آخر وهو أنها تحاول أن لا تشعر طارق بخوفها منه ونفورها

فهي ترى أنه في حالة مزاجية متكدرة وﻻ تعلم السبب ولذلك فهي تحاول أن تلبي له كل ما يريد من ترتيب للمنزل بالإضافة

لتجهيز وكي ملابس الدوام ورغم ذلك تشعر أنه غير راضي فاحتارت كيف لها أن ترضيه وقد شعرت بالحزن لمجرد تخيل

أنها السبب في حزنه بالمقابل هو قدم لها كل ما تريد بعد حياة الحرمان التي عاشتها .
***
بعد أيام ..
كان الجميع يجلس في غرفة المعيشة المخصصة للتلفاز وكانوا يتابعون المذيع الذي يتحدث عن تحري الهلال وبعد حديث قصير

أعلن المذيع قائلاً (
" بيان من الديوان الملكي "
جاءنا من المحكمة العليا ما يلي :
عقدت المحكمة العليا بمقرها الصيفي بمحافظة الطائف جلسة مساء هذا اليوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر شعبان لعام

.... للنظر فيما يردها من المحاكم وغيرها عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك عام .... هذه الليلة وبعد اطلاعها على ما ورد

إليها بهذا الخصوص بناءً على كتابتها وإعلانها للجميع في كافة وسائل الإعلام الرسمية أصدرت ما يلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فبدراسة وتأمل ما ورد إلى المحكمة العليا بشأن رؤية هلال شهر رمضان

المبارك لهذا العام فقد ثبت لدى المحكمة العليا رؤية هلال شهر رمضان لعام .... هذه الليلة وعليه تقرر أن يوم غد الأربعاء

1 / 9 ) ولم يسمع بعد ذلك صوت المذيع بسبب صرخة فرح من شادن التي قفزت وهي تقول (يااااااي بكره رمضان ) وتقفز من

فرحتها وتبعاها شذى و إياد اللذان ملئا المنزل بالصرخ والضحك وانتقلت العدوى للكبار فملأ الضحك والفرحة المكان بقدوم هذا

الضيف الكريم وبعد دقائق عم الهدوء المكان وتبادل الجميع التهاني بهذه المناسبة واقتربت صلاة العشاء ثم تفرقوا لصلاة

العشاء والتراويح .
ذهبت أمل للجناح وحضرت لبس لطارق حتى يذهب به للصلاة وبخرتة وأضافت عليه العطر مع لمسة من العود المعتق وجهزت

حذائه وجوزان من الجوارب السوداء و خرجت بسرعة حتى لا تجتمع معه بغرفة واحدة ولكنها لم تكن حذرة بما فيه الكفايه

فعند خروجها من الغرفة اصتدمت به فأغمضت عينيها وأرتدت بسرعة ولكنه أحكم القبض على يدها حاولت فك أسر يدها من

يده ولم تفلح فقالت برجفة وهي مازالت مغمضت العينين حتى ﻻ يرى الخوف الذي سكن عينيها وقد ظهرت الرجفة جلياً

على صوتها : فــ..ــك يــ..ـدي بــ..ـر..ـوح .
سمعته يقول بنبره غريبة بالإضافة إلى السخرية الواضحة في صوته : تؤ تو تؤ قبل ما تقولي لي إيش تسوين فغرفتي ..صمت

لحظة وأكمل بتساؤل ساخر .. ليش مغمضه عيونك خايفه العوو ياكلك ..وأطلق سراح يدها وأكمل بصوت يظهر فيه التسلية..

فكيت يدك يلا فتحي عينك .
فتحت أمل عينيها بحذر وصرخت ثم ارتدت للخلف عدة خطوات :آآآآآآ
فقد خافت وأصبحت ترتجف بوضوح وتشعر أن قدميها لم تعد تستطيع تحملانها ولكنها تماسكت وذلك لأنها عندما فتحت

عينيها كان وجه طارق مواجهاً لوجهها ولم تكن تفصل بينهما سوى بضعة سنتيمترات فزعت منه وقالت بصوت مرتعب و قد

خنقته العبره لطارق الذي غارق بالضحك من ردت فعلها : حرااام عليك خوفتني مووووت ..ونزلت دموعا ولم تعد تقوى على

الوقوف فتهاوت جالسة على الأرض..
انتبه لها وقال لها بأسف : ما دريت أن راح تخافين لها الحد ..وتقدم ماداً يده ليساعدها على النهوض ولكنها تجاهلت يده

ونهضت وارتدت للخلف وهي تقول بهمس خائف : بعد بروح .
طارق بغضب من تجاهلها ولكنه كبته وتكلم بين أسنانه : مو قبل ما تقولين إيش عندك بغرفتي ؟
أمل بتوتر وأجابته وهي تستعد للخروج : عشان أجهز لك ملابسك .
طارق باستفزاز : ومين قال إني أبيك تلمسين أغراضي أو تقربين منها .
رفعت أمل رأسها بقهر وغبن منه وحدثت نفسها "هذي جزات إللي يهتم فيك مالت علي وأنا إللي كنت حانه عليه وعلى بالي

مهموم" ولكنها لم تجرؤ على النظر لعينينه وتكلمت بهدوء : بدل ما تشكرني لأني جهزتها تهزئني يعني هذا جزات

المعروف .
نظر لها للحظة وهي لم تنظر جهته ولم تقع عينيها بعينيه فتقدم من الثوب الأسود المعلق على المشجب وغترة بيضاء معلقة

بجانبه وفي الأسفل جزمة بيضاء (كُرمتم) ويفوح من الثوب رائحة رائعة تقدم من الثوب ودس أنفه فيه تطلعت فيه أمل بغرابه

وبعد لحظات رفع وجهه ونظر لها بغضب رسم على وجهه ونظرات نارية في عينيه وقال بغموض و استهزاء :مشكورة ياست

أمل وما تقصرين وممكن الحين تخرجين عشان أبدل .
خرجت أمل من غرفة طارق وتوجهت لغرفتها وهي تحدث نفسها "إيش إللي قلب مزاجه كذا فجأه بعد ما كان يضحك غريب

بس وووه حركته مررره خوفتني الله ياخذ إبليسه أحس قلبي راح ينخلع من الخوف "وضغطت على قلبها الذي مازال ينبض

بسرعة مما حدث لها رغم ابتعادها عن الخطر ألقت بأفكارها جانباً وأخذت لباس خفيف عباره عن جلابية خفيفة باللون

الأورنجي طويلة الأكمام بتفرعات هندية بنية اللون ودخلت لتستحم وتتأهب لصلاة العشاء والتراويح .
****
تجمعت الأسرة بعد ذلك للعشاء المتأخر حتى يكون بمثابة السحور ليناموا استعداداً للغد .
دخلت أمل للجناح ورتبتة قليلا وفتحت التلفاز لتنتظر طارق لتخبره أنها ستسهر عند شادن ولكن طارق تأخر نصف ساعة ملت

من الجلوس فنهضت متجهة لغرفتها لتبدل حتى تذهب لشادن ولكن توقفت عندما دخل طارق وكان متجه نحو غرفته بعد أن

ألقى التحية ردت عليه أمل بهدوء وترددت للحظة في أن تناديه لتستأذن منه ولكن شجعت نفسها ونادته : طارق لو سمحت .
استدار لها طارق متسائلاً ومستغرب فقال : نعم .
توترت أمل وأخفضت بصرها وقالت بتلعثم : بـ..ـس أبى أرو..ـح عند شادن أسهــ..ـر معها يعني إذا ..وتوقفت عن الكلام..
طارق بتساؤل : يعني إيش ..صمت لحظة كأنه يفكر وأكمل بمكر.. أها تبين تستأذنين ، أمممممم ﻻ ﻻتروحين عندها .
رفعت أمل نظرها له باستغراب وتساؤل وقالت : ليش ؟
ضحك بسخريه : هه ..وأكمل بمكر وهو يعود ليجلس عند التلفاز .. لأني أبيك تسهرين معي إيش رايك ولا حلال لشادن

تسهر معك وأنا لا .
خافت أمل وازدردت لعابها أكثر من مره وقالت بصوت مرتجف : لا بـ..ــس ..وصمتت فلم تعد تعرف كيف ترد عليه..
فقال هو بمكر : أفا ما تبين تسهرين معي لها الدرجة جلستي ممله ..وقال بزعل مصطنع وهو يقف حتى يعود لغرفته .. ما

هقيتها منك خلاص روحي لشادن و اسهري معها وأنا أسهربروحي .
وصل التوتر عند أمل حده عندما شعرت بأنه تضايق فنادته بسرعة قبل أن يدخل لغرفته : طارق أنتظر والله ما قصدت أزعلك

بس قلت عندك ..وأخفضت بصرها عندما وقعت عينيه في عينيها فأكملت بتوتر.. عندك دوام وقلت يمكن ما تسهر .
سمعت صوت ضحكة طارق ورفعت رأسها وقال وهو ينظر في عينيها : روحي عند شادن واسهري أنا كنت أمزح معك صحيح

عندي دوام .
أمل بعفوية وبراءة : الساعة كم ..وتوترت عندما نظر لها باستغراب وأكملت بتردد .. يعنـ يعني زي الأيام العادية .
رد بهدوء : ﻻ متغير يبدأ عشره وطبعاً حسب الشفتات.
انسحبت أمل بهدوء وهي تتراجع لتدخل غرفتها وهي تقول بهمس : تصبح على خير .
رد عليها طارق ودخل غرفته وأغلق الباب .
غيرت أمل لباسها بجلابية بيت قطنية باللون الرمادي بها رسومات وحروف انجليزية بالعنابي لبست جلال وسارت لخارج

الجناح متجهه لجناح شادن التي تنتظرها .
******
: شادن انتبهي للسمبوسه عشان ما تحرق أنا راح أسوي الحلى .
شادن : طيب روحي ..ووقفت أمام المقلاة وأخذت تقلب قطع السمبوسة بهدوء حتى تحمرّ..
أما أمل فبدأت بخلط مكونات الحلوى وهي تتحدث لأم طارق التي كانت تعمل على صنع الشوربة ولم تنتهي النسوة من إعداد

الفطور إلا قبيل المغرب فهرعت كل واحدة بالاستحمام وتبديل لباسها وتركن مهمة تحضير الفطور للخادمات وتجمعت العائلة

على الطاولة التي عليها العديد من الأصناف .
عم الهدوء للحظات حتى سمعوا صوت الأذان فبدأ الجميع بتناول حبات التمر والماء والترديد مع الإمام وحالما إنتهائه ردد

الجميع "ذهب الضمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله" ثم تلتها لحظة صمت يدعون بها أما أمل فقد كانت تدعوا وتبتهل

لله بصمت فقط تحرك شفتيها وهي تدعوا الله بأن يرحم أمها وابنها ويفك عن أبيها السحر ودعت لنفسها بالصلاح والهداية وأن

يبعد عنها الخوف وختمت دعوتها بالدعاء للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وصلت على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم

مدت يدها لتبدأ بالأكل .
****
بعد إسبوع
كانت حياة أمل في هذه الأيام هادئة ومريحة فلا تلتقي بطارق إلا وقت الوجبات وليس لها إحتكاك به كثيراً وهذا أراحها .
فرحت كثيراً عندما علمت من عمها أنه سيأخذ أبيها لشيخ راقي حتي يفك عنه السحر وتمنت أن تذهب معهما ولكن لن

تستطيع التحمل ، بعد التراويح ودعت عمها وطلبت منه أن يهتم بأبيها وتكاد دموعها أن تسقط ولكنها تماسكت حتى غادر

فصعدت بسرعة إلى جناحها وأغلقت الباب ثم دخلت لغرفتها فأجهشت بالبكاء حتى نامت وهي لا تشعر .
***
سمعت الباب يطرق بقوة فأحست و كأنها تحلم أرادت أن تعود للنوم ولكنها سمعت الطرق يعود من جديد فنهضت وهي مازالت

نعسه وسارت بكسل باتجاه الباب وفتحته ففوجئت به يفتح بعنف ويظهر طارق الذي كان يشتعل غيظاً وتكاد عينيه ترمي

حمماً فتراجعت أمل بخوف إلى الخلف وهي ترتجف من الرعب فنظرات طارق تنذر بالخطر وقعت على الأرض إثر تراجعها

عندما تقدم منها بخطوات سريعة وقف أمامها بالضبط وتكلم بغضب حاول كتمانه : إنتـــي ... ليش ما فتحتي الباب ..ونظر

لها بشك وأكمل.. إيش عندك مقفلته ؟
أمل بلعثمة من الرعب الذي تملكها : ها آآ مـ آآ ما حــ..ـسيت .
طارق بتساؤل غاضب : ليييييش قفلتي الباب ؟
ردت عليه بخوف وهي تتراجع زاحفة للخلف : مـ..ـا انتــ..ـبهـت عشــ..ـا..ني كــ..ـنـت ..وصمتت وهي تؤنب نفسها

بأنه لا يجب عليها إخباره عن بكاؤها ..
طارق بنظرات نارية قاتلة سألها : عشان كنتي إيش ؟
تراجعت أمل حتى اصتدمت بإحدى المقاعد حاولت الوقوف عليه وهي تجيبه بشيء من التوتر : ﻻ ﻻ وﻻ شيء بس ما

انتبهت إني قفلت باب الجناح على بالي غرفـتي ..واستقامت واقفة وهمت بمغادرة الصالة ولكن توقفت وهي تسمع طارق يقول

..
طارق بحدة : سوي الحركة هذي مرة ثانية وشوفي إيش راح أسوي لك ..وغادر إلى غرفته ولكن استوقفته أمل سائلة بتردد

وخوف ..
أمل : عمي موجود ؟
كان ظهره مواجهاً و عندما سمع سؤالها استدار وظهر لها البرود هو يجيب : إيه ..وسألها بذات البرود .. ليش ؟ إيش تبين

فيه ؟
سرت قشعريرة في جسدها بكامله ربما من نظراته الجليدية التي رمقه بها ولكنها أجابته بصدق : بسأله عن أبوي إيش صار

معة .
ظهرت نظرة الشفقة بعينية ولكن سرعان ما ظهر خلفها الجمود وأجاب بقتضاب : ﻻ الحمد لله طيب ..وولاها ظهره وسار

باتجاه غرفته وأغلق الباب خلفه بدا لأمل من إجابته أنه يتهرب منها فشكت بأنه قد حدث مكروه لوالدها فدخلت غرفتها

وغسلت وجهها وقلبها يرتجف بخوف فأخذت لها شالاً ولبسته بسرعة ونزلت لتسأل عمها عن والدها ..
****
: السلام عليكم .
: عليكم السلام ، أهلين أمل .
أمل بتوتر : عمي إيش صار مع أبوي .
أبو طارق بحزن : إيش أقولك يابنتي ، تعب علينا واستفرغ كثير أثرت فيه آيات السحر وكمان عشان له مده طويلة مسحور

فهذا زاد عليه .
أغرورقت عينا أمل بالدموع وقالت وهي تبتلع عبراتها : يعني الحين هو تعبان ياعمي .
أبو طارق بسرعة : لا لا يابنتي طارق كان معي وأعطاه إبرة مهدئه ونام ووصلناه البيت .
نزلت دموع أمل فمسحتها وهي تسأل عمها : إيش قال لكم الشيخ ؟ يعني يروح مره ثانية ولا له علاج ؟
أبو طارق : لا ما يروح عنده بس أعطاه مويه مقري عليها وعسل وزيت زيتون وطريقة علاجه بها .
أمل بهدوء تساءلت : كيف يتعالج بها ؟
أبو طارق : أعطاني ورقة فيها الخطوات وهذي هي..أدخل يده في جيبه و أخرج منها ورقة مطوية مدها لها فوقفت أمل و

أمسكتها وجلست فتحتها وأخذت تقرأها بهدوء وصمت ..
رفعت أمل رأسها بعد أن أكملت وقالت بحيره : طيب يعني هو يسوي كل هذا .
أبو طارق : لا أكيد لازم أحد يساعده بالذات أنه راح يتعب كثير ..صمت لحظة وأكمل مقترحاً .. زوجته أكيد راح تساعده

فالعلاج .
أمل باعتراض : لا ياعمي سلمى ما راح تساعده وهي ..صمتت قبل أن تفجر القنبلة .. هي اللي سحرته .
أبو طارق وأم طارق وشادن بذهول : إيشششششش ؟
أخفضت أمل رأسها وأجابت بقهر : أيه سلمى هي إللي سوت لأبوي السحر وفرقته عني وجلبته لها .
أم طارق بحزن : ليش سوت كذا ليشش ؟
أمل بحزن : ما أدري بس اللي أعرفه إنها تكره أمي وتبي تنتقم منها .
أبو طارق بهدوء : حسبنا الله ونعم الوكيل ، طيب من راح يعالج أبوك .
أمل بتصميم : أنـــا راح أعالجه إذا ما وقفت مع أبوي الحين متى أوقف .
أبو طارق بإعجاب : بارك الله فيك يابنتي .
أم طارق : بس أخاف يأذيك لأنك مفرقة عنه .
أمل بقوة وقد لمعت عينيها بتصميم : يبي يأذيني ياذيني حلاله (روحي كلها فدوة له )
ظهر طارق عند آخر جملة قالتها أمل نظر لها بغموض وقال : السلام عليكم .
الكل : وعليكم السلام .
أبو طارق : خلاص إنتي حره بس استأذني من زوجك لأن مدتها واحد وعشرين يوم والله يعينك .
نظرت أمل لطارق وقالت بتردد : طارق تسمحلي أروح أعالج أبوي فبيته .
صمت طارق للحظات وقال بهدوء : سوي اللي يريحك ما عندي مشكلة .
شادن باعتراض : لاااا أمل ماراح نشوفك واحد وعشرين يوم لااا مررره صعبه .
ابتسمت أمل لشادن وردت : لا راح أجي إذا قدرت إن شاء الله .
أبو طارق : وأنا لك مني سايق وشغالة يودونك ويجيبونك .
أمل بامتنان : مشكوووور ياعمي والله ما أدري كيف أطلع من جزاك .
أبو طارق بابتسامة أبوية لأمل : لا يابنتي ما بينا شكر إنتي فقلبي مثل شادن والله يشهد على كلامي .
ابتسمت أمل ودمعت عيناها من التاثر من حنان هذا الرجل ووقفت وسلمت على رأسه وهي تردد بامتنان : تسلم تسلم ياعمي

..وجلست وهي تتسائل عن عدم خوفها من هذا الرجل فصرخ صوت من أعماقها مجيباً على حيرتها "لأنه يشع أمان ومحبه"..
أبو طارق : يلا الحين كل واحد على غرفتة ينام عشان تقومون تتسحرون ..وسبقهم بالوقوف وهو يلقي التحية عليهم وتبعته

أم طارق ..
سألت شادن أمل : أمل تجين تسهرين عندي ؟
همت أمل بالرد ولكن طارق سبقها وهو يقول باستهزاء : ليش حلاوه هي كل يوم تسهر عنك ، لا أمل اليوم تسهر معي يلا

فارقي ..ونهض متوجهاً لأمل المتوترة فأمسك بيدها وجرها حتى وقفت ..
ضحك شادن بمكر : أها قل من أول إنك تبيها لو كان ما خليتها تسهر عندي .
طارق بستهزاء : كويس إنك فهمتيها ..وسار مع أمل التي نظرت لشادن بتهديد وما انفكت تحاول تحرير يدها من قبضتك

ولكن طارق بالمرصاد فكلما حاولت زاد هو في الضغط ..
ضحكت شادن على أمل ونهضت تسير لجناحها هي الأخرى .
وصلا طارق وأمل لجناحهما فجرت يدها بعنف فحررها طارق بسهوله مضادة لعنفها فتراجعت وكادت تسقط لولا أن أمسك بها

طارق ارتجف قلبها من قربه منها وخافت فأبعدته وهي تقول : بروح أنـــ ..لم يتركها طارق تكمل كلامها فقال مقاطعاً لها..
طارق بهدوء : انتظري ما جبتك معي عشان تنامين ..تطلعت له أمل بغرابة وهي مازالت ترتجف من الخوف والتوتر بينهما

ولكنها تظهر التماسك فأكمل طارق بجدية .. تعالي نجلس راح أقولك موضوع و نامي بعدها .
أمل باستسلام وهي خائفة : طيب .
سارا وجلسا متقابلين فبادرها بالسؤال : أمل بسألك وأبيك تجاوبيني بصراحة ..صمت لحظة وقال بعدها .. عاجبتك حياتنا

كذا ؟
نظرت له أمل مستفهمة
فأكمل بتوضيح : يعني ما كأننا متزوجين ما نتقابل إلا فالجناح وقت النوم وكل واحد يروح غرفته ولا على طاولة الأكل ..ونظر

لها بنظرة معبره ولكنها توترت من نظرته وصمتت وبعدها..
أمل بهدوء مصطنع يخفي الكثير من الخوف : والمطلوب ؟
طارق بغموض : المطلوب أننا نحاول نغير حياتنا ..صمت لحظة وقال بقوة .. وبصراحة (أبي عيال)
****
في اليوم التالي ..
الثامنة صباحاً
ركبت أمل السيارة مع طارق بعد أن أمر السائق وزوجته باللحاق بهما وسارت السيارة بصمت لم يتخللها سوى صوت المذياع

ولكن لم يكن أحد يستمع له فكل غارق في أفكاره .
كانت أفكار أمل تدور في ما جرى ليلة البارحة وكذلك ماهي مقدمة عليه في منزل والدها وكيف ستتحمل مضايقة سلمى لها

فسألت الله الصبر والعون في مهمتها هذه .
***
وصلا إلى بيت والدها وترجلا من السيارة وتقدمت أمل وطرقت الباب أما طارق فنادى السائق وطلب منه أمراً فانطلق الآخر

بسيارته وتقدم منها طارق ينتظرا الباب ليفتح وماهي إلا لحظات حتى ظهرت سلمى من خلف الباب وهي تضع على رأسها شالاً

خفيفاً لا يغطي شيئاً ولكنها لم تخجل بل وقفت على الباب وهي تقول بغرابة : مين أنتم ؟
نظرت أمل لطارق فوجدته مطأطئ الرأس فردت بحنق من عدم حيائها : أنا أمل وهذا طارق .
نظرت سلمى في طارق وشدتها جاذبيته ولمعت عينيها بخبث فقالت بطيبة مصطنعة : هلا أمل هلا يابنتي تفضلي ..وفتحت

الباب حتى يدخلا فدخلت أمل وسارت مع طارق باتجاه المجلس ولكن استوقفتها سلمى وهي تقول ..لا أمل دخليه الصالة أبوك

جالس فيها طارق موب غريب .
حاولت أمل أن تعترض ولكن لم تترك لها سلمى المجال حيث تقدمت وفتحت باب الصالة وسبقتهم وهي تقول لهم : حياكم

تفضلو تفضلو .
جلس الجميع بعد أن سلمت أمل على والدها الذي ظهر الضيق عليه بالمقابل انشرح وفرح بطارق الذي قبل رأسه وجلس بجواره

.
بادرت سلمى وهي تقول بعتاب وطيبة مصطنعة : وينك يابنتي يا أمل مانشوفك ما تقولين أزور أبوي وأمي اللي ربتني أفا أنا

ما ربيتك كذا .
تلعثمت أمل فلم تعرف كيف ترد عليها فطارق لا يعلم مدى خبث هذه المرأة وهي لا تريد أي مشاكل معها ﻹقالت أمل بهدوء :

معـ .. معليش بـ.. بــس مشاغل ..تماسكت قليلا وأكملت.. والحين أنا راح أقعد عندكم واحد وعشرين يوم ..وابتسمت بتزيف

وأكملت.. راح تشبعين مني .
ظهر الحنق على سلمى ولم ترد بل وقف بعنف وسارت وهي تتعذر أن لديها ما يشغلها وغادرت الجلسة فقالت أمل بحب :

يبه كيفك إن شاء الله أحسن ؟
أبو أمل بضيق : الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .
طارق بهدوء : عساك مرتاح بعد تعب أمس .
أبو أمل : لا طيب قمت وجسمي تعبان بس الحين الحمد لله أحسن ، كيف أبوك وأهلك .
طارق : طيبين الحمد لله والوالد يسلم عليك وبيزورك الليله بعد التراويح .
أبو أمل بتعب وضيق : الله يسلمك ويسلمه حياه الله البيت بيته ..ونظر لأمل بضيق وأكمل .. أمل بنتي روحي أي غرفه ..ونظر

لها بقصد أنه تضايق من تواجدها فتضايقت أمل ولكن لم تظهر ذلك ولكن لمعت الدموع في عينيها ونهضت وهي تقول ..
أمل : طيب إذا تبي شيء نادني ..والتفتت لطارق المستغرب من الأمر وقالت .. تبي شيء طارق ؟
طارق بهدوء : لا بسولف مع عمي شوي وبروح الدوام .
أمل وهي تغادر المكان : طيب مع السلامة .
****
دخلت أمل إلى الغرفة التي كانت في السابق لها وجلست بها وهي حزينه على والدها الذي يظهر عليه المرض وعزمت أن تبذل

قصارى جهدها لعلاجه بالمقابل لن تسكت لسلمى وستصدها عنها .
فأخرجت الورقة التي بها طريقة العلاج قرأتها مرة أخرى حتى لا تخطئ بالخطوات وكان مكتوب بها (طريقة فك السحر لكن

يجب على الشخص الصبر ... وعدم اليأس
المدة ( 21 ) ..
يقرأ بعد صلاة العصر ( سورة يس ، الصافات ) كاملة ( كل سورة مره واحده )
وبعد صلاة المغرب تقرأ ، الرقية التالية على نفسه ..
سورة الفاتحة ( 7 ) مرات
او خمسة أيات من سورة البقرة ( 3 ) مرات
أية الكرسي ( 7 ) مرات
آخر آتين من سورة البقرة ( 7 ) مرات
او عشر آيات من سورة الصافات
سورة البروج ( مره واحده )
سورة الزلزلة 3 مرات
سورة قريش 3 مرات
سورة الضحى 3 مرات
سورة الشرح 3 مرات
سورة النصر ( مره واحده )
سورة الأخلاص والفلق والناس ثلاث مرات
ثم يضع يده على صدره ويقول :
بسم الله بسم الله بسم الله اللهم رب الناس اذهب الباس اشفني انت الشافي لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ) 7 مرات
ويقول ( اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيني ) 7 مرات
وبعد الانتهاء من الرقية ... تنفث ايضا هذه الرقية على زيت زيتون ويدهن على الصدر قبل النوم كما ينفث بنفس الرقية على

عسل سدر ياخذ ملعقة كل صباح على الريق ( وبعد اكله سيشعر بحرارة شديه في المعدة ) ..
ــــ
سيشعر الانسان ... بتعب ، وضيق في الصدر ،، وملل ، وعدم التركيز ، والنسيان ، والانفعال السريع ، والكوابيس ، وقد

يجد آلام في المفاصل ، او قد يكون احمرار في الجسم .. وغيره من مضايقة الشياطن والجن ..
لكن مع مرور الوقت والأيام ،،، تبدأ تتلاشى شيا فشيا ..
ولمدة ( 21 ) يوما ... بإذن الله يتشافى الانسان تماما .
ملاحظة :
يجب المحافظة على الصلاوات الخمسة
عدم سماع الأغاني ، او كل ما هو محرم .. لأنه يضعف الانسان ... ولا تكاد تنفع الرقية - لا ينقطع ولا يوم تكون متواصله .)
رفعت عينيها الدامعتين وهي تبتهل لله أن يشفي والدها وﻻ يتعب أكثر .
وسرحت بخيالها لما جرى ليلة البارحة بينها وبين طارق بعد أن قال لها ((أبي عيال
وقفت أمل بعنف وهي تنظر له بخوف وظهر صوتها راجف : لاااا موب هذا اللي اتفقنا عليه .
طارق ببرود : بس أنا قلت لك من أول أبي عيال .
دمعت عينا أمل وجلست بعد أن خارت قواها وهي تقول بتبرير : بس أنا قلت لك ما ..توقفت لحظة وأكملت بأمل أن يتركها..

أنت قلت تقرف مني يعني خلاص .
ضحك ظارق باستهزاء وقال بصوت ساخر : من ناحية أقرف ما فيها شك بس لازم أصبر ..وتحول كلامه للجد.. أمي حاسه

باللي يصير ودايماً تقولي أبي أشوف عيالك وأنا صراحة ما أبي أرد طلبها ، ها إيش قلتي ؟
ارتجفت أمل بمجرد تصور الفكرة فردت بخوف ودموعها تتسابق على خديها من الإهانات التي يرميها بها طارق : لا طارق

الله يخليك ما أقدر ما أقدر إذا تبي تزوج لكن أنا لااا.
طارق بحدة : من ناحية الزواج أنا متزوج متزوج وما يعوقني شر لكن إنتي راح أعطيك الواحد وعشرين يوم وبعدها مالك عذر

طيــب ..ونهض مغادر الصالة لإنهاء النقاش.. بكت أمل كثيراً وخافت اكثر حتى سيطرت عليها الكوابيس المزعجة فلم ترتاح

ليلها كله))
ونامت مكانها فلم تستيقض إلا على هزات مزعجة من سلمى وهي تقول بغضب : أملوووه وعمى ليش جيتي عندي إيش جابك

؟
نهضت أمل منزعجة وهي تقول : بيت أبوي أجي فيه متى ما أبي .
سلمى بسخرية : هه لا ياروح أمك موب بيت أبوك هذا بيتي ومسجل باسمي بعد.
صدمت أمل لهذا لبخبر وقالت مغتاضة : طيب طيب بس أنا جيت عشان أبوي ولا إنتي ما هميتيني أبوي تعبان وماراح أتركه

إلا لما يخف إن شاء الله .
غضب سلمى وذهب وهي تقول : هين يابنت ساروه إن كانت ما وريتك نجوم الليل فالقايلة ما أكون سلمى .
تمتمت أمل وهي تشجع نفسها : ما راح أخليك تنتصرين علي وراح أهزمك .
******


حياتي كشجرة

خضراء ورقها

مديدة فروعها

ثابتة جذورها

يانعة ثمارها

متميزة بين غيرها

جميلة رقيقة

ثابتة في أصعب الظروف

وذات يوم هبت ريح

عصفت بضراوة

تقدمت منها

حتى تقتلعها

فلم تفلح

أسقطت ثمارها و أوراقها

فلم تثني عزمها في الصمود

حطمت أغصانها

ولكنها بقية ثابتة كالجلمود

فقالت لها : أنا أمتلك قوة الألم

سأتسرب لأعماقك حتى أنتصر عليك .

فقالت لها الشجرة بثبات : لن توفقي في ذلك

أنا أملك قوة الأمل

فــ ((سأهزمك أيها الألم))

فردت عليها الريح : كيف ستهزميني وأنت عزلاء

بلا ورق

بلا ثمر

بلا زهر

وحتى أصحاب من الشجر

كلهم عنك قد رحل

فردت بقوة المنتصر : بل سأنتصر

بالأمــــل

******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء السادس عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:14 AM


&< ~^(( الجزء السابع عشر))^~>&

~[( أمل فـ فرحة فـ .. )]~



تقدمت إلى والدها النائم على فراشه وأيقضته وهي تقول بخفوت : يبه يبه قوم الساعة ثلاثة قوم عشان دواك .
فتح والدها عينيه وكشر عندما رأها وقال : خلاص روحي جهزي الدواء وأنا جاي .
أمل بعجلة : طيب بسرعة الفجر قرب ..وخرجت تنتظره لتعطيه دواءه وخلال دقائق حضر وجلس ثم مدت له ملعقة بها عسل

سدر قد قُرأ عليه آيات الرقية فقالت له .. سم يبه .
أمسك والدها بالملعقة وقال : بسم الله ..ثم تناول محتواها وماهي إلا دقائق حتى هاجت معدته وكأن حريق اندلع بها وأخذ

يتلوى من الألم وهو يصرخ.. آآآآآه بطني آآآآآه .
عندما رأت أمل والدها بهذا الحال انفجرت تبكي واقتربت ووضعت يدها لتقرأ على بطنه ولكن لم يسكن الألم واستمر يصرخ

من الألم وأمل تبكي لألمه وتتألم معه وبعد مرور نصف ساعة بدأ والدها يشعر بالتحسن وقد نعس واستمرت هي تقرأ عليه

وتبكي بهدوء حتى انتظمت أنفاسه فعلمت أنه نام ونهضت وجلست بالكنبة المقابلة له حتى تطمئن عليه ولم تشعر إلا بصوت

أذان الفجر فنهضت وهي تردد مع المؤذن وايقضت والدها حتى يصلي الفجر فاستيقض بسرعة فبادرته تسأله بلهفة : ها الحين

أنت أحسن ؟
جلس والدها وقال بهدوء : الحمد لله ..ونهض ليتوضأ إستعداداً لصلاة الفجر .. وعندما عاد من الصلاة مدة له بالرقيه كي

يرقي نفسه ولازمته حتى يكملها ثم نام .
**
بعد العصر ..
عندما عاد من المسجد جلست عنده وهي تقول : يبه استحملني الله يعينك وخذ .. مدت له المصحف و الورقة التي بها العلاج

وهي تقول.. إقرأ هذي السور وأنا رايحة أسوي الفطور .
والدها بضعف وتعب : طيب .
خرجت أمل متوجهة للمطبخ فسمعت طرق للباب فقالت من خلف الباب : مييين ؟
فأجاب الطارق بعربية مكسرة : أنا مدام إفتهي مال أنا .
فتحت أمل الباب وهي تقول بابتسامة رقيقة : هلا آسي أدخلي ..مدت الخادمة يدها فصافحتها أمل وهي تقول .. تعالي داخل

.
آسي : لا مدام فيه هزا ..وهي تشير لكراتين وتقول .. لازم دخلي جوه .
أمل باستغراب : طيب ..وفتحت الباب وابتعدت عنه فلحقت بها الخادمة تحمل الكراتين ووضعتها في المطبخ فسألتها أمل

باستغراب .. آسي مين قال جيب هذا .
آسي : هزا بابا طارق قولي جاويد روحي جيب كله هزا حاجات .
كبر طارق في عيني أمل لهتمامه فيها وأهلها وقالت تحدث نفسها "ماشفت مثل شهامتك يا طارق عسى أتذكر وأشكره على اللي

سواه وجميله هذا ما راح أنساه" فقالت لـ آسي التي بدأت في توزيع المؤونة في الدولاب : آسي خلاص روحي وأنا أرتبهم .
أسي باعتراض : لا مدام أنا في يقعد عند مال إنته .
أمل :أها خلاص كملي وأنا راح أسوي الفطور ..وشرعت بتجهيز الفطور ولم تغفل عن أبيها فقد كانت تذهب لتطمئن عليه بين

وقت وآخر ولكن آخر مرة ذهبت وجدته متعب للغاية وقد أصبح يتنفس بصعوبة فهرعت لمساعدته وهي تقول بخوف ولهفة ..

يبه فيك شيء تعبان .
أبو أمل بحدة وعصبية لا تناسب الحالة التي هو عليها : لا ما فيني شيء روحي يلاااا .
فزعت أمل من صراخ والدها عليها فخرجت وهي خائفة أغلقت الباب واستندت عليه تبكي فحالة والدها أثرت عليها

وأحزنتها بقوة فذهبت لسلمى حتى تقول لها أن تطمئن عليه طرقت باب غرفة سلمى وخرجت لها وهي غاضبة وقالت : خير

يا بنت سويرة إيش تبين ؟
أمل بحنق حاولت تكتمة وقالت بهدوء مصطنع : أبوي تعبان موب عارفة إيش حصل له .
سلمى ببرود : من إيش تعبان ؟
أمل بنرفزة : روحي ناظريه و علميني .
نظرت لها سلمى بغضب وذهبت لزوجها تمشي ببرود .
مرت دقائق قبل أن تظهر سلمى وتخبرها بذات البرود أنه تعبٌ قليلاً و سينهض كالحصان .
غضبت أمل منها ومن برودها وسارت للمطبخ لتجهز الفطور على السفرة فلم يبقى سوى نصف ساعة على وقت الإفطار .
جلس الثلاثة على مائدة الفطور ينتظرون أذان المغرب وقد كانت أمل تسترق النظر لوالدها حتى تريح قلبها القلق عليه ولكن

والدها لم يكن بصحة جيدة بل كان متعب وظهر ذلك على وجهه فبدا أكبر من عمره بمرات كثيرة أصاب الهم أمل على حال

والدها فابتهلت بصمت لله بأن تجد عقدة السحر حتى يرتاح والدها من هذا العذاب واستمرت تدعوا حتى سمعت صوت الأذان

فبدأ الجميع بالإفطار .
عندما عاد والدها من المسجد سألته هل ترقية أم هو من سيفعل فأجابها بوهن أنه سيفعل ذلك فجلست عنده وهو يفعل ذلك ولم

تمضي سوى دقائق حتى زاد التعب على والدها وأصبح وجهه أسود ويتنفس ببطأ وتعب فنهضت فزعة وقالت بلهفة : يبه إيش

فيك ..فلم يرد عليها إلا بـ أنّات وأنفاس متلاحقة فسألته ودموعها تجري على خديها .. يبه أكمل الرقية ..فأجابها بهزة من

رأسه بالإيجاب فأكملت عنه وهي تضع يدها على صدره فكلما واصلت في القراءة كلما ازداد تعب والدها طرداً وعنما أكملت كان

تعبه قد وصل الذروة ونام من شدة تعبه قلقت عليه وأصبحت ملازمة له حتى سمعت أذان العشاء فأيقضته برقة ..
أمل بهمس مسموع : يبه قوم أذن العشاء ..فتح والدها عينيه المرهقتين الحمراء كالفحم المشتعل وعاد ليغمضها لولا أن نبهته

أمل بأن ينهض ليصلي العشاء فاستجاب لها وهو يمشي بوهن ليتوضأ استعداداً للصلاة وذهب بعد ذلك للمسجد بينما دلفت أمل

غرفتها لتستعد لصلاة العشاء والتراويح ..
****
: السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله .. جلست فترة لتستريح بعد أربع ركعات من صلاة التراويح وأمسكت

بمصحفها لتتابع سيرها في القراءة ولكنــ..
آسي تصرخ بفزع : مدااام مدااام بابا مال إنت تأبان في رجال برا في شيلي .
نهضت أمل وهي خائفة على والدها وهرولت باتجاه الباب الخارجي ووجدت والدها ويقف بجواره رجل لف ذراع والدها على

رقبته وممسك بيمينه يد والدها بينما لف هذا الأخير يده الأخرى على خاصرة والدها من الخلف ، غطت وجهها بجلال

الصلاة التي ترتديه و تكلمت بلهفة وخوف : خير إيش حصل لبوي ؟
الرجل أخفض بصره وتكلم باحترام : تعب فالركعة الرابعة وجبته ، أبي أدخله لوسمحتي يا أختي .
تلعثمت أمل وارتبكت من خوفها على والدها وقالت وهي تفتح الباب وتبتعد عنه : وصله المجلس قدامك مفتوح .. وذهبت

ولم تنتظر لتسمع رده واختبأت خلف باب الصالة الداخلية وتنظر له وهو يدخل والدها وما لبث طويلاً حيث خرج على الفور

من منزلهم وعندما تأكدت من مغادرته خرجت وأغلقت الباب الخارجي وذهبت لتطمئن على والدها ..
دخلت عليه فوجدته ممدد على الكنب المتواضع وقد تازمت حالته وانتشر احمرار غريب في وجهه وما ظهر من جسده ،

اقتربت منه تسأله بخوف وهي تمسح دمعاتها المتساقطة : يبه إيش فيك ؟ شو تحس فيه؟
رد عليها بهمهمات خفيفة متذمرة ويائسة : تعباااان رجولي وجسمي كله آآآآآه خلاص ما أبي أكمل خلااااص ماااابي دواا .
أمل ببكاء ورجاء حااار : لا يبا الله يخليك كله كم يوم وتخف ..واستمرت تبكي بشهقات متتالية وتكمل بصوت مبحوح

جرحته الدموع المالحة المؤلمة .. لا تيأس يبه لا تيأس وكمل الدوا وراح تخف بإذن الله بس اصبر .
أبو أمل بيأس قاتل : لا أنا تعبان ما تحسين بتعبي آآآآآهـ ما بكمل خلااااااص آآآآهـ .
أصاب الهم أمل على حال والدها ولكنها لم تيأس بل قالت وهي متأملة : لا و الله أحس فيك بس أصبر يبه والله ما راح يخيبك

أبــــد .
هز والدها رأسه بموافقة وهو يقول بإيمان : ونعم بالله ..وأصدر أنة ألم وأكمل برجاء.. آآآآآهـ يااااارب ارحمني يااااارب .
استمرت دموع أمل بالهطول فحال والدها آلمها وتعمق ألمها عندما رأت دمعتين سقطت مكونه خطين على جانبي وجهه الهزيل

..
تقدمت منه وقالت بهدوء وقد برزت بحة صوتها : يبه قوم أوصلك غرفتك عشان أعطيك الدوا وتنام .
هز والدها رأسه برفض وقال بخفوت وبصوت موجوع : لا بنام هنا جيبي الزيت دهني لي وروحي .
نهضت أمل من فورها ملبية طلبه وهي تقول بعجلة : طيب الحين أجيبه ..وغادرت الغرفة وعادت بعد ثوانٍ حاملة علبة زيت

الزيتون المقروء به دهنت لوالدها صدره وغطته وذهبت لتجدد وضوئها ثم تكمل صلاتها ..
*****
مرت عدة أيام ساءت حالت والدها كثيراً بها وبلغ فيه اليأس والتعب مبلغه وأثر ذلك على نفسية أمل كثيراً ورفض والدها

إكمال الدواء مراراً ولكنها أصرت عليه وواصلت معه رغم ما أذاقها والدها من ضرب ودفع وصراخ ولكنها تحملت من أجله فقط

فجَنَتْ الثمر من ذلك فبعد الأيام المضنية التي قاستها بدأت حالة والدها بالتحسن بعد ذلك قليلاً عن ما سبق فأصبح أكثر تقبلاً

للعلاج وكذلك لها في حينها كانت سلمى لا تجلس في المنزل إلا وقت النهار وهي صائمة لتنام ثم تخرج بعد الإفطار ولا تعود إلا

عند السحور تأتي لتتأمر وتتشرط ولكن أمل لا تلتفت لها أبداً ولا تعيرها بالاً، وكانت أمل تذهب أحياناً إلى منزل عمها وغالباً

ما يأتون لزيارتهم ولكن لم ترى طارق منذ أن أتى بها إلى منزل والدها وكانت تشعر بما يشبه الحنين والشوق له ولكن كانت

تطرد هذا الشعور وتدفنه في أعماقها ولا تظهره لأين كان فهي تعلم نفورها من أي رجل وهذا الشعور الذي يساورها سيولد

التقارب وهذا مالا تريده أبــــداً .
*****
اليوم هو الثامن من تقدم والدها في العلاج وقد تحسن اليوم والدها بنسبة ملحوظة أثر ذلك عليها إيجاباً ، بعد أن أتى من صلاة

التراويح قدمت له عشاءه فتناوله بهدوء و دهنت له صدره ورقته وعندما تأكدت من نومه دخلت غرفتها وفتحت نافذتها المطلة

على الفناء الخلفي الضيق ونفذ لها من خلالها ضوء القمر المكتمل فقد مضى من رمضان نصفه ، هبت نسمه بارده أنعشت

روحها فجلست عند نافذتها وفتحت شعرها الطويل وأغمضت عينيها مستمتعة بالنسمات المنعشة التي تلامس بشرتها وتعبث

بخصلات شعرها وقد رسمت على شفتيها ابتسامة حالمة وراحت تتذكر أحداث كثيرة مرت في خيالها بداءً من حياتها المتعبة

إلى المدة التي قضتها في منزل سعود والتي اعتبرتها محطة يجب أن تنسى أنها في يوم مرت بها ولكن هيهات فهذه المحطة

أوسمت بها وسام الألم الذي تتمنى أن تمحوه الأيام وتذكرت حياتها في المشغل وموت إبنها ودمعت عينها لهذا الخاطر

وتنهدت وهي تقول بهمس : آآآآآهـ الله يرحمك ياولدي فتحت عينيها ووقع بصرها على بضعة صناديق في الفناء رأتها من

خلال ضوء القمر فكرت قليلاً أنه ربما هناك أشياء تخصها ونهضت على عجل ولفت شعرها وخرجت متوجهه للفناء الخلفي

والذي كان يشبه الرواق سارت بمهل خوفاً أن تقع حتى وصلت فوجدتها صندوقين قد غطاهما الغبار فتحت ضوء هاتفها

لتراهما اقتربت وأبعدت الغبار عن إحداهما وفتحته فوجدت به الكثير من الأشياء فتشت بين ثناياه فلمحت دفترها الذي

نسيته ذلك اليوم ومرت بخيالها أحداث ماجرى..

****
قبل أربع سنوات ...
عندما كانت بالصف الثاني المتوسط كانت حصة الرياضيات بعد أن أكملت كتابة الدرس وكانت يومها حزينه للغاية ومتألمة

لحالها وظهر ذلك على وجهها وأحست بها صديقتها نهى ولم تتحدث اليوم معها وكأنها تشارك صديقتها موكب أحزانها

وعند إنتهاء الحصة قالت نهى بهدوء : أمل ممكن دفترك في شيء مالحقت أكتبه .
ابتسمت لها أمل ابتسامة حزينة واهنة وكأنها جاهدت لكي تظهرها : خذي أنا بريح راسي شوي أحس أني تعبانه .
نهى وهي تعلم ما ألم بصديقتها قالت بحنان : ريحي لمى تيجي الأبلة .
هزت أمل رأسها بإيجاب ووضعت رأسها على الطاولة وانسكبت دموعها فلم ترفع رأسها حتى سمعت صوت المعلمة تلقي

التحية وبعجلة مسحت عينيها ووجهها ورفعت رأسها لتنتبه للدرس فهمست لها نهى : دفترك بالشنطة .
هزت أمل رأسها بالإيجاب وانخرطتا في الإنتباه للدرس .
في اليوم التالي ..
بعد المغرب ..
أنهت تنظيف المنزل بمجهود مضاعف بعد الضرب الذي تلقته من والدها والذي كان السبب به سلمى وسعود بـ (الجزء

الثالث) ، دلفت غرفتها لتنجز واجباتها المدرسية فهي لا تعلم ما سيحدث لها بالغد في منزل سعود ..
أخرجت كتبها وأمسكت بكتاب الرياضيات وكراسته لتبدأ بها ولكن سمعت صوت سلمى تناديها وهي تقول : أملووووووه

ووجع تعالي نظفي المطبخ .
ألقت بهما وذهبت لها وهي مستنكرة ومستغربة طلبها فهي للتو أكملت التنظيف ولكن ما إن دخلت حتى علمت أنها لا

تريدها ترتاح فقد أفرغت علبة اللبن على الأرض حتى تقوم أمل بتنظيفها كتمت أمل رغبتها في شتمها ولكن قالت لنفسها "

اصبري يا أمل وما عليك منها ، آآآآهـ حسبي الله ونعم الوكيل " وشرعت بالتنظيف والمسح وبعد انتهائها دخلت غرفتها لترتاح

قليلاً ثم تكتب دروسها ولكن أذن العشاء فنهضت لتصلي وبعد ذلك أتى والدها وأمرها بأن تجمع أشيائها لأن سعود ينتظرها في

الخارج فهبت بسرعة لتجمعها وجمعت كتبها في حقيبتها ولم تنتبه لكراسة الرياضيات التي كانت تحت وسادتها ولم تنتبه

لفقدانها إلا عندما فتحت حقيبتها مساء يوم الخميس في منزل سعود وحينها لا تستطيع إسترداده من منزل والدها وفي يوم

السبت طلبت من نهى أن تعطيها كراستها لتعيد كتابته .
****
رفعت الكراسة وتصفحتها تحت ضوء القمر وأثناء تصفحها سقط منها شيء ملفوف بورق منديل التقطته من الأرض وقلبته

باستغراب وأجلت فتحه حتى تدخل أغلقت الصناديق وسارت في الرواق وهي مستمتعة بالأجواء من حولها صاحبتها ذكرياتها

مع صديقتها العزيزة نهى وحدثت نفسها "آآآآهـ يا نهى وحشتيني مووووت والله ما أبعدني عنك إلا خوفي عليك من المشاكل إلا

أنا عمري ما نسيتك ياليت مضى يرجع " وأنشدت بهمس يفيض بالحنين والشوق
ياليت ماضينا يعود

ترجع لنا صدق الوعود

تبقى سمانا صافيه

لا برق فيها أو رعود

ياليت يغشانا الهنا

وتهجر ليالينا العنا

والشوق يجمع شملنا

ينموا في داخلنا ويسود

ياليت ماضينا يعود

*للمنشد / خالد البوعلي*

سارت قليلاً وهي ساهيةحتى وصلت لآخر الفناء رأت حجارة متراكمة بطريقة مريبة أبعدت الحجر الأول ثم الآخر فالآخر ولم

تجد ولكن انتبهت بأن هناك شيء مدفون تحت التراب أبعدته فوجدت قطعة قماش ملفوفة رفعتها وشكت بأمرها وضعتها

جانباً وأعادت الحجارة لمكانها وابتعدت عن المكان وهي حاملة شيئين .
****
دخلت غرفتها و بحثت عن رقم عمها وضغطت للإتصال عليه وعندما أجابها الطرف الآخر بالترحيب وبعد السؤال عن الأحوال

سألته أمل : ياعمي أنت بالبيت ولا برا ؟
عمها : لا وأنا عمك في الديوانية .
أمل بتردد : أها بس كنت ..وصمتت ..
عمها يستحثها على مواصلة الحديث : إيش فيك يا بنتي قولي .
قالت أمل بعد أن استجمعت شجاعتها : ياعم حصلت شيء مدفون بالحوش قلت يمكن ..
ٌقاطعها عمها بسرعة : ليكون هو .
أمل بخوف : ما أدري بس يمكن لأن شكله مريب .
عمها بعجلة : طيب الحين أنا جاي ..وسألها .. أبوك نايم ؟
أمل : إيه ..سألته ..أصحيه ؟
عمها وهو ينهي المكالمة : ياليت ، عشر دقايق وأنا عندكم قولي لأبوك يتجهز ، مع السلامة .
أمل : إن شاء الله ، مع السلامة .
ذهبت لوالدها وأيقضته وأخبرته بمجيء عمها فاستعد وجلس بالمجلس ينتظر أما أمل فانتظرت عمها حتى أتى قبلته على

رأسه ثم مدت له القماش نظر لها وقال بهدوء : خلاص روحي الحين وإن شاء الله تكون هي ونبطلها عشان يرتاح أبوكِ .
أمل بأمل وتفاءل : إن شاء الله ..وافترقا فما لبث الرجال إلا وخرجا من المنزل ..
أما هي دخلت غرفتها وجلست القرفصاء واستندت على الكنب المتواضع الذي يملأ الغرفة والتي تنام عليه كانت خائفة ولكن

قالت تحدث نفسهاوتناجي ربها "يارب تشفي أبوي وتجازي اللي كان السبب" انتبهت للقطعة الأخرى قامت بفتح لفة المنديل

بحرص وقربتها من أنفها مازالت بقايا من رائحة عطرها فيه ووضعته بحرص ثم أمسكت بالورقة المطوية فتحتها ووجدت بها

عبارات منمقة ولكنها لم ترى منها شيئاً بسبب غمامة الدموع التي غطت عينيها من شوقها فهي حين فتحت الورقة عرفت خط

كاتبها فلم تكن سوى نهى ، ابتسمت بشوق مسحت عينيها وبدأت تقرأ بل تلتهم السطور وقد كُتب بها ...
(بسم الله الرحمن الرحيم
غاليتي أمول ..
أنا عارفه إنك تمرين بظروف صعبة وكمان أعرف إنك حزينه وأنا والله حزينه لحزنك ولا تعتبرين سكوتي إني موب عارفة

شيء لا والله عارفة وفاهمة قد إيش إنتي تعانين حاولت أكثر من مره أواسيك لكن الحروف والكلمات تعجز عن مواساتك ويبقى

الصمت هو لغتي الوحيدة أعذريني إني ما سويت لك شيء ولا ساعدتك لكن أنا أسمعك إذا تبن تتكلمين وأفهمك بمجرد ما

تنظرين وإذا ما كنت موجودة حولك أحس فيك ..
أمول إذا بعدنا تذكري صديقتك
&نـ هــ ـى&
وإذا انقطعنا عن بعض تذكري رقمي (********) هو اللي راح يواصلنا وإذا مهمومه إعتبريني بيرك اللي ترمي فيه همك
لاتنسي طيـــب *_- )
مسحت دموعها وهي تبتسم وأمسكت بهاتفها وضغطت على الرقم و رن .. رن .. رن .. حتى سمعت من الطرف الآخر صوتها

وهي تقول : ألو
أمل بابتسامة فرح لسماع صوتها : السلام عليكم .
نهى بغرابة : عليكم السلام هلا مين معي ؟
أمل بتحايل : أفااا يا نهى ما عرفتيني .
نهى وهي تحاول التذكر : أمممم لا والله ما عرفتك بس صوتك موب غريب انتظري بحاول أتذكر ..وقالت تحدث نفسها بصوت

سمعته أمل .. مين ياربي معها بحه مييين ما أتذكر غير أمل هي الوحيدة اللي أعرفها كذا صوتها ..
قاطعتها أمل بحماس : وصلتي خير صح أمل عسى بس ما نسيتيني .
نهى بحماس وفرحة : واااااو أمل أخبارك حياتي وحشتيني موووووووت وأخبار هيمووو ؟ وينك دورت عليك هذاك اليوم وما

حصلتك ..وبكت .. والله اشتقت لك ليش ما انتظرتي ليييش ؟
دمعت عينا أمل ولكنها قالت بمرح مصطنع : أوف أوف أكلتيني انتظري أرد عليك واحد واحد أول شيء كيفي وأخباري الحمد

لله طيبة وتمام التمام وأبشرك بعد تزوجت ..سمعت نهى تصرخ بـ (واااااااو ) اسكتتها .. انتظري أكمل أما أخبار إبراهيم

..فقالت بهدوء تشوبه نبرات حزينة .. راح للي أرحم مني ..صمت الطرفان وأكملت أمل حتى تمنع الدموع الموشكة على

الإنهمار .. أما ذاك اليوم رحت عشان ما أبي أتسبب بمشاكل إنتو في غنى عنها كفاية اللي حصل قبل ..تنهدت بهم واستغفرت

سمعت صوت شهقات صادرة من نهى التي تحدثت ..
نهى بحزن : عظم الله أجرك ..صمتت للحظة وأكملت.. إذا كان قصدك اللي حصل من جدتي تريها طيبة ندمـت لما روحتي وقلنا

لها السالفة كلها حتى هي خرجت تدور لك معي بس ما حصلناك .
أمل بهدوء : حصل خير اللي فات مات وأنا الحين متزوجة بس هالوقت فبيت أبوي .
نهى بتساؤل : ليش ؟
أجابتها أمل : تذكرين لما كنت أحكيلك أن أبوي تعبان وأنه يكرهني ويتضايق مني .
نهى بتجاوب : إيه أذكر .
أكملت أمل : عرفنا أنه مسحور ولما قلت لعمي أبو زوجي قال راح يعالجه والحين لي فبيت أبوي أسبوع هو العلاج لمدة واحد

وعشرين يوم لكني حصلت عقدة السحر .
نهى بذهول : بذمتك حصلتيه إنتي ..وتساءلت .. وين حصلتيه ؟
أمل بهدوء : فبيتنا بالحوش الخلفي قبل شوي ودقيت على عمي عشان يودونه للشيخ يبطلونه وأنا الحين أنتظرهم .
نهى : أها ..وبمكر أكملت.. يلا أشوف حكيني عن زواجك الظاهر وراها سالفة وبصراحة من كلامك إن ورى كلمة زوجي اللي

كل شوي تقوليها ( إنَّ ) .
ضحكت أمل بفتور : ههه لا وراها ( إنَّ ) ولا هم يحزنون أما سالفة زواجي يبيلها جلسة عشان أقولها لك أنا الحين أسمع

الباب الخارجي ينفتح بروح أشوف يمكن أبوي لا تقطعيني هذا رقم جوالي .
نهى بتأكيد : مستحيل أقطعك بإذن الله يلا مع السلامه إن شاءالله أشوفك قريب .
أمل : إن شاء الله مع السلامة ، أغلقتا الخط .
سارت أمل باتجاه الباب الخارجي ووجدت عمها ووالدها قد دخلا للمجلس و بينما هي تهم باللحاق بهم إذ دخل طارق

فتصنمت مكانها ونظرت له وهو كذلك ينظر لها للحظات قد تكون قصيرة ولكن شعرت بها أمل تتعدى الساعات من طولها

وقطع سيل النظرات طارق حين تقدم وهو يلقي التحية فردت عليه بحياء وخوف فاقترب منها فخافت أكثر من السابق ولكنها

لم تبتعد بل بقيت وتقدم أكثر حتى حاذاها فرفعت رأسها ونظرت له بغرابه وخوف ثم أخفضت نظرها ليده الممدودة فخجلت

أن ترده وخافت لكن عزمت أمرها واستجمعت شجاعتها ومدت يدها فالتقفتها يده وأمسك بها بقوة ولين إتحدا معاً فسرت

رعشة في جسدها وكأنها صعقت بتيار كهربائي توترت من لمست يده وارتعشت أكثر عندما اقترب و قبل خديها بخديه وعندما

ابتعد عنها سحبت نفسها بسرعة وهي ترتجف من الخوف والرعب والخجل معاً وقد اصطبغ وجهها بحمرة الخجل أما هو

فنظر لها بحاجبين معقودة وابتسم قائلاً : الحمد لله على سلامة أبوكِ .
أمل بتوتر وهمس ردت : الله يسلمك .
طارق بذات الإبتسامة الغامضة : أخبارك ؟
أمل وهي تهم بالمغادرة خوفاً وحياءً : الحمد لله أخبارك أنت ؟
طارق : الحمد لله .
أمل وهي تتقدمه باتجاه المجلس : تفضل ادخل حياك .
هز رأسه إيجاباً وتبعها .
دخلت من باب المجلس ورأت والدها يتصدره وقد أشرق وجهه وبانت فيه سيما الصحة إلا شيئاً من الإرهاق البادي عليه ، كان

يتكلم مع عمها وهو فرح رفع رأسه ووقعت عينيه بعيني أمل أشرق وجه والدها وابتسم بفرح ظاهر وقال بصوته المبحوح القوي

: أمل بنتي تعالي يا عيون أبوكِ .
فرحت أمل ودمعت عينيها ونظرت لطارق الواقف بجوارها والذي يبتسم لها بتشجيع ثم عمها الذي فعل كإبنه تقدمت من

والدها بتوتر ثم ما لبثت أن أسرعت ورمت بثقلها على صدر والدها وانفجرت تبكي بنشيج أدمع الكل بكت الصدر الذي حرمت

منه عمرها كله بكت فرحتها باستعادت والدها بكت وبكت حتى تعبت ورفع أبيها وجهها ومسح دموعها وأبعد الشعرات

الملتصقه بوجهها الذي بللته الدموع وأمسك بوجهها من جانبيه وابتسم لها وقال بحنان : بس ياروحي كفايه بكي خلاص بعد

اليوم ما أبي أشوف دموع بس أبيك تبتسمين وتضحكين طيب .
هزت أمل رأسها ومسحت عينيها كطفلة وقالت ببحة : طيب ..وقبلت رأس والدها ويمناه وجلست بقربه ووضعت رأسها على

كتفه وأحتضنت ذراعه بتملك وأغمضت عينيها وهي مبتسمة نظرلها الجميع وهم مبتسمين فمنظرها وهي مغمضت العينين و

الابتسامة على ثغرها كالطفلة التي تحلم وسعيدة بما ترى وعندما فتحت عينيها رأت ثلاثة أزواج من العيون تنظر لها فكست

خديها حمرت الخجل ورفعت رأسها من كتف والدها وأخفضته ونزل شعرها فغطى على وجهها فضج المجلس من الضحكات

وابتسمت ثم نهضت وهي تقول بتوتر وحياء : راح أجيب قهوه وحلى ..ثم خرجت , بسرعة أعدتها بصينية كبيرة ودخلت

المجلس ووضعت الصينية بالوسط ووزعت الحلوى ثم فناجين القهوه وجلست بجوار والدها فسمعت ضحكة والدها الذي قال

بمزاح : أمول أخاف طارق يغار مني خلاص أعطيه وجه الرجال أكلك بعيونه ..خجلت أمل بشدة من كلامه ولم ترفع عينيها

أبداً بل سمعت صوت ضحكاتهم وانخرط الجميع في الحديث وكانت هي مستمعة لهم ولم ترفع عينيها سوى نظرات خاطفة

تسرقها للجالس بموازاتها وانتبهت لعمها يتحدث فشدها ما سمعته ورفعت رأسها لتنتبه له ..
أبو طارق : يا أبو أمل بمناسبة شفاءك ودنا نروح لمزرعتنا يومين بعد بكرة ها إيش قلت ؟
أبو أمل بحرج من كرمه : والله مالها داعي أنت ما قصرت معي الله يجزاك خير كلفت عليك وتعبتك معي .
أبو طارق بزعل : أفاااا يا إبراهيم زعلتني عليك الأخوان ما بينهم كلافه أنت أخوي ونسيبي وإيش تبي بعد .
أبو أمل باعتذار : أعذرني يابو طارق موب القصد وعشان أثبتلك إني ما أعتبرك إلا أخوي خلاص تم .
ابتسم أبو طارق وحدث أمل : هالله هالله يا أمل بالحلى السنع مثل هذا ..وهو يشير لإناء الحلوى وأكمل .. خبري شادن أكيد

بتنبسط .
أمل بابتسامة همست : إن شاء الله يا عمي .
****
في تلك الليلة رفضت أمل العودة مع طارق وقالت أنها ستبقى مع والدها فأذن لها وجلست تتحدث له طويلاً ثم أعدت السحور

حضرت حينها سلمى وعندما انتبهت لهما أنهما كانا يتحدثان ويضحكان بوفاق شكت في الأمر وقالت لزوجها تسأله بحسد :

إبراهيم اليوم أحسن من الأيام اللي فاتت أشوف وجهك منور ؟
قطب أبو أمل حاجبيه ونظر فيها بتقزز يخفيه : قولي ما شاء الله لا تنظليني الحمد لله أحسن من قبل بكثيييير ..ونظر لها

بنظرة ذات مغزى ..
أحست سلمى أن نظرات زوجها تغيرت وأصبحت تذكرها بنظراته قبل سبعة عشر عام فخافت وتكلمت بتوتر : ما شاء الله آآآ

أنا بروح آآآ أنام ..وذهبت بعجلة باتجاه غرفتها نظر أبو أمل لإبنته مستفسراً سبب خوف سلمى منه ولكن أمل لم تنظر في

عينيه فيكشف السر ولكنه لم يصبر على سكوتها فسألها ..
أبو أمل : أمل مين سوى السحر لي ؟ ..ونظر لها بقوة حتى لا تكذب ..
أمل بلعثمة وتوتر : آآآ يبا خلاص موب لازم تعرف .
أبوها بحنق وضيق : لا لازم قولي ..ونظر فيها بريبة وكأنه شك بالأمر وقال بستفهام .. سلمى عملته ؟
هزت أمل رأسها بتوتر وقالت : إيه بسـ ..أشار لها والدها أن تصمت فأخذ يفكر فقطعت تفكيره أمل .. يبا أتركها يمكن تتغير

.
هز والدها رأسه وهو يفكر ..قطعت تفكيره أمل مرة أخرى تسأله ..
أمل : يبا إيش حسيت لما أبطلوا السحر ؟
أبوها بهدوء : أول شيء حسيت بدوخة وبعدها حسيت نفسي كأني صحيت من النوم وأن طاقة كبيرة بجسمي كأني شباب

توني ..وابتسم لها ..
ردت بحب : والله إنت سيد الشباب كلهم .
أبوها بمكر : أنا سيد الشباب ولا طارق ها هههههههه
ضحكت أمل بخجل وأكملا تناول السحور بهناء .
وفي اليوم التالي عادت لمنزل عمها ففرحت بها شادن وعملتا على الإستعداد للرحلة .
****
بعد يومين ...
الساعة العاشرة صباحاً ..
تجمعت السيارات أمام الفيلا فكانت كالتالي سيارة أبو طارق / أم طارق وشادن وشذى ، سيارة أبو أمل / سلمى ، سيارة طارق/

أمل ، سيارة أبو إياد / شهد و إياد و ريناد ، سيارة السائق والخدم .
بعد أن تجمعت السيارات انطلقت للمزرعة والتي تبعد مسافة ساعة ونصف .
***
في سيارة طارق ..
كان الجو يسوده التوتر والهدوء المرهق للأعصاب حتى قطع الصمت طارق بسؤاله : ها فكرتي بالموضوع ؟
أمل باستغراب وتوتر : أي موضوع ؟
طارق بسخرية : أوووف مداك نسيتي الموضوع ..صمت قليلاً وأكمل بجدية .. موضوع العيال فكرتي فيه ؟
توترت أمل وخافت بل أصابها الرعب من مجرد التخيل فقالت متلعثمة : آآآ بس آآ مـا آآ ـبي آآآأجيـ..ـيب عيال .
طارق بحدة : بس أنا أبي .
دمعت عينا أمل بخوف وقالت بصوت مرتجف من أثر ارتجاف جسدها : مــ...ـاآآ أقــ...ــدر ..وصرخت بذعر وحزن ..

ماااااا أقـــــــــــدر ..وانفجرت تبكي ..
استغرب طارق بكائها وانفعالها فقال يهديها : خلاص انسي الموضوع الحين امسحي دموعك إذا روحنا نتناقش فيه طيب ؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وهي تمسح دموعها .
****
وصلت السيارات للمزرعة ونزل الجميع من السيارات باتجاه الفيلا رائعة التصميم المتوسطة ساحة المزرعة شاسعة الأطراف .
نزلت أمل من السيارة وهي مأخوذة بجمال وروعة تصميم الحديقة وكثرة الأشجار المحيطة بها وترتيب الأزهار إنتهاءً

بتصميم الفيلا الدقيق سارت بجوار طارق وهي تتلفت لتنظر في المزرعة وقالت بحماس طفولي : واااااو طارق مزرعتكم

روووووعة مرررررره .
ابتسم لها طارق وهز رأسه ولم يجيب حتى وصلا للفيلا وتوجه الجميع إلى غرفهم للراحة .
****
دخلا طارق وأمل الجناح المخصص لطارق أُعجبت أمل بتصميمه ولكنها تضايقـت بسبب وجود غرفة نوم واحدة بسرير نوم كبير

عندما رأته تراجعت وعادت لتجلس على الكنبة الطويلة في الصالةتمددت لترتاح ولم تشعر بالنوم حين زحف وغطى أجفانها .
سمعت صوت أذان الظهر ونهضت وأبعدت اللحاف فشكت عندما انتبهت له وعلمت أنه طارق شعرت بالخجل ربما تكشف

لباسها لذلك غطاها فتعوذت من الشيطان ونهضت لتصلي الظهر ؛ عندما انهت صلاتها انتبهت لطارق الذي يجلس مكان نومها

وينظر جهتها ولكنه سارح بفكره كأنه بكوكب آخر ، نهضت ورفعت سجادتها وأبقت الجلال عليها فجلست مقابلة له

بكرسي مفرد تنتظره أن يبدأ الحديث ولما طال صمته سألته بتردد : آآآ طارق فيه شيء ؟
انتبه لها طارق وتساءل : ها شو قلتي ؟
أمل بتوتر : لـ لا ما فيه شيء بسـ ..صمتت وهو ينظر لها يستحثها وتسائلت .. فيه شيء حصل ؟
طارق بهدوء نفى : لا ما فيه شيء ..وسألها.. ليش تسألين ؟
أمل بتبرير : لا بس شفتك سرحان قلت يمكن حصل شيء .
طارق بغموض : لا بس أبي أسألك ..أمسك عن الكلام لحظة ثم أكمل وهو يقف .. وﻻ أقولك خلاص ما أبي شيء ..وسار باتجاه

غرفة النوم وهو يقول .. إذا أذن العصر صحيني ..ودخل الغرفة وأقفل الباب قبل أن تتمكن من الرد عليه ..
أمسكت بمصحفها وبدأت بالقراءة .
مضى وقت طويل وهي مستغرقة بالقراءة ولم ترفع رأسها لترى الواقف أمام باب الغرفة والذي شده صوتها وحسن ترتيلها

للآيات ، أحست بوجود ظل عند باب غرفة النوم كذبت حدسها وأكملت قراءتها ولكن أحست مرة أخرى بحركة بذات الجهة

فالتفتت ورأت طارق يقف على الباب مستنداً على حافته وهو ينظر لها أخفضت بصرها وأكتست خديها بحمرة الخجل من

نظراته ، أغلقت المصحف وأسندت ظهرها للمقعد ومازالت خافضة بصرها تقدم طارق وجلس في المقعد المقابل لها وعم الصمت

قطعته أمل بسؤلها : عسى ما أزعجتك وصحيتك من النوم ؟
طارق بهدوء : لا بالعكس صوتك حلو مره وأصلا أنا مانمت .
خجلت أمل بشدة من مدحه لها وصمتت ولم ترد عليه .
استمر الصمت طويلاً وهم طارق بأن
يسألها : أمل ليـــ.. ..وتوقف عن إلقاء السؤال عندما سمعا أذان العصر فنهض بسرعة وخرج وهو يردد مع الإمام بينما نظرت

له أمل بحيرة وهي تحدث نفسها "هذي ثاني مرة يبي يسأل ويسكت نفسي أعرف إيش يبي" ونهضت هي الأخرى لتستعد

لصلاة العصر وتنزل لتنظم للبقية لعمل الفطور ..
****
بعد المغرب ...
صلى الجميع وأكملوا تناول إفطارهم وكان الأجواء رائعة فقد جلس الرجال بجهة من المزرعة والنساء بالجهة الأخرى ،في

جلسة النساء كان الجميع مستمتع بالحديث الدائر فقد كانت كل واحدة تلقي قصة وأخرى موعظة ولكن في منتصف الحديث

سألت أم طارق أمل : أمل بنتي وين زوجة أبوك ما يصير نتركها هي ضيفتنا ؟
أمل بضيق : ما أدري عنها يمة بس أنا قلت لها تجي لكن هي رفضت تقول بتنام شوي .
أم طارق بطيبة : أها أجل أتركيها ترتاح .
هزت أمل رأسها وعادت للحديث مع شادن الجالسة بجوارها حتى قطعت الحديث شذى التي أتت تقول لأمل : أمل بابا يقول

وين الحلى ؟
ضحكت أمل فنظر لها الجميع بستغراب فقالت تجيبهم على نظرات الإستفهام التي بعيونهم : هذا الحلى اللي سويت مثله

فبيت أبوي ذاقه عمي وقال لي أسوي له إذا رحنا المزرعة .
ابتسم لها الجميع ونهضت وهي تقول لشذى : قولي له الحين أرسلة له .
هزت شذى رأسها بإيجاب وقالت وهي تهم بالمغادرة : تيب .
سارت أمل باتجاه الفيلا ثم دخلت المطبخ وأخرجت صينية الحلوى وشرعت بتوزيعه بالأواني ولكنـ سمعت صوت عند الباب

الخارجي للمطبخ توجهت له وفتحته بهدوء ونظرت لمصدر الصوت وأذهــــــلهااااااا مارأت (ولوح لها الأمل والفرح وهما

يغادرا والألم الحزن يأتيا)
******
كنت أسير في طريقي وحيداً

حتى رأيت مفترق لطريقين

احترت

أيهما سأختار

فوقع الإختيار على طريق منير مذلل

سرت فيه لمدة

فظهر لي شخص ذو وجه حسن مُبشر

فقال معرفاً : أنا الأمل ، أتسمح لي بمرافقتك ؟

قلت : على الرحب .

سرت برفقته و أنا مبتهج بصحبته .

فقال بعد مدة : لي صديق يود مرافقتنا أأناديه ؟

فقلت : مرحباً بصديق صديقنا .

فذهب للحظات وعاد ومعه شخص ذو وجه جميل تكسوه البشاشة .

رحبت به وصاحبنا في سيرنا الممتع .

فقلت بعد مدة وأنا مبتهج : أصبح برفقتي (أمـل فـ فرحة فـ ..) .

توقفت عن الكلام وتوقفنا عن السير عند مفترق آخر .

فاحترنا أيهما سنسلك .

فقال الفرح مقترحاً وهو يشير للطريق الأول فقلنا نؤيده هلم بنا .

فسرنا كعهدنا ولكن بعد مدة من سيرنا إختفى الفرح .

بحثنا عنه فلم نجده وتابعنا سيرنا بصمت وبعد مدة إختفى الأمل .

بحثت عنه فلم أفلح فواصلت سيري إلى أن ظهر أمامي شخص .

وجهه قبيح .

ابتسامته خبيثة .

ارتجفت وقلت له من أنت ؟

فقال أنا ( الألــــــم )



******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء السابع عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:18 AM




&< ~^(( الجزء الثامن عشر))^~ >&

~[( ألـــــــــــم )]~



سمعت صوت عند الباب الخارجي للمطبخ توجهت له وفتحته بهدوء ونظرت لمصدر الصوت وأذهــــــلهااااااا مارأت كادت

تنهار وتقع أرضاً من هول ما رأت ولكن ما سمعته هو الذي جعل قدميها كالهلام وسقطت على الأرض بهدوء وغطت فيها بيديها

كي تكتم شهقاتها وقد بللت الدموع وجهها وحاولت التماسك حتى لا يشعرون بها ولكن لم تستطع التماسك عند آخل جملة

قيلت فصرخت بصوت واهن ومسموع (كـــذب كــــذابة لا تصدقها يا طــــارق لااااا تصدقهاااااا) وانفجرت تبكي بصوت مرتفع

وهي تردد "كذابة" "ظلم" "لا تصدقها"بين شهقاتها ،انتبها لها الإثنان وتفاجئا فاقترب منها طارق ونزل لمستواها و قال بجمود

وهمس: خلاص لاتبكين أسكتي الحين وبعدين نتفاهم ..وتلفت يمنه ويسره وأكمل بذات الهمس .. أخاف أحد يجي الحين

ويشكون بالموضوع .
كل كلام طارق لم يطفئ النار بصدر أمل بل أشعلها وفهمت أنه غير مبالي لكلامها وقالت تستعطفة بطريقة طفولية : طارق

صدقني هي تكذب والله تكذب ..ورفعت سبابتهاوهي تحلف كالصغار ..
رد طارق بغضب مكتوم وبهمس : خلاص قلتلك بعدين نتفاهم .
سمعا صوت شادن وهي تنادي أمل فالتفتا للجهة التي كانت بها سلمى فوجدا أنها لم تعد موجودة فظهرت الراحة على

وجهيهما ، أطلت شادن من الباب وهي تقول بمرح : كشفتكم إيش تسوون ها ..فانتبهت لجلست أمل على الأرض فتقدمت

بخوف وهي تقول .. أمل إيش فيك ..وأنتبهت لبقايا دموعها فأكملت بذعر .. ليش تبكين إيش صار لك ؟
ابتسمت أمل بحب وهي تجيبها بهدوء مناقض للعواصف التي بقلبها : لا حبيبتي ما فيه شيء كل الموضوع تعثرت على الأرض

..ونهضت بخفة وأكملت .. والحين أنا بخير ها شوفيني .
شادن بشك سألتها : طيب ليش تبكين ؟
نظرت أمل بتردد لطارق الذي يقف بجوارها وقالت تتصنع الدلع فبدا لائق عليها: حبيت أتدلع على طارق شوي ولا ما يحق لي

؟
شادن بمكر وهي تنظر لهما : لا يحق ونص بس أبوي ينتظر الحلى تأخرتي عليه .
ضربت أمل جبهتها براحت يمينها وهي تقول : أوووف مررره تأخرت عليه يلا نحضره بسرعة ..وأكملت تحدث طارق..

طارق انتظر عشان أعطيك صحون الرجال .
هز طارق رأسه بإيجاب وهو سارح فعلمت أمل أنه يفكر بكلام سلمى وربما قد صدقة فذهبت وهي متألمة وحزينة .
****
بعد أن تسحر الجميع ذهبت سلمى وشهد وزوجها وأبنائها ليناموا أما الباقين فجلسوا يتسامرون وقد كانت الجلسة ممتعة

للغاية فقد كان يتبادل الجميع المواقف المضحكة والمحرجة وغيرها من مواقف واقترحت أمل أن يلعبوا لعبة الألغاز فوافقها

الجميع (كانت أمل تمثل للجميع أنها فرحة ومستمتعة ولكنها ليست كذلك فقد كان قلبها ينزف ألماً وقهراً) بدأت أمل بأول لغز

قائلة بصوت مرح : أول لغز هو تفسير الجملة "طرقت الباب حتى كلمتني ولما كلمتني كلمتني" يلا مين يفسرها له أول نقطة .
صمت الجميع للحظة فقالت شادن بحيرة : كيف يعني لما كلمتني كلمتني ؟
أمل بابتسامة : فكري صح وبتعرفي الجواب .
بعد لحظات قال طارق بثقل وهدوء : معناها طرقت الباب حتى كلّ متني يعني تعب ذراعي ولما كلّ متني ولما تعب ذراعي

كلمتني يعني ردت علي ..ونظر لأمل بتحدي..
قالت أمل بحماس مصطنع : صح إجابتك مزبوطة أول نقطة لطارق ، مين يقول اللغز الثاني ؟
قالت شادن بحماس : أنا بقوله "أمر أمير الأمراء بحفر بئر في الصحراء كم راء في ذلك ؟" يلــ ..
قاطعتها أمل وهي تجيب بحماس : ذلك ما فيها راء هههههه لغزك تافه ؟
شادن بحنق مصطنع : أهب عليك مسرع جاوبتي .
أمل بسرعة : هي قولي ما شاء الله لا تحسديني .
شادن بضحكة : ما شاء الله ما شاء الله ما نيب حاسدتك .
وضحك الجميع عليهما .
قال أبو طارق : هذي المره اللغز من عندي وهو مين يقدر يقول الجمله بدون غلط يلا نبدأ ..هز الجميع رأسه بحماس وقال ..

بقولها مرتين عشان تفهمونها خلاص الجمله هي "غدا عطيه مغطا موطى إذا جا عطيه إفتحوا الغطا وأعطوا عطيه غداه" ..كررها

مرة أخرى وقال منبها .. كل واحد له محاولتين يلا أول واحد طارق .
حاول طارق ولكنه لم يفلح وكذلك أم طارق ثم شادن التي تحاول وهي تضحك ثم أمل التي أخطأت وأخيراً الدور وصل لوالد أمل

الذي قالها بطلاقة من المرة الأولى صفق الجميع له فضحك الرجلان واستغرب الجميع من ضحكهما فرد أبو أمل قائلاً ببتسامة

بشوشة : هذا اللغز كان يقوله عمي اللي هو جدكم كثير لين حفظناه أنا و عبد الله .
ابتسم الجميع واستمرت الألغاز والحكايات حتى اقترب الفجر فنهض الجميع استعداداً للصلاة .
*****
صلت أمل ثم تمددت على الكنبه الطويلة تنتظر طارق حتى تتوضح منه الأمر ، مر وقت ولم يأتي طارق والأفكار تتصارع في

مخيلتها وتدمي قلبها فكلما تذكرت ما دار حاولت صرفه عنها بالتململ على الكنبة فلاتفلح في إبعادها فتمسك بالمصحف حتى

تبعدها ولكن ما أن تبدأ بالتلاوة حتى تشعر بالنعاس وعينيها تقفلان فتضعه خوفاً من أن تخطئ ولكن ما إن تضعه حتى

تهاجمها الأفكار مرة أخرى ، وبعد إنتظار طويل عاد طارق فألقى السلام بجمود ودخل غرفته وأغلق الباب قبل أن يسمع ردها

فحزنت أمل وتأكدت من أنه صدق كلام سلمى وفاضت دموعها وتمددت على الكنب وهي تبكي بوجع أنهكها حد الألم واستمرت

تبكي حتى تبللت وسادتها ونامت وهي على حالها بعد أن هدها التعب وأضناها الوجع .
****
(واقفة في مكان موحش ومظلم تتلفت يمنة ويسرة وهي مرعوبة سمعت حفيف ورق على الأرض فرأت سلمى وسعود ورجلان لا

تعرفهما يتقدمون إليها كانت أجسادهم كاثعابين ووجيههم بشرية ولكن بملامحهم مرعبة وهم يحملون في أفواههم سكاكين

ملطخة بالدما ويضحكون بأصوات مرعبة تشبه الصراخ أصبحت تهرب منهم وهم يلحقون واستمرت كذلك حتى اصتدمت

بشخص فرأت طارق فرحت وتعلقت به ولكنه نفضها عنه بعنف فسقطت وهجموا عليها وهي تصرخ وتنادي "طارق كــــذب

كــــذاااااابين أنا مظلومة" ولكنه لم يلتفت لها أصلاً فغرقت في دمائها ودموعما) استيقضت فزعة وهي تتعوذ بالله من الشيطان

وتنفث عن يسارها نظرت للساعة وكانت تشير للعاشرة صباحاً فنهضت وصلت الضحى وهي ترتجف من الخوف من هول ما

رأت وتمددت مره أخرى عل النوم الهادئ يزورها فترتاح .
****
سمعت أذان الظهر فنهضت وهي متعبة وجسدها يشكو من الألم وقلبها يئن من الوجع فسارت لتتوضأ وتصلي علّ الصلاة تجلوا

همها وتفرج كربها وفي طريقها مرت وطرقت الباب على طارق حتى سمعت صوته فانصرفت .
بعد أن أنهت الصلاة وهي لم ترى طارق فظنت أنه خرج وهي تصلي أمسكت بالمصحف فقرأت عدة صفحات ثم أغلقته ولبست

جلال الصلاة وسارت لجناح والدها .
طرقت باب جناح الضيوف الذي به والدها مع سلمى وفُتح الباب وظهرت لها سلمى التي علت وجهها تكشيرة عندما رأت أمل .
قالت أمل بهدوء : أبوي موجود ؟
سلمى بضيق : إيه موجود ..فنظرت لعيني أمل المتورمة من البكاء فقالت بخبث.. إيش سوى لك طارق بعد البارح ..وضحكت

دون أدنى ذنب أو تأثر..هههههه .
من الداخل سمع أبو أمل صوت ضحكت سلمى فقال بشمئزاز وبصوت عالٍ : سلمى تضحكين مع من عند الباب ؟
تلعثمت سلمى وقالت بطيبة مصطنعة : مع بنتك أمل .
نظرت لها أمل بازداء وضيق وقالت وهي تبعدها : ابعدي بروح لبوي .
فدخلت وهي تنزل الجلال من رأسها رأت والدها ممسك بالمصحف ونظر لها ببتسامة محبة وحانية وهو يقول : هلا بحبيبة

أبوها وروحه وعمره .
تقدمت أمل وهي مبتسمة بفرح وقبلت رأسه ويمناه وجلست بقربه وهي تقول : لا لا أنا ما أقدر على هذا الدلع كله يكبر راسي

.
ضحك أبوها بحب : هههه ..وأكمل.. إذا أمول ما يكبر راسها أجل من اللي يكبر راسه .
عند الباب كانت تقف سلمى وهي تنظر لهما بحقد وحسد فدخلت غرفة النوم وهي غاضبة وأغلقت الباب بقوة فصرخ بها أبو

أمل : عساك الكسر ..واستغفر بهمس وقال .. إني صائم يارب تغفرلي ..وحدث إبنته شاكياً.. دايماً تخرجني من طوري

وحركاتها ما تنطاق أبد .
أمل بهدوء : أصبر عليها يبه الفرج قريب إن شاء الله ..وقالت بحذر وهمس .. يبه تدري إنك كاتب البيت بإسمها ؟
أبوها : إيه وهذا اللي مصبرني عليها .
سألته بذات الحذر وبهمس : طيب إيش حتسوي معها ؟
أبوها بضيق : بصبر على بلاويها وراح أحاول أسوي نفسي طيب معها لما أحصل الورق وأرجعه لي وبعدها تنطق مالها عندي

شيء .
أمل بتردد : بس يعني تخليها كذا ؟
أبوها بحنق : تدبر نفسها تريها حية تحت تبن .
صمت الطرفان ثم نظر والدها لعينيها وانتبه لانتفاخهما فسألها بشك : أمل ليش عيونك منتفخة كذا ؟ طارق سوى لك شيء ؟
دمعت عينا أمل ومسحت دموعها بسرعة وهي لا تنظر لعيني والدها : ها لا يبه بس صدعت شوي والحين أحسن .
والدها بشك : متأكده ؟
أمل بمرح مصطنع وهي تقف : إيش فيك موب مصدقني يعني ؟ ..أكملت وهي تغادر هاربة من نظرات والدها الحادة.. يلا مع

السلامة خرجت وأنا ما شفت طارق يمكن يبي شيء مع السلامة ..وخرجت وأغلقت الباب وتنفست الصعداء فقد كادت أن تقول

كل شيء لأبيها تحت إلحاح نظراته لكن الله سلّم..
*****
عاد الجميع لمنازلهم بعد يومين استمتع بها الجميع ما عدا أمل التي جرحها لم يندمل بعد ..
وفي اليوم التالي ..
عاد طارق من عمله الساعة الثانية ظهراً وقد كانت أمل بانتظاره ألقى التحية وهم بالذهاب لولا أن استوقفته أمل بأنها تريد أن

تحادثه فجلس وهو متذمر وهذا ما جعلها تتردد قليلا ولكن عزمت أمرها وتوكلت على ربها فقالت بتردد : أبي أقول لك أن

اللي قالته سلمى كذب والله تكذب .
طارق ببرود : أعرف أصلاً سلمى هذي أنا موب مرتاح لها .
أمل بفرح : والله مصدقني مشكور طارق مشكور .
نظر لها طارق بجمود فشكت بأنه غير مصدق كلياً ولكن نهضت لتدخل غرفتها فاستوقفها طارق وهو يقول : انتظري .
نظرت له أمل باستغراب وعادت لتجلس .
فقال بتردد أخفاه بالبرود : أبسألك ..صمت لحظة ثم نهض وقال بذات البرود .. خلاص ما أبي شيء ودخل غرفته ونظرات

الاستغراب تطل من عيني أمل وهي تحدث نفسها "هذي ثالث مره يبي يسأل ويسكت ياترا إيش عندك ياطارق نفسي أعرف

إيش مخبي " ودخلت هي الأخرى غرفتها .
*****
بعد المغرب ...
تجمعت العائلة بعد أن عاد الرجال من المسجد وجلسوا يتسامرون بأحاديث متنوعة .
أمل وهي تحدث شادن بصوت منخفض : ما قلتلك كلمت نهى .
شادن بحماس : قولي والله متى ؟
ابتسمت أمل : قبل أربع أيام .
شادن بحنق : والحين توك تقولي .
أمل بتبرير : والله بسبب اللي صار نسيت أقول لك .
شادن بشك : ليش إيش صار ؟
تلعثمت أمل قليلاً وأكملت بهدوء مصطنع : آآآ لا ما صار شيء بس كل الموضوع كنت متوترة عشان أبوي وكانت نفسيتي زفت

والحين أحسن ..وأكملت لتغيير الموضوع المؤلم .. إيش رايك نروح السوق الليلة بكرة راح تبدأ العشر الأواخر وما يصير نضيع

الأجر في السوق .
شادن باقتناع : اوكي خلاص راح أكلم بابا ..وقالت بصوت مرح .. بابا نبي نروح السوق الليلة عشان نتشرى للعيد .
نظر لها الجميع باستغراب وقالت أم طارق وهي مستغربة : غريبة وين اللي تقول ما أحب أشتري إلا قبل العيد بكم يوم عشان

الأشياء تكون جديدة إيش اللي تغير ؟
شادن بضحكة : هذاك أول الحين لا ما أبي أضيع الأجر بالسوق ..وغمزت بعينها لأمل فابتسمت لها هذه الأخيرة وأكملت .. ها

بابا إيش قلت ؟
أبو طارق الذي انتبه لحركة الفتاتين ابتسم وقال : اللي تبونه ..وتساءل.. بس مين راح يوديكم ؟
أجاب طارق بسرعة : أنا راح أوديكم ..وقال لهما أمراً .. بعد التراويح أشوفكم جاهزين طيب ؟
أجابت الفتاتين باستغراب : طيب .

*******
في السوق ...
أمل "لنا من دخلنا السوق ساعة دورت بكل المحلات وماحصلت شيء عجبني إما يكون قصير أو بدون أكمام أو بنطلون أوووف

إيش هذي الحاله صدق هذا غزو كل الملابس إما فستان لميس أو ما أدري إيش يارب رحمتك مليت وإحنا ندور واللي يقهر أكثر

أشكال الشباب والبنات بس يارب لا تسخط فينا انتبهت لشادن تكلمني " التفتت لها .. ها شادن ؟
شادن بقهر وبهمس : لا الظاهر ما انتي معي ..وأكملت بمكر.. شكلك سرحانه باللي يمشي قدامنا ها إعترفي مو ؟
أمل بحنق : ضفي وجهك أقول وبعدين إيش تبين ؟
شادن وهي تشير إلى لباس مكون من تنورة طبقات بموديل غجري بقماش من الكاروهات الزيتي والسكري وبلوزة باللون الزيتي

بياقة مرتفعة وحزام يربط على الخصر من نفس القماش وذات قماش ثقيل نوعاً ما مما أعطى أناقة له ، قالت شادن : أمل إيش

رايك فيه ؟
أمل بإعجاب : حلووو مررره يلا نشتريه .
شادن : طارق نبي إثنين من هذا اللبس .
طارق ببرود : طيب ..وطلب من العامل أن يخرج إثنين منه بينما ذهبت الفتاتان لإختيار بعض الألبسة في ذات المحل وعندما

أكملتا وضعتا ما جمعتاه عند الكاشير ودفع طارق المبلغ وقال يسألهما ..إيش بقي لكم ؟
شادن : إكسسوارات وصنادل ..وفكرت قليلاً .. أمممم وكمان عبايات وعطورات .
طارق بتذمر : أوووف كل هذا راح يأذن الفجر وإحنا ما خلصنا .
ضحكت الفتاتان بخفوت وردت شادن : لا إن شاء الله ما راح نطول ..وتعدد على أصابعها الظاهرة بعكس أمل التي لا يظهر

منها إلا السواد .. الإكسسوارات والصنادل والعطور من مكان واحد والعبايات مكان ثاني وبس .
هز طارق رأسه ببرود وساروا يكملون تسوقهم .
*******
في اليوم التالي ..
في المستشفى ..
في مكتب طارق فترت البريك ..
كان طارق وعبد الرحمن جالسين على الكنبات الجلدية متقابلان ويتحدثان بأمور المستشفى والمرضى ثم عم صمت دام للحظات

وكان طارق مسغرق بأفكاره فقطع عليه عبدالرحمن بسؤاله : طارق ياخوي إيش فيك دايم تسرح وإذا كلمتك نادر ماترد عليّ ؟

قلي ياخوي عندك مشكلة قول فضفض عشان نحلها .
انتبه له طارق ورد بهدوء : ها لا لامافيه شيء يارجّال الحمد لله ما فيه أي مشاكل .
نظر له عبد الرحمن بقوه وقال بحزم : إلا عندك ترانا عشره عمر موب يوم أو يومين.
تنهد طارق بهم واستغفر بهمس وقال : لا تشغل نفسك يا خوي شوية مشاكل مع الاهل .
تطلع له الآخر بمكر : أها المسأله فيها الاهل ..ثم أطرق قليلاً وتسائل بهدوء.. عسى ما شر إيش فيهم الأهل ؟؟
طارق بإنكار : ها لا لا ما فيهم شيء ..ورجع يفكر من جديد ..
ضحك عبد الرحمن وقال بهزل : مشاكل ولا..أكمل بمكر.. رايح فخرايطها ها أعترف؟؟
نظر له طارق بضيق وقال : أنا فشيء وأنت فشيء ثاني أي خرايط ياعمي وهي ..
سكت ..
عبد الرحمن بتساؤل : هي إيش بها ؟؟
طارق بهدوء ونفي: لا لا مافيها شيء .
عبد الرحمن بتأنيب : إيش فيك ياطارق صاير تخبي عني ليش شفت مني شيء عشان ما تامني على سرك ؟؟
طارق بأسف : أعذرني ياخوي لا موب قصدي شيء بس ..
عبد الرحمن بجديه : طارق قول عشان أساعدك ترى سرك فبير وأنا أخوك .
طارق بهدوء وامتنان : تسلم وما تقصر ..صمت لثواني ثم أكمل بجديه.. السالفة هي أن زوجتي حالتها غريبه أنا من أول

ماتزوجتها أو بالأصح من أول ما طلبت مني أتزوجها قلت لها إني أبي عيال رفضت وبقوه وبكت ويوم الزواج لما دخلت الجناح

من أول ما شفتها وهي ترتجف وخايفه ولما خرجوا أمي وأخواتي قامت ورجعت ولما مسكتها عشان أساعدها توقف أبعدت يدي

بقوه وقالت لا تقرب ولما مسكت يدها أغمى عليها ودايماً أشوفها ترتعش وخايفه غير الترجيع وكمان أسمع صوتها وهي نايمة

بغرفتها تصرخ وهي تقول بعــد ما أدري إيش سالفتها بصراحه لكنــ
قاطعه عبد الرحمن بذهول : لاتقول إنكـــ لا لا ما أصدق يعني المده هذي كلها ..وصمت مذهولاً..
طارق ببرود وهو يهز رأسه بالموافقة : إيوه هي فغرفتي البيضاء اللي تعرفها .
عبد الرحمن بهدوء وهو يفكر ويتسائل : يعني أنت فغرفه وهي فغرفة ؟؟..هز طارق رأسه بــ نعم ثم أكمل ..والحاله اللي فيها

هي السبب ؟؟ طيب حالتها ...
طارق بهدوء : حالتها مالها إلا تفسير واحد .
نظر له عبد الرحمن يستحثه على الإكمال .
طارق بجديه : إنها مغتــــــــــصبه .
نظر له عبد الرحمن مذهولاً من إستنتاجه وقال بستنكار : لا يا رجال قول غير هذا الكلام ..فكر قليلاً ورأى أنه الاستنتاج

المنطقي لحالتها وقال بهدوء .. طيب والحل إيش راح تسوي معها ؟؟
طارق بجديه وظهرت على ملامحه القسوة : أنا فكرة إنها كانت متزوجه من قبل وكمان خدعت طليقها ما أعجبتني وتجي كمان

تكون مغتصبة لا هذا شيء ما أستحمله وهذا غير كلام زوجة أبوها اللي قالته بصراحة ما فيه حل غيــــر إني

أطـــلـــقـــهـــــااا .
عبد الرحمن بجدية : لا يا طارق لا تستعجل وبعدين زوجة أبوها يمكن حاقدة عليها لا تعتمد على أي كلمة تقولها إسألها قبل

يمكن ..صمت..
طارق بسخرية : يمكن إيش ؟؟ ..صمت وفكر قليلاً وأكمل بهدوء.. خلاص راح أسألها وإذا صحيح أنها مغتصبه فأنا ما أقدر

أخليها على ذمتي أما كلام زوجة أبوها فأصلاً أنا ماأهتميت له .
عبد الرحمن بجديه : سو إلي تبيه بس قلت لك لا تستعجل ثم تندم .
هز طارق رأسه بــ نعم .
صمت الجميع واستغرقوا في أفكارهم حتى تحدث عبد الرحمن وقطع الصمت وهو يقول بتوتر : آآآ طارق أبي أطلب منك طلب

وأتمنى ما تردنى .
طارق بنخوة : تم لك اللي طلبت .
(كثير من الشباب لا يرغبون أن تكون زوجتهم مغتصبة وقد غفلوا أو تغافلوا كونها مظلومة وما حدث ليس بإرادتها)
******
في المساء...
كانت الأسرة مجتمعة في جلسة ممتعة ولكن أمل لم تكن موجودة بل ذهبت لزيارة والدها وقطع الحديث دخول طارق العائد من

المستشفى وجلس وهو منهك بعد أن ألقى التحية وقال سائلاً : متى راحت أمل ؟
شادن بهدوء واستغراب : بعد التراويح ..وتسائلت.. ليش ؟
نظر لها طارق بضيق وقال ببرود : لا ما فيه شيء بس أسأل ..ونهض وهو يقول .. شادن تعالي معي أبيك بموضوع ..والتفت

لوالديه وقال بحترام وهو يقبل رأسيهما .. عن إذنكم .
والديه : إذنك معك .
وذهب برفقت شادن إلى جناحها وعندما جلسا بادرها قائلاً بهدوء : شادن شوفي أنا بقول لك الموضوع بدون لف ولا دوران ولك

الحرية بالموافقة أو بالرفض ولا تهتمي لأي شيء فاهمه .
شادن بخوف : طارق خوفتني إيش هذا الموضوع .
ضحك طارق بهدوء ورد بأريحية : لا تخافي ولا شيء كل الموضوع أن واحد خطبك وأنا أعطيته كلمة بس أنتي تقدرين ترفضين

إذا ما تبين .
شادن خجلت وغضبت من موافقته بدون رأيها ولكن فرحت أنه مازال الخيار لها فقالت بتردد : طيب مين هو ؟
ابتسم طارق ورد بهدوء : صديقي عبد الرحمن ..ارتسم الخجل بوضوح على شادن وأخفضت بصرها فضحك طارق عليها..

هههههه .
شادن وهي تحدث نفسها "يوووه ماتوقعت أن عبد الرحمن يخطبني ياااي يعني يفكر فيني مثل ما أفكر فيه ياربي موب مصدقة

" انتبهت من سرحانها على صوت ضحكت طارق الذي نظرت له بحنق وقالت بتردد : طـ.. طيب أستخير وأرد عليك .
نهض طارق وهو يقول بابتسامة ودودة وفرحة : أعتبر هذي موافقة مبدئية عن الموضوع وراح أسألك بعد يومين كفاية خلاص .
هزت شادن رأسها بإيجاب وهي خجلة ووجهها تكسوه الحمرة وقالت بهمس : طيب .
********
في منزل أبو أمل ...
عندما أتت أمل جلست مع والدها وتحدثا كثيراً و صنعت لوالدها العشاء وأكلا ثم استأذنت والدها بأنها ستدعوا صديقتها

لتأتييها هنا فقال لها بعتاب : أمل هذا بيتك لا تسـتأذنين طيب .
ابتسمت له أمل وقبلت رأسه بعتذار : لا الله يطول بعمرك مو قصدي شيء كل الموضوع ما أبي أزعجك أنت راح تنام .
أبوها : لا ما فيه إزعاج أبد يلا روحي قولي لها وأنا رايح أنام .
أمل بحب وبهمس : نوم العوافي يارب .
وفوراً اتصلت على نهى لتدعوها لزيارتها بمنزل والدها وبعد نصف ساعة أتت واستقبلتها بحفاوة وحب واحتضنتها بشوق

أدمع عينيهما من طول الفراق وحرارة اللقاء فمضت نهى تعاتبها بمحبة وتعتذر الأخرى بصدق عن ابتعادها وبعدها بضروف

أقسى منها ، مسحتا عينيهما من آثار الدموع وجلستا تتحدثان و بعد شرب القهوة وأكل الحلوى بادرت نهى قائلة : يلا

حكيني كل شيء من طق طق للسلام عليكم بس بسألك أول زوجة أبوك غريبة للحين ما شفتها .
أمل بضيق : لا موب موجودة كل يوم تخرج بعد المغرب ولا ترجع إلا وقت السحور .
نهى بذهول : وين تروح كل هالوقت و أبوك مين يعطيه احتياجاته ؟
أمل بضيق : خليها على ربك أصلاً هي ما عمرها اهتمت فيه .
نهى بتساؤل : طيب مين يسوي له الفطور وأكله ؟
أمل بهدوء : كل يوم أرسل له فطور أما العشاء أنا كل يوم أجي أسوي له وأجلس لما ينام وأسوي السحور وأروح .
نهى بإعجاب : جزاك الله خير والله يعطيك على قد نيتك وأكثر من نيتك بعد ..صمتت للحظة وقالت بمكر ..والحين يلا احكي

.
أمل بهدوء : حاضر اسمعي لما خرجت من المشغل و... إلخ..وبدأت بسرد ما حدث معها وبكت متأثرة بأسطورة أحزانها

وشاركتها نهى بالبكاء حتى قالت .. وآخرتها تروح تشكك فشرفي وأخلاقي عنده .
شادن بحنق : ما كفاها اللي سوته حسبي الله عليها قولي إيش سوت .
أمل بحزن وغبن : إسمعي يا ستي ، لما سمعت أصوات وأنا كنت أجهز الحلى تبعت الصوت وحصلت سلمى ماسكةيدين طارق

ومقابلة له وهو يحاول يبعد عنها لكنها تزيد وتقرب فصرخ فيها "خافي الله إبعدي عني إيش تبين مني ؟"
"قالت سلمى : أبـــيك ."
أنا إنهرت لما سمعت كلامها حسيت إن رجلي ما تشيلني خفت يمشي معها ويسوي مثل ما سوى سعود لكن اللي برد قلبي كلام

طارق "قال : خافي ربك أول شيء إحنا فشهر فضيل ، ثاني شيء استحي على وجهك قدك كبر أمي وتسوين الحركات هذي

وبعدين زوجتي حسبت بنتك وإنتي ربيتيها كيف بالله تجين تعترضين لزوجها ؟" فلحظتها حسيت أنه منقرف منها وبقوة .
نهى بشمئزاز : ياوسع وجهها عجوز وتسوي هالحركات الله ياخذها .
أمل بحزن ومرارة : بس الكلام اللي ردت به عليه أقوى من هذا كلامها يا نهى ذبحنـــي ذبحنـــــي ..ودمعت عيناها فطبطبت

عليها نهى وهي تهدئ فيها وأكملت أمل .. تخيلي قالت له "لأني أنا ربيتها فهي أكيد مثلي تراها كانت تخون سعود كثير

يعني لا يغرك إلتزامها الكذاب هذا هه تراها تغطي فيه خبثها وبعدين ما تدري إنها كانت ست شهور مالها أي مكان وكانت

بالشوارع وعاد فكر فيها إنت بنت وحدها بالشارع كيف تربيتها ؟" أنا حسيت لحظتها إني أنذبح من كلامها إنهرت وبكيت و

حاولت أصرخ من الوجع ما قدرت بس صرخت بصوت شوي مسموع (كـــذب كــــذابة لا تصدقها يا طــــارق لااااا تصدقهاااااا)

التفتوا لي متفاجئين وأنا لحظتها ما استحملت بديت أبكي بصوت عالي وأنا أكرر 'ظلم' جاء طارق ونزل لمستواي على ركبة

وحدة وقام يهديني بصوت واطي لكن كلامه أبد ما كان يهدي أبــد وجات شادن ولما شافت شكلي وإني كنت أبكي خافت لكن

صرفناها ورحت كملت شغلي .
نهى وهي تمسح دموعها : طيب وإنتي إيش سويتي مع طارق ؟
أخبرتها أمل ماقاله لها وأكملتا الحديث حتى تحدثت نهى تسأل أمل .
نهى بتساؤل ومكر : أمل وبكل صراحة 'تحبين طارق ؟'
تلعثمت أمل واحمرت من الخجل وردت : آآآ بصراحة ما أدري بس أحسه غير عن كل الرجال وما أعرف إيش شعوري تجاهه

بس اللي أعرفه أحس براحة ومودة لأنها فطرة الله أما الحب ما أدري يمكن بسبب خوفي من الرجال هو اللي يخليني ما أعرف

شعوري .
نهى بمكر : لا أنا أحس إنك تحبيه وبقوة بعد .
أمل بحزن : إيش فايدة حبي إذا كان هو ما يحبني ولا يبيني حتى .
نهى : حاولي تتقربي منه .
أمل وهي تهز رأسها نفياً : ما أقدر أخاااف .
وبعد عشر دقائق من الحديث الممتع غادرت نهى عندما أتى والدها بعد أن تواعدتا على الوصال والاتصال بعد ذلك نهضت أمل

لتصنع السحور لوالدها وذهبت وقالت له وودعته وغادرت لبيت زوجها .
*******
دلفت أمل للمنزل فوجدت المنزل يعمه الهدوء على غير العادة فعزت ذلك لتأخرها في منزل والدها سارت ودخلت جناحها

وذهب لغرفة طارق ووضعت أذنها على الباب لمعرفة ما إذا كان مستقيضاً أم نائم فلم تشعر سوى بالصمت والهدوء فخمنت أنه

نائم وذهبت غرفتها وألقت ملابسها واستبدلتها بجلابية منزل قطنية باللون الأصفر الباهت برسومات ملونة وذو أكمام قصيرة

غسلت وجهها وجففته وخرجت للصالة وأمسكت بالإنتركوم واتصلت بجناح شادن وبعد عدة ثواني ردت عليها وبعد ألقت

التحية سألتها أمل : أخباركم ؟
شادن بهدوء : تمام ..وتساءلت..إيش فيك تأخرتي اليوم ؟
أمل باستعجال : سالفة طويلة إذا ما راح تنامين راحح اجي عندك .
شادن بترحيب : لا ما حنام حياك أنتظرك .
أمل وهي تنهض : أوكي جايه ..ووضعت السماعة وخرجت متجهة لجناح شادن ..
طرقت الباب وسمعت الإذن ودلفت وهي تلقي التحية وتقدمت وجلست على إحدى الكنبات وسألتها شادن بحماس : إيش

السالفة بسرعة قولي .
ضحكت أمل وقالت بفرح : نهى زارتني هناك فبيت أبوي ..وحكت لها عن زيارة نهى لها..
شادن بذات الحماس : صدق ..وقالت بعتاب .. وليش ما قلتي لي كان ودي أتعرف عليها من كلامك عنها .
أمل باعتذار : أعذريني نسيت مررره أعلمك لكن المرة الجاية إن شاء الله إذا رحت عندها أخذك معي .
هزت شادن رأسها بهدوء وهي سارحة وعم الصمت للحظات قاطعته أمل التي استغربت هدوء شادن فقالت بشك وخوف : شادن

إيش حصل ليش أحسك سرحانه ..لم تنتب لها الأخرى فقالت بصوت أعلى .. شاااااادن
انتبهت شادن والتفتت مستفهمة : إيش فيك؟
أمل باستغراب و استفهام :إيش اللي فيني ولا أنتي أسألك وما تردي علي إيش حصل أبوك وأمك بخير ..نهرتها.. تكلمي ليش

ساكته ؟
ابتسمت شادن مبرره : لا ما حصل شيء وكلهم بخير بس كنت سرحانة فيه موضوع شاغل بالي .
أمل بستفهام : موضوع ؟ موضوع إيش ؟
شادن بهدوء ورزانة يشوبه الخجل على غير العادة : موضوع خطبتي من عبد الرحمن ..نظرت لها أمل تستحثها على الإكمال

بابتسامة فأكملت .. طارق جاء الليلة وقال لي أن عبد الرحمن صديقه خطبني منه وقاله طارق هي لك ..ظهر الضيق على شادن

وأثرت على أمل فتضايقت معها ولكن أكملت بابتسامة.. لكن طارق قالي عادي لي الخيار بالموافقة أو الرفض .
أمل باستفسار : وأنتي إيش رايك بالموضوع ؟
شادن بحيره : ما أدري إستخرت بس ما أحس بشي ..ابتسمت بحالمية فنظرت لها أمل بشيء من المكر ونظرت لها مبتسمه

بمكر فانتبهت لابتسامتها شادن وقالت باستغراب.. خير إيش سر هالإبتسامة ؟
أمل بذات المكر : السر بابتسامتي ولا بسرحانك يلا اعترفي أكيد وراها أشياء يلا أسمع ..ورسمت ابتسامة كرتونية على شفاتها

..
ضحكت شادن بقوه : ههههههههههههههه ..شاركتها أمل الضحك وعندما توقفتا قالت شادن بحالمية .. شوفي من كثر ما كان

طارق يتكلم عن عبد الرحمن شخصيته أعجبتني لأن طارق دايم يحكي عن مرحه وسوالفه المضحكه حسيت شخصيته مقاربه لي

فتمنيت ..وأكتسى وجهها بحمرة الخجل وابعدت عينيها عن عيني أمل التي تنظر لها بانتباه وترقب وقالت متلعثمة .. يعني

تمنيت أنه أنه يخطبني ..وقالت مبرره .. موب حب والله والله بس تمنيته أضن يعني ما فيها شيء صح ؟..قالتها بتساؤل..
هزت أمل رأسها بابتسامه هادءة :صح ما أضن فيها شيء كثير من قصص أجدادنا كانت الوحده إذا ما تبي شخص تقول ما أبيك

يتركها لوكان روحه بها و لما يعرف عنها اللي تمنته وتبيه يتزوجها << كثير حصلت مع جداتي وهذي حقيقة .
شادن بتنهيدة راحة : ريحتيني من هم الله يريحك دنيا وآخره .
أمل بهدوء وجديه : يعني انتي موافقة عليه .
شادن باقتناع : إذا الله أراد .
*******
عاد أبو طارق وطارق من صلاة التهجد ووجدا السحور قد أعد وتناول الجميع وجبته ثم تفرقوا ليعمروا ما تبقى من الليل بقراءة

القرآن .
دخلا أمل وطارق جناحهما وسارت أمل مبتعدة باتجاه غرفتها لولا أن استوقها طارق وأمرها بأن تجلس فجلسا متقابلين وعم

صمت خانق للحظات رفعت أمل رأسها ففوجئت بطارق ينظر لها بعين ثاقبة وكأنه يريد سبر غورها وأكتشاف ما يعمر صدرها

فخافت من نظراته التي أربكتها وأندت جبينها فحاولت أن تنبهه وتململت في جلستها فنجحت في أن تثير انتباهه فنظر لها

بغموض وقال ببرود غامض : بسألك سؤال وأتمنى تجاوبيني بصراحة وشفافية لأن إجابتك يتوقف عليها أشياء كثيرة .
نظرت له أمل باستغراب واستفسار وقد ارتسمت الحيرة على محياها وقالت بتردد : طـ طيب اسأل .
طارق بذات الغموض وبقوة سألها : إنتي مغتـــــصبة ؟
******
(( ألــــم ))كلمة تتردد على مسمعي كثيراً كلمة لم أفهم معناها و لم أترجم فحواها بحثت بين أوراقي وكتبي وعلى شاشة

حاسوبي علي أتزود بمعلومات عنها فلم تفي بما يختلج في صدري من تساؤلات فبحثت بين الناس عن مَن يخبرني ويشبع

فضولي فلم يفعلوا فلجأت للحكماء فلم يفيدوني فسألت نفسي وفندت حياتي فوجدت أنـ "الألـــــم هو جزء من أسطورتي".

******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الثامن عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:22 AM




&< ~^(( الجزء التاسع عشر))^~ >&

~[( متي ستشرق شمـــ ((الأمــل))ــس ؟؟ )]~

(1)



طارق بغموض وبقوة سألها : إنتي مغتـــــصبة ؟
رفعت أمل رأسها بقوة وهي متفاجأة وقد وقعت الكلمة على رأسها كمطرقة حديدة فجرت كل الأحاسيس ونبهت كل المشاعر الخامدة فأصبحت تعوم في بحر من الخوف أمواجه الرعب والألم والظلم والغبن فأصبح جسدها كقطعة من لوح خشبي تتقاذفه هذه الأمواج تارة يميناً وتارة شمالاً وظهر على وجهها كل هذه المشاعر وأكثر فأصبحت عينيها غائمتين من الدموع وكسى وجهها الحزن والوجوم معاً .. انتبه طارق لهذا الكم الهائل من المشاعر فتوتر ثم قال وكأنه يعيد صياغة سؤالة العنيف : أقصد يعني أنتي دايماً تنفرين مني و ما تبيني ألمسك ودايم تدوخين هذا غير إني أسمعك دايم وأنتي نايمه تصرخين وتبكين يعني كثير تحلمين بكوابيس كل هذا ماله إلا تفسير واحد وهو إنك ..صمت لحظة وقال بغموض ونبرة غريبة .. إنك مغتصــــبه ..نظر لها بقوة وحده وقال.. قولي الحقيقة ولا تتهربين .
كانت دموع أمل سجينة عينيها ووقفت أهدابها كصف منيع ضد نزولها ولكن مع نبرة إتهامه الصريح وكلامه الموجع لم تستطع أن تمنع دموعها من النزول بل سقطة دمعة فدمعة فدمعات وتوالت الدموع تلاها ارتفاع صوت شهقاتها حتى تردد صداها في المكان فلم يسمع سواها واستمرت على هذا الحال وطارق جالس بدور المتفرج الجامد بدون أي انفعال ظاهر والله وحده يعلم ما يدور في خلده مرت دقائق مؤلمة موجعة على أمل حاولت خلالها أن تتماسك ففعلت ونجحت فبادرته بسؤال وبصوت أبح متحشرج : ليش تسأل وإيش السبب ؟؟
استمرت نظرات طارق الغامضة والجامدة ولكنه تكلم بهدوء وتحايل : أممممم ليش أسأل قولي عشان أعرف إيش قصتك أما السبب أمممم ما عجبني حالك وأبي أساعدك ولا ما يصير .
رفعت أمل بصرها فالتقت أعينهم في حديث مبهم لم يعلموا هم أنفسهم ماهو أبعدت نظرها عن أسر عينيه ورفعت بصرها تدافع سيل الدموع الموشك للسقوط جراء تذكر ما ضيها وما حدث لها وعندما شعرت أنها تماسكت تنحنحت لتجلي حنجرتها حتى تستطيع التحدث فقالت بهدوء : جزاك الله خير على أنك تبي تساعدني أما قصتي راح أقولها وأتمنى تصدقني يمكن تقول خيال أو تأليف لكني أقولك من الحين إذا ما راح تصدقني فلا تسمعني وأنا ما راح أتكلم ..نظرت له فهز رأسه موافقاً أي أنه سيصدقها وكانت عينيه تلمعان تجاهلت نظرة عينيه وقالت تسرد قصتها .. لما وصل عمري أربع طعش أبوي زوجني سعود ..وأكملت حديثها وهو ينصت لها ويجيبها بإيماءات في فترات متباعدة إلى أن قالت له .. لما حسيت أنه قربت ولادتي ما أحد علمني كيف أو متى لكني حسيت أني بين لحظة والثانية راح أولد كنت أفكر بين كل ألم والثاني بولدي أو بنتي إللي فالطريق كيف راح يعيش وأمه ست شهور ما أحد يدري فيها ولا لها بيت تسكن فيه كنت أمشي وأمشي وإذا تعبت جلست أرتاح وأكمل طريقي وأنا ما أدري لوين راح أوصل أهم شيء إني أمشي واللي ربي كتبه لي راح يصير كنت أردد و أنا أمشي "حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" وسبحان الله ربي دلني لطريق المستشفى وأنا ما أحس لحضتها حسيت بموية الجنين بين رجولي والألم يزيد وأنا أواصل مشيي عشان أوصل للمستشفى اللي ما يفصلني عنه إلا طريقين ضغطت على نفسي وتحملت الألم ولما وصلت باب المستشفى خلاص ماحسيت بنفسي إلا وأنا طايحة طلبت من الحراس يودوني الطواري رفضوا وأخلوا مسؤوليتهم مني ترجيتهم وأصروا زاد الألم وخلاص حسيت إن الجنين راح يطلع كنت راح أصرخ لكن المكان ما يصير أصرخ فيه تماسكت وحاولت مره أخيره لكن جا واحد بس سمعت صوته وهو يصرخ عليهم يجيبوا النقاله وأنا خلاص لحظتها ما أحس بشيءغير الألم والألم ثم الألم وماحسيت بنفسي إلا لما صحيت من البنج كنت أدعي للرجال من قلبي صحيح ما شفته حتى صوته ماميزته لكن دعيت ربي بصدق أن يوفقه دنيا وآخره ..ظهرت نظره غريبه في عيني طارق لم تهتم أمل بل أكملت بحزن وشجن .. حتى لما جا وقت خروجي اصروا ما يخرجوني إلا بأوراق طبعا أبوي وسعود رفضوا يعطوني إياها ومره ثانية نفس الرجال خرجني من المستشفي فصرت شايلة له جميل عمري ما أنساه ولو قدر الله وعرفته وطلب مني شيء بإذن الله ما راح أتردد بخدمته ..صمتت تتلاحق أنفاسها حتى تكمل ولكن طارق قاطعها يسألها وذات النظرة الغريبة تتأجج في عينيه : إيش سويتي لما خرجتي من المستشفى ؟
أجابته أمل بما حدث بعد ذلك من سكنها في بيت أهل نهى مروراً بالمشغل و ما حدث بعدها في المنزل المهجور وأخيراً قالت بحزن : وصار الحادث لإبراهيم و أنت تعرف الباقي ..ورفعت نظرها له ورأته يفكر بعمق فلم تقاطعه وظلت تنتظر ما يتفوه به فطال الصمت ولكنه قطعه بقوله ببرود تام كأن ما قالته لم يؤثر فيه : أمممم طيب خلاص اسمعي فيه دكتوره نفسيه فالمستشفى عندنا وهي شاطره مرررره إن شاء الله راح تستفيدين من علاجها .
نظرت له أمل بحيره واستغراب وتسائلت : دكتوره نفسيه ! ليش ؟؟ وأتعالج من إيش ؟؟
طارق ببرود أجابها : لأنك تعرضتي للإغتصاب والتحرش فهذا أثر عليك وصرتي بالحال هذا فأكيد راح تحتاجين لعلاج نفسي لمدة ..رفع نظره لأمل فرأها سارحه فقال منبهاً لها.. ها إيش قلتي ؟ واعتبري هذي مساعدة مني .
نظرت له له أمل بتردد وهزت رأسها بموافقة وقالت : طيب .
*******
في اليوم التالي ..
الساعة التاسعة والربع ..
سمعت طرقات على باب غرفتها فنهضت بكسل وهي تتثاءب وقالت بخمول : طيب طيب ..وفتحت الباب وهي شبه نائمة ولم تنتبه للبسها المكون من بجاما حريرية باللون العودي والتي أظهرتها بقمة البراءة ثم نظرت لمن يطرق الباب وقالت متفاجأة وقد ذهب كل نعاسها .. طااااارق ..إختبأت بحركة فطرية خلف الباب ولم يظهر إلا رأسها وقالت بتساؤل .. إيش فيه تبي شيء ؟
طارق رد بغموض جليدي : لا مافيه شيء بس عشان تروحين معي عند الدكتورة لأني حجزت لك موعد عندها .
أمل باستغراب : من الحين ..هز طارق رأسه بإيجاب فقالت .. خلاص الحين آخذ شور وأجهز وأجيك .
طارق ببرود وهو يهم بالمغادرة : طيب بسرعة لا تأخريني عن دوامي .
***
دخلا للمستشفى والذي ما إن دخلته حتى عصفت عليها ذكريات ما حصل وذكرى وفاة ولدها فأحست بالحنين له والشوق الملتهب ولكن دعت له بالرحمه .
سار بها طارق في أروقة المستشفى دون أي حوار متبادل سوى صوته بين كل مره وأخرى يرد أو يلقي التحية مع موضفي المستشفى فأقرت في نفسها بأنه يمتلك قمة التواضع ، وصلا إلى باب مغلق طرقه هو عدة طرقات فسمعا صوت إمرأة تأذن لهما بالدخول فتح طارق الباب فدخل ودخلت هي خلفه فألقيا التحية بهدوء فردت المرأة الجالسة على الكرسي خلف المكتب والتي ترتدي معطف أبيض فوق عباءة تظهر من أسفل المعطف الفضفاض ولا يظهر منها سوى عينيها خلف فتحتي النقاب فقالت برسمية هادئة : تفضل دكتور طارق ..والتفتت لأمل وقالت بذات الرسمية .. تفضلي أختي ..جلست أمل على الكرسي المقابل للمكتب بينما جلس طارق على الكنبات الجلدية المبتعدة قليلا فبادرت تسأل بلهجة رسمية اعتادت عليها وهي ممسكة بالقلم بيديها المغطاة بقفازين أسودين .. لوسمحتوا إيش المشكلة اللي تشتكون منها ؟
رد عليها طارق برسمية : المشكلة تعاني منها زوجتي ..وهو يشير لأمل الجالسة بهدوء وأكمل.. أمل وطبعاً هي راح توضح لك كل شيء بس قبل أي شيء إختاري وحدة من الممرضات وياليت تكون أمينة حتى يمنع تسرب أي معلومات وأنتي تعرفين أن هذا الشيء يؤثر على إدارة المستشفى فأتمنى أن يكون الموضوع بسرية تااامة وهذا اللي أعهده منك دكتورة ريم .
هزت الدكتورة رأسها بإيجاب وردت بذات الرسمية : أشكرك دكتور طارق على ثقتك وتطمن من هالناحية الحمد لله طول مسيرتي في المستشفى ما ظهرت أي معلومة خاصة أو عامة من مكتبي .
نهض طارق ليغادر وهو يقول : شكراً دكتورة وياليت تنتبهين لزوجتي ..وخرج تاركهما بعد جملته الأخيرة والتي أردفت عليها الدكتورة بقولها "إن شاء الله" وسمعا بعدها صوت إغلاق الباب لحظتها التفتت الدكتورة لأمل التي كانت منكسة الرأس فقال الدكتورة تسألها بحنو وعاطفة : كيفك يا أمل ؟
ردت عليها أمل بخجل هامسة : الحمد لله .
ابتسمت الدكتورة وقالت بتشجيع : ممكن ترفعين نقابك وشوفي أنا رفعته كمان ..ورفعت نقابها فأطاعتها أمل ورفعت هي الأخرى كذلك والتقت أعينهما فردت أمل على ابتسامتها الحانية بابتسامة متردد وخائفة فقالت الدكتورة .. ماشاء الله تبارك الرحمن ..وسألتها .. كم عمرك يا أمل ؟
ردت أمل بحرج : دخلت التسع طعش بكم اسبوع .
د/ريم بإعجاب : ما شاء الله اللي يشوفك يقول عنك طفله بس ..نظرت لعيني أمل بتدقيق وقالت بجدية .. اللي مخربك نظرة الخوف اللي فعيونك غير التردد اللي ملحوظ على كل حركاتك أتمنى يا أمل أنك تكونين معي شفافة وصادقة وتحكي لي كل شيء ..صمتت لحظة وأكملت بحنان.. بس قبل أي شيء أبي أسألك توافقين تكونين صديقتي ؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وهي تبتسم لها : إيه موافقة دكتوره.
د/ ريم بفرحة : حلو بس قبل نتفق على أننا نبعد الألقاب خلاص ..أجابتها أمل بهزه فقالت الأخرى سائلة .. طيب تبين تتمددين على الكرسي ولا تجلسين مقابلة .
أمل بهدوء : لا أجلس هنا .. وهي تشير لمقعدها ..
د/ريم : طيب .. سألتها .. أول شيء إيش المشكلة ؟
أمل بتوتر أجابت : اغتـــــصـــااب .
فتحت الدكتورة عينيها بذعر وتماسكت كي لا تخيفها وسألت متأثرة : كيف ومتى حصل هالشيء ؟
أجابة أمل بحزن : قبل أربع سنوات أما كيف فــ...... وسردت لها أمل أحداث تلك الليلة وتبعاتها وكيف أثرت عليها وعندما أنتهت من كلامها بادرتها الدكتورة قائلة : الله يكون فعونك والعلاج بسيط بس أهمه وأساسه العزيمة والإصرار والإنتظام وبإذن راح تنحل ولازم تكوني واثقه بربك أول شيء ثم بنفسك وهذا شيء أساسي ها أتفقنا ، أمل الجلسة الجاية أبيك تجيني وهمتك فوووق عشان نبدأ أول مراحل العلاج ..سألتها.. إتفقنا ؟
أمل بحماس : اتفقنا .
خرجت أمل من مكتب الدكتورة وهي مرتاحة بسبب حديث الدكتورة ومواساتها لها وتشجيعها لأمل ، توجهت لمكتب طارق ودخلت بعد أن أذن لها بالدخول سلمت ورد عليها ثم قالت بهدوء : طارق خلصت الجلسة أبي أروح .
طارق ببرود : لحظة أتصل على البيت يرسلون لك السواق والخدامة ..وأمسك بالهاتف وكلم أمه وطلب منها إرسال السائق لأمل وسمعته أمل يعتذر بأن لديه العديد من الأشغال التي تعيقه عن توصيلها وأغلق الخط وقال لها بذات البرود .. الحين تجي السيارة انزلي إنتظريها فالإستقبال تحت .
هزت أمل رأسها إيجاباً ووقفت وقالت وهي مغادرة : مع السلامة .
خرجت واستقلت المصعد وضغطت زر الطابق الأول وتحرك المصعد خلال ثواني وفتح الباب وكانت سارحة ولم تنتبه أنها اتخذت الرواق المعاكس للاستقبال وسارت ولم تنتبه حتى صادفها باب فتحته ولفحتها البرودة الصادرة منه ونبهتها لماهية المكان وتوضحت الرؤية عندما فتحت الباب ورأت المكتب المواجه له وباب آخر مفتوح رأت من خلاله ثلاجـــــات المــــــوتى فدمعت عينيها عندما تذكرت آخر مرة رأت ولدها في ذات المكان ، مسحت دمعتيها فسالت ومسحتها مرة أخرى وهي تقف بانكسار وحزن أثقل كاهلها وجرح فؤادها من هذه الذكرى الصـــــعبة المـــــوجعة حد الإنكســـــااااار و التشتــــــــت ..
***
أصعب مواقف هالزمان يوم تجي نفس المكان

يوم توادع من تحب عينك تنادي بالحنان

تبدا تفكر في الحياة و احلى ليالي الذكريات

كيف ابتدت لحظة غلا كيف انتهت بيدا الممات

لا يالوادع لايالوادع لا لاتجينا باندفاع

عاشر وخلك با شتياق وابدا غلاتك باحتراق

لكن يجي يوم تكون مدفوع بيدين الفراق

لا يا الوداع لا يالوداع لا لا تجينا بندفاع

حكم القدر حق يصير واهوا البداية والاخير

عاشر اخو دنيا وشوف كيف النهايه والمصير

لايالوداع لايالوداع لايالوداع لا لا تجينا بندفاع

*المنشد / إبراهيم السعيد *
***
استدارت عائدة تسير بتثاقل وأغلقت الباب خلفها ومضت حتى وصلت للسيارة وهي لا تشعر بشيء سوى الألـــــم وتحركت السيارة .
****
مضت الأيام برتابة ..
وودع رمضان ..
وأطل العيد ..
في الأيام الماضية كانت أمل منتظمة على الجلسات مع الدكتورة وقد توطدت علاقتها بها وقد عللا هي وطارق للعائلة ذهابها للمستشفى بسبب الصداع الملازم لها وتعبها المستمر وأخفيا عن الجميع السبب الحقيقي وكذلك في الأيام الماضية تمكن والدها من معرفة المكان الذي أخفت فيه سلمى الأوراق وجلبها من مكانها واودعها أمل حتى يتمكن بطريقة ما أن يجبر سلمى على التنازل ، أما علاقة أمل بطارق فكان عنوانها الهدوء فمع تقدمها بالعلاج أصبحت أكثر هدوء وحتى الحوار بينهما لم يعد مقطوعاً كما في السابق ، أما شادن فقد أعلنت موافقتها وتم زف الخبر لعبد الرحمن الذي طلب أن تتم الخطوبة الرسمية ثالث أيام العيد .
(فجر يوم العيد)
كانت أمل وشادن ساهرتان تتسامران بعد أن جهزتا مستلزمات العيد وبعد القليل من الأحاديث تفرقتا قبيل أذان الفجر دلفت أمل لجناحها وتمددت على الكنبة الطويلة وراحت تسبح في بحار خيالها تذكرت جلسات علاجها مع د/ ريم وما نصحتها به من التثقف والإطلاع على قصص من مروا بمثل حالتها وكيف تعدوا منها وكذلك نصحتها بالمشاركة في النوادي التثقيفية والخيرية فعندما أخبرتها بصعوبة ذلك عليها اقترحت عليها المشاركة في المنتديات الثقافية والدينية والتي من شأنها أن ترفع من ثقتها بنفسها وتعزز الجانب الديني لديها وتذكرت حوارها مع الدكتورة بعد انتهاء الجلسة الرابعة وقد توطت العلاقة بينهما فأصبحا كأختين عندها سألتها أمل قائلة : ريم أنتي متزوجة ولا لا ؟
ردت ريم بشيء من المرارة : لا أرملة ..وتسائلت .. ليش تسألين ؟
أمل بتبرير : لا بس ولا مرة تكلمتي عن حياتك الشخصية ..وأكملت بنبرة إعتذار.. آآآسفة إني تطفلت .
ريم بتأنيب : أمل ليش تعتذرين ما فيها شيء إذا سألتي وحياتي موب سر كل اللي حولي يعرفون هذا الشيء ..وأكملت بتوضيح..وعشان تعرفين أكثر عندي بنت وولد توأم عمرهم سبع سنين ..وأخفضت نظرها بحزن..
انتبهت أمل لنظرة الحزن المتجلية في عيني ريم وسألتها : ريم ليش أحسك حزينه قولي إيش فيك ؟
دمعت عينا ريم ومسحتها وهي تقول بنبرة متصنعة للتماسك والهدوء : تزوجت لما كان عمري ثمنطعش سنه يعني تقريباً مثلك كانت حياتي مع يوسف هاديه كنا متفاهمين بس بعد سنه بدت مشكلة إني ما حملت راجعنا عند دكاتره كثير لكن كلهم قالوا ما فينا شيء سلمنا أمرنا لله لكن ما تركنا الدعاء والعلاج لكن أمر الله ولا إعتراض مرت سنه ثانية وثالثة ورابعة وفالسنه الخامسة خلاص صارت نفسياتنا دمار لكن مازال شوي أمل فينا رحنا دكتورة وقالت ما فيه حل إلا الأنابيب سويناها والحمد لله نجحت وحملت ياااا الله ما تتخلين قد إيش فرح يوسف بحملي صار شوي يضحك وشوي يسكت موب مصدق و أنا كنت أطالع فيه مبسوطة بعدين خرج يفرح أمه وأهله وكان مسرع بالسيارة يبي يوصل ويفرحهم معه ما يدري أنه حزّنهم وبكاهم عليه صارت الدنيا سودا بعيني على أني كنت وقتها طبيبة نفسية لكن تمنيت أن أحد لحظتها يطببني كنت تعبانه وموته أثر فيني بقوة وما قدرت أتماسك إلا لما ولدت بالتوم حسيت بالحزن راح وولا والحمد لله على كل حال والحين عيالي دايم يسألون عن أبوهم وكنت أصرفهم والحين بدو يستوعبون ويسألوا أكثر آآآآهـ اليتم صعب صعب موووووت ..ومسحت عينيها الدامعتين وتنهدت ثم استغفرت بهمس وأكملت .. بس الحمد لله أبوي موب مقصر معاهم بشيء ويحبهم كثير .
تأثرت أمل بقصتها ودمعت عينها ثم مسحتها وهي تقول بمواساه : الله يرحمه ..وتسائلت.. هو ما عنده أخوان ؟
ريم بهدوء أجابت : لا بس عنده ثلاث أخوات كبار وهو الولد الوحيد بينهم .
أمل باعتذار وهي تنظر لعيني ريم الحزينة : ريم سامحيني هيجت أحزانك وذكرتك بها .
ريم بتسامح : لا والله بالعكس هو دايم فبالي وعمري ما نسيته أصلاً كيف بنساه وعيالي نسخة منه .
أمل بحماس سألتها : عندك صور لهم ؟..هزت ريم رأسها بإيجاب وهي مبتسمة لها فأكملت أمل .. هاتي أشوفها .
نهضت ريم متوجهة لمكتبها ففتحت أحد الأدراج وأخرجت الصورة ومدتها لأمل التي أمسكت بها ونظرت لمن فيها بحب وحنان وقالت : ما شاء الله يهبلون الله يحفظهم لك .
ريم : آمين .
**
شعرت بهزات خفيفة لكتفها ففتحت عينيها ونظرت لطارق القريب منها والذي ما إن رأها فتحت عينيها ابتعد أما أمل فخفق قلبها من رؤيته بهذا القرب فنهضت بسرعة وجلست وهي تنظر له متسائلة .
قال طارق بهدوء وكأنه يجيب على سؤالها : أذن الفجر وما شفتك تحركتي فقلت أقومك تصلين .
نظرت له باستغراب وقالت مذهولة : أذن !! غريبة ما سمعته أنا صاحية .
نظر لها بغرابه وهز كتفيه بأن لا شأن له بها وغادر الجناح .
نهضت وهي تستعيذ بالله من الشيطان ودخلت غرفتها لتتوضأ وتصلي الفجر وتستعد للعيد .
*****


لبست لباسها المكون من قطعتين وابتسمت عندما لاحت ذكرى ذلك اليوم حين تناقشت مع شادن في اختيار اللون وبعد نقاش دام عدت دقائق استقرت أمل على الطقم ذو اللون الأسود بتنورة كاروهات باللون الأسود والبيح وخطوط رفيعة باللون الأحمر أما شادن فاستقرت على طقم مماثل ولكن باللون الليلكي وبتنورة كاروهات باللون الليلكي والبيج وخطوط رفيعة من اللون الزهري الزاهي واشترت كل منهما الملحقات المناسبة له .
زينت وجهها بالقليل من البودرة وأضافت لجفنيها مسحة من الظلال بلون البيج الضارب للذهبي واكتحلت بالأسود وكثفته وبرمت رموشها بماسكرا سوداء أكملت جمال عينيها وحددت حاجبيها بإتقان وأضافت القليل من الإضاءة النصف لامعة تحتها و أكملت بعدت ضربات من البلاشر الأحمر ذو اللون الزاهي وختمت بأحمر شفاه سائل باللون الأحمر الزاهي أضفى رونقاً وجمال لشفتيها الصغيرتين وأكتملت لوحة بديعة من صنع البارئ ، لبست عقد باللون الأحمر يتدلى إلى منصف صدرها وتبعته بحلقين بذات اللون وخاتم صغير وأساور باللون الأحمر والبيج والأسود وساعة ارتدتها في معصمها الأيسر فاكتملت زينتها وتطلعت لشكلها بالمرآة لتتأكد من عدم نسيانها لأمر ما فأمسكت بهاتفها والذي كسته أيضاً باكسسوار أحمر واتصلت على شادن وبعد رنتين ردت قائلة : أهلين .
أمل ببشاشة : السلام عليكم .
شادن : وعليكم السلام ، هلا والله .
أمل : هلا فيك ، أخبارك .
شادن : تمام وأنتي ؟
أمل : الحمد لله ..سألتها.. ها خلصتي ؟
شادن : شوي وأخلص ..سألت..أنتي خلصتي ؟
أمل : تقريباً بس بسألك صلوا الناس .
شادن : أظن والرجال شوي ويجون ..واستفهمت باستغراب .. ليش تسألين ؟
أمل بستعجال : عشان أصلي ..وقالت بعجلة قبل أن تغلق السماعة .. يلا راح أصلي وأنزل عشان نعيد أقابلك تحت مع السلامة ..وأغلقت السماعة حينما سمعت رد شادن ..
لبست جلال الصلاة وصلت ركعتي العيد وعندما أكملت وقفت أمام المرآة لتفتح لفافات شعرها وعندما أكملت عملها جمعت نصف شعرها المتموج بمساكة حمراء متوسطة وتركت الباقي منسدلا بروعة أما من الأمام فرفعت نصفه اليمين بمساكة صغيرة مشابهة للتي في الخلف وأسدلت الطرف الآخر كخصلات متدرجة على وجهها ثم لبست بعجاله صندالها المتوسط الطول ذو اللون الأحمر وأخيراً أمسكت بعطرها وتعطرت بسرعة ثم خرجت بعد نظرة أخيرة في المرآة وسارت بعجل ولم تنتبه من سرعتها لطارق المنتصب أمام الباب فاصتدمت بصدره العريض فانتبهت بسرعة وارتدت ولكن أحست بشيء يمسك بيدها فنظرت لها فرأت أنه كان ممسك بيدها وينظر لها بعينين لامعتين فرفعت رأسها بعيون راجية بأن يطلق سراح يدها فقد بدأ الخوف يتمكن منها فحركت يدها الأسيرة ولكنه لم يغير من وضعه فقالت متوسلة وهي تنظر لعينيه : طارق فك يدي .
انتبه طارق لنفسه فأطلق أسر يدها ولكن لم تتغير نظراته لها بل بدا وكأنه يحرقها بنظراته فتكلم ولكن بنبرة غريبة عليها : أمل ما ودك تعيدي علي ؟
أمل بتوتر وقد ارتجف فكها وقالت بصوت راجف : إيه بعيد ..وأقرنت كلامها بمد يمينها المرتجفة والتي أصبحت باردة كالثلج من التوتر فالتقطها بيمينه القوية والتي احتوت يدها بحنان وقوة وفاجأها بجره لها وقبلها على خديها وجبينها وهو يقول بصوت عميق : كل سنه وإنتي طيبة .
ابتعدت عنه بسرعة وهي ترتجف كورقة وردت عليه برجفة وبصوت هامس : وانت بخير ..فابتعد عن الباب فخرجت بسرعة من الجناح و كأنها هاربة من خطر ما فسمعت خلفها إيقاع ضحكاته فعلمت أنه يضحك من هروبها فاغتاضت منه ولكن تلاشى غيضها عندما صادفت شادن فابتسمت لها بفرح وقالت ببهجة وهي تحتضنها : كل عام وأنتي بخير .
فردت شادن وهي تشد احتضانها : وانت بخير يا عمري .
فسمعتا صوت طارق يقول وهو يقترب ليبعدهما عن بعضهما : خلاص أتركيها كسرتيها .
ابتعدت شادن و صفرت بمكر وحماسة وهي تقول : أووووووهـ الأخ يغار ..والتفتت لأمل التي كسى وجنتيها حمرة لم تخفيها الأصباغ وقالت بذات المكر .. هنيالك أموووول طارق يغااااار عليك حتى مني هههههههه..فضحكت بمرح بينما ازداد احمرار وجنتي أمل أما طارق فكان ينظر لهما بغموض فقطع ضحكاتها وهو يتقدمهم على الدرج لينزل وهو يقول بأمر : يلا أنزلوا عيدوا على أمي وأبوي ..ونزل بسرعة فلحقت به الفتاتان بصمت وهدوء وسارتا حتى وصلا لمكان جلوس العائلة فبدأتا بالمعايدة وجلستا وقد جلست أمل بمقابل طارق ولكنها أجلست شذى في حضنها وأخذت تتحدث معها لتبعد ارتباكها من نظرات طارق المنصبة عليها وكانت تتحدث مع أبو طارق وأم طارق اللذان كانا يمتدحانها بجزل مما أثار خجلها وغيرة شادن التي كانت تعترض بغيرة مصطنعة : يعني المدح اليوم كله لأمل وأنا ما لي شيء طيب على الأقل جاملوني ..فنظرت لهما بحزن مصطنع فضحك الجميع عليها ..
رد والدها بمكر : لا أنتي راح نترك مدحك على عبد الرحمن أكيد ما راح يقصر..فألجمها الخجل عن الرد على والدها فاحمرت وجنتاها وطأطأت رأسها خجلاً فضحك الجميع على حياءها الغريب عن طباعها ..
فقال طارق وهو يغالب الضحك : أول مرة أشوف شادن تحمر من الخجل ..فضحك وتبعه الجميع فلم يشعر إلا بوسادة صغيرة اصتدمت بوجهه فأمسكها وردها على شادن وهو مستغرق بالضحك إلى أن صرخت بهم شادن قائلة : خلاص مانيب مستحية مره ثانية عشان ماتضحكون علي .
فتوقف الجميع عن الضحك فلم تبقى سوي ابتسامات مبتهجة .
بعدها تفرق الجميع فأم طارق ذهبت لتستقبل جاراتها وأبو طارق أُخبر أن هناك رجال أتوه فنهض طارق ليلحق والده فأوقفته أمل بتردد : طارق أممممم ممكن توديني لبيت أبوي ؟
هز طارق رأسها بإيجاب قال وهو يسير خارجاً : ألحقيني أنتظرك بالسيارة .
******
عادت من منزل والدها عند العاشرة بعد أن أعدت له فطوره وهي تتسائل أين تذهب سلمى كل هذا الوقت وهي تعلم أن سلمى علاقتها بجيرانها تكاد تكون منقطعة وليس لها أقارب سوى أمها التي ربما لا تعلم شيئاً عنها وتاهت تبحث عن إجابة وعندما لم تتوصل لإجابة تساؤلاتها قالت تحدث نفسها "مصير المتخبي يظهر" .
خُتم هذا اليوم برحلة لأحد المنتزهات استمتع بها الجميع وعادوا في وقت متأخر وقد أنهكهم التعب ونام الجميع مباشرة حتى يستعدوا للغد والذي سيتم به التجهيز لاستقبال أهل عبد الرحمن الذين سيأتون في ثالث أيام العيد .
***
يوم الخطوبة ..
بعد صلاة العشاء..
حضرت عائلة عبد الرحمن وتمت مراسيم الخطوبة ورحب بهم الجميع وأحضروا بصحبتهم العديد الهدايا وقدموها للعروس وأهلها وجاءت وقت النظرة الشرعية وطلب طارق من عبد الرحمن أن يتبعه للمجلس الآخر وفي هذه الأثناء اتصل على أمه طالباً منها أن تنادي شادن حتى تأتي للنظرة فنهضت أم طارق وأمسكت بمعصم شادن التي تجلس بحياء وخجل واضح فأوقفتها وسارت معها لخارج المجلس وقالت لها هامسة : روحي أمسحي مكياجك والبسي طرحة على راسك طارق ينتظرك عشان يشوفك عبد الرحمن .
ارتجفت شادن من التوتر وقالت بخجل : يما لازم هالنظره أنا خايفه .
أم طارق تقنعها بحنان ورقة : يا حبيبتي ما يصير وهذا حقه لازم يشوفك وهذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم .
شادن بهمس : عليه الصلاة والسلام ..وهزت رأسها بإيجاب وقالت بهمس .. خلاص الحين بروح بس نادي لي أمل .
ابتسمت أم طارق لها بحنان وفرحة وهي تقبل خديها : ألف مبروك ياعمري ..وسارت عائدة لمجلس النساء وهي تقول.. الحين أنادي لك أمل بس روحي غسلي وجهك يلا الرجال يتنظر ..احمرت شادن من الخجل ولكن لم تراها أمها لأنها دخلت للمجلس وماهي إلا لحظات حتى ظهرت أمل التي ابتسمت لها ..
أمل بابتسامه محبه : ها أشوف الوجه محمر إيش صار ؟
شادن ردت لها بابتسامة مرتبكة : ما صار شيء بس يبي يشوفني إيش أسوي الحين ؟
قالت أمل مطمئنة لها : لا تخافين أمشي جناحك بسرعة .
اسرعت الفتاتان للجناح وأمسكت بمناديل المكياج ومسحته فلم تبقي سوى القليل من الكحل وأضافت القليل من ملمع الشفائف بلا لون ونظرت للبسها المكون من تنورة جينز طويلة تكاد تلامس الأرض وبلوزة باللون السماوي برسومات عشوائية بعدة ألوان وذات أكمام طويلة حتى رسغها والتفت لأمل التي تقف بجوارها وسألتها : أمل لبسي تمام ؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وقالت : إيه أهم شيء يكون ساتر يلا إلبسي طرحة بسرعة ولفيها مزبوط .
أمسكت شادن بحجاب أسود لفته ولم يظهر إلا وجهها وقد عكس السواد على بشرتها وزادها توهجاً ولم تضيف أي رائحة عطرية لأنه لا يجوز فهو رجل أجنبي عنها وعندما تأكدت من شكلها سارت مع أمل للخارج وهما صامتتان حتى وصلتا للباب الخارجي المطل على مجالس الرجال فقالت أمل مشجعة : يلا حبيبتي روحي الرجال من زمان ينتظر .
ارتعش جسد شادن من الخوف والتوتر وقالت بربكة واضحة : أمل خايفة .
قالت أمل تطمئنها بابتسامة هادئة : ما له داعي الخوف أكيد طارق راح يكون معك يلا أنا بتصل عليه يجي لك .
**
في مجلس الرجال ..
سمع طارق نغمة هاتفه ورفعه فوجد أن المتصلة أمل فكساه الجمود ولاحظ ذلك عبد الرحمن وسأله : خير طارق عسى ما شر ؟
طارق بهدوء وبذات الجمود : لا ما فيه شيء بس الأهل داقين لحظة ..ورفع الهاتف لأذنه وهو يقول .. هلا ... خلاص الحين جاي ..وأغلق السماعة ونهض وهو يستأذن وخرج من المجلس وبعد لحظات عاد وهو برفقة شادن التي كادت تذوب من الخجل وانعكس عليها بإحمرار كسى وجنتيها فأضاف عليها هالة من الجمال والبراءة وعندما نظر لها عبد الرحمن همس يذكر الله عليها فوقف وهو ينظر بإمعان فأحست بنظراته المصوبة عليها فطأطأت رأسها أكثر وعندما سمعا طارق يحثهما على الجلوس جلس هو مكانه أما شادن فجلست بجانب طارق والذي كان مواجه لعبد الرحمن وغرق المكان بصمت دام لحظات لا يقطعه سوى نظرات عبد الرحمن لشادن المنحرجة من الوضع حتى تكلم عبد الرحمن بتوتر حاول يخفيه : كيفك شادن .
تلعثمت شادن فلم تعلم أنها ستتكلم معه حاولت أن تتجاهل ولكن تشجعت وقالت هامسة : الحمد لله .
فرد يحاول أن يضفي المرح : وأنا الحمد لله بخير .
ابتسم طارق مخفياً ضحكه عليه بعد أن شعر بخيبة صديقة الذي أراد أن يلفت انتباه شادن فلم يستطيع وقال بجدية مصطنعة : شادن ارفعي راسك عشان تشوفيه يمكن ما يعجبك وترفضينه ..فلم تستجب له شادن بل نظرت له بطرف عينها بحنق وهي ا زالت مطأطأة الرأس فضحك طارق بمرح على شادن وكذلك على الغضب الذي رسم على وجه عبد الرحمن فقال بمرح وهو يضحك .. هههههه خلاص شادن روحي الظاهر عجبتك الجلسة معنا ..وضحك من النظرة التي حدجته بها شادن والغيض الذي رسم على محيا صديقه ..
هههههههههههه .
فوقفت تريد أن تغادر فاستوقفها عبد الرحمن وهو يقول : لحظة شادن ..أخرج كيس صغير كان بجانبه ووضعه على الطاولة الزجاجية التي أمامها وقال بهدوء .. أتمنى تقبلين هالهدية البسيطة .
فقال طارق يعترض بهزل : لا والله لا خذ رقمها أحسن ..نظر له الإثنان بغضب فضحك بقوة عليهما..
وخرجت شادن وهي غاضبة من المجلس وهي تسمع ضحكات طارق وسمعت صوت عبد الرحمن الذي يؤنبه بقهر وهو يقول : حراااااام علييييك أحرجت البنت وليه خليتها ترووح لسا ما شفتها كويس .
ضحكت هي الأخرى بخجل وهرولت باتجاه باب المنزل وهي تبتسم بخجل .
بعد نصف ساعة غادر أهل عبد الرحمن وقد وقفت أم طارق وأمل وشهد أمام الباب لتوديعهم بذات الحفاوة التي اُستقبلوا بها .
وقد اتفقوا على أن يكون العقد قبل الزواج بأسبوع الزواج في عطلة عيد الأضحى أي بعد شهران .

وهذا البارت غالياتي

(٢)
*******
مضت عدت أيام هادئة لم يتخللها سوى عودة أمل لمتابعة الجلسات النفسية وقد زاد من توطد العلاقة بينها وبين د/ريم .
بعد أقل من أسبوع من اليوم ستبدأ السنة الدراسية والتي ستلتحق أمل فيها بمقاعد الدراسة من جديد بعد غياب أكثر من سنتان واليوم بالتحديد ستذهب برفقة شادن إلى السوق والمكتبة لجلب المستلزمات المدرسية .
***
بعد العصر ..
كانت أمل في جناحها تستعد لتخرج مع شادن للسوق ، سمعت رنين الإنتركوم فرفعت السماعة فإذا بها شادن تستعجلها للخروج فالسائق وزوجته في انتظارهما فأجابتها أمل أنها ستنزل حالاً وأغلقت السماعة واستدارت بفزع عندما سمعت صوت طارق يسألها : على وين العزم إن شاءالله .
أمل بتوتر فقد تذكرت للتو أنها لم تستأذن منه فقالت بخفوت : رايحين السوق .
طارق بستهزاء : ومن مين استأذنتي ياهانم ؟
توترت أمل وظهر على صوتها المرتجف : نـ .. ـسـيـ..ـيــت ما .. أقـ..ـول لـك .
نظر لها بغموض : عادي روحي ..وسألها ..مين راح يوديكم ؟
نهضت من الكنبة وهي تجيب : السايق وزوجته .
هز رأسه بإيجاب وسار بصمت لغرفة النوم أما أمل اتجهت للباب لتخرج لشادن التي لن تتركها بسلام بسبب تأخرها عليها وعندما ركبت بجوارها لم تدعها حتى لتقفل الباب وانهالت عليها بالشتم والسب المازح ولم يكن من أمل سوى أن تضحك بخفوت على شادن التي وكأنها تشتعل من قهرها وزادت إشتعالاً عندما سمعت ضحكت أمل وضربتها على كتفها بحنق ففلتت ضحكت أمل وكتمتها بسرعة وتبعتها ضحكة شادن هي الاخرى ونسيتا ما حدث بعد ذلك وهما تتحدثان .
أكملتا التبضع على أذان المغرب فذهبتا لتصليا في مصلى النساء وعندما انهتا الصلاة اتصلت شادن على السائق فأتى ثم عادتا للمنزل وقد أنهكهما التعب وتمددتا في الصالة بإرهاق وحولهما أكياس المشتريات .
بعد لحظات دخلا أم طارق وزوجها ونظرا للفتاتين فتنبهتا لهما فستوت أمل جالسة وهي تبتسم بخجل أما شادن فبقيت كما هي لم تتحرك أخذ الوالدان يسألانهما عن سير تسوقهما وأخبراهما عما اشترتاه وجلسوا كذلك حتى أتى طارق وأكملوا جلستهم بأحاديث ممتعة لكن أمل لم تكن لتستمتع وهي تشعر بنظرات طارق لها والتي أشعرتها بالضيق وهي تتسائل في نفسها "إيش فيه هذا يطالع فيني كذا ياا ربيييي شككني بنفسي الظاهر بقوم أحسن من أني أكون متوترة ويلاحظون علي هذا الشيء" فنهضت وهي مبتسمة بتوتر قائلة : عن أذنكم بروح أصلي العشاء وأرفع أغراضي .
أذن لها الجميع وسارت بعد أن حملت أكياسها متجهة للمصعد وتبعتها شادن على الفور وركبتا معاً ثم أفترقتا كل واحدة لجناحها .
******
مرت الأيام التي تليها رتيبة هادئة بدأت فيها الدراسة وأنتظمت أمل بها وتعرفت على العديد من الصداقات المميزة وانظمت لجماعة المصلى وكانت تهتم كثيراً بالإشتراك بالأنشطة الدعوية مما جذب الكثير من الفتيات الاتي تجاوبن معها بسبب أسلوبها الدعوي المميز الذي أكتسبته من معلمتها الحبيبة (أم نهى) وأستمرت تحاول لفت إنتباه الفتيات اللاتي غيرن من هيئتهن بما يسمى (البويه و الإيمو) وكانت تحاول بمساعدة صديقاتها بأن يوزعوا نشرات لتصحيح مفاهيم هؤلاء الفئة وقد أحرزت بعض التقدم وبمزيد من الجهد ستنجح بإذن الله .
أما بقيت يومها كانت تذهب للجلسات النفسية بعد العصر وكذلك تذهب لوالدها مرة كل ثلاثة أيام ولم يحدث أي شيء مميز في هذه الأيام سوى إخبار والدها لها بأن سلمى وقعت تنازلها عن المنزل ونقل لملكيته وعندما سألته كيف حدث هذا لم يجبها بل لاذ بالصمت مما عزز شكاً لديها أن هناك سراً كبير خلف هذا الأمر وما أكد ذلك كثرة تواجد سلمى في المنزل ولكنها لم تستبين منه بشيء بل أعزت للزمن بإظهار المستور ، و في الإجازات الاسبوعية كانت تذهب برفقة شادن و شهد للسوق لشراء مستلزمات زواج شادن والذي قد قرب موعده .
أما علاقة أمل بطارق فأصبحت بتحسن مستمر مع تقدمها في العلاج فقد زال الخوف والتردد وحلت الثقة في نفسها وأصبحت تجلس مع طارق بثقة وتتناقش معه في أمور كثيرة مما زاد التفاهم بينهما وزاد طرداً في مشاعرها جهة طارق الذي كان قلبها ينبض خوفاً منه أما الآن فينبض على نحو آخر عند رؤيته أو سماع صوته فقط .
*********
بعد شهرين ...
عادت من المستشفى برفقة طارق التي تبرع اليوم بتوصيلها وقد كانت تسير بهم السيارة بهدوء على غير العادة وكل واحد مستغرق بأفكاره فقد كانت أمل تتذكر كلمات ريم لها قبل أن تغادر والتي ما زالت ترن برأسها وهي تنظر للأمام حتى أنها لم تنتبه لتوقف السيارة إلا عندما سألها طارق بقلق لمسته : أمل خير صار شيء اليوم عند الدكتورة ؟
انتبهت له من سرحانها ولاحظت أنه توقف عند المنزل فرفعت غطائها والتفتت له وهي تبتسم بتصنع : لا أبد مافيه شيء بالعكس الأمور ماشية تمام الحمد لله .
رد لها طارق بابتسامة : الحمد لله ..وسألها .. بقي شيء ما جهزتيه للملكة والزواج؟
أمل بهدوء : لا خلاص جهزت كل شيء الحمد لله ..وسألته.. ليش ؟
رد بهدوء : عشان إذا تبيني أوصلك السوق تكملينها .
قالت بامتنان : مشكور وما تقصر ..صمتت برهه وسألته .. راح ترجع المستشفى ؟
رد بذات الهدوء : إيه الحين رايح .
أمسكت أمل بمقبض الباب وهي تقول : أجل ما راح أأخرك ..نزلت من السيارة وقالت قبل أن تغلق الباب .. مع السلامة .
واستدارت متجهه للمنزل بعد أن سمعت رده عليها وسار باتجاه البوابة الخارجة وهي بالإتجاه المعاكس .
دخلت غرفتها ووضعت العباءة على المشجب وتمددت على السرير وهي تفكر بما قالته ريم وعاد يتردد في ذهنها ما قالته (أمل أنتي تقريباً خلصتي العلاج فوقت قياسي ماشاء الله عليك بصراحة أول مرة تجي عندي وحدة بعزيمتك وإصرارك وإيمانك بأن الله راح يساعدك وعشان كذا الحين يا أمل تقدرين تعيشين حياتك بدون خوف أو توتر أو أي إضطرابات وإذا حسيتي بأي شيء جوالي وعيادتي مفتوحة لك ومتى ما احتجتي أي شيء أو تستشيري عن أي أمر قلبي يسمعك قبل أذني أما الحين الباقي عليك أنتي أبيك تشتركين بمنتديات وتتفاعلين مع المجتمع وكمان أبيك تثقفين نفسك كثير وتبعدين عنك أي محبطات أو مثبطات لعزيمتك وبكذا أقولك أن اليوم آخر جلسة معي ) لحظتها أحست أمل بمشاعر مختلطة بين الفرح والحزن فقد فرحت كثيراً بأمر شفائها وأحزنها فراق ريم التي عدتها أكثر من أخت وقبل أن تودعها تبادلتا أرقام الهواتف والعناوين على أمل أن تلتقيا قريباً وقد دعتها أمل لحظور زفاف شادن فوعدتها بأنها ستلبي الدعوة وبرفقة إبنيها وافترقتا .
نهضت أمل وهي تستعيذ بالله من الشيطان وقد سمعت صوت أذان العشاء فأخذت تردد معه ثم نهضت لتصلي .
*****
اليوم التالي ..
ملكة شادن وعبد الرحمن ..
أتت الكوافيرة للمشغل الملحق بالمنزل بعد المغرب وبدأت بتزيين شادن التي كانت متوترة وخائفة وكانتا أمل وشهد تضحكان عليها وهي تصرخ عليهما أن يصمتا ولكنهما لا تستجيبان لها وعندما انتهت المزينة من عملها كان العشاء يؤذن فصلت شادن ولبست فستانها البسيط واللذي باللون التركوازي القاتم والذي عكس على بشرتها وزادها رونقاً وكان مكياجها ناعم يندمج به الزهري والتركواز وأحمر شفاه زهري لامع فأصبحت رائعة بحق أما شهد وأمل فلبستا فساتين ناعمة جداً ووضعتا لمسات المكياج لنفسيهما لأن الحفل بسيط ويقتصر على الأهل والجيران ورغم ذلك أصبحتا نجمتين وتميزت أمل بفستانها العودي والذي أبرز بياض بشرتها بتألق وجمال .
بعد صلاة العشاء تم العقد على خير واستمر الحفل البسيط والفخم بنظام إلى أن أعلنت أم طارق للحظور بالتوجه للبوفيه بينما كانت أمل وشهد تتأكدا من زينة شادن التي أُدخلت لمجلس آخر حتى يدخل عبد الرحمن عندها وكانت في أوج توترها وقد بردت أطرافها فقالت أمل تحاول تهدأتها ببتسامة مطمئنة : شدو حياتي خفي شوي على نفسك بلاش هالخوف كله .
فقالت شهد مؤيدة : صادقة أمل كذا راح تضري نفسك وتتلفي أعصابك هي أول شيء تتوتري وبعدها عادي راح تتأقلمين معه يلا حياتي أبي أشوف إبتسامة كرست ..وابتسمت لها بحب ..
أخذت شادن عدت أنفاس حتى تضبط أعصابها وأغمضت عينيها بمحاولة لإبعاد التوتر عنها وعندما أمسكت زمام أمرها فتحت عينيها وابتسمت بامتنان و قالت لهما : شكراً بنات .
وقبل أن تجيبا صاح هاتف شهد فالتفتوا لها وهي ترد بهدوء : هلا طارق ..خفق قلب أمل لسماع أسمه وقد تملكها الشوق لرؤيته فهي لم تره اليوم وسمعت شهد وهي تقول .. خلاص قل له يدخل أحنا راح نخرج الحين .. مع السلامه ..التفتت لأمل وهي تقول .. أمل يلا نخرج عبد الرحمن راح يدخل .. و التفتت لشادن بابتسامة .. ها شدو زي ما اتفقنا ..وابتسمت لها الفتاتان متمنيتان لها التوفيق وخرجتا ولم تمضي سوى نصف دقيقة حتى دخل شخصان رفعت رأسها ورأت أنهما طارق وعبد الرحمن فأخفضت رأسها حياء وخجلاً ألقى الرجلان التحية فردت عليهما بهمس ربما لم يسمعاه تقدم طارق أولا فقبل جبينها وقال بفرحة : مبروك شادن .
ردت بذات الهمس : الله يبارك فيك .
ابتعد طارق وتقدم عبد الرحمن المشدوه من جمال ورقة عروسه قبلها على جبينها وابتعد وهو يقول بصوت أجش هامس : مبروك ياعمري .
كست الحمرة خدي شادن من الخجل بسبب صوته وكلمة "عمري" التي تفوه بها فردت عليه بهمس وربما أقل من الهمس : الله يبارك فيك .
جلس بذات الكنبة التي تجلس عليها وهو يبتسم بفرح بادره طارق يقول ببهجة : ألف مبروك لكم وعقبال الزواج .
رد عبد الرحمن بسعادة : الله يبارك فيك ..وأكمل بمزاح .. ويلا ما ودك تفارقنا .
طارق بعبوس مصطنع : أفاااا تطردني وأنت متزوج أختي طيييب أنا أقول للوالد يلغي الزواج لين تعقل ..واستدار وهو يبتسم وخرج وهو يقول بغضب مصطنع.. الحين تشوف .
استدارت شادن تقول بلوم خارج عن إرادتها : ليش زعلته يلا روح راضه .
ضحك عبد الرحمن بقوة : هههههههه ..فنظر لشادن التي تتطلع له بحنق وضيق فتمالك نفسه وقال بذوبان .. أموووووت أنا على الحنونه ..خجلت شادن منه وطأطأت رأسها بخجل فأكمل وهو يرفع رأسها ويبتسم .. يا عمري أصلاً هو ما زعل بس كان يمزح أنا أعرف حركاته .
زاد خجل على شادن بسبب نظراته لها فأبعدت يده برفق وأخفضت رأسها فصاح بهزل : لااااا حرااام عليك تحرميني أشوف هالجمااااال .
ابتسمت وهي خجلى من حركاته المرحة وأسلوبه الرائع وبعد دقائق بدأت بالتأقلم وانخرطت معه بالحديث حتى كادت تنسى خجلها منه إلى أن أتت أم طارق لتسلم عليه وأتت بعدها المصورة التي التقطت لهم عدت صور ثم تبادلا الأرقام ومد لها بكيس صغير وفخم وهو يودعها فأخذته منه ثم خرج .
****
تمددت على كنب الصالة بتعب وإنهاك من حفل اليوم فقبل نصف ساعة غادرت آخر المدعوات ثم تلتها مغادرة شهد فذهبت هي لشادن بغرفتها وأخذت أخبارها وأرتها هدية عبد الرحمن المكونة من صندوق صغير مغلف بطرقة رائعة فتحته وكان يحتوي على علبة أخذت نصف حيز الصندوق به طقم من الذهب الأبيض ناعم وجميل وعلبة أخرى بها عطر مسجل بماركة عالمية وساعة بألماسات تتلألأ بروعة وفوقها كرت به كلمات رقيقة مهداة لعروسة ، ثم جلست تحكي لها شادن عما حدث بينهما ثم باركت لها أمل مرة أخرى وودعتها لأنها متعبة .
انتبهت أمل لحركة مزلاج الباب فجلست بعجل وظهر من خلف الباب طارق الذي نظر لها مباشرة مأخوذاً بجمالها فتقدم وهو يلقي التحية فردت عليه بخجل وقلبها ينبض بعنف من مشاعرها للماثل أمامها فوقفت بسرعة عندما تقدم لها وأصبحت عينيه ترتكز عليها ولم يزيحها وكأنه غرق بها ولا يستطيع النجاة منها ثم تقدم خطوة فخطوة حتى وصل إليها وأصبح محاذياً لها فسألها بنبرة غريبة وعينيه تلمعان : ليش ما قلتي لي أنك خلصتي الجلسات ؟
تلعثمت أمل وأغمضت عينيها التي كانت أسيرة لعينيه وقالت مبرره بعد أن تحمحمت : أحم .. أحم ..نسيت عشان انشغلنا وو... ..وصمتت ولم تجد أي كلام مناسب وقد كانت مطأطأة رأسها فأحست بسبابته تحت ذقنها ورفع رأسها ففتحت عينيها فرأت كلام كثير يجول بعينيه ولكنه لم يتكلم إلا بعد لحظات خالتها دهور ..
طارق بصوت أجش هاااادئ : أمل اليوم أنتي جنــــــااان .
*******
خرجت من الحمام (كُرمتم) وهي ترتدي بجاما حريرية باللون الأصفر وعليها كتابات باللغة الصينية بالعودي ولفت شعرها بمنشفة حال خروجها اصطدمت عينيها بعينين تنظران لها بتمعن أكتست خديها بحمرة الخجل وأخفضت عينيها وهي تبتسم له وذهبت لمرآة التسريحة لتجفف شعرها فسمعته يقول : أمل ماقصيتي شعرك من قبل ؟
ردت عليه أمل وهي تستدير لتواجهه فوجدته أمامها مباشرة فتساءلت كيف أتى بهذه السرعة فأجابته بخجل وتوتر : لا ما قصيته قبل بس كل نص شهر أقص حوافه .
طارق بهدوء وأمر : أها ، لا تفكرين تخلينه قصير أبد طيب .
هزت أمل رأسها بطاعة وقالت : طيب ..فانصرف ذاهباً ليتوضأ استعداداً لصلاة الفجر ..
عاد طارق من صلاة الفجر وطلب من أمل إعداد الفطور فسألته مستغربة : ليش أنت موب صايم اليوم ؟
نظر لها بغرابه : صوم ؟ ..وضرب رأسه براحت يمينه متذكراً وهو يقول .. أوووف كيف نسيت صيام العشر ..نظر لأمل بامتنان وقال برقة .. جزاك الله خير على أنك ذكرتني أصوم .
أمل بهدوء : وإياك ..وسألته.. ما أكلت أو شربت شيء ؟
أجابها وهو يخلع ثوبه ويسير باتجاه السرير : لا ما أخذت شيء ، بنام شوي لما يجي وقت الدوام ..وأكمل آمراً برقة .. يلا تعالي نامي .
أطاعته أمل وهي خجلى .
*****
مضى أسبوع والأوضاع بين طارق وأمل مستقرة وقد أنسجما معا بشكل رائع فانعكس ذلك عليهما فأصبح طارق ىبدو أكثر راحة وسعادة و على أمل التي كانت مشرقة الوجه وعينيها تتلألأن من سعادتها وراحتها وقد لاحظ الجميع التغير الذي حصل لهما ، أما شادن فأنهت استعدادها خلال الأيام الماضية لإنتقالها للحياة الزوجية والتي ستبدأ رحلتها اليوم وقد توطدت علاقتها بعبد الرحمن حيث كانت المكالمات الهاتفية بينهما مستمرة حتى آخر الليل .
****
زواج شادن وعبد الرحمن ...
مضى الزواج كما هو مرتب له وكان قمة بالفخامة والترتيب وما ميزه خلوه من المعازف والغناء الفاحش فأصبح أكثر هدوء وراحة ، كانت شادن كالبدر في تمامة في جمالها الآسر وطلتها الرائعة ، أما أمل فبدت كالنجمة متلألئة تلتف الرقاب لمرورها كانت متميزه بحق بفستانها الزهري الرائع ومكياجها البسيط والذي جعل إطلالتها أجمل .
زُفت شادن بعد إنتهاء الحفل إلى سيارة عبد الرحمن المزينه بالمعجون والأزهار والشرائط الملونة المتوقفة أمام بوابة القصر ركبت بهدوء إلى جانبه في الخلف أما من يقود السيارة فكان أخو عبد الرحمن الأصغر الذي حياها وبارك لها باقتضاب فردت عليك كذلك باقتضاب وسارت السيارة لمدة عشر دقائق ثم توقفت أمام فندق خرج عبد الرحمن واستدار لبابها وفتحه ثم ساعدها على النزول وسارا معا للوبي الفندق استلم بطاقة الجناح من موظف الإستقبال وسارا بصمت واستقلا المصعد حتى وصلا للطابق المقصود أمسك بيدها وسار بها لجناحهما فتح الباب ودخلا ثم أغلقا الباب بعدهما >>طقيت الباب عليهم فتح لي عبد الرحمن وكشر فوجهي استحيت منه قال : تبين مين ؟
قلت : أبي شادن .
تأفف وهو يدخل ونادى شادن اللي خرجت لي بعد ثواني وهي تقول : خير إيش تبين ؟
قلت لها بمكر : أبي أدخل عندكم أبي أشوف أكشن .
استحت شادن وقالت : لا ما فيه أكشن، تبين تعرفين وين الأكشن ..هزيت راسي بمعنى إيه قربت وهمست لي فأدني بمكر.. روحي لأمل وطارق أكيد عندهم أكشن .
طالعت فيها بمكر وقلت : خلاص بروح عندهم .
قالت بسرعة وهي تقفل الباب : طيب مع السلامة .
رحت لطارق وأمل ولقيت الباب مقفل الظاهر إني تأخرت يلا خيرها بغيرها >>خخخخخ >> بســ أمـ(g)ـل ــمة
********
في صباح اليوم التالي ..
استيقضت أمل فنظرت لموضع طارق فرأته فارغ فرفعت بصرها للساعة ورأت أنها تجاوزت العاشرة صباحاً فنهضت بعجل ودخلت الحمام (كُرمتم) ونظفت أسنانها وتحممت بعجل وتوضأت وخرجت وفرشت سجادتها وشرعت بصلاة الضحى ..
بعد أن أكملت صلاتها لبست ونزلت حيث مكان إجتماع العائلة فوجدتهم يتبادلون الحديث بهدوء وقد لاحظت عليهم بعض الحزن على فراق شادن التي كانت تملأ المكان بهجه سلمت وجلست بهدوءكما هو الحال واستمرت الجلسة حتى سمعوا الأذان الأول للجمعة فنهضوا حتى يستعدوا للصلاة وقد سارا طارق وأمل لجناحهما وعندما دخلا بادرت أمل تقول بهدوء يشوبة بعض الحزن : أهلك واضح عليهم أنهم يفتقدون شادن .
التفت لها ورأت في عينيه لمعة الدموع وقال بصوت خشن يبعد فيه أثر لمشاعره :أيه مره حزينين على فراقها وأمي كانت تبكي بس أنا وأبوي حاولنا فيها لما سكتت ..صمت لحظه وأكمل .. هذي شادن ملح البيت .
ردت أمل بمرح تحاول به إبعاد الحزن المخيم عليه : أفااا إذا شادن ملح أنا إيش أصير .
نظر لها طارق وهو يستعد لدخول الحمام (كُرمتم) و يبتسم بغموض : أنتي السكر والحلا كله ..وأغلق الباب خلفه تاركها مصدومة بل متجمدة من الصدمة ولم تنتبه من صدمتها إلا عندما توقف صوت إندفاع الماء فتحركت وهي تكاد تذوب من الخجل وعندما خرج لم تنظر لعيني طارق بل كانت تعطيه ملابسه وتعطره وهي لا تنظر لعينيه أبداً حتى سمعت ضحكته فنظرت له بغرابه ومازال وجهها يكسوه إحمرار الخجل فازدا ضحكه وقال وهو يدافع الضحك : أنتبهي لا تموتين من الحيا كل هذا الخجل عشان كلمه خلاص هههههه يا كلمة ردي مكانك ههههههااي .
نظرت له بغضب وهي تضع يمينها على خصرها وتهتز باصطناع وهي تقاوم البسمة التي رسمت رغم عنها على شفاتها وقالت بدلع لائق : لاااا والله .
ابتسم بغموض وأقترب منها وهو يقول : قسم بالله إنك طفله وأحلى طفله كمان .
********
مضى أسبوع سافرت خلاله شادن لعدة أيام وعادت ليلة العيد ومضى العيد أكثر بهجة من السابق وقد زادت علاقة أمل بطارق توطداً وأكثر ألفه ولكن لم يكشف أحد منهما مشاعره للآخر بل بقية أسيرة الغموض والكتمان .
مضى أسبوع آخر وعادت فيه أمل وشادن لمقاعد الدراسة ولكن هناك أمر عكر صفو حياة أمل وهو الحلم المزعج الذي تكرر لليالٍ وكأنه يلح عليها أن تنتبه .
***
في أحد أوكار الرذيلة ..
في منزل سعود ..
مكان جمع أنواع الفسوق والرذائل المختلفة وأصبح يباع فيه الجسد بأبخس الأثمان ويشرب فيه السُكـــر كالماء الزلال .. مكان يظهر شياطين البشر بأجساد بشرية تجتمع على الشر وتفترق عليه ..وفي إحدى زواياه ..
جلس سعود وإثنين من أعوانه الذين تجمعوا على مخطط شيطاني ويتناقشون ليحبكوا نسيجه بعد لحظات ظهرت سلمى التي كانت تسير وهي تتلفت خوفاً من أن يتبعها أحد وعندما أستقرت جالسة قرب المجموعة الشيطانية خلعت حجابها وعباءتها وهي تقول بسرعة : جبت لكم الرقم بس قبل أبي كاس .
نهض أحد المجموعة وغاب للحظات وعاد بكأس من الخمر ومده لها .
فتناولته وهي تقول : أوووه جيت بسرعه خفت أن إبراهيم يشوفني وما أدري إيش يفكني منه هالمره لما شافني المره اللي فاتت أخذ البيت مني ما أدري المره هذي لو شافني إيش يصير .
لم يهتم أحد بكلامها بل بادرها سعود طالباً بخبث : يلا هاتي الرقم .
مدت له بورقة كُتب فيها رقم وكانت نظرات الخبث تطل من أعينهم وضغط سعود الرقم ورفع الهاتف لأذنه وهو يقول : السلام عليكم ..
وعملوا عمل أبناء وخدام الشيطان في دمار البيوت وقد أغفلوا أن ربهم يتطلع على أعمالهم والله يمهل ولا يهمل .
*****
في ذات الوقت ...
في منزل أبو طارق ...
أتت شادن وعبد الرحمن لزيارتهم وعادت البهجة للمنزل وجلس الجميع يتسامرون بفرحة وجذل وحتى شذى أصبحت أكثر مرحاً وقد كانت هادئة جداً عندما غابت شادن وبعد أن تناول الجميع وجبة العشاء إجتمعت الأسرة في الصالة بعد أن ذهب عبد الرحمن وهم يتبادلون الأحاديث المرحة والتعليقات المحرجة حتى أرتفع صوت رنين هاتف طارق فصمت الجميع حتى يستطيع الرد وهو بدوره رفع هاتفه بعد أن ضغط زر الرد وهو يقول بهدوء : ألووو .. عليكم السلام ، نعم أخوي بإيش أخدمك .. طيب مين أنت كيف أقابلك وأنا ما أعرفك .. ظهر الغضب على قسمات وجهه وأكمل بهدوء مسيطر .. ليش إيش سوت ؟ ..نظر له الجميع مستفهمين ولم يهتم بنظراتهم بل نهض وهو يلوح بالذهاب وغادر المكان وهو يقول .. طيب وين أقابلك ؟ .. أممممم إيه أعرفه ربع ساعه وأنا عندك .
وغاب صوته مع صوت إغلاق الباب .
نظر الجميع ببعضهم قليلاً ثم أكملوا أحاديثهم ببعض التوتر والذي كان لأمل النصيب الأكبر منه .
وعند الساعة الثانية عشر إلا ربع دخلت أمل لجناحها بعد أن تفرق الجميع بعد ذهاب شادن ومع مضي الوقت أصبحت قلقة على غياب طارق أكثر فهو لا يحب السهر .. رتبت الغرفة وعطرتها وأستبدلت لباسها وسرحت شعرها وتركته يستريح على ظهرها كانت تفعل كل هذا وهي تكاد تحترق من القلق عليه وعندما تعدت الساعة الثانية عشر بربع ساعة سمعت صوت فتح وإغلاق الباب بقوة تدل على غضب صاحبها فتقدمت لباب غرفة النوم وفتحته فوجدت نفسها في مواجهة طارق والذي تطلق عينيه حمماً من غضبه مناقضاً لمظهره البارد الثلجي تسمرت عينيها في عينيه فرأت خلف الغضب أمراً أخافها بل أرعبها وأحست بيديه التي وضعهما على كتفيها بقوة وشد عليهما حتى أحست بألم إنغراس أظافره في لحم كتفيها فأحست بالذعر وأطلقت تأوهاً مكتوماً وهي تقول برجاء : طارق فكني آلمتني .. فزاد الضغط حتى شعرت بألم لا يحتمل وتبعه سيلان خطوط دافئة بللت لباسها فانطلق دموعها وهي تتوسله بهمس باكي .. طارق الله يخليك فكني آآآآه ..أخيراً أطلقها ولكن ليس ليرحمها بل .. حملها بعنف وألقاها كقومة من القذارة على السرير وهو يقول بغضب : خـــــاينه فـــــا... .
****
تكومت على الأرض قرب السرير وهي تنتحب بألم مــــوجــــع حد المــــوت فما حدث في الماضي عـــاد وبألــــم أعمـــــق وجراااح أكثر وذل بلغ أعمـــــاااق الروح وتجذر بهــــا وقاسمهما المشترك (سُكر العقل) فالأول أسكر عقله الخمر والآخـــــر أسكر عقله الغــــــضب ولكن لماااااذا هو غاضب ؟سؤال يتردد بإزعاج في نفسها لما هو غاضب ولماذا نعتها بالخـــــائنة وهي لم تلتفت لغيره والله يعلم صدقها وكأن طارق سمع تساؤلاتها وحيرتها فقال بصيغة أمر واشمئزاز ظهر في صوته : يالخــــاينة قومي لا تقعدين تتباكين عندي وتمثلين دور البريئة وأنتي حية سامة أحقر منك ما فيه أنا بروح أصلي الفجر وأجي أحصلك جهزتي ملابسك وأغراضك بوصلك لبيت أبوك ..وبأمر صارخ .. قوووومي .
نهضت بألم وتثاقل وهي تلملم بقايا كرامتها وقالت بصوت جرحته مرارت البكاء : والله ما خنتك لا تتبلى علي .
صرخ بغضب : لا تحلفين بالله الله أشرف من أنك تحلفين به أنت وحده بايعه شرفها وأنا مالي حاجه فيك بعد اليوم خلااااص أكتفيت منك ..وخرج صافقاً بالباب بقوة وعنف فانهارت أمل بالبكاء مرة أخرى .
عندما عاد وجدها تجلس بالصالة ووضعت حقيبتها التي أتت بها إلى هذا المنزل وها هي تعود بها وهي تحمل في يدها شيءً لم يتبينه فنهضت وهو تقول بتردد وبصوت أبح : أممم ممكن أخذ الجوال ؟
نظر لها طارق بسخرية وهو يبتسم بازدراء : هه خذيه عشان تكلمين أصحابك ..وسار خارجاً من الجناح فلحقت به بعد أن ابتلعت الإهانه المرررره ..
توقف أمام البيت بعد صمت أطبق على نفسها وعندما تكلم قال بهدوء أخفى به أي أنفعال قد يظهر عليه : أخرجي أمل خلاص الطريق بيننا مسدود وما أقدر أستحمل فكرة خيانتك ..
قالت بسرعة وهي تبكي : والله ما خـــ
أسكتها بإشارة من يده وأكمل بذات الهدوء : خلاص أمل روحي أنتي طــ
********
أمام منظر بديع

وقفت

شدني جماله

وسحرني ألوانه

ولكنه منظر حزين حد الألــــم

أنه منظر غروب الشمس

حيث أكسى مغيبها البحر حلة كألسنة اللهب

وغطت أفق السماء بشفق أحمر كالذهب

فأصبحت لوحة جميلة المنظر

مؤلمة المخبر

تستمر لحظات

وتغيب مخلفة السواد المعتم

وليل مؤلم

على المرضى

والجرحى

والمهجورين من أحبابهم

فيطول ليلهم

ويزيد ألمهم

فهل سيزول الألم

بشروق شمس الأمل

أم ستستمر العجلة بالدوران

والألم والأمل متعاقبان

فأيقنت بأن الألم سيزول يوماً

والأمل ستشرق شمسه دوماً

فقلت بأعلى صوتي مستفهمه

أمام آخر لحظات الغروب

(متى ستشرق شمس الأمل ؟)

فأبتلعت أصوات الأمواج صوتي

ولم يتردد في الأفق سوى

كلــــــــــمة

الأمــــــل

الأمـــل

الأمـل



******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء التاسع عشر ـــــــــــــــــــــة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:25 AM



&< ~^(( الجزء الأخير))^~ >&

~[(غاب الألــم وأشرقت شمس الأمـــل )]~




صرخت أمل بذعر : لااااا طااااارق لا تقولهااااا تأكد أول لا تظلمني الله يخليك ..وأجهشت ببكاك مـــؤلم ..
نظر لها بألم وقال بمراره : أمل خلاااص روحي أوعدك أفكر بســ ..صمت وترك كلامه معلق وأبعد نظره عنها

فشعرت بمدى رفضه لها هذه اللحظة فقالت بألم وهي تنزل من السيارة : مع السلامة .
ونزلت وهي تجر أذيال الخيبة والذل وهي تدلف لمنزل والدها .
******
: السلام عليكم
: ألووو .. عليكم السلام
: طارق ؟
طارق : نعم أخوي بإيش أخدمك
: ممكن أقابلك عندي موضوع مهم لازم أقوله لك .
طارق : طيب مين أنت كيف أقابلك وأنا ما أعرفك ؟
: معك سعود تعال قابلني إذا تبي تعرف حقيقة زوجتك إللي هي طليقتي .
تكلم طارق بهدوء : ليش إيش سوت ؟
سعود بخبث وهو ينظر لرفاقه : أنت قابلني وأقولك السالفه كلها .
طارق :طيب وين أقابلك ؟
سعود وهو يشير لأصحابه بعلامة النصر : كوفي الـ.... إللي بشارع الـ..... تعرفه .
طارق : أممممم إيه أعرفه ربع ساعه وأنا عندك .
***
على طاولة مستديرة جلس طارق بجبين مقطب يخفي به غضبه ويقابله ثلاثة شبان إثنان يظهر الخبث من قسمات

وجهيهما أما الآخر فيظهر الحزن والحنق المصطنع بإتقان عليه وبعد أن مضى بعض الوقت بصمت وأصبح كل

فرد أمامه كوب زجاجي به عصير ، بدأ الحديث طارق الذي سأم من الصمت بسؤال وجهه لسعود : نعم يا أخ سعود

إيش الموضوع بس لحظه ..وأشار لأصحاب سعود بمعنى أنه يستفسر عن سبب تواجدهما ..
سعود بتجاهل لإستفساره قال بنبرة حزينة مصطنعة : الموضوع أن أمل لما كنت متزوجها كانت لما تتأكد إني نمت

تخرج لأصحابي اللي يسهرون عندي و تلزق فيهم وهم ما يبون يقربون منها بس هي ما تتركهم وعلى هذا الحال

كل يوم وأنا ما كنت أدري بسواتها بس شكيت عشان كذا أتهمتها لما قالت لي إنها حامل ولما أثبت التحليل أن

إبراهيم ولدي حسيت أني ظلمتها وقلت برجعها بس هي خدعتني أتفقت معها ترجع لي بس تزوجتك عرفت أنها

ماهي سهله وأنها ما تغيرت ولما حكيت لأصحابي عن سواتها ..وهو يمرر عينيه لرفاقه..حكولي إيش كانت تسوي

قبل .
لم يظهر على طارق سوى البرود المناقض لنيران الغضب المتقدة بداخله والتي تظهر من عينيه التي تطلق حماماً

وبعد صمت قصير قال ببرود : طيب إيش اللي يثبت كلامك ؟
نظر سعود لطارق ثم لصاحبيه وقال بهدوء : هذولا أصحابي إسألهم إذا ما تصدق .
نظر طارق لهما مستفسراً فقال أحدهما بكذب : صحيح هذا الكلام أنا دايماً كنت أشوفها تجي بملابس فاضحه

وتحاول تغوي الرجال وسعود يكون نايم ولا يدري بشيء كنا نلمح له عنها بس هو كان ما يصدق فيها .
وتكلم الآخر مكملاً مسيرة الكذب : هددناها إنها بنعلم سعود عليها كانت تضحك علينا وتقول سعود واثق فيني .
أكمل سعود بحزن كاذب ككلامه : عشان كذا لما عرفت قلت أحذرك منها يمكن تعيد إللي صار قبل , بعد ما كنت

أبيها إلحين لو تنهد السما على الأرض ما أخذتها بعد ما عرفت سواتها .
بعد أن تأكد طارق من إكمال كلامهم قال بهدوء بارد وساخر : خلاص قلتم إللي عندكم جزاكم الله خير على

المعلومات اللي أعطيتوني إياها ..ونهض ببرود وسار خارجاً من الكوفي تتبعه نظرات الإستغراب التي تطل من

الجالسين ولو نظروا لعينيه لما شكوا في مدى الغضب المتقد به ..
***
استوى سعود بجلسته وهو يبتسم بخبث وانتصار من خطته التي آتت ثمارها رغم الإحباط الذي أصابه من ردت

فعل طارق ولكن مكالمة سلمى التي وصلته قبل دقائق أعلمته بمدى نجاح خطته وقال منتشياً بفرح : أخيراً إنتقمت

منك يا أمل أنا محد يخدعني ..وضحك بملء فيه .. ههههههههههاااي
دخل صاحبيه وهم ينظران له بغرابه فسألوه عن سبب ضحكه فرد عليهم : أبشركم خطتنا نجحت وبقوه بعد .
سأل أحدهم :
كيف عرفت وباين أمس طارق ما صدقنا ؟
سعود : كلمتني سلمى وعلمتني أن أمل جابها طارق عندهم مع أغراضها أكيد طلقها لأنها تبكي من أول ما جات

عندهم .
*******
دخل والدها غرفتها للمرة العاشرة منذ أتت وجلس بجوارها وهو يسألها بألم على حالها : أمل حبيبتي قولي إيش

سوى لك طارق قولي والله لأروح له بس تكلمي ،
هزت أمل رأسها بمعنى لا شيء وهي مستمرة في البكاء وقد انتفخت عينيها وأصبحت بلون الدم القاني وتكلمت

بصوت أبح ومختفي من كثرة البكاء وهي تبرر بوهن وألم : لا يبه طارق ما سوى شيء كل الموضوع حصلت

مشكلة بيننا وأختلفنا بســ
نظر لها والدها بشك وقال بهدوء : خلاص تفاهمي معه وإن شاء الله تحلون الإشكالية إللي بينكم ..ونهض مغادراً

وهو يقول .. الله يوفق بينكم ويهدي سركم ..وخرج..
سرحت أمل و راحت تحدث نفسها "ما أظنها يبه تنحل هذي المشكله ماااا أظن لكن الله كريم آآآآهـ يارب تنصرني

على من ظلمني" ..أغمضت عينيها تحاول أن تريح عينيها من البكاء ولكن هيهات فما أن أغمضت عينيها حتى

رُسم أمامها وجه طارق الغاضب عندما نعتها بــ (الخائنة) فزاد ألمها أضعافاً وأنسابت دموعها مرة أخرى ..
وأخذ قلبها ينبض بعنف عندما تذكرت معاملة طارق لها الليلة الماضية ولم تشعر بدخول سلمى والتي رأت حالها

ودموعها المنسابة على خديها كالشلال فضحكت بشماته عليها فنظرت لها أمل وتكلمت الأخرى بصوت تملأه

السخرية والشماته وهي مازالت تضحك : هه مسكينة يا أمل تركك زوجك بعد ما عرف حقيقتك يــــا ..توقفت عن

الكلام بمغزى ثم أطلقت ضحكة عالية..هههههههههه .
نظرت لها أمل بنظرة غاضبة كادت تقتلها وشكت كيف عرفت .
خافت سلمى من نظرت أمل فانسحبت بسرعة من الغرفة وهي تغطي خوفها بضحكة شامتة طـــــويلة وما إن

خرجت حتى أخذت الأفكار تدور ببال أمل وقالت تحدث نفسها "إيش عرفها سلمى وأنا ما تكلمت ولا حتى قلت لأحد

أن طارق تركني ما أدري أحس أن ورا كلامها شيء وشيء كبير كمان "
**********

**********
مرت أيام طويلة رجعت أمل لطبيعتها ولكن بتحفظ لم تنقطع إتصالاتها بأهل طارق الذين ما زالوا يسألون عن سبب

فراقها عن طارق ولكنـــ لا جواب هي نفسها لا تعلم سبب إنقلابه عليها ولم تسمع عنه أي أخبار في المقابل رجعت

علاقتها بنهى أكثر إرتباطاً وتبادلتا الزيارات وكانت تلازمها نهى في الجلسات النفسية عند الدكتورة ريم بعد أن

عادت حالتها كالسابق عقب ما حدث تلك الليلة فقد أنتكست حالتها من جديد وكانت عندما تذهب للمستشفى تحاول

أن تبتعد عن أماكن تواجد طارق فقد كانت تذهب للعيادة وتعود أدراجها بسرعة دون أن تلتقي به ، عادت للمدرسة

بعد إنقطاع أسبوع وأجتهدت بدراستها وكانت تلتقي بشادن كل يوم والتي كانت تلح عليها بالسؤال فتجيبها بأن

تسأل طارق فترد الأخرى بأنها تسأله ويكون جوابه الصمت ..
أما عن سلمى ..
علاقتها بها شبه منقطعة إلا من لحظات تعبر فيها عن كرهها لها ببث سمومها وتستفزها بضحكاتها الشامتة .
********
بعد مضي شهر ونصف ...
أستقلت أمل سيارة والدها وحيته بهدوء فرد عليها وصمتا إلى أن قالت له أن يذهب لمنزل نهى فسار في المنعطف

المؤدي له فقال لها والدها بهدوء : أمل يابنتي لين متى وأنتى على هالحال ليش ما تكلمين زوجك وتتفاهمين معه

؟؟
نظرت لوالدها بحزن وقالت بصوت مليء بالمرارة : موب يدي الشيء هذا يبه وما أقدر أدق عليه ما أقدر ..ونزلت

دموعها وهي تقول بصوت متحشجرج من البكاء ..صعب إني أرمي نفسي عليه وهو إللي تركني .
رد عليها والدها بحزن على حالها : يابنتي أنتي ما ترمين نفسك هذي حياتك ولازم تسعين لنجاحها ..صمت لحظات

ولم يجد رداً على كلامه فقال بتصميم .. أجل خلاص أنا راح أتفاهم معه .
أمل بفزع : لا يبه لا تروح له الله يخليك .
رد بجدية وبحدة : لا بروح وأشوف إيش إللي صار هذا الحال ما ينسكت عليه .
لم تستطع أمل أن ترد عليه بسبب دخول نهى السيارة وإبتلعت إعتراضاتها وسارت السيارة بصمت حتى نزلتا

للمستشفى وأنطلق والدها مبتعداً بسيارته , تحدثت مع نهى بهدوء وهما تسيران ذاهبتان إلى عيادة الدكتورة ريم

وكانت تخبرها عن قرار والدها فردت نهى تطمئنها وتشجعها أن هذا أفضل من الصمت والإنتظار بلا فائدة فسهت

أمل تفكر في الأيام السابقة والتي قضتها في بيت والدها حيث لازمها الألم من نبذ طارق لها بالإضافة إلى معاملة

سلمى لها وكذلك عودة الآلام والأحلام السابقة لها وهذا ما جعلها تعود لعيادة الدكتورة ريم منذ ما يقارب الشهر

والتي أوضحت لها أنها لا تتجاوب مع العلاج كالسابق وحفزتها على أن تتخطى محنتها وأن تساعد نفسها ولكنها

كانت محطمة كلياً وتذكرت وقوف نهى ووالدها معها وتشجيعهما الدائم لها وهي شاكرة لهما جهدهما والذي أثمر

بتحسن نفسيتها مؤخراً حتى قررت الدكتورة بأنها ستحتاج لجلستين فقط لتنتهي من العلاج .. إنتبهت لحظتها

عندما توقفتا أما باب العيادة جلست نهى بالخارج بينما دخلت أمل للدكتورة والتي رحبت بها بحفاوة في المقابل

أبتهجت أمل لشعورها بمدى الحب الذي تكنه هذه المرأة لها بدأت جلست العلاج وحالما إنتهت قالت د/ريم بابتسامة

: ما شاء الله اليوم أشوفك متجاوبة ، ياترى إيش السبب ؟؟ ..سألتها بمكر..
ابتسمت لها أمل بهدوء : لا ما في شيء بسـ ..أخفضت رأسها وتكلمت بخجل.. أبوي راح يكلم طارق اليوم ويتفاهم

معه .
إبتسمت الأخرى بمكر : أها السالفة فيها طارق قولي من الأول ..صمتت لحظة تفكر ثم سألتها بهدوء.. أمل من يوم

تركك ما شفتية ؟؟
نفت أمل بهزة من رأسها وارتسم الحزن على ملامحها عندما جالت ذكريات ذلك اليوم ..قاطعت ريم إسترسالها في

الذكريات وقالت لها سائلة.. تتوقعين لما تشوفينه راح يأثر عليك هالشيء ؟
أمل بحزن : ما أدري يمكن ما أتأثر لأنـــ لأنيـــ ..أكملت بغصة.. أحبـــة ومشتـــــاقة له ..وانسابت دموعها ثم

مسحتها وأكملت.. أنا ما أدري إيش الذنب اللي يعاقبني عليه وأنا واثقة من نفسي لكن مصير اللي متخبي يظهر .
تكلمت ريم بهدوء وجدية : أمل لا تصير شخصيتك ضعيفة وتبكين على أي شيء وكل شوي ، دمعتك غالية و لازم

ما تنزل إلا فلحظات صعبة حاولي أنك تعرفين إللي لك وإللي عليك بدون ضعف وتهاون ، ربي خلقك حره ما

تتركين الناس يستعبدون هالحرية إللي أعطاك إياها ويسيرونك على هواهم ولا تتركين مشاكلك بدون حل ,لا,

دوري عن سبب المشكلة أول شيء بعدين شوفي إيش الحلول المناسبة لها وإبعدي كل البعد التسيب وترك مشاكلك

للغير يحلونها لك لأنهم يمكن إذاحلوا مشكلة راح يوقعونك بمشكلة أكبر وهم غافلين ، أمل أتمنى توعين لكلامي

وتفهميه وحطيه حلق بإذنك فهمتي ؟؟
أمل بتفكير وكأنها تسجل كل ما قالته الدكتورة و تحاول أن تعيه ، هزت رأسها بإيجاب وهمست : فـــهــــمـــت ..
*******
خرجت لنهى بروح مرتفة وإبتسامة ومتفائلة للقادم تقدمت منها نهى ونظرت في عينيها ووجدتها تلمع بتفاؤل

وقالت لها بفرحة : ما شاء الله أشوف النفسيه اليوم عال العال .
ردت أمل برضى : الحمد لله ..كررت الأخرى ذات العبارة وأكملت أمل .. يلا مشينا .
شادن : بس موب كأنه بدري على موعد جيت أبوك .
نظرت أمل لساعتها للحظة وأكملت : لا بس تقريباً نص ساعة تعالي نروح إستراحة النساء لما يجي .
وافقتها الأخرى وسارتا باتجاه اللوبي ومنه إلى الإستراحة ولكنــــ







رأتــــــــــــه
توقفت عن السير
نظرت له مليا
التفتت لها نهى تستحثها على السير ولكنها لم تستجب لها فانتبهت لما تنظر له فرأت رجل طويل يلبس ثوب أبيض

وفوقه اللاب كوت ويضع على رأسه شماغ أحمر ولم يظهر من شكله شيء لأنه مولياً إياهما ظهره لم تتعرف نهى

عليه ولكن صاحبتها عرفته وارتجف قلبها لرؤيته وعرفت نهى هويته فلم يكن سوى طـــــــارق أحست نهى بها

ومدى شوقها للماثل أمامهما والذي لم ينتبه لهما ولكنــــــ







شعر بأحد ينظر إليه فالتفت
ورأهــــــا
عرف عينيها
والتصقت نظراتهما للحظات ثم تمالكت نفسها أبعدت عينيها ودخلت مع نهى للإستراحة جلستا بصمت لدقائق ثم

حاولت أن تدمجها نهى معها بمواضيع شتى ونجحت بذلك إلى أن إنشغلتا بتراسل المقاطع الصوتية بينهما وفيما

هي تبحث عن جهاز نهى وجدت أسمه (طــــارق) تأكدت أنه هو من خاصية الإقتران بين جهازيهما رفعت رأسها

لنهى المنشغلة بهاتفها وأخبرتها : نهووو تخيلي حصلت طارق من الأجهزه الموجودة .
نهى بحماس : جــــد يالله إرسلي له أي شيء .
أمل بحيرة : مثل إيش ؟
نهى بتفكير : أممممم ما أدري ..صمتت لحظة وأكملت.. أرسلي ملاحظة إسأليه عن سبب سواته فيك .
أمل تفكر وتحدث نفسها "ما تعرفين إلا الظاهر يا نهى وما تدرين إيش إللي مستور" فردت بهدوء : لا ما راح

أسأله راح أرسله أنشوده معبرة ..ضربت عدت ضربات على الأزرار أمام نظرات نهى المستغربة والتي تسائلت

بغرابة .. أنشودة !! إيش إسمها .
تأكدت أمل من تمام الإرسال وأجابت : إسمها عروق الوفاء .
********
في المقابل تفاجأ طارق برنة الرسالة في هاتفه المحمول فرأى أنها رسالة بلوتوث إستغرب فهو لم يقبل إستلام

رسالة تفحصها فوجدها مقطع صوتي وضع السماعة بأذنيه وضغط زر التشغيل وأنطلقت الكلمات المؤثرة كثقل

الرصاص على أذنيه وقلبه فانطلق لمكتبه مسرعاً ليخفي تأثره من الكلمات أمام نظرات الإستغراب من الطاقم

الطبي الواقف معه .
أستقل المصعد وأعادها من جديد ..

مأجور ياللي من فراقك تعلمت
ان الزمن يومين طيب... وخيب

فاجأتني بمفارقك ما تولــمت
كذا بدون أسباب عني تــغيب؟؟

ما مت من فرقاك لكن تألــمت
وشيبتبي ياصاحبي قبل اشـيب!

ولولا السحا من عاذلي ما تلعثمت
طاولته اللي في يدي من قريـــب

أضحك وأسولف وإن لحقني سهر نمت
لكن قسم بالله ماني بطيـــــــب

المنشد/ معيض القحطاني
للشاعر / محمد بن فطيس المري

********

********
أستقلتا السيارة بصمت سألها والدها بهدوء عن موعدها الذي لا يعلم عنه سوى أنه مراجعة روتينية فأجابته أنه

على خير ما يرام وسارت بهم السيارة لا يسمع إلا صوت هدير المحرك الرتيب فأخذت تفكر كيف ستكون ردت فعل

طارق عندما يستمع لكلمات النشيد وتذكرت كيف نظر لها وعرفها بسرعة وحدثت نفسها "معقول يدري إني أجي

للمستشفى , أكييييييد يدري لأنه هو المدير طيب نفسي أعرف إيش موقفه لما عرف إني رجعت للعيادة النفسية هل

ندم ولا لا بس أنا إللي شفته بعيونه شيء غريب بس ما أدري إيش هو" إنتبهت لتوقف السيارة وخروج نهى من

السيارة بعد أن ودعتها وردت عليها بهمس .
سألها والدها : أمول إيش فيك ساكته و دايم سرحانة قولي يابنتي إيش إللي مكدرك ؟ وبصراحة مو مريحني الحال

إللي أنتي فيها .
إبتسمت له أمل إبتسامة لم تصل لعينيها بل إستدل عليها من نبرة صوتها وهي تقول : لا يالغالي ما فيني شيء كل

الموضوع أني أفكر فالمشكلة اللي بيني وبين طارق وإلا أنا الحمد لله ما فيني إلا العافية وبما أنك بتروح له عشان

تحلون المشكلة خلاص راح أريح بالي من التفكير ..وأكملت بصوت مرح مصطنع .. ها كذا يرحيك .
إبتسم لها والدها بحنان : موب مهمة راحتي أهم شيء عندي أنك تكونين مرتاحة ومتهنية تري التفكير والهموم

تتعب القلب وتجيب الأمراض .
هزت أمل رأسها بإقتناع : أممم طيب ما راح أفكر كثير إن شاء الله .
في هذه الأثناء توقفت السيارة و أنزلها والدها عند باب المنزل وأنطلق هو بسيارته ليكمل أعماله .
*********
بعد العشاء...
صلت العشاء وجلست لتذاكر وتنجز واجباتها المدرسية وبينما هي غارقة في عملها سمعت طرقات على الباب

ودخل والدها وهو يسلم فردت عليه بحب وهي تزيح كتبها من حضنها وتجلس موازية له بعد أن جلس على إحدى

الكراسي وبادرها قائلاً : ها يا بنتي كيف المدرسة معك ؟
ردت عليه بهدوء : الحمد لله تمام .
همس والدها بالحمد لله وأكمل يقول بجدية : يا بنتي رحت لعمك وتكلمت معه بموضوعكم وأتناقشنا فيه وشفنا أن

أفضل شيء أنكم تتقابلون وتحلون مشكلتكم وإذا ما وصلتم لحل راح نتدخل فحل المشكلة ، إيش رايك ؟
نبض قلبها بقوة لفكرة إلتقائها بطارق وإرتبكت وتلعثمت الحروف وتزاحمت في الخروج وبقيت صامته للحظات

تفكر ماذا ستقول وأخيراً ردت بتوتر : أأ أممممم ماا أدري ..صمتت لحظة وقالت تستجدي الهدوء لتغطي على

توترها .. إللي تبونه بســ ..صمتت لحظة أخرى وقالت مستفهمة .. بس طارق كلمتوه ؟
هز والدها بإيجاب وهو ينظر لها بغرابة من توترها وتلعثمها في الكلام وقال بهدوء : إيه كلمناه وقال ما عنده

إعتراض كلميه واتفقي معه تقابلية .
أومأت أمل بإيجاب وهي غارقة بالتفكير وردت بشرود : طيب راح أكلمه إن شاء الله ..وصمتت وهي ما تزال تفكر..
عندما رأها والدها تفكر لم يقاطعها بل خرج بصمت و هدوء حتى أنها لم تشعر به ولم تنتبه من شرودها إلا عندما

سمعة رنة هاتفها وأنتفضت عندما ميزتها فهي النغمة المخصصة لطارق أمسكت الهاتف بيدين ترتجف وقلبها

ينبض بخوف وتوتر ومشاعر كثيرة إختلطت عليها ولم تعد تميزها توقف الهاتف من الرنين في ذات اللحظة التي

همت بالرد ففلتت منها تنهيدة إرتياح حبستها منذ شاهدت أسمه ينير الشاشة وما لبث أن عاد الإتصال و أصبحت

الشاشة تنير من جديد بجملة (حــ عــمــري ــب يتصل بك ...) وردت بسرعة حتى لا تتقاذفها الأفكار وتضيع في

دوامتها وقالت بهدوء يشوبه التوتر : ألـــو .
سمعت من الطرف الثاني صوت طارق وهو يلقي التحية ببرود فردت عليه بذات الهدوء ..صمت الطرفان للحظات

ثم بدأ طارق بالحديث ..
طارق ببرود : كيفك ؟
ردت عليه بتوتر : الحمد لله أنت كيفك ؟
أكمل ببروده المعتاد : الحمد لله بخير ..ثم بدأ يحدثها عن مشكلتهما بذات البرود وكأنه أمر لا علاقة له به .. كلمني

أبوي وأبوك اليوم عن المشكلة إللي بيننا وشافوا أن أفضل حل إن إحنا نحلها أكيد كلمك أبوك .
ردت بهمس : إيه كلمني .
فقال بإستفهام : وإيش رايك ..وأكمل بسخرية لاذعة شاركتها مرارة إلتمستها أذناها .. ولا أقول بلاش نتفاهم على

شيء واضح ومفروغ منه .
آلمتها بشدة نبرة السخرية في صوته ولكنها ردت بقوة وحزم : لا موب واضح أنت اتهمتني بدون ما تقولي إيش

مبرراتك حتى ما قلت لي إيش إللي يخليك واثق من إتهامي بالخيانة وأنا الله العالم ما عمري خنتك وأحلـفـــ
قاطعها بغضب حارق وبنبرة مشمئزة : لااااا تحلفين الله أكرم من أنك تحلفين به ..وأكمل بصوت جليدي .. خلاص

متى أقابلك عشان نتفاهم وأقولك ..بإستهزاء.. مبرراتي على قولك ؟ ..صمت الطرفان للحظة ولم يجد منها الجواب

فأكمل مستفهماً .. إيش رايك نتقابل بعد جلستك يوم الأربعاء عند بوابة المستشفى ؟
جرحتها الإتهامات في صوته والتي أكدت لها مدى أقتناعة من كلامة لدرجة شككتها بنفسها تجاهلت ألمها وردت

بهدوء : o.k .
طارق ببرود : وإلحين يلا مع السلامة ..وأغلق السماعة قبل أن يسمع ردها..
أماهي فإغلاق الخط فتح عليها بحر أمواجه من التفكير والألم والحزن وأصبحت تتقاذفها يمنة ويسرة بلا حول ولا

قوة .
************
يوم الأربعاء
خرجت من عيادة الدكتورة ريم مرتاحة البال وأكثر ثقة بنفسها بعد النصائح التي وجهتها لها د/ ريم والتي جعلتها

تدرك مدى ضعفها وتجاهلها لقدراتها وفتحت عقلها لتستطيع أن تواجه مشاكلها وتحلها بثقة وأول أمر لها أن

تواجهه (طـــــــــــــــارق) وإتهاماته لها للحظة توترت من الفكرة ولكن وازنت نفسها وتماسكت وهتفت لنفسها

"لا تضعفين يا أمل وراح تحلين المشكلة بأمر الله" سارت عدة خطوات حتى وصلت للوبي المستشفى فرفعت

رأسها ووجدت طارق ينتظرها أمام الباب إرتجف قلبها لرؤيته وتقدمت منه وهي لا تسمع سوى صوت نبضات

قلبها وخافت أن تفضحها , توقفت أمامه فأحس هو بأن أحد يقف بجواره فرفع رأسه ووجدها فأسرعت هي بإلقاء

التحية فرد عليها ثم قال يسألها ببرود : خلصتي ؟
هزت رأسها بإيجاب وأجابت بهدوء : إيه .
قال يستحثها على المسير : يلا مشينا ..فسار للخارج وتبعته هي بدورها ..
***
جلسا متقابلين في مكان هادئ بمقابل البحر وقد كان الوقت عصراً وبعد أن طلبا كوبا من العصير المثلج واستقر

طلبهما على الطاولة أمامهما تكلم طارق لينهي الهدوء المتوتر بينهما قائلاً ببرود : يلا أمل تكلمي .
نظرت له أمل بحاجب واحد مرتفع وهي مستغربة منه وقالت مستفهمه : مين إللي مفروض يتكلم ؟ أنت إللي

إتهمتني وما قلت لي أي دليل على كلامك ..ونظرت له بمعنى إبدأ بالكلام ..
نظر لها طارق ولكنها نظرات ساهمة وكأنه لا يرى أمامه أحد وبقي للحظات بهذا الحال حتى ظنت أنه لن يتكلم

ولكنه إنتبه من سرحانه وقال بصوت غلب عليه البرود الجليدي : إتصل مرة سعود وقال لي ..وأخذي يحكي لها ما

جرى وما قيل وهو يتفرس بوجهها ويراقب تصرفاتها بعينين ثاقبة كالصقر..
أما هي فبمجرد سماعها لإسم سعود علمت أن كل ما قاله إفتراءات لينتقم منها وأخفضت رأسها لتخفي نظرة

الرعب والصدمة من الكلام المفترى عنها والذي طعن بشرفها وهي البريئة وعندما أحست بالصمت يلف المكان

علمت أن طارق أكمل كلامه وهو ينتظر منها الرد ولكن لا لن تعطيه أي رد بل ستثبت كل شيء دون أن تتفوه بكلمة

بل قالت له بكل ألم وخذلان منه لأنه صدق هذا الكلام : وأنت أكيد صدقت كلامه ..نظر لها بحده واكملت دون أن

تهتم لنظراته .. ما راح أقول أني بريئة وأبكي لك وأترجى أنك تسامحني ..قالت بقوة حق المظلوم .. لاااا بما أنك

صدقت هالكلام فيني معناته حياتنا مع بعض المدة اللي فاتت كانت مبنية على سراب وأنهارت مع أول هزه أنا لما

حكيت لك حكايتي قلت لك بتصدقني قلت إيه ولو كنت أدري أنك ما راح تصدقني ما تكلمت وبكذا أقولك أنت بعدم

ثقتك فيني حكمت على زواجنا بالفشل والنهاية وأنا من إلحين أقول لك لو بيوم ظهرت برائتي وطلبت رجوعي لك

مستحيل أرجع لك ..أهتز صوتها من ألم خنق العبرات فيه ولكنها تكلمت بقوة .. طلــــقــــنـــــي يا طارق .
إبتسم طارق إبتسامة بااااااردة وقال ببرود وكأنه لم يهتم لكلامها : أكيد ما عندك رد ولا عندك أي تبرير وثقي إني

ما راح أترجاك وأرجعك وأنا أعرف حقيقتك القذرة يا خاينة والطلاق أمر لا بد منه ولكنه مأجل لحاجة فنفسي ..

وأستقام واقفاً ثم تبعته أمل بعد أن أسدلت غطائها على وجهها الذي ما أن غطته حتى بللته الدموع المنهمرة

والصامته فكلامه جرحها وأوغل جراحها وأصبحت روحها مذبوحة موجوعة حــــــتى النخاع ..
***
نزلت من السيارة ودخلت لمنزل والدها بهدوء بعكس البراكين الثائرة بها وما إن دخلت حتى بادرها أبوها بعد أن

ألقت عليه التحية وقال بترقب : ها بشري عسى تصالحتو .. ولكنه توقف عن الكلام عندما رفعت غطائها ورأى

وجهها العابس وعينيها الحزينتين فعرف الجواب بأن الأمور لم تسر بخير فقال لها بهدوء يشوبه الحزن .. خلاص

يا بنتي روحي إرتاحي وأنا راح أتفاهم معه .
هتفت أمل برعب : لا يبه الله يخليك لا تتفاهم معه ولا شيء الموضوع معقد أكثر من إللي تتوقعونه عشان كذا

خلاص بننفصل أنا وطارق وأنا مستحيل أرجع له .
هب والدها كالمقروص وقال بإنفعال : لا يا بنتي إلا الطلاق تراه موب زين بالذات إنتي ,سامحيني لازم تعرفين إني

أبي مصلحتك حتى لو كلامي جرحك ..صمت لحظة وأكمل .. يابنتي لو تطلقتي هذي المرة الناس راح يشكون أنك

أنتي فيك العيب وأنا ما أبي أحد يتكلم فيك ..تقدم منها وأمسك بيدها وأجلسها على إحدى الكراسي وجلس بجوارها

وهي في حالة جمود من كلام والدها وكذلك كلام طارق قبل قليل أكمل والدها كلامه بحنان .. قولي يا بنتي إيش

المشكلة اللي بينك وبين زوجك وراح نساعدك بحلها أنا وعمك وخالتك بس أنتي قولي .
هزت رأسها وهي ساهمة تفكر في هذه المعمعة حولها وقالت بهدوء : لا مشكلتنا وصلت لطريق مسدود وبعدين

كلام الناس ما يهمني أبد .
رد عليها والدها بمحاولة لإقناعها : حتى أنا يا بنتي ما يهمني كلام الناس لكن الناس تكلموا عليك مرة وقطعوك

من كلامهم وما أبي اللي صار يتكرر موب عشاني لا عشانك أنتي وعشان عيالك بعدين يابنتي ما أبي تعيشين بعدي

وأنتي منبوذة من الناس .
دمعت عين أمل ومسحت عينها وقالت متأثرة من كلام والدها : الله يطول بعمرك يبه لا تقول هالكلام مرة ثانية

..صمتت لحظة وأكملت .. أما المشكلة مصيرها يوم وتنكشف أوراقها والطلاق بيني وبين طارق مأجل لوقت الله

يعلم فيه ..وقالت برجاء وهي تمسك يدي والدها بين يديها .. الله يخليك يبه ريح بالك ولا تتعب نفسك وبإذن الله

راح أجيك يوم وأقول لك المشكلة إنحلت عشاني يبة أنا إلحين مشغولة بدراستي إذا تفرغت شفت لها حل ..ونظرت

لوالدها بجدية وقالت .. بس إنتبه يبه من سلمى أحس وراها مصايب أنا ما أبي أظلمها بس أحس بها الشيء .
هز والدها رأسه بهدوء وقال : إن شاء الله بس يالله إنتي روحي إرتاحي وريحي بالك ووكلي أمرك لله .
نهضت أمل بتثاقل من الهم الذي سكن صدرها وقالت وهي مغادرة : إن شاء الله .
دلفت غرفتها وخلعت عباءتها وما إن وضعت رأسها حتى أنفجرت مدامعها بدموع كالمطر وأصبح لروحها أنين

كأنين المرضى فثقل الكلام الذي قيل عنها كالجبل يجثم على صدرها كتمت آهاتها في وسادتها ولكن أنى لها أن

تكتم .
*********
مضى يومي الخميس و الجمعة عسرة على أمل من ثقل الهم الذي أصابها تلبستها حمى كادت تودي بحياتها

وأصبحت تهذي من شدة ما أصابها وأصبح والدها ملازماً لها ولا يبرح مكانه سوى للصلاة كان هاتفها لا يتوقف

عن الرنين تارة شادن وتارة نهى وأخرى أم طارق حتى أبو طارق جميعهم يتصلون ليطمئنوا عليها ولكنها لم تكن

تشعر بهم أبداً بل كان والدها يرد أحياناً على مكالماتهم .
أنقضى يوم الجمعة وأتى يوم السبت وهي ما زالت طريحة الفراش فطلب والدها من أبو طارق بأن تأتي أم طارق

لترافقها فهو لديه أعمال متوقفة فرحبت بذلك أم طارق على الفور و أتت إليها وغادر والدها لأعماله بقلب قلق

على صغيرته .
***
جلست أم طارق بجانب أمل الممدة والتي لا تشعر بمن حولها تحسست خديها المتوهجين من الحرارة فوجدت

حرارتها مرتفة فهمست لأبو طارق الذي ينظر لها بحزن وقلق : عبدالله حرارتها مرره مرتفعة يا قلبي عليها ..

ودمعت عينيها ومسحتها وقالت بحزن .. ما أدري إيش إللي قلب حالها هي وطارق اللي طول الوقت سرحان ولا

هو معنا .
رد أبو طارق يوسيها : شده وتزول إن شاء الله بنشوف أنا وإبراهيم حل لمشكلتهم ما يصير نسكت وننتظر .
أومأت أم طارق بإيجاب وقالت : خلاص أنت إلحين روح عملك وأنا بجلس عندها لين يجي أبوها .
أبو طارق وهو يهم بالمغادرة : يلا أجل فأمان الله .
ردت الأخرى : مع السلامة ..ونظرت لأمل بحزن وأمسكت بقطعة قماش وغمرتها بالماء البارد ووضعتها على

جبينها فشهقت من برودته فسمت عليها ثم سمعتها تهذي بإسم (طارق) وتردد كلمة (ظلم) و (أنا موب خاينة)

فشهقت أم طارق مرعوبة وقالت تحدث نفسها "معقول طارق إتهمها بالخيانه لا ما أصدق ما توصل لهذا الشيء

ياربي محتارة إيش اللي يخليه يشكك فيها ..هزت رأسها بنفي وقالت تقنع نفسها..لا ما أظن إتهمها يمكن هذي من

تراكمات من حياتها مع سعود , إيش يخلي طارق يتهمها أصلاً " وقالت تبعد وساويس الشيطان عنها .. أعوذ بالله

من الشيطان الرجيم ..وأكملت ما بدأته..
***
مضت ساعة تلتها ساعتان ولم تنخفض حرارتها فخافت أم طارق أن تسبب لها الحرارة مضاعفات أخرى فأتصلت

وهي قلقة على طارق والذي أجابها بسرعة وهو يرد التحية فأسرعت أمه تقول : طارق ياولدي لازم تجي إلحين

عند بيت عمك إبراهيم .
رد بخوف : خير يمه عسى ما شر أمل فيها شيء ؟
قاطعته أمه بعجلة : لا تخاف بس تعبت شوي تعال شوف إيش فيها .
فرد عليها بعجلة وخوف يتصاعد : طيب إلحين جاي بس خليك عندها يمه لا تتركينها .
أم طارق : طيب طيب بس لا تسرع .
طارق بسرعة : إن شاء الله , مع السلامة ..وأغلق بعد أن سمع ردها وخرج من المستشفى بإتجاه بيت عمه ..
لم تمضي سوى ربع ساعة حتى سمعت أم طارق صوت طرقات متتالية للباب فنهضت وفتحته ووجدت طارق الذي

ألقى التحية بعجل ويظهر عليه الخوف والقلق وكان يحمل بإحدى يديه حقيبة الطبيب فقال لأمه : وينها فيه ؟
أشارت أمه لغرفتها فأسرع بإتجاهها ودخل غرفتها الدافئة فوجدها مستلقية كالقماش البالي مغمضة عينيها

النجلاوين وعلا خديها وأنفها حمرة من التعب مناقض لإصفرار وجهها الواضح تقدم منها تحت نظرات أمه التي

تبعته أمسك بمعصمها ليقيس النبض فهالته حرارتها فأسرع بعمله فقاس لها الضغط والحرارة وأخرج من حقيبته

حقنة خافضة للحرارة فهتفت أمه تنبهه : إنتظر طارق يمكن حامل وأخاف تضرها .
نظر طارق لأمه بصمت ثم إلتفت ينظر لأمل التي لا تشعر بمن حولها وضع يده على بطنها النحيل تحسسه بيديه

ولم يتفوه بحرف بل إستبدل الحقنه بأخرى وحقنها بيد ماهره و أخرج أنبوبة المصل الوريدي وشبكها بظهر يدها

وعلقها بحافة السرير ثم جلس جوارها يراقبها بصمت تحت نظرات والدته التي وقفت تراقبهما قليلا ثم ذهبت لتعد

لولدها كأس من الشاي ولتعد حساء مغذي لأمل .
***
مضت ساعتين ونصف الساعة ...
أحست أمل بيدين دافئة تمسك بيديها وكأنها تبث لأوصالها الدفئ بعد البرد الذي سكنها لمدة لا تعلمها تعرف هذه

اليد الحانية وتحبها ولكن لا تستطيع أن تميز صاحبها فحاولت فتح عينيها حتى تعرف هويته ولكن أحست بوخز

بعينيها وصداع تشبث برأسها قاومت الألم وحاولت مرة أخرى ففتحتها فرأت وجهه نعم هو من تحب يديه الحانية

بل تحب كل شيء فيه فالتفت ووقعت عينيه بعينيها فمرت الأحداث السابقة كحلم بشع مخيف عليها وعندما نظرت

لوجهه تأكدت أن ما حدث لم يكن حلم بل واقع فسحبت يديها بهدوء وهي تقول بصوت مبحوح مستفهم : طـــارق

ليش جيت هنا ؟
تجاهل طارق سؤالها وسألها بلهفة أخفاها بالبرود: أنتي طيبة إلحين ؟
هزت رأسها بإيجاب وقالت مستفهمة : ليش جيت وبعدين أنا إيش فيني ؟
أجاب طارق بهدوء : تعبتي شوي كلهم قلقوا عليك أبوك وأمي وأبوي وأخواتي ..وأمسك عن الكلام ..
أبعدت أمل عينيها عنه وحدثت نفسها "وأنت ما قلقت علي ما هميتك بس هم قلقوا وأنت لا آآآآآهـ " فردت عليه :

خلاص أنا إلحين طيبة تقدر تروح شغلك ..كملت بنفسها "أنا موب مهمة عندك" وحاولت أن تنهض وعندما وقفت

أحست بأن الأرض تدور حولها فكادت تسقط ولكن يدين قويتين حنونتين أمسكتها وأجلستها ..
بعد أن تأكد من جلوسها قال لها طارق بطريقة الطبيب الذي يلقي النصح لمريضه : لا تحاولين توقفين وأنتي كذا

تعبانة وما فيك طاقة راح تطيحين وتتأذين .
هزت أمل رأسها بإيجاب وقالت : طيب ..وأبعدت يديه التي ما زالت ممسكة بها وأكملت ببرود .. خلاص تقدر تروح

بكلم أبوي يجي عندي ..مدت يديها حتى تأخذ هاتفها من الكمدينو فاستوقفها طارق ..
قال لها ببرود : لا تدقين عليه أمي هنا راحت تسوي لك شوربة دافية ..ونهض مغادراً يحمل حقيبته وهو يقول ..

بروح أناديها يلاا مع السلامة .
لو إلتفت ونظر لعينيها لوجد عينيها تستجديه أن يبقى عندها حتى لو كان لا يحبها وينعتها بالخائنة فهي تحبه بل

تعشقة وتتمنى قربه وتصرخ بداخلها "تكفـــــــــى حبيبي لا تــــــــرووووح " استمرت تنظر له حتى لم تعد تراه بل

ظهرت أم طارق والتي وجدتها سارحة تنظر للباب وكأنها ترقب أحد يظهر من خلاله فعرفت مابها تقدمت منها

فانتبهت أمل ونظرت لها بملامحها المتعبة وقالت بصوت مبحوح : يمه .
ردت أم طارق بحب وحنان وهي تقبل جبينها : عيونها .
سألتها أمل : من متى أنتي هنا ؟
ردت عليها بذات الحنان : من الصباح أبوك كان مشغول وأتصل على عمك وجيت .
أمل بامتنان : تسلمين يمه تعبتك معي .
قالت لها أم طارق بعتب : كذا تزعليني منك أمول أنا أمك وما بينا هالرسميات ..تقدمت ووضعت الحساء على

الكمودينو وقالت بأمر .. يلا أشوف أبيك تخلصين هذا كله .
ردت أمل معترضة : لا أول بقوم أصلي الفروض إللي فاتتني ..وحاولت النهوض فأمسكتها أم طارق وأجلستها..
قالت لها بحزم : لا أول كلي لأن جسمك ما فيه طاقة وماراح تقدرين توقفين بالصلاة يلا أمسكي ..مدت لها بالملعقة

فأطاعتها وبدأت أمل بالأكل أمام نظرات أم طارق الحنونة ..
سألتها أمل : يمه كم لي وأنا نايمة ؟
ردت أم طارق وهي منشغلة بترتيب الغرفة : ها نمتي يومين واليوم الثالـ...
قاطعتها أمل بذهول : إييييش ؟؟ ثلاث أيام وأنا ما حسيت بنفسي والصلوات كلها فاتتني ياارب كيف ما حسيت ..

وأخفضت رأسها بحزن ..
قالت أم طارق بحنان : أمل حبيبتي كنتي تعبانة و ما حسيتي عشان كذا كملي صحنك وقومي توضي وصلي عشان

ما يجي الظهر إلا إنتي مخلصة أبي أساعدك قبل ما يجي أبوك يلا حبيبتي .
هزت أمل رأسها بإذعان وحاولت أن تسرع في الأكل لتصلي ما فاتها .
********

********
بعد العِشاء ...
صلت العشاء وجلست في مجلس النساء وهي مسترخية وهي تنتظر حضور شهد وشادن وكذلك نهى فبعد أن علم

الجميع بشفاءها أنهالت المكالمات منهن ووعدنها بزيارتها للإطمئنان عليها وهي الآن تنتظرهن ..
أتت أولاً نهى والتي ظهرت اللهفة عليها دعتها للجلوس و جلست و بعد التحايا والترحيب سألتها : أمول حياتي

إيش إللي صار لك والله قلقت عليك مررره .
ابتسمت أمل تطمئنها بحب : لا الحمد لله إلحين أحسن أنا طيبة ريحي حبيبتي .
نهى براحه : الحمد لله والله فرحت إنك قمتي بالسلامة ..نظرت لها بإمعان وقالت ..أمل إيش إللي صار بينك وبين

طارق وصرتي بالتعب هذا ؟؟
حاولت أمل التملص من الإجابة وقالت بإرتباك : ها ما.. ماقال شيء ..قالت ذلك وهي تحرك عينيها يمنة ويسرة

لألا ترى نهى عينيها ونظرات الحزن والأسى التي سكنتها..
أمسكت نهى بوجهها وواجهتها وصبت نظراتها المستفسرة في عينيها وقالت لها نهى بجدية : أمل لا تضيعين

الموضوع باين أنه حصل شيء كبير بينكم وأنا ماراح أتركك إلا لما تقولين لي .
فاضت عيني أمل بالدموع ولكنها لم تسقط منها وقالت بحزن : راح أقولك كل شيء بس إلحين البنات جايين إلحين

لما يروحون أقول لك .
هزت نهى رأسها بإقتناع وهي تنظر لأمل بنظرات مخلوطة بين الحنان والترقب والتساؤل وقالت لها : o.k بس لا

تنسين .
أومأت لها أمل بإيجاب وهي تبرم زاوية المنديل بإصبعيها وتضعه في طرف عينها لتجفف بحر الدموع منها .
وأنخرطت الفتاتان في حديث عام وودي حتى وصلتا شادن وشهد التي تركت أبنائها عند أمها , وبعد السلام

والتحايا والإطمئنان على الأحوال بالتبادل بين الفتيات الأربع ساد على المجلس نقاشات رسمية بعض الشيء حتى

تسائلت شهد لتبعد عن الجو الرسمي الممل وقالت : نهى إنتي تدرسين ؟؟
ردت لها وهي تبتسم بهدوء ورقة : أيوه أنا سنه أولى فالجامعة قسم علم نفس .
شهد : ما شاء الله ..وتسائلت .. طيب كيف ماشية فيه ولا صعب ؟؟
نهى بذات الهدوء : الحمد لله ما شي الحال وعشان أحب هالقسم ما أشوفه صعب بالعكس مستمتعة فيه .
قالت أمل بهدوء : تصدقين توقعتك تدخلين علمي زي ما أتفقنا بس خونتي فيني ..قالت الأخيرة مبتسمة بمرح..
إبتسمت نهى بمرح : أنا كنت راح أنفذ الإتفاق بس بآخر لحظة غيرت بصراحة خفت من المواد العلمية

والرياضيات بالذات .
شادن تسائلت : طيب ليش إخترتي علم النفس ؟؟
نهى بمرح : حبيته مره وكمان ...صمتت لحظة وأكملت .. وكمان أحب أستكشف عن خبايا الشخصيات أحس

هالشيء يجذبني أتعلمه .
فقالت شادن بمرح : كل هذا فضول ؟
فقالت هي الأخرى بمرح وهي تضحك : هههههه إيه وكمان أول شخصية راح أحللها إنتي يلا إستعدي ..ونظرت

لها بجدية هازلة وكأنها تتعمق بنظراتها فيها فصرخت الأخرى وهي تضحك وغطت على وجهها حتى تحجب عنها

عينيها ..
وقالت شادن وهي تصرخ : لا مشكوووره ما أبي تحللين شخصيتي إبدي بأمل .
إنفجر الضحك في المجلس لحركة شادن العفوية
قالت لها نهى وهي تضحك : هههههه لا تخافين أصلاً ما وصلت لها المرحلة لساتني بأول سنه .
تنهدت شادن بهزل وهي تضع يدها على صدرها وقالت : أوووهــ كنت أحسبك راح تدربين علي .
ضحكن عليها ثم تغيرت الموضوعات و الأحاديث و تفرقت لاتجاهات شتى حتى أنقضى الوقت وعادت شادن وشهد

لمنزل والدهما وبقيت نهى التي ما إن خلا بهما المكان حتى بادرتها قائلة : يلا قولي كل شيء من طق طق للسلام

عليكم , بس قبل بسألك وين سلمى ما أشوفها ؟؟
ضحكت أمل بهزل وقالت بقهر : هه سلمى من يوم الثلاثاء قالت لأبوي أنها تبي تروح لأمها أسبوع ولا رجعت

للحين وأنا بصراحة أشك إنها عند أمها .
*********
مر يومان كانت تتفق فيهما أمل مع نهى لعمل خطة لكشف خطة سعود القذرة ضدها وفكرتا بكل الطرق

والإحتمالات لتجنب الخطأ وأول خطوة عليهما معرفة مكان سعود وشلته القذرة .
طلبت نهى من أمل إحدى كراساتها فأعطتها ثم فتحتها من الجهة الأخرى وكتبت تساؤلاتهما وبدأءت في كتابة حل

لها ثم قالت لأمل سائلة : أمول وين تتوقعين يتجمعون ؟؟
سرحت أمل قليلاً ببؤس وقالت بعد ثوانٍ : أظنهم ببيت سعود .
قالت نهى بتأييد : أكيييد ..ودونت الإجابة ثم إنتقلت للذي يليه وقالته لأمل .. إيش أسماء اللي شهدوا مع سعود ؟؟

وكمان لازم نعرف أرقامهم .
أومأت أمل بإيجاب وقالت بيأس : أكيد لازم نعرف بس كيف لازم يكون معنا رجال يساعدنا .
تمددت نهى على السرير وقالت بملل : أوووف جد إيششش نسسوي .
تمددت أمل جوارها بملل هي الأخرى ولكنها سرحت تفكر في حل وماهي إلا لحظات حتى صرخت هاتفة وأفزعت

نهى بصرختها وهي تقول : لقيتها لقيتها .
قالت الأخرى متحمسة : إيش هي إللي لقيتيها .
قالت أمل وهي تمسك بهاتفها وهي تضرب ضربات خفيفة عليه : الخـــــــــــطــــــــــــة .
********
********
دخل شاب في الخامسة والثلاثين من عمره ذو طول متوسط وبنية قوية إلى مكان تجمع سعود ورفاقة بعد أن ألقى

التحية رحبوا به بأصوات مختلفة فهو قد إنظم لهم منذ ما يقارب الأسبوع والنصف حتى أصبحوا يثقون فيه

ويتحدثون معه بكل أريحية عن خططهم القذرة وهو يوافقهم ويضحك معهم وهو يضمر في نفسه قمة الإشمئزاز

وبعد أحاديث متفرقة في المجلس صدح هاتف سعود فرفعة ببرود وهو يقول : ألووو ... هلا سلمى إيش عندك ...

/ووقف وهو يقول بصوت مرتفع وفرح / .. صددددق ... متأكده ... /فرح وكاد يطير لدرجة إسترساله بالضحك

وعندما تمالك نفسه قال لها / ... على هالبشارة الحلوة أطلبي إللي تبين ويجيك ... من عيوني , يلا بقفل ببشر

الشباب .. مع السلامة ..ثم أغلق الخط وإلتفت لرفاقه وقال بفرح عارم وهو يصرخ .. شبااااب خلاااص طلقهااااا

..وأنطلق يضحك وضحك معه البقية حتى أصبحواا لمن يراهم وكأنهم سكارى إلا رفقيقهم الجديد فقد بقي كما هو

يدعي الجهل ولما توقفوا من ضحكهم المجنون سألهم بفضول مصطنع : مين هي إللي طلقها ؟؟ ..وأدخل يده بجيبة

بقصد ..
رد عليه سعود بفرح : أمـــل زوجها طارق طلقها ..وأشار لنفسه بفخر .. وأنا إللي خليته يطلقها ..فضحك وتبعه

رفاقه الإمعه وأخفى رفيقهم الإشمئزاز وإبتسم له بفرح وقال : كيف خليته يطلقها ؟؟
قال سعود بفخر : رحت له أنا ووليد و سلمان وقلنا له .. وسرد له ماجرى بينه وبين طارق ..
تمنى رفيقهم أن ينهال عليه بالضرب من شدة وقاحته وظلمه للغير ولكنه إبتسم له بصمت .
قال سعود له بحيره : خالد ليش أحس كلامي ماعجبك ..ونظر له بشك .. لا يكون تروح تفضح سرنا .
فزع خالد من كلامه وخاف أن يكشف ولكنه تماسك وقال بإبتسامة مزيفة : لا أبد بالعكس هي تستاهل لأنها خدعتك

وراحت لغيرك وأنا معك وما راح أخونك فسرك ولا تشك أني ما عجبني كلامك بالعكس بس أنا تعبان وودي أروح

أرتاح فالبيت .
سعود باطمئنان وراحة : هذا العشم فيك وسلامتك بس ماودك تسهر معنا الليلة راح تكون غيير .
خالد بتهرب : لا معليش مرة ثانية .
سعود بحماس : خلاص أجل نهاية الأسبوع راح نروح رحلة لإمريكا على حسابي بمناسبة نجاح مخططنا وتراك

معزوم معنا يا خالد .
خالد بمحاولة أخرى للتهرب : إذا قدرت بروح معكم عاد تعرف إني متزوج وعندي مسئوليات إذا فضيت بلحقكم .
سعود بذات الحماس : خلاص على راحتك , يلاااا شباب الشراااب بدت الحفلة .
توزعت الكؤوس وإنتشرت القوارير بينهم بينما إنسحب خالد بهدوء من بينهم حتى أنهم لم يشعروا به أبداً وعندما

تأكد من الخروج بأمان وجلس بسيارته تنفس الصعداء وأمسك بهاتفه وضغط على الرقم وقال بفرح : ألوووو

حبيبتي أبشرك الخطة نجحت .
*******
كاد القلق يقضي عليها وهي تترقب المكالمة وتنظر للهاتف في اللحظة الواحدة أكثر من مرة تنتظر أن تنير شاشته

ولكن الأمر تأخر كثيراً فخافت أن تفشل وعندما كاد اليأس يدخل لعقلها وقلبها إذا بالهاتف يصدح وشاشته تنير

فأصبح قلبها يهتز بعنف وجسدها إضطرب فأمسكت هاتفها بيدين ترتجف وضغطت على الرد فسمعت الطرف الآخر

صوت فرح مبتهج يلقي التحية ردت عليها أمل بهمس مرتجف ثم ما لبثت أن قالت لها بذات الصوت المرتعش : ها

بشريني إيش صار ؟؟
قالت التي فالطرف الآخر بصوت فرح : مبرووووك أمووووووول نجحت الخطة وبكرة بإذن الله تكتمل البقية .
تنفست أمل الصعداء وإبتسمت بفرح بالرغم من تزايد دقات قلبها فقالت مبتهجه : الله يبارك فيك ياعمري ما أدري

إيش كنت راح أسوي لو ما ساعدتوني جــــــد مشكووووووووره ياعمري .
ردت الطرف الآخر بعتب : أمل إنتي لو طلبتي عيوننا ما بخلنا بها عليك تعرفين معزتك عندي ولا بينا شكر ولو ما

أنتي غالية لو كان زعلت عليك على هالكلام
ردت أمل بامتنان : تسلمييين حبيبتي ..وقالت متسائلة .. إيش صار معه ؟؟
فأجابت عليها : لما دقت سلمى وشافه كيف فرحان سأله إيش صاير وقاله كل السالفة وعاد تعرفين أنتي الباقي

..ثم قالت لها بجدية .. يلا إلحين روحي نامي عشان ترتاحين بعد الخوف والترقب لأسبوع ونص وما أذكرك أن

بكرة الجزء الأهم من الخطة ريحي بالك اليوم وبكرة يحلها ربك .
أمل بهدوء : إن شاء الله بحاول يلا حبيبتي طولت عليك مع السلامة وأشكري لزوجك بالنيابة عني.
قالت الأخرى مودعة : إن شاء الله مع السلامة .
أغلقت أمل الخط وهي تبتسم فرحة و أمسكت هاتفها من جديد لتخبر نهى بالخبر السعيد وبعد أن بشرتها وسألتها

سؤال تردد صداه في قلبها وعقلها ولم ترد عليها إلا بعد أن أعادته نهى مرة ثانية : أمل إذا نجحت الخطة وعرف

طارق ببرائتك إيش راح تسوين ؟؟ بترجعين له ؟؟
فردت عليها بغموض : راح تشوفين كل شيء بس أصبري .. وعندما أغلقت الهاتف غاصت أفكارها فيما سيجري

بعد الخطة التي نفذتها قبل سويعات ..
***
كانت تحدث نهى بالهاتف عن سير الخطة وأخبرتها أمل عن توثق علاقة خالد بسعود وشلته فنصحتها نهى بأن

تبدأ في تنفيذ الجزء الثاني من الخطة ولكن عليها أن تتأكد من تواجد سلمى بقربها وعدم وجود والدها فأخبرتها

ان والدها منع سلمى من الخروج وذهب هو لينام منذ ساعة فقالت لها نهى : كذا تمام إلحين روحي لمكان قريب

من سلمى وسوي نفسك كأنك تكلميني وأنتي تبكين وقولي الكلام إللي إتفقنا عليه بس أول تأكدي من ليلى أن

زوجها عندهم .
قالت أمل بهدوء : إلحين أدق عليها وأتأكد وأرد عليك بعد ما أنفذ الخطة .
نهى بموافقه : o.k الله يوفقك .
أقفلت منها وكلمت ليلى التي ردت عليها وبعد الترحيب والتحايا سألتها أمل : ليلى زوجك راح لهم ولا لسى .
أجابت عليها بهدوء : قبل شوي دق علي وقال إنه عند الباب يعني إلحين أكيد جالس معهم .
أمل بحماس : أجل بكمل الجزء الثاني يلا حبيبتي بروح عشان قبل ما تنام سلمى .
ليلى بتشجيع : روحي والله يوفقك .
عندما أغلقت أمل الهاتف نهضت وسارت باتجاه الصالة حيث تجلس سلمى وهي تتحدث على الهاتف الذي بيدها

تارة وتشاهد التلفاز تارة أخرى .
رفعت من صوت رنين الهاتف حتى تنتبه لها وكأنه صوت مكالمة واردة ردت عليها بصوت باكي متصنع وهي

تنظر من مكان ضيق لسلمى التي أرهفت لها السمع فقالت : ألووو، هلا نهى.. فشهقت ببكاء متصنع وأكمت .. نهى

تخيلي إلحين دق طارق علي ..وأطلقت شهقات متتالية بتصنع .. إيش يبي ؟؟ ..قالتها باستغراب وكأنها ترد على

الطرف الآخر المتاسائل وأكملت .. أكيد يبي يطلقني يقول ما أستحمل أرجع لك وعشان كذا طلقني ..وشهقت ولكن

هذه المرة ظهرت حقيقة فهي لم ولن تتخيل أبداً أن تفترق عن طارق فلو حدث ذلك لا تعلم ما سيحدث لها ثم أكملت

كلامها بصوت باكي حقيقي .. خلااااص يا نهى ما يبيني ..فتمالكة نفسها وهي تقول .. مع السلامه أكلمك بعدين

إلحين ما أقدر أكلمك .
سارت عدة خطوات متفرقة وهي تريد أن تتمالك نفسها وتوهم سلمى بمغادرتها للمكان وتمكنت من ذلك ثم إختبأت

في مكان تسمع صوت سلمى منه التي ما إن تأكدت من خلو المكان حتى أمسكت هاتفها وما لبثت أن بدأت بالتكلم

للطرف الآخر بفرح وهي تقول : ألوووو هلاا سعوود ... أبشرك أمل طلقها طارق ... أكيد أنا سمعتها بإذني وهي

تكلم صديقتها .../ فصمتت للحظاات وهي تبتسم تارة وتضحك أخرى ثم أكملت بعد مدة / أمممم أبي أبو سالم

وتعرف الباقي /وهي تضحك بخبث وحقارة/ ... تسلم عيونك ...يلا بشرهم مع السلامة ..وأغلقت الهاتف وهي فرحة

ثم دخلت لغرفتها التي خصصها لها أبو أمل ..
أما أمل فتساقطت دمعاتها من الظلم والقهر من هذه المرأة الظالمة ودعت في سرها قائلة "يارب أنصرني عليها

هي سعود ياااااااارب وأوقعهم فشر أعمالهم " وهي تخفي في نفسها إشمئزازاً من هذه المرأة القذرة ونهضت

تتوضأ وتصلي ليبعد الله عنها همها وبعد أن أكملت صلاتها جلست تنتظر النتيجة لخطتها والتي جاءت النتيجة كما

تمنت .
***
: الدكتور طارق ينتظرك فالمكتب تفضل .
: شكراً .
السكرتير برسمية : العفو .
تقدم الرجل إلى الباب وطرقه ثم دخل بهدوء بمشيته الواثقة وألقى التحية ووقف له طارق وصافحة ثم جلس

بمقابله وبعد السؤال عن الأحوال وتقديم الضيافة له سأله طارق برسمية : بإيش أقدر أخدمك ؟؟
رد الرجل المقابل له : أنا بصراحة جاي بموضوع شخصي ..وعندما رأى الإستغراب على وجهه قال يبرر.. أنت

صحيح ما تعرفني لكن راح أوضح لك كل شيء بس أتمنى تسمعني للآخر وما تقاطعني وبإذن الله ما راح آخذ من

وقتك كثير .
هز طارق رأسه بإحترام وقال بهدوء : إن شاء الله تفضل قول إللي عند يا أخ ..
قال الرجل بتوضيح : خالد معك خالد الـ.....
طارق بترحيب : والنعم .
رد خالد : ما عليك زود ..صمت لحظة وأكمل بتوضيح وبهدوء حتى لا يثير أعصاب طارق المتحفزة .. زوجتك .
نهض طارق من مقعده بعنف وجحضت عيناه بغضب وحينما بدأ بالتكلم قاطعه خالد وهو يقول بمحاولة خاسرة

لتهدأت مستضيفه ذو الأعصاب الثائرة : طارق لو سمحت أجلس ممكن تسمعني وبعدين أحكم أرجوك .
جلس طارق وقال بغضب ومرارة جلية : إيش تبيني أسمع عن خيــــ ..
قاطعه خالد بصرامة : لا إلا هالشيء مستحيل زوجتك تسويه وخذها مني زوجتك بريئة براءة الذيب من دم يوسف

..وأكمل بهدوء ليجيب على نظرات الشك التي يرمقه بها .. أسمع القصة وأنت الحكم .
أومأ طارق بالإيجاب على مضض .
وقال خالد بهدوء يحكي له ما جرى : أتصلت زوجتك على زوجتي تطلب منها تساعدها بخطة تكشف خطة سعود

وتظهر برائتها لك وحكت لها إللي قاله سعود لك وكانت محتاجة رجال يساعدها للخطة فلجأت لنا ولأني بصراحة

أكن لأمل إحترام وتقدير فحبيت أساعدها لما حكت لي زوجتي القصة وطريقة الخطة ..نظر له فوجد تساؤل في

عيني طارق فقال خالد مكملاً .. أكيد بتسأل كيف أعرفها صح ؟؟ ..هز له طارق رأسه بإيجاب فرد الآخر .. لما كانت

زوجتك تشتغل في المشغل كانت زوجتي المشرفة عليها وكمان أهتمت بولدها لما كانت تنشغل وكنا جيران فنفس

عمارة المشغل وأأكد لك أني في السنتين اللي عاشتها عندنا عمري ما شفت عليها أي غلط بالعكس كانت محترمة

ولا تكلم الرجال إلا للظرورة القصوى ..إبتسم وأكمل .. خرجت عن الموضوع الأساسي ..تنهد واستغفر بهمس ثم

أكمل .. المهم نفذنا الخطة اللي قالتها لنا والحمد لله نجحت أسمع وأحكم ..أخرج من جيب ثوبه جهاز تسجيل عالي

الدقة وفتح المقطع المطلوب وأنطلقت الأصوات التي ميزها طارق بسهولة والتي كانت زوجته هي محور الحديث

فيها تصاعد الغضب في طارق وأحمرت عيناه من الغضب وأشتدت قبضته حتى ابيضت سلاميات أصابعة

ووتواصل الحديث حتى توقف عند كلام خالد الذي قال فيه.. "لا أبد بالعكس هي تستاهل لأنها خدعتك وراحت

لغيرك وأنا معك وما راح أخونك فسرك ولا تشك أني ما عجبني كلامك بالعكس بس أنا تعبان وودي أروح أرتاح

فالبيت " ..أحرج لحظتها خالد وقال مبرراً بأسف .. آسف على هالكلام بس لازم ما أوضح له شيء حتى ما تنكشف

خطتنا .
قال طارق بهدوء مناقض للغضب المشتعل به ومخلوط بندم على ما فعل : لا ما عليك معذور ومشكور على خدمتك

اللي سويتها لنا ..أخفض رأسه وتكلم بما يعتمر صدره من ندم .. بس إللي سويته بأمل ما ينغفر أتمنى إنها

تسامحني .
رد عليه الآخر بهدوء : تأسف منها وبين لها موقفك وهي طيبة بإذن الله راح تسامحك ..في ذات اللحظة إنطلق

صوت هاتف طارق معلن عن وصول رسالة فتحها بعجل فنظر مشدوهاً مما قرأ بها وبقي جامداً للحظات لولا أن

نبهه خالد وهو يقول : طارق إيش فيك عسى ما شر .
مد طارق هاتفه لخالد بجمود ووضع يديه على وجهه بينما الآخر قرأ محتوى الرسالة بصوت منخفض وواضح :

"أكيد الحين عرفت إني بريئة من كل اللي قاله سعود عني وقلتها لك راح أثبت لك هالشيء بدون ما أتكلم وبعدها

إيش قلت لك مستحيل أرجع لك عشان كذا طلقـــــــــــني يا طـــــــارق بهدوء وبدون مشاكل أنتظر ورقتي" ..وبعد

أن أكمل قراءة محتوى الرسالة نظر لطارق بشفقة وأكمل بهدوء ينبهه .. طارق ..أنزل يديه ولكنه ما زال مخفض

النظر أكمل الآخر .. لا تيأس حاول فيها لما تقتنع ..ونهض وهو يقول .. وإلحين أستأذن ..مد يده مصافحاً فمد

الآخر يده وبابتسامة ميته لا روح فيها وأكمل خالد .. نتقابل على خير إن شاء الله مع السلامة .
همس الأخر مودعاً : مع السلامة .
********
منذ أن نهضت في الصباح وهي تشعر بإرهاق ودوار بالإضافة شعورها بموجات من الإستفراغ فعزت ذلك للحالة

النفسية التي تمر بها فقررت ألا تذهب للمدرسة اليوم وقد قررت ذلك سلفاً وزاد أمر هذا التعب المفاجئ بإصرارها

وأخبرت والدها عن رغبتها بالتغيب فعذرها عندما شاهد إصفرار وجهها وبعد أن أفطر والدها وذهب لعمله ذهبت

لغرفتها وتمددت وهي تشعر وكأنها تتقلب على الجمر من التوتر والتعب النفسي والجسمي ولم تستطع النوم بل

بقيت تفكر فيما سيحدث بعد الخطة .
وعندما أصبحت الساعة العاشرة و النصف إتصلت ليلى لتخبرها أن خالد متواجد عند طارق فشكرتها أمل بجزل

ودعت لها بالذرية الصالحة وودعتها .. أنتظرت لنصف ساعة ثم أمسكت بهاتفها وكتبت الرسالة وأرسلتها قبل أن

تتردد .
بعد مدة إتصلت بها نهى لتسألها عن ما جرى وأخبرتها عن خالد وتنفيذه لما طلب منه سألتها نهى : طيب طارق

ما أتصل عليك .
أجابتها أمل ببرود : لا ما اتصل أنا أرسلت له رسالة قلت فيها إللي أبيه منه .
نهى باستغراب : رسالة إيش كتبتي فيها ؟؟
أمل بذات البرود : لما أقفل منك برسلها لك .
نهى وهي مستغربة من برود أمل فقالت متسائلة : أمل إيش فيك أحسك مو طبيعية ؟؟
قالت أمل بهدوء : لا ما فيه شيء بس شوي تعبانه إذا حسيت أني أحسن راح أكلمك .
نهى : خلاص روحي إرتاحي ,لا تنسين الرسالة ..قالت الأخيرة مذكرة .. مع السلامة .
أمل بهدوء : إن شاء الله , مع السلامة ..وأغلقت السماعة ثم أرسلت الرسالة لنهى وجعلت الهاتف في وضع

صامت وتمددت في محاولة للنوم وهي ترى هاتفها تتوالى عليه المكالمات مرة من نهى ومرة من ليلى وهي لن

ترد عليهم حتى لا تسمع كلمات التأنيب فيكفيها وجع قلبها الذي توسل باستماته لألا ترسل تلك الكلمات لطارق

ولكنها لم تسمع له بل سمعت لصوت عقلها المتمرد .
**********
**********
مرت عدت أيام إنهالت عليها الإتصالات والرسائل من طارق ولكنها لم تجب عليه وكذلك تكررت الزيارات من

شادن وشهد اللاتي أرسلهما طارق حتى تعود معهما ولكنها كانت ترد عليهما بغموض بأنها ستفكر في الأمر ثم

ترد عليهما وتتجاهل الأمر عمداً أما نهى وليلى فبررت لهما فعلتها باقتضاب بأنه أمر غير قابل للنقاش وهما

احترمتا خصوصيتها .
من جانب آخر ..
غادر سعود ورفقته إلى امريكا بعد أن نفذ لسلمى مطلبها والتي ستتم هذه الليله حيث استأذنت من أبو أمل بالذهاب

لوالدتها فأذن لها بحسن نية فذهبت لمنزل سعود واستعدت للقاء أبو سالم الرجل الخمسيني الثري والتي كانت

دائما تحاول جذب إنتباهه حتى تجني منه أموالاً طائلة ولكنها لم تفلح ولكن بواسطة سعود تم لها هذا الأمر بعد أن

أهبت نفسها لمجيئه ولما وصل قابلته بفرح وأخذت تتقرب منه حتى وقعا في المحظور وكأنهما مراهقين وليسا

راشدين تعديا مرحلة إكتمال العقل بمراحل ..
أحست سلمى بأصوات وربكة في الخارج فشكت بالأمر جمعت ملابسها بسرعة وفرت هاربة وأختبأت في مكان

بعيد عن العيون بينما كان أبو سالم بالحمام "كُرمتم" وعندما خرج تفاجأ برجال الهيئة المتحلقين به فأمسكوه

وهو يصرخ : فكوني فكوني أنا أبوسالم ما أحد يمسكني كذا .
لم يبالوا بكلامه وجروه كالنعاج بكل ذل وإهانة لأنه يستحق هذه المعاملة .
وعندما غادروا من المكان بعد أن فتشوه فلم يجدوا أحداً أنطلقت السيارة ووصلوا للمركز وبعد التحقيق أخبرهم

بأن سلمى هي شريكته وعندما أخبرهم بكافة المعلومات عنها أرسلوا من يأتي بها من منزل زوجها أما أبو سالم

فبسبب نفوذه وللأسف خرج من القضية كما تخرج الشعرة من العجين .
وصل أفراد الهيئة الموكلون بإحضار سلمى إلى منزل أبو أمل فطرقوا الباب وبسبب تأخر الوقت فقد ذهب أبو أمل

للنوم ولم تزل أمل مستيقضة سألت من خلف الباب عن هوية الطارق فأجابوها بأنهم الهيئة ففزعت وتملكها

الخوف وذهبت لوالدها وأوقضته وأخبرته بمن عند الباب فلبس لباسه على عجل وأمرها أن تذهب لغرفتها وعندما

خرج لهم وبعد التحية سألهم بوجل : إيش السالفة ؟؟
أجاب أحدهم : إحنا موكلين من الهيئة نبحث عن زوجتك سلمى .
استغرب ورد عليهم : بس هي موب هنا ..وسألهم بتردد ..إيش سوت ؟؟
أجاب ذات الشخص : راح تعرف كل شيء فالمركز بس لازم نفتش البيت يمكن تخبت فيه .
قال لهم أبو أمل بجدية : طيب لحظة ..دخل المنزل وأمر أمل أن تلبس عباءتها وتلحق به فأطاعتها وذهبت له

وألتصقت به من الخلف لتحتمي به وقال لهم أن يبدأو التفتيش ولما رأو أمل سألوها من أنتِ ..
أجابت بصوت خائف ومتوتر وهي تلتصق أكثر بوالدها : أنا أمل إبراهيم الـ.....
نظر الرجال لوالدها فهز رأسه موافقاً : هذي بنتي .
ففتشوا المنزل بدقة ولم يجدوا سلمى فامروا أبو أمل أن يحضر معهم ليكمل الإجراءات اللازمة فذهب بعد أن تأكد

من إغلاق المنزل جيداً .
***
في مكتب الهيئة بعد أن حكوا له ما حدث من سلمى إكتسى وجهه الجمود والخذلان معاً فهو يعلم عن حالها وأكثر

من مرة عاقبها ولكنها لا تُردع فوقع تعهداً خطياً بأنه إذا وجدها يأتي بها إلى هنا حتى ينفذ لها حكم الرجم .
وعاد للمنزل وهو يحمل هماً آخر غير هم إبنته التي مازالت غاضبة من زوجها لسبب يجهله , دخل المنزل ووجد

إبنته تترقبه بخوف وعندما سألته عن الأمر أجابها بقصه لها عن القصة فأحست بمدى هم والدها وغضبه فقالت

تسأله : يبه وإيش راح تسوي معها ؟؟
فأجابها بغموض وهو يقف ليذهب لغرفة نومه : إن شاء الله بكرة تشوفين إيش أسوي ..وغاب داخل غرفته..
أما أمل فنهضت وهي حيرى من والدها وحانقة من فعل سلمى التي لم تحترم سنها وتتوقف عن أعمالها المشينة ,

دلفت لحجرة نومها وتمددت على فراشها وهي تفكر بكل ما جرى وكان كل تفكيرها منصب لطارق الذي لم يكلف

نفسه عناء ترضيتها والإعتذار بل أرسل من يتوسطون عنه وهذا لا يدل إلا على أمر واحد وهو أنه لا يهتم لأمرها

ولا يحبهــــــــــــــااا .
**********
في الصباح
ذهب والدها لعمله وذهبت هي لمدرستها رغم ما ألم بها من تعب وإرهاق لا تعلم مصدره وعندما التقيا في الظهيرة

وعلى الغداء ساد الصمت للحظات حتى قطعه والدها وهو يقول بلامبالاة : طلقـــت سلمى من المحكمة اليوم .
نظرت أمل لوالدها مذهولة وهي تكاد ترقص فرحاً بسبب تخلص والدها من سلمى فلم تعلم بماذا ترد عليه فأجاب

عنها الصمت وأطبق على المكان للحظات حتى قال والدها بجدية : أفتكيت من سلمى وهمها بقي إلحين أعرف إيش

المشكلة بينك وبين طارق إحترمت صمتك وما حبيت أتدخل لكنكم زودتوها وصراحة أنا موب راضي على هذا

الوضع .
نظرت لوالدها وهي صامته لم تستطع الرد وعندما لم تجيب قال لها بتبرير:أفهميني يا بنتي ترا ما قلت هذا الكلام

لاني تثاقلت وجودك بالعكس أنا أشوف فيك أمك اللي فقدتها بس كمان ما أبي تطول المشكلة بينك وبين زوجك و

تجفى القلوب ترا يا بنتي إللي بعيد عن العين بعيد عن القلب .
ضحكت هازلة في نفسها وهي تحدث نفسها "هه يعني هو حبني أصلاً عمره ما حبني ولو بس حمل لي أي شعور

طيب ما كان سوا إللي سواه بس يا يبه خل الطابق مستور" ولم تترك والدها بدون إجابة بل قالت بهدوء يشوبه

الحزن : يا يبه هو من يوم جيت هنا ما زارني ولا حاول يراضيني يعني أنا أروح أرمي نفسي عليه , ترضاها لي

يبه ..قالت الأخيرة بعتب..
رد والدها بحب : لا والله حاشاك يا بنتي بس أنتي ما وضحتي لي المشكلة عشان أساعدك نحلها .
قالت له بتملص : المشكلة إنحلت بيننا بس هو ما جاء لي بس يرسل أخواته أو يدق ويرسل رسايل بس ..وقالت

وهي تنهض من السفرة وتبعها والدها في النهوض وهو يتمتم بالحمد لله وأكملت تقول .. إذا فكر يجي لي راح

نتفاهم بإذن الله بس لا تصعب الأمر علي يا يبه .
رد والدها يدعو لها : الله يوفقك يابنتي ويصلح ما بينكم .
تمتمت بهمس وهي تغادر الصالة : آمين .
*******
في نفس الوقت ولكنه ليلاً في أمريكا ..
دخل سعود ورفاقة لأحد دور الرذيلة في تلك البلاد المتحرر من كل القيم السامية وفي مدينة لاس فيغاس المشهورة

بإسم "مدينة الرذيلة" دخلو وهم مشدوهين مما يروا ,النساء بكل الأصناف والشراب بشتى الألوان والرجال

والنساء السكارى متقاذفون بكل الجهات , فغروا أفواههم مدهوشين مما يروا فلم يلبثوا أن إنظموا إليهم يرقصون

ويشربون حتى ثملوا وكل واحد إنشغل , فمنهم من يرقص بتمايل وهو في قمة السكر وآخر يراقص فتاة أما سعود

فالتصقت به إحدى الغواني ولازمته وأغوته حتى سلبته ماله وعقله وجرته لأذيال الخطيئة بعد أن حرر لها شيكاً به

مبلغاً كبيراً من المال وأدخلته إحدى أوكار ذلك الدار وبعد إنغماسهم في الخطايا وودعته وهو نائم بعد أن كتبت له

رسالة ووضعتها في محفظته وغادرت , أما أصحابه فثملوا وناموا أماكنهم كالبهائم , وفي الصباح أستيقضوا

وتجمعوا ليذهبوا لشقتهم وبينما هم سائرون إذ أخرج سعود محفظته ليشتري علبة من السجائر فوجد بها رسالة

مكتوبة بالإنجليزية قرأها ولكن لم يفهم معناها فطلب من رفاقه أن يوضحوها له فقرأها أحدهم بصوت واضح قائلا

: "welcome to the world of AIDS" ..نظر له برعب وقال له بتلعثم وارتباك .. معناها "أهلاً وسهلاً بك

في عالم الإيدز"
تطلعوا له برعب وقد تجمدوا بوقفتهم أما سعود فأصابه الهلع ووقف كالتمثال الشمع لا يتنفس ولايتكلم وينظر

للفراغ بعينين ملؤها الدموع المتجمدة مثله تماماً بقي على هذا الحال حتى أحس بالفراغ من حوله فتلفت فلم يجد

أحداً من أصحابه بل هربوا جميعاً فذابت الدموع المتجمدة في عينيه وأصبحت أنهاراً .
********


بعد صلاة العصر ..
إستقبلت أمل مكالمة من أم طارق تخبرها بزيارتها لها ولم تمضي سوى نصف ساعة إلا حضرت فرحبت بها أمل

وضيفتها وعندما سألتها أم طارق عن سلمى أخبرتها أن والدها قد طلقها فلم تأسف عليها لأنها ليست أهلاً لذلك

ومضت الجلسة بهدوء تتخللها مواضيع متنوعة وعندما أستأذنت في الخروج أتاها والدها يخبرها أن طارق يريد

رؤيتها فقالت لوالدها بعتاب محب : يبه أنت قلت له يجي ؟؟
قال أبوها مدفعاً : لا والله يابنتي هو جاء مع أمه وأبوه عشان يعتذرون روحوا أهله وهو جلس قال يبي يكلمك

تعالي يابنتي تفاهمي معه الله يرضى عليك ..وقال وهو يغادر .. أنا رايح مشوار وأبي أسمع الأخبار الزينة ..وابتسم

لها وقال .. مع السلامة .
تمتمت بــ "مع السلامة " ونظرت لهندامها فوجدت أنه مقبول نوعاً ما دخلت غرفتها وأمسكت بعطرها فلم

تستسيغ رائحته رغم أنه عطرها المفضل فأمسكت بآخر فقبلت رائحته تعطرت منه وهي تحاول أن تهديء ضربات

قلبها الذي يوشك على النفور من سجنة أخذت تتنفس ببطئ لعلها تهدأ وكان لها ذلك فظهرت بمظهر واثق وعيناها

تلمعان بتصميم وثقة , دخلت وألقت عليه التحية فرد عليها وجلست في مكان مواجه له وبعيداً عنه حتى لا يسمع

ضربات قلبها التي أعلنت الهيجان من جديد وعندما وقعت عينيها على جسده الشامخ توقف الكلام في حنجرتها

معلناً الرفض والإستسلام فغرق المجلس في صمت لدقائق حسبتها ساعات وهي تنظر لكل شيء إلا عينيه ولما

طال الصمت قطعه طارق قائلاً بهدوء : أمل كيف حالك ؟؟
أجابت أمل بجمود وهي لا تنظر إليه : الحمد لله , كيفك أنت ؟؟
أجابها بذات الهدوء : الحمد لله بخير ..صمت للحظة وأكمل يسأل بجدية .. ليش ماكنت تردين على مكالماتي

ورسايلي ؟؟
حانت اللحظة التي تنظرت أمل لعينيه وقالت بهدوء وتصميم ترد على سؤاله بسؤال آخر : وليش أرد عليك ؟؟ ..

وأكملت بلا مبالاة وهي تبعد عينيها للجهة الأخرى .. أظن كلامي واضح فالرسالة إللي أرسلتها لك ..وسألته .. ولا

لا ؟
أحست بحرارة نظراته التي أطلقها عليها دون أن تراها بل شعرت بها وبعد ثوانٍ أجاب بحدة : لا موب واضحة أبد

أنتي قررتي من نفسك أنك تبين الطلاق لكن أنا لاااا ..قال الأخيرة بحدة أكثر..
نظرت أمل لعينيه بغضب وهي تتكلم من بين أسنانها : إيش بقي تسويه شككت بشرفي و ... صمتت ليفهم مغزاها

ثم أكملت .. وجبتني لبيت أبوي ولا فكرت تسأل عني وتجي لي إلا لما مرضت وكنت راح أموت وياليته حصــ ..

أطبقت يد حنونه على فمها لتمنعها من مواصلة كلامها والتقت عينيها الدامعتين بعينيه القريبتين منها فصمتت ..
قال بصوت حنون بعد أن أبعد يده وجلس بقربها : لا أمل الله يعطيك طولة العمر لا تتمنين الموت .
إبتعدت قليلاً عنه وهي تقول بهدوء وتساؤل : ومين راح يهتم؟؟ ..وهي تقصده بكلامها ففهم قصدها وإلتمعت

عينيه ..
أجابها بحنان وهو يعدد : ليش نسيتي أبوك وأبوي وأمي وأخواتي ..سألها وهو يتفحص وجهها .. ليش ذول موب

مهمين عندك .
صرخت بداخلها "ما أحد مهم لي مثلك ليش أنا موب مهمة عندك ليش ؟؟" ولكنها أجابت وهي تنظر لأي شيء

سوى عينيه : كلهم مهمين عندي ويسوون عيوني إللي أشوف بها .
قال بهدوء : طيب .
نظرت له مستغربة وتساءلت : ويش هو إللي طيب ؟؟
قال بنظرات ثابتة ومصممة : نروح بيتنا .
نظرت له باستغراب وقالت بجفاء : مين كذب عليك وقال لك إني مسامحتك أو حتى إني بروح معك هه ..ضحكت

بهزل وأكملت .. لا ما برجع معك وأنت حتى ما كلفت نفسك تعتذر أو تبين موقفك وياليت وقفت على كذا لا أرسلت

أخواتك يقولون لي أرجع لك ..ونظرت له وكبريائها تلح عليها أن ترفض العودة له أماقلبها وآهـ من قلبها الذي

تمرد عليها وأصر أن تسامحه ولكن عقلها وكبريائها أبت إلا الصمود في وجهه فقالت له وهي مسترسلة في

النزاعات الداخلية التي شتتها .. لها الدرجة مالي قيمة عندك بعد أسبوع جاي تقول لي ببرود نروح بيتنا ..قالت

بحدة .. لا يا طارق ماراح أرجع لك بعد الذل اللي شفته منك عشان كذا لا تتعب نفسك وتتعبني معك الطريق مسدود

بيننا ولا تنسى أنك أنت قلت لي قبل هالكلمة وجا دوري أقولها لك ..ونظرت له بقوة ظاهرة وهي تخفي جروحها

المثخنة بالألم والدموع ..
صدم طارق لقوتها الهشة التي ظهرت له وكأنها قوة ثابتة وبعد صمت طويل قال بمحاولة أخيرة لإرضائها : طــيب

لو قلت لك ..وهو ينظر لعينيها بغموض أكمل .. إذا الرجال اللي ساعدك يوم ولادتك بولدك إبراهيم هو ..صمت

لحظة وهي تتقلب بين الخوف الذي هجم عليها عندما نطق حرف طــ فخافت أن يقول كلمة الطلاق فهدأ خوفها

عندما أكمل كلامه وهجم الحنين لذكرى إبنها ولم يلبث أن ثار الترقب لمعرفة الشخص الذي تكن له العرفان لإنقاذ

حياتها وولدها وحينما طال الصمت منه وزاد الترقب رفعت بصرها له ورأت عينيه تتأجج بلمعان غريب وعندما

إلتقت نظراتهما أكمل طارق كلامه .. الشخص هو أنــــا .
تفاجأت واضطربت لدرجة أنها فتحت عينيها وهي تنظر له بذهول إستمرت لدقائق ثم تحول الذهول لعدم تصديق

وقالت له مشككة : وتتوقع إني بصدقك هه ..ضحكت بهزل وأكملت بجدية .. يمكن إستغليت كلامي إللي قلته لك

وقلت أضحك عليها وهي وش يدريها به ما شافته ولا حتى تقدر تميزه .
صدم لأنها لم تصدقة وهو الذي يثق به الرجال ويُعتمد عليه بشتى الصعاب فقال لها بجدية بعد أن تمالك من

صدمته : أأكد لك إني ما أكذب عليك وإذا تبيني أثبت لك هالشي أنا مستعد ..مازال الشك يعتمر في نفسها وعينيها

تفضحه فهزت رأسها إيجاباً تريد ما يثبت كلامه فأمسك بهاتفه وضرب بخفة وسرعة عليه ثم وضعه على أذنيه

وبدأ يتحدث للطرف الآخر والذي سمعت بأن أسمه أبو نايف فبعد التحية والترحيب وضع الهاتف على المايكروفون

وسأل الطرف الآخر .. يا أبو نايف تذكر المرأة اللي جات المستشفى قبل أكثر من سنتين وكانت راح تولد ورفضت

تدخلها ؟؟
أجاب أبو نايف الذي تذكرت أمل صوته بسبب كثرة ترجيها له آن ذاك ورفضه لطلبها وسمعته يقول : إيه تذكرتها

أنا شكيت بأمرها لأنها صغيرة وخفت تسبب مشكلة للمستشفى و ..آلم كلامه أمل وجرحها بالصميم فكلامه تشكيك

علني بها وظهر الألم على قسماتها ولاحظها طارق فقاطع إسترسال الرجل بالكلام ..
وقال له طارق بارتباك : لحظة , مين إللي دخلها للمستشفى وخرجها منه ؟؟
فأجاب أبو نايف باستغراب : ليش تسأل يادكتور ؟؟
قال له طارق بنفاذ صبر : أنت قول وبعدين أفهمك .
قال الآخر بذات الإستغراب : أنت يادكتور إللي دخلتها وخرجتها وخفـــ ..قاطعه طارق للمرة الثانية وهو يشكره ثم

ودعه بعجل ونظر لأمل التي مازال يرى نظرات الشك تنفذ من عينيها ..
قال وهو غير متأكد من تصديقها له : صدقتي ولا لسى تبين إثبات ثاني ؟؟
قالت له وهي متشكك من كلامه :طيب يمكن إتفقت معه على هالكلام .
هز رأسه وقد نفذ صبره منها وقال بمحاولة أخيرة وهو يدافع موجة غضب تكاد تظهر فتحرق كل ما أمامه وقال :

طيب وإذا قلت لك إنك قلتي لي لما دخلتك "الله يخلي لك أهلك وزوجتك وعيالك ويدخلك الجنه بغير حساب "

تذكرينها ولا لا .
كانت شبه مصدقة لكلامه وحين قال لها عن دعوتها التي لم تحدثه عنها صدقت وأعتمر الفرح قلبها لأنها تمكنت

من معرفة من له جميل عليها والتي عاهدت نفسها بأن تنفذ له أي رغبة يرغب ولكن توترت عندما نظرت لطارق

الذي ينظر لها بعينين متفحصة وقالت له بتلعثم : طــ .. طيب خلا .. خلاص صدقتك بس ..صمتت تحيك في نفسها

صيغة الكلمات التي ستقولها له وبعد لحظات قالت وهي تتمالك من توترها .. أنا قبل قلت إذا عرفت إللي ساعدني

وطلب أي شيء مني ما راح أتردد بخدمته وعشان كذا ..نظرت له بهدوء وجدية .. أطلب يا طارق إللي تبي وما راح أردك بإذن الله .
********
********
بعد شهر ..
*عادت الحياة بين أمل وطارق كما كانت ولكن يغلفها البرود من طارق والصد من أمل التي لم تنسى جراحها منه

رغم فرحتها بحملها الذي تبينته بعد أسبوع من عودتها لطارق والذي عبر عن فرحته بهذا الخبر بابتسامة باردة

وصمت , وهي الآن تستعد للإختبارات النهائية بعد أن إجتازت الفصل الاول بنسبة عالية ..
*أما عائلة عمها أبو طارق فلم يحدث أي حدث خلال الشهر سوى الحفلة التي أعدتها أم طارق بمناسبة عودة أمل

لإبنها ..
*أما شادن وشهد فكل واحدة منشغلة بعائلتها مع إستمرار زيارتهما لمنزل والديهما .
*نهى منشغلة بدراستها فقط .
*والد أمل يستعد اليوم لحفل ملكة وزواج بسيط على ريم والتي جمعت بينهما أمل بعد أن أحست بوحدة والدها

فعرضت عليه ريم فوافق عليها بعد لائحة طويلة من المدائح ثم أخبرت ريم برغبة والدها فوافقت بعد إستخارة

واستشارة .
*سلمى لا أحد يعلم أين هي .
*سعود بعد أن عاد مع رفاقة الذين يتهربون منه كأنه مجروب أثر ذلك في نفسيته فحبس نفسه في منزله البارد

بعد أن كانت تقام به الليالي الحُمر والرذائل أصبح مأوى لمريض لا يرجى شفاؤه إلا بإذن الله واكتشف أن شركته

تعرضت للإفلاس بعد المبلغ الذي دفعه للغانية وبعد أسبوعين زاراه وليد وسلمان وأعربا له عن رغبتهما في

الإعتذار لطارق عن كذبتهما الشنيعة في حقه وحق زوجته فبكى سعود ندماً على ما فعل وقال لهما أن يقولا له عن

مدى ندمه لفعلته وأنه يعتذر منه وعندما ذهبا له واعترفا بفعلتهما غضب وهاج عليهما وسألهما عن سبب

إعترافهما الآن بالذات أخبراه عن سعود وما أصابه وعن حالته وعن ندمه على ما فعل فأضمر طارق نفسه أنها

ربما تكون"دعوة مظلوم أصابت ظالم" وأخبرهما أن يعجلا به للحجر الصحي فتم ذلك رغم رفض سعود لذلك

وعصيانه ولكن كيف سيقاومهم .
*********
بعد أن أكملت هي ونهى وشادن مساعدة والدة ريم جلسن مع ريم المتوترة والتي كانت تحت يدين المزينة وكن

يسلينها قليلا وبعد نصف ساعة ذهبتا شادن ونهى لمنزلهما حتى تستعدا أما أمل فجلست معها وهي تنظر لها

بصمت فرضته المزينه عليهما ولما طال الصمت سرحت وهي تبتسم بحالمية وتتذكر توصيات طارق لها قبل أن

تأتي لريم ربما كان يغلف كلماته البرود لكن يظهر الإهتمام من عينيه وهو يوصيها قائلاً "أمل لا تتحركين كثير

وتجهدين نفسك إبعدي عن أي شيء يضرك و لا تشيلين شيء ثقيل طيب " ثم ردت عليه حينها وهي تبتسم وتتدلع

"ليش كل هالتوصيات هذا خوف علي ولا على إللي ببطني ؟؟" نظر لها لحظتها بنظرة لا تنساها وقال وهو يغادر

المكان "كلكم".
تنبهت من سرحانها على صوت ضحكات شادن وريم اللاتي ينظرن لها بمكر إحمر وجهها من نظراتهم وزاد عندما

قالت شادن اللتي لم تشعر أمل بحضورها : إللي ما خذ عقلك هههههه أكييييد أخوي صح .
وضحكن عليها أكثر وهي تأخذ المخدات الصغيرة وترميها عليهن وهي تشعر بالخجل منهن .
إنقضت مراسم العقد ثم الحفل البسيط وبعد ذهاب الضيوف دخل والد أمل بهيبته وهو يلبس البشت الأسود وتزين

لحيته شعرات بيضاء زادته وقاراً وهيبة , تقدم للمجلس الذي تجلس به ريم بفستانها الفيروزي المخصر على

جسدها الصغير والتي بدت فيه رائعة وقف أمامها وحياها ثم مد يده لها وهي بدورها مدت يدها وصافحها ثم قبل

جبينها ثم جلس جوارها وهو يبتسم لإبنته التي تبدو في غاية الفرح وبعد مضي دقائق ألبسها طقم ناعم من الذهب

وجلسا قليلا ثم قال لها بأن تستعد ليغادرا لمنزلهم الذي أعيد ترميمه وصباغته وتأثيثه بمساعدة أمل وعندما ركبا

السيارة أنطلقت بهما السيارة ولم تمضي سوى دقائق حتى رن هاتفها وإذا به طارق يستحثها هي وأمه على

الخروج حتى يغادروا .
******
عند العريسان ..
بعد أن دخلا لمنزلهما أدخلها للصالة وجلست ثم جلس بجوارها وهو يبتسم بطيبة لها وهي بدورها أحست بمودة

ناحيته تقدم منها ووضع يده على رأسها ودعا "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها

وشر ما جبلتها عليه" ثم قال لها آمراً بلطف : قومي غيري عشان نصلي .
هزت رأسها بإيجاب وهي خجلى من لطفه ونهضت وغيرت لباسها وخففت من مكياجها الناعم وخرجت إليه وهي

تحمل جلال الصلاة وهو بدوره فرش سجادتين لهما , بعد أن صليا إستأذنته بأنها ستتصل على والدتها لتطمأن

على إبنيها وعندما أنتهت من مكالمتها جلست مقابلة له تفصل بينهما طاولة عليها عشاء خفيف وبعد لحظات من

الصمت قال أبو أمل بلطف : ريم ..رفعت رأسها لتنتبه لكلامه وأكمل.. إن شاء الله ما تندمين إنك وافقتي علي وبإذن

الله راح أكون الأب لعيالك وكل إللي أبيه منك الإحترام والمودة وبإذن الله ما راح أقصر بشيء عليك ..وأكمل يسألها

.. إيش تبيني أسويه لك ؟؟ نبي نتفق من بداية حياتنا عشان بإذن الله ما نختلف .
قالت ريم بهدوء يشوبه الخجل : سلامتك ما أبي إلا تكون لعيالي الأب وأنا بإذن الله ما راح أقصر ناحيتك بشيء .
إبتسم لها وبدأ يأكل بعد أن أمرها بلطف وود أن تأكل .
******
في ذات الوقت ...
عندما صعدت أمل للجناح وقد سبقت طارق الذي كان يتحدث مع والدته جلست على كنب الصالة لترتاح قليلاً فهي

بعد المجهود الذي بذلته رغم قلته في حفلة زواج والدها إلا أنها مرهقة وذلك ربما بسبب إستيقاضها المبكر ,

أغمضت عينيها وهي تفكر أنها ستذهب بعد الراحة لتغير فستانها الناعم ذو اللون التفاحي الفاتح والذي أظهرها

في الحفل بإطلالة رائعة مع مكياجها الذي دمج به اللون التفاحي باللون الفوشي بطريقة رائعة وقد رفعت شعرها

كاشينون ناعمة بلفافات رقيقة أبرزت طول عنقها الدقيق , لم تشعر بنفسها وهي تغفوا إلا عندما أحست بحركة

قريبة منها وأنفاس حارة تلفح وجهها ففتحت عينيها ورأت عينيه أمامها تتألق بلمعان غريب ورائع وهو يبتسم

نصف إبتسامة تبدوا ساخرة أو باردة ولكنها تشعرها بالحرارة من أثرها وارتفاع في نبضات قلبها , طالت النظرات

بينهما وهم صامتون وأخيراً نطق بصوت أجش : أحد قال لك أنك اليوم مثل البدر يوم التمام .
تلونت خديها بالحمرة وهي تطرف بحياء وصمتت فأكمل هو بعد لحظات قائلا بهدوء بااارد وهو يبتعد : يلا ننام .
إستغربت تغيره , في لحظة يبدوا لها كالعاشق المتيم بها ولحظة أخرى ينقلب تماما , نهضت وتبعته بذات الصمت

الذي لازمها منذ دخول جناحهما .
******
في صباح اليوم التالي ..
أيقضها طارق لتستعد وتذهب معه للمستشفى وعندما نهضت سارت باتجاه الحمام "كُرمتم" ونظرت لعينيها في

المرآه فهي في الليلة السابقة وهي تزيل المكياج من وجهها دخل المنظف لعينها اليمنى من شدة إرتباكها من

نظرات طارق المسلطة عليها , احمرت عينها وعندما إستيقضت للفجر كانت مغلقة وملتهبة فأصر طارق على

إصطحابها لطبيب عيون فوافقت بعد إلحاح منه وهي الآن تستعد لذلك ..
نزلا من السيارة ودلفا المستشفى وسارا باتجاه قسم العيون واخذ لها موعد عند طبيب العيون وجلست في

استراحة النساء حتى وقت حضور الدكتور التي قيل أنه في جولته الصباحية على مرضاه وبعد مدة أتى الطبيب

دخلت عنده وكشف عليها ثم صرف لها الدواء اللازم بعد أن علم بحملها وعند خروجها سارت برفقة طارق قليلاً

واستوقفها ما رأت وومض عقلها بذكريات قريبة ولكنها تبدوا بعيدة ((عندما خرجت من المشغل مشت قليلا باتجاه

الشارع العام مرت بجانبها سيارة فخمة عرفت صاحبها و رأت أن السيارة عادت متوجهة إليها وابتعدت عن طرف

الرصيف وما هي إلا لحظات حتى أوقف سيارته بمحاذاتها وأنزل زجاج السيارة ..
: أمل تعالي إركبي .
تفاجأت بأنه عرفها وردت عليه بصوت قوي : بأي صفه أركب معك .
أعجب بردها وكبرت في عينه : اعتبريني تاكسي واركبي .
أمل باعتراض : ومن قال لك إني باركب تاكسي , يلا توكل , الله يستر عليك .. أسرعت
في مشيها وهو مازال يلاحقها .. تأففت منه ووقفت ..
أمل بعصبية : نعم مالك نيه تبعد عني ياخي استح على شيبتك عيالك قدهم كبري وأنت
تلاحقني ما تخاف ربي يردها لبناتك .
صدم من قولها فهو ليس بذلك الكبر أما أبنائه ليسو كبار مثلها : أنا ما في نيتي أي شر
وأنتي أكيد عمرك فوق العشرين يعني يناسب أتزوجك وبعدين عيالي أكبر واحد عمره تسعطش سنه .
ذهلت أمل من عرضه من جهة ومن كلامه من جهة أخرى وتكلمت بضعف: إبعد عني الله يخليك
إيش تبي بمطلقه ومعاها ولد ولساتها مادخلت الثمن طعش وأهلها ما يبونها .. وإبتعدت عنه ))
إنتبهت ليد طارق التي تشد عيها وصوته وهو يهمس لها بين أسنانه بغضب : أمل ليش تطالعين فالرجال ؟
نظرت له أمل بغضب لتشكيكة مرة أخرى بها وقالت بغضب مكتوم : ما كنت أناظر بأحد بس كنت سرحانه ..تسائلت

بحنق .. حتى السرحان حرام ؟؟ ..وهي كانت صادقة بكلمتها أنها لم تنظر له إلا لمحة وعرفته ثم سرحت وكأنها لا

ترى أمامها شيء ..
نظر لها بغضب ودفعها بخفة وهو يقول ببرود : روحي إجلسي لما أصرف الدواء وراح أدق على السايق يجي لك.
هزت رأسها بإيجاب وذهبت للإستراحة والتي وجدت بها عدة من النساء بعد أن كانت فارغة عرفت إحداهن

وجلست بجوارها بعد أن ألقت عليهن التحية وبعد صمت بسيط قالت أمل بهدوء : كيفك العنود ؟
إلتفتت العنود باتجاه أمل التي مازالت محتفظة بغطائها على وجهها وقالت بتساؤل : مين إنتي بس لحظة ..وكأنها

تذكرت صاحبة الصوت وقالت بعبرات مخنوقة .. إنتي أمل صح ؟؟
ردت أمل بهدوء يشوبه الحنين : إيه أنا أمل ..وفتحت غطاء وجهها ونظرت لها ولكن العنود لم يتغير من وضعها

شيء بل بكت بحرقة وألم وهي تقول لها ..
العنود ببكاء : أمل الله يخليك سامحيني أمل ..وأخذت تبحث عن يدي أمل حتى وجدتها وأمسكتها بيديها وقالت

برجاء .. أمل الله يسعدك سامحيني ..وشهقت عدت شهقات متتالية وأكملت .. ربي عاقبني على ظلمي لك وإبتلاني

آآآآهـ يا أمل دورت عليك عشان أستسمح منك ماحصلتك ..ورفعت يديها لتقبلها فسحبتها أمل وعيناها تدمع وكأنها

ضربت على رأسها بمطرقة حديدية من شدة الصدمة وهي تصرخ بداخلها "العنود عميت يااا الله"..
قالت أمل بتأثر وهي تحتضنها : خلاص العنود لا تتعبين نفسك أنا مسامحتك وأصلاً عمري ما زعلت عليك أو

دعيت عليك والله يشهد عليّ .
زاد بكاء المرأة وهي تقول بتأثر بالغ : تغلبين الكل بطيبة قلبك يا أمل الله يحفظك ويخليك للي يحبونك .
مسحت أمل عينيها وقالت وهي تحاول التماسك من الصدمة التي أصابتها : تسلمين ..ومدت لها بمنديل ومسحت

الأخرى عينيها وهدأت قليلاً ثم قالت أمل تسألها .. العنود إيش صار لعيونك ؟؟
تنهدت الأخرى بهم وقالت تحكي : آآآآآهــ يا أمل سالفتي غريبة , من مدة صرت أحس عيوني بدا يضعف نظرها

وبديت أحس بصداع قوي رحت لدكاترة كثير وكل واحد يعطيني تشخيص غير إستغربت كانت عيني طيبة إيش إلي

قلب حالها ما عرفت إيش إللي صار إلا لما جيت هنا كشف علي هذا الدكتور وبعد أشعة وتحاليل إكتشف إن

الأعصاب حولين العين أتلفها نمص الحواجب وعرفت لحظتها إنها عقوبة من ربي أنا لما كنت أحف حواجبي أدري

إنه حرام وأسمع نصايحك و أصم أذني ناحيتها وإلحين ندمت إني ما سمعت كلامك لكن إذا فات الفوت ما ينفع

الصوت .
ردت أمل وهي متأثرة بقصتها قائلة : أذكري الله ..تمتمت الأخرى بــ لا إبه إلا الله محمد رسول الله , وأكملت أمل

تدعو لها .. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك , وما إبتلاك ربي إلا ليطهرك من ذنبك عشان كذا أصبر

وأحتسبي .
العنود بهدوء : آآآمين , إن شاء الله ربي يصبرني على ما أبتلاني ..صمتت لحظة وقالت تغير الموضوع ..بنات

المشغل كلهم إشتاقوا لك .
ابتسمت أمل لها بحب : حتى أنا اشتقت لهم ودايم توصلني أخبارهم مع ليلى .
العنود متفاجأه : ليلى تكلمك ؟؟
أمل بهدوء : إيه يمكن ما كانت تقولك عشان ما تضايقك .
العنود ردت : لا بالعس كنت راح أفرح وأنا من زمان أبيك بس ما كنت أقول لهم .
أمل : أها طــيـــ ..توقفت عندما سمعت طارق يناديها حتى تأتي فنهضت وهي تستأذن من العنود وخرجت له ..
وعندما عادت وهي تحمل كيس به أدويتها جلست بجوار العنود مرة أخرى فقالت العنود تسألها : مين إللي ناداك؟؟
ردت أمل بخجل : طارق زوجي .
قالت الأخرى متفاجأة بفرح : صدق مبروووك ألف مبرووك يا عمري ..وأكملت تسألها .. من متى تزوجتي ؟؟
ردت أمل بذات الخجل : لنا مدة وإحنا متزوجين ..وأكملت بعد صمت .. وأنا إلحين حامل وداخلة الشهر الرابع .
العنود بفرح : ما شاء الله ربي يتمم لك ويرزقك بره يارب .
ردت أمل : آآآمين .
وإفترقتا عندما حضرت سيارة أمل بعد أن تبادلتا الأرقام .
******
في المساء
عندما دخل طارق الجناح كانت أمل ترتبه قبل أن تذهب للنوم فجلس أمام التلفاز بالصالة وناداها وامرها بالجلوس

فأطاعته وجلست وعم الصمت للحظات ثم قالت تستحثة : طارق فيه شيء بروح أنا مشغولة .
نظر لها للحظة ثم قال بهدوء يشوبه توتر ظهر بطريقة شده على يديه : ممكن تفسرين لي إللي حصل اليوم ؟؟
أخفضت أمل رأسها تفكر ثم رفعته وهي تقول بثقة : ما صار شيء ..وقالت بتملق.. إنت شفت شيء صار؟؟
نظر لها بنظره حارقة كادت تحرقها فتكلمت قائلة بنبرة متماسكة بعد أن أثارت نظرته الرعب في قلبها : كل

الموضوع إني شفت رجال وتذكرت موقف حصلي وأتذكر قلته لك .
طارق باستغراب سألها : أي موقف ومين هو الرجال ؟؟
أمل بهدوء : الرجال زوج صاحبة المشغل أما الموقف لما لحقني يوم طردتني زوجته من المشغل .
هز طارق رأسه بإيجاب ونظر لها بنظرة مبهمة أثارت الكثير فيها وقالت بحزم متجاهلة مشاعرها : أظنك عرفت

موقفي منه ومن كل الرجال وما كان له داعي نظرة الشك هذي وأبيك تعرف إني موب أنا إللي أخون زوجي مهما

حصل ..ونهضت وهي لم تعطه مجال للرد ودخلت غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها ..
******
مرت ثلاثة أسابيع إنشغلت بها أمل وشادن وكذلك نهى بالإختبارات وقد بذلت كل واحدة ما بوسعها .
منذ أربعة أيام أنهت نهى إختباراتها أما أمل وشادن هذا اليوم هو آخر يوم بالإختبارات .
عادتا من المدرسة بعد وداع مثقل بالدموع مع زميلاتهن ودخلتا وهما تجرا أرجلهما جراً وأعينهما مثقلة بالنوم

بعد تعب ثلاثة أسابع فدخلت كل منهما جناحها وتمددت بلباس المدرسة وغطتا في نوم عمييييق .
***
في المساء
عادت شادن لمنزل زوجها بعد أن استأذنته لأسبوعين لتذاكر بمنزل والدها فوافق على طلبها أما أمل أستعدت

وذهبت لمنزل والدها الذي إشتاقت له فهي لم تكن تراه هذه المدة بل كانت تتواصل معه عن طريق الهاتف .
***
دخلت لمنزل والدها وهي تحمل سلال الحلوى الفاخرة فهذه أول زيارة لمنزل والدها بعد زواجه , ابتسمت بفرح

عندما سمعت صوت والدها يلعب مع الصغار عندما فتحت لها ريم التي رحبت بها بحفاوة وجزل وأدخلتها على

والدها الذي تفاجأ بها وهب واقفاً يرحب بها ويحتصنها بفرح أما هي فقد تفاجأت كثيراً يبدوا والدها سعيداً وبصحة

جيدة حتى أنه يظهر أنه أكتسب عدة كيلوا جرامات أكسبته المزيد من الهيبة , عندما جلس الجميع حول طاولة

القهوة فرح الأطفال بالحلوى والهدايا التي أحضرتها لهما وقبلنها فقال لهما والدها : عمّار , لمار ..رفعوا رأسهم

له منتبهين فأكمل بمرح .. مين هذي ؟؟
قالا الصغار معاً : هذي خاله أمل .
ضحك أبو أمل وقال نافياً : لا يا حلوين هذي أمل أختكم لأنها بنتي وأنا بابا إبراهيم طيب ياحلوين .
رد الأطفال بفرح : طيب ..قالت لمار تسأل ببراءة ..أختي أمل إنتي ماما جابتك مثلنا ؟؟
ضحك الجميع على برائتها وقالت أمل ترد عليها بحب : لا حبيبتي أنا أمي راحت بعيييد لكن بابتنا واحد فهمتي

حبيبتي .
إبتسمت الصغيرة ببراءة لا مثيل لها قالت : فهمت .
قالت ريم بأمر : يلا كفاية حلاوة كل واحد يروح ينضف أسنانه ويجي .
هز الطفلان رأسيهما بطاعة ونهضا يلبيان أمر أمهما .
وأكملت ريم تسأل أمل بحب : ها أموله كيف الحمل معك ؟؟
ردت أمل بخجل : الحمد لله ماشي الحال موعدي يوم السبت يعني بعد ثلاثة أيام .
ريم بهدوء ومحبة : الله يوفقك وييسر لك .
فقالت أمل وهي تنظر لوالدها وريم معاً : آآآميين وعقبالكم إن شاء الله .
********
مر اليومين التاليين بهدوء وأتى يوم السبت وبعد صلاة العصر إستعدت أمل للذهاب مع طارق لموعدها عند طبيبة

النساء وعندما دخلت عندها وبعد كشوفات روتينية كالضغط ونسبة الدم طلبت منها الدكتورة أن تستلقي لتعمل لها

الأشعة التلفزيونية (السونار) وعندما تمددت كشفت الدكتورة بمساعدت الممرضة عن بطنها وبعدها وضعت الجل

ثم بدأت بتمرير الجهاز إقترب طارق ليرى الشاشة ويتكلم مع الدكتورة بلهجة رسمية لم تخفي فرحته التي إنتقلت

إلى أمل عندما إستمعت لنبض الجنين فدمعت عينها من الفرحة إقترب طارق منها وقال يهمس بخوف إلتمسته من

نبرة صوته وهو يقول : أمل إيش فيك تعبانه ولا شيء ؟؟
إلتقطت أمل يده التي كانت موضوعة على السرير قربها وضمتها بين يديها ثم قالت هامسة له وعينيها تلمع

بدموع كأنها النجوم : طارق سمعت هذا صوت نبض قلبه سمعت ..تنهدت بفرح وسعادة وأكملت بذات الهمس ..

الحمد لله إللي عوضني بعد إبراهيم الحمد لله ما كنت أتصور إني بعد الضياع والشتات إللي عشته راح تستقر

حياتي .. نظرت له بإمتنان وقالت .. شكراً طارق رغم كل شيء صار بينا شكراً ..وقالت لنفسها "أحبك" وودت لو

تصرخ بها وهي لم تعلم أن عينيا نطقتها قبل شفاتها وربما فهمها طارق ووعاها , تأكدت من ذهاب الدكتورة

والممرضة قبلت يده التي مازالت ممسكة بها ثم أنزلتها بهدوء ونهضت بذات الهدوء وطارق مازال متجمد في

مكانه ..
********
في الأيام التالية كانت بين أمل وطارق مودة ظاهرة وكان كل يوم يذهبان معاً إما لمطعم أو منتزه وأكثرها البحر

فقضوا أوقات ممتعة قربت بينهما كثيراً حتى أتى يوم الأربعاء وهو اليوم المحدد لإظهار النتائج ..
لم تنم أمل جيداً ليلاً وبقيت مسيقظة وهي متوترة حتى أن طارق أنبها على ذلك وأخبرها أنه يضر بصحتها وصحة

الجنين فأخبرته أنها قلقة من النتيجة فطمأنها أنها قدمت جيداً وليس عليها أن تخاف ..
وعند الساعة الثامنة والنصف إستقلت السيارة السائق وزوجته وذهبت باتجاه بيت شادن حتى يذهبا معاً لاستلام

النتيجة ..
بعد لحظات قلقة ومترقبه في السيارة خرجن منها ودخلا للمدرسة واتجها لمكان تسليم النتائج وما هي إلا لحظات

حتى تعالت هتافات شادن و ضمت أمل بشدة والتي كانت هي أيضاً فرحة بنتيجتها ونتيجة شادن المشرفة ..
عادا للمنزل وقد ذهبت معها شادن لتفرح أهلها بعد أن بشرت زوجها عن طريق الهاتف أما أمل فلم تتجرأ أن تكلمه

رغم التقارب الكبير بينهما في الفترة الماضية إلا أن هناك حاجز بينهما يأبى أن يهد , أرسلت له رسالة كتبت بها

"طارق أبشرك جبت نسبة حلوه ما بقولها لك إلا لما أشوفك ؛-)" .
عندما وصلن للمنزل أخبرا الجميع بنسبتهما ثم جلسن يتحدثن بفرح ظاهر وماهي إلا لحظات حتى سمعن صوت

إنطلاق رسالة من جوال أمل غمزت لها شادن بمكر : أكيد رسالة من عند الحبيب يهني .
إحمر وجه أمل خجلاً وأشارت لشادن بتهديد حتى لا تنتبه لها أم طارق ولكنها رأتها فانطلقت الضحكات على

وجهها المنحرج فنهضت هاربة وبررت لهن : عن إذنكم عندي شغلة بالجناح ..وذهبت قبل أن تسمع ردهن ولكن

سمعت صوت شادن تقول بصوت عالي تبعها .. (معك شغلة ولا تبين تشوفين رسالة الحبيب)
توعدتها بنفسها قائلة "والله لوريك ياشادن زفت طييب " وفتحت الرسالة وهي متلهفة لرده الذي كان "ألف

مبروك أمولتي وتستاهلين أحلى هدية تجهزي الليلة عشان أوريك هديتي لك على النسبة اللي ما أعرفها ؛-( بعد

العصر تكونين جاهزة ولابسه عبايتك لا تنسين " هتفت أمل بفرحة وهي تكاد تقفز : قال لي أمولتي أنا أمولته

أحبك أحبـــــــــــــــــــك مووووت يا طاااارق ..وهبطت همتها قليلاً وهي تهمس لنفسها .."بس ياليت تحبني

ياطارق مثل ما أحبك" ..صمتت لحظة وقالت تحدث نفسها "أقوم أجهز لباسي وأنام لي شوي قبل الظهر".
حضرت لباسها ولوازمه ثم تمددت على سريرها وهي تفكر في طارق حتى غلبها النعاس ونااامت .
*******

*******


في العصر..
جلست في الصالة السفلية مع أم طارق وهي ترتدي عباءتها ولفت الحجاب على رأسها ولم يظهر منها سوى

وجهها المزين بمكياج ناعم باللون الزهري فأكسب وجهها نعومة وبراءة , أخذت تتحدث مع أم طارق بأحاديث

مختلفة وعقلها يدور بفكرة واحدة أو بالأحرى بشخص واحد وهو طارق وهي تستغرب عدم حضوره وقت الغداء

وتعذره بعمل طارئ أتاه وفي منتصف الأحاديث إنطلق صوت رنين هاتف أمل وإرتفع نبضها عندما علمت من

صاحب الإتصال فقط من صوت النغمة المخصصة له رفعته وهي خجلى من نظرات أم طارق المحبة والمتسائلة

فقالت لها أمل وهي ترفع السماعة : هذا طارق الظاهر جاء ..وفتحت الإتصال وردت على تحيته ثم قوله لها

باستعجال أن تخرج فقالت وهي تنهض .. طيب إلحين جايه .
قالت أم طارق : خلاص رايحين ؟
ردت أمل وهي تربط نقابها : إيه طارق برا ينتظرني .
فقالت الأخرى بحب تدعوا لهما : الله ييسر دربكم ويحفظكم .
همست أمل بــ"آآمين" وقالت مودعة : مع السلامة يمه.
ردت الأخرى : مع السلامة ..وأضافت.. أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
خرجت أمل من المنزل وهي مستبشرة بدعوة أم طارق لهما وكذلك فرحه بلقاء طارق .
دخلت السيارة بهدوء وألقت التحية على طارق ورد عليها بذات هدوئها وفور إغلاقها للباب إنطلقت السيارة

مضت الدقائق الأولى بصمت قطعه طارق سأل بحماس : يلا قولي نسبتك ؟؟ ..وأضاف .. شوفي أنا مقابلك ..

وابتسم لها..
خجلت من إبتسامته ولكنها تجرأت قليلاً قائلة بفرح : نسبتي 99.58 .
رد عليها طارق بحماس وهو فرح لأجلها : ألــــــف مبرووووك والله تستاهلين أحلى هدية عليها وعقبال السنة

الجاية تجيبي نسبة مثلها وأحسن كمان .
ردت أمل بخجل : الله يبارك فيك ومشكووور وما تقصر .
صمت الطرفان للحظة وسألها طارق بعدها : أمول شادن كم نسبتها ؟؟
ردت عليه بحماس : يلا توقع .
قال بتفكير : أممممم ما أدري بس أضن إما 96 أو 97 .
فقالت له له بذات الحماس : صح نسبتها 96.90 ..وسألته بعد صمت لحظة .. لسا مطولين ؟
فرد عليها مستفهماً : تعبتي ؟
ردت : لا بس الطريق طال .
قال طارق بتجهم مصطنع : أفا مليتي مني .
قالت تنفي بفزع : لا لا والله موب قصدي كذا .
أنفجر ضاحكا وهو يقول : إيش فيك خفتي ترا أمزح معك بس ..وأوقف السيارة بعد مدة بسيطة أمام البحر ويحاذيه

مبنى رائع التصميم وقال لها .. يلا أنزلي وصلنا .
ترجلا من السيارة وسار ثم تبعته باتجاه المبنى وعندما دخلا وأغلق طارق الباب قال لها أن تخلع عباءتها فخلعتها

ونظرت للمكان مبهورة من جمالة وروعة تنسيقة رتبت عباءتها ووضعتها جانباً وسارت في المكان تستكشفه أمام

نظرا طارق المبهوره من جمالها بلباس الحمل الزهري والذي أبرز بطنها الصغير بنعومة وجمال إلتفتت له فرحة

وهي تقول بحماس : المكان يجنن مرره .
رد عليها بغموض : ولسا ما شفتي شيء .
قالت بفرحة : فيه أحلى من كذا ؟؟
هز رأسه إيجاباً بذات الغموض وتقدم منها وأمسك يدها وجرها معه لغرفة في الركن وقفا أمام الباب وقال لها :

الهدية ورا الباب إن شاء الله تعجبك .. ثم قال لها أمراً بلطف.. يلا أفتحي الباب .
ترددت لحظة وهي تنظر له ثم تشجعت وفتحت الباب ووقفت مذهـــــــــــولة ..
كانت الغرفة جميــــــــــلة جداً ومنمقة بطريقة رائعة تجمع بين الورود الحمراء والزهرية تلفها أقمشة من الشيفون

الزهري وتلتف حولها شرائط حريرية حمراء ولا يضيئ الغرفة سوى الشموع فكست المكان جو من الشاعرية

الحالمة ويتوسطها طاولة بها قالب من الحلوى بشكل قلب وعلب مرصوصة حوله بتناسق بها هدايا مختلفة واحدة

عقد ماسي رائع وزوجان من حلق الأذن وساعة ذهبية مذهله وعلبة صغيرة بها خاتم ناعم تقدمت وهي مذهولة

ومأخوذة من الجمال حولها وتوقفت أمام قالب الحلوى المغطى بالشوكلا والمكسرات ويتوسطه قلب أحمر كتب

عليه بالشوكلا البيضاء "ألف مبروووك (أمولتي) وعقبال الدكتوراه" خالجها في تلك اللحظات شعور يفوق الخيال

غامت عينيها بالدموع والتفتت لطارق الذي وقف بجوارها وقالت وهي فرحة وبصوت مخنوق من الدموع وهي

تشير بيديها للغرفة : طارق كل هذا سويته عشاني أنا ..وهي تشير بسبابتها إلى صدرها..
نظر لها بعينين تلمعان وإبتسامة رقيقة : أنتي تستاهلين كل هذا وأكثر بعد .
نزلت الدموع المتجمدة وقالت بحب : لا هذا كثير كثثثثير علي .
تقدم منها أكثر ومسح الدموع برقة وقال وهو ينظر لعينيها : لا موب كثير وبعد ما أبي هالعيون الحلوة تدمع ما

أبي أشوف إلا ضحكتك وبس .
تمعنت في عينيه وهمست "أحبك" فلتت منها بلا شعور فهي ما يختلج صدرها منذ شهور ولا تعلم هل سمع أم لا

بسبب تجمده أمامها كالتمثال فقالت له تنبهه : طارق .
إنتبه لها وقال بلهفه ظهرت جلية على صوته : إيش قلتي ؟؟
قالت أمل بغرابة : إيش قلت !! ما قلت شيء .
قال طارق بذات اللهفة : بلى قلتي أنك تحبيني ..وأكمل راجياً .. قوليها أمل من جديد .
قالت أمل بحب وهي تهمس وخديها يحترقان من الخجل : أحبــــــك .
إقترب منها كثيراً وأمسك بيديها ونظر بعينيها بنظراته المتأججه بلمعان مذهل وهمس بصوت أجش وبذوبان: إذا

إنتي تحبيني أنا ..صمت لحظة وهي تترقب لما سيقول ..أنا أعشقك أموووووت عليك أهووووس بك وأهييييييييم

بعيونك إللي ذبحتني ونظرتك البريئة اللي صرت مجنونها ..صمت وأجلسها ومازال ممسك بيديها وهي جاء دورها

لتتجمد وأكمل بذات الذوبان والحب المتدفق من نظرة عينيه .. من أول يوم شفتك , شفت لحظتها طفلة تترجى

ينقذونها وجنينها كنت مار لحظتها وسمعت الصراخ المكتوم والترجي للحارس إنكسر قلبي عليها قلت لهم

يدخلونها وما أهتميت بأي مشاكل راح تواجهني أهم شيء إني أنقذ هذي الطفلة ولما سمعت دعوتك حسيتها طالعة

من قلبك أمنت عليها وطلبت من الدكتورة تهتم فيها ما أدري إيش السبب بس حسيت تجاهها بالمسؤلية حتى عند

الخروج سهلت الموضوع وبعد ما راحت تركت صداها بقلبي رغم إني كنت هذيك الفترة مازلت مجروح من سالفة

زوجتي وبعد سنتين لما جابوها بالنقالة وولدها ميت حزنت عليها وخفت منها ..صمت عندما نظرات الإستغراب

من أمل فقال يرد على نظراتها .. لا تستغربين إيه خفت منك على مشاعري الحية لك وإللي ما ماتت لسى , كنت

أحاول أبرر لنفسي وأقول أخاف أمي تتعلق فيها وما تتركها وأنا إللي كنت خايف إني أتعلق بك ولما جيتي لمكتبي

كنت أتصرف بطريقة عشان تنفرك وتبعدك عنا ولما طلبتي طلباتك حسيت بحزن على طلبك إنك تشوفين ولدك

وإنقهرت من طلبك للتحليل موب منك لا والله إللي يشوفك يوم تجين تولدين ويشوف إحتشامك وكمان إللي يسمع

صوتك القوي لما تتكلمين مع الرجال يشك بنفسه ولا يشك فيك , أنا إنقهرت عليك وأكثر قهري كان من زوجك إللي

ما اعترف بولده وما حافظ عليك وزاد قهري لأنك قدمتي كل إللي عندك عشان هالتحليل و بكل لحظة يزيد إعجابي

بك لكن بالمقابل أزيد من تحقيري لك عشان أبعد عنك وتبعدي عني ولما شفتي ولدك حسيت بحزن عليك وأنتي

تتكلمين معه ..توقف ومسح دمعتين سقطتا من عينيها وأكمل بلطف .. إيش قلت أنا ما أبي دموع ..ردت بابتسامة

وأكمل بدورة .. كنت أرمي كلمات جارحة أستغرب أنا نفسي منها عمري ماكلمت أحد بهالطريقة ليش أنتي بالذات

ولما سكنتي عندنا أهلي تعلقوا فيك حتى الصغار وأنا كنت أقول لنفسي هذا كله كذب وخداع وأنا متأكد إني أزيف

الحقيقة وبعدها لما بلغتي على سعود وشفته قدامي كان ودي أكسر راسه على نكرانه العلني وثقته لدرجة تشكك

أي أحد إلا أنا ما شكيت فيك لحظة ولما إتفقتي معي عشان الخطة وإني أتزوجك فهذي اللحظة إنرسمت قدام عيوني

صورة زوجتي الأولى وهي تتفق مع ولد عمها ضدي عشان تعطيني المخدر حسيت بلحظتها كل الإعجاب تحول

لكره وقررت إني أتزوجك عشان أربيك وتثاقلت المهمة هذي وحسيتها صعبه بالحيييل كل ما أتذكر إنك أمل إللي

ماشفت مثلها بالاحترام لكن ترجع همتي وفكرت تربيتك لما أتذكر خطتك وخداعك وزاد قهري أكثر لما قلت لك أبي

عيال ورفضتي قررت إني ماراح أتركك تنفذي كلامك بس تهديدي وكرهي كله رااح لما شفت كتلة البراءة والجمال

إللي جالسة قدامي حسيت بالإعجاب كله رجع لك وحدك لكن مادام غير لحظات ونفرتي مني وصرتي تستفرغين

خفت عليك لحظتها لكن نفورك مني بعدني عنك قلت الظاهر البنت أجبرت نفسها على الزواج مني وهي ما تبيني

وأنا كمان ما راح ألتفت لها وإللي ما يبيني مرة ما أبيه ألف مرة لكن ما ساعدتيني أنفذ كلامي كل يوم أشوفك أجمل

أسمع ضحكتك وبحتك فكلامك تلتمسها أذني وأنتبه لها وبعد هذا , كل ما أشوفك أجمل أجرحك أكثر, وفماليزيا لما

تكلمتي عن ولد جيرانك حسيت بغيرة راح تحرقني هذا وهو ميت كيف لوكان حي وصرتي قريبة مني وحسيت أني

ما أقدر أبعد أكثر عنك خلاص صرت ذايب لين صارت سالفة الأصنصير فهذي اللحظة الغيرة إللي بقلبي طلعت

وحرقتك شفت فيك وفاء تصرفت بطريقة عنيفة لدرجة حسيت أن الخوف إللي خف منك رجع من أول وجديد ندمت

على حركتي إللي سويتها وخليتك تبعدين عني أميااال , صرت أتجاهلك عشان ما أشوف نظرة الخوف إللي تشوه

عيونك وتجرح قلبي وفرمضان لما حصلتك بغرفتي حسيت بشوق لك حاولت أتقرب منك لكن خوفك منعني بعدت

ولما حصلت الملابس إللي جهزتيها مبخرة ومرتبه جذبتني ريحة العطر شميته وفرحت لأنك سويتي لي هذا لكن

إنفجرت الغيرة لما تذكرت إنك يمكن كنتي تسوين لسعود كذا ..
قاطعته أمل بحب : لا والله ما عمري سويتها لأحد سعود سنه ونص كنت عنده فالنادر أشوفه .
تنهد بهزل وحب : آآآهـ ريحتيني ..وأكمل بحب .. تذكرين لما رحنا بأبوك للشيخ ..هزت رأسها بإيجاب فأكمل .. لما

رجعت ودقيت على الباب وكان مقفول وما تردين كنت راح أنجن من خوفي عليك ولما فتحتي وشفت عيونك

الحمراء كرهت الحواجز وخوفك اللي بعدني عنك لحظتها تمنيت أضمك وأهديك لكني سويت العكس وجلست أهزئك

وبعدها هربت منك وعليك ولما رحتي لبيت أبوك وقلتي إنك راح تجلسين عنده فترة علاجه كبرتي بعيني كثيييير

واشتقت لك أكثثثر ولما قابلتك بعد أسبوع حسيت إش كثر كنت أحبك وكان ودي آخذك معي وأبعدك عن كل الناس

..تنهد واستغفر بتمتمة وأكمل .. أذكر كل مرة أطلب منك عيال كنتي تنفعلين وتبكين ويزيد خوفك إستغربت منك أنا

درست وعارف هالحالات لكن عندك عقلي يوقف عن التفكير والمنطق كنت ألح عشان العيال خايف أنك تصيرين

مثل وفاء إللي أكتشفت بعد موتها إنها تاخذ حبوب منع الحمل وحرمتني من هالنعمة بطيشها وما أبي المأساة

تتكرر من جديد بس بعد مدة حسيت إن إللي يصير معك ما له إلا سبب واحد كل مرة أبي أسألك أخاف تثبتين

هالكلام وأوقف لكن لما تجرأت وسألتك أثبتي لي صحة تفكيري وقلتي لي قصتك حسيت إني أناني ما فكرت إلا

بنفسي وأنتي تتعذبن عندي لحظتها فكرت أحل مشكتلك بسرعه موب عشاني لا والله ما فكرت هذيك اللحظة إلا فيك.
توقف وسألها : تتذكرين يوم عيد الفطر ..أجاب بعد أن أومأت بإيجاب.. كنت مقهور أنهم كلهم قريبين منك وما

تخافين منهم إلا أنا لدرجة إني غرت منهم حتى شادن ..ضحكت وتبعها بضحكة رطبت الأجواء ثم أكمل بعد توقفهما

.. باستمرارك فالعلاج حسيت أنك تقربين مني أكثر و ثقتك بنفسك تزيد وزاد لك حبي ولما إنتهى علاجك خلاااص

ما قدرت أصبر على بعدك وتعلقت فيك أكثر ولحظتها خفت ما أدري من إيش خفت لكن أكثر شي خوفني إن بعد

هالتعلق أفقدك ما قدرت إستحمل هالفكرة وجات مشكلة سعود مثل الشعرة إللي قصمت ظهر البعير حسيت إن

خوفي تحقق وما فكرت فيك كأمل إللي حبيتها لا فكرت أنك وفاء إللي خانتني وراحت مع ولد عمها وتصرفت بذاك

الشكل وأنا أحسن أني مغيب عن العالم وأنا موب أنا وأنتي موب أمل أنتي وفاء وتركتك عن أبوك وأنا لساتها

الفكرة ما دخلت بالي ومرت كل المدة إللي بعدها وأنا أحس إني غايب عن الواقع كانو يسألوني عنك ويلوموني

على تركك وأنا أصرخ بداخلي إنهم ما يسألوني عنك لا يسألوني عن وفاء الخاينة إللي كسرت كل ثقة فيني ناحية

الأنثى كنت أشوفك تجين المستشفى و أشوفك من بعيد كنت مشتاق لك لكن كلام سعود إللي قاله عنك هدم كل الثقة

إللي بنيتها لك وزاد ألمي وهمي لما أرسلتي النشيد لي يومها حسيت أفكار كثير تتصارع فيني منها إللي تقول

ظلمتك ومنها تقول لا أثق فيك مرة ثانية ومنها تقول ليش تعاتبني وأنا ما غلطت هي إللي غلطت وكثييير غيرها

أتعبتني وزادت همي ولما قابلتك سألتيني عن سبب سواتي فيك لحظتها بس فقت أن إللي سويته موب فوفاء لا بك

إنتي ولما تركتيني بدون ما تبررين حسيت إني أنحرق بداخلي وتمنيت كلمة تبرير وحدة لوكان سامحتك , لحظتها

قلتي إنك مستحيل ترجعين لي وطلبتي الطلاق , بكذا قطعتي الخيط الرفييع لي من أمل رجوعك وجرحتك بدل ما

أترجاك وباليوم إللي بعده سمعت عن مرضك لحظتها أنا إللي مرضت موب إنتي صرت أتجنب أسمع كلامهم عن

مرضك الغريب أكثر من مرة أوصل لبيتكم أبي أنزل عندك لكن أرجع بعد صرااع مع نفسي ولما دقت أمي علي جيت

وأنا أحس إني طاير من خوفي خلاص ما قدرت أستحمل فكرة فقدانك وآآآه ياقلبي لما شفتك كنت راح أجن كنتي

بدون أي حركة حاولت بكل جهدي أعالجك والحمد لله بعد ساعتين قمتي ما تدرين قد إيش فرحت وقلت أنهم كلهم

قلقوا عليك ما تدرين إني أكثر قلق وخوف عليك ولما جيت أروح كنت أتمنى تناديني عشان أرجع البعد عنك عذبني

.
قاطعته وهي توضح بعتاب : أنت لو إلتفت لي لو شفت قد إيش كنت أبيك ترجع ..رفع يديها وقبلها بحب وقال

بحنان .. يمكن هربت لأني خايف تنفضح مشاعري عندك .
نظر بعينيها وقال بجدية : ويوم كنت بالمكتب دخل عندي رجال وقال لي عن موضوعه الخاص فيني ولما قال

زوجتك وقفت وأنا من الغيرة ودي أكسر عظامة وقلت خلاص تحقق إللي خفت منه أنك صرتي مثل وفاء لكن لما

كمل حسيت براحة من جهه وذنب أكلني وحرق قلبي من جهه ثانية وزاد الألم لما أرسلتي الرسالة وقررت إني

مستحيييل أتركك لو أترجاك بس لا الترجي ما ينفع وأخواتي لما جو عندك يتروجونك موب أنا ارسلتهم لا أنا كنت

تعبان نفسياً وجسدياً حنوا علي وجو عندك يطلبون منك الرجوع لي وكنت ادق عليك أبي أي شيء يشجعني أجي

لك لكن ما حصلت غير التطنيش قلت مالي إلا أني أستفيد من الحل الأخير إللي سلمتيني إياه وهو رد الدين على

مساعدتي لكن صدمتيني لما شكيتي بصدقي عرفت لحظتها إن كما تدين تدان وأنا قبل ما صدقتك وجا دورك إنك ما

تصدقيني بررت لك ولما صدقتيني ونفذتي طلبي فرحت وكنت راح أطير لكن تصرفت معك بجمود لأن لو ظهر لك

حبي وفرحتي بتقولين هذا مجنون .
قالت له بحب : ما تصدق لو قلت لك إني حسيت أنك هو من يوم قلت لك قصتي ولما قلت لي موب ماني مصدقة لا

ما ني مستوعبة أن الإنسان إللي أنقذني وأحمل له جميل ما راح أنساه هو نفسه حبيبي .
رفع يديها وقبلها من جديد وضم كتفيها ووضعت رأسها على كتفه وقال بحب : أنتي حبيبتي وعمري وروحي كمان

..لفها له وواجهها وهو يقول بحب عميق .. أمولتي ما تدرين قد إيش فرحت لما طلعتي حامل رغم إني ما وضحت

وسويت نفسي ثقيل .
قالت بمزاح : أمووووت أنا يالثقييل .
ضحك عليها وشاركته هي بالضحك وعندما توقفا قالت له بحب : تدري طارق متى حبيتك ؟؟
أومأ بالنفي وهو ينظر لها بترقب فقالت بحب : من أول ما تزوجنا حسيت ناحيتك بمودة فطرية عمري ما حسيتها

ناحية سعود ويوم بعد يوم وأحس بمشاعري تكبر ناحيتك ولما نتكلم مع بعض أحس إني منجذبه لك لكن خوفي

خرب علي و لما تعالجت خلاص حبيتك وكنت بالقوة أمسك نفسي إني أقول أحبك كنت أقول لنفسي الرجال ما يحبك

ليش ترمين نفسك عليه رغم إنك دايم تشكك فيني وتقولي عني خاينة لكن كل هذا ما هز من حبي لك شيء لكن لما

رجعت لك بديت أتعلق بحبك أكثر لكن قهرتني لما شكيت فيني يوم شفت بدر زوج العنود بالمستشفى .
قاطعها طارق يبرر : لا ما شكيت كنت غيرااان وبمووت من الغيرة ما أبي عيونك تشوف أحد غيري أبد .
قالت له بثقة يخالطها خجل : ثق إني عيني ما تشوف أحد غيرك وما تتأملك إلا أنت .
رد عليها بذوبااان وهو ينظر لعينيها : فدييت عيونك يا حبي .
**********
: أمل حبيبتي يلا أوديك المستشفى .
نظرت له أمه وهي متوترة عليها وقالت : أتركها شوي أحسن تاخذ الألم هنا وما تروح إلا إذا قربت ولادتها .
صمت ونظر لزوجته التي تمشي بالصالة السفلية الكبيرة وهي تحمل قنينة ماء تشرب منها كل مدة وعينيها تدمع

من الألم وتضغط على شفتها السفلية لتمنع صوتها أن يخرج ولكن تظهر تنهدات الألم كل لحظة منها ويتألمان

الجالسان معها وفي قمة ألمها تذهب جرياً بما تستطيع من قوة للحمام "كُرمتم" وتتبعها أم طارق بخوف ولكنها

تعود لتمشي بمسارات وخطوات غير منتظمة .
تكلم بعد مدة : لا خلاص تروح أحسن يعطونها مسكن وترتاح من الألم .
قالت أمه وهي تلتفت مرة له ومرة أخرى لأمل : خلاص شوي وبعدها نروح .
طارق بتوتر: بس قرب الفجر وهي تتولد من الساعة وحده خلينا نـــ ..قاطعته صرخة أمل التي هتفت بصوت باكي

وهي تقول "يمه طااارق إلحقونيييي بولد " هب الجالسان بسرعة والتقطاها ألبساها عبائتها وهي تصرخ بضعف

ووهن وسارا بها للمستشفى بأقصى سرعة ..
دخلوا من باب الطوارئ وتلقفنها الممرضات بسرعة ولم تمضي سوى نصف ساعة عسرة على الجميع حتى

خرجت ممرضة بطفل صغييير جداً زهري اللون وعيناه مغمضتان أقبلت به لوالده وهي تهتف : دكتور تارك هزا

بيبي انتَ ولد .
كسى السرور ملامحة وأنتشل إبنه برفق من الممرضة وهو يقول : الحمد لله الحمد لله ..وسأل الممرضة.. كيف

زوجتي ؟؟
ردت المرضة : الهمد لله كويس بس هي نوم عسان تعبان سوي ..ومدت يدها لأخذ الرضيع ..يلا دكتور هات بيبي

ودي حزانه .
قال لها بهدوء : إنتظري ..والتفت لأمه الصامتة بفرح .. يمة شوفي ولدي .
ردت أمه بصوت باكي بعد أن مدت يدها لأخذه وضمت الطفل وهي تقول : الحمد لله "بارك الله لك في الموهوب لك

،وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره"
فرد عليها : "بارك الله لك وبارك عليك ، وجزاك الله خيرًا ، وأجزل ثوابك" ..ثم سألها لها بحنان وحب .. يمه ليش

تبكين ؟؟
ردت بعد أن أعادت الصغير للممرضة التي ذهبت مباشرة : من فرحتي الحمد لله أخيراً شفت عيالك الحمد لله ..

وأجهشت بالبكاء ..
اقترب منها طارق وقبل رأسها واحتضنها ثم قال : بإذن الله راح تشوفينه هو وأخوانه وأخواته يتزوجون وتزفينهم

بنفسك .
*******
في المساء ..
تجمع الكل في غرفتها وبدت أمل في غاية الفرح رغم التعب البادي عليها ولكن ما إن تنظر لولدها حتى تبتسم

ويضيء وجهها , قاطع تأملاتها سؤال شادن ..
شادن : أمول تعبتي كثير فالولادة ؟؟
نظرت لها أمل وقالت بمكر : إذا جربتي راح تشوفين ..ضحك الجميع فأكملت تسأل .. ليش تسألين ؟؟ ..ونظرت بها

بتفحص وأكملت .. ليكوووون ؟؟
فهمت الأخرى وهزت رأسها إيجاباً وهي خجلى فهتفت أمل : ياخاينة تحملين ولا تقولين لي خلاص زعلت .
أنتبه الجميع لكلامهما وتعالت التبريكات وهي ترد عليهم وردت على سؤالهم الموحد "متى حللتي ؟؟" فقالت :

اليوم بس دريت ؟؟
قالت شهد تخوفها : الله يعينك على التعب .
ففزعت شادن وقالت : للدرجه هذي متعب ؟؟
ضحكن على خوفها وتركنها بلا إجابة فالتجربة هي من ستجيب عليها .
*******
تسللت في القصر الخالي من الحياة نهاراً وفي الليل قمة الصخب والمياعة وهو الجو الذي ألفته كثيراً في حياتها

ولكنها الآن كرهته لإقترانه بالذل والحقد سارت وهي تتلفت لألا ينتبه لها أحد الخدم ودخلت إلى المطبخ وحملت

سكين تبدوا حادة من لمعان نصلها سارت بذات الحذر حتى وصلت لأبعد مكان في القصر وكان مخازن تكثر بها

الصناديق والأثاث القديم وأيضاً الحشرات جلست فلم يعد يهمها شيء لا تريد حياتها ملت من تكرار الأحداث بها

وتذكرت كيف يمثلون الإنتحار في مشاهد التلفاز فسارت على النهج فوضعت نصل السكين يدها اليسرى فقطت

أوردتها آلمها الجرح ولكن لم تعد تبالي وفعلت كما السابق في الأخرى ولم تلبث أن تحول المخزن أو تحت جسدها

الملقى بتعب إلى بركة دماء تزداد كل لحظة حينها أحست بألم تمسك بجسدها , ألم مبرح كضرب السياط بل كلهيب

النيران لا تعلم ولكنه ألم موجع حتى النخاع من قال أن الإنتحار أسهل طريقة للموت فهو مخطئ من يموت

بالإنتحار يتألم أكثر بملايين المرت من الموت الطبيعي , زاد الألم وأصبح لا يطاق ثم أحست وكأن يد كالفولاذ

اشتدت حول عنقها فتمنع التنفس عنها ولا يصل لأذنها إلا صوت قرعقة كالقراطيس من حنجرتها وفي تلك اللحظة

مر شريط حياتها كومضت بل أسرع ظهرلها تباعا "فتاه صغيرة أمها تحاول تربيتها على حسن الأخلاق ولكنها

تتمرد" ثم "ذات الفتاه تسرق مقتنيات قريناتها في العمر وتحقد عليهن بلا مبرر" ثم "الفتاة كبرت تزوجت مرة

واخلاقها في تدهور وإنحطاط ثم تطلقت وتزوجت أخرى فلم يتغير الحال "ثم "حقدها على كل النساء لأنهن نجحن

في حياتهن وأنجبن الأبناء وهي لا وأكثر من حقدت عليها بنت عمها سارة " ثم "توعدها بأن تدمر حياة سارة

وطفلتها الصغير "ثم "ذهابها بقطعة ملابس إلتقطتها من بيت إبراهيم مع قصاصات من شعر إبنته إلى الساحر

لتفريقهما " ثم "لحاق إبراهيم لها من مكان لأخر وهو يترجاها أن توافق عليه وهي تضحك لانتصارها أخيراً

تزوجته " ثم"تعذيبها لأمل ونشب الخلاف بينها وبين والدها ليزيد من تعذيبها " ثم "محاولة تزويج أمل لسعود

حتى يتسنى لها الذهاب لمنزل سعود أنى شاءت " ثم "طردها لأمل وتشريدها "ثم "لحاقها بزوج أمل لإغوائه

وإفترائها على أمل " ثم "تهديد إبراهيم لها بأن تترك طريقها الخاطئ عندما أكتشفها بمنزل سعود وسحب البيت

منها وتمردها من جديد " ثم "القبض على أبو سالم وهربها " ثم "تشردها لثلاثة أشهر بلا مال ولا طعام ولا

مأوى مثل ما حصل لأمل" ثم "سماعها لرجلين يجلسان أمام إحدى المنازل بأن إبراهيم قد طلقها وتزوج من

طبيبة طيبة الأخلاق وهي حامل وزاد حقدها " ثم "ظهور أبو سالم في حياتها من جديد حين وجدها في إحدى

الشوارع تمشى فأخذها لهذا القصر المعمور بلياليه الحمراء والمجون فأذاقها فيه من الذل والحقد لأنها هربت

وتركته وحده عندما وجدته الهيئة " ثم آخرها ليلة البارحة "كان آخر مشهد للذل عند أبو سالم حين أمرها أمام

الناس أن تمسح حذائه بلسانها ففعلت بعد دفعه لها لتسقط عند قدميه فتلعقها ثم خلعها وهو مشمئز وهو يقول (

لوثتيها بعد ما كانت نظيفة ) فنهضت وهي تجر أذيال الذل الخيبة " كل هذا وأكثر مرت في لحظــــــة او أقل من

لحظة ناهزت منتصف الأربعين ولكن كل حياتها مضت أمامها كلحظة فقط هذا هو عمر الإنسان مهما طال يبقى

لحظة أو ومضة فقط , فشهقت بألم متجذر في روحها تبعتها شهقات حتى فاضت روحها وهي بقمة

الألــــــــــــــــــــــــــــم .
*********
بعد شهور ...
قالت بفروغ صبر تغطيه ببسمة غاضبة لصغيرها : عبوي حبيبي يلا نوم ماما .
هزت الطفل رأسه بحماس وهو يقول : أأأ بابا "لا بابا" ..وهو يشير لوالدها الجالس على الحاسوب وينقر على

مفاتيحه فالتفت الوالد لإبنه بابتسامة وأشار له بأن يأتي فهم الطفل وهم بالحبو حتى وصل لوالده فضحك بفرح

وشاركه والداه بابتسامة محبة ..
فقالت أمل بتوتر : طارق هاتيه وشوف متى تظهر هالنتيجة مليت من الإنتظار ..ومدت يدها لتحمل طفلها ولكنه

رفض بل يريد مشاهدة الشاشة المضائة أمامه والتي جعلت عيناه تلتمعان ..
قال طارق بهدوء وحب : أتركيه عندي وأنتي ريحي نفسك بإذن الله راح تجيبين نسبة حلوه .
تنهدت وجلست بالكرسي المجاور له وقالت : الله يسمع منك صراحة تعبت من التوتر والإنتظار كل يوم .
صمت الطرفان للحظات ثم قال طارق بحماس بعد نقرات قليلة : أمول طلعت النتايج .
تصلبت امل من التوتر والترقب وركزت نظرها على طارق المندمج في عمله وماهي إلا ثواني وأنطلق هاتفاً وهو

يقول : مبرووووووك أمولتي مبروووووك جبتي 98.5 وأقترب منها بعد أن وضع طفله على الأرض وهي جامدة

في مكانها من الفرحة فأمسك بيدها ينبهها فانتبهت لحظتها وقفزت من الفرحة وتعلقت برقبته وهي تضحك بفرح

عارم .
********
لمحات مما مضى ...
* دخلت أمل كلية الطب وتخصصت في طب العيون كما كانت تحلم .
* ولدت شادن ولم تمر بفترة المخاض بسبب التقرير المبكر لها بولادة قيصرية فلم تتعب إلا من العملية .
* تزوجت نهى من أحد أقربائها وهي الآن حامل في شهرها الأول .
* حياة شهد مستقرة بين أبنائها وزوجها .
* وصلت ريم لأشهرها الأخيرة وهي في غاية الراحة مع والد أمل الذي هو الآخر بصحة جيدة وراحة تامة .
* أبو طارق وأم طارق حياتهما عنوانها المودة والحب الطويل .
* أما سلمى لم تكتشف جثتها إلا بعد أسبوع عندما نفّرت رائحة الجثة رواد القصر فبحثوا عنها ووجدوها متحللة

ومتعفنة.
* سعود بعد شهر من وفاة سلمى مات متأثراً من المرض بعد أن تاب وقد أرسل لطارق رسالة فحواها "طارق

أرجووك سامحني وقول لأمل تسامحني أسألك بالله تبلغها طلبي ".
*********
بعد ثمان سنوات ..
: عبد الله روح جيب أخوك إبراهيم من عند الجيران .
عبدالله : طيب ماما إلحين أجيبة .
رفعت طفلتها النائمة على الأرض بين الألعاب ووضعتها في سريرها وقبلتها ثم خرجت .
عند الباب التقت بطارق المبتسم بحب لها وبعد التحية سألها : وين العيال البيت أشوفه هادي ؟؟
ردت له الإبتسام بحب مماثل وهي تقول : عبدالله راح يجيب إبراهيم من عند الجيران و وجد نامت ووديتها

سريرها ..تقدمت وأمسكت يده وأجلسته على إحدى الكنبات وقالت .. إنتظر هنا شوي سويت لك عصير بجيبه لك

..ثم ذهبت قبل أن تسمع رده ولكن تابعتها نظراته المحبة ..
دخل الولدان وألقيا التحية وقبلا والدهما فقال لهما بأمر أبوي محب : يلا أشوف كل واحد يروح يتسبح وينام .
أطاعا الولدان الأمر ودخلا غرفتهما في اللحظة التي حضرت أمل بأكواب العصير فسألت عن أبنائها فأخبرها أنهم

قد أتوا للتو فدخلا .
شربا العصير وهما يتحدثان بأحاديث عن المستشفى والمرضى الذين تعاينهم أمل في عيادتها المتخصصة بالعيون

وكذلك عن أمور المنزل وفي منتصف الحديث نهض طارق ثم جلس بقرب أمل وقال بجدية : أمل ما قلت لك ؟؟
فزعت من نبرته الجدية فقالت بخوف : إيش صاير لا ما قلت لي .
نظر بها ملياً ثم أكمل : يعني ما قلت لك .
زاد الخوف عندها ولكنه قطعه وهو يقول بصوت أجش وهامس : ما قلت لك إني أحبـــــــــــــــك ..فأتبعها بضحكة

على وجهها الحانق ولكن قطعتها صرخة ألم صدرت منه ونظر لأمل باستفهام وقال.. ليش عضيتيني .
قالت وهي مبتسمة بمكر ودلال : لأني أحبـــــــــــــــــــــــك .

النهـــــــــــــــــــــــــــــــايه

تمت بحمد الله
يوم الأربعاء الموافق 22 من جمادي الثاني من عام 1432 هـ
الساعة 13: 11 صباحاً


أختكم ومحبتكم / بســ أمــ(G)ــل ــمة

..
..
..

بياض الصبح 11-07-11 07:42 AM


.~. قــــــراءة ممتعة .~.


.~. لتحميل الرواية كاملة على تكست و ورد .~.


http://www.liilas.com/vb3/t147664-26.html


..
..
..

♫ معزوفة حنين ♫ 11-07-11 01:19 PM




يعطيك الف عآآآآآفيييييييييية صبوووحتي ..
القصة مرة تجنن من قلتي لي عنهاا رحت قريتها على طول ..

أمل تنرحم ياحيااتي هي مو سهل بنت بسنها يكون عندها ولد ويرميها زوجها ويشك فيها ..
وفوق كل هذا ما يستقبلها ابوها عنده ..

بس جد قوية هالبنت على الرغم من اللي مرت فيه ..

يعطيك الف عافية ..



بياض الصبح 12-07-11 09:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♫ معزوفة حنين ♫ (المشاركة 2807084)



يعطيك الف عآآآآآفيييييييييية صبوووحتي ..
القصة مرة تجنن من قلتي لي عنهاا رحت قريتها على طول ..

أمل تنرحم ياحيااتي هي مو سهل بنت بسنها يكون عندها ولد ويرميها زوجها ويشك فيها ..
وفوق كل هذا ما يستقبلها ابوها عنده ..

بس جد قوية هالبنت على الرغم من اللي مرت فيه ..

يعطيك الف عافية ..





حنوووو ربي يعافيج يا قلبي


أي مسكينة هالأمل مرت بشيء يهد الجبال

و هي بسن صغيرة و على كل هذا بالعكس

كانت صامدة و عرفت شلون تاخذ حقها من سعود


ألف شكر لمرورج الرائع



..
..
..

جرحها كايد 13-07-11 11:02 AM

روعه القصه

تسلمين حبيبتي على النقل
مشكوووووووره

عاشقة الشام 17-07-11 04:57 AM

القصة حلو تسلمي

بياض الصبح 17-07-11 07:54 AM


جرحها كايد & عاشقة الشام


ربي يسلمكم

و الف شكر على المرور


..
..
..

ندى ندى 15-08-13 05:06 AM

رد: بين الأمل و الألم أسطورة ، للكاتبة : بسمة أمل ..
 
جميله جدا وقمة الروعه

بسلمو حبيبتي ووفقك الله


الساعة الآن 11:20 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية