منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   81 - المنبوذة - سارا كريفن - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t163503.html)

نيو فراولة 04-07-11 10:30 AM


" نعم , من ؟ تفضل وأدخل".
كانت غرفة واسعة ومضيئة , ذات نوافذ واسعة تطل على المرتفعات القائمة على البحر , وإلى جانب نافذة يجلس رجل على كرسي ذي عجلات , وقد غطى ساقيه ببطانية , أبتلعت موروينا ريقها ثم مشت إليه , وقالت وهي تحاول جهدها لأخفاء أرتباكها:
" السيد تريفينون؟".
أدار وجهه نحوها وتطلع إليها , تفاجأت موروينا , أذ لم تكن تتوقع أن تجده على هذه الهيئة , ربما كانت تتخيله نسخة أخرى من السيد دومنيك تريفينون , لكن في سن أكبر منه , غير أنها بالتأكيد لم تكن تتوقع هذا الرجل بوجهه المرهق وشعره الرمادي الضارب إلى البياض , وعينيه اللتين تشعان ألما وهما تتأملانها , كانت هنالك طاولة صغيرة إلى جانب كرسيه , عليها رسومها.
قالت بهدوء:
" كنت أجهل حقيقة الأمر حين جئت إلى هنا , لم يخبرني أحد بذلك , أنني آسفة جدا وأرجو أن تعذرني يا سيد تريفينون ".
قال بصوت خشن متجاهلا حديثها:
"أنت تشبهينها جدا....".
" نعم , كان أبي يقول هذا دائما".
" ألا تتذكرينها جيدا؟".
" كنت في الثامنة حين توفيت , أتذكر بعض الأشياء لا أكثر ".
" مثل ماذا؟".
صمتت للحظة , ثم قالت وهي تتحدث ببطء وتؤدة:
" كانت تبدو سعيدة وتحب الآخرين , حتى حين أصابها المرض , وكانت تذكر هذا المكان دائما – تريفينون وأهله – بسعادة وحنين".
سكتت للحظة ثم هزت رأسها قائلة :
" لكن على ضوء ما سمعت , يبدو أن كلامها كان زيفا".
" كلا......".
قال وأغمض عينيه , ثم أسند ظهره إلى كرسيه في حالة أسترخاء وأردف:
" هذا يثبت صحة ظني في لاورا".
توقف عن كلامه , وساد الصمت بينهما , وظلت موروينا في مكانها حائرة ماذا تفعل , هل تأخذ رسومها وتترك المكان , أم تنتظر لترى ماذا ستكون نتيجة الأمر؟".
فتح عينيه أخيرا , وتطله إليها ثانية , وقال وهو يؤشر إلى كرسي خلفها:
" تفضلي بالجلوس , وأعذريني لأنني لم أنهض لأستقبالك , أنني أعان من ألم في ساقي , لا أستطيع أن أمكث هكذا , علي أن أتعود على المشي ثانية".
ثم أدار كرسيه إلى جهة أخرى وأشار بيده إلى طاولة عليها مجموعة من الأوراق قائلا:
" بدأت في كتابة تاريخ عائلة تريفينون , وعلي أن أنهيه , لا بد أن والدتك أخبرتك عن بعض قصص العائلة وأساطيرها".
" ليس كثيرا , لقد حدثتني عن طفولتها وصباها هنا".
" لكنها سمّتك موروينا , كانت تردد دائما أنها لو رزقت بطفلة ستسميها بهذا الأسم , كنت أتخيّل أن هذه الطفلة ستكون طفلتي , آسف , لا أقصد أيذاءك , سمعت بدون شك بما حدث قبل تلك السنوات".
" نعم...... سمعت".
" لقد أحببت والدتك منذ اللحظة التي جاءت إلى هنا , وكانت بعد صبية , لكنها لم تبادلني الحب , كانت تعطف علي , وقلت أن هذا يكفيني".
" سيد تريفينون......".
قالت موروينا , لكنه قاطعها قائلا:
ط| نيكولا... سمني نيكولا , الجميع يدعونني بهذا الأسم , ما عدا لاورا بالطبع , كانت دائما تدعوني دومنيك , كانت تحب هذا الأسم , لكن ما دام إبن أخي يحمل هذا الإسم , فأن إستعمالي له يسبب الأرباك".
" نعم".
قالت موروينا بتوتر.
" لم تحبي إبن أخي بالتأكيد ".
قال مبتسما وأضاف:
" أعرف أن أستقباله لك كان غير ودي , لكن هذا أنتهى الآن يا عزيزتي".
" في الحقيقة , جئت هنا لأسألك أن تحتفظ برسوم والدتي , ثم علمت بما يفترض أن تكون والدتي قد أرتكبته , وعوملت بتلك المعاملة الوقحة , والآن وقد قابلتك , وعرفت طبيعتك وسماحتك , قررت أن أهديك هذه الرسوم".
هز رأسه مبتسما وقال:
" حسبما سمعت , هذه الرسوم هي كل ما بقي لك من بيتك , ألا يكون من الأفضل لو أنك أستمعت ألى ما سأقترحه عليك؟".
" ولكن وقتي قصير , علي أن ألحق بقطار لندن اليوم , وأعود لكي أبدأ البحث عن عمل".
" تستطيعين أن تمنحيني بعض الوقت , يعرف الله أنني أنتظرت طويلا , وقد تمنيت دائما أن تكون لاورا من ستأتي إلى هذه الغرفة , لكن ذلك يبدو أكثر مما كنت أطمح إليه".
" أظن أنها كانت ستقابل بأستنكار في هذا البيت ".
" كلا , ليس الأمر كذلك".
" لقد تأخرت , لا بد أن أذهب".
" كلا , أنتظري".
أعترضها بيده , فتراجعت موروينا إلى مقعدها ثانية , ثم أضاف قائلا:
" آسف يا صغيرتي , أعرف أن الحيرة قد أصابتك , وأنك محقة في ذلك , تستغربين بدون شك لماذا يحقد الجميع في هذا البيت على والدتك , لكنني آسف على ذلك حقا , أنني أذكرها دائما بأحترام , علما أن الخطأ أرتكب بحقي".
" لا أظن أن والدتي أرتكبت خطأ ما في حق أحد , لا بد أن هناك ألتباسا في الأمر".
" ليس هناك أي ألتباس , سرق شخص ما في هذا البيت , تصاميم الزورق ( لاورا ) وباعها إلى شركة أخرى , هل والدتك من فعلت ذلك لا أعتقد".
" ما دمت تعرف أن والدتي بريئة , فلماذا لا توضح هذا الأمر للآخرين؟".
هز نيكولا رأسه بيأس وقال بعد صمت طويل:
" حين وقعت هذه الحادثة , كنت متألما وغاضبا , لقد أحببت والدتك وعرضت عليها الزواج , لكنها ماطلت في جوابها , فأقنعت نفسي بأنني سأفوز بها في النهاية , وتركت الآخرين يعتقدون بأنها ستكون زوجتي , ثم ألتقت بوالدك , وحين أخبرتني بأنهما يحبان بعضهما , أصابني غضب جنوني , وأنذرتها بأنه لا يمكن لحبيبها الجديد أن يدخل تريفينون ثانية , وفرا معا في الليلة التالية , ولم أرها ثانية بعد ذلك".

نيو فراولة 04-07-11 10:31 AM


" ولكن ما الذي حدث بتصاميم الزورق؟".
لقد أختفت فجأة من المصنع , وظننت في بادىء الأمر أن لاورا أخذتها خطأ لكن حين شاهدت النسخة المزورة من الزورق في المعرض , أيقنت أن أحدا ما قد سرق التصاميم وباعها , وكان المعرض , أيقنت أن أحدا ما قد سرق التصاميم وباعها , وكان شقيقي , والد دومنيك ما يزال حيا آنذاك , فوجّه أتهامه أليها".
" ولكن لماذا لا توقفهم عند حدهم , ما دمت واثق من براءة والدتي؟".
" في البداية وافقتهم على أتهام والدتك , لقد حقدت عليها لعلاقتها بوالدك , ورغبت في الأنتقام منها , وحين كتبت ألي رسالتها , لم أخبر أحدا بذلك , أنيز وحدها عرفت بالأمر لأنها هي التي جلبت الرسالة ".
" هل كتبت إليك؟".
" نعم , كتبت تسألني العفو , وتخبرني بسعادتها مع والدك , وآنذاك أدركت أنها بريئة , لأنها لو كانت مذنبة لما تجرأت وكتبت ألي , خاصة وقد عرفت أن أصابع الأتهام موجهة إليها".
" ولكن لماذا لا تحاول كشف هذا الأمر للآخرين؟".
4- الحب بعد صفعة!



حين أستيقظت موروينا من نومها , كان ضوء ضعيف وشاحب يتسرب من خلال ستارة منفرجة جزئيا , ظلت متمددة في فراشها بعض الوقت , مضطربة , مشوشة الفكر , لا تعرف أين هي , حتى عادت إلى نفسها , ورغم أنها نامت جيدا في الليل , إلا أنها ما زالت لا تعرف الهدوء وراحة البال , لأنها ستقابل نيكولا تريفينون.
تركت فراشها وذهبت إل الحمام , ودخلت في حوض الماء الدافىء وهي تفكر لماذا طلب نيكولا تريفينون رؤيتها , وأيقنت من حديث مارك في الليلة الماضية , أنها آخر شخص على وجه الأرض يود السيد تريفينون رؤيته , وتساءلت بقلق:
" ترى ما الذي سيقوله لي حين نتقابل بعد برهة؟).
منتديات ليلاس
لكنها صممت على أن لا تسمح له بأن يطعن بوالديها أمامها , لقد سمعت ما يكفي من الأهانات توجه إليهما , ربما جرحت لاورا وزوجها مشاعرهم , بيد أن هذه ليست جريمة تستحق كل هذا التجريح والطعن.
أرتدت ثيابها ومشطت شعرها وتركته ينساب على كتفيها , كانت الساعة العاشرة حين نزلت إل الطابق الأرضي , وكانت الأبواب كلها مغلقة بأستثناء باب مكتب دومنيك , لكنها لم تشعر بأية رغبة في رؤيته.
وقفت عند نهاية السلم وهي تتلفت فيما حواليها بإرتباك , ولم يطل أنتظارها كثيرا , أذ سرعان ما أنفتح الباب الرئيسي وهجمت موجة هواء بارد ألى الصالة , ثم دخل كلبان كبيران أخذا ينبحان بصوت عال حينما أنتبها إليها , جمدت موروينا في مكانها , لكنها هدأت بعض الشيء حين دخلت فتاة طويلة ورشيقة ذات شعر أسود مسرّح بعناية , وثياب أنيقة منسجمة مع تقاطيعها , وتوقفت في مكانها أذ رأت موروينا وأخذت تحدق فيها بدهشة , ثم سألتها :
" من أنت؟".
همت موروينا أن ترد عليها بأن هذا ليس من شأنها , لكنها تمالكت نفسها وهي تفكر في مخاطر مثل هذا الجواب خاصة وقد بدت الفتاة واثقة من نفسها ومن مكانتها في البيت .
" إسمي موروينا".
أجابتها بأيجاز وهدوء , وحين طال الصمت والفتاة ما تزال تحدق فيها , سألتها موروينا :
" أهي كلاب شرسة؟".
" لا تخافي فهي لن تؤذيك , لكنها أستفزت حين رأتك غربة عن هذا البيت".
" هل تدليني إلى غرفة السيد تريفينون , من فضلك؟".
" السيد تريفينون؟".
سألت الفتاة بإستغراب , وأضافت:
" أنني في الحقيقة.....".
" حسنا كارين , سأهتم أنا بأمرها".
قاطعها دومنيك وقد ظهر من غرفته وأقترب منهما , حدقت فيه موروينا جيدا , كانت هذه هي المرة الأولى التي تشاهده في وضح النهار , كان يرتدي بدلة أنيقة وبدا وجهه هادئا وودودا.
وقال بصوت عطوف:
" صباح الخير , آنسة كيرسلاك , أتمنى أن تكوني نمت جيدا , هل تناولت فطورك؟".
" كلا ...... أظن أنني تأخرت على الفطور".
" بالعكس , هل تظنين أننا تركناك بلا فطور , أنيز في غرفة الطعام وقد أعدت كل شيء".
وفتح أحد الأبواب مؤشرا إلى مورينا بالدخول , تبعته قائلة بدون أن تنظر في وجهه:
" شكرا لك........".
" حين تنتهين من فطورك , ستأخذك أنيز إلى عمي".
" حسنا , وكيف حاله هذا الصباح؟".
" أنه في حالة جيدة , فقد سأل عنك حالما أستيقظ من نومه , يبدو أنه كان قلقا من أنني لن أقدر على أقناعك بالعودة إلى البيت".
" يبدو أنه لا يدرك قدرتك على الأقناع".
" شيء آخر أرجوه منك , حاولي جعل مقابلتك معه قصيرة قدر الأمكان".
" لا تقلق , فرغبتي في ترك هذا المكان بأسرع وقت , لا تقل عن رغبتك".
دخلت موروينا , وسمعت باب الغرفة وهو يغلق , ثم سمعت صوت الفتاة الأخرى وهي تسأل:
" يا حبيبي من هي هذه الفتاة ؟".
أذن هذه الفتاة حبيبته , وربما خطيبته , ترى هل هناك أمرأة على وجه الأرض يمكن أن تعجب به , فكرت موروينا , ثم حاولت أن تتذكر فيما أذا كانت الفتاة تلبس خاتم خطبة , لكنها فشلت .
دخلت أنيز وهي تحمل صينية كبيرة , وهتفت حالما شاهدتها :
" ها أنت أذن يا عزيزتي , تعالي قبل أن يبرد فطورك".
وبينما هي تتناول فطورها , قالت لأنيز :
" أظن أنه كان من الأفضل لو لم تأخذي تلك الرسوم إلى السيد تريفينون".
نظرت أنيز إليها وقالت متسائلة:
" ولماذا لا ؟ هناك أشياء كثيرة خافية في هذا البيت , يجب أن تنكشف".
" هل يحق لي أن أسأل ما هي هذه الأشياء؟".
" أشياء عديد ما تزال بدون إيضاح , السيد نيكولا مثلا قابع في غرفته , حزين على فقدان شيء لم يكن له أبدا".
" يبدو أنك كنت تحبين أمي".
" ولم لا ؟ بالطبع كنت أحبها".
أنتهت من فطورها , فصبت لها أنيز قهوتها , رفعت الكوب وذهبت نحو النافذة , وأخذت تتأمل الحديقة الخضراء والزهور المتناثرة فيها , ثم وضعت الكوب على المائدة وهي تفكر في العثور على جهاز تلفون حتى يمكنها أستدعاء سيارة تاكسي لتأخذها من هنا حالما تنتهي مقابلتها للسيد تريفينون , مشت إلى الخارج , كان البيت غارقا في صمت غريب , وكأن الجميع قد غادروه وتركوها وحدها فيه , وكانت الغرفة مغلقة بأستثناء أحداها فأتجهت إليها ووقفت أمامها , ثم أخذت شهيقا عميقا وهي تسمع دقات قلبها من شدة أضطرابها , وطرقت الباب
منتديات ليلاس
قال بعد صمت قصير:
" لو كشف عن براءة لاورا , لكان ذلك يعني أن شخصا آخر في هذا البيت قد سرق التصاميم وباعها , خاصة أن الذين كانوا يعرفون بأمر المشروع هم قلة هنا , لذا آثرت الصمت , وترك اللوم يقع على عاتق لاورا بدلا من فتح جبهة أخرى من الشكوك والتحقيقات , مع ما يقود إليه هذا الأمر من كوارث , أيقنت أن من كان يحقد على لاورا له يد في هذه الجريمة , وتركت الموضوع ليخمد مع الزمن , لكن أخي ظل يثيره بإستمرار بتحريض من زوجته , وعرفت أن هناك آخرين متورطين في هذا الموضوع , فسكت عن الأمر , وبحثنا عن كبش فداء لكي نحمله جريمة غيره , فكان ذلك الكبش والدتك , غير أنني بعد أن هدأ غضبي أسفت على ذلك جدا , وخففت الأمر على نفسي بأنها لن تعرف بالأمر , وحين لم أجبها على رسالتها , أيقنت بأنها لن تجازف بالكتابة ألي مرة أخرى".
ثم تطلّع إلى وجه موروينا بحب وإستمر في حديثه:
" أذا كنت ترغبين في الأنتقام مني نيابة عن والدتك , فأنك تستطيعين ذلك ببساطة يا عزيزتي , أن تأخذي رسومك وتتركي هذا البيت , وبذا تخرجين من حياتي إلى الأبد , ولكنني آمل ألا تفعلي ذلك".
ظلت موروينا جامدة في مكانها , وقد خيم صمت عميق لفترة , ثم أطلقت تنهيدة قصيرة وقالت:
" كلا لن أفعل ذلك , أظن أن ما حدث يكفي".
" أذن ستبقين؟".
" نعم , لكن لفترة قصيرة , فعلي أن ألحق بالقطار.....".
هز نيكولا رأسه بأنفعال قائلا:
" كلا....... كلا , لقد أسأت فهمي , أريدك أن تبقي معي هنا يا صغيرتي , ليس عندك مكان تذهبين إليه , أريدك أن تعيشي هنا , وأن يكون تريفينون بيتك".
" أوه , كلا , هذا لا يمكن".
" ولماذا لا؟".
" لأسباب عديدة , منها أن إبن أخيك يكرهني , وهو ببساطة لا يريدني هنا".
" أذا ما رغبت أنا في شيء , فليس في مقدور أحد أن يعترض".
" ثم أنني أريد العثور على عمل لأعالة نفسي , لا يمكن أن أعيش على الإحسان طوال عمري".
" من الذي تحدث عن الأحسان ؟ ثم هناك عمل لك , فأنا أريد من يساعدني في أتمام كتابة تاريخ تريفينون ".
" ولكن ليست لدي خبرة في السكرتارية".
" تستطيعين الكتابة بدون شك , أليس كذلك ؟ هذا كل ما أريده , ها أنت تشاهدين أنني شبه مشلول ولا أستطيع أنجازه لوحدي , وحين ننتهي من مسودة الكتاب , سنبعثها ألى سيدة في بورت فينور وهي التي ستطبعها على الآلة الكاتبة , حسنا ماذا تقولين الآن؟".
ظلت موروينا صامتة وعلامات التردد على وجهها , أضاف هو قائلا:
" يا عزيزتي , أنك ستساعديني كثيرا , ليس فقط في موضوع الكتاب , أنما سيكون بإمكاني البدء بالتحري , وكشف براءة لاورا , كوني كريمة وساعديني على العيش بسلام بعد كل هذه السنوات ".
لو أنها فقط تستطيع الكشف عن براءة أمها , وأن ترى أهل تريفينون يعتذرون منها على ما أرتكبوه بحقها , لا بد أن تعمل على أظهار الحقيقة أذا كانت أمينة لذكرى أمها .
قالت بهدوء:
" حسنا يا نيكولا , سأبقى حتى الأنتهاء من الكتاب".
" موافق...........".
قال فرحا ومد يده اليسرى إليها , فوضعت يدها فيها , وقال بعد توقف قصير:
" لا تظني يا صغيرتي أن مشروع الكتابة مجرد عذر لبقائك , فستجدينني مديرا حازما , ولكنني أقول أن هذا اليوم من أسعد أيام حياتي , والآن أذهبي وأبعثي لي أنيز كي أشرح لها ما تم الأتفاق بيننا , وبعد الغداء سنواصل العمل".
كانت في منتصف الطريق على السلالم حين قالت لنفسها : ( يا ألهي ما الذي فعلت ؟ هل حقا سأبقى هنا؟).
لكن دومنيك ظهر فجأة من مكتبه , ووقف في أسفل السلم قائلا:
" حالما تنتهين يا آنسة كيرسلاك , سآخذك بسيارتي إلى بنزاس".
" لا أرغب في الذهاب".
قالت بنبرة صارمة وواثقة , وقد أرتسم على وجهها علامات التحدي.
" عفوا ماذا قلت؟".
" قلت , أنا باقية هنا , طلب مني عمك أن أعينه في مشروع كتاب تاريخ تريفينون , أنه بحاجة ألى من يساعده في الكتابة".
" يا ألهي , لقد نجحت خطتك أذن , أيتها المتآمرة االصغيرة!".
قال هذا وقد أصفر وجهه من الغضب , لكن موروينا أجابته بأعتداد وثقة:
" لا تنس يا سيد تريفينون , أن أمر اللقاء مع عمك كان من تدبيرك أنت ".
" ليس من الطبيعي أن أنسى أي شيء , حسنا , لقد شاهدت البيت يا آنسة كيرسلاك , وبدون شك ستتعرفين خلال الأسابيع المقبلة على كل أملاك تريفينون وما بقي من مشروع الزوارق , ولكن أخشى ألا تجدي ما تأخذينه معك حين تتركين هذا المكان...".
" أؤكد لك أنني قادرة على ذلك يا سيد دومنيك ".
حدق فيها للحظة بشراسة وقد أشتد غيظه , وقال:
" هكذا أذن , أنك حرباء حقا يا آنسة كير سلاك , ها أنت تحولت خلال دقائق من غريبة في هذا البيت إل حبيبة للعجوز تريفينون , أنه أتسان طيب وأنا سعيدة بذلك".
" أنك تستغلين الوحد التي يعانيها هذا العجوز , ألا تشعرين بالعار من بيع جسدك إلى رجل في عمر أبيك؟".
نزلت موروينا بقية الدرجات ووقفت أمامه , وبكل ما تملك من قوة رفعت يدها وصفعته على وجهه.
أحست بأنها أرتكبت فعلا أحمق , وأنها فقدت أعصابها مثل طفلة صغيرة , لكنها لم تشعر بأي ندم حين تذكرت والدتها البريئة وكيف لوّث هؤلاء الناس سمعتها الطاهرة , نظرت إليه ثانية فرأت علامات أصابعها وقد أرتسمت على صفحة وجهه , وقالت بهدوء:
" أنني آسفة ".
" ستندمين على هذا يا موروينا , ستدفعين ثمن هذا غاليا , وهذا وعد مني لك".\كانت كلماته أنذارا حقيقيا , أستدار ومشى خارج الصالة بعد أن أغلق الباب الرئيسي بعنف , سمعت موروينا بعد برهة قصيرة صوت محرك سيارة , ثم أبتعد الصوت تدريجيا .
جلست عل السلم , ووضعت وجهها بين راحتيها , وقالت لنفسها:
( رباه , ماذا فعلت؟).

flower122 04-07-11 12:26 PM

شكرا كتير علي الرواية الرائعة عشتي ودامت لنا ابداعتك ومجهوداتك الرائعة


:55:

:8_4_134:

نيو فراولة 04-07-11 01:12 PM

5 -بلا مقدمات






أنغمست موروينا في عملها بحماس , ولم يكن لديها متسع من الوقت لتفكر في نفسها , وكانت سعيدة بذلك , أما نيكولا تريفينون فلم يكن مبالغا حين وصف نفسه بأنه مدير حازم بالعمل .
أستهلت موروينا عملها بكمية كبيرة من الواثق والكتب والصور الفوتوغرافية التي وضعها نيكولا أمامها , وأخبرها أيضا أن الشطر الأكبر من تاريخ تريفينون وأساطيرها أنما هو محتفظ ومتناقل في العائلة شفاها , والحقيقة أنها وجدت تاريخ تريفينون ثريا وضاربا بالقدم . كما أنها أطلعت على الكثير من القصص والأساطير المتعلقة بهذه العائلة , وأخبرها نيكولا أنه ما يزال هناك الكثير من هذه الأساطير في ذهنه , منها مثلا أسطورة تتعلق بأسم ( موروينا ) , وحين ألحّت عليه كي يسردها عليها , أجابها ضاحكا أنه سيفعل ذلك في الوقت المناسب.
منتديات ليلاس
حاولت موروينا جهدها أن لا تلتقي بدومنيك , ومن حسن حظها أنه وأخاه كانا ينهضان مبكرين , وحين كانت تنزل إلى الطابق الأرضي يكون الأخوان قد أنتهيا من فطورهما وغادرا البيت , أما دومنيك نفسه فقد كفّ عن أعتراضها أو السؤال عنها , وبدا أنه كفّ عن أعتراضها أو السؤال عنها , وبدا أنه قد نسي وجودها في البيت , وفي المساء , حينكانت تنتهي من عملها , وتتأكد من أن نيكولا لم يعد يحتاج إليها , كانت تنزل ألى قاعة الجلوس الكبيرة , حيث تكون أنيز قد أشعلت المدفأة , فتجلس هناك قبالتها تقرأ وتستمع إلى الراديو , وفي أحدى الأمسيات أنضم إليها مارك فرحبت به , كان أكبر منها بسنوات قليلة , وأصغر من أخيه دومنيك كثيرا , تحدثا طويلا عن تريفينون وعن العائلة , لكن دومنيك لم يكن يقترب من قاعة الجلوس في الأمسيات , بل كان يقضي أوقاته في مكتبه , وتساءلت موروينا : أهذه هي عادته دائما , أم أنه بدأ يتجنب قاعة الجلوس منذ جاءت هي إلى البيت , حتى لا يلتقي بها ؟ لكنها حسمت الأمر بأن ليس هذا من شأنها ما دام هو لا يقلق راحتها.
ذهبت في صباح أحد الأيام إلى غرفة نيكولا , بعد الفطور , لتبدأ عملها , لكنه أخبرها أنه لا يحتاجها اليوم , لأن الطبيب قادم بعد قليل لأجراء الفحوص له.
نظر إليها وقال:
" أنت متعبة من العمل , أذهبي اليوم في نزهة قصيرة , خاصة أن الجو صاح , ولا أثر للمطر".
وحين غادرت الغرفة , صاح من وراءها :
" أبقي بعيدة عن البحر , لأن الأمواج قوية وهائجة".
ذهبت إلى غرفتها وأخذت دفترا لرسم وعلبة أقلام , وكانت أنيز هناك ترتب الغرفة , فقالت لها:
" ما دمت تذهبين إلى الخارج , أجلبي معك عددا من البيض , أذا ما مررت قريبا من حقل السيدة هاريك".
غمرت مورينا سعادة كبيرة ومفاجئة حين أصبحت خارج البيت , وكأنها تلميذة صغيرة أطلقوها من المدرسة فجأة , ولم يخامرها هذا الشعور لأنها كانت تكره العمل مع نيكولا , بل العكس , كانت سعيدة معه , لكنها رأت نفسها وحدها لأول مرة منذ أن جاءت إلى تريفينون , وفي هذا سعادة كبرى لها.
أتخذت طريقها إلى ناحية البحر مسترشدة بهدير الأمواج , وكانت الرياح قوية , تنشر شعرها على وجهها , وحين وصلت إلى المرتفعات الصخرية المطلة على البحر , شاهدت الأمواج الهائجة وهي تصطدم بالصخور محدثة هديرا عنيفا , وناشرة كمية من الرذاذ الأبيض.
تأملت البحر طويلا , وبالرغم من سعادتها بذلك , إلا أنها أحست بخيبة أمل حين لم تلمح أثر للفقمات , تلك الحيوانات البحرية الرمادية اللون , لكنها تذكّرت أن هذه الحيوانات ستعود إلى هنا مع مطلع العام القادم , لكن هل هل ستكون هي نفسها هنا في ذلك الوقت؟
منتديات ليلاس
مشت طويلا فوق تلك الصخور العالية , وهي تتأمل فيما حواليها , وبالرغم من أنها عاشت سنوات طويلة في الريف , إلا أنها أحست هنا برهبة وخوف يتسربان إلى قلبها , من الوحدة تحت هذه السماء الشاسعة , والصخور والبحر وهدير الأمواج , وجلست بجانب صخرة كبيرة تستطيع الأحتماء بها من الريح , وهيأت دفترها وأقلامها وبدأت في تخطيط بيوت بورت فينور وبقايا المنجم , لكن الريح الشديدة كانت تعصف بها وتوشك أن تمزق أوراق الدفتر , وهي تفكر إلى أين ستنتهي وألى متى ستبقى في تريفينون.
بعد فترة قصيرة أنتابها الضجر , فمزقت الورقة وألقتها للريح , ونهضت لتذهب إلى حقل السيدة هاريك لتأخذ البيض وتعود إلى البيت , لم تكن تعرف الطريق إلى الحقل , فقررت الوصول إلى الطريق الرئيسي أولا , وبينما هي تسير سمعت صوت محرك سيارة من خلفها فأنسحبت إلى جانب الطريق , لكن صوت المنبه لم يكف بالرغم من وجود مكان كاف لعبور السيارة تماما , كانت سيارة مارك , فهتف لها وهو يلوّح لها بيده:
" أهلا..... هل أستمتعت بوقتك؟ هيا...... سأوصلك ألى حيث تريدين".
بعد تردد قصير أجابته , وهي تفتح باب السيارة وتصعد :
" إنني ذاهبة إلى حقل السيدة هاريك لآخذ كمية من البيض طلبتها أنيز".
" حسنا , سآخذك إلى هناك".
بعد دقائق من الصمت سألها مارك ثانية وهو يضحك:
" كيف يسير العمل في مشروع الكتاب؟".
" ببطء.... ما زال أمامنا الكثير من العمل".
" أوه , هذا مؤسف".
أجابته بعد أن تأملته طويلا , وهي تبتسم:
" لماذا ؟ ألأنه يعني أنني سأبقى في بيتكم مدة أطول؟".
" يا ألهي , كلا , لا أعني هذا".
" ماذا تعني أذن؟".
" أعني أن عمي رجل مريض , ولا نريد أن يرهق نفسه كثيرا حتى لا تنتكس صحته , بالرغم من أنه يشعر بتحسن كبير هذه الأيام , ونحن نشكرك على ذلك ".
" نحن؟".
سألته بدهشة وهي ما تزال تبتسم .
" بالطبع , حتى دومنيك , كان أعتراضه على بقائك في البداية , هو لخشيته من أن تسبب رؤيته لك صدمة أخرى له , لكن النتيجة جاءت عكس ذلك تماما".
" لكن دومنيك لم يغير مني موقفه حتى الآن".
" تعرفين أن أحزان وأحقاد كل تلك السنين لا يمكن أن تلاشى خلال أيام".

نيو فراولة 04-07-11 01:14 PM

لم تجبه مورينا , وظل هو أيضا صامتا حتى وصلا إلى مفترق طريق , فأوقف السيارة وأشار إلى طريق الحقل قائلا:
" ذاك هو حقل السيدة هاريك , وحين تعودين إلى البيت هناك طريق مختصر , أسألي السيد حتى تدلك عليه".
أخذت موروينا البيض , وحين أستفسرت السيدة هاريك عن سبب وجودها المفاجىء في تريفينون , أعتذرت لكونها يجب أن تسرع في العودة لأن أنيز تنتظرها , وقريبا من البيت تسلقت حائطا صغيرا , ودخلت إلى باحة كبيرة كان عليها أن تجتازها قبل الوصول إلى البيت , كانت هذه الباحة جزءا من بناء قديم ملحق بالبيت الكبير , يحوي مخزن الغلال وأدوات الفلاحة التي تعود إلى أنيز , وأصطبلات كانت تستعمل أيام كانت تريفينون مزدهرة , هناك سمعت صوت كلب يقترب منها , فأنتابها الخوف , رغم أنها كانت تحب الكلاب منذ الصغر , وهرعت إلى البناية القديمة , لكن الكلب تبعها إلى هناك .
ووجدت نفسها في غرفة واسعة ومظلمة بعض الشيء , فيها معاول وفؤؤس وكميات كبيرة من الحطب والقش , كما شاهدت سلما خشبيا يقود إلى مخزن علوي , فتسلقت السلم حتى تكون في أمان أكثر هناك , دخل الكلب وراءها وظل عند أسفل السلم ينبح ويقفز محاولا الوصول إليها , كان أحد الكلبين اللذين أعترضاها في الليلة التي جاءت فيها إلى تريفينون , غير أنها منذ ذلك اليوم لم تشاهدهما , وحين سألت أنيز عنهما , أجابتها أنهما غالبا ما يمكثان خارج البيت , في البناية الملحقة.
ظلت موروينا محبوسة في المخزن العلوي فترة طويلة من الزمن , وقد جمدت من الخوف , لا تدري ماذا تفعل ولا كيف تبعد الكلب عنها , وفكرت أنه ربما دومنيك هو الذي علّم الكلب على معاداتها , لكنها سرعان ما سخرت من أوهامها.
هدأ الكلب , حين سمع صوت أقدام قادمة في الباحة , فهتفت موروينا من مكانها متوسلة , قبل أن يبتعد العابر من الغرفة.
" من فضلك , هل تبعد هذا الكلب عني ؟ أنني خائفة".
توقف العابر لحظة , ثم جاء صوت أقدامه وهو يقترب من الغرفة , ظنت أنه زاك يقوم بعمله هنا , لكن سرعان ما ألتقت عيناها بعيني دومنيك حين دخل إلى الغرفة وصاح:
" يا ألهي , ماذا تفعلين هنا؟".
" هربت من كلبك".
" أنت مجنونة ! ألا تعرفين أنه لا يؤذيك".
" أبعده عن السلم , حتى أنزل......".
" هيا... هيا , أنزلي , لا تخافي".
قعد الكلب عند ساقي دومنيك , وراح يتمسح به محركا ذيله , أما موروينا فقد بدأت في النزول , غير أن قدمها أنزلقت في منتصف السلم , فأطلقت صرخة قوية وأفلتت علبة البيض من يدها , لكن يدا قوية أمسكتها من خاصرتها وأنزلتها على الأرض , كانت ترتعش من الخوف والأنفعال , وقد أمتلأت عيناعا بالدموع.
قال دومنيك لها ساخرا:
" ماذا كنت تفعلين ؟ تستكشفين خفايا تريفينون؟".
حدقت موروينا في وجهه بغضب , تمنت لو أن علبة البيض ما تزال في يدها , لتضرب بها وجهه , ثم أجابته بصوت مرتعش:
" كلا.... كنت أجلب البيض لأنيز من حقل السيدة هاريك ".
أنتبهت فجأة أنه ما يزال يمسكها من خاصرتها , فأحست بالحرارة تصعد إلى وجهها , وقالت وهي تبتسم من بين دموعها:
" أن كلبك يكرهني".
" ما زلت غريبة عبيه , سيعتاد عليك بمرور الزمن".
" أنت تكرهني أيضا..... والكلب يحس بذلك".
" أهكذا حقا؟".
قال مبتسما وسحبها نحوه وأقترب بوجهه من وجهها.
فأصابها الذعر وحاولت أن تفلت من بين يديه , لكن بدون جدوى , وقالت وهي ترتجف بعد أن تخلص منها.
" ما كنت أظن أن هناك ذئابا مع الكلاب في هذا البيت".
" ألا تتذكرين أنك تمنيت , أن يقع ملك كورنوول في هواك؟ ها هي أمنيتك قد تحققت".
" لكنني أكرهك , ولا أود رؤيتك".
" أظن أنك تعلمت من تاريخ عائلتنا , أنه أذا ما أحببنا شخصا نظل أوفياء له".
" من الأفضل أن توفر عواطفك لأمرأة أخرى".
خيّم الصمت عليهما , وكانا ما يزالان يقفان في مكانهما بدون حركة , وحين طال الصمت ساءلت نفسها : لماذا أمكث معه في هذه الغرفة المظلمة ؟
" من فضلك لو شرحت لأنيز ما حل بالبيض".
" بل سأذهب إلى الحقل وأجلب غيره".
" شكرا......".
أجابت وتركت الغرفة , كان الجو باردا في الخارج , فرفعت ياقة سترتها حتى تغطي رقبتها أتقاء للريح الباردة , وأحست بحقيقة مرة تستقر في أعماقها شيئا فشيئا , هي أنه ليس هناك شيء يبقيها في تريفينون سوى حب دومنيك!


الساعة الآن 01:03 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية