منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ما وراء الطبيعة (https://www.liilas.com/vb3/f152/)
-   -   (رواية) (43) - أسطورة تختلف (كتابة) (https://www.liilas.com/vb3/t16116.html)

حسين السريعي 08-08-06 06:36 PM

(43) - أسطورة تختلف (كتابة)
 
أحببت أن أشارك بهذه الرواية من روايات ماوراء الطبيعة 00لأنها رواية مضحكة جداً ومثيرة في نفس الوقت وبالفعل رواية تختلف 00أتمنى أن تنال إعجابكم 00ورقمها 43
الملخص :
كلا 00لن تكون هناك اليوم قلاع مسكونة 00لا 00ولا حتى مصاص دماء يفتح عينيه في ظلام قبو 00و لا حتى مسخ ذئب يتربص خلف الأشجار في ضوء القمر 00لن تكون هناك أشياء تتحرك و لا نباتات وقحة ن ولا تعاويذ قديمة أطلقها كهنة ( ألزتك ) سريعو الغضب 00لا شيء من ذلك 00لأنها أسطورة تختلف 00!
:7_5_122: وطبعاً أنا ح أكتبها وأنزلها في المنتدى من بكرة أنشاء الله 00

cbfacom 09-08-06 08:44 AM

الف شكر يازعيم ومستنى على نار

حسين السريعي 09-08-06 11:52 AM

تمهيد لا بد منه للأسف 00




ثم ما الجديد في كل هذا ؟
تعرفون أنني مررت بفترة نفسية سيئة بعد صدامي مع ( خادم الكلمات السبع ) وتعرفون أنني فقدت أجزاء من جسدي ، وتعرفون أنني أصبت بالتهاب رئوي لفترة لا بأس بها ن وتعرفون أنني سافرت للولايات المتحدة 00بالتحديد إلى ( نيويورك ) 00تعرفون أنني اتصلت بـ ( هاري شيلدون ) صديقي القديم 00لماذا ؟ لأنه سيدمرني لو عرف أنني جئت إلى الولايات المتحدة ولم أتصل به ، وهو في الغالب يعرف هذا 00
تعرفون كل هذا يقيناً 00فما الجديد هنا ؟!!
الجديد هو أنني تلقيت دعوة إلى نادي السحر أياه وكان الداعي هو النصاب اليهودي المعهود ( سام كولبي )00
حسناً 00كان علي أن أكون هناك 00بالنسبة لمن قرءوا ( حكايات التاروت ) وهي حلقة الرعب الثانية ، يمكن أن نقول أن الجو كان شبيهاً بذات الجو الذي قابلت فيه د ( لوسيفر ) 00المشكلة هي أنني أمقت الوصف بطبعي ، فقد مات ( بلزاك ) منذ عهد طويل 00( بلزاك ) الذي كان يطلب من تلاميذه _ هواة الأدب _ أن يمشوا في الحديقة عشر خطوات ، ثم يكتبوا واصفين ما رأوه في عشرين صفحة !!
مختصراً سأكون 00ومختصراً أقول أن اللقاء تم في الشقة ذاتها في ( بارك أفينيو ) وكان هناك عدد لا بأس به من سحرة ( نيويورك ) وسواهم 00سحرة من الطراز الذي ينشر جسد المرأه إلى نصفين في عروض المسارح ، وسحرة من الطراز الغامض الذي يمارس شيء ما لا تدري كنهه ، لكنه كريه منفر مظلم 00
لكن الكل هناك 00وكان هناك ذات الجمع من غريبي الأطوار والحسناوات ومديري الأعمال والوكلاء والممسوسين 00
وقلت لـ ( هاري ) وأنا أتأمل كل هذا غير راغب :
- أظن هذا المكان يجلب لك ذكريات تعيسة ؟
قال باستخفاف :
- لماذا ؟ لقد جعلني د0 لوسيفر آخذ حذري 00لم تكن تجربة معدومة النفع على كل حال 00
كان الجو منفراً كما تلاحظون ، لكنه كان ساحر غريب 00نعم ساحر 00وهذا هو السبب الذي جعلني لا أرفض الدعوة 00
ومن وسط الناس ظهر لنا ( سام كولبي ) 00النصاب اليهودي الذي صار الخلاص منه مستحيلاً 00والحقيقة هي أن الرجل بلا ذاكرة , وغير قادر على أن يحتفظ بوجه في عقله فضلاً عن اسم ن لكنه من الواضح أنني لا أمحى من ذاكرة من يراني بسهولة 00كلون الطلاء حين يلتصق للبد بكوع بذلتك الجديدة !! ثم أن الرجل ما زال يعتقد ومازال متأكد من أنني ( إدجار الآن بو ) الذي عادت روحه إلى الأرض 00
بوجه الدمية الطفولي الذي يحمله رحب بنا ، وبدا واضحاً أنه نسي كل شيء عن هاري 00قال لي وهو يتأبط ذراعي بيده الرقيقة :
-قد مر وقت طويل منذ جلسنا في هذه الشقة نسمع طالعنا من د0 لوسيفر 00لا شك أنك سعدت بمعرفته حقاً 00
قلت ما معناه أنها كانت معرفة خير حقاً ، وكنت أتذكر لقائي اللطيف معه في قصة ( دماء الدراكيولا ) 00إن الأشخاص الذين نتعرفهم بفضل إنسان مثل كولبي هم كوارث حقيقية 00مصائب تنتظر الحدوث 00
قال كولبي وهو يحيي هذا ، ويداعب ذاك :
- ما كان لينبغي أن أفوت فرصة لقائك ثانية , وأنت من جعلني شهيراً في أواسط السحر 00ولكن 00
وتأملني في شيء من الحسرة وقال :
- تبدو لي في أسوأ حال 00كأن عشرين سنة قد أضيفت إلى عمرك 00
قلت له في رزانه :
- ليس هذا ذنبي 00لقد قابلت الوباء الاسكتلندي القديم ، وقضيت معه ليله كاملة في المشرحة 00أنت تفهم هذه الأمور 00
هز رأسه شأن العارفين وقال :
- بالطبع 00بالطبع 00إن حياتك مرهقة مفعمة بالصدمات 00و00
ثم تقلص وجهه ، وبدا عليه الألم ، وهتف :
- بعد أذنكما 00سألبي نداء الطبيعة 00معذرة 00إنها البروستاتا كما تعلمان 0
وقبل أن نعلق أختفى من أما منا 00
تناول هاري كوباً من عصير البرتقال تحمله ساقية حسناء على صفحة ، وناولني إياه ثم تناول آخر ، وقال :
- يبدو أن جراحي المسالك البولية نادرون في نيويوك 00ولكن 00ما موضوع الوباء الأسكتلندي هذا ؟
قلت دون احتفال :
- إنها حياتي 00وقد اعتدتها 00
عاد كولبي منهمكاً في إغلاق بنطاله ، وقد بلل كتفيه بماء حوض الغسيل كالعادة 00وقال مواصلاً ما بدأه :

- الحقيقة يا د0 اسماعيل هي أنك تذبل سريعاً جداً 00جداً 00
- أنا لم أكن زهرة قط كي أذبل 00يخيل إلي انني خرجت من بطن أمي عصبياً ملولاً نحيلاً 00ولم يتهمني أحد قط بأنني أملك نضرة الشباب 00
- لكنك تعرف بالتأكيد لن تعيش لترى الخمسين من العمر 00
- ليس في الخمسين ما يغري 00لو عشت لأراها فلا بأس ، ولو مت فلا خسارة هناك 00أنت تحاول إقناعي بوجود مشكلة لا وجود لها 00تقنع رجل ضرير بأن لا يدنو من التلفزيون أكثر من اللازم لأن هذا يؤذي عينيه !! إن الضرير لن يدنو من الشاشه أصلاً 00
اتسعت عيناه في خطورة وقال :
- ولكن الصحة 00من أدراك أن نهايتك ستكون نظيفة ، من دون جلطات مخية وقروح وبتر أطراف و000؟ إن الصحة تمنحك هذا الضمان ما دامت لن تطيل عمرك 00
فأل الله ولا فالك أيها اليهودي المستفز !00
هذا الذي يقوله كابوسي الحقيقي ، والشيء الوحيد الذي يرهبني أكثر من مصاصي الدماء والمذءوبين والموتى الأحياء 00إنني أقبل الموت السريع 00موت النوبات القلبية المفاجئ الذي يطلبون قبله كوباً من الماء 00ثم 00هوب 00! ينتهي الأمر بنظافة 00
لكنني أكره فكرة الموت البطيء المفعم بالألم والسقم 00
قلت محاولاً تغيير مجرى الحديث :
- هل لديكم ضيف فوق العادة هذه الليلة ؟
قال برضا :
- بالتأكيد 00لكنه رجل عادي لا يملك هالة الإبهار والغموض التي يحيط بها لوسيفر نفسه 00وهذا هو ما جعلني أتحدث عن الشيخوخة والاضمحلال 00الحقيقة هي أن ميخائيل ميلفيسكو يملك مفاتيح استرجاع الشباب 00
- أروماني هو ؟
- بالطبع 00إن ( إسكو ) في نهاية كل الأسماء لها رنين لا تخطئه الأذن 00
كنت قد قرأت كثيراً عن الدكتورة أنا أصلان الرومانية ، وتجاربها على فيتامين هـ ، وشعرت بأن هناك قدراً من الحماس الزائد في تفسير نتائج تجاربها 00لقد تعاملت معها الصحف باعتبار أنها المرأة التي اكتشفت نبع الشباب 00وخمنت أن مليفيسكو هذا يبيع الصنف ذاته00 ربما هو قد سرق علبة بها عشر كبسولات من فيتامين هـ من معمل الدكتورة المذكورة 00
وصارحت كولبي برايي ، فقال :
- لا 00إن طريقته فريدة بحق 00إنه لا يعتمد على العلم بتاتاً 0!!
- هذا شيء مطمئن 00
- أعني أنه يعتمد على العلم الخاص الذي لم يقنن بعد 00الذي لا يمكن قياسه أو رؤيته أو تفسيره 00
ثم تقلص وجهه ألماً لأن البروستاتا كما تعلمون 00
حين عاد راضياً مسروراً ، سألتها السؤال الوحيد المنطقي ك
- لماذا لم تطلب منه أن يريحك من مشاكل البروستاتا ؟
قال كأنما كان يتوقع السؤال :
- لأنه لا يتقاضى أجراً ، وهو يمارس فنه مع الشخص الذي يختاره دون سواه 00ومن الواضح أنني لا أروق له 00
تبادلت نظرة مع هاري 00على الأقل يوجد شيء واحد محترم في مليفيسكو هذا 00ثم قلت ك
- يا سلام ! وماهي شروطه فيمن يختاره ؟
- لا شيء 00هو يراه ويقرر 00إن للرجل أسبابه الخاصة 00
- إذن بالتأكيد لن أروق له 00
- يمكنك أن تقابله وتتأكد من هذا 00
كان جالساً على أريكة مع ثلاثة آخرين 00أقول إنه كان جالساً على سبيل المجاز لأنه في الواقع كان غائصا 00إنها أريكة من تلك الأرائك المريحة أكثر من اللازم التي لا تنفك تبتلعك أكثر فأكثر 000
كان لهؤلاء القوم منظر مريب يوحي بالشر كأنهم زعماء المافيا في اجتماع ، وأدركت أن رجلنا هو أكثرهم بدانة وأضخمهم بطناً ، وكانت له قسمات عملاقة غريبة تشعرك بأن هذا كله خيال 00
في أدب دنا منه كولبي وهمس في أذنه بكلمات عدة ، فاستدارت عيناه ورمقني لحظة ، ثم تهلل وجهه وقال :
- سعيد بمعرفتك يا بروفسور إسماعيل 00
وبذل جهداً جهيداً حتى ينجو من الأريكة الشفاطة 00وفي النهاية وقف 00لم يكن عملاقاً 00كان أقصر مني قليلاً بما يتناسب مع ملامحه الهائلة 00صافحني بيد هائلة وقال :
- يمكننا أن نتحدث في مكان أكثر هدوءاً 00أرجو المعذرة يا سادة 00
كان يتكلم انجليزية رومانية أو رومانية انجليزية 00وهي لغة اعتدتها بعد ما كان لي من قصص في رومانيا 00
قال لـ كولبي وهو يدفعتا دفع الخراف إلى ركن القاعة :
- يبدو أن هناك مكناً منعزلاً هنا يا كولبي 0
قال كولبي في أدب :
- ثمة مكتب صغير هناك 00وهو مغلق 00
- إذن يناسبنا هذا 00
وبعيداً جداً عن صخب الحفلة فتحنا باب المكتب ودخلنا 00كان عارياً من الأثاث إلا من منضدة صغيرة عليها جهاز هاتف ، ومقعد أمامها ومقعد خلفها ن إذا اتفقنا على ( أمامها ) و ( خلفها ) هذين 00
أراح جسده الضخم المكتنز على أحد المقعدين ، وأشار لي إلى مقعد آخر , وقال لكولبي :
- يبدو يا سام أنني سأطلب منك أن 00
فهم كولبي على الفور ، فهز رأسه وأشار لأي بما معناه : أطمئن 00أنت في يدين أمينتين ، ثم غادر المكتب وأغلق الباب 00

******************************


مر صمت ثقيل ، ثم تكلم مليفيسكو :
- إذن ؟
قلت في حرج :
- الحقيقة هي أنني لا أعرف ما قاله لك مستر كولبي ، لذا أجد عسراً في البدء 00
- سأحاول أن أريحك 00أنت تصبو إلى استعادة شبابك المفقود 00
- لم أقل هذا بالضبط 00لنقل أنني أصبو إلى موت نظيف خال من الأمراض الطويلة 00إن المرض مهين يا سيدي ن وبصورتي الحالية أعتقد أنه آت لا محالة 00
قرب وجهه العملاق مني ، وقال :
- وأنت لا تثق بأنني قادر على ذلك 00؟
- لنقل بطريقة أخرى أنني لا أعرف ما أنت قادر عليه 00هل الأمر يتعلق بالتمارين السويدية وحمامات البخار وفيتامين هـ ؟
فتح كفه في وجهي بما معناه : لا 00لا00أرجوك 00ثم قال :
- د 0 رفعت 00هل تسمح لي بمناداتك بهذا ؟
- أرجوك أن تفعل 00
- د0 رفعت 00إن الطريقة التي أنوي استعمالها معك طريقة فريدة ، لا يمكن قياسها إلا بنتائجها 00أنت تعرف منهج ( الاستدلال العلمي ) المعروف 00لا أحد يرى الإلكترون ولا يمكن وزنه بميزان ، لكن آثاره تدل عليه وهذه الآثار يمكن ملاحظتها في تجارب قابلة للتكرار 00من هذا نستدل على أن هناك ما يدعى بالإلكترون 00ثمة شيء ما لا يمكن وصفه ولا استيعابه يحيط بنا في كل لحظة ، وحتى برتراند راسل الذي وجد نفسه في علمي الرياضة والمنطق قال : إن الرياضيات هي حروف كتاب الطبيعة ، لكنها ليست الكتاب نفسه !
قلت في نفاذ صبر : لا أدري ما ترمي إليه 00لست برتراند راسل ولا أحب أن أكونه 00لست لدي أي افتراض مسبق إلا فيما يصدمني عقائدياً أو علمياً 00فيما عدا هذا أنا أقبل التجربة واحترمها 00لقد افترض أرسطو أن أسنان المرأة أقل من أسنان الرجل ، ببساطة لأنهه لم يحاول أن يجرب 00لم يحاول أن يفتح فم أول امرأة يقابلها ويعد أسنانها 00
ابتسم الرجل ، وقال :
- إذن أنت متعادل 00
- بالطبع 00لست مستعداً لاتهامك بالنصب ، ولست مستعداً للوثب في الحجرة انبهاراً بقدرتك 00لن أفعل هذا الآن 00
قال في رضا :
- حسناً 00لعلك تتساءل لماذا اخترتك أنت بالذات ؟!
- هذا سؤال في موضعه 00
- لأنك متعادل 00من اللحظة الأولى أدركت أنك متعادل 00لسن منبهراً قابلاً للإيحاء مثل كولبي ولست عدوانياً متحفزاً كصديقك الأمريكي الذي رأيته معك 00إن القابلين للإيحاء لا يناسبونني ، لأنك طبيب وتعرف تأثير البلاسيبو ( دواء وهمي يتم إعطاؤه للمرضى لاستبعاد عنصر الإيحاء من الموضوع ، وذلك عند تجربة دواء جديد ) أما من يبدءون التجربة وهم يرفضونها ويرفضون وجودي ، فهؤلاء لا يناسبونني 00ولربما تدخل رفضهم في نتائج التجربة 00إن للجسم كيمياءه الغامضة على كل حال 00
- ومن نافلة القول يا دكتور رفعت ان أخبرك ان جل من يتقدمون لي يقعون في واحد من هاتين القائمتين 00أما من لا يندرج فيهما فهو صيد ثمين 00
وضعت ساقاً على ساق ، وسألته في شك :
- وكم تكلفني هذه التجربة ؟
قال كما أتوقع بالضبط :
- أنا لست بقالاً 00ثمة أشياء لا تشترى ولا تباع 00
أنا لست بقالاً 00هكذا يبدءون وفي النهاية يطلبون تبرعاً لجمعية سحرة بوخارست أو شيئاً من هذا القبيل 00إن جوستاف صديقي الروماني سيضحك كثيراً لو سمع هذه القصة 00
قلت وأنا أتأهب للنهوض :
- لكن لكل شيء ثمن 00أنت لا تفعل هذا من أجل جمال منظري 00
- بل هناك ثمن يا د0 رفعت ، لكنه ليس كما تتصور 00
- إذن هي قصة د0 فاوست ثانية 00هل معك العقود اللازمة لأبيع لك روحي مقابل الشباب ؟
ضحك ضحكة رنانة معدنية 00إنه ممن يهتزون كالجلي عند الضحك , وقال :
- ولا فاوست 00إنني أريد منك شيئين لا شيء واحد !!
رفعت حاجبي بمعنى الانتظار 00فقال :
- الشيء الأول هو أن أسلوب المعالجة سيظل سراً 00وإنني لأنتظر منك كلمة شرف ن وأنت فيما يبدو لي رجل شريف 00
ثم جفف قطرات عرق نبتت على جبينه وأردف :
- أما الشيء الثاني فهو 00

*************************************************

وحيت خرجت من الجلسة ، سألني كولبي و هاري عما تم فيها ، فهززت رأسي سلباً كما يفعلون عند الخروج من مباحثات القمة ، وقلت :
- لا تصريحات 00لقد وعدته بشرفي 00
ولنفس الأسباب يا رفاق لا أستطيع أن أشرح أسلوب المعالجة ، ويكفي أن أقول إن العملية استغرقت ساعتين من عصر اليوم التالي 00
وبعد يومين كنت في الطائرة عائداً إلى الوطن00
ومن هنا تبدأ القصة 0000
**************************

issam_is_me 09-08-06 01:09 PM

اخي شكرا على مجهودك
لكن لدي طلب لو ممكن
ادا كان لديك سكانر ارجو ان تمسح الرواية به لا دلك اسهل في القراءة
و لو مش ممكن ما فيش مشكلة
و شكرا تاني

حسين السريعي 09-08-06 08:54 PM

عندي سكنر بس المشكله ما بعرف احمل من خلاله رواية !!!!! أهء اهئ اهئ واوا اتحملنا يا كابتن 00ودمتم سالمين 00ولو تعلمني صدقني ح احمل لك كل الروايات الي عندي لعيونك وأكون لك من الشاكرين 00برضه 00واوا 00

حسين السريعي 09-08-06 08:57 PM

عشرة !!
السبت 18 أبريل


من جديد أعود لكتابة مذكراتي 00إن الحلم القديم لدي لن يموت أبداً 00ان تكون عندي مذكرات ، وأنا – كما تعرفون – لم أواظب قط على شيء في حياتي ، ماعدا عادات التنفس والأكل والشرب والإخراج ، لأنها لا تتم بإرادتي ، مازلت آمل أن اصل إلى نهاية رحلة العمر ، لدي عدد هائل من الكراسات التي تحكي تفاصيل حياتي ، ولكن أية حياة هذه ؟
فما لم يحدث شيء مهم لي فلسوف تظل مذكراتي هي مذكرات تلك الإرادة الفسيولوجية 0
لقد عدت إلى مصر أخيراً ، ولا أعتقد أن تغيير ما قد حصل لي 00مازلت ألهث عند صعود الدرج ، وأسعل في الفجر حتى يوشك لساني على الوثوب من فمي ، وتوشك الأكلات الدسمة على إزهاق روحي 00
غنني ما زلت أنا 00
بالطبع كنت أعرف هذا من البدء ، لكنني لم أعترف به 00إننا أطفال خالدون ، وكلما تقدم بنا العمر ازددنا طفولة ورفضنا فكرة الشيخوخة 00لكننا نشيخ في طيلة الوقت ونموت ، وينسانا أصدقاؤنا الأعزاء مهما بكوا علينا في البداية 00هذه هي الحقيقة 00قبولها نضج ورفضها عته 00لكننا – المؤسف – نفضل أن نكون معاتيه على أن نكون شيوخاً 00

الأحد 19 أبريل :

لم يحدث لي شيء اليوم 00

الاثنين 20إبريل :
لا مزاج عندي لكتابة مذكراتي اليوم 00
الثلاثاء 21إبريل :

كنت في مكتبي بالكلية أطالع بعض الأوراق العلمية ، وأثار شغفي شيء ما ، فمددت يدي أصلح من وضع العوينات على أنفي طمعاً في وضوح الرؤية كعادتي هنا لاحظت أنها لم تكن على أنفي 00
أصابتني الدهشة وبحثت عنها على المكتب ، فوجدتها في جرابها لم تمس 00إن لدي مجموعة هائلة من العوينات 00بعضها للمسافات وبعضها للقراءة وبعضها للبحث عن النوعين الآخرين ، وقد صار تصلب عدسة العين – وهو داء الكهولة الشهير – ملازماً لي ، فلم أعد قادراً على مطالعة الجريدة دون عوينات ، ودون أن أبعدها على امتداد ذراعي 00
معنى هذا أنني قرأت كل ما قرأت دون عوينات ، ودون أن الاحظ فارقاً يذكر 00إنها علامة غريبة حقاً 00
ثم لاحظت شيء أكثر غرابة 00
لقد صعدت في الدرج – نحو ثلاثة طوابق – دون لهاث ، ودون آلام عاصرة في الكتف اليسرى ، ودون ذلك الجوع إلى الهواء الذي يثير شفقة من يراه 00الحقيقة هي أنني أتحسن 00لا أدري كيف ؟ ولماذا ؟ 00لكن هذا حقيقي 00أشعربه 00
هل هذا تأثير البلاسيبو الشهير؟ أم أن ميلفيسكو يعمل حقاً ؟
ما زال الوقت مبكراً كي أعرف الفارق 00
الأربعاء 22إبريل :من جديد تتزايد علامات الاستفهام وتتشابك 00لقد كان موعدي اليوم مع الدكتور صبحي متى طبيب القلب الذي يتابع حالتي ، والذي كان في كل لقاء يزداد وجهه تقلصاً ويطقطق بشفتيه ، قائلاً إن بقائي حياً هو أعجوبة طبية تتحدى كل القوانين 00رسم القلب مرعب ضغط الدم شنيع 00وفي كل مرة يودعني وعيناه تترقرق بالدموع باعتباري ( كنت نبراساً يشع لزملاء المهنة ) و ( فليرحمني الله )0
ولف جهاز قياس الضغط حول ساعدي ، وراح ينفخ متوقع أسوأ النتائج كالعادة ، لكن شفتيه تباعدتا ، واتسعت حدقتا عينيه ، وقال :
- غريب هذا 160/100!!
- مرتفع قليلاً 00ألا ترى هذا ؟
صاح في انبهار :
- بل هذا أفضل قياس قرأته لك منذ عرفتك 00إنها معجزة !!
وأوصلني بأقطاب رسام القلب العشرة 0 وراح كالصقر يراقب الشريط المتجمع ببطء بحثاً عن تلك الموجة الشاذة أو تلك التي تعني أن خراب بيتي قريب 00ثم طقطق بشفتيه في حسرة :
- ممتاز ! لا أدري ما الذي فغلته كي تتحسن هكذا ، لكنني أنصحك بأن تواصل فعله 00
وفرد الشريط بين كفيه كأنه ثعبان ميت وجده في القبو ، وراح يدقق فيه المرة تلو المرة ، ثم قال :
- ممتاز ! لكن لا تتفاءل كثيراً 00ربما هي صحوة الموت !! إن مرضى كثيرين يتحسنون لحظياً قبل الانهيار النهائي 00
قلت وأنا أزر قميصي :
- شكراً 00سأتذكر ذلك 00
وغادرت عيادته خفيفاً نشيطا يلعب براسي ألف خاطر باسم 00
إن الروماني لم يكذب 00كل الشواهد تؤكد أنه لم يكذب 00
الخميس 23أبريل ك
لاحظ الحلاق – وهو الرجل الموكل بتشذيب الشعر الثائر على جانبي رأسي – أن عدد الشعيرات البيضاء يقل نوعا ما 00أو بعبارة أدق لاحظ أن الشعيرات السوداء ، بدأت تظهر وسط القطن الأبيض الذي هو مابقي من شعري 00
- قلت مراراً لك يا دكتور 00التغذية أهم من أي شيء آخر 00التغذية والبال الرائق 00إن الشيب خرافة يا دكتور 00صدقني أنا 00
كدت أعلن رأيي , ذلك الرأي الذي لن يستطيع أي طبيب كتمانه لو صارحه حلاقه بأن الشيب خرافة ن لكنه أخرسني على الفور :
- خني أنا على سبيل المثال 00
وتأمل وجهه في المرآة وهو يقف خلفي ، ومرر المشط على شعره 0
- هذا أنا 00ستون عاما لكنك لا ترى شعره بيضاء واحدة 00هذا نتاج البال الرائق والأكل الجيد 00صدقني 00كان السمن البلدي صديقنا قبل الإفطار وبعده ، وفي الغداء والعشاء 00وقبل الزفاف شربت عروسي كوباً كاملاً من السمن البلدي لتكون أجمل 00إن ما تأكلون اليوم ليس طعام !!
شعرت بشراييني التاجية تتقلص من هول الفكرة – ومعها معدتي طبعاً – وكتمت عنه خواطري التي لن يتذوقها 00لا تجادل الحلاق أبداً فهو سيقهرك مهما حاولت 00
لكنني كنت في منتهى السعادة بفكرة استرداد بعض الشعيرات السوداء من فكي الشيخوخة 00
وقد لاحظت – وقت الغداء – أن معدتي تتحسن بشكل غير مسبوق 00لقد التهمت طبقاً كاملاً من الأرز والخضار ، مع أكثر من ربع بطة أرسلها لي أهلي منذ يومين مع 00مع 00والغريب أن كل هذا مر بسلام ونمت نوماً عميقاً هانئاً 00لكنني – عندما صحوت – حاولت تهدئة حماسي بعض الشيء وقلت لنفسي :
- من يدري ؟ ربما أنت يا رفعت حالة أخرى من التأثر بالوهم 00حالة أخرى من القابلة للإيحاء 00لقد تحسنت لأنك توقعت أن تتحسن 00كلنا يعرف الدجالين مدعي الطب في القرى 00إنهم يحقنون مرضاهم بالماء القراح ، وبرغم هذا يتحسن المريض بشكل ملحوظ من ناحية الأعراض على الأقل ، لكن اللعبة لا تطول وسرعان ما يعود المرض أعنف وأكثر شراسة 00
في المساء كان عندي موعد مع الدكتورة كاميليا 00
كان هذا في السابعة مساء ، وفي تلك الكافتريا الصغيرة التي هي خليط من المقهى والمطعم 00إن الدكتورة كاميليا كما تعلمون قد صارت صديقاً عزيزاً لي ن فهي تملك عقل رجل راجح حكيم ولو كان لها شاربان وتحلق ذقنها كل صباح لكنت أكثر راحة وسرور في التعامل معها 00
لكني أمقت هواجسها الوجودية ن وميولها القيادية المستفزة قليلاً ، بينما كانت هي مرتابة في حالتي العقلية ، خاصة بعد قصة ( عدو الشمس ) و ( أسطورة رفعت ) حيث تكفلت الظروف بجعلي أتصرف تصرفات عجيبة معها 00والسبب في المرة الأولى أنا لم تكن هي ، والسبب في المرة الثانية أنني لم أكن أنا !!ما علينا 00
فما أن رأتني ، حتى قالت في دهشة ك
- عيني عليك باردة !
نفس العبارة أسمعها اكثر من الازم هذه الأيام 00
لم اجرؤ بالطبع على مصارحتها بموضوع الروماني إياه 00المفترض أنني رجل عقلاني بارد لا تليق به هذه المهاترات 00قلت لها وأنا أنادي النادل ك
- لنقل إن الحياة أحسنت إلى كثيراً في الآونه الأخيرة 00
قالت في جدية :
- أنا لا أمزح 00لقد قلت التجاعيد في وجهك كثيراً 00يخيل إلى انك صغرت عشرة أعوام !
عشرة!!
هذا هو ما أشعر به فعلا ن وقد أمسكته هي 00اشعر إنني في الثلاثين من عمري 00ربما في الخامسة أو السادسة والثلاثين 00جسدي جسد رجل في العقد الرابع من العمر ن وربما تفكيري أيضا 00
قلت بلهجة تقريرية ك
- إنني أتناول وجبة ، مع جرعات عالية من فيتامين هـ 00لا مشكلة هنالك 00
مالت برأسها الأشعث نحوي ن وقالت همساً :
- هل يضايقك أن تكتب لي نظام حميتك بالضبط ؟ أنا أيضاً أشعر بعدم راحة بسبب الزمن 00يخيل إلي أن زحف السنين أسرع من قدرتي على الاستمتاع بها 00
وكنت أفهم ما تعنيه 00التجاعيد 00الشيب 00علامات وندوب الصراع مع الزمن تظهر – بلا رحمة – على الوجه وهي – بعد كل شيء – أنثى 00قد تتكلم عن العقل المجرد وعن مقولات العقل وصراع الوجود العبثي ، لكنها – في النهاية – تتضايق جداً حين تجد شعره بيضاء في مفرقها ، ولهذا تضع كل هذه الأصباغ على وجهها – كما قلت سابقاً – كأنها هندي أحمر ذاهب لحرق معسر الوجوه الشاحبة 00
- سأكتب لك نظام حمية ناجعاً 00
وكانت خجلى من اعترافها الأخير الذي يكشف عن كونها إمرأة ، وربما عن كونها إنسان أيضا ، لذا حاولت تغيير الموضوع على الفور :
- ماذا عن بروفات كتابي ؟
وكتابها هذا كان ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير ، قامت بلفها في كيس بلاستيكي كي لا تتبعثر 00وكانت مكتوبة بخطها الكبير الراسخ الذي يعني بنقاط التاء المربوطة ن والهمزات عناية بالغة 00
أما عن موضوعه فهو ( مدارس العقل من سقراط حتى هربرت ماركوس 00
وكان هذا كتابها الأول ، وتهدف به إلى تبسيط الفلسفة لتناسب رجل الشارع 00أي أنه – لو تحقق حلمها – سنجد البقال يبدي رأيه في فلسفة شوبنهاور وأم سعد – مدبرة داري – في الجشتلط 00
لقد أعطتني أصول الكتاب منذ زمن سحيق ن و بالطبع لم أقرأ منه حرف واحد 00أنا أمقت الفلسفة ولا أفهمها ، و أراها في فن الكلام عن البرتقالة حتى تفسد بدلاً من التهامها 00لكنني بدافع الحرج غالباً أخذت الكتاب ووعدت بقراءته بعناية وإبداء رأيي فيه ، وكان هذا الرأي مهما بالنسبة لها للغاية لأنني – كما تعتقد – من المثقفين الذين هم قشدة المجتمع 00
هنا فقط تذكرت الكتاب ، ودعوت الله ألا تكون أم سعد قد وجدته وباعته لأول بائع طعمية في الحارة التي تعيش بها 00
قلت وأنا أحاول التذكر ك
- لم أفرغ منه بعد 00إنه شديد العمق ولا يقرأ في جلسة واحدة 00ثم إن رحلتي إلى الولايات المتحدة قد 00
- حاول أن تنتهي منه سريعاً 00إهم يطالبون به 00
ومضت الجلسة في بعض المحاورات العميقة مثل سبب سقوط أقلام الحبر على سنونها ن ورنين جرس الهاتف حين تكون في الحمام ، وتأخر القطار عن موعده حين تصل إلى المحطة مبكراً , ورحيله في الوقت المحدد بالضبط لو تأخرت أنت عشر ثوان00
سأقرأ الكتاب غداً 00بالتأكيد سأفعل 00
الجمعة 24 أبريل :
بعد طقوس يوم الجمعة الشهيرة : الصلاة والغداء والنوم ، شعرت بوحدة بالغة 00قررت أن الوقت حان لقراءة كتاب كاميليا 0
جلست في الصالة أصغي لصوت انهمار المطر في الخارج 00كان يوما مطيرا رمادياً له كآبة محببة 00البرد يتسرب إلى قلبك وأعصابك 00إنني وحيد جداً 00وحدتي تفوق وحدة الأخرين 00هناك من هو وحيد لأنه ليس معه اثنان 00والوحيد الذي ليس معه ثلاثة 00أنا ذلك الوحيد البائس الذي ليس معه مائة شخص 00لهذا أقول : وحيد جداً 00
جرعت جرعة من الشاي الساخن ، وأرحت كفي على الكوب ورحت أطالع الصفحات 00غريب هذا !! الكتاب جيد بالفعل 00جيد وشائق 00وينجح في ربط الفلسفة بحياتنا إلى حد غير مسبوق 00
رحت أثب – كحصان طليق – بين الصفحات على صوت العاصفة 00على أن أتحكم في نفسي كي لا أنتهي من هذا الكتاب الساحر في جلسة واحدة 00
وعلى وريقة صغيرة رحت أخط ملاحظاتي كي لا انساها 00
ترك ما قرأته تساؤلات عديدة في نفسي 00تساؤلات كنت أحسبني أملك الإجابة عنها ، وزرع في نفسي حيرة محببة تجاه كينونتي وكينونة الآخرين 00أنت بارعة بحق يا كاميليا وأنني لأنحني لك احتراماً 00
إنها العاشرة مساء 00
ترى هل أنام أم 0000؟
نعم 00إن لي فترة لا بأس بها منذ ذهبت إلى دار عزت آخر مرة لقد تعافى تماماً من المرض ، ومن المفترض ان يكون الآن في شقته ما لم يكن في الاسكندرية 00
تمنيت الاحتمال الأول ، وتوكلت على الله وارتديت الروب ودسست قدمي في المركوبين وهي بالمناسبة لفظة فرنسية 00أعني مركوب طبعاً واتجهت إلى شقة المذكور ، ففتح لي الباب ، وقال بانبهار ك
- ماشاء الله ! عيني عليك باردة 00الخ 00
لقد صار هذا مملاً 00كم هو مضجر أن تكون في أفضل حال ، لا يكف الناس عن مصارحتك بهذا طيلة الوقت 00
كان في أسوأ حال بسبب البرد 00قلنسوة صوفية على رأسه تغطي أذنيه ، وروب صوفي سميك يستر عدة طبقات من الكنزات ، وفي قدميه جوربان صوفيان 00إن مرضه يجعل البرد عذاباً مقيماً 00
قال لي :
- هل لك في بعض الشاي ؟
- هل لك في بعض الشاي ؟
- ولكن قلل الصراصير نوعاً ، فلم أعد مولعاً بها 00
غاب في المطبخ فترة طويلة ، وشممت رائحة شياط وسبانخ تسلق وسمعت صراخا وعويلاً وعواء ذئب ، وأشياء غريبة جداً ، ثم عاد لي بكوب شاي على صفحة , وجلس جواري 00
أراد أن يخلي لي المائدة الصغيرة ليضعها أمامي ، لكن كان عليها تمثال ثقيل من تماثيله ، وحاول جاهداً أن يرفعه فلم يقدر 00تطوعت أنا بحمله إلى مكان آخر بسهولة تامة ، وعدت إلى مجلسنا أمام نظراته المندهشة 00
- غريب هذا !! أنت بصحة جيدة فعلاً 00
- الدهن في العتاقى 00أنا لم أنته بعد 00
قال في كياسة وهو يقرب صفحة الشاي مني :
- هذا يغريني بأن أفتح موضوعاً مهماً معك 00كنت متردداً لكنك قد جئت بقدميك 00
- جئت بكامل إرادتي الحرة كما يقول مصاصو الدماء لا يهاجمك إلا إذا تأكد من أنك جئت بكامل إرادتك الحرة00
أبعد الشر بكفه ، وقال :
- دعنا من هذه السيرة المنحوسة ، وقل لي :
- هل أنت مستعد للزواج ؟
نظرت له في حيرة تامة ولم أقل شيء ، وأعتبرها هو علامة موافقة ، فأدرف وهو يرتجف من البرد :
- أنها زميلتي00 رسامة ممتازة بحق ومناسبة من جميع الوجوه 00
- يا سلام ! ولماذا لا تتزوجها أنت ؟!!
اصطكت أسنانه وقال :
- في حالتي الصحية هذه أنا بحاجة إلى ممرضة لا إلى زوجه 00أما أنت فصحتك ممتازة ولن تجني علي من ستكون زوجتك 00
تذكرت العناية المركزة والآم الصدر وصفير الربو 00كل هذا يعتبره عزت صحة ممتازة 00لكنه ليس كاذب إلى هذا الحد 00حقا لم أشعر بهذه الصحة من قبل 00
قلت بفضول :
- والسن ؟
- خمسة وثلاثون 00إنها سن ناضجة 00ولا تسألني طبعا عن سر عدم زواجها حتى الآن 00
- طبعا 00أما أنها قبيحة كسحلية البازيليك وأما هي لم تجد الرجل المناسب بعد 00
- هي ليست قبيحة كسحلية الـ 00البا 00هذه فماذا نستنتج ظ
فكرت في الساعات المريرة الوحيدة التي قضيتها في داري ، وللمرة الآلف شعرت بأن الشرك يستحق أن أنزلق فيه 00
- دعني أراها أولا 00ودعها تراني أولا 00
- هذا من حقك طبعاً 00
وراح يرتجف قليلاً ، ثم قال :
- هذا من حقك طبعاً 00
وراح يرتجف ، ثم قال :
- يجب أن تراها في الإسكندرية 00أنها تعيش هناك مع أهلها 00
- وهل لديها عمل حكومي ؟
- أنها موظفة في شيء ما بالثقافة الجماهيرية 00ثمة معرض تشارك هي فيه في الأسبوع القادم 00أعتقد أنك ستهتم بالفنون التشكيلية في الفترة القادمة 0
قلت وأنا أرشف الشاي حالما ً :
- لقد كنت مهتماً بالفنون التشكيلية طيلة حياتي !!
وحين عدت لشقتي في 12 مساء ، كنت أفكر 00معنى ما حدث هو أن تأثير الشباب لم يكتف بجسدي ، بل بلغ روحي 00روحي التي بدأت تكتسب شباباً خاصاً بها 00فلو سمعت اقتراح عزت هذا منذ أسبوع لسخرت منه ، وسكبت الشاي على رأسه 00
لكن الاقتراح لم يبدو اليوم سخيفا إلى هذا الحد 00
سأسافر إلى الإسكندرية خصيصاً 00يالها من معجزة ! من يدري ؟ ربما لو نجح اللقاء أسافر إلى دمياط يوما لانتقاء صالون!! إن هذا يعد نوعا من الخيال العلمي لكن كل شيء جائز هذه الأيام 00
سأنام الآن وقد فرغت من هذه السطور 00

السبت 25 أبريل ك
لا يوجد ما أكتبه اليوم 00


الأحد 26 ابريل :

بانتظار تحسن الجو في الإسكندرية 00أنها نوه شرسة لكن من الواضح أنها آخرها 00يقولون أن اسمها نوة عوه أو شيء من هذا القبيل 00لكنهم يضيفون في ثقة : عوه آخر نوه 00لا بد أنهم سموها بهذا الاسم كي يستقيم السجع لا أكثر !


الاثنين 27 ابريل :
مزيد من الشعيرات السوداء والتجاعيد أقل 00لو استمر الأمر بهذا الشكل لتحولت إلى الفيس بريسلي بعد أسبوعين 00


الثلاثاء 28 ابريل :
إنها الثانية صباحاً 00لقد عدت من الإسكندرية من ساعتين 00
رباه ! لقد كانت تجربة ثرية بحق 00
ذهبت مع عزت إلى المعرض في السابعة مساء ، وكان هو قد أخبر الرسامة بقدومه ، ولم تكن هي لتفوت فرصة لقائه والترحيب به في معرضها 00وقد تفحصت لوحاتها بنهم قبل قدومها ، فوجدت أنها تقليدية جداً ما زالت في مرحلة رسم النهر ، والفلاحات الآتي يملأن الجرار، والبطة السعيدة السابحة 00وكان هذا على كل حال أفضل من لوحات زملائها ، المليئة بأكاليل الغار ومداخن المصانع والتروس العملاقة والفتوات الممسكين بالمفاتيح الانجليزية في أيديهم 00
ثم جاءت 00وكانت شيئاً رقيقاً هشاً شديد الخجل والعذوبة , وصافحتنا وجالت بنا في المعرض وكان معها أخوها 00وهو شاب مهذب لطيف الحاشية 00أناس طيبون حقاً وعزت لم يكن أحمق على الإطلاق ..على أن أكثر ما فتنني فيها النظرة الهفهافة الخجول التي لا تجرؤ على إطالة النظر إلى شيء 00كلمسة رضيع على وجهك وأنت تميل على مهده تلاعبه 00
قررت أن أتكلم ، فبدأت أقول كلاماً راقياً عميقاً جداً عن الفن وعلاقته بالحياة 00كلام لا يعيبه إلا أنني لم أفهمه أنا نفسي 00
ونظرت في ساعتها ، وقالت إننا أضأنا ليل الإسكندرية ، لكنها مضطرة للرحيل لأن الوقت تأخر 00
وهكذا انصرفت مع أخيها ، واعتقد أن انطباعها لم يكن سيئاً 00
سألني عزت :
- ما رأيك ؟ أتناسبك ؟
قلت في شرود :
- المشكلة الوحيدة هي أن هذه الزهرة لا تستحق أن تعاقب بي !!
- لا بد أنها تستحق 00إن كلاً منا له أخطاؤه الشنيعة !
ثم دار بعينيه في المعرض ، وقال بلهجة الإغراء :
- هل تريد أن ترى تماثيلي 0
كدت أقول له إنه لا وقت لدي لهذا الهراء !! ثم وجدت أن هذا سيكون فظاً بعد معاناته من أجلي 00





***********************************************

issam_is_me 10-08-06 12:33 PM

شكرا
استمر يا بطل
بالنسبة للسكانر نسق المسالة مع المشرفين

حسين السريعي 10-08-06 12:43 PM

العفو 00ودمتم ستامين00

حسين السريعي 10-08-06 11:39 PM

عشرون !!


الأربعاء 29 إبريل :

لا يوجد ما يستحق الكلام عنه اليوم 00


الخميس 30 ابريل ك

اليوم قد مر أسبوعان على بدء التجربة وكما وعدت المعالج الروماني فقد ذهبت إلى المصور ، وطلبت التقاط صورة لي 00بالتأكيد سيبدو الاختلاف واضحاً ، لو كان يبغي أن يضع وجهي في إعلان من نوع ( قبل / وبعد ) 00
لقد صار شعري أسود ، وبدا ينمو ببطء غازياً الرقعة الصلعاء التعيسة 00كثيرون في العمل لاحظو الفرق ، وافترضوا أنني أصبغ شعري 00
غنهم يقولون 00ماذا يقولون ؟ دعهم يقولون 00
هذا ميثاق اللامبالاة المتعالية الذي سأتمسك به إلى النهاية 00
ما زال ضغط دمي في تحسن ، وهو يدنو بسرعة من الرقم السحري ( 120/80 ) الذي لم أحظ به منذ كان عمري 25 عاماً00
لاحظت شيء آخر 00هو أن قيادي للسيارة صارت أكثر جموحاً وجرأة ، ولم أعد أقودها بذلك البطء المرتجف الذي يضايق من يسير خلفي 00فلا تمر دقيقة إلا ويتجاوزوني بصوت الـ ( فرووم ) المتذمر الذي يقول : فلتذهب للجحيم بذعرك هذا 00لن أقضي حياتي ماشياً وراءك !
و 00و00ملايين التفاصيل الصغيرة التي أحتاج إلى مجلدين كي أحكيها 00تلك التفاصيل التي تعني الشباب 00بكل ما فيه من سحر 00
أعطيت اليوم موافقة مبدئية لـ عزت كي يتكلم في موضوع الرسامة السكندرية هذه – اسمها نجلاء – فقال لي :
- ألا تدير الأمر قليلاً في ذهنك ؟ لقد كان اللقاء يوم الثلاثاء لا أكثر 00إن التمهل في هذه الأمور ليس حماقة 00قلت في نفاذ صبر ك
- بل الحماقة هي ألا تعرف الفرصة حين تقابلها 00
هز كتفه بإيماءة من طراز ( هذا من شانك على كل حال ) ووعدني بأن يقدم لهذا الاقتراح غداً 00


الجمة 1 مايو :
في العاشرة صباحاً اتصلت بي د0 كاميليا تسألني عما فعلت بصدد الكتاب ، فوعدتها أن أخبرها تفصيلاً في إلقاء 00وليكن في السابعة مساء 00( المشكلة هي أنني لا أذكر أين وضعت تلك الأوراق الحمقاء ) 00
ثم أنني دخلت الحمام فحلقت ذقني بعناية وتضمخت بعطر فلغم ( كما يقولون ) وسرني أن وجهي في المرآة لم يعد كابوساً خارجاً من دهاليز ( هت 0 ب 0 لافكر افت ) أديب الرعب الشهير 00الحقيقة أن وجهي أصبى بكثير 00لا أستطيع العثور على تصعيده واحدة ، ويبدو أن الصلعة العتيدة في طريقها إلى التلاشي 00
لو استمر الأمر هكذا ، فلسوف يمنعوني من دخول الكلية ، ولسوف يسألني بواب البناية عن وجهتي حينما أحاول اجتياز الباب 0
وفي السابعة مساء لكم أن تراهنوا على أنني كنت هناك 00اجتزت مدخل الكافتريا ويداي في جيبي بدلتي الكحلية التي تجعلني فاتناً 00لم يعد هذا رأيي الحالي ، واعتقد أن الخلاص منها هدف لا بأس به 00
جلست في موضعي المعتاد ، وطلبت كوباً من العصير 00
بعد دقائق جاءت د 0 كاميليا 00غريب هذا !!لكم هي مهملة في ثيابها ! وما أكثر التجاعيد في وجهها 00إنها شمطاء بحق !!لا أدري كيف غابت عني هذه الحقيقة وشعرت بشيء من الخجل لأنني أجلس معها جلسة منفردة 00
بدا الذهول على وجهها كالعادة ، وهتفت وهي تتأمل وجهي :
- ما الذي تفعله بالضبط ؟ إنني تعرفتك بصعوبة !
ثم جلست ومالت برأسها المشعث نحوي ، وتسألت :
- هل أنت واثق من أنك لم تبع روحك للشيطان ؟
- قلت في استهتار :
- إن ثقافتك الأوربية هذه أفسدت تفكيرك 00لو نسيت جوته قليلاً لوجدت أن الأمر ليس بهذه الغرابة 00لنقل أنني تعلمت كيف أعيش واستمتع بحياتي 00
- أنا ى أمزح 00لقد صار الأمر غريباً 00غريباً إلى حد أنه مخيف 00
طلبت لها بعض العصير ، ثم استرخيت في مقعدي منتظراً أن تبدأ الكلام 00
قالت :
- هل قرأت الكتاب ؟
- بالتأكيد 00
- وهل هو معك ؟
- لا 00ثمة أجزاء أريد أن أقرأها مرتين 00
- ليكن 00وما هو رأيك النهائي ؟
- كتاب ممل 00آسف أن أقول هذا 00لكنه كابوس حقيقي !
كانت قد اعتادت سخريتي وآرائي الغريبة ، لكن شيئاً في لهجتي جعلها تقلق 00اتسعت عيناها وراء عويناتها ، وزمت شفتيها في عصبية ، وقالت :
- إلى هذا الحد ؟ هل قرأت الجزء الخاص بالوجودية ؟ كنت أحسبه ممتعاً 00
حاولت أن أتذكر هذا الجزء فلم استطيع 00كانت لي آراء جيدة في الموضوع ، لكنها ذابت وتلاشت 00لا أذكر سوى أنه كتاب سخيف ومرهق 00وبحثت عن الكلمات ذات معنى أقولها فلم أجدها 00
قلت وأنا أرشف ما بقي في كوبي :
- كتاب شديد الإملال 00لا أدري لماذا تصرين على أن تكتبي أصلاً ؟
كانت مصرة بالفعل ، لكن على مزيد من الاستجواب :
- والجزء الخاص بالرواقيين ؟ والردع لي مارتن بوبر ؟
خفت أن يكون هذا شركاً ثقافياً ، فلم أعلق على اسم بعينه ، وقلت :
- كله 00كله سخيف 00لا أخص بالذكر أجزاء بعينها 00
بدت عليها علامات الضياع والحماقة ، تلك العلامات التي زاد من قسوتها أنها كانت تحاول التظاهر باللامبالاة المتعالية 00إنها آراء ثقافية عقلانية باردة لا دخل للعواطف فيها ، لكنني أعرف أنها تتأرجح بين رغبتين : رغبة في البكاء الهستيري ولطم الخدين والتوسل لي كي أمدحها ، ورغبة في صفعي مع البصق في وجهي ثم تقول : ماذا تعرفه أنت عن الفلسفة أيها الأجوف ؟!
محتفظة بقناعها الحضاري قالت :
- ولم تحب الجزء الخاص بـ كيركجارد ؟
- كان سخيفاً جداً 00
ابتسامة منتصرة عبرت شفتيها ، وقالت في ترو :
- لكني لم أكتب حرف عن كيركجارد!
كما كنت أتوقع بالضبط 00هززت رأسي في سأم وقلت ك
- لم تعد الفروع مهمة ما دام أصل الشجرة نخراًَ واهياً 00
ساد صمت ثقيل لبرهة ن وأدركت كم هي تمقتني 00بعد قليل قالت :
- في الحقيقة كنت أظن أنك ستعطي الكتاب اهتماماً أكثر 00يخيل إلى أنك تعاملت معه بشيء من الخفة وكان علي أن أتوقع هذا وأنا أعرف كراهيتك للفلسفة 0
تباً! فلينته هذا الموقف السخيف سريعاً 00
قلت لها :
- أنا أحب الفلسفة ، لكن حين تجيء من سادتها !
والحقيقة أن العدوانية التي تسربت إلى نفسي لم يكن لها سوى سبب واحد غريب ..أنني وجدت كاميليا أقبح مما أذكره عنها ، وتصرفت بأسلوب الرجل الذي يحاول الخلاص من متسول لزج يدس رأسه في نافذة سيارته 00
ما سر هذه القسوة ؟ لا أدري 00لكنني صرت أقل استعداداً للمجاملة 00
وحين انتهت الجلسة ، ودعتها ووعدتها بأن أحضر لها الكتاب سريعاً 00
سيسعدني الخلاص من هذا الكابوس سريعاً 00


السبت 2 مايو :
الحاجة فتحية أبو الروس 00
في الخمسين من عمرها ، تعاني فقر دم بالغ لم يتضح سببه لنا بعد ، لكننا كنا نعرف شيء واحد : هذه المرأة تعاني بشدة 00أنها تجاهد من أجل الهواء ن عاجزة عن الرقاد ن ولون بشرتها يحاكي لون هذه الورقة 00
قمت بقياس ضغط دمها ، فوجدته منخفض 00قلت للطبيب المقيم الواقف بجوار فراشها معي :
- إنها على حافة الصدمة 00ماذا تنتظر لتعطيها المحاليل الوريدية ؟
قال في شيء من الحياء وهو يتراجع خطوة :
- قلبها يا سيدي 00إن حالة قلبها لن تتحمل المحاليل كما تـ 00
هنا صعد الدم إلى رأسي 00ربما أقبل الجهل لكنني لا أقبل الوقاحة ، وفي عصبية صحت :
أرجو أن تصحح لي مفاهيمي 00من هو الأستاذ ومن هو الطبيب المقيم حديث الخبرة ؟
ابتلع ريقه 00كان يفضل أن يصمت لكن الأمر أقوى منه ، فقال :
- معاذ الله أن أعترض 00لكن سيادتك لم تصغ إلى رئتيها 00إن حالتهما تنذر بـ 00
وأنا قد أقبل الوقاحة لكني لا أقبل الانحطاط ، لهذا صحت بعصبية أكثر :
- إما أن تبدأ في إعطائها محلولاً وريدياً الآن وليكن ( الدكستروز ) وإما أن تبدي الشجاعة ذاتها أثناء التحقيق معك 00
واستدرت كي تكون لي الكلمة الأخيرة 00
وبعد ساعة سمعت طرقة على باب مكتبي 00
كان هذا هو د 0 رأفت صديق حياتي وقال كالعادة :
- ما شاء الله عيني عليك 00
لكني لاحظت انه يريد إخراج كلمة محشورة في حلقه ، ولا تريد أن تخرج ، ثم في النهاية تحامل وقال متحاشي نظراتي :
- هل أمرت بإعطاء مريضة فقر الدم لترين من ( الدكستروز ) ؟
قلت في سخرية :
- الأخبار تنتشر بسرعة هذه الأيام 00
قال في كياسة :
- لماذا ؟ أنت تعرف أن رئتها ليست على ما يرام 00أن شيء كهذا سيؤدي إلى تفاقم هبوط القلب 00ربما إلى الأوديما الرئوية 00
صمت وقد تحولت إلى بركان آدمي :
- هل جرؤ الفتى على مخالفة أوامري ؟
رفع كفه ليهدئ من روعي ، وقال بكياسة :
- لم يحدث 00أنا مررت على فراشها ووجدت المحلول معلق ، ولمته على ذلك 00لكنه قال إن هذا أمر مباشر منك 00لقد سمحت لنفسي بأن أوقف المحاليل ، واحقنها بالـ فرو سيمايد المدر مع خلايا الدم الحمراء المحزومة 00وبالطبع قمت برفع ضغطها بأساليب أخرى غير المحاليل 00
طبعاً لم يحدث هذا 00معرفتي بالبشر تقول أن هذا لم يحدث 00
أستطيع أن أرى الطبيب المقيم يهرع مولولاً إلى الدكتور رأفت في مكتبه ويقول بهلع : افعل شيء 00د0 رفعت 00طلب كذا 00وكذا 00) فينهض رأفت ويربت على كتف الفتى قائلاً ( سأتصرف أنا فلا تقلق 00لكن لا تنفذ الأمر طبعاً 00أحسنت إذ أخبرتني 00
قلت في ضيق لـ رأفت :
- كيف تسمح لنفسك بمعارضة ما كتبت من علاج ؟
آي آي ! إنه الصدام ! هكذا قال لنفسه ، وابتلع ريقه وقال :
- رفعت 00نحن نتحدث عن حياة إنسان ها هنا 00لا مجال للمجاملات أو الكبرياء الشخصية 00أعتقد أن ثمة خطأ ما حدث منك 00ونحمد الله أن ضرراً لم يقع 00الواقع أنك لست على ما يرام هذه الأيام 00
قلت في ضيق كالعادة :
- إنني بخير حال هذه الأيام بالذات 00
- صحياً 00نعم 00لكن شيء من التهور والاستخفاف بدا يتبدى في تصرفاتك 00أحياناً أشعر أنك 00
وبحث عن لفظة مناسبة ، ثم قال :
- أنك في 25 من العمر !
كان محقاً في الرقم على الأقل 00بالفعل أشعر أنني في سن 25 أو أكثر قليلاً 00لكنه فيما عدا هذا مخطئ على طول الخط 00وخطء ووقح 00
وقبل أن أرد قام هو بـ التاكتيك الشهير في المشاجرات : انصرف 00وظللت وحدي أغلي 00لن يمر هذا الحادث على خير 00سأعرف كيف أنتقم وكيف ا}دب الشاب المستهتر 00

الأحد 3 مايو :
مر علي عزت في التاسعة مساء ، ليخبرني بأنه قد رتب لي لقاء في المعرض إيه مع الرسامة الشابة نجلاء 00لا بد أن نتبادل بعض العبارات قبل أن أستطيع زيارة أهلها 00
في المعتاد كنت سأجد الذهاب إلى الإسكندرية ثلاث مرات في أسبوع واحد أمر عسير ، لكني كنت الآن نشيطاً كالبراغيث 00وافقته على الفور ، وقررت أن يكون اللقاء غداً الساعة السادسة مساء 00وهو لقاء لتحديد لقاء 00


الاثنين 4 مايو :
رحت أتأمل اللوحات في المعرض مع عزت بانتظار مجيئها 00ولا أدري لماذا شعرت بأن الرسوم جميلة بالفعل 00لماذا لم ترق لي حين رأيتها قبل أسبوع ؟!!
بعد قليل وصلت نجلاء 00كانت مرتبكة بحق ، وبدا التكلف واضحاً على كلماتها وحركاتها 00شتان بين أن تعرف ولا تعرف 00
كانت لي موقف مماثلة مع د 0 محمد شاهين 00لكن الرجل – تذكرون – فضيحة مجسمة لا يكف عن لفت الأنظار ، لكن عزت كان ذكياً كيساً بشكل واضح 00وبعد دقيقتين لمح صديق له من بعيد فصاح يناديه ، ثم هز رأسه لنا في تهذيب معتذراً لأن : ( لي كلمتان مع هذا الفتى ) وتركنا وابتعد 00
ظللنا صامتين لفترة لا بأس بها , ثم قطعت الصمت قائلاً :
- إن لوحاتك جميلة جداً 00
احمر وجهها كالطماطم ، وأطرقت برأسها وهمست :
- هذه مجاملة 00الأستاذ عزت قال لي أنك كنت ترسم 00هل كنت مولعاً بالفن الكلاسيكي أم التجريدي ؟ هل ثمة مدرسة معينة تحبها ؟
- طبعاً 00مدرسة الأرومان الإعدادية ! نيا هاهاهاه0!!
دعابة ظريفة ، لكنها أكتفت بأن ابتسمت ومن جديد سألتني :
- أتحدث بجد 00هل تحب مدرسة معينة ؟
الحقيقة أن اسم أية مدرسة لم يخطر ببالي لحظتها ، فقلت وأنا أنقل ساقي كاشفاً عن توتري :
- كلها تعجبني 00كلهم بارعون بحق 00
بعد قليل بدا الكلام يتطور إلى مواضيع أكثر حرجاً 00مثل :
- لماذا يتزوج الرجل في رأيك ؟
هذه الحمقاء تعتبر أنها في حوار صحفي مع البير كامي 00والمفترض أن أقدم لها رداً مقنعاً 00قلت لها :
- يتزوج الرجال حين لا يجدون شيء أفضل يفعلونه 00
بدت لها دعابة لطيفة فأحمر وجهها قليلاً 00وفهمت أن احمرار الوجه هو نوع من القهقهة !!ويبد أنها اكتفت بهذه الإجابة ، فبدأت تسألني عن رأيي في الأوضاع السياسية في البلاد ، وعن مستقبل التجربة الإشتراكية ، وعن الحرب القادمة مع إسرائيل 00
أنها تحسب نفسها تحاور أحمد بهاء الدين على ما يبدو 00قلت لها ما استطعت قوله ، ثم أنهيت الكلام بلهجة تقريرية :
- أنا أرغب في التقدم لك 00فمتى أستطيع الذهاب إلى دارك ؟
لم تعلق 00يبدو أنها لم تتوقع هذا الهجوم 00
هنا أنقذها عزت إذ جاء مترنحاً يرتعش من البرد ، وقال بلا مناسبة :
- معذرة فهذا الفتى ثرثار حقاً 00إن نجلاء أختي يا رفعت ، وأنا لاأطيق مضايقتها 00لعلك لم تعطها حمامك الثقافي الشهير 00إن الرفق خصلة حميدة خاصة إذا كان بقارورة كهذه 00
- اطمئن 00
قلتها في غرور ضاحك ، ثم أن الفتاة هزت رأسها في أدب طالة الانصراف ، فحياها عزت 00
ووقفنا بضع ثوان تصطك أسناننا برداً 00وفي النهاية قال لي :
- ما رأيك ؟
- لم تبد كبيرة السن إلى هذا الحد في لقائنا الأول 00
- كبيرة؟! إنها زهرة لا تشيخ أبداً 00والآن سأعرف منها موعد اللقاء في دارها ، وعليك أيها الذكي أن تذهب وحدك هذه المرة 00أنا لا صفة لي هنا 00
- هل سنعود إلى القاهرة الآن ؟
- بالتأكيد 00هل لديك خطط أخرى ؟
- فلنتنزه ! لنمش على الكورنيش قليلاً 00
- في هذا الزمهرير ؟ حقاً أنت تغيرت يا رفعت 00كنت أعرف شخصاً يشبهك لا شيء يغريه في الحياة سوى الفراش الدافئ 00
وقد كان ما اقترحته 00


الثلاثاء 5 مايو :

عند الغروب جاءني عزت وكان وجهه متحفظاً 00قال لي :
- فيم تحدثتما بالضبط أمس ؟
- في كل ما يخطر ببالك 00
هز رأسه بحيره وقال :
- لماذا لم يبهرها بعقليتك الجبارة ؟ يبدو أنك بالغت في المزاح بعض الشيء هذه هي مشكلتي معك 00
تساءلت وقد بدا الموضوع يتضح لي :
- لم أرق لها 00هه ؟
- شعرت بأنك ضحل إلى حد ما ، وربما خاوي العقل أيضاً 00قالت أنها شعرت بأنها تكلم من يصغرها بعشر سنوات على الأقل 00إن المرأة تحب أن تشعر بان زوجها أكبر سنا أو أرجح عقلاً أو أوسع تجربة أو أثقل جيباً 00ومن الواضح أنك لم تعطها الإيحاء الذي كان عليك أن تعطه 00
قلت مغتاظاً ك
- تباً لها ! لم يكن نقاشاً بل كان استجواب أنا أرفض أن يختبرني أحد 00معنى هذا أن الزيارة لدارها قد ألغيت ؟
- طبعاً لا يوجد نصيب 00
- سحقاً لها ! أنا أيضا لم أر فيها أي جمال 00إنها قد خطت أول خطوة في طريق العنوسة ، ولسوف تكمله بلا شك 00وهناك شيء آخر أعتقد أن هذه الفتاة تميل إليك !
- رفعت ! هل جننت ؟
- الأمر واضح 00هي لا تأتي إلا حين تدعوها أنت ، ولا تثق إلا بمن أنت تثق بهم 00( ناداني حبيبي جيت بلا سؤال ) كما تقول فيروز 00
الأمر واضح يا أخ عزت ، وأنني لأتمنى لك التوفيق !
لم يجد الكلمات التي يعبر بها عن غيظه ، وراح يرتجف ويترنح ، وازداد وجهه سواداً حتى صار صالحاً لوضعه في المراجع الطبية تحت اسم ( مرض أديسون )
- رفعت أنت تهينني وتهينها 00ماذا دهاك ؟ تتصرف كطفل أخرق 00ثمة حدود للكلام يحسن التوقف عندها 00أنا الذي 00
- صمتاً !!
قلتها ودفعته خارج شقتي , وأغلقت الباب 00
ألن ينتهي كل هذا الذباب ؟ ألن ينتهي أبداً ؟
صبراً أيتها الرسامة السكندرية البلهاء 00ستدفعين ثمن رفض رفعت إسماعيل غالياً 00أنا لا أرفض 00هذه حقيقة يجب أن تعرفيها 00
أنا لا أرفض 00
لكني أرفض متي أريد 000




************************************

issam_is_me 11-08-06 02:22 AM

شكرا
اكمل يا صديقي المهمة

حسين السريعي 11-08-06 08:47 PM

ثلاثون !

الأربعاء 6 مايو :



صباح العسل !!
صحوت من النوم في خير حال 00مرح غامر وحب مجنون للحياة يطيح بتوازني 00ذهبت كي أحلق ذقني فوجدت في المرآة عجباً 00
لم يعد في رأسي موضع خال من الشعر 00شعر أسود جميل لامع 00وجهي وجه صبي 00والغريب أن شاربي الكث لم يعد هناك 00صارت في مكانه بقعة من الزغب الذي لم يستقر بعد على لونه النهائي : البني أم الأسود ؟
ولم تكن لي لحية على الإطلاق 00
يذكرني هذا بصورة قديمة لي جوار خالي 00وقد كتب عليها ستوديو آرت بالمنصورة 00كان تاريخ الصورة 1940م بينما قنابل هتلر تهوي في سماء القاهرة والعقاد قد فر إلى أسوان كي ى يعتقله النازيون 00
رحت أصفر لحناً مرحاً ، وفتحت الراديو لأسمع صوت عبد الحليم حافظ الرخيم 00ما أجمل أن تملأ المكان والزمان ! ما أجمل أن توجد!
لكن هناك مشكلة00 عسير أن أذهب إلى المستشفى بهذا المظهر 00
لن يصدق أحد أنني رفعت 00فكرت في شارب مستعار وبعض المسحوق الأبيض ليبدو كالشيب لكنني وجدتها فكرة بلهاء 00
قررت أن أنزل لأشتري إفطار 00أن جوعان جوع شديد يمزقني الآن 00لم تفتح شهيتي لهذه الدرجة من قبل 00
نزلت للشارع أصفر وأتبختر 00
كان هناك غلام في طريقة للمدرسة يلهو بكرة شراب ، وقد غاب تماماً عن الوجود 00مشيت وراءه وقلت بمرح :
- بكعبك يا كابتن !!
نظر للوراء ورآني ، وبلا مبالاة سدد الكرة نحوي ، فقمت بـ تنطيطها عدة مرات ، ثم بإصابتها له 00قضينا عدة دقائق نتبادل الكرة ، ثم بدا عليه الذعر وسألني :
- كم الساعة الآن ؟
نظرت لساعتي 00أنها الثامنة والنصف 00قلت ضاحكاً :
- انتهى الأمر ! أما زالت هناك مدارس في مايو ؟
لكنه لم يصغ لي ، واندفع يجري مذعوراً حتى غاب عن عيني 00
يا سلام على رائحة الربيع ! إن مصر لاتعرف الربيع بالمعنى المتفق عليه ، ولكنه فصل من عواصف الخماسين 00الربيع في مصر هو فصل الروائح العطرة القادمة من الحقول المحروثة البعيدة ، والتي تحرك في أعماقك ألف عاطفة 00
فجأة شعرت بحزن عميق 00أنا وحيد بائس منبوذ 00لا أحد يحبني 00سأرحل لأقصى الأرض لأواجه قدري ، وأموت وحيداً ككلب عقور ، بينما في لحظة الاحتضار الأخير سأهمس باسمها 00
من هي !!؟
هي التي تملك كل أفكاري وأحلامي وآهاتي 00هي التي لا تعرف أنها هي !! هي التي سأحارب الغيلان من أجلها وأرسلها مع تحياتي لتخدمها بإخلاص 00هي 00ولكن !! من هي ؟
المشكلة هي أنه ليس عندي واحدة 00أنا حزين تعيس كئيب متفرد 00كانت هذه الخواطر كفيلة بأن تنحدر العبرات من عيني 00وتبدل مزاجي كما تتبدل السماء عند قدوم العاصفة 00رباه!! ألن ينتهي كل هذا الألم ؟
اشتريت ستة ساندويشات 00سأقتصد اليوم لأنني حزين 00إن الفول والطعمية لقادران على دفن أحزاني إلى حد ما 00
وعدت للدار ، ونسيت كل هذا الحزن ، لأن شمس الربيع أشرقت من جديد في داخلي 00
وقفت في الشرفة أرمق الشارع 00غريب أنني لم اعتد هذا النشاط من قبل 00لقد قضيت ما مضى من حياتي في قوقعة 0
هنا وقعت عيناي على أجمل شيء في العالم 00
كانت هالة ابنة الأستاذ زكريا جاري ، وقد غادرت البناية قاصدة كليتها على ما أظن لأنها تحمل كتاب في يدها 00رباه!! إنني أحمق هذه الحسناء تسكن على بعد أمتار مني ، ولم ألحظها قط كأنها نسيج عنكبوت أراه بطرف عيني وأنا أصعد السلم وأهبط منه 0
إنها في 18 أو 19 00أي أنها رسمياً في عمر بناتي 00لكن من الناحية الفسيولوجية المستجدة على أشعر بأنها أكبر مني بثلاثة أو أربعة أعوام 00( أبله ) لكنها لم تكبر بعد لتصير ( طانط )
نعم 00الحقيقة هي أنني استرجع كل أحاسيس ومشاعر مراهقتي 00ويبدو أنني من ناحية الشكل والأفكار لا أتجاوز 16عاماً 0
لكنها بالتأكيد ستنبهر بي لو صارحتها بحبي _ نعم 00كنت الآن أهيم بها حباً فجأة – باعتباري أستاذ جامعة ناضج خبر الدنيا وخبرته 00
أنا الآن أكتب هذه الخواطر في مفكرتي ولا أدري لماذا أجد بعض الصعوبة في التعبير عن نفسي 00لم تعد اللغة تـ00تـ00( تهاودني ) كما كانت 00
إلى متى يستمر هذا التبدل ؟ إلى متى سأظل أصغر ؟ في الغالب هذه نهاية التجربة ، وهي نهاية رائعة جداً 00ما المشكلة ؟ سيكون علي أن أعلم زملائي كيف يعتادون على شكلي الجديد ، وكيف لا يسألون 00
المهم الآن أن أدبر موضوع الغداء لأن الجوع قد بدأ يؤلمني و ( عصافير بطني تزقزق ) 00


الخميس 7 مايو :
( ستكون اللغة بدءاً من هذا الجزء ركيكة مليئة بالأخطاء النحوية ، وقد وضعتها بين قوسين على كل حال )بسبب صغر السن طبعاً
أحب الخميس ! من طفولتي أحب هذا اليوم لأن غداً الجمعة إجازة 00والغريب أن الجمعة لا يكون ممتعاً لأنك تقلق بخصوص يوم السبت غداً 00
لكنني الأن ( مبهراً 00) أنا في سن المراهقة لكن ليس علي الذهاب للمدرسة ، أو تلقي توجيهات أهلي أو أطالب بالمصروف 00
أنا المراهق الوحيد الذي يعيش وحده ، ويملك ( فلوس ) وله وظيفة مهمة 00إن المستقبل كله ملكي 00
شعرت بالسعادة فرحت أجري في الصالة وأتشقلب وأتنطط فوق المقاعد 00ثم فتحت الراديو على أغنية لعبد الحليم حافظ 00
بعد هذا جلست أكتب ( جواب غرامي ) لحبيبتي هالة 00بالطبع لم أجد حرفاً أقوله 00( أنا أحبك يا حبيبتي حب ملك عليا فؤادي ) لا00لا00غير معقول 00
كانت لدي كتب كثيرة لا أعرف فائدتها 00أعوذ بالله ! عناوين تجعلك تقشعر 00( تاريخ تحضير الأرواح ) 00( الوجود والعدم ) 00( مصير الإنسان ) 00( أرخص ليالي ) 00( بلابل الشرق ) 00ياهه ! كيف كنت أجد الصبر كي اقرأ هذا الكلام ( الدبش ) 00كانت هناك كتب كثيرة بالإنجليزية ، وقد لاحظت أن انجليزيتي لم ( تعود ) على ما يرام 00فلم أفهم عن ماذا تتكلم 00
أخيراً وجدت ديوان شعر لـ أبو القاسم الشابي 00ففتحته وبحثت عن ( كلام حب ) حتى وقعت عيني على قصيدة معينة ، فكتبت منها سطر أو سطرين ، ووقعت تحتها ( حبيبك رفعت ) 00ووجهت الخطاب إلى ( نور عيني وحبيبة قلبي هالة ) 00
الآن هناك مشكلة إرسال الخطاب 00وقد حلت نفسها لأن هالة كانت في الشرفة عصراً وكان بوسعي أن أقذف الخطاب 00قمت بلفه حول نفسه وأمسكته بمشبك غسيل ثم ( نشنت ) بعناية وقذفته ليقع في الشرفة عند قدميها 00لاحظ أن شرفتها تحت شرفتي مباشرة 00
ودخلت بسرعة قبل أن تراني ، ورحت أضحك و( أنط ) فرحاً 00أما أنا !
بعد هذا نزلت للشارع 00
كانت ( الهدوم ) الموجودة عندي قديمة جداً و لا تمشي مع ( الموضة )00
لقد كان ذوقي في الهدوم ( زي الزفت ) 00لكن الواقع تغير 00
ذهبت إلى أحد المحلات فاشتريت ( قميص ) مشجر و بنطلون واسع القدمين ( شارلستون ) حسب الموضة 00هكذا أنا ابن السبعينيات بحق 00
وذهبت للحلاق كي يصفف شعري ويكويه لينسدل على كتفي 00مازال لم يصل لهذا الطول ، لكن بالصبر يهون كل شيء 00
والأن ترون رفعت إسماعيل الجديد 00بقف بثياب زاهية الألوان على الناصية يطوح سلسلة مفاتيحه ويمضغ ( لبانه )00
إن التطورات الأخيرة في حياتي عظيمة جداً 00
************************************
وعندما جاءت الساعة 11مساء قررت أن ( اتفسح ) بالسيارة قليلاً 00أنا أول مراهق يملك سيارة تحت تصرفه لها رخصة ، وهو نفسه يملك رخصة قيادة 00صحيح أنها عتيقة جداً ولن تعجب البنات ، لكنها سيارة على كل حال 00
لحسن الحظ لم يكن خفير الجراج موجود عندما أدرتها 00احتككت بجانب السيارة التي على يميني , لكنني قلت إن صاحبها لن يعرف الفاعل أبداً 00ولو حدث هذا من أسبوعين لوقفت وملأت الدنيا صراخاً , ولرحت أبحث عن صاحبها لأقول له بكل احترام ( أنا فعلت هذا 00طلباتك ؟)
لكن الأمور تغيرت لم أعد ذلك العجوز الأحمق 00
وانطلقت ( أمريكاني ) انطلاقة صاخبة جداً أثارت إعجاب الجميع ، ورحت أقوم ببعض ( الغرز ) البارعة كلما رأيت سيارة يقودها رجل مسالم ، حتى أثير الرعب في نفسه 00
وتحمس شاب في سيارة رياضية كي يسابقني 00ولمدة دقائق ارتجف الشارع رعباً من هذا السباق المخيف ثم _ بالطبع _ كانت سيارته أصبى وأقوى وأخرج يده اليسرى ملوحاً بالسيجارة يحييني في سخرية وهو يبتعد00
كدت أموت غيظاً , واسودت الدنيا في عيني 00إن الحياة قاسية لا تستحق أن نعيشها 00يجب أن أقتل نفسي 00لقد سبقني ! سبقني ويسخر مني !!
رحت أقود السيارة وأنا شارد الذهن شاعر بخيبتي 00وكانت هناك لجنة مرور تسد الطريق 00ياللكارثة !! من المستحيل أن يصدقوا كلامي أو يجدوا أنني أشبه صورتي في الرخصة 00هذه مشكلة أخرى 00
لكن كانت هناك مشكلة مع سائق تاكسي خرج من سيارته وراح يعوي ويصرخ محاولاً إقناع الضابط بأن يعيد له رخصته ، وجاء دوري لأمر من الفتحة الضيقة 00هنا أشار ( الصول ) في ملل كي أمر , وراح يتابع المشكلة دون أن ينظر لي مرتين 00
وهكذا نجوت !!
يجب أن أضع مكياج لأبدو شبيهاً بالصورة 00
واصلت القيادة حتى وجدته !
من ؟ طبعاً صاحب السيارة الرياضية أمام كافتريا صغيرة 00كان جالساً في السيارة بينما وقف ثلاثة فتيان وفتاتان يشربون العصير ويتحدثون معه ، وقد أراح أحدهم ردفيه على مقدمة السيارة 00
أوقفت سيارتي بدوري وقد صعد الدم إلى رأسي ( كما كنت أقول زمان ) ونزلت 00مشيت نحوه بثقة و00تؤدة كما يقولون 00
خبطت على زجاج النافذة الأيمن ، فنظر لي في ضيق والسيجارة تتدلى من فمه ، ثم أنزل الزجاج ليسمع ما أقول من سخف 00
قلت في عصبية :
- عيب يا كابتن !!
_- أي عيب !!
أشرت لسيارتي وقلت :
- أنا صاحب السيارة هذه 00لقد كدت تصطدم بي من ربع ساعة 00
نظر للسيارة لحظة ، ثم راح يهتز من الضحك ، وبدورهم راح أفراد العصابة يضحكون :
- هل 00هل هذه سيارة ولا مؤاخذة ؟ حسبتها 00صندوق قمامة !
غلي الدم في عروقي 00بالطبع هو لم يصطدم بي لكنب كنت بحاجة إلى التحرش به 00لذا صحت :
- يبدو انك لم تتعلم الأدب !
هنا وجم الجميع ، أما هو فأشار لزملائه مهدئاً 00مهلاً 00مهلاً 00دعوا الأمر لي 00وفتح باب السيارة والسيجارة ما زالت تتدلى من فمه ، وقال :
- معذرة 00إن أذني ليست على ما يرام 00يبدو أنني سمعتك تتكلم كالرجال 00
قلت في ثبات وأنا أضرب قبضتي بكفي :
- أنا راجل برغمك 00وأكررها أنت قليل الأدب 00
دنا مني حتى صار على بعد متر ، والتف إلى رفاقه الذين بدا عليهم الاستمتاع كأنما يردون ما هو أكثر , وقال بلهجة من يهدئ الأمور ك
- صبراً 000صبراً هذا رجل طيب ومن السفالة أن نعامله كما 00
وتوقعت ما سيحدث لأنني أرى أفلام تشالز برونسون كثيراً ، وهو أيضاً يراها 00لقد استدار نحوي فجأة ووجه لي لكمة قوية ، لكني ثنيت قدمي ووثبت لأدفن رأسي في بطنه 00وبدأت المعركة 00كنا ساقطين على مقدمة السيارة نتبادل اللكمات ، ولو لم يتدخل رفاقه لكان النصر نصيبي 00لكنهم تحمسوا وانقضوا علي بدورهم 00واحد أحاط عنقي من الخلف بساعده ، وواحد ضربني في بطني ، وواحد لكمني في فكي ، وتطوعت فتاة بأن تغرس مخالبها في وجهي 00
كنا نتقاتل وقد أوشكو على ( التخليص علي 9 لولا أن سمعنا من يشتمنا بصوت عالي وشعرنا بأيد ثقيلة تجذب كلاً منا من قفاه ، ثم وجدت نفسي في ( البوكس ) يبدو أنها دورية شرطة كانت تمسح المنطقة ، فوجدت هذا المنظر الغريب )
وفي قسم الشرطة ( 00) عوملنا أحسن معاملة بضع صفعات ثم حلقوا لي شعري ( زيروي) كي يكون درساً لشاب مستهتر مثلي 00لا شيء غير هذا 00
جاء أقارب الفتية الأربعة واصطحبوا أبناءهم ، أما أنا فلم أجرؤ طبعاً على قول من أنا !! وبالطبع لم يسألني أحد عن بطاقتي لأنني كنت أبدو حدثاً 00في النهاية قلت للصول رقم تليفون عزت باعتباره أقرب أقاربي 00
واستطيع أن أتخيل وجه عزت حين قال له الصول :
- إن رفعت إسماعيل عندنا 00مشاجرة مع شباب مستهتر مثله 00قال أنك ولي أمره !
وبعد ساعة _ كما تمنيت _ جاء عزت ممتقع الوجه مذهول 00ورأني فلم يفهم شيء ، لكني قلت له :
- أنا رفعت يا عزت 00صدقني 00خذني معك ووقع بالاستلام وسوف أخبرك بكل شيء0
وقع بالاستلام وهو لا يرفع عيناه عن وجهي 00
وحين غادرنا القسم كاد يوقف ( تاكسي ) لكني قلت له إن سيارتي قريبة حيث تركتها منذ ثلاثة ساعات 00ومشينا في ظلام ما بعد منتصف الليل إلى هناك صامتين ، يبدو أنه لم يصدق حتى اللحظة التي أخرجت فيها المفتاح وأدرت المحرك 00
صاح في ذعر :
- ماذا حدث يا أحمق ؟ هل أنت رفعت أم لا ؟ إن عينيك ولهجتك وملامحك تقول أنك هو 00لكن 00مهلاً ! لا تتهور في القيادة ! لقد كدت تصطدم بهذه00 بهذه الشاحنة !
قلت في مرح :
- لا عليك 00أنا لا ( أخيش ) أبداً !
يبدو انها كانت رحلة مريعة له ، لكنني ( أثنا ئها ) حكيت له كل شيء 00وحين وصلنا للبين أخيراً ، طلع السلم دون كلمة أخرى ، ووقف على باب شقتي ينتظرني حتى فتحت له 00
بعد دقائق راح يكلم فيها نفسه قال :
- ألن تنتهي من كل هذه الغرائب ؟ أتمنى أن تكف عن تحطيم أعصابي بكل مفاجآتك التي لا تنتهي 00اليوم أنت صبي مراهق وأمس كان وباء التيفوس يزورني في داري طالباً المبيت 00ثم ماذا ظ
إن اليوم الذي تصحو فيه وتنام كباقي البشر هو يوم غريب بحق !
قلت باستهتار :
كل ما هناك أنني استرددت شبابي 00هذا هو حلم كل الناس من ( دشليون ) سنة 00
- ألست مذعوراً ، ؟ وبع أسبوع كم سيكون عمرك ؟
- أعتقد إنني توقفت هنا 00
ساد الصمت 00وقال بعد تفكير:
- هذا هو سر تصرفك الطفولي السخيف مع نجلاء 00بدأت أفهم 00
- تلك الشمطاء ؟ لا تعكر مزاجي من فضلك 00
لم يعلق 00قال وهو ( يتمشى ) في أرجاء الصالة حائراً :
- رفعت 00لو كنت مكانك لاتصلت بهذا المعالج الروماني طالباً النصح 00يجب أن ينتهي علاجه 00
- أنا لا أحمل هم هذا 00
- إذن عش حياتك كما تشاء 00لكن على الأقل أريد شيئين : مفتاح الدخول لوحدث شيء ما 00وعنوان ورقم هاتف الروماني 00
كانت عندي نسخة من مفتاح الشقة فأعطيته أياها بلا مبالاة 00ماذا يمكن إن يحدث لو كانت عنده ؟
وأعطيته عنوان ورقم هاتف الروماني في نيويورك 00
تمنى لي ليلة طيبة وانصرف وهو يبرطم 00
كانت الساعة الرابعة صباحاً ، لذا كتبت بسرعة حصاد اليوم ثم سأنام الآن 00
مساء العسل !!


الجمعة 8 مايو :في العاشرة صباحا ص دق جرس الباب بحزم ففتحه 00كان هذا هو الأستاذ زكريا جاري وأبو حبيبتي هالة 00عرفت أنه ( ناوي على شر ) من نظرته ومن الورقة المطوية التي يحملها 00
كان هذا الخطاب الذي أرسلته لهالة بالأمس !
قال في حزم :
- أين د ز رفعت أيها الصبي ؟ هل أنت قريبه ؟
حقاً كانت الإجابة التي أريدها ن فقلت في ارتباك :
- هو ليس هنا يا عمو أنا خالد ابن شقيقته 00
أحمر وجهه وقال :
- كنت أريد الكلام معك 00لكن ما الفائدة ؟ إن العبرة بالكبار الذين يتركون للصغار الحبل على الغارب 00إن لي كلمتين مع خالك يا فتى ، ولسوف يسره أن يعرف أنك استخدمت اسمه في خطاب غرامي لابنتي !!
خشيت أن استفز الرجل أكثر من اللازم 00لقد كان مصاب بارتفاع ضغط الدم 00وقد أصابه نزيف مخي منذ فترة شفي منه بصعوبة 00
لهذا قلت في ( كسوف ) وأنا أنظر للأرض :
- كما تأمر يا ( عمو ) 00أنه سيعود في المساء 00
- جميل 00ولا تتوقع أنني سامحتك على شيء ، لكني أتخير من أريد أن أدخل السجن بسبب تهشيم رءوسهم 00
ودون كلمة أخرى أنصرف 00
دخلت الشقة ، وفتحت الراديو ووجدت أغنية حزينة لفيروز تقول :
( بكتب اسمك يا حبيبي على الحور العتيق 00تكتي اسمي يا حبيبي عا رمل الطريق 00
ودمعت عيناي تأثراً 00أنا أكتب اسمك يا حبيبتي على قصائد الشابي ، أما أنت فتعطينها لأبيك كي يكتب اسمي في محاضر البوليس !!
أواه من الحب ! ما أقساه ! خاصة حين يأتي من طرف واحد بلا أمل في رضا الطرف الآخر 00أنا المعذب المنبوذ الذي يعاني أهوال الحب ، دون أن تجفف يدا حبيبته الرقيقة دموعه 00أنا الذي 00
هنا دق جرس التلفون 00

^RAYAHEEN^ 12-08-06 11:30 AM

تسلم اديك يا رب
والله يعطيك الف عافية
بانتظار البقية ،،،

issam_is_me 12-08-06 12:40 PM

واصل يا بطل
رواية مختلفة فعلا

حسين السريعي 12-08-06 03:48 PM

شاكر لكم لطفكم 00اليوم في المغرب إن شاء الله انزل الجزء الجديد 00ودمتم سالمين 00

issam_is_me 12-08-06 04:16 PM

هو باقي كم جزء ؟

حسين السريعي 12-08-06 04:47 PM

بعد هذا جزء واحد بالاضافة للخاتمة 00وإن شاء الله بكرة انهيها 0صبرك علينا يا كابتن 00

حسين السريعي 12-08-06 04:48 PM

سسمعت صوت كاميليا تقول :- الو 00
- مرحبا كاميليا 00أحلى نهار 00
- هل الدكتور رفعت موجود يا بني ؟
قالتها بشيء من الحرج والارتباك , لأن هذا الفتى عرف اسمها ، ثم أنه ناداها دون ألقاب 00
قلت بشيء من العسر :
- أنا هو 00
- هل تمزح ؟ أرجوك ناد الدكتور رفعت 00
أقسمت بالله العظيم أن هذا أنا ن وأن صوتي غريب بسبب البرد وتليف الحنجرة , ولأؤكد كلامي قلت لها إن كتابها لا يحوي حرفاً عن ( كيركجارد ) 00لا أدري كيف تذكرت هذا الاسم 00؟!!
قالت في دهشة :
- غريب هذا يارفعت 00هذا صوت مراهق يتحسس طريقة بين سرسعة الطفولة وخشونة الرجال 00ما علينا 00متى تجلب لي الكتاب ؟
قلت في ملل :
- ذلك الكتاب السخيف ؟ لا أدري أين هو 00لا بد ان أم سعد تخلصت منه 00أرجوك ! لا داعي للإهانات !! إن مزاجي غير رائق اليوم 00دماغك !! سأحضر لك هذا ( المدعوق ) بمجرد أن أجده 00سلام )
ووضعت السماعة 00
عند العصر تسليت قليلا ً بالمعاكسات الهاتفية 00
كنت أطلب الرقم ثم لا أرد على المتكلم 00فقط أكتفي بأن أزوم 00ياه ! لقد ضحكت كثيراً جداً 00وكنت أتلذذ بكل الشتائم التي انهالت على رأسي 00
وفي المساء اتجهت إلى استديو التصوير كي التقط لنفسي صورة جديدة كما وعدت الروماني 00لا أدري لماذا اهتم لكني أنا نفسي كنت أريد أن أرى الفارق 00
استلمت صورة 30ابريل 00وقال لي المصور وهو يتفحص الإيصال :
- إن أخاك الأكبر يشبهك كثيراً 00لكني كنت أفضل لو انتظرت حتى ينمو شعرك ثانية 00لماذا حلقته بهذا القصر ؟
- لأنني معجب بـ بول براينر !!
طبعاً لم يكن يعرفه ، لكنه استنتج أنه ممثل أو رياضي شهير أصلع ، وابتسم وهز رأسه بمعنى : يا لشباب هذه الأيام !!
طبعاً لم أكن استطيع إخباره بأن هذه الحلاقة تم عملها في صالون قسم البوليس 00ألا ترى معي هذا الرأي ؟!!

حسين السريعي 12-08-06 04:48 PM

أربعون !!


السبت 9 مايو :

يبدو أن هناك مشكلة 000( الهدوم ) التي اشتريتها أمس صارت واسعة جداً 00يبدو أنني صغرت أكثر 00
خفت جداً أن أنزل إلى الشارع هكذا ، ورحت أرى نفسي في مرآة الحمام 00وجهي أصغر بكثير وقد صرت قصيراً 00
فتحت الثلاجة أبحث عن طعام 00لا أعرف لماذا أحب الحلوى هكذا ؟!!
أكلت كل الحلوى في الثلاجة ، ثم بحثت في ( النملية ) عن وعاء السكر وأخذت منه بالملعقة ( ثلاثة ) مرات 00
بعدها دخلت الحمام ، وفتحت مياه الحوض ، ورحت أتسلى باللعب بالماء وبعثرته على الأرض 00ليست لدي أم تلومني على ما أفعله 00
وعند الظهر فتحت التلفزيون وشاهدت ( عصافير الجنة ) والكارتون 00أنا أحب ماجد عبد الرزاق من زمن ، لكني اليوم شعرت بأنني أريد أن أتعلق بعنقه وأنام على ركبتيه 00( بابا ) ماجد 00هكذا يسمونه وأفهمهم الآن 00
بحثت كثيراً جداً عن كتاب كاميليا ، حتى وجدته تحت السرير 00ورق كثير جداً عليه كلام بخط جميل 00أحضرت قلماً ورحت أتسلى برسم مدفع ودبابة وضابط وطيارات 00
في موعد الغداء رن جرس التلفون فرفعت السماعة 00سمعت رأفت زميلي في القسم يقول :
- هل عمو رفعت بجوارك يا حبيبي ؟
بالطبع لن يعرف الصوت 00قلت :
- ليس هنا يا عمو 00
- هل أنت قريبه ؟
- أنا ابن أخته 00أنا رامي 00هل أخبره بشيء ؟
- كلا 00لم يأت للمستشفى منذ يوم الأربعاء حسبته مريضاً 00هل هو بخير ؟
- نعم يا عمو 00سأخبره أنك اتصلت 00
ووضعت السماعة ، وبدأت أعد الغداء 00مجرد تسخين طعام الأمس ، لأنني لا أعرف كيف أخرج بهذه الثياب 00إشعال البوتاجاز صعب حقاً ، وقد أحرق الكبريت يدي 00
الدنيا ليل الآن 00أضأت كل الأنوار في الصالة وغرفة النوم 00أشعر بخوف من الظلام وأنا وحيد ولو دخل أي شيء الشقة فسوف 00
لكني ( مكسوف ) من أن أذهب لشقة عزت 00
جلست وحدي في الفراش ، وبدأت كتابة مذكراتي اليوم 00لو كان من الممكن أن تروا خطي الآن لدهشتم 00
صوت شيء يتحرك في الصالة 00أنا خائف 00سأغلق باب الحجرة على وأحاول أن أنام 00


الأحد 10 مايو :

يا سلام 00الشمس جميلة لم ( أعود ) أخاف 00أعرف أن اليوم 10مايو قرأت هذا في النتيجة 00
أنا جوعان ن الهدوم واسعة جداً ( عليا ) 00أنا ارسم ( رسوم ) جميلة في ورق ( طانط ) كاميليا 00
أنا ألعب في الشقة ، ووجدت أقراص جميلة في درج الكومودينو 0مكتوب عليها ( نيترو ) 00و أريد أن ابتلعها كلها 0لكني لن ابتلعها لأن الأطفال يمرضون لو بلعوا ( أقراص ) الكبار 00
أنا جوعان 00لا يوجد في الثلاجة أكل 0 توجد ( فرخة ) لكنها مجمدة و لا استطيع طبخها 0أكلت بعض السكر 0 أن السكر طعمه جميل 00أنا أحب السكر 0نفسي كل الدنيا تبقى سكر 0
وجدت في البلكونه ( أبو المقص ) ( واقف ) على السور 0أردت أن أمسكه لكنه جرى مني ووقف على حبل الغسيل 0
أشد الكرسي للبلكونه وأقف عليه 0أمد ( إيدي ) للخارج وأمسكه من جناحه 0
سمعت جارتنا تصرخ من بلكونتها :
- الولد حا يقع ! الحقوه !
لكني لم اهتم ، ورفعت بإيدي ( أبو المقص ) ونزلت من على الكرسي 0 وبحثت عن خيط ربطه في ذيله ورحت أتركه ليطير في الهواء ثم اشده من جديد 00ولما زهقت سبت الخيط فطار ( بعيد ) عني 00
فتحت التلفزيون وشفت برنامج الأطفال وضحكت على البطة الغبية ( اللي ) تحاول الطيران 00
بعد كده لعبت في الحمام ( كثير جداً ) وغسلت كل اللعب 0 عندي سيارة بالزمبلك وبطة اشتريتها لأولاد أختي 00أخذتها لنفسي 00
جوعان جداً 00الشمس ( روحت ) لبيتها 0 وأنا أكره الليل 0في الليل ( تيجي ) حيوانات كثير و ( عاوات ) تأكل الأطفال 00
لم ( أوصل ) لمفتاح النور لأني قصير 00شددت الكرسي ووقفت عليه وأضأت النور 0جلست في السرير
( أمشي ) السيارة على الملاءة وأعمل ( أصوات ) بفمي 00
ثم قلت غني أكتب المذكرات ، أنا لاأعرف السبب !!لكني أشعر أن المذكرات مهمة جداً , خطي جميل وعلى السطر ، ووضعت كل ( النقط ) والهمزات مكانها لو أبله مفيدة مدرستي في ابتدائي رأت هذه الكتابة بالتأكيد ستعطيني النمرة النهائية ونجمة 0
يا رب ( تيجي ) الصبح بدري 0يا رب لا يحدث شيء 00


الإسنين 1111ماي :
جعان 0اكلت سكر كثير جدا ً 0لعبت 0أكتب في ( الكراثة )0
رسمت أرنوب وبطة في ورق طانط كاميليا 00
الكبار 00جعان 00يارب يجوا 0

الثلسا :



************************************************************ ***

issam_is_me 12-08-06 05:39 PM

هههههههههههههههههه
روعة
و الله روعة
كملها يا اخي
مشوقة

حسين السريعي 13-08-06 11:23 AM

هههههههه المغرب ان شاء الله حا انزل النهاية 000وح توحشنا يا كابتن 00ودمتم سالمين 00

حسين السريعي 13-08-06 04:15 PM

نحو الزوال !!



الجزء التالي كتبته د0 كاميليا أستاذ الفلسفة :
لم أكن أتوقع ولم أرغب قط في أن يكون لي دور في هذه القصة 00لقد جرح رفعت كبريائي بتعامله المستخف تجاه كتابي ، وأزعم أن في سلوكه ما بدا لي درجة فاضحة من عدم النضج والخرق 0 والجواب على كل حال جاهز دائماً 00إنها المراهقة المتأخرة 00
وعلى كل حال أنا لم أرى قط من رفعت ما يدحض اعتقادي بوجود خلل ما في قواه العقلية 0كانت لديه دوماً أعذار جاهزة بصدد هذا المستنقع الميتافيزيقي الذي يعيش فيه ، حيث يتداخل عالما الواقع والخيال بشكل لا يمكن وصفه 0
كنت احتفظ بهذا اليقين حتى يوم الأربعاء الثالث عشر من مايو 00
في الـ 9 مساء كنت أقرأ بعض كتابات برديائيف حين دق جرس الهاتف ، وسمعت من يسألني على استحياء إن كنت أنا الدكتورة كاميليا؟!
هذا من يدعي عزت 00يبدو أنه رسام أو نحات يعيش في الشقة المجاورة لهذا الـ رفعت إسماعيل 00قلت له في تصميم : إنني غير راغبة في سماع شيء عن ذلك الرجل غير المستقر انفعاليا , وبدا لي من الوقاحة أن يعطيه رفعت رقم هاتفي كي يتوسط بالصلح 0إنها طريقة سوقية صالحة لسوق الثلاثاء لكنها لا تناسبني بالتأكيد 0
قال لي هذا الـ عزت متوسلاً :
- أريدك هنا حالاً 00الأمر خطير بحق 00
- وكيف عرفت رقم هاتفي ؟
- وجدت في مذكرات د0 رفعت كلاماً عنك ، وبحثت في دفتر الهاتف الخاص به حتى وجدت الرقم 00
بدا لي الكلام خطير !! فلماذا يطلع عزت هذا على مذكرات رفعت؟ ولماذا يفتش فيه عن رقم هاتفي بنفسه ؟!
وأنا مخلوقة وقتها ثمين وكرامتها أثمن , ولكني وجدت نفسي مدفوعة دفعاً إلى ارتداء ثيابي ، وركوب أول سيارة أجرة قبلت إن توصلني إلى دار رفعت إسماعيل 00لقد وصف لي عزت العنوان بدقة 00وصعدت إلى شقته ، وقرعت الجرس ، ففتح لي الباب رجل بادي المرض نحيل أسمر الوجه ، قدم لي نفسه أنه من يدعى عزت 0إذن هذه شقة رفعت ؟
كنت أحسبه أكثر نظاماً ، ولكني صدمت إذ رأيت الأثاث مبعثراً في كل صوب ,وقطع الحلوى تتناثر على الأرض ، والمياه تغرق السجادة ، وكتابة بالقلم الشمع على الجدران 00
وعلى الأريكة في وسط الصالة ، كان رضيع صغير لا يكف عن البكاء والركل ، وأدركت أن المسكين عار تماماً لكن أحدهم قام بلفه كيفما اتفق في قميص صوفي 00
- أين رفعت ؟ ومن هو هذا الرضيع ؟
قال عزت وهو يرتجف رعباً :
- إجابة السؤال الأول هي ذاتها السؤال الثاني !
********************************
_ آه 00فهمت 00وأنني شاكرة على هذه الدعابة 00
واستدرت قاصدة الباب ، عازمة على عقاب هذين المهرجين بأسلوب لم استقر عليه بعد ، لكن عزت استوقفني وجذبني من كمي :
- أرجوك أن تنتظري كي تفهمي هذه الكارثة 00
قلت في شمم وأنا أحرر كمي :
- لو فعلتها مرة ثانية ، فلسوف يكون حسابك عسيراً 00
بدا عليه الخجل 00ومد لي يده بمفكرة صغيرة وقال :
- هاهي ذي مذكرات رفعت في الفترة الأخيرة 00أريد أن تجلسي وتقرئيها ، ولسوف أقبل حكمك بعدها 00
- بشرط أن تفتح باب الشقة 00
رفع يديه في استسلام ، وقال :
- بل سأتركها وانتظر في شقتي حتى تقرعي جرس بابي 00خذي راحتك 00
أشرت إلى الرضيع وقلت :
_ وهذا ؟ أليس جائع ؟
- لا أظن 00لقد أعطيته رضعة منذ ربع ساعة 00لكني بحاجة إلى أنثى لهذا السبب 00إن الرجال لا يعرفون عن الرضع أكثر مما يعرفون عن حيوان ( التابير )
- وهل حيوان ( التابير )يرضع ؟!
- لا أدري 00لهذا اتصلت بك !!
وغادر الشقة ، وأغلق الباب وراءه 00



*************************************

حسين السريعي 13-08-06 04:15 PM

وفي اللحظات التالية لم استطع أن أقرأ ما دونه رفعت وأنا جالسة 0رحت أذرع الصالة كنمر حبيس غير مصدقة 0
لكن السطور كانت تتحدث عن نفسها , وكانت القصة ذاتها أعقد من أن يكون كتبها خصيصاً لخداعي 0وكان التغيير في الخط والأسلوب تدريجياً لكنه مخيف 0
خط رفعت المنسق الواضح يتحول لخط صبي ثم يتحول لخربشات طفل يعرف بصعوبة كيف يمسك بالقلم 0
أفكاره تتحول من أفكار كهل ناضج إلى شاب على شيء من الخرق إلى مراهق غرير , إلى طفل ساذج لعوب 0
لقد أثار هذا القشعريرة في عروقي 0
والسطور الأخيرة : سطور طفل وحيد لا يعرف ما يعمل بنفسه ولا لماذا تخلى الكبار عنه ؟ طفل جائع ، يهاب الظلام ، طفل بحاجة إلى أم !!
كم هي قاسية !!
ونظرت إلى الرضيع الغافل ، وقلت بلهجة اللوم :
- رفعت 000ماذا فعلت بنفسك أيها الأحمق ؟!!

*********************************************

حسين السريعي 13-08-06 04:17 PM

وبعد ساعة قرعت باب الأستاذ عزت ، ففتح لي ، ودعوته همساً إلى أن يلحق بي في شقة رفعت 0
فلما أغلق الباب قلت له :
- وكيف دخلت أنت ؟
قال وهو يتأمل الرضيع :
- كما قرأت في المذكرات , كنت أتوقع شيء كهذا 00لهذا أصررت على الاحتفاظ بنسخة من المفتاح 00واليوم عند العصر سمعت بكاء طفل في الشقة ففتحتها ، ووجدت ابن ثلاثة أعوام يقف وحده مغطياً عينيه ، وهو لايكف عن البكاء ذعراً 00
- لحظة 00تعني أنه كان راقداً ؟
اتسعت عيناه ذعراً وقال :
- بل كان واقفاً 00أقول إن عمره كان ثلاثة أعوام عصر اليوم !!
- يا للهول !
ثم أنني قمت بترتيبات عملية كدأبي 0أولاً لا جدوى من البقاء هنا لأن هذه ليست دارنا ، وأن بقاءنا هنا مجلبة للأقاويل والأسئلة 0سيكون علي أن أخذ الرضيع إلى داري حيث أعنى به 0
ثانيا: سيكون على الأستاذ عزت أن يحاول جهده كي يتصل بذلك المعالج الروماني في نيويورك 0لو كان الرجل يعرف طريقة لوقف هذا التأثير المدمر فالوقت وقتها 0
سألني عزت :
- ألا ترين الصواب أن نطلب رأي الطب ؟
- لن يصدقنا أحد , وسنضيع وقتاً ثميناُ 00عامان ونصف في ست ساعات 00معنى هذا أن الصباح لن يطلع عليه إلا وقد تحول هذا البائس إلى نطفة !
لم تكن هناك مشكلة في مغادرة البناية باعتبارنا أسرة صغيرة سعيدة 0
وبعد ما تبادلت رقمي مع الأستاذ عزت ، حملت رفعت وعرجت على بعض المحلات ، فابتعت ما يلزم : غيارات ( لم يكن هناك حفاضات في هذا الوقت ) 00كوافيل 00علبة لبن مجفف 00
ثم استقليت سيارة أجرة إلى داري حيث أعيش وحيدة 0
وفي شقتي بدأت ممارسة مهمتي العسيرة , وأنا لم أعتن برضيع من قبل لكني خدشت القشرة الرفيعة التي تحيط بغرائزي ، فكانت تحتها امرأة كاملة 00أم تعرف كيف تعنى برضيع 00
إن الأمومة شيء غريزي لا يعلم 00وعلى حين يضيع الطفل الذكر وقته باللعب بالمسدسات والعربات ، تكون الطفلة عملية جداً : تلعب مع دميتها ، وتمشط شعرها وتبدل ثيابها 00باختصار 00تمارس الأمومة مراراً 00
نزعت الثياب عن الرضيع وحممته بالماء الفاتر 00
رباه ! إن الأمور تسوء بحق 0لم تعد له تلك النظرة الواعية المتابعة ن ولم يعد له ذلك التماسك العضلي السابق 00
الآن بدا يتحول إلى كتلة رخوة ، وصارت عيناه زجاجيتين عاجزتين عن الحملقة في شيء ، وغدا بكاؤه واهنا أقرب إلى الصرير 0هذا كله يميز حديثي الولادة 0
إن عمر رفعت الآن لا يزيد عن شهرين بحال 0دثرته كيفما اتفق ، وأعددت له رضعة دافئة ، ثم جلست القمه إياها ، ولدهشتي فطنت لحقيقة أن رفعت إسماعيل أستاذ أمراض الدم الشهير ينام بين ذراعي الآن ، وقد قمت بتحميمه كذلك ! لكني لشدة العجب وجدت أنني أحب هذا الـ رفعت أكثر ، وأرتاح إليه 00يمكنني رعايته أعواماً طويلة لو لم يتلاشى بعد ساعات 00
بعد ما هدأ الصغير أخيراً ، وقد تلذذ بالدفء والشبع حسب القوانين ( الفرويدية ) الصارمة ، فتحت المفكرة ورحت أطالع ما كتبه بدقة أكثر 0
وسرني أنه في يوم 24 أبريل جلس يقرأ كتابي وأحبه 0أنا أثق بنفسي كثيراً وأشعر أن الكتاب جيد 0لكني برغم هذا سررت أيما سرور حين عرفت أنه راق له حين كان يتمتع بعقلية راجحة 0
أما الكتاب ذاته فقد قمت بجمعه من شقته ، وكان في كل مكان وقد رسمت على صفحاته كلها تقريباً أرانب ومناطيد وسيارات و( بطابيط ) 0بعض الصفحات تحولت إلى مراوح أو مراكب 0يبدو أن هذه الأخيرة قد تم عملها حين كان في سن العاشرة 0
لكنني أعتقد أنه كان كاملاً 0
ورحت أجوب صفحات المفكرة وعيناي على الرضيع النائم الذي أوشك على القول إنني اراه وهو يصغر 0
هنا دق جرس الهاتف فرفعت السماعة 0كان هذا الأستاذ عزت كما توقعت ، قال لي ما توقعته :
- مستحيل أن أتصل بـ نيو يورك 00لقد حاولت كثيراً 00
- حاول ثانية 00إن الأمر صار جد لا هزل فيه 00إنه يزول 00
- سأحاول 00لكن الأمور ليست بهذه البساطة 00
كنا في تلك الأعوام التي وصلت فيها شبكة الهاتف إلى نهاية عمرها , وكان من المستحيل أن يتصل المرء ببيت أمه ، فما بالك بـ نيويورك !!؟
وكان على من يريد الاتصال بالخارج أن يسافر إلى قبرص ليتصل من هناك ( حقيقة )
ورحت من جديد أطالع المفكرة في قلق 0
يوجد هناك احتمالان لا ثالث لهما هنا : إما أن المعالج الروماني كان أحمق قليل التقدير للأمور / وأما أن رفعت قد نسي نصيحة معينة أو أنسيها في غمرة الاستهتار الذي اجتاح أفكاره 00
بالطبع لا يتعلق الأمر بشيء يتعاطاه رفعت بانتظام طيلة الفترة الماضية ، لأنه لم يأكل شيء منذ يوم السبت 9مايو ، وبرغم هذا هو مستمر في التلاشي ، الأمر يتعلق إذن بشيء أخذه في أثناء المعالجة أو زرع فيه وقتها 0
زرع فيه ؟
ومن جديد رحت أطالع الرسوم التي خطها حين فقد قدرته على الكتابة ، وحين تسربت الأجرافيا إليه كما تسربت أشياء كثيرة 0أنه يرسم هذا الرسم بكثرة  شكل شبه بيضاوي يشبه الصرصور )










رأيته في أوراقي فحسبته يرسم مناطيد , ورأيته في آخر صفحتين من مذكراته 0مال هذا الصبي والمناطيد ؟ وكيف يعرفها ؟ الجواب المنطقي أن هذا ليس منطاد إنما هو شيء آخر 0
شيء يحاول البائس ، في غمرة انزلاق الوعي ، أن ينبهنا إليه 00شيء يكمن فيه خلاصه من هاوية العدم 00لقد راح يرسمه مراراً بعد ما عجز عن كتابته ، لم يجد الكلمات ليقولها 0
رحت أتأمله نائما , ثم أنني حملته إلى غرفة النوم ، لشد ما خف وزنه حتى لا يزيد على أربعة كيلوجرامات 0
نزعت ثيابه تماما 0ثم رحت أتحسس جسده الصغير بحثاً عن شيء ما ، علامة ما ، لم أعرف قط أن لـ رفعت أصابع قدم مبتورة 00
وفي النهاية شعرت به ، على لوح كتفه الأيمن شيء بارز في حجم ظفر الإبهام !! تأملته بعناية فوجدت أنه مدفون هناك تحت الجلد وكان ينزلق في أربعة الاتجاهات 0
أرحت الصغير على ساعدي لأتأمل الشيء بشكل أدق ، هناك جرح صغير ملتئم طوله نحو نصف السنتمتر ، جرح نظيف كالذي يتخلف عن الجرحات ن أما الشيء البارز فكان له ملمس على سيء من الصلابة كأنه أرنبة أنف ، وكان ينزلق بسهولة تامة 0
شعرت بما يشبه اليقين أن هذا الشيء تم فتح جلد رفعت وزرعه هناك ، كما يفعلون بحبيبات منع الحمل التي تزرع تحت جلد الساعد0وكان موقفي عسير بحق 00
لو أنني أخذت الصغير الآن فلن أجد طبيب جراح في هذه الساعات الأولي من فجر يوم الخميس ، ولو هرعت إلى طوارئ أحدى المستشفيات فلن يصدقني أحد ، أن كل شيء يمكنه الانتظار إلى الصباح 0
أما لو كنت مخطئة وكان هذا الانتفاخ كيس دهني ، أو شيء من الأشياء التي يكسب الأطباء عيشهم من معرفتها ، فمن العسير تبرير أن أحاول أنا أنتزاع هذا الشيء !!
قررت أن أتبع حدسي وهو ما لم اعتده من قبل لقد اعتدت أن أتبع عقلي ومنطقي ، لكن هذا الموقف يتحدى كل عقل ومنطق ، ولا ينفع أن أكون فيه حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة ، إن هذا لا يجعلني أكثر فهماً للموقف 0
توكلت على الله تعالى ، وذهبت إلى المطبخ فانتقيت سكين صغيرة ، ثم قمت بتسخينها للتطهير على نيران الموقد ، وانتظرت حتى بردت ، ثم عدت إلى الرضيع وقلبته على بطنه ، وبطرف السكين بدأت أشق الجلد فوق الجسم الصلب ، بالضبط على لوح كتفه الأيمن 0
أن الرضيع وتأوه ، لكنه كان من الضعف بحيث لم يقاوم أو يصرخ ، وسال الدمع من عيني وسال أنفي ورحت أردد كالمجنونة :
- سامحني يابني 00سامحني !!
،إنها لمهمة عسيرة تقتضي قلب أغلظ وأقسى مني ، لكن على أحد أن يقوم بها ، وأخيراً – وسط الدماء – تمكنت من شق جرح طوله بضعة ملليمترات واعتصرت الجسم الصلب محاولة إخراجه 0
لم يكن الجرح كافياً فقمت بتوسيعه أكثر وأنا أغمغم :
- سامحني يابني00لقد انتهيت تقريباً 00الله! كم أنت شجاع ! رجل صغير شجاع 00هلم !
واعتصرت الجسم الكريه ثانية ، فانزلق إلى الخارج أخيراً 00وحين رأيته حمدت الله على صدق حدسي ، كان جعرانا ( خنفساء ) فرعونياً حقيقياً محنطاً , هكذا حاول الصغير أن يرسمه فبدا كمنطاد0
وضعت الشيء الرهيب على الملاءة التي تلوثت بالدم ، ثم رحت أحاول أن أضمد الجرح ، وضعت عليه البن ( ويبدو أنها ليست طريقة طبية فعالة ن ولكن أمي كانت تمارسها معي ، وكانت تنجح )
ثم وضعت بعض الشاش والشريط اللاصق كيفما اتفق 0
ولحسن الحظ أن ذاكرة الرضع لا تحتفظ بشيء , ولحسن حظي أنهم لا يملكون حقدنا وتذكرنا الإساءات 00لقد بكى قليلاً ثم استكان ونام في حضني ، فدثرته بثيابه ، وأخذته إلى الصالة وأنا أهدهده ، وقد أمسكت الجعران بقطعة من الشاش 00
وتحسست الجرح فوجدته قد كف عن النزف ، غداً صباحاً سآخذه إلى طبيب كي يعنى به كما ينبغي 00هذا لو ظل رفعت موجود حتى الصباح
00

****************************************

حسين السريعي 13-08-06 04:17 PM


كان الفراعنة يجلون الجعران إجلالاً شديداً ، ويطلقون عليه اسم ( خبرر ) وهي لفظة معناها ( يتجسد من جديد ) لقد كان يثير دهشتهم حين يدفع أمامه كرة تحمل مادة التخصيب ، متجهاً من الشرق إلى الغرب ، وهو ما ذكرهم بحركة الشمس الأزلية 0
وجد الفراعنة أن الجعران يرمز لتجديد الحياة باستمرار وبشكل تلقائي ، وأن عدد صور الجعارين على أختامهم وخواتمهم لتثير دهشة كل مهتم بالمصريات ، لقد أصدروا كذلك جعارين تاريخية تسجل المناسبات المهمة للدولة ، بنفس المنطق الذي نصدر به نحن الطوابع التذكارية ، وكانت توضع بين أكفان الموتى أو توضع في توابيتهم ، وبصفة خاصة نرى جعران القلب المصنوع من حجر صلب وله جناحا صقر ، كان المطلوب من هذا الجعران أن يلقن قلب المرء السلوك الأمثل لحظة الحساب ، لهذا كتبوا عليه :
( يا أوفى جزء في كتابي ، لا تقف شاهداً ضدي أمام المحكمة 00)
التجدد المستمر ، هذا هو ما يرمز إليه الجعران ، أنا لا أفهم أية معالجة مشئومة مر بها رفعت إسماعيل لكنني أعتقد أن الأمور منطقية ويمكن ترتيبها ترتيباً عقلانياً صارماً 0
لقد انتزعت الجعران ، فهل يتوقف تأثيره ؟!!
************************************************************ ****


في الصباح بدا لي أن الصغير لم يصغر أكثر , وإن لم يكن قد تقدم في السن قليلاً ، وعند الظهيرة كان يمشي مترنحاً في الشقة ويسقط من حين لآخر فيبكي ، ثم ينسى الأمر ويبعثر حاجياتي ، ويجذب المفارش من تحت المزهريات ، وبدأ يقول ( مم ! با ! )
لقد كنت على حق 0
وهكذا عشت أروع تجربة يراها إنسان حي في اليومين التاليين ، أن أربي طفلاً يكبر أمام عيني بسرعة تسمح لي برؤيتها !
كان ينضج بسرعة ويتعلم 00وكان سروري بالغاً حين استعاد القدرة على الإمساك بالقلم _ عصر اليوم الأول – ثم استطاع كتابة اسمه عند المساء 0
وحين صحوت في اليوم التالي من النوم ، كان في العاشرة تقريبا , أمس تساقطت أسنانه اللبنية وبدأت أسنانه الدائمة تظهر اليوم صار قادراً على مناقشتي وقرأه الجريدة 0
كان يناديني باسم كاميليا 00دون ألقاب ، هذا طبيعي مادام لا يعتبرني أكبر منه سناً ، ولم يتساءل قط عن كنه ما حدث له !!
وفي اليوم الثالث كان مراهقاً بدا شعر وجهه ينمو واخشوشن صوته كثيراً ، وكان هذا هو الوقت الذي قررت فيه أنه قادر على العناية بنفسه 0
ولم يعد لـ رفعت مكان في داري ، وحان الوقت كي يعود مع عزت إلى شقته ، لكن هناك سؤال مهم ، مازال يقلقني : هل يتوقف عن النمو حين يصل إلى السن التي بدا التجربة فيها ؟ أم هو مستمر بلا توقف ككل شيء في هذه التجربة الحمقاء ؟!!

حسين السريعي 13-08-06 04:18 PM

الخاتمة
مرحباً بكم 00
هذا أنا رقعت إسماعيل من جديد 00بعد أسبوع قضيته متوارياً عن الأنظار في دار عزت ، وبعد ما تحمل المسكين نزقي المراهق ، ثم شبابي اللامبالي ، مروراً بكهولتي الكئيبة 00أخيراً يمكنني أن أقول أنني هو أنا 00بعقلي السابق وشخصيتي السابقة و- للأسف – أمراضي السابقة ذاتها 00
في أسبوع واحد تساقط شعر رأسي ، وكثرت تجاعيدي ، وارتفع ضغط دمي 00كان عزت مذهولاً لكنه لم يملك إلا أن يصدق 00
وقد لاحظت أن البقع البنية تكاثرت على ظهر يدي ، وهي علامة على الشيخوخة لم تكن لدي ، فأدركت أن الجعران الأحمق _ اختلس بضع سنوات من عمري _ أن الدقة تنقصه 00وأنا طيلة حياتي أمقت الجعارين غير الدقيقة 00
ما علينا 00
لحسن الحظ لم تستمر اللعبة بي إلى حد أن أبلغ سن الستين فالسبعين فالمائة ، ثم أموت بالشيخوخة خلال أسبوع 00كان هناك حد توقفت فيه اللعبة 00
وقلت لعزت وأنا افتح باب شقتي ، مأخوذ بالفوضى التي صنعها الطفل رفعت حين كان وحيداً 00
- تباً ! إنني سأحتاج إلى أسبوع كي أعرف أين كان الحمام 00
ابتسم وقال :
- أم سعد قادمة لإنقاذك غداً 00
قلت وأنا أجمع بعض الأوراق المبعثرة :
- كان الخطأ خطئي 00لقد أنذرني الروماني بعد ما زرع الجعران تحت جلدي 00قال لي إن علي أن أترك رسالة لدى قريب أو صديق لي ، تخبره بالقصة كلها وكيفية إيقاف مفعول العلاج ، في حالة ما زاد الأمر عن حده 00 المشكلة هي أنني في البداية انبهرت بصحتي المستعادة ، ونسيت تماماً أن أخبركم 00ثم جاء استهتار المراهقة الذي جعلني لا أبالي بأن أخبركم 00فقط في مرحلة الطفولة كنت أذكر أشياء ضبابية عن شيء يشبه الجعران ن وشعرت أن علي إبلاغكم بشكل ما 00بالرسوم مثلاً 00هذا يذكرني بفيلم فانتازيا أول فيلم ظهر فيه ميكي ماوس 00لقد راقب ميكي الساحر وهو يستعمل عصاه ، ثم قرر أن يجربها بدوره 00علم المكانس كيف تنقل دلاء الماء وتسكبها على الأرض ، ثم نام ميكي ونسي تماماً أن يوقف هذه العملية 00وحين صحا من النوم كان الماء قد وصل إلى عنقه 00
وربت على كتف عزت وقلت :
- كانت الوحدة تمزقني ، ولم أدر أنك وكاميليا صديقان مخلصان يمكنني أن أترك لهما رقبتي 00
أسود وجهه تواضع ، وقال ك
- المهم أن تكون قد تعلمت شيء 00أن أفضل سن هي سنك الحالية 00ربما فقدت بعض الصحة لكنك اكتسبت كثيراً من الحكمة وحب واحترام الآخرين 00
قلت وأنا أفتح نوافذ الشقة :
- وتعلمت كذلك ألا أثق بالسحرة الرومانيين ، ولا أسمح لهم بدس جعارين تحت جلدي 00كما تعلمت أن أقرأ كتب الآخرين بمجرد أخذها ، وألا أتحدى سائقي السيارات الرياضية حين يكون هناك كثير منهم ، وألا أقذف برسائل غرامية لبنت الجيران ، وألا أبلل أريكة الصالة في شقة كاميليا لأن هذا يجعلها تجن !!



وهكذا انتهت أسطورة تختلف 000000
***************************************

حسين السريعي 13-08-06 04:19 PM

أتمنى أن تنال اعجابكم 00ودمتم سالمين 00

cbfacom 13-08-06 06:45 PM

1 مرفق
الروايه بصيغة pdf

Eman 25-04-09 05:13 PM

للرفع....:lol:

mizofunny 07-09-12 11:16 PM

تحية للمجهود الرائع
 
شكرا على الرواية وتحية للمجهود الرائع :55:


الساعة الآن 12:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية