منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى الاسلامي (https://www.liilas.com/vb3/f3/)
-   -   افتقدتها حينا من الزمن, لـ أجدها مرة أخرى عنده (https://www.liilas.com/vb3/t160518.html)

soso-3asal 29-04-11 07:45 AM

افتقدتها حينا من الزمن, لـ أجدها مرة أخرى عنده
 
| افتقدتها حيناً من الزمن, لـ أجدها مرةً أخرى عنده .. |

الســـلام عليــكم و رحمــة الله و بركاتــه

..

لم أشتـكي حزناً, ولا كمداً, ولم ازفر من آلامــي آه ..
بل ما شكــوت ســوى ألــم يعجز عن البـــــوح, أمام هـؤلاء النَّـاس ..
حتـَّى أقرب الأقربــون, عَجِزَ لسـانــي عن البوح لهم ..

ليسَ ضيقاً, إن الضيــق عن قلبـي بعيــد ..
إنما هُوَ " بقدر ما يكون ظاهره الخــوف ", إلاَّ أنَّ باطنهُ رجاءٌ و شــوق ..
في حياة كل إنســان, حزنٌ دفــين, قد لا يظهره, لكنَّهُ في الحقيقة ..
يحمل داخله ألــم ..

لا تخلوا حياتنا, من ضيقاتٍ و كَدَر, ولا من همومٍ و غموم ..
بل إنَّها في حياتنـا مُلازِمَة, تكادُ لا ترحل ..

لو أنَّها وَجَدَت في قلوب العِبَاد, " يقيناً بـ فضل الله ", ما استحلَّت قلوبهم ..
ولا عذَّبَت أرواحهم, ولا تجرَّأت أن تستمرَّ في كامـن قلوبهم ..

لَكِنَّها وَجَدَت قلوباً " يائسة ", أرواحاً تعاند الفَرَح, و الراحــة بـ نفسها ..
و لسان حالها يقــول : " لما الفرح عن دروبــي بعيــد " .. ؟!

رُبَّما نَسَت, أو تناســت, أنَّها السبب الأول و الأخير في ذلك الضيق المستعمر في كامن القلب ..

..

مشاكــلنا تزداد, همومنا تتكاثــر, الغَمُّ اهلكنا, الدمــوع عذَّبتنا ..
كُل تلك المعانـي تعانقت في ارواحنا, و تشكَّلت فيه حتَّـى اسودَّت الدنيا في أعيننا ..

مشاكلنا لا نجد لها حَلاَّ, دموعنا لا نجد لها يداً حانية تمسحها ..
همومنا لا نجد من يستخرجها من القلب لـ يُلْقِي بها بعيـــــــــــــــــــــداً ..
حيثُ لا تعـــود مجدداً ..

كُل ذلك, لـ أننا ما عَلِمنا بـ حقيقة " الله " ..
ذاكَ الرب, الذي و لأسفــي حين لقيت قليلاً مِن هَم, و قليلاً من ضيــق ..
حتـَّى ذَبُلَت عيناي, و الفكر مني سارح, و الجسم قد هَلِك ..

أنسانيه الشيــطان, حتـَّى ما لقــى النُّـوم خلالَ يومٍ كامــل عيناي ..
جفانــي الفرح, و جفانــي النــوم, حتـَّى ظننت قلبـي " هَلَك " ..

لكن :

سبــحان من لا تخفى عليهِ خافية, و سبــحان من لا يترك عبادَهُ ضائقيــن ..

رَحِمَ قلبـي المسكيــن بـ قرآنه, و ذكَّرَنـِي, أنَّ الدُّنيــا " فـي زَوَال " .. !!

فجــــــأة ..

كما أتانــي الهَمُّ فجأةً, أتانــي الفَرَجُ فجأةً, حتـَّى و الله ادمعت عيناي نسياني ..
" لما الضِّيــق و الدُّنيا راحلة " .. ؟!

" لو أتـانـي الموتُ الآن, فـ مُتُّ و ضمَّنـي قبري, هل سأذكر ضيقي الذي اعيشه " .. ؟!
" أم أنَّ حالـي في تلك اللحظة, ستكـــون حالةً أخرى " .. ؟!ستستدعــي الضيقَ حقًّا, لما فَرَّطْتُ في جنب الله .. !!

..

رُبَّما لا يعلمون الأكثرية ممن هُم حولـي, أنَّ بداخلي أنينٌ و ما استحلَّ التفكير فيني ..

الذي يدعوني للصمت كثيراً, إلاَّ حالنا بعد موتنا .. ؟!
حالنا, حين نضيق و ننسى الربَّ - جلَّ في علاه - .. !!

حالنا, حين نبحث عن حلول لمشاكلنا عند الناس, و ننسى رب الناس .. !!

و ننســى أنَّ بـ القرآن ستطمإنُّ النفسُ و تَسْكُن ..
نَعَم, استشيروا الخلق بعد أن تستخيروا الرب ..

لَكِن, إن اردنا الفَرَح و طمأنينة النَّــفس, و انشراح الصَّدْرِ و زوال الغَمِّ عَنه ..
فـ لـ نَعْلَم أنَّ : ( ملجئ النَّـفْس لـ اطمئنانها " قرآنها " ).. =)

و الله, حيــن تضيـق بنا الدُّنيــا, و ننسـى أفراحنا فيها ..
فلا نذوق منها سعداً ولا فَرَحاً ..

فـ إنَّ بـ مكنون القرآن تَكمنُ الراحـةُ العظمــى لـ نفسٍ اشقاها طول التفكــير ..

آياتُ الله لا يسمعها محزونً إلاَّ استراح ..

فيها علاجٌ لـ اضطرابات النَّفْسِ و مشاكلها, دواءٌ لا تشفـي إلاَّ الصدور الموقنة المؤمنة بها ..

..

soso-3asal 29-04-11 07:54 AM

في رِحَاب القُرآنِ و السُّنَّة :

يقـول - عزَّ وَ جل - :

1) ( إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً )

لم يقل إنَّ بعد العسر يسراً, بل إنَّهُ مع العسر يكمن اليسر ..
لو جمَّلناها بالصبــر ..

لم يتناسـى عبدٌ مؤمن, قول الربِّ - تبارك و تعالى - :

2) ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَد ) (البلد:4).

3) ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُطْفَةٍ أَمْشَاج نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ) (الإنسان:2).


ولا يَكَادُ عاقل أن يَغفل عن حقيقة " دُنيا " ما هي إلاَّ كما قَالَ الربُّ سبحانه :

4) ( إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَ إِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَار ) (غافر:39).


و يكفينا قولُ نَبِيِّنا - صلَّى الله عليه و على آلهِ و صحبِهِ و سلَّم - :

5) (من أصبح منكم آمناً في سربه, معافى في جسده, عنده قوت يومه, فكأنَّما حيزت له الدنيا)
(رواه الترمذي برقم (2268), و حس
نه الألباني في صحيح الجامع برقم (6024) ).

ولا يَجْدُرُ بـ عاقلٍ مؤمن, مُتَزِن, ما جَعَل الدُّنيا أكبرَ هَمِّه ..
أن يضيق حين يَجِدُ ألماً أو هَمًّا, أو حين يشتكي غمَّاً, أن يتناسـى ما قاله المصطفى الكريم حين قال :

6) ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن
ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه
)
(رواه البخاري برقم (5210) ).

و قال :

7) (من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه)
( رواه ابن ماجه برقم (4096)،
وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (3314) ).

و قال أيضاً :

8) ( ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)
(رواه البخاري برقم (1376) ).

و أيضاً :

9) (عجباً لأمر المؤمن.. إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن،
إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له
)
( رواه مسلم برقم (5318) ).

و قالَ - عَزَّ من قائل - :

10) {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: من الآية10).

11) (من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله،
وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه,
وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له
)
( رواه الترمذي برقم (2389)،
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6510) ).

12) {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ
وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ
}
(الأنعام: من الآية125).

13) (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك،
ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك،
ويؤمر بأربع كلمات: فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد
)
( رواه البخاري برقم (2969)، ومسلم برقم (4781) ).

14) {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
} (الملك:15).

15) (من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه)
( رواه البخاري برقم (1925)، ومسلم برقم (4638) ).

16) {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: من الآية140).

17) {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11).

18) (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله،
وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار
)
( رواه البخاري برقم (15) ومسلم برقم (60) ).

19) {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}
(الإسراء: من الآية82).

20) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} (يونس: من الآية57).

21) (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا).
( رواه الترمذي برقم (2319)،
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (308) ).

22) (وإذا أراد بعبد شراً أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة بذنبه)
( رواه الترمذي برقم (2319)،
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (308) ).

23) {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} (نوح:10- 11).

24) {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال: من الآية33).

25) {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النمل: من الآية46).

26) خرج الحافظ ابن حجر رحمه الله في هيئة جميلة،
ومعه من معه، فمر بالسوق، فخرج له يهودي زيات فيه فقر،
فقال اليهودي: أنت فيما أنت فيه، وأنا فيما أنا فيه،
ونبيكم يقول: ((الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)).
قال: نعم، أنا وإن كنت في نعمة بالنسبة للجنة أنا في سجن،
وأنت في الفقر والشدة التي أنت فيها بالنسبة لجهنم
-التي ستدخلها إذا أصررت على الكفر- أنت الآن في جنة .

(ذكرها القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد ونسبها للقاضي أبي يوسف).

27) ( أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل،
يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه،
وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه،
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة
)
( رواه الترمذي برقم (2322)،
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (494) ).

28) {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر: من الآية60).

29) أبي بن كعب لما كان له ورد معين، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام: "كم يجعل له من ورده صلاة عليه ربع، ثلث، نصف، كله؟
قال: ((إذاً تكفى همك، ويغفر لك ذنبك
)
( رواه الترمذي برقم (2381)، وقال: حديث حسن صحيح ).

ولا ننسى ادعية الهَمِّ و الحزن و الضيق التي ارشدنا رسول الله إليها فـ قال :



30) (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل
والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال
)
( رواه البخاري برقم (2679) ).

soso-3asal 29-04-11 08:03 AM

ما للقلوبِ تتوجَّع, و النفوس تضيق, و عيناها تنهمر من الدُّموع ما سببه ضيق النفس و الإبتعاد عن الربِّ سبحانه ..

ألم يتفكَّر عبادُ الله المحزنون بعضاً من آياتٍ و أحاديث, هي سلوةُ المؤمن !! :

قال الله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ).

( إن لله عز وجل مئة رحمة أنزل منها رحمة واحدة
بين الإنس والجن والهوام والسباع وذخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة
ولفظ الآخر إن لله عز وجل قسم منها رحمة بين جميع الخلائق
فبها يتراحمون وبها يتعاطفون وبها تعطف الوحش على أولادها
وأخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة
)
الراوي: أبو هريرة
المحدث: السخاوي -
المصدر: البلدانيات -
الصفحة أو الرقم: 120
خلاصة حكم المحدث: صحيح

..

حينَ تتجرَّد الأفراح فـ تنقلب في القلوب أتراح ..

لا يَسَعُ القلب للنجاة ..
سوى قراءة ما في القرآن من آيات ..

تكونُ للقلوب انشراحاً, و للأرواحِ أفراحاً ..

( أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوب ).. !

..

للمحزونِ و المكروب, و الضائق و المرعوب ..
و الحزين و الموجوع, و الضائع بين الجموع ..
و للغموم و الشاكي, و للمهموم و الباكي ..

بعضاً مِن جُمل, أيقنتها روحـي, و عَلِمَهَا قلبي ..
فـما كان منْهُ إلاَّ أن كَتَب :

( حين تضيق, ولا تجد من النَّاسِ إلاَّ ما يزيد الضيق,
فـ لا تسمح لـ الهموم بإستحلالك, و للغموم بـ مقتلك ..
فـ إنَّ عِنْدَ الرب مآلك
)..

( حين تبكي فلا تجد, من يكون لأفراحك مُوقد,
فـ لا تضيق ولا تتنكَّد ..
فـ في القرآن ما يشعل الوجدان, بـ حبِّ الرحمن
)..

حُب, سيجعل ما تلاقيه, هيِّناً ..

( من اشعل قلبه بـ حب الرحمان, وَ جَعَلَ مبتغاه إلى الجنان ..
هانت عليه الدُّنيا بما فيها, و هان عليه ما يلاقيه فيها
)

..

اخواتــي :

لو لم يكون لدينا قرآناً, تلجئ إليه أنفسنا في كل احوالها ..
لـ ما كان للهموم مُذهباً ولا للغموم مزيحاً, ولا للأفراح موقداً ..

فـ تمرَّسوا تدبُّرَ القرآن و قرائته بـ نفسٍ مطمئنة ..
مُتَدَبِّرة, عالمة, أنَّ في محتواه راحة, و في مكنونه سعادة ..
لو اعقبنا القراءة بـ العمل بما فيه ..

..

راحتي التي افتقدها حيناً من الزمن ليسَ كثيراً
وجدتُّها و الله عند رب العالمين

وجدتها عنده

وجدتها بقربه

وجدتها حين علمت أنَّ الله " مــوجود " ..

فـ لم يضيق قلبي بعدها أبداً, و لن يضيق بـ إذن الله و فضله ..

..

فقط( ملجئ النفس لـ اطمئنانها, قرآنها )

..

خيرُ الكلامِ ما قلَّ و دل, لن أطيل, و لن ازيد في كلامــي ..

فقط أختم حديثي بـ هذا الحديث العظيم :

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ

فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ
فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
و جَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ
وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ

فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا
وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ
كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ
وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ

حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام
حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ
اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ
قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا

فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا
فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ
وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ

قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ
إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟!
فَيَقُولُونَ : فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا
حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ
فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا
حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ

فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ
وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ
وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى
قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ
فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟! فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ
فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟! فَيَقُولُ : دِينِيَ الْإِسْلَامُ
فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟!
فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَيَقُولَانِ لَهُ : وَمَا عِلْمُك ؟!
فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ
فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ
وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ
قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ

قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ
فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ
فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟!
فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ
فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ
فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي

قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا
وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ
مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ

ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ :
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ
قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ
مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ
حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ
وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ

فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا :
مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ
الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ

ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }

فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ :
{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ
أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }

فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ :
مَنْ رَبُّكَ ؟!
فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي
فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟!
فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي
فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟!
فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي
فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُواَ لَهُ مِنْ النَّارِ
وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا
وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ
وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ
فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُك الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ
فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟!
فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ
فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ )..


رواه الإمام أحمد و أبو داود وروى النسائي
وابن ماجه أوله ورواه الحاكم و أبو عوانة الإسفرائيني
في صحيحيهما
و ابن حبان وصحَّح الحديث الإمام الألباني
في صحيح الترغيب والترهيب.

..

ألا يكفينا هَمٌّ من الدنيا و ضيقٌ و ألم, ألا نجعل همَّنا الحقيقي ما رواه النبيِّ ..
في هذا الحديث .. ؟!

ألا نجعل همَّنا الذي نبكي الليل و النهار لأجله, هو هَمُّ ( أين مأوانا بعد الموت .. ؟! )..

كفانــي بهذا واعظة ..

أختكم

لاتنسوني من الدعوات

حفيدة الألباني 03-06-11 04:19 PM

جزاك الله خير الجزاء

جعلها الله في موازين حسناتك

موضوع رآئع وقيم

يستحق التقييم

بوركتِ

soso-3asal 10-06-11 06:15 AM

اهلين فيدو
امين وياك والجميع
يسلمو على المرور فيدوو


الساعة الآن 05:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية