منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   78 - القرصان - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t158904.html)

نيو فراولة 30-03-11 07:47 PM

78 - القرصان - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
78 - القرصان -ماري ويبرلي- روايات عبير القديمة

الملخص



الفارق بين المدينة و الارض العراء كالفارق بين الحلم و الواقع بالنسة الى من لم يذهب في حياته الى أامكنة بدائية ما زالت تحافظ على عذريتها.
...لذلك عندما ذهبت هيلين لترى ما تركه والدها الفنان الراحل في جزيرته البعيدة , وهي لم تعرفه ولم تره ابداً , وجدت عالماً ساحراً ينتظرها , لكن رجلا يدعى جيك لوغان كان لها بالمرصاد , سمعته السيئة و شكله الرهيب و علاقته الغامضة بوالدها , جعلت رحلتهاقاسية و دفعهتا الى الفرار من الجزيرة .. عائده الى لندن
منتديات ليلاس

... لكن القرصان لا يتركها تهنأ في عملها كعارضة ازياء , بل يظهر في لندن ليقول شيئاً ... ماذا يريد منها , ومن هو هذا الرجل القاسي ؟

نيو فراولة 30-03-11 07:48 PM

1- الأشاعة


أختفت بلدة سانتوس وسط ضباب كثيف , أشاحت هيلين كاربنتر بنظرها عن النافذة لتنظر أمامها , أنها حقا في الطريق الى هناك! ولأول مرة منذ أن غادرت أنكلترا تفكر هيلين بما هي مقدمة عليه , ولأول مرة أيضا تشعر ببعض الخوف.
" لم يبق الكثير , ساعة واحدة فقط ونكون هناك".
جاء الصوت أنكليزيا جدا وعلى ما يظهر في محاولة لأن يبدو لطيفا.
أدارت هيلين رأسها الى محدثتها فأذا هي أمرأة شقراء جالسة قبالتها الى النافذة الأخرى , وأبتسمت.
" أنها المرة الأولى التي أجيء فيها الى هنا , أحس ببعض الوحشة فحسب".
" أفهم شعورك".
منتديات ليلاس

قالت هذا وقامت من مكانها وأتت لتجلس الى جانب هيلين , أمرأة في حوال الأربعين, تلبس ثوبا بسيطا من الحرير الطبيعي الزاهي الألوان , وهيلين خبيرة بالثياب , فثوب هذه المرأة كلّف كثيرا بدون شك!
" أتسمحين لي بالجلوس هنا؟ هذا يجعل الحديث بيننا أسهل , أنني رأيت المنظر مرات كثيرة".
قالت هذا مبتسمة ثم تنفست بعمق.
" أتسكنين في الجزيرة؟".
أستفسرت هيلين :
" أعيش فيها منذ خمس عشرة سنة , أسمي مارشا روس".
" هيلين كاربنتر".
قالت هيلين بهدوء منتظرة ردة فعل المرأة لسماع هذا الأسم , وحدث ما توقعت , مرت لحظة صمت ثم قالت المرأة:
" كاربنتر ؟ هل تكونين ...؟".
لحظة صمت أخرى .
" هل تكونين قريبة روبيرت كاربنتر؟".
" نعم , أبنته".
" يا ألهي ! ارجو المعذرة".
ووضعت يدها السمراء النحيلة للحظة على ذراع هيلين العارية.
" كان صديقا طيبا , طبعا ... أنت تعلمين".
" نعم , أعرف , مات منذ ثلاثة أشهر , لهذا أنا هنا, أنه ترك لي بعض ... الأشياء".
أضطربت هيلين قليلا , لكن سرعان ما أستعادت سيطرتها على نفسها , يجب أن لا تخبر شخصا غريبا , مهما كان لطيفا , أنها لم تعرف أن لها والدا يعيش هنا , كل ما عرفته من أمها أن والدها مات عندما كانت طفلة صغيرة , ولما عرفت منذ شهر كانت المفاجأة مضاعفة , ليس فقط لمعرفة أن لها والدا عاش تسعة عشر عاما في جزيرة كبيرة قرب الشاطىء البرازيلي تدعى ( جزيرة الشمس) , لكن أن تعرف بموته في الوقت الذي عرفت فيه بوجوده , أنه أمر لا يحتمل.
عرفت بالأمر منذ أسابيع هناك في ذلك المكتب الهادىء في أحد شوارع لندن الجميلة في مكتب المحامي , وسمعت شيئا آخر مفاجئا أذ قال لها المحامي بنبرات جافة :
" ترك لك والدك نصف ممتلكاته , البيت الذي كان يسكنه , القارب , وجزيرة أسمها...".
وبدأ المحامي العجوز يقلب الأوراق بين يديه:
" آه.... ها هي .... ( الها داس تورمينتاس).... باللغة البرتغالية ... يعني .... جزيرة العواصف".
" جزيرة؟".
كانت المفاجئة كبيرة , لم تقدر هيلين أن تستوعب ذلك , جزيرة ... رجل لم تره من قبل , رجل ظنته ميتا من زمان .... يترك لها جزيرة؟
" آنسة كاربنتر , المضيفة تسألك أن كنت تريدين بعض القهوة؟".
كلام المرأة الجالسة الى جانب هيلين أعادها الى الحاضر , فأبتسمت قائلة:
" المعذرة ... نعم , من فضلك".
مرت لحظة صمت بعد ذهاب المضيفة , كانت الطائرة صغيرة , ثمانية ركاب فقط , وهيلين ومارشا كانتا تجلسلن في المؤخرة.
" من المحزن جدا أنك لم تأتي ألا عندما...".

أنتبهت مارشا أنها ربما تعدت حدود اللياقة , شعرت هيلين بالمضايقة , لكنها لم تظهر شئا , لقد تعلمت ذلك في مدرسة جنيف الداخلية أنها مهما كانت منزعجة أو متألمة , لدرجة الدموع , يجب أن لا تظهر شيئا من ذلك ألأي كان.
" نعم.... أعرف , أخبرني المحامي أن علي أن أرى شخصا يدعى السيد لوغان".
من الواضح أن هيلين تغير الموضوع , ومن الواضح أيضا ردة الفعل الغريبة التي صدرت عن المرأة عند ذكر الرجل , لم تكن منتظرة.
" طبعا , طبعا".
قالت مارشا بنبرة أنزعاج:
" ما الأمر؟ ؟ هل هو غائب عن الجزيرة؟".
صدرت ضحكة جافة وقصيرة عن المرأة التي قالت :
" أوه , أنه هناك , جيك لوغان بالطبع هناك!".
وأدارت مارشا رأسها لتنظر مباشرة الى هيلين:
"هل أخبرك المحامي أي شيء عن لوغان هذا؟".
لا بد أن هناك شيئا غامضا , وهيلين أرادت أن تعرف ما هو , فقالت ببطء:
" فقط أنه يمتلك النصف الآخر من الميراث".
" يا ألهي!".
تلك اللحظة جاءت المضيفة بالقهوة , نظرت هيلين الى مكعبات السكر الموضوعة في الصحن , لم تكن تريد أن تخبرها أشياء خاصة كهذه , لكن شيئا ما في هذه المرأة جعلها تفعل .
" المعذرة".
قالت مارشا وأبتسمت لهيلين , لكن الغضب كان ظاهرا في عينيها.
" ليس هذا من شأني ... ولكن هذا الرجل لوغان ... كلنا أحببنا والدك وكنا نحترمه , لكن ما لم أستطع فهمه هو كيف سمح لهذا الرجل أن يؤثر عليه بالشكل الذي فعل؟ أكره أن أقول هذا عن رجل ميت , لكن ربما من الأفضل أن أخبرك كل شيء الآن , جيك لوغان رجل منحط , سمعته سيئة جدا خاصة فيما يتعلق بالنساء... وبرغم هذا كله كان والدك يحبه......".
توقفت مارشا عن الكلام لتشرب بعض القهوة ربما تعطيها القوة.....
" والآن ها هو يستولي على النصف.......".

نيو فراولة 30-03-11 07:49 PM

تطلعت الى هيلين بحزن .
" كم أنا آسفة من أجلك يا عزيزتي! أنتبهي , سيحاول أن يحصل على النصف الآخر منك , ولا أظنه يهتم كثيرا بالطرق التي يسلكها".
بقيت هيلين صامتة , ثم هزت رأسها , أمر لا يصدق وهمست:
" لم أكن أحلم....".
ثم أستطردت:
"أعتدى على فتاة من الجزيرة منذ سنتين تدعى سيرينا ... كانت في الخامسة عشرة من عمرها حينئذ".
قالت هيلين بهدوء:
" ما أبشع ذلك ! المسكينة ...".
منتديات ليلاس

" لها طفل منه يدعى توبي , طفل جميل عمره سنتان , يعيشان مع أختها المتزوجة , رباه كيف كانت سيرينا تلحق بجيك أينما ذهب كجرو صغير , كم أحبته , المسكينة......".
كانت الصدمة كبيرة , ولم تعد هيلين تهتم بأخفاء مشاعرها , أستدارت الى المرأة الجالسة بجانبها قائلة:
" غير معقول , تصورت هذا الرجل , لوغان , من عمر والدي , كنت أتشوق لملاقاته وسماع حديثه هن......".
أضطرب صوتها قليلا .... لكنها أكملت:
" عن والدي".
وهزت رأسها بخيبة أمل.
قالت مارشا ببعض الرقة:
" ما كان يجب أن أباغتك هكذا , لكن .... عندما ذكرت جيك لوغان .... هه! أحسست أنه علي أن أحذرك منه .... تحذير أمرأة لأمرأة ... تفهمين قصدي !".
" أنا شاكرة لك أهتمامك , لا بأس ".
وأخذت هيلين قطعة بسكويت من الصحن أمامها وبدأت تقضمها , كم تمنت في أعماقها لو لم تسمع شيئا عن هذا المدعو لوغان , أحيانا .... من الأفضل أن تبقى بعض الأشياء مجهولة.
" هل ينتظرك أحد عند المدرج؟".
" لا أدري ... كنت أظن أنه ربما السيد لوغان...".
صمتت لحظة وبلعت ريقها بصعوبة :
" ما شكله ؟".
زمت المرأة شفتيها بشدة.
" ستعرفين عندما ترينه! أسمر , طويل , له جسم رياضي , مع أن نوع الحياة التي يعيشها تجعل الأنسان لا يتوقع ... في كل حال أظن أن بعض النساء يجدنه جذابا , تعرفين ما أعني".
وأرتعشت قليلا ونظرت اليها هيلين بسرعة ومرت برأسها لمحة شك عميقة.
" لا أحد يعرف الكثير عن الرجل , ولا حتى من أين جاء , ربما كان والدك يعرف , لهجته أسترالية بعض الشيء , لكنني أراهن أن به دما أجنبيا , قد يكون برازيليا , من يدري؟".
ونظرت الى هيلين بحدة:
" كان لأبيك صديق آخر , بيل أنز ... هل سمعت به؟".
" نعم , ذكره المحامي , هل هو...؟".
وتوقفت هيلين , لا تدري بما تتابع , لكن مارشا روس ضحكت , وكأنها حزرت:
" لا عليك , بيل رجل طيب , غريب بعض الشيء , ضخم ومندفع , لكنه مستقيم جدا , يعيش مع أخته هانا , أن أحبتك كنت محظوظة وألا.....".
وأبتسمت أبتسامة تحمل معاني كثيرة.
" آه , هكذا أذن".
قالت هيلين بلطف , على الأقل هناك من تستطيع الركون اليه , لكن فكرة غريبة خطرت ببالها , لماذا؟ أذا كان جيك لوغان سيء السمعة بهذا الشكل , وبيل أنز بهذه الطيبة , لماذا ترك والدها نصف ممتلكاته لجيك ولم يتركها لبيل؟
أحست هيلين بالأرهاق , رمت رأسها الى الوراء وأغمضت عينيها وهي تهمس بلهجة أعتذار:
" أشعر بحاجة لبعض النوم".
" أعرف , حاولي أن تستريحي بضع دقائق".
قالت مارشا وهي تراقب وجه هيلين , عيناها الواسعتان بلونهما الأزرق الرمادي مغمضتان , رموشها حريرية طويلة , كم هي جميلة وجذابة ملامح وجهها , شفتاها ممتلئتان وناعمتان , جسمها كله أنوثة , شعرها الذهبي مرفوع بشكل جذاب , أخذت مارشا نفسا عميقا , ترى كيف ستكون ردة فعل لوغان لكل هذا الجمال ؟ لكن الأهم كيف ستكون ردة فعل أبنة روبيرت كاربنتر هذه؟
ألقت مارشا رأسها الى الوراء وأغمضت عينيها , نعم سيكون الأمر مثيرا , في كل حال فهذه الأنكليزية تبدو قادرة على الأهتمام بنفسها , هناك برودة ما.... شيء لا يقال حول هذه الأنكليزية , وأحست مارشا بما يشبه الطعنة في قلبها , كأنه الندم على شيء مضى , عضت على شفتها , ربما كان من الأفضل أن تنتهي هذه الرحلة بسرعة.
لم يكن هناك مطار كبير , ولا حتى صغير , كل ما كان هناك مدرج واحد في نهاية الجزيرة , حيث أزيلت الأشجار , والى جانبه سقيفة مطلية باللون الأبيض , تقف خارجه السيارات , ورجل... كان الرجل يراقب هبوط الطائرة ويحمي عينيه من حرارة الشمس بيده , رأت هيلين الرجل وأحتارت فمن يكون , رجل كبير ممتلىء , شعره أسود وبشرته بيضاء , كان يدخن غليونا , تطلعت مارشا من النافذة وأشارت الى الرجل:
" أنه بيل , جاء لملاقاتك , لا حاجة ك الى سيارة أجرة الآن".
قالت هذا وضحكت.

نيو فراولة 30-03-11 07:51 PM

بعد دقائق , وبينما كانت المرأتان تنزلان السلم الخشبي , تقدم الرجل لملاقاتهما وركز على هيلين عينين زرقاوين:
" آنسة كاربنتر , بيل أنز".
وصافحها بيدين ضخمتين يغطيهما شعر كثيف , ثم أستدار الى مارشا.
" هل نوصلك الى البيت؟".
" كم أنت لطيف يا بيل, شكرا , سأحضر حقائبي".
وبينما كانت تستدير لتذهب , نظر بيل الى هيلين وغمز بعينيه:
" سنخلصك من هذه الحرارة قريبا , أختي حضّرت لنا العشاء , ستأتين الى بيتنا , طبعا".
كان متحمسا جدا فأبتسمت له هيلين.
" شكرا يا سيد أنز , لطفا منك أن تأتي لملاقاتي".
" لا تسمني السيد أنز , أنا بيل وأنت هيلين , لا رسميات على هذه الجزيرة , أرجوك , أنه أقل ما يمكنني فعله , فأنت غريبة هنا كما وأن جيك........".
وتوقف بيل عن الكلام فجأة لأن مارشا وصلت تلك اللحظة , تساءلت هيلين في نفسها عما كان يريد قوله , لكنها لم تتمكن من التفكير بوضوح فالحرارة كانت لا تطاق لدرجة لدرجة أحست معها وكأن ثوبها الأبيض الخفيف مصنوع من الفرو السميك , أحست هيلين بالأرض الرملية تهتز وتتراقص تحت أقدامها وهم في الطريق الى سيارة اللاندوفر المتوقفة خلف السقيفة يتبعهم الصبي الأسود حاملا الحقائب , السماء كانت شديدة الزرقة بلمعان معدني غريب قطعته فراشة وأندفعت في الهواء وأخذت تدور في ألق ذهبي وأحمر.
منتديات ليلاس

تنفست هيلين بعمق وقالت:
" لم أتصور أبدا شيئا كهذا , أنه مكان جميل.....".
" لكنك ما رأيت شيئا بعد , أنتظري لتري الجزيرة بكاملها , عندها ستقولين ما أجملها بحق".
بيل فخور بجزيرة الشمس : رأت هيلين ذلك بوضوح , كما رأته مارشا , التي تطلعت الى هيلين وأبتسمت.
صعدوا الى اللاندروفر وأنطلقوا على طريق وعرة , خلفهم بدا المسافرون الآخرون وكأنهم نقطة صغيرة تبتعد شيئا فشيئا والى جانبهم على الطريق أندفعت سيارة أجرة كبيرة وقديمة بشكل واضح.
أذن هذا هو المكان , هنا عاش الرجل الذي ما عرفته هيلين , وما عرفت عنه شيئا , هنا عاش تسعة عشر عاما , فكّرت هيلين بأمتعاض وربما بحزن بأمها التي تقضي عطلتها الآن في برمودا , هيلينا كار الممثلة المشهورة عالميا , والتي تزوجت عدة مرات , ولسبب لا يعرفه غيرها , أخبرت هيلين أن والدها ميت , هيلينا التي تقضي الآن شهر عسل مع زوجها الخامس , الآخر على اللائحة , لا تعرف أين هي أبنتها في هذا الوقت , وربما هي لا تهتم , أنها متألقة وجميلة , لا تعترف بأن عمرها أكثر من واحد وثلاثين عاما , وتتحاشى أن يعرف أحد أن لها بنتا عمرها عشرون سنة لذلك نادرا ما أجتمعتا.
تطلعت هيلين بسرعة من النافذة , أنقبض وجهها وأحست أنها من دون معين , عندما كانت طفلة حصلت هيلين على كل ما يتمناه الأطفال , عدا الشيء الوحيد المهم , بل ربما الأهم من كل الأشياء الأخرى في الحياة: الحب , الأجازات التي كانت تأخذها من المدارس الداخلية المترفة كانت تقضيها كلها مع الأقرباء , ( لأن أمها مشغولة كثيرا) , بلعت هيلين ريقها بصعوبة , الخال فيليب هو من أحبته أكثر من الجميع , أستدارت الى بيل متذكرة قائلة:
" يجب أن أرسل برقية الى أحد الأقرباء".
" سنتوقف عند مكتب البريد , لن يأخذ الأمر أكثر من دقيقة".
كانت الأشجار كثيفة على جانبي الطريق الأصفر المغبر , لم تمر بهم أية سيارة غير سيارة الأجرة القديمة , وصبي على دراجته يتبعه كلب يسيران بتراخ شديد , هناك رقعة برتقالية اللون جذبت أنتباه هيلين , فتطلعت لترى شجيرات صغيرة ذات ورق قاتم كثيف تحمل ثمر البرتقال , برتقال! هذه أول مرة ترى فيها البرتقال على الشجر , من قبل رأته فقط ملفوفا بالورق مصفوفا في دكان البقالة , فجأة توضحت الأشياء في عيني هيلين , أنها حقا هنا , على هذه الجزيرة الأستوائية قرب الشاطىء البرازيلي , بعيدة آلاف الأميال عن بيتها , بيتها! هل عرفت بيتا في حياتها ؟ هل سيكون لها بيت يوما ما ؟ بيت تذهب اليه لتجد فيه من يحبها وينتظر عودتها؟ من أين لها أن تعرف! طبعا كان الخال فيليب دائما يرحب بها عندما يكون دوره في أستقبالها , الخال فيليب شقيق أمها الأكبر , كم كان محبا! عكس أخته , وكم قضت معه هيلين أوقاتا سعيدة , ومنذ أن كبرت وهي تلتجىء اليه للنصح لا لأنها التي ما عرفتها جيدا .
" ها هو بيتك يا مارشا , جاهزة؟".
" نعم ,شكرا يا بيل , ما رأيك في النزول لتناول بعض الشراب؟".
" لا , شكرا , من الأفضل أن لا نتوقف , هانا تنتظرنا وقد حضّرت العشاء , وأنت تعرفين....".
فقالت مارشا ضاحكة:
" أعرف".
وبدأت اللاندروفر تبطىء وسط تلك الأشجار , ثم توقفت كليا مما أتاح لهيلين أن تلقي نظرة سريعة على البناء الأبيض المنخفض بكل تلك الخضرة." هل هناك بيوت أخرى؟".
سألت هيلين مندهشة:
" بضع عشرات , لكن عليك أولا أن تجدي طريقك وسط الأشجار لتصلي أليها".
أجابها بيل:
" مع السلامة , مارشا ".
" مع السلامة , شكرا لتوصيلي , أنا سعيدة بمعرفتك يا هيلين , أرجو أن تقومي بزيارتي قريبا".
" شكرا , سأفعل".

نيو فراولة 30-03-11 07:52 PM

راقبها الأثنان تختفي في الممر ثم تابعا السير , بعد أنطلاق اللاندروفر قال بيل :
" هل أخبرتك مارشا أي شيء عن هذا المكان؟".
وعرفت هيلين بغريزتها ما يرمي اليه بيل بسؤاله , فوجدت الأمر في منتهى الغرابة وأجابته بحذر:
" القليل , أخبرتني أنها كانت تحب والدي ".
" هذا صحيح , ولوغان؟ ماذا قالت عنه؟".
لقد عرفت أنه سيسأل ولم تفاجأ فلماذا تسارعت دقات قلبها ؟
" أنها لا .... تحبه كثيرا".
منتديات ليلاس

أنفجر بيل بضحكة عالية هزت السيارة:
" كم هي مهذبة الطريقة التي تصوغين بها ردك يا آنستي , أنها تمقته , كذلك أختي , وأكون لك شاكرا أذا أمتنعت عن ذكر أسمه في بيتنا هذه الليلة".
تكرهه أمرأتان بهذا العنف , كيف أذن تحوم النساء حوله؟ هذا ما فكرت به هيلين وحيّرها.
" وأنت هل تمقته أنت أيضا".
سألت هيلين بهدوء , ربما كان من الأفضل معرفة ذلك أيضا من الآن.
" أنا ؟ لا أبدا , علاقتي به جيدة , لكن......".
ونظر اليها بحدة وقد عقد حاجبيه الكثين...
" أنه رجل لا يمكن تجاهله , وربما وجدت له حضورا طاغيا , لكن أن عاملته بالطريقة الصحيحة لن يكون هناك ما تخشيه".
ترى ماذا يعني بمعاملته بالطريقة الصحيحة , فكرت هيلين بأمتعاض , في كل حال ليس بنيتها ألا أن تكون مهذبة معه مهما كان هذا صعبا , أخلاقياته أو عدمها لا تعنيها , رغم هذا لا بد من الأعتراف أن مفاصلها ترتعد من الخوف عند التفكير بلحظة اللقاء مع هذا الرجل , فقط لو كان بيل الرجل الذي عليها أن تراه من أجل قضية الأرث , لأحست بالراحة وكأنها تعرفه من زمن طويل , لكنها سرعان ما نسيت أفكارها هذه عندما رأت البيوت أمامها والطرقات المتقاطعة من غير تنظيم والعنزة التي كانت تجتاز الطريق أمام اللاندروفر والأولاد على دراجاتهم .... وأمرأة سمينة تربط رأسها بمنديل وتجلس الى جانب الطريق في ظل شجر النخيل العالي , أمامها سلة مليئة بالموز...
" أنها أكبر قرية , هناك قريتان صغيرتان , وتجمع للهبييين قريب من هنا , لكن هذه هي المركز الرئيسي للجزيرة".
قال بيل هذا وتطلع الى هيلين ليرى ردة فعلها , في هذا الوقت كانا قد توقفا أمام بناء خشبي تكتظ واجهاته الزجاجية بالثياب والطعام المعلب , وأدوات الزينة:
" أنه رائع .... وكأنني في حلم , أن يكون والدي عاش هنا كل تلك السنوات , ولم...".
توقفت وتنهدت بعمق:
" أخبرني كيف كان !".
" رجلا طيبا , وصديقا وفيا".
فقالت ببساطة:
" لو عرفت أنه كان هنا لأتيت من قبل".
قال بلطف :
" حقا , يا ألهي لم أكن أتصور......".
" أخبرتني أمي وأنا صغيرة أن والدي مات عندما ولدت , لا أدري لماذا , كانت لها أسبابها , لكنني لا أقدر.... لا أقدر......".
كانت هيلين على حافة الأنهيار , وضع بيل يده على ذراعها بلطف:
" هيا... هيا... ألا تريدين أرسال البرقية ؟ هذا السفر الطويل كان مرهقا بدون شك , أنت بحاجة الى ليلة من الراحة والنوم العميق , وغدا صباحا سترين كل شيء أجمل وأفضل , وعندها....".
أكمل كلامه وهو ينزل من اللاندروفر ويسحب غليونه من جيبه ويسير مع هيلين الى مكتب البريد الصغير المظلم .
" شكرا , لا أستطيع أن آكل أكثر مما أكلت , حقا".
وأبتسمت هيلين للمرأة الجالسة بجانبها والخالية من أية مسحة جمال , أنها هانا أخت بيل تقارب منتصف العمر على ما يبدو , أستقبلت هيلين بشيء من الحذر والخشونة , لكن هيلين وعن قصد منها أرادت أن تكسب هذه المرأة الى جانبها , خصوصا بعد الذي قالته مارشا عنها .... وصممت أن لا تفعل أو تقول ما قد يؤذي أو يزعج هذه المرأة , الى جانب ذلك فعندها سبب آخر أعمق من ذلك , بيل رجل طيب , وقد يصبح صديقا لها , لذلك يجب أن تحبها هانا , أخته , كي لا يكون الأمر صعبا , أبتسمت هيلين أبتسامة حلوة ودافئة لهذه المرأة الصغيرة النحيلة , عكس أخيها تماما , وأجابت على كل أسئلتها بهدوء ولطف , وبدأ الثلج بينهما يذوب , والآن....
" أنها أطيب سلطة فاكهة ذقتها في حياتي!".
قالت لهانا أنز , وكان ما قالته صحيحا , هذا المزيج من الموز الناضج الطازج , والأناناس والبرتقال لذيذ جدا , والكريما الموضوعة فوقه بكرم..
" قهوة أذن".
وعلت وجه هانا أبتسامة هادئة فظهر في وجهها شيء جعل هيلين ترى فيه مسحة جمال كانت هناك ذات يوم مضى , وأضافت مؤكدة:
" بلى أرجوك".
" عليّ أن أذهب لأجد بيتي الجديد , لم أقصد أن أبقى , أرجو أن لا أكون أخذت الكثير من وقتكما".
" لا أبدا ليس هناك الكثير لنفعل هنا , ودائما نرحب بوجه جديد ".
قالت هانا ذلك وهي تسكب القهوة السوداء من أناء صيني أخضر جميل.

" مع الكريم ؟".
" أجل , شكرا".

نيو فراولة 30-03-11 07:54 PM

كان بيتهم مريحا وفيه برودة محببة في هذا الطقس الخانق , لم يكن فخما , لكن أثاثه القديم كان بحالة جيدة ,وبلاطه الأحمر يلمع من بين قطع السجاد الموضوعة فوقه هنا وهناك , في الخارج كانت العتمة , فالليل في هذا الجزء من العالم يهبط باكرا , الحشرات الكبيرة الراقصة حول النور عكست ظلالا غريبة على السقف.
" ستوصل هيلين بأمان الى بيتها".
قالت هانا هذا ونظرت الى أخيها الذي أومأ أليها برأسه .
" طبعا سأفعل".
" وستحذرها؟".
" نعم يا هانا , لكن ماذا هناك...".
" أنت تعرف".
وأشارت الى هيلين بعناد :
" بالطبع , تستطيعين قضاء اليل هنا أذا شئت , الى أن تتعرفي على المكان جيدا , هل ستبقين طويلا في الجزيرة؟".
" لا أدري".
أجابت هيلين :
" أتيت فقط لأرى و........".
أبتسمت وهزت كتفيها:
" هناك عمل ينتظرك بالطبع؟".
لم تكن هانا متطفلة , هيلين متأكدة من ذلك فقط بعض الفضول حول هذه القادمة الجديدة الى حلقة هانا الصغيرة , فأجابتها:
"أعمل في مخزن كبير في لندن".
هكذا أفضل , عرفت هيلين بغريزتها أنها لو أخبرت هانا عن عملها كعارضة أزياء , لعاد الجليد بينهما ولما أستساغت هانا البسيطة المحافظة مهنة كهذه أذ كان عمل هيلين في معظمه في دار الخال فيليب للأزياء , وأكد لها الخال فيليب أن بأستطاعتها التغيب عن العمل ما شاءت , فأضافت:
" لدي فرصة شهر للتغيب عن العمل".
" أذن عندك الوقت الكافي للتعرف على الجزيرة , فيها عدد لا بأس به من الأنكليز , بعض الأسكوتلنديين , الكثير من البرازيلينن والكابوكلوز بالطبع".
منتديات ليلاس

" ومن يكون هؤلاء؟".
" أنهم المنحدرون من أصل برازيلي وزنجي , أن حصل أن سمعت الموسيقى في منتصف الليل فتكون صادرة عن أحد تجمعاتهم , ستعتادين عليها مع الوقت.... هذا أذا بقيت هنا".
" بالطبع".
قامت هيلين وقد أحست بأنه يجب أن تذهب الآن , شكرت هانا التي أخبرتها أنه بأمكانها القدوم للزيارة وقت تشاء , سرت هيلين بهذه الدعوة خصوصا أنها صدرت بصدق وحرارة أحست أنها بحاجة اليهما.
في الخارج سمعت هيلين هانا تنادي بيل مذكرة أياه:
" لا تنس أن تخبر هيلين....".
تجاهل بيل التحذير وأخذ ذراع هيلين ليساعدها على السير في الممر المظلم المؤدي الى الطريق العام , أنزعجت هيلين كثيرا من تحذير هانا , وللحظة وسط العتمة الدافئة , عضت على شفتها بقوة.
ضحك بيل وقال:
" هانا لا تأتمن لوغان وتبالغ في ذلك , أظنك حزرت".
" لماذا تريدك أن تحذرني منه؟".
" بالطبع أنت تعلمين .... بيته ملاصق لبيتك".
فوجئت هيلين وتوقفت عن السير .
" بيته ملاصق لبيت والدي.... البيت الذي سأقيم فيه؟".
"| نعم".
" هكذا أذن , هل هناك بيوت أخرى؟".
" لا , بيتك وبيته لا غير , الحديقة مشتركة والأشجار الكثيفة تحيط بالبيتين , لهذا أرادتك هانا أن تقضي الليل عندنا , تتصور أن لوغان...".
" لا بأس , لا تكمل".
حاولت هيلين أن تكون طبيعية لكن شيئا ما أنقبض داخلها .
" وله نصف البيت الذي سأقيم فيه , طبعا؟".
" نعم , هكذا تقول وصية والدك".
" وقد يكون لديه مفتاح؟".
أرادت أن يكون صوتها هادئا , لكنها الآن تتمنى لو قبلت دعوة هانا لها بقضاء الليل عندهما .
" يا ألهي! ".
قال بيل بصوت يائس , ثم تابع:
" ما الذي يمكن قوله الآن؟ مارشا وهانا لا تطيقانه , لا ألومك على تصديقهما...".
وأكملا السير في ممر مظلم لم يصله ضوء القمر بسبب تشابك أغصان الشجر حوله , شعرت هيلين بالرعشة بينما كان بيل يحاول أزاحة الأغصان وفتح الطريق أمامها...
" جيك ليس كما تظنين ... وأنا متأكد أنه لن يجرؤ بل لن يحلم أبدا ب.......".
لكنه لم يعرف أن هيلين على علم بما جرى لتلك الفتاة ذات الخمسة عشر عاما , مسكينة.
" أرجو المعذرة يا بيل , كل ما هنالك أنني متعبة بعج الرحلة , لست عادة بهذه الحماقة".
بدأت معالم البيت أمامها تظهر , ضوء القمر على حيطانه البيضاء رسم خيالات غريبة ومخيفة , كان المفتاح مع بيل فد أحضر الحقائب الى البيت بينما كانت هيلين تتعشى مع أخته هانا , وضع بيل المفتاح وأداره , دخلا البيت وأضاء بيل النور.
أستقبلتهما رائحة عفونة في البيت أذ لم يستعمله أحد منذ وقت طويل , مع ذلك تصورت هيلين كم سيكون جميلا في النهار , أثاثه من الخشب الفاتح اللون , موزع توزيعا جميلا بدون تكديس , وكم هي جميلة السجادة المزخرفة المعلقة على الجدار الأبيض! أرضه من الخشب الداكن الجميل , وقبضات الأبواب الثلاثة ذات اللون الأبيض التي أستطاعت هيلين رؤيتها , محفورة من النحاس وجميلة جدا.
أحست كأن شيئا ما يملأ فضاء البيت , شيئا من الرجل الذي كان يسكنه .... وأخذت هيلين نفسا عميقا وأعترفت لنفسها أنه مهما حدث فقد كانت محقة في المجيء الى هنا وليست نادمة , كان أصرار الخال فيليب على مجيئها في محله تماما كما هي الحال دائما مع الخال العزيز.
" شكرا بيل".

نيو فراولة 30-03-11 07:55 PM

قالت بهدوء وهي تنظر الى حقائبها الموضوعة على الأرض قرب أحد الأبواب الثلاثة .
" تلك غرفة نومك , هانا جهزت لك الفراش , هناك جهاز تبريد لأيام الصيف الخانقة , لا أظنك تحتاجين اليه الليلة , دعيني أرى بقية البيت , فلن يطول ذلك".
دخل بيل مع هيلين كل الغرف والمطبخ والحمام وأراها مكان مفاتيح النور وصنابير الماء , ثم أخذ حقائبها الى غرفة النوم وأغلق خشب النافذة , عندما أنتهى من كل ذلك أستدار ونظر الى هيلين قائلا:
" أما زلت لا تريدين العودة وقضاء الليل في بيتنا؟ هانا ستكون....".
لم تدعه يكمل حديثه:
" لا , شكرا يا بيل".
وأبتسمت رافعة ذقنها الى أعلى بكبرياء:
" سأتدبر أمري , أنا معتادة على مواجهة كل الأمور وحدي وسأكون بخير , فلا تخش شيئا".
كم كانت عيناها الزرقاوان المائلتان الى اللون الرمادي صافيتين وجميلتين , رأى بيل كل ذلك وأطال النظر اليها بتقدير جعل عينيه هو تلمعان.
" طبعا , أنا متأكد من ذلك , لكن أن أحتجت الي .......".
منتديات ليلاس

وأشار برأسه الى جهاز الهاتف الأبيض الموضوع على طاولة جميلة بجانب غرفة النوم:
" أستعمليه , سأعطيك رقم هاتفي".
ومشى ببطء بأتجاه الجهاز باحثا في جيوبه عن ورقة وقلم .
" تعالي لأريك كيف تستعملينه , ترفعين السماعة , وتضغطين على هذا الزر حتى تجيبك عاملة الهاتف وتعطيتها الرقم , وأن لم تفهم قولك أذكري أسمي فقط , حسنا؟".
" نعم , أشكرك يا بيل".
راقبته هيلين وهو يبتعد في الممر ثم يختفي في العتمة , دخلت وأقفلت الباب واضعة المزلاج في مكانه بحرص شديد , أنزلت الستائر في غرفة الجلوس ودخلت غرفتها مصممة أن لا تفكر في شيء مما حدث فهي متعبة وتريد أن تأوي الى فراشها , فقط تريد أن تشرب شيئا قبل النوم.
أراها بيل قبل ذهابه الأشياء التي أحضرها لها والتي رفض بشدة أن يأخذ ثمنها , قهوة , شاي , سكر وحليب , كذلك أحضر لها الخبز والزبدة والجبن وبعض الفاكهة الطازجة , جميل منه أن يفكر بذلك أو ربما كانت هانا من حضر لها هذه الأشياء؟ كم هي مرتاحة لهما وخاصة هانا التي أظهرت لها ودا صادقا .
أكملت ترتيب ثيابها وتعليقها في الخزانة وسارت بأتجاه المطبخ.
جمدت في مكانها , ما هذا؟ طرقة عنيفة على الباب , من تراه يكون؟ وبسرعة تطلعت بأتجاه الهاتف كأنما لتتأكد أنه ما زال في مكانه , لكن لماذا الخوف , قد يكون بيل نسي شيئا.
طبعا أنه بيل .
وذهبت صوب الباب المقفل.
" بيل؟".
سألت بنوع من الرجاء :
" لا , آنسة كاربنتر , أسمي لوغان , جيك لوغان".
جاء الجواب وأحست هيلين بجفاف في حلقها , فماذا تفعل؟
" كنت ذاهبة الى النوم".
كان كل ما أستطاعت التفوه به .
" لن أمكث لحظة , فقط أريد أن أعطيك المفتاح".
لم يكن لها الخيار , ربما كان من الأفضل المواجهة الآن , مدت هيلين يدها المرتجفة وفتحت الباب.

katia.q 31-03-11 06:15 AM

شكلها قصة جميلة
وبانتظار أعرف جايك كان عايز ايه؟؟؟؟؟؟؟؟
شكررررررررررا
http://www.inspiringteachers.com/cards/thanks.jpg

نيو فراولة 31-03-11 09:43 AM

2- الرجل

لم تكن هيلين قصيرة القامة ومع ذلك أضطرت للتطلع الى أعلى لترى الرجل الواقف أمامها والمتكىء بشيء من اللامبالاة على حافة الباب.
كان قلبها يخفق بسرعة لرؤية هذا الرجل الرهيب أخيرا.... الرجل الذي سمعت عنه تلك الأخبار المقلقة .
وعبر المسافة القصيرة التي تفصل بينهما ألتقت عيناها بعينيه , وأرتخت ركبتا هيلين من الصدمة , هذا أسوأ , أسوأ بكثير مما توقعت , وكأنها في مواجهة قرصان! كان عليها التمسك بشدة لمقاومة رغبتها الغريزية بأغلاق الباب في وجههه.
طوله أكثر من ستة أقدام , أكتافه عريضة , شعره الأسود اللامع مبتل , وكأنه كان يسبح قبل مجيئه الى هذا المكان... ربما فمه حسن التكوين شهواني عليه مسحة قوة , ثم تلك العنجهية , تلك الثقة الكبيرة بالنفس والتي جعلت القشعريرة تسري في جسمها , كان يضع رقعة سوداء فوق عينه اليمنى وكأنها اللمسة الأخيرة لرسم تلك الصورة المخيفة , فوق هذا كله تلك البسمة الساخرة السريعة وكأنه كان يعرف...
" هل سأدعى للدخول أم لا؟".
كم أرادت أن تقول لا , لكنها تراجعت الى الوراء فاتحة الباب على مصراعيه حتى بعد أن أصبح في الداخل تركت الباب مفتوحا , أستدار اليها وقال:
"لا تخشي شيئا , لن يطول بقائي , لكن طبعا.... يجب ترك الباب مفتوحا, هذا أضمن!".
منتديات ليلاس

كان صوته عميقا , وبه بحة خفيفة و... بأختصار كان هذا صوته .... رغما عنها أحست برعشة ما , هذا الصوت المليء بالتحدي والذي يخفي وراء أي كلام يقوله شيئا ما وكأنه يقول :
" أعرف تماما أنك سمعت عني كل شيء , لكن الحقيقة أنني لا أبالي مطلقا بذلك".
وبالفعل كان منظره يوحي بأنه لا يعير أدنى أهتمام لآراء الغير فيه , أخرج المفتاح ووضعه على الطاولة.
" هناك الكثير من الأمور التي يجب بحثها , لكن ليس الليلة فأنت متعبة كثيرا بعد كل هذا السفر".
لكن لماذا أحست هيلين بالأهانة في كلامه؟
" بالفعل".
أجابته ببرود:
" ربما غدا".
" بالتأكيد".
وأحنى رأسه موافقا .
" جئت أيضا لأخبرك أنني أسكن في البيت المجاور أن أحتجت أي شيء".
" لطيف منك ذلك ".
وبدأت هيلين تعود الى أتزانها الطبيعي حتى أنها أستطاعت أن تبتسم لهذا الرجل.
" لكن بيل... السيد أنز وأخته كانا لطيفين جدا وأحضرا بعض الطعام".
" نعم , أعرف ذلك".
تمهل قليلا ثم قال :
" أنها جزيرة هادئة , لكن أن أزعجك شيء فأصرخي فأسمعك".
وقفت بدون حراك , بالطبع لا تستطيع أخباره بأن خوفها الوحيد الى الآن كان منه هو.
" أشكرك يا سيد لوغان , لكنني أستطيع تدبر أمري".
قالت بهدوء, ونظر الرجل اليها بتلك العين الواحدة ذات اللون البني الداكن نظرة كلها برودة , ومرت بسمة خفيفة على وجهه:
" أنا أكيد من ذلك , تصبحين على خير".
أنسحب بهدوء مغلقا الباب خلفه قبل أن تتمن من التحرك لتفعل ذلك وبقيت جامدة في مكانها , تلك الأبتسامة الساخرة بقيت معها , هذا النفور السريع المتبادل , الجو المشحون منذ دخل والذي بدون شك شعر به هو أيضا , ما زال يملأ فضاء الغرفة.
أقفلت هيلين الباب , لكن من قال أنه لا يملك مفتاحا آخر , ولكثرة أضطرابها لم يخطر ببالها أنه ليس بحلجة لأقتحام البيت عليها , هذا الرجل لم يظهر أدنى أهتمام بها كأمرأة ولم يظهر عليه مطلقا أنه وجدها جذابة أو جميلة , أستغرقت هيلين في التفكير , تلك كانت حقا تجربة ( جديدة) وغريبة.
كانت معتادة على التعبير الصريح عن أعجاب الرجال بها , تتلقاه دون حرج ولا غرور منذ كانت في الخامسة عشرة من عمرها وبعد أن تحولت من تلك الفتاة الصغيرة المكتنزة الى المرأة الجذابة ذات القوام الجميل والأنوثة الصارخة , لكن هذا الرجل الكامل الرجولة المعتد بنفسه تصرف معها وكأنه أمام فتاة صغيرة أو ربما غلام لا يثير فيه أية رغبة!
تطلعت هيلين الى وجهها في المرآة , وأحست ببعض الراحة لموقفه هذا , مجرد التصور فقط بأن هذا الرجل يريد لمسها بعث بالقشعريرة في جسمها كله , وتذكرت الفتاة الصغيرة... أنها الآن في السابعة عشرة وطفلها من هذا الرجل في الثانية من عمرة وأرتجفت , أي نوع من الرجال هو ؟ وظنت أنها بدأت تعرف.
نامت هيلين بعمق تلك الليلة , وأستفاقت على صوت جرس كنيسة آت من بعيد , صوت أليف يذكرها بوطنها , ما أبعدها عن وطنها الآن.
أعتدلت هيلين في فراشها وتثاءبت بكسل , ثم تذكرت جارها , عليها أن تراه اليوم أيضا , عادت اليها كلمات مارشا محذرة أياها أنه سيحاول بكل الطرق أنتزاع نصف التركة الآخر منها , هل يعقل ذلك ؟ هل يكون الرجل شريرا الى هذه الدرجة؟ لكن بيل ... بيل ليس غبيا ومع ذلك لم يحاول تحذيرها منه مع أن أخته كانت تصر على ذلك.

نيو فراولة 31-03-11 09:45 AM

قامت من فراشها , أغتسلت ولبست فستانا خفيفا نت القطن بدون أكمام , أنه فستان بسيط جدا بلونه الأزرق الفاتح , منظره كان بسيطا أما ثمنه......!
لم تكن عند هيلين أية مشكلة بالنسبة الى المال , كانت أمها كريمة جدا معها بهذا الخصوص عندما كانت هيلين صغيرة , والآن هي تكسب الكثير من عملها كعارضة أزياء , والخال فيليب الغني جدا يعطيها كل الثياب التي تقوم بعرضها حتى أمتلأت خزائن ثيابها المكتظة في لندن.
وضعت هيلين بعض أحمر الشفاه على شفتيها الرقيقتين , ورفعت شعرها الجميل الى أعلى , كان هذا أحد تأثيرات أمها القليلة عليها والتي كانت كلما رأتها تلقي عليها محاضرة بأن السيدات المحترمات لا يتركن شعرهن سائبا , يجب رفعه دائما , هيلينا كار , أمها , قالت لها هذا وهي في السادسة عشرة من عمرها عندما رأت خصلات شعر هيلين الذهبية الجميلة منسدلة على كتفيها , ( هذا مبتذل يا عزيزتي).
ومنذ ذلك الوقت لم تترك هيلين شعرها ينسدل أبدا .
ذهبت هيلين الى المطبخ وحضرت بعض القهوة والخبز المحمص , ثم أتجهت الى النافذة , كل هذا الأخضرار الجميل , الأشجار المحملة بالفاكهة الغريبة الشكل , وفجأة علقت عيناها بالنافذة المواجهة.
منتديات ليلاس

جمدت هيلين في مكانها , لقد رأته هناك قرب النافذة , رأته للحظة واحدة أختفى بعدها , رأت صدره العاري المغطى بالشعر الكثيف , رأت عضلاته القوية , كان عاريا حتى وسطه , وركضت هيلين بعيدا عن النافذة , لكن الأفظع من كل ذلك أنه لم يكن يضع تلك الرقعة السوداء على عينه اليمنى , وكان المنظر مخيفا , الآن عرفت هيلين سر تلك الرقعة البشعة , فقد كان منظر عينه رهيبا , متورمة وزرقاء فلا بد أنه أستحقها في عراك مع أحدهم , كم تكره العنف , وأحست بموجة من القرفتزحف في معدتها , لكن لماذا لم تخبرها مارشا بذلك؟ ربما لم تكن تعرف بتلك الحادثة , ما أبغضه , لو تعرف فقط ما الذي جعل والدها يحبه بهذا الشكل!
وجاء القرع على الباب بعد قليل , كانت هيلين جاهزة لأستقباله.
" تفضل".
جاءت كلماته الأولى غير متوقعة , لا بأس عليها أن تعتاد على وقاحته وقلة تهذيبه , لكنه فاجأها :
" أعتذر عن الأحراج الذي سببته لك منذ قليل , لكن نسيت أن عندي جارة".
يبست الصدمة هيلين , بعض الأشياء يجب أن تنسى لكنه خال من اللياقة على ما يظهر.
تطلعت اليه:
" لم تحرجني".
قالت بهدوء :
" تفضل وأجلس".
رمقها ببرودة وقال وكأنه يتسلى:
" نهضت لتوي من الفراش وأفضل الوقوف , جئت لأرى أن كنت تودين رؤية ال ... قاربنا".
قال ذلك بتعمد.
" أجل , متى؟ الآن؟".
وهز كتفيه :
" أي وقت تشائين".
لم يكن مهتما كثيرا كان ذلك واضحا , كم يخيفها , شعرت وكأنه فطن لأفكارها وكأنه مصر بكل نظرة اليها وبكل كلمة يقولها أن يوضح لها أنها لا تعنيه في شيء وأنه لا يأبه لها ولا يستسيغ وجودها , أخافها ذلك , ليس له الحق في كرهها... أم هل العكس صحيح؟
كان هناك ما هو أسوأ , سألها وهما يخرجان:
" الى متى أنت باقية هنا ؟".
" لا أعرف , لماذا؟".
وأقشعر بدنها , لم تشعر في حياتها بعداء سريع نحو أي كان , لكن هذا الرجل .... أزعجها ذلك كثيرا فهي تؤمن بالسيطرة على العواطف القوية , خصوصا عاطفة الكره.
هز لوغان كتفيه بلا مبالاة , كانا يسيران في الأتجاه المعاكس للطريق التي سارت عليها مع بيل الليلة الفائتة.
" فقط أتساءل أن كنت تنوين العيش هنا".
لم تكن تخطط لجوابها لكنه صدر عنها في أي حال!
" ربما , أذا أحببت المكان".
وتطلعت اليه , كانا يسيران في ممر واسع تحيط به الأشجار الكثيفة مظللة أياه من حرارة الشمس وتاركة المجال لهواء بارد منعش , كان الرجل يلبس الجينز كالليلة الفائتة وينتعل صندلا من الكتان , وتلك الرقعة السوداء على عينه , سألته:
" لماذا تغطي عينط؟ أليس من الأفضل تركها فالهواء يساعد على شفائها ببسرعة؟".
" حقا؟ غطيتها من أجلك , ظننت أن منظرها سيسبب لك صدمة".
كانت السخرية الجافة واضحة في ذلك الصوت العميق المبحوح الذي لم تحبه هيلين.
" رأيت مثل هذا المنظر من قبل".
" طبعا , ثم أنا متأكد أن مارشا وهانا لم تتركا الفرصة تمر بدون أخببارك كم أنا شرير وطاغية لذلك لم تفاجأي ب ! أليس كذلك؟".
رمقته بنظره سريعة وحذرة , أنفجر ضاحكا وكانت دهشتها كبيرة برؤية أسنانه البيضاء السليمة , هو المعتاد على العراك والمشاجرة مع الغير.

نيو فراولة 31-03-11 09:46 AM

رأى نظرتها اليه وهز رأسه:
" تصلني أشياء كثيرة , مارشا كانت معك في الطائرة , ثم لا بد أن هانا أضافت كل ما عندها تلك الليلة , لذلك لا ألومك على الطريقة التي تنظرين بها الي وكأنني مخلوق عجيب , من المؤسف أن بعض الناس لا يكفون عن التدخل في شؤون الغير".
توقفت هيلين عن السير وأستدارت اليه سائلة:
" هل أكملت حديثك؟".
" أظن ذلك , لماذا؟".
وظهرت القسوة في وجهه.
" لا أظنه يعنيك مع من أتكلم أو ماذا يقال لي , ولن أخبرك شيئا , توقف عن تصيد الأخبار".
كان لوغان يقف مواجها لها مبعدا أحدى قدميه عن الأخرى وفي وضع من يهم بالحركة , تحيط به قوة غريبة لدرجة أحست معها هيلين بالرغبة في الهرب , لكن هذا مستحيل , ليست لديها النية أن تجعله يعرف كيف تشعر وأخذت تحدق به بحدة بعينيها الصافيتين الجميلتين , ورأته يبتسم بسمة شريرة , ويشير برأسه:
" هذا أفضل كنت أشك أنك قادرة على بعض ردات الفعل البشرية , جيد .... جيد!".
" ماذا تعني؟".
لن يسمعهما أحد أو يراهما , لم يكن يحيط بهما سوى الأشجار الكثيفة , حتى البيت لم تعد تراه , وكأنها وسط غابة أستوائية , فقط أصوات الطيور الآتية من أعالي الشجر مما زاد شعورها بالوحدة والأنقطاع عن العالم.
" أظنك تعرفين ما أعني , هل أنت دائما بهذا الترفع اللعين؟".
" أنت تهينني يا سيد لوغان , هل سنرى القارب أم لا؟".
منتديات ليلاس

" أجل , لم العجلة؟ لا أحد في عجلة من أمره على هذه الجزيرة , ستكتشفين ذلك بنفسك أن أطلت المكوث".
" كم أنت متشوق لمعرفة مدة أقامتي هنا".
وبدأت علامات الغضب تظهر عليها , وتدافع اللون الأحمر الى خديها:
" أظنك ستخبرني بعد لحظة أنه ما كان يجب علي أن آتي الى هنا".
" ربما , في كل حال , تأخرت في المجيء بعض الشيء , أليس كذلك؟".
أختفى اللون من وجهها بفعل الصدمة :
" من الأفضل لك أن تفسر ذلك يا سيد لوغان".
قالت بحدة ووضوح .
" تعرفين ما أعني بالضبط , كان والدك هنا لثمانية عشر عاما قبل وفاته , لم يكن بأستطاعتك المجيء لرؤيته قبل أن يموت , لذلك لا أجد من اللياقى أن تهرعي الى هنا الآن , وبعد وفاته مباشرة".
كانت كلماته فظة وقاسية وقعت على هيلين وقوع الصفعة , لم تتفوه بكلمة , ثم عندما أستطاعت أن تفتح فمها , جاء صوتها مرتجا.
" لن أغفر لك أبدا ذلك , ثم كيف تجرؤ على التحدث اليّ هكذا؟".
" أجرؤ على ذلك لأن والدك كان صديقي , ولأنني كنت أقدّره كثيرا , كان رجلا وحيدا , رسالة من أبنته كانت ستشعره بالكثير من السعادة , لكنك لم تهتمي أبدا , لم يخطر ببالك أن ترسلي له رسالة واحدة , وها أنت تهرعين الى هنا فقط لأنك علمت أنه ترك لك بعض الأشياء".
كانت الصدمة كبيرة على هيلين , لم يحدثها أحد في حياتها بهذه الطريقة أو بهذه اللهجة , كان الجرح عميقا , حاولت الأجابة بهدوء:
" لا يمكنني الكتابة لرجل لم أعرف أنه كان على قيد الحياة , لم أعرف أن لي أبا ألا عند فوات الأوان".
نظر اليها جيك لوغان نظرة طويلة وقاسية:
" لا أصدق ذلك".
قال بوقاحة , عندها قامت هيلين بعمل لم تفعل مثله في حياتها كلها , رفعت يدها وصفعت الرجل على وجهه بكل قوتها.
لم يقل كلمة , فقط أدار ظهره وسار مبتعدا عنها , للحظة بقيت هيلين جامدة مكانها ويدها تتدلى الى جانبها , يدها التي صفعته بها , ثم هرولت خلفه لأنها أدركت أنها أن لم تلحق به الآن لما عرفت كيف تصرف فيما بعد , كان يشد على قبضتي يديه بقوة وغضب , حتى ظهره بدا لها غاضبا , لكنها لم تعد تخافه فقد عرفت الآن سبب نفوره منها.
عندما لحقت به كان قد خرج الى الطرف الآخر للمر , ووقفت هيلين مكانها ناسية كل ما حدث أمام المنظر الرائع الممتد أمامها : شاطىء رملي بلون الذهب يمتد الى مسافة ميل تقريبا لجهة اليمين , في نهايته مجموعة من البيوت الجميلة , الى يسارها منطقة صخرية عالية تقود الى البحر الأزرق الهادىء وزبده الأبيض الجميل , على رصيفه الخشبي كانت ترسو قوارب عدة تعلو وتنخفض برتابة ولطف.
لم يكن أحد هناك , النوارس وحدها تحلق في السماء اللامعة , تدور وتغطس وهي تزعق , توقف جيك لوغان أيضا وكأنه يعرف تأثير هذا المنظر على هيلين , لم ينظر اليها , أنتظرها فقط , برغم كلماته القاسية , شعرت هيلين بالندم لفعلتها وهي التي طالما أحتقرت العنف .... كيف فعلت ما فعلت!

زهرة منسية 31-03-11 12:47 PM

يسلموا حبيبتى يعطيكى الف عافيه باين عليها حلوه كتير

رشا.م 31-03-11 03:04 PM

ميرسيه على مجهودك
ارجو تكملةالرواية
بلييييييييييز بسرعة :55:55:55:55:

نيو فراولة 31-03-11 04:48 PM

ثم تكلم وجاء صوته متوترا :
" هناك".
وأشار الى أبعد قارب :
" ها هو".
تطلعت هيلين بأتجاه القارب وقرأت الكلمات المدهونة على جانبه ( بروكسا دو مار).
قال وكأنه يقرأ أفكارها :
" يدعى جنة البحر , هيا , سوف.......".
عندها قاطعها صوت يصرخ:
" جيك... جيك!".
نظرت هيلين حولها لترى ما ظهر لها كثلاثة أطفال يركضون من جهة البيوت الصغيرة بأتجاهها , صبيان صغيران تتبعهما فتاة أكبر بقليل وعندما أقتربوا أبطأت الفتاة في سيرها وبدت وكأنها تجر رجليها جرا , كانت عيناها على هيلين , وأدركت هيلين أنها لم تكن طفلة بل أمرأة شابة , وشيء ما في داخلها جعلها تفطن من تكون.
أنحنى جايك وأخذ الطفلين بين ذراعيه وبدأ يتحدث اليهما بلغة غريبة لا بد أنها اللغة البرتغالية , كان يضحك وكأنه لم يكن لوغان الذي عرفته هيلين.
خاطب الفتاة قائلا:
" سيرينا , ما الذي تفعلينه هنا؟".
كانت لهجته عادية جدا وكأنه يحدث أخته وأحست هيلين بتقزز في داخلها , في أي حال , ليس هذا من شأنها , لكن أي الطفلين أبنه؟ وتطلعت اليهما وقد أنزلهما جيك الى الرمل الذهبي الجاف.
كان الطفلان ممتلئي الجسم وقد أعطتهما الشمس لونا برونزيا غامقا , الأول عمره يقارب الخمس سنوات , أشقر الشعر له عينان زرقاوان جميلتان , الثاني أصغر منه , لون عينيه بني غامق ربما كان عمره سنتين , وخفق قلب هيلين , لقد عرفت , وتأكدت أكثر عندما لمس جيك رأس الصغير قائلا:
" سيرينا لم لا يلبس توبي قبعة؟".
" رماها".
منتديات ليلاس

وتطلعت الى هيلين بحياء وكأنها تتساءل بماذا تفكر هذه الفتاة الأنكليزية وهي تستمع اليها تتحدث بلغتها , أبتسمت لها هيلين , أنها صغيرة ورقيقة وأحست بدفق دافىء أتجاهها , أنها ليست أكبر بكثير من طفلة , ومع ذلك هذا الطفل الصغير أبنها.
" أذن عليك أجباره على ذلك , أنت أمه ويجب أن يفعل ما تطلبينه منه".
ثم قال شيئا ما بحدة للطفل , الذي رفع رأسه اليه ضاحكا , ثم عض على شفته عندما رأى الغضب على وجه جيك , وتذكر جيك شيئا:
" أقدم لك سيرينا غارسيا , تسكن في القرية قرب بيل وأخت , سيرينا , هذه الآنسة كابتنر من أنكلترا , سلمي عليها".
" مرحبا".
قالت سيرينا بحياء وأبتسمت لهيلين بعذوبة:
" مرحبا , سيرينا".
كانت عيناها واسعتين وداكنتين , وشعرها بلون الذهب , تقريبا مثل شعر هيلين , مزيج لوني جذاب وغير عادي , كان هناك شيء مألوف في هذا الوجه , لكن هيلين لم تستطع تحديده , أحست بالحيرة وسيعاودها هذا الشعور غير مرة بدون أن تعرف له تفسيرا , تحول أهتمامها الى الطفلين وهما يضحكان ويصرخان ويركضان حول الكبار الثلاثة , حاولت هيلين التركيز عليهما لتبعد أنتباهها عن جيك الذي كان يتحدث الى سيرينا بلهجة خالية تماما من القسوة أو المرارة , سقط الصبي الكبير على الأرض , وكانتهيلين قريبة منه فأنحنت وساعدته على الوقوف , ثم نفضت الغبار عن ثيابه فأنطلق راكضا, عندها قال جيك:
" نحن ذاهبان الى القارب , لا تسمحي لهما بالنزول الى البحر اليوم فالمد قوي , هل سمعتني يا سيرينا؟".
"سمعتك يا جيك".
ونظرت اليه بتحد ثم أبتسمت :
" سأراك الليلة.... ها؟".
" ربما , الى اللقاء!".
أستدار وبدأ بالسير , لحقت به بعد أن أبتسمت للفتاة , كانت سيرينا تلبس قميصا أزرق بدون أكمام وتمشي حافية , وتلك النظرة الحزينة والشعور بالخذلان الذي أرتسم على وجهها وهي تراقب جيك يبتعد ستبقى في ذاكرة هيلين لوقت طويل.
لم تكن هيلين تعرف من قبل معنى أن يكره الأنسان شخصا ما , أنه شعور مزعج وجديد , لوغان يكرهها لأنه يظنها أنسانةجشعة وصائدة ثروات , لكن ذلك لا يقارن بالشعور الذي تحمله هي له , أنها تمقته , تمقت الطريقة العادية التي عامل بها تلك الفتاة التي كان شريرا معها يوما ما , وربما لا يزال , تبعته هيلين على رصيف الميناء الخشبي حتى وصل الى ( جنية البحر) وقفز بخفة على ظهر المركب , وقف ينتظر هيلين , التي قاست المسافة بعينيها وقفزت فتلقاها جيك لافا ذراعيه حول خصرها , شعرت هيلين بقوة ذراعي الرجل للحظة ثم أنتفضت محررة نفسها منه وأبتعدت وهي تتنفس بصعوبة.
جاء صوته كلسعة السوط.
" كان عليك أن تخبريني أنك لم تريدي مساعدتي".
" لم أكن أعلم أنك ستفعل".
أجابت بدون أدنى محاولة لأخفاء الكره في عينيها , وأذا بوجهه ينقبض:
" من الذي أخبرك؟".
" أخبرني ماذا؟".
لكنها كانت تعرف.

نيو فراولة 31-03-11 04:50 PM

" لقد رأيت الطريقة التي كنت تنظرين بها ألينا على الشاطىء , كان ما تفكرين به واضحا في عينيك , من منهما أخبرتك عن سيرينا , مارشا أم هانا؟".
" لن أخبرك".
" وتعرفين أيضا أنهم يزعمون أنني والد توبي , أليس كذلك؟".
" ألست والده؟".
أبتسم بثقل:
" وهل تصدقين أن قلت عكس ذلك؟".
" لا , لن أصدق".
" بالطبع تعرفين أنني لن أصفعك على وجهك أن قلت أنني كاذب , في كل حال تعادلنا الآن حسبما أعتقد".
" ربما.... هذا شأنك".
وأدارت وجهها متظاهرة بلامبالاة لم تكن تشعر بها.
" من هو الصبي الآخر؟".
" باولو؟ أبن أخت سيرينا , فهي تعيش مع أختها وزوجها".
ولم تعد هيلين تستطيع السيطرة على نفسها , خرجت الكلمات من فمها رغما عنها.
" ألا يهمك أحد؟".
صرخت , طبعا فهم قصدها ولم يكن بحاجة للسؤال , بقي صامتا برهة , ثم قال بصوت يختلف عن لهجته العادية:
" ربما أهتم أكثر مما تعرفين أو يعرف غيرك .... لكن...".
منتديات ليلاس

وهز كتفيه بمرارة :
" .... كما كنت تقولين , ليس هذا من شأنك , هل تريدين التجول في المركب؟".
" نعم".
وأقفل الموضوع , كان الجليد بينهما رقيقا وخطرا , وأن كانا ينويان التعامل معا بطريقة مهذبة يجب أن يتجنبا التحدث في أشياء كثيرة , عرفت هيلين أن عليها التحكم بكراهيتها المتزايدة لهذا الرجل الذي أحبه والدها لدرجة جعلته يترك له نصف أملاكه , وألا ستكون الحياة على هذه الجزيرة , وقرب هذا الرجل الكريه الغامض , غير محتملة , حاولت هيلين ذلك بجدية , وربما أحس جيك لوغان بذلك فقد أختلف تصرفه معها أختلافا ملحوظا وهو يريها المركب بحجرته المرتبة التي تحتوي على سريرين صغيرين وعدة خزائن من الخشب البني المصقول , ومطبخ , وحمام صغير , ونوافذ كبيرة ذات ستائر حمراء معقودة , الى الخلف بسلاسل جميلة.
بعد أن رأت هيلين غرفة القيادة وكل تلك الآلآت المصفوفة فيها وجهاز البث والأستقبال اللاسلكي , رجعا الى الحجرة , كانت متأثرة جدا , وعرفت كيف يصعب على هذا الرجل مشاركة مركب جميل كهذا مع أي كان , هل تراه شعر بخيبة أمل عندما علم أن لروبرت كاربتنر أبنة , ربما , لكنها لن تستطيع أن تسأله , بعض الأشياء يجب أن تبقى من المحرمات أن كانا سيتوصلان الى هدنة من أي نوع , وهذا السؤال أحد المحرمات , أشار جيك الى أحد السريرين قائلا:
" أجلسي , سأصنع القهوة , لكن الحليب ليس طازجا ".
" لا بأس , شكرا".
وجلست , كان السرير مريحا ومريحا جدا لدرجة الأغراء بالأستلقاء , راقبته وهو يذهب الى المطبخ محنيا رأسه بعض الشيء ليستطيع الدخول من بابه المنخفض , كانت تسمع صوت تحركه هناك , ثم طرطقة ملاعق وأشعال الغاز وبعد قليل صوت الأبريق يصفر قليلا ثم يعلو وبعلو صوته ليتوقف فجأة عندما أطفأ جيك النار تحته , ثم جاء بقدحين ووضعهما على الطاولة." الآن بأستطاعتنا أن نتكلم , أتدخنين؟".
هيلين لا تدخن عادة , لكنها الآن أحست بحاجة لشيء ما :
" أحيانا".
ناولها العلبة لتأخذ سيكارة.
أشعل سيكارتها ثم سيكارته , كانا كغريبين في مقهى يشربان القهوة , أنتظرته هيلين ليبدأ بالكلام وقد بدأت تحس ببعض الراحة الضرورية لمعركتها المنتظرة مع هذا الرجل غير الواضح.
" حسنا ... علينا أن نبحث بعض الأمور الأساسية المتعلقة بأرثنا المشترك , هناك ثلاثة أشياء , أولا : البيت الذي تقيمين فيه حاليا , ثانيا: هذا المركب ( جنية البحر ) وثالثا الجزيرة الصغيرة ( ألها داس ثورمينتاس ) أي جزيرة العواصف )".
أشارت هيلين برأسها موافقة , فهي تعرف كل ذلك.
نظر اليها بحدة ومباشرة كما هي عادته :
" أذن , ماذا نفعل بخصوص هذا الأرث المشترك؟".
" قل لي أنت".
" حسنا , سأفعل , من الواضح أننا لا نرغب في الأستمرار كشريكين , لذلك سأشتري حصتك ,سأدفع لك ثمنا معقولا وأن أردت نستطيع أستشارة محام في سانتو أو سو باولو".
" كلا".
قالت هيلين .
" لا؟ ماذا تقصدين؟ لا تريدين رؤية محام؟".
" لا أريد البيع".
ثم أضافت ليكون كل شيء واضحا:
"لا لك , ولا لغيرك".
" وهل يمكنني أن أعرف لماذا؟".
كان فضوليا بتهذيب , لم يكن منزعجا لكن كان في الجو شيء ما كتيار وأحست هيلين بالشحنات تتراكم وبان هذا الرجل المتقلب المزاج قد يثور بين لحظة وأخرى ,ومن الغريب أنها شعرت بالأستعداد لمواجهته هي التي تكره المشاكل , أما معه فالأمر يختلف , يختلف كثيرا.
" لأنني.......".
أجابت بهدوء وكان وجهها في تلك اللحظة جميلا وصافيا , ولم يكن بأمكانها أن تتصور تأثيره على الرجل الجالس قبالتها:
" قد أبقى هنا , وربما قررت العيش هنا , وأن قررت ذلك سأحتاج بيتا أقيم فيه بالطبع".

نيو فراولة 31-03-11 04:52 PM

3- أين الجزيرة؟


" أذن بقاؤك هنا ممكن".
قال جيك بهدوء وكأنه يستمع الى رجع كلماته وأضاف:
" وأن بقيت كما تقولين , ستكونين بحاجة الى مكان تقيمين فيه , والبيت نصفه ملكي".
" لكن يمكننا أن نتوصل الى أتفاق ما".
ونظرت حولها مشيرة بيدها ومضيفة:
" بشأن هذا المركب , مثلا , أو تلك الجزيرة.....".
كانت تحاول جس نبضه.
" لكن قد لا أرغب في بيع حصتي بالبيت ".
قاطعها بهدوء , شيء ما في لهجته لم يعجبها.
" لكن كنت تتوقع مني ذلك".
قالت مذكرة أياه بما عرض عليها سابقا.
" صحيح".
وهز رأسه :
" لكنك تعرفين أن الأمر يختلف".
غريب جدا ما قالته , لم تقصد أن تقول ما قالت , فالحياة بالنسبة اليها لندن , وعرض الأزياء , والحياة الآمنة الهادئة مع الخال فيليب وبعض الأصدقاء , حياتها لا تكون هنا على هذه الجزيرة التي تحرقها الشمس مع غرباء , بعضهم لطفاء , ومع هذا الرجل العدائي نحوها بصراحة , ومع شبح رجل لم تعرفه يوما .... والدها.
لكن ليس بمقدور لوغان أن يفطن الى كل ذلك , كل ما يعرفه أنها قد تنفذ ما تقول , ترى لماذا تحاول أغاظته؟ لم تكن هيلين تعرف , حتى لم تكن تدرك أن فكرة البقاء أصبحت لها جاذبية معينة وكأنها حلم يقظة , في أي حال لن تدعه يعرف أن فكرة بقائها في هذا المكان ما هي ألا حلم.
" لا أرى أن الأمر يختلف".
أجابته ببطء.
منتديات ليلاس

" حقا؟ أنا أعيش هنا منذ ثماني سنوات , وأنت؟ كم مضى عليك من الوقت هنا؟ أثنتا عشرة ساعة؟".
كان التعنيف في صوته الأجش واضحا , كذلك التهكم المرير.
" الكثير من القرارات يمكن أخذها في أثنتي عشرة ساعة".
أطفأ سيكارته وشرب ما تبقى من القهوة في فنجانه وقال وهو يهم بالوقوف:
" حسنا أذن , أنت لا تريدين البيع , ولا أنا أريده , أنتهينا , أتريدين المزيد من القهوة؟".
" لا شكرا , أين الجزيرة؟".
توقف وهو يهم بالدخول من باب المطبخ:
" كنت أتساءل متى يصل الدور اليها".
" حقا! هل هي بعيدة من هنا؟".
أن كان يريد أغاظتها فلن ينجح وأحست هيلين بالأهانة أكثر من الغضب عندما قال لها تلك الأشياء التي لن تغفرها له أبدا وصفعته.... لن تدع ذلك يتكرر , كانت جالسة تراقب البخار المتصاعد من فنجان قهوتها , لم تكن تتصور الأشياء التي حصلت معها بعد ذلك , والتي غيّرت أفكارها , لا بل حياتها كلها وقلبتها رأسا على عقب , فنجان قهوتها لم يكن كرة الكريستال السحرية , وهي لم تكن قارئة بخت , ثم هناك أشياء من الأفضل عدم معرفتها مسبقا.
" مدة خمس ساعات بالمركب , وساعة واحدة في الطائرة".
" الطائرة , هل يمكنني أن أذهب اليها في الطائرة؟".
" لا".
وضحك مختفيا في المطبخ.
" " فقط لأعطيك فكرة عن المسافة , فقد طرت من سانتو الى هنا".
" أجل , وفي المركب ؟ هذا المركب أعني؟".
خرج من المطبخ وهو يجفف يديه بسرواله :
" ممكن".
" متى أستطيع الذهاب؟".
" ولم العجلة؟".
" لست مستعجلة".
لن تثيره , لن تدعه ينجح في أغضابها , وأبتسمت له , كانت تعرف تأثير أبتسامتها هذه على الرجال , لكن عليه.... يظهر أنها لم تترك أثرا , أخذ نفسا عميقا ثم زم شفتيه وقام ثانية الى المطبخ حيث سمعت هيلين صوت قدح ينكسر تبعته لعنة .
أرتجفت شفتا هيلين وهي تحاول كتم ضحكة كادت تفلت منها.
أذن كان لبسمتها تلك تأثبرها على الرجل , طبعا ردة فعله ليست بالمستوى المطلوب لكنها أفضل من لا شيء في أية حال.
لحقته الى المطبخ لتراه يلم اقطع المكسورة ويضعها في كيس , ثم يضع أصبعه في فمه ويمصها , صدر عن هيلين صوت متعاطف:
" جرحت أصبعك؟".
سألته , وأستغربت شعورها بالشماتة أتجاهه , نظر اليها بغموض مخرجا أصبعه من فمه ليجيبها:
" لا , لكنني أحب مص أصبعي, ألم تلاحظي ذلك؟".
لكنها رأت جرحا عميقا الى جانب الظفر وشهقت:
" أليس من الأفضل تغطيته أو وضع دواء ما عليه؟".
" بعد أن أكمل لم القطع المكسورة".
" سأفعل ذلك أنا".
أكتشفت لحظة دخولها أن المكان يتسع لأثنين بصعوبة , وندمت على تبرعها بالمساعدة , لم تكن تحب الأقتراب منه كثيرا بهذا الشكل , وكأنه شعر ذلك , فخرج الى الحجرة تاركا هيلين وحدها , لم يكن شعورها بعدم الراحة عندما لمس جسمه جسمها وهو يخرج من صنع خيالها , فهو أيضا أحس بذلك حتى لو لم يقل شيئا , وتنهدت بعمق.
لا تستطيع فهم هذا الرجل ولا فهم ردة فعلها نحوه . لم تكن في حياتها متحفزة هكذا أتجاه أي رجل وكان هذا الشعور مزعجا ومخيفا الى حد ما.

نيو فراولة 31-03-11 08:18 PM

بضع ساعات فقط مكنت هذا الرجل أن يوقظ فيها الوعي الكامل لوجودها , ولوجوده هو أيضا , لم يكن أحساسها هذا خاليا من المتعة , أمر عجيب ومحير فقد كان هذا الرجل رمزا لكل الأشياء التي تكرهها , المزاج المتقلب , العنف , وفوق هذا كله مطاردة النساء.
أنحنت هيلين لتلتقط بقية قطع الزجاج المتناثرة على الأرض بحذر شديد كي لا تجرح أصابعها , ترى لماذا لم يجب على سؤالها عن الجزيرة ؟ وعادت الى الحجرة لتراه يضع ضمادة على الجرح.
" هل بأمكاني أستئجار مركب؟".
" ولماذا؟".
" لأذهب الى الجزيرة".
" لا أظن ذلك ممكنا".
" أستطيع أستعمال هذا المركب , أذن؟".
ترى هل يضع العقبات في طريقها عن قصد؟
" لا , فهو بحاجة الى أوفرهول".
نظرت حولها قائلة:
" أراه بحال جيدة".
رفع اليها عينين متهكمتين :
" وماذا تعرفين عن الآلآت؟".
" لا شيء.... لكنه مركب جديد".
" في الواقع عمره ثلاث سنوات , قضى فيه والدك ساعات جميلة , ذهب في رحلات , أحيانا وحده وأحيانا بصحبة بيل أو بصحبتي لتصيد السمك أو لمجرد التصوير , أنه مركب جميل , ( جنية البحر) بالفعل مركب جميل".
أرادت أن تعرف المزيد عن والدها , لكن ليس من فم جيك لوغان , ربما من بيل أو من هانا , وليس من هذا الرجل العدائي , الذي يعقص مهما قال ويهينها بكلامه .... لا لن يكون الأمر مريحا".
" متى ستكون حاضرا للرحلة أذن؟".
" عندما يتوفر لدي الوقت".
وقرأت التعبير على وجهه وهو يستدير ليعيد العلبة الى الخزانة , أنه يتسلى بها ولا تستطيع عمل أي شيء , هذا ما يقلقها , شعور مخيف بالعجز وكأنها تقاتل عدوا شبحا لا شكل له وبدون أن تراه.
نعم هو عدوها ويكرهها لظنه أنها صائدة ثروة وأنها جاءت الى هنا فقط لترى ما تستطيع أخذه , ما من شيء تستطيع قوله أو فعله لتقنعه بعكس ذلك , ولماذا تفعل؟ فقط لو يعلم أنها لم تكن تريد المجيء الى هنا , وأن الخال فيليب هو الذي أصر على مجيئها وأقنعها , قال لها أن الواجب يفرض عليها ذلك فلو لم يكن والدها يرغب في ذهابها لما ترك لها كل تلك الأشياء.
الشيء الوحيد الذي أرادت هيلين فعله هو أعلام المحامي برغبتها في تحويل النصف الذي تركه لها والدها لذلك الرجل لوغان فقد كان يعرف والدها جيدا وله نصف الأملاك ويملك الحق في أمتلاك النصف الآخر , لكن الخال فيليب لم يوافق. وها هي الآن هنا على هذه الجزيرة الجميلة والأجمل بكثير مما تصورت , لكن وجود هذا الرجل قربها يفسد كل شيء.
" هل أنت مشغول الى هذه الدرجة؟ أعني متى تستطيع...؟".
لكنها لا تريد أن تذهب الى الجزيرة بصحبته , وبدأت فكرة ما تتوضح في رأسها , وملأها أحساس غريب.
أراح جيك لوغان يديه على الطاولة ونظر اليها:
" نعم , أنا مشغول , علي الأهتمام بالحديقة فالعشب فيها طال كثيرا , كما أن هناك أشياء أخرى , لكني سأبدأ العمل على ( جنية البحر) حالما أنتهي من كل ذلك , هل يرضيك هذا؟".
" هل يرضيك أن تكون وقحا؟".
سألت بحدة.
" وهل كنت وقحا ؟ لم أنتبه لذلك".
وأنقبض وجهه.
" أجل , وأجرؤ على القول أنه ذلك طبيعي عندك يا سيد لوغان".
أخذت منه الكفاية والآن جاء دورها لقول بعض الأشياء له , ولم تتوقف لتفكر لماذا تفعل هذا:
" في كل حال , أن حدث أن جابهك أحدهم لا تتورع عن ضربه , أليس كذلك؟".
أنفجر بالضحك وكأنها كانت تسليه:
" حقا؟". قال أخيرا:
" هل أخبروك ذلك ؟ أقصد هل تقول الأشاعة أنني أقوم بضرب الرجال والنساء كيفما تحركت؟ هيا, قولي!".
" لا أدري, أنت تعرف لكن لن يفاجئني ذلك".
قالت هذا بتحد واضح.
" أذن ماذا تفعلين معي على هذا المركب بحق اله؟ ألا تقومين بمخاطرة؟".
ونظر اليها بحدة وكأنه يقيسها من أعلى الى أسفل:
" أن كنت وحشا بهذا الشكل , أليس من الأفضل أن تنتبهي للأشياء التي تقولينها؟".
" لا , لا أخافك , أنا أقوى مما يدل عليه مظهري".
وأبتسم بمكر:
" حقا؟ هل نجرب ونرى؟".
ربما كان يمزح لكن من يدري فهي لا تفهم الرجل.

نيو فراولة 31-03-11 08:19 PM

هزت رأسها :
" أكره العنف , أنه بشع , مخيف".
" أوافق , والآن بعد أن قلت كل ذلك , أخيريني أيتها القديسة كاربتنر , لو كنت رجلا وصادف أن كنت تعبرين ممرا مظلما وسمعت أستغاثة أمرأة , نظرت فرأيت رجلين يمزقان ثيابها ويضربانها , ماذا كنت تفعلين؟".
لهجته القوية , ومضمون حديثه أسكتا هيلين , فزم شفتيه بسخرية:
" ماذا؟ هل ربط لسانك؟".
" أذهب و.... أظنني أذهب للمساعدة".
" حسنا , هكذا حصلت على هذه".
ورفع الغطاء الأسود كاشفا أمامها منظر عينه الرهيب .
" كان عندي الخيار بين أستعمال السكين وبين هذه , لكني أبعدت السكين جانبا وهذا ما حصلت عليه ومضت المرأة في سبيلها , لم تكن تلك المنطقة مناسبة لأية أمرأة محترمة لكن ذلك لم يكن عائقا بالنسبة الي , وتركت الرجلين يهتمان بلآثار اللكمات وعدت الى بيتي , أنت تكرهين العنف , عظيم , وأنا أيضا , لكن هل كان عندي الخيار؟".
" أين حصل هذا؟".
" في جزيرة أخرى تبعد عشرين ميلا من هنا , كنت هناك منذ يومين ,لا تسألي لماذا , هي مكان لصيد السياح , فيها علب الليل والكثيرات من النساء اللواتي لا يتورعن عن شيء".
نظرت هيلين اليه.
منتديات ليلاس

" وماذا تريدني أن أقول؟".
" لا شيء , فقط أصحح لك بعض المعلومات , مارشا وهانا والآخرون لا يعرفون كل شيء".
" ولماذا تشرح لي أنا كل هذا؟ لم أكن أظنك تعير رأيي فيك أدنى أهتمام".
ضحك قائلا:
" صحيح , فقط أردت مراقبة وجهك وأنا أخبرك ذلك , أحيانا هذا القناع الملوكي المهذب يسقط عنه , يجب أن تدعيه يسقط مرات أكثر , هكذا تبدين كأنسان".
" لا شيء يجبرني على تحمل أهاناتك , أنا ذاهبة".
" سيدتي! لم أبدأ معك بعد!".
لاحقتها كلماته وهي تصعد الدرجات المؤدية الى ظهر المركب , كان لها صدى ينذر بالسوء.
كانت هيلين لا تزال متعبة بتأثير السفر فأستلقت قليلا بعد أن تناولت غداء خفيفا من فاكهة الأناناس الطازجة وبعض الخبز والزبدة , كانت ما تزال ترتجف بعد مواجهتها مع لوغان وأنزعاجها كان كبيرا لأنها سمحت له بالتأثير عليها بهذا الشكل , لم ينجح أحد من قبل في تعكير صفائها مثل ما يفعل هذا الرجل بكلمات قليلة منتقاة.
أخذت تتقلب في سريرها بدون راحة وهي تستعيد الموقف على المركب وكلماته الأخيرة التي كانت تنذر بالسوء وكأنها تهديد , سرت القشعريرة في جسمها وعادت صورته تلاحقها , وجهه القوي , والذي تعترف بوسامته عندما يخلع عنه تلك الرقعة السوداء , خصوصا تلك الجاذبية البدائية حوله , رجل يحصل على ما يريد معظم الأحيان , هكذا تصورت وكان ذلك مزعجا أيضا لكن بطريقة مختلفة.
غلبها النوم في النهاية , وعندما أستفاقت كان الجو ألطف , نظرت الى ساعتها : الخامسة والنصف تقريبا , وقريبا يحل الظلام , قامت هيلين من فراشها ووضعت عباءة عليها ومشت الى المطبخ لتعد القهوة , قررت أن تزور بيل وهانا , عليها أن تسرع.
الخطة التي خطرت ببالها على المركب أصبحت واضحة الآن ’ تريد التحدث الى بيل في الموضوع , وتحس أنه يميل اليها وطبعا هي تميل اليه والى هانا أيضا , ثم هناك مئات الكتب والمجلات في بيتهما وستحتاج هيلين الى ما يساعدها على النوم تلك الليلة وعلى مواجهة الوحدة , وغدا عليها شراء بعض الحاجيات وأرسال الرسائل الى أنكلترا خصوصا الى الخال فيليب , ربما حمام شمس أيضا ومشوار على الشاطىء , وقد تسبح.
تعرف هيلين جيدا أنها بحاجة الى بضعة أسابيع من الراحة فقد كانت مرهقة كثيرا ومتشنجة قبل قدومها الى هنا بقليل , فمهنتها متعبة ومثيرة للأعصاب , لذلك عليها أقصاء هذا الرجل جيك لوغان عن تفكيرها والأسترخاء للتمتع بعطلتها , لكن وكما ثبت لها لاحقا كان من السهل قول هذا , أما تنفيذه.....
جاء صوت هانا عاليا:
" أدخل , الباب مفتوح".
ودفعت هيلين الباب الخشبي ودخلت , جاء صوت هانا ثانية:
" أنا في المطبخ , من هناك؟".
" هيلين كاربتنر".
" أوه , أهلا".
وخرجت هانا من المطبخ الى القاعة المجاورة.
" كنت أصنع بعض الخبر البيتي , أتريدين بعض الشراب؟".
" نعم , من فضلك".
وتبعتها الى المطبخ المدهون بالأبيض وراقبتها وهي تسكب كأسين من عصير اليمون وتضع فيهما قطع الثلج.
" هل تريدين بيل؟ لن يتأخر كثيرا".
" نعم ولا".
وأبتسمت هيلين:
" في الواقع جئت للزيارة ولأستعارة بعض الكتب".
" الكتب! بأمكانك أنتقاء ما تريدين , تقريبا كلها كتب بيل ودائما أهدده بألقائها كلها في القمامة , وبين وقت وآخر أتخلص من بعض الكتب التي أعرف أنه لن يفتقدها , تفضلي وخذي ما تشائين".

نيو فراولة 31-03-11 08:23 PM

ورق وجه هانا بأبتسامة أستجابت لها هيلين :
" أشكرك , صممت أن أقرأ قليلا اليلة , فقد نمت بعد الظهر وأخشى أن لا أستطيع النوم بسهولة".
" ستعتادين على الجو هنا سريعا , أنه مريح , أنام كطفل هنا , وعندما أسافر أتعذب كثيرا".
ثم ودون أن تغير من لهجتها قالت وهي تقطع العجين بأشكال مختلفة:
" لقد قابلت جيك لوغان طبعا؟".
" نعم".
وبلعت هيلين العصير البارد اللذيذ.
" جاء مساء أمس ليعطيني مفتاح البيت , وهذا الصباح أراني المركب".
" وكيف تجدينه؟".
" لم يعجبني , والشعور متبادل , لقد صرح بأنه يظن أنني هنا لأخذ ما أستطيع أخذه فقط".
" لا أستغرب ذلك".
قالت هانا وهي تضع بعض الزبدة في الصينية:
" فأنا أعرفه جيدا وكم أتمنى أن يلتقي يوما بمن يستطيع الوقوف في وجهه وبحضوري أيضا".
لكن هي
لكن هي
لين لم تكن راغبة في التحدث عن جيك لوغان , أرادت التحدث عن الجزيرة ومعرفة رأي هانا بخطتها قبل أفضائها الى بيل:
" أريد الذهاب الى جزيرة العواصف التي كان يملكها والدي , هل تعرفين عنها أي شيء؟".
سألت هانا التي تطلعت الى بعيد وكأنها ترى المكان ثم أجابت:
" ذهبت مرة اليها مع بيك ووالدك , ذهبنا في ( جنية البحر) , أنها مكان جميل , طبعا هي جزيرة صغيرة بالنسبة الى هذه الجزيرة , ولا يسكنها أنسان للأسف , أشجارها محملة بالفاكهة اللذيذة , وهناك أنواع كثيرة من الطيور تعشش في أغصانها , آه ستكون مفاجأة لك يا عزيزتي".
" هذا ما أريد أن أكلمك عنه , كيف أصل الى هناك؟ حدثت جيك لوغان بالموضوع , وكان شعوره واضحا فهو لا يريدني أن أذهب اليها , يقول أن ( جنية البحر) بحاجة الى أصلاح وذلك يستغرق وقتا...".
وتوقفت عن الكلام عند رؤيتها التعبير على وجه هانا وسألت:
" هل بك شيء؟".
" هكذا أذن ؟ لا تصدقيه فالمركب في أحسن حال , كل ما في الأمر أنه يأمل أن تنسي الموضوع أن أعتذر هو عن أخذك , ثم لا أستغرب أن يحاول شراء حصتك في الأرث!".
أعترفت لها هيلين:
" أجل , يريد ذلك , لكنني لا أريد أن أبيع , لماذا؟ لا أعرف , كل ما هنالك أنني بحاجة لبعض الوقت للتفكير".
" بالطبع يا عزيزتي , لا تصغي اليه , لك كل الحق في ذلك ولا تتركيه يستعجلك في أي شيء".
" كنت أتساءل أن كان بأمكان بيل أخذي الى الجزيرة , كما تعرفين أنا أملك نصف المركب ولي الحق في أستعماله , ثم أظن أن السيد لوغان أستعمله في الأسابيع الماضية".
" أجل , كان يستعمله".
أجابت هانا:
" أسألي بيل عندما يعود , لكن كوني لبقة في ذلك فهو وذلك الرجل , لوغان ... أصدقاء".
ضحكت هيلين وقالت:
" سأحاول".
وشعرت بسرور وراحة , جميل أن تكون هانا الى جانبها , فهي غريبة ووحيدة هنا , ثم أن هانا تملك قلبا طيبا برغم مظهرها الجاف.
تحدثتا قليلا في أمور عامة عن الجزيرة , وعن والد هيلين , روبرت , وكونت هيلين عن والدها صورة واضحة ... رجل طيب , محبوب من الجميع , ولم يكن أبدا يتكلم عن حياته في بريطانيا , وكان يظهر أنه قد أندمج كليا في حياة الجزيرة وأستقر في بيته الصغير المريح.
أنتهت هانا من خبز الكعك , وتناولتا بعضا منه مع القهوة , ثم قامت هانا باحثة في صندوق للصور القديمة , أخرجت منه أثنتين وناولتهما لهيلين : والدها على ظهر ( جنية البحر) , وفي أحدى الصورتين ظهر جيك لوغان , قالت هانا:
" لم ألاحظه من قبل... أنظري اليه يحاول أخفء وجهه بيده , أنه لا يحب أن تؤخذ صوره....".
وتطلعت هيلين مرة ثانية , بالفعل فهو يحاول رفع يده نحو وجهه تماما مثل المشاهير الذين يحاولون الترب من الجماهير , خامر هيلين نوع من الشك في وقت لاحق , أما في تلك اللحظة فقد كان كل همها أن ترى الرجل.... والدها , الذي كان غريبا عنها رغم كونه السبب في وجودها.
كان تماما كما تصورته : طويلا , نحيلا , شعره أشيب , وذا وجه طيب ولطيف.
" أيمكنني الأحتفاظ بهذه؟".
سألت هيلين والبريق في عينيها . رق وجه هانا لها :
" طبعا , لذلك فتشت عنها في صندوق الصور , في الواقع كنت أنوي فعل هذا ليلة أمس عندما كنت معنا لكنني نسيت , سأفتش لك عن مغلف تضعينها فيه , وبينما أفعل ذلك تختارين أنت الكتب والمجلات التي تريدين , ها هو بيل , سمعت صوت البوابة الخارجية يغلق".
ثم سمعتا بيل يقول:
" أنه أنا!".
" هيلين هنا".
نادته هانا ثم قالت لهيلين بصوت منخفض:
" أسأليه وهو يقوم بتوصيلك الى البيت , ذلك أفضل".

نيو فراولة 31-03-11 08:26 PM

دخل بيل حاملا ثلاث سمكات بيضاء تصيّدها , وبدأ بتنظيفها قائلا:
" سأعطيك واحدة منها يا هيلين , أنها لذيذة".
" شكرا بيل لكن لا أعرف كيف أطبخها".
" سأريك عندما أوصلك الى البيت , على كل فهي أطيب ما تكون مشوية مع بعض الزبدة .... يسيل لعابي عندما أتصورها جاهزة للأكل".
وضحكوا .... بقيت هيلين معهما أطول مما كانت تتصور , صحبتهما مسلية جدا , مع أن هيلين كانت نصف غائبة خلال الحديث , فقد كانت تخطط للطريقة التي ستطلب منه فيها أخذها الى جزيرة العواصف.
وفي الطريق الى البيت بينما كانت تحمل كل تلك المجلات وبيل يحمل الكتب والسمكة قال لها شيئا سرها كثيرا لدرجة نسيت معها أنها كانت تمر في تلك الطريق المظللة بالشجر الكثيف والتي كانت تخيفها في وضح النهار , قال لها:
منتديات ليلاس

" كم أنا مسرور لأن هانا أحبتك هكذا , فهي كما تعلمين وحيدة ولا أصدقاء لها , لكنها مرحة ومتألقة منذ أن وصلت".
" أنا سعيدة بهذا , أنها أمرأة طيبة , آمل أن تستمر صداقتنا , مع أنه كان عندي أنطباع خاطىء من ...".
وتوقفت متنهبة أن ما كانت تنوي قوله لم يكن لائقا.
" من من؟ مارشا أو جيك؟".
سأل بيل بمرح وأضاف:
" لا بأس , لا تقولي شيئا , على كل فهي لا تتفق مع أي مهما.... الأسباب مختلفة , بالطبع".
" أستطيع فهم ذلك .... أقصد لوغان , فأنا لا أعرف مارشا جيدا".
ضحك بيل وقال :
" وتظنين أنك تعرفين جيك؟".
" ليس كثيرا , لكن ما أعرفه فيه لا أحبه".
قالت بصوت منخفض فقد أقتربا كثيرا من البيت , لم ترد أن يسمعها جيك مع أن الموسيقى العالية الآتية من بيته لن تمكنه من سماع أي شيء , ثم أكملت:
" هو نفسه لا يحاول أبدا أخفاء ما يفكر فيه... عني".
ودخلا البيت.
وضعت هيلين الكعك والمجلات على الطاولة وتناولت الكتب من بيل الذي ذهب الى المطبخ , تبعته قائلة:
" أريد أن أرى جزيرة العواصف , لكنه رفض أخذي اليها , بيل .... هل تأخذني ( بجنية البحر)؟".
لم تقصد أن تقولها هكذا , كانت تخطط لغير ذلك , لكنها قالت ما قالته بطريقة عفوية , وبيل سيفهم بالطبع.
كان يضع السمكة في الثلاجة وأستدار اليها , وعلى وجهه شيء من الأستغراب.
" بدون أن يعرف- حضرته – تقصدين؟".
أشارت بالأيجاب .
صفر صفرة طويلة مارا بأصابعه فوق ذقنه:
" سيدتي .... هل حقا تعنين ما تطلبين؟".
" أظن ذلك".
ورفعت ذقنها بتحد وأضافت :
" نصف المركب لي , ثم أنه يستعمله , أليس كذلك؟".
" بلى.... لكنك لم تريه في أحدى فورات غضبه .... هه؟".
" لا , لكنه لا يخيفني".
أجابت بسرعة , وضحك بقوة:
" ربما لا , فهو لا يشاجر أمرأة , ثم أنني لا أحب الوقوف ضده".
" أذن , ترفض؟".
وأحست بصدمة , لكن بيل رفع حاجبيه السوداوين قائلا:
" لم أقل ذلك , لكنني بحاجة الى التفكير في الموضوع, بالطبع لك الحق في أستعمال المركب , متى تريدين الذهاب؟".
أرتفعت معنويات هيلين , وعرفت أنها كسبت , لكنها لم تعرف ما كان بأنتظارها...
" بأسرع ما يمكن, غدا ؟".
" أيه .... مهلا , لا سبب للعجلة , الرحلة تستغرق عشر ساعات , وأن كنا ننوي القيام بها بهدوء – تعرفين ما أقصد –علينا الأنتظار حتى يوم الأربعاء أو الخميس , عندما يكون جيك في سانتو , ثم يجب ملؤها بالوقود , والماء , وتحضير بعض الطعام".
" أن أستطعنا الذهاب في غيابه , فلن يعرف أبدا".
وبرقت عيناها.
" أنت لجوجة , أتعرفين ذلك ؟ سنرى , هذا كل ما أعدك به".
وأبتسم فقالت:
" ستحتاج بعض النقود لشراء الوقود , معي الكثير.....".
رفع يده قائلا:
" توقفي يا آنستي , سأشتري كل شيء , ثم أخبرك , لست بحاجة الى النقود الآن , تعرفين يا هيلين , أنا متشوق جدا للقيام بهذه الرحلة.... أحس وكأنني مثل تلميذ مدرسة يخطط لشيء ما....".
وقهقه بحرارة وهو يهز رأسه متابعا:
" حسنا , دعيني أريك الآن كيف تحضرين السمكة".
وتوجه الى الفرن ساحبا منه صينية الشواء , وبدأ يشرح لها , حاولت أن تركز , لكن ذهنها كان في مكان آخر , أنها ذاهبة الى الجزيرة أخيرا , بعض الحظ فقط ولن يعرف جيك لوغان بذلك !
ذهب بيل بعد أن أراها كيف تحضر السمكة وكيف تشعل الراديو والفونوغراف , حضرت القهوة , وأدارت أسطوانة لبيري كومو ثم أستلقت على المقعد وبجانبها رزمة من المجلات وبعض الكعك , الساعة بعد العاشرة بقليل , لم تتوقع أن تنعس باكرا هكذا خصوصا بعد نومة بعد الظهر الطويلة , لكن الحروف أمام عينيها بدأت تهتز وتتراقص , أكملت قهوتها ثم أقفلت الفونوغراف , في الصباح ستقوم بشراء بعض الحاجيات , ستذهب في نزهة , وربما تذهب الى الشاطىء لترى( جنية البحر) ثانية.
تأكدت هيلين من أن الأبواب مغلقة بأحكام وذهبت لأغلاق النوافذ في غرفة الجلوس.
كان الظلام حالكا و, في الخارج , وقفت قرب النافذة تتطلع الى الأشجار العالية , وفجأة أحست بالفرح لقدومها الى هذا المكان.
ثم سمعت شيئا , باب يغلق وصوت فتاة تضحك , وبسرعة وبحركة غريزية أبتعدت عن النافذة , أطفأت النور وعادت تقف في مكانها بهدوء وحذر , رأت شبحين في العتمة , رجل وفتاة يخرجان من بيت لوغان ويسيران في الممر المؤدي الى القرية , أستطاعت هيلين أن تميز الثوب الذي رأته في الصباح , أنها سيرينا , سمعت صوتها بوضوح في هدوء الليل , ثم صوت جيك لوغان الأجش العميق , أستدارت هيلين مبتعدة عن النافذة , لقد أفسد مزاجها الفرح... أبتعدا لكن صورتهما بقيت معها , ولم تستطع التخلص منها ولا من شعورها المزعج , ولم تستطع النوم ألا بعد وقت طويل.

نيو فراولة 01-04-11 11:32 AM

4- أهلا أيتها الشريكة!


عندما ذهبت هيلين في الصباح لتشتري بعض الحاجيات من المخزن الرئيسي في الجزيرة كانت قد نسيت تماما أن الناس هنا لا يتكلمون اللغة الأنكليزية , وبالطبع لم تكن أي من الفتاتين اللتين تعملان في المخزن تتكلم سوى اللغة البرتغالية , كان الوضع محرجا ومضحكا في آن , فقد كانت هيلين تنظر حولها وتحاول أن تشير الى الأشياء التي تريدها , وعندما أنتهت من كل ذلك تذكرت أنها تريد ورق رسائل ومغلفات , نظرت حولها ولما لم تجد ما تريد , حاولت القيام بحركات أيمائية لأفهام الفتاتين اللتين أبتسمتا لها بحيرة , قلدت هيلين لحس الطوابع وألصاقها على الورق وقامت بحركات وكأنها تكتب شيئا ما... ولم تفهم الفتاتان.
فتح باب المخزن بضجة ودخل طفلان يثرثران بصوت مرتفع , تنفست هيلين بأرتياح , أنه توبي أبن أخت سيرينا وباولو طفلها , لا بد أن تكون سيرينا قادمة أو هكذا فكرت هيلين... لكن.... هل تراها أحست بأن هيلين كانت تراقبها الليلة الماضية ؟
دخلت سيرينا خلف الطفلين وبدأت تزجرهما , عندما رأت هيلين , أبتسمت بحياء وحيتها.
" أهلا سيرينا هل تساعدينني؟ أحتاج لورق رسائل وبعض المغلفات ,ولا أدري كيف أطلب ذلك".
" سأساعدك".
أنها حقا طفلة جميلة .... طفلة؟ قالت هيلين لنفسها وهي تراقب سيرينا تكلم الفتاتين بالبرتغالية , أنها تصغرني بثلاث سنوات فقط.... ومع ذلك توحي بأنها صغيرة وما من يدافع عنها...وأحست بالألم في داخلها , وذلك الرجل.... ما أبشعه ! ما أقساه!
" شكرا سيرينا".
وأبتسمت لها.
" سنساعدك في حمل هذه الأشياء".
قالت سيرينا مبتسمى , وأستدارت الى الطفلين اللذين كانا تقريبا في داخل ثلاجة المخزن المليئة بالأطعمة المثلجة ونادتهما بصوت عال.
قالت هيلين:
" دعيني أولا أشتري لهما بعض البوظة ولك أيضا , ردا على مساعدتكم لي".
" نعم , من فضلك........".
منتديات ليلاس

قالت سيرينا لأحدى الفتاتين بينما أختفت الأخرى في مؤخرة المخزن وعادت مع الطفلين وهما يضحكان , بعد بضع دقائق كانوا كلهم يسيرون بأتجاه بيت هيلين , سيرينا وهيلين تحملان صندوقين كبيرين مليئين بالأشياء التي أشترتها هيلين. والطفللان يلعقان البوظة وخلفهما خط طويل من البوظة الذائبة.
عندما أقتربوا من باب البيت الأمامي المجاور لبيت لوغان لم تتمكن هيلين من مغالبة رغبتها في أستراق النظر الى سيرينا , كانت الأخيرة تمشي بهدوء تحمل الصندوق بيد وبالأخرى تلعق البوظة ووجهها الأسمر جميل وباسم , سيرينا! فهي حقا رائقة وهادئة , أنها فتاة جميلة وبعد بضع سنوات ستكون أمرأة جذابة.
" تفضلي بالدخول".
قالت هيلين وهي تضع الحاجات على الأرض لتفتح الباب , لا تدري لماذا تفعل ذلك , ربما كان من الحكمة ترك هذه الفتاة وشأنها , ومن يدري أية أكاذيب لفق عنها جيك لوغان على مسمع سيرينا , وأضطربت هيلين لمجرد التفكير بذلك.
" سأساعدك بترتيب الحاجات , وبعدها يجب أن آخذ الأولاد الى الشاطىء".
" أنا ذاهبة الى هناك أيضا , أريد أن أسبح , هل المكان آمن للسباحة؟".
فقد تذكرت ما قاله جيك لسيرينا في اليوم الفائت.
هزت سيرينا رأسها :
" غي هذا الوقت , البحر آمن".
" حسنا سأغير ثيابي , هل تسبحين أنت؟".
ترددت سيرينا قليلا:
" أحيانا لكن علي مراقبة الأولاد , فهم شياطين!".
" أستطيع أنا فعل ذلك أن كنت تريدين السباحة".
قالت هيلين مبتسمة , ولم تعرف كيف حصل ذلك , لقد أحبت هذه الفتاة فعلا رغم علاقتها مع جيك لوغان , أنها تحس بالعطف عليها.
" حسنا , في الوقت الذي تغيرين فيه ثيابك أضع أنا الطعام في البراد وألا سيفسد".
" شكرا لك يا سيرينا".
لم تستغرق هيلين أكثر من دقيقة لتخلع ثيابها وتلبس ( المايوه) الأزرق الغامق وثوبها فوقه.
وساروا بأتجاه البحر وتذكرت هيلين ما حدث في اليوم الفائت , وكيف أغضبها ما قاله جيك لوغان فصفعته...
لم يكن أحد على الشاطىء , ( جنية البحر) فقط كانت تتأرجح في مرساها , ركض توبي وباولة في أتجاه الماء وقفزوا فيه كجرذين صغيرين , وهما يضحكان ويصرخان.
نظرت سيرينا الى هيلين وهزت كتفيها وكأنها تقول:
" أرأيت ما أعني؟".
وضعت هيلين المنشفة على الأرض والمعجون الذي تستعمله للسباحة , ثم جلست على الرمال الدافئة الجافة.
" أذا أردت أن تسبحي الآن فسأهتم أنا بالأولاد".
" كم أنت لطيفة , شكرا".
وأضاءت عينا سيرينا البنيتان بشقاوة:
" أحب أن أسبح , لكن مع هذين الشقيين......". وهزت كتفها:
" .... وجيك لا تتاح لي الفرصة".
وركضت بأتجاه الماء وهي ما تزال مرتدية ثوبها وبدأت تسبح بحركات متقنة وهادئة , تعجب الطفلان لذلك وبدآ يغيظانها , فركضت هيلين وأخرجتهما من الماء لخوفها أن يلحقا بسيرينا.
" أتركاها تسبح".
قالت للطفلين بلطف ثم لنفسها :
"يا ألهي عليّ أن أتعلم اللغة البرتغالية أن كنت أنوي البقاء هنا لبضعة أسابيع , بعض الجمل على الأقل حتى لا أواجه دائما بمثل هذه النظرات الفارغة".

نيو فراولة 01-04-11 11:38 AM

أشارت الى البحر حيث كانت سيرينا تسبح وشعرها الذهبي الغامق يعلو ويهبط مع الموج , أشعة الشمس المنعكسة على الماء ظهرت كخيوط الذهب الذائبة , ومن الجو جاء صوت طائر النورس كالنحيب يرد عليه طائر آخر عن بعد , أما أجمل هذا كله , وأشجار النخيل المتماية بنعومة مع نسيم البحر اللطيف , وسعفه الجميلة المتعالية في زرقة السماء وخلفها الأنواع الأخرى من الأشجار الكثيفة الأوراق والمشبعة بالخضرة , كم ترتاح العين في النظر اليها , والدها رأى ذلك كله وتمتع به , فكرت هيلين في نفسها وهي تستدير غير منتبهة , أنها لا تزال تمسك بالطفلين اللذين كانا يسيران الى جانبها بهدوء وتهذيب لأول مرة , لقد عاش والدها هنا , رأى كل ذلك وأرادها أن تراه هي أيضا وهكذا ترك لها كل تلك الأشياء.
" أين سيرينا؟".
وحطم الصوت بوقاحة مزاجها الهادىء وحبل أفكارها المريح , أستدارت لترى جيك لوغان يسير بأتجاهها , عاري الصدر وعاري القدمين , كان قادما من صوب البيت , وقفت جامدة تراقبه يقترب منها , كان من الصعب أن تحول نظرها عنه , أنه حقا.... ما من شيء يصفه أكثر من .... وحش رائع , أحدهم – ربما مارشا على تلك الطائرة , قالت أن له جسما رياضيا ذلك صحيح , كتفاه عريضتان وقويتان , ذراعان كلهما عضلات قوية , صدر جميل ومغطى بالشعر الأسود الكثيف , لمعت سلسلة الذهب حول عنقه وهو يمشي نحو هيلين بخطوات واثقة ويتوقف على بعد بضع أقدام منها.
" أنها تسبح".
أخبرته هيلين.
" ماذا؟ تسبح؟ ".
منتديات ليلاس

ونظر بأتجاه ابحر , ثم الى هيلين , وشتم وصرخ:
" سيرينا!".
وجفلت هيلين , أن لم تسمع الفتاة ذلك , فستكون المعجزة , حتى النورس الذي كان يأكل بهدوء عن سطح الماء أطلق صرخة خائفة وطار بعيدا , تطلع اليه الولدان برهبة وأنفجر توبي بالبكاء.
لم تستطع هيلين ضبط أعصابها.
" الوحش!".
قالت.
جيك الذي كان ينظر بأتجاه البحر رماها بنظرة سريعة وهي ترفع توبي لتحمله , ثم عاد ووضع يديه على خصره وتطلع الى البحر , هدأ توبي عندما حملته هيلين , بعد لحظات كانت سيرينا تخرج من الماء متعثرة وثوبها لاصق بجلدها مظهرا تكويناته الفتية.
أومأ اليها جيك وأسرعت خارجة من الماء , لاحظت هيلين الخجل على وجهها , كيف يحدث كل هذا؟ من يعطيه الحق ؟ وتكلم جيك البرتغالية بلهجة سريعة وفهمت هيلين أنه كان يزجر سيرينا وكان صعبا عليها تهدئة أعصابها وشدت توبي الصغير الى صدرها كأنما ليمنع خفقاته المتزايدة , حاولت سيرينا الوقوف في وجه جيك لكنه غلبها في النهاية , تطلعت الى هيلين والدموع تلمع في عينيها وكأنها تعتذر عما جرى وركضت بأتجاه البيوت.
أنزلت هيلين توبي الى الأرض ناوية أن تلحق بها عندما قام جيك لوغان بعمل غير متوقع.
وضع يده على ذراع هيلين .
" أنتظري لحظة".
قال , وهمس شيئا للطفلين اللذين ركضا الى الماء , دفعت هيلين يده عن ذراعها غير مبالية بأظافرها التي غرزت في لحمه , كان هناك أحساس غريب في المكان الذي لمسه بكفه الدافئة القوية لكنها ستتجاهل هذا.
" لا تمد يدك أليّ".
" أتظنينني وحشا!".
" وأكثر من ذلك لكنني سأحاول أن لا أقول المزيد".
" ذلك أفضل , بالطبع لا تريدين أن يشك أحد بأنك سيدة مهذبة".
تطلعت اليه بدون أية محاولة لأخفاء الأحتقار الواضح في عينيها الواسعتين الصافيتين.
" هل ستهتم بالأولاد أم أفعل أنا ذلك؟ هذا طبعا أذا أفترضنا أنك تهتم ولو قليلا".
ونظرت بأتجاه الطفلين اللذين كانا يعومان ويذريان الماء حولهما.
" منذ لحظات أرسلت سيرينا والدموع في عينيها , ربما ستفعل ذلك للطفلين أيضا , أنا متأكدة أنك ستجد الأمر سهلا".
" أرسلت سيرينا الى البيت لتجفف نفسها , ليس لها الحق أن تنزل الى الماء , عندها مشكلة في أذنيها منذ كانت صغيرة وتعرف أن عليها تجنب الماء".
وتطلع الى هيلين مكملا:
" لا أحب أن أقوم بعمل الممرض , لكن ليس لديها أحد غيري يهتم بها , أختها مشغولة ببيتها وبطفلين صغيرين ولا وقت لديها لمراقبة سيرينا , وأن كنت أتكلم معها بلهجة قاسية فذلك لكونها طفلة مدللة ولا تفهم ألا بهذه الطريقة".
كان لكلماته تأثير غريب على هيلين , كان لها وقع صادق , ربما... ربما يهتم حقا , لكنها لا تود التفكير بذلك , ما زالت تذكر ليلة أمس عندما رأتهما معا , أذن هو لا يعاملها دائما كطفلة.
" أنا سأهتم بالطفلين , سأسبح قليلا".
نظر الى ساعته الذهبية ثم قال:
"لا بأس , أذهبي وأسبحي , سأهتم بهما لمدة نصف ساعة".
ومضى بأتجاه الطفلين معتبرا أن الموضوع أنتهى , وقفت هيلين ترقب ظهره وهو يبتعد يتملكها شعور بالأضطراب والعصبية , ما سر هذا الرجل ؟ هناك شيء ما ليس من أختراع خيالها , جاذبية ما حول هذا الرجل تجعلها ترتجف عندما يكون قريبا منها.

نيو فراولة 01-04-11 11:40 AM

وقح ومهين ومع ذلك هناك رقة غريبة تشع منه , رأته ينحني ويقول شيئا لتوبي – طفله- ويلمس خد الصبي بلطف , كان حنونا ودافئا معه , ربما لأنه جعله يبكي قبل دقائق , أستدارت هيلين وذهبت كي تسبح قليلا, ستحاول التظاهر بأنه غير موجود رغم صعوبة ذلك ,لكنه لن يعرف.
لم تستطع هيلين تجاهل وجوده فبينما كانت تسبح نظرت بأتجاهه لتراه يحاول تعليم الطفلين السباحة , كان المنظر ساحرا الى الدرجة التي نسيت هيلين معها نفسها وأخذت تراقب الثلاثة بأهتمام , أثنان صغيران : مكتنزا الجسم والثالث كبير وأسمر وقد نسوا وجودها كليا , كان هذا مدهشا كأنها لم تكن هناك.
بدأ التيار يسحب هيلين وهي غافلة عنه ومستغرقة في مراقبة جيك والولدين , كان جيك منحنيا على باولو وتوبي يراقب مندهشا وأصبعه في فمه كيف يرفع جيك بيده ذقن باولو ويضع يده الأخرى على بطنه محاولا التحدث اليه بلطف وحزم كي يضبط حركاته العنيفة.
لم تعد هناك دموع بل ضحكات تعلو بينما كان الطفلان وللمرة الأولى يختبران الشعور بأنعدام الوزن في الماء , لكن أهتمام هيلين كان منصبا على جيك لوغان , هل هو حقا الرجل الذي كلمها بتلك الوحشية والوقاحة في اليوم الماضي وفعل ذلك مع سيرينا أيضا , أيعقل أن يكون هو الرجل نفسه , أين أختفت عدائيته القارسة والتي تظهر كلما أقتربت منه هيلين ؟ كان يضحك مع الولدين وهما يحاولان ويحاولان ويصرخان.
منتديات ليلاس

وفجأة أحست هيلين بأنها لا تريد أن ترى المزيد , أخذت تبتعد صوب عمق البحر , وعندما قطعت مسافة كبيرة توقفت لترتاح ولم تنظر خلفها تطلعت بأتجاه القرية والأشجار المحيطة بها الى مسافة بعيدة , فوقها كانت السماء صافية , لا غيمة فيها , والشمس حارقة تسكب أشعتها الذهبية على كل الأشياء , أستلقت هيلين على ظهرها في الماء وبدأت تطفو بكسل وتحس الماء المالح يجف على وجهها وعنقها مما جعلها ترغب في لعق شفتيها لكنها قاومت ذلك .
ملأ اللون الذهبي عينيها المغمضتين , مزيج من الذهبي والبرتقالي ملأ رأسها أيضا الذي كاد ينفجر من حرارة اللون و....
" هيلين, المد ينحسر".
كان جيك يناديها من الشاطىء محطما بوقاحة الحالة الحلمية التي كانت تعيشها .... ناداها ( هيلين) لا آنسة كاربنتر .... أشارت له بيدها وبدأت تسبح بأتجاه الشاطىء , على الأقل هو يعرف البحر هنا جيدا.
أحست هيلين بالملح يقرص جلدها في كل مكان عندما خرجت من الماء ومشت بأتجاه جيك , كان ( المايوه) يلتصق بجسمها مظهرا جماله وتناسق تكوينه , لكن لم يبد على جيك أنه لاحظ ذلك أو على الأقل هكذا فكرت به هيلين لنفسها .
" آمل أن لا أكون أزعجتك بطلبي منك الخروج من الماء لكن الوقت متأخر وكنت في وسط البحر ثم أنا أود أن أسبح قليلا ".
قال هذا بدون أن يعبر وجهه عن أي شيء .
" بالطبع".
قالت هذا ونظرت الى الطفلين , كانا مستغرقين في اللعب بالماء وذره في كل مكان فقالت:
" سأهتم بباولو وتوبي".
عندها خلع جيك الرقعة السوداء عن عينه ورماها على الرمل بدون أدنى أهتمام فوقعت الى جانب منشفة هيلين , طبعا بدون قصد منه وركض الى الماء من غير أن يقول كلمة : راقبته هيلين يضرب الماء ضربات قوية متوازنة , كما راقبه الطفلان أيضا وكأنهما يتمنيان لو يلحقا به , أبتعد جيك ولم يعد يرى غير رأسه من بعيد , أنحنت هيلين وتناولت المنشفة وبدأت تجفف نفسها وهي تراقب الطفلين يضحكان.
تلك الليلة كتبت هيلين رسالة طويلة الى الخال فيليب ,, لم تكن تظن أن لديها الكثير لتخبره حتى جلست وأمسكت القلم فتدافعت الكلمات على الورق أمامها , أرادت أن تتجنب الكتابة له عن جيك لوغان لكنها تصورت أن خالها سيستغرب ذلك فقد كان معها عند المحامي عندما جاء هذا الأخير على ذكر لوغان.
كان الوقت ليلا وقد أنهت هيلين كتابة الرسالة , قامت وتطلعت من النافذة يملأها شعور بالتوتر , ما أجمل الليل في الخارج , ما أشد سواده وحلكته! لو كان معها أحد لخرجت وتمشت في الليل , لكن.... لم لا؟ لن تخشى من مصادفة جيك أياها فقد رأته وحده وحده في مطبخه يحضر بعض الطعام وقد خلع الرقعة السوداء عن عينه , لم يلبسها منذ ذهب يسبح في النهار , كم يبدو مختلفا بدون رقعة القرصان تلك – كم يبدو مختلفا...
لم يكن يصعب على هيلين أن تفهم , لم تتحمل سيرينا منه كل ذلك , ولكن لماذا تكرهه مارشا وهانا – لا بد أن رجولته الظاهرة والعدائية تخيف بعض النساء , لكن ليس هيلين فلديها المناعة الكافية , وأستدارت مبتعدة عن نافذة المطبخ , فالنظر اليه يذكرها بأشياء مزعجة .... ليست بحاجة لتذكرها هنا...
لبست هيلين صندلها.... وفتحت الباب بجرأة ,وبالمفتاح أغلقته خلفها بحذر وسارت على الممر المؤدي الى الشاطىء , كان أوسع ومضاء أفضل من الممر المؤدي الى القرية , ثم كان بأستطاعتها أن تراقب نافذة بيته من هنا.

نيو فراولة 02-04-11 01:55 PM

كانت السماء قاتمة ومرصعة بالنجوم وكان كل شيء هادئا , كم تحب مراقبة النجوم , حاولت التعرف على أسمائها وفي الوقت نفسه كانت تفكر بجيك , يجب أن لا تتأخر , الأشجار كم هي عالية ومعتمة ولا توحي بالأمان أبدا , وبدأت تركض , سمعت صوتا كأنه صوت رصاصة ... وصوت خطوات وراءها , كأنه وراءها , كأن شخصا ما أو شيئا ما طلع من كل تلك الظلال والخيالات السوداء , لا بد أنها صرخت فقد عاد لها رجع صوتها من بعيد وهي راكضة بأتجاه البيت , ثم سقطت على وجهها بعد أن تعثرت قدماها بحجر مختف بين الحشائش , وحاولت بصعوبة ألتقاط نفسها المتقطع عندما جاء صوت جيك من فوقها:
" لا بأس .... أنه ليس ما...".
كان يتكلم وهو يضحك هكذا تصورت هيلين .
أمسك بها ورفعها عن الأرض , ورغم خوفها وأضطرابها لاحظت هيلين السهولة التي فعل بها ذلك.
منتديات ليلاس

" سمعت... سمعت....".
بدأت تخبره لكن صوتها خانها ولم تستطع أن تكمل.
" أنها عنزة.... فقط".
ولم يمكنها تجاهل الضحك في صوته هذه المرة , لكنه كان ما يزال يمسك بها وكأنها ستهرب لحظة يرفع يديه عنها , بدأ صدرها يهدأ تدريجيا ويعود تنفسها الى طبيعته وعن بعد رأت شبح حيوان يبتعد.
فجأة أحست هيلينبالأهانة .... كانت واقفة هناك تنظر الى النجوم وتفكر به.... والآن ماذا حدث؟
وحركت ذراعيها قليلا فتركها , أستدارت وسارت بأتجاه البيت , دفعت الباب لتدخل , ثم تذكرت:
" المفتاح! .... لا بد أنه سقط مني عندما....".
بسرعة عض جيك على شفتيه , لولا ذلك لصدرت منه شتيمة ما , ثم قال:
"لا أظن أننا نستفيد شيئا أن فتشنا الآن في هذه العتمة".
ثم أضاف بلهجة ألطف:
" لو لم أهرع وأعطيك المفتاح ليلة وصولك , لما كانت هناك مشكلة الآن".
أستعادت هيلين سيطرتها الكاملة على نفسها , لن تتركه يجعلها تشعر بأنها غبية , لكن ماذا تفعل الآن؟
" حسنا".
قالت بهدوء:
" أشكر مجيئك لمساعدتي عندما صرخت , أظن أنني تركت نافذة المطبخ مفتوحة , سأدخل منها , تصبح على خير".
ومشت بكبرياء نحو الناحية الناحية الخلفية للبيت , وبينها وبين نفسها كانت تصلي كي يكون الأمر سهلا وممكنا .
" والآن جاء دوري حتى أقول حسنا....".
ثم لحق بها :
" أعرف أنك تستطيعين تدبير الأمر , لكن دعيني أجرب أولا , ما رأيك؟".
كانا الآن في الناحية الخلفية من البيت وفي ظلام كثيف كشبحين , وأحست هيلين مرة ثانية بذلك الجو المثقل , هو أمامها بجسمه الطويل الأسمر وجاذبيته الغريبة ,شعرت برجفة لا يمكن تجاهلها.
" لا شكرا , سأتدبر أمري".
لمس ذراعها بخفة لكن بتصميم.
" يبدو أنك تنسين دائما , نصف البيت لي وأن كسرت الزجاج سأنزعج مثلك تماما".
أزاحت يده عن ذراعها محاولة المحافظة على هدوئها :
" أكره أن أزعجك".
" سأتدبر الأمر أطمئن".
سأفعل وسأريه ذلك , قالت لنفسها.
لم يقل كلمة ولم ينتظرها بل رفع أحدى قدميه الى حافة النافذة وسحب الأخرى وبلحظة كان يقف هناك في ذلك المكان العالي , كانت هيلين قد تركت النور مضاء في غرفة الجلوس وقد تسرب منه ما يكفي لترى شبح جيك الطويل وهو يصارع المزلاج بثقة وتصميم لاحظتهما في كل ما يحاول القيام به ثم صدر صوت قوي عن المزلاج... أنفتحت النافذة على مصراعيها وقفز جيك الى الداخل.
ذهبت هيلين الى الباب الأمامي وأنتظرت حتى وصل اليه وفتحه من الداخل.
" شكرا".
قالت مبتسمة وهي تدخل , وكان يراقبها بأهتمام.
" كم أنت باردة أيتها الزبونة".
قال بأبتسامة مرحة قلما تراها على وجهه.
نظرت اليه هيلين مركزة على تلك العين حيث كانت الرقعة السوداء من قبل.
" هل تظن أن مساعدتك لي وتسلقك النافذة لفتح الباب يعطيانك الحق في أن تكون وقحا؟ أن كان الأمر كذلك فهيا , أقصد أن كنت تظن أنك تستحق شيئا لقاء شهامتك".
وأحست بالراحة فقد فعل كلامها فعله.
هز رأسه وظهر بعض التشنج حول فمه.
" أجاباتك دائما حاضرة".
" وهل يزعجك ذلك؟ أم هل تريدني أن أضطرب أمام أي شيء تقوله , لا يا سيد لوغان , لن يحصل ذلك , أنا متأكدة أن الكثيرين يتلعثمون أمامك .... لكن ليس أنا".
" بالطبع لا... فأنت معتدة كثيرا بنفسك يا آنسة كاربنتر أليس كذلك؟ في كل حال فهذا ما تفعله المدارس الداخلية الباهظة الأقساط للفتيات .... تصنع منهن سيدات راقيات.......؟".
" كيف تجرؤ؟".
وأحمرت وجنتا هيلين :
" لم أصادف رجلا أكثر وقاحة منك في حياتي!".
رفع حاجبيه الكثيفين بكبرياء وشعور بالتسلية.
" ذلك أفضل , فقط ذكر النقود يثير غضبك , عليّ تذكر ذلك".
وقبل أن تستطيع الأجابة على هذه الملاحظة الشخصية , كان قد أستدار وخرج.

نيو فراولة 02-04-11 01:56 PM

أغلقت الباب وراءه ووضعت المزلاج بأحكام , ستذهب لتغلق نافذة المطبخ وتنزل الستائر قبل أن يدخل بيته ويراها من هناك.
لم تنتبه هيلين ألا بعد مضي وقت طويل الى ملاحظته عن المدرسة الداخلية , ترى كيف علم بذلك؟
لم تره أبدا نهار الثلاثاء , كان قد وجد المفتاح ودسه تحت بابها صباح اليوم التالي , أمسكت المفتاح في يدها لحظة يملأها شعور غريب مرتبك وهي تتخيل جيك يبحث عنه بين الأعشاب .
منتديات ليلاس

ذهبت الى القرية وأرسلت الرسالة الى الخال فيليب , رأت سيرينا والطفلين – ثرثرت معها قليلا ثم ذهبت الى بيت بيل آملة أن تراه , فقد كانت مصممة على الذهاب الى الجزيرة , وقد قررت أن تذهب بمفردها أن رفض بيل ذلك لسبب ما , نعم ستكتشف كيف يعمل المركب وستأخذه بنفسها , طبعا كانت تعرف أستحالة ذلك لكن هذا ما فعله بها جيك لوغان , أثار جنونها وأستعدادها للقيام بالمستحيل فقط .... لتريه! وجدت بيل في حديقة البيت الكبيرة جالسا في الظل وبيده كأس من الشراب المثلّج.
قبل أن تصل اليه أخبرتها هانا بأبتسامة مشرقة:
" أنه متحمس للرحلة كثيرا , مثلك تماما , لقد أثرت أهتمامه".
" شكرا يا هانا".
وأحست هيلين بالأثارة , قريبا سترى الجزيرة , متأكدة من ذلك وتحسه في عظامها , رفع بيل كأسه وسألها:
" أتريدين واحدة؟".
" لا شكرا يا بيل , جئت لأرى ما قررت بالنسبة الى الجزيرة".
" سآخذك , سيكون جيك غائبا عن القرية يومي الخميس والجمعة , عندئذ نذهب , نملأها بالوقود يوم الخميس ونذهب باكرا صباح الجمعة".
" شكرا.... شكرا يا بيل".
وأحست أن بأمكانها معانقته الآن.
" أنتظري وأشكريني عندما نعود , كم سأشعر بالراحةعندها".
" لا تهتم يا بيل , سأخبره أنا بنفسي , سأقول له أنني أنا أقنعتك بالذهاب , وليلمني.... وفي أي حال فهو يلومني على كل شيء لذلك لن ألاحظ الفرق".
أطلق بيل ضحكة عالية :
" هل تبقين معنا لوقت الغداء؟".
" أتمنى ذلك , في الواقع كنت أود دعوتك أنت وهانا لتناول الطعام عندي , لأرد بعض ضيافتكما ما رأيك؟".
" طبعا , ذلك لطف منك لكن علي أستشارة هانا فهي المدير هنا كما تعلمين".
وتم ترتيب ذلك , فقد رحبت هانا بالفكرة وتحمست لها , بعد غداء خفيف معهما ذهبت هيلين الى مخزن القرية لشراء بعض الأطعمة , هذه المرة كان معها كتيب صغير بالمصطلحات البرتغالية مفتوح على صفحة الأطعمة , قضت هيلين ساعات في تحضير الطعام للثلاثة , هيلين تحب تحضير الطعام خصوصا هنا مع كل تلك الخضار الطازجة المتنوعة , أعدت بعض الأصناف الجانبية ثم الصحن الرئيسي المكون من الخضار واللحم والأرز.
وصلا الساعة الثامنة وبقيا معها حتى الحادية عشرة , قبل وصولهما بقليل أدارت هيلين أحدى الأسطوانات التي وجدتها في مجموعة والدها قضت هيلين وقتا ممتعا في التفرج على مجموعة الأسطوانات وفرحت جدا عندما أكتشفت الكثير مما تتذوقه من الموسيقى عند والدها , أضاءت بعض الشموع ووضعتها في منتصف الطاولة مما أضفى جوا جميلا على المكان.
" ما أجمل هذا يا هيلين".
قال بيل عندما دخل ونظر الى هانا التي أبتسمت موافقة وهي تخلع شالها الأسود المطرز عن كتفيها , كانت تلبس ثوبا طويلا من القماش الأزرق الناعم وكانت تبدو أجمل من العادة , هكذا كرت هيلين لنفسها.
" حقا كل شيء جميل , أهنئك يا هيلين , نحن لا نخرج كثيرا وأظنني سأتمتع بهذه السهرة".
وضحكت , وبدأت السهرة بالضحك وأستمرت مرحة حتى النهاية , كانت الليلة دافئة والنوافذ مفتوحة لأستقبال النسيم المنعش.
شكرا لله.... لا أحد في البيت امجاور فهو غارق في الظلام , وتنفست هيلين بأرتياح , طبعا لا خوف من مجيئه للسهر معهم , لكنها تصورت أن وجوده قريبا سيكون مزعجا قليلا , خصوصا أن كانت سيرينا معه , ربما كانا معا في الخارج , وأنزعجت هيلين من الفكرة , كانت في المطبخ تحضر فاكهة الأناناس لتقديمها للضيفين , فقط لو تستطيع تجاهله , لكنه ليس بالرجل الذي يمكن تجاهل وجوده.
أخذت الأناناس الى غرفة الجلوس والأبتسامة على وجهها , لن تدع التفكير به يفسد عليها السهرة .... أبدا.
بعد ذهابهما بقيت ساهرة تفكر , ثلاثة أيام فقط ثم تذهب الى الجزيرة , كم هي متشوقة لرؤيتها خصوصا بعد أن رفض جيك أن يأخذها.
بيل كم هو رجل طيب وواضح ويعتمد عليه , وكذلك هانا أخته , وسيرينا , نعم سيرينا لقد أحبتها هيلين كثيرا ويظهر أن الشعور متبادل , لكن غريب! كيف لم يؤثر عليها جيك , فهو يأمرها دائما ويقرر تصرفاتها وهي تطيع , لكن لم لا يحاول أبعادها عن هيلين؟ كل مرة تلتقي بها هيلين في الطريق تتوقع أن تتهرب منها سيرينا , وعندها تعرف هيلين السبب , أخيرا غلبها النوم ورأت حلما جميلا , رأت نفسها على جزيرة صغيرة مثل جزيرة الشمس هذه لكن أجمل...

نيو فراولة 02-04-11 01:57 PM

مر الأربعاء ببطء , ذهبت هيلين لتسبح وتستلقي في الشمس , رأت جيك لوغان عن بعد على المركب , أدارت له ظهرها وتطلعت بأتجاه القرية.
لم تشعر هيلين بالقدرة على مواجهته , خصوصا وهي تخفي عنه ما تخفي , تخشى أن ينظر اليها ويقرأ أفكارها , هذا سخيف لكنها غير مستعدة للمخاطرة.
صباح الخميس رأته يترك البيت مرتديا ثيابا مرتبة أكثر من المعتاد , يحمل على كتفه حقيبة صغيرة وفي يده كيسا كبيرا .
عندما أختفى في أشجار الممر , تنفست هيلين بأرتياح , ها هو يذهب أخيرا! سيغيب يومين كاملين وسترى الجزيرة في غيابه وعندما يعود لن يستطيع فعل أي شيء.
مر بها بيل بعد ذلك بقليل وأخذها الى المركب , ثم توجه به الى الجهة التي تزود القوارب بالوقود , في الطريق تحدثا عن الأشياء التي قد يحتاجانها للرحلة , تزودا بالوقود والماء ثم أعادا المركب الى مرساه.
" أنه مركب جيد وسريع , كم أنا متشوق لقيادته".
قال بيل بمرح.
" متى نذهب؟".
منتديات ليلاس

سألته هيلين :
" باكرا , حوالي الساعة السادسة , ما رأيك؟".
" حسنا".
وافقت هيلين وعيناها تلمعان .
" أوه بيل , كم أنا متشوقة للرحلة , شكرا لك".
نظر اليها بعبسة صغيرة :
" أنتظري حتى ننطلق , سأشعر بالراحة أكثر تلك اللحظة".
قال هذا وأفترقا.
أوت هيلين الى فراشها باكرا تلك الليلة , وعندما أستيقظت في الخامسة من صباح اليوم التالي كان الهدوء يخيّم , حتى العصافير كانت نائمة وجو من التوتر والأنتظار يملأ المكان وقلب هيلين التي أبتلعت قهوتها بسرعة ولبست بنطلونا رقيقا من القطن الأبيض وبلوزة بيضاء مطرزة , ووضعت ( المايوه) في حقيبة اليد .... من يدري قد تسبح عندما تصل الى تلك الجزيرة الجميلة.
أغلقت هيلين الباب وسارت بحذر شديد أمام بيت جيك لوغان برغم علمها بعدم وجوده في البيت , أتجهت نحو المركب وهي تفكر ببيل , هل وصل قبلها الى المركب؟ وقررت أن تلقي كل اللوم على نفسها أن عرف جيك بالخدعة , لن تدعه يزعج بيل النبيل , كانت الأفكار تروح وتجيء في رأسها وهي تصعد الدرجات الحجرية وتصل الى الرصيف الخشبي القديم , لحظة ثم تكون في المركب , وخفق قلبها بعنف.
أخذت هيلين بعض الوقت لتستعيد توازنها بعد أن قفزت الى المركب , ثم سمعت أصواتا من داخله وأنحنت قائلة :
" بيل , لقد وصلت !".
نظر اليها من أسفل الدرج , لم يكن بيل , لم يكن بيل ذلك الرجل الذي يتطلع اليها , وبسمة ساخرة تعلو وجهه الأسمر .
أنه جيك لوغان.
" أهلا بك أيتها الشريكة ".
قال!

نيو فراولة 02-04-11 01:59 PM

5- العاصفة


تطلعت هيلين حولها كأنها تبحث عن مهرب , لم تكن تحلم , الرجل أمامها بجسمه الضخم ليس حلما بل حقيقة , ها هو يصعد نحوها , يقترب منها , يقف الى جانبها .
" ماذا تفعل هنا؟".
سألته بأضطراب.
" أنتظر حضرتك !".
ورفع حاجبه بلامبالاة .
" جاهزة ؟ لنذهب أذن ... عن أذنك".
وحاول المرور من جانبها ليصل الى المقود , لكنها لم تتحرك .
" أين بيل؟".
سألت بهدوء , أنه كابوس , كابوس حقيقي.
" آه , بيل , أنه نائم , سهرنا طويلا ليلة أمس".
أحست هيلين أنه يتسلّى وأنزعجت , لن تذهب معه الى أي مكان.
" أنتظر لحظة , ونظر اليها بأدب واضعا يديه على المقود , كان يلبس السروال القصير وصندله المعهود , ذقنه بحاجة ماسة الى شفرة الحلاقة , ما أصعب أن تحافظ هيلين على هدوئها أمام رجولته القوية تلك , لكنها تحاول , أجل تحاول.
" يظهر أنه حصل سوء تفاهم ما".
" بالطبع , لكن كل شيء على ما يرام الآن , تريدين الذهاب الى الجزيرة , على هذا المركب حسنا سآخذك اليها".
تكلّم بصبر وكأنه يشرح شيئا لباولو أو لتوبي.
" لم لا تنزلين الى المطبخ وتصنعين لي فنجان قهوة , لقد صحوت لتوي من النوم".
كان الموقف مضحكا , لم يكن لوغان سيئا كعادته ولا عدائيا لكن هيلين كانت منزعجة لدرجة لم تأبه معها بذلك.
" قلت لك لن أذهب معك الى أي مكان".
" ستفعلين".
منتديات ليلاس

أدار المحرك وبدأ المركب يبتعد عن الرصيف .
بغضب وبدون تفكير مدّت هيلين يدها الى مفتاح المحرك الذي رأته يديره منذ لحظات.
" أوقف المركب حالا!".
قالت بصعوبة وهو يبعد يدها عن المفتاح بالسهولة التي يكش فيها ذبابة , ثم قبض على معصمها بقوة بينما كانت يده الأخرى على المقود , لم يكن يمزح:
" كيف تلمسين هذه الأشياء وأنت لا تفهمين شيئا عنها؟ هيا أنزلي الى الداخل , سألحق بك بعد لحظة.
حاولت أن تسحب يدها من قبضته , ماذا لو قررت أن تقاومه! تعرف النتيجة , لا جدوى.
" دع يدي!".
" فقط أن وعدت بحسن التصرف".
وأحكم قبضته .
" ليس لدي الخيار".
وبما أنها حافظت على هدوئها فربما تستطيع أقناعه بالعودة :
" حسنا سأذهب".
" عظيم".
وأستدار نحو المقود , كانت هيلين ترتجف وهي تنزل الدرجات المؤدية الى الحجرة , ثم توقفت عندما رأت أشياءه الى جانب السرير المخرّب , أذن فقد قضى ليلته هنا بأنتظارها , كان يعرف كل شيء وهي ظنته خارج البلدة.
كاد رأسها ينفجر , لتصنع القهوة أذن , دخلت المطبخ الصغير لتجد كل شيء جاهزا فيه , قدحان وعلبة من دقيق الحليب وعلبة القهوة والكبريت , حتى الأبريق كان معبأ بالماء , كل ما عليها فعله هو أشعال الغاز , وهذا ما فعلته عندما سمعت صوت خطواته على الدرج خلفها , قال :
" أشرب قهوتي من دون سكر".
" حسنا , تفضل أجلس".
هناك طريقة واحدة للتعامل معه: أن تحافظ على هدوئها.... حملت اقهوة وجلست قبالته على السرير الآخر .
" سيكارة؟".
" أجل , من فضلك".
ثم قالت:
" لماذا؟ أيمكن أن تخبرني لماذا؟".
أشعل لها السيكارة قبل أن تجيب , كان يراقبها وهي تسحب النفس الأول الذي سبّب لها الصداع.
" الأمر بسيط , تريدين رؤية الجزيرة , وها أنا آخذك اليها".
" لم أقصد ذلك , أقصد بيل ماذا فعلت به؟".
" وماذا أفعل به , لم أفعل شيئا".
" تعرف ما أقصد جيدا".
وبدأ صبرها ينفد.
" حسنا , في المرة الثانية التي تدعين فيها بيل وهانا الى العشاء في بتك تكلموا بهدوء , أو أقفلوا النوافذ.
أصفرّت هيلين.
" لكنك أنت لم تكن في البيت".
" لا , ليس في البداية , ثم عدت وسمعت الجزء المثير من حديثكم".
" كنت تسترق السمع أذن؟".
" وكيف تسترق السمع أذن؟".
" وكيف أمنع نفسي عن الأستماع وأسمي يتردد , وجنّية البحر كذلك....".
" أيها القذر!".
" أنتبهي لكلامك يا آنسة ".
" أنت لم تقبل فكرة ذهابي الى الجزيرة , لماذا تأخذني الآن؟".
" لنقل أنني غيّرت رأيي".
" لا أصدقك , ولا أريد أن أذهب معك , هل تتفضل بأعادتي؟".
" لا , سنذهب معا , أليس ذلك جميلا؟".
وضحك , لكن شيئا ما جعله يتوقف عن الضحك , بدا الدوار على هيلن التي كانت تحاول أخذ نفس عميق:
" ما بك ؟ هل أنت بخير ؟".
وأمسك بها.
" هيا أجلسي , هل أكلت شيئا هذا الصباح؟".
جاء صوتها ضعيفا.
" لا".

نيو فراولة 02-04-11 08:00 PM

ساعدها على التمدد فوق السرير , كانت يداه القويتان لطيفتين , وفتحت هيلين عينيها لترى وجهه قريبا من وجهها , لم تره عن قرب من قبل , يكاد يلتصق يوجهها , أسنانه بيضاء وسليمة , أنفه وفمه جميلا التكوين , يوحيان بالقوة , أما عيناه .... عيناه تذيبان الجليد أن أراد ذلك , وأغمضت عينيها بفزع , ما هذه الأفكار !
" أسمعي سأصعد لدقيقة ثم أعود وأحضر لك بعض الطعام , ما كان يجب أن تدخني ومعدتك خاوية , أنت لا تدخنين ؟".
منتديات ليلاس

" لا".
أجابته , وبعد أن ذهب , حاولت أن تجلس , لن تعتمد عليه أبدا.
" قلت لك أستلقي".
قال وهو يذهب الى المطبخ ويحضر لها بعض الخبز والجبن والمزيد من القهوة.
" هيا كلي , لا سكائر لك".
" أجل , لكن هذا لا يغيّر شيئا , أريد العودة , لا أريد أن أذهب معك".
" صدقيني ولا أنا , لكن عندما عرفت بأصرارك , غيّرت رأيي , هيا دعينا نعلن الهدنة , لليوم فقط , الرحلة جميلة وحرام أن لا نتمتع بها".
قالت بسخرية مرّة:
" هل تقصد أنك ستحاول عدم أهانتي اليوم ؟ ألن تجد ذلك صعبا؟".
" قلت سأحاول , هذا كل ما أعد به".
ورفع رأسه بتحد , هناك سحر ما في غرور هذا الرجل , في وجهه , في جسده , سحر أشعر هيلين بالضيق والخوف.
ثم حدث ما حدث , حدث كل شيء بسرعة مخيفة , كانا على وشك الوصول , أشار جيك الى صخور قريبة وشرح لهيلين أن هناك فجوة صغيرة تتسع للمركب بصعوبة , عليه المرور بها بحذر كي يصل الى الجزيرة الصغيرة , وفجأة وبدون أنذار بينما كان يتكلم أظلمت السماء وتجمعت الغيوم الرمادية القاتمة ... أنها حقا جزيرة العواصف , كان على لوغان أن ينطلق بأقصى سرعة فقد أراد الوصول الى الصخور والمرور من تلك الفجوة قبل أن تنقض العاصفة , ثم بدأ المطر الدافىء الغزير يهطل , رفضت هيلين أقتراح جيك بأن تنزل الى الداخل كي لا تبتل. هز كتفيه بلا مبالاة فقد كان مشغولا عنها , فقط أخبرها أن تتمسك جيدا عندما يطلب منها ذلك , وقفت تراقبه وهو يحاول المرور بين تلك الصخور المسننة بكفاءة مذهلة , عندما لمعت السماء كلها ودوى صوت رهيب , أنفجار رعد لم تسمع هيلين مثله في حياتها.
صرخت بفزع وألقت بنفسها على جيك الذي مال قليلا وفقد للحظة السيطرة على المركب الذي أنحرف بأتجاه الرؤوس الصخرية المسننة , ساد الصمت لحظة ثم:
" أيتها الغبية... أيتها البلهاء !".
وكان غضبه مخيفا.
هدأت العاصفة بعد ثلاث ساعات طويلة قضتها هيلين في الحجرة ترتجف خوفا كلما أنفجر الرعد , كان جيك يرفض التحدث اليها , وكان يحاول القيام ببعض الأصلاحات المؤقتة في الجانب الذي ضربته الصخور , صعدت الى ظهر المركب لأستنشاق بعض الهواء ولرؤية الجانب المعطوب , كان كل شيء حولها يخبر عن العاصفة الرهيبة , الأشجار المقلوعة , حشائش البحر التي تملأ الشاطىء , حتى لون الماء المخضّر , أنحنت هيلين لترى جانب المركب , وشعرت بالأسف , أنها غلطتها.
" أجل , أنظري اليه جيدا".
جاء صوته من ورائها.
" أشكري ربك أن الضربة جاءت فوق خط الماء , وألا لكنا الآن على عشرين قدما في القعر".
أحست بفمها يرتجف ويجف ثم سيطرت على نفسها قائلة:
" أذن, لا بأس , أقصد نقدر أن نعود ساعة نشاء؟".
" هل تمزحين؟ لا بد أنك تمزحين".
ونظر اليها يتنيك العينين , كيف خطر ببالها قبل قليل أن له عينين تذيبان الجليد , أنها الجليد نفسه الآن :
" لا نستطيع الذهاب بالمركب أكثر من عشرين قدما قبل أن تغمرنا المياه".
" أوه!".
" أوه!".
قلّدها بتهكم , وأحست بالأحتقار يملأ صوته.
" أذن ماذا نفعل الآن ؟ بمن نتل؟".
نظر اليها بدهشة:
" لا أفهم , لماذا؟".
أنه يصعّب الأشياء , هذا واضح.
" من أجل المساعدة".
" أستطيع أصلاح العطب بنفسي".
قال بنفاذ صبر:
" كم من الوقت يحتاج ذلك؟".
سألت بخوف.
" بضعة أيام".
" غير ممكن , هذا غير ممكن , ليس هنا... ليس معك.....!".
" بلى .... هنا ... ومعي".
ثم قبض على يدها بشدة :
" كيف تجدين ذلك؟".
" لا ... لن أبقى هنا معك".
وسحبت يدها منه.
" حسنا.... يا أختي ... وما الذي تنوين فعله؟".
سأل بروية.
" أستعمل الراديو اللاسلكي , بأمكانك طلب المساعدة و....".

نيو فراولة 02-04-11 08:02 PM

توقفت عندما رأت الأحتقار الذي يملأ نظرته اليها.
" نحن بصحة جيدة , لم يصب أحد منا , هناك الكثير من الطعام هنا وعلى الجزيرة ما يكفي لحياة كاملة , وتظنين أن الطوارىء ستهرع الينا عندما نطلب ذلك؟".
" أستدع بيل أذن".
" بيل , بالطبع سأتصل به , سأخبره أننا سنتأخر بعض الشيء حتى لا يقلق , أراهنك أنه سيكون في مركبه منتظرا أتصالا مني , أن لم نعد حتى العاشرة من هذا المساء , لكن لن أطلب منه المجيء الى هنا , لن أفعل مع أنه أفضل صديق لي على الجزيرة , مركبه صغير وليس بالقوة الكافية التي تمكنه الوصول الى هنا".
أحست هيلين ببعض الراحة , على الأقل بيل سيعرف بالأمر , ستكون الى جانب جيك عندما يتصل به , وربما أستطاعت التحدث اليه بنفسها.
أبتعدت قليلا وبدأت تنظر الى الشاطىء الرملي القريب , ما أجمله , وما أجمل أن تكون هنا مع شخص آخر , شخص تحبه وتحب صحبته , كم سيكون ذلك مختلفا ورائعا , كل تلك الأشجار الغريبة والجميلة , الرمال الذهبية , الشمس الساطعة بعد تلك العاصفة المفاجئة , وتنفست بعمق وأرتياح:
" كيف نصل الى الشاطىء؟".
سألت جيك الذي أخذ يمرّر أصابعه في شعره المبتل :
" هناك قارب من المطاط , سأحضره".
تطلعت هيلين الى ساعتها , كانت الثانية والنصف بعد الظهر , أنها تحس بجوع شديد , سارت نحو الدرجات الخشبية وألتقت جيك حاملا القارب المطاطي.
" هل نستطيع .... أستطيع أن آكل قبل أن نذهب؟".
" أجل , سأقوم بنفخ القارب بينما تحضرين الطعام".
" ماذا تريد أن تأكل؟".
منتديات ليلاس

" أي شيء , فأنا جائع , هيا أسرعي".
يتحدث اليها أحيانا كمن يتحدث الى طفل.
نزلت هيلين الى المطبخ وأخذت تساءل ما تراه يفضّل , من المهم أن تحضّر شيئا يحبه , لا تدري لماذا , ربما للتعويض عن الخطأ الذي أرتكبته , حسنا ستختار الدجاج مع الكاري , معظم الرجال يحبونه , وكم تمنت أن يحبه جيك , وضعته على النار ثم أختارت بعض فاكهة المانغا المعلبة ووضعتها جانبا لتفتحها فيما بعد , ثم سمعت صوتا غريبا خلفها , أستدارت لترى جيك مع ماكنة الحلاقة الكهربائية التي كانت تصدر ذلك الصوت:
" ماذا قلت؟".
سألته:
" كنت أقول لسنا بحاجة الى المانغا المعلبة , سنحضر بعض المانغا الطازجة من الجزيرة , أنها ألذ ما ذقته في حياتك , كنتما حكيمين جدا أنت وببيل حين حشدتما المكان بالأطعمة المعلبة , فمن يدري؟".
لن تدعه يثير غضبها .... لن تدعه.
" صحيح ... قل لي , هل تفضل أن تحلق ذقنك أمام جمهور؟ كنت أظن الحمام المكان المناسب لذلك".
وأدارت ظهرها لتكمل تحضير الطعام.
" أعذريني , لقد أغرتني رائحة الطعام الشهية , معك حق , يجب أن أنتبه لعاداتي القبيحة في الأيام المقبلة , خصوصا ونحن نعيش قريبين من بعضنا كثيرا........".
وبدأ يصفر لنفسه مغلقا باب الحمام خلفه بقوة.
جمدت هيلين في مكانها , لقد قال ما قال لأسكاتها , لكن لن تدعه يعرف الى أي حد يؤثر بها كلامه , تعرف أنها لا تريد البقاء معه وتعرف أنه لا يميل اليها , رفعت يدها الى رأسها , كم يؤلمها , الخوف هو السبب , كانت هيلين خائفة من جيك لوغان , من البقاء وحدها معه في المركب , وحدها معه في عتمة اليل ... أي شيء قد يحدث في العتمة , لكنه لن يعرف , لن يعرف السبب الحقيقي وراء خوفها , السبب الخفيّ الذي لا تقدر أن تخبره لأي كان.
فجأة تبخّر أحساسها بالجوع, وعندما وضعت الطعام على الطاولة , والقليل في صحنها , رأى جيك وجهها الشاحب وسأل:
" ما بك؟".
قالت:
" ألم في رأسي!".
ولم تكن تكذب , كان رأسها يؤلمها لكنه لم يكن المسؤول عن شعورها بالمرض.
" حاولي أن تأكلي , ثم خذي قرصين من الدواء , وعندما سأذهب أنا الى الشاطىء أخلدي الى الراحة".
" لا , أريد أن أرى الجزيرة".
" ترينها غدا".
غدا! وأزداد وجع رأسها , أنه كابوس , لكنه حقيقي , يا الله ماذا ستفعل؟
" هل أستطيع أن أسبح , هل المكان آمن , الجو هنا خانق".
" بالطبع , أن كان ذلك يساعدك".
ألتهم طعامه بسرعة , ثم قام :
" لا تتحركي سأصنع أنا القهوة".
أخذ صحنها معه الى المطبخ , ثم عاد بعد قليل حاملا القهوة وقرصين من الدواء.
" خذي هذين مع القهوة , ولا تسبحي قبل مضي نصف ساعة , لن أزعجك أن كنت نائمة عندما أعود".
" شكرا , ما هذا؟".
" كوديين , لا تنسي , أنتظري قليلا قبل أن تسبحي".
وذهب , لا وداع عنده , لا شيء من المجاملات , عندما يكون لديه ما يقول , يقوله وألا ظلّ صامتا , راقبته هيلين من النافذة وهو يقفز الى قارب المطاط ويجذف نحو الشاطىء , بلعت قهوتها وقرصي الدواء , وأسلقت على السرير.

نيو فراولة 03-04-11 07:42 PM

عندما أستفاقت كانت العتمة تغمر المكان , لبضع لحظات لم تعرف هيلين أين هي , جلست في السرير الضيق ثم فجأة سمعت صوته:
" أستطيع أشعال النور الآن".
ونهض جيك لوغان من السرير المقابل , رأت شبحه في العتمة وغاص قلبها من الخوف:
" النور....أجل من فضلك".
لم تستطع تحمل الفكرة , هي نائمة وهو في الغرفة نفسها , ملأ النور الأصفر المكان وتنفست بأرتياح.
" لم أقصد أن أنام .... ما الوقت الآن؟".
" حوالي السادسة , خسرت أجمل منظر للغروب ترينه في حياتك".
" ولم أسبح أيضا , ظننت أنني سأستريح لبضع دقائق فقط".
" عرفت أنك لم تذهبي للسباحة , تلمست ثوبك عندما دخلت".
" متى تتصل ببيل؟".
سألت محاولة أظهار الهدوء , لكنها كانت خائفة زمنزعجة , لا يجب أن تبقى معه في غرفة واحدة , يجب أن تذهب , لكن الى أين؟
" بعد ساعات قليلة , سأعطيه بعض الوقت ليكتشف أننا لم نعد , عندها أطلبه".
" هل أستطيع رؤية الجزيرة ؟".
" الآن؟".
" أجل".
ستشعر بالراحة أكثر في الخارج , لن تدعه يعرف ذلك .
منتديات ليلاس

" سيكون جميلا التمشي في ضوء القمر".
وأرتعشت لا تريد أعطاءه أية أفكار خاطئة , لكن أي شيء أفضل من بقائها معه في هذه الحجرة.
" بالطبع متى؟ الآن؟ ألا تريدين أن تأكلي أولا؟".
أحست بشيء ما في صوته , بعض الشك ربما , وقالت:
" سأحضر بعض الساندويشات".
بعد نصف ساعة سبقها جيك الى قارب المطاط ثم لحقته وبدأ يجذف بأتجاه الشاطىء , كان القمر كبيرا يضيء عتمة السماء المخملية ساكبا نوره الفضي عليهما.
" أنتبهي , لا تفقدي توازنك على الأرض اليابسة , فقد أعتادت رجلاك على حركة القارب".
لم تصدقه ألا عندما أحست بالأرض اليابسة تحت قدميها , سارا بين الأشجار الكثيفة , أضاء جيك القنديل الذي أحضره معه , فقد حجبت كثافة الأشجار ضوء القمر.
" لا تخشي شيئا سنخرج قريبا من بين هذه الأشجار ولن نحتاج القنديل بعد ذلك ".
بالفعل لم يمض وقت طويل حتى خرجا الى شاطىء جميل تحيط به الصخور السوداء ثم البحر , وقفت هيلين في مكانها مسحورة بالمنظر ولم يعد يهم أن كان جيك عدوا أولا وهمست:
" كم هو جميل , حتى في الليل , ولا أحد يعيش هنا ليراه؟".
" لا , لكن يمكن تغيير ذلك".
وقبل أن تتمكن من سؤاله عن قصد سبقها وما كان عليها ألا الحاق به , كان البحر أسود اللون وثمة بعض الأمواج التي صبغها القمر باللون الفضي, تتحرك وكأنها أشياء حيّة , توقفت هيلين تراقب ذلك وتراءت لها في الماء صور كثيرة , صور أناس يرقصون ويرقصون ثم أختفت الصورة , ناداها جيك:
" ما بك؟".
وأنكسرت الرؤيا المسحورة .
أسرعت خلفه.
" كنت أراقب البحر وأرى فيه صورا".
توقعت أن يضحك , لكنه لم يفعل , نظر أليها بغرابة .
" أحذري من الجنية , هكذا تبدأ ".
" تبدأ ماذا؟".
أحست بالفضول .
" الأسطورة : في الزمان البعيد كانت الجنية العجوز البشعة والشريرة تغار من الفتيات الصغيرات , لذا كانت تغريهن وتسحبهن الى البحر , أحذري , يقولون أنها ما تزال هنا".
بالطبع ليست هذه سوى قصة قديمة ومع ذلك أحست هيلين بجسمها يقشعر وسألته بأي شكل تظهر , فأخبرها أنها تستطيع أن تظهر بالشكل الذي تريده لكنها عادة تجيء كحورية بحر تغني في الليل". وأضاف:
" أن سمعت غناء هذه الليلة فأغلقي أذنيك".
وجدت هيلين في قوله هذا فرصتها فقالت:
" سأنام الليلة على ظهر المركب".
" ماذا؟".
وقف في مكانه مذهولا ثم نظر اليها بأحتقار رهيب:
" لا .... لا... الجو في الحجرة خانق , ثم نمت طويلا بعد الظهر ولا أظنني أستطيع النوم هذه الليلة .... وقد أزعجك".
كان عليها أن تتحاشى أحتقاره بأي طريقة.
" أسمعي جيدا , دعينا ننهي الموضوع مرة واحدة , ألا تظنين أنه يجب أن أميل اليك قبل أن أرغب في مغازلتك ؟ هل تفهمين أم أشرح أكثر؟".
" أفهم جيدا , لكن لن أنام في الحجرة معك , هذا كل شيء , لو كنت أعرف الجزيرة جيدا لنمت هنا , سأنام الليلة على ظهر المركب , لن أقضي الليل في حجرة واحدة معك".
وبدأت تمشي لكنه تقبض على ذراعها بعنف وهو يغلي من الغضب:
" لا تثيري غضبي أكثر من ذلك , تعرفين كم أحاول ضبط أعصابي معك , لكنك تستفزينني بشكل غير معقول".

نيو فراولة 03-04-11 07:43 PM

رفعت وجهها اليه بتحد وأحست بالنار تحرق ذراعها تحت أصابعه:
" وماذا تنوي أن تفعل؟ تضريني؟ بالطبع لا أحد هنا يرى أو يسمع , أعرف جيدا أنك لا ( تميل الي) كما قلت بتهذيب , أكون غبية أن ظننت غير هذا , لكنني لا أستطيع النوم مع أي كان في غرفة واحدة .... ليس الأمر شخصيا أبدا".
" وهل تريدينني أن أصدق ذلك؟".
صرخ بغضب.
" أسمع لقد نعتني بالكذب من قبل , ولن أسمح لك بذلك مرة أخرى".
بدأ غضبها هي أيضا يكبر.
" حقا , وما الذي تنوين فعله ؟ صفعي كما فعلت في السابق , أنصحك أن لا تفعلي , يصعب عليّ كثيرا أن لا أرد الصفعة بأقوى منها".
" أعلم ذلك , وكما قلت فهنا لا أحد يراك ولا أحد يسمع , تريد ضربي أذن؟".
ولمعت عيناها كالنار , ورفعت ذقنها الصغير الى أعلى بكبرياء , لم تكن تعرف كم كانت تبدو جميلة تلك اللحظة في ضوء القمر الغامر شعرها ووجهها الناعم.
لكن جيك رأى ذلك كله وبدأ تنفسه يثقل , وصوته يخفت عندما أجابها:
" لا أقاتل نساء".
منتديات ليلاس

" حقا؟".
وسحبت ذراعها من يده.
" وماذا تظن نفسك تفعل الآن؟".
" أنت بدأت كل شيء , أفكارك السخيفة عن قضاء الليل معي, كم عمرك الآن؟ تتصرفين وكأنك طفلة في الرابعة عشرة من عمرها وقد.....".
وسمع شهقتها , ثم بدأت تركض .... وتركض هاربة منه , جمد جيك في مكانه للحظة ثم لحقها فهي لا تعرف مخاطر الجزيرة.
" هيلين!".
ناداها , لكنها أستمرت في الركض وفي رأسها تطن كلمات قليلة:
" أنه يعرف.... يعرف....".
وصل اليها وأخذها بين ذراعيه , أستدارت ونظرت اليه , لم تره بل رأت ذلك الرجل الآخر... الرجل الذي .... وصرخت:
" أتركني .... أرجوك ... أتركني ...".
وبدأت تدفعه عنها وتضربه على صدره بكلتا يديها وبكل قوتها .... وتنتحب ... ثم سمعت صوت جيك وكأنه آت من مكان بعيد :
" هيلين .... ما بك ... ماذا جرى؟".
وهزّها بعنف ليعيدها الى وعيها.
مددها على الرمال وأحست بيديه تلمسان وجهها , لم يكن غاضبا الآن :
" آسف , هل آلمتك عندما هززتك بشدة , كان عليّ أيقاظك مما كنت فيه؟".
" لا بأس".
وبدأت تستعيد بعض قوتها.
" أريد أن أجلس".
وضع يده خلف ظهرها بلطف وساعدها على الجلوس .
" دعني أقف , أرجوك".
ونظرت اليه , غضبه أختفى , يداه لطيفتان عندما ساعدها على الوقوف.
" آسفة لأنني صرخت , لم يكن ذلك بسببك.....".
قالت شبه هامسة:
" أعرف.... هل نعود الآن؟".
" لا... أريد أن أرى الجزيرة , وأن أشرح لك شيئا".
" لا داعي لأن تشرحي لي أي شيء يا هيلين , سنمشي قليلا لأريك الجزيرة , المكان صغير".
مشيا جنبا الى جنب بصمت لم يكن ثقيلا , أرتعشت قليلا , سألها أن كانت تحس بالبرد وتريد العودة , أجابت بالنفي , ثم وقفت ورفعت وجهها الى السماء , أخبرته أن النجوم تسحرها وتحب هي تأملها كثيرا , وقف الى جانبها صامتا , أرتعشت هيلين ثانية , أحست بشيء ما في الجوار حولها , كل منهما كان يشعر بوجود الآخر الى جانبه , عرفت هيلين ذلك , وعرفته أكثر عندما أبتعد عنها فجأة وقال :
" الأفضل أن نعود الآن , ستصابين بالزكام".
" نعم".
ترى هل أحس هو بذلك الجو المتوتر , أمن أجل ذلك أستطاعت أن تسمع صوت تنفسه بذلك الوضوح؟ ومد يديه الى جيوبه قائلا:
" سأدخن سيكارة , هل تريدين واحدة؟".
شكرته فهي لم تأكل ألا القليل ذلك النهار , أشعل جيك سيكارة , وللحظة رأت وجهه يغمره النور وجها قويا... ورأت فيه ما لم تكن تريد أن ترى ... رأت فيه لطفا وحنانا....

نيو فراولة 03-04-11 07:45 PM

تابعا السير وجيك يرفس الأشياء بقدميه , باحثا عن قطعة خشب يحتاجها لأصلاح المركب.
" سيكون الأمر أسهل في النهار ... غدا أساعدك بالبحث".
قالت هيلين:
" معك حق , ثم يجب أن نعود لنتصل ببيل , لا بد أن باله بدأ ينشغل الآن".
" مسكين بيل , كم أنا آسفة بالنسبة....".
بدأت تتكلم ولم يدعها جيك تكمل ووضع يده بلطف على ذراعها.
" لا تقولي ذلك , أنا الذي ألقى اللوم عليك , جعلتك تظنين أن ما حدث كان بسببك , كان ذلك سيحدث في أي حال.... فقد فقدت السيطرة على المقود للحظة , لم تكوني أنت السبب كان هناك شيء آخر....".
منتديات ليلاس

" وجعلتني أظن...".
توقفت وهي تشعر بمزيج من الراحة والغضب.
"... كنت غاضبا , أذا كنت تريدين الأنتقام .... فهيا...".
لم تصدق أن الواقف أمامها هو جيك لوغان بنفسه.
" لا بأس , لقد عذبني الشعور بالذنب , أنا مسرورة جدا لأنك أخبرتني ذلك".
وبدأت ترتعش من جديد.
" هيا , يجب أن نعود الآن , أعرف طريقا مختصرة , أتبعني".
وصلا الى المركب , طلب منها جيك أن تجلس وترتاح بينما كان هو يحضر شرابا ساخنا , وبالفعل أحست بالراحة بعد أن أبتلعت كوبين من الشاي المنعش , قال جيك وهو ينظر اليها بلطف:
" هذا أفضل , لقد عاد اللون الى وجهك الآن , سأحاول الأتصال ببيل , يمكنك الصعود بعد أن ترتاحي قليلا أن كنت تنوين التحدث اليه , وبالمناسبة سأنام أنا على ظهر المركب , نامي نت هنا وبأمكانك أقفال الباب , لكن أذا أمطرت فسأقرع عليك حتى تفتحي , مفهوم؟".
" أنا سأنام فوق , أرجوك".
قالت بصعوبة , رفض بحزم , حاولت أن تشرح له سبب خوفها من النوم في غرفة واحدة مع رجل , لم يبد أي أهتمام , لم يرد أن يعرف , لكنها أصرت وأخبرته بسرعة عن أحد أزواج أمها الذي حاول التعرض لها ذات ليلة وهي ما تزال في الرابعة عشرة من عمرها , وضع جيك ذراعه حول كتفيها فقد كانت ترتجف وهي تخبره بالقصة:
" لا بأس , كل شيء أنتهى الآن , لا تخافي , أنت في مأمن معي , لن أؤذيك , هيا أكملي شرابك".
قال هذا وأبتعد مسرعا , هكذا فجأة يتحول من شخص حنون ودافىء الى شخص لا يبالي بشيء , يا ألهي لا تقدر هيلين أن تفهم هذا التحول السريع , لا بد أنه تذكر ما فعل بسيرينا المسكينة , وشعرت هيلين بالغثيان , شعرت بالقشعريرة , أي نوع من الرجال هو ؟ هل ستعرفه على حقيقته يوما ؟ لم تكن متأكدة أنها تريد ذلك.
لحقت به الى فوق حيث كان يدير رقما ما , وسمعت صوتا ضعيفا من الطرف الآخر , لا بد أنه بيل , أخبره جيك بما حصل وسأله أن كان يريد التحدث اى هيلين , ثم أستدار اليها وسألها , رأت هيلين في وجهه عدم رغبته في ذلك , فأجابت بالنفي , أنتهت المكالمة ومرّت لحظات صمت صعبة , أنكسرت حدتها عندما تحرك جيك قائلا أنه سيحضر فراشه الى ظهر المركب ثم يأكلان شيئا خفيفا قبل أن يأويا الى النوم , وهكذا كان .
حمل جيك فراشه وغطاءه وصعد الى السطح , نادته هيلين من أسفل قائلة أنها لن تقفل الباب فقد تمطر السماء....

نيو فراولة 03-04-11 07:46 PM

6- لا أقاتل رجالا


أفاقت هيلين من نومها غندما سمعت صوتا غريبا ونظرت من النافذة لترى المطر يهطل بغزارة , المطر! وجيك ينام في الخارج ! جلست بسرعة , يجب أن تناديه , لا بد أنه يقطر ماء الآن , وفي اللحظة التي مدت يدها الى ثيابها سمعت حركة في السرير المقابل , نظرت لتراه ملتفا بالغطاء ومكوما على السرير.
" لا بأس , صحوت قبل أن تمطر بلحظات , ونزلت الى هنا".
فجأة أنتبهت هيلين أنها في ثيابها الداخلية فقط , سحبت الغطاء بسرعة الى أعلى عنقها.
" أوه , كنت على وشك منااتك".
" تخيلت ذلك , هيا عودي الى النوم , لا تزعجي نفسك ".
" ما الوقت الآن؟".
" حوالي الثالثة صباحا , قد ترعد الآن , هل يخيفك ذلك؟".
أجابته بالنفي وأستأنفت النوم , عندما أستفاقت ثانية كانت الشمس مشرقة وكأن الطقس لم يمطر في الليل وجيك ما زال مستغرقا في النوم , سحبت هيلين المايوه وثيابها من جانبها وعيناها عليه كل الوقت خوفا من أن يستيقظ ويرى عريها , كان وجهه هادئا لا قوة فيه , قامت من فراشها وذهبت بأتجاه الحمام , وقفت قربه لحظة تتأمل وجهه , رموشه الطويلة وكأنها رموش أمرأة , وجهه الأسمر الجميل , كم كان كاملا في النوم.
رغبة مجنونة في لمس وجهه , لا لن تفعل , أسرعت الى الحمام هاربة منه ومن أفكارها.
كانت الساعة السابعة , أرادت هيلين أن تسبح قليلا , وقبل أن تذهب غسلت الثياب التي كانت تلبسها في الأمس وسارت بهدوء بأتجاه السطح.
" أين تذهبين؟".
فاجأها صوته , أخبرته.
" هكذا دون أن أعلم ؟ ماذا لو حصل لك شيء ؟ ".
كم تكره هيلين أن يكلمها كما يكلم طفلة عنيدة.
" لن أبتعد كثيرا ".
وصعدت مسرعة.
كان الماء منعشا لا باردا ولا دافئا , سبحت هيلين نصف ساعة ثم عادت شاعرة بالجوع , وجدته جالسا يأكل ويشرب القهوة , دخلت الحمام الصغير وحاولت أن تجفف جسمها والمايوه , ليس لديها ثياب غير ثيابها المبلولة , ستبقى في المايوه حتى تجف , ذهبت الى المطبخ حضرت لنفسها شيئا لتأكل وقهوة وأتت لتجلس مع جيك.
" في المايوه؟".
قال بعنف , فأخبرته أن ثيابها تجف على السطح.
قام الى خزانة في الممر وأحضر لها بعضا من ثيابه التي أخبرها أنه يحتفظ بها للطوارىء , خج الى السطح تاركا لها المجال لتخلع المايوه المبتل , عندما أنتهت هيلين من ذلك نادته ليعود .
" شكرا سيد لوغان".
قالت بأدب:
" أعتقد أنه بأمكانك مناداتي جيك ؟ لم ينادني أحد سيد لوغان منذ ثماني سنوات , وذلم يثير عندي ذكريات لا أحبها".
" حسنا.........".
قالت هيلين , هكذا أذن ليس لأنه يريد أن نكون أصدقاء بل لأن ذلك يثير عنده ذكريات مزعجة , ترى أي ذكريات تلك , بالطبع لن تجرؤ على السؤال وألا أثارت غضبه و هي في غنى عن ذلك , مع أن السؤال يعذبها.
" سنعود الى الشاطىء الآن".
ثم قام وأحضر كيسا كبيرا حمله تحت أبطه , ثانية أرادت هيلين أن تسأل , وثانية لم تفعل , فقد عاد ذلك الجو المشحون بينهما , ذلك التوتر الغريب , ستحاول أن تحافظ على هدوء أعصابها , ذلك أسلم معه , قامت مسرعة وأخذت الصحون والفناجين الى المطبخ , لن تغسلها الآن , لا يجب أن تدعه ينتظر فهو يكره ذلك.
عندما وصلا الشاطىء حذرها جيك من المشي حافية القدمين , فكما قال هناك نوع من العناكب الكبيرة السامة وعدا ذلك فهي في مأمن من كل شيء:
"ألا منك".
قالت هيلين لنفسها .
" أنا ذاهب لقطف بعض الفاكهة , أتأتين معي؟".
" لا شكرا , أريد التجول في الجزيرة وأكتشافها".
وسارت بالأتجاه الآخر.
" متّعي نفسك".
وأختفى بين الأشجار بعد أن نظر اليها من أعلى الى أسفل .
كم يكون بشعا أحيانا , لماذا؟ لماذا؟ مع أن بأستطاعته أن يكون لطيفا وساحرا , أما الآن فما هو ألا وحش , الأفضل أن تبتعد عنه.
وجدت هيلين صخرة كبيرة مسطحة تطل على البحر , جلست عليها وأخذت تطلع الى البحر وتحلم , أذن والدها كان هنا , ترى أمن أجل هذا كره لوغان أن يرافقها , ربما , وربما لأنه يضيع وقته معها , ترى كيف تكون الأشياء لو كانت برفقة بيل على الجزيرة , ستكون الأشياء أجمل , سيضحكان معا , يقطفان الفاكهة معا , أما مع هذا الجيك لوغان!
وقامت هيلين من مكانها وأخذت تمشي بدون هدف , مرت من المكان الذي سارا عليه الليلة الفائتة , تذكرت ذراعه القوية الدافئة حول كتفيها , كم أراحها ذلك وكم تمتعت به , ترى هل تتمتع سيرينا عندما يضمها هكذا , أندفع الدم الى رأسها لمجرد التفكير بذلك وحاولت أبعاد الفكرة.

نيو فراولة 03-04-11 07:48 PM

بعد قليل خرجت من بين الأشجار الكثيفة الى منظر جعلها تشهق , يا ألهي ما هذا الجمال! منطقة واسعة يملأها العشب الكثيف وكل أنواع وألوان الأزهار , في نهايتها جدار صخري , تنساب فوقه مياه نبع.... أيكون هذا سرابا؟ مياه النبع تنزل من بين الصخور لترتاح في حوض طبيعي في حوض طبيعي من الحجر , والأزهار التي تحيط به من كل جانب , الأزهار الغريبة الملونة , جمدت هيلين في مكانها وأحست بالدموع في عينيها , رباه ما أجمل هذا كله , لو كان لها بيت هنا لعاشت بسعادة الى الأبد , جمدت , لم ترد أن تتحرك خوفا من أن يختفي كل ذلك السحر.
سارت ببطء نحو النبع , وضعت وجهها في مياهه الباردة وشربت , كم كانت محظوظة حين أتت الى هنا وحدها , أي شخص آخر كان سيشوه أكتشافها هذا , خاصة هو , أخذت تحلم ببيت هنا , كادت ترى حجارته البيضاء وسقفه الأحمر , كادت ترى بابه المفتوح.
" وجدته أذن".
كان ذلك صوت جيك لوغان بقامته الطويلة المعتدة , يحمل كيسه المليء وينظر اليها.
قالت , كم أرادت لو تخبره عن أحلامها ببناء بيت هنا , عن روعة المكان وسحره , لكن لن تفعل , لن تخبره هو أبدا , قامت من مكانها معربة عن رغبتها في العودة , تركته يسير أمامها فهو يعرف الطريق , عندما وصلا داخل القارب أخرج من الكيس أشكالا غريبة من الفاكهة .... أشكالا وألوانا لم ترها في حياتها من قبل , أحضر جيك سكينا وقشر لها أحداها , كان ألذ مانغا ذاقتها في حياتها.
بعد ذلك أخبرها برغبته في البدء بالعمل, عرضت عليه المساعدة , فنظر اليها نظرة فاحصة من أعلى الى أسفل قائلا:
" أنت؟".
منتديات ليلاس

أغضبها ذلك:
"أنا قوية كثيرا , سترى".
ولحقت به الى الخارج , بدأ ينشر الجذع الذي وجده على الجزيرة , كان للمنشار قبضتان , أحداهما كانت من نصيبها , لم يمض وقت طويل حتى بدأ العرق يتصبب فوق جبينها , وبدأت ذراعها تؤلمها , لن تدعه يعرف , ستستمر بالعمل , لن تتحمل نظرته المتهكمة , كم تكره تلك النظرة , مع كل ذلك هناك حرارة الشمس , والوجع في أصابعها , وبدأت هيلين تفقد توازنها:
" ما بك؟ هل تعبت؟".
" لا... أبدا فقط أعدل وقفتي".
ما العمل , أنه قوي ومعتاد على ذلك , أما هي , وبدأت قدماها تخذلانها .
" هيا , أجلسي عملت ما فيه الكفاية".
قلت :
" عطشانة فقط".
" أنا أيضا , النبع قريب من هنا , العمل ينتظر , هيا".
وسبقها الى النبع , شرب وغسل وجهه وذراعيه ثم أستدار عائدا:
" النبع كله لك..... خذي وقتك".
شربت هيلين الماء البارد بنهم , رشت وجهها وشعرها وذراعيها , كان الألم يسري في جسدها كله , لم تستطع الوقوف. جلست بضع دقائق , ثم تحاملت على نفسها وعادت اليه.
" لن تعملي أكثر , أخذت كفايتك".
قال بحزم , حاولت الأحتجاج لكنه رفض بأصرار , جلست تراقبه , ما أوسمه , كم هو متقن عمله , لم تتوقف عن مراقبته الى أن قال :
" يكفي هذا الآن , هل بأمكانك حمل بعض بعض القطع الى المركب؟".
" بالطبع".
قالت وأخذت ثلاثة قطع , كم هي ثقيلة!
كانت تريد أن تسأله كم من الوقت يستغرق أصلاح القارب , لكنها لم تجرؤ , ربما أستطاعت معرفة ذلك هذه الليلة عندما يكمل بيل عبر اللاسلكي , فجأة وبدون أي سبب واضح أحست بتعاسة كبيرة تملأها.
بعد أن وصلا المركب أخبرها أنه ذاهب يتصيّد السمك للعشاء , وأنه بأمكانها غسل الصحون في غيابه , ثم أختفى.
" هكذا أذن!".
قالت هيلين لنفسها بصوت مسموع:
" سأذهب لأحضر الطعام – أغسلي الصحون أنت , أنا طرزان وأنت جين".
وأبتسمت بمرارة , فجأة طافت برأسها فكرة غريبة , ماذا لو أضطرا للبقاء هنا مدى الحياة؟ بالطبع لن يحدث ذلك , أن حدث سيكون هو المسؤول وسيوفر لهما كل شيء , أنه قادر ومحنك , لن يجوعا ولن يعطشا , لكن هل سيتغير , هل سيصبح أكثر أنسانية ؟ أمر صعب عليه بدون شك.
بدأت هيلين تغسل الصحون وتفكر , لو يتغير كل شيء سيتغير , ألم تره في لحظات أنسانيته؟ كم يكون رقيقا وجذابا , عندما يرغب في ذلك , لكنه لا يرغب .... ليس معها... أبدا.
" كم أكرهك".
قالت بصوت مسموع وهي تغسل القدح الذي شرب منه القهوة.
" أكرهك".
وضغطت بكل قوتها على القدح حتى كادت تكسره وحتى آلمتها يدها , كانت تعرف أن ما قالته ليس صحيحا تماما .

نيو فراولة 03-04-11 07:50 PM

عاد جيك سريعا مع سمكة بيضاء كبيرة , غسلها وبدأ يشويها , حضرت هيلين الصحون بمرارة , ترى هل يعود الى العمل بعد أن يأكل , لا تستطيع أن تسأله , عليها أن تنتظر , ها , أنه الشيء الوحيد الذي يمكنها فعله معه , الأنتظار , أنتظار ما يقول , وما يفعل , وما يطلب , زمت شفتيها وشعور بالقهر والغضب يملأها ويظهر على وجهها.
لمحها جيك في تلك الحظة ورأى التعبير المر على وجها , أستفسر:
" ما الأمر؟".
أجابت بتحد.
" لا شيء ".نظر اليها بحدة:
"لا شيء.... ها؟ هيا.... أوضحي الآن".
أدارت هيلين ظهرها وذهبت الى المطبخ , لحق بها مثل لمح البصر , أمسك بها من كتفيها وأدار وجهها نحوه.
" لا تتركي المكان وأنا أتحدث اليك يا آنسة".
كم كان صعبا عليها أن تضبط أعصابها , كم أرادت لو تصفه , لكن لا لن تنزل الى مستواه.
حملقت به بجرأة :
" عدم المؤاخذة , نسيت أنك أنت الذي كان يتحدث الي".
السخرية في صوتها أشعلت غضبه وبدأ غضبه على قبضتيه بشدة ويصر بأسنانه.
نظرا الى قبضته وقالت:
" تريد أن تقاتل , آسفة ... لا أقاتل رجالا.......".
وأدارت له ظهرها .
أمسك بها بعنف وأدارها نحوه.
" كم أنت وقحة".
" حقا؟".
منتديات ليلاس

أجابت , وكانت قبضته تؤلم ذراعيها المتعبتين , أمتلأت عيناها بالدموع , لا , لن تبكي , لن تبكي أمام هذا الوحش , ولن تقاوم أيضا , تقلص وجهها بشدة وأرخى قبضته عن ذراعيها , أحست هيلين تلك اللحظة أن توتره لا يقل عما تشعر هي به , أحست أن شيئا ما سيحدث .... شيئا رهيبا.
تحرك نحوها , وكلمح البصر أخذها بين ذراعيه , حاولت أن تقاوم في البداية ثم أستسلمت , توقف الزمن وجمدالعالم في مكانه , تركها فجأة وعلى وجهه تعبير مخيف لم تره من قبل , ثم أستدار وترك المركب.
كانت هيلين تجلس على حافة السرير عندما عاد , لم ترفع عينيها عن لمجلة التي كانت تقرأها , تحاشت النظر اليه لئلا يرى الدموع في عينيها , علامات أظافره لا زالت ظاهرة على ذراعيها , تؤلمها , لن تزعج نفسها بأمر الطعام , ليتدبر هو مجلة برتغالية لن تفهم منها شيئا , لا بأس بأمكانها التفرج على الصور , أختفى جيك في المطبخ ثم عاد بعد قليل وقال:
" الغداء جاهز".
لم تكن هيلين تشعر بالجوع , لكن يجب أن تأكل كي تحافظ على قوتها التي بدأت تخونها , لم تكن غاضبة أو مقهورة , فقط منهكة لن تجادله بعد اليوم , فقط ستطيع أوامره , ذلك أسهل , حاولت أن تأكل , لم تقدر , أخذت صحنها الى المطبخ وبدأت تعد القهوة.
" أجلسي أنت , سأعد أنا القهوة".
عادت الى مكانها , جاء هو بعد قليل بقدحي قهوة , نظر اليها قائلا:
" سيكارة".
أجابت بالقبول وأشعلها لها ثم قال:
" هل تنتظرين مني الأعتذار لما حصل؟".
" لا".
أجابت بأستغراب فلم تتوقع أن يثير الموضوع.
" حسنا , لم أكن أنوي ذلك , لكن ما هذا على ذراعيك ؟ لم أكن أعلم أنني فعلت بك ذلك , لم لم توقفيني ؟".
" وهل كنت بحالة تسمح لي بذلك؟".
" أنا آسف".
" لا بأس , فذراعي تؤلمني أصلا , لست متعودة على نشر الخشب".
" لماذا لم تقولي ذلك منذ البداية؟".
" أردت المساعدة".
أجابت ببساطة وأضافت:
" ثم خفت أن تسخر مني أن لم أفعل".
قالت ذلك وشفتاها ترتجفان.
" يا ألهي , أنك ترتجفين كورقة يابسة , قولي أتخافين مني؟".
" أجل , أخافك , لهذا قررت أن لا أجادلك , بل أفعل كل ما تطلبه مني , أنت لا تعرف مدى قوتك".
لم يعبر وجه جيك على شيء للحظة ثم قال:
" أتريدينني أن أصدقك ؟ أنت لا يخيفك شيء".
هكذا أذن يظنها تمثل , كيف تقنعه بصحة ما يقول , لا لن تحاول , ولا يهمها أن تحاول , أنها متعبة ... متعبة.
عندما أوت هيلين الى فراشها تلك الليلة كانت في رأسها صور كثيرة عن أحداث ذلك النهار , أستعادت تفاصيله كلها خصوصا المحادثة التي جرت بين جيك وبيل في المساء , معظم الحديث عن المركب وأصلاحه لم تفهم منه شيئا , أنه لن يستطيع العودة قبل يوم الأثنين أو حتى الثلاثاء , ثلاثة أيام أخرى مع جيك على الجزيرة! هذا لا يحتمل! تذكرت أيضا كيف سألها جيك بعد أنتهاء المكالمة :
" حسنا لقد سمعت , هل لديك ما تقولينه؟".
أجابت :
" لا , أنت المسؤول هنا ".
قال بهزء:
" لم أكن أظنك لاحظت ذلك".

نيو فراولة 03-04-11 08:25 PM

ثم بعد لحظة صمت قال:
" بيل يقترح أن نسحب المركب الى الشاطىء لأصلاحه هناك".
" هل ستفعل؟".
" لو أضمن سهولة أعادته الى الماء لفعلت".
" وهل يكون أصلاحه أسهل على الشاطىء؟".
سألت أي شيء , أي شيء فقط لتعود من هذا المكان بأسرع ما يمكن , أجابها:
" أجل".
" هل أستطيع أن أفعل شيئا".
سألت بحماس:
" تساعدينني في دفعها".
" سأفعل .... سأفعل".
" كم أنت متشوقة لمغادرة هذا المكان؟".
" وأنت؟".
لم يجب بل أخذ يبحث في جيوبه عن سيكارة:
" أتريدين واحدة؟".
" لا , لم يبق معك الكثير".
" لا يهم عندما تنفذ السكائر , لا أدخن".
بالطبع ربما لن يشعر بالرغبة في التدخين أيضا , لا يهمه شيء.
" حسنا , سآخذ واحدة".
لم يكن سيئا حينذاك , أشعل لها السيكارة بتهذيب , وراحا يتحدثان عن المركب وكيفية دفعه الى الشاطىء , كان الحديث ممتعا وكان هو لطيفا , غريب أمره , رغم كل وقاحته وخشونته لديه جانب متحضر , ترى من أين جاء ؟ كيف كانت طفولته؟ من يكون هذا الرجل؟
أفكار كثيرة شغلت بال هيلين الى أن أستغرقت في النوم .
أستفاقت صباح اليوم التالي على أحساس رهيب , ظنت أنها لن تستطيع الحركة بعد اليوم , رباه ما هذا , أهو مرض أستوائي , ذراعاها , رجلاها , ظهرها , جسمها كله ينبض بالألم , جسمها كله كأوتاد مشدودة , ثم تذكرت , أنه نشر الخشب في اليوم الفائت.
منتديات ليلاس

حاولت أن تجلس بدون فائدة , عضلاتها كلها متصلبة ويابسة , بدأت تضحك وتبكي , تضحك لغبائها الذي أوصلها الى هذه الحال وتبكي من الألم .
دخل جيك تلك اللحظة :
" ما بك ؟ رأيتك من النافذة".
" لا أستطيع أن أتحرك , ساعدني أرجوك".
أقترب منها , أسند ظهرها بيده وساعدها على الجلوس .
" لا أصدق أن أحدا يوصل نفسه بغباء كهذا الى هذه الحال".
" شكرا لعطفك , لكنني لم أكن أعرف أن هذا سيحصل , أم تظنني عرفت؟".
" هيا.... يجب أن نفعل شيئا وألا ستسوء حالتك".
" وماذا يمكن أن نفعل؟".
" سأحضر بعض المرهم وأدلكك به".
" لماذا لم تقترح ذلك ليلة أمس ؟".
صرخت بغضب.
" وهل كنت أعرف , لم تقولي شيئا , هل أنا قارىء أفكار؟".
" حسنا".
لم تكن هيلين قادرة على الجدال .
" هل تتكرم بأحضار المرهم لأدلك جسمي؟".
" أنت تفعلين ذلك ؟ كيف وأنت لا تقوين على الحركة ؟ ها؟".
" لا تشغل بالك , سأتدبر أمري".
" لا تكوني غبية , أنا سأفعل ذلك".
" لن تفعل".
أختفى لحظة في المطبخ ثم عاد بزجاجة مليئة بمرهم أصفر.
" أعطني أياه من فضلك".
قالت محاولة مد يدها .
" هيا خذيه ".
قال هذا مادا يده بالزجاجة بعيدا عن متناول يدها.
" أيها الوحش , تبعده عن قصد".
" أنتبهي لألفاظك أيتها الآنسة , غريب أن تستعمل آنسة مهذبة ألفاظا كهذه , لم أقصد أغاظتك , فقد أردت أن أبرهن لك أنك لن تستطيعي تحريك يديك ولا وضع المرهم على جسدك , هيا أديري ظهرك وأرفعي القميص".
تنفست بصعوبة :
" لا , أرجوك".
" أسمعي يا أمرأة , أتظنين أن لي غاية في ذلك , لا تكوني حمقاء هيا أديري ظهرك".
وضع الزجاجة على الطاولة وحمل هيلين كما يحمل طفلا , مدها على السرير وبدأ يدلك جسمها بالدواء.
أخفت هيلين وجهها تحت الوسادة وعضت شفتيها , كانت لمساته سحرية , قوية ولطيفة في الوقت ذاته , كم أحبت ذلك , لكن لن تدعه يعرف.
" أتشعرين بتحسن؟".
" أجل شكرا".
" حسنا أستريحي قليلا بينما أحلق ذقني ثم نتناول الفطور".
قال هذا وأختفى عن نظرها مغلقا باب الحمام خلفه.
حاولت هيلين مغادرة السرير , ووجدت أن الألم قد خف كثيرا , أنزلت قدميها وجلست على الحافة في اللحظة التي فتح فيها جيك باب الحمام , ألتقت عيناه بعينيها للحظة دافئة جعلت موجة عارمة من العاطفة الحارة تملأ قلب هيلين , سألها:
" أحسن؟".
" نعم , شكرا يا جيك , سأحضر الفطور".
ذهبت الى المطبخ وأبتسامة ذات معنى تعلو وجهها , أبتسامة أمرأة تعرف تأثيرها على الرجل الواقف أمامها.

نيو فراولة 04-04-11 02:56 PM

7- الحقيقة

كان نهار الأحد حارا جدا , العرق يقطر من جسم جيك ووجهه , وهو يعمل جاهدا لحفر الرمال القريبة من الشاطىء وجعلها مستوية بعض الشيء كي يتمكن من دفع المركب اليها , تمنت هيلين لو يتوقف , لكن لم تجرؤ , وجلست تراقبه , بعد قليل مدت يدها ولمست ذراعه بلطف , نظر اليها وهو يمسح العرق عن عينيه فقالت:
" سأحضر لك بعض الماء البارد من النبع , أو هل تريد قهوة؟".
" ماذا؟ ألا تريدين أن أنتهي من العمل بسرعة لتعودي؟".
منتديات ليلاس

" لكنك......".
" لكنني ماذا ؟".
قال بنفاد صبر.
" لكنك ترهق نفسك وقد تمرض".
" آه.... مثلك البارحة ... سيكون ذلك جميلا يعطيك الفرصة لتدلكيني!".
عبثا الكلام معه , مزاجه جاف وغريب اليوم , تركته هيلين وسارت بأتجاه النبع , , أنه مكانها السري الجميل , لن يعرف أحد ولا حتى هو تأثيره السحري عليها , لن يعرف أحد شيئا عن بيتها الجميل الذي تراه كلما جلست قرب النبع , نوافذه مفتوحة ليدخل صوت الماء ورائحة الزهور , جلست هيلين تحلم لآخر مرة فقد عرفت أنها لن تعود الى هنا , ليس هذا مكانها , أنه مكانه هو , عليها الهرب من المكان ومن الرجل , هذا الرجل الذي يشكل تهديدا لحياتها التي رتبتها كما أرادت , وتهديدا للجدار الذي بنته حول عواطفها وأحاسيسها.
عادت بالماء الى جيك , وشعرت بالراحة فقد أنتهى العمل تقريبا , لكن كعادته أفسد كل شيء.
" سنأكل ثم نخرج الأشياء من المركب".
" الأشياء؟ أية أشياء؟".
" الفراش , وأين تظنين أننا سننام الليلة".
" ليس في المركب؟".
" لا يا آنستي , عندما ندفع المركب الى الشاطىء لن يكون مستويا أبدا , ولن نتمكن من قضاء ليلة مريحة في داخله".
" أذن ننام على الشاطىء".
" هل لديك مكان أفضل يا آنسة ؟ لا تخشي شيئا , أؤكد لك أنك ستكونين في مأمن على الشاطىء , كما كنت في مأمن داخل المركب".
" لكن العناك التي حذرتني منها".
" أنها لا تأتي الى هنا , لا تحب الرمال".
" وأن أمطرت؟".
" أيتها البلهاء , عندها نلتجىء الى داخل المركب , سنتدبر الأمر".
لم يعجبها وصفه لا بالبلهاء , لكن لا وقت للجدال , ثم ربما كانت غبية بعض الشيء , بالطبع لن يحاول أيذاءها , كان هذا ما يزعجها.
" ليتني لم أجيء الى هنا".
" حقا؟ للأسف فات الأوان".
أحست هيلين أن الجو بدأ يتوتر , ذهبت تحضر الطعام , على الأقل ستبتعد عنه ولو قليلا , كم كانت رغبتها في رؤية هذه الجزيرة قوية , وجدتها أجمل بكثير مما توقعت , لكن هذا كل شيء , يجب أن ترحل الآن , المكان ليس مكانها , أنها واثقة من هذا كما هي واثقة من رغبة جيك لوغان في رحيلها السريع.
لا بأس , ربما كان من النوع الذي يحصل على كل ما يريد , لكن لن تدعه يعرف , ليس الآن على الأقل , كان الخال فيليب مخطئا , ربما كان عليها ألا تأتي.
تناولا الطعام على ظهر المركب , كان الطقس جميلا , طلب منها جيك أن تستعد وتتمسك جيدا لأنه سيدير المركب بأقصى سرعة لدفعه الى الشاطىء , وهكذا كان.
بدأ جيك بالعمل ثانية , وطلب منها الأبتعاد لأنه كما قال يفضل العمل وحيدا , أنزعجت هيلين من لهجته لكنها لم تكن ترغب في الجدال , ليس وهو بهذه الحالة العصبية , أبتعدت عنه وشغلت نفسها بترتيب الفراش الذي رماه عن ظهر المركب , ثم جلست وأخذت تراقبه يعمل.
غلبها النوم وبعد وقت قصير أستفاقت لتسمع جيك يقول:
" أتريدين رؤية غروب الشمس بعد عشر دقائق؟ ستكون آخر فرصة لك , أنتهيت من أصلاح المركب... تقريبا".
" حقا؟".
وقفزت واقفة:
" عظيم".
" أذن , نعود غدا".
" أجل عندما نستيقظ".
ونظر اليها بطريقة جعلت قلبها يخفق بعنف , ولتغيير الموضوع قالت بسرعة:
" سأحضر الطعام , ماذا نأكل؟.
" سأصطاد سمكة ونشويها".
بسرعة وقبل أن تتحرك هيلين خلع السروال القصير , فقد كان يلبس المايوه تحته, وركض بأتجاه الماء , راقبته هيلين يذهب , مشاعرها مضطربة , شعره الأسود , ظهره الرائع , كتفاه العريضتان , عضلاته القوية , ما أوسمه!
غطس جيك في الماء وسارت هيلين تبحث عن مكان مناسب تراقب منه غروب الشمس الذي يقال أنه رائع جدا في هذه البلاد , من الواضح طبعا أن جيك لا يريد مشاهدته معها , ربما لم يكن يريد مشاركتها تجربة رومانسية كهذه, ولم تتوقع شيئا كهذا وهو لا يستسيغ صحبتها؟

نيو فراولة 04-04-11 03:23 PM

وجدت هيلين المكان الذي أرادته , كانت الشمس معلقة فوق الأفق , بضعة أقدام فقط , كرة حمراء مضيئة وسط زرقة السماء الصافية , أقتربت هيلين أكثر من البحر وشعرت بالأمواج تتكسر على قدميها , أخذت الشمس تقترب من خط الأفق أكثر وأكثر ويزيد لمعانها , خيوط ذهبية وأرجوانية ملأت الفضاء وكأنها تشعله بنبرة تحد أخيرة.
سرت القشعريرة في جسم هيلين , ما أجمل الذي في نهاية النهار , ثم أستدارت لتجد جيك يقف قريبا , أظلمت السماء فجأة , أرتعشت هيلين , شبح جيك في العتمة طويل وقوي وها هو يمشي نحوها.
" هل كان كما تصورته؟".
منتديات ليلاس

كان صوته دافئا هذه المرة.
" أجل , هل أصطدت سمكة؟".
لا ضرورة لمناقشة جمال الغروب معه.... رد بالأيجاب , وسارا بأتجاه المركب , كانت هيلين تتنفس بصعوبة , لا لأنها تسير بسرعة , لكن الجو حولها كان مثقلا , شعورها بوجود هذا الرجل القوي الجذاب الى جانبها , وعيها المفاجىء الى وجودها هنا على الجزيرة المنقطعة عن العالم وحدها ... معه , أه ما هذه الأفكار , أنها العتمة بدوك شك , لم تكن تعرف بعد , لكن قلبها كان يخفق بعنف , بينما كانا ينزلان درج المركب لمست ذراعه ذراع هيلين , فأبعدها بسرعة , أذن هو أيضا يشعر بالجو المتوتر.
كانت الحركة في داخل المركب صعبة فقد كان مائلا قليلا , تدبرت هيلين أمرها ووصلت الى المطبخ , سمعت جيك خلفها يضحك ويقول:
" أنه أسوأ مما تصورت , هل بأمكانك الوصول الى الخزانة وأحضار الصحون , أم أفعل أنا ذلك؟".
" بأمكاني , أين السمكة؟".
كي يدخل جيك الى المطبخ كان على هيلين أن تلتصق بالحائط لتفسح له المجال , ودون أن يعرف أحدهما كيف حصل ذلك , كان الأثنان على الأرض كومة واحدة , أحست هيلين به ملتصقا بها , ثقيلا ودافئا , شعرت بالخوف , حاولت جهدها أن تدفعه عنها:
" أنتظري قليلا".
قال ضاحكا.
" دعيني أجد قدمي أولا , لا بد أنها تحت ظهرك".
أخيرا أستطاع جيك أن يقف ويساعد هيلين.
" هل بأمكانك حفظ توازنك الآن؟".
سألها لكنه لم يبعد ذراعيه عن خصرها حتى أوصلها الى المقعد.
" أبقي جالسة , على الأقل تكونين في مأمن من السقوط هنا".
كان يلهث.
أحضر هو اطعام ثم القهوة , بعد ذلك تكلم مع بيل عبر الراديو , بدا منزعجا قليلا لكن هيلين لم تعرف السبب لأنها لم تسمع ما دار بينهما , نزلا الى الشاطىء فقد أراد جيك أن ينام باكرا ليبدأ رحلة العودة مع طلوع الفجر.
" أن لم يكن بأستطاعتك النوم الآن , أمشي قليلا فذلك يساعد".
قال بصوت منخفض ثم أضاف بعد أن رأى الفراش على الأرض:
"من الأفضل أن أبعد فراشي قليلا , قيل لي أنني أتحرك كثيرا وأنا نائم , لا أريدك أن تغسري الأمور خطأ".
كانت السخرية واضحة في لهجته , أحست هيلين بالغضب لكنها أجابت بهدوء:
" وضعت الفراش هنا فقط لأبعده عن الماء , تعرف أنني لا أرغب في النوم الى جانبك".
وأنحنت لتبعد الفراش , سبقها هو الى ذلك فأبعد فراشه وألقى بنفسه عليه.
تركته هيلين لينام وأخذت تمشي على الشاطىء , كانت مسرورة لأنها ستعود في الصباح , ولن ترى هذا المكان ثانية , لن تخبر جيك ألا في الوقت المناسب كي لا يبعث الشكوك في نفسها بطريقته الساخرة , جلست على الصخور المواجهة للبحر , ما أجمل هذا المكان , لن تنسى هذه الرحلة الغريبة أبدا.
كان جيك يغط في نومه عندما رجعت هيلين , أستلقت بهدوء على ظهرها وأخذت تراقب السماءالمليئة بالنجوم , أنه أجمل سقف يتمناه أنسان.
لم تنم جيدا , كانت أفكارها مضطربة , عندما أستفاقت لم يكن الفجر قد طلع بعد , جيك ما زال نائما , أنها آخر ساعات تقضيها على هذه الجزيرة التي لم تكن يوما ملكا لها ولن تكون , جيك يبدو وكأنه جزء من هذا المكان , أما هي فلا , مكانها هناك في المدينة الكبيرة وفي مخزن الثياب الذي يملكه خالها فيليب.
أنسلت هيلين بهدوء من فراشها , ستذهب الى البقعة المسحورة حيث النبع وحيث الحلم الجميل , بيتها الصغير بشبابيكه المفوحة على صوت الماء ورائحة الزهور , ستراه الآن في ضوء القمر وتودعه , مشت وكأنها تمشي في نومها.
سلام لذيذ ملأ قلبها عندما وصلت المكان , العش الهادىء وسط جزيرة العواصف هذه , وأبتسمت لنفسها , لقد نجحت في أخفاء متعتها وحبها لهذه الواحة عن جيك , أنه سرها الذي تنتصر به عليه.

نيو فراولة 05-04-11 11:30 AM

8- المفاجأة

أنتظرت هيلين ذهاب بيل قبل أن تستسلم لبكاء مرير , سيرينا أختها! غير معقول .... لكنها الحقيقة , لم تكن صدفة أذن تلك الرابطة العفوية , الغريزية التي أحست أنها تشدها الى الفتاة اللطيفة الطيبة , سيرينا , حتى جيك نفسه والذي كانت تحسه أحيانا يقف بينها وبين سيرينا لم يستطع تغيير تلك الأحاسيس التي كانت تجذبها الى الفتاة.
في فراشها تلك الليلة , أستعادت هيلين كل شيء , لم يكن جيك الوحش الذي تصورته , ليس فيما يتعلق بسيرينا على الأقل , كان يحنو عليها ويهتم بها فقط لأنه وعد والدها بذلك , لم تنم جيدا تلك الليلة لكنها عرفت تماما ما ستفعل في الصباح التالي.
عندما أخبرها بيل أن جيك سيغيب عن الجزيرة لبضعة أيام , تشجعت هيلين وأفضت له برغبتها في الرحيل , شرحت له السبب , ليس كل السبب بالطبع فهي لن تكون حمقاء لدرجة أخباره أنها وقعت في حب الرجل الذي لا يريد ألا رحيلها.
ذهبت لزيارة هانا لأبلاغها عن رغبتها في الرحيل , تحاشت أسئلة هانا فيما يتعلق بالأملاك التي ورثتها , كل ما أفصحت عنه كان كلاما مبهما عن أمكانية بيع حصتها لجيك , لم تكن لتخبر أحدا عن خطتها الحقيقية.
يوم الثلاثاء قامت هيلين بحزم أغراضها , لم يكن لديها الكثير , الشيء الوحيد الذي ستأخذه معها من هذه الجزيرة الى جانب حاجاتها الشخصية , صورتان لوالدها أخذتهما من هانا.
قبل أن تأوي الى فراشها تلك الليلة الأخيرة كتبت رسالة قصيرة ومباشرة لجيك , ثم قامت الى صندوق حلاها وأخرجت منه سلسلة ذهبية كانت أمها قد أعطتها أياها عندما كانت هيلين طفلة.
منتديات ليلاس

قبل أن تقفل الرسالة قرأتها مرة أخيرة:
" جيك , أنا عائدة الى أنكلترا في الصباح , طلبت من المحامي في ساوباولو تحويل حصتي في الأرث اليك , آمل أن تشارك سيرينا معك بحصة منه , أحببتها كثيرا وأرغب في مساعدتها , أرجوك أن تعطيها هذه السلسلة , كنت أحتفظ بها منذ طفولتي .
هيلين كاربنتر".
أقفلت الرسالة ووضعتها تحت باب بيته .
صباح اليوم التالي ذهبت هيلين الى هانا لتودعها , كان بيل سيأخذها الى المطار الصغير حيث تطير الى ستنتوز , قبّلتها هانا قائلة:
" سأفتقدك , كنت كنسمة منعشة بيننا , ستكتبين؟".
" بالطبع! أنت أيضا يجب أن تأتي لزيارتي في لندن يا هانا , كان بودي لو أبقى أكثر لكن ... أعرف ليس هذا مكاني.....".
توقفت , أنها على وشك أن تنهار , كل هذا بسبب رجل واحد........".
أبتسمت هانا بلطف , وبرغم كل المرارة التي تحملها لجيك , كأنها فهمت , فقد ضغطت على ذراع هيلين بحنان.
" أعرف يا عزيزتي , أعرف".
في الطائرة , حاولت هيلين أن تستريح لكن أفكارها لم تسمح لها بذلك , ترى هل أستلم الخال فيليب برقيتها ؟ هل سيكون بأنتظارها في مطار لندن , أن لم يكن ستذهب الى البيت في سيارة أجرة , عليها العودة بسرعة الى بحر العمل , الى حياتها السابقة , كان مجيئها الى هذه الجزيرة يعني الجنون بعينه , لكن لا بأس , أنتهى كل شيء الآن , بعد بضعة أيام ستكون في وظيفتها ثانية ولن تسمح لأي شيء أو أي شخص بأيلامها بعد اليوم... ليس لوقت طويل على الأقل , أذا قدم لها جيك لوغان شيئا أيجابيا فهو أنه حررها من عقدتها القديمة وعدم قدرتها على الشعور بالراحة في حضور أي رجل كان.
حاولت هيلين الهروب من أفكارها , تطلعت من نافذة الطائرة الى السماء الزرقاء الصافية , لكن المرارة.... وشيئا من الحزن لم يتركاها لحظة.
كان الخال فيليب في أنتظارها على أرض المطار , وفي اللحظة التي جلسا فيها في سيارته الرولز الرمادية نظر اليها قائلا:
"هيا , أنطقي أيتها السيدة الصغيرة!".
نظرت هيلين اليه وشعور بالذنب يملأها , خالها العزيز ببزته الرمادية , وقميصه الأبيض المكوي جيدا , دائما مثال الأناقة , ودائما دعاية حيّة للمتجر الفخم الذي يملكه , لكن برغم ملابسه الأنيقة الرسمية لم يكن يوما متشنجا , في الخمسين من عمره كبير الجسم , أصلع قليلا , يمشي في الحياة بكل هدوء ورزانة مبعدا عنه كل توتر وأنزعاج متظاهرا بعدم وجود مبرر لتعقيد الحياة.
" أكتفيت من الحياة على جزيرة أستوائية , هذا كل شيء".
أجابت متصنّعة الخفّة.
" هل لي سيكارة؟".
" لا, أنت لا تدخنين , ولن تبدأي الآن, وأن كنت تظنين جوابك هذا يكفيني فأنت مخطئة يا عزيزتي , من هو أو ما هو؟ ثم بأمكاني أن أضيف أنك تتفجرين صحة وعافية , وهذا اللون البرونزي سيظهر كل العارضات بجانبك كزهور باهتة".
أبتسمت له هيلين بحياء , وأضاف قائلا:
" في أية حال ستكونين ضيفتي لبضعة أيام تخبريني خلالها كل شيء".
" ليس هناك الكثير ".
قالت هيلين وتطلعت من نافذة السيارة , رمقها خالها بنظرة قلقة لم تنتبه لها.

نيو فراولة 05-04-11 02:29 PM

في اليوم التالي , وكان يوم سبت , اليوم الذي يذهب فيه الخال فيليب لممارسة لعبة الغولف عادة , جلس في غرفة الطعام المطلّة على نهر التايمز وقبالته جلست هيلين.
" لقد قررت أن أن أبقى اليوم في البيت أحتفالا بأبنة أختي العزيزة , ربما نخرج لنتناول الغداء معا , ما رأي عزيزتي هيلين في هذا؟".
عرفت هيلين سبب رغبته في الخروج معها الى أحد المطاعم , هناك يظن أنها ستتكلم وتخبره بكل شيء , مهما يكن فلا مبرر لأبقاء كل شيء في داخلها الى الأبد.
منتديات ليلاس

أفترت شفتاها عن أبتسامة خفيفة وقالت:
" لا سبب لأن تدعوني الى الغداء في مطعم , سأخبرك بكل شيء هنا , معك حق , أشياء كثيرة حدثت ولك كل الحق في معرفتها , لكن أرجوك يا خالي......".
كانت هيلين على وشك البكاء لكنها أكملت:
" أرجوك هل يمكن أن تنسى كل شيء بعد ذلك؟ أقصد الأشياء التي سأخبرك عنها".
" يا فتاتي العزيزة".
قال والأهتمام باد على وجهه:
" أن كنت لا تريدين أخباري أو تشعرين بعدم القدرة على ذلك.... أوه... أنا لست سوى عجوز فضولي , لا بد أنه رجل ما... من يكون؟".
" جيك لوغان".
وسكبت لنفسها فنجانا من القهوة ويدها ترتجف.
" سأبدأ من الأول.... هناك الكثير الكثير".
قاما من غرفة الطعام وذهبا الى مكتبة الخال فيليب الدافئة والمليئة بالرفوف المكتظة بمختلف أنواع الكتب , هناك أخبرته بكل شيء , تقريبا كل شيء , منذ لحظة وصولها الجزيرة الى أن ودّعها بيل وأستقلت الطائرة.
بعد أن أنتهت من الحديث , نظر اليها الخال فيليب والذي كانيستمع بأنتباه شديد وبدون أية مقاطعة , وقال:
" أتعلمين ؟ لقد أحسست بشيء ما في رسالتك , وبالمناسبة أرسلت لك كل هذا قبل يومين من وصولك , يا عزيزتي لم أكن تصوّر كل هذا عندما أنهلت عليك بأسئلتي ! يا عزيزتي المسكينة".
تطلع اليها بعطف وقال :
" من الأفضل أن تنسي هذا الجيك لوغان بسرعة".
ثم قطب حاجبيه كمن يحاول تذكر شيء ما:
" لوغان – لوغان- هل قلت أنه أسترالي؟".
" لهجته توحي بذلك , ثم أظن أن بيل أو هانا ذكرا شيئا من هذا أمامي".
ورفعت هيلين يدها الى رأسها :
" وهل يهمّ ذلك؟".
وأطلقت ضحكة عصبية:
" حدسك صحيح ... أذكر عندما رأيت تلك اللقطة الفوتوغرافية وهو على مركب والدي , وظهر ك|أنه يحاول أخفاء وجهه عن الكاميرا , ظننت أنه مجرم هارب....".
وصمتت فجأة .
أنفجر الخال فيليب ضاحكا:
"هذا مثير , أحب أن أرى تلك الصورة يوما ما , لدي شعور غريب".
ورغم حيرة هيلين لم يشأ الخال فيليب الأفصاح أكثر .
عادت هيلين الى الروتين السابق لحياتها مع فرق واحد هو أن زميلاتها أكثرن من الحديث عن التغيير الذي لاحظنه فيها , ليس فقط لونها البرونزي ولا شعرها الجميل الذي أضافت اليه شمس الجزيرة لمعانا جديدا , بل كما قالت لها أحدى زميلاتها ذات يوم:
" أنه أشعاع داخلي , لمعان ما.... جديد يا عزيزتي , أخبريني كيف حصلت عليه وسأحاول أن أفعل الشيء ذاته!".
لكن بالطبع لم تسطع هيلين أخبارها أنه كله بسبب ذلك الرجل الغريب وأطواره غير العادية , لن تخبر أحدا بل لن تستطيع حتى لو رغبت في ذلك , وبرغم حماس هيلين المتجدد للعمل ألا أن الشعور الموجع بالفراغ كان يلازمها , وكانت تعرف أنها لن تقوى عليه ألا , ربما , مع مرور الوقت.
الجانب العملي في طبع هيلين مكّنها من تنظيم أوقاتها وملأها بالعمل والنشاط , فلم يبق عندها وقت للتفكير أو للتذكر , كانت تعرف أنها لن ترى جيك لوغان أبدا , طيلة حياتها , وأمام تلك المعرفة أرادت أن تبكي , لكن لا لن يبكيها أي رجل بعد اليوم , هكذا قررت.
بعد مضيّ أسبوعين على رجوعها وبينما كانت تجلس أمام المرة تضع اللمسات الأخيرة على وجهها قبل مواجهة الجمهور الكبير المنتظر في الصالة , سمعت الهمس المتبادل بين العارضات , كان الجميع في حمى فاليوم حفلة عرض لأحدث أزياء جيرالد .... هرج ومرج في الداخل مثل خليّة نحل بينما كل ما يراه المدعوون هو أناقة الثياب المعروضة وسحر العارضات الجميلات.
وبالطبع في لحظة خروج العارضات الى الصالة يصبح الكلام صعبا ألا ربما كلمة هناك بينما تعود أحداهن لتخلع ثوبا وتلبس آخر , ومن الهمس الدائر عرفت هيلين أن هناك شخصا غير عادي بين الجمهور , الجمهور المكّون عادة من الكهول والعجائز , أقتربت هيلين , التي لم يكن دورها قد أتى بعد للخروج الى الصالة من أحدى زميلاتها وهي تغيّر ثوبها وسألتها:
" ماذا هناك؟".
" رجل في المقعد الخلفي ... جهة اليسار , يا الله!".

نيو فراولة 05-04-11 06:13 PM

فهمت هيلين وقررت أن تحاول رؤية ذلك الرجل الذي سبّب كل هذا الهرج بين العارضات , أنتظرت حتى جاء دورها ثم أخذت نفسا عميقا , رفعت ذقنها الى أعلى , وأبتسمت الأبتسامة الضرورية عند العرض , وبدأت مشيتها الأنيقة المتعالية بين مقاعد المتفرجين.منتديات ليلاس

سمعت هيلين المعلن يقول:
" هيلين تلبس أحد أجمل...".
ولم تأبه لبقية الكلام , فالعارضة تنتظر سماع أسمها فقط , كانت قد بدأت تقترب من الوسط.... بضعة خطوات أنيقة, وقفة في الوسط مع حركة مثيرة ونظرة متعالية , ثم السير في الممر الطويل وهمسات الأعجاب تتعالى , بالطبع هيلين معتادة على كل ذلك , تجيب عليه بأبتسامة دافئة , مدروسة , لا تعني شيئا , فقط تمرّن على تحريك عضلات الوجه , وبدأت بالعودة , في اللحظة التي أستدارت بها حاولت أن تحوي الصالة كلها بلمحة سريعة , وكادت تهوي الى الأرض , غير معقول! مستحيل! الرجل هو جيك لوغان.
كيف عادت هيلين الى غرفة الثياب , ماذا فعلت بعد ذلك , لم تكن تعي شيئا مما حصل .
رأت المسؤولة , الآنسة وجه هيلين الشاحب , فقالت :
" أجلسي يا عزيزتي , هل بك شيء؟".
وسكبت لها بعض الماء لتشرب.
" شعرت بالدوار , هذا كل شيء دقيقة واحدة وأكون بخير".
ترى هل تخيّلت ذلك؟ لكن الفتيات رأينه وتهامسن عنه! وهي رأته بوضوح شديد , كان يلبس بذة فاتحة اللون وقميصا أبيض يظهر لونه البرونزي , أنه رائع خصوصا هنا في جو لندن الضبابي , ما كان أجمله , السيكار في يده , وعيناه على المسرح.
لكن غريب! لميظهر عليه أنه عرف هيلين , وأخذ توترها يشتد وهي تلبس ثوبا رماديا من الحرير البارد وتعود الى الصالة , كم تمنت لو تأخذ عارضة أخرى مكانها لكن العدد المحدود لم يكن يسمح بذلك , في الصالة لم تستطع هيلين مقاومة رغبتها في التطلع بأتجاه جيك , كان المقعد خاليا , جيك لوغان قد ذهب , فقط دخان سيكاره ورائحته كأنما ليقولا لهيلين أن الأمر لم يكن حلما.
لحظة أنتهاء العرض , حملت هيلين حقيبتها وخرجت مسرعة غير مبالية بنظرات التعجب على وجوه زميلاتها , كانت تقصد مكتب خالها فيليب في الطابق الأعلى , أنه الوحيد الذي تستطيع التكلم اليه الآن.
سكرتيرة الخال فيليب , أمرأة في أواسط عمرها لم تفقد الأمل بعد في أن يطلب الخال فيليب يدها للزواج ,حاولت منع هيلين من الدخول قائلة أنه مشغول , لم تعرها هيلين أي أهتمام وأندفعت الى داخل المكتب دون أن تقرع الباب.
جيك لوغان كان يجلس في الكرسي الكبير المريح يشعل السيكار للخال فيليب بكل راحة , لحظة دخول هيلين تطلع الأثنان بأتجاهها ثم وقفا , الكثير الذي كان لدى هيلين لتقوله أختفى , ولم تعد تقوى على الكلام.
أقترب منها الخال فيليب بأهتمام :
" هيلين كنت أريد....".
لكن هيلين لم تكن تستمع له , أستدارت الى جيك مستفسرة :
" ماذا تفعل هنا؟".
أقترب جيك , وقال بهدوء:
" جئت لأراك , هل نستطيع الذهاب الى أي مكان لنتحدث؟".
" لا".
ورفعت ذقنها الى أعلى بكبرياء .
" ليس هناك ما نتحدث عنه".
ثن قالت موجهة الحديث الى خالها:
" آسفة لدخولي عليك هكذا وبدون أستئذان , لم أكن أعرف أنك مشغول , سأذهب الى البيت الآن....".
جيك أقترب منها وأمسك ذراعها بلطف لكن بحزم:
" لا , لن تذهبي ألا أذا ذهبت أنا معك".
أعماها الخوف والغضب :
" خال فيليب , هل ستترك هذا الرجل......".
" أظن عليك الأستماع الى ما لديه , فالرجل قطع آلاف الأميال ليأتي ويراك , ألا تظنين.....؟".
عرفت هيلين أنها لن تلقى المساعدة هنا , سحبت ذراعها من يد لوغان:
" أخبرتك من قبل , لا أحب أن تلمسني".
تنفست بصعوبة :
" وأنا أعني ما أقول".
كانت عيناها تلمعان غضبا , وكانت أجمل من أي وقت مضى , كان ذلك واضحا في عيني جيك ونظراته المليئة , لكن هيلين لم تر شيئا من ذلك , بل أندفعت خارجة من المكتب , في طريقها الى الخارج سمعت بضع كلمات وججها خالها الى ضيفه:
" أتركها الآن يا جيك...".
كانت هيلين مستلقية على سريرها في بيت الخال فيليب , عندما عاد لها رجع كلمات خالها الأخيرة , ناداه جيك... جيك فقط بدون كلفة وكأنه يعرفه جيدا , وأنتفضت جالسة , أنها لا تفهم شيئا مما يدور حولها , ثم ماذا يفعل جيك لوغان هنا , في لندن؟ وللحظة أحست هيلين بقرصة ندم لتركها المكتب بتلك السرعة , ربما كان عليها التروي وأخبار هذا الرجل برأيها الكامل فيه , وحش كريه ! لكن لا ! ... هذا ليس صحيحا , وبرغم كل عواطفها الخارجية وأنفعالاتها , عرفت هيلين أن تلك الرجفة في ركبتيها والخفقان المتزايد الذي داهمها عند رؤيته , لم يكونا سوى مؤشر لأحاسيسها الحقيقية الدفينة , أنها تحبه ! أجل تحبه!
قامت عن السرير .... لقد جاء كل تلك المسافة وماذا فعلت هي؟ أعطته الأنطباع بأنه من أكره الرجال في العالم كله , أحست بالخوف , ماذا لو أختفى هكذا .... فجأة ... تماما كما ظهر , ماذا لو لم تره ثانية!
خضّت الفكرة هيلين فجمدت في مكانها , يم ببطء ذهبت الى الباب وفتحته , على الأقل لتذهب وتعتذر من خالها... وربما تسأله أن كان...
بينما كانت تنزل الدرجات المؤدية الى الصالون فتح الباب الخارجي ودخل منه رجلان.
ألتقت عينا جيك بعينيها ورأى مشاعرها الحقيقية على وجهها , لم يحاول أخفاء أحاسيسه رغم وجود الخال فيليب الذي أحس بضرورة الأنسحاب , وقبل أن يغلق باب الممر المؤدي الى المطبخ , أسترق الخال فيليب نظرة أخيرة ليرى هيلين تكمل نزول الدرج بأتجاه جيك الذي كان مادا يده وكأنما ليأخذ يدها , رأى الخال شيئا لا يوصف ولا يعبر عنه بكلمات يجري بين الأثنين أبتسم لنفسه أبتسامة سرّية صغيرة وأغلق الباب خلفه بأحكام.

نيو فراولة 05-04-11 06:44 PM

9- حمامتان

كان لدى الطرفين الكثير من الشرح والتفصيل , لكن الأهم من كل ذلك أن جيك عبر آلاف الأميال ليقول لهيلين أنه يحبها.
ذات يوم كانا يجلسان في حديقة قريبة من بيت هيلين , جيك يحيط كتفي هيلين بذراعيه وكأنه لن يتركها تهرب بعد اليوم , وهيلين تنظر حولها بدهشة , لم تر يوما بهذا الأخضرار , ولا السماء بهذا الصفاء حتى الهواء ... ورفعت رأسها الأسمر الجالس الى جانبها:
" أليس كل شيء رائعا !... كل شيء... كل شيء؟".
أبتسمت لها عيناه بحنان:
" من حيث أجلس... نعم ".
" أوه , جيك , كم كنت قاسية معك!".
قالت وتنهدت :
" ليس بقساوتي أنا معك ... هيلين دعيني أشرح لك أنا......".
" أوه لا يهم , أرجوك".
ورفعت عينيها الواسعتين اليه:
" ألا ترى ؟ كل ما يهمني الآن أنك هنا حاولت التظاهر بعكس ذلك لكن الواقع كان , أنني أحسست بتعاسة كبيرة منذ اللحظة التي تركت فيها الجزيرة , كنت أعرف أو ظننت أنني أعرف أنك تكرهني.....".
" أرجوك يا هيلين , توقفي!".
منتديات ليلاس

قال بأسى شديد:
" لا تقولي شيئا كهذا , يعذبني كثيرا أنني عاملتك بتلك الطريقة البشعة , لكن ألا ترين كنت أحاول كبت غرائزي ولجم رغبتي الطبيعية في أمتلاكك عندما كنا وحيدين على الجزيرة , أنت نفسك قلت عني وحش في أحدى لحظاتك الصريحة".
وافقت هيلين مبتسمة:
" وأشياء أخرى كثيرة , كنت أيضا أظن أنك مجرم هارب....".
" ماذا؟؟".
وبدأ يضحك.
شرحت له هيلين عن الصورة الفوتوغرافية وكيف ظهر جيك وهو يرفع يده الى وجهه وكأنه يحاول أخفاءه, عندها أنفجر جيك بضحكة مدويّة.
" فعلا هذا ما حدث , لكن ليس بسبب ذلك أيتها الصغيرة البلهاء ...".
قال الكلمتين الأخيرتين بتحبب:
" ربما أستطاع خالك فيليب شرح الأمر أفضل مني؟".
عندها تذكرت هيلين التعبير الغريب على وجه الخال فيليب عندما أرته الصورة.
" لا... بل الآن أنت تفسر لي كل شيء".
" حسنا يا آنستي , منذ خمس وعشرين سنة وعندما كنت أنا في السادسة من عمري هاجر والداي الى أستراليا حيث باشرا العمل هناك ونجحا في فتح عدة مخازن كبيرة , والدي من عمر خالك فيليب تقريبا كانا صديقين حميمين وكانت بينهما منافسة شديدة في العمل , بقيا على أتصال لفترة ثم أنقطعا , عمّا قريب يعود الأتصال بينهما".
وضحك ضحكة ذات معنى .
" لا أصدق......".
همست هيلين :
" أنها الحقيقة , أقسم لك".
" والصورة؟ ما علاقتها؟".
" آه , منذ عشر سنوات قررت ترك البيت والعيش وحدي وحصلت مشاجرة بين وبين والدي بسبب قراري , وأقسمت وقتها أن لا أعود الى البيت ألا بعد أن أتدبر أموري..".
ثم هزّ كتفيه متابعا:
" أما بالنسبة الى الصورة...... لا شيء مهم , فقط لديّ كره طبيعي للوقوف أمام آلة تصوير , على كل حال الآن سأكتب لوالدي وأصالحه , أنا متأكد من أنه يرغب في مقابلة خطيبة أبنه الحسناء , أليس كذلك؟".
" أنا لم أقل أنني......".
بدأت تتكلم ببطء , قاطعها جيك:
"أنا لم أقل أنني......".
بدأت تتكلم ببطء , قاطعها جيك:
" طبعا ستفعلين , لست بالسواد ولا البشاعة التي صوروني بها أمامك , ليس فيما يتعلق بالنساء على الأقل , أما مارشا.....".
" أظنني أعرف ". أجابته:
" هل كانت تلاحقك؟".
" أجل وجعلت الأمر واضحا , أخبرتها بصراحة أنني لا أقترب من النساء المتزوجات , أما سيرينا و......".
" عزيزي جيك .... كم أنت مظلوم".
أقترب منها جيك :
" أتشفقين عليّ أحب ذلك".
وأقترب منها أكثر , أبتسمت بمرح وأبتعدت عنه قليلا لكنها قالت:
" أوه جيك... كم أحبك .... أحببتك حتى عندما كنت أتخيّل أنك وسيرينا......".
" أعرف , أخبرني بيل بكل شيء , أنه رجل طيب , هيلين أتذكرين كل تلك الملاحظات عن المدارس الداخلية وغيرها ... كنت فقط أشعر بالمرارة لأعتقادي بأنك أتيت الى الجزيرة لأخذ ما تستطيعين أخذه ,وكان والدك قد أخبرني عن دفعه كل تلك الأقساط الخيالية ....".
" ماذا؟".
لم تصدق هيلين ما سمعت.
" ماذا تعني؟".
وأحس جيك بالحرج:
" ألم تخبرك أمك عن ذلك؟ هيلين أنا آسف , كم كنت وحشا...".
" لا تقل ذلك".
وهزت رأسها قليلا:
" الآن بدأت أفهم , أمي وأنا قلّما نلتقي.... ولست آسفة على ذلك , هي أعطتني تلك السلسلة الذهبية عندما كنت صغيرة , وعندما رأيت السلسلة التي كنت أنت تضعها وكانت مماثلة لها تماما , عرفت أنها من والدي , وأحسست برغبة في أعطاء سرينا السلسلة التي معي".
ونظرت الى يديها بتأمل ثم قالت:
" آه يا جيك ... كم أتحرق لمعرفة أشياء كثيرة عن والدي ستخبرني أنت, أنت عرفته وأحببته, يوم كنا على جزيرة العواصف , أحسست لأول مرة أنني في بيتي في ذلك المكان الجميل , بالفعل في بيتي لأول مرة في حياتي".
قال بهدوء:
" والدك كان يخطط لبناء بيت صغير هناك يا هيلين لكنه مات قبل أن نباشر العمل.........".
نظرت اليه هيلين والدهشة تملأ وجهها:
" لقد عرفت .... أنا رأيت البيت رأيته هناك بجانب النبع , كلما جلست قربه كنت أتخيّل البيت الصغير , لذلك لم أكن أحب أن تراني هناك , كان المكان يخصني وحدي!".
ضحك جيك :
" سنبني البيت معا يا هيلين وسنذهب اليه وحدنا , نمضي فيه أسابيع حلوة- أنا أرسم ......و".
" ترسم؟ أنت ترسم؟".
نظر اليها فجأة وبحرج.
" ألم تري أبدا لوحة للوغان؟".
" لوغان؟ يا ألهي! هل أن.........؟".
" نعم أن كان بأساعتك تحمّل فنان كزوج ؟".
" أوه جيك .... حبيبي جيك , عندي لوحة لك في شقتي لكنها نسخة , لم أستطع شراء الأصل.......".
" قال بحنان:
" الآن يكون لك الأصل ... أصل الأصل , لوغان بنفسه , أتستطيعين تحمّل ذلك؟".
" نعم..... طبعا , جربني .... أرجوك......".
ولم تعد تأبه بمن حولها , رفعت وجهها الى وجهه ... وطارت حمامتان عاليا .... عاليا في سماء لندن الصافية!




تمت

ليتني اعود طفلة 05-04-11 09:15 PM

ارواية روعة فراولة سلمت ايديك

عاشقة المدينة 05-04-11 09:37 PM

الرواية فيها إختصار كبير والأحداث مقطوعة غير مترابطة ولكن مشكورة على المجهود

اماريج 05-04-11 09:44 PM

يعطيك العافية حبيبتي :flowers2:

ودوما نحن في انتظار جديدك يالغلا كله
ودي لك:liilas:

http://up.liilas.com/uploads/liilas_13020325721.jpg

Rehana 07-04-11 11:46 AM

يعطيك العافية يالغلا

https://www.lavishlashes.com/product...ankyoucard.jpg

katia.q 07-04-11 03:43 PM

يسلمووووووا ع الرواية الروعة
http://www.mazikao.net/vb/imgcache/2/11716alsh3er.jpg


أموووله 08-04-11 08:44 PM

روايه رائعه يسلمواااااااااااااااااااااااا

نجلاء عبد الوهاب 26-04-11 11:20 PM

رواية جميلة:party0033:

سأحيا بالقرآن 27-04-11 12:37 AM

شكرا على القصة الجميلة

ندى ندى 17-12-11 12:53 AM

جميله جدا جدا جدا

ملك فارس 05-09-12 11:57 PM

رووووووووووعه

بنت امي وبوي 15-09-12 11:37 PM

مشكووووووووووره حياتي على الروايه الرائع:55::8_4_134:

hobas 16-09-12 04:32 AM

الروايه حلوة بس لو الاحداث كانت متفسره اكتر من كدا كانت هتبقى احلى كتيييير

ساكنه 16-10-12 04:20 PM

رد: 78 - القرصان -ماري ويبرلي- روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
pحمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااس هذي الرواية الف شكر ودمتى في قلبي سكنة

ساكنه 20-10-12 03:50 PM

رد: 78 - القرصان -ماري ويبرلي- روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
مشكووورة ارجو تكملت بقية
الروية من عند اخر يوم في الجزيرة العواصف ودمتم لي سكنة


الساعة الآن 02:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية