منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   164 - اطياف بلا وجوه - فلورا كيد - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t157109.html)

اماريج 05-03-11 06:55 PM

ألتفتت سولانج مرة أخرى نحو بيار ,وسألته بصوت دافىء مغر:
" هل كان ذلك حقا السبب الوحيد لزيارتك؟".
"لا! كنت أطلع الى أيضاح مسألة صغيرة تزعجني منذ بعض الوقت ,كنت آمل في سماع شرحك للأسبابالتي حملتك على أبلاغ أيلاين بأني زرتك أمثر من مرة في شقتك بأنجولام".
تظاهرت سولانج مرة ثانية بالدهشة والأستغراب ,وسألته ببرودة:
" هل قالت لك ذلك حقا؟".

أستدارت أيلاين نحوها , فواجهتها سولانج بنظرات التحدي والأنفعال قائلة:
" من المؤكد أنك أسأت فهمي , يا أيلاين".
تطلعت نحو بيار , ومنه الى أيلاين , ثم وضعت يدها على خدها ومضت الى القول هامسة:
" أوه , رباه! ألهذا السبب.... لم تتصوري آنذاك بالتأكيد أن بيار وأنا.... ".
توقفت عن أنهاء جملتها , وغطت وجهها بيديها ... وهي تهز رأسها بكثير من العصبية , تحول أرتباك بيورن وذهوله الى قلق واضح, فأقترب منها وهمس بضع كلمات في أذنها , لم تتحرك من مكانها ولم ترفع يديها عن وجهها , ولكنها هزت كتفيها وكأنها تقول له... دعني وشأني , ظلت أيلاين واقفة دون حراك ,وهي تشعر بالألم والسخط , لقد نجحت سولانج على ما يبدو في أظهارها أندفاعية متهورة , وبأنها تسرعت في أصدار أحكام مبرمة بناء على ما تخيلته حقيقة ثابتة , تطلعت نحو بيار مستنجدة به , فبدت ملامح وجهه بعيدة كل البعد عن الشفقة والرحمة... أو حتى عن الأستعداد للغفران
قالت له بصوت ضعيف حزين:
" لم... لم أكن مخطئة , هكذا قالت لي".
رفعت سولانج وجهها وأبعدت خصلات الشعر التي تغطي قسما منه , ثم نظرت الى بيار وهزت كتفيها قائلة:
" لماذا أكذب في موضوع كهذا؟".
منتديات ليلاس
أجابها بلهجة جافة:
" هذا ما كنت أتساءل عنه".
لم تعد أيلاين قادرة على تحمل المزيد من تصرفات سولانج الخبيثة والماكرة , فصرخت بها فجأة:
" ولكنك كذبت , يا سولانج بورجييه! كذبت في كل شيء , وعن كل موضوع تحدثت عنه , قلت لي أشياء كثيرة , أكتشفت فيما بعد عدم صحتها ,كذبت عن والدة بيار , عندما قلت أنها تزوجت وأباه كذريعة للتقرب من خالي , كذبت عندما أوحيت لي بأنني سأرث شامبورتن , وبأن هذا هو السبب الوحيد لأقدام بيار على الزواج مني أنا أعرف الآن أن مارجريت تزوجت من جان دوروشيه , قبل فترة طويلة من ذهابه للعمل في شامبورتن , وأعرف أيضا أنني لن أرث شيئا يذكر من خالي , لأن شركة سان فيرن تملك كل شيء في شامبورتن .... بما في ذلك القصر , كذلك , فأنا أعرف الآن أن بيار لم يقم بزيارتك في شقتك ألا مرة واحدة .... بهدف شراء لوحة فنية ,كذابة , منافقة ! كذبت علي , وأنا كنت غبية جدا بحيث أنني صدقتك في كل كلمة قلتها لي!".
قالت لها سولانج بنعومة, تكاد تصل الى درجة الرقة والحنان:
" أيلاين, عزيزتي , لا شك في أنك غاليت كثيرا في ردود فعلك وتصرفاتك الغاضبة , هذا كله من نسج خيالك , فأنا لم أقل شيئا عن والدة بيار أو عن شامبورتن , وحتى لو أنني ذكرتهما في معرض حديثنا العام ,فأنا متأكدة من أنك لم تفهمي كلامي على حقيقته ... لأنك لا تستخدمين لغتك , هذا ما يشعر به بيورن أحيانا , عندما نتحدث معا بالفرنسية , أليس ممكنا أذن , أن المشكلة نابعة عن صعوبة في الترجمة أو سوء التفسير؟ كلمة من هنا وأخرى من هناك, ويتغير المعنى لصورة جوهرية , ألا توافقني على ذلك , يا بيار؟".
" نعم , أنه أحتمال وارد".
منتديات ليلاس
شعرت أيلاين بالألم الحاد يعصر قلبها , ويحطم سعادتها وآمالها , أنه يصدق كلام سولانج ويقبل تفسيرها وتبريرها! أنطلقت من فمها صرخة أحتجاج مكبوتة , وفرت هاربة من الغرفة... تماما كما حدث معها في العام الماضي وفي شقة هذه المرأة اللعينة بالذان.
توقفت لحظة في الممر , عندما لاحظت أنها حافية القدمين ولا ترتدي سوى قميص بيار , لن تتمكن من مغادرة بيته على نحو غير لائق كهذا ,مما يعني أضطرارها لأرتداء ملابسها المبللة , ركضت بسرعة نحو الغرفة العليا , ثم دخلتها وأغلقت الباب وراءها بعصبية بالغة , أسندت ظهرها الى الباب لتحد من أرتجاف جسمها , فتذكرت كيفية خروجها من شقة سولانج قبل تسعة أشهر وجلوسها في السيارة... لتفكر بما ستفعل , ها هي الآن , كما في المرة السابقة , تفر من وضع معين ... لعدم قدرتها على مواجهته ومعالجته , ولتألمها البالغ من وجود علاقة ما بين بيار وسولانج.
خلعت قميص بيار وأرتدت ثيابها المبللة , فأحست برجفة البرد وقشعريرته , ستذهب الى بليك , لأحضار بعض الوقود لسيارة البيجو و....! أوه , لقد نسيت , أو بالأحرى أنستها الظروف والتطورات المتلاحقة , أبلاغ بيار أن عليه الذهاب غدا الى شامبورتن لسماع وصية خالها , ولكنها علمت على الأأقل أنه يوافق على منحها الطلاق , لأنه يريد أسعادها ... وليس لأنه هو راغب في ذلك , أوه! لماذا أتت سولانج في تلك اللظة , التي بدأت تستعيد فيها بعض الأمل؟ ولكنها أتت, ولم يعد هناك بالتالي أي داع لوجودها هي...
أنهمرت الدموع من عينيها , وهي تهم بمغادرة الغرفة ,كلما أسرعت في الأبتعاد عن هذا البيت الذي أحبته وتمنت البقاء فيه , كلما كان ذلك أفضل لها ... وكذلك الأمر بالنسبة لمغادرتها فرنسا , لن تعرّض نفسها بعد الآن للألم ,وقلبها للتحطم, ولكنها , مع الأسف الشديد , لن تعرف من الآن فصاعدا معنى السعادة واللذة والهناء!
تسللت من المنزل بحذر تام , وبدأت تجري بأقصى سرعتها على الطريق الطويلة الضيقة ... والموحلة , كانت السماء زرقاء صافية , والعصافير سعيدة فرحة , والأعشاب خضراء نظيفة ,ولكن الغيوم السوداء لم تترك قلب أيلاين الحزين! وما أن أقتربت من نهاية الطريق , حتى شاهدت سيارة تقترب بسرعة والرذاذ يتطاير بعنف من تحت عجلاتها ,تقدمت من حافة الطريق , وهي تلوح بيدها ... مشيرة الى السائق بالتوقف.
" طاب نهارك , يا سيدتي ,هل يمكنني مساعدتك بشيء ؟".
طان السائق مزارعا في منتصف العمر ويبدو طيبا ومهذبا , فأرتاحت أيلاين اليه وشرحت له مشكلتها بأيجاز ثم طلبت منه نقلها ألى أقرب محظة وقود , قال لها وهو يفتح الباب:
" سأقترح عليك حلا أفضل من هذا , توجد معي صفيحة أضافية من الوقو د, ستوصلك بالتأكيد الى بليك .... حيث يمكنك ملء خزان سيارتك".
منتديات ليلاس
جلست قربه , وقالت له بأمتنان ظاهر:
" شكرا لك ,أيها السيد".
وصلا الى سيارة البيجو , فأفرغ المزارع صفيحة الوقود في خزانها وهم بالذهاب , عرضت عليه ثمن الوقود , فلم يقبله ألا بعد أصرار شديد , يا له من رجل طيب! كررت شكرها له , فأحنى رأسه تهذيبا وأحتراما ثم حياها مودعا ومتمنيا لها التوفيق , توجهت الى بليك , حيث ملأت خزان الوقود وتابعت طريقها الى شامبورتن.
ولدى أقترابها من الجسر الذي تعبره السيارات الى قرية شامبورتن , توقفت يضع لحظات لتفكر بما ستفعله , هل تتجه يسارا الى القصر لتسمع محتويات الوصية وتحر جنازة خالها , أم تتحول الى اليمين وتتابع سيرها الى باريس؟ قد تجد طائرة الى لندن هذه الليلة , أو تضطر للأنتظار في المطار كي تستقلفي الصباح أول طائرة متجهة الى العاصمة البريطانية , من سيتضايق في شامبورتن من ذهابها الآن؟ لم يعد هناك خال عجوز يحزنه ذهابها ويحطم قلبه وأحلامه هربها للمرة الثانية ... والأخيرة , مارجريت؟ قد تشعر بأن قرارها دليل على عدم الأحترام لذكرى خالها ,ولكنها لن تصاب بأي دهشة أو أستغراب , ستعتبر هذا التصرف مثلا جديدا على تهور كنتها , وأثباتا آخر بأنها ليست زوجة صالحة لأبنها.
أما بيار , فلن يشعر قطعا بأي أنزعاج أو أنقباض , ألم يوافق , قبل أقل من ساعتين على الطلاق؟ صحيح أنه تحجج بسعادتها وراحة بالها, ولكنها تظن الآن أنه فعل ذلك لتبرير هذا التبدل السريع والمفاجىء في رأيه.
فلماذا لا تذهب الآن أذن , طالما أن الفرصة متاحة لها , لماذا لا تترك وراءها الى الأبد , أحلام السعادة والهناء؟ أنها مجرد أحلام ... أضغاث أحلام ! وهل تدوم الأحلام الى ما لا نهايى؟




اماريج 05-03-11 06:56 PM

قادت السيارة بضعة أمتار الى الأمام لتعبر الجسر , ثم حولتها الى اليمين ,شاهدت مارسيل أمام مرآبه هو يملأ خزان أحدى السيارات بالوقود , وعندما لاحظ سيارة خالها , لوح لها بيده محييا .... فلم ترد التحية بالمثل , بل أطلقت العنان للبيجو لتبتعد عن شامبورتن ... الى الأبد , وصلت بعد دقائق معدودة الى المكان ذاته , الذي أنزلقت فيه سيارة الرينو الصغيرة , فخففت السرعة قليلا وبطريقة لا شعورية , وبعدما تجاوزت ذلك المنعطف , تطلعت في امرآة الصغيرة لتلقي نظرة أخيرة و...
منتديات ليلاس
شهقت بذهول وأستغراب شديدين , عندما لاحظت سيارة السيتروين الرمادية اللون تجدّ في أثرها ... وتحاول تجاوزها ... حتى على الرغم من المنعطف الخطر الذي تقترب منه , ضغطت بقوة على دواسة البنزين , فوثبت البيجو كأحدى سيارات السباق وأنطلقت بسرعة جنونية ... بعد تمايلها قليلا على الطريق المبللة , أمسكت أيلاين جيدا بالمقود , لتضمن عدم أنزلاق سيارتها أثناء عبورها المنعطف القاسي.
برزت فجأة سيارة أخرى من الناحية الثانية , قفز قلبها من مكانه وشعرت بجفاف حاد في فمها , نظرت بسرعة الى المرآة , فأحست بأرتياح بالغ , تفادى السائق الأصطدام بالسيارة الآتية بأتجاهه , ولكن بمسافة قصيرة للغاية , لم تكن السيتروين حينئذ ألا على بعد أمتار معدودة عنها , فلاحظت أن سائقها المجنون ليس سوى .... بيار... وأنه وحده.
أستغلت فرصة ظهور سيارة ثانية من الجهة المقابلة , وعدم تمكن بيار بالتالي من تجاوزها , فزادت الضغط على دواسة البنزين بحيث أوصلت سرعة السيارة الى أقصاها , أستقامت الطريق ثانية , ولم تعد هناك على ما يبدو أي سيارات آتية بأتجاههما , حوّل بيار سيارته الى يسار الطريق , ثم أقترب منه ... دون أن يتجاوزها , بدت السيارتان وكأنهما حصانان يتسابقان ولا يتمكن أي منهما من تجاوز الآخر.
توترت أعصاب أيلاين بطريقة مذهلة ولم تعد قادرة على تركيو كافة أنتباهها على الطريق المبللة الممتدة أمامها , وذلكلأهتمامها بتجنب أي أحتكاك أو تصادم بين السيارتين ,وفجأة , ظهرت سيارة آتية نحوهما , سيضطر بيار الآن أما الى تجاوزها , وهو قادر على ذلك بكل سهولة , وأما الى تخفيف سرعته قليلا والتحول الى يمين الطريق , ولكنه لم يفعل شيئا من هذا القبيل , وحافظ على سرعته ذاتها.
دب الرعب والهلع في قلبها , عندما أدركت أن أصطداما مروعا وهائلا سيقع بين سيارة بيار والسيارة الأخرى .... مما سيؤدي الى مصرعه , لم تفكر بمن قد يكون في السيارة الثانية وبما قد يحصل لهم , لأن همها الوحيد كان.... بيار! حولت سيارتها الى أقصى اليمين , وضغطت على المكبح , أنزلقت البيجو وأستدارت حول نفسها , بحيث تزحلقت العجلتان الخلفيتان نحو القناة المنخفضة وأصبحت مقدمة السيارة بأتجاه شامبورتن.
فتحت عينيها بعد لحظات من الغضب العارم , المشبع بالصدمة والخوف , فلم تشاهد ألا السماء التي تلبدت ثانية بالغيوم السوداء , أطفأت المحرك وحاولت الخروج من السيارة , التي كانت تشكل مع حافة الطريق زاوية من خمس وأربعين درجة , لم تتمكن من فتح الباب بالسهولة التي تصورتها
ففتحته لها بيار وهو يسألهاببرودة تضج سخرية وأستنكارا:
" تحاولين الهرب مرة أخرى؟".
تطلعت نحوه , فلم تجد برودة مماثلة في عينيه ونظراته , كان يحدق بها بسخط بالغ , لا يوازيه سوى غضبها وحنقها , خرجت من السيارة , صارخة:
" ماذا كنت تفعل؟ تحاول تجاوزي في منعطف محفوف بالمخاطر .... حتى على الرغم من أقتراب سيارة أخرى من الناحية المعاكسة؟
"كنت أحاول أدخال الخوف والرعب الى قلبك , ويبدو أنني نجحت تماما في ذلك, الى أين كنت تظنين نفسك ذاهبة؟".
هزت رأسها بعنف لترجع شعرها الى الوراء , وقالت بحدة:
" الى باريس , ومنها الى لندن ,ولن تتمكن من منعي".
أشار الى سيارة البيجو ,وقال لها بلهجة جافة:
" ولكنني منعتك .... ولن أدعك تتابعين رحلتك , ستعودين معي الى شامبورتن".
"لا , يا بيار, فما نفع ذلك؟ لقد قلنا كل شيء ,وأنت وافقت على الطلاق.... وهذا هو كل ما كنت أريد معرفته".
تنهد وقال:
" لم أكن أفكر بالوضع القائم بيننا , بل بأتباع الأمور المتعارف عليها حسب الأصول , لا يمكنك مواصلة الهرب , يا ألاين , لمجرد سماعك كلاما لا يروق لك , ألم يحن الوقت بعد , لتنضجي وتصبحي راشدة؟".
" أنا ناضجة وراشدة!".
" تصرفي أذن حسب ذلك, وهيا معي الى شامبورتن , أنت مدينة لخالك , على الأقل , بسماع وصيته وحضور جنازته".
توقف لحظة , ثم تابع حديثه الهادىء قائلا:
" لا يمكنك أبدا تصور مدى الأنزعاج والضيق الذي أحس به الجميع , عندما هربت في العام الماضي.... ومدى القلق الذي شعر به كل منا , عندما أدركنا أنك لن تعودي في مساء ذلك اليوم الماطر , خافت أمي كثيرا من أحتمال تعرضك لحادث سيارة ... وأنا كذلك , ذهبت أبحث عنك على طول الطريق من هنا حتى أنجولام".
منتديات ليلاس
"حقا؟ ولكنك لم تكن في القصر! كان يفترض بك أن.......".
"قلت لك قبلا أنني تركت المدينة في وقت مبكر , لأشتري هدية عيد ميلادك , وصلت الى لقصر ,ومعي الهدية ,وجلست أنتظر , وعندما لم يظهر لك أي أثر , أصبت كالجميع بقلق عظيم".
ثم هز رأسه , وأضاف بالهدوء ذاته:
" وها أنت الآن تحاولين الأقدام على أرتكاب الخطأ نفسه , وتعذيبنا بطريقة مماثلة , لماذا؟ ألأنك لم تفكري؟ ألأنك تصورت أشياء غريبة عجيبة , كما حدث عندما شاهدت القداحة والقفازين في شقة سولانج ؟ لم تفكري بأحد آخر سوى نفسك , وبمدى الألم الذي أحسست به , لم تفكري بي أطلاقا".
كان المطر ينهمر بقوة في تلك اللحظة , وكذلك... دموعها , قالت له بصوت منخفض مرتجف ,وهي تمسح عينيها ووجهها:
" آسفة , لم أقصد أزعاج أحد أو أقلاق أي كان, لكن ... ولكنني شعرت بألم حاد ينخر عظامي عندما شاهدت تلك الأشياء في شقتها وسمعت ما قالته عن علاقتك بها ... وعندما وافقتها اليوم على كلامها.........".
أمسك بذراعيها وهزها قليلا ,وهو يقاطعها بتحد:
" ماذا تقولين ؟ هل تصورت أنني وقفت الى جانبها؟".
" نعم , فعندما أتهمتني بذكاء خبيث ماكر بأنني أسأت تفسير كلامها نظرا للتعقيدات اللغوية , صدقتها! قلت لها أن سوء التفسير والفهم , محتمل في مثل هذه الحالات , لم تصدق كلامي ,ولكنك قبلت تفسيرها هي لما حصل".
" وعليه ...قررت الهرب مرة أخرى! لم تزعجي نفسك بالأنتظار دقيقة أخرى , لكي تسمعي بقية الأشياء التي قلتها لها , آه , أيتها الحبيبة ,كم من مرة ستحصل هذه الأمور قبل أن تتعلمي؟ هل تريدين معرفة ما قلته لها؟".
"نعم, نعم".

" هيا أذن الى السيارة الأخرى , قبل أن نغرق , سنتصل بمارسيل من القصر ,ونطلب منه أحضار البيجو , أتصور أنه سيجد الموضوع ممتعا للغاية".
وضع ذراعه حول كتفيها , وسارا معا نحو السيارة الرمادية , لم تحتج أو تمانع , عندما أدار المحرك وأنطلق بأتجاه شامبورتن , ها هو اللعين يتولى زمام الأمور مرة أخرى , ولكن شعورها الآن مختلف نوعا ما عن السابق , عاد الأمل يرفرف في قلبها ,ويدغدغ مشاعرها وعواطفها , أنه رجل لعين , ولكنها تحبه كثيرا... وتعرف مدى رغبتها في تملّكه الكامل والتام لها!
" قلت لسولانج أنني أشك كثيرا في أمكانية حدوث سوء تفاهم , بسبب اللغة , لأنها كانت تتحدث مع شخص يعرف اللغة جيدا , عرفت أنها تكذب مجددا , كما فعلت معك في العام الماضي , وأصبحت أدرك الآن سبب كذبها , عرفت السبب فور وصولها الى بلفين , بتلك الصورة المفاجئة".
" أوه ! لماذا كذبت أذن؟".
أجابها بصراحة مطلقة:
" لأنني رفضتها ونبذتها".



اماريج 05-03-11 06:58 PM

"رفضتها ونبذتها؟ولكنني كنت أتصور أنك أبتعت أحدى لوحاتها".
" صحيح , ولكن الرفض كان لها وليس للوحاتها , فعندما ذهبت الى شقتها في تلك المرة الوحيدة لرؤية اللوحة , تظاهرت فجأة بأنها تعاني من شدة الهجر والبؤس ... وبأنها مشتاقة الي كثيرا , ونادمة جدا على عودتها بعد زواجي من أمرأة أخرى".
ثم مضى الى القول , بلهجة أكثر قساوة وسخرية:
" أقترحت علي أقامة علاقة والبدء من حيث أنتهينا , فرفضت رفضا باتا".
تذكرت أيلاين كلام مارجريت عن سولانج , فقالت:
" لم يعجبها ذلك بالطبع, فقررت الأنتقام".
" تماما , وقد تمكنت من تحقيق مآربها والأنتقام لعزة نفسها , خلال وقت قياسي لم تكن لتحلم به".
منتديات ليلاس
وصلا في تلك اللحظة الى المنعطف الذي تعرضت في نهاينه لتلك الحادثة البسيطة , فتنهد بيار ومضى الى القول بلهجة تحمل الألم والمرارة:
" زرتها أنت في وقت لاحق من اليوم ذاته , فأمطرتك وابلا من الأكاذيب عني وعن أمي وخالك والأرث , لو توقفت آنذاك لحظة جدية للتفكير الناضج , وأتيت لأطلاعي على ما حدث , لكان بأمكاني أيضاح كافة هذه الأمور خلال دقائق , كنت سأخبرك جميع المعلومات التي أطلعت عليها بنفسك ,خلال هذين اليومين ,ولكنك لم تفعلي ذلك , ولا أعرف حتى الآن سبب هذا التصرف, لماذا لم تثقي بي , يا أيلاين , لماذا؟".
" تألمت.... تألمت كثيرا , بحيث فقدت السيطرة على أعصابي ولم أعد أعرف ماذا أفعل ,كنا سعيدين جدا , أنت وأنا... هكذا كان شعوري أنا على الأقل ,وتصورت أنك مثلي , أوصلني وجودي معك وقربي منك كل يوم الى السماء السابعة , الى قمة السعادة التي لم أحلم قط بالوصول اليها , ثم قالت لي سولانج أنك تزورها.... وأوحت بأنك لا تزال تحبها ... فثارت أعصابي ولم أعد أتحمل سماع المزيد أنا.... تزوجتك , لأنني... لأنني أحببتك حبا جارفا ,وعندما أكتشفت فجأة أنك لا تحبني , كدت أصاب بأنهيار عصبي , وقررت الهرب".
زاد بيار من سرعة السيارة بشكل جنوني , ثم أوقفها بعد عبورهما الجسر في منطقة هادئة قرب النهر... وأطفأ محركها , وما هي ألا لحظات معدودة , حتى ضرب المقود بيديه
وصرخ:
" الكذابة المنافقة الوضيعة! صممت عمدا على تحطيم زواجنا , بسبب حسدها لك ,ولكن... ولكنك قلت قبل قليل أنك قبلت الزواج مني , لأنك أحببتني , أي حب هو هذا الذي يتضعضع وينهار كليا بمجرد مواجهته أمتحانا... حتى كهذا؟".
منتديات ليلاس
ثم نظر اليها بحدة , وأضاف بلهجة ساخرة تحمل الكثير من المرارة في طياتها:
" يا له من حب بسيط سطحي!".
ردت عليه أيلاين بعصبية مماثلة:
" لم أتزوجك على الأقل الا بسبب الحب , سطحيا كان أم عميقا, أما أنت فقد تزوجتني بناء على رغبة خالي , وهذا أمر لم تكذب به سولانج".
"رغبة خالك؟ أوه, لقد ذكرت لي ذلك من قبل , فقلت لي أيضا أنه أستخدم الرشوة معي, لكي أقبل بالزواج منك, من أين أتتك هذه الفكرة المستهجنة؟".
" أترجع... أتراجع الآن عنا قلته بالنسبة للرشوة , لأنني تأكدت اليوم من أنه لم يكن لديه أي شيء ليستخدمه كرشوة, ولكنني أعرف أنه هو الذي خطط لزواجنا , لأنه أبلغني ذلك بنفسه صباح أمس".
" التخطيط الوحيد الذي أعده خالك, حسبما أعرف, هو دعوتك في الصيف الماضي لتمضية عطلتك الصيفية في شامبورتن, ألتقينا نتيجة لذلك, ولكن التطورات التي تلت اللقاء كانت طبيعية وحتمية , شعر كل منا بأنجذاب نحو الآخر , فخدعنا نفسينا لتقتنعا بأننا نحب بعضنا ...".
توقف عن أتمام جملته وأبعد وجهه عنها
فأحتجت على كلامه بعنف قائلة:
" أنت الذي حاولت الخداع ,وليس أنا , أقنعتني ظهر ذلك اليوم الحار في الغابة, بأنك تحبني ,وبعدما أصبحت أعرف الآن أنك لم تفعل ذلك بدافع مادي أو سعيا وراء مكاسب مالية , لم يعد هناك ألا سؤال لا يزال يحيرني ويزعجني , لماذا تزوجتني.......".
أختنقت بقية سؤالها في حلقها , وجحظت عيناها , عندما شاهدته يدير وجهه القاسي نحوها فجأة ويهز كتفيها بعنف بالغ ...
صارخا بعنف مذهل كأنه بركان ثائر:
"" لا تفهمين ....لا تفهمين ,وهذه هي مشكلتك الكبرى والأساسية منذ البداية , تزوجتك لأنني أحببتك , ولأنني لم أقبل بأن تكون علاقتنا هامشية وعابرة ... والتسلل كاللصوص الى غابة هنا أو مرج هناك , أردتها علاقة عميقة , وطيدة , ودائمة........".
منتديات ليلاس
ترك كتفيها فجأة ووضع مرفقيه على مقود السيارة , ثم غطى وجهه بيديه وتمتم قائلا:
" رباه! أنك ترغمينني , من حيث تدرين أو لا تدرين على التصرف معك بطريقة مجنونة وبعيدة كل البعد عن طبيعتي ووجداني... على أستخدام الوحشية والعنف اللذين لا أقرهما أطلاقا".
ضحك بألم , وأنهى كلامه المطول بالقول:
" وصلت بي مرحلة اليأس الى درجة الموافقة على منحك الطلاق , لأنني أحبك كثيرا ولا يمكنني تحمل رؤيتك حزينة ومتألمة بسبب زواجك مني.....رغما عنك".
هدأ روع أيلاين بصورة تدريجية بطيئة ,لغ ذعرها ذروته أثناء الهجوم العنيف الذي تعرضت له قبل لحظات , بدأت معاني وبعدما بدأت




اماريج 05-03-11 07:00 PM

كلماته الأخيرة تخترق عقلها وقلبها بهدوء وحذر , وظهرت أمام عينيها تلك الأشعة الخافتة من الأمل التي لاحظت مثلها قبل ساعات قليلة في مطبخ بيته , أحبها... ولا يزال يحبها ,وقال لها ذلك بنفسه ... وبصراحة تامة ,ولكن لا تزال هناك بعض الأسئلة التي تحتاج الى أجابة صريحة , قبل الأعتراف أمامه مجددا بحبها الجارف له
سألته بتردد:
" لو أنك أحببتني حقا , فلماذا لم تلحق بي الى لندن وتطلب مني العودة الى البيت؟ لماذا أنتظرت ثلاثة أشهر , ثم كتبت تلك الملاحظة الوجيزة الكريهة ؟ أوه , بيار , لو أنك تدري كم تعذبت وتألمت بأنتظار حضورك الى لندن ...وسماع مطالبتك لي بالعودة وسماع كلمة واحدة أخرى تعيد الحياة الى قلبي ... أحبك!".
لم يعلق على كلامها بشيء ,ولم يتحرك من مكانه , ظل صامتا بضع لحظات , ثم تحولت الثواني الى دقائق , فقررت أيلاين القيام بمحاولة أخرى
قالت له:
" أتصور أن أي خطوة من جانبك لشرح ما حدث , ستكون بمثابة كشف لروحك وشخصيتك , أنك لن تفعل ذلك أمام أي أمرأة... حتى زوجتك , وينطبق الأمر ذاته أيضا , على رفضك الأعتراف بحزنك وتعاستك".
منتديات ليلاس
ثم تنهدت , وتابعت حديثها قائلة بهدوء:
" لا بأس, فلن يهمني ذلك كثيرا ,ولكنني سأظل أتساءل دائما ولا أفهم ... وسأطرح أسئلة على نفسي بأستمرار , دون أن أحظى بأي جواب سوى من صنع خيالي , كيف سيكون شعوري , أذا رفضت مشاركتي أفكارك وعواطفك؟".
تطلع بيار نحوها , وعلى وجهه المتعب أبتسامة ساخرة
ثم قال لها فجأة :
" التفاخر... التفاخر والخوف أوقفاني عن اللحاق بك ,وفرضا علي كتابة ما سميتها أنت بتلك الملاحظة الوجيزة الكريهة , أنا أيضا تألمت كثيرا كما تعلمين , أحسست بأن هربك مني دونما أي تفسير أو تبرير , طعن كرامتي حتى الصميم , وأذلّ عزة نفسي ... ومرغ شرفي بالتراب , لعنت حاضري ومستقبلي , أن أنا ضعفت أمام الحب وحاولت اللحاق بك, تصورت ... كنت شبه مقتنع بأنك ستعودين".
"غطرسة , تكبر , عجرفة".

"ربما! ولكن أمتناعي عن اللحاق بك , قد يكون أيضا بسبب البساطة والسذاجة , فأنا آمنت بالقسم الذي تبادلناه يوم زواجنا , وتصورت أنك أنت أيضا ترمنين به وبقدسيته وديمومته , منحتك بعض الوقت للتفكير , ثم كتبت لك طالبا منك العودة , ولكنني خفت من تضمين رسالتي حقيقة مشاعري نحوك, في حال رفضك دعوتي وطلبي".
مد يده وأبعد خصلات شعرها عن وجهها , ثم سألها بمحبة وحنان:
" هل تفهمين الآن, يا حبيبتي ؟ أنا لست رجلا معقدا جدا , وأتوخى البساطة في كافة أعمالي وتصرفاتي وعاداتي, عرفت الحب لأول مرة في حياتي ... عندما ألتقيتك في الصيف الماضي , وفعلت آنذاك ما فعله والدي قبل خمسة وثلاثين عاما بعدما ألتقى والدتي... طالبتك بالوةاج , لم يكن هناك أي سبب آخر , أو أي ترتيبات من أي نوع من المرحوم خالك , أعرف أنه كان سعيدا جدا بزواجنا , وأنه صور لنفسه أن دعوته وحدها هي التي أدت الى ما يصبو اليه منذ فترة طويلة ,ما بك الآن؟ لماذا تبكين؟".
منتديات ليلاس
" لأنني سعيدة يا بيار, هذه هي دموع الفرح والسرور , أوه, بيار, لماذا لم تقل لي هذه الأشياء كلها من قبل؟".
أقترب منها كثيرا وقال لها برقة:
" لأنك لم تسأليني أبدا من قبل... لأنك لم تهتمي كفاية لكي تسألي".
" أحبك... أحبك منذ البداية , ولم أتوقف أبدا عن هذا الحب".
رفع رأسه , وقال لها عابسا:
" لماذا أذن لم تعودي قبل الآن؟لماذا هربت تسعة أشهر رائعة من حياتنا الزوجية؟".
" لأنني لم أعرف مدى حبي الهائل لك , ألا عندما رأيتك ثانية , ربما كان من الضروري أن أبتعد عنك مرة ثانية".
" أحب أن أعانقك , وألا أدعك تبتعدين عني أبدا... ولكنني أفضل القيام بذلك في مكان أفضل من هنا , من حيث الراحة والبعد عن أعين الفضوليين , الى أين سنذهب؟ بلفين أو القصر؟".
أحست أيلاين بطعم الأثارة الحقيقة , وبشيء من الخجل والأرتباك نتيجة النظرات التي كان يوجهها لها , قالت له بصوت يرتجف عشقا وهياما :
" أحب الذهاب الى بلفين , ولكن... ولكنه يجدر بنا التوجه حالا الى شامبورتن قبل أن يساورهم القلق هناك بسبب هذا التأخير , وعلى أي حال , فأنه يفترض بك حضور الأجتماع الذي سيعقد في تمام الحادية عشرة لقراءة الوصية".
" سنذهب أذن الى شامبورتن , ولكنني أريد أولا...".
رفع رأسها نحوه ونظر في عينيها بتلك الطريقة التي أستخدمها في الليلة الفائتة ... والتي تبدو كمعاقبة لها على تمضية هذه الفترة الطويلة بعيدا عنه , شعرت أيلاين برجفة قوية في جسمها ...وبأنها كانت على وشك الأختناق , تنفست بقوة وأسندت نفسها الى كته, فقال لها:
" لم يعد يهمني كثيرا سبب هروبك مني , لقد عدت , وستبقين معي الى الأبد , وتأكدي بأنك أذا حاولت الفرار ثانية , فسوف ألحق بك الى نهاية العالم... وأعيدك الى هنا".
أبعدها عنه برفق ومحبة , ثم أدار محرك السيارة وأطلق لها العنان بأتجاه شامبورتن , ثم قال لها بعد لحظات:
" أتصور أنك تعرفين الآن, من المحامي لوجيه, بأن شركة سان فيران تملك كل شيء".
تابعت أيلاين تسريح شعرها ,وهي تقول له:
" عرفت بعض المعلومات منه , والبعض الآخر من والدتك , لماذا لم تخبرني بذلك يوم وصولي , عندما أتهمتك بأنك تزوجتني لتشاركني الأرث؟".
"كنت على وشك القيام بذلك, لأنني دهشت كثيرا من أتهاماتك , لم تكن لدي أي فكرة على الأطلاق , أنك لا تعرفين ألا القليل عن شؤون خالك , ثم قررت أستخدام أقتناعك ذاك , لحملك على القبول بتلك المصالحة الزائفة المزعومة".
ضحك بصوت عال , ومضى الى القول:
"لم تكوني بحاجة ألا الى بضع كلمات مختارة بعناية , لكي توافقي على أي شيء يحرمني من التحول الى وريث وحيد ... لا يا حبيبتي ! لا تهاجميني الآن , فقد تواجه السيتروين وضعا مماثلا للبيجو".
"ولكن, كان بأمكانك أطلاعي على ما حدث معك بالنسبة لبلفين".
" لم أتصور أطلاقا أن الأمر يهمك".



اماريج 05-03-11 07:02 PM

" لقد أعجبني البيت كثيرا , وأعتقد أن بأمكاني جعله أكثر جاذبية ... هذا بالطبع أذا سمحت لي بأجراء بعض التعديلات عليه".
أبتسم وقال لها مداعبا:
" هل يعني هذا أنك رفضت عرضي بالطلاق؟ هل يعني هذا أنك على أستعداد للأستقرار هنا, وللتصرف كزوجة هادئة مسالمة لرجل فرنسي عادي ... لمزارع بسيط؟ هل ستعدين الطعام والقهوة , وتنظفين الثياب والمفروشات , وتهتمين بكافة شؤون البيت الداخلية؟".
قالت له بلهجة مرحة ,وهي تشعر معه بأرتياح لم تعرف له مثيلا من قبل:
" سأفعل كل هذه الأمور بسرور , ما دمت لا تسعى وراء أمرأة أخرى".
"ولماذا أريد القيام بأمر كهذا , طالما أنني أجدك في بيتنا كل ليلة... وأعرف أنك ستمنحينني كل السعادة التي أحتاج اليها؟".
" حقا يا بيار؟".
"حقا يا أيلاين".
دخلا باحة القصر وشاهدا سيارتين متوقفتين قرب المدخل , فقال بيار بشيء من العصبية والتأفف:
" اللعنة ! الشقيقتان العزيزتان موجودتان هنا , وهذا يعني أضطرارنا للتصرف بتهذيب ولباقة وعدم الأبتعاد عنهما كثيرا , فهل يمكنك أنتظار ذلك , يا حبيبتي؟".
" أذا تمكنت أنت؟ فسوف أتمكن الى القول:
" أوه, يدك! سوف يسألك عنها الآن جميع الموجودين في المنزل! ".
أوقف السيارة ثم أطفأ محركها , وقال بأنزعاج:
" لن تكون يدي الشيء الوحيد الذي سيسألون عنه! سيريدون معرفة بعض المعلومات عنك , ذلك أنني أخبرت أمي صباح اليوم بأن مصالحتنا كانت وهمية زائفة".
" أعرف, حدثتني هي بنفسها عن هذا الموضوع ,ماذا سنفعل لدى دخولنا ؟ هل سنخبرهم ؟".
أبتسم وقال:
" لا , سأتركهم في حيرة لبعض الوقت , هل تعتقدين أنك قادرة على التظاهر , لبضع ساعات فقط , بأننا لسنا على وفاق ؟ سنمازحهم قليلا".
"سأحاول ,ولكنني سأجد صعوبة بالغة... لأنني أتحرق شوقا يك ".
" أعرف, يا حبيبتي, ولكن تذكري أن الأنتظار سيزيد من متعة اللقاء".
دخلا الى البيت , فقابلهما جاك ليقول لهما أن السيدة مارجريت تنتظرهما في قاعة الجلوس , تطلع بيار نحو أيلاين وقال لها:
" أصعدي الآن لأستبدال ثيابك , فيما أدع جاك يضمد هذا الجرح بطريقة صحيحة , سأراك في الفاعة بعد قليل".
منتديات ليلاس
أستقبلتها مارجريت بعد ربع ساعة بالقول:
" أنا سعيدة بعودتك , أيتها الحبيبة , فقد بدأت أقلق عليك , هل تذكرين أبنتي الكبرى جانيت وزوجها جيل والصغرى ماري وزوجها برنار؟ جيل, أحضر كوبا من العصير لأيلاين... أذا سمحت".
جلست قرب الشقيقتين , وراحت تجيب على أسئلتهما عن صحتها وأحوالها ... وتسألهما بدةورها عن أولادهما , سألتها مارجريت فجأة:
" هل سارت الأمور على ما يرام في بلفين؟".
"نعم , عاد بيار معي , وسينضم الينا خلال دقائق معدودة ".
" أنا سعيدة , سنتناول العشاء معا , فهذه هي أحدى المرات القليلة التي يكون فيها جميع أولادي معي".
دخل بيار بعد قليل , فحدثت ضوضاء قوية لأن الجميع بدأوا يتحدثون في وقت واحد ... بأستثناء أيلاين , اتي كانت تنظر الى زوجها وحبيبها طوال الوقت , وعندما أنتهى العشاء ووزعت القهوة على الموجودين , عادت الشقيقتان الى التحدث وتوجيه الأسئلة , ثم وقفت الأخت الكبرى , وقالت أن الوقت قد حان لتوجهها هي وزوجها الى لاروشيل ... نظرا لبعد المسافة ,وقف الجميع ,فمدت يدها نحو أيلاين قائلة:
" أستودعك الله , لن نتمكن من حضور الجنازة ,كما أنني أتصور أنك ستعودين الى لندن بعدها مباشرة".
أحست أيلاين بالعرق البارد يتصبب من جسمها , فيما صمت الجميع وحولوا أنظارهم اليها... وكأنهم يتهمونها بأرتكاب جريمة فظيعة رهيبة , وهذا حقهم , وبخاصة أنهم يحملونها مسؤولية تعاسة بيار وحزنه , ولكنهم لن يفهموا ذلك أبدا , قالت بصوت ملعثم :
"لا... لا أعرف بعد, يا جانيت, لست... لست متأكدة , سررت برؤيتكما أنت وجيل , شكرا لحضوركما".
غادرت ماري وزوجها برنار القصر , بعد نصف ساعة من ذلك , أعلنت مارجريت أنها ستذهب الى النوم , ثم سألت أبنها:
" هل ستبقى الليلة هنا , أم أنك ستعود الى بلفين؟".
"سأبقى هنا , يا أمي, كي أحضر الأجتماع المقرر مع السيد لوجيه , تصبحين على خير , أيتها الحبيبة".
قطبت مارجريت حاجبيها , وهي تنظر الى يده اليمنى , وقالت:
" أرى أنك جرحت يدك يا بيار ,هل تؤلمك كثيرا , يا بني؟".
"لا , فالجرح عادي وبسيط للغاية ".
" أنا مسرورة بحضورك هذا المساء مع أيلاين, وأتمنى..".
لم تكمل جملتها , وأدارت وجهها عنهما لتصعد الى غرفتها , ولكنها نظرت اليهما ثانية ,وقالت:
" تصبحين على خير يا أيلاين , تصبح على خير يا بني , سأراكما غدا بأذن الله ,وربما ستخبرانني سر هذه السعادة الفائقة التي تشعران بها!".
أنتظرا حتى وصولهما الى غرفتها وسماعهما أغلاق الباب , ثم تحولا الى بعضهما , تشابكت يداهما وصعدا صامتين نحو غرفة النوم في برج القصر , وما أن أغلق بيارباب الحجرة وراءهما , حتى رفع رأسه وقال متمتما:
" أعتقد أن أمي أحست بالموضوع".
" وأنا أعتقد ذلك أيضا".
ثم خلعت حذاءها , وأضافت قائلة:
" أخشى أنني فضحت السر أثناء العشاء".
سألها عن سبب أعتقادها هذا, ضحكت بصوت خافت , ثم أبتعدت عنه قليلا وقالت له:
" كنت أحدق بك طوال الوقت , وعندما ودعتني جانيت وجاءت على ذكر العودة الى لندن , شعرت بالأرتباك الشديد ولم أتمكن من التعليق على كلامها , أردت أفهامها بأن البقاء هنا أو الذهاب الى بريطانيا , ليسا من شأنها أطلاقا".
" أنا مسرور جدا لأنك لم تفعلي ذلك , أذ كان جواب كهذا سيثير بعض الحساسيات والمشاكل التي نحن بغنى عنها ".
تلاقيا قرب النافذة ووقفا هناك بضع لحظات , فيما كان ضوء القمر يغمر معظم أرجاء الغرفة , وفجأة قال لها بتحد رقيق:
" لنكتشف الآن ما أذا كانت رحلة السعادة تستحق كل هذا الأنتظار".
هزت رأسه المتكىء على كتفها وسألته بصوت دافىء:
" هل كانت تستحق الأنتظار؟".
أجابها هامسا بصوت يضج أرتياحا:
" ماذا تعتقدين أنت؟".
" أعتقد أنها كانت ذروة في البهجة والهناء , ولكنني آمل في ألا تزعجك النتائج , التي ستتمخض عنها".
رفع رأسه لكي ينظر الى عينيها , وسألها مستفسرا:
" ماذا تعنين بذلك؟".
"بعد ليلة أمس وهذه الليلة ... قد نرزق أجمل ما في هذه الحياة , هل تفضل صبيا أم بنتا؟".
" رباه! لم أفكر بهذه المسألة أطلاقا!".
منتديات ليلاس
أنفجرا ضاحكين كمن أصابهما مس من الجنون , وقالت له:
"كم أنا سعيدة , يا حبيبي, لأنك أنت أيضا لا تفكر في بعض الأحيان".
ثم طوقته بذراعيها ,وسألته بهدوء:
" هل أخبرك الخال أرمون عن حلمه , في أن يثمر زواجنا عن طفل يصبح الوريث الشرعي لشامبورتن؟".
"نعم , قال لي ذلك ليلة الجمعة, عندما أمضيت معه فترة طويلة".
توقف لحظة , ثم مضى الى القول:
" ولكنني أرجو مخلصا في ألا يجعلك ذلك تتصورين , أن هذا هو سبب حبي لك".
"لا , لا , يا حبيبي , لم تصور ذلك أبدا , على أي حال , فشامبورتن لم تكن له ليترك شيئا منها لأحد".
وأضافت بصوت جدي هامس:
" أرجو أن تغفر لي تصوري جميع هذه الأشياء الفظيعة عنك".
" سأغفر لك , أذا سامحتني أنت عن كافة تصرفاتي الخسيسة معك, لم أتمكن من السيطرة على نفسي وأعصابي , أنتظرتك فترة طويلة للغاية, وفجأة وجدتك قربي... جميلة , رائعة , جذابة , ومغرية.....".
"كفى , فأنا أيضا كنت أتحرق شوقا اليك... حتى على الرغم مما قلته اليوم , من أن الحب لم يكن جزءا مما حدث".
"قلت لك ذلك , لأنني لم أكن متأكدا من كيفية شعورك أنت".
"ولكنك تعرف الآن , أليس كذلك؟ قلها يا بيار, أرجوك, قلها , لأنها حقيقة ثابتة لا غبار عليها , أحببتك أمس , وأحببتك اليوم, وسوف أظل أحبك الى الأبد... ولن أبتعد عنك بتاتا ".
"لن يحدث ذلك أبدا , يا حبي , لأنه لن تسنح لك فرصة ثانية".


تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع للزائرين وللاعضاء
وكلي امل انو الرواية نالت رضاكم ياحلوين :liilas:
لكم ودي وحبي اماريج:flowers2:



الساعة الآن 03:11 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية