منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t150725.html)

اماريج 03-11-10 05:13 AM

82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_12887551781.jpg
صباكم ومساءكم ورد ياحلوين
:flowers2:
اليوم راح انزل رواية حلوة كتيرررر وروعة هي من روايات عبير القديمة
وانا كتيررر بحبها وحبيت اشاركم فيها ويارب تنال رضاكم ياحلوين :flowers2:
للامانة الرواية منقولة
اسم الرواية :الحمقاء الصغيرة
الكاتبة :
آن هامبسون

الملخص

تحت شمس افريقيا الحارقة كانت كيم تعيش في كنف مخدومها بارت ناش , الكاتب الذي انقذها بعدما هامت على ووجهها اثر وفاة اهلها و خطيبها في حادث . كيم نذرت شبابها لهذا الرجل الطيب وهو اعتبرها ابنة له , لكن حان الوقت لتقاعده , وقلبه بحاجه الى عملية جراحية و لا يريدها ان تعرف بها .
منتدى ليلاس
لذلك وجد بارت ان زواجها من روك صديقة العازب المكرس مناسب للغاية
...و تكتشف كيم ان الحب لم يكن اساس زواجها فكادت أن تنجح في الهرب منه , لكن حقيقة اخرى لم تكن تعرفها كيم جعلتها تتصرف كحمقاء صغيره , فقد كان روك يحبها بصرف النظر عن الظروف ...

:liilas:
قراءة ممتعة للجميع

اماريج 03-11-10 05:17 AM


1- ذكريات ولقاء
*******************
عبق الهواء بأريج ساحر فيما أسرعت كيم وهي فوق حصانها الرمادي الجميل سامي , الذي أهداها أياه رب عملها , عبر الممر الترابي المؤدي الى مسكن كاتانيا , وتمايل شعرها الأشقر الطويل فوق كتفيها وهو يلتمع تحت أشعة الشمس الأفريقية , ألا أن الجزء الأمامي شكل ذؤابات صغيرة رطبة ألتصقت بجبهتها البيضاء الصافية , وأسودت عيناها الزرقاوان العميقتان الواسعتان المكسوتان بأهداب طويلة عندما لمحت الحصان الضخم مربوطا الى شجرة عند الرواق الخلفي.

أدركت أن روك لنتون وهو المالك الوحيد للأحراج المجاورة , الذي يوظف عشرات الغلمان الأفارقة فيها ويصمم على القاء ويصمم على البقاء عازبا لأن رأيه في النساء يدفع أي أنثى أن تفقأ عينيه الرماديتين القاسيتين , يزور رب عمل كيم وهو مؤلف شهير لكتب الطبيعة والأسفار .
منتدى ليلاس
ترجلت كيم عن الحصان وهي تفكر كيف بدأت العمل مع بارنلت ناش في الأساس , كانت هائمة على وجهها في مروج دربي شاير والدموع تنهمر على وجنتيها البيضوين وهي تتمنى لو أنها ماتت مع والديها وخطيبها في حادث اصطدام سيارتهم بشاحنة مسرعة , ورأت كيم بارت- كما يدعوه أصدقاؤه-يدب على يديه ورجليه , فسقطت عليه لأنها لم تتوقع أن تلتقي أحدا في تلك المروج المنعزلة , لا سيما شخصا يتصرف على هذا النحو.

وأعتذر بارت بسرعة فيما نهض ليوقفها , وفي الحال أبصرت عيناه البنيتان الحادتان وفي أقل من عشر دقائق سمع قصتها بأكملها , فقد وجدت آخر الأمر شخصا تتحدث اليه , كلمته وهي تحاول تخفيف الألم الضاغط بثقل على قلبها وفكرها
قال بارت مشفقا:

" هل أنت وحيدة في العالم الآن يا أبنتي؟".

أجابت والغصة في حلقها تكاد تخنقها بعد أن سالت دموعها مجددا:
" أجل , ليس لي أحد على الأطلاق , وعليّ أن... أن أترك البيت الذي أعيش فيه لأن صاحبه يريد بيعه".
وعلى الفور تحول بارنلت ناش الى رجل أعمال نشيط , فوضع العدسة المكبرة التي كان يستعملها لمراقبة تحركات خنفساء بين الأعشاب الكثيفة القاسية , فيما ألتقط الجراب بأحدى يديه ليمسك بالأخرى كوع كيم
ولم تدرك كيم ألا بعد وقت طويل وعندما تمكنت من تقييم الوضع بتجرد , أن القدر تحكم بحياتها كليا , فنقلها من ليل الأحزان الى أنوار الفجر ثم وضح النهار.

منتدى ليلاس
وهنا قطعت كيم تأملاتها لتتحدث الى الحصان الذي أحبت ركوبه :
" سامي , أنت حر الى مثل هذا الوقت في الغد".
صهل الحصان عند الجانب الآخر من السياج قبل أن ينطلق نحو الأصطبل , وأستأنفت كيم تأملاتها وهي تتجه الى البيت .
أدخلها بارت سيارته التي وصلاها بعد أن سارا خمس عشرة دقيقة ,وأخذها الى منزله حيث أجبرها أن تتناول بعضا من السمك المطهي بالبخار , الذي أشترته مدبرة منزله لتقديمه على االعشاء , ثم طلب من مدبرة المنزل أن تهيء السرير الأضافي وأصر على أن تبيت كيم ليلتها في منزله.

وما حدث بعد ذلك رمى ألى أن تنسى كيم حزنها بعض الشيء على الأقل , فقد تركت سكرتيرة بارت عملها منذ شهر , ولم يستطع العثور على بديل مناسب , فعرض الوظيفة على كيم ,التي عملت من قبل طابعة على الآلة الكاتبة في أدارة متجر كبير للأدوات المنزلية , وقد تركت عملها لأربعة عشر يوما.

اماريج 03-11-10 05:18 AM

وبينما صعدت درجات الشرفة تذكرت أنه سرعان ما ضاق مديرها بها ذرعا , ثم نصحها بأن تلزم بيتها الى أن تستطيع أستئناف العمل , لكنها لم ترجع اليه أذ قبلت عوض ذلك المنصب الذي عرضه عليها بارت

قال لها:
"لديّ كثير من العمل لأن سكرتيرتي غابت منذ وقت طويل , وليس العمل سوى طباعة ملاحظاتي المدونة , وهذا لا يتطلب تركيزا شديدا , أطبعي هذا يا كيم من دون أن تكترثي للأخطاء , فهذه ليست النسخة النهائية للكتاب".
وما لبثت كيم أن أقامت في منزله الأنيق كما قامت على خدمتها مدبرة المنزل التي تشبه رب عملها تفهما ولطفا , وأهتم بارت ببيع أثاث كيم , كما نقل الى بيته بعض القطع التي أرادت الأحتفاظ بها , وسهّل بارت الحياة على كيم بكل طريقة ممكنة , مما جعلها تقسم ألا تترك العمل عنده الا حين يجد أنه لم يعد بحاجة اليها , وربما كان ذلك عند تقاعده .

وخلال السنوات الثماني الماضية قطعت كيم آلاف الأميال مع بارت , وكان عليها الآن ,وهي في السادسة والعشرين من عمرها , أن تقضي سنة أو يزيد في أفريقيا حيث تساعده في أبحاثه وطباعة ملاحظاته وتقوم قليلا على خدمته لأنه لم يصطحب مدبرة منزله التي يمكنها التكيف مع أهوائه الغريبة نوعا ما , وبعد أنتهاء العمل الميداني وطباعة الملاحظات عليها هي وبارت أن يرحلا الى أميركا الجنوبية حيث سيعكف على وضع كتاب في السفر والسياحة.


وأنقطعت كيم عن التفكير لتقف وتتطلع حولها , لقد أمطرت خلال الليل ,فأمتلأت الأرض برائحة الرطوبة وبدا كل شيء أخضر ينبض بالحياة برغم أن زهور الناعمة في الحديقة تضررت لسوء الحظ, وسمعت دبيب الحشرات في نباتات الخبازى وتغريد عصفور شجي يطير بسهولة من شجرة سنديان قصيرة ليستظل شجرة حور باسقة.

وبعد لحظات أستدارت ودخلت غرفة الجلوس حيث أبتسم لها روك أبتسامة ساخرة مألوفة وهو يرمقها بنظراته الجامدة فيما بدا أن بصره نفذ الى ما وراء قميصها القطني المخطط وسروالها اليجينز
وقال بلا مبالاة:

" كيف حال الآنسة مايسون؟ هل أستمتعت بتمرين الركوب؟".
فرفعت كتفيها ببعض الكبرياء في أيماءة أعتاد روك عليها
وقالت بلهجة تثير الغضب:

" كثيرا يا سيد لنتون , أرى أنك قصدت ألينا وأنت تركب الحصان ,ولا شك أنك ستبتل في طريق عودتك ".
منتدى ليلاس
ضاقت حدقتا روك ,وقبل أن يتفوه بجوابه الحاد , تكلم بارت وقد قطب جبينه:
" كم أتمنى لو تكونا أكثر مودة أتجاه بعضكما , الآنسة مايسون؟ السيد لنتون؟ أسمان يبدوان ثقيلين على السمع".
وأزداد عبوسا فيما وبخهما وتفحصت عيناه البنيتان وجهيهما مداورة:
" أنكما تعرفان بعضكما منذ أكثر من ثلاثة أشهر , فما بالكما تخاطبان بعضكما بهذه الطريقة التي توحي الى من يسمعكما أنكما خصمان متباغضان....".

فأعترضت كيم قائلة:
" أنا لا أحتد في وجه أحد يا بارت".
ثم رمقت روك بنظرة قبل أن تحدق الى السماء حيث تجمعت سحب المطر منذرة بهبوب العاصفة , وعلى رغم أنها كانت بعيدة في الأفق , فقد حجبت الشمس
ورد بسرعة وقسوة:

" أنت لا تحتدين كثيرا ".
فعلّق بارت متجاهلا أعتراض كيم:
" أنها لا تحتد في وجه أحد سواك".
وألتفت روك اليها مداعبا وساخرا من حمرة الخجل على وجهها وألتماع الغضب في عينيها
فقالت:

" قلت أنني لا أحتد , وأعني بذلك أنني لا أحتد في وجه السيد لنتون".

" حسنا , والآن لا أظن أن بأستطاعتك أن تنكري ذلك.....".
وتنبه بارت من شروده أذ كان يفكر بمشكلة تتعلق بعمله , وأضاف وهو يتنهد بعصبية:
" أن كلا منكما يحتد في وجه الآخر كما قلت , والآن لماذا لا تتصافحان وتحاولان نسيان السبب؟ قولا لي ما السبب وراء ذلك كله؟".
طلب ذلك فيما بدا مستغربا أنه لم يطرح هذا السؤال من قبل .

اماريج 03-11-10 05:19 AM

ونظرا الى بعضهما ثم أخذ كلا منهما يتذكر مشهد لقائهما الأول , كانت كيم تتجول على طول ضفة الجدول الصغير الذي يخترق مزارع روك,وبناء على ما تذكرت كيم من حرية عشاق الطبيعة المطلقة في التجول في مروج دريشاير , لم يخطر لها أنها تتعدى على حرمة ممتلكات أحد .
وطردت أي فكرة بهذا المعنى فورا , فهي لا تؤذي أحدا بسيرها على جانب الجدول الرائع المتعرج ذي الضفتين الفرحتين بأزهارهما البيضاء التي قد تصبح محط أهتمام بارت عما قريب , فهو قد يكتب عنها ضمن باب الأزهار في كتابه الجديد .
ثم سمعت صوت رجل عميق يناديها :

"مرحبا ,من أنت؟ وماذا تفعلين في أرضي؟".
منتدى ليلاس
أوقفت نبرته الشعر في جسمها ,.فهو رجل متعجرف ومغرور
لذا أستدارت كيم وأجابته بتحد:

" لا يفترض فيّ أن أعرف أرض من هذه ,وبما أنني لا أزمع أيذاء شيء , لا أرى أن معرفتي قد تعني شيئا في أي حال ,ولست أنوي ألا أن أسير على طول ضفة الجدول".
أعقبت ذلك فترة صمت مثيرة حدقت خلالها كيم الى الرجل , الذي لم ترهبها قسماته , وألقت نظرة متفحصة على شعره المتجعد الضارب الى السواد والمتجعد ,والى جبهته العالية وجفونه السوداء وأنفه المستقيم وفمه الغليظ والمغري , وكان جسمه رشيقا قويا مثل أجسام الرياضيين يرتفع ستة أقدام ,وقدرت أنه يقارب الثلاثين برغم أن سنه بدت أكبر من ذلك لأن جلده قد أكتسب لونا برونزيا لامعا نتيجة حياة القفار والعمل تحت أشعة شمس أفريقيا اللاذعة مما شكل تغضنات عند أطراف عينيه
وكثيرا ما كان عليه أن يضيّق حدقتيه , الأمر الذي جعلها تقرر ساعتئذ أن تزيد من أستعمالها لنظارتيها الشمسيتين , ثم رفعت رأسها ثانية لتنظر الى عينيه الحادتين اللتين كانتا تتقدان شررا ,ومع عبوسه وجدت نفسها تعترف مكرهة بوسامته
ثم سألها برقة ولطف:

" من أنت؟".

وبالرغم منه , وجدت كيم نفسها تقر بهزيمة جزئية :
" أنا أعيش في مسكن كاتانيا , وأعمل عند الكاتب الذي يقيم هناك بعض الوقت".
وتمتم بينه وبين نفسه:
" أظن أنه أستأجره من أسرة جوينسون".
فتكون لدى كيم أنطباع بأنه كان يتمنى لو أن جيرانه لم يذهبوا الى أنكلترا لسنة , ويؤجروا منزلهم لرجل سيجوب المكان زحفا على بطنه وهو يحمل عدسة مكبرة ليفحص تحركات الحشرات وأجزاء الأزهار

وتهيأ لكيم أن ذلك الرجل يعتبر هذا النوع من العمل تافها وذلك قبل أن تعلم أن عمله يتعلق بالأشياء الضخمة لا سيما الأشجار العملاقة التي يربيها بقصد بيعها
ومضى ليقول بعد أن أنتهى من تفكيره:

" حسنا يا آنستي , لا أود أن أراك ثانية في ممتلكاتي".
ثم ضاقت عيناه الرماديتان وفمه المغري:
" وأذا حدث أن وجدتك تتخطين حدود أرضي , فسأضطر أن أحدث رب عملك بذلك, وعليه أنصحك بأن تحترسي في سيرك".
منتدى ليلاس
وأبتسم وهو يشير لها بفضول أرتسم معه الغضب في وجنتيها.
غضبت كيم علما منها بأنها على خطأ وأنه على صواب , وأستدارت بسرعة لشدة غضبها , فزلت قدمها وسقطت على وجهها في الجدول , أما الرجل , فقهقه وهو يقف واضعا يديه على وركيه من دون أن يحاول مساعدتها على الوقوف
فصاحت:

" أيها....".
ومنعها غيظها من نطق بقية الجملة , فيما أخذت تزيل الوحل عن ثيابها بيديها
وأشار لها بيده:

" من سوء الحظ أنك لم تسقطي في المجرى الأكثر عمقا .... هناك عندئذ فقط كنت ستعرفين معنى تغطيس المجرمين عقابا , وقد أعتاد مواطنوك فيما مضى أن يغطسوا النساء , وأنها لخسارة أن يلغى هذا النوع من العقاب الذي كان يثبت فاعليته مع مثيلاتك من النساء اللواتي لا يعرفن حدودهن".
وقبل أن تجد كيم ما تجيبه به, أدار ظهره لها وأندفع مبتعدا بسرعة مذهلة.


اماريج 03-11-10 05:20 AM

تنحنح بارت بعصبية , فقطع على كيم أحلام يقظتها , وجلس روك في كرسيه ينظر اليها بسخرية فيما أجاب عن سؤال بارت بنبرة تنم عن شيء من الحقد:
"لا يمكن القول بأن بداية معرفتنا كانت سعيدة يا بارت, لأن الآنسة مايسون أظهرت أتجاهي بعض الوقاحة , وكان قصاصها العادل أن سقطت في الجدول , وأقر بأن عملية تغطيسها كانت نافعة أذ لم تحاول أن تدخل أرضي ثانية على حد علمي".

ثم أدارت كين رأسها لتتذكر شيئا تنصتت اليه في نادي الكامليون , الذي أنضمت اليه هي وبارت بعد وصولهما الى جنوب أفريقيا ,كانت كيم في الحديقة تتنشق الهواء تحت جنح الظلام , وفجأة وجدت نفسها تصغي الى جزء من محادثة جرت بين صبيتين غالبا ما تترددان على النادي.
" أن وقاحة روك لنتون لمذهلة , لقد كدت أصفعه عندما قال بلهجته الساخرة أن على النساء ألتزام حدودهن , وهو يعني بذلك البيت".
أجابت الفتاة الثانية :
" أنه بالطبع يعني المطبخ , وأنه لمن دواعي الأسف أن يفكر بهذه الطريقة , ولكن عليك أن تعترفي أنه غاية في الأناقة , وأنه حاذق في ترتيب هندامه , أنه الزوج النموذجي....".
منتدى ليلاس
" آه , أما أنا , فلا أريد أن أستعيده".
" ولكنك يا سوزان عشقته لسنوات عديدة ".
" كفاك كذبا يا ليندا".
" حسنا ,أنا لا أكترث بما تقولين , فهو سيكون زوجا رائعا لو كان أقل غرورا وسخرية في ما يتعلق بالنساء".
" أنه عازب مكرس يصمم على عدم الزواج ,وقد قال لي ذات مرة أن المرأة التي ستجبره على تسليم حريته بالحيلة أو بالأغراء لم تخلق بعد".

قهقهت الفتاة الأخرى:
" بالحيلة أو بالأغراء؟ من المؤكد أن هذا القول ينسجم مع طبيعة روك , كم أتمنى أن أرى اليوم الذي يتراجع فيه عن هذه الكلمات ".
منذ تلك الليلة بدأت كيم تعرف روك عن كثب أذا نشأت صداقة بينه وبين بارت خلافا لما توقعت , وغالبا ما كررت التعبير عن تلك الرغبة لأن وقوع روك في هوى أمرأة ما سيبعث فيها رضى لا يوصف , كم ستغيره , وهو لن يستطيع أن يرد عليها بجواب لاذع من أجوبته المعروفة
بل سيقبل كل ما ستقوله , ورمقته بنظرة من مجلسها على الأريكة المغطاة بقماش قطني مطبع , فوجدته يستوي على مقعده بأرتياح وهو يمد رجليه الى الأمام , ولاحظت عيناها الحادتان فيه كبرياء وغرورا أثارا حفيظتهما ,وبدا, وهو يعتد بحصن عزوبيته , في غاية الرضى عن نفسه نتيجة التباهي بمناعته
أجل , لقد تمنت بحق أن ترى دفاعاته تنهار أمام أمرأة يقع بهواها .


أما هو , فرماها بنظرة ثاقبة ساخرة فيما تنفست بصعوبة وهي تحول أنتباهها الى بارت , الذي غرق في الصمت وهو يفكر في ما قاله عن بداية معرفته المشؤومة بكيم , وفجأة عبس بارت فيما أحدث طقطقة عالية بلسانه
ثم همس:

" هذا مخز, أجل , أنه مخز.........".
" أن نكون أعداء يا بارت , أليس كذلك؟".
لم تقدر كيم أن تمنع نفسها من التفوه بهذا الكلام وقد رغبت أن ترى أثره على هذا الرجل المتعجرف الذي يتجنب النساء
فقال روك مبتسما أبتسامة خفيفة:

" أن تعبيرك قاس يا آنسة مايسون , أظن أن عبارة (أخصام) هي أكثر ملاءمة للوضع".
لقد سخر منها بمكر وعلى نحو يثير الغضب
فوجدت نفسها تكظم غيظها وهي تجيب رغم ذلك بحدة :

" لا فرق يا سيد لنتون".

أجاب وهو يطرق مفكرا:
" فرق ضئيل , فلا تعني كلمتا أعداء وأخصام المعنى نفسه".
تراجعت كيم أمام هذا التعريف الواضح لتجد رضى وفرحا كبيرين في السماء المتلبدة بالغيوم أذ أكفهر وجه الطبيعة وخيّم عليها ظلام العاصفة, ثم تنبأت وهي ترمقه بنظرة من تحت أهدابها الطويلة:
" ستهب علينا عاصفة عما قريب".
" هل تتمنين عليّ المغادرة؟".

هنا قطع بارت تفكيره ليقول:
" روك, ما هذا الذي تقوله؟ لا يمكن لكيم ألا تكون مضيافة وكريمة".
عقد روك حاجبيه قليلا فيما ضاقت حدقتاه:
" لا, يبدو أنك لا تعرف مساعدتك جيدا يا بارت على رغم بقائها معك أكثر من ثماني سنوات".
وبينما لاحظت كيم التغير المفاجىء في قسماته , كان بأمكانها أن تقسم أنه أضاف في سره:
" ثماني سنوات , يا ألهي كيف أمكنك أن تطيق كيم طوال هذه المدة؟".
ثم غادر بعد بضع دقائق وراقبت كيم تلبد الغيوم الممطرة ,وصلّت بحرارة أن تبتل جميع مسام جلد روك لنتون الذي ر يطاق.
منتدى ليلاس
لم تلتق كيم ألا مساء السبت التالي في حفلة النادي الراقصة , دخلت كيم وقد أرتدت عباءة ثمينة ذات ثنايا دقيقة صنعت من قماش التول الحريري الدقيق, وصبغت بلون أزرق فاتح يتحول تدريجيا الى لون داكن عند طرفها السفلي العريض ,ووجدت نفسها تحملق في وجه الرجل الذي أصبحت تكرهه أكثر من أي شخص عرفته
فوجدته أسمر ساخرا , وأقرت مرغمة بجماله الرائع أذ تألقت سمرته الضاربة الى الصفرة مع لون ياقة قميصه البيضاء بياض الثلج , كما سطع بياض قفازيه أزاء سمرة يديه الحادة , وتلألأ شعره لأسود بينما خيّل اليها أنه أرتدى ملابس السهرة تلك للمرة الأولى , ثم حياها بتجرد وبرودة مألوفين ورمقها بنظرة ثاقبة وهو يرفع يده ليخفي تثاؤبه:

"مساء الخير يا آنسة مايسون , هل حضر بارت معك؟".

اماريج 03-11-10 05:21 AM

" طبعا , فأنا نادرا ما أحضر الى هنا بمفردي يا سيد لنتون".
خلعت كيم عباءتها على الفور وألقتها على ذراعها بينما تأمل روك حركتها بشيء من الأهمال وهو يقول:
" لا أرى سببا لعدم حضورك الى هنا بمفردك , فأنت تعرفين عددا كبيرا من الشبان الذين يدعونك لمراقصتهم طبعا, وأذا لم أكن مخطئا فأن فال هدسون ينتظر أنتهاء حديثي معك حتى ينقض ويخطفك".
ثم أضاف بسخرية واضحة:
" ولكن, يا له من أحمق".

فصرفت أسنانها وهي تحملق فيه بحنق وتقول:
" هل ترى ضرورة لوقاحتك الشديدة؟ ما هي السعادة التي تغمرك حين تتصرف بطريقة كريهة تثير الأشمئزاز؟".
ولشد ما أشمأزت حين قهقه وهو يجيبها بهزء :
" كم أرغب أن أرى المرأة تظهر ضعفها".
فعبست في وجهه الأسمر وهي تستفسر عن معنى قوله , فكشف لها أنها أظهرت عن ضعفها حين غضبت
ألا أنها قاطعته:

" لست غاضبة على الأطلاق".
" أذن , أرجو الله ألا أراك غاضبة يا آنسة مايسون".
منتدى ليلاس
تنفست كيم الصعداء وهي تتنبه لمن يحيط بها من الناس الذين قد يستمتعون برؤيتها تجذب أنتباههم اليها وهي ترفع صوتها , ألا أن روك قرأ أفكارها بسرعة بديهته وضحك ضحكا خفيفا مرة أخرى
فألتفتت اليه وهي ترتجف بكبرياء:

" لن أبقى هنا أهان".
رفع روك حاجبيه ممازحا وهو يقول:
" لا شك أن بأمكانك الرد عليّ, فأنا لا أتصورك تتراجعين من دون أن تكون لك الكلمة الفصل".

فعبست مستغربة أذا كان يمازحها , ولو كان ذلك صحيحا , فما الدافع اليه؟ لا ريب أن هناك سببا فهو لا يتصرف من دون منطق
وقالت بعد تردد:

" أذا كنت تريدني أن أرد عليك حقا , فأسمع جوابي , أنك لا تطاق , فأنت تتحامل بعصبية على بنات جنسي , وتعلق أهمية زائدة على بني جبسك , ألم يخطر ببالك يوما أنك لم تكن لتقف هنا لو لم تحبل بك أمرأة؟".
ولكنه لفرط أشمئزازها تقبل كلماتها بهدوء وعدم أكتراث وشعور بالتفوق أثار حفيظتها أكثر من السابق
وقال:

" أنك تستعملين نعوتا قاسية يا آنسة مايسون ,وقد لاحظت ذلك من قبل , وكم أرجو مخلصا أن لا يخدع بارت ويترك لك حرية التصرف في مخطوطاته".
فشحب لون كيم لشدة غضبها , ألا أنها بقوة أرادتها وأنضباطها حافظت على كبريائها وهي ترمقه بنظرة أستخفاف من دون أن تنبس ببنت شفة , ثم أستدارت متجهة الى القاعة المجاورة لدورة المياه المخصصة للسيدات حيث تركت عباءتها قبل أن تخرج للقاء فال

وكان أهتمام فال بها وأعجابه الظاهر بمثابة البلسم لأعصابها المشدودة وخاطرها المكسور , فأستعادت توازنها ومرحها ,وسرعان ما نسيت روك لنتون , وركزت أهتمامها على فال , الذي تعرفت عليه بعد وصولها بمدة قصيرة والذي شابه خطيبها على نحو لافت أذ حاكاه في الطول والهيئة وزرقة العينين المرحة وشقرة الشعر وأتساع الفم المبتسم ,وبعد أن ألتقت كيم فال بضع مرات, وجدت نفسها مشدودة اليه, فسألت نفسها السؤال المحتوم : هل تكمن جاذبية فال فقط في أنه يشبه خطيبها ؟ لقد أمكنها أن تطرح هذا السؤال بتجرد لأنها تخلصت من الآلام والعذاب منذ فترة طويلة.


بيد أنها عجزت عن الأجابة على سؤالها ,وفجأة لم يعد يهمها الأمر وذلك لأنسجامها مع فال , الذي جمعتها به أمور كثيرة جعلتهما يتبادلان الأحاديث المفيدة والمسلية , ففال يعمل في مزرعة والديه مع أنه أعرب لكيم عن رغبته في تعاطي عمل فكري ,وظن أن بأستطاعته تأليف كتاب , وذات مرة دعاه بارت الى مسكن كاتانيا ألا أن كيم لم تعرف ما دار بينهما لأنها شغلت نفسها بأمور الحديقة.
قطع صوت فال تأملات كيم:
" كم تبدين رائعة الليلة".
فأبتسمت له:
" أشكرك يا فال".

ثم تقدمها الى البار حيث أنضم اليهما بارت وأصر على شراء كوبي شراب لهما ,وبعد قليل رقصت كيم مع فال , ثم جلسا على طاولة صغيرة في زاوية يتناولان عشاءهما الخفيف, ولاحظت كيم أن روك تصرف بلباقة مطلقة أذ راقص السيدات المتقدمات في السن والفتيات على حد سواء , وفيما أعربت على حد سواء , وفيما أعربت عن أمتنانها لعدم أبدائه رغبة في مراقصتها , رأته يتجه نحوها بخطوات رشيقة ويطلب اليها أن ترقص معه.
منتدى ليلاس
وتعليقا على قوله أنها صامتة , أجابت بأن ليس لديها ما تقوله
فهمس بصوته الهادىء العميق:

" غريب , أما زلت غاضبة؟".
تجاهلت كيم ملاحظته , وشغلت نفسها بأتباع خطواته المعقدة أحيانا ,وتكون لديها أنطباع بأنه يسعى الى أرباكها , فتظهر بمظهر الحمقاء ,ولم ترد حدوث مثل هذا الأمر خصيصا أن كثيرين قالوا لها أنها ترقص جيدا , لذا كان من الطبيعي أن تثق بقدرتها على أن لا تخطىء في أي خطوة , وأخيرا توقفت الموسيقى , ألا أن الجميع ظلوا في حلبة الرقص ينتظرون تجدد العزف , ووجه اليها روك نظرة فاحصة , فرأى الرضى في عينيها الزرقاون الكبيرتين , فأضاءت عيناه مرحا
وقال مبتسما:

" أؤكد لك يا آنسة مايسون أنني لم أحاول أرباكك أبدا , لكن بارت أخبرني عن مهارتك في الرقص , فسمحت لنفسي بأتباع خطوات غير مألوفة , والحقيقة أنني أعجبت برقصك كثيرا".



اماريج 03-11-10 05:22 AM

رفعت كيم رأسها لدى سماعها الجملة الأخيرة ,وحلت الدهشة محل الكبرياء البارد والرضى الذي دفع روك الى التعليق
ثم قالت بحدة:

" لا يتوقع أحد منك أن تجامله , ولذا أجد نفسي عاجزة عن الرد عليك على نحو ملائم".
فضحك حالا , مما جعل سوزان الواقفة مع صديقها الشاب الوسيم روجر فان دي فالت تدير رأسها الأسمر وتحدق اليه , فتذكرت كيم قول صديقة سوزان أنها طاردت روك بضع سنوات ,والمؤكد أن تعبيرا غريبا أرتسم على محياها لأنها كانت تتأمل في سرها
وقال روك غير آبه بكل مظاهر أهتمام سوزان به:

" ما أقساك يا آنسة مايسون , في أي حال , لم يكن جوابك ضروريا أذ لا سبب للرد في حال الأطراء".
منتدى ليلاس
قالت:
" أود أن أسألك أذا لم تجد أطراءك لرقصي مغايرا لطبيعتك".
" أعتقد أنني لم أمتنع عن مجاملة من يستحق الأطراء".
أجابت بسخرية ملأته فتورا:
" رائع".
" طبعا , لأنني لو أردت أرباكك لأمكنني ذلك بسهولة".
" عن طريق الغش فقط".
لم يجبها , بينما أتجه بها الى الشرفة , ولشد ما دهشت عندما وجدت نفسها خارجا وقد لفحت وجهها الحار نسمة من نسمات هواء الليل الباردة
ثم قال وهو يدفع كرسيا ويشير لها بأصبعه اليه:

" أن الهواء فاسد في الداخل".

جلست كيم وقد أخذتها الحيرة من تصرفه فيما أحتل هو المقعد المقابل ,وبفضل الأضواء الخفيفة , لاحظت أنه غارق في التفكير , فتساءلت : هل فكر بالأشجار وبالمال الذي سيجنيه من بيعها؟ ماذا يفعل بالمال؟ لم يكن هناك سوى أشياء قليلة ينفق ماله عليها خصوصا أن منزله رائع على الأقل من حيث منظره الخارجي , فكيم لم تدخله مع أن بارت زاره وقال بأنه غاية في الفخامة والأناقة , وقد بني على نمط بيوت الرواد المنطبعة بالطابع الهولندي , الذي لاحظته كيم في مناطق أخرى , بينما أستقلت هي وبارت السيارة من المطار عبر أميال طويلة من الغابات المكتظة بالأشجار الخفيضة والشائكة حيث أنتشرت بيوت المزارعين التي تفصلها مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة, أما ألوان الحدائق وتصاميمها ونموها فكانت مظاهر مثيرة للأعجاب , وأمتدت أحراج روك على ثلاث جوانب وقد فصلتها المراعي عن الطريق العام ,وخصصت سفح أحدى التلال كمرعى لقطيع أغنام المارينوس الأسبانية الأصل المكسوة بصوف أبيض نفيس في حين أحتلت الأبقاء المروج الممتدة على جانبي الساقية.

وأدارت كيم رأسها لتنظر الى الرجل الذي حامت أفكارها حول بيته , في تلك اللحظة نهض روك ليتطلع الى شيء تحرك في الحديقة ,كشف قوامه الرائع الصلب عن ثبات خطوه , فما كان من كيم ألا أن أبتسمت وهي تدرك أضطرارها للأعتراف بمزاياه النادرة ,عندئذ أدار روك رأسه ليلقي نظرة أستفهام على وجهها ,وجلس ثانية على الكرسي وهو يمسّد رجل بنطاله قبل أن يضع رجلا فوق رجل
وقال :

"هل وجدت الآنسة مايسون شيئا يسليها؟".

فتساءلت كيم ماذا عساه يقول لو أخبرته بالحقيقة , فالرجل مغرور الى حد يمنعها من قول شيء يزيده كبرياء, فأجابت وهي تحدق الى السماء الموشحة بالنجوم المتلألئة فوق المرج الموحش:
" فكرة عارضة خطرت لي".

ثم أمتلأ أنفها الحساس بأريج الشجيرات فيما صم أذنيها أزيز الصراصير في أشجار المانغا المحيطة بالنادي , فتنهدت تنهيدة رضى وتراجعت في مقعدها الى الوراء , وبدا غريبا أن تشعر بهدوء مثل هذا في حين جلس روك لنتون البغيض قبالتها , فهو آخر شخص تتمنى أن ترافقه , ألا أن هدوء الليل وجماله وبرودة الهواء المنعش جعلت وجود الرجل عديم الأهمية.

وعادت أفكارها الى فال , فأكتنفها دفء وفرح عارمان ,ووجدت نفسها تنظر الى روك وتتمنى لو كان هو فال, فال الذي يشبه ريتشارد.... فجأة غابت سنوات التفاهة الطويلة وكأنها لم تكن , وأنتابها الحزن والألم من جديد , قرع الباب.... ورجل الشرطة يسأل أذا كانت هي الآنسة كيم مايسون ...قلبها ينعصر لدى رؤية الحزن مرتسما على قسمات وجه رجل الشرطة ... ومعرفتها أنه يكره أختيار الدائرة له حتى يزور ذلك البيت....
منتدى ليلاس
وفي اللحظة عينها أنتفض روك متكلما:
" قولي لي بماذا تفكرين؟ فأنت تبدين واجمة وشاحبة".
لم تستطع أن تنسجم معه لشدة برودته وثبات جنانه ورباطة جأشه, وأنتفضت لتزيل تلك الصورة من مخيلتها
ثم قالت مبتسمة:

" لا تهتم , فليس هناك ما يستدعي أهتمامك".
كان بأمكانها أن تتحدث بصراحة الى بارت , لكنها لم تتصور أنها تتحدث بمثل هذه الطريقة الى روك.
" شيء مخيف للغاية يا سيد لنتون , لكنني على ما يرام الآن , فالذكريات تهاجم الأنسان أحيانا....".
ثم صمتت وهي تهز رأسها أذ يسهل عليها أن تجادل روك لا أن تثق به , غير أنه علّق دون أن يدرك رغبتها في أقفال الموضوع:
" لا شك أن هذه الذكريات محزنة جدا ,ألا أنك ما زلت شابة صغيرة , يصعب أن تحتفظ بذكريات أليمة كذكرياتك".

"لست صغيرة كما تتصور يا سيد لنتون".
فسأل السؤال الذي توقعته :
" كم عمرك يا آنسة مايسون؟".
" ستة وعشرون عاما".
أطرق مندهشا:
" لم أتوقع أن يزيد عمرك عن ذلك".
" أنت لا تحسن المجاملة.....".
توقفت كيم ,ولكن متأخرة , فما الذي دفعها الى قول ما قالته؟ سر روك وبدا كأنه ينتظر أتمام قولها , لكنها صمتت وهي تحبس أنفاسها
فقال بعد برهة:

" من السخافة أن أقول أنك تبدين في الحادية والعشرين وأنا أعرف أنك تعملين في خدمة بارت منذ ثماني سنوات".

أطرقت مرتبكة:
" طبعا يا سيد لنتون".
فنظر اليها بتوتر , ثم نهضت عن كرسيها وهي تقول أن عليهما العودة الى الداخل.
وفجأة تكلم بصوت مرتعش وبأقتضاب:
" أنك على حق يا آنسة مايسون , يجب أن نعود الى الداخل".

نهاية الفصل الاول

اماريج 03-11-10 05:25 AM

2_مقابلة في تنغافيل
********************
كانت كيم تتحدث الى سوزان التي أظهرت أهتماما بالغا بوظيفة رفيقتها , وقالت:
" كم أرغب أن أقوم بعملك لأن أري شيء يتعلق بالطبيعة يفتنني".
أجابت كيم:
"أما أنا فكنت محظوظة للغاية عندما قدّم بارت- أقصد السيد ناش- هذه الوظيفة لي".
" من المؤكد أنك تكثرين الأسفار".
منتدى ليلاس
أطرقت كيم , وكانت تجلس مع سوزان على طاولة صغيرة عند حافة منبر الرقص تتفرجان على شاب وشابة يقدمان عرضا راقصا , وقد أنفصلت كيم عن فال حين هجم الجميع على المقاعد , ووجدت نفسها مع سوزان حيث بدأت الفتاتان تتحدثان
ثم نظرت الى العارضين فقالت:
" رائع".
ثم بدأت تركز نظرها على شخص ثالث قبل أن تهمس لا شعوريا :
"ما رأيك في روك لنتون؟فقد تسنى الآن أن تعرفيه عن كثب؟ أظن أنه صديق السيد ناش".

أجابت كيم بأنه صديق لرب عملها , لكنها أصبحت حذرة بعد ذلك
وقالت من دون أظهار أي أنفعال:
" أنني لا أعرف روك فعلا , فهو عندما يزور مسكن كاتانيا , يتحدث الى السيد ناش , وقلما أدخل أنا المكتب أو الحديقة حيث يجلسان".
أطرقت سوزان متأملة , ولما تطلعت كيم في الأتجاه الذي تنظر اليه سوزان , رأت روك يتحدث الى بارت والسيد كيلر- راندال كيلر, الذي أشترى مؤخرا المزرعة على بعد كيلومتر تقريبا من مسكن فال
ثم أعاد صوت سوزان أنتباه كيم الى جارتها :
" أنه رجل غريب , فهو عازب مكرس ,ومع ذلك...".
وصمتت سوزان لتقول كيم:
"يبدو أنك لا تثقين بقراره الثابت بعدم الزواج".

لم يكن بأمكان كيم أن تقول ما قالته بهذه الطريقة لو لم تدرك أنها ترغب بسماع أي شيء ممتع تنوي سوزان أن تقوله عن روك.
"ليس من الطبيعي لأي رجل ألا يتزوج , أليس كذلك؟".
" حسنا ...لا... أظن ذلك".
"يبدو أنه يقدّر حريته ويقدّمها على أي شيء عداها , ويتهيأ لي أحيانا أنه لو خيّر بين أن يخسر ممتلكاته أو أن يخسر حريته , لفضل أن يخسر الأولى".
هزت كيم رأسها:
" هذا ضرب من الجنون.".
منتدى ليلاس
ثم توقفت وقد أدركت سخف الحديث , فقالت سوزان عابسة :
" أنا واثقة أنه لو وقع في هوى أمرأة ذات يوم لقاوم ذلك الحب بكل قوته".
وما كان من كيم ألا أن ضحكت للجدية التي ظهرت على وجه سوزان:
" حسنا , يبدو أنه لم يضطر للمقاومة والقتال بعد".
"كلا, ففي أي حال لم ترق له أي فتاة الى هذا الحد".

وهنا توقفت سوزان لتعطي كيم فرصة للتعليق , غير أن الأخيرة لم تنبس ببنت شفة أذ كانت تراقب بأهتمام شديد العرض الراقص الذي أعجبها أشد الأعجاب , لكنها تحدثت بعد صمت طويل لعلمها أن آداب الحديث واللياقة تقتضي منها أستئناف الكلام:
" من الممتع جدا أن يقع روك في هوى فتاة ما لأنه سيتسنى لنا جميعا عندئذ مراقبته وهو يقاوم".
وأضافت وهي تتأمل:
" أنني أتساءل عن شكل المقاومة ونوعيتها".

" من المؤكد أنه سيعاملها على نحو شنيع مستعملا لسانه الحاد السليط ومعرضا أياها لشتى أنواع الأهانات , ولا ريب أن سخريته ولا مباللاته المزعجة ستظهران بوضوح".
" أذا تصرف كما تقولين , فلن يكون جديرا بنيل تلك الفتاة".
"من المؤكد أن هذا سيكون هدفه الأول".
" أجل ... ولكن, ماذا لو وقع في هواها؟".

اماريج 03-11-10 05:26 AM

حبست كيم أنفاسها وهي تفكر:
" أظن أنني قفزت بتفكيري كثيرا الى الأمام ورأيته مغلوبا على أمره يتوسل الى تلك الفتاة أن تتزوجه – هذا بالطبع بعد أن قد خلق فيها كراهية له تحول بينها وبين الأقتران به في أي حال".
فسألت سوزان وهي ترفع حاجبيها:
" هل قلت(يتوسل)؟ هل يمكنك تصور روك لنتون المغرور يتوسل لا سيما الى فتاة ؟ يا ألهي , قد يرمي نفسه عن الجبل قبل أن يفعل ذلك".

ظلت كيم أن ذلك مجرد مبالغة , لكنها في الوقت نفسه أعترفت أنه من الصعب تصور روك يتوسل الى أمرأة , وهمست سوزان:
" لا أتصور أنه سيضطر الى الألحاح على أمرأة حتى تتزوجه , فهو لن يسمح لعاطفته أن تشده الى أي أمرأة , ولا شك أن الضوء الأخضر سيظهر في أول علاقتهما , وهو لن يضيّع ثانية واحدة في التنبه اليه والتوقف عنده".
ثم صمتت سوزان بينما نظرت كيم اليها عبر الطاولة الصغيرة حيث كانتا تجلسان , وخمنت وهي تضحك في سرها أن سوزان كانت تتخيل وضعا لا يمكن أن ينشأ
ألا أنها أصغت اليها بأهتمام وتهذيب فيما أضافت فجأة بعد أن كانت تتحدث الى نفسها :
" في أي حال لن يضطر الى التوسل , فأن أي أمرأة تتاح لها الفرصة , تفعل أي شيء لتصبح زوجته".
منتدى ليلاس
أجابت كيم على الفور:
" لن أفعل كل ما في طاقتي لأصبح زوجته".
تفحصت سوزان كيم من قمة رأسها اللامع الى وسطها:
" لن تفعلي : انا شخصيا أعتقد أنه جذاب للغاية , لكنني أوافقك أنه ليس الرجل الذي يستحق أن يضحى من أجله بكل شيء ".
أعلنت كيم وهي تعبر عن مشاعر سوزان:
" أنه سيكون غاية في التسلط".
ولم تتذكر كيم ألا بعد أن نطقت بضع كلمات , أن سوزان قالت أنها لا ترغب أن يتسلط عليها أحد.

"يمكنك أن تقولي هذا مرة أخرى , فهو سيفرض على عروسته المسكينة أن تكون طوع بنانه بعد ساعة من قرانهما".
فكرت كيم أن هذا قول آخر مبالغ فيه ,ومع ذلك فهي لن تحسدالمرأة التي قد تكون حمقاء الى حد الزواج من روك.

في اليوم التالي أمتطت كيم صهوة حصانها , وأجتازت الحقول المحيطة بمسكن كاتانيا بأتجاه ممر منعزل يقطع الغابة ويؤدي الى قرية أفريقية , وأنتصبت عن يمينها الجبال التي تنحدر حتى تصبح تلالا خزفية , كان بالأمكان رؤية مجرى الجدول المتعرج ينحرف بعيدا وقد أحاطت بضفتيه الأشجار , أما أشعة الشمس المحرقة , فسطعت بقسوة , لكن كيم بدأت تألف الحرارة
ولم تعد تزعجها كثيرا في هذه الأيام ,وغالبا ما نهضت في الصباح الباكر مدفوعة بالرغبة لمعاينة مشهد شروق الشمس الأخاذ حيث تنتشر الأشعة القرمزية في الأفق بشكل مروحة معلنة أرتفاع كرة الذهب الضاربة الى الحمرة , والخضراء البنفسجية
والشروق سريع تمتلىء معه السماء في دقائق بالنور تعكسه على المروج والغابات الكئيبة الموجشة , وعند الساعة الحادية عشرة أصبح بأمكانها ممارسة رياضة ركوب الخيل التي تستغرق منها ساعة في العادة ,نظرت الى الساعة , فوجدتها الثانية عشرة ألا ربعا , الغداء يقدم عند الثانية عشرة والنصف , أستدارت وعادت مسرعة , وضاقت حدقتاها على رغم أنها أرتدت نظارات سوداء
وكانت قد وصلت الى البيت تقريبا عندما رأت روك يقف ويراقب عماله يوقعون شجرة ماهوغاني ضخمة وقد أرتدى قميصا مخططا وبنطالا كحليا , كان رجل قفار طويل القامة مفتول العضلات متميزا بين أفراد جنسه.

ولما رآها حيّاها بعدم أكتراث , فأطرقت وتابعت سيرها نحو مسكن كاتانيا حيث جلس بارت على الشرفة محتضنا مسند كراسته , وأرتسمت على وجهه أبتسامة سريعة فيما رأى كيم تضع سامي في الأصطبل وتتسلق الدرجات مسرعة وقد أشرق وجهها نضارة بعد تمرين ركوب الخيل , وأنسدل شعرها يلامس كتفيها , ثم نزعت كيم نظاراتها لتضعها على الطاولة

وقالت وكأنها تجيب على سؤاله:
" كانت رحلتي ممتعة , أشكرك يا عزيزتي على شرائك سامي لي".
" أسعدني ذلك كثيرا يا كيم ".
" هل لديك بعض الملاحظات لأطبعها بعد الغداء ؟".
أجابها وهو يعبس فجأة:
" القليل , عملي أصبح شاقا".
" ماذا....؟ الكتابة أو البحث؟".
" كلاهما , ربما كان الأفضل أن أتقاعد , فقد حققت أرباحا كبيرة".
وتساءلت أذا كان صوتها ينم عما راودها من مخاوف:
" تتقاعد؟ أنك لم تذكر شيئا عن هذا الموضوع من قبل".

"لم يخطر لي شيء مثل هذا من قبل, ولكنني وأنا أجلس هنا اليوم أتعب في كتابة ملاحظاتي وأشقى لأجد الكلمات المناسبة... كنت دائما أقول أنه متى أصبح عملي شاقا سوف أتخلى عنه".
"وهل أصبح عملك شاقا فعلا؟".
"للغاية يا كيم".
" لا عليك , فليكن هذا يوم عطلة , وسيكون الغد مختلفا".
" كلا يا عزيزتي , ليس بهذه السرعة على الأقل".
" ما رأيك بأجازة أستجمام ؟. بأمكاننا أن نذهب الى شاطىء البحر".
"سوف أقضي فترة أستجمام يا كيم , ولكن هنا في البيت".
منتدى ليلاس
أنزعجت كيم لأنها طوال معرفتها ببارت رأت فيه الحماسة والأندفاع للعمل , وظنت أنه لا بد يعاني من أعتلال فيصحته حتى يشعر بالكسل وعدم الأكتراث.
وصل روك بعد الظهر محضرا بعض المجلات التي وعد بأعارتها لبارت , وهي تتعلق بموضوع الحياة في القفار الأفريقية وتتضمن مقالات حول الجلوس بصحبة بارت:
"مرحبا يا انسة مايسون. هل كانت رحلتك ممتعة هذا الصباح؟"
"جدا اشكرك يا سيد لنتون"
قطّب بارت جبينه بعصبية وهو ينقل بصره من كيم الى روك الواقف بجانب الباب وهو ينتظر أن تجلس كيم أولا:
" جميع الناس هنا يستخدمون أسماءهم الأولى , وأظن أنني قلت ذلك من قبل".

اماريج 03-11-10 05:26 AM

أبتسم روك ساخرا ليفاجىء كيم بقوله:
" لعله يجب أن نخضع لرغبة بارت الذي يبدو مصرا على رأيه".
حدقت اليه وقد تغير لون وجهها:
" أذا.... أذا كان كان هذا ما تريده يا سيد لنتون...".
أضاءت عيناه الرماديتان مرحا:
" هذا ما يريده بارت يا آنسة مايسون".
عندئذ طقطق بارت بلسانه غاضبا:
" أستحلفكما بالله أن تتوقفا عن هذه البلاهات , فماذا دهاك يا كيم حتى تتبرمين مللا وتحمرين خجلا وكأنك مرتبكة؟".
وقاطع روك بارت بتهذيب :
" أنها ترتبكة فعلا , وأرجو أن تأخذ كلامي على محمل الجد , فستنقضي أسابيع طويلة قبل أن تلفظ أسمي بدون أن يتغير لونها وتطرف جفونها....".
منتدى ليلاس
فصاحت في وجهه , ثم نظرت اليه مباشرة وقالت بصوت عال:
" كفاك سخفا , روك , أنظر , هل بدا علي الخجل ؟ أو هل طرفت جفوني؟".
"كلا يا كيم ,ولكن فقدت السيطرة على أعصابك- كالعادة".
بيد أن بارت قاطعه وقد ظهر عليه الأنزعاج , ثم حدق اليه وهو يقول:
" حسنا , تجاوزنا هذه العقبة , وأرجو أن تتوقفا الآن عن مشاحناتكما, فأنتما تبدوان أسوأ من الأطفال المتخاصمين , وأرجو أن تقول لي أذا كان هنالك من سبب للطعن بمزاج كيم".

أجاب روك:
"كلا , لا سبب على الأطلاق".
وتفحص بارت بدقة , ثم حول بصره الى كيم ,وبدا عابسا بينه وبين نفسه, وكأن هو الذي فاتح كيم بالموضوع الأكثر ألحاحا بالنسبة اليها بعد أن أستأذن بارت بمغادرة الغرفة:
" هل أحسست مؤخرا أن برت ليس على ما يرام؟".
توترت أعصاب كيم من السؤال برغم صياغته اللبقة
وأكفهر وجهها بينما تلعثمت في جوابها:
" هل... هل تظن أنه مريض؟".
أرتسم العبوس في عيني روك ,ورأت كيم أنه بالغ التأثر من الأسئلة التي تبادلاها , فهو شديد الأهتمام ببارت والأخلاص له برغم فارق السن بينهما , وكانت كيم تعرف أن روك يستمتع للغاية في أحاديثه مع بارت , فهما ندّان في التفكير والذكاء , ولهما أهتمام مشترك حول الخطر المحدق بحيوانات أفريقيا البرية , كما يعبران عن أسفهما لأنقراض فصيلة أو فصيلتين منها , وقد أصبحا صديقين حميمين بالفعل, لذا سهل على كيم أن تفهم سبب قلق روك على صحة بارت
منتدى ليلاس
وأخيرا قال روك بتوتر:
" أحس أنه ربما كان مريضا ,ولذا سأقترح عليه أن يعرض نفسه على طبيب".
" شكرا".
الأرتياح في صوت كيم لم يكن خافيا على روك
ثم قال وقد عبس ثانية:
" أنك قلقة عليه أيضا ,أليس كذلك؟".
" لم أقلق عليه ألا اليوم عندما ألمح الى فكرة التقاعد".
ولشد ما كانت دهشتها عظيمة عندما تلقى روك الخبر وكأنه أمر متوقع , أذ أطرق ,وعندما عاد الى الحديث , قال بأن بارت متعبا للغاية
وعلقت كيم:
" أخبرني أن العمل أصبح شاقا بالنسبة اليه".
" ذكر لي منذ بضعة أيام أنه أبطأ في العمل من العادة".

اماريج 03-11-10 05:27 AM

" أنه يريد أخذ قسط من الراحة , ولا يفضل الذهاب بعيدا برغم أنني أؤثر ذلك ".
" ستتحسن حاله في المنزل يا كيم".
ثم رفع نظره الى بارت, الذي رجع الى غرفة الجلوس :
" كنا أنا وكيم نتحدث عنك , وأزمع أن أطلب اليك عرض نفسك على الطبيب".
" لماذا؟ أنا متعب قليلا , وهذا كل ما في الأمر".
رد روك بهدوء:
" لا بد من سبب للتعب لا سيما أذا أصاب رجلا قويا ونشيطا مثلك".
"ماذا تقصد يا روك؟".
"أن تعرض نفسك على الطبيب".

"لم أعن هذا , أنما عنيت ما يدور في فكرك".
ونظر بارت الى كيم , التي شعرت بأنه نادم على ما قال
وأكدت كلماته التالية أنطباعها:
" لا خطر عليّ يا روك, وقد يتعب الأنسان من العمل الشاق , وهذا ما حدث لي , وأنا وعدت كيم بأخذ قسط من الراحة ,وهذا ما سأفعله مدة أسبوعين على الأقل".
لم يذكر أحد هذا الموضوع في ما بعد ,ألا أن نظرة روك المعبرة بأتجاه كيم عندما غادرت مسكن كاتانيا أكدت لها أن سيطلب من الطبيب الحضور الى بارت في أقرب فرصة.
منتدى ليلاس
وفي الصباح التالي طلب بارت من كيم الذهاب الى تنغافيل لأحضار بعض الكتب التي أمل أن تكون قد وصلت الى المكتبة , وقال:
" طلبت هذه الكتب منذ بضعة أسابيع, ولذا من الجائز أن تكون قد وصلت الآن".
ثم هز رأسه وهو يرمقها بنظرة متفحصة:
" هل تريدين أن تفعلي شيئا في المدينة؟".
" أود أن أقص شعري أو أعيد ترتيبه , فقد أصبح بالغ الطول بالنسبة الى هذا المناخ".
"قصي شعرك يا عزيزتي كيم , فأنا لن أنتظر رجوعك الا عندما أراك على ظهر الحصان".
"ربما لن أتمكن من قصه من دون الحصول على موعد مسبق , ألا أنني سأجرب".

ركبت كيم سيارة بارت, وأجتازت الطريق البالغة سبعة أميال الى تنغافيل, وأوقفت السيارة في موقف النادي , لم تكن الكتب المطلوبة قد وصلت,ألا أن عاملة المكتبة توقعت أن تستلم بعض الكتب يوم الخميس, فشكرتها كيم وقالت أنها ربما عادت بعد الظهر للسؤال , ثم أتجهت الى مزين الشعر الذي أبلغها أنه ربما أستطاع قص شعرها بعد ثلاثة أرباع الساعة.

وبدأت تتجول في الشارع الرئيسي تتأمل البضائع المعروضة في واجهات المتاجر , ورأت عددا كبيرا من الأفارقة لا سيما الأولاد الذين يلعبون في الطريق من دون أن تبدو عليهم علامات التأثر بحرارة الشمس القاسية , وأحست كيم بالعرق والحر رغم أنها أرتدت تنورة قطنية قصيرة أظهرت سمرة قوامها وبلوزة بلا أكمام ذات صدر شديد الأنخفاض , فدخلت المقهى وطلبت كوب ليموناضة لتمضي الوقت الذي يفصلها عن موعدها ونظرت عبر النافذة الى أجمة من أشجار جوز الهند الباسقة التي تمايلت أوراقها الشائكة الطويلة في السماء الأفريقية الصافية الزرقة , وحضرت النادلة , بيد أن الكلمات ماتت على شفتي كيم عندما ظهر الشخص الذي كان آخر ما تتمنى رؤيته قبل برهة وجيزة , وأقترب من طاولتها بلا مبالاته المعهودة , وأستأذنها بالجلوس معها
فتكلفت الأبتسام وهي تقول:
" بالطبع يا سيد......".

وصمتت عندما لمحت السخرية والدعابة تشرقان في عينيه
وقالت بنبرة واضحة ومقتضبة:
"روك..."
" كيف هي حال بارت؟".
" أنه بخير , لكنه ما زال يبدو متعبا".
أطرق روك وقال:
"سيزور الطبيب بارت غدا صباحا ,وقد حاولت أحضاره الى عيادته اليوم , لكنه لم يكن في البيت , فأبلغت الأمر الى زوجته التي أكدت لي أن مسكن تاتيانا سيكون أول مكان يزوره في صباح الغد".
"هل يعرف بارت أن الطبيب سيزوره؟".

"سوف يعرف, سأراه بعد الظهر لأتناول معه(شراب الغروب) وحينئذ أخبره بزيارة الطبيب".
" أنه لطف عظيم منك أن تكلف نفسك كل هذا العناء".
وأنتبهت فجأة أن النادلة تقف بجانبها , فطلبت كوب ليموناضة
وقال روك:
" من فضلك كوب ليموناضة آخر".
أرتاح في مقعده متراجعا الى الوراء , وتفحص كيم عن بعد, فألتمع التحدي في عينيها الزرقاوين من دون أن تعرف لذلك سببا واضحا , ربما كان السبب علمها بأن العداوة بينهما لا تنتهي بمجرد أتفاقهما على أمر واحد مشترك هو خير بارت ومصلحته , لا, فعلاقتها مع روك لن تصل الى حد الصداقة , وقبل روك التحدي , فتكاسلت عيناه , وظنت أنه لم يجد شيئا يكلمها به, هذا غريب ... غريب للغاية.
منتدى ليلاس
وحارت أفكارها وهي تتذكر أقوال سوزان:
" أنا واثقة أنه لو أتى اليوم الذي يقع فيه في هوى فتاة ما , فأنه سيقاومها بكل قوته".
لم تعرف كيم لماذا خطر هذا على بالها , ألا أن السبب قد يعود الى ملاحظتها وسامته وأقرّت أنه من قبل الأعجوبة ألا تتعرض عزوبيته للخطر.
وتحدث متسائلا عن الغاية من زيارتها المدينة
فأجابت بصوت منخفض بدا أشد مودة من العادة:
" طلب مني بارت أحضار بعض الكتب له من المكتبة ".
أبتسم ساخرا وهو يقول:
" أننا منضبطان جدا اليوم , وأنني أتساءل كم سنستمر , على هذه الحال".
"وقتا قصيرا , أذا كنت ستجرّب علي سخريتك".

اماريج 03-11-10 05:28 AM


عقد روك حاجبيه موبخا
وأنذرها بلطف:
" أنك تدفعينني الى أظهار أنفعالات أقسى من السخرية".
"حقا؟".
" يا لك من فتاة متمردة , بل أكثر من ذلك, أنك وقحة وعنيدة ولا تشبهين السيدات في أي شيء".
"هل هذا كل ما عندك؟".
أجاب مداعبا:
" ربما كان عليّ أن أضيف عبارة:مشاكسة".
منتدى ليلاس
أحضرت النادلة الليموناضة , وأنتظرت كيم ذهابها حتى تقول بالهدوء نفسه على رغم تفاقم غيظها:
" لا يمكنني أن اعزو تصرفك الشنيع الى خبرتك القليلة , هذا أذا كان لديك أي خبرة في معاشرة السيدات".
"هل تقولين معاشرة السيدات؟".
علت الحمرة وجهها , وتحول نظرها الى شعره الأجعد الملتمع تحت أشعة الشمس المتسربة من النافذة المفتوحة , وكم تمنت لو تقف وتمسك بشعره وتشده حتى تنزعه ,ولكن, عوض ذلك لجأت كالعادة الى لسانها:
" أنني آسفة على قولي ذا , ولكن...".

غير أنه قاطعها ضاحكا ضحكة أزعجت أذنيها رغم ما فيها من دعابة:"
لا أظن أنك آسفة على الأطلاق, وفي أي حال , تابعي حديثك , فأنا مستعد لأن أسمع بعضا من كلماتك الجارحة".
" يا لأستبدادك وأعتباطيتك وغرورك يا سيد لنتون".
"هل هذا كل شيء؟".
لقد وجه السؤال فيما أرتجفت شفتاه من الضحك وهو يستعير كلماتها :
" أرى أننا قد عدنا الى أستعمال الألقاب".
تجاهلت كيم ملاحظته الأخيرة ونظرت اليه من فوق حافة الكوب الطويل قائلة:
" ربما كان يجب أن أضيف عبارة( لا تطاق)".

قال روك بلطف وكأنه يتنبأ:
" لا شك أن أحدا سيلقنك درسا تستحقينه ذات يوم".
وعلى الفور أزدادت حمرتها ,وسألت بعد أن كبحت جماح نفسها:
"قل لي ما الذي دفعك لمشاركتي طاولتي؟".
رد بلطف وتحد:
" أفترض أنني خدعت نفسي حين ظننت أنك لن تبدأي معي مشاحنة علنية".
علقت كيم بكثير من الكبرياء:
" أنا لم أبدأ يا سيد لنتون".
عندئذ تناول جرعة كبيرة ليطفىء ظمأه ,وقال:
" دعينا ننتقل الى موضوع أقل حساسية وأثارة , حدثيني عن الكتاب الذي يضعه بارت الآن".
منتدى ليلاس
لم تقرر كيم أذا كانت ستجيبه على طلبه أم لا , لأنها رغبت في شرب كوبها ومغادرة المقهى على الفور , ألا أنه كان من واجبها أن تذكر أن روك صديق بارت مع أنهاأسفت لتأخرها في التنبه الى ذلك
وقالت:
" أنه ليس كتاب أسفار".
" أعرف هذا, فهو يكتب كتابا تقنيا عن الحشرات والأزهار البرية , أن بات رجل ذكي ومجتهد".
" يبدو أنه واسع الأطلاع في مبادىء علم الأحياء".
" هذا واضح , كم سيستغرق منه أنجاز الكتاب أذا قرر أنجازه؟".

حدقت كيم في روك لأن سؤاله عبر عن شعور تتعذر معرفته , خيل اليها أنه يعتبر فراقهما مهما بعض الشيء بالنسبة اليه, هل كان يشعر بالحزن , هل كان يشعر بالحزن لتفكك روابط الصداقة التي نشأت بينه وبين بارت ؟
من المؤكد أنه لن يحزن على فراقها وقالت:
"أنا واثقة أن سيكمل الكتاب , أما بصدد الوقت الذي سيستغرقه أنجاز الكتاب , فمن الصعب تقديره , أستأجرنا مسكن تاتيانا كما تعلم , غير أنه سرعان ما سيجد بارت مسكنا آخر نستأجره أذا وجد ذلك ضروريا ".

اماريج 03-11-10 05:29 AM

"لكن البيوت غير متوافرة هنا يا كيم".
" سوف يخلي أفراد أسرة روبرتسون الكوخ الريفي المؤلف من طبقة واحدة الذي يشغلونه لأنهم ينوون زيارة أقاربهم في أستراليا ".
وأطرق روك فيما تحدثت كيم , ثم أنحنى ليرفع كوبه عن الطاولة :
"الحقيقة أنني نسيت كل ما يتعلق بالكوخ".
وأنتقل الى موضوع آخر:
" أفترض أن النسخة النهائية يمكن أن تطبع في أنكلترا".
"أجل , لكن بارت يقول دائما أنه من الأفضل أن نفعل كل شيء ونحن في الشمس".
" هل نزوران أمكنة غريبة دائما عندما يضع بارت كتبه؟".
منتدى ليلاس
" في معظم الأحيان , لقد قضينا في فيجي سنة كاملة , كانت الزيارة رائعة".
" رائع جدا , لا شك أنك فتاة محظوظة".
أفرغ روك كوبه وأمسك بيده , وأخذ يحدق اليه فيما أنطلقت أفكاره بعيدا , وظنت كيم أنها عرفت ماذا يفكر
وقالت بعد صمت:
" علي أن أبحث عن وظيفة جديدة حين يتقاعد بارت".
" آمل ألا يتقاعد قريبا".
أختفى المرح من صوت بارت , وحل محله الجفاء الذي ذكرها بنبرته ليلة السبت فور أنتهاء حديثهما على الشرفة عندما تغيرت حاله تغيرا كليا وقال أن عليهما العودة الى قاعة الرقص وقالت:
" علي أن أذهب الى موعدي مع مصفف الشعر".

تحولت عينا روك الى قمة رأسها اللامعة
وسألها سؤالا فاجأها لما أظهر من أهتمامه بها:
" أظن أنك ستخضعين لعملية غسيل وتصفيف".
أجابت كيم وهي تضع يدها آليا على بعض الذؤابات وتطبق أصابعها عليها بشكل مقص:
" هذا صحيح, لكنني سأقص بعضه أيضا لأنه طويل جدا".
فعبس روك :
" لا أظنه طويلا , فهو يناسبك كثيرا , والحقيقة أنه غاية في الجاذبية والجمال".

حدقت اليه كيم متسائلة أذا كان ما تسمعه صحيحا , فمن المؤكد أن العجرفة برزت في نبرة صوته وألتفاتته
وكان كمن يمنعها عن قص شعرها فقالت:
"" أشكرك على مجاملتك, غير أنه ينبغي قصه".
" أذن, سيصبح قصيرا".
"جدا".
ثم نظرت الى ساعتها, ونهضت عن كرسيا وقالت في عجل:
" طاب نهارك".
وما هي ألا برهة قصيرة حتى عجبت من نفسها أذا أجابت سؤال المزين عن مقدار الشعر الذي تريد قصه:
" مقدار قليل , فأنا أريد قص جزء بسيط منه وأعادة ترتيبه أضافة الى غسله وتصفيفه".

نهاية الفصل الثاني



ايمااان 03-11-10 07:17 AM

تسلمين قلبوووو
رواية جميله ننتظر البقيه بكل لهفة وشووق

:liilas:

اماريج 03-11-10 06:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايمااان (المشاركة 2508634)
تسلمين قلبوووو
رواية جميله ننتظر البقيه بكل لهفة وشووق

:liilas:



الله يسلمك ياامورة منورة الرواية فيك يالغلا
والاجمل صدقا مرورك ومتابعتك وتواجدك فيها ياعمري وشاكرة لك انتظارك حبيبتي دمت بكل الود ياحلوة:flowers2:
:liilas:

اماريج 03-11-10 06:46 PM


3_ زيارة منزله

تأمل بارت بعض الأوراق التي أخرجها من ملفه , وظهر الأنزعاج على وجهه بينما أنتظرت كيم وهي تحمل الكراسة في يدها أن يتابع ما كان يمليه عليها
وفجأة هز رأسه وقال كأنه يحدث نفسه:
" هذا محزن للغاية".
لقد بدأ في الأسبوعين الأخيرين يتحدث الى نفسه , وأعترف ضاحكا أنه أزداد غرابة مع مرور الأيام ,وقلقت كيم أكثر فأكثر مع كل التأكيدات القائلة بأن لا خطر يتهدد صحته , وأخبرها بارت أن الطبيب نصحه بالراحة والأسترخاء بعد أن فحصه على أنفراد في غرفة نومه وذلك أنه يعمل ساعات طوالا على حد قول الطبيب
عندئذ أعترض بارت على الطبيب:
" كل الكتّاب يعملون طويلا , كم يكره الأنسان أن يوقف عمله عندما تتزاحم الأفكار المفيدة في رأسه".

"عليك أن تتوقف ’ هذا كل ما يمكنني أن أقوله لك".
ثم ألتفت الطبيب الى كيم وقد ظنها أبنة بارت :
" هل ستضمنين محافظته على ساعات عمل معينة لا تتجاوز الخمس أو الست ساعات كحد أقصى؟".
أجابت كيم وهي تشك قليلا بصدق جوابها , لأنها علمت خلال ثماني سنوات من عملها مع بارت أنه عنيد:
" سأحاول".
ثم نقل الطبيب عينيه الى بارت... وحملت نظراته تحذيرا شديدا , ألا أن كيم أطمأنت بعد أن قال الطبيب لدى خروجه:
" لا تقلقي , لأن صحته ستتحسن أن هو أتبع الأرشادات".

وتحدثت كيم الى روك , ملاحظة الجمود في قسمات وجهه عندما طلبت اليه أن يساعدها في جهودها لمنع بارت عن العمل المضني , ووعددها بأن يحدثه في الأمر , مما جعل كيم تثق بصدقة.
سألت كيم بارت , وهو يتطلع الى الورقة التي أخرجها من ملفه دون أن يزيد على ما قاله:
" ما هو الأمر المحزن؟".
" أنني أقرأ بعض الأرقام المتعلقة بحيوانات جنوب أفريقيا , هل تعلمين أن عدد الفيلة التي تعيش في غابة كنيسنا لم يزد على عشرة في العام 1973؟".
هزت كيم رأسها عابسة:
" عشرة فقط؟ هل ستنقرض هذه الفيلة؟".
منتدى ليلاس
" لا شك أن كثيرا من الحيوانات ستنقرض نتيجة أبعادها عن مواطنها الطبيعية , فعلى سبيل المثال , لا يوجد ذكر بالغ في قطيع فيلة آدو".
برقت مقلتاها بالدموع:
" لماذا يقتل الناس الحيوانات؟ أنا لا أستطيع أن أفهم ماذا يجني الأنسان من تصويب البندقية على حيوان بري آمن".
"وكذلك أنا, لكنني أفترض أن ذلك تعبير عن رغبة القتل".
"لعلك تعلم أن بعض فصائل البقر الوحشي أنقرضت".
هز بارت رأسه بحزن:
" قرأت عن هذه الحيوانات مرة أخرى منذ بضعة أيم , هل تظنين أن الأنسان سيترفع عن هذا العمل؟ أقول بكل أسف ,كلا, فكثير من الناس يجدون متعة في تعليق رؤوس الحيوانات كتذكارات على جدران منازلهم".

رؤوس حيوانات محنطة , أقشعرت كيم بأشمئزاز , أنها لا تستطيع رؤية هذه الحيوانات والتفكير بأنها حرمت الحياة لأجل أرضاء الأهواء ,وهمست
وقد أغرورقت عيناها بالدمع:
"الأنسان مجرم يفتك بكل ما حوله".
ورأى بارت أن من الواجب القضاء على كآبتها , فأستعاد حيويته,وأقترح عليها أكمال الفصل المتعلق بالعصافير ,وقال:
" هل دونت ما قلته عن عصافير السكر الطويلة الذيل؟".

اماريج 03-11-10 06:47 PM


أطرقت كيم وهي تتابع تدوين ما يمليه بارت عليها , ثم أتمت طباعة الم الى الملاحظات التي دونتها بطريقة الأختزال ,وكان عليها أن تعيد تنقيح وطباعة عشر صفحات من الفصل السابق , ألا أن بارت حضر الى مكتبها قبل أن تباشر عملها هذا
وطلب منها الذهاب الى المكتب وهو يبتسم بلطف كالعادة:
" عدت مجددا الى طلب بعض الكتب , التي يمكن أن لا تكون قد وصلت وذلك عكس ما أتمنى , لا تسرعي في العودة ألا أذا رغبت في ذلك ,بل أذهبي الى السوق وأبتاعي لنفسك ثوبا جديدا وعطرا".
بادلت كيم بارت الأبتسام , وركزت بصرها ,وركزت بصرها على وجهه بحب شديد مدة طويلة , كان بطبيعته شفافا ,وعرفت أنه يرغب في أهدائها الثوب أو العطر اللذين أشار اليهما , ألا أنه حجم عن تقديم أعلان رغبته لعلمه بصدق تحمسها للأستقلال المادي , وكعادتها تساءلت أذا لم يكن من الأنانية تبني هذا الموقف أتجاه بارت الذي ينظر اليها كأبنة أكثر منها موظفة ,ورحب , وهو العازب الذي لا أقارب له, بمجيء كيم الى بيته وأقامتها معه , وطالما ردد أن ذلك كان أفضل عمل في حياته.

قالت بأندفاع , وهي تشعر أنه ليس من الخطأ أن تكذب على بارت كذبة بيضاء قد تسعده.
" سأبحث عن الثوب , على أنني سأنتظر حتى أشتري العطر , فعيد الميلاد ليس ببعيد وعليّ ألا أبدد نقودي".
" هل تقصدين أن العطر الذي تحبينه باهظ الثمن بالنسبة اليك حاليا؟".
" أجل , هذا صحيح".
" أذن, دعيني أشتريه لك".
كان كمن يتوسل اليها , فأبتسمت له أبتسامة مرحة مشرقة:
"" أشكرك يا بارت , سأدعك تشتريه لي".
أضاء وجه فرحا بفضل الكذبة البيضاء ,وقال:
" سألح عليك بطلب شيء واحد هو أستعمالك العطر بسخاء!".
" أشعر دائما أن العطر غال الى حد لا يسمح لي بتبذيره".
" لا تخافي , فهو لن يضيع".

" أنه أحدى الكماليات التي يجب على المرء أن يحتفظ بها للمناسبات الخاصة يا بارت".
" لا تقولي ذلك , فعندما تفرغ الزجاجة , بأمكانك أن تشتري زجاجة أخرى".
ثم دفع اليها شكا مفتوحا , وطلب منها أن تشتري عطرها المفضل مهما غلا ثمنه.
منتدى ليلاس
كان عطرها يدع (غاي) وهو ثمين جدا , والحقيقة أنها شكت بقدرتها على أبتياعه من مدينة صغيرة , لكنها دهشت كثيرا عندما وجدته , فأشترت أصغر القارورات الموجودة ,وأخذت تبحث عن ثوب دون أن تقرر ما أذا كانت تريد ثوبا للسهرة أو للأستعمال اليومي ,وشدّها سروال رقيق خفيف الوزن , فدخلت المتجر حيث وقفت سوزان تنقب بين البلوزات , فأستدارت مبتسمةوحيت كيم التي سألت سوزان بعد أن عرفت أنها لم تجد ما تريد شراءه:
" عن أي نوع من البلوزات تبحثين؟".

" عن بلوزة أنيقة تحفظ برودة الجسم , وهذا صعب لأن البلوزات الأنيقة لها أكمام طويلة ".
" هل هي لمناسبة خاصة؟".
هزت سوزان كتفيها ,وردت البلوزة التي كانت تحملها الى البائعة:
" ستزورنا أبنة خالي عما قريب , لذا فكرت بشراء بعض الملابس الجديدة لعلمي أنها ترتدي ملابس رائعة منذ نهوضها من الفراش والى حين تأوي اليه".
ثم أنتقت بلوزة أخرى وهي تضحك وتقول مشيرة بيديها الى الواجهة:
"هل تعلمي أنني أشتريت سروالا مثل ذاك المعروض في الواجهة؟ وأريد بلوزة تماشيه".
رددت كيم بأستغراب:
" السروال المعروض في الواجهة؟ أذن هناك أثنان".

قطبت سوزان جبينها:
"بكل أسف , أجل , لقد أحببته كثيرا ,وأتمنى ألا يجد السروال الآخر زبونة تشتريه وتلبسه في المناسبة التي أرتديه فيها- ألست أنانية للغاية ؟".
ثم شدت البلوزة اليها بشرود , وأعادتها الى البائعة التي أملت بصبر أن تقرر سوزان شراء شيء آخر الأمر
وفجأة سألت سوزان كيم:
" ماذا تريدين أن تشتري يا كيم؟".
" لا أفكر بشيء معين".
قررت كيم أن تفاتحها بعد برهة , لقد تحول الأمر الى عادة , غير أن كيم أصبحت الآن تعرف سوزان جيدا بحيث تشك بأنها ستعرض التخلي عن السروال أذا أعربت كيم عن رغبتها بشراء السروال المعروض في الواجهة.
" متى ستأتي أبنة خالك الى منزلكم؟".

" يوم الجمعة في الأسبوع القادم".
" هل ستقضي عندكم وقتا طويلا؟".
" ستة أسابيع أو أكثر قليلا , هذا يعتمد على حبها للمكان ".
" أذن , لن تكون هنا في عيد الميلاد".
وقفت سوزان تحسب الأيام ,وقالت:
" لا أظن أنها ستبقى كل هذه المدة , لأن ثمانية أسابيع تفصلنا عن الميلاد ,أليس كذلك؟".
" أكثر قليلا".
" لن تكون أبنة خالي هنا عندئذ , فقد أخبرتني في رسالتها أنها تعتبر فترة ستة أسابيع مدة طويلة , لكنها قد تمضي أسبوعا أضافيا".

اماريج 03-11-10 06:48 PM

نظرت سوزان الى بلوزة جديدة قدمتها اليها البائعة هذه المرة
ثم أستطردت متأملة:
" أبنة خالي هي أكثر الفتيات اللواتي أعرفهن حيوية ,ويتقدم لخطبتها أكثر الشبان لياقة وملاءمة , لكنها قد تبقى عازبة لشدة دقتها في الأختيار".
" لعلها ما زالت شابة صغيرة؟".
وتكوّن لدى كيم أنطباع بأنها تناهز الثلاثين على الأقل ,وربما نشأ ذلك الأنطباع عن أشارة سوزان الى ملابسها الجذابة .
" أنها صبية جميلة مفعمة بالحيوية تتمتع بكل نعم الطبيعة ومواهبها , فهي ترتدي أفخر الملابس والمجوهرات برباطة جأش ,وتحسن أستعمال عينيها الزرقاوين,اللتين تنمان عن براءة تشبه براءة الأطفال...".

صمتت كيم,وقد ألتمعت عيناها بالضحك:
" أظنك تستخلصين أنني أغار منها , أليس كذلك؟".
" أبدا , فوصفك لها ممتع للغاية جعلني أتوق الى لقياها , ما أسمها؟".
" رافيلا , أنه أسم كلاسيكي قديم لفتاة عصرية أكثر من اللزوم ".
رفعت كيم بلوزة قصيرة الأكمام فيما قالت وهي منشدهة:
" يبدو أنها ستكون قنبلة الموسم في النادي".
"لا شك في ذلك أبدا , فسيعتبرها من حولها من الرجال بهجة العمر , لأنهم لا يرون حسنا يضاهي حسنها كل يوم".
شاق الأمر كيم فعلا , وأزداد فضولها:
" هل هي صغيرة , أو طويلة , أم شقراء , أم....؟".

" أنها متوسطة الطول , ولها جسم يتمنى الرسامون والنحاتون أن يكون لهم نموذجا".
"ماذا تعمل لكسب قوتها؟".
أحست كيم أنها أكثرت من الأسئلة , لكنه بدا أن سوزان لا تلاحظ شيئا لشدة أستمتاعها بالحديث.
" أنها لا تعمل شيئا , فوالدها حقق أنجازا باهرا في مطلع شبابه , أذ سجل أختراع مادة ما , فلم تضطر رافيلا مع ذلك للعمل أبدا".
وتوقفت سوزان لحظة:
" أظن أن هذا أحد الأسباب الذي يدفعها الى التشدد والتدقيق في أختيارها , فهي بحاجة الى شخص غني يبقيها في الجو والمستوى اللذين ألفتهما".
سألت كيم , وهي تشعر بالذنب لأعادة بلوزة أخرى الى البائعة لا لأنها جربت واحدة بل لأن سوزان طرحت جانبا العديد من البلوزات :
" هل هي قادمة بمفردها؟".
منتدى ليلاس
" أجل أنها قادمة بمفردها , كانت زوجة خالي سترافقها , ألا أن أعتلال صحة زوجها في الآونة الأخيرة أجبرها على ملازمة المنزل".
هنا حملت سوزان بلوزة قرنفلية ظنت كيم أنها ستناسب السروال وقررت سوزان:
"سأجرب هذه , هل تفكرين في شراء واحدة؟".
" ربما.....".
ظلت كيم وحيدة , فيما قادت البائعة سوزان الى حجيرة لتجرب فيها بلوزتها ,وبعد عشر دقائق غادرت الفتاتان المتجر , وقد أشترت كل منهما بلوزة , وخلفت البزة , لأن سوزان بذوقها الدقيق الصعب رأت أن لون أزرار المعطف لا يتماشى مع لون قماشه وعرضت البائعة بلطف تغيير الأزرار , ألا أنها أعلمت رفيقتها:
" عليّ أن أذهب الى المكتبة لأن السيد ناش طلب بعض الكتب التي آمل أن تكون قد وصلت".

" لن تصل الكتب الى المكتبة قبل وقت طويل خصوصا أذا كان لا بد من أرسالها عن طريق مكتبة أخرى , لكنني أظن أنك أصبحت تعرفين ذلك الآن ,وفي أي حال , عليّ أن أذهب الى المكتبة أيضا , فأمي تريد كتابا عن حياكة الصوف".

لم تمض دقيقتان على وجود الفتاتين في المكتبة حتى دخل روك ببرودته وأعتداده بنفسه كالعادة, وأتجه بسرعة نحو خزانة الكتب المثبتة التي وقفت عندها الفتاتان , وكانت كيم قد سألت عن الكتب التي طلبها بارت , فأبلغت أنه من الممكن أن تكون قد وصلت , لكنها ما تزال مشغولة , ووعدت الموظفة بأن تعطيها الجواب الأكيد بعد عشر أو خمس عشرة دقيقة, وفي تلك األأثناء بحثت كيم بين الرفوف لمساعدة سوزان في أيجاد مبتغاها
وقالت سوزان بيأس وهي ترى التغير في تعبير وجه كيم:
" لماذا لا ينظمون المكتبة بصورة أدق؟".
ثم أدارت رأسها
وحيت روك بأبتسامة:
" مرحبا يا روك , لماذا أبتعدت عن أشجارك الغالية في هذا الوقت من النهار؟".


اماريج 03-11-10 06:49 PM

ركز روك بصره على وجه سوزان الجميل قبل أن يحوّل أنتباهه الى كيم , التي أحمرت خجلا عندما رفع حاجبيه قليلا.
لقد أنتبه الى أنها لم تقصر شعرها على نحو ملحوظ ... وربما كان يتساءل عن الدافع الى قرارها , لكنه في أي حال لم يعلق على الأمر , فسرت كيم
وقال متجاهلا سؤال سوزان:
" عم تبحثان؟ هل تريدان كتابا للطهي أم كتبا للأدارة المنزلية؟".
وبان المرح في عينيه عندما لاح الغضب في وجنتي سوزان:
" كلا".
ورددت كيم بتأثر يفوق تأثرها:
" كلا".

ولم تتمالك نفسها من القول وهي تحمل كتاب الحياكة الذي رفعته عن الرف:
" هل يمكن أن يشوقك هذا الكتاب؟".
وظهر على الغلاف طفل صغير ملفوف بشال أبيض أنيق
ثم أضافت كيم برقة:
" هل تعلم أن الرجال يحيكون الصوف أيضا؟ وقد سمعت أن ذلك مفيد للأعصاب".
فضحكت سوزان , وخف التوتر , وخاب أمل كيم في أن تعرف أذا كانت قد أحرزت أنتصارا عليه أو لا وكل ما عرفته هو أن عينيه الرماديتين القاسيتين أضاءتا , فأفترضت أنها لو كانت مع روك بمفردهما لجرت مشادة جديدة بينهما
ثم رفعت سوزان نظرها الى وجه روك الوسيم:
" عن أي نوع من الكتب تبحث يا روك؟".

وأتضح لكيم تأثر سوزان بروك وأنشدادها اليه , وأن كانت تحاول أخفاء الأمر بمرحها في الحديث.
"رواية خفيفة , فأنا أشعر بميل , بل بحاجة للأسترخاء".
ثم تفرّس في الرفوف المجاورة :
" هل لديك ما تقترحين يا سوزان؟".

منتدى ليلاس
فهزت رأسها:
" ليس لدي وقت للقراءة لكثرة مشاغلي في المزرعة".
هز روك كتفيه وأتجه نحو مجموعة كتب أخرى , وأدارت كيم ظهرها اليه , ثم سألت سوزان فجأة بعد أن وجدت كتابا عن قطب الحياكة ظهرت على غلافه صورة لكنزة.
" هل يصلح هذا؟ ألم تقولي أن السترة لوالدك؟ أظنه سيفرح بأرتداء مثل هذه السترة".
فتحت سوزان الكتاب وأضافت:
" أن حياكتها سهلة , وهي جميلة".
ثم نظرت الى ساعتها :
" آسفة يا كيم , لا أعتقد أنني سأبقى معك مدة أطول".
" حسنا , سأعرف في غضون خمس دقائق أذا كتب بارت قد وصلت".

ما كادت سوزان تغادر المكتبة , حتى عاد روك الى المكان الذي وقفت فيه كيم , وأعطاها كتابا قبلته قبل أن تعرف أن عليها محاذرة مكرهة
وقال بينما أفتر ثغره عن أبتسامة:
" ظننت أن هذا سيكون نافعا لك".
ركزت نظرها على العنوان:
" كتاب الدلفين لآداب الحديث والسلوك العامة".
لم تستطع أن تقول أكثر من :
" أنك.... مقيت ولا تطاق".
" أظنك ستفرحين للغاية لو قذفته في وجهي".


اماريج 03-11-10 06:50 PM

" ربما, ولكن, نظرا لأستحالة هذا الأمر في مكان عام , فسوف أرجعه اليك , آملة أن تقرأه بنفسك يا سيد لنتون وتستوعب النصائح الوجيهة التي أؤكد لك أن الكاتب يسديها لك ولأمثالك".
ولشد ما دهشت عندما رأته يضحك , فهي لم تتمنّ ذلك , وأنما تمنت أن تراه غاضبا خصوصا بعدما تذكرت قوله مرة وقد أغاظها الى أبعد الحدود بملاحظاته الجارحة : ( أن المرأة هي الطرف الوحيد الذي يغيّر موضوع الحديث لأتفه الأسباب) وسألته عندئذ أذا كان لا يغضب , فنفى , ومنذ تلك اللحظة أصبح هدف كيم الضمني أثبات خطأه.

قبل روك الكتاب , وقال فيما تناوله من يدها المرتجفة :
" كيم, لتجنب الوقوع في مشاداة كلامية هنا , ما رأيك في أعلان هدنة لمدة ربع ساعة أو نحوها بينما تتناولين شاي بعد الظهر معي؟".
حدقت كيم اليه وقد دهشت لخلو نبرته من التهكم والتحدي المألوفين ,والحقيقة أن صوته عبر عن قدرة في الأقناع لا يمكن تجاهلها
ووجدت نفسها تقول:
" أشكرك يا سيد لنتون.......".
وتوقفت عن الكلام عندما رفع أصبعه بسرعة كأنه يوبخها:
" روك... أظننا أتفقنا على التقيّد برغبة بارت المبهمة والقاضية بأستعمال أسمينا".
"المبهمة......".

التمع في عيني روك تعبير غريب للغاية وهو ينطق بهذه الكلمة
وأعترفت كيم بعد صمت قصير:
" أجد صعوبة في مناداتك رر.....روك لكثرة مشاجراتنا وعدم أظهارنا المودة لبعضنا".
أجابها والتهكم يشع في عينيه:
" كم ظهر أسمي رائعا عندما تلفظت به, وبالمناسبة, لا أظن عبارة (مشاجرة) معبرة على نحو كاف".
تركت كلماته وملامحه أثرا غريبا على مشاعرها ,وتسارع نبضها.
سخر منها ثانية , غير أنها تعجبت لعدم شعورها بالأستياء أو بالرغبة للرد عليه هذه المرة
بل طرقت موضوعا جديدا:
" الحقيقة أنني جئت الى هنا لأخذ بعض الكتب لبارت , والموظفة تحاول أن ترى أذا كانت قد وصلت".
منتدى ليلاس
"متى طلبت تلك الكتب؟ الأرجح أنها لم تصل ,وفي أي حال , أي نوع من الكتب هي؟".
أجابته كيم فيما رأته يعبس ويهز رأسه:
" أحدها عن أخضرار الطبيعة في جنوب أفريقيا , أما الآخر , فلا أعرف موضوعه لأنني لم أرافق بارت حين حضر لطلب الكتب".
ثم نظرت الى الموظفة التي خرجت من الغرفة الواقعة خلف المكتب , وأومأت الموظفة بيدها معتذرة لعدم وصول الكتب
وختمت حديثها بالقول:
" هل تحضرين الى المدينة في الأسبوع المقبل؟".

" أجل , يمكنني المجيء ".
" ربما وصلت الكتب يوم الخميس أو الجمعة امقبلين".
ولما خرجا من المكتبة الى الشارع , قال روك:
"بأمكاني أعارة بارت كتابا حول الأخضرار الطبيعي , زوريني في البيت وأنت في طريقك الى مسكن كاتانيا حتى أعطيك أياه".
"أشكرك , وسيمتن بارت لبادرتك".

ثم دخلا مقهى , فطلب روك أبريق شاي وبعض الحلوى , فحضر الطلب على الفور , وسكبت كيم الشاي , ثم نظرت الى طبق الكعك , الذي أختار منه روك كعكة فيما أختارت هي كعكة غطيت بالقشدة
فسألها:
" ألا تخشين السمنة؟".
وتنقلت عيناه بين أجزاء جسمها , التي أمكنه رؤيتها من مقعده المقابل لها خلف منضدة منخفضة في أحدى زوايا المقهى , وقد ظللتها شجرة نخل زرعت في أناء ضاق عليها مع أستمرار نموها
فأجابت وهي تقطع الكعكة بشوكتها:
" أنني محظوظة".



اماريج 03-11-10 06:51 PM

لم ينبس روك بكلمة , بل نظر اليها وقد أرتسم على وجهه تعبير غريب ليس فيه شيء من السخرية أو التكبر , لم تواجه مثل هذا الشعور الجديد المتغّير الذي ترك آثرا غريبة عليها , فشعرت أنها لم تعد قادرة على التخلص من طيفه بسهولة كالسابق , ودفعها هذا الأعتراف الى العبوس والسعي لتحليل مشاعرها , والأستنتاج الذي طلعت به من بحثها هو حقيقة أنزعاجها – وهذا أقل ما يقال – من روك الجالس قبالتها والذي يركز بصره عليها , وللمرة الأولى فقدت الثقة بنفسها أثناء حضوره , فهي حتى الآن تتعامل معه معاملة الند للند مع أنها لم تشعر لحظة بنشوة الأنتصار الفعلي.. ولطالما تمكنت من الرد على عباراته فور التفوه بها , لكنها الآن... وأسفت وهي تحس أن هدنتهما خير
فجأة قال روك:
" أنك غارقة في التفكير , هل تفكرين بكتاب بارت؟".
منتدى ليلاس
بدا كمن يحاول أستجوابها , فتعجبت كيم للأمر.
" كلا , الحقيقة أنني طرحت على نفسي سؤالا وحاولت الأجابة عنه , وقد حضرني الجواب الآن".
فرمقها روك بنظرة متفحصة:
" هذا لغز, أليس كذلك؟".
ضحكت ضحكة خفيفة, وأجابت من دون تردد:
" لا يمكنني أن أخبرك بكل ما فكرت فيه , غير أنني أستطيع أن أقول بعضا منه".
" أذن , سأرضى باليسير من كرمك".
وعلى رغم سخريته , لم تحس كيم بالفزع أو اليأس:
" الحقيقة أنني تساءلت عن السبب الكامن وراء تغير شعورك ومزاجك يا سيد .... رو ... روك".

رفع حاجبيه:
" تغير في شعوري ؟ عليك بمزيد من التوضيح".
" لقد تخليت عن شعورك بالتفوق مما جعلني لا أشعر بأنني أنثى ضعيفة محتقرة , ومستعبدة".
عرفت كيم لماذا نطقت بمثل هذه الكلمات , لم يكن ذلك لرغبة في مجادلته , وهو الذي أبتسم قليلا:
" ها؟ أذن أنت من ذوات المخالب , أليس كذلك؟ تذكري يا كيم أن السخرية لا تناسبك".

لم تجب بشيء , بل تناولت قطعة أخرى من الكعك بينما أستطرد هو متهكما:
" أرى أنك عدت الى التلفظ بالعبارات القاسية والجارحة مستعبدة؟ في الحقيقة أرى أن الرجل الذي يحاول أستعبادك هو بطل شجاع".
فأفلتت منها ضحكة أخرى ,ولاحظت بشيء من الغموض أن ذلك أعجبه أذ أضاءت مقلتاه المتحجرتان بعد أن أنتقلتا من فمها الى عينيها اللامعتين بالمرح
وأعلنت بثقة وهي تلتقط بالشوكة قطعة الكعك الأخيرة:
" أنه لم يخلق بعد".

أجابها متهكما وكأنه ينذرها بقسوة وعناد:
" هذا قول خطير , حاذري أن تقاومي القدر , لأنك قد تجدين نفسك ذات يوم وقد ألتقيت بمن هو أقوى منك".
وبسرعة ألتقت عيناها بعينيه بينما تسارع نبضها كما حدث قبل قليل
وتساءلت بكبرياء:
"من يتكلم بالألغاز الآن؟".
" أنها لجسارة , بل وقاحة , أن تقولي أن الرجل الذي سيدجّنك لم يخلق بعد".
" يدجنني؟ لم أستعمل هذه الكلمة قط ... والأرجح أنني لن أستعملها".
كم فرحت لأن فمها كان فارغا , وألا لكانت قد غصت بالطعام أو بالماء.
منتدى ليلاس
" يدجّن ... يستعبد ... قولي لي ما الفرق".
" أظننا سنخترق الهدنة التي تحدثنا عنها".
" هل تتراجعين كما تفعل كل أمرأة تشعر بخطر الهزيمة ؟ في أي حال, أود أن أكرر على مسمعك أنك مغرورة خصوصا عندما تفكرين أن الرجل الذي سيخلصك من أستبدادك وآرائك الأعتباطية لم يخلق بعد".
ربما كات كيم ستنفجر عند سماعها هذه الملاحظة , لكنها تنفست بعمق وعدت الى عشرة على مهل
ثم قالت بلطف ودلال أذ قصدت جعله يندم على وقاحته:
" أنه لكرم منك يا روك أن تعير الكتاب لبارت , وهو لا شك سيفرح به كثيرا ,ولكن, هل أنت واثق من أنني لن أزعجك بزيارتي في طريق العودة؟ فبأمكاني أن أزورك باكرا في صباح الغد – أذا كان هذا يناسبك أكثر".

هكذا سيرى كيف يمكن أن تكون لطيفة وجذابة أذا شاءت , لكنها صدمت لأنه لم يفهم قصدها الخفي وأذا فعل
فأنه أختار تجاهله بالقول :
" لو كنت ستزعجينني , لما أقترحت عليك زيارتي اليوم".
ثم حدق اليها ... فعرفت أن تفسيرها الثاني هو الصحيح لأن روك تجاهل مسعاهاالمقصود معتبرا أياه تصرفا طائشا , وثار ثائرها , فما الذي يعطي هذا الرجل مناعة مثيرة للسخط ضد محاولاتها المتكررة للرد عليه؟
وقالت بأقتضاب:
"أني مستعدة للذهاب , وأرى أنك قد أنتهيت من شرب الشاي".
" هل يمكنني أن أسأل عما أصابك الآن؟".

اماريج 03-11-10 06:52 PM


" لا أفهم قصدك".
" لا شيء سوى أن حالك تغيرت كليا".
" ما زلت لا أفهم قصدك".
تشنج فم روك وأيقنت كيم أنه تمنى مخلصا لو يهزها هزا عنيفا , وقال:
" أنك تبدين لطيفة وجذابة للغاية , ثم لا تلبثين أن تنقلبي قاسية وعنيفة , وأرى أنك تتوددين الي! , ألا أن طبيعتك الجموحة تطغى عليك فلا تستطيعين كبحها تماما كما لا تقدرين على كبت ثورتك".

أزدادت حدقتا كيم أتساعا , وعجزت عن النطق لفرط دهشتها , وأخيرا تمكنت من القول أن تصرفاته محيرة للغاية , وأن وقاحته الظاهرة أشد أرباكا لأن لا مبرر لها , ومن ثم أنتظرت رده وهي تلاحظ الدهشة في عينيه والتوتر في فمه , هل تمكنت آخر الأمر من أثارته؟ أنتظرت أشارة تدل على فقدانه السيطرة على أعصابه , ألا أن آمالها خابت ,أذ أسترخت عضلات وجهه وأستعاد قسماته المتهكمة المرحة المألوفة.
وثارت حفيظتها لأنه تحدث بهدوء وبصوت رخيم لطيف:
" قلت أنك مستعدة للذهاب , سأحمل حزمتك هذه".

أعطته الحزمة بينما نهضا عن كرسيهما
ودفع روك الحساب ثم أشار الى سيارته :
" سيارتي هناك , بأمكانك أن تتبعيني".
وأنتظر حتى فتحت الباب فوضع الحزمة على المقعد المجاور لها وهو يقول مؤكدا:
" لن أسرع".
منتدى ليلاس
ولحقته كيم بسيارتها وهي تجيل في المروج السمراء الداكنة والمناظر الريفية البدائية , ورأت في البعيد التلال الصغيرة المنحدرة وقد ألتحفت الجبال الضخمة , وبينما أتسمت فترة بعد الظهر بأشتداد الحرارة , أرتفع الآن ضباب أفريقي أشبه بالدخان أما عن يمينها , فأنبسطت غابات روك الشاسعة حيث نمت أشجار الأبنوس والماهوغاني وأشجار خشب الحديد ذات الجذوع الصفراء الطويلة التي يبلغ أرتفاعها خمسة وأربعين مترا أضافة الى الأشجار ذات الأخشاب الثمينة.

وأنحسر المشهد عندما أنحرفا عن الشارع العام الى طريق خاص محاط بأشجار المانغا يؤدي الى منزل ناصع البياض أطلق عليه أسم لوساكا جد روك الذي أنشأ تلك المزرعة الواسعة قبل أكثر من خمسين سنة , وظلت كيم تتبع السيارة التي تتقدمها بعد أن خففت سرعتها كثيرا , ورأت داخل بوابة المنزل شجرة زاهية الألوان ذات أزهار حمراء بلون البرتقال , وتأملت روعة أئتلاف لونها مع لون السماء اللازوردي ,وأمتلأ أنفها برائحة أشجار البلسم قبل أن تخرج من السيارة , فوقفت هنيهة طويلة وهي تمسك بالباب المفتوح وتنظر الى الحديقة الأستوائية الخصبة وقد ماجت بالألوان وعبقت بالعطر , وتمكنت من التعرف الى بعض الأشجار والأزهار.

تنهدت كيم وقد أخذ الأعجاب منها كل مأخذ حتى نسيت ما حولها:
" أن حديقتك رائعة يا روك... وأنا لم أر حديقة تضاهيها جمالا ".
طغا رضاه على برودته :
" تفضلي بالدخول حتى أحضر لك الكتاب".
وتقدمها متسلقا خمس درجات من الرخام الأبيض قبل أن يدخل رواقا ذا أعمدة تدلت فوق قنطرة عريشة زرعت في مكان غير منظور

ثم دخلت كيم الى بهو أنيق له نوافذ واسعة تطل من جهة على الحدائق الغناء , بينما تشرف من الجهة الأخرى على بركة للسباحة تمايلت فوق مياهها الزرقاء أشجار النخيل , وأنعكست أوراقها الدقيقة على صفحة الماء الهادئة , كما أحيطت جوانب البركة بالأزهار الأستوائية التي زينت أيضا غرفة تبديل الملابس , وبعيدا الى الشرق من هناك علت الجبال كأنها درع تقي الغابات الكثيفة التي شكلت معظم أراضي روك , ورأت كيم الرجال يعملون بين الأشجار , فيشذبون غصونها الميتة , ويرشون أوراقها بالأدوية.
ثم عادت تنظر الى الغرفة تتأمل الفخامة والفن اللذين أشار اليهما بارت واللذين تمثلا في البسط التركية المفروشة فوق أرض مصقولة للغاية ,وفي قطع البورسلين الصغيرة النفيسة , الموضوعة فوق موقد حجري كبير , والأثاث المغطى بقتاش غالي الثمن , والأزهار المرتبة بعناية في مزهريات قديمة من الفضلة والزجاج المقطع , وأحتلت خزانة كتب كبيرة أحد الجدران بطوله , ألا أنها لم تضم الكتاب الذي وعد روك بأعارته لبارت ,وسمعت دقات الساعة في الزاوية , فنظرت الى ساعتها , أنها الرابعة والنصف, لقد بدأت الشمس رحيلها نحو المغيب ,وتلبدت الغيوم ذات الأطراف الذهبية فوق التلال , ثم عاد روك ممسكا الكتاب بيده
, فأخذته منه كيم, وأستعدت للخروج قائلة:
" شكرا جزيلا".


وسألها روك:
" هل يأخذ بارت قسطا من الراحة كل يوم؟".
أطرقت:
" أنه يطبق التعليمات بدقة , والحقيقة أنه أدهشني بذلك".
خلا وجه روك من أي أثر للأنفعال وهو يقول:
" حاذري في طريق عودتك من بعض الشقوق الجديدة في الطريق قرب مسكن كاتانيا , أنها نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت مؤخرا".
منتدى ليلاس
" سأفعل, فألى اللقاء يا روك, أشكرك مرة أخرى على الكتاب ".
تحركت السيارة الكبيرة من أمام المنزل على مهل , ثم زادت سرعتها وهي تقترب من البوابة ,ولما نظرت كيم عبر المرآة , رأت روك ما زال واقفا هناك ينتظر أن تغيب السيارة عن نظره.

نهاية الفصل الثالث


اماريج 03-11-10 06:56 PM


4_ الدروس الأولى
****************************
نظرت كيم في المرآة للمرة الأخيرة وهي تعبر القاعة , وأطرى بارت , الذي أنتظرها عند الباب , حسن مظهرها , فقد أرتدت ثوبا حريريا سميكا أبيض ضاربا الى الصفرة أنخفض أعلاه قليلا الى عنقها , وتنورة أتسع أسفلها , وألقت على كتفيها دثارا ذا لون مناسب , كما حملت على ذراعها عباءتها المخملية.
" هل أعجبك عطري؟".

طرحت كيم هذا السؤال على بارت بعدما قال كل ما عنده عن ثوبها وشعرها وعقدها الذهبي الأنيق وسوارها الرائع ,وكانت تحمل حقيبة مسائية ثمينة ذات قفل ذهبي , زينت بمخرمات ذهبية ,وعلقت بحمالات مجردة , لم يقل بارت عن الحقيبة شيئا , لأنه هو الذي أهداها الى كيم في عيد الميلاد قبل ثلاث سنوات , ونالت أعجاب كل من رأى كيم تحملها ,ولما أدركت كيم مدى السعادة التي غمرت بارت نتيجة عثوره على هذه الهدية الجميلة وأخبرته بأنها تعتبرها كنزا تنوي الأحتفاط به الى الأبد.
منتدى ليلاس
" كم أتمنى لو أنقص أربعين سنة من عمري وأعود شابا".
ضحكت كيم وهي تلاحظ الوميض في عينيه, وقالت:
" أنه العطر الذي أهديتني أياه الأسبوع الماضي , أنني أحبه كثيرا".
" أتمنى أن أعرف أذا كان روك...........".
وصمت , فنظرت كيم اليه حائرة:
" ماذا كنت تنوي أن تقول يا بارت؟".
أجاب وقد أكتنفته الكآبة:
" لا شيء.......لا.......".

وفتح الباب الأمامي:
" أستعدي يا كيم لأننا سننطلق".
وصعدت الى السيارة ,وراقبته وهو يديرها ثم يضغط على الدافع ,ولما وصلا الى نهاية الممر , وأنعطفا نحو الشارع , سألت:
" ماذا كنت تنوي أن تقول عن روك الآن؟".
" عن روك؟".
قالت بلطف:
" بارت, لماذا تراوغ؟".

حرف بارت السيارة قبل أن يبدل السرعة , ثم قال :
" كيم , يا عزيزتي , أنك تصنعين من الحبة قبة , فأنا لا أستطيع أن أتذكر ما نويت قوله عن روك, ربما كنت أتساءل عن أمكان ألتقائنا به في النادي".
" أنه يحضر دوما الى النادي يوم السبت".
" أجل ,ولكن ربما لديه بعض الأعمال الأخرى , فالأنسان لا يمكن أن يثق من لقاء أصدقائه في النادي أو في مكان آخر دائما , أليس كذلك؟".

" هل يهمك وجوده في النادي الى هذا الحد؟".
لم تعرف كيم لماذا طرحت كل هذه الأسئلة , وكل ما عرفته هو أن حال بارت أربكتها أذ بدا أنه يخفي شيئا عنها يفكر به.

" يهمني حضوره الليلة الى النادي بعض الشيء فأنا أريد طرح سؤال أو سؤالين عليه حول كتاب أعارني أياه".
ومال بارت بالسيارة الى جانب الطريق ليسمح لأسرة أفريقية بالمرور , وعادت كيم تتحدث عن موضوعهما السابق, فقالت:
" فهمت؟".

اماريج 03-11-10 06:57 PM

ألا أن كيم لم تفهم شيئا بالطبع , وظل تصرف رب عملها يحيرها , لكنها في نهاية المطاف نسيت كل ما يتعلق به وهما يقتربان من النادي , وكان عدد من السيارات قد توقفت فيه , نظرت كيم حولها آليا , ووجدت أن روك لم يكن قد وصل.

وسرعان ما أنفصل بارت , الذي أكتسب شعبية بين أعضاء النادي , عن كيم التي جذبتها سوزان نحوها , وقدمتها الى (قنبلة الموسم الشقراء),التي كانت قد أخبرتها عن زيارتها , أتسعت حدقتا كيم لشدة ما شابهت الفتاة صاحبات الصور الجذابة على أغلفة المجلات , واللواتي تحسدهن القارئات على حسنهن الفائق والفاتن , ويتمنين لو يشبههن ,ولكن , يقسمن في نهاية المطاف أن هذه خدعة تصويرية أذ يستحيل أن يبلغ أحد مستوى الكمال.
منتدى ليلاس
وصافحتها رافيلا وقد تلألأت عيناها كنجمتين براقتين , وأدهشت كيم أهداب الفتاة الطويلة ,وعنقها الشبيه بعنق البجع يزينه عقد نفيس من الماس والياقوت الأزرق , أما ثوبها الضيق, فكان بالخيوط الذهبية التي تخللته والشق الجانبي الممتد من أسفله الى الركبة نموذج يحتذى وأعتبرته كيم مغريا , ثم أنتقلت عينا كيم الى يدي الفتاة الكاملتي الجمال بأصابعهما النحيلة الطويلة المزينة بخاتم ماسي نفيس , وفي اليد اليسرى خاتم من الياقوت الأزرق طعم ببعض الماسات الصغيرة , في حين صبغت أصابعها بمهارة بطلاء الأظافر , وطابق صوتها شكلها بأنخفاضة نبرته والبحة الضئيلة التي تشوبه , فكان مثيرا ومغريا كالفتاة نفسها , لكن كيم لم تحسدها , ولم تعجب من قول سوزان أن عددا كبيرا من الشبان الممتازين تقدموا لطلب يدها , ولما أحاط الشبان والشابات برافيلا , وأختلت سوزان بكيم هنيهة
همست:
" أنني أستمتع كثيرا بمراقبة الأثر الذي تتركه رافيلا على من يدخلون النادي الليلة".

ولاحظت كيم وهي تنظر الى حيث وقفت رافيلا:
" لا بد أنكما حضرتما باكرا , ويخيل لي أنها تعرفت بالجميع".
" صحيح أننا حضرنا باكرا , لكن رافيلا لم تتعرف الا على بعض أعضاء النادي".
تلفتت رافيلا حولها قبل أن تتجه نحو أبنة عمتها لتوبخها قائلة:
" أذكر أنك قلت أنه يوجد هنا بعض الشبان الوسيمين فأين هم؟".
فضحكت سوزان :
" ما رأيك بديكي فارمهاوس؟ فهو طويل , أسمر وأنيق , ماذا تريدين أكثر من ذلك؟".
" لا يرجى منه أي خير , لماذا يقلد الرجال النساء هذه الأيام؟".

" وماذا عن فال؟ فأنه لطيف- آه, لكنني نسيت أنه مولع بكيم الى حد ما".
فكرت كيم بفال , الذي أحبته , في الوقت الذي فكرت فيه ببارت , الذي لن تتخلى عنه ألا حين يبلغها أن حاجته اليها والى خدماتها أنتهت.
عبست رافيلا وهي تتأمل كيم ثم أضافت كمن يرثي لحال كيم:
" لا بأس به".
وسألت سوزان :
" ما قولك بجون باترسون؟ فطلعته البهية ترضي كل الفتيات".
لكنها أستطردت تقول بصوت خفيض ينم عن الخجل:
" آه , لقد فهمت, أنك تريدين شابا أسمر قويا طويلا يمتاز برجولته الأصيلة , وصوت عميق, أليس كذلك؟".

فما كان من رافيلا ألا أن ضحكت:
" أنك مرحة وممتعة يا سو, وهذه طبيعتك منذ الطفولة".
أجابت سوزان بشيء من الجفاء:
" أشكرك".
ثم أضافت:
"حسنا يا آنسة الذوق الصعب , هاهو ذا أقرب شيء الى الكمال الذي تطلبينه ... فهو... الرجل ذو الصوت الرخيم الحاد أحيانا كالسوط".
ونادت سوزان روك بهدوء بعد أن دخل الردهة ووقف ينظر حوله:
" روك, أرجو أن تقترب منا أقدم لك رافيلا سبالدنغ ... أعرفك بروك لنتون".
راقبت كيم روك بأهتمام , فلم تلاحظ تغيرا في عينيه اللتين تفحصتا الفتاة من أعلى رأسها الى أخمص قدميها , ثم عادت تحدقان الى وجهها في ثوان قليلة , مد يده ليصافح يدا بيضاء صغيرة
وقال ببرودة بينما أرتسمت الصلابة في عينيه:
" يسعدني لقاؤك يا آنسة سبالدنغ".
منتدى ليلاس
ورأت كيم الحزن يرتسم في عيني رافيلا الجميلتين أذ وقف أمامها رجل لم يتأثر بفتنتها على الفور , وطرفت أهدابها وهي ترفع رأسها لتنظر الى وجه روك, وتلفت روك
فرأى كيم تقف بجانبه فخاطبها ببرودة:
" مساء الخير يا كيم, هل حضر بارت برفقتك؟".
" أجل ,ها هو ذا يقف هناك يتحدث مع السيد والسيدة هولت".
" هل هو بخير أذن؟".
خيّل الى كيم أن روك يظهر قلقا زائدا لا مبرر له في ما خص صحة رب عملها , فعلى رغم قول الطبيب بأن الأمر ليس خطيرا , فأن روك لم يرها مرة ألا وسألها عن بارت ,وشدد كثيرا عليها بأن لا تسمح له بأرهاق نفسه في العمل.
" أجل , أنه على ما يرام".
" حسنا".

اماريج 03-11-10 06:58 PM

تلفت روك حوله ليجد هذه المرة شخصا يرغب في التحدث اليه , فخفض رأسه قليلا وأنصرف قائلا:
" أرجو المعذرة".
عبست رافيلا فيما سألت أبنة عمتها:
" ليس الرجل لطيفا يا سو, أهو كذلك دائما؟".
" أتقصدين روك؟ أجل , أنه كذلك مع النساء , فهو عازب مكرس , وأنا آسفة لذلك يا عزيزتي , أعدك بمحاولة العثور على شخص آخر ترضين عنه".
همست رافيلا بصوت حالم:
" أنه... أنه مثير, أهو عازب مكرس؟ لا يمكنني أن أصدق ذلك يا سوزان".
" أنه يناهز الثلاثين , وحتى الآن لم ينشىء علاقة جدية مع أي فتاة".
" كيف يتسنى لك معرفة ذلك؟".

" أعرف ذلك لأنني أمضيت عمري كله هنا".
" تقولين علاقة جدية ؟ أتقصدين أنه يكتفي بالمغازلة؟".
" لا أعني شيئا من ذلك أبدا؟ ربما توجب عليّ القول أنه لم ينشىء علاقة جدية أو غير جدية".
هزت رافيلا رأسها , وحولت رأسها الى حيث وقف روك رائعا في بزته الكتان البيضاء يتحدث الى رالف أستبوري , الذي يملك ثلاثة متاجر في تنغافيل , وعادت فأدارت رأسها , فتحرك شعرها الذهبي حول عنقها الى الأمام ثم الى الوراء في حركة تشبه أنفتاح مروحة السيدات .
" أنك تقولين أنه لم يختبر النساء مطلقا , لكنني أرى أنه يستند الى خبرة واسعة".
منتدى ليلاس
ضحكت سوزان وهي تداعبها:
" أنه يتحدث بلغة الخبرة والتجربة , وتعالي الآن لأشتري لك ولكيم شيئا تشربانه فيما نستمع الى قصصك عن مآثرك في دنيا الحب والغرام".
وضحكت الفتيات الثلاث , فجذبن أنتباه روك ورفيقه بعد أن أنضم اليهما جون باترسون , الذي نطق بشيء جعلهما يطرقان في حين رأت كيم يعبس في الوقت نفسه , ولما سارت الفتيات الثلاث بأتجاه البار , أنضم الرجال الثلاثة أليهن.

وألتقت عينا كيم بعيني روك , فلاحظت أن عبوسه زال
فيما أشار بيده بغرور:
" حاولي أن تبحثي لنا عن طاولة هناك بعيدا عن هذا الزحام".
أتضح لكيم أنه توقع منها أن تفعل ما أمرها به , والحقيقة أن النادي أزدحم ,ولم يسبق لكيم أن رأت في النادي هذا العدد الكبير من الناس في وقت واحد مما جعلها تتساءل:
" هل يمكن أن تكون رافيلا السبب؟".
طردت هذه الفكرة من رأسها لسخافتها , لتعود وتكتشف أن تخمينها أصاب ,أذ سرعان ما أنتقلت الأخبار وحضر الجميع لألقاء نظرة على هذا (الجمال) كما سمعت كيم أكثر من شخص يقول حين أشار الى رافيلا.

عثرت كيم على طاولة , ولوحت بيدها الى سوزان بينما كانت رافيلا تتحدث مع السيد واينرايت العجوز, وهو عازب لا يتعب من سرد ذكريات شبابه لحين عجز عن جذب أي فتاة اليه بدون بذل الكثير من الجهد , وأستمتعت رافيلا بحديث هذا الرجل الغريب , فطرقت أهدابها وعبثت يداها بالهواء من حولها فيما حركت رأسها فتطاير شعرها بأنتظام ظنت كيم أنه يلفت أنتباه أي رجل , وتبعت نظرات سوزان أتجاه نظرات كيم , فضحكت:
" أنها نادرة بين النساء , أليس كذلك؟ لقد قلت لك أنها رائعة".

أجابت كيم:
" أنها جميلة جدا".
" هل تعلمين أنها أجمل مما تذكرت؟ فأنا بالطبع لم أرها لسنوات بعد زيارتنا أنكلترا معا حين كانت الحسناء رافيلا في الثامنة عشرة فقط , ورأى أنها أزدادت حسنا في السنوات الأربع الماضية".
" ألم تصادق شابا... بمعنى أنها تخرج معه وتصطحبه بصورة دائمة؟".
" لم أسمع عن شاب مثل هذا, وكما قلت لك , فأن ذوقها صعب ,وقد سمعتها الليلة بنفسك أذ أعلنت أن أحدا من هؤلاء الشبان الوسيمي الطلعة لم يرق لها ".
منتدى ليلاس
أجابت كيم وهي تتفحص روك الواقف عند البار يطلب شرابا:
" لا شك أن روك راق لها".
ألا أنها توقفت وهي ترى كؤوس الشراب تعطى الى روك الذي قدمها بدوره الى رفيقيه الشابين:
" لقد وجدته مثيرا ومغريا على حد تعبيرها".
مثيرا ومغريا ... هل يمكن أن يكون روك مثيرا ومغريا؟ أن الشيء الوحيد الذي أكتشفته كيم فيه هو أنه يبعث اليأس في النفس بغروره وكبريائه وشعوره بالتفوق ورأيه السخيف بالنساء.
ركز روك بصره على كيم وهو يدنو منها حاملا كأسها وكأسه ,وأجبرها عبوسه أن تتنهد بغضب فسمعها وألتمعت عيناه بالسخرية , وما لبثت رافيلا أن انضمت اليهما , فجلست وهي تنقل نظرها من روك الى كيم ثم الى روك ثانية , وبدأ أنها شاردة الذهن , لكنها سرعان ما أبتسمت أبتسامة ساحرة عندما تحدث جون اليها:
" كم ستقيم الآنسة سبالدنغ بيننا , وتؤنسنا بوجودها؟".




اماريج 04-11-10 03:06 AM

لقد أصاب ... فكيم لاحظت سرور روك , ولما ألتقت عيناها بعينيه ثانية , تخلى بلطف عن عبوسه:
" سأبقى هنا حوالي ستة أسابيع".
ونظرت رافيلا الى وجه روك قبل أن تضيف بصوتها الأجش المثير :
" من الممكن أن أقتنع بتمديد أقامتي , فهذا يعتمد على ..........".
منتدى ليلاس
أنهت جملتها بطريقة جعلت الجميع يتطلعون اليها بحيرة الى أن سألها روك بتهذيب ومهابة:
" علام يعتمد؟".
هزت رافيلا كتفيها بأناقة وفخامة:
" سأبقى أذا وجدت تنوعا كافيا في نمط العيش هنا".

وطرفت أهدابها الكثيفة لتعكس ظلالا لطيفة على وجنتيها فيما ظهرت الحيرة على رالف.
" تنوع كاف؟ أي تنوع يا آنسة سبالدنغ؟".
" لا بد للأنسان أن يستمتع بحياته وخصوصا أيام العطلة , والأرجح أن سوزان لن تستطيع أن تمضي معي وقتها كله لكثرة مشاغلها ,ولذلك عليّ أن أجد ما يسليني في بعض الأحيان".

تطلعت ثانية الى وجه روك الذي حاول تقنيع قسماته وهو يرفع كوبه عن الطاولة ويتناول جرعة أخرى
وقال جون بشغف:
" ربما كان بأمكاني مساعدتك , فلدي متسع من الوقت لأتجول معك في المنطقة".
أقتنعت كيم أن هذا ليس بالضبط ما أرادته رافيلا في أي حال , فهي لو صدقت فقط أن روك عازب مكرس لتوقفت عن أضاعة وقتها
لكن رافيلا أجابت جون وهي تبتسم بمرح:
" هذا لطف كبير منك يا جون, لكنني لا أريد أن أفرض نفسي عليك".
منتدى ليلاس
فقاطعها جون:
" تفرضين نفسك؟ لا شك في أنني سأكون غاية في السعادة عندما أتجول معك في المنطقة يا عزيزتي الآنسة سبالدنغ".
أرتجفت شفتا سوزان وكيم ضحكا , ولما رأى روك سعادة كيم , نظر اليها موبخا , فغضبت , من هو حتى يأمرها بصمت أن تضبط نفسها؟
ثم قال رالف:
" بأمكاني أن أقضي معك بعض الوقت أيضا , فزوجتي مريضة ولذا قلما تخرج الا حين أصطحبها في السيارة , فأذا رغبت يا آنسة سبالدنغ.......".
فقاطعته رافيلا وهي تحدق الى الجميع بأستثناء أبنة عمتها:
" آه _ أنني أتمنى عليكم أن تدعوني رافيلا , فلفظة الآنسة سبالدنغ لفظة خشنة ولا تنم عن صداقة ولطف".
تابع رالف حديثه بأصرار:
" أجل... حسنا يا رافيلا , أود التأكيد بأنه لو رغبت لكان بأمكاننا أن نقضي يوما أو يومين بالتجوال عبر الريف".
" أن هذا لممتع".

اماريج 04-11-10 03:07 AM

وظنت كيم وهي تنظر الى روك أنه من قبيل التهذيب أن يعلن عن تخصيص بعض وقته لرافيلا خصوصا أن رفيقيه أعلنا تقديم وقتهما بسخاء لها , لكنه ظل صامتا
وبعد قليل تطلعت كيم الى روك أثناء الرقص:
" لم تكن سخيا وكريما مع رافيلا , وقد كان بأمكانك أن تكون أكثر شهامة وتعرض عليها أن ترافقها في نزهة , فقد سمعت- حتى قبل أن أصل الى هنا أنا وبارت- عن كرم شعبكم العظيم ولطفه البالغ أتجاه الغرباء".
أجاب وهو يدفعها الى الحافة الخارجية لحلبة الرقص حيث خف الزحام:
" سمعت أذن؟ أرجو ألا نكون قد خيبنا آمالك بحسن ضيافتنا".
فما كان من كيم ألا أن ضحكت:
" أنت تعرف جيدا أنني لا أتحدث عن نفسي".
"ولكن عن رافيلا ذات الشعر الذهبي والعينين الزرقاوين , أليس كذلك؟".
منتدى ليلاس
" أذن , بوسعك أن تنظم الشعر , لقد أدهشتني بفنك".
علق وهو يظهر صرامة كان من الممكن أن تزعجها
لكنها لفرط دهشتها لم يغضب:
" أن السخرية لا تنفعك , ولو كنت شقيقتي لأجبرتني على أن أشد أذنيك بين حين وآخر".
جرحتها كلماته , فأختل توازنها وأحست بغصة في حلقها فيما خفق قلبها بقوة , وأدركت أنه لا بد أن يحس بما أصابها من تغيرات
وتلعثمت وهي تستدرك نفسها:
" أنني .... أنني آسفة , لقد أختل ... أختل توازني".
تحركا ثانية الى حلبة الرقص حيث قال روك:
" هذا ناتج عن حدة طبعك".
" أنك تقول أشياء تغضبني".

" أن ضعفك يكمن في سرعة غضبك وسهولة أزعاجك".
" أنا لا أغضب ألا في حضرتك".
" أجل, وما زلت أذكر أن بارت قال أنك لا تصيحين في وجه أحد سواي".
" هل يزعجك ألا نرقص أبدا ؟ فأنا أفضل صحبة أناس أشد تهذيبا منك".
" لا تتصرفي كالأولاد يا كيم, فأنت غاضبة ومضطربة".
" لست غاضبة أو مضطربة".
" سواء كنت أم لم تكوني , فأنك بحاجة لبعض الهواء البارد المنعش".

جاء قوله بمثابة ملاحظة , لكنها لم تجد أمامها خيارا أذ قادها نحو الشرفة لينزلا السلم بأتجاه الحديقة ,وكان بوسعها أن تجادله وتناقشه , غير أنها أمتنعت عن ذلك لوجود عدد كبير من الناس خرج بعضهم الى الشرفة وبعضهم الآخر الى الحديقة هربا من الحر في داخل قاعة الرقص
وقالت له بصوت تحكمت بنبرته بصورة مدهشة خصوصا أن الفرح سرى في كل أجزاء جسمها:
" كم أتمنى أن أفهمك".
أجاب روك بلطف وهو ما زال يمسك بذراعها وقد خفف قبضته عليها:
" ليس من الضروري أن تفهميني , هل تشعرين بالتحسن هنا في الخارج حيث يمتاز الجو بلطفه وبرودته؟".
" أجل ".

" هذا ما ظننته , فالجو شديد الحرارة في الداخل , والحقيقة أنني لم أر النادي مزدحما كما هو الليلة".
مشى ببطء مواكبا خطواتها , وتنفست الصعداء فرحة لأنه أخرجها- الى هنا ,وسألها بعد أن سارا لبعض الوقت مبتعدين عن النادي:
" ماذا نويتما أن تعملا أنت وبارت في عيد الميلاد؟".
" أظن أننا سنبقى في المنزل , لأنني أقترحت على بارت أن ننزل في فندق بعيد أذ ليس هناك سوانا نحن الأثنين , فلم يبد حماسه , لقد تغير بعض الشيء".
وظهر لها كأن روك قد نسي سؤاله عن عيد الميلاد أذ قال:
" تغير؟ من أي ناحية؟".
" أولا, أصبح يتكلم مع نفسه بصوت عال".
" آه , أجل, وماذا بعد؟".



اماريج 04-11-10 03:09 AM

ظنته كيم شديد القلق , وتذكرت أنها لاحظت أهتمامه وقلقه حول صحة بارت , فقالت:
" حسنا ... عليه أن يتناول هذه الحبوب التي أعطاها له الطبيب , ولست أعرف طريقة أستعمالها وغرضه , فهل تعرف أنت؟".
رد روك بعدم أكتراث:
" لكي تساعده على التنفس أو شيء من هذا القبيل".
" أذكر أصرار الطبيب عليّ بالتأكد من عدم نسيان بارت مواعيد تناولها".
" من الواضح أنها مهمة , ولكن, لا تغالي في القلق في أي حال لأن كثيرا من الناس يعيشون على بعض أنواع الحبوب في هذه الأيام".

لم تجب بشيء , , فعاد روك يتحدث عن قضية عيد الميلاد:
"سأقيم حفلة , ومن الطبيعي أن أدعوك أنت وبارت اليها , ولا أنسى أن اعلمك بحفلة النادي الراقصة الكبرى , فهي دوما متميزة وخاصة بالمناسبة , كما تقيم أسرة فان ديه فالتس سهرة شواء , ومن البديهي أن تكونا أنت وبارت مدعوين ,وهكذا ستشعرين بأنك ما زلت في وطنك".
منتدى ليلاس
هزت كيم رأيها لأنها أنما كانت تفكر بعشاء الميلاد , لكنها بالطبع لم تكن في أنكلترا , فهنا , يصادف عيد الميلاد في منتصف الصيف , وقال روك , كأنه قرأ أفكارها : أنه سيحاول تنظيم رحلة في النهر على متن مركب حيث يمكنهم تناول الغداء , علاوة على تناولهم العشاء في منزله , فقالت:
" هذا لطف عظيم منك يا روك لم أكن توقعه ".
فقاطعها:
" لا تنسي أنني صديق بارت , ولا شك أنني سأتأكد بنفسي من أستمتاعكما بعيد الميلاد".
" هل لديك شجرة الميلاد؟".
" لا, ليس بعد".
" ليس بعد.........".

وحمل صوت كيم حنينا غريبا للوطن ترك أثرا فاعلا في روك
فقال وهو يحاول طمأنتها وتطييب خاطرها :
" ما رأيك بأن تقومي أنت بتزيين الشجرة في منزلي؟".
" هل ترغب في واحدة؟ غريب , غريب أمركم أيها الرجال , فأنتم حافلون بالتناقضات والأمزجة المتضاربة".
" لا شك أن هذا سيكون تغييرا لطيفا عندما أحيي الحفلة".
" أجل , فبارت كان يزين شجرة الميلاد دائما".
" هل تكونان عادة في أنكلترا في مثل هذا الوقت؟".

حمل صوت كيم رنة حنين غير مقصودة , لأنها كانت تفكر بوطنها , فعيد الميلاد في أنكلترا مناسبة راقية رغم كل ما يسبقها من هياج وأندفاع في الأسواق , وأما بالنسبة الى كيم ورب عملها ومدبرة منزله , فأن عيد الميلاد كان فترة هادئة تفتح فيها الهدايا قبل تناول الغداء الخفيف والأنطلاق في نزهة سريعة يعودان بعدها بوجوه مشرقة الى المنزل الفخم حيث تقوم الدعامات السوداء وتضطرم النيران حامية تتغذى بالحطب , فينعمون بالجو اللطيف والشجرة المزدانة بالأضواء البراقة وعصافير أبي الحن الحمراء وغزلان الرنة وأشكال سنتاكلوز المكسوة بأثواب حمراء , هذا مع الأشارة الى أدوات وأغراض الزينة الأخرى المختلفة اللامعة التي تعلقها كيم بعناية فائقة.
منتدى ليلاس
وفي المساء يقام عشاء يدعى اليه عدد قليل من أصدقاء بارت , فتطلق المفرقعات الغالية من كل نوع , وتعلق على الشجرة هدية لكل ضيف يفتحها قبل أن تصدح الموسيقى وتدور الأحاديث المرحة , ثم يودعون بعضهم عند الباب معربين عن أيثارهم للثلج في هذا الموسم , أجل , أن كيم لن تنسى طوال حياتها هذه الأحتفالات الخاصة بعيد الميلاد ,وقطع روك عليها أفكارها على حين غرة , فسألها أذا كانت ما زالت تستمتع بالنزهة , فعبست في قرارة نفسها وأغتاظت لأنه قطع عليها أفكارها السعيدة
وعلى رغم أن تصرفها لم يكن معقولا لم تستطع أن تخفي الحدة في صوتها وهي تجيب:
" أنا سعيدة بتغيير الهواء , أذا كان هذا ما تقصده".


اماريج 04-11-10 03:10 AM


" أتعنين أنك لست سعيدة بصحبتي؟".
فأجابته متحدية :
" هل هناك سبب يدفعني الى ذلك؟".
قال روك بهدوء:
" أرى يا فتاتي أن أهاجم هذه الرجولة التي تظهرينها , وأعيدك الى طبيعتك الأنثوية وأذكرك بأنك أمرأة".
كانت كيم ستغضب من هذا الكلام وتثور , ألا أنها كبتت رغبتها في الرد عليه نظرا الى أنها أعتقدت أن هذا ما أراده روك , فغيرت موضوع الحديث وعادت الى رفيلا لتذكره بأن رفيقيه الشابين تطوعا أن يصطحباها في التنزه , وأستطردت:
"لا بد أن تذكر الضيافة المفروض أن تظهرها , وتعرض عليها بالتالي عرضا مشابها".

رد عليها وهو يحملق فيها بغرابة وهما يتجولان بمفردهما تحت الأشجار :
" ربما سأفعل , فقد تكون هذه الفتاة مختلفة".
" أنها غاية في الفتنة والجمال".
" لا شك في ذلك".
" أن الرجل الذي سيتزوجها سيفخر بها أيما فخر".
" هل تحاولين أن تدخلي فكرة الزواج في رأسي؟ أنك لست الأولى في أي حال".
" أيها المغرور".
أرسل القمر المحاط بمليون نجمة أشعته لتتسرب بين أغصان الأشجار , فخلق جوا رومنطيقيا أضفت أصوات الليل والروائح المختلفة سحرا على سحره , فأمتزجت زقزقة عصفور أجفلته حركة حوله بأزيز الصراصير المختلط بعواء ذئب أو ثعلب يبحث عن طعامه وبأيقاع طبل بدائي غامض في الأقاصي.

سيطرت تلك اللحظة كليا على عقل كيم التي أستغربت أن تقف هنا مع روك, الرجل الذي طالما وقعت بينها وبينه مشادات كلامية , وهو العازب الذي أقتنعت كل فتاة عرفته بتصميمه على البقاء عازبا , فلم تحاول أي منهن أثارة أهتمامه لعلمها بأنها تهدر وقتهاسدى , ونظرت اليه جانبيا
فرأت معالمه واضحة ودقيقة برغم أكتناف الظلام لها
ثم رفع روك يده مشيرا:
" يوجد مقعد هناك , فهل ترغبين في الجلوس؟".
منتدى ليلاس
هزت رأسها بالأيجاب ,وقد أثار تصرف روك حيرتها كما حدث لبضع مرات في الآونة الأخيرة , وبدا كأنه لا يتمالك نفسه أحيانا من أظهار اللطف نحوها , فعاملها عموما بشيء من الدعابة والسخرية التي تتحول برودة وتحفظا غالبا ما يجعلها تحس بعدم أكتراثه لها ,وطالما حدث ذلك عندما حضر روك لمحادثة بارت , وفي أثناء ذلك وقعت (المشادات الكلامية) على حد وصف بارت.... والآن.... ما هي حقيقة مشاعرها من المؤكد أنه لم يرد أطلاقا أن يكون معها هنا في هذا الجو المثير والرومنطيقي , أذن, لماذا أصر على مغادرة قاعة الرقص؟ صحيح أنه أعتبر الجو خانقا , لكنه في مثل هذه الحالة كان بأمكانه أن ينتظر أنتهاء الرقص فيخرج بمفرده الى هنا.

لكن كيم أستسلمت لعدم التفكير لأن السكينة والروائح الزكية ونور القمر السابح في السماء الأفريقية كانت حائلا بينها وبين الأضطراب والمشاكل والأسئلة العقيمة , ونصحها قلبها بالأستمتاع بما حولها لأن تلك اللحظات ذكرى جميلة تحملها معها شأن الذكريات الكثيرة الأخرى التي حملتها من أماكن غريبة أخذها اليها بارت.

ثم وصلا الى المقعد , فدهشت كيم أذ رأت روك يخرج منديله لينظف الغبار عن المكان الذي ستجلس فيه ,وقال:
" لا أريد أن يترك غبار المقعد أثرا على هذا الثوب الجميل".
" أشكرك يا روك".
ثم جلسا وقد لفهما الصمت وغرق كل في تفكيره , وأخيرا قطع روك الصمت متحدثا عن طلبه الى كيم بتزيين شجرة الميلاد في منزله , وأستغربت كيم أصراره على التفكير بهذه الأمور , وأسرع نبضها لمجرد معرفة أن أفكاره شملتها أيضا
وقال:
" سأشتري الشجرة , أما في ما يخص الزينة , فسأترك لك حرية أختيارها ,وحسب علمي تعرض في متاجر تنغافيل نخبة واسعة وأنيقة من الزينات , فأذهبي وأشتري كل ما تعتقدينه ضروريا لأقامة زينة ممتازة فعلا".

" أنك تطلق لي حرية الأختيار , أليس كذلك؟ لكن ذلك قد يؤثر فيّ يا روك , فأشتري زينة ضخمة وغالية".
" أظن أن المرأة وحدها تعرف المطلوب لهذه الأمور".
" أذن, النساء أفضل من الرجال في بعض الأمور".
" حسنا , ها أننا قد عدنا الى المشاكسة ثانية , أليس كذلك؟ عزيزتي كيم , أنك أكثر النساء اللواتي دفعني سوء طالعي الى التعرف بهن, مشاكسة وأزعاجا".
" أظنك أستعملت هذا التعبير من قبل لوصف شخصيتي".
" وأتوقع أستعماله مرات كثيرة بعد الآن".

" أذن, لا يحق لك أن تتذمر أذا كنت أرد عليك".
لم تعرف كيم لماذا رغبت في مجادلته ,والحقيقة أنها شعرت يأنها عملت على خلق مجابهة من دون أن تقصد.
" هل خطر لك أنني قد لا أرد عليك بطريقة تسبب لك أزعاجا كبيرا؟".
شاب التوتر صوت روك , فأدرت رأسها لتنظر التشنج في ملامحه , عندئذ أدركت أنه يجب أخذ تحذيره على محمل الجد , لكنها لم تفعل , بل قالت بحدة:
" ليس بوسعي أن أتصور أن ردك سيسبب لي أزعاجا كبيرا , لا شك أنه يزعجني قليلا , لكن.......".

قاطعها فيما وثب واقفا:
" لا يمكنك ؟ لا بد يا فتاتي أن تكوني قد لاحظت قولي قبل بضع دقائق بأنني سأهاجم رجولتك المصطنعة وأعيدك الى طبيعتك الأنثوية".
وأنتصب كالعملاق أمامها , قبل أن يمسك ساعدها بيده ويوقفها معانقا أياها بقوة, وقال بلهجة المنتصر
فيما أبصرت ألتواء فمه المثير في الضوء الخافت:
" وأخيرا توقفت عن المقاومة , مما يعني أنني حققت هدفي".
" ما هو هدفك؟".
" أعادتك الى طبيعتك الأنثوية ".

" بأظهار قوتك ووحشيتك , أنني واثقة من أنك فخور بأنجازك".
" حاذري يا فتاتي , فالعناق قد يكون أول الغيث , أو الدرس الأول كما أسميه".
" صحيح؟".
ردت بقسوة بلغت حدا لم تلاحظه كيم من قبل:
" أجل , صحيح , وكلما أزدادت الدروس تقدما , أزدادت صعوبتها".




اماريج 04-11-10 03:12 AM

عقبت كيم بسخرية:
" أنك تتحدث بالألغاز , والآن , أرجوك توقف عن هذا الهراء , وأعدني الى النادي , فليست لي الرغبة بمجادلتك ومقارعتك".
قاطعها وهو يضحك ضحكا خفيفا:
" أذن, هناك بعض التغير".

ولكن, ما لبثت القسوة أن ظهرت ثانية في صوته , الذي كان مفعما بالصرامة قبل قليل:
" هل تصفين حديثي بالهراء , وتقولين أنني أتحدث ألغازا؟ كيم , أنتبهي فقد تتلقين الدرس الثاني سريعا".
أصرت كيم على مقاومة روك, الذي شدها الىه بسهولة وقوة , فيما رنت ضحكات الأنتصار التي أطلقها في الجو العابق بالشذا , ثم همس:
" أستريحي , وأطيعي رغباتك الأنثوية فقط".
" أصمت, آه , كم أكرهك يا روك لنتون , سأخبر بارت بأنك وغد لئيم".
أجاب دون أن يربه تهديدها:
" أظن أن هذه الحادثة الصغيرة هي آخر ما تتمنين نقله الى بارت أو الى أي شخص آخر".

هزىء منها وهي تتساءل أذا كان يعرف أنها تبكي , وأنه على رغم مقاومتها للدموع , فأنها ملأت عينيها , وبللت أهدابها وكادت تنهمر على وجنتيها الملتهبتين:
" أنه يعتبرك شخصا ممتازا , لكنني سأجعله يعرف الحقيقة المغايرة تماما لتصوراته".
أستجوبها وهو يضحك أذ رآها تشد على قبضتيها:
" هل ستقرين بأنك تجاوبت مع رغباتي؟".
" لم أفعل شيئا كهذا".

مخطئة , وهي عرفت أنها أخطأت قبل أن تتفوه بالكلمة الأخيرة ,وعرفت أن روك تحداها بهذه الطريقة ليثبت لها قدرته على دفعها الى الأستسلام.
" أذن , فأنت تطلبين مني تلقينك الدرس الثالث , أليس كذلك" والحقيقة أننى لا أود أن أصفك يا كيم بالتلميذة البليدة".
" لا , أرجوك..... سأستغيث".
ذرفت الدموع لكنه لم يلاحظ ذلك بسبب الظلمة , أو لعله لاحظها ولم يتأثر بها لأن الألم لم يعرف طريقا اليه
بل حرّضها على الصراخ:
" أصرخي بأعلى صوتك , هل تظنين أن أحدا سيسمعك؟ أننا بعيدون جدا عن النادي , ولم يسمح أحد صياحك لطلب النجدة بسببب الموسيقى الصاخبة".
وطوقها بذراعيه بقوة , ثم همس بصوت خفيض:
" كيم , يا ساحرتي الصغيرة .... أنني أفكر بتلقينك الدرس الرابع".

تملكها الخوف لأنها أدركت حقيقة روك.... وحقيقة نفسها , فقد أيقظ فيها روك مشاعر جديدة كليا , وهي تذكر أن ريتشارد أظهر شوقا قويا وعفويا مثل هذا الرجل الصلب, الذي قضى معظم حياته في العراء بين شعوب القارة السوداء البدائية , الذين تركوا فيه آثارا واضحة من عفويتهم , وعرفت شيئا واحدا أكيدا وهو أن سوزان أرتبكت خطأ جسيما عندما أدّعت بأن روك لنتون لم يختبر النساء , وسرعان ما قطع عليها أفكارها أذ قال بلهجة الآمر وغطرسة المستبد:
" لا , لا تحاولي المقاومة أو الرفض لأنك تعرفين النتيجة سلفا".

لم تجرؤ كيم على عصيان الأمر , الذي وجهه اليها بغطرسة , وبينما رفعت رأسها سالت الدموع على وجنتيها , فأحس بالرطوبة تداعب وجهه , فأبتعد ليلمس وجنتيها أرتعشت لما أنطوى عليه تصرفه من حنو ورقة:
" هل... هل تبكين؟".
تغلبت على الغصى في حلقها
وهمست بصوت لا يكاد يسمع:
" أجل".
" لماذا؟".
" هل أنت بحاجة للسؤال؟".
" أنت التي حرضتني يا كيم".
" ليس الى ... ليس الى هذا الحد".
وساد الصمت , فتساءلت أذا كان توبيخ الضمير قد أخرسه , ألا أن أبتسامة ساخرة أرتسمت على شفتيها لأن روك لنتون المتعجرف لا يشعر بالندم أو بتوبيخ الضمير , ولا مكان لهما في قلبه المفعم بنشوة الأنتصار
وأخيرا تكلم برقة وهو يعيد كلماتها:
"ليس الى هذا الحد".
" أرجو..... أرجو أن تكون فخورا بنفسك".

سيطر عليهما الصمت ثانية , وتحكم التوتر بالجو قبل أن يقول روك بفضول:
" أنك تتوقعين أن أعتذر اليك , أليس كذلك؟".
" أعرف أنك لن تتنازل عن كبريائك , وستدهشني أن أنت تنازلت عن كبريائك بحيث تقدم أعتذارك".
لما ظل يضغط على ذراعيها؟ ثم تساءلت أذا كانت تجرؤ أن تستدي وتبتعد هاربة , ولكن لا, فهو قد يكون الآن صامتا , الا أن تصرفا صغيرا وبسيطا كفيل بأثارة مشاعره الجموحة ثانية
وما لبث أن قال:
" أذن, سأدهشك , أنني أعتذر يا كيم , صحيح أنك أثرتني , لكن هذا ليس مبررا كافيا لسلوكي , فلو أنا شددت أذنيك حتى أنتزعتهما , لكان عملي مبرر بأنك تستحقين ذلك".

" هل يمكن أن نعود الآن؟".
" هل ترغبين بذلك؟ بيد أن الناس سيرون أنك كنت تبكين".
أرتجفت شفتاها , وخشيت أن تسيل دموعها مجدا:
" أرغب في الذهاب الى البيت , أرغب.... فأنا أشعر ببعض التوعك".
من الواضح أنه لم يعر أهتماما لجملتها الأخيرة , بل تجاهلها , وقال بأنه لا يمكن أن تعود الى المنزل , وأضاف:
" سيتساءل الجميع عما حدث , فيما يشعر بارت بقلق عظيم لا لزوم له".
" ماذا يمكنني أن أفعل أذن؟".
منتدى ليلاس
ماذا جرى لها ؟ صحيح أن هذا الشعور بالشفافية قد يكون نتيجة حادث عنيف وأن أيقاظ مشاعرها قد أجهدها قدر ما أجهدتها مقاومتها الجسدية لروك , ألا أن كيم شعرت بأنها كانت تتوق الى شيء مجهول.
" جففي دموعك أولا قبل أن نسير قليلا , وسرعان ما ستشعرين بأنك أستعدت صفاء نفسك".
قالت متهكمة:
"أنك لطيف للغاية".
" هل تحملين منديلا؟".
" كلا , لا أحمل منديلا , أنه في حقيبتي المسائية التي تركتها....".
" أذن, سنستعمل منديلي".
أخرج روك منديله , وفتحه, ثم ثنى المنديل وقدمه اليها لتجفف عينيها ووجنتيها:
" هل تشعرين بالتحسن؟".

" قليلا , أن تجفيف عيني لم يغيّر شعوري".
" لا يا كيم , فأنا آسف ياحبيبتي , هيا لنسر قليلا".
سارا مسافة قصيرة مبتعدين عن النادي قليلا , ألا أن كيم أعربت عن رغبتها بالعودة الى النادي قبل أن تطول المسافة.
" سيستغرق منا الوصول الى النادي بضع دقائق تكفي لأن تعيدني الى حالتي الطبيعية".
" سنعود أذا كنت واثقة يا كيم مما تقولين".

هل ندم؟ لقد قالت في نفسها أنه لا يشعر بتوبيخ الضمير ,وعلى رغم ذلك أعتذر اليها , لكنها لم تعلق أهمية على أعتذاره , لكنه أظهر الأعتذار في سلوكه بالتأكيد , وسواء كان نادما أم لا, فأن ذنبه لن يغفر , فهي ستكرهه طالما بقيت حية.

نهاية الفصل الرابع

اماريج 04-11-10 03:13 AM


5_ الحمى والمستقبل
******************************
ولدى عودة كيم وروك الى النادي , توجها فورا الى المنضدة الطويلة المزينة بالأزهار والتي صفت أطباق العشاء الخفيف عليها , ونظرت كيم حولها خلسة لتراقب أمارات الفضول التي قد تلتمع في عيون الناس , وأطمأنت أذ لا ترى شيئا من ذلك
وقال لها روك مبتسما وقد لاحظ أنها تنظر من حولها:
" أنك على ما يرام يا كيم , ولا أثر للدموع في عينيك ".
وأتجهت رافيلا نحوهما لتشبك ذراعها بذراع روك , الذي سرعان ما تخلص منها مبتعدا عنها , ولم تجفل رافيلا من تصرفه
وقالت:
" ما هذا العشاء اللذيذ؟ هل يمكني تناول عشائي معك يا روك؟".

أجاب روك مشددا على كلمته الأخيرة:
" يمكنك أن تجلسي معنا".
تطلعت الفتاة حولها وهي تسأل:
" معكم....؟ من معك؟".
" كيم , والأرجح أن السيد ناش سينضم الينا".
تجاوزت رافيلا ببصرها كتفي روك العريضتين , فلمحت كيم تقف على مسافة قصيرة منهما قرب الطاولة وهي تحمل طبقا لم تضع فيه شيئا , وتجاهل روك رافيلا وأقترب من كيم التي قالت بتشنج؟
" لا اشعر بالجوع, لذا أعذراني لأنني أرغب في الجلوس هناك, بأمكانك أصطحاب رافيلا".

لقد طغت الوقاحة على نبرة صوتها , وعرفت هي ذلك أذ آلمها رأسها كثيرا وأحست وهنا في ساقيها , أما روك , فركز بصره على رافيلا التي ملأت صحنها وتحدثت الى الشاب الواقف بجانبها
قبل أن يهمس متسائلا :
" لا أرغب أبدا بالجلوس مع رافيلا , ولكن , لماذا لا تشعرين بالجوع يا كيم؟ من المؤكد أنك تغلبت على مشكلتك , أليس كذلك؟".
حانت منها ألتفاتة دهشة نحوه ,وقالت:
" من المحتمل أن تكون قد تغلبت على المشكلة أنت , أما أنا , فأشعر بالتعب والأرهاق".
بادلها النظرات وهو يقر عابسا:
" من المؤكد أنك خجلة".
منتدى ليلاس
قطع صوت رافيلا الرنان على روك حديثه:
" لم تضع أشياء كثيرة على طبقك يا روك , ألست جائعا؟".
لم تتأكد كيم من أحساسها بأن روك أحدث قرقعة شديدة بلسانه قبل أن يجيب رافيلا بلطف :
" لا أشعر بجوع شديد , لكنني سأتناول شطيرة أو شطيرتن من تلك الموضوعة على طرف الطاولة الآخر".
ووصل بارت من دون أنفعال كثير:
" خرجنا لتنشق بعض الهواء الطلق".
هز بارت رأسه بطريقة محيرة أربكت كيم وخيل اليها في الوقت نفسه أنه سر كثيرا بأمر معين تجهله ,وقال:
" فهمت , علي أن أعترف بأن تصرفكما حكيم , فالجو في قاعة الرقص أصبح خانقا للغاية".

وسألت رافيلا كيم وهي تنظر اليها بعبوس:
" هل خرجتما الى حدائق النادي ؟ كم أتمنى لو أن أحدا عرض علي أن يصطحبني الى الخارج فقد شعرت بحر وأنزعاج بالغين".
قال بارت بلطف:
" أنا متأكد أن جون كان يود أن يصطحبك في نزهة , فهو لم يرفع عينيه عنك طوال السهرة ,لكنني لاحظت أنك لا تشجعيه , عليك أن تشجعيه يا عزيزتي , فأنا واثق من لطفه ورصانته , وبأمكانك أن تجعليه موضع ثقتك".
وعلى الأثر تبادلت كيم وروك النظرات في ما بدا أنها تقول في سرها:
" أنتبه, من الممكن أن يكون جون موضع ثقة".
وبدا هو كمن يجيب :
" حسنا , حسنا , لقد سمعت ما قاله بارت".

أمر غريب , فكرت كيم , لقد شعرت بذلك دوما , ما بالهما ,وهما العاقلان , يتبادلان الشكوك والتهم؟
عندئذ أستدارت كيم مبتعدة عن الطاولة , فسألها بارت بقلق:
"ما بالك يا عزيزتي ؟ لماذا لا تتناولين شيئا؟".
عضت كيم شفتيها , وأستدارت نحو بارت ثانية لأنها لا تريد أن تزعجه:
" الحقيقة أنني لست جائعة , ألا أنني سأتناول شطيرة".
فرماها روك بنظرة غامضة بينما قال بارت:
" فتاة رائعة , أين سنجلس ؟ آه , أرى هناك طاولة تتسع لثلاثة أشخا , أجلب لي معك شطيرة بينما أذهب نحو الطاولة وأحجزها".

وأبتعد قبل أن يتمكن أي من روك أو كيم أن يتكلم , أما رافيلا , التي أضاءت عيناها دهشة , فأدارت ظهرها لروك وكيم وبدأت تتحدث مع أحدهم , بينما قدم روك طبق الشطائر الى كيم وهو يعبس , ثم أخذ حاجته .
وقال لهما بارت عندما أنضما اليه:
" سننعم هنا ببعض الهدوء , يا للسماء , ما هذا الأزدحام الرهيب الليلة؟".
هز روك رأسه :
" لم يحضر الى النادي حتى الآن جمهور كبير مثل هذا الا في عيد الميلاد حين نقيم مهرجان رقص كبير".

اماريج 04-11-10 03:14 AM

ونظر بارت الى كيم التي تساءلت أذا كانت تبدو عليها ملامح المحنة التي عرضها عليها روك , الرجل الذي يقدره بارت كثيرا , ألا أنها رأت في عينيه المسمرتين على روك أبتسامة قد لا تعني شيئا لأي شخص سواها , فهي تعكس لها الرضى التام عن أمر ما , خصوصا عندما يسهل عليه التأليف والكتابة أو حينما يقول بعد أنتهائه من كتابة فصل جيد : ( لقد طابق هذا الخطة تماما يا كيم , وأظن أنه من أفضل الفصول التي وضعتها),
" يا ألهي, ما هذا الأزدحام ؟".
قطع حبل أفكار كيم , فأستدارت صوب روك الذي سألها:
" هل ترغبين بشاي أو قهوة؟".
" شاي , من فضلك".
منتدى ليلاس
أعتذر , وذهب لأحضار شيء يريدونه ,أما كيم
فسمعت صوت رافيلا على مقربة منها:
" يا لهذا الزحام , لقد أعتادت سوزان أن تصف مكان أقامتها بأنه هادىء في رسائلها لي".
ثم سمعت كيم جون , الذي رافق رافيلا , يقول:
" من المؤكد أن المكان مزدحم جدا ,ولكن , أين سنجلس؟".
شعرت كيم بالذنب وقد رأت رافيلا وجون يقفان بقربها وهما يفتشان عن طاولة , وأشاحت رافيلا ببصرها بعيدا عندما أنتبهت لنظرة كيم
التي همست لبارت:
" أبدت رافيلا رغبة بالجلوس معنا , فهل نستطيع أن نوسع لها ولجون مكانا؟".

وذهلت كيم لرؤية العبوس يعلو وجه بارت برغم موافقته على نقل كرسيه فيما جذبت هي أنتباه جون وأعلمته أن هناك متسعا لهما على طاولتها شرط أن يحضر كرسيين , فقال:
" شكرا جزيلا".
ثم وضع صحن الطعام بدون تردد ,وأنطلق يبحث عن كرسيين , وفي أقل من دقيقتين عاد يجمل الكرسيين , وما أن جلست رافيلا حتى بدت كأنها نسيت ما لقيت من أزدراء من قبل روك, وعادت اليها أبتسامتها وأشراقها المعهودين ,ولما رجع روك حاملا صينية صغيرة عليها ثلاثة فناجين , تطلعت اليه رافيلا فرحة , فسألها أذا رغبت ببعض الشراب
فأجابت وهي تنظر الى الفناجين التي نقلها من الصينية الى الطاولة :
" أجل يا روك , أرجو أن تحضر لي بعض القهوة".
ثم سأل روك جون:
" أما أنت يا جون , فماذا سنشرب؟.".
" شاي , من فضلك".

أحضر روك الشاي والقهوة , ثم جلس , فأبتسمت له رافيلا بأبتسامة ساحرة كشفت عن أسنانها الخالية من العيوب والتشوهات , وعن طرف لسانها القرنفلي الصغير , وبعد قليل أعلنت:
" أن هذه الفطائر لذيذة , فهل تفضلت يا روك بأحضار واحدة لي قبل أن تختفي جميعا؟".
عرض جون خدماته مخلصا:
" سوف أذهب أنا , هل تكفي واحدة؟".
هزت رافيلا كتفيها بكياسة :
" لا بأس بأثنتين , فهي صغيرة ".
منتدى ليلاس
ثم نظرت من تحت أهدابها الشديدة الطول الى روك الذي كان في الوقت الحاضر على الأقل منيعا أمام مفاتنها , غير أن كيم تساءلت كم ستطول هذه الحال , وأعتبرت أنه من الممتع مراقبة رافيلا ورؤية مدى نجتحها في مهاجمة روك , ثم فكرت كيم بالمشهد الذي جرى مؤخرا ومثلت هي فيه دور الفريق الرافض , وأعربت عن أقتناعها بأن رافيلا كانت ستتمتع بكل دقيقة فيه , ثم تطلعت الى روك متذكرة قول سوزان أنه أذا وقع في هوى فتاة , فأنه سيقاومها بكل قوته , فهل كان روك يقاوم رافيلا؟
هنا قطع بارت عليها أفكارها:
" لم تتناولي شيئا حتى الآن يا عزيزتي كيم".

أستطاعت كيم أن تبتسم لبارت رغم آلام رأسها أزدادت سوءا فيما أشتد وهنها , وأحست بالعرق يتصبب منها والحر يلفحها والضعف في ذراعيها
وأجابته وهي تتناول الشطيرة وتقضم منها لقمة صغيرة :
" ألم أقل لك بأنني لست جائعة".
ركز روك أنتباهه على كيم , فلاحظت القلق في عينيه , وكم تمنت أن ترمقه بنظرة لا مبالية , لكنها تمالكت نفسها بسبب تعبها وعدم رغبتها بتذكيره بسلوكه المشين في حدائق النادي , وكل ما تاقت اليه هو دخول سريرها والأستلقاء بين ملاءاته الباردة والتخلص من ألمها بالنوم




اماريج 04-11-10 03:15 AM

فسألها روك وهو يلاحظ أن فنجانها قد فرغ:
" هل أحضر لك فنجانا آخر؟".
" أجل , أرغب بفنجان آخر من فضلك يا روك".
" وأنت يا بارت؟".

" كلا , أشكرك".
لم يذق جون الشاي , أما فنجان رافيلا , ففرغ تقريبا , وقالت لروك قبل أن يتمكن من التفوه بكلمة:
" لا أحب مزيدا من القهوة يا روك".

ثم أضافت وهي تهز شعرها الفتان بحيث تمايل فوق كتفيها قبل أن يستقر ثانية:
" سأطلب منك أن تشتري لي كأس شراب عند البار في ما بعد".
لم يحاول روك أن يجيبها بل مضى لأحضار الشاي لكيم , أما بارت , فحدق الى رافيلا وقد ظهر العبوس في عينيه , وتأكدت كيم أنه كان يتساءل أذا أستطاعت الفتاة الجميلة أختراق دفاعات روك أم لا
وكان واضحا أن بارت لن يسر بأي نجاح تحرزه رافيلا , غير أن كيم لم تفهم السبب , فأفتنان روك بهذا الجمال النادر لن يؤثر على بارت في أي حال , وعاد روك, فتحدثت اليه رافيلا من دون أنقطاع متجاهلة الأشخاص الثلاثة الآخرين على الطاولة , لكن أنزعاج روك منها ظهر واضحا برغم أنشداده اليها في الوقت نفسه
وظنت كيم أن رافيلا تحاول الأيقاع به مستعملة يديها وعينيها وخبرتها بتمايل شعرها وأهتزازه على نحو أيقاعي منتظم , وسمحت كيم لنفسها أن تأمل من دون حقد أن يجد روك لنتون البغيض نفسه غير قادر على مقاومة رافيلا في نهاية المطاف ... هل تمنت ذلك فعلا ؟
ركز روك نظره على كيم التي عضت شفتها أذ أحست بشفافيتها أمام هذا الرجل الذكي , ولو أنها في حالتها الطبيعية , لخيبت آماله بأحدى نظراتها المليئة بالكبرياء , لكنها أكتفت بأن أستدارت ملتقطة أنفاسها أذ أصابت رأسها نوبة ألم أشد من السابق
وبعد قليل سأل برت:
" هل أنتهينا جميعا؟ أذا كان كذلك , فلعله من الأفضل أن نخلي أماكننا ونعطي الفرصة للآخرين بالجلوس".

وقف الكثيرون بعد أن تناولوا العشاء الخفيف , وقد حملوا الأطباق منتظرين غيرهم أن يخلوا الطاولات .
ونهضت كيم وصاحبتها قاصدين قاعة الرقص حيث وجدتا طاولة شاغرة , وطلب روك من رافيلا أن تراقصه
ثم قال بتهذيب وهو ينهض عن مقعده:
" نرجو المعذرة".
أجاب بارت وكيم معا:
" لا داعي للأعتذار".
لاحظت كيم أن بارت قطب جبينه , وما أن ترك جون الطاولة حتى قال:
" لا تعجبني هذه الفتاة , أنها لا تعجبني أبدا".
منتدى ليلاس
أطرقت كيم بذهول , وأحست بالجفاف في حلقها ,والكآبة تنتابها , وأعتبرت ذلك نتيجة الحالة التي هي فيها ,ولكن لا... كان عليها أن تعترف , فكآبتها ناتجة عن مجرد التفكير بأن روك وشريكته الشقراء قد يعشقان بعضهما
وبعد هنيهة سأل بارت:
" هل نرقص يا كيم؟".
حاولت الظهور بمظهر المتحمس فيما أجابت:
"أجل , فهم يعزفون لحنا نحبه".
فنهضا , وسرعان ما تضايقت كيم من الحر , فقد كان الجو خانقا بفضل أنتشار ضباب أزرق رقيق أمتد من البار الى القاعة الكبيرة حيث أشعل الناس سكائرهم .

عندما رافقت كيم بارت للمرة الأولى في زيارة الى بلد حار , أخبرها أنه من الممكن تحمل الحر وأشعة الشمس , وقد وجدت ذلك صحيحا , أما الآن , فشعرت بكراهية لحر أفريقيا , الذي أمتص بقية قوتها ونشاطها , وتركها منهكة , وخيل اليها أن جسمها ينهار تحت ثقل عظيم , لذا أختل توازنها مرات عدة مما جعل بارت يدرك آخر الأمر أنها ليست على ما يرام فحدق في وجهها
الذي علته الحمرة بعينين مليئتين بالقلق:
" هل أنت بخير يا كيم؟".
وأجاب هو على سؤاله بالقول:
" كلا , لست بخيرعندما كنت أنا وروك في الخارج قبل العشاء أمتقع لوني قليلا".
" والآن تشعرين بالشيء نفسه ثانية , أليس كذلك؟".




اماريج 04-11-10 03:16 AM

ثم أضاف وهو يمسك يدها:
" سنخرج من هنا".
طبيعي أن كيم فضلت العودة الى المنزل , لكنها ترددت في الأشارة الى ذلك لعدم تأكدها أذا كانت ستتزعج بارت أم لا بقطع سهرته خصوصا وأنها عرفت أنه أستمتع بالوقت أذ تحادث الى عدد من الرجال المتقدمين في السن , الذين صادفهم , كما شعرت كيم أن أصرارها على العودة الى المنزل أمر غاية في الأنانية ,ولم يبد أنها غير قادرة على الأحتمال , بل الحقيقة أنها شعرت بتحسن بسيط فور خروجها الى الهواء الطلق , ولما طمأنت كيم بارت , الذي سألها عن حالها
عبر عن أرتياحه البالغ بفرح:
" حمدا لله على ذلك , فأنا مسرور لأنني لم أرك طريحة الفراش ".
منتدى ليلاس
تنشقت كيم بعمق مرات عدة حتى أمتلأت رئتاها بالهواء النقي الذي هب من الجبال بأتجاه المرج
وقالت:
" لله ما أشد برودة الهواء ونقاوته".
وبعد عشر دقائق من جلوسهما على الشرفة , أعلن بارت:
" أظن أن علينا العودة الى البيت".
" ولكن....".
" هناك شيء يؤكد لي أنه من الأفضل لزوم الفراش , وكما ترين يا كيم , فأنا أظن أن حالك أسوأ مما تدعين , لا , أرجو ألا تقاطعينني , فمعرفتي بك تؤكد لي أنك لا ترغبين في أفساد سعادتي بأعرابك عن رغبتك في العودة الى المنزل".

لم تجب كيم بأي كلمة , بل أطرقت من دون قصد فيما مضى بارت يؤكد أنه سيطلب من سوزان أن تحضر عباءة كيم من غرفة تبديل الملابس وأنه سيتمنى للجميع ليلة سعيدة بالنيابة عنها
وعاد بعد قليل ليقول:
"لم أتمكن من تمني ليلة سعيدة لروك , فهو ما زال يراقص هذه... رافيلا , ولم أستطع أن أتجاوز كل الراقصين لأصل اليه , وأظن أن أحدا سيخبرهم بمغادرتنا".

لم تنتبه كيم الى أنها نسيت حقيبتها المسائية في النادي ألا بعد أن وصلا البيت , وكادت تبكي وهي تقول لبارت:
" لست أعرف كيف نسيت حقيبتي بعد أن تركتها على الكرسي لتناول العشاء".
لكن الحقيقة أنها كانت تعرف , فقد صبت جل أهتمامها على روك وعلى أحتمال أختراق رافيلا لدفاعاته المنيعة حتى ذلك الوقت , ومن ثم راقبتهما يرقصان , حيث بدا كل منهما غاية في الروعة , وشكلا معا صورة للكمال , فتركزت أبصار الجميع عليهما , ولم تجد صعوبة في معرفة أفكار الناس , أما بارت , فأكد لها ملاطفا:
" لا تخشي شيئا على حقيبتك , فمن المؤكد أن أحدا سيعثر عليها ويعيدها".
" حسنا...".
منتدى ليلاس
وأرتعشت شفتاها وهي تفترض أن حالتها المرضية تؤثر سلبا على تفكيرها , ألا أنه لم يكن هنالك ما يبعث السرور في نفسها أكثر من أن يردها بارت الى النادي , لكنه عوض ذلك أدخلها الى السرير , وظنت أنها سمعته يتمتم بينه وبين نفسه عندما غادر غرفتها بعد أن قال لها وملامح وجهه تزداد حدة وبريق عينيه يخف لمعانا :
" هل ستنامين الآن؟".
" أجل يا بارت , سأنام , لا داعي للقلق , فسأكون على ما يرام غدا صباحا".
" آمل ذلك يا عزيزتي كيم , آمل ذلك".


اماريج 04-11-10 03:17 AM

ثبت لها أن تفاؤلها لم يكن بالحقيقة سوى تمن , أذ أستيقظت لتجد نفسها مريضة وقد أخترق الألم عظامها , وبلل العرق وجهها وعنقها , وأحدثت الأوجاع أضطرابات في معدتها , عندئذ حاولت السير , فأكتشفت أن حلقها جاف وصلب , ولكن لحسن حظها , أستيقظ بارت باكرا , وحضر أولا ألى غرفة نومها للأطمئنان عليها
لمس جبهتها آليا :
" أنك مريضة للغاية ... ماذا ينبغي أن أفعل؟ هل أستدعي الطبيب... أم أتصل بالمستشفى ... أم أطلب روك ... روك؟ هذا هو الحل".
ثم أنطلق مسرعا ينزع عباءته عن كتفيه قبل أن يبلغ الباب ,وسرعان ما سمعته يدير محرك السيارة ولأول مرة تخلى بارت عن حرصه أثناء القيادة .
منتدى ليلاس
وحين رجع بارت , كانت كيم قد غفت , بيد أن فتح باب السيارة أيقظها , ثم دخل روك غرفتها ودثرها بكل أغطية السرير
وأعترضت :
"لست بحاجة الى كل هذه الأغطية , لأنني أشعر بحر شديد".
وكادت ترمي الأغطية عنها لولا أن روك منعها قبل أن يقول لبارت , الذي تحرك في مؤخرة الغرفة
بصوت خشن ونبرة ألحاح:
" أبق مع كيم , وأمنعها من أن تطرح الأغطية عنها حتى أستدعي الطبيب".
وتمكنت كيم أن تسأله:
" هل أصبت بالأنفلونزا".
فرد روك بأقتضاب :
" كلا , أنك مصابة بالحمى , وآمل ألا تكون حالك خطيرة".

علق بارت بأرتياح :
" أليست حالها خطيرة ؟ هذا خبر سار يا روك".
" لكن الحمى ستزعجها كثيرا طوال مدة المرض".
وبينما خرج روك , حضر بارت وجلس قرب السرير , فنظرت اليه كيم , ورغم حالة الجمود والبلادة التي أصابتها , تبينت مرة أخرى بروز معالم وجهه , فتملكتها كآبة لظنها أنه يهرم بسرعة , وأجهشت بالبكاء لأن حقيبتها المسائية شغلت حيزا كبيرا من تفكيرها
وصاحت:
" لقد أضعت حقيبتي , لماذا نسيتها؟".
" أصمتي يا كيم العزيزة , فلا خطر يتهدد الحقيبة , سأخرج بعد قليل لأحضرها".
وأخذت ترتجف بعنف رغم غزارة العرق المتصبب عنها وألتهاب رأسها نتيجة الحرارة.
" ضاعت.... أجل , لقد ضاعت , هل يمكن أن أتناول جرعة ماء يا بارت؟".

" بالطبع".
فذهب وأحضر الماء , ثم ساعدها على رفع رأسها لتشرب الماء , وفي أقل من ساعة عاد روك ليقول:
" سيحضر الطبيب قبل الغداء بقليل , فهو الآن في تنغافيل يعتني بشخصين آخرين أصابتهما الحمى".
فسأل بارت:
" هل هنا خطر من أنتشار وباء".
أجاب روك بأنه لا يعتقد ذلك , ثم نظر الى كيم ,ورأى آثار الدموع على وجنتيها أذ عادت الى البكاء ثانية ,ولما رأى بارت عبوس روك
أوضح الأمر:
" أن كيم تبكي لأنها نسيت حقيبتها المسائية في النادي الليلة الماضية , وخوفها أنها لن تراها مرة ثانية".
فسألها روك:
" أين تركتها يا كيم؟".
منتدى ليلاس
" على المقعد , حيث تناولنا العشاء".
وشعرت كيم أن النطق أصبح عبئا عليها , وأن صوتها أرتجف وهي تضيف:
" لقد ضاعت, أنا أعرف أنها ضاعت".
وعدها روك وهو يتجاهل كلماتها الأخيرة:
" سأذهب الى النادي وأحضرها عندما أزور المدينة بعد ظهر اليوم".
فعلق بارت ممتنا :
" أشكرك , فقد وعدت كيم بأن أذهب أنا وأحضرها , وها أنت تريحني من هذا العناء ما دمت ستذهب الى المدينة".



اماريج 04-11-10 03:18 AM

ثم نظر الى كيم وقد أستلقت على السرير فيما ألتمعت حبات العرق على وجهها:
" وعلاوة على ذلك , فأنا لا أريد أن أتركها مع علمي أنها ستكون بخير بينما تعتني بها الخادمة".
وحضر الطبيب , فقاس حرارة كيم قبل أن تسمعه يقول لبارت:
" من الواجب أدخالها الى المستشفى , لكن نقلها الآن لا يفيد".
فهز بارت رأسه وسأله:
" هل ستحقنها؟".
عندئذ أدارت كيم رأسها لترى الطبيب يعد المصل وهو يقول:
"طبعا".
منتدى ليلاس
وتحدث بارت بصوت متهدج أظهر أضطرابه الشديد:
" بدا روك واثقا من أن الحمى التي أصابت كيم ليست خطيرة".
وافق الطبيب الطبيب وهو يدنو من السرير :
" ليست خطيرة كما تتصور , لكن صديقتنا الشابة ستعيش فترة أضطراب وأنزعاج في الأيام المقبلة".
وأدخل الطبيب الأبرة فيما أخبر بارت أنه يجب تدفئة كيم
ثم أضاف مؤكدا:
"هذا ضروري لأنها ستحاول طرح الأغطية عنها ,ولا بد من ثنيها عن ذلك".

وبعد الظهر أحضر روك حقيبة كيم المسائية .
وتساوى لدي كيم أهمية العثور على الحقيبة مع أهمية الأدعاء بفقدانها , فكالت لروك شكرا ومديحا فاق حدود التصور , أصغى روك الى أطرائها بصبر وأهتمام ليقول لها في نهاية المطاف أنه لم يكن هناك سبب لكل ذلك , كما طلب اليها أن تستكين وترتاح , ثم قال لبارت:
" أنها تتعب نفسها كثيرا".
أجاب بارت بصوت ينم عن القلق :
" لم أتصور أن أراها في مثل هذا الحال , فهي لم تعرف المرض كما ترى".
" ليست الحمى خطيرة يا بارت, فأنا نفسي قلت ذلك , قبل أن يؤكد الطبيب قولي".
" أجل , فأنا أعرف ذلك , لكن كيم تتعذب , وهذا ما يؤلمني".

سمعت كيم ما دار بينهما من حديث برغم أنها رقدت في شبه سبات وتذكرت أن بارت يعتبرها مثل أبنته , فتساءلت عما يدور في رأسه من أفكار تتعلق بمستقبلها عندما يتقاعد من تلقائه
وكانت تعرف يقينا أنه لن يكتفي بأعلامها بالقول:
" حسنا يا كيم , لقد قررت التقاعد , ولذا أنصحك بالبحث عن وظيفة أخرى".
ولكن , ماذا عسها تفعل , أذا هي لم تبحث عن وظيفة أخرى؟ وفجأة, أحست بثقل عظيم يضغط على تفكيرها وجسمها , فلم تعد قادرة على التنفس , وأغرورقت عيناها بالدمع, فأستدارت لتحجب نفسها عن نظر الرجلين الواقفين بجانبها , لكن حركتها هذه جاءت متأخرة
فسألها بارت بصوت متهدج جعلها تظن أنه كان يبكي:
" عزيزتي كيم , ماذا دهاك ؟ لماذا تبكين؟".
أجابت وهي لا تستطيع التفكير بما أنتابها من خدر ونعاس :
" أذا تقاعدت ... فلست... لست أد....لست أدري ما.... ماذا أفعل".
سأل بارت:
" هل تهذي؟".
منتدى ليلاس
" كلا , أنها لا تهذي البتة , فأمر مستقبلها يشغل تفكيرها".
كانت كلمات روك قاسية وجارحة , فأزداد جري الدمع من مقلتي كيم التي تساءلت بحيرة لماذا تؤذيها نبرة روك , ولماذا أستعمل مثل هذه النبرة في أي حال
ثم سمعت بارت يقول:
" دعنا ننتقل الى الحجرة المجاورة , وسأرسل الخادمة لتجلس مع كيم بعض الوقت".
ثم سمعت كيم باب غرفة النوم يغلق وراء الرجلين , وما هي ألا دقائق حتى غفت وهي تفكر أن لدى بارت أمرا بالغ الأهمية يريد أطلاع روك عليه من دون أن ينوي السماح لكيم بالتنصت على ما سيقوله.

نهاية الفصل الخامس


اماريج 04-11-10 07:46 PM

6_أعتراض وعرض
*************************
أضطرمت الحمى لثلاثة أيام, وأصر بارت أن يجلس بنفسه الى جانب كيم مما أثار أستياء روك الشديد بعد أن تكاثرت زياراته لمسكن كاتانيا , وسمعته كيم ذات مرة يقول لبارت آمرا:
"عليك أن تستريح بعض الشيء ".
وكانت كيم قد أستيقظت للحال ,ولم يلاحظ الرجلان ذلك لشدة نعاسها , فتحدثا بحرية دون أن يدريا أنها أستوعبت كل ما قالاه.
" أذا كان ذلك يريحك , فسأجلس لمراقبتها بنفسي".
" وماذا عن وقتك يا روك؟ لعلني سأعتمد على الخادمة بصورة أكبر".

رد روك بصوت مرتفع:
" نبرة صوتك تكشف مدى قلقك , أذهب الى فراشك, وسأبقى معها طوال بعد الظهر".
ولما خرج بارت , أستدارت كيم نازعة عنها البطانيات , فدثرها بها من جديد , وأدخلها تحت الفراش بحيث منعتها من التحرك , فأعترضت متذمرة:
" أنني أشعر بحر شديد , ومن الأفضل أن تنزع عني أحدى البطانيات".
سألها روك متجاهلا طلبها:
" كيف تشعرين الآن؟".
" أنني أفضل على ما أظن".
" أخبرني الطبيب قبل قليل أن حرارتك عادت طبيعية".
" هل رأيته؟".
" كان في طريقه الى اخارج عندما وصلت , وأؤكد لك أنك ستشعرين غدا أنك عدت الى حالتك الطبيعية , فالخطر الداهم قد زال".
منتدى ليلاس
" هل تعني أنني لن أرتجف؟".
" هذا صحيح".
ثم ركز عينيه الحادتين على وجهها متفحصا , وظنت أنها تبدو مخيفة بسبب شحوب وجهها , فسألته:
" هل تصورت ذلك , أم أنك فعلا , زرتني غير مرة كل يوم؟".
أستغربت كيم قلة أرتباكها , أذ لا بد أن يذكر روك مشهد لقائهما في حديقة النادي , وأن يذكر كيف أجبرها على الأستسلام لمهارته , أما كيم فوجدت المشهد جزءا من الماضي البعيد , وأن الوقت ألغى كل سبب للأرتباك والأحراج , ولم يعد المشهد مهما بالنسبة اليها ولا بالنسبة الى روك , وبعد شفائها سيعودان الى حيث كانا , أي الى التشاحن فيستعمل كل منهما أقسى وسائل بلاغته لأحباط الآخر.

وهنا أجاب روك على سؤالها:
" أنت لم تتصوري ذلك".
" هكذا أذن".
تنهدت كيم بحزن أذ لا بد أنه رآها في أسوأ حالاتها نتيجة زياراته المنتظمة , وما لم تفكر فيه هو الأحتمال أنها هذت , فأعطت روك بذلك تلميحات عن حياتها الماضية , الحياة التي عاشتها قبل أن تعرف بارت, ثم قالت مرتعشة:
" لطف كبير منك أن تهتم بي وببارت الى هذا الحد, وأنا لا أشعر بأنني أستحق كرمك هذا".
جفل روك وهو يذكرها بنبرة قاسية:
"لم أكن لطيفا معك ذات مرة ".
" آه أظنني سعيت وراء ذلك بنفسي الى حد ما".

طمأنها بلهجة مرحة:
" أنك لن تتحدثي بهذه الطريقة يا عزيزتي عندما تستريدين عافيتك".
تابعت حديثها بتعب متجاهلة ملاحظته:
" لم أكن في أغلب الأحيان لطيفة معك, بل كنت متعبة ومزعجة , أليس كذلك؟".
أبتسم روك لهذا السؤال , الذي نطقت به كيم بصوت الأطفال ونبرة مرتعشة توسلا لرد سلبي , وأجابها بلطف واضح جعلها تشك بأنها ستلقى ردا مختلفا حتى ولو كانت في حالتها الطبيعية.
" لا تفكري بهذا يا كيم , فالخطأ لم يكن خطأك وحدك بكل تأكيد".

اماريج 04-11-10 07:47 PM

" كان خطأي في بادىء الأمر عندما تعديت على حدود أرضك , ولو أنني كنت مهذبة وأعترفت بذنبي , لما تصرفت أتجاهي بعنف وطردتني بالتالي".
ما كان من روك ألا أن أبتسم متنهدا:
" أخشى أن يكون مرضك قد قضى على مرحك , وأنا لست سعيدا بهذا التغير".
" عليّ الأعتراف بأنني أشعر بالضعف".
وعلى الفور تعجبت من عفوية أعترافها الذي بدا كأنه تعبير عن عدم رغبتها في مجادلته بعد الآن
وأجاب روك بحزم:
" أنك ضعيفة , وضعيفة جدا , ولعلك ستظلين كذلك لبعض الوقت , فتصبحين بالتالي خانعة وسكوتة , والحمى دوما تنهك الأنسان وتتركه في حال أنقباض , فما عليك ألا أن تقاوميها يا كيم".
منتدى ليلاس
" سأحاول ألا أسمح للكآبة بالتحكم بي".
" آمل ذلك , لا تسمحي بأعطاء توافه الأمور أهمية زائدة".
أشتد نعاسها , وتصارعتها الرغبة بين النوم ومتابعة الحديث مع روك, فقالت:
" لا أفهم ما ترمي اليه يا روك".
" أن آثار بعض الأمراض تتمثل في أن المريض يرى الأشياء بصورة مختلفة عما لو كان في حالته الطبيعية".
" أنك بالطبع تتحدث عن قاعدة عامة".

" طبعا , فأنا لا أقول أن منظارك للأمور أختلف, ولكن ذلك قد يحدث".
" فهمت".
صمتت كيم لحظة وهي تدرك أن أفكارها جالت في كل الأمور على رغم تعبها.
" ربما بدأت أرى الأشياء بمنظار مختلف وخاطىء , أقصد ... بارت , فأنا قلقة عليه للغاية كما ترى".
ثم سكتت كيم بعد أن تحولت ملامح روك فجأة الى قناع ثابت وكأن لا علاقة له ببارت , وظنت كيم أنه يبحث عن الكلمات , يبحث .... تجربة جديدة بالنسبة اليه , خصوصا وأنه كان يرد بسرعة على كل ما تقوله
وأخيرا قال بلهجة غريبة أشبه بلهجة المرشد المعلم:
" أشعر أنه ليس هناك سبب لقلقك بشأن تقاعد بارت , فمن الطبيعي أن يتقاعد رجل يشعر أنه لا يستطيع مجاراة متطلبات عمله".

" أجل أفهم ذلك".
" وأنت تعرفين أنه ألف عددا كبيرا من الكتب الممتازة".
" تسعة وعشرون كتابا".
" أذن , فهذا كتابه الثلاثون , وهذا عظيم جدا".
" وأنا أظن ذلك أيضا , وكما ترى , فأنها كلها كتب ممتازة".
ومع أن كيم حاولت كبت رغبتها بالتثاؤب , فأن النعاس غلبها وتثاءبت , ولاحظ روك ذلك فصمت , لقد أرادت أن تنام وكان ذلك ضروريا لأنها منهكة ولا تقدر على متابعة الحديث , ثم أدارت وجهها الى الوسادة وأغمضت عينيها وهي تشعر أن نظرات روك مسمرة عليها , فأحست بحافز يدفعها الى أن تغطي رأسها بالبطانيات على رغم العرق المتصبب من كل مسام جلدها
ثم تنهدت بأرتياح دون أن تقول أكثر من :
" أرغب ببعض النوم".

ولما أستيقظت وجدت بارت قد محل محل روك على الكرسي بجانب الخزانة الموضوعة قرب السرير , ورأته يمسك صفحة من مخطوطاته ليجري عليها بعض التعديلات بالقلم , ولاحظت أرتجاف يده أثناء القراءة , وأنتابتها الحيرة عندما فكرت أن تغييرا مفاجئا سيطر على حياتها دون أن تتمكن من تصوير شكل ذلك التغيير , وفي أي حال , منعها ضعفها الشديد من محاولة التركيو
ثم أبتسم لها بارت:
" هل أستيقظت يا عزيزتي؟".
منتدى ليلاس
ذهلت أذ رأت الرضى الشديد والفرح في أبتسامته , ثم قالت وهي تفترض على نحو بديهي أن الفصل الذي يكتبه يسير على ما يرام:
" هل تسير أمور الكتاب كما تشتهي؟".
" لم أفعل شيئا كثيرا من الكتاب , ولكن, كيف تشعرين الآن يا كيم؟".
" أفضل بكثير , وقد قال لي روك أن الخطر الداهم قد زال".
" هذا صحيح , فأنت تتحسنين بسرعة ,ولكن , سينقضي أسبوع قبل أن تتعافي على نحو تام".
عبست كيم وهي تجيب:
" من المؤكد أنني لن أبقى في الفراش طوال هذه المدة".
" سوف نرى ماذا يفيدنا الطبيب بهذا الخصوص غدا , من الجائز أن يسمح لك بالنهوض لمدة ساعة أو نحوها".

اماريج 04-11-10 07:48 PM

عبست كيم وهي تجيب :
" من المؤكد أنني لن أبقى في الفراش طوال هذه المدة".
" سوف نرى ماذا يفيدنا الطبيب بهذا الخصوص غدا , من الجائز أن يسمح لك بالنهوض لمدة ساعة أو نحوها".
وفي المساء حضر روك وجلس مع كيم , التي دهشت لأنصراف بارت بعد وصول روك بدقائق , الذي أعجبها قبل أن تمرض , والذي شعرت بوجوده قربها أثناء مرضها على رغم أنها كانت في شبه غيبوبة نصف الوقت على الأقل, صحيح أنها تحدثت الى روك من قبل وأنه بدا متحررا في أحاديثه معها , أما الآن, فنما لديها شعور بنشوء علاقة حميمة بينهما بدا لها- مع صفاء ذهنها- أنها تنطوي على خطر لم تعرف له سببا طوال حياتها
وقال روك بلطف وهو ينظر بحنو لم تره في عينيه من قبل:
" أنك تبدين أفضل بكثير".
منتدى ليلاس
" أشعر بتحسن كبير , ولذا سأسأل الطبيب غدا أذا كان بأمكاني النهوض لبضع ساعات".
أبتسم روك لها مداعبا:
" أرجح يا عزيزتي أنك بعد نصف ساعة سترغبين بالخلود الى النوم مجددا".
عزيزتي.... نظرت اليه ,وهي تشعر برعشة وارتباك من موقفه , متى كان الأعجاب والتقدير الهادئان من سمات عينيه الرماديتين الصلبتين كالفولاذ؟ ولماذا غابت مسحة التهكم التي طغت على صوته؟ وأين أصبح أزدراؤه للنساء؟

من المؤكد أنه لم يظهر شيئا من هذا كله في تلك اللحظة , بل على العكس رأت في عينيه شيئا أشبه بالأعجاب , وتلعثمت في جوابها كردة فعل على تصرفه غير المنتظر وكلماته غير المتوقعة:
" أنت.... هل أنت واثق أنني سأتعب.... سأتعب في غضون نصف ساعة؟".
عزيزتي , كلمة لا تعني شيئا بحد ذاتها , ولكن عندما تأتلف مع تعابير وجهه ونبرة صوته تصبح لها معان كثيرة.
وتخلصت كيم فورا من الفكرة المذهلة التي خطرت لها قائلة في نفسها أنه لو كان روك سيحبها , فمن المؤكد أن ذلك لم يكن ليحدث أثناء مرضها حين بدت مثل دمية مهترئة ,وقال روك:
" أجل , أنا واثق جدا أنك ستتعبين في غضون نصف ساعة".
" هل أصابتك الحمى من قبل يا روك؟".

هز روك رأسه:
" لقد أصبت بها فعلا".
بينما ظل تفكيرها مشغولا بتعابير وجهه البشوشة ونبرة صوته اللطيفة , أنه لتغيير مهم , صحيح أنه أظهر لطفا ومودة أتجاهها أثناء المرض , لكن تصرفه فائق حدود اللطف الآن ,ووافقها:
" أنها مزعجة , وبأمكاني أن أتعاطف معك يا كيم".
وأبتسم روك على حين غرة , فزالت القسوة عن قسماته , وأسترجعت كيم بعض الذكريات فتذكرت تسارع نبضها مرات عدة بسبب سلوك روك, وكيف أزعجها ذات مرة أثناء جلوسهما في المقهى , كما أستعادت أحاسيسها عندما راقص رافيلا , وكآبتها حين رأته يبتسم للفتاة , وأخيرا خطر لها حديثهما في حديقة النادي حيث أيقظ روك فيها مشاعر جديدة ومثيرة
وقطع عليها صوته الهادىء المتسم بلهجة الأمر وردها الى حاضرها:
" بماذا تفكرين يا كيم؟".
منتدى ليلاس
تبدل لون وجهها , وهزت رأسها وهي تهمس:
" لا أستطيع أن أخبرك لأن أفكاري خاصة بي".
ظهر في عينيه الرماديتين بريق يوحي بأنه فهم الأمر , ثم قال:
" أنه أمر متعلق بي وبك لأن عينيك مليئتان بالذكريات ".
ردت كيم على روك الذي هز رأسه :
" من الجائز أن تكون ذكريات الماضي أبعد".
" لم تفكري بالماضي البعيد يا عزيزتي لأن هذا الماضي قد ولى , ولا يمكن أن ترجع اليك صورة جلية لأن الزمان يمحوه.....".

قاطعته كيم ,وقد حفظت بفرح كلمته (عزيزتي) من جهة , وأنتبهت من جهة أخرى الى أنها هذت في أوج مرضها:
" روك, أنك تعلم كل شيء عن والدي وخطيبي , أليس كذلك؟".
" أجل يا كيم , وليس بارت هو الذي أخبرني , بل أنت نفسك".
" هل أكثرت من الهذيان في أوج مرضي؟".
" أجل".
وأشرق وجهه حنوا ورقة ولطفا:
" لا شك أنك عانيت كثيرا , والآن أفهم معنى تلك النظرة المرعبة ذات مرة".

اماريج 04-11-10 07:49 PM

شهقت كيم وهي تطرق:
" عادت الذكرى اليّ بوضوح تام رغم أقوالك التي تؤكد عكس ذلك".
" غير أن الذكرى غابت على الفور".
نبهت هذه الجملة كيم الى روك الذي عاد الى سؤاله السابق:
" أصدقيني القول , ألم تفكري في؟".
هزت رأسها فيما حولت ناظريها عنه , وبعد أن أنتصبت جالسة في سريرها ,تراجعت تدريجيا حتى أستلقت على ظهرها كليا , ثم أجابت روك وهي تدرك تماما أن أقوالهما تشكل مدخلا الى أمر بالغ الأهمية :
"بلى".
منتدى ليلاس
علق بشيء من تهكمه المرح , الذي عرفته جيدا:
" فكرت في... في خصومتنا".
أجابته وهي ما زالت تتحاشى النظر الى عينيه:
" كلا , ليس هذا صحيحا".
تنبهت لأحساسها المتزايد بوجوده الى جانبها ,والى حماسة ناتجة عن هذا الأحساس , والى أمل خلق فيها التوتر والدهشة .
" ماذا أذن؟".
وهنا , نهض فيما أضاف قائلا وذلك دون أن يمكنها من الأجابة:
" هل تريدين الجلوس؟".
" أجل , أرجوك ساعدني".
فأقترب منها , ورفعها وهو يسندها بذراعه ,بينما رتب الوسادات:
" هيا.... فبأمكانك أن تتكئي علي".
" شكرا".

" لا شك أنك كنت تفكرين بالأوقات الجميلة".
لقد أراد بصدق أن يعرف , وجلس مسمرا عينيه على وجهها الخجل , وتفحصته ببرودة ودقة دون أبتسام , وخفق قلبها لأهمية سؤاله ومحتواه
وقالت وهي تنظر الى عينيه الرماديتين بثقة:
"أجل يا روك, لقد فكرت بالأوقات الحلوة".
" لم تطل أيامنا الجميلة , لكنني أعدك يا عزيزتي أن تزداد من الآن فصاعدا ".
وصمت لحظة قصيرة قبل أن يضيف:
" كيم, هل تتزوجينني؟".
نطقت بصعوبة وعدم تصديق رغم أن قلبها خفق بالسعادة :
" أتزوجك.... لست... لست أدري ما...ماذا أقول".
منتدى ليلاس
لماذا أجهشت بالبكاء؟ لا بد أنه الضعف وآثار الحمى.
" فقط قولي يا حبيبتي أنك ستصبحين زوجتي".
" أجل , أنني ... أنني أفهمك".
عقد روك حاجبيه :
" يا لك من فتاة رومنطيقية , لكنك ,في أي حال , لم تتعافي كليا , فأذا لم أحصل منك على جواب مفرح يرفع معنوياتي عندما تقولين أنك تعبدينني , فأن الخطأ يكون خطأي أنا".

كان يهزأ بها على رغم رصانته ورقته البالغة , ثم أضاف:
" هيا يا صغيرتي الى النوم ثانية , فأنت بحاجة للرقاد بعد هذه المحادثة ".
ثم أزاح وسادتين , فأستلقت طوعا وهي تحدق الى عينيه وقد أرتسمت على ثغرها أبتسامة مرتعشة , وكان حياؤها ما زال ظاهرا
ألا أنها نطقت ببعض كلمات وهي تتعجب من نبرة صوتها:
" هل قلت أنني أحبك؟".
" كلا يا حبيبتي غير أنني أستنتجت ذلك".
فما كان منها ألا أن سألت:
" كيف أستنتجت ذلك؟".
" أنك تحبينني ؟ حسنا , كانت هناك مؤشرات عدة ليس أقلها تصفيف شعرك".



اماريج 04-11-10 07:50 PM

برز العبوس على وجهها الى جانب الحيرة , ورددت قائلة:
" تصفيف شعري؟".
" هل تذكرين أنك أردت قص شعرك حتى يصبح قصيرا جدا؟".
علت وجهها حمرة جذابة وهي تجيب أنها تذكر .
" وقلت أنت أنك تراه جذابا للغاية كما كان طويلا ".
" وهكذا قررت ألا تقصيه".

وأضطرت الى تصحيح أدعائه المعبر عن رضى عميق بالقول أنها قصت جزءا يسيرا منه ,وما لبثت أن ضحكت من حماقتها بينما عقد روك حاجبيه موبخا ومنبها أياها الى ضرورة تعديل سلوكها وألا....
" أن أي دليل على سعيك وراء مجادلة بيننا يؤدي الى أن يصفعك زوجك تأديبا على هذا الأزعاج".
أنسلت كيم داخل الفراش قليلا , وقد خجلت من هزيمتها
وشدت الغطاء اليها وهي تقول:
"أذا كنت تنوي أن تكون زوجا طاغيا مستبدا..........".
منتدى ليلاس
قاطعها روك بمرح بالغ:
" هذا بالضبط ما أنوي فعله, هل تنوين تغيير رأيك بشأن الزواج مني؟".
ضحكت كيم رغم تعبها , وأجابت وهي تتظاهر بالوداعة:
" كلا يا روك, لا أريد تغيير رأيي".

" أذن , فأنت مستعدة لأطاعة أوامري ؟ هذا أفضل , دعينا نبدأ الآن , فالضوء سيطفأ حتى تنامي , نامي جيدا يا عزيزتي , وسأعود اليك في الصباح".
ولما وصل روك الى باب الغرفة , نادته كيم حتى يرجع وقد نسيت كل شيء يتعلق ببارت , وأفترضت أن ذلك عائد الى الحماسة والتعب , الذي أنهكها تدريجيا , وقالت:
" روك , لا أستطيع أن أتزوجك الآن.... ليس قبل أن يتقاعد بارت , فقد أقسمت ألا أتركه حتى يقول هو لي بنفسه أنه لم يعد بحاجة الي أبدا , وأشعر أنه سيتقاعد عما قريب , عسى ألا يزعجك الأنتظار قليلا".

" حسنا , لقد تحدثت الى بارت وهو عازم أن يتقاعد فور الأنتهاء من تأليف الكتاب الحالي".
" فهمت .... لقد تحدثت أنت وبارت عني وناقشتما احتمال..... زواجنا".
وتذكرت كيم أنطباعها يوم دعا بارت روك الى غرفة مجاورة , يومئذ أستنتجت أن بارت أراد أن يقول لروك شيئا بالغ الأهمية , شيئا لم يرد أن تسمعه كيم , وأزداد عبوسها أذ ضرب أنطباعها هذا على وتر غير متناغم مع وضعها , وكان بأمكانها تمييزه عن باقي الأوتار , ثم أجابها روك بصوت ملأته البرودة , وكأنه يمنعها من طرح أسئلة أخرى عليه.
منتدى ليلاس
" أن تعبيرك غريب , فأنا وبارت تحدثنا معا , وأخبرني عن عزمه على التقاعد فيما أطلعته أنا بدوري عن رغبتي بالزواج منك".
وتوقف لحظة لم تستطع أن تتحدث خلالها:
" والآن , يا حبيبتي , أريدك أن تنامي , هل تفهمين؟".
وزال عبوسها مع أنها ظلت تشعر ببعض القلق , وأبتسمت وهي تجيبه :
" حسنا يا روك , سأكون مطيعة وأنام فورا".

ثم أطرقت , وكان ذلك كل شيء , ثم سمعت كيم الباب يغلق بأقل ضجة ممكنة , فأنقلبت على جنبها وهي تحاول أن تطرد الشكوك التي دخلت رأسها , أن رغبتها بالزواج من روك حقيقة لا تقبل الجدل والنقاش ... ولكن , لماذا تمادى قلقها؟ لقد كان أشبه بخطأ مذهل يصعب التعرف عليه
وأخيرا تنهدت :
" يا ألهي , لا شك أن السبب هو مرضي , ولسوف أهذي من الفرح متى تعافيت".
وأطبقت جفونها على التفاؤل , ثم رقدت في نوم هادىء مريح.

نهاية الفصل السادس

اماريج 04-11-10 07:51 PM


7_ترتيبات العرس
***********************
أنتشر خبر الخطوبة بسرعة , وتوالت التهاني , ولكن الدهشة غلبت الناس لأن روك كان عازبا مكرسا
وقالت لها سوزان بمكر واضح :
" أعرف أن قولي ليس من قبيل المجاملة , ولكنك تدركين أنني لا أقصد شرا , فأنا لست أدري كيف نجحت في أصطياده!".
" طبعا , أنا أفهمك".
أغتمت كيم للأذى الذي أصاب سوزان , وعبّرت عن حزنها بصوت منخفض ينم عن بعض الأعتذار :
" أنا نفسي لست أعرف كيف حدث ذلك".
" ألم يكن ذلك أثناء مرضك؟".
" بلى ,هذا صحيح".
منتدى ليلاس
ألتقت كيم عند متجر ألبسة حيث أشترت الأخيرة بزة وبلوزة تناسبها , وأحست كيم بأرتباك أذ تنازعتها رغبة الأعتذار والأنصراف بسرعة , وأمنية بالبقاء مع سوزان , التي أحبتها كثيرا .
" هل ترغبين بفنجان شاي؟ بأمكاننا أن نقضي ساعة أو نحوها في المقهى".
" موافقة".
وعبرت الفتاتان الشارع الذي ظللته أشجار النخيل , بأتجاه المقهى , وما أن جلستا ووجهتا طلبهما
حتى سألت سوزان:
" متى سيتم الزفاف؟".
"روك يرغب بأقامة العرس قريبا".
" قبل عيد الميلاد؟".
" أجل خلال أسبوعين".

حدقت سوزان الى كيم متفحصة وجهها وعينيها وشعرها الجميل وهي تتنهد فيما أرتعش ثغرها , ثم قالت وهي تصطنع ضحكة خفيفة وشجاعة عرفت كيم أنها أخفت وراءها ألما أعتصر قلب صديقتها:
" يا ألهي , أنه في عجلة من أمره , ظل عازبا دهرا , وعلى حين غفلة وقع في شرك الحب ,وها أننا لن نراه يقاوم كما كنا نفترض".
عضت كين شفتها وقد تنبهت للعراقيل التي تقطع عليها طريق السعادة , وهي لم تقتصر على قلب سوزان , بل شملت الشكوك التي غالبا ما تساور كيم نفسها , وخطرت لها أيام هيامها بريتشارد , فتذكرت السعادة التي غمرت كل لحظة عاشاها معا , وتسارع خفقان قلبها كلما ألغها أنه سيسهر في منزل والديها , وضيقها ذرعا بأنتظار يوم العرس , ألا أن العرس أفزعها هذه المرة بدون أن تعرف لذلك سببا , صحيح أنها أحبت روك , وسعدت بقربه , لكنها شعرت بأنها مخدوعة , وأنها لم تنل ما تتمناه أي فتاة مخطوبة , ولم تساورها تلك الشكوك , وتطرح ظلالها القاتمة على درب سعادتها , ألا عندما يكون روك بعيدا عنها.
منتدى ليلاس
وأحضر الشاي , فيما تكلمت الفتاتان على العرس ورافير وعيد الميلاد ,وكان حديثهما ممتعا بغالبيته , لكنهما شعرتا بأرتباك أتجاه بعضهما , وأخيرا نظرت سوزان الى ساعتها وقالت:
" علي أن أذهب الآن حتى أنظف أقفاص الدجاج أستعدادا لأستلام بعض الفراخ الجديدة".
" أليس الصبية مسؤولين عن هذه الأعمال؟".
" أحيانا , ألا أنني بدأت أتعاطى تربية الدجاج منذ بعض الوقت , الأمر الذي يكسبني نصف الربح , وهو يقول أن عليّ أن أفتح حساب توفير لي.... لي...".

اماريج 04-11-10 07:52 PM

وأنقطعت عن الكلام فجأة , لكنها سرعان ما تنبهت الى الأمر , فأضافت :
" لعرسي ذات يوم".
خفضت كيم بصرها , ولم تنبس ببنت شفة , ثم أحضرت النادلة الفاتورة , وما لبثت الفتاتان أن خرجتا لتسيرا تحت السماء الأفريقية الزرقاء الصافية .

وفي ظلال أشجار البهار التي أمتدت على طول الشارع وقفت سيارات عديدة أستطاعت كيم أن تميز منها سيارة الأخوين ستان اللذين عملا في زراعة الأخشاب مثل روك , وأن على مستوى أقل , ونتيجة تحفظهما , نادرا ما زارا النادي , أو شاركا في النشاطات الترفيهية المعدة لمزارعي هذا الجزء من أقليم ترانسفال وأستغربت كيم تقاعسهما عن المساركة في الحياة الأجتماعية وهما لا يزالان شابين دون الثلاثين من العمر
منتدى ليلاس وفيما وقفت كيم وسوزان , وصل أحد الشقيقين الى السيارة , وفتح بابها ,وقبل أن يصعد الى مقعده , نظر عبر الشارع ورأى الفتاتين , فرفع يدة لتحيتهما
فقالت سوزان وقد تجهمت قليلا:
" لا يختلف تصميم هذين الأخوين في البقاء عازبين عن تصميم روك السابق , ولست أدري أيهما , جاك أو كليف , أصعب مسايرة ومعاشرة ".

" هذا كليف, أليس كذلك؟".
" صحيح , ولعله أشد وسامة من شقيقه".
وأفترقت سوزان وكيم فأتجهت سوزان الى سيارتها , في حين قصدت كيم المتجر لأن بارت كان قد طلب اليها أن تشتري بعض الدفاتر وأدوات الكتابة الأخرى من محلات القرطاسية , ولشد ما دهشت كيم أذ ألتقت رافيلا وهي خارجة من أحد الحوانيت
فحيتها:
" مرحبا , هل رأيت سوزان؟".
" أعرف أنها في المدينة , لكنني حضرت مع جاك وكليف ستاين".
لم تستطع كيم أخفاء أستغرابها , وقالت:
" لقد فعلتها؟ أنك محظوظة جدا".

ردت رافيلا ببرودة:
" لا أظن ذلك ذلك , لأنني ذهبت الى منزلهما وسألتهما أذا كانا ينويان زيارة المدينة , فردا بالأيجاب , وعبرا عن سعادتهما بأصطحابي".
" كان بأمكانك أن تحضري مع سوزان".
أكفهر وجه الفتاة بينما تفحصت وجه كيم بدقة:
" لم أكن أنوي المجيء , غير أنني شعرت بالملل بعد خروج سوزان , هل صحيح ما سمعته عن خطوبتك من روك لنتون؟".
خفضت كيم رأسها فيما أجابت بأقتضاب:
" أجل".
وهنا تذكرت كيم أن رافيلا وجدت روك مثيرا ومغريا , وكان عليها أن تعرف أنه كذلك".
" أقر بأنني دفعت الى الظن بأنه لم يتسع وقته للنساء , مع أنني كنت أوقن أن العكس صحيح , فهذا النوع لا بد أن يقع في نهاية المطاف".

عبست كيم في وجهها , وذكرتها بعدم لباقتها بهدوء وهي تقول بأختصار:
" آسفة , ولكن , أعذريني لأن علي شراء بعض الحاجيات لرب عملي".
هزت رافيلا كتفيها الأنيقتين :
" أظنك ستحضرين الحفلة الراقصة ليلة السبت؟".
" أغلب الظن".
" الى اللقاء أذن".
وأستدارت رافيلا مبتعدة وهي تلوح بشعرها الرائع دون أنتظار جواب .
كان بارت منشغلا عندما عادت كيم وأعطته أدوات القرطاسية , ولم تلاحظ تغيّرا في مظهره المتعب وسكونه وهو يتكىء على الوسائد , لكنه كان يكتب وفد بدا عليه الأهتمام بعمله.
منتدى ليلاس
وأخيرا رفع نظره , فتطلع الى الحزمة التي ألقتها كيم على الطاولة
وأبتسم ببطء للفتاة التي عضت شفتها السفلى ثم قال:
" أشكرك".
ثم سألته والقلق يكتنفها:
" أتظن أن عليك أنجاز هذا الكتاب؟ هل من الضروري فعلا أن تنفذ ألتزامك؟".
أجابها وقد تنهد في نهاية حديثه:
" لم أعط وعدا بأنجازه , أذا كان هذا ما تقصدينه ,ولكن هذا لا يؤثر عليّ لأن الأنتهاء من وضع الكتاب يملأني بالرضى , وهو في أي حال كتابي الأخير".
" وماذا ستفعل بعد ذلك يا بارت؟".
" سأعود الى منزلي في أنكلترا وأعيش حيارة رجل ريفي شريف في مزرعته".

اماريج 04-11-10 07:53 PM


أرتسمت أمام مخيلة كيم صورة منزله , فأخذت تتأملها , أنه منزل فخم قديم سقف بالقش , وأنتشرت فيه دعامات السنديان الأسود , وأنبسطت من حوله أراض تبلغ مساحتها سبعة فدادين , وتحيط بأحد جانبيها ساقية يصطاد فيها سمك الترويت , ومن جانبه الآخر غياض كثيفة , ثم أبتسمت لبارت:
" سنزورك أنا وروك".
" ستكون بادرة لطيفة جدا".
وأشاح بنظره بعيدا , فتطلعت كيم اليه وهي تتساءل أذا كانت حركته مجرد حركة آلية , أم حركة يقصد بها أخفاء ملامح وجهه عنها , فسألته بأضطراب:
" هل أنت مريض يا بارت؟".

ألتفت اليها وقد أرتسمت البسمة على وجهه فورا:
" مريض, لا بالطبع , لست مريضا , صحيح أنني متعب ومستعد لأخذ قسط كبير من الراحة , لكنني لست مريضا...".
وصمت وهو يهز كتفيه هزة خفيفة.
" لو عرفت أنك مريض , وأنك تحتاجني , لأخّرت زواجي بكل تأكيد".
فرفع بارت حاجبيه قائلا:
" صحيح؟ ما الذي يجعلك تظنين أن بأستطاعتك أستغلال مشاعر روك. أنه يا أبنتي رجل لا يطيع أهواء المرأة".
منتدى ليلاس
أجابته وهي متجهمة:
" لن أستغل مشاعر روك بهذه الطريقة , بل سيكون تصرفي عمليا ومن وحي المنطق , أما في ما خص جملتك الثانية , فقد بدوت لي مثل روك تماما".
" مستبدا , يرفض الهراء ,أليس كذلك؟".
وضحك , فأجتاحت كيم موجة أرتياح لأنه كان أشبه ببارت الذي عرفته مدة ثمانية أعوام ,وقالت:
" لم تخبرني يا بارت لماذا تستعمل الحبوب التي تتناولها ؟".
رفع القلم عن الطاولة حيث وضعه بجلنب كوعه بينما أجاب بشيء من اللامبالاة :
" أنها مسكنات عامة ليس ألا".
ثم أضاف باللهجة عينها:
" أشعر بتحسن عندما أتناولها ".
فأستدارت نحو المطبخ وقالت:
" سأصنع الشاي".

منذ بدأت كيم العمل مع بارت , وهي تصنع شاي ما بعد الظهر دون أن تعترض مدبرة المنزل على ذلك , وكان بارت يتوق الى هذه الأستراحة لما يتخللها من أحاديث حميمة بينهما , ولم تفكر ألا في مثل هذه الأوقات أن بارت يعتبرها أبنته أكثر منها موظفة.

وبعد عشر دقائق, جلس بارت وكيم على المصطبة يتناولان الشاي في ظلال العرائش ,وبعيدا , خارج الحديقة , أهتز المرج أنزعاجا من أشعة الشمس اللاذعة , ومعروف أن الحرارة تصل الى أقصى مداها في هذه الفترة من السنة , وقد قال روك أنهم يتصببون عرقا أو يكاد يغشى عليهم في يوم عيد الميلاد حين تبلغ الحرارة 45 درجة مئوية أو يزيد , وعاد بارت

فبدأ الحديث بسؤاله:
" هل تظنين أن روك سيزورنا الليلة؟".
" أتوقع ذلك".
وأسترجعت كيم شعورها بالحماسة والأرتعاش الذي أنتابها عندما كان خطيبها السابق يزورها , وتنهدت تحسرا على ما كان مفقودا في علاقتها الجديدة دون أن تستطيع تحديد ما ينقصها بالضبط , وكل ما عرفته أنها لم تشعر برهبة الأنتظار , وأن روك كان قادما , وهذا كل شيء , لم تحس بخفقات قلبها تزداد , ولم تحلم بنزهة في الحديقة تحت ضوء القمر .... وتنهدت ثانية قبل أن يشحب وجهها رعبا أذ أدركت أن بارت سمع تنهيدتها ونظر متفهما , فرشفت الشاي بدون أن تتفوه بكلمة
وأبدى بارت ملاحظة فيها بعض القلق:
"ما بالك يا عزيزتي لا تبدين سعيدة؟".

أبتسمت أبتسامة خفيفة وقالت من غير تفكير:
" كلانا قلق على الاخر , أليس كذلك؟".
" لا أستطيع أن أرى مبررا لقلقك عليّ يا كيم".
وضعت كيم فنجانها على الصحن:
" لست في حالتك الطبيعية هذه األأيام , وأنت تدرك ذلك".
" أنني متعب يا عزيزتي , ألم أقل هذا تكرارا في الأسابيع الماضية ؟ المرء في عمري يتعب بسرعة , ويغدو العمل بالنسبة اليه مهمة شاقة".
علقت ببعض الحزن:
" لم أظن يوما أن العمل سيتحول عبئا عليك".
منتدى ليلاس
وتطلع بارت الى طبق المعجنات , وأنتقى كعكة أرز:
" الظاهر أنك نسيت كم يبلغ عمري , وكما لا بد أنك تعرفين , فأنا سأبلغ الحادية والسبعين في غضون شهرين".
لقد نسيت, لأنه بدا شابا في تصرفاته وقوة أحتماله ونشاطه المنقطع النظير , لكنه كان عليها أن تعرف أنه ليس شابا بعد أن طرأ عليه هذا التغيير أخيرا.
ثم أبتسمت له أبتسامة أعجاب وهي تقول:
" أذن, فأنت تستحق الراحة والتقاعد فعلا , ومن واجبي أن أعترف أنني لم أفكر بعمرك عندما خشيت أن تقاعد".
" والآن , هل أقنعتك بأنني لست مريضا , بل متعب فقط؟".

قص بارت الكعكة وتناول قطعة منها , ثم علق:
" رائع , لعله بأمكاننا أن نتحدث عن عرسك , فروك يؤكد لي أنه لن ينتظر طويلا , وأنا أتفق معه أذ لا أرى أن هنالك شيئا يرتجى من التأجيل".
وتأمل معالم وجهها الحلوة , وأرتعاشة فمها , والزرقة العميقة في عينيها
ثم أضاف وقد أشرقت عيناه الرماديتين الفاتحتان :
" وأنا واثق أيضا أنه ليست لديه رغبة في الأنتظار".
بلعت كيم ريقها بصعوبة , وهي عاجزة عن التغاضي مدة أطول عن شعورها :
" لا... لا, أظن ألا......".

اماريج 04-11-10 07:54 PM

تجهم وجه بارت وقال:
" منذ قليل قلت أن السعادة لا تملأك يا كيم , فهل أنت واثقة من حبك لروك؟".
فردت بعفوية وقد أضاءت عيناها فجأة:
" أجل , طبعا أحبه , وألا لما كنت تزوجته ,أليس كذلك؟".
تابع حديثه مسمّرا عينيه على وجهها:
" أذن , ماذا دهاك؟ من المفترض أن تطيري فرحا , لكنك لا تفعلين ".
فأطلقت تنهيدة قوية:
" لست أدري , ربما كان السبب هو عدم رغبتي في التخلي عنك".
منتدى ليلاس
طمأنها بارت ووعدها مؤكدا:
" سأكون على ما يرام , ربما كان السبب هو عدم رغبتي في التخلي عنك".
طمأنها بارت ووعدها مؤكدا:
" سأكون على ما يرام , والمهم هو أنت, في الوقت الحاضر ,وأنا أتمنى بألحاح من كل قلبي أن أراك تستقرين....".
قطع كلامه بسرعة وقد أغاظه أن ينطق بما فكر فيه , وليس بما كان يريد قوله , أما كيم , فعرفت بعد أن تنبهت أعصابها ذلك الشعور بأمر غريب يقطع عليها درب السعادة , وأخيرا قالت:
" قولك هذا غريب يا بارت".

وسمّرت عيناها على وجهه , فلمحت فيه الأضطراب والندم على ما قاله.
وعندما تحدث مجددا , أتضحت رغبته في العودة كما قال:
" أنها زلة لسان , فقد تحدثت عن شيء فيما كنت أفكر بآخر ".
" أمر آخر؟".
" أجل , الكتاب , فعلي تضمينه أكثر من فصل واحد عن الحشرات ".

سددت كيم اليه نظرة متفحصة , ولم تفاجأ عندما رأته يخفض عينيه ويعبث بفتات الكعك في طبقه.
أتمنى من كل قلبي وبألحاح .... تساءلت كيم أذا كانت لم تحمل العبارة أكثر من مضمونا , وتذكرت قول روك بأن عليها التأكد من الأشياء التي تعتبرها مهمة , ليست في الحقيقة مهمة , وقد حذرها روك أيضا بأن الآثار التتي تتركها بعض الأمراض تتمثل في رؤية المريض للأمور بمنظار خاطىء , هل فعلت هي الشيء نفسه؟ وهل كان أنقباضها ناجما عن مرضها؟ لقد أنهكتها الحمى كما أخبرها روك, الذي حثها على مقاومة الأنقباض والكآبة , وأدركت أنها لم تسع لمقاومة الكآبة التي عصفت بها خصوصا عند ذكر قصة زواجها.

ورمقت بارت بنظرة أستغراب , وقد أرتسمت أمامها مجددا كلمات ( أتمنى من كل قلبي وبألحاح) هناك شكوك أخرى أضطرب بارت نتيجة تعبيره عنها , لكنها أقرت ,بعد أن فهمت وضعها على نحو أفضل , أنها حملت القضية محمل الجد أكثر مما تستحق , فرفعت فنجانها ورشفت الشاي مصممة على مقاومة الكآبة وهي تأمل النجاح.

وصل روك لتناول شراب الغروب , وقد أرتدى سترة قمحية اللون وسروالا ذا خطوط زرقاء , وبدا نوذجا لكمال ارجولة , فأمتلأ قلب كيم سعادة لرغبته بالزواج منها , كم كانت محظوظة , أنه موضع أعجاب وتقدير عظيمين , والفتيات في تنغافيل وحولها يطاردنه , وكانت وحدها الفتاة التي أخترقت حصنه , ووقع أخيرا في شرك هواها , كان الأمر أشبه بمعجزة , أذا كان هنالك من معجزة
وكانت أولى كلماته وهو يحتل مقعدا مقابلا لها:
" يبدو أنك رجعت الى حالتك الطبيعية يا حبيبتي".
منتدى ليلاس
كانت تقرأ جزءا من مخطوطة بارت, الذي دخل ليستحم , وليرتدي ملابس تتسم بالرسمية أكثر من بنطاله القديم وسترته القطنية
فأطرقت مبتسمة:
" أظنني عدت الى حالتي الطبيعية تقريبا".
" أما زلت ضعيفة؟".
أمال رأسه هو يجيب على سؤاله بنفسه:
" أنه عارض من عوارض الحمى , لقد قلت أنك ستشعرين بالضعف لبعض الوقت , أليس كذلك؟".
" أجل , لقد كنت مصيبا , لكنني أشعر بالضعف أحيانا فقط , وهو ر يؤثر ألا على رجليّ في أغلب الأحيان".

اماريج 04-11-10 07:54 PM


" سنتزوج عما قريب , وسأتمكن عندئذ من الأعتناء بك على نحو جيد, لقد تحدثت الى بارت عن الكتاب , وأتفقنا أن تحضري اليه كل يوم لتعملي معه حتى ينجزه , فهل يرضيك ذلك؟".
" أجل , فأنا لا يسعني أن أتركه".
" لم أفترض أنك ستفعلين ذلك يا كيم".
ثم أبتسم لها , وقال بلهجة المستبد دون أن يهتم لأي أزعاج قد يسببه لها :
"أرى الشوق مكتوبا على صفحة وجهك وفي عينيك الجميلتين يا حبيبتي ,ولا بد أن أمتلكك فورا , لقد قلت لك أنني لن أستطيع الأنتظار , ألا أنني لاحظت أنك أعرضت عن تحديد موعد عرسنا بمناورات بارعة , أما الآن , فأريد أن أعرف في هذه اللحظة".
منتدى ليلاس
بادلت أبتسامته بأبتسامة مرتعشة أذ زالت من رأسها كل الشكوك وشعرت برغبة البقاء معه وحده , وأخبرته بمرح رغم ترددها وحيائها الظاهرين:
" سأكون مستعدة عندما تريدني , لقد سبق أن قلت .... قبل .... قبل عيد الميلاد".
" فعلا , أنا أريد أن يتم الأمر قبل الميلاد بكل تأكيد , هل توجد في مدينة تنغافيل خيّاطة يمكنها أن تساعدنا في تحقيق ذلك بأن تسرع في خياطة فستان العرس لك؟".
" أجل ,هنالك خياطة من النوع الذي تطلب".
" أذهبي اليها صباح غد أذن...".

وتوقف روك عن الكلام ليسمع قحة بارت العالية وهو يفتح الباب ويدخل الغرفة , فوجه حديثه اليه:
" مرحبا يا بارت , كيف حالك؟".
" أملأ الكؤوس بشراب الغروب".
ولاحظ بارت الحمرة التي علت وجه كيم , وحركة أصابعها العصبية , فحول بصره الى روك , ورأى نقيض ذلك فيه , فقد وقف خطيب كيم على بعد منها ببرودة وتهذيب , وبدا هو الأفريكاني الرشيق مهيبا بملامحه البرونزية وثقته التي قاربت الغرور , ورأت كيم بارت يعبس ويحاول القضاء على غصة في حلقه
وفوجئت أذ لمحت في وجهه بعض القلق وكأنه يقول في نفسه:
" هل ستكون فتاتي الصغيرة بخير مع مثل هذا الرجل؟".

وخرج الجميع الى الشرفة حيث أحضرت سايدي الشراب , وسايدي فتاة أفريقية أنتقلت الى خدمة بارت مع أنتقال المنزل اليه ,ولشدة نظافتها وكفائتها , لم يرد أصحاب المنزل الأستغناء عنها وأكدوا لبارت أنه لن يستطيع أستئجار المنزل أذ لم يستخدم سايدي , وهي فتاة مرحة دائما والأبتسامة تنعكس على نبرة صوتها الفتانة عندما تقول:
" أجل يا سيدي ".
ولما وضعت الصينية على الطاولة , قال لها بارت بلطف:
" أشكرك يا سايدي".
منتدى ليلاس
" سيد لنتون... هل تفضلت بالبقاء للعشاء؟".
لم ينو روك أن يتناول سوى شراب الغروب , لكنه قبل بفرح دعوة بارت الى العشاء , وقال:
" ربما تلطفت وأرسلت خادمك الى مسكن لوساكا ليبلغ خادمي أنني لن أحضر الى العشاء".
أجاب بارت بلطف:
" طبعا يا روك, سأرسله الى هناك فورا, سايدي , من فضلك أبعثي نغورجي اليّ".

حضر الصبي على الفور , فأبلغ الخبر الذي كان سينقله الى خادم روك , وسعدت كيم ببقاء روك , فأستأذنت بعد قليل ودخلت لتبدل ملابسها , فأرتدت تنورة كتان بلون المرجان زين خصرها بمخرمات
وبلوزة كتان ناصعة البياض فتح أعلاها ليكشف عن سلسلة ذهبية أنيقة تدلت منها مدلاة , وبرزت أصابع رجليها من بن سيور صندلها الأبيض القليلة , وأنتشت نتيجة دهن نفسها بقليل من العطر
الذي كان روك قد أبدى ملاحظة بشأنه في النادي ذات ليلة.
" ما هو نوع عطرك؟".
" غاي".

اماريج 04-11-10 07:55 PM

عقد روك حاجبيه , وفاجأها بحسن معلوماته عن العطور أذ قال :
" أهذا هو العطر المعروف بأنه أثمن عطور العالم؟".

" هذا صحيح , بارت هو الذي أشترى لي العطر , ولشد ما دهشت أذ عثرت عليه في أحد متاجر تنغافيل ".
" وأنا أيضا تملكتني الدهشة , ولكن المرء لا يستطيع أن يتنبأ بأنواع البضائع الموجودة في مدينتنا , فغالبا ما نجد أشياء تدهشنا".
" ما الذي جعلك تعرف أنه أغلى العطور في العالم؟".
" أظنني قرأت ذلك في مكان ما.... والأرجح في مجلة نسائية".
" لا يمكنني أن أتصورك تقرأ مجلات نسائية زاهية الألوان".
منتدى ليلاس
" يمسك الرجال أحدى هذه المجلات أحيانا ليروا ماذا تحب النساء".
تذكرت كيم أنه في وقت من الأوقات بدت لهجة روك جارحة عندما يتحدث عن النساء , وتساءلت أذا كان لا يزال يعتبر مكان المرأة الطبيعي في البيت , وعند المغسلة تحديدا كما قالت ليندا , لكنها قالت لنفسها وهي تنظر الى المرآة مرة أخيرة قبل أن تخرج لملاقاة الرجلين اللذين جلسا يرشفان شراب الغروب , أن روك لم يعد يفكر كذلك لأن الحب يغير الرجل , ولا شك أنه أحدث في روك تغييرا جذريا.

تسمرت عينا روك المعجبتان على كيم وهي تجلس لتأخذ الشراب , الذي قدمه اليها بارت ,وقال مبتسما:
" تبدين رائعة".
أحمرت وجنتاها حياء , وشعرت بعدم لباقتها وهي تهمس:
" أشكرك".
وشعر بارت بحرجها, فقطع الصمت الذي تلا كلماتها بنظره المتنقل بين كيم وروك وقوله لهما:
" هل أتفقتما على موعد العرس؟ آمل يا عزيزتي كيم ألا تخرقي العرف , فتلبسي ثوبا أبيض".
" أجل ,بالطبع سأفعل".

حدقت في خطيبها , فيما أنشغل قلبها وفكرها هنيهة برجل آخر هو ريتشارد الذي توفي في الرابعة والعشرين بصورة مفجعة , وطغا الحزن على جمال عينيها , غير أنه سرعان ما زال , ثم قال روك ببرودة:
" أظن أن عرسنا سيتم في خلال أسبوعين".
وعلى رغم مفاجأة كيم بالقرار , أبتسمت وقالت:
" لا توفر لي هذه المدة وقتا كافيا لأجراء الترتيبات".
لم يتسم صوتها بنبرة أحتجاج أو أعتراض , فأبتسم روك وقال متجاهلا كلماتها:
"أذن , هل نقول بعد أسبوعين من اليوم؟".
وافقه بارت على أقتراحه.
" هذا سيكون رائع , سيكون ذلك قبل الميلاد بثلاثة أيام ".
منتدى ليلاس
" سنقيم حفلة لم يروا مثلها في هذه الأنحاء من قبل".
ومضى روك ليؤكد أنه عندما طلب اليها تزيين شجرة الميلاد له , لم يكن يعرف أنها ستضحي زوجته قبل أن يحدث ذلك , وعلق بارت:
" يا ألهي كم تشاجرتما وتشاحنتما".
علق روك بقوله:
" لم يكن ما بيننا مشاجرات , بل مناوشات أستخدمنا فيها ألسنتا كأسلحة".
وهي لم تكن خطرة في أي حال , أليس كذلك يا كيم؟".
غرقت في التفكير وهي تجيب:
" لم تكن خطرة بحيث تترك آثارا مزعجة بعد أنتهائها , لقد أردت دوما أن أراك غاضبا".

" غاضبا ؟ لماذا؟".
" ذات مرة قلت أن النساء يكشفن عن ضعفهن عندما يغضبن , فسألتك أذا كنت لا تغضب , فأجبت بالنفي , من هنا قررت أن أثبت خطأك".
" فهمت".



اماريج 04-11-10 07:57 PM

بدا مرحا , ألا أنه عندما تحدث ثانية , سرت القشعريرة في جسم كيم بسبب لهجته:
" لا أنصحك بمحاولة أثارتي وأغضابي يا كيم , لأنك لا شك ستندمين على ذلك كثيرا".
نظر اليه بارت
وضحك وهو يقول موبخا:
" هذا النوع من المزاح قد يخيف الفتاة".
وجدت كيم نفسها تضحك.... لكنها تيقنت من أن روك لم يكن يمزح أبدا , وأدركت أنها لو أختبرت غضبه مرة , لما تجرأت على تكرار التجربة ثانية .

وبعد العشاء أستأذن بارت من روك وكيم قائلا أنه يريد مراجعة بعض ملاحظاته , فخرجا الى الحديقة تحت جنح الظلام , وكان الليل هادئا مخيفا وعابقا بأريج الزهور من حولهما
منتدى ليلاسوصرصرة الزيزان التي ملأت الجو , تسربت أشعة القمر الفضية عبر أغصان النخيل لتفرش الروضة المخملية القاتمة بموزاييك ضوئي ,ووقف روك تحت شجرة الطرفاء حيث عانق كيم بشدة
فقالت له:
"روك أنك تؤذيني".
أجاب بحنو وهو يرخي قبضته عليها:
" آسف يا حبيبتي".

وتابعا سيرهما عبر الروضة بصمت وتفكير , أحست كيم بزوال الشكوك التي ساورتها , كما شعرت أنها غلبت كآبتها التي لن تعود , وعادا أدراجهما بعد أن وصلا الى طرف حديقة بارت الجنوبي حيث أمتد حوض النهر الجارف وقد ظللته أشجار الأكاسيا والتمر الهندي ,وأنبسط وراءه المرج الكبير ذو الأشجار الخفيضة موحشا تحت قبة السماء الأفريقية المضاءة بالنجوم.
سكون , صمت , أتساع , دنت كيم من حبيبها وكأنها تلتمس حمايته, وقال فيما أستنشق عطر شعرها:
" لا , لا يمكن أن تكوني سعيدة قدر سعادتي , يا حبيبتي".
كيف تقاس السعادة؟ أنها أما تملأ على الأنسان كيانه , وأما أنه لا يملكها
فهمست:
" أكاد أنفجر من السعادة".

وضحكت ردا على قهقهة روك :
" لم يكن جوابي رومنطيقيا ولا مقنعا , أليس كذلك؟".
" لم يكن رومنطيقيا بالمرة يا حبيبتي , أتوقع أن تجيبي على نحو أفضل في المستقبل".
" أظنني قصدت أن قلبي يفيض بالسعادة".
" أخبريني يا حبيبتي , هل فكرت بخطوبتك الأولى؟".
أطرقت على الفور , ثم أجابت:
" لقد خطرت ببالي في هذه العشية , وفكرت بريتشارد لحظة".

لم يظهر الخوف في مقلتيها الجميلتين اللتين أضاءهما نور القمر والنجوم عندما ألتقت بعينيه لأنها لم تخش تأنيبا , ولم تر له أثرا ,وقالت:
" هل غضبت؟".
هز رأسه وقد أرتسمت على شفتيه أبتسامة مطمئنة:
" كلا يا عزيزتي , فمن غير الطبيعي ألا تفكري به في هذا الوقت".
" لا يسعني أن أسترجع ملامحه ولا ملامح والدي بدقة , من المؤكد أنني أملك صورا لوالدي".
" أود أن أرى صورهما".
منتدى ليلاس
أشعرها طلبه ببعض السعادة, فقالت:
" ستراهما طبعا , كان والداي رائعين يا روك".
" لا بد أنهما كانا كذلك".
" وعند وفاتهما كانا شابين , فلم تتجاوز والدتي التاسعة والثلاثين ووالدي الثانية والأربعين".
" يا ألهي, لا بد أنك مررت بوقت عصيب جدا".
" جاء دخول بارت في حياتي أشبه بأستجابة لتضرعي وصلاتي , من هنا ينبع حبي وأخلاصي له , فقد كان أشبه بوالد لي".
" هذا أكيد , وهو يحبك كثيرا يا كيم".
" أنا أعرف ذلك".

بدا روك وكأنه يتنهد من أعماقه , الأمر الذي خالف طبيعة قوته ورجولته الطاغية , فسألته:
" روك....ما بالك؟".
" ما بال؟ لم تسألين هذا السؤال يا حبيبتي؟".
طمأنت كيم نفسها وقالت أنها لا بد تصورت تلك التنهيدة , ثم أجابت بمرح مصطنع شابته بحة في صوتها :
" لا شيء , آه ,ولكنني أحبك".
" وأنا كذلك".

نهاية الفصل السابع

اماريج 05-11-10 01:32 AM


8_ يريد أن يرحل بعيدا

***********************
أقتربت حفلة الأستقبال , التي أحياها روك وكيم بمناسبة عرسهما , من نهايتها , وأستعد العريسان , اللذان أجّلا شهر عسلهما لرغبتهما قضاء عيد الميلاد في المنزل , لمغادرة النادي , والأتجاه الى مسكن لوساكا حيث يختمان يوم عرسهما ببعض السكينة والهدوء , وقد أعتنت كل من سوزان وليندا بكيم , التي تألقت في ثوبها الأبيض , وجدير بالذكر أن كيم لم تفكر بالطلب من سوزان أن تكون أشبينتها
ألا أن الأخيرة قالت:
" من الواضح أن ليس لك أصدقاء مقربون هنا يا كيم , وهكذا , أذا قدّرت أنني قد أكون لك عونا , لا تتردي في الطلب اليّ".

فوجئت كيم , وقالت بدون أن تفكر:
" لعلك لا تمانعين في أن تكوني أشبينتي أذن؟".
" أظنك مثل كثيرين آخرين , أفترضت أنني أحب روك , ألا أنني كنت دائما أعرف أنه لن يكون لي , كيم , أنني أرضى أن أكون أشبينتك".
وكان كليف ستاين أشبين العريس , وسألت كيم وهما في السارة في طريقهما الى البيت بعد أن تركا ضيوفهما يستمتعون بآخر رقصة.
" هل لاحظت أهتمام كليف بسوزان؟".
أجاب روك:
" لم تر عيناي سوى عروسي الحلوة ,كلا , يا عزيزتي , ألم ألاحظ أن كليف أظهر أهتماما زائدا بسوزان , وأرجو ألا تحاولي القيام بدور سمسارة العرائس في المنطقة خصوصا أن كليف عازب مكرس".
منتدى ليلاس
لم تتمالك كيم ألا أن ذكّرته:
" وهكذا كنت أنت".
صاح بذهول وتهكم:
" يا ألهي , هكذا كنت أنا".
" أظن أن كليف وسوزان يناسبان بعضهما تماما".
" أنتبهي الى ما قلته , فكليف ليس من الرجال الذين يسعون وراء الزواج".
" لماذا؟".
ردد زوجها سؤالها وهو يرميها بنظرة بعد أن حوّل بصره عن لحظة عن الطريق الغارق في ضوء القمر:
" لماذا؟ كيف يمكنني أن أعرف لماذا".

" أنت صاحب أدعاء , وعليك تبريره".
" هل تحاولين يا فتاتي جري الى مشادة كلامية؟".
" ليس الليلة يا روك الحبيب".
" هل أنت خجلة يا حبيبتي؟".
" كلا , بكل تأكيد".
" لا أصدقك".
" روك , هل تحاول أن تجرني الى مشادة كلامية؟".
" ذكريني فور وصولنا الى البيت بأن أضربك".

اماريج 05-11-10 01:33 AM

" لنعد الى قضية سوزان وكليف, فأنت تجد فيه رجلا لطيفا عندما تتعرف عليه , صحيح أنه خجول , ولكن.....".
" أنه صديقك , وألا لما طلبت اليه أن يكون أشبينك".
أنحرف روك بسيارته ليتحاشى شقا كبيرا في الطريق ظهر فجأة تحتضوء مصابيح السيارة الأمامية , وقال:
" لم تجيبي على سؤالي:
"الحقيقة أنني لا أعرفه , لكنني تحدثت اليه اليوم , وقد بدا لي جذابا , ولا أظن أنه عازب مكرس ,بل أشعر أنه خجول وغير واثق تماما من نفسه".

" ربما كنت مصيبة في قولك يا عزيزتي , أليست الليلة جميلة ؟ أنظري الى القمر الكبير يسبح في السماء".
" القمر الأفريقي ... أنه جميل ورائع , أنه قمر العشاق , لننزل الستائر هذه الليلة عندما....".
بلعت كيم ريقها بصعوبة أذ تنبهت لأشتداد الحمرة التي علت وجهها .

ولم تستطع أن تتكلم لما أجتاحها من عاطفة جياشة , وأنقضت بقية الرحلة في صمت قطعه روك , بعد أن ساعد عروسه على الخروج من السيارة ودوخول المنزل , فيما قال:
" أتمنى لك يا عزيزتي دوام السعادة".
لم تقدر كيم أن تجيب بشيء لأن حالها لم يتغير عما كان وهي داخل السيارة ,وساعدها روك على دخول غرفتهما الجميلة , التي أعيد تأثيثها بسرعة أذهلت كيم وبارت , اللذين أعتبرا السرعة التي وصل لها الأثاث الذي أوصى عليه روك من هوهانسبورغ أشبه بالمعجزة.

وجاء يوم عيد الميلاد , فكان كما أشتهته كيم , بل أكثر , فنهضت وروك باكرا , وتناولا فطورهما على الشرفة , قبل أن يجتازا بالسيارة المسافة القصيرة التي فصلتهما عن مسكن كاتانيا من حيث رجعا ببارت الى مسكن لوساكا , وكان روك قد قدم أقتراحا ذكيا يقضي بأن ينزل ثلاثتهم هداياهم عن شجرة العيد ويفتحوها معا , وجذبن الفكرة كيم , فأزداد حبها لزوجها , فقد أدرك بالفطرة أنها ترغب في أن يشاركهما بارت فرحة تبادل الهدايا .

ولما رأى بارت الشجرة :
" يا له من منظر مدهش , أرى يا عزيزتي كيم أنك زدت براعة هذه السنة".
وبدا بارت سعيدا معافى وقد أسترد شبابه , فشعرت أن كأس سعادتها قد فاض , فقالت لبارت ضاحكة:
" بات , هداياك هنا مع الملاك الذي يراقبها".
تناول بارت شرابا قدمه اليه روك , فرشفه ووضع الكأس على الطاولة , ثم تقدم من الشجرة وبدأ يحل شريطا أحمر براقا , كانت كيم قد شدت به حزمة الى الشجرة, وفي الوقت نفسه فكّت هي رزمة أخرى أصغر حجما , وتبع ذلك محادثة أعرب فيها الثلاثة عن شكرهم لبعضهم , وأعجابهم بهداياهم , فكيم حصلت من بارت على ساعة مع سلسلة ذهبية تناسبها!وكان واضحا أنه أشتراها من أنكلترا – ومن روك على أسوار وحلق ذهب علاوة على قلادة تتماشى معها , أما بارت , فتلقى من روك كتابا كان يرغب بالحصول عليه , ومن كيم على تمثال من الكهرمان لفتاة ترقص كان قد أبدى أعجابه به في لندن خلال أسبوع قضاه مع كيم هناك , ففرحت كيم أذ رأته يفاجأ بالهدية , وكانت هدية بارت لروك مفكرة ذات غلاف من جلد مطرز , في حين أهدت اليه كيم أنائين قديمين صنعا من الزجاج المقطع كانت قد عثرت عليهما في متجر صغير يقع في أحد شوارع تنغافيل الخلفية , فنظفتهما ولمعتهما بحيث ظهرا جديدين , فرح روك بالأناءين , ألالا أن سروره بتلقيهما لم يعادل سرور زوجته بأكتشافهما خصوصا وأنها لم تكن تعرف ماذا تشتري لزوجها الذي لم ينقصه شيء.
منتدى ليلاس
ووضع روك الترتيبات لتناولهم الغداء في النهر على متن زورقه , ولم يدع الى الغداء سوى صديقين لبارت عازبين كانا سيقضيان العيد بمفردهما ,وتناولوا الغداء بهدوء بينما أندفع الزورق بسلام في النهر تحت السماء الزرقاء الصافية التي غالبا ما حجبتها أغصان الأشجار الممتدة فوق النهر بحيث لم تزعج أشعة الشمس المحرقة ركاب الزورق الخمسة ,وتألقت عينا كيم حبورا , فأدركت أنها لن تنسى مدى العمر هذا اليوم- الجدول الهادىء,وروائح النباتات الخضراء التي نمت بوفرة على ضفافه ,ونباتات السحلبية بألوانها الزاهية وقد علقت بأغصان الأشجار , وموسيقى الترانيم الميلادية الناعمة التي أنسابت من مسجل وضعه روك في الزورق , وأحست بنعيم تمنت لو يدوم , لكنه لم يكن ليدوم بالطبع , فروك سيقيم حفلة عشاء الليلة , وقد أرادت كيم أن تشرف بنفسها على الطاولة وترتيب الزهور والأضواء والمقاعد.

عندما ودع روك وكيم ضيفهما الأخير , وقفا على الدرج يراقبان أضواء سيارته الخلفية الحمراء تختفي عند المنعطف في آخر الممر المؤدي الى مسكن لوساكا.
وقال روك :
" عسى أستمتعت بنهارك يا حبيبتي مثلما أستمتعت أنا؟".
" لقد ملأته المتعة , وكان بارت سعيدا , هل لاحظت أنه بدا شابا أكثر من أي وقت مضى؟".

لم يجب فورا كما كانت تتوقع , بل الحقيقة أن الصمت الذي أعقب سؤالها طال كثيرا قبل أن يقول بلهجة مبهمة:
" الحقيقة يا عزيزتي أنه بدا في غاية العافية والسعادة كما تقولين".
أنزعجت بدون أن تدري سببا لذلك , فسألت:
" هل هناك ما يزعجك؟".
" يزعجني؟ كلا يا حبيبتي".



اماريج 05-11-10 01:34 AM

وفي مساء اليوم التالي أقيمت في النادي حفلة راقصة , وكالعادة كانت رافيلا , التي قررت حضور عيد الميلاد , نجمة الحفلة بعباءتها البراقة وحليها وأبتسامتها الفاتنة وحيويتها ,ألا أنها لم تظهر الود أتجاه كيم عندما ذهب روك لشراء الشراب لهما
فتقدمت من زوجته وقالت:
" هل قضيت يوما جميلا في عيد الميلاد؟ أظنك قد دعوت رب عملك , أليس كذلك؟ من جهتي أنا , لا أحب ذلك في شهر عسلي".


سيطرت كيم على أعصابها بالرغم من غضبها , وقالت أنها ستقضي شهر العسل مع روك بعد أنتهاء أحتفالات عيد الميلاد , وسألت رافيلا وهي مصممة على الظهور بمظهر الفتاة اللطيفة المهذبة:
" وماذا عنك أنت؟ هل كان يوم العيد ممتعا بالنسبة اليك؟".
" لم يكن يومنا موحشا على الأطلاق , فقد تلقيت أنا وسوزان فقط دعوة لتناول العشاء مع الأخوين ستاين".

لم تستطع كيم أن تخفي دهشتها:
" هل دعيتما؟ لم أفكر أنهما يوجهان الدعوات في أي حال".
أوضحت رافيلا ببساطة:
" من الواضح أن كليف أعجب بسوزان أيّما أعجاب".
" آه....".
تأملت رافيلا كيم بفضول , وقالت:
" ماذا تعنين بصيحة آه؟".
هزت كيم كتفيها وهي تردد :
" لا شيء.... لا شيء على الأطلاق".
" أظنك فرحت بحب كليف لسوزان".
أقرت كيم بشيء من العصبية:
" ربما".

ثم تلفتت حولها وهي تتمنى أن ترى روك يحضر مع الشراب , ثم علقت رافيلا:
" أنهما لا يناسبان بعضهما تماما كما هي الحال معك أنت و...".
وصمتت ألا أن كيم فطنت ببديهتها السريعة أن الفتاة قصدت أن تنبه كيم الى ما كانت تنوي قوله , فتنهدت كيم مستهجنة سوء سلوك رافيلا , وقبل أن تتاح لها فرصة الرد عليها , حضر زوجها وناولها كأسها , ثم نظر الى الفتاة الجميلة بقربها وأبتسم لها وهو يسألها بتهذيب:
" هل يمكنني تقديم بعض الشراب لك يا رافيلا؟".
أجابت رافيلا ببرودة قبل أن تستدير مبتعدة:
" كلا , أشكرك".
منتدى ليلاس
تطلعت كيم الى زوجها , وقد جرحها ما كانت رافيلا تنوي قوله , أي أن كيم وروك لا يناسبان بعضهما , وكان من السخف أن تكترث كيم للفتاة , ألا أنها تنبهت ثانية لتلك الشكوك التي ساورتها بعد مرضها والتي عزتها الى الكآبة التي تحدث عنها روك , وهمس روك في أذنها بحنو وهدوء مطمئنين :
" هل قلت لك يا حبيبتي أنك في غاية الحسن؟ هذا اللون يظهرك على طبيعتك... أنه الأرجواني الزاهي , أليس كذلك؟".

صححت معلوماته وهي تبتسم :
" أنه الليلكي ".
وبعد قليل قال روك :
"هيا ننضم الى سوزان وكليف , فقد بدأت أتساءل أذا كان هذا الرجل سيطوي صفحة من كتابي ويجد لنفسه زوجة جذابة".
ضحكت كيم وهي تقول:
" أتمنى لو أستطيع أن أقول لك : هكذا قلت لك".
" أراهن أنك ستفعلينها يا لعينة".

ولشد ما دهشت كيم أذ رأت رافيلا توافيهما فورا وكأن ما فعلته قبل لحظات لم يكن , فهي الآن جذابة ومتألقة فيما تنظر الى روك أولا ثم الى كليف وهي تطرف بأهدابها وتهز شعرها الذهبي كما تمسك بعض خصلاته بين أصابعها الطويلة الرشيقة , نظرت كيم الى رجليها اللتين شابهتا أرجل الفتيات المعروضة في أعلانات طلاء أظافر الأرجل
وهمست رافيلا :
" ماذا فعلت لك يا كليف حتى لا ترقص معي؟".

عبست سوزان , ثم نظرت الى كيم ,وبدا كليف على أهبة الأستعداد لكي يترك الفتيات الثلاث يتحدثن فيما بينهن , لكنه أجاب رافيلا بتهذيب وقد أتضح أنه تذكر أنها ضيفة سوزان :
" ربما كان عليّ تعديل جدول الحذف أو اللائحة السوداء , ولعلك بذلك ترقصين معي الرقصة التالية".
" بالطبع , هيا , فالموسيقى قد بدأت بالعزف من جديد".
صاحت سوزان مغتاظة:
" لأتمنى لو تعود الى منزل والديها لأنها أصبحت مملة".

وتوقفت قليلا قبل أن تضيف:
" أدرك أنني لم أكن لبقة , لكنني أعرف أن بأستطاعتي التحدث بحرية اليك يا كيم".
سألت كيم:


اماريج 05-11-10 01:36 AM

" متى ستعود الى والديها؟".
" الله وحده يعلم , أظنها ستبقى هنا لتراهن على كليف".
صاحت كيم متعجبة , ولم تدرك كم أعوزتها اللباقة :
" آه , كلا".
قالت سوزان بذل وخيبة:
" بلى , وهكذا أكون قد أحببت أثنين ولم أحظ بأي منهما , ولا شك أن الحظ سيحالفني في حبي الثالث".
صرخت كيم بأنقباض :
" لا , لا , يا سوزان ".


" آسفة , لقد قلت لك عندما عرضت أن أكون أشبينتك أن روك لم يكن لي , أما كليف فلم أفكر به ألا مؤخرا حين بدأ يتحدث اليّ , وأنا واثقة أنه حضر هنا الليلة ليقابلني , لأنه كما تعلمين لم يكن يحضر حفلات الرقص هذه من قبل".
" حتى ولا في عيد الميلاد؟".
" كلا , لا , ولا في الميلاد".
أنقطعت سوزان فجأة عن الكلام ,ثم رفعت يدها وتكلمت:
" يبدو أن روك لا يهتم بشراب رافيلا , وها هو ذا منشغل بحديث شيّق مع السيد ناش".

أستدارت كيم لترى أن روك وبارت وقفا عند البار وأنشغلا في حديث شيق كما قالت سوزان , فأوضحت:
" أن لديهما أهتمامات كثيرة مشتركة , وأظن أن روك سيحزن عندما يغادر بارت البلاد".
" هل ما سمعته عن تقاعده صحيح؟".
" صحيح , أنه سيخلد الى حياة أسياد الريف الأنكليزي عما قريب".
" هل سيعيش وحده أذن؟".
أجابت كيم بحزن:
" أجل , لأن لا أقارب له على حد علمي , غير أنه يحتفظ بمدبرة منزل ممتازة تهتم كثيرا , ولذا سيكون على ما يرام".
" بالطبع".
منتدى ليلاس
" كم أتمنى لو أزور أنكلترا ذات يوم ... يا ألهي , ماذا عسى رافيلا أن تفعل؟ أعرف أن ما سأقوله أشبه بالهراء , لكنها تبدو وكأنها تسترق السمع".
" لقد رأيتها ترقص منذ قليل...".
" غير أنها لا ترقص الآن".

أستدارت كيم , وحدقت اليها بأنشداه أذ رأت رافيلا تقف على مقربة من روك وبارت وقد بدت منسجمة للغاية بما كانت تتنصت اليه , وأمالت رأسها جانبا غفلة عن كل ما كان بقربها أو أنها أرادت أن تصبح محط أستغراب لما تفعله
وهمست كيم وهي تعبس:
" لا بد أنها قررت الذهاب الى البار , ولكن , كم هو غريب أن تتنصت".
ولاحظت كيم أن كلا الرجلين أدار ظهره للفتاة , أما سوزان
فقالت وهي تعبس فجأة :
" لا بد أن حديثهما شيق ,وأنت تعرفين ولا شك ما يمكن أن يتحدث الرجال به "


تغير لون كيم قليلا أنك ساذجة , فروك وبارت لا يختلفان عن سائر الرجال بشيء متى تعلق الأمر بتبادل النوادر البذيئة ".
هزت كيم رأسها معترضة , وركزت نظرها على رافيلا التي ظلت غارقة في أستيعاب أقوال الرجلين ,ولم يحول أنتباه كيم عن رافيلا ألا أقتراب كليف من سوزان , فسألته لماذا ترك هو ورافيلا حلبة الرقص.
" أحست رافيلا بالعطش , فذهبت الى البار طلبا للشراب , وكنت سأذهب معها , غير أن جون بايترسون أوقفني وتحدثت اليه".


اماريج 05-11-10 01:38 AM

ثم نظر نحو البار وصاح:
" ها هي ذي , أظن أن روك سيشتري لها ما تشربه".
ورأت كيم الرجلين يتحركان , ورافيلا تنطلق بعيدا ثم تستدير وتقترب منهم بلامبالاة وهي تبتسم أبتسامة مطمئنة , وتحدثت , فأجابها روك وكأنه يعتذر , وما لبث أن ناولها كوبها.
ورجع روك بينما تخلّف بارت عند البار ليتحدث مع أحد أصدقائه الذي أقترب منه , وأبتسم روك وهو يمسك بيد زوجته ويقول:
" هل تريدين أن نرقص؟".
منتدى ليلاس
بادلت كيم زوجها الأبتسام برغم القلق الذي أنتابها لدى مشاهدة عيني رافيلا التي رمقتها بنظرة فيها معاني الأنتصار , ولاحظ روك أضطراب زوجته , فسألها:
" هل هناك ما يزعجك؟".
" ك... كلا...".
" ما بالك؟ أنك لا تبدين واثقة من نفسك وجوابك".
" لا شيء".

أحست ببلاهتها وهي لا تقدر أن تكشف لنفسها , قبل زوجها , عما يزعجها ,وهي لا تكاد تجرؤ أن تقول له أنها لا تكترث لتعابير رافيلا , وعلى طاولة العشاء لاحظت كيم تصميم رافيلا على جذب أنتباه روك , وقد غازلته , ومع أن ذلك كان غير لائق ومقبول.

وروك نفسه لاحظ ذلك لأنه من المستحيل أن يخطىء فهم أندفاعات الفتاة المتعمدة , وأرتبك مثل سوزان وكليف , اللذين جلسا قبالته الى الطاولة المنخفضة , وأحاطت رافيلا وكيم بروك من الجانبين , وعصفت الغيرة بكيم للمرة الأولى , فغضبت أشد الغضب , فغضبت أشد الغضب من روك , وشغلت نفسها بالحديث مع فال الجالس بجانبها , ومن نافل القول أن فال شعر بصدمة عندما سمع بخبر خطوبة كيم , ولكن بالطبع كان عليه الأقرار أن لا رابطة يجمعه بكيم , صحيح أنهما أحبا بعضهما بعضا ,ألا أن علاقتهما وقفت عند هذا الحد علما بأن فال تمنى لو أنها تطورت.

ولما أنتهى العشاء , أنسلّت كيم خارجة الى الحديقة مدفوعة بحافز لم تستطع السيطرة عليه , وعاودتها كل مخاوفها السابقة , فسورتها الشكوك , وتجولت في الأماكن المظلمة وهي بالكاد تتمتع بما حولها من أشجار نخيل متمايلة تسرب عبر أغصانها ضوء النجوم , ومن صورة معتمة للجبال وقد بزغ هلال القمر , وللهواء المعطر الذي هب فوق المرج النائم الساكن , وفجأة تشنجت أذ سمعت أصواتا في الجانب الآخر أنهما سوزان ورافيلا ..
. وقالت سوزان:
" عرفت أنك كنت تسترقين السمع الى حديث روك مع السيد ناش , لكني لم أتصور أنك أطلعت على كل ذلك".

وقبل أن تستطيع كيم التحرك , أضافت سوزان :
" أذن , فالسيد ناش لن يعيش أكثر من شهور معدودة".
أشهر معدودة , نبض قلب كيم بقوة وعنف , وعجزت عن التحرك , حتى وأن أرادت ذلك أذ كانت رجلاها تتهاويان , وعرفت أن وجهها أبيضّ وأعصابها أضطربت , بارت.... الرجل الذي كان بمثابة والدها , بل والدها ووالدتها...

ثم نطقت رافيلا بصوت ينم عن القسوة :
" قلبه.... لما أخبره الطبيب أنه لن يعيش طويلا , أشتد ألحاحه في التمني بأن يرى كيم تستقر , واليوم كان السيد ناش يشكر روك لموافقته على الزواج بكيم , ومن هنا أستنتجت أنه رجاه أن يتزوجها , لقد طوّق عنقه بجميل ....".
قاطعت سوزان رافيلا بصوت أختلفت نبرته كثيرا عن نبرة صوت رفيقتها أذ أمتلأ قلقا وشفقة وغنا:
" لا أتصور أن روك يذهب بعيدا الى هذا الحد في أسداء خدمة لصديقه ,ولا بد أنه أحبها".

" لا شيء مما تقولين , أنا أعرف وأفهم ما سمعته يا سوزان , فالسيد ناش أكّد أن كيم يجب ألا تعرف بطلبه من روك الزواج منها , وبذلك سيضمن مستقبلها , وأضاف أنه كان يستطيع أن يورثها المال , لكنه لم يعتبر ذلك ضمانة أذ هي بحاجة لمن يرعى شؤونها , وقد أفرط في الأعراب عن أمتنانه وعرفانه بالجميل".
" ولكن , كيف قابل روك ذلك الثناء الحميم؟".

أعقب سؤال سوزان صمت غريب كئيب ,وتكون لدى كيم رغم ذهولها أنطباع بأن رافيلا , كانت تنصت , أو ربما تختلس النظر عبر السياج , فكرة سخيفة , فها رافيلا قد عادت للكلام :
" أجاب روك أن لا داعي لشكر السيد ناش لأنه كان يفكر منذ بعض الوقت بأن يتزوج حتى ينجب وريثا , ثم أضاف أن كيم مثل أي فتاة تصلح لذلك العمل".
منتدى ليلاس
شعرت كيم بألم حاد كالسيف في رأسها , فهي مثل أي فتاة تصلح لذلك العمل.... أذن, أنها لا تعني شيئا لزوجها , ووظيفتها لم تعد أنجاب وريث له , وخطرت لها ذكريات عديدة أكسبت كلام رافيلا معنى حقيقيا , فأستعمال بارت عبارة ( بألحاح) عندما قال أنه تمنى أن يراها تستقر , ثم أصطحابه روك الى غرفة مجاورة حتى يتحدث اليه على أنفراد , وقول روك لكيم أنه لا يجب أن تهتم كثيرا كثيرا بمسألة تقاعد بارت.

وكان لكيم شكوكها , التي عرفت الآن أنها نشأت منذ أن سألت روك أذا كان قد ناقش مع بارت أحتمال زواجهما في حال تقاعد الأخير , لقد ضرب على الوتر غير المتناغم في معزوفة طلب روك اليها الزواج به , وخمّنت أن روك عارض بادىء الأمر على الأرجح , لكنه وافق أخيرا ليريح صديقه ويحقق رغبته , أي الزواج لتأمين الذرية , لقد تأثرت كيم برقة روك في تلك اللحظة , غير أنها الآن تعتبرها بلا معنى أذ كان عليه تصنعها حتى يقنع كيم بحبه لها , وألا لما قبلت كيم الزواج به.

اماريج 05-11-10 01:39 AM


الأمر واضح...
ضغطت كيم بيدها على رأسها , لكن الألم المبرح لم يتوقف , لقد قضى ما سمعته لى حياتها كلها , فهي ليست زوجة غير محبوبة فقط , بل أن بارت الحبيب سيفرغ منها عما قريب , وبكت بهدوء فيما فاضت بها الذكرى , وبدت كأنها تعيش الحزن الذي عرفته بعد الحادث الذي أودى بأحبائها الثلاثة , وهمست:
" لا أستطيع تحمل الأمر , ليس بارت , لا يمكنني تحمل فقدانه".

تابعت الفتاتان حديثهما , لكن كيم تحركت آخر الأمر ,والكلمة الأخيرة التي سمعتها نطقت بها سوزان
التي تهدج صوتها :
" مسكينة هي كيم ,. لا ينبغي أن تعرف أبدا أن كل ذلك قد رتب له...".
دقق روك النظر الى زوجته , فيما تشنجت عضلات فمه وألتمعت عيناه وهو يصرخ:
" ماذا دهاك؟ لقد رفضت قضاء شهر العسل , وأدعيت أنك مريضة وترغبين بالنوم لوحدك , كما أنك ترفضبن السير معي , أو ركوب االسيارة بجانبي....".
منتدى ليلاس
ثم توقف وهو يتنهد غاضبا:
" أنك ترفضين فعل أي شيء معي".
سألته وقد طغى الشحوب على شفتيها :
" هل أنت فعلا راغب في فعل شيء أو ممارسة نشاط أشاركك فيه؟".
لقد فكرت كثيرا بما سمعته , وقررت بادىء الأمر ألا تفاتح زوجها أو بارت بشيء , ونجحت في أخفاء حزنها وخيبة أملها لما يزيد على أسبوع , لكن ذلك العبء أثقل كاهلها ,ولما أنتهت حفلات الميلاد – وكانت بمعظمها محنة عاشتها كيم مع مغازلات رافيلا في الحفلات وفي سهرة الشواء- أعلن روك أستعداده للذهاب في رحلة شهر العسل , فرفضت كيم قائلة أن ذلك يشكل أنقلابا , وبعد يومين من معرفة كيم أن مجامعة روك لها تستهدف فقط أنجاب الوريث , أدعت المرض وأعربت عن رغبتها بالأنتقال الى غرفة أخرى , لم يسعد روك بالأمر , ويا للدهشة ,لم يعترض بل أنتقل هو بنفسه الى غرفة نوم أخرى , ولم تعرف كيم كم سيطول ذلك لأن الحزن ملأ عليها كل تفكيرها , وروك لم يعد يعني لها شيئا , صحيح أنها لا تزال , وستظل مقيمة على حبه , ألا أنها شعرت بكراهية أتجاهه فقط لأنه خدعها أذ تزوجها عن غير حب

وتأملت مدى قدرته على التمثيل وهو يردد بدهشة وعدم تصديق:
" هل فعلا أود أن تشاركيني نشاطاتي ؟ هل جننت يا كيم؟ أنا زوجك... زوجك الجديد , وأنا بالطبع أرغب أن تشاركيني نشطاتي , ماذا دهاك؟".
" لا يمكنني أن أخبرك".
" أذن , هناك شيء تخفينه عني".
أطرقت صامتة , فيما سألها ملحا:
" كيم , يجب أن تخبريني ".

أبتعدت عنه وواجهته عبر الغرفة , وفجأة رغبت بالرد عليه ومعاقبته على ما فعل بها , فتكلمت بسرعة متعمدة حرمان نفسها فرصة تغيير رأيها :
" بكل بساطة ,أنا لا أحبك".
الصمت , صمت مخيف نتيجة الأنشداه والأنكسار , ثم ضيق حدقتي روك.
" أنت... أنني أرفض تصديق ما سمعت , لا بد أن هناك سببا آخر".

أنقلب لون كيم أبيض , وهزت رأسها وقد صممت أن تقنعه أنها لا تحبه , ففي أي حال كانت تلك أفضل طريقة حيث لم يكن بوسعها أطلاعه على الحقيقة , ولو كان ذلك التدبير مقيّدا بمدة بقاء بارت على قيد الحياة , فلا بد لروك أن يخبره بشيء في حين لم ترد كيم أزعاجه في هذه المرحلة من حياته.
" كنا دائما نتشاجر , أليس كذلك؟ أذن كان يجب أن نعرف أن زواجنا هو منتهى الحماقة , ولعلك تذكر أنني كنت مريضة عندما طلبت يدي ,ولا أظن ألا أن آثار الحمى هي التي دفعتني الى أتخاذ مثل هذا القرار المتسرع....".

صرخ وموجات الغضب تعلو جوانب فمه:
" أصمتي , كفّي عن هذا الكذب والهراء , وقولي لي ماذا جرى لك".
تذكرت كيم قوله أن أثارته ضرب من الجنون , صحيح , ولكنها لم تعد تبالي , فليغضب ,وليضربها ,أنه في أي حال لن يزيد آلامها الحاضرة , كررت بجسارة ما كانت قد قالته سابقا:
" بكل بساطة , أنا لا أحبك يا روك".
تقلصت عضلات فمه , وظهر جليا أن غضبا جامحا تملّكه , وشعرت كيم رغما عنها بالسعادة لوجودهما في قاعة الأستقبال في منزلهما عند ىالضحى , ولو كان الوقت ليلا , وكانت في حجرة نومها....
ألا أن الليل لا بد آت , وأستحمت كيم ,ورقدت وهي ترتدي قميص نومها الشفاف , وفتح الباب بعنف على حين غفلة , وأقتحم زوجها الغرفة , ونبهتها قسماته القاتمة الى أنه في ثورة غضب عرفت هي الدافع وراءها.
منتدى ليلاس
وقال وهو يصرف أسنانه:
" ألم تتناولي الشاي مع فال بعد ظهر اليوم؟".
" وماذا في ذلك؟ لقد غازلت رافيلا بما فيه الكفاية في الآونة الأخيرة ".
" لم أغازل رافيلا ".
سكتت كيم , وأقرت أن رافيلا هي التي غازلته وجددت سعيها لخطب وده بعد أن علمت أنه لا يحب زوجته , وقد قالت أنها ستبقى طالما وجدت المتعة , وهي لم تظهر حتى الآن أي دليل على قرب رحيلها الى بلدتها , وكان واضحا أن روك هو الذي جذب رافيلا علما بأنها أظهرت أهتماما أيضا بكليف ستاين , الذي أشيع أنه حوّل أهتمامه من سوزان الى رافيلا ,ولا غرو أن يعجب بفتاة مثل رافيلا وهي على هذا القدر من الجمال والفتنة , خصوصا أنه لم يدرك أنها تستعمله لتخفيف ضجرها وملء فراغها أثناء غياب روك.



اماريج 05-11-10 01:41 AM

وبعد أن لاحظت كيم أنتظار زوجها لتعليقها على قوله , همست آخر الأمر:
" ليس من المهم أذا كنت تغازل رافيلا أم لا , لكنني أفترض أنها هي التي أخبرتك أنني تناولت الشاي مع فال , فقد رأتنا سويا , فيما تحدثت اليها أنت هذا المساء ".
لقد زارا منزل أسرة بيترسون لتناول شراب الغروب , وكالعادة أستعملت رافيلا كل وسائلها للأستئثار بأهمام روك.
" لا أسمح لك أن تشربي الشاي معه ثانية ,هل تفهمين؟".

وحانت من عيني روك ألتفاتة قاسية , فأحمرت خجلا , ثم رأته يتطلع اليها.
" سوف أشرب الشاي مع من أشاء".
ثم صاحت:
" أرجوك , أخرج , فأنا متعبة".
" متعبة؟ هل أنت متعبة؟".
لم يغادر روك الغرفة , بل خطا خطوتين ,وبلغ وسطها , أما كيم , فتراجعت حتى كادت رجلاها تصطدمان بالسرير فيما أمرها برقة:
" تعالي الى هنا".
بلعت كيم ريقها وقد تنبهت الى تسارع خفقات قلبها ,ورغم الغضب الظاهر على وجهه , شعرت بحب جارف له في داخلها , وقالت:
" لقد طلبت اليك المغادرة ".

لم تعرف كيف نطقت بهذه الكلمات ببرود , لقد أنقسمت الى شخصين_ أحدهما يكره روك , والآخر يحبه حبا عارما هدد بأجبارها على الخضوع له.
علت السخرية فمه فيما تسمرت عيناه بصلف ووقاحة على جسدها النحيل المغري:
" هل تظنين أنني سأغادر الآن؟ أنا زوجك يا كيم , وأنا رجل تعالي الى هنا".
منتدى ليلاس
وعندما رأى أنها لم تتحرك , أضاف وهو يشير الى نقطة أمامه :
" أنصحك بأطاعتي , أطيعيني يا كيم ,وألا فستندمين , أنا لا ألقي كلامي جزافا".
أنفجرت باكية وهي تتمنى لو تعيش مع بارت الأشهر القليلة الأخيرة من حياته ,ولكن , كان عليها عوض ذلك أن تبقى مع زوجها الذي لم يحبها , فتحكمت بها رغبة العصيان والتمرد , ورفعت رأسها وصاحت باكية:
" أخرج , ألا ترى أنني لا أريدك؟".

في الصباح دخلت الى غرفة المكتب .
فأبتسم لها بارت , رفعت كيم نظرها اليه ونجحت في مبادلته الأبتسام , ثم تساءلت عن تأثير الأجهاد الحالي فيما بعد , لقد أدعت السعادة , وأضطرت لتمثيل دور الزوجة السعيدة كلما ألتقت روك بحضرة بارت , كما أظهرت الأهتمام الشديد كلما ذكر بارت موعد نشر الكتاب , أظهرت الأهتمام , في الوقت الذي أرادت أن تبكي لعلمها أن بارت لن يعيش حتى يرى كتابه ينشر ثم سألته وهي تضع أناملها برقة على مفاتيح الآلة الكاتبة :
"ماذا هناك ؟".

" قررت أن أذهب في رحلة صيد".
أتسعت حدقتا كيم ,ورددت:
" رحلة صيد ؟ هل ستكون على ما يرام؟".
فكرت بحالته وخشيت أن تضره الرحلة أكثر مما ستنفعه , ولكنه سيتمتع بها أشد الأستمتاع علما بأنه أعرب غير مرة عن رغبته في مشاهدة بعض الحيوانات الأفريقية في البرية , ثم , ماذا ستفعل طوال النهار أثناء غيابه؟ من المؤكد أن هنا عملا مؤجلا ينتظرها , ولكن, ما أن تنتهي منه حتى تصبح بلا عمل , وفي أي حال , كان همها الأول هو سعادة بارت , ولما ظهر أنه أتخذ قرارا نهائيا في هذا الشأن , لم تجد بدا من مشاركته حماسته ومناقشته في ترتيبات الرحلة.

وبعد الظهر حضر روك , فأخبره بارت عن رحلة الصيد , ولم تتحمس كيم أثناء مراقبتها للرجلين أول الأمر ,ألا أنها توترت الى أقصى الحدود عندما أشار بارت الى رحلة الصيد , وعلى رغم أستحالة تصديق خواطر كيم , فأنها تأكدت أن روك عرف كل شيء عن الرحلة , وأن بارت أخبره عنها من أجل كيم فقط.
السرية....
كان بمقدور كيم أن تفهم أسباب السرية في الماضي حين أراد بارت أخفاء حقيقة أنه سيعيش أشهرا قليلة , وهي , في أي حال , لن تلومه أبدا على الأكاذيب التي لفقها لها , فأكد لها أن الطبيب طلب اليه أن يخذ قسطا أكبر من الراحة لأنه متعب , أما الحبوب , فكانت لمعالجة شكوى قلبه , وقد عرف روك ذلك أيضا , وكيم ستغفر لروك تضليله أياها نظرا الى أنه فعل ذلك بناء على طلب بارت , أجل , كان بمقدور كيم أن تفهم دوافع السرية في الماضي , أما الآن ,فلا , ولم يرق الشك عندها الى حقيقة أن أمورا غريبة تجري من حولها , فروك لم يظهر أي دليل على الدهشة عندما أبلغه بارت عزمه على الذهاب في رحلة صيد , الأمر الذي عنى أنه ناقش الموضوع مع بارت سابقا , وأحتفظ به لنفسه.

وربما أعتبر روك أن علاقتهما جعلت من أحاديثه مع بارت أمرا لا يعني كيم , وأزداد الشرخ في علاقة كيم وروك يوما بعد يوم , فشعرت كيم أحيانا أن قلبها سينفجر , وقررت أن تغادر أفريقيا بعد أن يسافر بارت , وتترك الزوج الذي أستعملها لأنجاب وريث فقط.
وبعد أن جلس روك, سأل بارت:
" متى تظن أنك ستبدأ الرحلة؟".
" قريبا , قريبا جدا".
" هل ستترك الكتاب؟".

" أجل , فبأمكان الكتاب أن ينتظر , ولدى كيم الآن عمل كثير فيه , كما أن بوسعها أجراء بعض الأبحاث , وستكون جاهزة عند عودتي".
" كم سيطول غيابك؟".
أرادت كيم أن تعرف وهي تتساءل في سرها أذا كانت ستراه حيا بعد الرحلة ,وأحست بالقشعريرة عندما فكرت بذلك , يجب أن تذهب معه لأنه كان أهم بالنسبة اليها من روك.
" نحوا من أسبوعين ... هذا أذا كان كل شيء على ما يرام".

أعقب جوابه صمت مشحون أنتهى بتبادل بارت وروك نظرة غريبة.
ما بالهما؟
صمتت كيم لحظة لتصيغ كلماتها بأفضل طريقة ممكنة:
" بارت , أظن أن علي مرافقتك بصفتي سكرتيرتك , وروك لن يعارض , أليس كذلك يا حبيبي؟".
كان من الصعوبة بمكان أن تناديه حبيبي ,وتوقعت أن ترى الهزء والتهكم نتيجة ندائها , لكنها دهشت أذ رأت الأستغراب عليه , وكذلك على وجه بارت الذي قال:
" كلا , مستحيل يا عزيزتي....
منتدى ليلاس
سألت بجرأة وهي تحاول ولو لمرة أن تحل اللغز :
" لماذا؟".
" لأنك متزوجة يا عزيزتي ".
" لقد قلت لك أن روك لن يعارض".
" ولكن روك لم يقل ذلك".
وتبادلا نظرة أخرى مريبة قبل أن يقول روك بهدوء وبلهجة حاسمة :
" أفضل ألا تذهبي مع بارت يا كيم".
أتّقد الغضب في عيني كيم ,ألا أنها حاذرت أن يراها بارت.
" بارت يحتاجني , وهو ليس على ما يرام كما تعلم".

وجدت كيم صعوبة في كشف كل ما تعرفه ,وفي القول أن بارت سرعان ما يتعب , ولذا يجب أن ترافقه لترى أنه يعمل بنصيحة الطبيب ويعمل بقسطه من الراحة , كان التظاهر صعبا , لكن كيم نجحت في أداء دورها , وقال بارت:
" لن أحتاجك يا كيم , أرجوك يا عزيزتي , لندع الموضوع يقف عند هذا الحد , فأنا أريد أن أرحل وحيدا ... بل يجب أن أرحل وحيدا".
حدقت كيم اليه وقد فطن تأنه يعني ما يقول , فهو لم يكن يريدها .... وكذلك روك لم يكن يريدها فعلا , وللمرة الثانية في حياتها شعرت أنها وحيدة في العالم.

نهاية الفصل الثامن

الجبل الاخضر 06-11-10 05:37 AM

:dancingmonkeyff8:روعه متحمســــــــــــــــــــــــــــــــــين للباقي ننتظر لاتتأخرين:7_5_129:

الملآك القاسي 06-11-10 06:09 AM

بجد متحمسين
أنا قريت البداية وكانت
روعة
وقلت اكمل سحبها بس ما كاملة
فدوة لا تتأخري عليناااا

زهورحسين 06-11-10 03:04 PM

:55:واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو:55:
ال:55:ت:55:ك:55:م:55:ل:55:ة:55:

اماريج 06-11-10 04:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2513345)
:dancingmonkeyff8:روعه متحمســــــــــــــــــــــــــــــــــين للباقي ننتظر لاتتأخرين:7_5_129:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أجنحة الوميض (المشاركة 2513387)
بجد متحمسين
أنا قريت البداية وكانت
روعة
وقلت اكمل سحبها بس ما كاملة
فدوة لا تتأخري عليناااا

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2513711)
:55:واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو:55:
ال:55:ت:55:ك:55:م:55:ل:55:ة:55:



ياهلا وغلا بالحلوين :flowers2:
الرواية نورت فيكم حبيباتي وشاكرة لكم مرورك وتواجدك فيها ياعسولات
وان شاءالله تستمتعوا فيها للاخير وبتركم مع االاجزاء الاخيرة من الرواية
وقراءة ممتعة للجميع
:liilas:

اماريج 06-11-10 04:41 PM


9_الصراع والرحلة
**************************
حل السبت , وأخذت كيم تستعد لحضورحفلة النادي الراقصة , وكانت قد أخبرت بارت أنها لا ترغب في الذهاب , ألا أنه أصر مداعيا أنها تحتاج للتغيير وقال:
"هذه الفرصة ستريحك لأنك لازمت الآلة الكاتبة طوال أيام الأسبوع ".
" أنه عملي , وقد لازمت الآلة الكاتبة دوما طوال أيام الأسبوع".

تنهد بعصبية وهو يضيف:
"قال لي بارت أنك تعملين أشياء أضافة الى الطباعة , ولذا أظنني مصيبا في القول أن الأسبوع الماضي كان شاقا أكثر من العادة".
هزت كتفيها وردت بلامبالاة:
" فكر كما تشاء".
الحقيقة أن روك أصاب في القول أن هذا الأسبوع كان شاقا أكثر من العادة , فكيم أرادت تسهيل الأمر على بارت , حتى يذهب وهو مطمئن على الكتاب خصوصا أن صعوبات كبيرة رافقت تأليف الفصل الحالي , فأعادت كيم طباعته مرات عدة وكل مرة قرأ فيها بارت الفصل , كان يعبس ويأخذ القلم ليجري بعض التعديلات , ورأت أن أعصابه أنهكت , فيما صممت هي أن تطبع الفصل بصورته النهائية , وقطعت شوطا كبيرا في سبيل تحقيق ذلك , وأملت أن ترضيه النسخة الأخيرة.
منتدى ليلاس
لدى وصولهم الى النادي , ذهب بارت ليتحدث الى أحد أصدقائه تاركا كيم وحيدة مع زوجها , الذي قال ببرودة ولا مبالاة أنهما سيرقصان.
وعندما راقص رافيلا بعد فترة قصيرة بدا كأنه الفتنة بعينها أذ أبتسم بوجه الفتاة النضر , وتحدث اليها أثناء تنقلهما حول الغرفة بشخصيهما حول المهيبين اللذين جذبا أنتباه الكثيرين , وفي الوقت الذي شعرت كيم فيه بالأرتياح لعثور روك على شريكة سواها , أحست بشيء من الرثاء لنفسها والأشفاق عليها , فقد نظر الناس أولا اليها, ثم الى الراقصين الطويلين المتميزين , وكان من الطبيعي أن تلقى كيم العزاء في صحبة فال الذي تشوق لمراقصتها وأصطحابها الى العشاء , ومرافقتها في نزهة داخل حديقة النادي , ومن المؤكد أنه ارتبك مثل سائر الناس
ألا أنه أبدى لباقة تحاكي لباقة سوزان , التي ضحكت وهي تقول:
" أن رافيلا أسوأ مغازلة في العالم , وكم أنا سعيدة أنك لست من النوع الذي تلتهمه الغيرة يا كيم".

نظرت كيم الى سوزان , وكان من العسير ألا تلمح القلق في عينيها , وتنهدت , وهي تتمنى لو أنها تصادق سوزان , لأنها سترتاح كثيرا أن فتحت قلبها وفكرها لشخص يعرف كل الحقيقة مثلما عرفتها سوزان؟
وحضر كليف ليصطحب سوزان ويراقصها , كيف تطورت علاقتهما ؟ طرحت كيم هذا السؤال فيما أستدارت لتبتسم لفال الذي أقترب منها فور رؤيته سوزان تبتعد مع كليف
وقال لكيم:
"أنك شاردة الذهن , أو أنك كنت كذلك".
" كنت أفكر بسوزان وكليف ".
أطرق مفكرا قبل أن يقول:
" أنك تظنين أنها قصة عاطفية وعلاقة حب".
" ستكون علاقة مريحة ومفيدة لكليهما ".
"لم يكترث كليف كثيرا للفتيات من قبل , والحقيقة أن لا هو ولا شقيقه قد عاشرا النساء فعلا".
" ووالداهما .... هل توفاهما الله؟".
هز فال رأسه :
" أنهما متقاعدين يعيشان في جوهانسبورغ , وقد تركا المزرعة لولديهما ".

علقت كيم :
" أن حظهما كبير أذ ملكا مزرعة على هذا القدر من الضخامة وهما لا يزالان شابين ".
" كليف يحب المزرعة كثيرا , أما جاك, فيفضل العمل الفكري".
قالت وهي تتذكر أن فال أطلعها على رغبته بتأليف كتاب:
" مثلك؟".
" أجل , وبالمناسبة , بدأت بتأليف ذلك الكتاب بعد أن أعطاني بارت الأرشادات الأساسية أضافة الى لائحة الكتب التي يجب أن أقرأها".
فحذرته قائلة:
" أنه عمل شاق للغاية".
" أعرف ذلك , ولعلني سأظل أعمل في الزراعة".


اماريج 06-11-10 04:42 PM


ثم راقبت كيم سوزان وكليف بضع لحظات قبل أن تسأل :
" أتظن أن جاك قد يبيع حصته من المزرعة لكليف – على أفتراض أن كليف سيتزوج؟".
أجاب فال وهو يفكر ويتأمل , متابعا بنظراته أتجاه عيني رفيقته:
" أنها فكرة معقولة ,ولست أظن جاك سيندم أن هو باع حصته لشقيقه".
"سوزان تحب الزراعة".

سكت فال لحظة فيما نظر الى الشابين الطويلين , اللذين بدا وكأنهما يسيطران على حلبة الرقص , ثم علق مجيبا:
" أعرف ذلك , وأعرف أنها تعتني بقسم الدواجن بمفردها , وأظنها قد تحملت ما فيه الكفاية من قريبتها هذه".
" أتقصد رافيلا؟ لقد أمضت وقتا طويلا هنا".
حول فال نظره الى وجه كيم الجامد , وقال:
" كان يفترض أن تقضي ستة أسابيع فقط , أنها تقطر سما وحقدا".
لم يخدع فال بمحاولة كيم التحدث عنها بأستخفاف:
" أذن, فأنت لست من أؤلئك الذين أعجبوا بمفاتنها؟".
" كلا , أنها صنف لا يناسبني ولا يعجبني أبدا".

لم تجب كيم بشيء , وبعد هنيهة بدأت ترقص مع فال , وألتقت عيناها بعيني زوجها , فلمحت في وجهه التهكم المرح الذي كان أشد أمتاعا في السابق , أذن لم يعد روك يبالي بأهتمام فال بزوجته , ومع ذلك , فأنه أشار اليه حين وصلا الى البيت عند منتصف الليل أذ تحدث بصوت خلا من أي تعبير تماما كما خلت عيناه:
" يبدو أنك تمتعت بأمسيتك مع فال".
" وأنت مع رافيلا".
" أوافق".
لم تتمالك كيم نفسها من التعقيب:
" أنها لا تروق للجميع".
" هل أستنتج من ذلك أنك تعنين فال؟".

أطرقت كيم فيما وقفت بقرب النافذة المفتوحة تحدق الى المناظر الصامتة وقد غمرت السكينة الطبيعة , وهنا قالت:
" أجل , أنني أعني فال , أنه لا يجدها جذابة على الأطلاق".

أطرقت كيم فيما وقفت بقرب النافذة المفتوحة تحدق الى المناظر الصامتة وقد غمرت السكينة الطبيعة
وهنا قالت:
" أجل , أنني أعني فال , أنه لا يجدها جذابة على الأطلاق".
تقدم زوجها بضع خطوات الى حيث وقفت وهو يسأل:
" هل يظن صديقك أن ذوقي لا يرتقي الى مستوى ذوقه؟".
" يعني شيء مثل هذا القبيل ".
" أذن... لقد تحدثتما عني".
منتدى ليلاس
أستدارت , فرأى روك أمتقاع وجهها وهي تؤكد له ببرودة:
" لم يذكر أسمك في الحديث بيني وبين فال".
عقب بعد صمت قصير:
" كيم , ماذا جرى لك؟ أنك لست الفتاة التي تتزوج رجلا لا تحبه".
كان صوته هادئا , وقد ظهرت فيه رنة أعتذرار لم تألفها كيم التي تذكرت غروره بادىء الأمر
فأجابته وهي تتعمد بلهجة عصبية:
" قلت لك... أنني ... أنني كنت مريضة حين وافقت على الزواج منك, أو على الأقل كنت أعاني من آثار الحمى , وقد قلت لي بنفسك أنني قد أرى الأمور كلها بمنظار خاطىء , وقد فعلت".

سألها بصوت خفيض طغت على نبرته الصرامة والقسوة :
" هل هذا كل ما ترغبين قوله؟ أولست نادمة؟".
أستدارت كيم ثانية لتواجه زوجها من جديد :
" طبعا , أنني نادمة لأمر الندامة لأنني تزوجت بك".
فجأة أصبح وجه روك شاحبا شحوب وجه زوجته , وقال:
" يا ألهي , لم أتصور أنني سأسمعك تتلفظين بمثل هذه الكلمات , ماذا تقترحين أن نفعل؟".

اماريج 06-11-10 04:43 PM

أذعن للأمر ؟ هل يمكن أن يرغب في الطلاق منها من دون أثارة ضجة ؟ الطلاق... تلألأت عينا كيم بالدمع , لأنها أفترضت أن زواجها سوف يكون أبديا ,وقد عرفت دائما أنها لن ترتكب هذا الخطأ أذ لن ترضى أن تتزوج شخصا لا يحبها من أعماقه , صحيح, وهي لا تزال مقيمة على حبه , ومع ذلك , فهي تقر أنها أرتكبت خطأ , وسرت بالأذى اللاحق بروك الذي أدى دورا مقنعا للغاية جعلها تصدق أنه يحبها, وقررت أن تخبره بكل شيء عند رحيل بارت وتعيد على مسمعه كل ما تنصتت اليه بين سوزان ورافيلا , وعاد روك يردد سؤاله بألحاح أكثر من ذي قبل
فأجابت كيم:
" هناك شيء واحد يمكننا فعله".

بلع روك ريقه بصعوبة , وبدا فمه مرتجفا , ألا أنها لم تتأكد من ذلك , لقد أضطرب لأن لعبته أخفقت , فهي لن تنجب له الأبن الذي يتمناه .
" أوتقترحين أن ننفصل".
" أنا أقول بأنه يجب أن نطلق بعضنا".
" أنا لا أؤمن بالطلاق".
" لم يعد يهم في هذه الأيام أذا كنت تؤمن بالطلاق أم لا , فأنا بأمكاني الأستحصال على كتاب الطلاق".
" أنت..........؟".

صرف أسنانه , فيما واجهته بشجاعة لأنها لم تعد تكترث لغضبه الذي لا يحد وقد عانت منه غير مرة , وسيستمر هذا التفاعل بعد... بعد بارت. وأوقفت كيم التفكير قبل أن تتشكل في ذهنها الكلمة المخيفى , فقط لو أنها تستطيع قضاء هذه الأشهر القليلة الباقية مع بارت , ألا أن القضية تكمن في أنه يجب أن يكون بارت سعيدا بأعتقاده أن كيم سعيدة آمنة مضمونة العيش اليوم وغدا , وظهر أنه لا يبالي بزواجها من شخص لا يحبها , وتذكرت بوضوح كلمات رافيلا , الكلمات التي نقلتها من حديث روك الى بارت...
" كيم تنفع مثل أي فتاة أخرى".

هنا فقد التماسك والأنسجام في القصة , وظهرت أحدى قطع أو أجزاء الصورة غريبة كليا , فبارت لم يكن ليوافق أبدا على زواجهما لو أن روك قال مثل هذا الشيء , لا , لا بالفعل , فبارت يحبها كثيرا , هل يمكن أن تكذب رافيلا؟ كانت الفكرة سخيفة لأن الكذب لم ولن يفيد بشيء , والأمر لك يكن كمن يتحدث الى كيم نفسها بنية خبيثة تقضي أبلاغها أن زوجها لم يقترب بها عن حب , لا , فرافيلا كانت تتحدث الى سوزان , وهي على دراية تامة أن سوزان تبوح بكلمة , بل ستحتفظ بالقصة كاملة لنفسها , وعبست بعد أن تنبهت لأمر آخر لا يتلاءم مع الرواية , فكيم نفسها تركت طاولة العشاء بسرعة رغبة في الوحدة بينما كانت رافيلا تتحدث الى روك.... ومع ذلك, رأتها في الحديقة بعد دقائق معدودة تكلم سوزان على الجانب الآخر للسياج , ألا أن صوت روك قطع عليها تأملاتها
فنظرت اليه وهو يقول:
" كيم , بماذا تفكرين؟".

أقرت والعبوس والحيرة ما زالا يجعدان جبهتها :
" كنت أحاول حل لغز ما".
" أي لغز حاولت حله؟".
هزت كيم رأسها بأرتباك وقالت:
" ليس بأمكانك مساعدتي".
قال بصورة مقنعة :
" بأمكانك أن تجربيني".
" هل تذكر أنك تحدثت الى رافيلا على طاولة العشاء في ليلة حفلة الميلاد الراقصة في النادي؟".
بدا روك مندهشا كما كان يفترض فيه , وأجاب:
"لست أدري ماذا تقصدين يا كيم".
ردت بسرعة قبل أن يقاطعها:
" هذا لا يهم.....".

" بل يهم , من الواضح أن لهذا الأمر بعض الأهمية , وألا لما حاولت حله كما تقولين".
" ألا تستطيع أن تتذكر الحادث؟".
عقد روك حاجبيه الأنيقين في محاولة للتركيز:
" على طاولة العشا.......؟ آه , أجل... لقد كنت تجلسين بجانبي من الجهة الأخرى وتتحدثين الى فال".
" هذا صحيح , هل تذكرماذا حدث بعد أن تركت الطاولة؟".
" أختفيت فجأة , لقد كنت بجانبي لحظة ,وفي اللحظة التالية أختفيت".
علقت بعصبية:
" لا أقصد نفسي بالسؤال , ماذا فعلت رافيلا؟".
منتدى ليلاس
نظر اليها روك مستغربا حتى ظنت أنه يعتقدها فقدت صوابها , وسأل:
" رافيلا؟".
" لا بد أنها غادرت الطاولة بسرعة أيضا".
" كيم , ماذا تحاولين أن تبرهني؟".
وتنهدت من أعماقها متمنية لو أنها لم تثق به:
" كنت أتساءل عن مدى السرعة التي تركت بها رافيلا الطاولة ".
" لا بد أن هناك سببا مهما لذلك".
" أجل... أجل".
أتقدت عيناه بشرر مخيف:
" ألا يمكنك أن تكوني أكثر وضوحا يا كيم؟".

لقد أراد أن يعرف , ألا أن كيم هزت رأسها وأكدت أن القضية شخصية
وأضافت:
" بأمكاني أن أقول هذا فقط, أود أن أعرف كيف خرجت رافيلا مع سوزان الى الحديقة بهذه السرعة بعد أن تركت الطاولة".
تنهد روك بيأس:
" بحق السماء يا كيم كفي عن هذا الغموض".
أستدارت نحو النافذة ثانية وهي تصارع الشكوك
وقالت ببرودة :
" أنني آسفة".

لقد تيقنت من عدم فهمها لأمور كثيرة , وأن ما بدا واضحا وجليا , كان في الحقيقة مربكا ومحيرا , لكنها أستنتجت أن رافيلا نهضت فور مغادرة كيم للطاولة , ثم ألتقت سوزان , أبنة عمتها , وقالت لها أن لديها ما تطلعها عليه , وأقنعتها بالخروج معها الى الحديقة , وبدا غريبا أن تتخلى رافيلا عن روك على هذا النحو , وواضح أن ليس بأستطاعة روك تذكر الحادث ألا أن ذلك في الحقيقة لا يهم , فكيم تعرف ماذا حدث , ولكن, لماذا العجلة....؟ فجأة تجمدت كيم أذ خطرت لها فكرة , لقد أرادت رافيلا أن تسمع كيم ما كانت ستقوله , وعلى أساس هذه الفكرة

اماريج 06-11-10 04:43 PM

تبلورت فكرة أخرى بسرعة , لم يكن أنطباع كيم عن تنصت وحتى أستراقها النظر عبر السياج وهما , فهو خاطر ليس سخيفا على الأطلاق.
لقد أرادت رافيلا لكيم أن تسترق السمع اليها... وقد خططت لذلك, لماذا؟ قررت كيم بمرارة أن الأجابة ليست صعبة , فرافيلا تمنت الحصول على روك , ولما أكتشفت عن طريق التنصت أن روك تزوج كيم لتلبية حاجاته وحاجات بارت على حد سواء, وجدت الفرصة سانحة لأستعادته , وبغية تعزيز مركزها , قررت العمل على أحداث شرخ بين روك وزوجته
حينئذ صاحت كيم بينها وبين نفسها:
" لا , لا يمكن أن تكون خبيثة ولئيمة الى هذا الحد".

غير أن كيم أدركت أنها مصيبة في بعض تخميناتها , كما أخطأت في البعض الآخر , فلو عرفت كيم أنها تتنصت عليها , لأمكنها أن تضيف كذبة أو كذبتين حتى تبدو الأمور أسوأ مما هي في الواقع , والكذبة دارت حول قول روك لبارت أنها تصلح للأنجاب مثل أي فتاة أخرى , قالت ذلك حتى تسمعه كيم , فتشعر بالذل , وبذلك تتأكد رافيلا أن كيم ستنقلب على زوجها.
وقال روك بلطف وحماسة متسائلا:
" كيم , أرجوك قولي بماذا تفكرين , فأنا أشعر أنك لو فعلت لأنجلى بعض الغموض".

كم كان محقا , ولكن, ليس بأستطاعتها أن تخبره شيئا وذلك لأن سعادة بارت وأطمئنانه وتحرره من القلق في هذا الوقت كان بالغ الأهمية بالنسبة اليها , من هنا لم ترغب في مخاطرة قد تدفع بروك للذهاب الى بارت وأبلاغه أنها تعرف كل شيء
وقالت لنفسها همسا:
" لا أظنه سيفعل, لأنه يهتم ببارت ويقلق عليه مثلي , لكنني لن أخاطر لأنني في أي حال لن أربح شيئا في أطلاع روك على ما علمته".

أنقضى أسبوع آخر , وتعاظم حر كانون الثاني( يناير) مع هطول الأمطار الغزيرة التي خربت أزهار الحديقة , وأعد بارت لرحلته , ولما سألته كيم عن وجهته , أرتبكت قليلا لجوابه المبهم , وقالت له:
" لا تبدو متحمسا كما يجب , ما هي الترتيبات الفعلية التي أتخذتها؟".
ثم لاحظت أمتقاع وجهه وزرقة فمه , فأنقبض قلبها وتملكها اليأس , هذه هي الخاتمة ... وخطر لها فجأة أن الطبيب أخطأ , لكنها تذكرت أنه لو كان هناك أي أحتمال من هذا النوع , لأصر روك على رأي آخر ولفعل كل ما في وسعه لأنقاذ حياة بارت الذي قدر صداقته حق قدرها
هنا أجاب بارت:
" أن روك يهتم بأموري هذه كلها يا عزيزتي , وقد أحضر لي كراسا من وكيل السفر في تنغافيل , ولكن , يا ألهي , أين وضعته؟ آه , أجل , أنه في الدرج الأعلى من مكتبي , لعلك تحضرينه لنتأمله سويا , فكرة ممتعة , أليس كذلك؟".
منتدى ليلاس
لم تشعر كيم بحماسته , بيد أنها فعلت ما أمرها به, وأحضرت الكراسة اللمعة من ادرج , ثم وضعتها على الطاولة وفتحتها قائلة:
" ها هي".
" سأطير أولا الى جوهانسبورغ .... وسيوصلني روك الى المطار , ولكن من الواضح أنه أخبرك عن ذلك".
أطرقت وهي تفكر أنه حزم أمتعته في حقيبة واحدة , حقيبة واحدة... صحيح أنها كبيرة , لكن كيم تتصور أن ما تحمله من ملابس ستكون كافية أذا نوى أخذها فقط
ثم أضاف مبتسما:
" أجل , سأطير الى جوهانسبورغ , ومن هناك نبدأ رحلة الصيد هذه في اليوم التالي حين سنركب أحد الجيبات المرقطة...".

وهنا أشار الى أحد الرسوم وأضاف:
" ثم نقضي الليل في فندق آخر قرب منتزه كورغر القومي , وفي اليوم التالي..".
توقف ليقرأ تعليمات الكراسة :
" آه , سنجتاز المنتزه لنرى الحيوانات مثل الحمار الوحشي والزرافة وفرس النهر وكثير غيرها , وفي الغد نسافر الى سوازيلاند لنتأمل المشاهد الرائعة".
ومضى يشرح تفاصيل الرحلة وهو يقرأ الكراسة التي ذكرت أنهم سيرجعون الى أراضي قبيلة زولو حيث يبتون ليلة في فندق خاص برحلات الصيد.

اماريج 06-11-10 04:44 PM


" يبدو أن أحتياطات الصيد في هذه البلاد كبيرة ومغرية في الحقيقة ,ألا توافقين على ذلك؟ ومن الطبيعي أن هنالك أشياء عدا الحيوانات يجب رؤيتها , خذي وأقرأي بنفسك وسوف تكونين فكرة أوضح".
قالت وهي تنظر الى الكراسة , التي دفعها اليها عبر الطاولة :
" كم أتمنى لو أذهب معك , فأنا لا أطيق فكرة ذهابك بمفردك".

" سوف أكون مع مجموعة كبيرة من الرفاق , وبأمكانك أن تكتشفي بنفسك أن هذه رحلة منظمة".
أطرقت وهي تعقب:
" لا زلت أشعر ببعض القلق يا بارت".
كم صعب عليها التظاهر بالجهل , فقط, لو أنها أستطاعت أن تقول:
" أعرف أن قلبك ضعيف ولذا أريد مرافقتك حتى أعتني بك".

لكنها بالطبع لا تستطيع , لقد ذهب شوطا بعيدا في أخفاء الحقيقة عنها لرغبته في أنقاذها من الألم , لا شك أنها ستتعذب في ما بعد ,ألا أن بارت أقتنع أن زوجها سيوفر لها الراحة والطمأنينة بحيث يخفف من وقع الصدمة عليها , وبعد أن فكرت كيم هنيهة بدور بارت في أقناع روك بأن يتزوجها بدأت تتساءل أذا لم يبذل روك أي جهد في أقناع بارت بأنه يحب كيم , لكنها في أي حال لا تضع روك فوق الشبهات وهي تعلم قدر بارت عنده
وتأخر جواب بارت لكنه أتى أخيرا:
" لا داعي للقلق أبدا , وأنني أؤكد لك أنني سأعتني بصحتي تمام العناية , أما الآن , فمن الأفضل أن تذهبي يا كيم حتى لا يحتج روك علي ويدعي أنني أتعبك".

" لن يفعل ذلك لعلمه أنك لا تتعبني ".
" هذا ما فعلته في الأسبوعين الأخيرين , غير أننا نظمنا شؤون هذا الفصل في نهاية المطاف , وهكذا سأذهب مرتاح البال".
وغرق في شرود بدا معه أنه ليس في مسك كاتانيا حاليا , بل في رحلة الصيد ذاتها , ووافقت كيم على رأيه:
" علي الذهاب كما تقول".

حاولت أن تخفي رنة الكآبة من صوتها رغم صعوبة الظهور بمظهر المرح في وقت عصر الألم قلبها , وتحدثت الى روك عن مسألة الطلاق بعد بضعة أيام من ذكرها للمرة الأولى , فغضب لأنها أقفلت الموضوع وقد قررت أن بأمكانها فعل كل شيء بعد أن تتركه وتطير عائدة الى بلادها , وفيما خرجت الى الشرفة
ودعت بارت:
" الوداع يا بارت, سأوافيك في الغد كالعادة".
ثم أتجهت نحو الأسطبل , وأبتسمت لسامي أذ رأته ينظر من البوابة
وخاطبته:
" هل أنت مسرور لرؤيتي ؟ يا لك من حيوان لطيف ذكي , لقد جعلت بارت يظن أننا أصدقاء".
صهل الحصان فيما أمتطت كيم صهوته , فأنحنت لتربت عنقه وقد أغرورقت عيناها بالدموع أذ فكرت أنها ستضطر أن تخلفه رواءها , ولكن , لعل هناك طريقة تسهل عليها أصطحابه معها , وهي ستجري بعض التحريات في ما بعد.
منتدى ليلاس
ولما وصلت الى مسكن لوساك وجدت روك واقفا على الشرفة وألتقطت أنفاسها بينما وجه رأسه نحوها وقال وهو يهبط السلم بقفزة واحدة طويلة:
" سأعتني لك بسامي, هل أنت متعبة؟".
" كلا , فنحن لم نعمل كثيرا اليوم لأن الفصل أصبح على ما يرام آخر الأمر ".
" عظيم , لا شك أن بارت سيطمئن ويرتاح".

ثم مضى وسامي يتبعه فيما أمسك لجامه برقة , أما كيم , فرافقتهما بقلب خافق , آه , لو كان روك يحبها , أنه لطيف أحيانا , وأفترضت أنه كان بأمكانهما أن يعيشا سعيدين لو أنها لم تطلع على الحقيقة بواسطة رافيلا, فروك لن يدعها تحس ولو لمرة واحدة أنه لا يحبها , لا , بل العكس هو الصحيح ,وهو دائما يتظاهر أنه يحبها كثيرا , وكثيرا ما قال لها ذلك , أجل , أنه ممثل بارع.... أنما , ما فائدة كل ذلك أذا كان لا يحبها ؟ فهو قد يلتقي ذات يوم فتاة أخرى ويقع في هواها , وماذا يحل بكيم حينئذ ؟ ثم ألحق بأذيته لها قوله أنه لا يؤمن بالطلاق علما بأنه لن يتردد في طلبه أن هو عشق فتاة أخرى.

وقالت كيم لدى رجوع زوجها:
" هل يمكنني أن أذهب مع بارت في رحلة الصيد؟".
هز رأسه فورا:
" لا هو ولا أنا نريدك أن تذهبي".
كانت لهجته صارمة , ووجهه متوترا , فعضت كيم شفتها وهي تتمنى لو كانت حرة في أتخاذ قراراتها , وقالت مرتجفة:
" أنني قلقة عليه , فعليه.... عليه أن يتناول تلك الحبوب التي يصفها بمهدئات عامة.....".
وصمتت لخوفها أن تكشف كل ما علمته أن هي تابعت حديثها , فرد عليها:
" لا داعي لأن تشغلي بالك حول بارت لأنه سيأخذ الحبوب بأنتظام".

" من المحتمل أن ينسى لأنه أصبح كثير الشرود, عندئذ سينهار...".
وأرتعش فم كيم بصورة تملأ القلب شفقة , وفيما تطلعت الى عيني روك , أغرورقت عيناها بالدموع , أذ رأته يبلع ريقه وفهمت أنه يرثى لحالها , لو عانقها روك في هذه اللحظة , لأجهشت بالبكاء وأخبرته كل ما تعرف , وأكدت له أن حالة بارت الفعلية ليست خافية عنها , ألا أن روك ظل واقفا بجانب درابزين الشرفة وقد تقلصت عضلات فمه وخلت عيناه من أي تعبير
وأخيرا تنهد قائلا:
" بأمكاني فقط التأكد بأنه سيكون بخير".

وأستدار مبتعدا بينما تكون لدى كيم أنطباع بأنه يخفي أمرا ما ,ولكن , قبل أن تتمكن من المشي , عاد ليسألها بلطف أذا كانت ترغب في تناول العشاء في النادي

فأخذت تهز رأسها الى أن سمعت نفسها تقول :
" هذا.... هذا رائع".
" هيا أذن, أرتدي ثوبك الليلكي الأنيق".
وبينما نهضت كيم عن كرسيها , حدّقت الى روك , فألتقت عيونهما برهة خيل لها فيها أنها لمحت في عينيه أسى , حبا عميقا مخلصا , ولكن , ما أن أشاح بنظره بعيدا , حتى لم تعد ترى سوى المرارة على فمه.
وأستحمت , وأرتدت ثوبها الليلكي , فلمع شعرها , وتوردت شفتاها , ثم أستعملت عطرها وحملت حقيبتها المسائية المفضلة وعباءتها قبل أن تخرج من غرفة نومها الى قاعة الأستقبال لتنتظر روك , الذي سرعان ما خرج يرتدي بزة صيد بيضاء وبنطال كتان كحلي
وقال بلهجة باردة برغم ما في ذوقه من رقي:
" أنك تبدين غاية في الفتنة".

أدركت أنه كان فخورا بمرافقتها , ثم ركبا السيارة التي أندفعت بهدوء عبر الممر المؤدي الى مسكنهما , وقد تلألأت أضوائها الأمامية الأشجار الأمامية التي أحاطت بالطريق مثل أشجار الصمغية القصيرة المليئة بالأزهار والحور النحيلة الطويلة وغيرها علاوة على الزهور التي زرعت عند حافتي الدرب ومنها زنابق القنا الأستوائية والدفلى والورود وحوذان السياج الأصفر , وعبق نسيم الليل بالأريج , فيما حفل بأصوات الزيزان التي طغت على هدير السيارة عندما توقفت قرب البوابة قبل أن تنحرف الى الشارع المظلم.

قاد روك السيارة بصمت , فيما ندمت كيم على موافقتها على الخروج معه , صحيح أن الوضع أختلف عن تصورها الأصلي , ألا أنها شعرت بوجود شكوك وجب أن تتنبه لها في الأساس , وأن لا تتسرع في الزواج به بالتالي , لقد تصرفت بتهور حيث كان روك على عجلة من أمره حين أعلن أنه لن يستطيع أنتظارها في حين سعى الى طمأنة بارت في الحقيقة.

ولما وصلا الى النادي , أوقف روك السيارة وساعد زوجته على الخروج ثم على صعود السلم المؤدي الى البهو وهو يمسك يدها , ولم يوجد في النادي سوى حفنة من الناس , الأمر الذي سمح لروك وكيم بأختيار طاولتهما
وقال روك:
" نريد أن نجلس هناك , في الخلوة التي تظللها أشجار النخيل".
كان الموضع بعيدا عن أنظار الجميع , ويوحي بالدفء والألفة ... وفجأة شعرت برغبة في البكاء على كل ما قد كان
وقال النادل مبتسما :
" حسنا , هل ترغبان بشراب أول الأمر , علما بأنكما تجلسان في البهو ؟".
" بالطبع".

وجلسا فيما قدمت اليهما لائحة الأطعمة , وعرض روك طلبهما , وطوال الوقت ركزت كيم فكرها على خاطرة طرأت على بالها , وتساءلت هل يمكن تحقيق فكرتها في هذه المرحلة المتأخرة ؟ ونظرت الى زوجها عبر الطاولة المغطاة بالزجاج بعد أن قطع عليها بصوته الهادىء الخطة التي لم ترسم سوى نصفها:
" بماذا تفكرين يا كيم؟".
" ببارت ورحلة الصيد .... هل.... هل كان عليك أن تجري ترتيبات الرحلة قبل بدايتها بوقت طويل؟".

" كلا , لم يكن الوقت طويلا لأن وكيل السفر أخبرني أن هنالك كثيرا من المقاعد الشاغرة".
غرقت كيم في التفكير قبل أن تنحني وترفع كوبها:
" فهمت...".
منتدى ليلاس
" لم يعرف روك الا القليل عما دار في خلدها وهي تقول:
" أجل , لا شك أنه سيفرح كثيرا بكل الحيوانات لأنه كان دائما يريد أن يراها في مواطنها الطبيعية".
فأطرقا , ثم تحدثا قرابة عشر دقائق قبل أن يدخلا لتناول العشاء , الذي وجداه أمتع الوجبات التي تناولاها سويا , ولانت كيم , فيما صمت روك رغم أستعداده للتحدث كلما كلمته كيم.

أتسمت عودتهما الى سوساكا ببرودة الجو وظلمته وبالألفة بينهما , وتصورت كيم شعورها عند مغادرتها هذا البلد أحبته والذي ظنت لوقت قصير أنها ستعيش فيه حتى وفاتها
وسأل روك بصوت فيه رنة قلق تصف عدم ثقته في ما أذا كانت نادمة أو راضية عن خروجها معه :
" هل أستمتعت بهذه الأمسية ؟".
" كثيرا يا روك".
فحدق في عينيها الجميلتين وردد بحنو:
" أنا سعيد بذلك يا حبيبتي كيم , أتمنى لو أعرف ما الذي أزعجك".

تشنجت كيم , وخنقتها الحقيقة الجارحة بأنه لم يكن يحبها
فقالت بحدة:
" تصبح على خير يا روك, سأراك في الصباح".
وترددت لأنها لم ترغبه طوال الليالي التي شغلا فيها غرفا منفصلة قدر ما رغبته الليلة , وتاقت الى أن ترتاح بين ذراعيه ... ولكن على أن لا يخلو لقاؤهما من الحب , لا , فهي لن تستسلم له ثانية بأرادتها , بأمكانه أن يمتلكها وهو غاضب , بيد أنه لن يجعلها تستسلم له ثانية بأرادتها
وأخيرا أجابها:
" تصبحين على خير يا كيم , أرجو لك نوما هانئا".

نهاية الفصل التاسع

اماريج 06-11-10 04:46 PM


10- رنّة الحب
**************************
قصدت كيم تنغافيل باكرا في صباح اليوم التالي بعد أن أتجهت أولا الى مسكن كاتانيا لأستئذان بارت في شراء بعض الحاجيات.
" بالطبع يمكنك أن تذهبي يا عزيزتي لأن ليس هناك سوى القليل من العمل بعد أن أنتهي الفصل بصورة ترضيني".
" ولكن , يبقى علي أن أرتب بقية ملاحظاتك , وأعد البحث الذي طلبته مني".
" أمامك وقت كاف لذلك كله أثناء غيابي , أما الآن , فأذهبي وأشتري حاجاتك".

قادت كيم السيارة الى داخل المدينة حيث أوقفتها وأسرعت الى مكتب وكيل السفر الذي تحمس لعمل بينما شك في أدراج أسم كيم في قائمة الرحلة نظرا الى قصر الوقت.
غير أنه وعد كيم بأن يحاول جهده , فقالت أنها ستحضر بعد ظهر اليوم التالي لترى أذا تكللت جهوده بالنجاح
فأجابها:
" الأفضل أن تأتي يوم الخميس , أنا أعرف أن الرحلة تبدأ يوم السبت , ألا أنك ستجدين متسعا من الوقت لتهيئة نفسك , وأستطيع يوم الخميس أن اخبرك أذا كنت قد حصلت على تذكرة السفر أم لا, وألا فبأمكاني الحصول عليها يوم الحمعة".

أطرقت كيم , ثم قالت بعد تردد:
" أرجوك ألا تخبر أحدا بأنني سأرافق السيد ناش في هذه الرحلة, أنها.... أنها ستكون مفاجأ له".
رفع الرجل بصره عن الكراسة التي دون فيها المعلومات , وأنكشف أرتباكه , ألا أنه تنبه عدم طرح الأسئلة نتيجة الجمود الذي ظهر على وجه كيم , وأجابها:
" حسنا , سأتذكر رغبتك".
" أشكرك".
الأمتعة... أنها مشكلة , مشكلة كبيرة .... ألا أن بأمكانها تذليلها , ولما عادت الى مسكن كاتانيا , أعلنت:
" لا تكفيك حقيبة واحدة من الملابس , ولذا سأحزم حقيبة ثانية".
منتدى ليلاس
" كيم , يا عزيزتي , أؤكد لك أن حقيبة واحدة كافية".
وأشاح بوجهه عنها وقد غطاه بيده , وأربكها تصرفه أذ بدا وكأنه يخفي عنها تعابير وجهه
لكنها قالت:
" أنا أصر على رأيي يا بارت , ولا تنس أنني أعرف عاداتك وأعرف أنك ترغب في ملابسك كثيرا لا سيما الداخلية منها".
" حسنا , أحزمي لي حقيبة أخرى أذا كان لا بد من ذلك فعلا".

هكذا وجب شحن حقيبتين في السيارة صباح السبت عند وصول روك وكيم الى منزل بارت
فعبس روك:
" حقيبتان؟".
وأدركت كيم نتيجة أقتضابه وحدة صوته أنه تمنع عن قول أشياء كثيرة , وأجاب بارت بوداعة:
" أجل , كيم أصرت على أنني لم آخذ ما يكفيني من الثياب , لذا خضعت لطلبها , وأرجو أن تضع الحقيبتين في السيارة يا روك".
ولدى وصولهم الى المطار أصطحب روك كلا من كيم وبارت نحو البهو حيث قدم لهما شرابا , ولم تستطع كيم أن تمسك الكوب بثبات لشدة خفقان قلبها , هل يمكن أن تنجح خطتها؟ كثيرا ما رأت أناسا يصعدون الطائرة في الدقيقة الأخيرة , أذن , ستنجح خطتها برغم اقوانين التي تفترض حضورها الى اطائرة باكرا
وقال بارت بقلق:
"أرى أنك شاحبة , سأكون بخير , فكفي عن القلق".

اماريج 06-11-10 04:46 PM

قالت دون أن تنظر الى أي منهما:
" أشعر بأنقباض في معدتي , ولذا سأذهب الى المرحاض , فلا تقلقا".
" آه , أنني آسف , فأنت تزعجين نفسك وترهقينها كثيرا بهذه الطريقة ,ولا داعي لكل هذا التعب على الأطلاق".
" لا تخف , فسأكون بخير , أظن أن ما أصابني ليس خطرا , أنما هو أضطراب أعصاب".

وأقل ما يقال في خطتها أنها خطة مفككة الأوصال , فقد حصلت على تذكرة سفر تخولها الأشتراك في الرحلة , أما ملابسها- وهي حاجيات أساسية قليلة – فكانت في طريقها الى الطائرة الآن , وهكذا تم الجزء الأول من خطتها بنجاح , على أنه مر ظرف حرج حين أراد بارت أن يفتش الحقيبة الثانية
فقالت له:
" لا داعي للبحث داخلها لأن كل ما فيها مجرد حاجيات".
" حسنا , لقد أصبحت آمرة ناهية منذ تزوجت".

والجزء الثاني من خطتها هو الذي أقلقها , لقد أصبحت تحركاتها على الأقل واضحة في ذهنها , أما تحركات الرجلين الآخرين , فهي التي لسوء الحظ أزعجتها
ألا أنها قالت مازحة بعد أن فرغوا من شرابهم:
" لن ننتظر كثيرا حتى نودعك يا بارت , فأنت تعرف كراهيتي لرؤية الطائرات تقلع وتهبط".
أجابها وقد عزم أن يقول أنه لن يحتمل رؤيتهما يودعانه:
" أعرف بالطبع".
" سننتظر حتى يعلن عن رقم رحلة طيرانك".

ومن حسن الحظ أنهم أتفقوا على هذا الترتيب , فكل ما على كيم الآن هو التظاهر بالمرض بعد أن يتركهما بارت , وستحذر روك بأنها ستتأخر في دورة المياه قليلا , وتطلب اليه أنتظارها في السيارة.
أجتازت كيم المسافة التي تفصلها عن الطائرة مرتين , ولكنها لم تر أثرا لبارت , ثم دخلت الطائرة خلسة وقد خفضت رأسها على رغم أن خبرتها الواسعة أكدت لها أن بارت يزرع رأسه في كتاب , وقد أعتاد أن يبدأ بالقراءة فور صعوده الى الطائرة , ولا يتوقف عنها حتى يصبحوا على علو شاهق في الجو , ولم يعترف , ولو لمرة , أنه يخشى الأقلاع , غير أن كيم عرفت ذلك , ( أين يمكن أن يكون قد ذهب فأنا لم أره يدخل المرحاض).
منتدى ليلاس
جلست وقد أنقبضت معدتها فعلا الآن , وأنتظرته لظنها أنه في أحدى دورات المياه وقد دخلها حين لم تكن تبحث عنه , وأمرت نفسها أن تهدأ وتستريح , وتصورت لدقيقة أو دقيقتين ردة فعل روك حين يعلم أنها على متن الطائرة , وأنها سترافق بارت في رحلته , وقد تركت له رسالة على لوح الأستعلامات , لكنه , في أي حال , سيتلقى برقية منها وهي في الجو , وتأكدت كيم من ذلك حتى لا يقلق , ومن نافل القول أنه سيغضب أشد الغضب , على أن ذلك لن يهم كيم بشيء لأنها رغبت في مرافقة رب عملها والأعتناء به عناية جيدة أثناء رحلته ,ولكن , أين هو؟".
وأخيرا , أومأت كيم الى أحدى المضيفات , وكلمتها بسرعة , فمضت الفتاة فورا ثم عادت بعد عشر دقائق تقول أن لا أحد على متن الطائرة يحمل أسم بارت ناش , فطرفت عينا كيم , ودخل فكرها في دوامة , ( ليس على متن الطائرة؟ لا بد أن يكون , أنه سينضم الى رحلة صيد تنطلق من جوهانسبورغ".
أضطربت الفتاةوقالت لكيم
التي هزت رأسها :
" لا شك أنه تأخر عن الطائرة".
" لكنه حضر الى المطار قبل وقت طويل".

وحانت من الفتاة ألتفاتة من فوق كتفها فيما جرت عربة الأطعمة في الممر بين المقاعد:
" هل أنت واثقة أنه ركب الطائرة؟".
" أجل...".
صمتت كيم وقد علا وجهها التجهم قبل أن تضيف:
" لقد رافقته أنا وزوجي وتركناه عندما أعلن عن رحلته".
" أذن , فأنت لا تعرفين أذا كان قد ركب الطائرة أم لا".
همست كيم وهي تفكر:
"كلا لست.....".
وكان على الفتاة أن تنقل من مكانها , فأعتذرت قبل تحركها , وبقيت كيم غارقة في تفكير عميق , هذه الحقيبة الواحدة , لم يكن بارت في ذلك كما عرفته , أنا لا تكفيه لأسبوعين , ربما لأسبوع....

اماريج 06-11-10 04:47 PM

وتطلعت الى الفتاة بعد أن تجاوزت العربة مقعد كيم
أما الفتاة فتطلعت الى كيم محتارة :
" هل قلت انك كنت أنت وزوجك مع السيد ناش؟ لماذا لم تصعدا معا , هذا أذا كنتما بصحبة الرجل؟".
وهزت الفتاة كتفيها بأرتباك , وبالطبع لم يكن بوسع كيم أن توضح لها الأمر , بل سألت أذا كان هناك طائرة أخرى ستقلع في موعد أقلاع طائرتهم.
" أقلعت طائرة بأتجاه دربان , وهذا كل شيء , فالمطار صغير كما تعلمين".
منتدى ليلاس
دربان ؟ من المستحيل أن يكون بارت قد ذهب الى دربان , وعلاوة على ذلك, ما الهدف من أبلاغها أنه ينوي الأشتراك في رحلة صيد, ألا أذا لم يكن ينوي ذلك أصلا؟أبتسمت كيم وعادت تفكر بقضية الحقيبة الواحدة , وتذكرت أنه لم يقرأ كثيرا عن رحلة الصيد , الأمر الذي يتنافى مع طبيعة بارت وهو الذي ألف أن يوسع معلوماته عن أي بلد كان ينوي زيارته وعن أي رحلة كان ينوي القيام بها , وأستعادت أيضا دهشة روك عندما رأى الحقيبتين , لقد أتضح أنه توقع رؤية حقيبة واحدة- ولكن , لماذا واحدة؟
وداخل كيم خوف مفاجىء أذ خيل لها أن الأسرار تكتنف حياتها في هذه الأيام , ومن المؤكد أن هنالك سرا حول قضية الصيد هذه , لقد عملت مع بارت فترة طويلة سمحت لها أن تعرف دقته في حرصه على معرفة كل التفاصيل الصغيرة المتصلة بترتيبات سفره.

وهو آخر من يمكن أن يركب الطائرة الخطأ حتى ولو كان ذلك محتملا.
وقفت كيم أمام فندق لاندروست في جوهانسبورغ وقد أملت أن ترى بفعل معجزة سماوية رب عملها في الداخل حيث سيلتقي المشتركون في رحلة الصيد قبل أن ينضم اليهم الدليل , ثم دخلت , وقصدت المكتب حيث عرفت بأسمها , وكان الدليل يقف قبالتها , فأتجهت اليه حالا , كان شابا أفريقيا طويلا يتكلم الأنكليزية بطلاقة بطلاقة تامة , أوضحت كيم له الأمر .فدقق في لائحة الأسماء قبل أن تراه كيم يهز رأسه
وعرفت كيم ماذا سيقول قبل أن ينطق:
" ليس عندنا بين المشتركين شخص بأسم بارت ناش ,ماذا حدث؟ علي أن أساعدك أذا كنت أستطيع ذلك".

أجابت كيم بتعب:
" أريد أن أرجع الى بيتي , هذا كل شيء".
" ألن ترافقينا ؟ ولكن ., أعلمي يا آنسة مايسون أن نقودك لن ترد اليك في هذه المرحلة المتأخرة".
" لا يهم".
وأنتابها تعب شديد فيما تقبلت خداع بارت وروك وقد أحتارت , كما أدركت بالغريزة أن بارت يعرفها أينما وجدها , وعلى رغم هذا الأعتقاد , لم يكن في وسعها أن تشارك في رحلة الصيد بمفردها أذ لا طائل من وراء ذلك علما بأنها أقرت أن الصورة بدت أكثر أشراقا وجاذبية لبضع ساعات خلت , أي عندما ركبت الطائرة وهي تتوقع أن تلتقي بارت وجها لوجه في أي لحظة.

" علي أن أعود الى منزلي بأقصى سرعة".
ولدى عودتها , سيكون لديها الكثير مما تقوله لزوجها , فهي ترى أنه وبارت تصرفا بخسة أتجاهها وخدعاها , وللمرة الأولى خلال سنوات وصلت الى حد اليأس أعترفت معه أنها في الحقيقة ليست سوى موظفة وأن لا شيء يلزم رب عملها بأطلاعها على تحركاته
وقال الدليل :
"حسنا يا آنسة مايسون , أذا كنت تصرين على العودة , فسأعمل على ترتيب سفرك".
ألتفتت الي كيم بأمتنان وقالت:
" أشكرك كثيرا , أنك لطيف للغاية".

" لا داعي للشكر , غير أنني آسف لعدم أقتناعك بمرافقتنا ".
وأرتاحت كيم لأنه لم يحاول زيادة ضغطه عليها وهو يضيف:
" ولكن , الى أن تعودي , عليك أستئجار غرفة تبيتين فيها ليلتك كما لو أنك كنت ترافقينا".
وصعدت كيم للتو, ونامت نوما متقطعا من دون أن تكلف نفسها عناء النزول لتناول العشاء , وفي الصباح التالي , أعلمت أنها لن تستطيع العودة قبل ثلاثة أيام
فهتفت مرتعبة:
" ثلاثة أيام ,ما هذا؟".
رد الدليل :
" ليس هناك أي رحلة طيران قبل ذلك".
منتدى ليلاس
عضت كيم شفتها بقسوة وهي تصد دموع الأحباط والخوف التي تجمعت في مؤخر عينيها , أين هو بارت؟ آه , لا شك أنه سالم ومعافى , وروك يعرف مكانه.
ولما عادت الى غرفة نومها , قالت بلهجة حادة :
" أنني أكره روك , كيف يجرؤ أن يخدعني هكذا؟".
وأنتصبت واقفة أذ سمعت قرعا خفيفا على الباب , فصاحت:
" تفضل".
دخلت خادمة ملونة تحمل برقية , فقرأتها كيم وقالت:
" أشكرك".
وبعد ثلاث دقائق تحدثت عبر الهاتف مع زوجها
الذي سأل بغضب :
" أخبريني بحق السماء ماذا تقصدين بتصرفك المجنون هذا؟".
ردت عليه بغضب يعادل غضبه:
" وبحق السماء قل لي أيضا ماذا تقصد أنت وبارت بخداعكما لي؟ أين هو؟".
" لا تخافي ولا تقلقي".
" أين هو؟".

لاجواب , شعرت كيم أن دقات قلبها ستتوقف , وأخافها نبض قلبها المتسارع كثيرا , فسألت:
" أنه... أنه ليس....".
"كلا , أنه بخير , لقد عرفت أنه بخير" وعادت تقول:
" أصر أن أعرف أين هو".
" كيم , سأحضر اليك اليوم , لقد تسلمت أشعارا يفيد بأنني حجزت مقعدا على الطائرة المتجهة الى جوهانبورغ , وأنا الآن في فندق قريب من المطار".

اماريج 06-11-10 04:48 PM

صاحت كيم على نحو هستيري :
" أين هو بارت؟ هل تظن أنني أكترث سواء كنت ستحضر الى هنا أم لا لتصطحبني الى البيت؟ أنني سأركب الطائرة بعد ثلاثة أيام , ولذا لا سبب لتجهد نفسك بالقدوم الي , أن كل ما يهمني هو معرفة مكان بارت , ما الهدف من السرية ؟ أريد أن أعرف أين هو".
" حسنا , سأخون عهدا قطعته له , لكنني أشعر أنني معذور , لقد دخل بارت مستشفى في دربان حيث سيجري عملية جراحية لقلبه".
ساد صمت طويل معبر قبل أن تصيح كيم وهي ترتجف:
" المستشفى؟ لماذا..... لماذا لم .... لم تخبراني أنتما- أنتما الأثنين بذلك؟".

" هذه هي رغبة بارت , لم يرد أن يزعجك بعد زواجك مباشرة".
وصمت قليلا قبل أن يضيف:
" سأشرح لك يا كيم كل شيء يتعلق بالقضية عندما أراك لاحقا اليوم , وحسب تقديراتي , سأكون معك في وقت العشاء".
" حسنا".
أعادت السماعة الى موضعها , ولم تفه بأي كلمة أخرى , ثم تساءلت كيف عرف روك مكانها , وسرعان ما أدركت أن عليه أن يقصد مكتب وكيل السفر , فيحصل منه على كراسة تقول بأن الرحلة تنطلق من فندق لاندروست في جوهانسبورغ , ولعله, في أي حال, تذكر ذلك من الكراسة التي أحضرها لبارت , هذا أذا كلف نفسه عناء قراءتها , ثم نبذت كيم هذا الأحتمال لسبب واحد هو معرفة روك أن بارت لم ينو القيام برحلة الصيد.
وأتصلت كيم بالمستشفى في دربان بعد أن عثر دليل رحلة الصيد على رقمه , وكل ما عرفته هو أنه سيخضع للعملية في اليوم التالي , ولم تعط مزيدا من المعلومات .

وصل روك عند السابعة والنصف , فألتقاها في البهو حيث أنتظرته
وحياها بغضب:
" أيتها الحمقاء الصغيرة , ماذا قصدت من وراء كل الخوف والغضب الذي سببته لي؟".
أتقدت عيناها غضبا:
" ألا تستحي حين تذكر عبارات الخوف والقلق أمامي وقد خدعتني بهذه الطريقة وأشقيتني في أعداد حقيبة و....".
قاطعها ببرودة:
" هل يمكننا أن نكمل هذه المشاداة الكلامية في غرفتك؟".
منتدى ليلاس
أتجهت كيم نحو المصعد , وبعد دقيقتين تواجها داخل غرفة نومها حيث قال روك:
" في ما يتعلق بهذه الحقيبة الملعونة , أؤكد لك أنني لم أعرف ماذا كنت تفعلين , ولو عرفت , لحبستك وأقفلت عليك الباب يا عزيزتي".
شحب لون كيم , وخفق قلبها بعنف نتيجة أنفعالاتها :
" ألست شديد التفاؤل ! أوتعتقد حقا أنك تستطيع سجني , ولا أجد مخرجا؟".
أستدار بعصبية وقذف بمعطفه الواقي من المطر على سريرها
ثم سألها ببرودة:
"هل ترغبين بمعرفة الدافع لقرار بارت دخول المستشفى؟".
" طبعا".

توجهت كيم نحو النافذة حتى لا يرى روك الدموع التي ظهرت في عينيها أذ لا ينبغي أن يعرف عمق الجرح الذي أصابها نتيجة علاقتهما , على أنها تصورت أن لقاءهما في البهو , حيث أنتظرته ساعة على الأقل , سيتسم بالود , وتعهدت لنفسها أن تتصرف معه بود , وأن تصغي الى أي تفسير يعطيه لسلوكه المشين وخداعه أياها , ألا أنه دخل مسرعا , والغضب يعلو وجهه ووصفها بالحمقاء الصغيرة , ولم يكن هناك بد من الرد عليه خصوصا أنها كانت هي الفريق المظلوم في كل العملية .

" ما الذي جعل بارت يقرر دخول المستشفى؟".
أعقبت كلمات كيم فترة من الصمت المطبق , ثم تكلم زووجها , فأصغت اليه , وأضمحل شعورها بالظلم والأذى
ثم أستدارت على مهل وهي تهز رأسها بذهول :
" لا بد أنك شككت في صحة أقوال الطبيب , فأتصلت بأختصاصي القلب الذي تعرفه في دربان , أذن , فأنت الذي رتبت كل ذلك منذ البداية؟".
أطرق روك وقد أسند ظهره الى الخزانة وأدخل يديه في جيوب بزته , فيما علا وجهه المسمر الوجوم.
" قلت أنك أحضرت هذا الأختصاصي ليفحص بارت , ولكن , متى؟".

اماريج 06-11-10 04:50 PM

" في أحد الأيام التي أرسلك فيها بارت الى تنغافيل لأحضار بعض الكتب والحاجيات الأخرى , وكان أختصاصي القلب هذا قد وصل بالطائرة في اليوم السابق وأقام معي في مسكني لوساكا , وكما قلت , فأن بارت هو الذي أصر على أخفاء الحقيقة عنك , وقد أظهر تشددا بالغا في رفضه تعريضك لأي شعور بالقلق عليه , فأخذت الطبيب الى مسكن كاتانيا حيث أخضع بار ت لفحص دقيق قرر بنتيجته أن هناك مجالا لأجراء العملية , علما بأن بارت من جهة ثانية قد يفارق الحياة وهو على طاولة العمليات , أما بقية القصة , فتعرفينها لأنني رويتها لك".

قالت وكأنها تحدث نفسها :
" كان ذلك قبل زواجنا".
تطلع روك اليها مستفسرا , وقال:
" حدث ذلك قبل زواجنا بالتأكيد ,ولكن , أحب أن أعرف ما الفرق في ذلك".
تنهدت كيم , ودنت منه خطوة أخرى قبل أن تقول وقد أبيضت شفتاها:
" أذن, كنت تعرف قبل زواجنا أن أمام بارت فرصة للبقاء حيا؟".
أجاب بعبوس وتجهم:
" أجل , على أني آمل يا كيم ألا أتعرض لمجموعة من كلماتك وأسئلتك المبهمة".
منتدى ليلاس
كان يمكن أن تبتسم كيم لقوله الذي ذكرها بروك القديم وتهكمه ونظرته اللائمة اليها , ألا أنها لم تبتسم
بل قالت بهدوء:
" أسمع , لقد عرفت أن بارت طلب منك الزواج بي....".
" أنت تعرفين ؟ كيف؟".
" لا تشغل بالك بالطريقة التي عرفت بها ذلك الآن , بل قل لي يا روك لماذا تزوجتني".
نظر روك الى كيم وقد ضاقت حدقتاه وظهر الأرتباك فيهما هنيهة , وما لبثا أن أتسعتا تدريجيا حين بدأ روك يفهم بعض الأمر
وقال وهو يرفع يده بحركة آمرة تمنعها من مقاطعته:
" قلت الآن أنني تزوجتك بناء على طلب بارت , الآن أصبح عندي مبرر للقول بأن عقلك البسيط جعلك تقررين أنني تزوجتك حتى أرضي بارت ..".

ثم توقف ليضحك ضحكا عاليا أجبرها على أن تصم أذنيها بيديها , وقال:
" هكذا تتصورين أنني رجل يتصرف بمثل هذه البلاهة؟".
هزت كيم رأسها , وأنزلت يدها الى جنبها وهي تجيب:
" كلا... يا روك...".
وتقدمت خطوة أخرى بأتجاهه , لكنه ظل واقفا في مكانه بصلابة وصرامة وقالت:
"آه , أظن أنني أرتكبت ... أرتكبت خطأ ...".
بلعت كيم ريقها المتجمع في حلقها وأضافت:
" شنيعا".
شد روك ذراعيه الى جسده , ثم أمرها:
" تعالي الى هنا".

ولما لم تتحرك , هددها بالقول :
" كيم ,أنني مستعد لضربك ضربا يوجعك مدة أسبوع , فتعالي الى هنا".
أطاعت فورا , وقد تغير لونها بسرعة , وقالت جوابا على أستفسارها :
" أنني آسفة".
" آسفة , هل تظنين أن كلمة واحدة صغيرة تكفي لأزالة كل المعاناة التي فرضتها عليّ؟ صدقيني يا كيم أنن سأجبر نفسي بعد عودتنا الى المنزل أن أزرع فيك بعض الأحساس , أما الآن , فقولي لي فورا كيف عرفت أن بارت طلب ألي أن أتزوجك".
" وأخيرا أدركت أن رافيلا أرادت أن أتنصت عليها ".

هكذا أنهت كيم كلامها وهي تتمنى لو تشيح بنظرها بعيدا عن وجه زوجها العابس , ألا أنها لم تجرؤ مخافة أن ينفذ تهديده , وقال ساخرا:
" أنه لذكاء خارق أخيرا حقا أن رافيلا أرادت أن تتنصتي عليها , وهل يمكنني أن أسأل لماذا لم تحضري الي وتستوضحي الأمر مني ؟ أذكر أنني طلبت منك أطلاعي على ما كنت تفكرين به ذات مرة , ولو أنك فعلت, لجليت أمورا كثيرة".
" أجل .... لقد فعلت , ولأتمنى لو ... لو أنني أكترثت لك...".

وتوقفت قبل أن تصيح صيحة أحتجاج أذ هزها زوجها الذي لم يستطع السيطرة على أعصابه , هزا عنيفا فأصطكت أسنانها
ثم قال:
" أخبريني بقية القصة , أخبريني بكل شيء حتى نستطيع الرجوع الى البداية من جديد".
أرتعشت كيم وقد بللت الدموع أهدابها :
" ليس هنالك ما يذكر سوى أنني كنت عازمة على هجرك فور ... بارت".
هزها ثانية بحيث تذكرت قوله أنها ستندم أن هي أغضبته
وقال متسائلا:
"تهجرينني ؟ تهجرينني , أليس كذلك؟ وبهذا تفضحينني أمام أصدقائي , صدقيني أنني كنت سأسترجعك بطريقة تمنعك من العودة الى هذه المجافة".

فتحركت مبتعدة وقالت بعد أستردادها شيئا من النشاط:
" أذا تابعت تهديدك لي بأستعمال العنف ضدي , فأنني لن أعود الى ... اليك".
" لن تعودي؟".
" لا ... بل أقصد ... الآن".
" هل ترغبين في الأنفصال؟".
" الأنفصال؟".
منتدى ليلاس
ولم يكمل الفريقان تفسيراتهما ألا بعد وقت طويل وذلك أثناء العشاء على ضوء الشموع في زاوية منعزلة من مطعم الفندق , فعلمت كيم أنه على رغم طلب بارت من روك أن يتزوجها , فأن الأخير أكد للأول أنه واثق أن كيم هي الفتاة التي خلقت له , وقال روك بأبتسامة ندم ونظرة حنو قابلت نظرة كيم عبر الطاولة :
"أقر أنني قاومت ميلي للزواج بك , لأن عزوبيتي كانت مريحة وخالية من التعقيدات فلم أرغب أن تقتحم أي أمرأة حياتي , غير أنني سرعان ما أدركت صعوبة تجاهل تأثيرك علي , وعلى رغم مقاومتي , فقد عرفت أن معركتي لا بد خاسرة".

وألتمعت عينا روك مرحا أذ علت وجه كيم الحمرة فيما قهقهت قائلة :
" كم أنا سعيدة لأنك خسرت المعركة يا روك".
" وأنا كذلك يا حبيبتي".
" فقط لو كان بارت بخير .... لأصبح العالم من حولي غاية في الكمال".
" ليس بوسعنا يا حبيبتي ألا أن نعيش بالأمل , أما أذا أخفقت العملية فسأكون أنا زوجك بجانبك لأواسيك كما سأفعل دائما في المصائب والصعوبات".
" أعرف ذلك يا روك, وأنني هنا لأواسيك أنت أيضا".

ولما فرغا من عشائهما , سارا قليلا في حديقة الفندق قبل أن يصعدا الى الحجرة حيث رقدا هانئين.
مر أسبوع كامل قبل أن يتلقيا الخبر الذي طال أنتظارهما له : بارت سيعيش .
ولما خرجت كيم من الجناح الخاص وهي تقفز لللحاق بزوجها في ممر المستشفى , قالت:
" ألا يبدو على ما يرام ؟ هل تعلم يا روك أنني لم أره في مثل هذا الشباب وهذه العافية على ما أظن ؟ وهذا كله من فضلك , فكيف يمكنني أن أوفيك حقك من الشكر؟".
منتدى ليلاس
أجابها روك بحماسة وهو يرجع رأسه الى الوراء ويحدق بحنو الى وجه زوجته:
"لا تشكريني , فقط , أقيمي على حبي الى األأبد".
ثم خرجا من المستشفى النظيف المكيف الى حرارة الشمس الأفريقية الساطعة , وهناك بلغ مسامع روك صوت زوجته الهادىء الخفيض وقد ملأته رنة الحب يقول:
" هذا أبسط ما يمكنني فعله طوال حياتي يا حبيبي, يا روك".

النهاية


اماريج 06-11-10 04:50 PM

تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع للاعضاء وللزائرين :flowers2:
:liilase:

فتاة 86 06-11-10 07:29 PM

شكراً حبيبتي اماريج
دائماً متميزة سواءً كانت الرواية كتابة او منقولة
يعطيكي العافية يا رب

Rehana 07-11-10 02:51 PM

يعطيك العافية حبيبتي على نقل الرواية

http://www.jcsdesignz.com/import/gra...-thank-you.jpg

زهورحسين 08-11-10 10:52 PM

:55:ميرسي كثير:55:

اماريج 10-11-10 06:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة 86 (المشاركة 2514101)
شكراً حبيبتي اماريج
دائماً متميزة سواءً كانت الرواية كتابة او منقولة
يعطيكي العافية يا رب

ياهلا وغلا بالحلوة
والعفووووو حبيبتي منورة الروياة فيك ياعسل
وهذه شهادة بعتز فيها كتير والحمدلله وسعيدة انو الروايات يلي بنزلها عجبتك^_^ والله يعافيك يارب وماتحرمنا من هالطلة الحلوة يالغلا كله:flowers2:
:liilas:

اماريج 10-11-10 06:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2515196)
يعطيك العافية حبيبتي على نقل الرواية

http://www.jcsdesignz.com/import/gra...-thank-you.jpg



الله يعافيك يارب منورة قمورة
واسعدني جدا مرورك فيها حبيبتي ربي يحفظك ويسعدك
دمت بكل الود ياغالية:flowers2:

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_12894061261.gif

اماريج 10-11-10 06:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2517099)
:55:ميرسي كثير:55:


العفوووووو يااحلى ليلاسية
الرواية منورة فيك يالغلا وشاكرة لك مرورك فيها حبيبتي
لك كل الود ياعسل:flowers2:
:liilas:

الملآك القاسي 12-11-10 06:38 AM

مشكوووووورة يا قمر
على الرواية اللي تجنن مثلك

الملآك القاسي 12-11-10 06:40 AM

تسلمين يا عمرررررررررررررررررري

*mero* 12-11-10 10:38 PM

روايتك بطلة مرررررة شكرا لابداعك

فجر الكون 14-11-10 12:27 AM

شكرا للمجهود الرائع ,,,,,

الجبل الاخضر 14-11-10 04:32 PM

:55:برافو:55:برافو:55:بافو:55:تسلمين وشكرا:flowers2:وجزاك الله خير واختيار موفق:dancingmonkeyff8:وننتظر جديدك

مشكلتي قمر 15-11-10 01:53 AM

تسلم اناملك ياأماريج
روايه رائعه كروعتك
حفظك الرحمن من كل شر

ليلى3 15-11-10 06:50 PM

دائما متميزة يا اماريج بمشاركاتك الجميلة , تسلم الايادي يا حلوة على الرواية الخطيرة

http://www.albdoo.info/imgcache2008/...8dfa548da8.gif

اماريج 15-11-10 11:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أجنحة الوميض (المشاركة 2522977)
مشكوووووورة يا قمر
على الرواية اللي تجنن مثلك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أجنحة الوميض (المشاركة 2522980)
تسلمين يا عمرررررررررررررررررري


العفوووووووو حبيبتي وانتي يلي بجنني بمرورك الحلوة وهالطلة العطرة وربي ماانحرم منها ابداااااا
والله يسلمك ياحياتي منورة يالغلا كله :flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *mero* (المشاركة 2523817)
روايتك بطلة مرررررة شكرا لابداعك



شاكرة لك مرورك وتواجدك فيها ياعسل
والعفووووووو يالغلا كله وسعيدة انها عجبتك^_* منورة ياحلوة:flowers2:
:liilas:

اماريج 15-11-10 11:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فجر الكون (المشاركة 2525482)
شكرا للمجهود الرائع ,,,,,



العفوووووووو يالغلا كله
انا يلي بشكرك لمرورك الرائع وتواجدك العطر فيها ياحلوة
منورة ياعسولة ودوم بنتظر مرورك حبيبتي ماتحرمنا منها يالغلا:flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2526632)
:55:برافو:55:برافو:55:بافو:55:تسلمين وشكرا:flowers2:وجزاك الله خير واختيار موفق:dancingmonkeyff8:وننتظر جديدك




العفوووووووووو والله يسلمك حبيبتي
ومشكورة على هالمرورك الرائع ياحلوة وربي ماانحرم من هالطلة الحلوة ابدااااااااااااا:flowers2:
:liilas:

اماريج 16-11-10 12:03 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشكلتي قمر (المشاركة 2527734)
تسلم اناملك ياأماريج
روايه رائعه كروعتك
حفظك الرحمن من كل شر


ياهلا وغلا بالحلوة
والله يسلمك حبيبتي ومرورك فيها اسعدني جدا ياعسل
والاروع صدقا تواجدك فيها حبيبتي ربي يحفظك ويحلي ايامك يالغلا كله منورة ياعسولة:flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى3 (المشاركة 2528534)
دائما متميزة يا اماريج بمشاركاتك الجميلة , تسلم الايادي يا حلوة على الرواية الخطيرة

http://www.albdoo.info/imgcache2008/...8dfa548da8.gif




ياهلا وغلا بالامورة ليلى :flowers2:
والله اسعدني جدا مرور ك فيها ياغالية
والله يسلمك ياحياتي واسعدني جدا^_* تعليقك يالغلا كله
وربي ماانحرم من هالطلة الرائعة يااااااااغالية ومشكورة على هالوردات الحلوين خاصة انهم من ايديك الحلوين ياحلوة نورت ياقلبي:flowers2:
وكل عام واعضاء منتدانا الغالي بالف الف خير
:liilas:

قماري طيبة 04-01-11 09:43 PM

رواية جميلة سلمت يداك عليها

اماريج 07-01-11 05:27 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2588504)
رواية جميلة سلمت يداك عليها


صدقا الاجمل والاحلى هو مرورك وتواجدك فيها يالغلا
ومرورك دوما بسعدني ياحلوة دمت بكل الحب والود ياغالية:flowers2:
:liilase::liilas:

زهرة منسية 22-03-11 06:41 PM

راااااااااااااااااااااااائعه يسلموا ايديكى حبيبتى دايمن ذوقك خلاب:55:

اماريج 22-03-11 07:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nona1979 (المشاركة 2681935)
راااااااااااااااااااااااائعه يسلموا ايديكى حبيبتى دايمن ذوقك خلاب:55:

ياهلا وغلا بالامورة
والله يسلمك حبيبتي وثانكس على الكلام الحلو منورة ياعسولة:flowers2:
:liilas:

ندى ندى 23-03-11 07:17 PM

روووووووووووووووووعه

سومه كاتمة الاسرار 22-07-11 09:05 PM

روووووووووووووووووووووووعه تسلمين يااحلى اماريج
:8_4_134:

كن فيكون 30-07-11 08:21 PM

الله يعطيك الف عافيه
القصه شكلها روعه

hoob 31-07-11 10:00 PM

جميله جدا جدا

nounoucat 14-09-11 11:09 AM

merci riwaya raw3a

سماري كول 01-03-13 03:10 PM

رد: 82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
تسلمين ع الروايه الغاليه

اماريج 15-03-13 12:24 AM

رد: 82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
الله يسلمك حبيبتي
الرواية دوما بتنور فيكم
تحياااااااااااااتي

one star 17-03-13 01:39 AM

رد: 82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
روووواية جميلة تسلم ايدك

نسوبة 28-03-17 01:42 PM

رد: 82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية
حلوة
كتتير
تسلم
الايادي

Moubel 09-06-21 01:30 PM

رد: 82_الحمقاء الصغيرة_آن هامبسون_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
قصة جميلة جدا جدا جدا
شكرا


الساعة الآن 08:59 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية